أخبار عمران

ملخص عام

يستعرض هذا التقرير أهم الأحداث السياسية والأمنية والاقتصادية في سورية خلال شهر حزيران 2024. على الصعيد السياسي، تتزايد مؤشرات تقدم الخطوات المتبادلة بين تركيا والنظام ضمن مسار التطبيع بين الجانبين، في حين أعلنت الإدارة الذاتية تأجيل الانتخابات المحلية والتي أثارت غضب تركيا فزادت من حدة تهديداتها واضعة هدف القضاء على مشروع الإدارة على رأس أجندة تطبيعها مع النظام. أمنياً، تصاعد العنف في عموم الجغرافية السورية، حيث بلغ عدد الضحايا خلال النصف الأول من هذا العام 429 قتيلاً من المدنيين و700 من العسكريين. أما اقتصادياً، فلا يزال ارتفاع الأسعار بشكل كبير العنوان الاقتصادي الأبرز في عموم سورية، إضافة إلى زيادة التمدد الإيراني في القطاع المالي السوري.

التطبيع التركي مع نظام الأسد: تحولات سياسية ومآلات مستقبلية

احتلت آخر التطورات المتعلقة بالتقارب التركي مع نظام الأسد المساحة الأوسع من النقاشات المتعلقة بالملف السوري، فبعد تصريح رئيس الوزراء العراقي حول إنشاء أرضية للتوافق والحوار بين النظام وتركيا وتأكيده أن المحادثات جارية بالفعل بين الطرفين؛ توالت التصريحات التركية حول الخطوات التطبيعية القادمة، خاصة مع تنازل النظام عن شرط الانسحاب الفعلي للقوات التركية من سورية إلى "إعلان استعدادها للانسحاب" وتقديم تعهدات بذلك، وفقاً لوزير خارجية النظام فيصل المقداد. فيما اعتبر وزير الخارجية التركي أن وقف القتال بين النظام والمعارضة لفترة طويلة أمر بالغ الأهمية يقتضي من النظام تقييم مرحلة الهدوء هذه بعقلانية لحل مشكلاته الدستورية وتحقيق السلام مع معارضيه، وإعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وتوحيد الجهود مع المعارضة لمكافحة الإرهاب وخاصة حزب العمال الكردستاني.

تكثف روسيا مساعيها الحثيثة لتسريع خطوات التطبيع بين الجانبين ورعاية لقاء ثنائي على المستوى الرئاسي يجمع أردوغان مع بشار الأسد، استثماراً للمخاوف التركية من الانتخابات المحلية وترسيخ مشروع "الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا"، في حين تتبع تركيا سياسة "المسارات المتوازية" وتسعى لتحسين علاقتها مع موسكو كما تستعد لمرحلة ما قبل الانتخابات الأمريكية واحتمالية وصول ترامب للسلطة وتداعيات ذلك على المنطقة.

رغم تصاعد مؤشرات التقارب التركي مع نظام الأسد خلال هذا الشهر، إلا أن مسار التطبيع بين الجانبين بدأ منذ أواخر عام 2022 خلال المحادثات الرباعية على المستوى الأمني والاستخباراتي برعاية روسية ومشاركة إيرانية، والتي تعدت كونها محادثات استثنائية لتكون مؤشراً على بدء مسار جديد للتطبيع، وإن بدا متعثراً في البداية نتيجة الشروط المسبقة والتدخلات الخارجية، إذ يشير إصرار تركيا على عقد اللقاءات الثنائية مع النظام دون مشاركة أطراف أخرى إلى الدور الإيراني الذي ربما كانت تعتبره معرقلاً. أما عن التوقعات حول مستقبل مسار التطبيع فيبدو أنه لا يزال بحاجة الكثير من الوقت، فالأجندة المقترحة من الطرفين تبدو معقدة وتفوق قدرات الجانبين على تحقيقها، حيث ترغب تركيا بمحاربة "الإرهاب" والقضاء على مشروع الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية، في حين أن النظام غير قادر على تحقيق ذلك.

من جهتها، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في "الإدارة الذاتية" تأجيل انتخابات البلدية التي كان مقرراً إجراؤها في حزيران إلى شهر آب/ أغسطس، استجابة لمطالب الأحزاب والتحالفات السياسية. وكان إعلان إجراء الانتخابات قد لقي رفضاً تركياً وتهديدات باللجوء إلى القوة لمنع إجرائها على اعتبار أنها تكرس التقسيم وفق التصريحات التركية. كما أعلنت الولايات المتحدة أن الظروف غير مهيأة لإجراء انتخابات شفافة وشاملة. مما يشير إلى أن قرار تأجيل الانتخابات كان نتيجة غياب الدعم الأمريكي وجدية التهديدات التركية التي دفعت العديد من الأطراف المحلية المؤيدة للإدارة الذاتية للضغط باتجاه إلغاء الانتخابات لتجنيب المنطقة عمليات عسكرية جديدة. إلا أن تحديد موعد الانتخابات ثم تأجيلها وضع الإدارة في مأزق، إذ بدا المشهد وكأنه رهين للإرادة التركية وموافقتها كشرط لازم لأية استحقاقات قادمة في شمال شرق سورية. لذلك تصر الإدارة على عدم إلغاء الانتخابات بل تأجيلها إلى موعد جديد، في حين أن التحركات التركية الأخيرة باتجاه التطبيع مع النظام تستهدف بالدرجة الأولى مشروع الإدارة الذاتية وتفتح الباب أمام سيناريوهات عديدة لمستقبل المنطقة ككل.

على صعيد آخر، عقدت هيئة التفاوض اجتماعها الدوري في جنيف بحضور عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني من داخل سورية وخارجها وممثلي الدول العربية والأوروبية، تخلله لقاء المبعوث الدولي لسورية غير بيدرسون لاستعراض مستجدات العملية السياسية. وأكد البيان الختامي على أن قرار مجلس الأمن رقم 2245 هو الصيغة الشرعية للوصول إلى حل سياسي مستدام، وأن سورية حالياً ليست آمنة لعودة اللاجئين، ورفض "الانتخابات الشكلية" في مناطق سيطرة النظام وتلك التي تعتزم "الإدارة الذاتية" إجراءها لاحقاً.

تزايد مؤشرات تصاعد العنف في مختلف مناطق النفوذ

رغم التفاهمات الأردنية مع النظام والضغوط العربية عليه فيما يتعلق بملف تهريب المخدرات؛ لا تزال الأردن تعاني من خطر انتشار شبكات التهريب، حيث أحبطت السلطات الأردنية أكبر محاولة تهريب منذ عدة شهور، ضبطت فيها9.5  مليون حبة من أقراص الكبتاجون المخدر، و143 كيلوغراماً من مادة الحشيش، كانت معدةً للتهريب عبر الأردن إلى دولة ثالثة.

وفيما يتعلق بمسار التغيرات في المؤسسة العسكرية للنظام، بعد وقف العمليات العسكرية الواسعة وانخراط النظام بمسارات التواصل الإقليمية؛ يسعى النظام للقيام بتغييرات داخل بنية مؤسسته العسكرية تهدف -بحسب التصريحات الرسمية- إلى تسريح عناصر الخدمة الاحتياطية على ثلاث مراحل حتى الربع الأخير من عام 2025، وصولاً للاعتماد على المتطوعين لبناء "جيش محترف". ويأتي ذلك تزامناً مع إصدار وزارة الدفاع التابعة للنظام أمراً إدارياً يقضي بوقف استدعاء الضباط الاحتياطيين ممن بلغوا 40 عاماً وأتموا سنتين من الخدمة، وتسريح صف الضباط والأفراد الاحتياطيين ممن أتموا 6 سنوات من الخدمة.

