مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Omran Center
Omran Center

Omran Center

من بعد مؤتمر أستانة وما نتج عنه من اتفاقات "خفض التصعيد"، يسير الملف السوري عسكرياً وفق بوصلة روسية باتجاه استعادة مناطق سيطرة المعارضة، سواء عبر الضغط العسكري أو التوافقات الإقليمية-الدولية، والتي تفضي في النهاية إلى تسويات محلية على الأرض لصالح موسكو وحليفها، وذلك بهدف روسي قريب يتمثل: باستعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية، سواء عسكرياً أو إدارياً (مؤسسات الدولة)، وإعادة ضبط الحدود واستكمال عمليات نزع السلاح الثقيل والمتوسط من أيدي المعارضة المسلّحة وتحييد الجيوب المصنفة "إرهابية" وفتح وتنشيط شبكة الطرقات الدولية. في حين يتمثل الهدف على المستوى البعيد بالسعي لترجمة كل تلك "الإنجازات" على الأرض إلى حصيلة سياسية تساهم في إعادة ضبط مسار الحل السياسي لصالح موسكو.

 وضمن هذا السياق، لا يمكن اعتبار محافظة إدلب استثناءً، خاصة وأن الروس بدأوا يلمحون لاحتمالية اندلاع معركة قريبة، مقابل تحذيرات تركية من انهيار اتفاق "خفض التصعيد"، الذي هو من الأساس مخترق في إدلب عبر عمليات القصف الروسية التي لم تهدأ خلال الأشهر الفائتة.

 لذلك، فإن وجود إدلب على خط المسار الروسي هو الثابت، ليبقى المتغيّر هو كيفية التعاطي معها بطبيعتها الجغرافية والإنسانية والفصائلية، والمحكومة بالضرورة بتوافقات روسية-تركية بالدرجة الأولى وأمريكية-تركية بدرجة أقل، وضمن تلك التوافقات المحتملة فكل السيناريوهات واردة؛ بدءاً من عمل عسكري للنظام والروس على أجزاء من المحافظة، مروراً باحتمالية ضبط بعض الفصائل وإعادة تشكيلها من قبل الجانب التركي ودفعها لمحاربة "هيئة تحرير الشام" و"حراس الدين" وغيرهم بدعم روسي، وخلق صيغ جديدة لضبط الحدود وإدارة المعابر ودخول "مؤسسات الدولة" وتأمين الجانب الإنساني، وصولاً إلى احتمالية تسويات جديدة ومختلفة تماماً، الثابت فيها محاربة "هيئة تحرير الشام" و"حراس الدين" وبعض الجيوب المصنفة "إرهابياً"، والمتغيّر هو مستقبل باقي فصائل المعارضة العسكرية والوضع الإنساني، ووفق السيناريوهات العديدة المحتملة لا يمكن استبعاد أن يتولى الجانب التركي عمليات نزع السلاح الثقيل والمتوسط وإعادة ضبط الفصائل وفق تركيبة جديدة بالتنسيق مع الروس وبشكل يجنب المحافظة الكارثة الإنسانية وتداعياتها المحتملة على الحدود التركية.

 وتبقى التوافقات الدولية وما قد يطرأ عليها من متغيرات هي العامل المرجح لسيناريو على حساب آخر أو حتى سيناريوهات جديدة، خاصة قمة هلسنكي وما ينتظر أن يتمخض عنها حول مستقبل الملف السوري من اتفاقات غير معلنة، فإذا استطاعت موسكو إقناع واشنطن بمنحها فرصة استكمال الترتيبات العسكرية على الأرض ومن ثم شرعنتها بمخرَج سياسيّ، سواء عبر حرف جنيف أو إعطاء زخم أكبر لسوتشي؛ فهذا سينعكس بالضرورة على تقويض هامش المناورة التركية مع روسيا، وبالتالي التنازل في الشمال وإدلب تحديداً، خاصة إذا استعاد الروس مناطق قسد في شرق الفرات بتوافق أمريكي، الأمر الذي سيخفف الهواجس التركية حيال حزب الاتحاد الديمقراطي PYD،  وهذا ما يبدو أنه يجري في الشمال الشرقي بالتوازي مع العمليات العسكرية في الجنوب، حيث يسير مجلس "سوريا الديمقراطية"  عبر خطوات متسارعة تجاه الانفتاح على النظام والروس من خلال عودة موظفي الدولة إلى قطاعاتهم ورفع مستوى التنسيق الأمني مع النظام في مناطق الإدارة الذاتية، والذي لم ينقطع أساساً، وسحب صور أوجلان من الشوارع والمراكز تمهيداً لعودة النظام، الخطوة التي من المرجح أن تكون برضى أمريكي، خاصة وأن "الاتحاد الديمقراطي" ومن خلفه "مجلس سوريا الديمقراطية" أصغر من أن يتخذا خطوة الانفتاح على الروس والنظام دون موافقة أمريكية.

 أما وفي حال العكس وعدم توصل قمة هلسنكي لاتفاقات واضحة بين واشنطن وموسكو حول سوريا، فمن الطبيعي أن يوسّع هامش الخلاف هذا مساحة المناورة التركية مع موسكو، الأمر الذي سينعكس على الشمال أيضاً.

كل شيء محتمل في ملفات النزاعات التي تدار وفق صفقات، طالما أن الملف مفتوح والمتغيرات عديدة؛ ليبقى مستقبل الشمال السوري رهينة لتوافقات إقليمية ودولية حددت مصير مناطق عدة سبقت إدلب، خاصة وأن السياسة الإقليمية والدولية اتجاه الملف السوري أصبحت خاضعة للصفقات ولا يمكن التنبؤ بالمستقبل بناءً على مواقف الدول المعلنة، لأن جميعها لم تلتزم في الملف السوري بنهج ثابت أو بخطوطها الحُمر.

 

المصدر السورية نت: https://bit.ly/2LBUQXt

ملخص تنفيذي

  • رغم تفاخر موسكو بسير العمليات العسكرية والتفاوضية التي قادتها في الجنوب السوري، إلا أن استمرارها بتعزيز مقاربة الاستحواذ وعودة السيطرة للأسد ستبقى مُعرضة للعديد من الهزات والارتكاسات طالما استمر التغييب المتعمد لضرورة وجود لحظة سياسية في سورية تؤسس لاستقرار مستدام.
  • تتنامى مؤشرات "القلق" الروسي حيال الدور التركي في الشمال، وهذا اختبار جدي لمسار الأستانة الذي سيشهد جولات صعبة فيما يتعلق بالترتيبات النهائية للشمال السوري.
  • شكل استهداف قاعدة حميميم هاجساً روسياً واضحاً في الآونة الأخيرة، خاصة في ظل عدم وجود وسائل فعّالة وغير مُكلفة للتصدي للطائرات المسيرة، مما يعزز تنامي مؤشر الاستنزاف.
  • تدفع روسيا باتجاه تعزيز مقاربة الأسد مقابل الضبط الإيراني؛ لتستثمر في وهمٍ لن يحصل، فالتغلغل الإيراني بِبُنى الأمن والدفاع بات عضوياً وأي إشارة لإمكانية هذا هي إشارة غير موضوعية ومنافية للواقع.
  • تمضي موسكو في منهجها الرافض كلياً لتفاعلات الملف الإنساني مستخدمة ذات المصطلحات التشكيكية في صحة التقارير الدولية وتحاول جاهدة إبعاد هذا الملف عن مسرح التأثير وهو ما لا يتوقع حدوثه مما سيعقد الموقف الروسي مستقبلاً.

تمهيد

تعددت قضايا الاهتمام الإعلامي والبحثي الروسي حيال سورية خلال الفترة الممتدة من 15حزيران – 15 تموز 2018. ويُمكن حصرها عدة محاور رئيسية منها: تطورات الجبهة الجنوبية الأخيرة؛ تزايد القلق الروسي حيال السياسة التركية في الشمال؛ السيناريوهات المتوقعة لمنطقة شرق النهر؛ القلق المتنامي من الهجمات ضد قاعدة حميميم؛ بالإضافة إلى مستجدات الملف الكيماوي. ويؤكد التعاطي الإعلامي والبحثي الروسي حيال كل هذه الملفات على التماهي المطلق مع الرؤية الرسمية للدولة، إذ تتلقف هذه الرؤية دون تكبد عناء البحث عن تفاصيلها في المشهد السوري التي تؤكد استمرار غياب عوامل الاستقرار المرتبط كلياً بمرحلة سياسية جديدة تنظرها البلاد وتعمل موسكو على إلغائها لصالح تعويم نظام الأسد.

"تسويات" في الجنوب و"ترقُّب" في الشمال

تشهد الساحة الميدانية في سورية هجوماً روسياً إيرانياً مع ميليشيات الأسد على الجنوب السوري أمام صمت دولي عامة وأميركي خاصة؛ على الرغم من كون المنطقة منطقة خفض تصعيد باتفاق الولايات المتحدة والأردن وروسيا بالتنسيق مع إسرائيل. ويأتي كل هذا كمؤشر صريح على احتمالية حدوث صفقة أولية ينتظر أن تكتمل ملامحها في قمة ترامب بوتين التي عقدت في 16/7/2018.

في بث مباشر من راديو سبوتنيك؛ أشاد الباحث مركز الدراسات الاستراتيجية فلاديمير فيتين بـ"النجاح" الذي حققه العسكريون الروس والسوريون في درعا نتيجة المفاوضات التي أجراها ضباط حميميم مع الفصائل المقاتلة والمراكز السكانية، والتي كانت نتيجتها حسب قوله "ترك الإرهابيين في منطقة خفض التصعيد لأسلحتهم المختلفة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة للجيش السوري". وأشار إلى أن الأسلحة تعود لعدة دول غربية كانت قد أُدخلت عبر الأردن، ومصرحاً "بعجز" محاولات الولايات المتحدة إيقاف هجوم القوات السورية التي يدعمها الطيران الروسي، وأن معظم البلدات يتم تسليمها دون قتال، مع أقل الخسائر البشرية وخاصة بين المدنيين. ويُتابع بالتركيز على إمكانية حل كثير من القضايا بواسطة المفاوضات على مدار الأسبوع الماضي([1]).

كما أوضح لافروف -وزير خارجية روسيا- الموقف الرسمي لموسكو بقوله أن اتفاقية خفض التصعيد قائمة بحكم الاتفاقات بين ترامب وبوتين وجوهر القضية تكمن في إبعاد "الإرهابيين عن الحدود الإسرائيلية وسيطرة الجيش السوري عليها"، وأن روسيا "نفّذت التزاماتها تجاه الاتفاقية" و"نأمل من الشركاء تنفيذ التزاماتهم، مما يظهر عدم رضى موسكو عن المحادثات التي تجريها الولايات المتحدة مع المعارضة([2]). وحول هذا الهجوم نشر آيغور سوبوتين في صحيفة نيزافيسمايا الروسية تحليلاً معمقاً حول تداعيات هذا الهجوم وهواجس موسكو حياله، حيث ركز على مجموعة من النقط أهمها ([3]):

  1. خشية تأثر المسار الدستوري بتطورات الجنوب؛ إذ تتبين مؤشراته من خلال لقاء غويتيرش (الأمين العام للأمم المتحدة) مع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الذي أوضح استمرار الانقسام في مجلس الأمن ومحاولة بعض الأطراف حل القضية من وجهة نظرها؛
  2. قلق إسرائيل المتزايد: إذ لا تزال تل أبيب تطالب موسكو بانسحاب القوات الموالية لإيران من المنطقة الحدودية معها لا سيما مع وضوح المشاركة الإيرانية؛
  3. تأكيد تصريحات أنطون مادراسوف عضو المجلس الروسي للشؤون الخارجية بأنه "ليس مستبعداً أن يشكل الهجوم الأخير مشكلة للدبلوماسية الروسية التي تُتّهم دائماً بالأخطاء التي يرتكبها الأسد.

إلا أن الحركية الروسية لا تلحظ هذه الهواجس؛ فهي ماضية باتجاه تعزيز سيطرة النظام العسكرية وإخراج حل سياسي يبدأ بالدستور وفق مخيالها السياسي؛ ومختبرة بذات الوقت هوامش تحركاتها في مناطق ذات النفوذ الأمريكي. وعلى الرغم من أن المشهد العام وإن بدا يسير باتجاه استحواذ الأسد على المزيد من مناطق سيطرة المعارضة إلا أن المُضي دون وجود استراتيجية خروج ولحظة سياسية جديدة تعيشها البلاد وتستطيع من خلالها مواجهة تحديات عميقة مرتبطة كلياً بمولدات الاستقرار فإن المشهد العام في سورية سيكون أسير الفوضى والسيولة الأمنية ومعززاً لعوامل التشظي الاجتماعي.

أما في الشمال السوري؛ ووفقاً لتحليل الخبير في الشأن السوري نيقولاي بلوتنيكوف، فإن مؤشرات عديدة تدلل على سعي "تركيا على تدمير الحكومة السورية" كما عنون مقاله؛ ودفع الخبير بتعزيز اتجاهات التحليل نحو ربط تصرفات الحكومة التركية ببوصلة "تدمير الدولة السورية التي تقاتل الإرهابيين"، والمساعدة في "إنشاء جيب للمعارضة في شمال سورية مع حكومتها". وأكد أن إنشاء مؤسسات موازية للسلطة في دولة ذات سيادة ينطوي على مشاكل قانونية ودبلوماسية لابد من حلها. ومن هذه المؤشرات الآتي([4]):

  1. إنشاء مؤسسات إدارة محلية وتعليمية باللغات الثلاث العربية والتركية والإنكليزية؛
  2. إنشاء مراكز بريد ولوحات طرقية باللغة التركية ومصارف وموظفين؛
  3. جمع الأموال بسبب الضرائب المحلية والإيجار والرسوم البلدية بالليرة التركية؛
  4. وجود العلم التركي وصورة أردوغان في المؤسسات الرسمي؛
  5. إنشاء جهاز للشرطة بقوام 7000 فرد يحملون الإشارات التركية؛
  6. تعيين مفتي للباب من الشؤون الدينية التركية.

تدلل هذه الرؤية حيال الفاعل التركي على أن التحالف التركي الروسي ضمن مسار الأستانة هو تحالف قلق تجمعه الهواجس الأمنية المشتركة وتعمل على تباعده في المنظور الإداري والسياسي. فعلى الرغم من أنَّ الحركية التركية في الشمال السوري أتت ضمن تفاهمات الأستانة إلا أن ملامح عدم التوافق على الشكل النهائي لترتيبات هذه المناطق مرشح لمزيد من التبايُنات وسيحتاج العديد من التفاهمات الجزئية.

رغبة متزايدة بسحب "الورقة الكردية"

فيما يرتبط بشرق النهر (مناطق سيطرة الإدارة الذاتية) نشرت صحيفة سفابودنايا بريسا مقالاً بعنوان "ترامب سيسلّم الأكراد السوريين لبوتين"؛ وسردت مجموعة من المعطيات الداعمة لهذا العنوان، ومما ذكرته الصحيفة([5]):

  • بدأ الاتصالات بين قوات الأسد والقوات الكردية، واستمرت المحادثات حوالي شهر. وربما كانت شرارة البدء بها المقابلة التي أجراها الأسد والذي أبدى فيها استعداده لمناقشة أي مقترحات بناءة مع الأكراد، ولكنه أضاف إذا فشلت الجهود فسيستعمل القوة لحلها.
  • تفاهم الدولتين اللتين ترعيان الأطراف المتنازعة وهما روسيا والولايات المتحدة، فهاتان القوتان كانت قد وصلتا إلى حد الاصطدام، حيث كان العالم يتوقع حرباً بينهما.
  • قيام بعض القوى الكردية المدعومة من أميركا بالحديث فجأة عن هدنة مع دمشق، وقد بدأت المفاوضات بزيارة وفد صغير من موالي الأسد إلى الحسكة والقامشلي وتكررت اللقاءات.
  • حديث صحيفة الوطن السورية عن اتفاق تم برفع الأعلام السورية في القامشلي والحسكة وتشكيل حواجز من قوات مشتركة في المدينة.

وبينما يعتقد المستشرق السياسي الروسي "كارين جيفورجيان"، أنه لا يستحق أخذ مثل هذه الأخبار بتفاؤل مفرط، فقد تمت محاولات سابقة، وربما يتحول الوضع للأسوأ. كما شارك الخبير العسكري إيرك يلدريم التركي في حوار الصحيفة حيث قال: إن أميركا بهدف الحفاظ على علاقتها مع تركيا "التي تعتبر pyd مجموعات إرهابية" أجبرت القوات الكردية على الانسحاب من منبج، ويعتقد أن أميركا قد تعطي الأراضي التي تسيطر عليها لروسيا، ويعتبر ذلك صفقة مربحة للأسد الذي ليس لديه ما يواجه به تركيا. كما أن وجود القوات الروسية في الشمال سيحُد من العمليات العسكرية التركية في حال استمرارها شمالاً. ويُتابع الخبير بأن بوتين سيتفاهم مع أردوغان على ذلك قبل قبول عرض ترامب "تفادياً لعدم إساءة العلاقة مع تركيا". ويرى الخبير أنه قد تسمح قوات الحماية الشعبية YPG لقوات النظام بالتواجد في الأراضي التي تسيطر عليها ولكنها لن تتخل عن إدارتها لها([6]).

استنزاف "حميميم" وأسئلة "التنف"

وبسؤال مركزي إلى متى سيصمد دفاع قاعدة حميميم؟ تساءلت إيفان شفارتس التي حللت أخبار تعرض قاعدة حميميم لهجوم بطائرات مسيرة مجهولة التابعية، واستطاعت وسائط الدفاع الجوي "بانتيسير "للقاعدة من إسقاط الطائرات المهاجمة. ولكن السؤال إلى متى سيبقى إسقاط هذه الأهداف الرخيصة بواسطة منظومات الصواريخ المضادة غالية الثمن؟ وبالنظر لهذه المنظومة التي تضم 12 صاروخ إطلاق، فتستطيع إسقاط 12 طائرة، واستمرار الدفاع بهذه الطريقة سيؤدي إلى استهلاك هذه الصواريخ ونفادها، وفي حال تعرض القاعدة لموجات هجوم منظم قد تستطيع هذه الطائرات الوصول إلى مرابض الطائرات في القاعدة وتحقيق أهدافها. وسيصبح الدفاع عن القاعدة كمن يتصيّد العصافير بمدفع، ولكن إن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الجيش الروسي يستخدم صواريخ مضادة للطائرات لتدمير طائرات بدون طيار، وهذا يعني عدم وجود وسائل فعالة من التدابير المضادة الإلكترونية ضد طائرات بدون طيار، كما يؤكد عدم فعاليّة الدفاع عن القاعدة([7]).

يؤكد المعطى أعلاه على مؤشرٍ بالغ الأهمية، ويتمثل بجعل الوجود الروسي وجوداً قلقاً تحده العديد من المخاوف الأمنية وتعرضه لاستنزافات مستمرة. وبغض النظر عن الجهة المستهدفة وما تحمله من تفسيرات محتملة، إلا أنه يكرس مقاربة الكلفة المرتفعة للانخراط الروسي في سورية الذي يشهد تزايداً ملحوظاً. فقد أُعلن مؤخراً عن شركة أمنية تُسمى "باتريوت" لها نفس مهمة "فاغنر" مع وجود أشخاص يعملون بعقود سرية مع وزارة الدفاع الروسية. وقد شاركت هذه القوات بشكل غير مباشر في تحرير دير الزور، حيث قامت بقطع خطوط الإمداد القادمة من شرق الفرات والتعامل مع قوات YPG عند اللزوم، كما شارك البعض مع قوات النمر([8]).

وفيما يرتبط بمصير قاعدة التنف الأميركية فقد بيَّنت الأوساط الإعلامية الروسية أنها ستكون حاضرة في نقاشات ترامب بوتين، وتوقعت دوراً كبيراً ستلعبه إسرائيل في هذا الموضوع (الدفع باتجاه تثبيت القاعدة)، ولهذا وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى موسكو في 11/7 لمناقشة ذلك. وكان الحديث يدور على سحب القوات الإيرانية إلى 100 كم عن الحدود الإسرائيلية ثم إلى 80، بينما تُطالب إسرائيل بسحبها نهائياً، في الوقت الذي لا تستطيع فيه موسكو إعطاء مثل هذه الضمانات. وحسب الصحيفة فإن موسكو على استعداد لنشر قوات شرطة عسكرية في هذه المناطق، وأنها سعت لعدم مشاركة قوات إيرانية في الجنوب. ولكن مصادر المعارضة تُفيد باندماج هذه القوات مع الجيش السوري وارتداء زيّه العسكري، ولكن ماهي ردود فعل إيران؟ أجاب على ذلك حميد عزيري عضو نادي فالاداي وكبير المحاضرين في جامعة طهران بأنه لا يرى أي مؤشرات لمغادرة إيران سورية موضحاً أن إيران تُمارس أنشطتها عن طريق ميليشيات ليس لموسكو تأثير عليها([9]).

وفي هذا السياق وبحكم تغلغل الإيرانيين بشكل عضوي (عبر أفراد أو مجموعات محلية أو أجنبية) في بُنى الجيش والأمن، فإن موسكو ستبقى تعمل على عرض اتفاقات مع واشنطن وأن تبيعهم وهماً يسمى الانسحاب الإيراني؛ إلا أن هذا لا ينفي بالمقابل احتمالية رضا الأمريكان بضبط نفوذ إيران وتعميم نموذج الجنوب.

الملف الكيماوي وسياسة النكران الروسية

وفيما يتعلق بتطورات التحقيق في استخدام السلاح الكيماوي؛ تابعت الخارجية والدفاع الروسيتين اتهامها لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بتحيُزها في التحقيق الذي يجري في سورية في دلالة على تشبُث موسكو بسياسة تحييد آثار الملف الإنساني مهما بلغت تداعياته. كان ذلك على لسان قائد السلاح الكيميائي والبيولوجي الروسي الجنرال أيغور غريلوف حين ساق التُهم التالية:

  1. عدم أخذ الأدلة من المواقع المشتبه بها، مما يؤدي إلى ظهور عبارات تحتمل تفسيرات متناقضة لمحتوى التقرير؛
  2. عدم تضمن هذه التقارير أدلة دامغة، وهذا يشير صراحة إلى العدائية ضد النظام السوري؛
  3. إن اتهام دمشق من خلال فكرة أن القنابل ألقيت من الطائرات على اعتبار أن الإرهابيين ليس لديهم طائرات، هو غير صحيح برأيه لأن البراميل كانت موجودة لدى الإرهابيين في مكان قصف الطيران مما أدى إلى انفجارها حسب رأيه.

في سياق متصل ووفقاً لبيانات وزارة الدفاع فإن "الخوذ البيضاء" هم من عملوا على تزييف الحقائق وافتعال الهجوم الكيميائي. وتُشير الصحيفة أن الولايات المتحدة تستبق التحقيق في كل مرة لتوجيه ضربات للنظام السوري، معتبراً أن "الخوذ البيضاء" تعمل لصالح القاعدة وجبهة النصرة. ويدَّعي كريلوف اكتشاف القوات الروسية مخبراً لدى الخوذ البيضاء لتصنيع الأسلحة الكيميائية بمعدات غربية وأمريكا الشمالية([10]).

بينما كتبت صحيفة كاميرسانت الروسية نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز إن تقرير اللجنة المشكلة لتقصي جرائم النظام السوري في حقوق الإنسان واستخدامه للأسلحة الكيماوية في الغوطة الشرقية الذي نشر يوم الأربعاء بتاريخ 20/6 في صيغته النهائية يختلف كثيراً عن صيغة المسودة التي أعدتها اللجنة، حيث اختفت كثير من الحوادث المفصّلة عن استخدام الكلور المؤكد في مناطق الغوطة الشرقية، كاستبعاد اتهام النظام السوري عن مقتل 49 شخصاً بينهم 11 طفلاً في إلقاء قنبلة على مبنى سكني في الغوطة ومن استخدامه صواريخ أرض -أرض محملة بالغاز السام ألقيت على دوما التي ذهب ضحيتها  49 شخصاً وأصيب فيها 650 شخص، بينما يؤكد كاتب المقال المسؤولية الكاملة للجيش السوري وحلفائه عن الهجمات الكيميائية.

