مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Omran Center
Omran Center

Omran Center

الثلاثاء, 15 تشرين2/نوفمبر 2016 14:45

الواقع التعليمي في مناطق "الإدارة الذاتية"

يرتبط مستوى الأداء التعليمي ونوعيته في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية" بمستويات ونتائج الصراع المتعددة، وبأجندات تخدم المشروع السياسي وأيديولوجياته، ويعتري هذه العملية إشكالات تقنية وفنية عدة، ويلحظ فيها عدم وضوح الرؤية وآليات تنفيذ واضحة، وفي ظل استمرار تلك العوائق سيبقى "الأطفال والطلبة" هم الأكثر تضرراً.

مدخل

أفرزت سياسة العنف الممنهج الممارس من قبل النظام الحاكم في سورية مجموعة من الاختلالات والانتكاسات التي استهدفت بنية الدولة ووظائفها وجغرافيتها، لاسيما على صعيد الخدمات الإدارية والاجتماعية، إذ كانت المعادلة التي يتبناها النظام في تعامله مع الحراك الثوري مستندة على عدة عناصر تُمليها المؤسسة العسكرية والأمنية، غير آبهة بنتائج هذه المعادلة على ثنائية الوطن والمواطن. وتعطلت بموجب هذه السياسة العديد من وظائف الدولة وعلى رأسها وأشدها حساسية هي التربية والتعليم، تلك الوظيفة التي تماهَت مع الصراع في مناطق سيطرة النظام ولاتزال تتعثر في مناطق سيطرة المعارضة وخطفت كلياً وتأدلجت في مناطق نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية"، بينما باتت حالة خاصة في المناطق التي تُسيطر عليها "الإدارة الذاتية". تتجلى خصوصية وظائف الدولة بما فيها التربية والتعليم في مناطق الإدارة الذاتية كوننا أمام بنى ووظائف دولة مزدوجة تربط بينها علاقة تتراوح ما بين التنافس والاستحواذ المطلق، إذ ارتأت تلك الإدارة بأنه ليس من الضرورةً بأن تقطع التراتبية الإدارية مع حكومة النظام. في المقابل قامت بتشكيل مؤسسات موازية لتلك العائدة للدولة، بدءً من أصغر خدمات البلديات حتى تشكيل "حكومة كاملة الحقائب"، وعملت بذات السياق على إضعاف مؤسسات النظام، وهذا الأمر يشمل مؤسسات التربية والتعليم أيضاً. وتنمو هذه العلاقة الخاصة على حساب العملية بحد ذاتها لتغدو إشكالية تستوجب التفكيك ومعرفة مفاصلها الرئيسية.

سيعمل هذا التقرير على وصف وتحليل واقع التعليم في هذه المناطق وتحديد نوع وطبيعة هذه الإشكالات المتأتية من العلاقات الخاصة مع الفاعلين في تلك المناطق، وقياس مدى التوظيف السياسي لقطاع التعليم وأثره على أهداف العملية التعليمية من جهة ثانية.

المؤسسات التعليمية: أرقام وحقائق

تُعتبر محافظة الحسكة من المناطق التي تم إهمالها بشكل كامل في المجال التعليمي منذ عقود، فإذا نظرنا لمؤشر انتشار المؤسسات التعليمية لا سيما الجامعية في المحافظة فإننا نلحظ بداية دخول الحياة الجامعية للمحافظة متأخرة كثيراً في عام 2006 مع افتتاح فرعٍ لجامعة الفرات/ دير الزور. ولم يكن الافتتاح بخطوات يمكن وصفها بالجدية، فالجامعة عانت قبل الثورة من نقص الكادر التدريسي ومن استعمال مدارس بصفوفٍ ضيقة لأقسامٍ تحتاج إلى مدرجاتٍ ضخمة، وضعفٍ شديد فيما يخص تجهيزات الأفرع العلمية. وعقب الثورة ازدادت المشاكل والمصاعب التي تُواجه الطلبة في المحافظة نتيجة الفوضى الإدارية والتغيرات في الوضع العسكري في المدينة. وفي هذا الاتجاه وبالإضافة إلى الصعوبات الأمنية وتعدد القوى المتصارعة فإنه يمكن تلخيص المشاكل والصعوبات التي تواجه الطلاب والجامعة الحكومية في المحافظة والواقعة ضمن أماكن سيطرة الإدارة الذاتية بما يلي:

أولاً: تعثر العملية التعليمية جراء الصراع العسكري المتعدد الأطراف، كما حصل في كليتي الهندسة المدنية والاقتصاد نتيجة المواجهات التي حصلت بين النظام وبين عناصر كتيبة أحرار غويران في 08/09/2014([1])، وفي كليتي التربية والآداب في 25/06/2015 نتيجة سيطرة تنظيم "الدولة" على حي النشوة الشرقي في مدينة الحسكة([2])، كما توقف التعليم نتيجة الاشتباكات المتكررة بين عناصر وحدات الحماية الشعبية وجيش النظام([3]).

ثانياً: تغليب المصلحة الإدارية على العملية التعليمية فقد توقف التعليم وأحياناً الامتحانات نتيجة مناسبات خاصة بجهة سياسية، فمثلاً تم حرمان الطلبة من امتحاناتهم نتيجة الإحصاء السكاني من قبل الإدارة الذاتية([4]).

ثالثاً: صعوبات فنية وإدارية كتعثر المعاملات الإدارية، وعدم توفر الكادر التدريسي، وانعدام مدرسين من درجة الدكتوراه في أغلب أقسام الجامعة وقيام أساتذة التعليم الثانوي بتدريس طلبة الجامعة([5])، والعدد الهائل من المنظمات الطلابية الكردية والناتجة في أغلبها عن خلافات سياسية بين الطلاب([6])، وتسرب الطلبة الذكور نتيجة سحبهم للتجنيد الإجباري من قبل الإدارة الذاتية([7]).

رابعاً: تفشي التقصير والفساد كانتشار تجارة بيع المواد والأسئلة، وصعوبة الأسئلة وسلم التصحيح، وإتمام المقررات في مدة زمنية قصيرة، والتركيز على الجانب النظري دون التطرق للجانب العملي لبعض الفروع العلمية([8]).

وفيما يخص الجامعات التي أعلنتها الإدارة الذاتية وهي جامعتا عفرين وروچ آڨا فلا تزال تعاني علمياً من عدة إشكالات علمية وبنيوية أهمها:

  • عدم استحواذها على اعتراف مؤسسات الدولة السورية أو اعتراف هيئة الأمم المتحدة أو أي دولة إقليمية أو عالمية.
  • عدم مناقشة خطة افتتاح الجامعة مع الأكاديميين والمختصين بالرغم من تواجد ثلاثة عمداء كليات لدى الجامعات السورية ونواب عمداء ورؤساء أقسام.
  • قيام القائمين على افتتاح الجامعة بتهميش الكوادر الأكاديمية الموجودة في المحافظة.
  • افتقار الجامعة لمن يملأ منصب الرئاسة ويكون من حملة الدكتوراه بدرجة أستاذ مساعد على الأقل.
  • نقص الكادر التدريسي وغياب من يمكنه أن يحل محل وزير التربية والتعليم لتوقيع الشهادات.
  • افتقار كبير للمستلزمات التعليمية كعدم توفر قاعات تدريس في كلية الطب توافق متطلبات القسم، أو مخابر ومشرح ومشفى جامعي تابع لها. كما تفتقر الكليات الأخرى لقاعات ومدرجات من الممكن أن تستوعب الأعداد الضخمة من الطلاب، إضافة لانعدام وجود مكاتب للكتب تكون خاصة بكل كلية، ومكتبة مركزية للجامعة كلها([9]).

يوضح الجدول أدناه توزع الجامعات والكليات وتعداد الطلاب في مناطق أخضعتها الإدارة الذاتية لنفوذها([10]):

ويوضح الجدول أدناه أهم المؤسسات التعليمية وأعدادها وحجم الكادر التدريسي والطلاب ضمنها والتي تديرها الإدارة الذاتية في المناطق التي تسيطر عليها:([11])

محاولات الاستحواذ على العملية التعليمية

تتبع الإدارة الذاتية عدة أساليب في إدارة القطاع التربوي والتعليمي في مناطقها وذلك تبعاً لحجم سيطرتها التي تبدو مطلقة في عفرين وعين العرب/كوباني، بينما هي متفاوتة في محافظة الحسكة، وهو ما جعل عملية التحكم في مفاصل هذا القطاع وهوامشه متفاوتة أيضاً. ففي مدينة عفرين برزت سياسة الإدارة في هذا القطاع بشكل واضح، إذ ربطت كافة المؤسسات التعليمية -التي كانت تُدار من قبل مؤسسة اللغة الكردية واتحاد "معلمي غربي كردستان" من العام الدراس 2012-2013 حتى منتصف العام 2013- 2014  بالجهاز التنظيمي للإدارة الذاتية وأتبعتها لهيئة التربية والتعليم([14]).

استندت أركان العملية التعليمية على ثلاثة قواعد رئيسية، أولها المتطلبات الأيديولوجية، وثانيها اعتماد اللغة الكردية، والقاعدة الثالثة مرتبطة بضرورات التغيير وإعادة تأهيل البنى التعليمية، إذ أوصى المؤتمر الثاني لمؤسسة مؤسّسة اللّغة الكرديّة «SZK» الذي عقد في مدينة عفرين بتاريخ 18/ كانون على ضرورة " ترسيخ النظام التعليمي وفق مبادئ الأمة الديمقراطية استناداً إلى فلسفة قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان"، وضرورة تأهيل الكادر التدريسي لنفسه بجهود ذاتية، بالإضافة إلى وجوب خضوع جميع الأعضاء للتدريب الإيديولوجي، الثقافي والمسلكي، وضرورة عمل الهيئة على البدء بالتعليم بشكل رسمي باللغة الكردية خلال العام الدراسي 2015- 2016([15]). من جهة أخرى يتم توجيه الاتهام للإدارة الذاتية بأدلجة المواد التعليمية نتيجة فرضها مادة تسمى "الأمة الديمقراطية" والتي تنبع من فكر ونظرية عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكُردستاني المعتقل في تركيا([16]).

كما بدأت عملية اعتماد مناهج التعليم باللغة الكُردية في المناطق ذات الكثافة الكُردية والواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية في مدينة عفرين بتاريخ 17/11/2014، وقررت هيئة عفرين تغيير المناهج للعام الدراسي 2014-2015 وللصفوف الثلاثة الأولى باللغة الكُردية.