على الصعيد الميداني، استمرت محافظة السويداء بالتظاهر ضد النظام، إضافة إلى تنفيذ حملة ملصقات ضد الانتخابات مجلس الشعب التي ستعقد في منتصف تموز الحالي. كما شهدت المحافظة اشتباكات بين مجموعات محلية مسلحة وقوات النظام، اندلعت عقب تثبيت النظام حاجزاً أمنياً جديداً إثر قيام مجموعات محلية بخطف 15 عنصراً من قوات النظام رداً على اعتقال الأخير ناشطة مدنية.

وفي شمال حلب، أعلن المجلس المحلي لمدينة الباب عن افتتاح معبر أبو الزندين بين مناطق المعارضة والنظام، واعتماده كمعبر تجاري رسمي بغية تحسين الظروف المعيشية لأهالي المنطقة وتعزيز النشاط الاقتصادي المحلي. إلا أن القرار تزامن مع تزايد مؤشرات التطبيع التركي مع النظام، ويأتي في ضوء التفاهمات الروسية كمحاولة لفتح الخطوط التجارية بين مناطق النفوذ. وفي ظل غياب مظلة سياسية وحوكمية قادرة على البت في مثل هكذا قضايا؛ تباينت ردود الأفعال حول القرار، إذ اعتبره تجار ومستثمرون شرياناً حيوياً للتبادل التجاري والتنقل وفرصة لتقليل عمليات التهريب الحاصلة بين المنطقتين وخفض أسعار السلع نتيجة توفرها، في حين هاجم بعض الأهالي وعناصر من الجيش الوطني معبر أبو الزندين وحطموا بعض المعدات داخله رفضاً لقرار فتحه، بينما أصدرت عدة جهات بياناً طالبت فيه بإدارة مدنية للمعبر خارج سيطرة الفصائل العسكرية، وبإشراف المؤسسات المحلية المسؤولة عن إدارة المدينة وإيجاد آلية لضبط المعبر أمنياً واقتصادياً.

من جهة أخرى، شهد هذا الشهر تصاعداً كبيراً في أعمال العنف المستمرة شمال شرق سورية، حيث وثَّق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 62 شخصاً بينهم 40 مدنياً بطرق وأساليب مختلفة، وذلك نتيجة 37 عمل عنف بين اقتتال عشائري وجرائم قتل، ونحو 20 عملية لخلايا تنظيم داعش، إضافة إلى استهدافات جوية من قبل المسيّرات التركية.

وكذلك تزايدت مؤشرات العنف في مختلف مناطق النفوذ، حيث وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 429 مدنياً في سورية خلال النصف الأول من عام 2024، بينهم 65 طفلاً و38 سيدة، و53 شخصاً تحت التعذيب. وتوزعت النسب الأعلى للضحايا كما يلي: 27% في محافظة درعا، و18% في دير الزور، و14% في كل من محافظتي الرقة وحلب. في حين بلغت حصيلة القتلى العسكريين نحو 700 مقاتلاً في مختلف مناطق السيطرة.

الارتفاع المستمر في الأسعار يعمق الأزمة الاقتصادية

ضمن سياق قرارات النظام الاقتصادية المؤثرة على المستوى المعيشي للسكان، جاء قرار مطالبة حاملي البطاقات الذكية بفتح حسابات مصرفية لتحويل مبالغ الدعم إليها، وأوضح مجلس الوزراء في بيان أنه اتخذ هذه الخطوة "تماشياً مع توجيهات إعادة هيكلة الدعم باتجاه الدعم النقدي المدروس والتدريجي"، بينما يُتوقع أن يُقدِم النظام على إلغاء الدعم المعمول به حالياً عن الخبز والمحروقات والكهرباء والمياه والهاتف، تخلياً عن الأعباء الاجتماعية نحو القطاع الخاص من جهة، وبسبب عجزه عن توفير الاستحقاقات المعيشية من جهة أخرى، وستؤدي هذه الخطوة لارتفاع الأسعار بشكل كبير وبيع المواد بالسعر الحر.

وبناء على المرسوم الرئاسي رقم 17 لعام 2024، صرف بشار الأسد "منحة مالية" لمرة واحدة للمتقاعدين والعاملين في دوائر حكومة النظام، قُدّرت بمبلغ مقطوعٍ قدره 300 ألف ليرة سورية (ما يعادل نحو 20 دولاراً) شملت العاملين المدنيين والعسكريين في الدوائر الحكومية والقطاع العام، وفي ظل انخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، يعتبر مبلغ المنحة مبلغاً رمزياً لا يكفي سوى لبضعة وجبات غذائية، ولا يلبي أدنى احتياجات المواطنين بأي شكل.

أما عن الأسعار، فقد ارتفعت أسعار الألبسة القطنية بنسبة وصلت إلى 200% مقارنة بالعام الماضي، نتيجة غلاء أسعار القطن والخيوط من جهة، وعدم تدخل الحكومة للسيطرة على الأسعار أو لدعم قطاع الألبسة من جهة أخرى. كما قفزت أسعار الحلويات في أسواق دمشق بنسبة 100% مقارنةً مع أسعارها في عيد الأضحى العام الفائت. كما رفعت حكومة النظام أسعار المحروقات على الرغم من وصول 8 ناقالات نفط إيرانية محملة بالنفط الخام والغاز من إيران إلى ميناء بانياس بريف طرطوس، في دلالة على استمرار الدعم الإيراني للنظام وخرق العقوبات الدولية، تزامناً مع استمرار أزمة النظام المحلية في المحروقات. ونتيجة لارتفاع أسعار المحروقات ونقصه في الأسواق وارتفاع درجات الحرارة وبدء موسم الحصاد رفعت شركات الأمبير في دمشق وريفها، أسعار الكيلو واط الساعي للأمبيرات في منطقة الكسوة 12 ألف ليرة بعد أن كان 9500 ليرة، وفي مدينة المليحة بريف دمشق ارتفع السعر من 9 آلاف ليرة إلى 11 ألف ليرة سورية.

ويعود سبب ارتفاع الأسعار إلى توجه النظام نحو سياسات التصدير بعيداً عن الاكتفاء الذاتي وضبط بوصلة السوق المحلية، حيث ارتفعت صادرات النظام خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 30% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2023. في المقابل، انخفض عدد برادات الفواكه والخضار السورية المصدّرة إلى الأردن بنسبة 80%، حيث انخفض الرقم من 150 براداً إلى 25 براداً خلال الفترة الفائتة، بسبب عرقلة الجانب الأردني دخول السيارات المحملة بالخضار والفواكه، ضمن إطار حملة مكافحة تهريب المخدرات إلى الأراضي الأردنية عبر الشاحنات بعد القبض على عدد من المهربين وشحنات حبوب مخدرة.

وفي إطار الاستفادة الاقتصادية المتبادلة بين النظام وحلفائه؛ تستمر محاولات إيران بالتمدد في القطاع المالي السوري عبر افتتاح مؤسسات وبنوك، حيث تم افتتاح "مصرف المدينة الإسلامي" بشراكة إيرانية سورية وبرأسمال قدره 50 مليار ليرة سورية، تعود ملكته بنسبة 58% إلى شركة إيرانية، ليزداد بذلك عدد المصارف الإسلامية في سورية إلى 5 مصارف. أما عن المستثمرين الروس في قطاع السياحة في سورية، فقد أشرفت شركات روسية على إنشاء منشأتين سياحيتين في محافظة اللاذقية بنسبة 50%، وقدّر عدد القادمين الروس إلى سورية بـ 780 ألفاً حتى نهاية أيار الماضي، بزيادة نحو 10 % عن ذات الفترة من العام الماضي.

