التقارير

ملخص تنفيذي

  • أظهرت البيانات أن عدد المشاريع التي تم تنفيذها في منطقة ريف حلب الشمالي والشرقي وإدلب في الفترة الممتدة من1 حزيران و31 كانون الأول 2018 نحو 338 مشروع، وتركزت معظم المشاريع في قطاعات المياه والإسكان والتعمير والنقل والمواصلات، وحاز ريف حلب على النسبة الأكبر من تلك المشاريع بمقدار 231 مشروعاً مقابل 107 مشروع في إدلب وريفها.
  • تشير البيانات أن عدد المشاريع التي تم تنفيذها في المنطقة المرصودة في الفترة الممتدة من 1 كانون الثاني 2019 حتى 31 حزيران 2019 بنحو 262 مشروع، تركزت معظمها أيضاً في قطاعات النقل والمواصلات والإسكان والتعمير والمياه، فيما حاز ريف حلب على النسبة الأكبر من تلك المشاريع بمقدار 209 مشروعاً مقابل 53 مشروع في إدلب وريفها.
  • تظهر المقارنة بين فترتي الدراسة تقلص مشاريع التعافي المبكر في المنطقة المدروسة نتيجة خروج إدلب وريفها بشكل رئيسي بعد اتساع رقعة المعارك إليها؛ وتوضح عملية المقارنة أيضاً وضوح مؤشرات التعافي المبكر في قطاعات النقل والمواصلات والتمويل والزراعة والثروة الحيوانية؛ وتعثرها في قطاع الصناعةالتي لاتزال تعاني من وطأة غلاء مدخلات الإنتاج والمناخ غير المستقر وضعف التمويل؛
  • قامت المجالس المحلية بدور فعّال في إدارة النشاطات والمشاريع في مختلف القطاعات، إلا أنه يسجل على عملها عدة ملاحظات أهمها تلك المتعلقة بعدم قدرة المجالس على ضبط الأثمان الداخلية؛ وغياب النشاطات الاحصائية ومأسستها على شكل مؤشرات لقراءة الواقع والاعتماد عليها في التنبؤ بالمستقبل.
  • من نقاط القوة التي لحظها التقرير مساهمة المشاريع في تأمين خدمات المياه والكهرباء وترميم وتعبيد الطرقات الرئيسية داخل المدن وبين المدن والبلدات، وتحريك سوق الإنشاءات والإسكان وكل ما يتعلق بمستلزمات المنازل، والاعتماد على الطاقة البديلة في إنارة الطرقات، ناهيك عن مساهمة مشاريع النزوح الداخلي واستجابتها في توفير بعض الخدمات الأساسية من مياه للشرب وصرف صحي وكهرباء وإنارة؛ أما جوانب الضعف التي لحظها التقرير يتركز أهمها قلة المشاريع المنفذة في مدنية عفرين، وغياب دور الحكومة السورية المؤقتة؛ وعدم توحيد عمل غرف التجارة والصناعة بالإضافة إلى تركز المشاريع في بعض القطاعات دون قطاعات أخرى؛
  • يوصي التقرير بجملة من التوصيات التي من شأنها توفير أطر رئيسية لعملية التعافي المبكر أهمها متابعة الاستثمار في الاتجاه الصاعد في نشاطات التعافي المبكر في درع الفرات عفرين من خلال مزيد من دعم المجالس المحلية لإرساء قواعد الاستقرار ودعم سبل العيش للسكان، ومأسسة القطاع الخاص وقطاع التمويل ومن ثم انبثاق مؤسسة تتبع للمجالس المحلية تعنى بإدارة الفوائض المالية وتوجيهها في قنوات استثمارية ، والاهتمام أكثر بالزراعة والصناعات المرتبطة بها واستصدار شهادات منشأ وفق المعايير العالمية بالتعاون والتنسيق مع المنظمات الدولية إضافة إلى ضرورة العمل على تأسيس مكتب إحصاء يسهم في تصدير أرقام وبيانات عن كل ما له علاقة بالقطاعات الاقتصادية وتصديرها في نشرات دورية.

حول التقرير: المنهجية والأدوات

يحاول التقرير التالي رصد عملية التعافي المبكر في المنطقة وقياسها على فترات محددة لتشخيصها وتتبع أنشطتها وعمل مقارنة بين المناطق للوقوف على مستوى التعافي المبكر فيها، وبالتالي خلق اتجاه (Trend) يمثل قراءة شاملة للعملية برمتها ومفصلة للقطاعات الاقتصادية، بالشكل الذي يفيد رسم تصورات مستقبلية لاتجاه التعافي ومداها الزمني بشكل مرحلي. وتتشكل أهمية هذا التقرير من استفراده في الطرح وسط تقارير دولية ومحلية لا تزال تقيس حركة النزوح وتقييم احتياجات النازحين والسكان ومراقبة السوق، ويفتح المجال نحو انعكاس هذه المرحلة على مستوى معيشة السكان والثغرات التي تعاني منها القطاعات الاقتصادية في المجتمع وأخيراً توجيه الدعم لسد تلك الثغرات  

بدأت عملية جمع المعلومات والبيانات مع مطلع شهر شباط 2019 على مدار فترتين زمنيتين، الأولى: من 1 حزيران 2018 حتى 31 كانون الأول 2018، والفترة الثانية ابتداءً من العام 2019 وحتى 31 حزيران 2019. تم اختيار الفترة الأولى المتمثلة بالنصف الثاني من 2018 وفق معايير عدة أبرزها: انتشار النشاطات في بعض قطاعات اقتصادية منها المياه والكهرباء والإسكان والخدمات الاجتماعية بشكل ملحوظ؛ والمطالب المتزايدة من السكان لتأمين الخدمات من المجالس المحلية والمنظمات العاملة؛ وزيادة النشاطات والمشاريع التي تهدف إلى تمكين المجالس المحلية وتشجيع عملية الإنتاج وتأمين فرص عمل ودخل للأسر.