إلا أن العملية التعليمية في هذه المدينة لا تزال تواجه صعوبات جمة، فبالإضافة إلى عدم توافر الدعم اللوجستي والفني للعملية وعدم تزويد المدينة وريفها بالكتب المدرسية لما يقارب أربع سنوات، تبرز إشكاليتان تهدد هذه العملية برمتها، ترتبط الإشكالية الأولى بمسألة الاعتراف بمخرجات مؤسسات التعليم سواء كخطط العمل أو شهادات طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية، رغم تجاوز أعدادهم آنذاك 1500 طالب من حملة الشهادة الثانوية و2500 طالب في مرحلة التعليم الأساسي وبلغ عدد الطلاب في المعاهد التابعة للإدارة الذاتية 170 طالباً وطالبة، ناهيك عن أعداد النازحين من المناطق السورية والتي حسب إحصاءات غير رسمية قارب عددهم 500 ألف([17]). وتتعلق الإشكالية الثانية بعدم القدرة على تأهيل الموارد البشرية المختصة التي ستتولى تنفيذ الخطط التعليمية، وهذا ما ناقشه ذات المؤتمر وكان أحد أهم أسباب انعقاده، إذ أن أغلب المدرسين غير حاصلين على شهادات جامعية "ناهيك عن امتناع المدرّسين الاختصاصيين عن التعاون مع مؤسسة اللغة"، وعلى الرغم من أن المؤسسة قد أهلت خلال عام واحد قرابة 1000 مدرس للتعليم باللغة الكُردية خلال عامٍ واحد، إلا أنها تتعرض للنقد الشديد فيما يخص سوية المدرسين لديها، حيث إن الكثير منهم هم من غير الحاصلين على شهادات معاهد أو جامعات([18]).

وفيما يتعلق بحدود العلاقة مع المؤسسات الرسمية التابعة للنظام فقد توجهت هيئة التعليم باللغة الكُردية نحو تحجيم وتقويض دور المجمع التربوي الحكومي بدءً من الشهر الثامن من ذات العام. وتم تعميم المناهج الكُردية على كافة الصفوف في المرحلة الابتدائية (من الصفّ الأول إلى السادس) مع إدخال مادتي اللغة العربية للصفّ الرابع والإنكليزية للصفّ الخامس. وفيما يخص المخاوف التي رافقت عملية قطع العلاقة بالمجمع التربوي وما يمكن أن تنتجه من تغييب لدور الآلاف من المدرسين المعينين من قبل الدولة في مدارس عفرين وريفها، صرحت رئيسة هيئة التربية والتعليم في مقاطعة عفرين بأن الباب مفتوحٌ أمامهم لينضموا للنظام التدريسي التابع للإدارة الذاتية. ويقدر عدد المدرسين من ملاك الدولة في المنطقة بحوالي 5000 معلم ومعلمة، وترى رئيسة الهيئة بأن "مقاطعة عفرين تحتاج إلى 1500 مدرّس فقط لتغطية كافة المدارس الموجودة في المدينة والريف من إداريين ومدرسين، إضافة لـ 300 مدرّس اختصاصي للمرحلة الثانوية"([19]).

أما في محافظة الحسكة فقد شهدت خلافات أشد من تلك الحاصلة في مدينة عفرين وكوباني/عين العرب نتيجة وجود الدوائر الحكومية ومزاولتها لواجباتها الإدارية خصوصاً في مجال التعليم، الأمر الذي أدى إلى حدوث صراع بين حكومة النظام من جهة وبين الإدارة الذاتية من جهة أخرى على الأحقية في إدارة المؤسسات التربوية. وفي هذا الصراع لاتزال المؤسسات التربوية التابعة للنظام تمتلك قوة "الشرعية" المؤسساتية في منح الشهادات والرواتب بشكل خاص. وفي المقابل تحاول الإدارة الذاتية إجبار هذه المؤسسات على الاعتراف بها كجهة شرعية لإدارة الملف التربوي عبر السيطرة على البُنية التحتية الرئيسية لقطاع التعليم "المدارس" وعلى المحرك البشري المتمثل بالطلاب والكادر التدريسي.

وضمن هذه السياقات قامت الإدارة الذاتية بتشكيل معاهد لتعليم اللغات: الكردية والسريانية والآشورية، وهي الجهة الوحيدة التي تستطيع إعداد المدرسين وتعيينهم لاحقاً، تحت إشراف هيئة التربية للإدارة الذاتية([20]). والجدير بالذكر أن التوجه نحو التعليم باللغات الأُم كان مطلباً للكُرد بشكل خاص إلى جانب كونه مطلباً للأرمن والآشوريين والسريان بدرجة أقل نتيجة تمتعهم ببعض الحرية في تعلم لغتهم في عهد " النظام". وفي هذا الاتجاه كان مجلس غرب كُردستان المعلن من قبل الإدارة الذاتية قد أعلن مشروع دستورٍ في تموز 2013 تضمن في مادته الخامسة "اللغة الكردية والعربية هما اللغتان الرسميتان لمناطق الادارة الذاتية مع ضمان التعليم لأبناء المكونات الأخرى للتعليم بلغتهم الأم ([21])"، ليدخل التدريس بمناهج وفق اللغات القومية في محافظة الحسكة حيز التنفيذ مع بداية العام الدراسي في 28/09/2015([22]).

والجدير بالذكر أن خطوة الإدارة الذاتية بالتعليم باللغة الكُردية لاقت اعتراضاً من قبل المجلس الوطني الكُردي وأنصاره، ونظم المجلس عدة مظاهراتٍ رافضة للمنهاج المفروض من قبل الإدارة الذاتية واستمر المجلس الوطني في المظاهرات الرافضة للمناهج مع كل خطوة كانت تخطوها الإدارة الذاتية في هذا الاتجاه كما حدث في مدينة ديريك. ورفع المجلس سقف خطر المناهج على الكُرد أنفسهم عبر الشعار "هذه المناهج هي الخطوة الثانية لإفراغ المناطق الكردية ممن تبقى فيها من مواطنين أكراد"([23]).

وخلال الفترة الممتدة بين 2015-2016 أعلنت الإدارة الذاتية أنها أتمّت تدريب ما يقارب 2600 مدرس ومُدرسة على أسس التدريس بمناهجها للصفوف الدراسية الثلاثة الأولى وطبعت أكثر من 40 ألف كتاب لتغطية احتياجات المدارس التي تم الإقرار بإعطاء الدروس فيها([24]). كما أعلنت الإدارة الذاتية في بداية العام الدراسي لعام 2016 استكمال استعداداتها لتطبيق مناهجها في كافة المدارس([25]). وفيما يخص الدورات التدريبية فتمتد الواحدة منها ثلاثة أشهر، وتتركز حول تقوية المنضمين إلها في مجال التعليم باللغة التي من المقرر أن يقوم/تقوم بتدريس الطلاب من مقررات هيئة التعليم في الإدارة الذاتية([26]).

محاولات توزيع ومحاصصة العملية التعليمية

شجعت الخلافات المستمرة بين مديرية التربية التابعة للنظام، وهيئة التربية التابعة الإدارة الذاتية نتيجة سعي الطرفين للسيطرة على كامل القطاع التعليمي في المحافظة، على تنامي مناخات الفوضى التي تهدد متطلبات الطلبة ومصيرهم([27])، وأمام هذا الواقع وردت تقارير عن اجتماع في مدينة الحسكة ضم ممثلين عن هيئات الطرفين في محاولة للوصول إلى صيغة تفاهم بشكل رئيسي حول المناهج التعليمية. ووفق بعض المنتسبين للكادر التدريسي في المحافظة توصل الطرفان لصيغة تفاهم، والتي تمحورت حول وضع خطة تعليمية للمرحلة الإعدادية، تتضمن القيام بتدريس خمس ساعات لغة كردية أسبوعياً للصف السابع والثامن، وثلاث ساعات لغة كردية للصف التاسع، على أن يتم اقتطاع هذه الساعات من نصاب اللغة العربية والاجتماعيات والمعلوماتية والعلوم والديانة، مقابل أن يتم السماح لها بالاستمرار في التعليم وفق منهاج الدولة.

أما بالنسبة لمرحلة التعليم الأساسي فقد تضاربت التصريحات حول عدم الوصول لأي اتفاق مع إصرار الإدارة الذاتية على أن يكون التعليم في كافة الصفوف باللغة الكردية في المناطق ذو الكثافة السكانية الكُردية ووفق منهاجها. وعرضت مديرية التربية من جهتها المناصفة([28])، في حين أكدت جهات إعلامية محلية على حدوث اتفاق تتخلى الدولة بموجبه عن شرطها بتعليم المنهاج التربوي الخاص بها في المرحلة الابتدائية وتسليمها بشكل كامل للإدارة الذاتية([29]). وظهرت الخلافات بشكل واضح مع قيام مديرية التربية في الحسكة بإعلان قرار يقضي بإغلاق كافة المدارس الابتدائية التي تعتمد منهاج الإدارة الذاتية([30]). ونفت مديرة التربية بالحسكة إلهام صورخان "ما تناقلته "التسريبات" الصادرة عن بعض وسائل التواصل الاجتماعي "بخصوص الاتفاق مع الإدارة الذاتية([31]). وأعلنت مديرية التربية في المحافظة عملها على إسقاط أكثر من 600 مدرسة من سجلاتها وهي المدارس الخاضعة تحت سيطرة الإدارة. وستؤدي خطوة كهذه إلى حرمان أكثر من 90 ألف طالب من شهادات مديرية التربية، ومن خدمات الدولة ومنظمة اليونسكو([32])، التي لم تعترف هي أيضاً بالنظام التدريسي المطبق من قبل الإدارة الذاتية، ويجدر بالذكر أن مديرية التربية التابعة لحكومة النظام اتجهت لإخضاع طلاب المرحلة الأساسية الأولى المنتقلين إلى المرحلة الثانية (الابتدائي إلى الإعدادي) لامتحان خاص تحت مسمى سبر المعلومات، حتى يتم قبولهم ضمن صفوف الطلبة في مدارسها([33]).

وقد تطورت التنافسية لدرجة الاشتباك العسكري فقد شهدت جامعة الفرات اشتباكات متفرقة بين الأطراف العسكرية الحاكمة للمدينة، أدت إلى سيطرة قوات الحماية الشعبية والأسايش على أبنية الجامعة مؤخراً، فقام النظام بالرد عبر إيقاف التدريس فيها، مشترطاً قيام الإدارة الذاتية بسحب عناصر الأسايش وتسليم الجامعة للحرس الجامعي الجامعة([34]). من جهتها نفذت الإدارة الذاتية هذا الشرط لتُعلن لاحقاً رئاسة الجامعة استئناف دوام الطلاب والعاملين فيها والاستعداد لتنفيذ امتحانات الدورة الإضافية لطلاب التعليم النظامي في 26/09([35]).