في شمال شرق سورية، نشرت "الإدارة الذاتية" تفاصيل الموازنة العامة في المنطقة للسنة المالية 2024، حيث بلغت الإيرادات العامة 670 مليون دولار، بينما بلغت النفقات ملياراً و59 مليون دولار، مع عجز مالي متوقع في الموازنة العامة استناداً إلى النفقات المخططة والإيرادات المتوقعة يبلغ نحو 389 مليون دولار. وتعد الضربات التي شنتها الطائرات التركية على مدار أسابيع على مراكز الثقل الاقتصادي لـ "قسد" من بنى تحتية للطاقة أحد أبرز الأسباب التي ساهمت في شل العجلة الاقتصادية، حيث تشير التقديرات إلى أن حجم الخسائر التي تسببت بها الغارات التركية بلغ أكثر من 500 مليون دولار لإصلاح ما دمرته أو عطلته الغارات. وبالنظر إلى حجم النفقات المقدرة بمليار دولار، ستبقى المنطقة تعاني من أزمات معيشية على كافة المستويات من ارتفاع الأسعار وفقدان المواد في الأسواق أو رداءة جودتها إلى نقص كبير في الخدمات العامة والبنى التحتية. 

بينما بدأت "قوات سوريا الديمقراطية" بتوريد الدفعة الأولى من القمح الذي تسلمته من مزارعي مناطق شمال شرق سورية إلى مراكز استلام الحبوب التابعة للنظام في جنوب مدينة القامشلي، حيث أدخلت نحو 100 قاطرة خلال 24 ساعة تحمل أكثر من 2500 طن من القمح.

وفي شمال حلب، رفعت "الشركة السورية التركية للطاقة الكهربائية" أسعار الكهرباء المنزلية والصناعية، ليبلغ سعر الكيلو واط المنزلي 3.6 ليرة تركية والكيلو واط الصناعي 4.1 ليرة تركية، بارتفاع يبلغ 2.8 للمنزلي و3.2 ليرة تركية للصناعي مقارنة بأسعار الكهرباء خلال شهر حزيران الماضي، مبررة ذلك بالتغييرات التي تطرأ على أسعار الطاقة الكهربائية المستجرة من تركيا.

فيما حددت الحكومة السورية المؤقتة أسعار القمح في مناطق سيطرتها بـ 220 دولاراً للطن، بما يقل 110 دولارات عن الأسعار التي كانت معتمدة للموسم الماضي، كما أنه السعر الأقل لطن القمح مقارنة مع مناطق النفوذ الأخرى، إذ يبلغ السعر المحدد في إدلب وشمال شرق سورية 310 دولارات للطن، و360 دولاراً في مناطق النظام. ويعتبر سعراً غير متناسب مع حجم التكاليف التي دفعها المزارعون في هذا المحصول.

وفي إطار سياسات الضبط التي تتبعها "حكومة الإنقاذ" في إدلب، جددت "المؤسسة العامة لإدارة النقد" التذكير بضوابط تسليم الحوالات المالية بالعملة المرسلة بها، في خطوة من شأنها تنظيم السوق المالي وزيادة الثقة فيه ورفع قدرة "حكومة الإنقاذ" على التحكم في السياسات المالية وضبط الأسعار عبر التقليل من الحاجة إلى تحويل العملات في السوق السوداء.

التصنيف تقارير خاصة

لأسباب مرتبطة بازدياد الأزمات والصراعات في العالم وازدياد عدد المحتاجين للإغاثة والمساعدات الإنسانية والتفاوت الكبير بين الاحتياجات والمتطلبات([1])، سيجد السوريون أنفسهم في ظل الانسداد السياسي أمام استحقاقات وتحديات مركبة تستوجب منهم التنبه لتداعيات ذلك على حجم الخدمات المقدمة وعلى عدد المستفيدين في الداخل السوري جراء تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للسوريين في البلدان المستضيفة للاجئين([2]).

وفقاً لتقرير Global Humanitarian Overview الصادر عن OCHA لعام 2024 هناك ما يقرب من 308 ملايين نسمة حول العالم بحاجة إلى مساعدات إنسانية مما يتطلب 48.64 مليار دولار لمساعدة 187.8 مليون شخص محتاج في 70 دولة حول العالم من خلال 36 خطة استجابة منسّقة. تمت تغطية 15.3% من الخطة حتى الآن بتمويل 7.42 مليار دولار، بما يقل بنسبة 35% عن المسجَّل في ذات الفترة من العام الماضي (11.40 مليار دولار)، وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي التمويل المبلّغ عنه 4.34 مليار دولار أو أقل بنسبة 42% عمّا كان عليه في عام 2023 (7.44 مليار دولار)، كما انخفض أيضاً التمويل المبلغ عنه من كبار المانحين في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي 2024 مقارنة بعام 2023.

سيكون لهذا التخفيض تداعيات على الملف السوري بمستوييه: المستوى المحلي، كتفاقم الظروف المعيشية للسكان وتزايد موجات الهجرة، وزيادة نشاط الميليشيات والاعتماد على اقتصاد الحرب ومعدلات الانخراط في أعمال غير مشروعة مثل المخدرات والأسلحة، وزيادة العنف المجتمعي كالسرقة والخطف والابتزاز، الأمر الذي سينعكس سلباً على مؤشرات الأمن والاستقرار المحلي، والمستوى الإقليمي: حيث ستزداد الضغوط الاقتصادية للدول المستضيفة مما يزيد احتمالية دفعها اللاجئين السوريين للعودة طوعاً أو كرهاً إلى سورية عبر اتخاذ إجراءات تضيّق الخناق عليهم. ومن المحتمل تزايد خطر انتشار المخدرات في دول الجوار (لبنان والأردن وتركيا والعراق) واستخدام أراضيها كمحطة لعبور المخدرات إلى دول الخليج وأوروبا.

بالإضافة إلى ذلك، سيواجه الفاعلون السوريون في الشأن الإغاثي والتنموي مجموعة من التحديات المباشرة نذكر منها:

أولاً: أزمة أمن غذائي حادة: ساهم انخفاض تمويل الاحتياجات الإنسانية منذ عام 2023 إلى 2.1 مليار دولار (بنسبة 39% من الاحتياجات) في تخفيض برنامج الأغذية العالمي في منتصف العام 2023 عدد الأشخاص الذين يتلقون المساعدات من 5.5 مليون شخص إلى 3.2 مليون بنسبة 40% ابتداءً من شهر تموز 2023، كما أعلن البرنامج عن انتهاء مساعداته الغذائية العامة في جميع أنحاء سورية في كانون الثاني 2024، بسبب النقص الحاد في التمويل، علماً أن القرار يمثل التخفيض السابع منذ انطلاق عمل البرنامج في سورية وهو الأكبر من نوعه بينهم.

ثانياً: حجم الاحتياج الأكبر: وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، فإن حوالي 16.7 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية (بعد أن كان يقدر بـ 15.3 مليون شخص عام 2023) وهو العدد الأكبر منذ العام 2011. حيث يعيش 7.2 مليون شخص في حالة نزوح داخلي بمناطق متفرقة، بينهم 2.05 مليون في مخيمات مكتظة.