يهدف التقرير إلى إعطاء وصف شامل للتعافي الاقتصادي المبكر في المنطقة وتقديم معلومات صحيحة بغية تحديد وجهة التعافي ونسب انخراط المناطق بالعملية. وتتلخص الأهداف الأساسية للتقرير بالنقاط التالية:

  • تشخيص واقع عملية التعافي الاقتصادي المبكر داخل سورية.
  • تتبع أنشطة التعافي المبكر في القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية.
  • عمل مقارنة بين المناطق للوقوف على مستوى التعافي المبكر فيها.
  • رسم تصورات مستقبلية لاتجاه عملية التعافي الاقتصادي المبكر ومداها الزمني بشكل مرحلي.

شملت عملية الرصد مدن وبلدات "درع الفرات"، و"عفرين"، ومحافظة إدلب. على أنه تم التركيز على المدن الرئيسية والبلدات التي شهدت نشاطاً اقتصادياً ملحوظاً. ووفقاً للتصنيف الصناعي المعياري الدولي فقد تم تصنيف القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية التي سيتضمنها التقرير كما يلي: قطاع الإسكان والتعمير، قطاع الكهرباء والمياه، قطاع النقل والاتصالات، قطاع الصناعة، قطاع التجارة، قطاع التمويل، قطاع الزراعة، قطاع الخدمات الاجتماعية، وقطاع النازحين داخلياً.

تم اتباع عدة أدوات في إطار عملية الرصد ممثلة بـ1) مكاتب المنتدى السوري المنتشرة في المناطق المحررة بإدلب وريف حلب وهي خمسة مكاتب؛ 2)متابعة المعرفات الرسمية للمجالس المحلية على الفيس بوك والتليغرام؛ 3)متابعة المنظمات العاملة، المحلية والأجنبية، في المنطقة ورصد نشاطاتها على الفيس بوك وتقاريرها الدورية؛ 4)متابعة التقارير الدولية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى ذات الشأن في سورية والتقارير الصحفية التي تحدثت عن المنطقة.

وقد تم رصد عدة مجالس محلية، فمن من محافظة إدلب تم رصد: معرة النعمان، كفرنبل، بداما، أريحا، إدلب، حارم، سرمدا، سراقب، جسر الشغور، خان شيخون؛ وفي ريف حلب تم رصد المجالس المحلية التالية: مارع، اعزاز، الباب، جرابلس، أخترين، قباسين، بزاعة، عفرين، صوران. أما المنظمات التي تم رصدها: إحسان للإغاثة والتنمية، هيئة ساعد الخيرية، لجنة إعادة الاستقرار، منظمة شفق، منظمة بنفسج، منظمة IHH، منظمة بنيان، تكافل الشام، منظومة وطن، وهيئة الإغاثة الإنسانية.

كما تم اعتماد استبانة للراصد تتضمن مجموعة من الأسئلة لكل قطاع من القطاعات المرصودة تمثل بشكل رئيسي القرارات والتشريعات الصادرة من المجلس المحلي والمنظمة العاملة. وقد عمد الراصد إلى تصميم جدول يظهر فيه تاريخ صدور القرار والجهة المصدرة ومكانها ومضمون القرار، وصمم جدول آخر لرصد كافة النشاطات والأعمال التي مورست ضمن الفترة المحددة وفي القطاعات محل البحث، تبين ماهية النشاط وحجمه ومكانه وتاريخ القيام به وعدد المستفيدين وعدد العاملين.

يُظهر الجدول أدناه القطاعات ونوعية النشاطات/القرارات المرصودة:

القطاع

النشاط /القرار

الخدمات الاجتماعية

1) ترميم وتعديل وصيانة وبناء المدارس والروضات والجامعات والمشافي والحدائق والملاعب والمرافق الإدارية العامة. 2) تنظيف وإزالة النفايات والأنقاض من شوارع المدينة. 3) تجميل أرصفة وطرقات المدينة.

النقل والمواصلات

1) ترميم وتعبيد الطرق في المداينة وخارجها بالبحص والاسفلت ؛ 2) ترخيص المركبات، 3)تسجيل شهادات السواقة

الكهرباء

1)ترميم وتعبيد وإصلاح أعمدة وشبكة الكهرباء؛ 2)تركيب أعمدة وكابلات وشبكة كهرباء؛ 3)تركيب أعمدة وأضواء تعمل على الطاقة الشمسية

المياه والصرف الصحي

1)ترميم وتعديل وإصلاح شبكات المياه والصرف الصحي؛ 2)تمديد شبكات المياه والصرف الصحي

الإسكان والتعمير

1)ترميم وتأهيل وبناء المنازل والأسواق والمحال التجارية؛2)ترخيص بناء سكني وتجاري (اعتبر البيان الذي يحوي على ترخيص لعدة مساكن أو أبنية على أنه بيان واحد)؛3)تنفيذ أعمال العزل وإزالة الأنقاض؛ 3)مناقصات مشاريع ترميم المنازل

الزراعة والثروة الحيوانية

1)مشاريع الزراعة ومنح دعم المزارعين بالبذار والمحاصيل والأسمدة والأدوية والأعلاف؛ 2)تلقيح الأغنام والأبقار؛ 3)طرح أراضي زراعية للإيجار عن طريق المزايدة

التمويل

1)القروض الحسنة للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر؛ 2)النقد مقابل العمل؛ 3)دعم النفقات التشغيلية؛ 3)دهم المشاريع التجارية الصغيرة؛ 4)منح مالية للمجالس المحلية

الصناعة

1)استدراج عروض لتصنيع أدوات ومعدات، 2)المشاغل والمعامل والمصانع

التجارة

1)مناقصات لتزويد المجلس بالمياه والمازوت؛ 2)مزايدة لتأجير محال وأكشاك وأراضي ؛ 3)طرح أصول للاستثمار

النزوح الداخلي

1)تأهيل المخيمات؛ 2)تعبيد الطرقات داخل المخيمات؛ 3)توريد مواد للمخيمات؛ 4)إنارة الطرق في المخيمات؛ 5)مشاريع للمياه والصرف الصحي والكهرباء في المخيمات

الاتصالات

1)ترميم وإصلاح شبكة الاتصالات؛ 2)تمديد شبكة اتصالات

 واجه الراصد عدة صعوبات تمثلت في بعدين مهمين؛ البعد الأول متعلق بتأزم الأوضاع العسكرية في إدلب من جهة، والوضع الأمني في منطقة "درع الفرات" و"عفرين" من جهة أخرى، وهو ما أسهم في تأخير عملية جمع المعلومات. والبعد الثاني مرتبط بصعوبة التواصل مع بعض المجالس وعدم تسجيلها لكل أعمالهم ونشاطاتهم على معرفاتهم الرسمية، أو عدم توضيح تلك النشاطات بشكل مفصل عند نشرها، ناهيك عن عدم التمكن من الحصول على البيانات المتعلقة بالقطاع الخاص كما يجدر التنويه إلى أن المجالس المحلية لم توثق جميع مذكرات التفاهم المعقودة مع المجالس المحلية.