أما فيما يتعلق بالعلاقة مع المدارس المسيحية، فلم تكن المدارس العائدة للكنائس في المحافظة بعيدةً عن الصراع على مناهج التعليم وتبعيتها المؤسساتية، فالكنائس والتجمعات السياسية والمدنية المسيحية أطلقت في أيلول 2015 بياناً تشير فيه إلى عدم ضرورة فرض هذه المناهج على مدارسهم، لأن المناهج وفقاً لرؤيتهم تعرقل سير العملية التربوية، وهي خطوة مرفوضة بناءً على الخصوصية الإدارية والتربوية في المحافظة([36]). واتجهت مدارس الكنيسة للإضراب لمدة أسبوعين وعلى إثرها تم التراجع من قبل الإدارة الذاتية عن الخطوة، وتم الاتفاق على ألا تستقبل هذه المدارس الطلبة الكُرد، على أن تستمر بتدريس المناهج الحكومية. ولا تتفق الأطراف المسيحية كلها على رفض سياسة الإدارة الذاتية حيث يرى سنحاريب برصوم نائب رئيس حزب الاتحاد السرياني المنضم لصفوف الإدارة الذاتية، أن القرارات الصادرة من الإدارة كقوانين يجب أن تطبق على جميع المكونات دون استثناء، وأكد التزامهم بكافة القرارات([37]). وتتداول مصادر من المنطقة أنباء عن وجود اتفاق شفهي غير معلن بين المدارس المسيحية الخاصة وبين الإدارة تنص على عدم استقبال الطلاب الكرد كشرط للسماح لها باستمرار التدريس بمناهج وزارة التربية، ولا يشمل هذا المنع الطلاب العرب([38]). ويُقدر عدد الطلاب المنتسبين للمدارس العائدة للكنسية أو الخاصة العائدة للمسيحيين بحدود 5000 طالب في المحافظة، بينهم نسبة جيدة من العرب والكُرد. وكان مسموحاً للمدارس الكنسية من قبل النظام بـــ 4 حصص أسبوعية للغتين السريانية والأرمنية باعتبارها لغات طقس كنسي/ديني([39]).

وضمن هذا السياق تقوم "الإدارة الذاتية" وبناءً على "اعتبارها" كافة لغات مكونات المحافظة "لغاتٍ رسمية" بدورات تأهيلية لكوادر مسيحية ليتم تعيينها لاحقاً في كافة المدارس الواقعة تحت سيطرتها. ولتحقيق هذه الغاية طلبت "الإدارة الذاتية" نحو 50 معلم ومعلمة ليتم تدريبهم على تعليم اللغة السريانية ليتم توزيعهم على مدارس المحافظة للعام الدراسي 2016-2017، لمرحلة التعليم الأساسية الأولى. ويتم تحضير هذه الكوادر في معهد "أورهي" بمدينة القامشلي والذي تأسس في آذار 2016 ويختص بتعليم اللغة السريانية.

عموماً تدل العلاقة المضطربة بين الطرفين (النظام – "الإدارة الذاتية") على توافر عنصر التوظيف السياسي لكليهما، فالاستحواذ على أحد أهم وظائف الدولة ستبقى ملعباً للتجاذب والاشتباك طالما أن البوصلة المتحكمة في هذا السياق مرتبطة بمشروع سياسي لا يستقم دون تطبيق فكره وخططه على المجتمع. وفي ظل هذا تستمر الفجوة التعليمية بالتوسع وتنذر (كما هو الشأن في كافة الجغرافية السورية) بتعاظم مستطرد لانهيار وتآكل متنامي للعملية التربوية والتعليمية وهو ما سيعزز عوامل الأمية وانتشار الجهل.

مهددات مستمرة ومتنامية

تُواجه عملية تغيير المناهج في مناطق "الإدارة الذاتية" صعوبات متباينة تبعاً للمنطقة، ففي محافظة الحسكة (كانتون الجزيرة) يفرض التنوع الديمغرافي مناخات صد وجذب لهذه العملية، لاسيما في محافظة الحسكة، القامشلي القحطانية/تربي سبي، ورأس العين/سريه كانيه. وفي هذه المدن هناك أحياء يمكن وصفها "بالصافية" عرقياً أو دينياً، وبالمقابل هناك أحياء أخرى مشكلةٌ من خليط عرقي مختلف ومن أديان مختلفة كالحي الغربي في مدينة القامشلي، وحي المحطة في مدينة الحسكة على سبيل المثال.

أما فيما يخص مدينة عين العرب / كوباني، فتعاني من تدمر البنية التحتية لمديرية التربية نتيجة المعارك التي حدثت داخلها نهاية العام 2014 وبداية عام2015 بعد أن اقترب تنظيم "الدولة" من السيطرة عليها تماماً. وبالنسبة لمدينة عفرين فقد أدت المعارك المستمرة في ريف حلب الشمالي إلى انقطاع طرق المواصلات بينها وبين مدن عموم سورية وبشكل خاص مع مدينة حلب وجامعتها لعدة سنوات، وهذا ما أدى لتجمع أعداد هائلة من المنقطعين عن إكمال حياتهم الجامعية، وظهر في عموم هذه المناطق حالة الانقطاع والتهرب من المدارس نتيجة عدم وجود قوة ضابطة للعملية بشكل صارم. وعموماً يمكن تلخيص مهددات العملية التعليمية وفق التسلسل الآتي:

  1. مهددات ناجمة عن مفرزات الصراع: كانخفاض أعداد الطلاب نتيجة التحاق أو سوق الكثير منهم للجبهات. وانخفاض أعداد الطلبة نتيجة الهجرة المتزايدة، وتوجه الكثير من الطلبة للعمل لإعانة عوائلهم نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة.
  2. مهددات تتعلق بعدم اتساق الخطة التعليمية مع ثنائية الحاجات وبطبيعة المناهج المفروضة، إذ يعاني التلاميذ في الصف الأول الابتدائي من عدم توازن المنهاج وحجمه الكبير، إضافة إلى رغبة الكثير من الأهالي التركيز على اللغتين العربية والكُردية، ناهيك عن اقتصار عملية التدريب للكادر التدريسي على فترة 3 أشهر فقط، وافتقار العديد من أفراد الكادر التدريسي للمؤهلات العلمية.
  3. مهددات السعي لأدلجة المناهج وفق أيديولوجية سياسية، حيث يرد في مجمل كتب المرحلة الأساسية أكثر من 12 حالة ذات دلالة لفكر حزب العمال الكُردستاني.

أحدثت عملية تغيير المناهج من قبل “الإدارة الذاتية” شرخاً في البيت السياسي الكُردي في هذا الخصوص، فمع أن التعليم باللغة الأم هو مطلبٌ كرديٌ شعبي منذ أمد بعيد إلا أن الحالة السياسية الحاكمة للمناطق الكُردية أدت إلى رفض البعض وخصوصاً المجلس الوطني الكُردي الذي رفض العملية جملةً وتفصيلاً، وطرح حلولاً بشكل غير مباشر أو مباشر عبر المظاهرات كانت تتمحور بشكل رئيسي حول العودة للمناهج "الحكومية" بناءً على أنها المعترف بها رسمياً وبالتالي لن يتضرر الطلبة في مستقبلهم. من جهة أخرى يرى المجلس إمكانية لحل هذه المعضلة ضمن اتفاق بين الأطراف الكُردية نفسها من خلال اتفاقٍ شامل حول كافة الملفات السياسية، العسكرية والإدارية.

ولردم هذا الشرخ الحاصل في البيت السياسي الكُردي وتأمين مستقبل الأطفال اقترح الباحث "إبراهيم خليل" في بحثه "مناهج التعليم الكردية في الإدارة الذاتية" حلاً لهذا الإشكال بضرورة "عدم التضحية بهذه الخطوة لمجرد الاختلافات السياسية"، والبدء بالعمل على توفير الاعتراف القانوني للمؤسسة التعليمية"، و"قبول مبدأ الشراكة مع الحركة السياسية الكردية في جزئية تعديل المحتوى وتنقية المناهج من جميع الأخطاء والنقاط محل الاختلاف"([40])، إلا أن الإشكال لايزال قائماً وتتراكم فوقه مجموعة من الصعوبات والمهددات المتزايدة التي تجعل العملية التعليمية ومستقبلها في مواجهة خطر النسف والإلغاء.

خاتمة

 لا يمكن القول بأن العملية التعليمية في مناطق “الإدارة الذاتية” تسير باتساق وفق أهداف العمل التعليمي عموماً، وذلك عائد لأسباب موضوعية شأنها شأن باقي المدن والقرى السورية، ومرتبطة بمستويات ونتائج الصراع المتعددة من جهة، ولارتباط هذه العملية في هذه المناطق بأجندات سياسية تخدم المشروع السياسي وأيديولوجياته دون تدعيم العملية تقنياً وفنياً وبرؤية وآليات تنفيذ واضحة من جهة ثانية، ونظراً لخصوصية هذه المناطق الديمغرافية وصعوبة إدارة التنوع في ظل تعثر الاعتراف القانوني في هذه المؤسسة من جهة أخيرة. ناهيك عن الصعوبات الإدارية واللوجستية المرتبطة ببيئة الوظيفة التعليمية التي تشهد واقعاً أمنياً وإنسانياً مركباً.

إن التداخل الإداري والخدمي بين مؤسسات "الإدارة الذاتية" ومؤسسات تابعة للنظام أفرزت اضطراباً في بوصلة عمل البنى المعنية بالعملية التعليمية، انعكس بشكل مباشر على تدهور الواقع التعليمي في هذه المناطق. ومما ساهم في تسارع عملية التدهور هو رغبة "الإدارة الذاتية" لفرض سلطتها كأمر واقع بشكل ارتجالي غير مدروس على وظائف تهم المواطن بشكل مباشر خاصة مع عدم وجود خطة تربوية تعليمية تفصيلية واضحة مدعمة بكوادر مؤهلة لقيادة وتنفيذ هذه العملية، مقابل فقط امتلاكها لخطوط عامة مرتبطة بالمستند الأيديولوجي، وضرورات المنافسة والاستحواذ. وهو ما يعزز من عوامل اتساع الفجوة التعليمية وتفشي الأمية والجهل.