وتعليقاً على تقرير الأمم المتحدة أعرب لافروف عن شكوكه بنتائج التقرير لأن اللجنة اعتمدت على وسائل التواصل الاجتماعي والفيديوهات الصادرة عنها بدلاً من الذهاب إلى الموقع وهذه أدلة لا يمكن الوثوق بها حسب قوله([11]). ويذكر هنا أن موسكو ممثلة بنائب وزير الصناعة قد عارضت بشدة مشروع القرار الأممي الذي طالب بضرورة تحديد اللجنة إلا أنه تم إقرارها بعد موافقة 82 دولة واعتراض 24 دولة أخرى. والجدير بالذكر أن هذه القرارات لن تكون سارية المفعول قبل تشرين الثاني القادم موعد اجتماع الأعضاء في دورتهم العادية([12]).

لا تزال تمضي موسكو في منهجها الرافض كلياً لتفاعلات الملف الإنساني مستخدمة ذات المصطلحات التشكيكية في صحة التقارير الدولية وشيطنة كافة المنظمات الإنسانية السورية. وتحاول أن تفرض منهجية واحدة في عمل هذه التقارير عبر الاكتفاء بالوصف دون تحديد المسؤولية، وهذا يدل بشكل واضح على خطورة هذا الملف على إنجازاتها السياسية والعسكرية في المسرح السوري، لذا تحاول جاهدة إبعاده عن مسرح التأثير وهو ما لا يتوقع استمرار تغييبه مما سيعقد الموقف الروسي مستقبلاً.

وكخاتمة لهذا التقرير؛ يمكن القول:

إن معظم الأطروحات والتحليلات الروسية حيال تطورات المشهد السياسي والعسكري السوري تنطلق من ذات الفرضيات التي تُسوقها موسكو رسمياً؛ ولم تُشكل تلك الإشارات الخجولة التي يتم التطرق إليها بين الحينة والأخرى حيال مؤشرات الاستنزاف الروسي اتجاهاً إعلامياً أو بحثياً عاماً في روسيا، فلا تزال مفردات "الانتصار على الإرهابيين؛ تدمير الدولة؛ والسيادة الوطنية؛ والنظام الشرعي" هي الأكثر تحكماً بمخيال معظم المحللين والباحثين، وهذا يفسر تغييبهم المتعمد "لضرورة التأسيس لمرحلة سياسية جديدة" التي بدونها ستبقى المناخات العامة مرشحة للعديد من الارتكاسات والتحديات.


([1]) فلاديمير فيتين "نجاحات الروس والسوريين في درعا" مركز الدراسات الاستراتيجية، تاريخ: 5/7/2018 https://goo.gl/8KMzmT

([2]) مارينا بيلينكايا "الأردن يهيئ المناخ لقمة هلسنكي" كاميرسانت، تاريخ: 4/7/2018 https://goo.gl/3hLNoG

([3]) ايغور سوبوتين "الهجوم السوري الجديد في الجنوب يسبب صداعاً لروسيا" نيزافيسيمايا، تاريخ: 21/6/2018 https://goo.gl/2tuNyN

([4]) نيقولاي بلوتنيكوف "كيف تعمل تركيا على تدمير الحكومة السورية" نيزافيسيمايا، تاريخ 22/6/2018 https://goo.gl/czq9oa

([5]) نيكيتا سماغين "كيف سيغير ترامب إيران من الداخل" المجلس الروسي للشؤون الدولية، تاريخ: تاريخ 4/7/2018 https://goo.gl/k1kWz5

([6]) زاور كارييف "بوتين يسلم الاكراد السوريين لبوتين، سفابودنايا بريسا، تاريخ: 4/7/2018 https://goo.gl/b2uVgL

([7]) ايفان شفارتس "إلى متى سيصمد دفاع قاعدة حميميم" نيزافيسيمايا، تاريخ: 1/7/2018 https://goo.gl/Nx7Zuw

([8]) وتفيد صحيفة سفابودنايا بريسا أن من بين المشاركين ضابطين من داغستان برتبة نقيب ورائد سافروا إلى سورية بمعرفة قادتهم ولكن بدون علم وزارة الدفاع الروسية، قد يكون السبب الحصول على أجر مرتفع، وأحدهم حصل على لقب بطل ولكنه توفي والسبب في ظهور هذه التنظيمات التناقض في القوانين الروسية، أما عن عناصر "فاغنر" فهي تحصل على رواتب عالية بفضل مهنيتها، وما الاشاعات التي تفيد عن عدم معالجة جرحى هذه الشركات فهو غير صحيح لا بل ويتلقى ذويهم الدعم المالي والنفسي إذا لزم الأمر. في حين أشار أحد قادة فاغنر لم يذكر اسمه أنهم لا علاقة لهم بهذه المجموعة ولكن يقومون بأعمال مشتركة أحيانا، للمزيد أنظر: زاور كارييف "ارسال مرتزقة روس جدد إلى سورية" سفابودنايا بريسا، تاريخ: 7/7/2018 https://goo.gl/2tUKgH

([9]) ايلينا تشيرنينكو، ميخائيل كاراستيكوف "على ماذا يمكن ان يتفق الرئيسان بوتين وترامب في هلسنكي" كاميرسانت،9/7/2018 https://goo.gl/Xs1h8S

([10]) اولغا بوجييفا "روسيا تتهم منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بالتحيز في التحقيق"، مسكوفسكايا كمسامولسكايا، تاريخ:22/6/2018https://goo.gl/gW22wa

([11]) ايكاترينا مارييفا "لماذا ظهر تقرير لجنة الكشف عن استخدام الكيماوي في سورية مخففا" كاميرسانت، 21/6/2018 https://goo.gl/3v6Eqd

([12]) ايكاترينا مارييفا "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ستعلن جهة استخدام السلاح الكيميائي" كاميرسانت، 27/6/12018  https://goo.gl/FKJr2a

ملخص تنفيذي

  • يُروج النظام لانتهاء الأزمة وقدرته على التعاطي مع تداعيتها، وذلك من خلال إظهار قدرة الدولة وفرض هيبتها، الأمر الذي يفسر التركيز على عملية الإصلاح الإداري والإجراءات بحق العديد من الميليشيات المحلية، إلا أن افتقاده للتمويل والكوادر ولامركزية القوى والتأثيرات الخارجية وحجم المطالب تصعب من مساعيه.
  • يُوحِي قرار إعلان إجراء انتخابات للمجالس المحلية بتواجد خُطط وتفاهمات هيأت البيئة لهذا الإعلان. وتُمثل هذه الانتخابات فرصة للنظام لتحقيق غايات سياسية يعززها توجهه بإعادة النظر بالتقسيمات الإدارية وإحداث أخرى، مع ما تمثله الانتخابات من فرصة لإيران وللقوى المحلية الناشئة لشرعنة دورها عبر إدماجهم في الأطر الإدارية المحلية للدولة.
  • في حين يتواصل تطوير العلاقات الاقتصادية الروسية-السورية واستحواذ موسكو على الفرص الاقتصادية في قطاع الطاقة والفوسفات، تجهَد إيران لتوقيع اتفاق التجارة الحرة مع سورية، وهو ما يتوقع أن يتم خلال زيارة مرتقبة للأسد إلى طهران.

الواقع الحوكمي وملف الإدارة المحلية

تَركَّزَت أولويات حكومة النظام السوري خلال شهر حزيران 2018 على ملفات: الإصلاح الإداري والدعم الاجتماعي والإدارة المحلية، إضافة إلى ملف التربية والتعليم. وواصلت الحكومة تنفيذ "المشروع الوطني للإصلاح الإداري" الذي أعلن عنه بشار الأسد في حزيران 2017، بهدف تطوير عمل الجهات العامة ودعم الشفافية المؤسساتية وتحسين أداء الخدمة العامة ومكافحة الفساد. وفي هذا السياق أعلنت وزارة التنمية الإدارية قرب إطلاق "مركز دعم وقياس الإداء الإداري" ومن مهامه:

  1. تطوير عمل الجهات العامة ودعم الشفافية المؤسساتية.
  2. الإشراف على الهياكل الإدارية للجهات العامة.
  3. مراجعة مراسيم ومهام الجهات العامة.
  4. تقديم الدراسات المتعلقة بحل أو إحداث أو دمج المؤسسات العامة.
  5. اقتراح الهياكل الإدارية والوظيفية للجهات العامة.
  6. وضع وتطوير مؤشرات قياس الأداء الإداري للجهات العامة ورصد الأداء المؤسساتي.

كذلك واصلت المؤسسات التشريعية والتنفيذية مراجعتها للتشريعات والقوانين السائدة ومنها؛ قوانين البيوع العقارية([1]) قانون الضريبة على المبيعات، قانون الضريبة الموحدة على الدخل، قانون العقود رقم 51([2])، إضافة إلى قيامها بإجراء تعديلات على القانون رقم 2 للعام 1993 الخاص بمكافحة المخدرات، وكذلك إصدار القانون رقم 24 لعام 2018 القاضي بتعديل بعض مواد قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 تاريخ 22-6-1949 والمتعلقة بإبرام عقود الزواج خارج المحاكم المختصة.

وقد أثارت بعض مشاريع القوانين المطروحة جدلاً واسعاً كــ "قانون مجهولي النسب" سيما فيما يتعلق بفقرتي الجنسية والدين، ليتم إخضاع القانون إلى تعديلات زادت من عدد مواده من 34 إلى 57 مادة، ثم إقراره من قبل مجلس الشعب([3]). واتهمت منصات للمعارضة السورية مشروع القانون بأنه غطاء قانوني لمنح أبناء المقاتلين من "الميليشيات الشيعية" الجنسية السورية، فضلاً أنه جاء بضغط من الدول الأوربية لمعالجة ملف أولاد قتلى "تنظيم الدولة الإسلامية" ممن يمتلكون جنسيات هذه الدول، وذلك للحيلولة دون عودتهم إلى أوروبا([4]).

وأصدر النظام السوري حزم دعم مالية واجتماعية استهدفت شريحة العسكريين والمدنيين العاملين في مؤسسات الدولة:

  • زيادة رواتب أفراد الجيش السوري سواءً من هم في الخدمة أو المتقاعدين منهم: ([5])
  • إصدار المرسوم رقم 8 للعام 2018 القاضي بإضافة زيادة قدرها 20% من المعاش التقاعدي إلى المعاشات التقاعدية للعسكريين.
  • إصدار الـمرسوم التشريعي رقم 9 للعام 2018 القاضي بزيادة رواتب العسكريين بنسبة 30% من مجموع الراتب.
  • إقرار وزارة المالية تشكيل لجنة لإدارة صندوق الرعاية الاجتماعية، حيث سيستفيد من الصندوق الأشخاص المتضررون جسدياً بسبب الحرب من العسكريين والمدنيين العاملين في الدولة. أما تمويله فسيكون من مساهمات شركات التأمين، إضافة إلى منح على أن تنال موافقة الحكومة([6]).
  • تعليمياً، أعلنت وزارة التربية رؤيتها لعام 2018 والتي تضمنت عدة محاور: 1) استمرار العملية التربوية وتأمين متطلباتها، 2) تحفيز الأهالي على إرسال أبنائهم للمدارس، 3) مسح واقع المدارس وتوظيف وسائل الاتصال في خدمة العملية التعليمية. وقد اتخذت وزارة التربية عدداً من الإجراءات في سبيل تنفيذ رؤيتها منها:
  • إعداد 93 مدرب مركزي لتدريب المعلمين والمدرسين، وتدريب 25500 مدرس ومعلم ومدرس مساعد على المناهج المطورة، إضافة إلى تدريب 915 موجهاً تربوياً لمدارس الحلقة الأولى وتدريب 965 موجه اختصاصي، وتعيين 11329 مدرساً ومدرسة، ليصبح بذلك عدد إجمالي المعلمين 370 ألف بعد أن كان 450 ألف قبل الأزمة.
  • تنفيذ 406 مدرسة في مختلف المحافظات، مع العمل على تنفيذ 560 مدرسة أخرى خلال الأشهر القادمة من 2018.
  • مطالبة لجنة إعادة الإعمار صرف اعتمادات بقيمة 4.199 مليار ليرة (تقريباً 9.5 مليون $) لترميم 8000 مدرسة متضررة على مستوى سورية([7]).
  • متابعة ملف البنية التحتية التعليمية في ريف حمص الشمالي: قدر عدد الأبنية المدرسية بــ 200 توزعت على الشكل التالي: 44 بناء مدرسي في الرستن والقرى التابعة لها يستلزم إعادة تأهيلها 750 مليون ليرة، 63 بناء مدرسي في تلبيسة والقرى المحيطة بها تحتاج إلى 850 مليون ليرة لإعادة تأهيلها، 37 بناء مدرسي في منطقة الحولة تحتاج إلى 400 مليون ليرة لإعادة تأهيلها.

بالانتقال إلى ملف الإدارة المحلية، أصدر بشار الأسد المرسوم رقم 14 والقاضي بتحديد 16 من أيلول موعداً لإجراء انتخاب أعضاء المجالس المحلية، حيث سيتم تقديم طلبات الترشيح إلى لجان الترشيح القضائية المشكلة وفق قانون الانتخابات العامة لعام 2014، مع الإشارة إلى استثناء الحاصلين على الجنسية بموجب المرسوم التشريعي 49 لعام 2011 من شرط التمتع بالجنسية السورية منذ 10 سنوات([8]).

أعلن وزير الإدارة المحلية والبيئة العمل على إحداث وحدات إدارية جديدة وإعادة الوحدات التي تم دمجها خلال الانتخابات السابقة لوضعها السابق، كذلك تعديل توصيف بعض الوحدات الإدارية بعد تغير أوضاعها الاجتماعية وتزايد عدد سكانها، وضمن هذا التوجه تم إحداث 36 بلدية، 14 منها في محافظة ريف دمشق و22 في محافظة طرطوس ليرتفع بذلك عدد البلديات من 681 عام 2011 إلى 716 لغاية حزيران 2018.

واصلت وزارة الإدارة المحلية والبيئة دعمها للوحدات الإدارية خلال شهر حزيران 2018، حيث بلغت قيمة الدعم المالي المقدم من الوزارة للوحدات الإدارية 757.48 مليون ليرة سورية (1.683.222 $) توزعت بين؛ 332.48 مليون ليرة إعانات مالية و425 مليون ليرة كمساهمات مالية([9]). كما خصصت الوزارة مبلغ 825 مليون ليرة سورية لإعادة تأهيل المنشآت الصناعية، بينما بلغت قيمة الاستثمارات التي أنفقتها الوزارة خلال عامي 2016-2017 ما قيمته 234 مليار ليرة سورية، مع تخصيص مبلغ 2.5 مليار لتعويض النقص في آليات الوحدات الإدارية. وتجدر الإشارة بأن الاعتمادات المالية لوزارة الإدارة المحلية لغاية حزيران 2018 قد بلغت 52 مليار ليرة سورية (تقريباً 116$ مليون)([10]).

 

 أبرز معطيات الاقتصاد السوري

  1. العمل

  • تسببت الأزمة السورية بحسب بيانات المجموعة الإحصائية بخسارة الاقتصاد السوري أكثر من 2.9 مليون عامل في القطاعين الخاص والعام بين أعوام 2011-2016 توزعت بحسب الآتي: 2.46 مليون عامل في القطاع الخاص "66.9%"، 438 ألف مشتغل في القطاع العام "32.2%.
  • أعدت وزارة الصناعة خطة القوى العاملة وإعادة هيكلة العاملين لديها، حيث بلغ عدد العاملين في الوزارة 42691، ينتمي ما يزيد عن 54 % منهم للفئة العمرية ما فوق 45 عام، علماً أن الوزارة قد فرغت 218 عامل لصالح الألوية الطوعية، وتقدر كتلة الرواتب والأجور للعاملين في الوزارة بـــ 25.34 مليار ليرة سورية سنوياً.
  1. المالية العامة والمصارف

  • إحالة قانون قطع الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة لعام 2012 إلى لجنة الموازنة والحسابات في مجلس الشعب، حيث ظهر تباين واضح ما بين التنفيذ الفعلي لقطع حسابات موازنة 2012 والإنفاق الفعلي الذي لم يتجاوز 50% من نسبة التنفيذ بالنسبة للنفقات الإجمالية التي بلغت 667.727 مليار ليرة من أصل 1326.55 مليار ليرة كاعتمادات نهائية بحسب تقرير لجنة الموازنة والحسابات، وقد وافق مجلس الشعب على مشروع قطع حسابات 2012 رغم الاعتراضات التي أثيرت عليه.
  • قدرت بعض المصادر قيمة الحوالات المالية خلال شهر رمضان بـ 200 مليون دولار، يضاف إليها 24 مليون يورو قيمة زكاة الفطر المحولة من الخارج، علماً أن قيمة الحوالات اليومية تقدر بين 1-4 مليون دولار على مدار السنة.
  • كشفت بيانات المكتب المركزي للإحصاء بأن المصارف العامة قد سلفت نحو 1283.2 مليار ليرة حتى العام 2016، في حين بلغت قيمة التسليفات الإجمالية خلال العام 2014 نحو 646.8 مليار ليرة سورية، وارتفعت إلى نحو 682.3 مليار ليرة خلال العام 2015، أما بالتحويل إلى الدولار الأميركي، بلغت قيمة التسليفات حتى العام 2014 نحو 3.33 مليارات دولار أميركي، في حين انخفضت إلى 2.54 مليار دولار عام 2015، لترتفع لقرابة 2.8 مليار دولار عام 2016.
  • ترتيب المصارف العامة من حيث قيمة التسليفات:
  • جاء مصرف التوفير بالمرتبة الأولى من حيث قيمة التسليفات الممنوحة كما في العام 2016، حيث زادت حصته عن 39% من إجمالي التسليفات في المصارف العامة، بمبلغ يقارب 501.5 مليار ليرة سورية، منها 345.26 مليار ليرة قروض شخصية.
  • حل المصرف التجاري بالمرتبة الثانية بحصة بلغت 28.85 % من إجمالي تسليفات المصارف العامة كما في العام 2016، بمبلغ نحو 370.2 مليار ليرة، منها 89.5 % للقطاع العام والمشترك.
  • حل المصرف العقاري بالمرتبة الثالثة، بنسبة زادت على 16 % من إجمالي التسليفات، بمبلغ 206.07 مليارات ليرة سورية حتى 2016، جاء بعده المصرف الزراعي ليحظى بنسبة زادت على 15 % من إجمالي تسليفات المصارف العامة، بمبلغ إجمالي نحو 193 مليار ليرة سورية، كما هو في العام 2016.
  • جاء المصرف الصناعي في المرتبة الخامسة، بنسبة 0.53 % من إجمالي التسليفات كما هي في العام 2016، بمبلغ نحو 6.74 مليارات ليرة، في حين احتل مصرف التسليف المرتبة الأخيرة بنسبة 0.45 % من التسليفات كما في 2016، بمبلغ يزيد على 5.77 مليارات ليرة.
  • ترتيب الجهات المقترضة من البنوك العامة
  • جاءت القروض الشخصية وقروض الدخل المحدود كما في العام 2016 بالمرتبة الأولى بين أنواع التسليفات التي منحتها المصارف العامة الستة، بنسبة قاربت 27%، بمبلغ إجمالي نحو 349.8 مليار ليرة سورية، علماً بأن الرقم وصل إلى هذا الحد بعد الإفراج عن تلك القروض والتوسع فيها من قبل مصرفي التوفير والتسليف، إذ تم إقراض نحو 349.8 مليار ليرة حتى العام 2016، مقارنة بنحو 24.2 مليار ليرة فقط في العام 2015 و29.33 مليار ليرة في العام 2014.
  • احتلت القروض الممنوحة للقطاع العام والمشترك المرتبة الثانية بنسبة 26 %، بمبلغ نحو 341.4 مليار ليرة سورية (726 مليون $)، وبمعادلة تلك التسليفات للدولار الأميركي، فيلاحظ انخفاض ملموس في قيمتها بشكل سنوي، إذ بلغت نحو 1.76 مليار دولار عام 2014، لتنخفض إلى 1.27 مليار دولار عام 2015، وصولاً إلى مستوى 726 مليون دولار عام 2016.
  • حلت قروض البناء والتشييد التي منحها المصرف العقاري للقطاع الخاص في المرحلة الثالثة بنسبة 15.50% من إجمالي التسليفات كما هي في العام 2016، بمبلغ يزيد على 199 مليار ليرة سورية، حيث تشكل نحو 97 % من إجمالي تسليفات العقاري.
  • جاءت التسليفات قصيرة الأجل في المصرف الزراعي بالمرتبة الرابعة، بنسبة قاربت 15% من إجمالي التسليفات، بمبلغ تجاوز 192 مليار ليرة سورية، في حين حلت القروض الاستثمارية التي منحها مصرف التوفير في المرتبة الخامسة بنسبة نحو 12.2%، بمبلغ 156.23 مليار ليرة سورية.
  • بلغت قيمة الودائع في المصرف الصناعي 45 مليار ليرة، توزعت على 33 مليار ليرة ودائع جارية، وودائع لأجل 5.7 مليارات ليرة، في حين وصلت ودائع التوفير إلى 4.8 مليارات ليرة، بينما بلغ حجم الودائع المجمدة 1.5 مليار ليرة.
  • تجاوزت عدد القروض التي منحها مصرف التوفير منذ بداية عام 2018 14500 قرض بقيمة تقدر بــ 7 مليار ليرة سورية، منها 6.9 مليار للعاملين في الجهات العامة، بينما لم تتجاوز حصة المتقاعدين 70 مليون ليرة، في حين قدر عدد الحسابات المصرفية الجديدة بـــ 28 ألف بإيداعات بلغت 21.3 مليار ليرة، لتتخطى حركة تداول المصرف حاجز 167 مليار ليرة منذ بداية العام، بينما قدر حجم الإيداعات بــ 94.4 مليار ليرة، قابلها حركة سحوبات بنحو 72.6 مليار ليرة.
  • شكل المصرف العقاري لجنة خاصة لدراسة آلية تطبيق فوائد التأخير على القروض التي تعثر أصحابها عن سدادها، وتتألف اللجنة من 11 عضواً برئاسة معاون مدير عام المصرف للشؤون الإدارية بهدف إجراء تعديلات على التعليمات التطبيقية لنظام عمليات المصرف بما يتناسب مع النتائج التي سيتم التوصل إليها.
  • توجه حكومي لرفع سقف القرض السكني ليصبح 10 ملايين ليرة بدلاً من 5 ملايين ليرة كما هو معمول به حالياً، ورفع سقوف قروض الترميم لتصبح 3 ملايين ليرة بدلاً من مليونين.
  • وافقت لجنة السياسات والبرامج الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء على إعداد الدراسة الأولية لهيكلية جديدة للمصارف العامة على أن تنجز خلال شهرين، يتم بعدها تسديد رأسمال المصارف البالغ 7 مليارات ليرة سورية، وذلك بهدف تطوير عمل المصارف العامة لجهة التمويل والإقراض والنواحي الإدارية والتقنية ونظام العاملين والحوافز وتعزيز ثقة المودعين والمتعاملين.
  • وافق مجلس إدارة المصرف التجاري السوري على وضع خطة تسليفية للعام الحالي، وذلك نتيجة توفر سيولة جيدة لدى المصرف تتضمن منح قروض استثمارية بمبلغ 30 مليار ليرة ومنح تسهيلات مباشرة بمبلغ 25 مليار ليرة موزعة بين 10 مليارات ليرة كجاري مدين و5 مليارات ليرة كحسم سندات و5 مليارات ليرة كمدين مستندي و5 مليارات كقروض، إضافة إلى منح تسهيلات غير مباشرة بمبلغ 100 مليار ليرة موزعة على الكفالات أولية ونهائية 70 مليار ليرة واعتمادات مستندية 30 مليار ليرة. ‏
  • التحصيل الضريبي
  • حققت كهرباء محافظة ريف دمشق نسبة جباية وصلت إلى 101%، حيث تعتبر النسبة الأكبر والأعلى على مستوى مؤسسات الدولة، وقد بلغت القيمة المالية للجباية بـــ 6.3 مليار ليرة سورية.
  • كشف مدير عام هيئة الضرائب والرسوم عبد الكريم الحسين بأن إجمالي الضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة قد زادت خلال العام 2017 بنسبة 48.5% عما كانت عليه خلال العام 2016، والتي سجلت حينها زيادة بمقدار 34.25% عن العام 2015، ‏بينما كانت الزيادة على ضرائب الأرباح الحقيقية للقطاع الخاص خلال العام الماضي 68.5%، في حين حققت ضرائب الدخل المقطوع زيادة وصلت إلى 67%. علماً أن العام 2016 شهد زيادة نسبتها 82%.
  • سجلت إيرادات قطاع النقل البحري 15 مليار ليرة منذ بداية 2018 لغاية نهاية حزيران 2018 توزعت بين 10 مليار إيرادات من مرفأ اللاذقية، 4 مليار إيرادات مرفأ طرطوس، في حين توزعت بقية الإيرادات على شركة التوكيلات الملاحية ومؤسسة النقل البحري والموانئ، وتوقع مصدر في وزارة النقل أن تصل هذه الإيرادات الى 30 مليار ليرة بنهاية 2018.
  • تعمل مديرية النقل الطرقي بوزارة النقل على تعديل قانون قيمة الرسوم والبدلات المستوفاة على المركبات الآلية العامة والخاصة العاملة على المازوت والبنزين، ليتم لاحقاً إحالته إلى مجلس الشعب، وتقدر العوائد المالية المتوقعة الناجمة عن تعديل قيمة الرسوم بـــ 1.095 مليار ليرة سنوياً.
  1. الإسكان