ثالثاً: نقص شديد في التمويل: إذ لم يتم استلام سوى 8% فقط من الأموال المطلوبة لتمويل الاحتياجات فمن أصل 4.07 مليار دولار تم جمع 358 مليون دولار حتى شهر أيار 2024 لتلبية الاحتياجات الإنسانية الفورية لـ 10.8 مليون شخص من المستهدفين. فاضطرت العديد من المنظمات المحلية في شمال غرب سورية ضمن إطار التكيف مع تقلص التمويل إلى إيقاف عدد من برامجها الخدمية، وتسريح العشرات من الموظفين، وإغلاق مكاتب في مدن وبلدات متفرقة ضمن ريف حلب وإدلب. ويُظهر الجدول التالي الارتفاع التدريجي للأشخاص المحتاجين لمساعدة إنسانية بين 2018 و2024 مقابل انخفاض نسبة التمويل المستلم عن التمويل المطلوب من 62% إلى 39% في العام السابق و8% خلال العام الحالي:

رابعاً: تعاظم الخدمات المقدرة في بلدان الجوار التي تستضيف لاجئين سوريين، من المتوقع أن يحتاج أكثر من 19 مليون شخص إلى المساعدة في عام 2024، بما في ذلك حوالي 6.4 مليون لاجئ و12.9 مليون من أفراد المجتمع المضيف المتأثرين. نظراً لانخفاض التمويل والحاجة إلى تحديد الأولويات الاستراتيجية، إذ تم تخفيض طلب التمويل الجماعي لعام 2024 إلى 4.1 مليار دولار مقارنة بـ 5.8 مليار دولار في عام 2023 بعد مراجعة المتطلبات بناءً على الاحتياجات ذات الأولوية. ونتيجة لأزمة التمويل المتزايدة؛ تم تخفيض عدد العائلات السورية اللاجئة في لبنان والتي تتلقى مساعدات نقدية إلى نحو الثلث في عام 2024. كما أعلن برنامج الأغذية العالمي في الأردن تقليص مساعداته الغذائية الشهرية لـ 465 ألف لاجئ في منتصف تموز 2023، واستثناء حوالي 50 ألف شخص آخرين من المساعدة الشهرية، بحجة نقص التمويل.

يُظهر الجدول الآتي ارتفاع عدد الأشخاص المحتاجين لمساعدة إنسانية في بلدان اللجوء الخمسة، لبنان والأردن ومصر والعراق وتركيا، مقابل انخفاض التغطية بين المبلغ المطلوب والمبلغ المدفوع:

خامساً: تدهور الخدمات (مياه، صرف صحي، رعاية، كهرباء، تعليم) للأفراد النازحين في المراكز الجماعية: مما سيزيد من خطر اللجوء إلى آليات التكيف السلبية. حيث ستفقد حوالي 2.3 مليون امرأة في سن الإنجاب بما في ذلك 500 ألف امرأة حامل ومرضعة؛ إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الإنجابية وخدمات الأمومة الحيوية، كما سيفقد حوالي 2.5 مليون طفل خارج المدرسة فرصة العودة إلى المدرسة مما يهدد مستقبل جيل كامل ويحرم الأطفال من حقهم الأساسي في التعليم([3]).

وعلى الرغم من تعهد الدول المانحة خلال مؤتمر بروكسل الثامن لـ “دعم مستقبل سوريا والمنطقة" بتقديم تبرعات ومنح وقروض بقيمة 7.5 مليارات يورو (8.1 مليار دولار)، خُصص منها 3.8 مليار دولار لعام 2024 و1.3 مليار دولار لعام 2025؛ إلا أن هذا لا يخفف من أهمية التنبه إلى احتمالية قطع التمويل وتخفيض المساعدات، وعليه يجدر التنبيه (كاستراتيجية ملحّة) لضرورة تسارع الفاعلين في الشأن السياسي والإنساني والإغاثي والتنموي لمواجهة هذا التحدي عبر سلسلة من السياسات نذكر منها:

أولاً: التحالفات العملياتيّة: يضمن هذا النوع من التحالفات استقلالية المنظمات من جهة، كما يدفع باتجاه تضافر الجهود وزيادة معدلات التنسيق لإكمال أي مشروع تنفيذي بالشكل الأنجع. ويحتاج شمال غرب سورية لهذا النوع من التحالفات لضمان عدم تكرار الأنشطة والمشاريع والمساهمة في تحقيق رؤية أوسع تقوم على استثمار أدوات المتحالفين.

ثانياً: تصميم سوري لخطة الاستجابة والتعافي الكاملة: ينبغي على الفواعل السورية إنجاز خطة شاملة لتكون دليلاً ومرجعاً لمتطلبات وأولويات الاستجابة والتعافي، تعمل وفق مبادئ التكامل والشمولية، وتشكل نقطة أساس للعديد من الرؤى المحلية المطلوبة على الصعيد التنموي والاقتصادي والاجتماعي، على أن يتم يعمل على تحديثها سنوياً.

ثالثاً: سياسات مناصرة متعددة الأبعاد والاتجاهات: العمل بالتوازي مع المناصرة التقليدية (القائمة على إبراز حجم المعاناة ومتطلباتها) على المناصرة الذكية (القائمة على فكرة الائتلافات لتعظيم المنفعة وتوسيع مساحات المناصرة جغرافياً وقطاعياً)، إضافة إلى تصميم شبكات شعبية وإعلامية تدعو لتعزيز منظومة التعافي المبكر إلى جانب الاستجابة الإنسانية.

رابعاً: سياسات التمكين الاقتصادي: القائمة على تطوير أدوات إحصاء وجمع المعلومات قطاعياً وجغرافياً، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير فرص التدريب المهني، لخلق فرص عمل للسكان وتقليل اعتمادهم على المساعدات الخارجية، وتنفيذ مشروعات في البنية التحتية الأساسية من مياه وصرف صحي وكهرباء وصحة وتعليم وخدمات عامة، لتعزيز التعافي الاقتصادي وتحسين الظروف المعيشية للسكان.

 

أخيراً؛ لا شك أن الدور الدولي مهم ونوعي في ملف الاستجابة والتعافي في سورية؛ إلا أن ما يمتلكه الفاعلون السوريون من قدرات وشبكات وخبرة كفيل بأن يدفع بهم باتجاه بلورة رؤية تنفيذية لاستحقاقات المنطقة، تنقلهم من موضع المنفذ إلى المخطط والمنفذ في آن معاً.


([1] )  بلغ التفاوت بين الاحتياجات والمتطلبات مستوىً غير مسبوق قدره 31 مليار دولار حتى نهاية عام 2023، ووصل المبلغ المدفوع إلى ما مجموعه 24.28 مليار دولار أي ما نسبته 43% من المبلغ المطلوب المقدر بحوالي 56 مليار دولار.

([2] ) انتهى عام 2023 محملاً بصعوبات وتحديات كبيرة واجهت العالم، بدءاً بالزلزال الذي ضرب سورية وتركيا في شهر شباط/فبراير، ثم الصراع في السودان في شهر نيسان/إبريل والذي خلّف 30 مليون شخصاً محتاجاً، فالعدوان الإسرائيلي على غزّة حيث اعتبرت الأزمة الإنسانية في القطاع الأكثر دموية منذ الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994. إلى جانب كل هذه الأزمات، استمرت الصراعات في كل من سورية وأوكرانيا وأفغانستان واليمن والكونغو وهايتي وغيرها.

([3] )Resident Coordinator and Humanitarian Coordinator Mr. Adam Abdelmoula Press Briefing on the humanitarian situation in Syria, 22-03-2024. Link: https://2u.pw/EGrZ56mr


التصنيف تقدير الموقف

تشهد تركيا اليوم الاحد، انتخابات الجولة الثانية للانتخاب الرئاسية التركية، وذلك بعد عدم حسم الجولة الأولى، لعدم حصول أي مرشح على نسبة 50% +1 في الجولة الأولى التي عقدت في 14 أيار 2023.
وكانت أظهرت نتائج الجولة الأولى، أن الرئيس رجب طيب أردوغان حلَ في المركز الأول، بينما تلاه منافسه كمال كيليتشدار أوغلو.

وعادت استطلاعات الرأي التركية مرة أخرى لتحتل مكاناً مثيراً للفضول والتساؤل حولها.