([1]) تأجيل امتحانات كليتي الهندسة المدنية والاقتصاد في الحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 08/09/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-2Sn

([2]) تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على كليتي التربية والآداب في مدينة الحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 25/06/2015، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-9qX

([3]) مجلس العشائر الكردية يتوسط لإعادة العمل بمؤسسات الدولة في الحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 09/09/2016، الرابط: https://goo.gl/Bj5QBR

([4]) الإدارة الذاتية تجري إحصاء سكاني في مدينة الحسكة وسط فرض "الآسايش" حظراً للتجوال، الموقع: روداو، التاريخ: 14/10/2016، الرابط: https://goo.gl/VAYdMi

([5]) المواصلات مشكلة تضاف إلى يوميات الطلاب الجامعيين في الحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 24/12/2014، الرابط: https://goo.gl/tIIvEF

([6]) ندوة حوارية مفتوحة حول مشاكل الطلبة الكرد، الموقع: آراينوز، التاريخ: 27/11/2014، الرابط: https://goo.gl/pnvjZ6

([7]) الطلاب الجامعيون في الحسكة بين واقع الملاحقات الأمنية والفساد الإداري التعليمي، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 10/22/2014، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-3Wf

([8]) اتهامات بالفساد، وأوضاع امتحانية صعبة يعاني منها طلاب جامعة الفرات بالحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 03/07/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-i4J

([9]) جامعة روج آفا.. هل تحقق المأمول ؟، الموقع: حزب الاتحاد، الرابط: https://goo.gl/3tQufc

([10]) الأرقام والمعلومات الواردة تم استخلاصها من المصادر التالية:

  • جامعة الفرات في الحسكة: الامتحانات ستبدأ في 22 الشهر الحالي، الموقع: تحت المجهر، التاريخ: 03/06/2014، الرابط: https://goo.gl/rOZ3tT
  • نحو 30 ألف طالب يبدؤون امتحانات الفصل الثاني في كليات الحسكة، الموقع: وكالة سانا، التاريخ: 18/06/2015، الرابط: https://goo.gl/WUz6Zr
  • الامتحانات في موعدها بـ 17 الجاري. والجامعة بصدد إصدار قرارات التخرج، الموقع: جريدة الوطن، التاريخ: 04/01/2016، الرابط: https://goo.gl/vab9Dp
  • 300 متقدم إلى اختبار المقدرة اللغوية للقيد في درجة الماجستير بجامعة الفرات في الحسكة، الموقع: سانا، التاريخ: 20/09/2015، الرابط: https://goo.gl/1G1R4S
  • نداء استغاثة من طلاب جامعة المأمون: أنقذونا من مخالب وأنياب، الموقع: مشتى الحلو، التاريخ: 09/09/2007، الرابط: https://goo.gl/Ha97q6
  • جامعة روج آفا هل تحقق المأمول ؟، الموقع: حزب الاتحاد، الرابط: https://goo.gl/3tQufc

([11]) انظر المراجع التالية:

  • التعليم في روج آفا يدخل مرحلته الثورية الثالثة، الموقع: وكالة آن ف ا، التاريخ: 08/07/2016، الرابط: https://goo.gl/6xUCdV
  • 4 ملايين طالب وتلميذ في 15 ألف مدرسة، الموقع: أيام سورية، التاريخ: 17/09/2016، الرابط: https://goo.gl/SZqsWx
  • التحضيرات لبدء العام الدراسي في مقاطعة كوباني، الموقع: مقاطعة كوباني، التاريخ: 17/09/2016، الرابط: https://goo.gl/v0kqDF
  • عداد 250 مدرساً في صرين لتدريس المنهاج الجديد، الموقع: وكالة آنها، التاريخ:17/09/2016، الرابط: https://goo.gl/UgcAyd

([12]) المجلس المدني في منبج يعيد افتتاح مدارس المدينة وريفها، الموقع، آرانيوز، التاريخ: 10/10/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-kPi

([13]) أطفال سوريون يتذوقون متعة العودة الى المدارس في منبج، الموقع: وكالة هوار، التاريخ: 29/09/2016، الرابط: https://goo.gl/UjsrGG

([14]) الإدارة المحلية في مناطق كُرد سورية "عفرين نموذجاً"، الموقع: مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، التاريخ: 03/07/2015، الرابط: https://goo.gl/KzcDgV

([15]) كونفرانس الثاني لمؤسسة اللغة الكردية: تحديد نظام التعليم في مقاطعة عفرين، الموقع: مقاطعة عفرين، التا ريخ: 18/01/2015، الرابط: https://goo.gl/m5pfQF

([16]) أكراد سوريا يغامرون بافتتاح جامعة عفرين ويتأمّلون باعتراف دوليّ مستقبلاً، الموقع: المونيتور، التاريخ: 18/05/2016، الرابط: https://goo.gl/vGWTMp

([17]) الإدارة الذاتية في عفرين تقرر تدريس المناهج بالكردية حتى الصف الثالث الابتدائي، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 17/11/2014، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-44g

([18]) مؤسّسة اللّغة الكرديّة «SZK» تعقد مؤتمرها الثّاني في عفرين، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 18/01/2015، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-57o

([19]) تغيّرات جوهرية في النظام التربوي بمقاطعة عفرين والمدرّسون يتساءلون عن مصيرهم؟، الموقع: حزب الإتحاد، الرابط: https://goo.gl/y72VLX

([20]) مناهج التعليم الكردية في الإدارة الذاتية، الموقع: مدارات كُرد، المؤلف: إبراهيم خليل، التاريخ: 08/12/2015، الرابط: https://goo.gl/IoitWm

تم تأليف كتب الصفوف الثلاث الأولى من مرحلة التعليم الأساسي على يد أحد عشر أستاذاً من كرد تركيا كمؤلفين أساسيين، ويشتمل المنهاج الجديد على الكتب الرئيسية الثلاث (القراءة والرياضيات والعلوم) باللغة الكردية (اللهجة الكرمانجية)، وكتب بالأحرف اللاتينية على الغلاف الداخلي من جميع الكتب عبارة ترجمتها "تم إعداد هذا للكتاب من قبل لجنة الكتاب في غرب كردستان بالاستفادة من كتب ” مخمور" ومخمور هي مدينة صغيرة ضمن إقليم كردستان العراق.

([21]) مسودة دستور الحكومة المؤقتة لغربي كوردستان، الموقع: بيو كي ميديا، التاريخ: 20/07/2013، الرابط: https://goo.gl/LqnY9I

([22]) افتتاح المدارس في مدينة قامشلو مع المنهاج الكردي الجديد، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 28/09/2015، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-bvA

([23])المسيحيون يحذرون من «تغير ديموغرافي وفتنة طائفية، الموقع: القدس العربي، التاريخ:28/09/2016، الرابط: https://goo.gl/gX9XuR

([24]) الأسايش تفض مظاهرة منددة بالمناهج الدراسية الجديدة، الموقع: أخبار سورية، التاريخ:09/11/2015، الموقع: https://goo.gl/kZkCGI

([25]) الإدارة الكردية تنتهي من إعداد مناهج "الأمة الديمقراطية"، الموقع: عربي21، التاريخ: 11/07/2016، الرابط: https://goo.gl/OfG1q9

([26]) إدراج المناهج الجديدة في الصفوف الست الأولى في الجزيرة، الموقع: ولات اف إم، التاريخ: 23/09/2016، الرابط: https://goo.gl/y9lB0I

([27]) مديرية التربية تنقل امتحانات الشهادة الثانوية إلى مدينة الحسكة، الموقع: يكيتي ميديا، التاريخ: 22/05/2016، الرابط: https://goo.gl/eT2yvl  

([28]) بدأ العام الدراسي في شمال سوريا بتفاهمات بين الإدارة الذاتية والدولة ومنهاج كردي متطور في المدراس، الموقع: صدى الواقع السوري، التاريخ: 28/09/2016، الرابط: https://goo.gl/bS8fy2

([29]) النظام والديمقراطي يتسببان في حرمان أطفال الحسكة من التعليم، الموقع: أنا برس، التاريخ: 01/10/2016، الرابط: https://goo.gl/TUfbDg

([30]) المناهج الكردية الجديدة تتسبب باغلاق المدارس في الحسكة، الموقع: مدار اليوم، التاريخ: 23/09/2015، الرابط: https://goo.gl/GOGAeJ

([31]) مديرة التربية: الاتفاق مع الإدارة الذاتية الكردية بشأن التعليم في الحسكة ليس صحيحاً، الموقع: سورية تجمعنا، التاريخ: 18/08/2016، الرابط: https://goo.gl/chrych

([32]) مصير أسود ينتظر الطلاب السوريين في مناطق الميليشيات الكردية، الموقع: بلدي: التاريخ: 16/09/2016، الرابط: https://goo.gl/ZSzrzC

([33]) قررت مديرية التربية السورية إجراء امتحانات استثنائية (سبر معلومات)، الموقع: صفحة الدكتور فريد سعدون، التاريخ: 09/10/2016، الرابط: https://goo.gl/IggNV6

([34]) النظام يوقف التعليم في فروع جامعة الفرات بالحسكة بعد سيطرة الوحدات الكردية عليها، الموقع: يوتيوب، التاريخ: 23/09/2016، الرابط: https://goo.gl/805QXw

([35]) رئاسة جامعة الفرات في الحسكة تعلن استئناف الدوام تمهيداً للامتحانات التكميليلة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 26/09/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-ksU

([36]) المسيحيون يحذرون من «تغير ديموغرافي وفتنة طائفية، الموقع: القدس العربي، التاريخ:28/09/2016، الرابط: https://goo.gl/gX9XuR

([37]) قوانين الادارة الذاتية تقسم المسيحيين ما بين مؤيد ورافض، الموقع: قناة عشتار، التاريخ: 04/10/2016، الرابط: https://goo.gl/8hC3JA

([38]) اللغة السريانية تقتحم مناهج التعليم بالحسكة وطرد وفد النظام من "الشدادي"، الموقع: زمان الوصل: التاريخ: 28/09/2016، الرابط: https://goo.gl/cLMjWZ

([39]) المدارس السريانية والأرمنية بين “المطرقة “الكردية و “السندان” العربي، الموقع: مفكر حر، التاريخ: 11/09/2016، الرابط: https://goo.gl/nHGVkt

([40]) مناهج التعليم الكردية في الإدارة الذاتية، الموقع: مدارات كُرد، المؤلف: إبراهيم خليل، التاريخ: 08/12/2015، الرابط: https://goo.gl/IoitWm

تتشابك الغايات الدولية والإقليمية والمحلية في معركة تحرير الموصل، وتظهر مدى اختراقات طهران وعبثها في أمن المجتمع العراقي عبر توظيفها المستمر لورقة الإرهاب، وتنبئ بمآلات تزيد من سيولة المشهد الإقليمي طالما أن ذات الآليات يعاد استخدمها في حرب الإرهاب دون رؤية سياسية متكاملة تعالج جذر الصراع لا نتيجته فحسب.  

كما كانت سيطرة تنظيم الدولة على مدينة الموصل([1]) في 10/6/2014 حدثاً مؤسساً لمتغيرات متسارعة غيرت الكثير من مستويات الصراع القائمة، ها هي معركة تحرير الموصل تُنبئ بمسارات وسيناريوهات مفتوحة لاسيما وأن جغرافية هذه المدينة وما تكتنفه من تعقيد في التركيب الإثني والطائفي، يجعل من معركتها رقماً صعباً في معادلة العراق الجديد وعاملاً حاسماً في تحديد مصيره. ومن المثير للتحليل أن المعركة استهلكت وقتاً طويلاً من التحضيرات السياسية والعسكرية وأثارت جدلاً واهتماماً استثنائياً من قبل الأطراف المحلية العراقية والإقليمية، وساهمت بحكم التوظيف السياسي لورقة الإرهاب بتعقيد المشهد وإرفاقه بمدخلات أسست لتنامي سياسات لا تتسق مع مفاهيم الهوية والجغرافية والتاريخ. وقد دفع هذا الحال القوى العراقية المتعددة ومن خلفها داعميها الإقليميين للاستماتة في المشاركة بهذه المعركة، وحشد قوات فاقت أعداد التنظيم بأضعاف([2]). الأخير الذي لا يبدو أقل رغبة من باقي الأطراف في استماتته للدفاع عن المدينة، فهو وإن بدى متراجعاً في معارك الأقضية المحيطة بالمدينة تحت ضغط ضربات التحالف والتفوق العددي الكبير للقوات المشاركة في العملية؛ إلا أنه أبدى تكتيكات جديدة تمثلت بالهجوم على مناطق غير متوقعة وجبهات رخوة، كهجومه على "كركوك" و "الرطبة"، واستخدامه لأسلحة ثقيلة في معاركه لم يستخدمها سابقاً. وبينما العجلة العسكرية تنحو باتجاه "حسم ما" تتداخل المهددات الأمنية والسياسية على العراق -لاسيما المكون السني- ودول الجوار والمنطقة برمتها بحكم ما تحمله هذه المعركة من تداعيات تساهم نتيجتها في تثبيت فاعلية جيوسياسية لطرف إقليمي ضم معادلات ومحاولات تكوين نظام سياسي إقليمي.