أولاً: مؤشرات التعافي المبكر في النصف الثاني من عام 2018

بتحليل تفصيلي للبيانات المتعلقة بالمشاريع المنفذة في المناطق المرصودة خلال النصف الثاني من عام 2018؛ يوضح الشكلين رقم (1 و2) أن النسبة الأكبر للمشاريع كانت ضمن قطاعات المياه والنقل والمواصلات والإسكان والتعمير وهي القطاعات الأساسية لبدء التعافي؛ حيث فاقت عدد المشاريع في قطاع المياه بقية القطاعات الاقتصادية بواقع 69 مشروع، وتبعها على التوالي الإسكان والتعمير بـــ 63 مشروع والنقل المواصلات بـ51 مشروع. فيما حلت قطاعات مثل التمويل والكهرباء والصناعة والاتصالات في مراتب متأخرة، أما على سياق المناطق فقد حازت ريف حلب بشقيها الشمالي والشمالي الشرقي على معظم المشاريع كما في الشكل رقم (2)، بواقع 231 مشروع ما نسبته 68% مقابل 107 مشروع ما نسبته 32% لمحافظة إدلب وريفها؛ ويعود مرد هذا إلى التحسن الطفيف في البيئة الأمنية في تلك المناطق.

 

يبين الشكل رقم (3)، توزع المشاريع على المناطق المرصودة، حيث حازت مدينة الباب في ريف حلب على معظم المشاريع في كافة القطاعات، بواقع 65 مشروع وتلاها معرة النعمان في محافظة إدلب بواقع 42 مشروع، ومن ثم مارع في ريف حلب بـ34 مشروع. وفي سياق القرارات التي اتخذتها المجالس المحلية كما في الشكل رقم (4) بينت الأرقام حصول قطاع الزراعة والثروة الحيوانية على الحصة الأكبر من تلك القرارات بواقع 14 قراراً وتعميماً وتلاها التجارة والصناعة بـ8 قرارات والنقل والمواصلات بـ7 قرارات.

وتظهر البيانات توقيع المجالس المحلية 6 مذكرات تفاهم مع منظمات ومؤسسات للعمل في البلدات والمدن في مجالات مختلفة، كما تبين خلق ما يقرب من 70 فرصة عمل خلال الفترة المحددة بالبحث من قبل المنظمات العاملة في المنطقة والمجالس المحلية، ويعزى هذا العدد القليل إلى عدم توفر بيانات القطاع الخاص من جهة واعتبار المنظمات والمجالس هي المحرك الرئيسي للتوظيف، ومع غياب زخم المشاريع المنفذة من المجالس والمنظمات في قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة، الحوامل الأبرز في عملية التوظيف، تركزت المشاريع في قطاعات المياه والإسكان والتعمير والنقل والمواصلات التي لا تتحمل توظيف عمالة كبيرة.

 

فيما يتعلق بقطاع المياه والصرف الصحي؛ يظهر التقرير أنه تم تنفيذ 69 مشروع في صيانة وإصلاح شبكات المياه والصرف الصحي، إضافة لتمديد شبكات مياه جديدة في المنطقة، وحازت معرة النعمان في إدلب على أكثر المشاريع المنفذة في قطاع المياه في هذه الفترة، انظر الشكل رقم 5:

أما فيما يرتبط بقطاع الكهرباء؛ فقد تم تنفيذ 14 مشروع في إصلاح شبكة الكهرباء وإنارة الطرق عبر تركيب لوحات شمسية على أعمدة الكهرباء في المنطقة، وحازت معرة النعمان وقباسين على أكثر المشاريع المنفذة في هذه الفترة. (انظر الشكل رقم 6)؛

يشكّل تركيب نقاط ضوئية تعمل بالطاقة الشمسية في شوارع المدن والبلدات والمخيمات فرصة كبيرة لإبراز مصادر الطاقة البديلة والابتعاد قليلا عن المصادر التقليدية، ولا شك أن توسيع قاعدة الاعتماد على الطاقة البديلة لتشمل مرافق أخرى يمثل فرصة مهمة لتخفيض التكاليف على المصانع والمعامل والمحال التجارية التي شكت من ارتفاع تكاليف الكهرباء؛

 

وفي قطاع النقل والمواصلات؛ فقد تم تنفيذ 51 مشروع في ترميم شبكة الطرقات في المدن والبلدات وتعبيدها بالبحص والاسفلت، فضلا عن ترميم المنصفات وتحسين الدوارات وتجميلها. وحازت صوران على أكثر المشاريع المنفذة في هذا القطاع. انظر الجدول رقم (7):

وفي قطاع الإسكان والتعمير؛ تم تنفيذ 63 مشروع في مختلف المدن والبلدات المرصودة، فيما يتعلق بصيانة وترميم المباني وتشييد الأبنية السكنية والتجارية. وقد حازت مدينة الباب على أكثر المدن التي نفذت فيها مشاريع في هذا القطاع؛ مما يظهر تنامي مؤشرات الاستقرار فيها، واهتمام المجتمع والمنظمات العاملة في عمليات إعادة الترميم وبناء المنازل والأبنية والمرافق، انظر الشكل رقم (8)؛

وفي قطاع الخدمات الاجتماعية؛ شمل هذا القطاع ترميم المباني والمؤسسات والمرافق ذات النفع العام من المشافي والحدائق والمباني الإدارية. وقد تم تنفيذ 36 مشروع حازت بزاعة في ريف حلب الشمالي على الحصة الأكبر منها. انظر الشكل رقم (9).