  • كلف مجلس الوزراء وزارة الأشغال العامة والإسكان إنجاز مخططات تنظيمية جديدة لمناطق جوبر وبرزة والقابون ومخيم اليرموك.
  • كشف محافظ ريف دمشق علاء منير إبراهيم عن دراسة بعض الوحدات الإدارية إعداد مخططات تنظيمية وفقاً للقانون 10 كحرستا وسبينة وداريا.
  • تم تكليف محافظة ريف دمشق باتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع توسع المخطط التنظيمي لمدينة يبرود في الاستثمار وإقامة منطقة صناعية جديدة.
  • قدرت نسبة الدمار في مدينة الحجر الأسود بين 80 إلى 90 %، وقد تم الطلب من مجلسها العمل على إعداد مخطط تنظيمي للمدينة.
  • كشف مدير عام هيئة الاستثمار والتطوير العقاري الدكتور أحمد الحمصي عن تحضير الهيئة لمجموعة من الفرص الاستثمارية العقارية التي سيتم طرحها خلال "مؤتمر رجال الأعمال والمستثمرين في سورية والعالم" الذي سيقام في مدينة المعارض في شهر تموز من عام 2018، وتتوزع الفرص الاستثمارية في أربع محافظات هي: ريف دمشق "عدرا"، حلب "الحيدرية"، حماة، حمص "حسياء الصناعية".
  • أكدت المهندسة ماري التلي رئيس هيئة التخطيط الإقليمي العمل لإنجاز الدراسات الإقليمية لمناطق الغوطة الشرقية، والانتهاء من إعداد الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي لمنظور سورية المكاني، إضافة إلى إعداد الدراسات المتعلقة بالخطط الهيكلية، وإنجاز الخارطة الوطنية للسكن العشوائي. ‏
  1. الطاقة والكهرباء

  • كشف مدير المؤسسة العامة لنقل الكهرباء نصوح سمسمية الانتهاء من إعادة تأهيل وربط خط التوتر العالي 400 كيلو فولط (جندر – حماة 2)، حيث قدرت الكلفة الإجمالية لإعادة التأهيل بــ 800 مليون ليرة سورية، وتأتي أهمية هذا الخط لكونه يشكل حلقة ربط أساسية من خطوط الربط على مستوى التوتر العالي، كذلك باعتباره أول خط تتم إعادة إدخاله إلى الخدمة من 400 كيلو فولط في المنطقة الوسطى.
  • أكد وزير الكهرباء محمد زهير خربوطلي وجود اقتراح لمشروع مرسوم لإعفاء المشتركين في المناطق التي كان يتواجد فيها "المسلحون" من الفوائد والرسوم المترتبة عليهم خلال الفترة السابقة.
  • كشف مدير المؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء عبد الوهاب الخطيب عن تنظيم 10104 ضبط استجرار غير مشروع للكهرباء، منذ بداية العام 2018 وحتى نهاية شهر نيسان 2018 في عشر محافظات توزعت وفق الآتي: 8412 ضبط بحق أصحاب المنازل، 1659 بمخالفة بحق الصناعيين والتجار، 33 ضبط بحق مراكز تحويل خاصة تمنح الكهرباء لأصحاب المنشئات الصناعية والمعامل الكبيرة.
  • أكد مدير عام شركة كهرباء دمشق المهندس باسل عمر البدء بإعادة تأهيل المنظومة الكهربائية في المناطق الصناعية (القدم، الزبلطاني، القابون) بكلفة تقديرية تصل الى 700 مليون ليرة وذلك بناء على توجيهات الحكومة.
  • قدر المدير العام لشركة كهرباء حماة محمد الرعيدي القيمة الأولية لحجم الأضرار في قطاع الكهرباء في ريف حماة الجنوبي بــ 630 مليون ليرة سورية.
  • كشف المدير العام للشركة العامة لكهرباء الحسكة أنور العكلة أن الشركة وضعت خط التوتر 230 ك.ف الرقة الحسكة القادم من سد الفرات بالخدمة الفعلية.
  • كشف محافظ اللاذقية خضر السالم عن مشروع لإنشاء محطة توليد الكهرباء في قرية الرستين بمليار يورو، حيث يتوقع أن يتم تشغيل العنفة الأولى خلال عام ونصف لإنتاج 350 ميغا من أصل الطاقة التشغيلية الكلية للمحطة والبالغة 800 ميغا.
  1. التجارة والصناعة

  • شكل وزير الصناعة لجنة مركزية ولجنتين فرعيتين([11]) في محافظتي دمشق وريف دمشق من أجل التواصل مع أصحاب المنشآت الصناعية والحرفية في المحافظتين لمعالجة صعوبات ومعوقات إعادة تشغيل منشآتهم.
  • قدر عدد الصناعيين في المناطق الصناعية في القابون والزبلطاني والقدم بـــأكثر من ألف صناعي، وقد أشار عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق فيصل سرور بأن التكلفة التقديرية لإعادة تأهيل الخدمات في المنطقتين الصناعيتين في القابون والقدم والمجمع الصناعي في الزبلطاني تتجاوز المليارين و200 مليون ليرة سورية.
  • بلغت نسبة الاستثمار في المنطقة الحرة بدمشق 100% في حين بلغ عدد مستثمريها 490 مستثمراً، في حين تدرس وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية إقامة منطقة تجارة حرة مع لبنان إلى جانب المناطق الحرة السياحية الخاصة بالتنسيق مع وزارة السياحة، وتفعيل المنطقة الحرة في حسياء بالتنسيق مع إيران.
  • بلغت قيمة طلبات الاستيراد الموافق عليها 1.3 مليون يورو لـ 7486 طلب استيراد وذلك خلال الربع الأول من العام الحالي، في حين بلغت قيمة الإجازات والموافقات الممنوحة خلال الفترة المدروسة حوالي 1659 مليون يورو، 64% منها للقطاع الخاص وبقيمة مليار و58 مليون يورو موزعة على 4324 إجازة استيراد و718 موافقة استيراد من دول عربية، بينما بلغت قيمة الإجازات الممنوحة للقطاع العام 601 مليون يورو. ‏
  • احتلت مديرية الاقتصاد في ريف دمشق المرتبة الأولى من حيث قيمة إجازات وموافقات الاستيراد الممنوحة للقطاع الخاص بقيمة 211 مليون يورو، تلتها مديرية الاقتصاد في دمشق بقيمة 200 مليون يورو ومن ثم مديرية اقتصاد اللاذقية بقيمة 168 مليون يورو. وقد احتلت مواد السكر الأبيض المكرر والذرة الصفراء العلفية والحبيبات البلاستيكية المراتب الثلاثة الأولى في موافقات وإجازات الاستيراد الممنوحة، ‏في حين استحوذ قطاع الصناعة (الهندسية، الغذائية، الكيميائية، النسيجية والجلدية، الدوائية والصناعات الأخرى) على النسبة الأكبر من إجمالي الإجازات والموافقات الممنوحة وبحصة بلغت 56% وبما يقارب حوالي 596 مليون يورو. ‏
  • تعتبر الصين وروسيا ومصر من أهم الشركاء التجاريين للإجازات الممنوحة للقطاع الخاص من حيث دولة المنشأ بحسب المصدر، حيث بلغت حصتها من الإجمالي ما يقارب (9,4% -9,1% -8,7%) على الترتيب. ومن حيث الدولة المصدر احتلت الصين ومصر وروسيا المراتب الثلاثة الأولى وبمؤشر النسبية (20%-11%-9%) على التوالي من إجمالي الإجازات والموافقات الممنوحة. ‏
  • بلغ إجمالي الصادرات السورية خلال عام 2017 ما قيمته 408 مليون يورو بحسب إحصائيات صادرة عن وزارة الاقتصاد والمديرية العامة للجمارك، وفيما مخطط بياني بقائمة الدول التي استهدفتها الصادرات السورية.

 

  • شملت الخارطة السلعية للصادرات السورية 105 مواد تقدمها زيت الزيتون بقيمة 50 مليون يورو، مادة الكمون بقيمة 50 مليون يورو، الألبسة بقيمة 32 مليون يورو، حبة البركة بقيمة 28 مليون يورو، الخيوط القطنية بقيمة 14 مليون يورو. ‏‏‏

 

  1. الزراعة

  • بلغت عملية حصاد موسم الشعير في سهل الغاب 11 ألف طن من إجمالي الكمية المقدرة بــ 12 ألف طن، علماً أن إنتاج سهل الغاب من الشعير في العام الماضي قد بلغ 8 ألف طن، ويفسر سبب زيادة الإنتاج بــ: لجوء الفلاحين إلى زراعة الشعير لارتفاع سعره وانخفاض كلف إنتاجه، ووجود مساحات واسعة من الأراضي البعلية.
  • أكد مدير المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب المهندس يوسف قاسم أن عمليات استجرار محصول القمح مستمرة في المراكز الـ 36 التي تم تخصيصها، وقد تجاوزت الكمية المستجرة 82 ألف طن من القمح لغاية حزيران 2018، كما أشار بأن الحكومة قد صرفت الدفعة الأولى من مستحقات الفلاحين المقدرة بــ 10 مليار ليرة سورية من أصل 100 مليار خصصتها الحكومة لشراء القمح، علماً أن كمية الاستهلاك السوري من القمح تقدر بـ 2.5 طن سنوياً.
  • أصدر مصرف سورية المركزي قراراً يقضي بتخصيص اعتماد إضافي للمصرف الزراعي التعاوني "سلفة ثانية" بحدود مبلغ 10 مليارات خارج الحد الأقصى للاعتمادات المخصصة له لصالح المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب، وذلك لتمويل عمليات شراء محصول القمح للموسم الحالي، على أن يستجر المصرف الزراعي مبلغ الاعتماد المخصص لتسديد قيم القمح المستلم على شكل سلف توضع في حسابه المفتوح لدى المصرف المركزي، بحيث تغطى هذه السلف بسندات لا يتجاوز استحقاقها 120 يوماً من تاريخ تجهيزها لدى المركزي.
  • توقع مدير الزراعة في الرقة علي الفياض أن يبلغ إنتاج الشعير المروي نحو 50 ألف طن من المساحة المزروعة في الرقة والبالغة 25 ألف هكتار، مبيناً وجود نحو 25 ألف هكتار مزروعة بالقمح البعل يقدر إنتاجها بحدود 9 آلاف طن، أما الشعير البعل فهناك 150 ألف هكتار يقدر بأن تنتج 12 ألف طن من الشعير.
  • بين وزير الزراعة أحمد القادري الانتهاء من توزيع نحو 13888 مشروعاً للزراعات الأسرية وزيادة المساحة الملحقة بالمنازل لتأمين دخل إضافي للأسر الريفية وتحسين سبل العيش لديهم.

ملف إعادة الإعمار والعلاقات الاقتصادية لسورية

كلف مجلس الوزراء وزارات الاقتصاد والتجارة الخارجية والمالية وهيئة التخطيط والتعاون الدولي تكثيف التواصل مع الدول الصديقة، بهدف توسيع التعاون الاقتصادي والاستثماري والسياحي ووضع الأسس الناظمة لهذا التعاون في مرحلة إعادة الإعمار، إضافة إلى تبادل الزيارات بين رجال الأعمال والاتحادات وغرف التجارة والصناعة للاطلاع على المحفزات والمشاريع المطروحة للاستثمار.

وفي هذا السياق، قام وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية بزيارة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث أجرى عدداً من المباحثات مع المسؤولين الإيرانيين تركزت على: اتفاقية التجارة الحرة، التعاون المصرفي، الربط السككي، إعادة الإعمار، استثمار المناطق الحرة وسط سورية، وقد تمخض عن هذه الاجتماعات عدد من النتائج من أبرزها:

  • الاتفاق على التبادل التجاري بين البلدين بالعملات المحلية.
  • تخفيض الرسوم الجمركية بين البلدين إلى 0 % عوضاً عن 4%.
  • إحداث مصرف مشترك باسم "أمان".([12])
  • افتتاح معبر خسروي الحدودي بين العراق وإيران لتسهيل مرور بضائع (الترانزيت) إلى سورية.

هذا وأفاد مصدر في المصرف التجاري السوري عن تخصيص إيران ما يقارب من 6 مليار دولار على شكل اعتمادات مالية بين أعوام 2012-2017 بغرض دعم التجارة مع سورية، وقد أفاد المصدر بأن قيمة السلع الإيرانية التي تم تصديرها إلى سورية بين 2012 ولغاية آب 2017 قد بلغت حوالي 1.313 مليار دولار، في حين لم تتجاوز واردات إيران من سورية خلال الفترة نفسها حاجز 91 مليون دولار، بمعنى أن الميزان التجاري الإيراني السوري يميل لصالح إيران بقيمة 1.222 مليار دولار([13]).

وفيما يلي استعراض أبرز نشاطات إيران في الاقتصاد السوري:

  • تأسيس شركة حلول الأنظمة الذكية المتخصصة بحماية المعلومات، والتي تعود ملكيتها لشركة إيرانية ومستثمرين سوريين بدمشق. وتعود الحصة الأكبر في الشركة لـ شركة رايان كستر إيرانيان توانا الإيرانية التي تملك 49% منها، بينما يملك المستثمران السوريان بشار عون 41% منها، ومضر عباس 10%.
  • أكد مستشار وزير الخارجية الإيراني حسين شيخ الإسلام على دور إيران الاقتصادي في سورية واستمراره، حيث أشار بأن 50% من الشركات الإيرانية قد فازت بمناقصات توليد الطاقة الكهرومائية في سورية.
  • افتتاح فرع لجامعة "أزاد إسلامي" الإيرانية في سورية.

يتواصل تطوير العلاقات الاقتصادية بين سورية وروسيا، وهو ما تفيد به المعيطات التالية:

  • تنامي قيمة المنتجات السورية المصدرة إلى روسيا من 2 مليون دولار عام 2015 لتصل إلى 7 مليون دولار خلال عام 2016([14]).
  • توقيع مذكرة تفاهم مع شركة أديغ يوراك الروسية وشركة القرية الروسية للصادرات والواردات لإحداث البيت السوري في روسيا بشكل أولي في مدينة مايكوب الروسية، بحسب ما أشارت إليه مذكرة صادرة من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية.
  • دراسة الحكومة الروسية مقترح تقدم به مجلس الأعمال السوري الروسي يقضي بمنح 200 رجل أعمال سوري تأشيرات سنوية، بهدف تحفيز التجارة والاستثمار بين البلدين.
  • الاتفاق على عقد ملتقى دمشق للعلاقات السورية الروسية بحضور نحو 100 شركة روسية على هامش فعاليات معرض دمشق الدولي في أيلول المقبل.
  • عقد وفد من رجال الأعمال الروس لقاءات مع وزراء النفط والثروة المعدنية والنقل والإعلام والري، كما قام الوفد بزيادة مدينة عدرا الصناعية في ريف دمشق للبحث في إمكانية إقامة عدد من المصانع فيها.
  • اقترحت سلطات مدينة ثيودوسيا في جزيرة القرم إطلاق رحلات سياحية وتجارية بين الجزيرة وسورية، وكان نائب محافظ سيفاستوبل الواقعة في شبه جزيرة القرم، فلاديمير بازاروف، قد أعلن بأن سيفاستوبول وطرطوس تخططان لإنشاء خط دائم بين موانئهما في إطار الاتفاقية الاجتماعية والاقتصادية المقرر توقيعها في 29 تموز.
  • كشف وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد الله الغربي عن التفاوض مع شركات الروسية حالياً لتوريد مليون طن من القمح من روسيا، مقابل تصدير خضراوات وفواكه من سورية بنحو 50 مليون دولار منها 100 ألف طن حمضيات، هذا ويذكر بأن سورية قد احتلت المرتبة الثانية كمشتري للقمح الروسي بعد لبنان بواقع 75 ألف طن لعام 2017. ([15])
  • مسعى روسي لاستثمار وإدارة الشركة العامة للأسمدة بحمص، والتي تضم ثلاثة معامل بعقد استثمار لمدة 48 عاماً.

هذا وتسعى الحكومة السورية إلى تنشيط الحركة التجارية واستهداف أسواق جديدة، وذلك من خلال تنظيم سلسلة من المعارض والمؤتمرات الاقتصادية منها:

  • التحضير لإطلاق وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ملتقى الأسواق الواعدة الذي تنظمه شركة ماسة للمعارض والمؤتمرات، وذلك في الرابع من شهر تموز القادم في فندق شيراتون دمشق.
  • استكمال التحضيرات من قبل وزارة المالية الانتهاء لعقد ملتقى رجال الأعمال الخامس لإعمار المنطقتين الوسطى والشرقية الذي سيعقد يومي الـ 4 والـ 5 من تموز في فندق أفاميا بحماة، حيث سيناقش المشاركون في المؤتمر الاستثمارات والمشاريع المتعلقة بإعمار المنطقتين الوسطى والشرقية وقانون الاستثمار الجديد وآلياته ودور المناطق الصناعية في تحفيز عملية الإعمار وآليات التمويل والتسهيلات المصرفية للصناعيين.
  • كشف مدير عام مؤسسة المعارض والأسواق الدولية فارس كرتلي عن مشاركة 12 دولة، وتلقي وعود بمشاركة 15 دولة أخرى في الدورة الـ 60 لمعرض دمشق الدولي، وقد تقدمت 236 شركة عربية وأجنبية (عن طريق وكلائها الموجودين داخل سورية) بطلبات تثبيت للمساحات التي يرغبون بحجزها في المعرض.

كذلك شاركت سورية بمعرض بيونغ يانغ الدولي من تنظيم المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية بالتعاون مع السفارة السورية في بيونغ يانغ، حيث ضم الجناح السوري نماذج عن بعض الصناعات الغذائية والشرقية من موزاييك وبروكار والمطرزات الفنية.

تعول الحكومة السورية على رجال الأعمال في تنشيط الحركة الاقتصادية والالتفاف على العقوبات المفروضة عليها، كما تحاول الحكومة استقطاب فئة رجال الأعمال الذين غادروا سورية بسبب الأزمة. وفي هذا السياق التقى رئيس الحكومة عماد خميس وفداً من رجال الأعمال السوريين المقيمين بمصر([16]). وقد تم التوافق بين الطرفين على: إحداث مركز صادرات سوري مصري مشترك، تفعيل مجلس الأعمال السوري المصري وعمل المكتب الاقتصادي في السفارة السورية في مصر، وتشكيل معرض دائم للسلع السورية على أرض مدينة المعارض في دمشق، تعزيز دعم المعارض الخارجية بما يساهم في توسيع أسواق التصدير، تقديم تسهيلات للصناعيين المتعثرين الحقيقيين لإعادة إقلاع منشآتهم وتسهيل استيراد المواد الأولية اللازمة لدعم الصناعة واستقرارها.

خاتمة

يُسوق النظام السوري لانتهاء الأزمة وقدرته على التعاطي مع تداعياتها، ويحاول توكيد ما سبق من خلال إظهار قدرة الدولة وفرض هيبتها من جديد، الأمر الذي يفسر تركيزه على عملية الإصلاح الإداري لمؤسسات الدولة لمعالجة ما لحق بها من خلل خلال سنوات الأزمة، فضلاً عن استغلال إجراءات الإصلاح الإداري لمكافأة الموالين والتخلص بمن يشك بولائهم بذريعة مكافحة الفساد. كما يسعى النظام إلى فرض هيبة الدولة من جديد وهو ما يفسر الإجراءات التي اتخذها بحق العديد من الميليشيات المحلية التي قاتلت إلى جانبه في وقت سابق. أما أهدافه من ذلك فتتمثل بــ:  1) قطع الطريق أمام أي مراكز قوى ناشئة بفعل الأزمة لتشكل مصدر تهديد له، 2) توجيه رسالة للمجتمع الدولي بأن الدولة ومن خلالها فقط يتم الإصلاح وإعادة الإعمار، وما يعنيه ذلك حكماً من قطع الطريق أمام أي طروحات جدية للتغير في سورية.

يُدرك النظام حجم المطالب التي ستواجهه في الفترة المقبلة، وعدم قدرته على التعاطي معها جميعاً لافتقاده للأدوات والمؤسسات والتمويل اللازم. من هنا يحاول النظام تجزئة المطالب ومحاولة استرضاء شرائح محددة بسياسات دعم وامتيازات اقتصادية واجتماعية. وقد تجلى ما سبق بزيادة النظام رواتب العاملين في المؤسسة العسكرية، وإقرار تشكيل صندوق الرعاية الاجتماعية الموجه للعاملين في مؤسسات الدولة ممن تضرروا خلال الأزمة. هذا وقدرت بعض المصادر كتلة الزيادة بنحو 30 مليار ليرة سورية (تقريباً 76 مليون دولار) ([17])، علماً بأن كتلة الرواتب للعاملين في الدولة تقدر بــ 900 مليار ليرة سورية (2 مليار دولار)، أي ثلث الموازنة بحسب ما أفاد به وزير المالية السوري مأمون حمدان([18]).

هذا وقد أثار مرسوم الزيادة استياء العاملين في جهاز الشرطة لاستثنائهم من هذه الزيادة([19]). كما أثار استياء العاملين في مؤسسات الدولة لعدم شمولهم بهذه الزيادة، الأمر الذي يظهر عدم قدرة حكومة النظام على التعاطي مع هذه المطالب، ومقدار ما تُشكله الاستجابة لهذه المطالب من ضغط على مواردها المالية المحدودة.