بناءً عليه يحاول تقدير الموقف هذا تفكيك المصالح المختلفة للفرقاء المحليين المتصارعين على الخوض في المعركة ومن خلفهم حلفائهم الإقليمين والدوليين، سعياً لتحديد طبيعة وأبعاد هذا الصراع وفحص اتجاهاته المختلفة، واستشراف المآلات المرتقبة لهذه المعركة في العراق، وارتداداتها المحتملة على سورية.

صراعُ نفوذٍ وبوصلات إقليمية متباعدة

تتعدد القوات المحلية والإقليمية والدولية الساعية لدخول وتحرير الموصل، وتتباعد غايات كل منها والتي تفرضها عوامل أمنية وسياسية خاصة بكل قوة وحليفها (انظر الخريطة أدناه)، لتبدو في المجمل "حسماً متخيلاً" سيُعزز من عوامل تنامي امتلاك نفوذ إقليمي وسيُسهم في التحكم في ملفات أخرى تتصارع عليها هذه المحاور الإقليمية في مناطق أخرى لا سيما في العراق واليمن.

خريطة رقم (1)

فالولايات المتحدة الأمريكية التي تقتصر مشاركتها على الضربات الجوية والدعم والإسناد برياً، حيث يقوم جنودها الـ 5000 المتواجدون على الأرض بدور التدريب والاستشارات والمساهمة وفق المؤشرات لتحويل قاعدة القيارة-58 كم جنوب الموصل-، إلى قاعدة دائمة للقوات الأمريكية، في حين تعتمد على قوات البيشمركة والجيش العراقي، وبخاصة قوات مكافحة الإرهاب التي دربتها وتعتبرها أكثر احترافية وأقل طائفية من الجيش العراقي.

لا شك أن إدارة الحزب الديمقراطي الأمريكي قد سعت لفتح هذه المعركة قبل مغادرة الرئيس أوباما للبيت الأبيض -التي سقطت في عهده-وتوظيفها في سياق الانتخابات الأمريكية، كبرهنة على أن الديمقراطيين قادرون على تحقيق انتصارات عسكرية منخفضة التكلفة ودون تدخل مباشر على عكس الجمهوريين. إلا أنه وفي موازاة ذلك تسعى الولايات المتحدة من خلال هذه المعركة لتثبيت رؤيتها للعراق ومعادلاته السياسية فهي من جهة أولى لا ترى ضيراً في أطروحات جديدة في العراق يغيب عنها الكيان السني، وتعزيز تحالفها في العراق والمنطقة مع إيران وأذرعها الميليشاوية على حساب حلفائها القديمين كدول الخليج وتركيا من جهة ثانية، وتأجيج الصراع الطائفي بدعم التطرف الشيعي على حساب وجود السنة.

أما تركيا التي لا ترغب حكومة بغداد في مشاركتها في معركة الموصل عبر قواتها المتموضعة في معسكر بعشيقة والداعمة لبشمركة البرازني؛ فتصر على المشاركة وترفض دخول الحشد الشعبي "الشيعي" إلى قضاء تلعفر وذلك بحكم مجموعة من المخاوف والمصالح التركية من مآلات معركة الموصل([3])، كمشاركة حزب العمال الكردستاني إلى جانب الحشد الشعبي في المعارك ووصوله إلى الحدود التركية من الجهة الغربية للموصل، واستخدامه كورقة ضغط إيرانية عليها، خصوصاً وأن الأخير تربطه علاقات ممتازة مع قيادة الحشد الشعبي وتساهم بشكل أساسي في تسليحها وتذخيرها خارج ميزانية الجيش العراقي([4]). إضافة إلى أن سيطرة الحشد الشعبي على تلعفر الحدودية مع مناطق سيطرة تنظيم الدولة في سورية، خاصة مع إعلان قيادات في الحشد عن نيتها القتال إلى جانب قوات الأسد بعد تحرير الموصل([5])، سيدعم فرص مشاركة قوات النظام السوري في عملية تحرير الرقة من تنظيم الدولة على حساب مشاركة تركيا وقوات درع الفرات المدعومة منها. كما أن مخاوف تهجير التركمان السنة من قبل الميليشيات الشيعية في تلعفر هي إحدى العوامل التي تغذي أسباب المشاركة التركية لا سيما أن هذه المنطقة يقطنها تركمان سنة وشيعة، ويتخذ الحشد الشعبي من التركمان الشيعة ذريعة للدخول إلى تلعفر.

عموماً تحاول أنقرة عبر الإصرار على المشاركة في معركة الموصل إلى الحؤول دون نجاح مخطط إيران في تهجير العرب وتركمان (تلعفر) السنة من الموصل ومحيطها، الأمر الذي قد يُشكل أزمة لاجئين جديدة بالنسبة لتركيا من جهة، وتطويقاً لإقليم كردستان الحليف لها بحزام شيعي من جهة أخرى. بينما لا تُخفي طهران نواياها في استكمال الطريق البري الذي يصلها بسورية عبر السيطرة على تلعفر، مما سيمنح إيران واجهة متوسطية وسيساهم في تسهيل نقل المقاتلين الشيعة والأسلحة لنظام الأسد، وبالتالي سيضعف النفوذ التركي في سورية.

وفيما يتعلق بإيران فهي المستفيد الأكبر من وجود تنظيم الدولة في العراق، وتحاول حصد أكبر مكاسب من حربه، عبر أداتها الحشد الشعبي، والتي شكلتها بعد فتوى "الجهاد الكفائي" التي أصدرها المرجع علي السيستاني إثر سيطرة التنظيم على مساحات واسعة من العراق واقترابه من بغداد في 2014 ([6])، لتتحول تلك المليشيا، إلى جيش رديف للجيش العراقي بل ويفوقه تسليحاً.

تتمحور غايات طهران الاستراتيجية حول مد نفوذها باتجاه مناطق الثقل السني في العراق، وذلك لترسيخ سيطرتها على كامل العراق من جهة، ولإحداث تغيير ديمغرافي في تلك المناطق لصالح الشيعة عبر تهجير العرب السنة الممنهج من المناطق التي يدخلها الحشد، كما حدث في كل من (ديالى وتكريت والفلوجة والصقلاوية([7]))، بهدف إبعاد أي خطر يهدد نفوذها في العراق قد يأتي من تلك المناطق، هذا من جهة، ومن جهة ثانية اختراق مثلث القوى الكردية عبر دعم ضلعي PKK وجناح الطالباني على حساب ضلع البرزاني، إذ أحسنت استغلال انقسامات الشارع الكردي وسمحت لقوات تنظيم الPKK بالتواجد على الشريط الحدودي مع  سورية والقريب من تركيا غرب الموصل وجنوبه وهي مناطق تخلو من الأكراد. مما طوق خيارات الصد لمسعود البرزاني المتحالف مع تركيا وعزز من عوامل قوة تيار الطالباني الرافض لإجراء استفتاء الانفصال عن العراق بينما يدعم ذلك تيار البرزاني. وفي هذه السياقات تستطيع طهران الحد من التمدد الكردي واكتساب البيشمركة مزيداً من المناطق المتنازع عليها مع الحكومة المركزية في بغداد بحجة حرب الإرهاب، وخاصة كركوك وسهل نينوى، وتطويق الإقليم بحزام شيعي موالي لها، وبالتالي منع إعلان انفصال الإقليم عن العراق، الأمر الذي قد ينعكس على كرد إيران.

وفي ذات الاتجاه تسعى طهران لتحقيق طريقين للاتصال البري مع سورية، وذلك عبر السيطرة على قضاء تلعفر وسنجار وكذلك جنوباً من خلال محور الرطبة باتجاه دمشق ولبنان، في محاولة لرسم طريق الحرير الجديد الذي تسعى إيران من خلاله للاتصال برياً مع سورية والوصول إلى المتوسط، إضافة لإقامة شريط شيعي على الحدود الشمالية والجنوبية، يضعف نفوذ أنقرة في العراق ويحدها من التمدد خارج إقليم كردستان، ويزاحمها في سورية عبر محاولة انتزاع مناطق غرب الموصل من محافظة الموصل وتقليص حجم محافظة الموصل بحيث لا يكون لها أي منفذ حدودي أو اتصال جغرافي سواء مع تركيا أو حتى المملكة العربية السعودية من خلال محافظة الأنبار عبر ضم منطقة النخيب والمناطق المحاذية للحدود السعودية إلى محافظة كربلاء.

وخلال كل ذلك يُشكل العرب السنة الحلقة الأضعف بين الأطراف المشاركة في معركة الموصل، حيث يتمثلون بفصيلين صغيرين مقاتلين (إضافة إلى مجموعات صغيرة كخلايا نائمة) وهما([8]): الحشد الوطني: وتتراوح التقديرات بين 1500-3000 مقاتل غالبيتهم من ضباط وأفراد الجيش والشرطة العراقية السابقين. ويتلقى الدعم والتدريب من القوات التركية المتمركزة في معسكر بقرب بعشيقة، ويتبع في قيادته لمحافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي. وقد تعرض الحشد إلى ضربة قوية عندما أصدر النائب العام العراقي اتهاماً للنجيفي بالتخابر مع تركيا. والثاني هو الحشد العشائري: ويضم حوالي 15000 مقاتل من أبناء عشائر نينوى ويتبع رسمياً لقيادة الحشد الشعبي في بغداد ويتلقى التدريبات من قيادة عمليات نينوى في الجيش العراقي، ويقوده من الناحية العسكرية العميد "لويس يوسف" ويمثله سياسياً محافظ نينوى نوفل حمادي السلطان. ويهدف الحشد الشعبي من خلال تشكيل الحشد العشائري إلى إفشال تجربة الحشد الوطني المعادي له ولمصالح إيران. ووفقاً للمعطيات المحلية والإقليمية والدولية فإن أهداف هذين التشكيلين من المشاركة في معركة الموصل، لا تتجاوز حماية وجودهم في مدينتهم وتحريرها من تنظيم الدولة وضمان عودة النازحين من أبناء المحافظة، وإدارة أو المشاركة في إدارة المدينة بعد تحريرها، وأقصى طموحاتهم تتمثل في طرح أثيل النجيفي بتحويل محافظة نينوى إلى إقليم بعد تحريرها بالكامل، والذي لا يبدو أن الأطراف الموصلية المدعومة من قبل الحكومة العراقية تؤيده.