وشهد قطاع الزراعة والثروة الحيوانية 32 مشروعاً على امتداد المنطقة المرصودة تخللتها تلقيح الأغنام والأبقار ودعم الفلاحين ومربي الحيوانات بالمواد الضرورية والأموال اللازمة لاستمرار أعمالهم في الزراعة وتربية الحيوانات. انظر الشكل رقم (10).

لا تزال مشاريع الزراعة والثروة الحيوانية دون المستوى المطلوب ولا تعبر عن هوية المنطقة الزراعية، إذ شكل قطاع الزراعة فيما مضى الرافعة الأولى في عملية التوظيف لأبناء المنطقة فضلا عن دوره البارز في الاستقرار والتعافي والأمن الغذائي، ولعل أحد الأسباب الرئيسية التي أسهمت في انخفاض المشاريع في هذا القطاع، هو هجرة الفلاحين ونزوحهم إلى مناطق أخرى، قلة الدعم المالي الكافي للمزارع سواء فيما يتعلق بالتكاليف التشغيلية من محروقات وسقاية وعمال، أو توفر الآليات والبذار والمواد الأخرى، فيما يقف عائق التسويق وعدم استقرار السعر وإمكانية تحقق خسائر في المحصول أحد العوامل التي تقف عائقاً في هذا القطاع. ولعل أحد أوجه الحل يكون بالتواصل الفعال مع مجتمع الفلاحين وجمعهم في تعاونية أو نقابة تتخصص في حل نقاط القصور في القطاع تتابع عملية الزراعة وسلامة المحاصيل وفق معاير وجودة إدارية عالية وترفع الثقة بالمحصول الوطني، وفيما يتعلق بالتسويق فقد يجدر العمل على مأسسة سوق جملة للمنطقة أجمع تسهل عملية بيع المحاصيل وتكون الوسيط بين المزارع والسوق؛

بلغ عدد المشاريع ضمن قطاع النزوح الداخلي 22 مشروعاً موزعة على تأهيل المخيمات وعزل الخيم ورصف الطرقات بينها وتمديد شبكة مياه وصرف صحي إضافة إلى إنارة المخيم بالضوء من خلال لوحات الطاقة الشمسية، وقد حازت المخيمات في جرابلس في مخيم زوغرة على أكثر المشروعات المنفذة في الفترة المحددة. انظر الشكل رقم (11).

على أهمية قطاع النزوح الداخلي والأعمال التي نفذت في المخيمات؛ إلا أن الإشكال لا يزال قائماً في فصل الشتاء، مع حصول الفيضانات فيها، وعدم قدرة المجالس والمنظمات العاملة على معالجة هذا الوضع المتأزم.

أما فيما يخص قطاع التمويل؛ فقد تم منح قروض حسنة للأسر الفقيرة لتمكينها في ممارسة نشاطات تجارية وزراعية تساعد في تأمين دخل مستقر. إضافة للمنح المقدمة للمجالس المحلية ودعم المشاريع الصغيرة. بلغ عدد المشاريع في هذا القطاع 16 مشروعاً (أنظر الشكل رقم 12). ويظهر هذا الرقم افتقار قطاع التمويل للمؤسسات المالية المختصة، كتلك التي تقدم قروضاً صغيرة ومتناهية الصغر للأسر والعاملين، إذ سيسهم وجودها في حقن السوق بالقطاع الخاص من أعمال الأشخاص المستفيدين من تلك القروض.

وفي قطاع الصناعة؛ شهدت الفترة المحددة عدة مشاريع في قطاع الصناعة من بينها تصنيع حاويات نفايات وأعمدة ضوئية وتصنيع ملابس. وقد بلغ عددها 7 مشاريع. انظر الشكل رقم (13)؛

هناك غياب واضح لقطاع الصناعة من قبل المجالس المحلية والمنظمات، ويعود هذا لغياب مدخلات الإنتاج ومن ثم غلاء ثمن أو غياب رافعات الطاقة، كالكهرباء والمحروقات؛

وفي قطاع التجارة؛ تضمن هذا القطاع المشروعات التجارية المنفذة في المنطقة من توريد أجهزة إنارة وبطاريات ومياه وبحص واسفلت ومازوت ومواد أخرى، وتم تنفيذ 27 مشروع في الفترة المحددة من قبل المنظمات والمجالس المحلية. انظر الشكل رقم (14).

وفي قطاع الاتصالات؛ تم تفعيل الكبل الضوئي للاتصالات في قرية تلمنس بريف إدلب وربطه بمقسم مدينة معرة النعمان.

إذاً: من خلال تشخيص واقع التعافي المبكر في المنطقة المرصودة أظهرت البيانات أن عدد المشاريع التي تم تنفيذها في منطقة ريف حلب الشمالي والشرقي وإدلب في الفترة الزمنية المحددة بين 1 حزيران و31 كانون الأول 2018 نحو 338 مشروع موزعة على القطاعات الاقتصادية المدروسة. وتركزت معظم المشاريع في قطاعات المياه والإسكان والتعمير والنقل والمواصلات حيث حازت المراتب الثلاثة الأولى في عملية التعافي المبكر بالمنطقة، وحاز ريف حلب على النسبة الأكبر من تلك المشاريع بمقدار 231 مشروعاً مقابل 107 مشروع في إدلب وريفها. ومن بين المناطق المرصودة حازت الباب على الحصة الأكبر من تلك المشاريع بواقع 65 مشروعاً، وبعدها معرة النعمان بـ 42 مشروعاً ومن ثم مارع بـ 34 مشروعاً. تشكل هذه الأرقام دالة أو قاعدة أساس لمقارنتها بالأرقام التي سيصدرها التقرير في النصف الأول من العام 2019.