شكل إعلان النظام إجراء انتخابات محلية في أيلول القادم مفاجأة باعتبار ما يقارب من ثلث البلاد خارج سيطرة النظام. وتُشير بعض المصادر بأن تحديد الموعد جاء بناء على تصور بإمكانية توسع سيطرة النظام بدعم من حلفائه، وتفاهمات سياسية ينتظر أن تتبلور في المرحلة المقبلة في الشمال والشرق سيما مع استثناء الكرد المجنسين من شرط تمتعهم بالجنسية السورية لمدة 10 سنوات. ويسعى النظام من خلال إجراء انتخابات محلية إلى تحقيق عدة أهداف منها:

  1. تفريغ المسار السياسي التفاوضي من مضمونه من خلال فرض أمر واقع.
  2. استيعاب القوى الناشئة واسترضاء الموالين وأفراد الميليشيات عبر دمجهم في الأطر الإدارية للدولة.
  3. قطع الطريق أمام مشروع المعارضة السياسية للإدارة المحلية، كذلك التقليل من فرص نجاحها في أي انتخابات محلية من خلال إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية.
  4. محاولة التحكم بمسارات إعادة الإعمار من خلال التأكيد على شرعية بنى الإدارة المحلية المشكلة، ودورها كشريك مكمل للمركز في هذه العملية.

هذا وتُشكل الانتخابات المحلية فرصة لإيران لأن تُشرعن دور القوى الموالية لها، سيما في ظل انخراطها المكثف في ملف الإدارة المحلية في عدد من المناطق عبر تقديمها للخدمات الأساسية والتأثير على عملية صنع القرار على المستوى المحلي. ومن أمثلة ذلك، نشاط فيلق المدافعين عن حلب، وكذلك نشاط منظمة جهاد البناء.  

تستبق وزارة الإدارة المحلية والبيئة إجراء الانتخابات المحلية بإعادة النظر بالتقسيمات الإدارية وهو ما ظهر راهناً في محافظتي ريف دمشق وطرطوس. ويُثير تشكيل هذه البُنى تساؤلات حول الغاية منها في ظل عدم قدرة الوحدات الإدارية القائمة والتي فصلت عنها عن أداء مهامها الأساسية لافتقارها التمويل والكوادر واعتمادها على المركز لتأدية وظائفها وتمويل مشاريعها. هذا ويمكن وتفسير هذا التوجه بمحاولة الحكومة التأثير على مسار الانتخابات المحلية من خلال إضعاف الوحدات الإدارية التي كانت تتبع لها الوحدات الإدارية المحدثة.

تؤشر زيارة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية لإيران وطبيعة المباحثات التي عقدها مع مسؤوليها، إلى وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين لتكون جاهزة للتوقيع خلال الفترة المقبلة، وتفيد بعض المصادر باحتمالية أن يتم ذلك خلال زيارة مرتقبة للأسد إلى إيران في الفترة المقبلة.  

بالمقابل تستمر العلاقات الاقتصادية بين روسيا وسورية بالتطور، مدعومة بتوجه حكومي لدى كلا البلدين لتعزيز الروابط الاقتصادية بينهما، إضافة إلى الدور البارز الذي يقوم به رئيس مجلس الأعمال الروسي-السوري سمير الحسن والذي استطاع تجديد ولايته كرئيس لمجلس الأعمال في الانتخابات التي حصلت مؤخراً لانتخاب أعضاء ورئيس المجلس. كما تستمر روسيا بالاستحواذ على الفرص الاقتصادية في سورية، وتأكيد احتكارها لاستثمار القطاعات الإنتاجية المربحة كالفوسفات والطاقة.


([1]) توضيح من وزارة المالية بخصوص مشروع القانون القاضي بتعديل قانون البيوع العقارية، موقع دام برس، تاريخ 26-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2MWaGwx

([2]) قانون البيوع العقارية يصل قريباً إلى مجلس الشعب، موقع الاقتصادي، تاريخ 24-06-2018. رابط إلكتروني https://bit.ly/2zoXRJo

([3]) مجلس الشعب يتابع مناقشة مشروع قانون مجهولي النسب، موقع مجلس الشعب، تاريخ 13-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2KZso1s

([4]) يمان نعمة، قانونيون لـ"عربي21": هذه خفايا قانون "مجهولي النسب" بسوريا، عربي 21، تاريخ 19-06-2018. رابط إلكتروني https://bit.ly/2KWJM7c

([5]) تفاصيل مرسوم زيادة رواتب الجيش السوري 2018، موقع مراسلون، تاريخ 04-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2zgFHsZ

([6]) عبد الهادي شباط، «المالية» لـ«الوطن»: يستهدف جرحى الحرب حتى من الموظفين … لجنة لإدارة صندوق الرعاية الاجتماعية خلال أيام، تاريخ 19-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2KTgupU

([7]) تم ترميم 60 مدرسة من أصل 204 في الغوطة الشرقية، كما تم ترميم 14 في منطقة دبسي عفنان مع العمل على ترميم 20 في منطقة السبخة مع إعداد الوزارة دراسة لترميم 30 في منطقة معدان بتمويل من اليونيسيف.

([8]) منح المسجلون في سجلات أجانب الحسكة الجنسية العربية السورية وقد قدر آنذاك عدد طلبات الجنسية بـــ 105152.

([9]) الإعانة المالية تُمنح بقرار من وزيري المالية والإدارة المحلية كمعونة خاصة لمرة واحدة، أما المساهمة المالية فهي كتلة نقدية تقدم من وزارة الإدارة المحلية كدعم للموازنة المستقلة للوحدة الإدارية  http://alwatan.sy/archives/141228

([10]) قيمة الاعتمادات المالية لوزارة الإدارة المحلية والبيئة، موقع رئاسة مجلس الوزراء السوري على وسائل التواصل الاجتماعي، تاريخ 04-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2KY7C2p

([11]) تتألف اللجنة المركزية من معاون وزير الصناعة نضال فلوح رئيساً وعضوية كل من رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس ومدير الاستثمار الصناعي بوزارة الصناعة محمد بشار زغلولة، بينما تتألف اللجنة الفرعية في محافظة ريف دمشق من مدير صناعة ريف دمشق محمد فياض رئيساً وعضوية كل من ياسر السعيد من مديرية صناعة ريف دمشق وأمين جمارك المنطقة الحرة عيسى الزين، ومعن علي من المديرية العامة للجمارك، وأكرم الحلاق وضياء البغدادي من غرفة صناعة دمشق وريفها. أما اللجنة الفرعية في دمشق فتضم: من مدير صناعة دمشق ماهر ثلجة رئيساً وعضوية كل من نهاد ديب من مديرية صناعة دمشق وأحمد نداف وعقبة سلامة من المديرية العامة للجمارك وماهر الزيات ومروان اليسقي من غرفة صناعة دمشق وريفها.

([12]) وافقت رئاسة مجلس الوزراء على تأسيس مصرف "الأمان" كمصرف سوري إيراني مشترك، وذلك كشركة مساهمة سورية برأس مال يبلغ 1.5 مليار ليرة سورية، قسم رأس مال المصرف على ثلاثة ملايين سهم قيمة السهم الواحد منها 500 ليرة سورية ويساهم بنك "صادرات إيران" بنسبة 25٪ من رأس المال، وشركة "غدير للاستثمارات" بنسبة 16٪ وشركة "سايبا الايرانية" بنسبة 8٪.‏ كما يساهم رجل أعمال سوري بنسبة 5٪ من رأس المال أما القطاع العام المصرفي والمالي في سورية يساهم عنه المصرف التجاري السوري بنسبة 25٪ من رأس المال على أن يتم طرح الأسهم المتبقية من رأس المال على الاكتتاب العام

([13]) نور ملحم، إيران تدعم الاقتصاد السوري بـ6 مليار دولار/ موقع هاشتاغ سورية، رابط إلكتروني https://bit.ly/2MQYUTW

([14]) تبلور ملامح التوجه شرقاً عبر بوابة وزارة الاقتصاد وتعويل على إحداث نقلة نوعية على صعيد التعاون الاقتصادي بين سورية وإيران، جريدة البعث، تاريخ 20-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Nv6WmF

([15]) جوناثان سول وبولينا ديفيت، شبه جزيرة القرم شريان يزود سوريا بالغذاء، رويترز، تاريخ 21-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2NyhXUd

([16]) تقدر بعض المصادر قيمة الرأسمال السوري بمصربــ 23 مليار دولار، وتواجد نحو 30 ألف رجل أعمال سوري في مصر، للمزيد مراجعة، «خالدون الموقع» رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين، موقع الوفد، رابط إلكتروني https://bit.ly/2NyLL33

([17]) عدنان عبد الرزاق، الأسد يزيد رواتب العسكريين ويحرم المدنيين، موقع العربي الجديد، تاريخ 05-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Nv7c5c

([18]) الأسد يرفع رواتب العسكريين والمتقاعدين منهم، موقع الاقتصادي، تاريخ 05-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2m1eykx

([19]) امتعاض في أوساط الأمن و الشرطة بعد مرسوم بشار الأسد الأخير. موقع عكس السير، تاريخ 10-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2zjpcMT

الأربعاء, 11 تموز/يوليو 2018 15:04

معن طلاع | معركة درعا ومدلولاتها

في إطار برنامجه الإخباري التحليلي (الساعة الأخيرة) استضاف تلفزيون العربي الباحث معن طلاع بتاريخ 9 تموز 2018، للحديث حول معركة درعا ومدلولاتها، وبيّن الباحث عبر مداخلاته: " أن ما تمر به جغرافيات المعارضة السورية من انهيارات عسكرية وسياسية يعود لتظافر مجموعة من العوامل سواء المتعلق بسياق تطورات المشهد السوري وما مر به من انعطافات وتحولات ارتدت سلباً على الصراع المحلي وعلى التعريف الناظم للعملية السياسية ناهيك عن التدخل الروسي وآثاره وما استتبعه من تغيير المواقف السياسية للعديد من الفواعل الإقليمية والدولية؛ أو سواء تلك العوامل المتعلقة بالأسباب الذاتية لتقهقهر المعارضة السورية التي لم تسعى لخلق هوامش تستعيد فيها زمام امتلاك القرار بالإضافة لعدم تدافعها لإنجاز سياسات عسكرية وتفاوضية موحدة  توقف استنزاف بناها الإدارية والمدنية والعسكرية.

 

 

لماذا وصل الجنوب السوري إلى هذه النهاية؟ مقابلة الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ساشا العلو، على تلفزيون العربي، للحديث عن "صفقة" الجنوب السوري ودور الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين فيها.

بالتزامن مع تنامي مؤشرات التدهور العسكري في مناطق سيطرة المعارضة المسلحة والفصائل الجهادية بحكم التدخل الروسي وإعادة تعريف معظم الفواعل الدولية والإقليمية لموقف السياسي حيال المشهد السوري؛ تشهد بنى هذه المناطق ازدياداً ملحوظاً في معدلات الاضطراب الأمني ولا سيما بعد انتشار سياسة الاغتيالات المحلية؛ وتعد هذا الظاهرة من ناحية أولى انعكاساً لحالة عدم الضبط الأمني، ومن ناحية ثانية ملمحاً عاماً لحالة الهشاشة التي سيكون لها تأثير بشكل ملحوظ على السيناريوهات المتعلقة بمستقبل هذه المناطق.

وفي محاولة لتتبع هذه القضية وتحليل مؤشراتها وقياس آثارها الأولية، قامت وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بتصميم نموذج رصد لهذه العملية عبر متابعة مجموعة من المواقع الإخبارية والإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي واستخلاص أهم المعلومات حول تلك الحوادث (تاريخها، مكانها، جهة الاستهداف، أداة الاستهداف، مناطقها، منفذ العمليات وفق ما توفره عمليات التحقيق)، وعليه توصلت الوحدة للنتائج التالية:

أولاً: 214 عملية اغتيال أقصاها في شهر أيار، شهدت المناطق الخاضعة للرصد في الفترة الممتدة بين شهر كانون الثاني 2018 حتى بداية تموز من هذا العام (214) محاولة اغتيال، حيث بلغت أقصاها في شهري أيار وحزيران بمجموع 140 محاولة اغتيال، أي ما نسبته 66% من المجموع العام للاغتيالات بحسب ما يظهره الشكل البياني رقم (1).

 

ثانياً: إدلب الأكثر استهدافاً؛ هذا وقد جاءت محافظة إدلب بالمرتبة الأولى من حيث عدد محاولات الاغتيال بـــ 164 محاولة، تلتها محافظة حلب بــ 33 محاولة اغتيال، ثم درعا في المرتبة الثالثة بـــ 10 محاولات اغتيال، لتتوزع بقية محاولات الاغتيال على المحافظات التالية بحسب الترتيب: حمص، حماة، ريف دمشق، في حين لم تتوافر بيانات كافية لتحديد موقع محاولة اغتيال واحدة.

 

ثالثاً: الاستهداف الأكثر ضمن مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام؛ بالتدقيق يتبين أن الجزء الأكبر من محاولات الاغتيال قد تمت في مناطق تخضع لنفوذ وسيطرة هيئة تحرير الشام في الشمال السوري، حيث بلغت نسبتها 68% من المجموع العام لمحاولات الاغتيال، بينما بلغت تلك التي وقعت في مناطق سيطرة فصائل معتدلة (إسلامية، جيش حر) ما نسبته 28%، في حين لم تتوافر بيانات كافية لتحديد منطقة السيطرة لما نسبته 4% من محاولات الاغتيال.

 

رابعاً: هيئة تحرير الشام الأكثر استهدافاً؛ تظهر البيانات أن الجهة الأكثر استهدافاً بمحاولات الاغتيال هي الفصائل الجهادية وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام بــ 82 محاولة اغتيال لكوادرها من مدنيين وعسكريين وشرعيين، في حين حل المدنيين بالمرتبة الثانية من حيث الأكثر استهدافاً بــ 53 محاولة اغتيال، يليهم ثالثاً الفصائل المصنفة كمعتدلة بــ 42 محاولة، بينما تقدم المهاجرون بفارق بسيط (15) على الفصائل الإسلامية (14)، في حين لم تتوافر بيانات كافية لتحديد هوية 8 ممن استهدفوا بمحاولة اغتيال.

 

خامساً: (120) حالة اغتيال بطلق ناري؛ لجأ المنفذون لعمليات الاغتيال إلى وسائل متعددة تتناسب مع طبيعة الأهداف المستهدفة وخبراتهم، وغالباً ما فضل المنفذون تنفيذ عملياتهم بواسطة الأدوات التالية من حيث الترتيب: الطلق الناري، عبوة ناسفة، هجوم انتحاري، طعن وقنبلة يدوية، خطف، في حين لم تتوافر بيانات كافية حول الأداة المستخدمة في 14 محاولة.

 

سادساً: حوالي الثلث فقط محاولات فاشلة؛ فيما يتعلق بنتيجة محاولات الاغتيال، تظهر البيانات ارتفاع نسبة المحاولات الناجحة مقارنة بتلك الفاشلة، إذ بلغت نسبة المحاولات التي نجم عنها موت المستهدف 68%، مقارنة بـــ 31% فشلت في قتل الجهة المستهدفة، في حين لم تتوافر بيانات كافية لتحديد نتيجة 1% من محاولات الاغتيال.

 

وكقراءة أولية في هذا الملف:

  1. ففي حين تغيب نتائج التحقيق لهذه العملية وعدم معرفة هوية منفذيها، فإنه يمكن اعتبارها مجموعة من المعطيات التي تدلل على أنها بلورة لسياسات التصفية كسلاح "نوعي" سواء ضمن منهجية الاقتتال البيني؛ أو تعدد الاختراقات الاستخباراتية ذات الأغراض المتعددة؛
  2. تفصح محاولات الاغتيال هذه عن حالة الفوضى الأمنية التي تعيشها هذه المناطق، إذ لا تزال تتعثر محاولات هذه القوى لتشكيل هياكل أمنية مؤسساتية بديلة لضبط ملف الأمن المحلي سيما هيئة تحرير الشام، في ظل تنامي المهددات الأمنية سواءً من داخل هذه المناطق أو من خارجها؛
  3. يعود سبب تصدر إدلب كمحافظة لأكبر عدد محاولات الاغتيال لعدة أمور أهمها تعدد القوى المحلية وتنافسها، إضافة إلى سيولة الوضع الأمني في المحافظة، وتشكل بؤر لخلايا أمنية سواء لتنظيم الدولة أو للنظام قامت بتنفيذ عمليات أمنية في المحافظة؛
  4. يمكن تفسير الاستهداف المركز لهيئة تحرير الشام بمحاولة خصومها ومنافسيها إضعافها باعتبارها القوة المهيمنة في الشمال، وبما يخدم مصالح وأهداف هذه القوى والتي ليست بالضرورة متطابقة، كما يوحي هذا الاستهداف المركز بضغوط خارجية تمارس على الهيئة للتأثير على سياساتها وهيكليتها بما يتوافق مع الترتيبات الأمنية للشمال السوري.


قدم الخبير العسكري بمركز عمران نوار أوليفر تصريحاً صحفياً لوكالة AFP توقع خلاله أن يكون السيناريو المطروح أمام فصائل الجنوب مختلفاً عن بقية المناطق بحكم الموقع الجغرافي للمنطقة وأهميتها الاستراتيجية" على الحدود مع اسرائيل والأردن.

وذكر أن غرفة الموك، وهي تسمية تطلق على غرفة عمليات أردنية أميركية مقرها عمان، تولت خلال السنوات الماضية تدريب فصائل الجنوب "بذلت جهداً كبيراً لتحييد الفصائل عن جولات قتال كثيرة" مع دمشق لإبقاء الجبهة قرب حدود الحليفين هادئة نسبياً".

وانطلاقاً من أن الفصائل لم تخض أي معارك كبرى ضد قوات النظام في المنطقة، كما حصل في حلب أو الغوطة الشرقية، فإن اجلاء مقاتليها غير مطروح، والمصالحة تكاد تكون الخيار الوحيد، وفق محللين.

كما رجح أن يكون موضوع التهجير بعيد جداً عن التطبيق.. والمرجح أن يتحول المقاتلون الى شرطة مدنية في الريف الغربي لدرعا" حيث من المتوقع أن تنكفئ الفصائل على أن "يكون لها دور في قتال داعش" الموجود في جيب في جنوب غرب درعا.

المصدر فرانس 24: https://bit.ly/2MxYCkO

 

مُلخّصٌ تنفيذيّ

  • من خلال دراسة مراحل ومحطات الدور الأردني اتجاه الملف السوري بعد عام 2011؛ يمكن اعتبار هذا الدور متفاعلاً مع التطورات الميدانية والمواقف الإقليمية الدولية، وليس فاعلاً بذاته.
  • تدل المؤشرات على تحول واضح في الموقف الأردني تجاه النظام السوري، وأن العلاقات مع النظام قد تجاوزت مرحلة كسر الجليد باتجاه العودة تدريجياً، ما سينعكس بالضرورة على وضع الجبهة الجنوبية
  • تشكل المنطقة الجنوبية في سورية اليوم، نقطة تتشابك فيها مصالح لأطراف إقليمية (إيران، إسرائيل) وأطراف دولية (الولايات المتحدة، روسيا)، فيما يغيب دور الأطراف المحلية (المعارضة والنظام) ويظهر دور الأردن بشكل كبير في تحديد مصير المنطقة عبر دور الوسيط بين الولايات المتحدة وروسيا (قناة منع التصادم) من جهة، وبين إيران وإسرائيل بشكل سري من جهة أخرى.
  • بحكم موقعه الحدودي مع أزمات سورية والعراق وفلسطين، ودوره كبوابة للحلول السلمية لتلك الأزمات عبر الوساطات التي تتيحها سياسته الحيادية مع الأطراف المتصارعة في تلك الأزمات؛ يكون الأردن قد ضمن حماية أمن حدوده بفتح قنوات للتواصل مع طهران والنظام السوري، وانضم على المستوى الاقتصادي إلى قائمة الدول المستفيدة من الأزمة الخليجية عبر سياسة مسك العصا من المنتصف، وضمن عدم تهميشه على المستوى السياسي فيما يخص ملف العلاقات الأمريكية الخليجية من جهة، وملف القدس وصفقة القرن من جهة أخرى.
  • تقف المنطقة الجنوبية من سورية على أعتاب خيارين، الأول يتمثل بمعركة كبرى، بينما الثاني؛ في تسوية سلمية نسبياً لملف الجنوب السوري تحقق مصالح الفواعل الإقليمية والدولية ذات العلاقة، وتشمل عودة مؤسسات النظام إلى درعا والقنيطرة وقواته إلى حدودهما مع الأردن وإسرائيل، الاحتمال الذي تبدو في ظله إيران وفصائل المعارضة السورية هما الخاسر الأكبر، فالأولى ستسحب ميليشياتها من المنطقة بموجب التسوية، والثانية ستخسر المعبر والحدود مقابل احتمالية تسليم سلاحها المتوسط والثقيل لتتحول إلى شرطة محلية داخل البلدات.
  • يفسر التلكؤ الإيراني في سحب ميليشياتها من الجنوب السوري؛ بمحاولات ضغط على الأطراف الرئيسية للاتفاق (الولايات المتحدة والأردن) لتحسين شروط التفاوض بالنسبة للانسحاب الإيراني من مناطق الجنوب، مقابل الضغط على (روسيا) للتفاوض على تواجدها في مناطق أخرى كـ "القصير" في ريف حمص.
  • قدرة السياسة الأردنية على تطويق أزمتها الداخلية لا يقل عن قدرتها في سياستها الخارجية، والتي استثمرت الأزمات المحيطة بها وأتقنت اللعب على المحاور الثلاثة المتصارعة في المنطقة (محور "الممانعة"، محور قطر تركيا، محور السعودية الإمارات).

مدخل

يعيش الجنوب السوري اليوم حالة من التوتر على وقع احتمالين لإنهاء الحراك الثوري العسكري فيه، الاحتمال الأول: ويتمثل بالعمل العسكري الشامل مع تزايد حشود النظام في محافظتي درعا والقنيطرة والقصف المكثف بالطيران على بلدات درعا، وما يقابلها من استعدادات عسكرية لفصائل المعارضة المسلحة للتوحد والتحصين والتأهب لمعركة مرتقبة بدأت ملامحها تلوح باشتباكات متفرقة في محافظة درعا. بينما يتمثل الاحتمال الثاني: في تسوية سلمية نسبياً لملف الجنوب السوري تحقق مصالح الفواعل الإقليمية والدولية ذات العلاقة، وتشمل عودة مؤسسات النظام إلى درعا والقنيطرة وقواته إلى حدودهما مع الأردن وإسرائيل، الاحتمال الذي تبدو في ظله إيران وفصائل المعارضة السورية هما الخاسر الأكبر، فالأولى ستسحب ميليشياتها من المنطقة بموجب التسوية، والثانية قد تسلم سلاحها المتوسط والثقيل لتتحول إلى شرطة محلية داخل البلدات.

وعلى الرغم من الحشود والتحركات العسكرية للأطراف المحلية؛ إلا أن طبيعة حراك وتعاطي الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بوضع الجنوب السوري يشير، حتى الآن، إلى أن خيار التسوية هو المرجح، وإن كان من بوابة الضغط العسكري المحدود. حيث تسعى الدول الضامنة لاتفاق خفض التصعيد في الجنوب السوري إلى صياغة تفاهم يجنب الأطراف المحلية (المعارضة والنظام) المواجهة الشاملة، ويضمن حماية أمن كلاً من الأردن وإسرائيل، واللذان تشكل مصالحهما المحرك الرئيس للحراك الديبلوماسي حول الجنوب. وهنا يظهر الأردن كقاسم مشترك أكبر بين كل تلك الأطراف بما فيها النظام السوري وإيران، إذ أن تصريحات إيران بعدم نيتها المشاركة بأي عمل عسكري في الجنوب السوري صدرت من الأردن على لسان سفيرها في عمان، وكذلك جاءت التصريحات السابقة للنظام السوري بعدم الحاجة للعمل العسكري في الجنوب على لسان القائم بأعماله في الأردن، الأمر الذي يعطي مؤشراً بأن الأردن أصبح النقطة التي تتقاطع فيها جميع خيوط اللعبة في الجنوب السوري؛ عبر دور الوساطة التي يقوم بها بين جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وهو ما يعد تحولاً هاماً في الدور الأردني اتجاه الملف السوري لناحية بداية الانفتاح على النظام السوري وإيران، والحياد بينهما وبين المعارضة السورية، واحتمالية انسحاب هذا الحياد الأردني على الصراع الخليجي الإيراني. لذا فمن الضروري لفهم ما يجري في الجنوب السوري قراءة الموقف الأردني وتحولاته في ظل الظروف الإقليمية والداخلية التي يعيشها الأردن، والتي تشكل الدوافع وراء قبوله بعودة قوات النظام السوري إلى حدوده.