مآلات المعركة وانعكاساتها على المشهد السوري

قد يترتب على المصالح المحلية الإقليمية والدولية المتضاربة في معركة الموصل، نتائج بالغة الأهمية بالنسبة لمستقبل العراق، لاسيما أن انطلاق المعركة بضغط أمريكي دون تحديد أو بلورة تصور مسبق وواضح لمستقبل المدينة وإدارتها بعد تحريرها، سيزيد من تعقيد المشهد المحلي وتصاعده إقليمياً، إضافة إلى أن تحرير الموصل يعني نهاية آخر مراكز الثقل البشري للتنظيم ونهايته في العراق معنوياً كون المدينة عاصمة التنظيم، الأمر الذي سيسحب ذريعة حرب الإرهاب من يد الأطراف المشاركة في المعركة، ويجعلها تلتفت لصراعات المصالح فيما بينها. ناهيك عن أن التكوين الديمغرافي للمدينة وطبيعة الأطراف المشاركة فيها وداعميهم الإقليميين ومصالحهم المتضاربة، قد تشعل صراعات طائفية وعرقية بين السنة والشيعة العرب من جهة، والتركمان السنة والشيعة من جهة أخرى، إضافة إلى صراع نفوذ محتمل بين الحشد الشعبي والكرد، وبين الكرد أنفسهم في السليمانية الموالية لإيران وأربيل الموالي لتركيا.

في ظل النقاط السابقة تترك معركة الموصل العراق مفتوحاً على العديد من الاحتمالات كالتقسيم أو الفدرلة الكاملة على أساس طائفي وعرقي أو حرب أهلية شاملة على أساس طائفي قد تعيد تقوية تنظيم الدولة من جديد من جهة، كما تنذر مشاريع إعادة الإعمار التي ستحدد مدى عودة النازحين إلى مناطقهم أو تغييرها ديمغرافياً بشكل نهائي، خطورة الهندسة الاجتماعية التي تسعى طهران لتكريسها في البُنية العراقية، إذ يظهر ذلك في مناطق تمت استعادتها من أيدي التنظيم ولم يسمح للعراقيين السنة بالعودة إليها من جهة أخرى.

ومن جهة سورية، ترتسم نقاط كثيرة مشتركة بين معركة تحرير الموصل ومعركة تحرير الرقة المرتقبة في سورية، منها هدف المعركة المباشر(تنظيم الدولة)، إضافة إلى الأطراف التي يحتمل أن تشارك في المعركة وهي مليشيات pyd المدعومة أمريكياً، وقوات درع الفرات المدعومة من تركيا، مقابل احتمالية مشاركة النظام والمليشيات الشيعية الداعمة له، واللذان لن يُفوتا مع الحليف الروسي فرصة المشاركة في المعركة، حتى ولو بدت تلك المشاركة ضد رغبة الجانب الأمريكي، والذي عارض من قبل مشاركة الحشد الشعبي في العراق، بينما الحشد اليوم يخوض المعارك ويدخل إلى المدن المحررة من التنظيم. لذا فمن المحتمل أن تمثل معركة الرقة نقطة تالية لمعركة الموصل قد تنقل الأطراف المتصارعة في العراق معاركها إلى سورية، خصوصاً مع إصرار واشنطن على ما يبدو على تكرار ذات الخطأ الذي ارتكبته في العراق بفتح معركة الرقة بالتزامن مع معركة الموصل من غير أن تحسم الأطراف المشاركة أو مآل المدينة بعد التحرير بشكل واضح ولمن ستعود إدارتها. وهنا يمكن استشراف بعض الانعكاسات المحتملة لمعركة الموصل على مسار المشهد السوري:

  1. انتقال أعداد من مقاتلي تنظيم الدولة وبخاصة الأجانب منهم إلى الرقة السورية، إذا شعروا باقتراب سقوط الموصل، وهذا ما سيزيد من صعوبة معركة الرقة كونها ستكون الحاسمة بالنسبة للتنظيم ودولته، خصوصاً أن القوات العراقية باتت على مشارف مدينة الموصل ولم يبدأ بعد أي جهد جدي لفتح معركة الرقة بالتزامن لمنع تدفق مقاتلي التنظيم إلى سورية.
  2. انتقال أعداد كبيرة من مقاتلي الحشد الشعبي إلى سورية لدعم نظام الأسد بعد نهاية معركة الموصل، وهو ما أكدته قيادات الحشد في تصريحاتهم. وتزيد خطورة هذا الاحتمال في حال نجاح الحشد في السيطرة على قضاء تلعفر.
  3. انتقال عناصر من حزب العمال الكردستاني ممن كانوا يقاتلون التنظيم في سنجار لتدعيم مليشيات الـ pyd في سورية.
  4. فرض روسيا والنظام أنفسهم كطرف أساسي في المعركة وتحول المعركة إلى ساحة جديدة للصراع الأمريكي الروسي. ومن المحتمل أن يشارك النظام من محور السلمية-أثريا كونه يمتلك قوات في تلك المنطقة لمهاجمة مدينة الطبقة واستعادتها لأهميتها البالغة له، كونها تحتوي سد الفرات.
  5. استغلال قوات سورية الديمقراطية الانشغال التركي وقوات درع الفرات بمعركة الرقة لمعاودة العبور إلى غرب الفرات. ويرجح هذا الاحتمال رغبة النظام وإيران بإرباك تركيا وتشتيتها على أكثر من جبهة.
  6. قد يستغل النظام معركة الرقة والضغط على التنظيم في الرقة لفتح معركة في دير الزور بالاعتماد على مقاتلي الحشد الشعبي لكسب مساحات أكبر من الأرض.
  7. انشغال النظام المؤكد بمعركة الرقة وتركيز جهوده على تقديم نفسه وحليفه الروسي كشركاء في مكافحة الإرهاب، قد يمنح قوات المعارضة السورية هامشاً أوسع لإحداث اختراقات على جبهات النظام المختلفة وبخاصة في حلب.

يمكن القول ختاماً أنه بقدر ما تدل إليه المؤشرات على بداية انحسار نفوذ تنظيم الدولة في العراق وسورية، إلا أن حركية الأحداث (الأنبار وصلاح الدين وديالى وغيرها) تنبئ أن استخدام ذات الآليات في محاربة التنظيم لن تفضي لهزيمة التنظيم إن لم يكن هناك رؤية سياسية متكاملة لأزمة العراق مقبولة من المكون السني، كما أنه وبذات الوقت تنذر هذه المعركة بملامح جديدة لصراع قد يكون مباشراً بين الفرقاء المحليين وفقاً لتضارب مصالح الداعمين الدوليين والإقليمين، خاصة في حال زوال "ذريعة مكافحة الإرهاب" المتمثلة بالتنظيم، الأمر الذي وإن بدا مفسراً لحالة التدافع من مختلف الأطراف لتحقيق أكبر قدر من المكاسب على أنقاض "الخلافة"، إلا أنه وبالوقت ذاته يشير إلى اقتراب إنجاز صيغ أمنية إقليمية جديدة لملء الفراغ الحاصل، الصيغ التي قد تحدد شكل وطبيعة المنطقة من جديد، بما يتناسب مع الانكفاء الأميركي والتدخل الروسي.

 


([1]) تعد مدينة الموصل مركزاً لمحافظة نينوى وثاني أكبر مدينة في العراق من حيث السكان بعد بغداد، حيث يبلغ تعداد سكانها حوالي 2 مليون نسمة. وتبعد الموصل عن بغداد مسافة تقارب حوالي 465 كم2، وأغلبية سكان الموصل من العرب السنة، وينحدرون من خمس قبائل رئيسية وهي (شمر، الجبور، الدليم، طيء، البقارة)، كما يوجد أيضاً مسيحيون ينتمون إلى عدة طوائف، إضافة إلى الكرد والتركمان والشبك.

([2]) حسب مصادر مقربة من التنظيم، فإن أعداد مقاتليه المتواجدين في الموصل تصل إلى 6 آلاف مقاتل، 20% منهم أجانب، في حين أن خبراء عسكريون قدروا أعدادهم بنحو 10 آلاف، بينهم 3 آلاف مقاتل أجنبي. في المقابل، تضم الجهة المقابلة 12 تشكيلاً مسلحاً، كقوات الجيش والأمن العراقي، 40 ألف جندي، ومليشيات الحشد الشعبي بـ40 ألف جندي أيضاً، وقوات البيشمركة ـ50 ألف جندي، إلى جانب قوات الحشد الوطني والحشد العشائري بـ7 - 15 ألف مقاتل، ويساهم بنحو 9 آلاف من أفراد التحالف الدولي بينهم أكثر من 5 آلاف أمريكي، يشرفون على سير المعركة من خلال التدريب وتقديم الدعم الجوي والمدفعي دون المشاركة على الأرض..

 (4) المرجع السابق: https://goo.gl/k7jxKg

(5) حزب العمال الكردستاني يعلن جاهزيته للمشاركة في تحرير مدينة نينوى، لتفاصيل أكثر، انظر الرابط التالي: https://goo.gl/QLLGSp

([5]) الحشد الشعبي يعلن عن نيته القتال إلى جانب الأسد بعد انتهاء معركة الموصل، لتفاصيل أكثر انظر الرابط التالي: https://goo.gl/fwV7m

([6]) فتوى المرجعية الشيعية بوجوب الجهاد الكفائي ضد داعش، لتفاصيل أكثر انظر الفيديو التالي: https://goo.gl/WNMosZ

[7])) التهجير القسري لسنة العراق، وانتهاكات الحشد الشعبي، لتفاصيل أكثر، انظر الرابط التالي: https://goo.gl/WJoz1W

 ([8]) تنكر مصادر عراقية مطلعة الأرقام الحكومية المنشورة حول أعداد مقاتلي الحشد الوطني والعشائري، وتعتبرها أقل بكثير مما هو معلن.

لكي تمارس المجالس الدور المرجو منها حاليًا وفي المرحلة الانتقالية فإنها بحاجة إلى مقومات العمل الضرورية وفي مقدمتها توفر التمويل واستقراره، فبقدر ما تتوافر للمجالس موارد مالية متنوعة ومستقرة، فإنها تتمكن من أداء مهامها وترسيخ مكانتها في المجتمع المحلي كجهة مركزية في توفير الخدمات للسكان المحليين، في حين أن غياب الاستقرار المالي يجعل المجالس مهددة بالتوقف عن العمل أو تقليص حجم دورها في إدارة مجتمعاتها المحلية، الأمر الذي يفتح المجال أمام قوى أخرى لا تعبر بالضرورة عن مصالح المجتمع المحلي ككل للتدخل وأخذ زمام المبادرة.