 

ثانياً: مؤشرات التعافي المبكر في النصف الأول من عام 2019

بنظرة تفصيلية يظهر الشكل رقم (15- 16) توزع المشاريع على القطاعات المرصودة، وتوزعها على منطقتي ريف حلب الشمالي والشرقي (درع الفرات وعفرين) ومحافظة إدلب:

 

بيرز الشكل رقم (15) حيازة قطاع النقل والمواصلات على أكثر المشاريع في المنطقة بواقع 63 مشروع ومن ثم الإسكان والتعمير بواقع 48 مشروع والمياه عبر 42 مشروع، فيما كانت الصناعة والنزوح الداخلي والتمويل من بين أقل القطاعات التي نفذت فيها مشاريع. وبرزت مدينة الباب كأكثر المدن التي نُفذ فيها مشاريع بواقع 51 مشروعاً بحسب الشكل رقم (16) وبعدها مدينة اعزاز بـ49 مشروع والمفارقة واضحة من حيث النشاطات والفعاليات التي تم تنفيذها لدى مقارنة هاتين المدينتين مع المدن والبلدات الأخرى.

كما يبين الشكل رقم (17) الفارق في تنفيذ المشاريع مئوياً بين المنطقتين المرصودتين، ريف حلب الشمالي والشرقي نفذ فيها 209 مشروع بينما نفذ في إدلب وريفها 53 مشروع، أي أن السمة العامة في هذه الفترة هي انخفاض المشاريع في إدلب وريفها بنحو النصف عن الست أشهر الماضية ويعود هذا للحملة العسكرية التي شنتها روسيا وقوات الأسد على إدلب وتهديد أمنها؛ فيما يُظهر الشكل (18) عدد القرارات التي اتخذتها المجالس المحلية في هذه القطاعات. حيث حاز قطاع النقل والمواصلات على أكثر القرارات المتخذة بواقع 13 قرار ويأتي بعده قطاع التجارة والصناعة بواقع 10 مشاريع.

 

وعند مقارنة فرص العمل ومذكرات التفاهم بين النصف الثاني من عام 2018 والنصف الأول من عام 2019 كما يظهر الشكل رقم (19)، يتضح انخفاض فرص العمل من 70 فرصة في 2018 إلى 42 في 2019 مقابل بقاء مذكرات التفاهم عند نفس المستوى. ويعزى هذا السبب إلى خروج إدلب عن فعالية النشاطات والمشاريع مع اتساع رقعة المعارك في ريفها وتهديد عمق المحافظة وبروز حالة من عدم الاستقرار والضبابية، وبالنسبة لقلة فرص العمل فأحد الأسباب الرئيسية متعلق بانخفاض زخم المشاريع في قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات مقابل تركزها في قطاعات مثل المياه والنقل والمواصلات والتي لا تحتاج إلى عدد عمال عالٍ، ومن جهة أخرى تبقى مسألة غياب بيانات القطاع الخاص من بين الأسباب الوجيهة في انخفاض الرقم؛  

فيما يتعلق بقطاع المياه؛ فإنه على مدار الست أشهر الأولى من العام 2019 نفذت المجالس المحلية والمنظمات العاملة 42 مشروعاً في مجال المياه على شاكلة إصلاح الأعطال في الشبكة وتمديد شبكات جديدة في المدن والبلدات فضلا عن ترميم شبكات الصرف الصحي.

 بينما تم تنفيذ نحو 13 مشروعاً في قطاع الكهرباء من قبيل إصلاح شبكة الكهرباء في المدن والبلدات وصيانة خطوط التوتر العالي والمنخفضة، وتركيب نقاط ضوئية تعمل على الطاقة الشمسية في الطرقات.

وفي قطاع الإسكان والتعمير؛ حظيت مدينة الباب في الحصة الأكبر من المشاريع المنفذة فمن أصل 48 مشروع حازت المدينة على 34 منها، إذ تم ترخيص أبنية سكنية وتجارية في مناطق عقارية بالمدينة، كما شهدت هذه الفترة أيضاً ترميم العشرات من المنازل وتأهيلها.

 

فيما يتعلق بقطاع الخدمات الاجتماعية؛ فقد تم تنفيذ 22 مشروعاً في ريف حلب وإدلب في حين نفذت أغلب المشاريع خلال الفترة المحددة في مدينة اعزاز، وشملت المشاريع المنفذة تشييد الملاعب والحدائق وألعاب الأطفال والمرافق العامة وتجهيزها وترميم مبانٍ إدارية كالمجالس المحلية.

 

وفيما يتعلق بقطاع الزراعة والثروة الحيوانية؛ فعلى الرغم من أهمية الزراعة والثروة الحيوانية لما تقدمه من مستوى متقدم للأمن الغذائي من جهة وتوظيف أشخاص أكثر من جهة أخرى؛ إلا أنه لم يتم تنفيذ سوى 21 مشروعاً ومحصورة في تلقيح الأغنام وحملات التشجير ودعم مشاتل غراس الأشجار المثمرة واستنبات الشعير ودعم المزارعين بالأسمدة والمعدات الزراعية اللازمة، إضافة إلى افتتاح سوق للماشية وتنفيذ مشاريع في الثروة الحيوانية.

بالنسبة لقطاع النقل والمواصلات؛ لقد حاز هذا القطاع على أغلب المشاريع المنفذة في الفترة المدروسة، حيث بلغ عدد المشاريع المنفذة 63 مشروعاً حازت اعزاز على الحصة الأكبر منها، بواقع 21 مشروعاً في تعبيد الطرقات وتحسين الدوارات ورصف المنصفات والشوارع بالحجر وتزفيت بعض الطرقات بين المدن والبلدات؛ وهذا يعبر بصورة واضحة عن الجهود المبذولة من قبل المجالس المحلية والمنظمات لتعافي المنطقة، إذ يشكل هذا القطاع حجر أساس لازدهار قطاعات أخرى من بينها التجارة والصناعة، وقد حازت منطقة الباب على أكثر تلك المشاريع وهو ما يستدعي إبراز أهمية المنطقة الصناعية الموجودة في الباب وما تشكله من حافز على القيام بالمزيد من مشاريع تعبيد الطرقات بين الباب والمدن الأخرى والطرقات الداخلية إضافة إلى تنظيم كافة الشؤون المتعلقة بالطرقات والسيارات.