بالنسبة للانتخابات الرئاسية الحالية في الجولة الثانية، وبالنظر إلى نتائج شركات استطلاع الرأي من خلال المتوسط الحسابي لنتائج هذه الشركات:

(PIRA, BETİMAR, Özdemir, İvem, ORC, Area, HBS, TÜSİAR, ASAL, Özdemir, KONDA, Areda Surve, SAROS)

 نجد ما يلي:

اولاً: استطلاعات الرأي حول الانتخابات التركية للجولة الثانية بعد الانتقال للجولة الثانية:

  • فيما يلي جدول استطلاعات الراي التي أجرتها شركات استطلاعات الراي التركية بعد الانتقال للجولة الثانية المقرر إجرائها اليوم 28 أيار 2023:

 

  • متوسط حسابي لاستطلاعات الراي لشهر أيار بعد الانتقال للجولة الثانية:

 

ثانياً- استطلاعات قبل الانتقال للجولة الثانية للانتخابات الرئاسية.

الجدول التالي متوسط حسابي لاستطلاعات حول الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التركية التي أجرتها شركات الاستطلاع خلال اشهر (نيسان، اذار، أيار حتى قبل انتخابات الجولة الأولى) بين المرشحين اردوغان وكليتشدار.

 

أظهرت الاستطلاعات (قبل الجولة الأولى) تفوق كليتشدار اوغلو في حال الانتقال للجولة الرئاسية الثانية بمتوسط 6 نقاط عن ثلاثة اشهر، ويسجل نسبة متوسط لاستطلاعات الثلاثة اشهر وقدرها 51.34%.

– ولكن يلاحظ ارتفاع نسبة اردوغان وفق ما ظهر في المتوسط الحسابي لشهر أيار بمقدار 4.8 نقاط ويسجل نسبة: 50.68%.

ثالثاً: مقارنه بين استطلاعات الراي قبل وبعد الانتقال للجولة الثانية:

 

نتائج:

أظهرت الاستطلاعات التي تمت خلال فترة ما بعد الانتقال للجولة الثانية حتى يوم قبل الانتخابات الرئاسية التركية:

  • تقدم المرشح الرئاسي اردوغان بفارق 5 نقاط عن المرشح كليتشدار اوغلو.
  • أظهرت بعض الاستبيانات نسبة مترددين مرتفعة بمتوسط 9 نقاط.
  • أظهرت شركتي استطلاع (ORC- Area) تقدم كليتشدار اوغلو في استطلاعاتها حيث:
  • اظهر استطلاع شركة ORC تقدم كليتشدار بمقدار 2.8 %، وكانت استطلاعات الشركة للجولة الأولى تُظهر تقدم كليتشدار اوغلو، وأنه سيحسمها من الجولة الاولى بنسبة 51.7%، مقابل حصول اردوغان على نسبة 44.2%. وأثبتت نتائج انتخابات الجولة الأولى خطأ ذلك بهامش كبير.
  • كذلك أظهر استطلاع شركة Area تقدم كليتشدار اوغلو وبمقدار 1.2 %، وكانت في استطلاع سابق عن الجولة الثانية قبل انتخابات الجولة الأولى لها أظهر عن تقدم كليتشدار بفارق 4 نقاط.
  • بأجراء مقارنة بين استطلاعات الرأي التي أُجريت قبل وبعد الجولة الانتخابية الأولى:
  • يظهر تغيراً واضحاً لنسب المرشحين المتنافسين وتأخذ النسب شكلاً معكوساً، حيث اصبحت كفة المرشح اردوغان هي الأرجح بنسبة 5 نقاط.
  • يؤكد هذا التغير الملحوظ ما ذكرناه في تقريرنا السابق حول أن:

- معظم شركات الاستطلاع التركية منحازة وليست مستقلة وتفتقر للموضوعية.

- ماتزال كل الاستطلاع التي أجريت في تركيا تفتقر للأعداد التي يمكن اعتبارها ممثلة لأوسع شريحة سكانياً وجغرافياً، واغلب الاستطلاعات موجهة وتابعة لرؤية ومصلحة الممول.

- اثبت نتائج الانتخابات عدم تطابق التصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، حيث يمكن لشخص ـن ينتخب مرشحاً رئاسياً والحزب الخصم له معاً.

 

المصدر:

السورية نت: https://cutt.us/aP6v5

 
التصنيف مقالات الرأي
الجمعة, 05 أيار 2023 12:24

حضن الوطن “جحيماً”

كم نزوح يحتاجه السوري كي يتخلص من نزوحه وكم منفى يحتاجه كي يصبح لديه وطن ينعم فيه بالأمن والأمان، و كم من رحيل يحتاجه هذا السوري كي يتخلص من رعب الترحيل.

فمن يراقب وضع النازحين في لبنان سيدرك أن الجهات الرسمية اللبنانية الفاشلة في إدارة لبنان كدولة، تحاول الهروب إلى الأمام عبر ورقة النزوح السوري التي أصبحت رأسمال سياسي بيد الفاعلين  الرسميين وغير الرسميين على اختلاف القدرة على استثمار هذه الورقة، فمنذ ما قبل الرئيس ميشيل عون و أثناء فترة ولايته و بعد دخول لبنان مرة أخرى حالة الفراغ الرئاسي، ومنذ ألفين و تسعة عشر إلى لحظة كتابة هذه الورقة تفاقمت أزمة النازحين السوريين هناك، مع اعتبارهم من قبل سياسيين لبنانيين، عبئاً اقتصادياً يساهم في انهيار لبنان على حد زعمهم.

 و ما بين التعنت الرسمي اللبناني بترحيل السوريين و رفض المنظمات الإنسانية  و بعض الأوساط الشعبية لهذه الممارسات اللانسانية،  بدأت تلوح في الأفق معاناة سورية أخرى في المنفى والشتات، على الرغم من مطالبات إنسانية دولية تحذر من مغبة مصيرهم المجهول و العودة غير الآمنة.

ومع ذلك تجاهل لبنان الرسمي جميع النداءات الشعبية والإنسانية، ليقوم بترحيل عشرات السوريين ووضعهم خارج الحدود، الأمر الذي سيعرض بعضهم على الأقل، لكل أصناف التعذيب و غياهب معتقلات النظام في دمشق.

استخدمت السلطات اللبنانية القانون لتبرير ذلك، استناداً إلى قرار مجلس الدفاع الأعلى اللبناني الصادر سنة ألفين و تسعة عشر و الذي يقضي بترحيل السوريين خلسة.

وفي ظل غياب جهة إحصائية لبنانية موثوقة تحصي السوريين في لبنان،  تبدو الأرقام متضاربة، فحسب السلطات اللبنانية هناك أكثر من مليوني نازح، أما المفوضية العليا لشؤون النازحين، فإنها تحدد عدد المسجلين الذين يتقاضون مساعدات دائمة لا يتجاوز الثمانمائة ألف.

وبلغة الإنسانية فإن جميع النازحين السوريين  توجهوا إلى هناك بعد أن قام النظام بتدمير بيوتهم و محو مدنهم و ملاحقة معظمهم، و انتشروا في لبنان عبر مئات المخيمات البائسة التي انتشرت في الشمال والبقاع دون أدنى معيار من معايير الإنسانية، أو أدنى حقوق بشرية بل تعرضوا في كثير من الأحيان إلى العنصرية و الفوقية و اعتداءات وحشية متفرقة و انتهاكات كثيرة تخالف كل القوانين الدولية، مع اكتفاء المنظمات الدولية بالشجب والتنديد والتأكيد كلاماً على ضرورة الالتزام بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

ومع تزايد التحريض الإعلامي الرسمي اللبناني  ضد وجود النازحين السوريين، تزداد خطورة وضعهم الراهن و تتوسع رقعة أزمتهم الإنسانية و تضيق الحلول المنشودة، خاصة أن الحكومة اللبنانية تستند بممارساتها ضد السوريين إلى عدم توقيع لبنان الرسمي على اتفاقية اللجوء الصادرة 1951.