منذ أن انبثقت تجربة المجالس المحلية في المناطق غير الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد وهي تخضع لدراسات وبحوث معمقة حول نشأتها ودورها وواقعها الراهن وما يمكن أن تؤديه في المرحلة الانتقالية، وغني عن البيان القول بأن المجالس أصبحت إحدى المسلمات الأساسية التي يستدعيها الحل السياسي للأزمة السورية باعتبارها أحد أبرز الفاعلين المنفذين لتفاصيل الاتفاق السياسي المنتظر، إن كان على المستوى المحلي أو الوطني وبغض النظر فيما إذا كانت سورية دولة موحدة تدار من خلال اللامركزية الإدارية الموسعة، أو من خلال فيدرالية تحكمها وحدات سياسية محلية.

ولكي تمارس المجالس الدور المرجو منها حاليًا وفي المرحلة الانتقالية فإنها بحاجة إلى مقومات العمل الضرورية وفي مقدمتها توفر التمويل واستقراره، فبقدر ما تتوافر للمجالس موارد مالية متنوعة ومستقرة، فإنها تتمكن من أداء مهامها وترسيخ مكانتها في المجتمع المحلي كجهة مركزية في توفير الخدمات للسكان المحليين، في حين أن غياب الاستقرار المالي يجعل المجالس مهددة بالتوقف عن العمل أو تقليص حجم دورها في إدارة مجتمعاتها المحلية، الأمر الذي يفتح المجال أمام قوى أخرى لا تعبر بالضرورة عن مصالح المجتمع المحلي ككل للتدخل وأخذ زمام المبادرة.

وضمن هذا السياق، فقد أكدت أغلب نتائج الدراسات ذات الصلة، مركزية إشكالية التمويل التي تعاني منها المجالس المحلية، ومنها ما أصدرته منظمة اليوم التالي ضمن دراسة مسحية بعنوان "المجالس المحلية في عيون مجتمعاتها" جاء فيها، أن أربعة مجالس من أصل خمسة شملهم المسح البياني قد وضعت التمويل في مقدمة المشاكل التي تواجهها، وتعتبر هذه النتيجة واقعية في ظل ما تواجهه المجالس من عجز مالي ناجم عن ضعف استقرار الإيرادات المالية من جهة وصعوبة ضبط النفقات - لاعتبارات عديدة تتعلق بالوضع الأمني وحجم الأزمات الخدمية التي تحتم على المجالس لعب دور فيها - من جهة أخرى.

وإن كانت المجالس تتباين من حيث تنوع مواردها المالية واستقرارها فإنها لا تخرج عن مصدرين رئيسين هما، الدعم الخارجي بشكليه العيني والمادي الذي تقدمه الجهات المانحة إضافة إلى الدعم المقدم لها من قبل هيئات المعارضة الرسمية كالائتلاف والحكومة السورية المؤقتة، وإن كان قد تضاءل إن لم يكن اختفى كليًا نتيجة العجز المالي الذي تشهده هذه المؤسسات، يضاف إلى ما سبق الدعم المادي الذي يوفره الأفراد والقوى المحلية العسكرية منها والمدنية لتلك المجالس.

وإلى جانب الدعم الخارجي فقد تمكنت المجالس من توفير موارد ذاتية شملت الضرائب والرسوم المحلية وما تحقق لها من عائدات المشاريع التنموية التي أسستها، علمًا أن المجالس قد حققت نجاحات لا يمكن إنكارها على صعيد تنمية مواردها الذاتية خصوصًا على صعيد الجباية المحلية التي بدأت كتجربة خجولة في 2014 في حلب وإدلب لتعمم تدريجيًا على بقية المجالس القائمة في مناطق سيطرة فصائل المقاومة الوطنية، وإن كانت ما تزال تواجه تحدياتٍ تحول دون بلوغها المستوى المأمول في تمويل المجالس، إلا أنها وبدون شك خطوة تحسب لها.

ما يلفت الانتباه في الدراسة التي أصدرتها منظمة اليوم التالي، ميل العينة لتأييد تمويل المجالس المحلية مؤقتًا من الخارج، وفي الوقت الذي يمكن تبرير هذه النتيجة بضعف الثقة في الآليات المتبعة من قبل المجالس لتنمية مواردها الذاتية والنتائج المتحققة عنها من جهة - علمًا أن ذلك يحتاج إلى وقت طويل وبيئة مستقرة وتفاعل مجتمعي إيجابي مع جهود المجلس -، والرغبة في حلول سريعة تحقق الاستقرار المالي لها من جهة أخرى، إلا أنه يجب التنويه إلى مخاطر استمرارية اعتماد المجالس على الدعم الخارجي، إذ إنه يفتح الباب أمام تبعيتها للجهات المانحة التي تنفذ برامجها الخاصة والتي قد لا تتوافق بالضرورة مع أولويات المجتمعات المحلية، أي تحوّل المجالس إلى وكلاء محليين مرتبطين بأجندات خارجية سواءً كانوا يعون ذلك أم لا، علاوة على تقويض الجهود التنموية التي تقودها المجالس لتعزيز مواردها الذاتية.

أمام هذا الواقع ولكي نحمي مشروع المجالس المحلية من عبث أيادي الخارج وتفويت الفرصة على الطامعين فيها ممن يريدون تحويلها إلى مجرد واجهات لمصالحهم أو وكلاء محليين لسياساتهم، ولكي نحفظها بعيدًا عن التدخلات التي يمكن أن تقوض تجربتها، ولنعزز دورها واستقلاليتها حاليًا وعلى المدى البعيد، فإن الدعوة موجهة لتضافر جهود القوى الوطنية من أجل دعم المجالس بما يضمن تفعيل مواردها الذاتية بالشكل الذي ينعكس إيجابًا على المجتمع المحلي، هي دعوة لإبقائها أملًا للسوريين فهي أجمل ما أفرزته الثورة، وهي مستقبلنا الذي نسعى أن نحقق من خلاله مطالبنا التي خرجنا لأجلها بالحرية والكرامة والعدالة.

ترتبط قناعة الكثير من المجالس المحلية بمركزية دورها في مجتمعاتها إلى حد كبير بموقف الناس من المجالس المحلية والدور المركزي والفريد الذي تلعبه كون أن خياراتهم تجاه الاحتياجات التي تلبيها الإدارات المحلية أو مايوازيها من هيئات مدنية مرتبطة بالبنى العسكرية هي خيارات ضيقة ولا يمكن لمنظمات المجتمع المدني ولا الهيئات المجتمعية الأخرى أن تحل محلها، ولا يمكن حتى للبنى الإدارية التابعة للنظام أن تقوم مقامها. على الأقل فيما يميز هذه البنى من القدرة على تمثيل المجتمعات المحلية وما يحمله ذلك من توفير ديناميات مؤسسية وغير مؤسسية من خلال المجالس المحلية نفسها وما تتيحه من فضاءات للحوار والمساءلة أو من خلال الهيئات والمرجعيات المجتمعية التقليدية، تمكن هذه المجتمعات من ممارسة الدور الرقابي وتوجيه المجالس المحلية لتكون أكثر تشاركية وشفافية وتعبيراً عن متطلبات وآمال المجتمعات المحلية.

أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مطلع العام الحالي على 105 مجلساً محلياً على امتداد المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وتنظيم الدولة والقوى الكردية، توجهاً متزايداً إلى اعتمادية المجالس المحلية كجهة مركزية في تقديم الخدمة وإدارة فعاليات المجتمع المحلي، حيث عبر 41 % من العينة عن اعتقادهم بأن للمجالس دور مركزي ضمن الحيز الإداري لعملها فيما ذهب 50 % بالمئة منهم إلى اعتبار مجالسهم الجهة الوحيدة التي تضطلع بالأدوار الإدارية والخدمية.

ورغم أن هذه النتيجة نابعة من نظرة المجالس المحلية لنفسها ودورها في مجتمعاتها إلا أنه لا يمكن فصل تلك النظرة عن انطباع الناس تجاه دور المجالس المحلية كون أن خياراتهم تجاه الاحتياجات التي تلبيها الإدارات المحلية أو ما يوازيها من هيئات مدنية مرتبطة بالبنى العسكرية هي خيارات ضيقة ولا يمكن لمنظمات المجتمع المدني ولا الهيئات المجتمعية الأخرى أن تحل محلها، ولا يمكن حتى للبنى الإدارية التابعة للنظام أن تقوم مقامها. على الأقل فيما يميز هذه البنى من القدرة على تمثيل المجتمعات المحلية وما يحمله ذلك من توفير ديناميات مؤسسية وغير مؤسسية من خلال المجالس المحلية نفسها وما تتيحه من فضاءات للحوار والمساءلة أو من خلال الهيئات والمرجعيات المجتمعية التقليدية، تمكن هذه المجتمعات من ممارسة الدور الرقابي وتوجيه المجالس المحلية لتكون أكثر تشاركية وشفافية وتعبيراً عن متطلبات وآمال المجتمعات المحلية.

يعبر مصطلح المجالس المحلية عن الإدارات المحلية سواء أكانت مجالس محافظات أو ما يتفرع عنها من مجالس فرعية أو لجان أحياء ولعل أبرز ما يعلل حيازة المجالس المحلية لهذه الاعتمادية من قبل مجتمعاتها المحلية، حاجة السكان الأصيلة لأدوار الدولة ضمن مستويات اللامركزية وذلك من حيث تقديمها للخدمات أو الرقابة على الجهات الموفرة لها من منظمات وجهات خاصة ضمن آليات الرقابة المجتمعية التي توفرها مؤسسة المجلس المحلي، إضافة إلى إدارة الموارد الذاتية المتوفرة ضمن المنطقة  أو الموارد الخارجية، بما يعود بالنفع العام على أفراد المجتمع من خلال ضخ عائداتها وفق خطط المكتب التنفيذي للمجلس  المصادق عليها من قبله وضمن موازناته المعلنة ، وهي مسؤوليات لاتزال المجالس المحلية بمجموعها عاجزة عن تحملها  إذا ما أضفنا إليها أهمية لعب المجالس المحلية دوراً مفصلياً في عملية التنمية والتنمية المستدامة إذ تظهر الدراسة المشار إليها قصور واضح في قدرة المجالس المحلية على القيام بأدوار رئيسية في إقامة مشاريع تنموية واقتصار دورها في أغلب الأحيان على التنسيق مع الجهات الداعمة، فيما تحكم قدرة هذه المجالس على القيام بمسؤوليتها هذه عدة عوامل أبرزها حيازتها للسلطة التنفيذية المحلية وحيازة كوادرها على مستويات عالية من الكفاءة الإدارية والتأهيل المؤسسي وقدرة المجالس المحلية على إقناع الأطراف المحلية والدولية الأخرى بأهليتها الإدارية والخدمية، إضافة إلى دفع السكان المحليين لتثبيت مشروعية المجالس المحلية أمام  المنظمات الغير الحكومية المحلية والدولية والجهات العسكرية، فيما يتنامى توجه العديد من القوى العسكرية من جهة أخرى إلى دعم مركزية دور المجالس المحلية بناء على تفاهمات وتوافقات مع المجالس المحلية أو رغبة من هذه القوى في التخفيف من الأعباء المدنية التي تحملتها في السابق ولم تنجح في تحقيق الرضى المجتمعي على أدائها بسبب قلة خبرتها وتهميشها في كثير من الأحيان لدور المجتمع المحلي في الرقابة والتوجيه وفي تحقيق ذاته ، إضافة إلى فشلها في تصميم مستندات قانونية ناظمة لعملها فضلاً عن إهمالها لتلك الناظمة للعمل الإداري والخدمي ضمن الإطار الوطني العام .