ا

وفي قطاع الصناعة سجل إجراء جرت مناقصة في صوران لتصميم قبان أرضي سعة 100 طن وتركيبه، وتصنيع حاويات نفايات نصف برميل في إدلب. ويسجل قطاع الصناعة ضعفاً واضحاً في إطار المشاريع المنفذة في المنطقة، ويعزى هذا إلى عزوف رأس المال على إنشاء المعامل والمصانع لأسباب تتعلق بغلاء مدخلات الإنتاج والمناخ غير المستقر في المنطقة والذي يعزى لأسباب تتعلق بالتدهور الأمني واستمرار الحرب.

وفي قطاع التجارة فقد سجل التقرير تنفيذ 24 مشروع في المنطقة كالدخول في مناقصات لشراء أدوات زراعية ومواد غذائية ومواد قرطاسية وبيع حديد مستعمل وشراء مادة المازوت وتأجير محلات وتشغيل أفران.  

وفيما يتعلق بقطاع التمويل؛ فقد بلغ عدد المشاريع في قطاع الخدمات التمويلية 17 مشروعاً في دعم سبل العيش وتقديم قروض حسنة ودعم المشاريع الصغيرة ومشاريع العمل مقابل النقد. ويسجل في هذا القطاع وضوح مشكلة ضعف مشاريع التمويل بسبب عدم توفر مؤسسات مالية مختصة تقدم قروض صغيرة ومتناهية الصغر للقيام بأعمال متنوعة للعوائل تسهم في توفير سبل العيش وخلق مداخيل معقولة؛

وفي قطاع النزوح الداخلي لا تزال المشاريع التي تخص المخيمات ضعيفة، إذ تم تنفيذ 10 مشاريع فقط، فيما حاجة المخيمات إلى مشاريع نوعية تسهم في علاج المشاكل التي ظهرت في فصل الشتاء بالأخص؛ وهذه المشاريع كانت لصالح المخيمات في ريف حلب وإدلب كعزل ورفع الخيم وتعبيد الطرق بالبحص وإنارة الطرق بين المخيمات بالضوء المستمد من الطاقة الشمسية.

عموماً أظهرت البيانات أعلاه أن عدد المشاريع التي تم تنفيذها في المنطقة المرصودة في الفترة الزمنية المحددة بين 1 كانون الثاني 2019 حتى 31 حزيران 2019 بنحو 262 مشروع موزعة على القطاعات الاقتصادية المدروسة، تركزت معظم المشاريع في قطاعات النقل والمواصلات والإسكان والتعمير والمياه حيث حازت المراتب الثلاثة الأولى على التوالي في عملية التعافي المبكر بالمنطقة، وحصلت ريف حلب على النسبة الأكبر من تلك المشاريع بمقدار 209 مشروعاً مقابل 53 مشروعاً في إدلب وريفها. ومن بين المناطق المرصودة حافظت مدينة الباب على الحصة الأكثر من المشاريع بواقع 51 مشروع، وبعدها اعزاز بـ 49 مشروع وصوران بـ 20 مشروع.

ثالثاً: مؤشرات تعافٍ محفوفة بتحديات جمة

تظهر المقارنة بين فترتي الدراسة النصف الثاني من 2018 والنصف الأول من 2019 عدد من الملاحظات من بينها خسارة عملية التعافي المبكر في المنطقة المدروسة عدد من المشاريع من 338 مشروع في 2018 إلى 262 مشروع في 2019 نتيجة خروج إدلب وريفها بشكل رئيسي يعد اتساع رقعة المعارك إليها؛ وتوضح عملية المقارنة أيضاً جملة من المؤشرات الأولية في القطاعات المرصودة موضحة كالآتي (انظر الشكل رقم 28):

  • تنامي مؤشر التعافي المبكر في قطاعات النقل والمواصلات والتمويل والزراعة والثروة الحيوانية؛ حيث حافظت على مستوى متقدم في المشاريع في هذا النصف بالمقارنة مع النصف السابق وهي إشارة لقراءة صحيحة للقائمين بالمنطقة وما تحتاجه في هذه المرحلة؛
  • تعثر مؤشر التعافي المبكر في قطاع الصناعة؛ حيث لا تزال الصناعة تعاني تحت وطأة غلاء مدخلات الإنتاج والمناخ غير المستقر وضعف التمويل؛
  • انخفاض عدد المشاريع في ريف حلب وعفرين في النصف الأول من 2019 عن النصف الثاني من 2018 بواقع 22 مشروعاً، ويعزى هذا الأمر إلى عدم تكثيف المجالس المحلية لمشاريعها في قطاعات محددة، والمخاوف وحالة عدم الاستقرار التي فرضتها المعارك في إدلب وريفها؛
  • اعتماد مؤشرات التعافي على السياسات التركية؛ حيث تعتمد المنطقة في مشاريعها على الداعم التركي بشكل مباشر أو غير مباشر، ظهر هذا من خلال المنظمات التركية مثل IHH وهيئة الإغاثة الإنسانية والمنظمات الأخرى إضافة للزيارات المتكررة من مسؤولي تركيا إلى منطقة "درع الفرات" و"عفرين" وإلقاء نظرة على المشاريع القائمة.

بالعموم يظهر الاتجاه الهابط في عملية التعافي المبكر في المنطقة بسبب انخفاض عدد المشاريع في القطاعات المدرسة بعد المعارك في إدلب وريفها، ومع ذلك فإن المجالس المحلية قامت بدور فعّال في إدارة النشاطات والمشاريع في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وأثبتت قدرتها على التوائم في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة، ومن ثم عقد مذكرات تفاهم مع المنظمات والمؤسسات ومنح التراخيص للأعمال المتنوعة يشير إلى تطور قدرة المجالس المحلية في ضلوعها بجانب الحوكمة وإدارة الموارد، ويرسل إشارة إلى كافة المناطق بقدرتها على القيام بالأمر نفسه واعتماد كل بلدة ومدينة على المجلس المحلي في إدارة شؤونها والنهوض بها. كما أظهر التقرير أيضاً رشاقة جهاز المجلس المحلي ككادر ومشرّع، وهو أمر يمكن الاستفادة منه بشكل يعطي ثقة أكبر بالمجلس وحقنه بالكفاءات والخبرات الضرورية لتطويره والاستجابة لمتطلبات المرحلة.