وعليه تحاول هذه الورقة قراءة تطور الموقف الأردني وتحولاته من الملف السوري بشكل عام والجبهة الجنوبية خاصة، في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية في المنطقة، والتي مثلت دوافع لصياغة مواقف جديدة للمملكة الهاشمية، وذلك سعياً لاستشراف أثر تلك التحولات على مستقبل المنطقة الجنوبية من سورية وفاعليها المحليين (معارضة، نظام)، وسط تعقيد مصالح اللاعبين الدوليين والإقليمين فيها.

أولاً: الأردن والثورة السورية

لم تكن العلاقة بين المملكة الأردنية الهاشمية ونظام الأسد قبل انطلاق الثورة السورية جيدة على أكمل وجه، ويرجع ذلك لطبيعة الاصطفاف الإقليمي الناشئ بعد تعاظم الدور الإيراني في العراق عام 2004، حيث كانت عمان ضمن محور الاعتدال (مصر، الأردن، السعودية) مقابل ما أطلق عليه محور المقاومة (سورية، إيران، العراق)، والذي حذر على أثره الملك عبد الله الثاني من هلال شيعي يمتد من طهران إلى سواحل المتوسط، لتستمر العلاقة بين النظامين في السير على قدمي التبادل التجاري والمصالح الاقتصادية المشتركة وسط فتور سياسي بين البلدين. ومع اندلاع الثورة السورية 2011 مرت السياسة الأردنية تجاه الملف السوري بمحطات وتحولات مختلفة، ساهمت في صياغتها عدة متغيرات محلية وإقليمية ودولية، ويمكن إجمالها بخمس مراحل([1]):

المرحلة الأولى: المراقبة والحذر

مع اندلاع الثورة السورية في 15 آذار/مارس2011 سادت السياسة الأردنية حالة من الارتباك في التعاطي مع الحدث السوري، فكانت حذرة وأقرب للنأي بالنفس، واقتصر الدور الأردني خلالها على استقبال اللاجئين والجنود المنشقين وتمرير بعض الرسائل التي تنتقد نظام الأسد عبر مقابلات الملك عبد الله الثاني مع الإعلام الغربي. ويعود هذا الحذر الأردني لمجموعة أسباب أبرزها؛ سياسة الأردن الاحتوائية لارتدادات موجة الربيع العربي، بالإضافة للموقف الدولي المتردد والذي لم يبدِ أي حسم تجاه دمشق قبل التصعيد الأمريكي السعودي في آب/ أغسطس 2011، إضافة لما طرأ من انقسامات في تلك الفترة بين المؤسسة السياسية والأمنية الأردنية حول الرهان على بقاء الأسد في السلطة ونجاح الثورة السورية.

المرحلة الثانية: الاعتراف بالمعارضة

في العام 2012 بدت السياسة الأردنية أكثر تقدماً، وتجلى ذلك بدايةً في استقبال المؤسسة الأمنية الأردنية لوفد من الإخوان المسلمين السوريين، في يناير 2012، بعد قطيعة دامت 12 عاماً، وبعدها بأشهر استضافت رئيس الوزراء السوري المنشق، رياض حجاب. ثم انتقلت عمان لترجمة مواقفها السياسية إلى تحركات دبلوماسية ضمن الحراك العربي الرسمي سعياً لتحسين ظروف المعارضة السورية؛ وذلك باعترافها بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ممثلاً شرعياً للشعب السوري في بداية عام 2013، ثم التصويت في قمة الدوحة على نزع مقعد الجامعة العربية من النظام السوري. حيث بدا في تلك المرحلة التوافق الأمني السياسي أكثر ترابطاً وأكثر حسماً تجاه نظام الأسد.

المرحلة الثالثة: البحث عن تحالفات دولية

على الرغم مما بدا حسماً للموقف الأردني خلال العام 2013 ورهاناً على رحيل الأسد، إلا أن سياسة المملكة أدخلت بعداً إضافياً في حساباتها تجاه سورية، فبالإضافة لمعالجة مشكلة الأسد أخذت عمّان تراقب تطور أعمال قوى الثورة وما بدأت تفرزه من تفاعلات عسكرية على حدودها واحتمالية ارتداداتها عليها. فانتقل الأردن بسياسته خلال هذه الفترة إلى مرحلة التدخل غير المباشر، فكان أن اتبع سياسة ضبط المعارك بما يحافظ على أمن حدوده وذلك عبر التنسيق مع بعض الفصائل وتدريب ودعم بعضها الآخر. ثم دخلت المملكة بداية العام 2014 بحلف "الستين" الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإرهاب، لتشارك في نهاية العام بما يسمى غرفة تنسيق عمليات "الموك" والتي تأسست في أكتوبر 2014 لمتابعة معارك الجبهة الجنوبية، وضمن تلك الفترة استطاعت الغرفة ضبط بعض المعارك ودعم أخرى بطريقة نوعية أحدثت تقدماً كبيراً على حساب قوات النظام وحفظت إلى حد ما المصالح الأردنية، والتي بدت أكثر جرأة خلال تلك الفترة من خلال السعي للسيطرة غير المباشرة على المعابر الحدودية والتي استطاع من خلالها الأردن تعديل الوضع الاقتصادي الداخلي عبر تأمين المحاصيل الزراعية القادمة من سهل حوران (مناطق المعارضة)، إضافة لضبط الحدود.

المرحلة الرابعة: البحث عن نفوذ

خلال المرحلة السابقة لعب الأردن دوراً مهماً في إدارة الجبهة الجنوبية من سورية مستغلاً خلافات الفاعلين الإقليمين والإدارة التنافسية للملف السوري بين (تركيا، قطر، السعودية). ومع حلول العام 2015 بدأت تلوح في الأفق ملامح تنسيق إقليمي مشترك بين تلك الدول، لتنعكس إحدى نتائج هذا التقارب على الأرض السورية بشكل غير مباشر بتشكيل جيش الفتح في آذار/ مارس من نفس العام، بينما ميدانياً زادت فاعلية جبهة النصرة على حدود الأردن الجنوبية، إضافة إلى تمدد خطر تنظيم الدولة على حدوده الشرقية من جهة العراق، خصوصاً بعد أن أوصل التنظيم للأردن رسالة واضحة بتفجير معبر "طريبيل" على الحدود الأردنية العراقية في 25 نيسان 2015. 

بدأ الأردن خلال هذه المرحلة بالبحث عن فاعلية أكبر في الجنوب السوري، وأمام تلك المتغيرات المتسارعة والتفاعلات الإقليمية والدولية وانعكاساتها التي لم تعد تقتصر على أمن المملكة، وإنما ستطال حدود إسرائيل التي تنسق مع الأردن أمنياً؛ كان الإعلان المفاجئ عن نية المملكة تسليح العشائر السنية في سورية والعراق، والذي أفضى إلى تشكيل "جيش أحرار العشائر" في سورية المدعوم من غرفة "الموك"، حيث تنحصر مهمته في حماية الحدود السورية/اﻷردنية شرقي محافظة السويداء على امتداد الشريط الحدودي، دون محاربة النظام السوري([2]).

المرحلة الخامسة: النكوص

يمكن من خلال استعراض مراحل الدور الأردني في الملف السوري؛ اعتبار هذا الدور متفاعلاً مع التطورات الميدانية والمواقف الإقليمية الدولية، وليس فاعلاً بذاته. فمع تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا، وتزايد أعداد اللاجئين اقترح الأردن إقامة منطقة آمنة على حدوده على غرار المقترح التركي، ولكن المقترح الأردني لم يلق آذاناً صاغية دولياً، الأمر الذي دفع الأردن إلى إغلاق حدوده مع سورية لوقف تدفق اللاجئين؛ لتتشكل بذلك مناطق عازلة على الحدود الأردنية السورية تتمثل بمخيم الركبان (70 ألف لاجئ) والحدلات (10 آلاف لاجئ). ثم ومع تغير المواقف الدولية والإقليمية اتجاه نظام الأسد بعد التدخل الروسي وتغير موازين القوة على الأرض لصالح النظام؛ بدأ الموقف الأردني بالمقابل باتخاذ "منحى إيجابي" اتجاه نظام الأسد، على حد تعبير الناطق باسم الحكومة الأردنية ورئيس الأركان الأردني، واللذان أرسلا رسائل ودية عبر تصريحات إعلامية لنظام الأسد الذي قابلها برسائل مماثلة على لسان بثينة شعبان، حيث تسربت معلومات عن وساطة روسية بطلب أردني لفتح قنوات للتواصل والتنسيق الأمني مع النظام السوري، وهو ما حدث فعلاً حيث زار الأردن عدة وفود أمنية سورية، إضافة إلى الدور الأردني في إنجاح مسار أستانة والوساطة بين الولايات المتحدة وروسيا للوصول إلى اتفاق خفض التصعيد في الجبهة الجنوبية، ثم حل جيش "أحرار العشائر" وتسليم عدد من المخافر الحدودية لنظام الأسد؛ لينتقل في العام 2018 التنسيق الأمني مع النظام إلى بوادر انفتاح اقتصادي عبر زيارة وفد من غرفة صناعة الأردن لدمشق.

 كل تلك المؤشرات تدل على تحول واضح في الموقف الأردني تجاه النظام السوري، وأن العلاقات الأردنية مع النظام قد تجاوزت مرحلة كسر الجليد باتجاه العودة تدريجياً، وهو ما يترتب عليه بالضرورة تصفية وضع الجبهة الجنوبية، الأمر الذي يصب في مصلحة الطرفين لناحية تأمين الحدود وإعادة فتح المعابر بالنسبة للأردن، وتوسيع سيطرة النظام على مساحات جديدة من الأرض واستعادة علاقاته مع الدول العربية كمقدمة لتعويمه. ليبقى السؤال حول دوافع هذا التحول وأثره على الأردن والمنطقة الجنوبية من سورية.

ثانياً: دوافع التحول (خيار أم اضطرار؟)

يتشكل الموقف الأردني من الثورة السورية بجملة محددات، منها ما هو داخلي كالمحددات الأمنية والاقتصادية، ومنها ما هو خارجي يتجاوز سورية إلى الوضع الإقليمي وتعقيداته التي تلقي بظلالها على الأردن، وبخاصة فيما يتعلق بالأزمة الخليجية وتشكل محاور جديدة في المنطقة، وما حملته تلك التحولات من تغيرات في المواقف الإقليمية والدولية اتجاه نظام الأسد، الأمر الذي يضع الأردن في قلب العاصفة و يدفعه باتجاه محاولة اتخاذ موقف حيادي من جميع الملفات التي قد تمس أمنه القومي وعلى رأسها الأزمة السورية بشقيها الداخلي (معارضة ونظام) والإقليمي (إيران والخليج)، وأبعد من ذلك إلى بعدها الدولي (الولايات المتحدة وروسيا) مدفوعاً بالمحددات التالية:

محددات أمنية

لا يقتصر أثر الحرب الدائرة في سورية منذ سبع سنوات على ملف اللاجئين فقط، بل تعداه إلى تهديدات أمنية متعددة تطورت تبعاً لتطور مراحل الصراع والأطراف المنخرطة فيه، الأمر الذي جعل الأردن ينخرط بشكل مباشر في الصراع السوري عبر الدعم اللوجستي لفصائل الجبهة الجنوبية، بالإضافة إلى تحوله لقاعدة لوجستية لعمليات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بقيادة الولايات المتحدة، حيث كان الأردن من أوائل الدول المنضوية في التحالف. بالمقابل ساهم هذا الانخراط الأردني في الصراع السوري بنقل التهديدات الأمنية من الحدود إلى الداخل الأردني؛ إذ شهد الأردن عدة عمليات إرهابية كان أبرزها([3]):  

  • هجوم الكرك في 18 ديسمبر 2016:حيث هاجم مسلحون، بعض مواقع التمركز الأمني في محافظة الكرك، جنوبي البلاد، ثم تحصنوا داخل قلعة الكرك التاريخية، وتبادلوا إطلاق النار مع قوات الأمن التي هرعت إلى المكان، مما أسفر عن سقوط 10 قتلى بينهم 7 رجال أمن وسائحة كندية وإصابة 28 آخرين.
  • هجوم البقعة في 6 يونيو 2016: حيث هاجم مسلح مركزاً للمخابرات الأردنية قرب مخيم البقعة شمال عمان، وأوقع الهجوم 5 قتلى من عناصر المخابرات.
  • هجوم مخيم الركبان في 21يونيو 2016: حيث وقع انفجار بالقرب من مخيم الركبان للاجئين السوريين قرب الحدود الأردنية، أسفر عن مقتل 6 عسكريين أردنيين.
  • خلية إربد في 2مارس 2016: حيث قتل ضابط أردني و7 متطرفين في تبادل لإطلاق النار بمدينة إربد شمالي الأردن، فيما أطلق عليها "خلية إربد".

أما على مستوى الحدود السورية، فيواجه الأردن خطراً أمنياً مزدوجاً يتمثل بــــــ:

  • تنظيم الدولة: حيث يسيطر "جيش خالد بن الوليد" التابع لتنظيم الدولة، والذي أُعلن عن ولادته في مايو/أيار 2016، عبر اتحاد ثلاث فصائل إسلامية: (لواء شهداء اليرموك، جيش الجهاد، حركة المثنى الإسلامية)، على منطقة وادي اليرموك في ريف محافظة درعا، الأمر الذي يخلق تهديداً أمنياً للأردن من ناحيتين رئيسيتين: أولهما: تتعلق بقدرة التنظيم على توجيه هجمات ضد قوات حرس الحدود الأردنية باتباع أسلوب الكرِّ والفرِّ، وهو ما يفرض نمطاً من معارك الاستنزاف التي يمكن أن تثقل كاهل الجيوش النظامية. وثانيهما: إمكانية أن تشكِّل هذه البؤر مراكز جذب لعناصر جديدة من تنظيم الدولة خصوصاً من المناطق التي يفقد السيطرة عليها في العراق وسوريا. وفي ظل العدد الكبير من الأردنيين الملتحقين بصفوف تنظيم الدولة (يصل العدد إلى 2500 تقريباً)، والذين قد يفضلون الانتقال إلى مراكز قريبة من الحدود الأردنية لتسهيل عملية التسلل وتنفيذ عمليات بالعمق الأردني([4]).
  • المليشيات الشيعية: لطالما كان التمدد الإيراني في المنطقة أحد أبرز الهواجس الأردنية، حيث كان الملك عبد الله أول من حذر مما يسمى "الهلال الشيعي" في العام 2004 بعد سقوط النظام العراقي، لذلك يشكل انتشار المليشيات الإيرانية في البادية السورية بحجة حرب تنظيم الدولة، إضافة لوجودها على الحدود الأردنية في العراق بذات الحجة تهديداً للأمن القومي الأردني، خصوصاً مع محاولات إيران التمدد داخل الجنوب السوري (درعا، القنيطرة) بهدف إقامة قواعد دائمة على غرار الجنوب اللبناني.

محددات اقتصادية

تعتبر الاحتجاجات ذات المنشأ الاقتصادي التي يشهدها الأردن اليوم انعكاساً للضغوط الاقتصادية التي تعيشها المملكة الهاشمية، حيث يقاسي الأردن أزمة اقتصادية مزمنة تعود بدايتها للعام 1988 ولا تزال آثارها بارزة حتى الآن([5]). وازدادت وتيرتها مع الأعباء التي زادت عليه مع انطلاق موجة الربيع العربي، مروراً بالأحداث الإقليمية والدولية التي انعكست عليه بشكل سلبي. فالاقتصاد الأردني يعتمد فقط على قطاع الخدمات والتجارة والسياحة، وبعض الصناعات الاستخراجية كالأسمدة والأدوية والفوسفات والبوتاس؛ وهذا يجعل حجم الصادرات الأردنية قليلاً جداً مقارنة بحجم ما يُستورد من الخارج من سلع وخدمات. كما يعاني الاقتصاد الأردني من عجز بالميزانية العامة يتم تمويله عبر الدين العام الداخلي والخارجي والذي بلغ 86.2 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2015، ونسب بطالة مرتفعة تجاوزت الـ 13%([6]).

وفي ظل تلك الأوضاع الاقتصادية المتردية، رتبت الأزمة السورية أعباءً إضافية على الاقتصاد الأردني، بالإضافة إلى الظروف الإقليمية والصراع الخليجي الذي ألقى بظلاله على الاقتصاد الأردني، فبالنسبة للأزمة السورية: كان أبرز انعكاساتها الاقتصادية متعلقاً بملف اللاجئين السوريين في الأردن، حيث يبلغ عددهم 1.3 مليون لاجئ وتبلغ كلفة استضافتهم، بحسب الحكومة الأردنية، 6 مليار دولار عن الفترة (2011- 2015)، في حين تبلغ التكلفة التقديرية لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية للأعوام (2016 -2018) بنحو 7.9 مليار دولار لم يتلق الأردن منها إلا حوالي 30% كمساعدات دولية. كما أن إغلاق المعابر الحدودية مع سورية أوقف حركة التجارة البينية والتي تقدر بـ 600 مليون دولار، إضافة إلى تأثر الصادرات والواردات الأردنية والتي كانت تعتمد على ميناء اللاذقية.

أما بالنسبة للأزمة الخليجية وانعكاساتها على الاقتصاد الأردني: فقد تمثلت بتأثر حجم المساعدات التي يتلقها الأردن من دول مجلس التعاون الخليجي، بجانب انخفاض حجم الاستثمارات الخليجية في الأردن، إضافة إلى تلقي قطاع الزراعة الأردني لوحده خسائر تقدر بـ 15 مليون دولار نتيجة توقف الصادرات إلى قطر، والتي تستحوذ على نسبة 11% من الصادرات الأردنية([7]). كما أسهم تحسن العلاقات السعودية العراقية وإعادة افتتاح معبر عرعر بين البلدين بخسائر إضافية للاقتصاد الأردني.

محددات سياسية

يمكن القول بأن الأردن اليوم يعيش أصعب اللحظات السياسية في تاريخه، فهو مُحاط بأزمات معقدة من أركانه الأربعة تنخرط فيها قوى إقليمية ودولية، وتهدد أمن المنطقة برمتها فكيف بالأردن؛ فعلى حدوده الشمالية والشرقية مع سورية والعراق يظهر خطر المليشيات الإيرانية وبقايا تنظيم الدولة "داعش"، إضافة إلى تعدد الأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة في الصراع السوري وعلى رأسها روسيا وتركيا، وما لذلك التداخل الإقليمي المصلحي من أثر على توجهات السياسة الأردنية، وبخاصة اتجاه حلفائه التقليديين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

كما يواجه الأردن على حدوده الجنوبية الأزمة الخليجية وتداعياتها الاقتصادية والسياسية المتعلقة بانقسام المنطقة إلى محاور لم يعد من الممكن انتهاج الحياد كسياسة حيالها، حيث تنخرط المحاور الجديدة في المنطقة بكل ملفاتها الشائكة وفق أجندات متناقضة تجعل الموقف الأردني سياسياً بغاية التعقيد، وبالتحديد حيال ما يجري على حدوده الغربية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل فيما يخص قرار الولايات المتحدة بنقل سفارتها إلى القدس؛ إذ يقف الأردن اليوم وحيداً تقريباً مع القيادة الفلسطينية في وجه نقل السفارة الأمريكية وما يُشاع حول "صفقة القرن" التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وما قد يستتبع ذلك من ارتدادات قد تصل لمس البنية الديموغرافية للأردن، إضافة لما يحمله القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل من فقدان الأردن حق الإشراف على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، الأمر الذي يُفقد النظام الأردني جزء من شرعيته الدينية في الحكم، وفي هذا الإطار تسعى الديبلوماسية الأردنية إلى عدم التورط المباشر في صراعات المحاور الإقليمية، ولعب دور حيادي قدر الإمكان بُغية حشد الدعم الإقليمي في صراعها ضد القرار الأمريكي، خصوصاً في ظل ما يبدو أنه رضا مصري سعودي إماراتي عن القرار، ومحاولات للضغط على الأردن لتغيير مواقفه عبر وقف المساعدات المالية الخليجية، وضغوط صندوق النقد الدولي وشروطه التعجيزية لمنح القروض للأردن، مما حدى بالأردن للتوجه نحو محور قطر تركيا ومن خلفهم إيران وروسيا لمواجهة الأزمات المحيطة به من جهاته الأربع، وذلك في إطار سياسة اللعب على المحاور، والتي على ما يبدو قد آتت أُكلها في مؤتمر مكة الأخير، الذي دعت إليه المملكة العربية السعودية  لإنقاذ الأردن من أزمته الاقتصادية.