 ومن هذا المنطلق فإن لبنان يمنح صفة نازحين و ليس لاجئين، ما يفضي بالتالي إلى حرمان السوريين من أدنى حقوقهم في حمايتهم من الترحيل، حتى بات خطاب الكراهية سائداً عند السواد الأعظم من اللبنانيين بعد ماظهر من تصريحات لسياسين داخل أروقة الحكومة اللبنانية في أن السوري يتقاضى مساعدات تفوق رواتب الموظفين في المناصب الإدارية العليا، وكان لهذا ارتداداً عنصرياً على النازحين السوريين بكل فئاتهم وصل حد منع الأطفال السوريين من التعليم بعد إضراب المعلمين اللبنانيين بسبب تدني رواتبهم مقابل الرواتب التي تدفعها المفوضية لتعليم أبناء النازحين.

وهنا لا بد من الإشارة أن لبنان الرسمي قام بعدة محاولات سابقة لما أسماها بالعودة الطوعية بمبادرات من الجيش اللبناني، غير أن منظمات حقوق الإنسان اعتبرت هذه العودة قسرية حيث جرى في كثير من الأحيان تواطئ بعض الجهات اللبنانية الرسمية مع النظام وتسليم المطلوبين للأخير.

مؤخراً، زادت المداهمات التي شنتها القوى الأمنية اللبنانية، لملاحقة نازحين سوريين وتوقيفهم وترحيلهم، وعلى إثر ذلك نشطت ظاهرة الاتجار بالبشر فمن يريد الحفاظ على حياته يدفع مبلغ ما بين 300 -500 دولار لأحد المهربين ويعود إلى الأراضي اللبنانية مجدداً بعد ترحيله لسورية. ولفتت منظمتا “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش”، إلى أنها وثقت بالفعل حالات اعتقال و تعذيب من قبل أجهزة نظام الأسد بحق عائدين قسراً لسورية، وذلك ما ولد حالة رعب ستطال النازحين السوريين في لبنان عموماً، وفي بعض الأحيان يفضل بعضهم الانتحار على العودة القسرية بعد إدراكهم لمصيرهم المحتوم، و قد أقدم فعلاً شاب سوري من مدينة منبج قبل أيام على الانتحار إثر تهديده بالترحيل قسراً من لبنان.

كل ذلك يفاقم المشهد المأساوي أساساً، ويضع مئات آلاف السوريين في لبنان عند مفترق طرق كارثي ينذر بمأساة جديدة ستكون بانتظار معظمهم.

ويبدو أن شخصياتٍ في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، بدأت فعلاً بتصيد هذه المأساة و استثمارها سياسياً، حيث طالب نجيب ميقاتي رئيس هذه الحكومة، المجتمع الدولي بالتعاون مع لبنان لعودة النازحين إلى سورية، واصفاً عدم قدرة بلاده على تحمل العبء في ظل ظروف لبنان الحالية حسب قوله.

وعلى النقيض تماماً من هذه المعادلة نجد أن هذه الحكومة تعود للمطالبة بتقديم أكثر من ثلاثة مليار دولار لمعالجة ما يسمونها تداعيات اللجوء على أرضيها، لكن منظمة الأمم المتحدة قالت في بيان إنها قدمت منذ 2015 أكثر من تسعة مليار دولار في خطة لبنان للاستجابة، لكن أزمات لبنان أغرقته في وحل فشله السياسي، ما جعل السلطات اللبنانية عاجزة عن توفير أبسط خدماتها لمواطنيها، ناهيك عن عدم قدرة لبنان الرسمي عن سداد ديونه الخارجية، وبالتالي فإن الورقة الرابحة لتبرير هذا الفشل الذريع سيكون في متناول جميع السياسيين اللبنانيين و لن يجد هؤلاء سوى الحلقة الأضعف كي يبيعوا أوهامهم على وسائل الاعلام على الرغم من ركاكة الإدعاءات التي  يقولون و يذهبون إليها.

في كل الأحوال فإن الزوبعة السياسية اللبنانية الأخيرة  ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة بحسب التجربة، لكنها تأتي هذه المرة على وقع بعض المتغيرات في المزاج السياسي تجاه النظام، و هنا تكمن خطورة تحريك هذا الملف في لبنان.

فهل تتحرك المنظمات الدولية والإنسانية لوقف هذه الكارثة؟ أم سيترك النازحون لمصيرهم المجهول، في مشهد ضبابي آخر، وهو مشهد لن تتضح رؤيته ما لم تكن هناك حلول عملية سريعة تسابق الزمن قبل أن تقع الواقعة.

ما يجب فعله حالياً، هو رفع الصوت عالياً في محاولات لإيقاف الكارثة بحق النازحين السوريين في لبنان، وإلا فإن الترحيل لن يرحم أحداً في جميع دول المنفى و الجوار التي لجأ السوريون إليها.

أخيراً فإن الوطن قد ضاق بنا، لنخرج إلى المنافي التي تزيد فيها عمليات الترحيل القسري، فأي مشهد آخر في انتظارنا نحن الحالمين بوطن بلا مظالم؟ وهل ما يزال في وسعنا أن نختار أحلامنا في المنفى و الشتات و الرحيل؟.

هي مجرد أسئلة في واقع يخيم عليه العبث  السياسي والخذلان الإنساني، وكأن التاريخ يسخر من ضحاياه كما يقول درويش، ثم يلقي عليهم نظرة ويمر.

 

المصدر: السورية نت

التصنيف مقالات الرأي

قدم الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية محمد العبدالله تصريحاً لجريدة عنب بلدي ضمن تقرير معمق بعنوان " على وقع خطاب الكراهية المتنامي - #الاقتصاد_التركي.. ماذا لو رحل السوريون؟". بيّن فيه الباحث التداعيات المحتملة لمغادرة #السوريين على الاقتصاد التركي، والدور الذي يلعبه السوريين في هذا الاقتصاد.

للمزيد: https://bit.ly/3Ssmfhd

بتاريخ 01/06/2022؛ قدم الزميل في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية نادر الخليل تصريحاً لصحيفة عنب بلدي، ضمن تقرير صحفي بعنوان "إجراءات تركيا تجاه اللاجئين تدفع بعضهم إلى الحدود اليونانية"، بيّن فيه الزميل بعض الأسباب التي أدت لتزايد الأوضاع الصعبة للاجئين؛ منوهاً لآثار غياب الفاعلية لمؤسسات المعارضة وارتداته على تفاقم هذه الأوضاع حالات الاعتداء على اللاجئين، موضحاً كيف أثر ذلك على جعل القضية السورية قضيةً "منسية" تنتظر أدواراً سورية ناجعة.

بتاريخ 9 كانون الثاني 2022 قدم الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية محمد العبدالله تصريحاً لجريدة عنب بلدي، ضمن تقرير بعنوان: " الخطط الروسية- السورية تفشل: 2021... "طفّش" السوريين بدل إعادتهم "
حدد فيه ملامح المقاربة الاقتصادية لنظام الأسد في ملف عودة اللاجئين السوريين وكيفية استثمار هذا الملف بما يخدم أجنداته الحالية والمستقبلية في هذا السياق.