الشكل رقم (29): مقارنة عدد المشاريع خلال فترتي الدراسة في القطاعات المرصودة

 

وبتلمس جوانب القوة والضعف في القطاعات المرصودة في مناطق "درع الفرات" و"عفرين" ومحافظة إدلب، فقد بيّن التقرير عدة منلاحظات؛ وابتدءاً من نقاط الضعف يمكن تبيان ما يلي:

  • غياب واضح لزخم المشاريع في مدنية عفرين بالقطاعات الاقتصادية المرصودة كما في "درع الفرات"، لأسباب تتعلق بحجم التحديات التي يواجهها المجلس المحلي وتدهور مؤشرات الاستقرار الأمني الذي ساهم في عدم استقرار المنطقة عموماً وبالتالي عدم استقطاب التجار والصناعيين.
  • غياب دور الحكومة السورية المؤقتة بتوفير إطار ناظم يجمع المجالس المحلية جميعها ويوحد قراراتها بالشكل الذي يعود بالفائدة على المنطقة جميعها.
  • يعد غياب البيئة القانونية الناظمة التي تسهم في حماية حقوق الملكية ورأس المال من أبرز العوامل المنفرّة للمستثمر ورجال الأعمال، وبالتالي ضعف بيئة ومناخ العمل في المنطقة. ولا يزال سلك القضاء في المنطقة المدروسة لا يرقى إلى المستوى المطلوب.
  • عدم توحيد غرف التجارة والصناعة في كافة المدن والبلدات بغرفة واحدة (ولو لغايات تنسيقية) تعبر عن قرار وهَمْ واحد، إذا اعتبرنا أن انتشار هذه الغرف بالمنطقة هو حالة صحية في الأساس.
  • لم تتمتع بعض المجالس المحلية بالشفافية والكفاءة المطلوبة في العمل، وبالأخص من ناحية إحصاء النشاطات والأعمال في المدينة أو البلدة، ومأسسة هذا العمل على شكل مؤشرات لقراءة الواقع والاعتماد عليها في التنبؤ بالمستقبل، علما أن هذا الأمر سيعبر عن بيئة منتظمة ومناخ شفاف في عرض الرقم والمعلومة.
  • تركز المشاريع في بعض القطاعات دون قطاعات أخرى، لا يعبر عن حالة صحية في هذه المرحلة، البارزة، مع توجه معظم المشاريع إلى المياه والنقل المواصلات والخدمات الاجتماعية. لم يكن هناك اهتمام بقطاعات مثل الزراعة والصناعة بشكل كبير، وهي أحد أوجه القصور التي تعاني منها المنطقة وتحد من تطورها، علماً أن الزراعة هي هوية المنطقة وعُدت فيما سبق المشغّل الرئيسي للعمالة.
  • عدم قدرة المجالس المحلية على ضبط الأثمان الداخلية، يُسهم بشكل كبير في عدم خدمة الفئة السائدة في المجتمع، وارتفاع عام في الأسعار بدون مبررات حقيقية وانتشار حالات الاحتكار والفساد. وارتفاع تكاليف المعيشة على أصحاب الدخل المحدود.
  • ارتفاع أسعار المواد الأولية وعدم قدرة المجالس المحلية في التأثير على مدخلات الإنتاج وحوامل الطاقة (الكهرباء والفيول)، يُعد من أبرز العوامل في عدم رفد عملية التعافي المبكر وجذب المزيد من الأعمال وتطور الأسواق.
  • لا شك أن تعدد الهيئات الحاكمة من إدلب لدرع الفرات وعفرين أثر على مسار التعافي المبكر وجعل كل منطقة تدرس على حدى، ونتيجة لوجود حكومة الإنقاذ في إدلب والتي تتبع لهيئة تحرير الشام ومن ثم بقاء مصير إدلب معلقاً باتفاقات هشة في أستانا وسوتشي، أسهم كل ما ذكر في ضعف تمثيل إدلب في التعافي المبكر وخروجها من الحسابات مع بداية العمليات العسكرية فيها.

ونورد فيما يلي نقاط القوة:

  • قدرة المجالس المحلية على التأقلم مع الظروف المتقلبة في المنطقة وتنفيذ مشاريع وخدمات للسكان وتوقيع مذكرات تفاهم مع المنظمات والمؤسسات يعد بحد ذاته خطوة مهمة تُحسب للمجالس وإدارتها.
  • تأمين خدمتي المياه والكهرباء في معظم المناطق أسهم في إزالة هم كبير على كاهل السكان، بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وعدم تأمين مياه الشرب كل أيام الأسبوع، مؤخراً.
  • ترميم وتعبيد الطرقات الرئيسية داخل المدن وبين المدن والبلدات يشكل نقطة فارقة في تطوير التجارة، وقد أظهرت الأعمال المنجزة في هذا القطاع اهتمام واضح في هذا الشأن.
  • حركة المنظمات والمؤسسات الإغاثية والتنموية ومساهمتها في إنعاش العديد من القطاعات عبر القيام بالمشاريع، وتوقيع مذكرات التفاهم مع المجالس المحلية شكلت حامل أساسي في عملية التعافي المبكر بالمنطقة.
  • أبرزت التراخيص الممنوحة للأهالي في مدينة الباب وغيرها من المدن والبلدات، لبناء المنازل أهمية على صعيد إعادة إعمار البيوت المهدمة جراء الحرب وبناء منازل جديدة، وبالتالي الرغبة في الاستقرار وتحريك سوق الإنشاءات والإسكان وكل ما يتعلق بمستلزمات المنازل.
  • أسهمت الحالة الأمنية المستقرة في بعض المناطق المدروسة وعدم تدخل الفصائل في إدارة الشؤون المدنية، بشكل فعّال في إطلاق مشاريع والعمل في القطاعات المتنوعة.
  • الاعتماد على الطاقة البديلة في إنارة الطرقات، شكل نقلة نوعية في المنطقة بالاعتماد على طاقة الشمس، وتمهد الطريق قدما نحو دخول مشاريع في هذا القطاع الحيوي والهام والذي من شأنه أن يحقق تنويع في مصادر الطاقة.
  • أسهمت مشاريع النزوح الداخلي، على قصورها، في توفير حياة أكثر استقراراً نوعاً ما للمخيمات المنتشرة، وتوفير بعض الخدمات الأساسية من مياه للشرب وصرف صحي وكهرباء وإنارة الطرقات بين الخيم إضافة للخدمات المقدمة للخيمة من عزل ورصف أرضيتها بالبحص.