خلاصات: (مواقف جديدة)

من خلال قراءة تطورات السياسة الأردنية ومحدداتها في ظل المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، يُمكن الوصول إلى عدة نتائج بخصوص طبيعة الموقف الأردني وتحولاته تجاه أزمات المنطقة بشكل عام، وبخصوص الملف السوري والجبهة الجنوبية بشكل خاص، وفقاً لما يلي:

  1. الحياد والنأي بالنفس: ليس من السهل أن تواجه دولة صغيرة تعتاش على المساعدات مثل الأردن كل تلك الأزمات على حدودها، والتي تشهد انقسامات وصراعات محاور إقليمية ودولية تلقي بظلالها على الداخل الأردني بشكل أزمات أمنية اقتصادية، وفي ظل تلك الظروف المحيطة بالأردن، تبدو مبررة سياسته الساعية إلى النأي بنفسه أو الحياد عن التورط المباشر في صراع المحاور، وتجنب التحول إلى رأس حربة في مواجهة التمدد الإيراني في سورية دفاعاً عن الخليج، وهو الدور الذي يريده بعض حلفائه له؛ لذا فإن سحب الأردن لسفيره في طهران بعد أيام من مؤتمر مكة لا يعتبر تورطاً أردنياً في المواجهة الخليجية الإيرانية، بقدر ما يبدو أنه تجزئة لملف العلاقة مع طهران إلى جانب أمني يستمر التنسيق فيه على الحدود العراقية والسورية، وجانب ديبلوماسي يُمكن تعطيله بشكل يضمن للأردن استمرار الدعم الاقتصادي الخليجي ولا يؤثر على التنسيق الأمني مع طهران، كما يمكن فهم هذا التصرف الأردني بشكل رسالة لباقي المحاور في المنطقة بعودته إلى المحور السعودي وتصفية الخلافات التي اعترت العلاقة بين الطرفين، خصوصاً أن سحب السفير الأردني من طهران قد سبقه إلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا.
  2. الوساطة في الجنوب: تشكل المنطقة الجنوبية في سورية اليوم، نقطة تتشابك فيها مصالح لأطراف إقليمية (إيران، إسرائيل) وأطراف دولية (الولايات المتحدة، روسيا)، فيما يغيب دور الأطراف المحلية (المعارضة والنظام) ويظهر دور الأردن بشكل كبير في تحديد مصير المنطقة الجنوبية عبر دور الوسيط بين الولايات المتحدة وروسيا (قناة منع التصادم) من جهة، وبين إيران وإسرائيل بشكل سري من جهة أخرى، وفقاً لما رشح من تسريبات حول لقاء غير مباشر بين وفدين إسرائيلي وإيراني في عمان([8])، ويمكن ترجيح حدوث هذا اللقاء ودور الأردن كوسيط بين الطرفين من خلال 1- تصريحات السفير الإيراني في عمّان حول عدم نية بلاده المشاركة في أي عمل عسكري في الجنوب السوري، ونفي أي وجود إيراني هناك([9])، حيث يؤكد صدور رسائل التطمين الإيرانية لإسرائيل من عمّان واستخدام وسيلة إعلام أردنية( صحيفة الغد) إلى أهمية الدور الأردني في الوساطة بين الطرفين، 2- انخفاض وتيرة الضربات الإسرائيلية للمواقع الإيرانية في سورية قياساً بالفترة الماضية، وقد يُشير ذلك إلى حدوث تفاهم بين الطرفين يقتضي انسحاب إيران من الجنوب السوري مقابل وقف أو تخفيف الضربات الإسرائيلية.
  3. تقاطع المصالح: من المرجح أن تنجح الوساطة الأردنية بين الأطراف الإقليمية والدولية بإطارها العام في تجنيب المنطقة الجنوبية من سورية معركة كبرى وشاملة، ولكن قد تبقى تفصيلات عالقة حول سلاح الفصائل وحرب تنظيم الدولة وتفكيك قاعدة التنف، وبموجب ذلك؛ يتحقق المطلب الأردني الإسرائيلي في إبعاد مليشيات إيران عن حدودهما، وتجنب الأعباء التي قد تترتب على اندلاع معركة كبرى في الجنوب السوري، وفي المقابل يُمثل هذا الاتفاق لطهران خطوة تكتيكية لإعادة ترتيب أوراقها في سوريا، وصياغة استراتيجية جديدة في ظل الموقف الأمريكي المتشدد منها والضربات الإسرائيلية المكثفة لمواقعها، أما بالنسبة للولايات المتحدة فهي لن تمانع أي اتفاق يرضي حلفاءها (إسرائيل والأردن) ويحقق أمن حدودهما في ظل غياب استراتيجية أمريكية واضحة في سورية ونيتها عدم التورط في مواجهة مباشرة مع موسكو، والتي يبدو أنها الرابح الوحيد في هذا الاتفاق الذي يعطيها مكسباً جديداً دون تكلفة باهظة على مستوى الأرض السورية، ونصراً سياسياً على واشنطن الداعمة لفصائل المنطقة الجنوبية، حيث يمثل هذا الاتفاق، في حال إنجازه، فصلاً جديداً من فصول نجاح الاستراتيجية الروسية في تحقيق مكاسب شبه مجانية عبر اللعب على المصالح المتناقضة والمتضاربة للأطراف المنخرطة في الصراع السوري.
  4. إعادة ترتيب الأولويات: تُشكل الوساطة الأردنية لإيجاد حلول سلمية مرضية لجميع الأطراف في المنطقة الجنوبية فرصة للأردن لتأمين حدوده الشمالية والشرقية مع سورية والعراق من خلال تحسن علاقاته مع محور إيران، الأمر الذي يتيح له الالتفات إلى قضية القدس الأهم في أولوياته الخارجية، بالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية الناجمة عن إعادة فتح المعابر مع سورية، والمشاركة في عملية إعادة إعمارها، حيث تعتبر سورية من أكبر المستوردين للإسمنت الأردني قبل الأزمة، الأمر الذي سيساهم في التخفيف من أزمة الأردن الاقتصادية.
  5. مسك العصا من المنتصف: على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الأردن، والأزمة الداخلية المتمثلة في الاحتجاجات الشعبية؛ إلا أن حكمة السياسة الأردنية في تطويق أزمتها الداخلية لا يقل حكمة عن سياستها الخارجية، والتي استثمرت الأزمات المحيطة بها وأتقنت اللعب على المحاور المتصارعة الثلاثة -(محور "الممانعة"، محور قطر تركيا، محور السعودية الإمارات)- في المنطقة، حيث أصبح الأردن اليوم "بيضة القبان" بالنسبة لكل من المحاور بحكم موقعه الحدودي مع أزمات سورية والعراق وفلسطين، ودوره كبوابة للحلول السلمية لتلك الأزمات عبر الوساطات التي تتيحها سياسته الحيادية مع الأطراف المتصارعة في تلك الأزمات، وبتلك السياسة يكون الأردن قد ضمن حماية أمن حدوده بفتح قنوات للتواصل مع طهران والنظام السوري، وانضم على المستوى الاقتصادي إلى قائمة الدول المستفيدة من الأزمة الخليجية عبر سياسة مسك العصا من المنتصف حيالها، وهو ما يثبته مؤتمر مكة لدعم الأردن وإنقاذه من أزمته الاقتصادية، وما تبعه بعد أسبوع من استقبال عمان لوفد قطري برئاسة وزير الخارجية، كما أنه ضمن عدم تهميشه على المستوى السياسي فيما يخص ملف العلاقات الأمريكية الخليجية من جهة، وملف القدس وصفقة القرن من جهة أخرى، وهو ما سبب حالة الجفاء مع محور الإمارات السعودية منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض.

خاتمة

لا يمكن في ظل مواقف الداعمين لفصائل المنطقة الجنوبية اليوم التنبؤ لها بمصير أفضل مما آلت إليه سابقاتها من المناطق السورية، والتي استحوذ عليها النظام بالدعم الروسي، سواء كان بالعمليات العسكرية أو بالتسويات؛ إلا أن الجنوب اليوم يمكنه تجنب عمل عسكري وحشي وشامل على غرار ما حدث في أحياء حلب الشرقية والغوطة، وذلك بحكم موقعه الحدودي مع الأردن وإسرائيل، وما يمكن أن يرتبه مثل هذا العمل العسكري من أعباء كبرى على البلدين وعلى رأسها موجة لاجئين كبرى باتجاه الأردن؛ ولذا فمن المرجح أن يتم تصفية الوجود العسكري للمعارضة في الجبهة الجنوبية وفق تسوية تتمثل خطوطها العريضة في انتشار النظام على حدود الأردن وإسرائيل وسيطرته على المعابر الحدودية مع الأردن مع بقاء من يرغب من فصائل المعرضة كشرطة محلية لحفظ الأمن داخل البلدات ضمن احتمالية تسليم سلاحها الثقيل، ولكن يبدو أن الطرفين الخاسرين في هذه الصفقة (إيران وفصائل المعارضة السورية) لايزال لديهما رغبة في تخفيف الخسارة بعد تحسين شروط التفاوض على تفاصيل الاتفاق، وتلك الرغبة تفسر تلكؤ إيران في سحب ميليشياتها من الجنوب السوري وما يرافقها من تحركات عسكرية محدودة، في محاولة للضغط على الأطراف الرئيسية للاتفاق (الولايات المتحدة والأردن) لتحسين شروط التفاوض بالنسبة للانسحاب الإيراني من مناطق الجنوب السوري، مقابل الضغط على (روسيا) للتفاوض على تواجدها في مناطق أخرى كـ "القصير" في ريف حمص، وكذلك الأمر بالنسبة لفصائل المعارضة التي أعلنت نيتها خوض المعركة مع النظام، فيما يبدو أنه رغبة بالضغط على الضامنين لاتفاق خفض التصعيد وبخاصة الأردن بعد رفع الولايات المتحدة غطاء الحماية عنها، وذلك لتحسين شروط أي تسوية محتملة.

ما يحدث اليوم في الجبهة الجنوبية السورية، وما حصل سابقاً لباقي الجبهات، يُمكن اعتباره حاصل جمع الأخطاء التي تراكمت على مدار الأعوام السبعة للثورة بشقيها السياسي والعسكري، والتي أدت إلى ارتهان قرار المعارضة للداعمين وتغير مواقف هؤلاء الداعمين باتجاه مرونة أكبر فيما يخص بقاء الأسد في الحكم، وفي هذا الإطار يمكن فهم الموقف الأردني، والذي طاله ما طال غيره من مواقف الداعمين للثورة السورية كالموقف الفرنسي والسعودي والتركي.


([1])ساشا العلو، المشروع الهاشمي في انتماءات ما قبل الدولة، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 1/9/2015، متوافر على الرابط التالي: https://goo.gl/QfCiLn

([2]): انسحاب "جيش أحرار العشائر": تنسيق بين النظام والأردن؟، موقع جريدة المدن، 14/8/2017، متوافر على الرابط: http://cutt.us/rUpog

([3]  تحول الموقف الأردني حيال سوريا.. لماذا الآن؟، موقع نون بوست، 7/2/2017، متوافر على الرابط: http://cutt.us/QUVD0

([4]) نبيل عودة، الدور الأردني في سوريا: المناطق الآمنة ومستقبل الأزمة، مركز الجزيرة للدراسات، 15/6/2017، متوافر على الرابط: http://cutt.us/0I1EW

([5]) مالك الخصاونة، الاقتصاد الأردني: اختلالات وتحديات، مركز الجزيرة للدراسات، 9/2/2017، متوافر على الرابط: http://cutt.us/3yvau

([6]) المرجع السابق.

([7]) بالأرقام .. شاهد كيف تضرر الاردن اقتصادياً من الأزمة الخليجية ومقاطعة قطر، موقع سرايا نيوز، 22/8/2017، متوافر على الرابط: http://cutt.us/6xEEC

([8]) ادعاءات حول عقد لقاء إيراني – إسرائيلي سري في عمّان، موقع TRT عربي، 28/5/2018، متوافر على الرابط: http://cutt.us/h6Baz

([9]) السفير الإيراني: إيران لم تشارك في أية عمليات عسكرية جنوبي سوريا، موقع قناة العالم، 23/5/2018، متوافر على الرابط: http://cutt.us/XdFZw

ملخص تنفيذي

  • رافق مشروع الإدارة الذاتية مجموعة من الاشكاليات بدايةً من المحاولات المضنية من قبلها في الحصول على تقبلٍ مجتمعي واعتراف سياسي بمشروعها من قبل أي طرفٍ من الأطراف المنخرطة في النزاع في سورية. وبالرغم من نجاح الجناح العسكري للإدارة الذاتية والمتمثل "بوحدات حماية الشعب YPG" في موضوع محاربة "تنظيم الدولة" والتحول إلى شريك محلي أول لقوات التحالف الدولي، إلا أن هذه الشراكة لم تمنحه لا اعترافاً سياسياً ولا تحصيناً للإدارة من قبل من يرون في مشروعها خطراً كتركيا عبر عملية "غصن الزيتون"، أو تجاوزاً لهيكل الدول والمتمثل بنظام دمشق عبر التهديدات المستمرة بشن حربٍ على مناطق سيطرة "قسد" والدفع لإحداث مظاهرات وتحركات احتجاجية لتواجدها في عدة مناطق؛ الرقة، منبج، والحسكة.
  • لم تتمكن الإدارة الذاتية من دفع المجتمعات الواقعة تحت سيطرتها سواءً العربية أو الكُردية لاستساغة مشروعها بناءً على عدة عوامل منها غياب الوضوح في مفهوم الهوية لدى الإدارة الذاتية فهي من جهة " كردية عند اللزوم"، ومن جهة أخرى هي " تطبيقٌ لنظرية أممية" تتجاوز حدود القوميات والأديان. ويظهر هذا في عقدها الاجتماعي المفروض من جهةٍ واحدة، فعلى الرغم من احتوائه على نقاطٍ يمكن اعتبارها مطلباً سورية عاماً خاصة بعد سنين طويلة من الاقتتال والدماء، كطرح الحكم الذاتي والتقليل من سيطرة المركز، إلا أنه يتعرض في تفاصيله لمجموعة من القضايا المتمثلة بتجاوز سلطة الدولة بدرجةٍ عالية، ويُعيد هيكلة قوانين مجتمعية مبنية على ثقافةٍ ممتدة في التاريخ والاعتقاد بالنسبة لمنتسبيها.
  • ساهمت صعوبة تطبيق العقد الاجتماعي ومشروعه السياسي على مناطق مختلفةٍ في تنوعها البشري العرقي والثقافي والديني، في حدوث عدة اشتباكات وخلافات ضمن تحالف قسد خلال فترات متعددة([1]). كما لم يستطع حزب الاتحاد الديمقراطي إقناع القاعدة الشعبية "الكُردية" بمشروعه، فبالرغم من القبضة الأمنية للإدارة حدثت مظاهراتٌ عدة من قبل أحزاب المجلس الوطني الكُردي رفضاً لمشاريع متعددة كمشروع فرض اللغة الكُردية لوحدها على المدارس في المناطق ذات الغالبية الكُردية، وظهر جزءُ كبير من هذه الخلافات نتيجة تبني الإدارة الذاتية لنظرية "الأمة الديمقراطية" العائدة لزعيم حزب العمال الكُردستاني المعتقل في تركيا. ويهدف هذا المفهوم من الناحية التطبيقية لإنفاذ مبدأ "كونفدرالية الشعوب" عبر تقويض السلطة المركزية للدولة القومية المستبدة التي تستمد سبل استمرارها وشرعيتها من القوى الخارجية. وفيما يخص كردستان فتحريرها يمر عبر تحرير الشعب الكُردي، فالمادة لا تولد الحرية وإنما الوعي والفكر الثوري كأساس المجتمع الحر" على حد زعمهم.
  • وفيما يتعلق بإدارة الموارد المتاحة للإدارة فيكتسب واقع حكمها المزيد من التعقيد في ظل غياب الشفافية فيما يتعلق بالعديد من آليات إدارتها للموارد والنفقات المتعلقة بمؤسساتها، ويتم إدارة الموارد عبر "الهيئة التنفيذية" للمقاطعات وهي بمثابة هيئة حكومية بوزارات "سيادية" والتي بالرغم من شبه الاستقرار في مناطق واسعة من سيطرة الإدارة الذاتية خلال فتراتٍ طويلة إلا أنها لم تحقق مستوى يقارب كمية الموارد المتدفقة للإدارة. وتعاني هيئات الإدارة من نقص في الكادر المختص والعمل الفعلي. من جهة أخرى يمكن تتبع نشاطٍ ملحوظ للإدارة في مجال تعبيد الطرق في محافظة الحسكة، وعملية ضبط الأسواق والمواد المستوردة عبر منع بيع المواد الاستهلاكية الفاسدة.
  • وبالرغم من المؤشرات التي تشكل نموذجاً حوكمياً فاعلاً إلا أنه لا يزال يعتريه عدة إشكاليات وعلى رأسها: الشفافية والوضوح؛ غياب المؤشرات الاستراتيجية كالخطط والسياسات؛ تغييب المجتمع المدني والحد من فاعليته؛ قلة الخبرات البيروقراطية والتكنوقراطية.

مدخل

أفرزت أجواء الثورة السورية المناخات المناسبة لظهور فواعل ما دون الدولة على مجمل الخارطة السورية كان منها المشروع المنفذ من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي PYD ومظلته السياسية "حركة المجتمع الديمقراطي" والمتمثل بـ "الإدارة الذاتية الديمقراطية". وخلال الفترة الممتدة من منتصف عام 2012 إلى وقتنا هذا حاول حزب الاتحاد الديمقراطي اللعب على عدة حبال (التيار الثالث أي لا الوقوف مع المعارضة ولا النظام) بهدف تثبيت مشروعه، الذي شهد عدة مراحل تميزت بشبه ثباتٍ إلى معركة كوباني / عين العرب كانون الثاني 2015، لترتفع أسهمه في السيطرة والتمكين حتى قيام تركيا بعملية "غصن الزيتون" التي أدت لفقدان الإدارة الذاتية لإحدى أهم أقاليمها والمتمثل بإقليم عفرين.

وظهر خلال حركية هذه الإدارة مجموعه من الإشكاليات على المستوى السياسي والقانوني والتنفيذي والإداري، ساهمت في عرقلة هذه الحركية وتشتت أطرها الحوكمية، وهذا ما سنستعرضه في هذه الورقة التحليلية

الإدارة الذاتية وثنائية الاعتراف والقبول

نشأت الإدارة الذاتية وبزغ نجم حزبها الرئيس "حزب الاتحاد الديمقراطي PYD" في واقع سياسي واجتماعي يبحث عن إسقاط شرعية نظام الأسد بكل تجلّياته. ولم تكفل ولادة الإدارة في ظروف الحرب التي شنتها وحدات الحزب على داعش حصولها على ضمانات كافية تمكّنها من الحفاظ على مكتسباتها السياسة. وعلى الرغم من قيام حزب الاتحاد بخطواتٍ متقدمة في سبيل تثبيت نفسه إلّا أن مشروعه لا يزال يعاني من غياب اعتراف شريحةٍ واسعة من الحاضنة الرئيسية له المتمثلة بـالكُرد أولاً، وثانياً من قبل "الأسد" الممثل الرسمي للدولة السورية، وأخيراُ المعارضة السورية المختلفة في تقييمها للإدارة الذاتية وفق معايير ذاتية وأخرى نتيجة تحالفاتها الإقليمية.

وإذ نحدد مصادر الشرعية في الحالة السورية بثلاثة عناصر: الشعب وفعّاليته الثقافية والسياسية، والنظام بسبب استمرار اعتراف المجتمع الدولي بتمثيله للدولة السورية، والمعارضة السورية بفضل اعتراف المجتمع الدولي بمؤسساته الائتلافية، فإن إشكالية شرعية حزب الاتحاد الديمقراطي ستستمر مالم يحصل على اعترف أحد هذه المصادر أو جميعها.

فعلى الصعيد المحلي "الكردي" ارتبطت مشروعية الإدارة الذاتية بعدة عوامل أهمها " الإنجاز الأمني" عبر النجاح في إبعاد شبح حرب المدن عن مناطقها، ولاحقاً النجاح في حرب مكافحة الإرهاب، وتأخير التدخل التركي الذي سيضر بمصالحها.  ولقد استطاعت الإدارة الذاتية استغلال هذا العامل بشكلٍ جيد سواءً في بناء سرديتها السياسية أو عبر استغلال مجريات القضية الكُردية في تركيا والعراق. فعلى سبيل المثال لا الحصر استغلّ الحزب معاركه مع الجيش التركي داخل المدن الكُردية التركية عام 2016 في تأجيج مشاعر الخوف لدى العامة من خلال بثّ تفاصيل تلك المعارك بشكل مباشر على قنوات الإدارة الذاتية الإعلامية. وبقي "الخطر الخارجي على الكُرد" مقاربة توظفها الإدارة الذاتية خلال سنيَ سيطرتها على شمال سورية أحد أهم أسس التغاضي الشعبي عن بقية ممارسات الإدارة.

وإذ نعيش آخر مراحل وجود "تنظيم الدولة" العسكري، ستنمو حاجة الإدارة الذاتية إلى تحصيل جزء من شرعيتها من المواطنين السوريين غير الكرد في المرحلة القادمة، خصوصاً بعد سيطرتها على مدينة الرقة وريف مدينة دير الزور. ولقد كشفت أحداث مدينة منبج مع تزايد دعوات الإضراب احتجاجاً على السيطرة الكُردية عليها حجم اختلال التوازن الأمني والدعم الشعبي، وكذلك تشهد محاولات اغتيال شخصيات من ضمن إدارتها المدنية والعسكرية بما فيها قوات التحالف الدولي مؤخراً على تدني عتبة التحمّل المحلي لممارسات الإدارة([2]). ويجدر الإحاطة بمحاولات النظام استغلال هذه المشاعر في إعادة تعويم نفسه شعبياً في مناطق شمال شرق الفرات، فلقد شجّع وموّل رجل الأعمال وعضو مجلس الشعب حسام قاطرجي تشكيل ما يسمى "المقاومة الشعبية في الرقة" بهدف استئصال ما أسماه الاحتلال الأمريكي، كما دعا هذا التشكيل "الخفي الغامض" إلى مظاهراتٍ شعبية في الرقة لدعم الأسد وللمطالبة بخروج قوات سورية الديموقراطية المتعاونة مع التحالف الدولي منها([3]).

وأمّا على الصعيد الدولي فلقد اجتهد حزب الاتحاد للحصول على اعتراف سياسي من ثلاثة جهات رئيسة: روسيا، والولايات المتحدة، وبعض دول الاتحاد الأوروبي. وفي حين يرتبط الحزب تاريخياً بموسكو كمستفيد من إرث علاقة حزب العمّال بالاتحاد السوفيتي، إلّا أنه سعى للتقرب بشكل أكبر من واشنطن وذلك لعدّة اعتبارات، أهمّها "إعاقة التدخل التركي"، فيما وصل تأزم علاقتهما لحد المواجهة العسكرية. ولقد بدأت علاقة الاتحاد بأمريكا عملياً بحصار كوباني وتطورت لاحقاً لشراكة محلية في مواجهة "تنظيم الدولة"، ونجحت وحدات الحماية الشعبية في إقناع البنتاغون في الاعتماد عليها حصراً من خلال تأقلمها السريع مع أهدافها الإقليمية أولاً، وبسبب إصرار فصائل المعارضة السورية على مواجهة النظام والتنظيم في آن واحد، الأمر الذي رفضته واشنطن باستمرار بدعوى عدم تشتيت جهودها في مكافحة الإرهاب.

أبدت وزارة الدفاع الأمريكية حماسة كبيرة للتعاون مع وحدات الحماية الشعبية ولكنّها عملت في المقابل على إخراج هذا التعاون قانونياً من خلال الضغط عليها ودفعها للاندماج بقوة جديدة سمَيت فيما بعد بقوات سورية الديموقراطية لتجاوز معضلة تصنيف حزب العمّال الكردستاني على لوائح الإرهاب الأمريكية. وبالفعل لا تشير أدبيات "قسد" إلى أي ارتباط أيديولوجي بحزب العمّال، ولا تضع أي عوائق أمام العرب وغير الكرد للانضمام إليها، بل شجّعت على التحاق كتائب عربية بعناصرها وعتادها بشكل كامل فيها لإظهار تنوعها العرقي والسياسي نزولاً عند الرغبة الأمريكية، إلا أن هذا التحالف والاندماجات اللاحقة لا تخرج عن أنه إطار شكلي، تحتفظ فيه الـ YPG بسيطرتها على كافة مراكز القرار والقوة داخل هذا الجسم الائتلافي.

وعلى رغم من المرونة العالية التي أبدتها قيادات الاتحاد في قنديل ومحلّياً في التجاوب مع المطالب الأمريكية، إلا أن علاقتها مع واشنطن اقتصرت على التعاون العسكري من خلال قسد والتحالف الدولي دون أن يترجم ذلك إلى أي اعتراف سياسي. بل على العكس يلحظ وجود سياسة أمريكية حثيثة على فك ارتباط القيادات المحلية للحزب مع قنديل، ولقد ظهر هذا التوجه جلّياً في تشجيعها لتشكل حزب سياسي جديد تحت اسم "سورية المستقبل" كقرين غير مؤدلج لقوات سورية الديموقراطية ودون وجود أي علاقة مباشر بحزب العمّال ومؤسساته داخل أدبياته.

دفع عدم اعتراف الإدارة الأمريكية سياسياً بالحزب لاحتفاظه بالقدر الأدنى من العلاقات الطيبة مع كل من طهران ودمشق، وعلى صيانة علاقته التاريخية مع موسكو. ولقد أدركت روسيا جيداً دوافع الاتحاد في استمرار التواصل معها على الرغم من تعاملها العسكري مع أمريكا، ولكن لم يمنعها ذلك من توظيف الحزب في تنفيذ أجندتها السياسية في سورية. فقبلت بتأسيس ممثلية له في موسكو وسعت في إشراكه ومؤسساته في المحافل الدولية ومفاوضات الحل السلمي، واستخدمت علاقتها المميزة مع الحزب في الضغط على تركيا تارةً وعلى أمريكا تارةً أخرى. ولقد اقترن هذا الاعتراف السياسي بممارسة أمنية بعد تدخلها العسكري المباشر في سورية، من خلال مساندة الوحدات في السيطرة على تل رفعت ومطار منغ وبلداتٍ أخرى في ريف حلب الشمالي، ومن خلال إرسال "قوات فصل" روسية إلى عفرين. ولكنّها أبدت في الأخير تفاعلاً أكبر مع أولويات أنقرة الأمنية خصوصاً في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون التي أتت ضمن ترتيبات مسار "الأستانة" ذو المهام الأمنية والعسكرية.