المصدر عنب بلدي: https://bit.ly/3zWhmEL 

 

فاضل خانجي

إثر موافقة مجلس بلدية بولو على مقترح رئيس البلدية، تانجو أوزجان، القاضي بمضاعفة الرسوم على الأشخاص من الجنسيات الأجنبية بما يتعلق بالخدمات العامة كالمياه والزواج، تُثار مخاوف من تحول خطاب الكراهية إلى سياسات ممنهجة تُنفذ على أرض الواقع، لا سيما مع كون ملف اللاجئين والمهاجرين بشكل عام، والسوريون منهم بشكل خاص، أحد القضايا الأساسية التي تُطرح على المستويين السياسي والاجتماعي، بالتزامن مع تصاعد خطاب الكراهية بمختلف مستوياته تجاههم.

حيث يتأثر هذا الخطاب بتوازنات السياسة الداخلية التركية وطبيعة التنافس السياسي بين الشخصيات والتشكيلات السياسة التركية من جهة، بالإضافة إلى التطورات المرتبطة بملف اللاجئين، كـ “موجة هجرة “الأفغان” أو التطورات السياسية والعسكرية المرتبطة بـ ” الملف السوري” من جهة أخرى.

ويأتي اقتراح القرار ومن بعده إقراره من قبل مجلس بلدية بولو والذي يقف خلفه رئيس البلدية، تانجو أوزجان المنتمي لحزب الشعب الجمهوري، في الوقت الذي يسعى فيه الحزب بقيادة كمال كليشدار أوغلو، لتقديم خطاب “مقبول” تجاه السوريين، مستهدفاً به القاعدة الشعبية الانتخابية الرافضة لوجود السوريين عن طريق تركيزه على “إعادة السوريين لبلادهم خلال سنتين” وتحميل الحزب الحاكم مسؤولية قدومهم لتركيا نتيجة “السياسة الخارجية الخاطئة” التي اتبعها، بالتزامن مع التأكيد على أن تلك العودة ستكون بعد تأسيس السلام والأمن في سورية وأنه سيودع السوريين بـ”الطبل والزمر” بسلام وآمان وبشكل طوعي، في سعيه لإرضاء القاعدة الشعبية “اليسارية/الديمقراطية الاجتماعية” والمتنفذين منها داخل الحزب، والتي ترفض المواقف “الكمالية” و ”الوطنية” التقليدية للحزب بشكل عام، وخطاب الكراهية على أسس دينية، إثنية، عرقية أو جندرية من منطلق حقوقي إنساني.

ومع ذلك، وعلى الرغم من تقديم الحزب لخطاب “مقبول” نسبياً تجاه السوريين بالمقارنة مع خطابه سابقاً، إلا أنه لم يقم بتقديم خطاب متماسك من منظور “الديمقراطية الاجتماعية” التي يدعي تبنيها. إذ مازال الحزب يرى بأن طريق الحل في سورية بما يتضمن عودة اللاجئين، يكمن في إعادة العلاقات مع النظام السوري الذي انتهك جميع مواثيق حقوق الإنسان العالمية، وتعنت على مدار خمسين عاماً من تقديم أي تنازل سياسي لتمهيد الطريق لتأسيس ديمقراطية سورية.

بالمقابل، وبالاستناد للخطاب الحالي للحزب الرافض لـ ” العنصرية”، لم يقم الحزب – حتى الآن – باتخاذ إجراء حازم تجاه أوزجان، واكتفى بنفي تمثيل خطاب أوزجان للحزب. إذ يُشير ذلك إلى أن خطابات ومواقف الحزب ما زالت معنية بأثر الأخيرة على توازنات الحزب الداخلية والحسابات الانتخابية أكثر من تقديم خطاب أيديولوجي متماسك في سياق “الديمقراطية الاجتماعية”، مع الإبقاء على خطوط عامة لضبط وتقنين مستوى خطاب الكراهية وليس مكافحته.

بالمقابل، وعلى الرغم من استخدام قيادات في حزب الشعب الجمهوري لخطاب الكراهية بمستويات وسياقات عدة، إلا أن أوزجان قدم خطاباً عنصرياً بمستوى مرتفع، وحوله رسمياً إلى سياسات تتمحور حول “فوبيا الأجانب”، بشكل لا يتناسق مع الخط العام للخطاب الذي يقدمه الحزب بقيادة كمال كلشدار أوغلو، بل يجتاز الحدود الهشة الذي رسمها الحزب في هذا الصدد.

لهذا، فإن الخطاب الذي يستخدمه أوزجان، يبقى أقرب لحزب “الظفر” منه لحزب الشعب الجمهوري، وهو ما تُرجم بمباركة البرلماني عن حزب “الظفر”، اسماعيل كونجك، لأوزجان على مواقفه الأخيرة عبر تغريدة له على تويتر، والزيارة السابقة لذلك، التي قام بها رئيس الحزب، أوميت أوزداغ، لأوزجان والتي عبر فيها عن مساندته للأخير “لموقفه المعادي للإمبريالية بما يخص قضية النازحين”، في آب/أغسطس 2021. إذ يُعتبر خطاب الكراهية الذي يستعمله حزب “الظفر”، الأكثر حدةً تجاه السوريين والمهاجرين بشكل عام.

وفي هذا السياق، قامت وزارة الداخلية بفتح تحقيق بشأن القرارات التميزية التي اتخذها مجلس بلدية بولو، كما صرح وزير العدل التركي، عبد الحميد غول، بأن “الجميع متساوون في الاستفادة من الخدمات العامة”. وأن “من يحاولون زرع الكراهية والحقد في هذه الأرض سيبيؤون بالفشل”.

في حين انتقدت شخصيات معارض، حزب “الشعب الجمهوري”، لعدم اتخاذه إجراءً حازماً بحق أوزجان، إذ طالب عمر فاروق غارغارلي أوغلو، النائب البرلماني والقيادي في حزب الشعوب الديمقراطي، الشعب الجمهوري بإخراج أوزجان، واصفاً إياه بالعنصري. وذلك، إلى جانب انتقادات من نشطاء وإعلاميين ومناصرين لحقوق الإنسان للقرارات التمييزية، الأمر الذي يشكل عاملاً ضاغطاً إلى حد ما، على الشعب الجمهوري، باعتباره يتبنى “الديمقراطية الاجتماعية”، ويحرج الحزب بخصوص خطابه الجديد “المقبول” تجاه اللاجئين، والذي يدعي تناسقه مع “الديمقراطية الاجتماعية”.

أما بالنسبة لأوزجان؛ فلا يُعير الأخير اهتماماً بالخط العام للحزب، كونه رفع من حدة خطابه على الرغم من رفض حزبه لذلك، كما لا يتعلق خطابه بوجود إشكالية متعلقة باللاجئين يريد بالفعل حلَّها، خصوصاً وأن مدينة بولو لا تحوي عدداً كبيراً من الأجانب، وإنما تَرجع دوافعه إلى حافز سياسي شخصي، بحيث يسعى أوزجان للتحول من شخصية محلية على مستوى مدينة بولو إلى شخصية سياسية على مستوى تركيا ككل، وهو ما يتضح في إبداء رأيه في قضية مرشح المعارضة للانتخابات الرئاسية، ورفضه لترشح رؤساء الأحزاب في رسالة غير مباشرة لرئيس حزبه، كلشدار أوغلو، الذي يكثر الحديث عن احتمالية ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

مع ذلك، لا يبدو حزب الشعب الجمهوري  قد اتخذ قراراً حاسماً بشأن أوزجان بعد، وهو ما تجلَّى بتأجيل مجلس الانضباط في الحزب لقرار البت بحقه حتى كانون الثاني/يناير 2022، وكون القضية البارزة التي يتناولها مجلس الانضباط هي جمل مهينة وغير لائقة صرح بها أوزجان بحق  إحدى النساء التي طلبت مساعدة منه بخصوص إنجاب “طفل أنبوب”؛ الأمر الذي يعكس عدم وجود موقف صلب للحزب حالياً بخصوص خطاب الكراهية تجاه اللاجئين، لأسباب عديدة أبرزها التكلفة السياسية الانتخابية المحتملة لذلك، في ظل احتقان اجتماعي متصاعد تجاه اللاجئين والمترافق مع أزمة اقتصادية، ومحاولة حزب “الظفر” الذي أُسس حديثاً استثمار “ملف اللاجئين” عبر استخدام خطاب عنصري شديد الحدة وسعيه لسحب “ورقة اللاجئين” من يد الشعب الجمهوري، وحزب الجيد في الانتخابات المقبلة.