توصيات ختامية

بناء على تحليل البيانات أعلاه وتلمس جوانب الضعف والقصور يوصي التقرير بجملة من التوصيات التي من شأنها توفير أطر رئيسية لعملية التعافي المبكر التي تعتبر تحدياً رئيسياً لقوى المعارضة في الشمال السوري؛ ومنها نذكر:

  • استثمار حركة نشاطات التعافي المبكر في درع الفرات وعفرين، بمزيد من دعم المجالس المحلية لإرساء قواعد الاستقرار ودعم سبل العيش للسكان.
  • العمل على إبراز دور أكبر للجانب القانوني في المنطقة عبر تسجيل حقوق الملكية للعقارات والأملاك المختلفة، وأتمتة عملية الوصول وصفقات البيع والشراء وإصدار الثبوتيات الورقية فيها.
  • مأسسة القطاع الخاص بالشكل الذي يبدو دوره واضح أكثر في المنطقة، بحيث يتشارك مع المجالس المحلية التي تمثل الحكومة (القطاع العام) في إدارة شؤون المنطقة، وعليه يمكن أن تعمل المجالس المحلية في تقديم نفسها كبيئة عمل جاذبة وليست طاردة للقطاع الخاص والمستثمرين، بحيث تجهز بالقوانين والسياسات التي تحمي حقوق القطاع الخاص وأمواله، وتساعد في عملية الترخيص وكل ما من شأنه تسهيل العمل.
  • تعريف هوية المنطقة عبر الاهتمام أكثر بالزراعة والصناعات المرتبطة بها، واستصدار شهادات منشأ وفق المعايير العالمية بالتعاون والتنسيق مع المنظمات الدولية وأخذ شهادات بهذا الشأن للتمكين من تسويقها في العالم.
  • العمل على تأسيس مكتب إحصاء يسهم في تصدير أرقام وبيانات عن كل ما له علاقة بالقطاعات الاقتصادية وتصديرها في نشرات دورية، تعبر عن نظرة شفافة بهدف الارتقاء بالحوكمة وخلق بيئة آمنة للمستثمر تسهم في استقطاب رؤوس أموال للاستثمار فيها.
  • عرض بعض المؤسسات التي تديرها المجالس المحلية للقطاع الخاص أو إيكال مهام إدارتها للقطاع الخاص، أصيل ووكيل، بعد دراسة وافية لخصخصة المؤسسة من حيث السلبيات والإيجابيات.
  • العمل على مأسسة قطاع التمويل عبر سن القوانين والتشريعات الناظمة، ومن ثم انبثاق مؤسسة تتبع للمجالس المحلية تعنى بإدارة الفوائض المالية وتوجيهها في قنوات استثمارية بالمنطقة تسهم في رفدها الخدمات والسلع اللازمة وخلق فرص عمل، ومن ثم جذب مؤسسات تقدم ائتمان وقروض صغيرة ومتناهية الصغيرة، واستشراف المرحلة التي يمكن معها فتح بنوك ومصارف ومؤسسات الخدمات المالية وإصدار سندات وصكوك.
  • الاهتمام أكثر بالسوق محط تصريف المنتجات ولقاء العرض مع الطلب، وبالتالي العمل بشكل أكبر على ضبط الأثمان وحركة السيولة قدر المستطاع.
  • الاعتماد على الأفكار الخلاقة في تأمين موارد الطاقة، والاعتماد أكثر على الذات من خلال مصادر الطاقة البديلة من الشمس والرياح والنفايات، في تأمين الكهرباء والمحروقات.

أخيراً:

مما لا شك فيه؛ تشكل جهود التعافي الاقتصادي المبكر أولى الخطوات الحاسمة نحو التصدي بشكل منهجي لأوجه الضعف الكامنة داخل المجتمع الذي يعاني من تبعات الصراع والكوارث ونقله نحو التنمية المنصفة. وقد أسهم الاستقرار النسبي الحاصل في شمال حلب؛ "درع الفرات" و"عفرين"، في التهيئة "المقبولة" لانطلاق مشاريع وأعمال ونشاطات تعود بعوائد اقتصادية للسكان وتسهم في إرساء قواعد الاستقرار في المنطقة. وتتعاظم مسؤوليات وتحديات مؤسسات المعارضة ذات الوظائف الحوكمية كالمجالس المحلية والمنظمات العاملة وتحدياتها؛ ويجعلها أكثر مطالبة في إنجاز هذا التحدي.

 

مناف قومان
مدخل شهدت سورية خلال الأيام القليلة الماضية تحولاً تاريخياً تمثل بانتصار الثورة في إسقاط نظام…
السبت كانون1/ديسمبر 21
نُشرت في  أوراق بحثية 
محمد السكري
ملخص تنفيذي برزت أهمية مفهوم النقابات كمساهم في صيرورة بناء المؤسسات وعملية الدمقرطة في الدولة…
الخميس كانون1/ديسمبر 19
نُشرت في  أوراق بحثية 
مروان عبد القادر
شهدت سورية منذ بداية الثورة في عام 2011 حالة من الاضطراب السياسي والعسكري، تمثلت في…
السبت كانون1/ديسمبر 14
نُشرت في  مقالات الرأي 
فرح أبو عياده, حسن جابر
ملخص تنفيذي باستمرار الاستهداف الإسرائيلي على الأراضي السورية؛ يُفسر نأي النظام السوري عن الانخراط في…
الإثنين تشرين2/نوفمبر 25
نُشرت في  أوراق بحثية