وفيما يتعلق بقنوات تواصل الحزب مع دول الاتحاد الأوربي، فقد أعلنت الإدارة خلال مناسباتٍ عدة افتتاح ممثليات في عدد من العواصم الأوربية في بروكسل، وإستكهولم وباريس وبرلين، ولكن دون الحصول على اعترافٍ رسمي بها من دول الاستضافة، واقتصر وجودها القانوني في مجملها بافتتاح هذه الممثليّات تحت رخص جمعيات. ويدير هذه المنظمات ممثلو حزب الاتحاد الديمقراطي PYD أنفسهم.

يدلل أعلاه ووفقاً لحركية الإدارة الذاتية عسكرياً وسياسياً على عدم نجاحها في تجاوز إشكاليات القبول المجتمعي والوطني والدولي، ولم تخرج محاولاتها مجتمعياً عن كونها تصدير لإطار شكلي أكثر مما هو مساحة محلية للتفاعل المجتمعي. أما على المستوى الوطني لا يزال طرفي الصراع "النظام والمعارضة" يرتبط مع الإدارة الذاتية بعلاقات عدائية حتى الآن. وأما على الصعيد الدولي فإن تغير السياقات السياسية وتأثيرها على العملية السياسية يجعل "التغيير سِمة رئيسية لسلوك الفاعلين"، وبهذا المعنى فإن أي اعتراف تحصلت عليه الإدارة الذاتية فهو مؤقت قابل للتغيير في أي لحظة.

عقدٌ اجتماعي في سياق سياسي وعسكري سائل

أعلنت مجموعة الأحزاب المنضوية ضمن حركة المجتمع الديمقراطي (TEV-DEM) وبعضٌ من الأحزاب المقربة لها عن تشكيل "الإدارة الذاتية الديمقراطية" في 21/01/2014([4])، بعد سلسلة طويلة من الاجتماعات وفشل محاولات تشكيل "مجلس غربي كُردستان" الذي تم التفاوض على إنشائه في أربيل([5]). وأعلنت عن عقد اجتماعي خاص بها ليقوم مقام الدستور قبل أن يتحول فيما بعد إلى حجر أساس "للعقد الاجتماعي للفيدرالية الديمقراطية لروج آفا – شمال سورية" الوليدة من مجلس سورية الديمقراطي المشكل بتاريخ 10/12/2015. وتم نشر مسودة العقد الاجتماعي للنظام الفدرالي بتاريخ 28/06/2016 بمدينة ديريك/ المالكية، فيما أقرّها "المجلس التأسيسي" في 29/12/2016 بعد تعديل اسم المشروع ليصبح الفيدرالية الديمقراطية للشمال السوري بعد إزالة وصف روج آفا منه. ومن خلال دراسة مستند "العقد الاجتماعي" يمكن التعرّف على إشكاليات عدة منها "أسئلة وإشكاليات الشرعية" سواء تلك المتعلقة بمستوى التمثيل السياسي لأهم الفعاليات والمكونات في مناطق الشمال السوري، أو تلك المرتبطة بغياب معايير القبول الشعبي، ناهيك عن عدم قبول "الحكومة المركزية السورية" أو أية حكومة أخرى لهذا العقد.

لم يتطرق العقد الاجتماعي لحدود فدرالية شمال سورية، حيث ورد في ديباجته "ومؤسسة على مفهوم جغرافي ولا مركزية سياسية وإدارية ضمن سورية الموحدة". ويعتري مفهوم اللامركزية السياسية الكثير من عدم الوضوح والضبابية ويلحظ من قراءته وجود خلط بين حقوق الكيانات ذات البنية الكونفدرالية والتي هي في حقيقة الأمر اتحاد دول، وبين الفدرالية وهي مصطلح فضفاض لا يمكن حصره بنموذج معين([6]).

منحت الإدارة الذاتية نفسها عبر دستورها الجديد صلاحيات الحكومة المركزية. فتُشير المادة 22 في العقد الاجتماعي لمبدأ يتنافى مع الحدود السيادية التي عرفتها لنفسها وتقول "أن لكافة الشعوب والمكونات والمجموعات الحق في تقرير مصيرها" (بالرغم من حقيقة قداسة حق تقرير المصير). وتُبين مواد العقد من رقم 54 حتى 84 هيكلية مؤسسات الحكم في "فدرالية شمال سورية" والتي تبدأ من أصغر وحدة (الكومونة) إلى الهيئات العامة والمجالس التنفيذية للأقاليم ضمن الفدرالية، والمجلس التنفيذي للفدرالية. وتوضح المواد كيفية تشكيل المجالس والهيئات العامة، ومفوضية الانتخابات وهيئة الدفاع، وتتبع الهيئة التنفيذية للإقليم 15هيئة تنفيذية، وللمجلس التنفيذي للفدرالية 18 هيئة عامة، فيكون محصلتها 33 هيئة تنفيذية دون التطرق لهيئات بقية مجالس الأحياء. وبالنظر إلى تصريح العقد على وجوب عضوية كل مواطن في كومونة واحدة على أقل تقدير -ورغم توضيح العقد في كثيرٍ من بنوده على مبادئ الحرية والديمقراطية، إلّا إنه أوجد الأرضية المناسبة لخلق نوع من الدكتاتورية والبيروقراطية المعوقة في حقيقة الأمر للحرية.

تصرح المادة 66 في الوثيقة أن "بإمكان كل إقليم تطوير وتكريس العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الشعوب والبلدان المجاورة، بشرط عدم تناقضها مع العقد الاجتماعي لفيدرالية شمال سورية من جهة ومع الدولة السورية من جهة أخرى، إلّا إن الإدارة نفسها قامت بفتح وتطوير علاقات وفتح ممثليات قد تُفهم في إطار التفاعل السياسي ومتطلباته، بينما من الواضح أن استقبال جيوش وتأمين قواعد عسكرية أجنبية هو فعلٌ لا يقوم به إلا الدولة، ويتعارض أصلاً مع المادة 66. وفي مواجهة هذه الانتقادات ردّت الرئيس المشتركة لمجلس الفدرالية الديمقراطية لشمال سورية " هدية يوسف" ضمن ندوة بالمركز الكردي في مصر بتاريخ 20/07/2016 بأن:

  1. إنَّ النظام الفيدرالي المذكور بالوثيقة لا يعنى تقسيماً ولا انفصالاً لشمال سورية، وإننا نقبل بأن نعيش في دولة تحافظ على الشعوب الموجودة بها.
  2. الفدرالية هي الحل الوحيد للقضية السورية، ولو كانت لهم رغبة بالانفصال لصرحوا بها.
  3. الدفاع والسياسة الخارجية سيتم إدارتها من قبل المركز([7]).

يواجه العقد الاجتماعي لفدرالية الشمال إشكاليات وصعوبات متشابكة، خصوصاً مع توسع رقعة الكيان، فيما يستمر غياب تمثيل مكوّنات سياسية واجتماعية حيوية كالمجلس الوطني الكُردي، وممثلين عن أهالي منبج، والرقة، وريف الحسكة الجنوبي والشدادي وهي مناطق ذو غالبية عربية. أمّا الإشكالية الأخرى فتتجلى في فرض أحادي للنموذج الفدرالي دون التشاور مع بقية المكونات السياسية في البلاد وفي مرحلة سيولة عسكرية وسياسية وتدخل إقليمي ودولي متزايد في الجغرافية السورية. ([8])

إدارة التنوع الجغرافي والبشري

اختلفت مساحات وطبيعة الجغرافية، وكتل الجوامع البشرية التي سيطر عليها حزب الاتحاد PYD (الإدارة الذاتية)، خلال أعوام الثورة، حيثُ امتدت رقعة سيطرة الحزب ما بين عامي 2012 و2015 على 12% من مساحة سورية، ضمن مناطق عفرين وريفها، عين العرب/كوباني وريفها، وثلثي محافظة الحسكة.

تتميز منطقة عفرين، الواقعة ضمن "جبل الأكراد"([9])، بوفرة المياه الجوفية وخصوبة أراضيها وبطبيعتها الجبلية، وبنشاط صناعي وتجاري في حقل الألبسة وزراعة الزيتون، وأغلب سكّانها من الكرد غير المنتمين على عشائر. وفي المقابل تتميز منطقتي الجزيرة وكوباني بطبيعتهما السهلية وباعتمادهما على زراعة الحبوب والقطن. وقد عانت المنطقتان من إهمال النظام وعرقلة نشاط القطاع الخاص، وتعتبر مدنها الرئيسية حديثة تأسست أوائل القرن الماضي بعد ترسيم الحدود بين تركيا وسورية([10]).

وفيما يتعقل بأثر النشاطات التجارية والاقتصادية على البنية الاجتماعية والتوجه الأيديولوجي يوجد اختلافات مجتمعية وسياسية ضمن مناطق الإدارة الذاتية، فكما كان لقرب عفرين من حلب تأثيرٌ في إنشاء بعض المصانع فيها، فقد أثرت الطبيعة المجتمعية الحلبية المعتمدة على الصناعة والتجارة عليها كذلك، حيث خلقت توجهاً نحو الاستقرار المستدام أكثر من الجزيرة وكوباني المعتمدتين على الزراعات الموسمية. وهكذا تتأثر درجة الارتباط بالأرض بعوامل الطبيعة، فعمر شجرة الزيتون في عفرين تعود لمئات السنين، بينما كانت الجزيرة وكوباني مراعٍ لسكّان المدن المجاورة قبل 100 عام –باستثناء مدن تاريخية كعامودة والمالكية. لذا تختلف طبيعة الاستيطان في شرق نهر الفرات عن عفرين، ولقد كانت أحد أسباب هجرة ما يقارب المليون ونصف مدني من منطقة الجزيرة إلى حلب ودمشق انقطاع المطر خلال أعوام 2006-2008.

أمّا على الصعيد السياسي والحزبي فتتأثر مختلف الانتماءات والتوجهات في هذه المناطق الثلاثة نتيجة عدة عوامل، أحدها تأثّرها بسلوك الحواضر العربية الكبيرة بقربها. فعلى الرغم من ارتفاع الكثافة السكّانية الكردية في كوباني وعفرين مقارنة بشمال الجزيرة، إلا أن التمترس القومي الكُردي بدا واضحاً في محافظة الحسكة والذي أتى كردت فعلى على اساس سياسات حزب البعث الاستبدادية والقومجية. وإذا ما درسنا التوّزع الجغرافي للانتماءات الحزبية من مدينة ديريك/ المالكية شرقاً على الحدود العراقية السورية إلى عفرين على الحدود التركية السورية غرباً، فسنرى اختلافاً بينياً كردياً في التوجهات السياسية، حيث تتركز القاعدة الشعبية الأكثر صلابةً للحزب الديمقراطي الكُردستاني العراقي في الشرق وتتضاءل لصالح حزب العمال الكُردستاني كلما ذهبنا شرقاً حيث قاعدته الحزبية الأمتن في عفرين. ويضاف للفروقات أعلاه استمرار وجود مفهوم العشيرة في مناطق الجزيرة بنسبة أكبر مما هي عليه في عفرين وعين العرب/ كوباني.

ارتفعت نسبة سيطرة وحدات حماية الشعب وتشكيل قسد بعد منتصف عام 2015 لتبلغ حد الـ 24% من مساحة سورية الكلية أي ضعف المساحة الواقعة تحت سيطرتها سابقاً، وطرأ مع توسع رقعة سيطرتها تغير في حجم الكتل البشرية وطبيعة المدن المسيطرة عليها. فبعد أن اقتصرت سيطرة الحزب ومؤسساته على مدن وأرياف بغالبية كردية، بات الحزب مسؤولاً عن منطقة تمتد من كوباني شمالاً مروراً بالرقة وريف دير الزور وانتهاءً بحدود العراقية شمال البوكمال جنوباً، ومن منبج غرباً مروراً بتل أبيض وانتهاءً بالمالكية شرقاً. وتتميز هذه المنطقة باحتوائها لمدن وبلدات عربية وبمساحات سهلية وصحراوية واسعة يتخللها تلال وقرى صغيرة متناثرة، مما زاد من عدد السكّان من مليونين إلى ثلاثة ملايين والنصف وفق بعض التقديرات، ومما زاد من تكلفة حمايتها وصيانتها من هجوم محتمل لعناصر " تنظيم الدولة" عليها([11]).

لا يقتصر تأثر "الإدارة الذاتية" وتفرعاتها العسكرية والسياسية على تغيّر العامل الجغرافي وزيادة الكتلة البشرية فحسب، فلقد أدّى توسعها في جنوب المنطقة الشمالية إلى احتوائها فواعل عربية جديدة لم تتعامل معهم خلال المرحلة الأولى الممتدة من عام 2013 إلى منتصف عام 2015. ويعتبر حوض الفرات منطقة ذات كثافة سكّانية عربية ما زالت تحتفظ إلى حد كبير ببعدها القبلي. ولقد اعتمدت الإدارة الذاتية في مرحلة ما قبل "معركة الرقة وريف دير الزور" على المكون الكُردي كجنود وإداريين، فقامت بتوظيف الأدبيات والشعارات الكُردية لتعبئة "العناصر والمسؤولين" طيلة هذه الفترة، الأمر الأكثر حرجاً في التعامل مع المكوّنات العربية ذات الانتماءات والتحالفات المتنوعة والمتقلبة، أضف إلى ذلك احتكام العشائر العربية السورية بأعراف وقوانين خاصة غريبة على أنصار الإدارة الذاتية. ولذلك دفع هذا التنوّع الديموغرافي والاجتماعي حزب الاتحاد الديموقراطي لتبني مفهوم "الأمة الديمقراطية" كإطار أوسع من العصبية القومية التي تبنتها بطريقة غير مباشرة في المرحلة الأولى من تأسيس الإدارة الذاتية. ولا يخلو هذا المفهوم من إشكاليات وتناقضات مع العرف العشائري السائد في المنطقة العربية مما يحذو القائمين على الحزب إعادة تعريف مشروعهم السياسي باستمرار بما يتناسب مع توجهات مختلف المكوّنات الاجتماعية الخاضعة لسيطرتها.

تدفعنا هذه الاختلافات الأيديولوجية والسياسية والحزبية والقومية إلى تلمس مدى تأثّر وتفاعل مفهوم "الأمة الديموقراطية" مع تنوّع مرجعيات الجوامع البشرية الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية. ولقد طرح الحزب هذا المفهوم المعروض كحل شامل لتحقيق العدالة والمساواة والأخوة لمختلف شعوب المشرق. فما هي الأمة الديمقراطية، ومن أين جاءت، ومن طرحها، وكيف ستحل المشاكل؟

"الأمة الديموقراطية" كقاعدة نظرية للإدارة الذاتية

لا تعُد نظرية "الأمة الديمقراطية" مفهوماً أنتجته الإدارة الذاتية بينما تعود جذورها لتطور نظرية الفوضوية (Anarchism) للمفكرين الأمريكيين "موراي بوكتشين" و"نعوم تشومسكي" اللذان عمِلا على تأطيرها ضمن كيان الدولة أولاً، وبما يحافظ على مؤسساتها ثانياً درئاً للفوضى الكاملة في ظل غياب بدائل تستطيع حمل أعبائها ومسؤولياتها في حال اندثارها. ولقد حاول المفكران وبشكل أخص " تشومسكي" ضبط مفاهيم "الفوضوية" و"الاشتراكية" لتتقبل واقع وجود الدولة بصيغتها الحالية، والانطلاقة من هذا الواقع لإحداث التغيير المنشود، وذلك بعيداً عن تطبيق نظرية الثورة العمالية أو التحرر الكامل عودةً للحياة الطبيعية كما يدعو الفوضويون الأوائل([12]).

يُعرِّف حزب الاتحاد الديموقراطي "الأمة الديمقراطية" على النحو التالي: "جماعةٌ من الناس تربطهم روابط مشتركة وتُمارس الديمقراطية لإقامة حكمها". ونلحظ هنا تحوّل "الديمقراطية" من نظام حكمٍ إلى صفة "للجماعة البشرية" بما يُخالف المفهومين الإسلامي والحداثي اللذان اعتمدا الدين والقومية لتعريف حدود الأمة. ويُعتبر هذا المفهوم انعتاقاً من الإرث الشيوعي والاشتراكي لحزب العمال الكُردستاني، بعد أن قام زعيمه عبد الله أوجلان بمراجعات فكرية بعد اعتقاله واتجه لتبني وتطوير مفهوم الامة الديمقراطية كقاعدة فكرية جديدة لحزبه وأتباعه. وينتقد أوجلان محاولاته وحزبه السابقة لإقامة دولة كردية بمفهومها الحداثي، ويصف توّصله لمفهوم الأمة الديمقراطية برحلة فكرية خاضها بعد دراسة أهم الثقافات والأديان ومنظومات الحكم التي حكمت وما زالت تحكم العالم([13]).

ويتبنى مناصرو حزب العمال الكُردستاني بفروعه المحلية مفهوم "الأمة الديمقراطية" كخارطة طريق لقيام "أخوة الشعوب" ولحل مشاكل الدولة القومية والحداثية. وينتقدون قصور الماركسية والاشتراكية واقتصارها على تقسيم المجتمع إلى طبقات متصارعة فيما فشلت نماذجها في الحكم في مواجهة المشروع الرأسمالي الذي احتكر الصناعة والعلم فسخّرهما للانفراد بقيادة المجتمع الدولي ظلماً واضطهاداً للشعوب. ويعتقد مناصرو الأمة الديمقراطية أن التطور العلمي واكتشافاته المستمرة يكشف جوانب القصور في النظريات والفلسفات السابقة، ويُظهر الحاجةَ إلى قراءةٍ جديدة للوصول إلى تفسير فلسفي جديدٍ بما يضمن إحياء المواجهة المصيرية للحداثة والرأسمالية وتجلّياتهما.

أطلق أوجلان مفهوم الأمة الديمقراطية أثناء سنوات اعتقاله الأولى، وأسقطت عملياً في عام 2003 عند إنشاء تنظيمات محلية عوضاً عن الإدارة المركزية لحزبه، وذلك في سبيل تخفيف الضغط عن أنصاره أولاً، وانتقالاً من النموذج الماركسي والاشتراكي لنموذج "الأمة الديمقراطية ثانياً. ويهدف "هذا المفهوم من الناحية التطبيقية لإنفاذ مبدأ كونفدرالية الشعوب" عبر تقويض السلطة المركزية للدولة القومية المستبدة التي تستمد سبل استمرارها وشرعيتها من القوى الخارجية. وفيما يخص كردستان فتحريرها يمر عبر تحرير الشعب الكُردي، فالمادة لا تولد الحرية وإنما الوعي والفكر الثوري كأساس المجتمع الحر.([14]).

ويحدد يوسف خالدي، الباحث في المركز الكردي للدراسات بُعدَين أساسيين للأمة الديموقراطية:

  1. محلي ذاتي: يحقق نفسه من خلال إتاحة الفرصة أمام السكان المحليين للإعلان عن هويتهم الفرعية كأفراد وجماعات قائمة بحد ذاتها أولاً، مع امتلاك حق الإعلان عن تمثيلها في هوية عامة مشتركة قادرة على التعبير عن تلك الهويات الفرعية كجزء من كل، وعبرها تستطيع القومية الكردية التحول إلى أمة تتجسد تطلعاتها في هيئة شبه مستقلة ديمقراطياً.
  2. الإطار العام: عبر توفير مساحات واسعة من الحرية في الأبعاد الثقافية والاقتصادية، والاجتماعية، والقانونية، والدبلوماسية ضمن إطار الدولة العام وحدودها القائمة.

وتُحقق الإدارة الذاتية مبدأ شبه الاستقلال الديمقراطي عبر آليتين:

  1. الاتفاق مع القومية المتحكمة بِعُرى الدولة الحداثية وفق عقد اجتماعي جديد تشترك في صياغته جميع مكونات المجتمع كأطراف أصيلة، استناداً على إرث الشعوب وحضاراتها المشتركة في المنطقة وعلى الثقافة والعلاقات التاريخية.
  2. استبعاد أي تصور يتضمن أفكار قد توحي أو تشير إلى سياسات الصهر والتذويب والإقصاء للمختلف، مع التخلي نهائياً عن خيارات حلول الإبادة التي اتبعها الدولة القومية سابقاً وانتهت إلى الفشل، وذلك مقابل تخلي الكرد عن مطلب الاستقلال التام وإنشاء الدولة.

ويحدد مشروع الإدارة شكلان لقيامها:

  1. أن تتخلى الأمم القومية عن ميولها لإقامة دولها الخاصة ورغبتها في الاستئثار بالدولة، بالإضافة إلى قبول الدولة القومية بمبدأ شبه الاستقلال الديمقراطي.
  2. أن يبادر الكرد وبشكل أحادي حال تعذر التوصل إلى حالة وفاق مع الدولة القومية إلى تطبيق وتنفيذ مبدأ شبه الاستقلال الديمقراطي([15])".

وتستكمل نظرية الأمة الديموقراطية إطارها الفلسفي من خلال طرح حلول لمشاكل المرأة والزواج، باعتبار فشل الرأسمالية في فهم الحياة الزوجية، معتبرةً المرأة في الرأسمالية عبدة لترف الرجال، وأنها ليست كما يعرًفها الدين والعرف، بل كائناً قادراً على بذل أضعاف ما يبذله الرجل. وحل مشاكل المرأة تبدأ في خلق توازن ضمن الوظائف الأساسية في الحياة وهي "تأمين الغذاء وأمن الوجود وسيرورة النسل"، وهنا ينبغي وقف التعاظم البشري العددي، كما يجب بناء المجتمع بين النساء والرجال على أساس " الحياة الندية"، وإيجاد المساواة بين الجنسين بشكلٍ كامل.

إدارة الموارد

يكتسب واقع حكم الإدارة الذاتية مزيداً من التعقيد في ظل غياب الشفافية فيما يتعلق بالعديد من آليات إدارتها للموارد والنفقات المتعلقة بمؤسساتها، ويمكن دراسة الموارد الخاصة بالإدارة الذاتية من خلال النظر إلى مرحلتين، الأولى: مرحلة ما قبل 2015 وقبل السيطرة على مدينة تل أبيض، والثانية مرحلة ما بعد السيطرة على تل أبيض إلى الآن، حيث تم توحيد جزئي لمناطق سيطرة الإدارة الذاتية التي كانت عبارة عن جزيرتين " الجزيرة وكوباني" لتصبح على امتداد الحدود السورية التركية من المالكية إلى منبج. وفي كلا المرحلتين بقيت طبيعة موارد الإدارة الذاتية متشابهة وهي:([16])

  1. إيرادات الأملاك العامة: النفط والغاز في المنطقة الشرقية من محافظة الحسكة، وصوامع القمح
  2. إيرادات الضرائب المحلية والرسوم الجمركية من المعابر الحدودية
  3. إيرادات المؤسسات الخدمية التابعة لها
  4. المغتربين بكردستان العراق وتركيا
  5. والتبرعات المحلية

ووفق البند الثامن من المادة 53 من وثيقة العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية فإن المسؤول عن وضع الموازنة في الإدارة هو المجلس التشريعي([17]). وقد قامت الإدارة الذاتية منذ منتصف عام 2012 حتى 2018 بكشف ميزانيتها لمرة واحدة فقط لعام 2014 بالإضافة إلى موازنة عام 2015 وذلك ضمن مناقشات المجلسين التشريعي والتنفيذي في 17/03/2015، ولا يمكن التأكد من مدى صحة الأرقام الواردة ضمن المناقشة. ولقد تلقى التقريران انتقاداً من المجتمعين في المجلس وذلك لاحتوائها على الكثير من السردية والشرح دون وجود تفاصيل عن الإيرادات والنفقات. ويوضح الجدول أدناه الميزانية المعلنة من قبل الإدارة الذاتية خلال عام 2014 وموازنتها لعام 2015.