 لهذا، تبقى السيناريوهات مفتوحة بهذا الخصوص، لا سيما وأن الإجراءات التي يُمكن لمجلس الانضباط اتخاذها متعددة، بدءاً من “التنبيه”، مروراً بـ” الإدانة” و” الإخراج المؤقت”، وانتهاءً بـ” الإخراج النهائي”، ناهيك عن وجود ذرائع متعددة يُمكن لمجلس الانضباط استخدامها في اتخاذ إجراء معين بحق أوزجان، نظراً لوجود مواقف متعددة له تتناقض مع الخط العام للحزب في قضايا عدة.

 

المصدر: السورية نت

https://bit.ly/3ofy0uE

التصنيف مقالات الرأي

بتاريخ 8 شباط 2021 استضافت إذاعة وطن أف أم نوار شعبان الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية في مركز عمران ضمن حلقة حملت عنوان "مستقبل الملف الأمني في سورية.. أسباب وحلول"، والتي تحدث بها عن مشروع مركز عمران " مؤشرات الاستقرار الأمني في سورية وارتباطه بعودة اللاجئين والنازحين".

كما أوضح شعبان ماهية البيئة الأمنة في جميع مناطق السيطرة في سورية ومدى تأثير الفلتان الأمني في تلك المناطق على عودة اللاجئين.

رابط المقابلة: http://bit.ly/2Z9PNGl

رابط الأوراق البحثية: http://bit.ly/2J4iYWV

تمهيد

يُشكل ملف التهجير والنزوح المحلي واللجوء الخارجي عبئاً وتحدياً على البُنية الأمنية في سورية. فمن جهة أولى ما يزال التعثر دون استراتيجية متكاملة سمة سلوك الفاعلين الرئيسيين (المعنيين بدفع العملية السياسية) في تذليل أسباب هذه الهجرة سواء تلك المتعلقة بغياب المناخات الآمنة للوجود أم المرتبطة بانتفاء مساحات التفاعل والتمكين والأمان المحلي. ومن جهة ثانية ما استلزمه هذا الملف من تحديات أمنية مرتبطة بتوفير بيئات خدمية آمنة تستجيب لمتطلبات المهجرين، أو لجهة ثالثة مرتبطة بعدم توحيد الجهود المحلية أو الدولية في إطار العملية السياسية لتبني حزم إجراءات تدفع باتجاه برامج "العودة الكريمة".  وفي حين أنه ما تزال أيضاً تغيب تلك الاستراتيجيات عن الفواعل الأمنيين بحكم التحديات والمهددات المتنوعة التي تشهدها تلك المناطق، أو بحكم تدخلهم السلبي وغير الداعم لجهود الإغاثة والتنمية والاستجابة المبكرة والتعافي الأمني.

وإذا ما ربطنا مدى ارتباط الاستقرار الأمني بنجاعة الأدوار التي يلعبها "القطاع الأمني"، الذي تأثر بشكل بنيوي ووظيفي بتعدد أنماط الحكم الأمني في سورية من جهة، وتفاوت الأداء الحوكمي فيها من جهة ثانية، وأثر كل ذلك على عودة اللاجئين والنازحين؛ فإنه تبرز إشكالية هذه الورقة والمتمثلة بتلمس كافة المعطيات الدالة على البيئة الآمنة الدافعة باتجاه إبراز التحديات وإنجاز الاستحقاقات الوطنية بالطريقة المانعة لعودة تأجيج الصراع. ومن هذه الإشكالية تتبلور أسئلة عدة تحاول الورقة الإجابة عنها مثل: ما واقع البيئات الأمنية المتشكلة، وما مقاربة النظام وحلفائه لاستحقاق البيئة الآمنة، وصولاً لسؤال متعلق بملامح الرؤية العامة والوطنية لمفهوم البيئة الآمنة ضمن السياق السوري.

يمكن عد هذه الورقة خلاصة مشروع بحثي كامل أطلقه المركز في هذا الخصوص منذ بداية عام 2020، سعى من خلاله إلى تسليط الضوء على هذه الإشكالية من زوايا عدة؛ ترتبط الأولى بمنظور اللاجئين لقضية العودة وارتباطاتها الأمنية، وتتعلق الزاوية الثانية بمفهوم العلاقات المدنية الأمنية باعتباره الناظم القانوني والمؤسساتي والحوكمي للبيئة المستقرة والآمنة، بينما تم التركيز في الزاوية الثالثة على المؤشرات الأمنية التي تؤثر على حياة المواطن بشكل عام، فتم رصد كافة العمليات الأمنية المتعلقة بالاغتيالات والتفجيرات والاعتقالات والخطف في عموم سورية. كما استندت الورقة إلى مجموعتي تركيز تم عقدهما في الداخل السوري، في مناطق استردها النظام بعد عام 2018، وذلك لاختبار مقاربته حول الاستحقاقات الوطنية إضافة لورشة حوارية ومقابلات فردية في تركيا.

لقراءة المادة انقر هنا

التصنيف الكتب
الأربعاء كانون1/ديسمبر 18
أطلق مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ومعهد السياسة و المجتمع، كتابه الجديد بعنوان: “حرب الشمال: شبكات المخدرات في سوريا، الاستجابة الأردنية وخيارات الإقليم”، ويحلل الكتاب ظاهرة شبكات تهريب المخدرات المنظمة في…
نُشرت في  الكتب 
الإثنين تموز/يوليو 22
المُلخَّص التنفيذي: قسَّمت الدراسة مبناها المنهجي وسياقها المعلوماتي والتحليلي إلى فصول ثلاثة، مثّل الفصل الأول منها: مدخلاً ومراجعة لتاريخ القبائل والعشائر في الجغرافية السورية بشكل عام وفي محافظتي حلب وإدلب…
نُشرت في  الكتب 
الأربعاء آب/أغسطس 23
يأتي نشر هذا الكتاب في وقت عصيب على سورية، خاصة في أعقاب الكارثة الطبيعية التي حلت بالبلاد، إضافة إلى الزلازل السياسية التي شهدها الشعب السوري منذ بداية الثورة السورية عام…
نُشرت في  الكتب 
مناف قومان
مدخل شهدت سورية خلال الأيام القليلة الماضية تحولاً تاريخياً تمثل بانتصار الثورة في إسقاط نظام…
السبت كانون1/ديسمبر 21
نُشرت في  أوراق بحثية 
محمد السكري
ملخص تنفيذي برزت أهمية مفهوم النقابات كمساهم في صيرورة بناء المؤسسات وعملية الدمقرطة في الدولة…
الخميس كانون1/ديسمبر 19
نُشرت في  أوراق بحثية 
مروان عبد القادر
شهدت سورية منذ بداية الثورة في عام 2011 حالة من الاضطراب السياسي والعسكري، تمثلت في…
السبت كانون1/ديسمبر 14
نُشرت في  مقالات الرأي 
فرح أبو عياده, حسن جابر
ملخص تنفيذي باستمرار الاستهداف الإسرائيلي على الأراضي السورية؛ يُفسر نأي النظام السوري عن الانخراط في…
الإثنين تشرين2/نوفمبر 25
نُشرت في  أوراق بحثية