 

ربما يجب الحديث هنا عن غياب الشفافية بما يتعلق بإنتاج النفط، وتسويقه، بالإضافة إلى المنح الدولية وطريقة التصرف بأموال إعادة الإعمار.

السلطة التنفيذية

يتم إدارة موارد الإدارة الذاتية عبر الهيئة التنفيذية التي تشكلت بداية عام 2014، وهي هيئة بمثابة هيئة حكومية بوزارات "سيادية" بما فيها الخارجية والدفاع. وتستند في تسيير أعمالها قانونياً على "العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية" والقوانين الصادرة من المجلس التشريعي. وحاولت منظومة حركة المجتمع الديمقراطي وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD منذ بداية إعلان الإدارة الذاتية إنشاء "الهيئة التنفيذية" على أساس تحالفي عبر ضم أكبر عددٍ من التنظيمات سواءً كانت المُشكلة من قبلها والمرتبطة بهاً عضوياً، أو من المتحالفة معها كـ "الهيئة الوطنية العربية"، و"حزب الاتحاد السرياني" وتنظيمات كُردية وعربية وسريانية أخرى. ولقد حاول الحزب احتكار الشأن العام عبر هذه التحالفات صورياً من خلال إلزامهم بالسير "على نهج الأمة الديمقراطية". ويبلغ عدد الهيئات ضمن الإدارة الذاتية في مقاطعة الجزيرة 16 هيئة، بعد عملية دمج للعديد منها وتحويل البعض إلى مكاتب ضمن هيئاتٍ أخرى. وتكشف دراسة هذه الحالة وجود محاولات لإضفاء صيغة التكامل على جسد الهيئة التنفيذية في وقتٍ تعاني من نقص في الكادر والعمل الفعلي على أرض الواقع مقارنةٍ بالمساحة التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية.

تتصدر هيئة البيئة والبلديات قائمة الهيئات النشيطة ضمن الإدارة الذاتية، حيثُ تنشط بلديات الإدارة الذاتية بشكلٍ رئيسي في تنفيذ مجموعة مشاريع عبر أقسامها الخدمية، والفنية، ومن جملة أعمالها:

  • تعبيد الطرق داخل المدن والطرق الواصلة بين الأرياف والمدن وذلك عبر طرح مناقصات بالظرف المختوم. ويظهر رُسُو العديد من المناقصات على "الشركة العامة للطرق والجسور: زاغروس" المنشأة عام 2013.
  • كما نشطت البلديات في مشاريع تنظيف الفوهات المطرية وتوزيع مادة المازوت التي حدث حولها شكاوىٍ كثيرة من المواطنين نتيجة المحسوبيات وقلة الكمية.
  • وتأخذ البلديات على عاتقها القيام بتنظيم المخططات التنظيمية للمناطق التي تتوسع فيها المدن الواقعة تحت سيطرتها، ومن جملة المناطق التي تم تنظيمها "مشروع المنطقة الصناعية في مدينة ديريك/ المالكية" تحت ذريعة إبقاء المدينة نظيفة وخالية من الملوثات. وتم عرض سعر المحل الواحد من 2.5 مليون إلى 3 ملاين حسب المساحة. ويعاني أغلب الصناعيين في المدينة من القرار كونهم مالكي المحلات، ولم يكن بإمكان الكثير منهم القيام بشراء محلٍ من " غرفة الصناعة". ولقد أشار بعض الصناعيين إلى قيام تجارٍ بشراء معظم العقارات في المنطقة وهم متحكمون بالأسعار([19]).

تدُر البلديات على الإدارة الذاتية مبالغ مالية([20]) ضخمة من الضرائب من كافة النشاطات التي تقوم بها، بالإضافة لما ذُكر تقوم بتجهيز مسالخ وأسواق لبيع المواشي، والضرائب التي تفرض على أصحاب المحلات كضريبة الحراسة، والنظافة وإشغال الرصيف، وضرائب أخرى. وتعاني البلديات من عدم وجود كادرٍ مختص خصوصاً فيما يتعلق بأهم الاختصاصات وهي التنمية والتخطيط والقانون، كما أنها لا تمتلك مكاتب فرعية في المناطق العربية الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية.

تركّز الإدارة الذاتية على هيئة التربية والتعليم وذلك من خلال تفعيل قانون تغيير المناهج. وقد شهدت عملية سيطرة الإدارة الذاتية على السلك التعليمي خلافاتٍ كبيرة على الصعيد الشعبي ومن مختلف القوميات والأديان، بالإضافة للنظام الذي رفض التفريط بمؤسساته الرئيسية. ويتحكم الحزب بالتعليم من خلال سيطرته على الكادر التدريسي عبر تقديم الرواتب، ومن خلال الإعداد والتمكين الأيديولوجي. وسيؤدي انقطاع المركز عن الأطراف مع امتداد سنوات الثورة لأكثر من 7 سنوات وفي غياب أية آمال لإمكانية التوصل لحل سياسي، إلى تعاظم سيطرة الحزب على عقول الأطفال بما يمكنه من بناء جيلٍ كامل تحت تأثير ووطأة أيديولوجية PYD المستندة على أفكار زعيم حزب العمال الكُردستاني([21]).

 تأتي هيئة الصحة في مقدمة الهيئات التي عانت بشكلٍ مباشر وحاد نتيجة الحرب، وواجهت مشاكل تمحورت بشكلٍ أساس حول نقص الكادر الطبي نتيجة هجرة الأطباء لخارج البلاد، وارتفاع تكاليف القطاع الصحي فيما يخص الحصول على أجهزة المخابر والمشافي. كما أدى الحصار أثناء تواجد تنظيم الدولة إلى حدوث نقصٍ حاد في نوعية وكمية الأدوية المتوفرة في الأسواق. أما هيئة السياحة والآثار فتركز عملها على منع العمليات التخريبية من قبل مهربي الآثار، بالإضافة لمشاركتها في عمليات التشجير والاعتناء بالبيئة. وكذلك تعاني هيئة الثقافة والفن من عدم تفعيل مديريات الثقافة، والمسارح، والتأليف والنشر، فيما تُشرف الهيئة على تنظيم مهرجانات القصائد، والقصص، والكتب بناءً على فكر وتعليمات "عبد الله أوجلان" زعيم حزب العمال الكُردستاني([22]). كذلك فإن هيئة الدفاع الذاتي تعمل على فرض خدمة الإدارة الذاتية عسكرياً على كل من هو من مواليد 1986 وما بعدها، وخلال ما يزيد عن ثلاث سنوات قامت الهيئة بسحب أكثر من 20 ألف شاب للخدمة الإلزامية.

رغم أن المؤشرات أعلاه تشكل نموذجاً حوكمياً فاعلاً إلا أنه لا يزال يعتريه عدة إشكاليات وعلى رأسها: الشفافية والوضوح؛ غياب المؤشرات الاستراتيجية كالخطط والسياسات؛ تغييب المجتمع المدني والحد من فاعليته؛ قلة الخبرات البيروقراطية والتكنوقراطية.

خاتمة

ساهمت عدة عوامل في تمكين الإدارة الذاتية من بسط سيطرتها على شمال سورية و أدائها، كانسحاب النظام في المناطق ذات الغالبية الكُردية لصالح حزب الاتحاد الديمقراطي PYD وذراعه المسلح "وحدات حماية الشعب YPG"، مما وفر جواً من الأمن والاستقرار اللذان أسهما في تثبيت حزب الاتحاد لسلطته. كما ساهم التحالف الدولي بعد معركة كوباني في توسيع الإدارة الذاتية لتسيطر على ما يقارب 24% من مساحة سورية، بعد أن كانت تُسيطر على أقل من 10% قبل قبول التحالف لها شريكاً في محاربة تنظيم الدولة. ومما ساهم أيضا في تثبيت السلطة العسكرية للحزب هو افتقار بقية الأحزاب الكُردية لقوة مسلحة، من جهة، وتفتيت الـ ـ YPGللكتائب المشكلة من قبل بعض الأحزاب من جهة أخرى، منعاً من ظهور أي منافس، وتحت حجة عدم وجود " قوتين كُرديتين".

قانونياً تواجه الإدارة الذاتية غياب أي اعتراف من قبل حكومة المركز أو أية وثيقة وطنية، وتستند فقط على علاقاتها مع دول التحالف الدولي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى عقدها الاجتماعي الذي يعتريه الكثير من الغموض والتداخل مع مفاهيم سياسية أخرى. كما يشمل العقد نفسه أموراً تناقض أدبيات الإدارة الذاتية، فمن جهة تدعي الإدارة إنها تريد التخلص من سلطة الدولة المركزية، إلا إنها قامت بربط الشعب كله بمؤسساتها وخلقت شمولية عبر البيروقراطية المتشعبة خلال الكومونات والمجالس والقوى العسكرية المتعددة. ويحوي العقد الاجتماعي في نسخته المعدلة مع التوجه لإعلان "فدرالية شمال سورية الديمقراطية" مصطلحاتٍ تتعارض مع الثقافة الجمعية للسوريين، كمصطلح "الآلهة الأم" ضمن مصادر التشريع، وهو خلطٌ بين المفاهيم الوثنية والتوحيدية كعبارة القسم " أقسم بالله العظيم" ضمن الديباجة نفسها. ولم ينجح العقد في أن يكون "دستوراً" لمنطقة حكم ذاتي أو فدرالية، بل يتعداه ليكون عقداً لمناطق حكم كونفدرالية، فالعقد يمنح: اللجوء السياسي وتبني العلاقات الدبلوماسية، كما يمنح حق تقرير المصير.

ويشوب العقد إشكاليات وصعوبات أخرى، خصوصاً مع توسع السلطة الجغرافية "للفدرالية" المعلنة من طرف واحد، في غياب شركاء حيويين من ناحية التمثيل لكتلة بشرية واسعة كالمجلس الوطني الكُردي، وممثلين عن المناطق المسيطر عليها مؤخراً ابتداءٍ بشمال الرقة، والرقة، وريف الحسكة الجنوبي وانتهاءً بريف دير الزور. وهي مناطق ذات غالبية عربية ومن الممكن أن يتسبب مشاكل تمثيلها في قبول طرفٍ "يحتسب كُردياً" ضمن دوائر إدارتها المحلية. وتبقى الإشكالية الرئيسية متمثلةً بكون سورية في مرحلة تغي مستمر عسكرياً وسياسياً، ولاتزال الدول العظمى والإقليمية غير متفقة على شكل وكيفية الانتقال السياسي في سورية.

يُصر حزب الاتحاد الديمقراطي على تبني مفهوم "الإمة الديمقراطية" ويشارك في عملية الترويج لها على المستوى الإقليمي كحلٍ للقضية الكُردية وحل مشاكل بقية الشعوب. ومع وجود بعض التشابه من ناحية في هذا الحل مع الحل الكُونفدرالي المطبق في أوروبا إلّا أنه يفتقر إلى حرية التطبيق أو التعديل حيث يراه الحزب "العلاج الجامع والوحيد". كما يفتقر هذا الحل أيضاً لوجود طرفٍ سياسي إقليمي يؤمن به، بالإضافة إلى تعارضه مع الحالة المجتمعية في الشرق والمحكومة في الكثير من جوانبها بالأدبيات الدينية. وتصطدم فلسفة "الأمة الديمقراطية" بالتقاسم الحاصل بحق القومية الكُردية إقليمياً مما يجعل من مظلوميتها أداةً للدول ولتدخلها في الشؤون الوطنية لهذه الدول.

محلياً يواجه مشروع الأمة الديمقراطية مشاكل ذاتية ظهرت مع عملية التطبيق، كحالة عسكرة المجتمع عبر تشكيل ما تُسمى بقوات الحماية الجوهرية (حراسة الأحياء)، بالإضافة لأجهزة عسكرية وأمنية ضخمة مقارنة بالمساحة الجغرافية والكتلة السكانية. كما خلقت الإدارة الذاتية بيروقراطية مركزية مبغوضة لأصحاب الإدارة أنفسهم وفق تصريحاتهم، وعوضاً عن الهرب من المركزية السابقة للنظام تم إيجاد مركزية أخرى جديدة أقسى من القديمة تتمثل بالإدارات المتعددة التي هي بدورها ضخمة وزائدة على الكتلة السكانية والمساحة الجغرافية. كما عارضت الإدارة الذاتية نفسها فيما يخص احترام الثقافات الخاصة بكافة مكونات المنطقة عبر تطبيق "عقودٍ اجتماعية" تعارض لُب ثقافات المجتمعات المحلية.

وأخيراً وبالنظر لتقاسم السيطرة والنفوذ على الخارطة السورية نرى بأن الإدارة الذاتية وإن استمرت على شكلها الحالي فإنها في حقيقة الأمر تَهدم أحد أهم أعمدة نظريتها المتمثل بإزالة آثار الدول الوطنية "القومية" الحديثة وما أنتجته من حدودٍ قطعت أوصال الشعوب، لتكون هي في حقيقة الأمر من قطع مجتمعاتٍ بأكملها كما نرى في مدينة الرقة وريفها الجنوبي ومدينة دير الزور وريفها وكذلك في أجزاءٍ من ريف حلب الشمالي.


([1]) يمكن العودة لها بتفصيل ضمن فقرة الخلافات داخل" قسد" في الورقة الصادرة عن مركز عمران والمعنونة بـ" البنى العسكرية والأمنية في مناطق الإدارة الذاتية" https://goo.gl/MX2dmq

([2]) التحالف الدولي يعلن مقتل عنصرين له في سورية غداة استهداف قوات أمريكية في منبج، الموقع: مركز راصد الشمال السوري، التاريخ: 30/03/2018، الرابط: https://goo.gl/Y1SBN4

([3]) فصيل "المقاومة الشعبية" يستهدف قاعدة أمريكية في الرقة، الموقع: اخبار سورية، التاريخ: 02/04/2018، الرابط: https://goo.gl/7smXXv

([4]) في الذكرى الثانية لإعلانها. آراء حول تقييم عمل الإدارة الذاتيّة، الموقع: بوير برس، التاريخ: 21/01/2016، الرابط: https://goo.gl/jp1RhC

([5]) فشل المفاوضات بين حركة المجتمع الديمقراطي والمجلس الوطني الكُردي لعدّة أساب أهمها اختلاف المحاور "الكُردية الإقليمية" الراعية لكلا المجلسين،

([6]) قراءة في العقد الاجتماعي "لفيدرالية الشمال"، الموقع: مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، التاريخ: 16/08/2016، الرابط: https://goo.gl/6fJedS

([7]) ندوة بالمركز الكردي.. بالفيديو| خبراء: الأكراد يفتتون سورية بـ "فيدرالية روج آفا"، الموقع: مصر العربية، التاريخ: 20/07/2016، الرابط: https://goo.gl/xKCQGM

([8]) الجدير بالذكر موضوع الهوية؛ ظهرت الدول القومية في الشرق الأوسط عُقب انهيار إمبراطورياتٍ سابقة، وبقيت ورثتها بعيدةً عن إمكانية خلق "تعريفٍ جامع لنفسها"، فلم تستطع الجمهورية التركية المستندة على إرث الإمبراطورية العثمانية تجاوز مشكلة "العِرق الواحد" وتقبُّل حقيقة المجتمع غير المتجانس، كما لم تستطع "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" المستندة على إرث الشاهنشاهية من تحديد حدود هويتها وطبيعتها لا معلنة فارسيتها وغير متقبلة للتعايش بهدوء في منطقةٍ تذخر باختلافات مذهبية متنوعة. يُمكنُنَا مراقبة المشهد من هذا المنظار من فهم ما تعانيه التنظيمات السياسية القابعة في أسفل هرم "السلطة والحكم" في المنطقة من إشكالية تعريف الهوية.

يرفض حزب الاتحاد الديموقراطي إطلاق صفة "القومية" الكُردية على نفسه، ولكنه في المقابل يطلق الدعوات لعقد "المؤتمر الكُردستاني" ، كما ينفي علاقته العضوية بحزب العمال الكُردستاني، في حين ينسب نجاحات "روج آفا والإدارة الذاتية" لشخص "عبد الله أوجلان " زعيم حزب العمال.  وتُلقي تحالفات الحزب الدولية بدورها الظلال على إشكالية الهوية التي يروّج لها الحزب، حيث وضع تحالف قوات سورية الديموقراطية مع الولايات المتحدة الرأسمالية الحزب في تناقض مع الأيدلوجية الماركسية التي طالما تبّناها.

 

([10]) الوجود الكردي في شمال سورية: منطقة جبل الأكراد (عفرين) – 1، الموقع: مدارات كُرد، التاريخ: 04/12/2016، التاريخ: https://goo.gl/7upuYf  تتقع منطقة جبل الكرد أو الأكراد أو كردداغ القديمة في أقصى الزاوية الشمالية من الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وتشغل الزاوية الشمالية الغربية من قوس الهلال الخصيب ودولة سورية، وتعتبر مرتفعاتها من النهايات الجنوبية الغربية لجبال طوروس. تبدأ مرتفعات جبل الكرد من المنابع العليا لنهري عفرين والأسود غربي مدينة ديلوك “عنتاب” داخل الحدود التركية، وتعتبر امتدادا طبيعيا لجبال Reşa و  Zagê حيث مناطق الأكراد في الشمال والشرق. وتأخذ مرتفعاته اتجاهاً شمالياً جنوبياً بانحراف قليل إلى الغرب وبطول يبلغ نحو 100 كم إلى نهايته الجنوبية الغربية غربي بلـدة جنديرسعفرين. أما عرضها فيتراوح ما بين 25 و45 كم. وينضم إلى هذه المنطقة الجبلية، جبل ليلون وسهل جومه، وقد شكلوا معاً عبر التاريخ منطقة جغرافية واحدة ومتكاملة على طول وادي نهر عفرين.

([11]) Syria Population 2018، الموقع:  world population review، التاريخ: 06/04/2018، الرابط: https://goo.gl/4uX9bc، تبقى الأعداد تقريبية في غياب الظروف المساعدة لقيام مؤسسات ذات حيادية بإجراء احصاءات دقيقة.

([12]) بوكتشين، أوجلان وجدلية الديمقراطية* 1/3، الكاتبة: جانيت بيل، الموقع: يكيتي ميديا، التاريخ: 24/10/2016، الرابط: https://goo.gl/9zgLCY

([13]) ويتدرج في مرافعته من خلال شرح تطور دولة الكهنة السومرية وصولاً للحضارة الديمقراطية كسنام البشرية. فيبدأ بتناول السومريين كأول من أنشأ "دولةً" في التاريخ، وليعرج بعدها على الحضارات المصرية، والصينية، والبوذية، الكونفوشيوسية، والإغريقية، وميلاد الأديان التوحيدية، وهدم الإسلام للعبودية، وصولاً للحضارة الرأسمالية والأزمة التي تعاني منها البشرية في الهوية بشكلٍ عام. ويختتم مرافعته بالدفاع عن القضية الكردية تحت عنوان "الدفاع عن شعب"، فيخلص أن مفهوم الأمة الديمقراطية شامل لنتج كافة الحضارات السابقة بخصائصها السماوية (الإلهية)، والبشرية، وأنّها أمةُ متعددةُ الهوياتِ والثقافاتِ والكياناتِ السياسيةِ في مواجهة وحوشِ الدولةِ القومية.

([14])سيهانوك ديبو : نحو الحل الديمقراطي للقضية الكردية ؛ معركة بين رُع وآبيب (الأمة الديمقراطية هي الأمةُ المتعددةُ الهوياتِ والثقافاتِ والكياناتِ السياسيةِ مَقابِلَ وحوشِ الدولةِ القومية، وأن كفاحاتُ الأمةِ المتطلعةِ إلى الدولةِ والدولةِ المتطلعةِ إلى الأمة، هي المؤثِّرُ المِحوريُّ في الواقعِ الدمويِّ للعصر. وتحقيقُ مُلاقاةِ الأمةِ مع السلطةِ والدولة، هو المنبعُ العَينُ لقضايا عصرِ الحداثة، والتي إذا ما قارنّاها مع القضايا الناجمةِ من الدولِ الديكتاتوريةِ والسلالاتية، سنَجِدُ أنّ القضايا في عصرِ الحداثةِ تنبعُ من أمةِ الدولة، وأنّ هذا الوضعَ يُشَكِّلُ أكبرَ فارقٍ بينهما. سيهانوك ديبو : نحو الحل الديمقراطي للقضية الكردية ؛ معركة بين رُع وآبيب، الموقع: السلطة الرابعة، كاتب المقال: سيهانوك ديبو، التاريخ: 29/08/2016، الرابط: https://goo.gl/JXVxAv

([15]) الأمة الديمقراطية، الموقع: المركز الكردي للدراسات، الكاتب: يوسف الخالدي، التاريخ: 23/06/2016، الرابط: https://goo.gl/tLRtXo

([16]) الإدارة المحلية في مناطق كُرد سورية "عفرين نموذجاً"، الموقع: مركزعمران للدراسات الاستراتيجية، التاريخ: 03/07/2015، الرابط: https://goo.gl/c5MpXp

([17]) ميثاق العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة الجزيرة – سورية تمت المصادقة عليه في الجلسة رقم / 1 / تاريخ: 06/01/2014، المصدر: المجلس التشريعي، الرابط: https://goo.gl/2bgcde

([18]) المجلسان التنفيذيّ والتّشريعيّ يناقشان بيان الموازنة العامّة التقديريّة لعام “2015” ونفقات عام “2014”، المصدر: بوير برس، التاريخ: 17/03/2015، الرابط: https://goo.gl/QLvB7e

([19]) مشروع المنطقة الصناعية في «ديريك»... بين إصرار البلدية ورفض الصناعيين!!، المصدر: وكالة قاسيون، التاريخ: 16/09/2017، الرابط: https://goo.gl/PmYkaD

([20]) إتاوات في مناطق "PYD" تحت اسم "ضرائب"، من قوت المواطنين إلى خزائن الحزب، الموقع: ن س و، التاريخ: 25/072017، الرابط: https://goo.gl/429A2m

([21]) الواقع التعليمي في مناطق "الإدارة الذاتية"، المصدر: مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، التاريخ: 15/12/2016، الرابط: https://goo.gl/WRn8YP

([22]) الكونفرانس الخامس لحركة الثقافة والفن بروج آفا، الموقع: وكالة فرات، التاريخ: 25/01/2016، الرابط: https://goo.gl/Kr8U94

الخميس, 10 أيار 2018 17:24

التقرير السنوي 2017

عملنا منذ التأسيس على تقديم قراءة مُعمّقة لعدد من الملفات السياساتية في القضية السورية وتداعياتها الإقليمية والدولية، فبالإضافة إلى الكتب السنوية وكتاب التغيير الأمني في سورية، أصدرنا المئات من أوراق السياسات والدراسات والتقارير، ونظمنا عشرات ورش العمل التفاعلية مع صناع القرار من السوريين وغيرهم.

كما قدمنا خال هذه المرحلة عددًا من الأطروحات فيما يتعلق بالشأن السياسي والأمني وفي استحقاقات الإدارة المحلية ومتطلبات التنمية الشاملة. والتزم المركز المنطق الدولتي في عمله البحثي الذي يُؤسس لثقافة "بناء الدولة" وتطوير مؤسساتها ووظائفها بما ينسجم مع متطلبات التغيير الحقيقية.

ننطلق نحو عام 2018 بمزيد من الفاعلية في هذه المجالات، ونفتتح مكاتبنا في واشنطن وأوروبا، لتقديم رؤى وطنية لحل ملفات القضية السورية منبثقة عن أهمية دور السوريين في صياغة مستقبلهم وفق عاقات إقليمية ودولية جديدة.