وعليه فإن أهم ما يترتب على قدرة المجالس المحلية على تحمل مسؤوليتها وتجاوز المطبات التي واجهت الهيئات التنفيذية الأخرى التي لم تحظى بالمشروعية الحقيقية ولا الشرعية اللازمة هي حيازة المجالس المحلية على:

  • الشرعية القانونية النابعة من قدرة المجالس المحلية على اعتماد اللوائح القانونية الناظمة لعمل الإدارة المحلية، وتحديد شكل علاقتها مع الحكومة المؤقتة وتأطيرها وفق القوانين المعتمدة؛
  • مشروعية الخدمة والإنجاز؛
  • مشروعية التمثيل والتعبير عن تطلعات المجتمعات ومطالبها على المستويات الخدمية والتنموية وحتى السياسية
  • مشروعية الإدارة؛
  • وأخيراً مشروعية الدولة بما تمتلكه من سلطات تنفيذية محلية تحمي المشروعيات السابقة وترسخ الشرعية وتحافظ عليها.

ومن أجل الوصول إلى هذه السوية فإن المجالس المحلية مطالبة بالعمل وفق ست حزم أساسية:

  1. حزمة العلاقات؛

تركز على إعادة رسم خارطة المستفيدين سلباً أو إيجاباً تجاه فعالية المجلس المحلي وتحديد اتجاهات هذه العلاقات وأولوياتها، ووضع آلية لاستثمارها بالشكل الأمثل. 

  1. حزمة الحوكمة وتركز على:
  • بناء إدارة مالية ناجحة ونظام سجلات وأرشفة مالية متقدم؛
  • تعزيز الانفتاح والشفافية من خلال نشر الخطط والموازنات ونشر القرارات من خلال اعتماد مكتب إعلامي؛
  • رفع كفاءة العاملين وفعاليتهم من خلال اعتماد مكتبي التدريب والموارد البشرية؛
  • تطبيق مبادئ المساءلة والمحاسبة من خلال تفعيل آليات الرقابة الإدارية من داخل مؤسسة المجلس وخارجها؛
  • تعزيز المشاركة المجتمعية والتي تتم من خلال إقامة منتديات للحوار المجتمعي خاصةً ضمن الوحدات الإدارية الأصغر (المجالس الفرعية ولجان الأحياء)، إضافةً إلى تعزيز ونشر ثقافة التطوع؛
  • تطبيق مبدأ سيادة القانون من خلال اعتماد نظام داخلي يراعي خصوصيات المجلس المحلي ويتماشى مع الهياكل والخطوط العامة للأنظمة الداخلية لبقية المجالس المحلية على المستوى الوطني.
  1. حزمة الخدمات وتهتم بما يلي:
  • تقييم الاحتياج من خلال إجراء الاحصاءات اللازمة والدراسات المعمقة وتقييم واقع الخدمات الحالية؛
  • التوثيق: بما في ذلك توثيق الحالات الإنسانية والأحوال المدنية وتوثيق المرافق العامة والمواقع التراثية والأوقاف؛
  • الإشراف على الخدمات المرفقية كالتعليم والصحة وتوفير البيئات والمباني اللازمة لعملها؛
  • الاستشعار بالأزمات والاستعداد لها؛
  • إقامة مشاريع البنية التحتية (كهرباء، ماء، طرق، نظافة)، إضافةً إلى وضع الخطط اللازمة وتقييم الاحتياج فيما يخص إعادة الإعمار؛
  1. حزمة الشرعية، والتي تشير إلى مدى انتظام المجلس المحلي ضمن الإطار الدولتي العام وتركز على:
  • اعتماد التقسيمات الإدارية واللوائح التنفيذية المعتمدة من الحكومة المؤقتة؛
  • اعتمادية المجلس المحلي من المستوى الإداري الأعلى ومن الحكومة المركزية؛
  1. حزمة المشروعية، والتي تشير إلى قدرة المجلس المحلي على حيازة رضى المجتمع المحلي من خلال إدارة الموارد والتعاطي الفعال مع الشكاوى، إضافةً إلى قدرة المجلس على تمثيل شرائح المجتمع المختلفة؛
  2. حزمة الموارد المالية وتركز على:
  • الموارد الخارجية من خلال إدراج خطط المجلس المحلي ضمن موازنات المستويات الإدارية الأعلى (فرعي –محافظة) أو ضمن موازنات الحكومة المركزية (محافظة – حكومة مؤقتة)، إضافة إلى ما يقدم من الجهات المانحة؛
  • الموارد الداخلية والتي تعتمد على مدى قدرة المجلس المحلي على تطبيق آليات الجباية المحلية ونشر ثقافتها في المجتمع في ظل ضعف الذراع التنفيذية للمجلس المحلي، وأيضاً قدرة المجلس المحلي على إدارة الموارد المتوفرة ضمن نطاق حدوده الإدارية، إضافةً إلى حيازة المجلس المحلي على الدور الرئيس في إدارة العملية التنموية وتعزيز مصادر الدخل الذاتي والدفع بعجلة الاستثمار والشراكات مع القطاع الخاص؛

لا يوجد اتساق حقيقي في معدلات استجابة المجالس المحلية لمتطلبات حيازتها للدور المركزي والفريد في المجتمعات المحلية وذلك بسبب تفاوت الظروف بشكل حاد بين مجلس محلي وآخر واختلافها  بين مجلس فرعي وآخر ضمن مجلس المحافظة نفسه، نتيجة ظروف الحصار الذي تعيشه بعض المناطق وحالة الانفتاح على دول الجوار الذي ميز مناطق أخرى لم تخضع للحصار، وتبعاً  لتردّد وعي وقناعات المجتمعات المحلية لمحورية دور المجالس المحلية بسبب وجود بعض المحسوبيات المحدودة و التي لا ترتقى  لمستوى الظاهرة  ووجود حالات من تنازع الصلاحيات بين المجالس والمنظمات والإدارات التنفيذية الأخرى إضافة إلى  بعض المشكلات في تمثيل شرائح من السكان في المجلس المحلي، ما أوجد تباينا واضحاً في الموارد المادية والبشرية للمجالس، ومع ذلك فإن ثمة جهود تبذل  من قبل المؤسسات والمنظمات  ومراكز الدراسات الوطنية المهتمة  بملف الحوكمة  (من خلال الورش ومجموعات التركيز والدورات  التي تتنوع مشاركة المجالس المحلية فيها ما يسمح بتبادل الخبرات ونقل التجارب بالإضافة للأوراق والدراسات التي تسهم في رفع السوية المعرفية لدى المجالس المحلية بصورة متجانسة) وذلك  بهدف ردم الهوة الموجودة بين المجالس المحلية  والمضي قدماً صوب تلبية استحقاقات الحكم الرشيد ضمن أطر من العمل المتناسق الذي تسعى الحكومة المؤقتة لتفعيله من خلال إعادة تشكيلها وتفعيل وزارتها وهيئاتها في بيئات متنوعة بتنوع الظروف التي تعيشها المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

شارك الباحث معن طلاع، من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية / مسار السياسة والعلاقات الدولية، في أعمال مؤتمر نظَّمه مركز رووداو للدراسات، يوم الأربعاء 19 تشرين الأول 2016، بعنوان: "كردستان بعد عمليتي الموصل والرقة".

تناول المؤتمر محورين أساسيين؛

 الأول: مستقبل إقليم كردستان والعراق بعد عملية الموصل.

الثاني: عملية الرقة وتأثيرها على مستقبل كردستان سورية.

تناول طلاع في ورقته تعريفاً عن قوات "قسد"، والهيكلية العامة لتلك القوات معرّجاً على أهم المواقف المعارِضة لها سياسياً وعسكرياً على كلا المستويين المحلي والدولي.

حظي المؤتمر باهتمام وسائل الإعلام وحضور عدد كبير من الباحثين من مختلف الدول؛ أمريكيا، وروسيا، السعودية، إيران، سورية.

 

شارك مركز عمران للدراسات الاستراتيجية في ندوة بحثية عقدها مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي (سيتا)، بمدينة اسطنبول في يوم الخميس 20 تشرين الأول 2016، ناقش فيها الملف السوري، بمشاركة باحثين أتراك وسوريين.

تضمنت الندوة التي حملت عنوان "الفوضى في سورية إلى أين؟"، عرضاً للوضع الراهن في سورية، وناقشت التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة، لا سيما معركة "درع الفرات" وما عكسته من زيادة الدور التركي في سورية.

تحدث في الندوة كل من عضو الهيئة العليا للمفاوضات ورئيس الائتلاف السوري السابق، خالد خوجة، والمدير التنفيذي لمركز "عمران" للدراسات الاستراتيجية، الدكتور عمار القحف، بالإضافة إلى الدكتور أفق أولوتاش من مركز "سيتا"، والدكتور محي الدين أقامان من جامعة أنقرة.

مدير مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، الدكتور عمار قحف، لفت في ورقته إلى أن الأنظمة السياسية في البلدان التي شهدت احتجاجات ضد الأنظمة، سعت منذ البداية لترويج فكرة الفوضى وربطها بالثورات. وأشار إلى أن نظام بشار الأسد في سورية، وضع منذ بداية الثورة (2011) سردية للإرهاب وتعامل من خلالها مع حراك المحتجين، والربط فيما بينهم وبين الإرهاب. وأضاف أن الأسد عمل على خلق فوضى سياسية، واقتصادية، وأمنية، وبات ينظر للمشهد بأدوات أمنية، ما ساهم في زيادة دور أجهزة الأمن في سورية بالتعامل مع المحتجين.

بدوره أوضح الدكتور محي الدين أقامان أن "الفوضى الحاصلة في سورية" ساهمت في تحديد تركيا بشكل أكبر لخطوطها الحمراء في سورية، وتحديد ما الذي يمكن تحمله وما لا يمكن تحمله. ولفت إلى دور إيران وسياستها الطائفية الواضحة في سورية والعراق، كما تطرق في مداخلته إلى التنافس الروسي– الأمريكي في سورية، واصفاً موقف البيت الأبيض بـ "المتردد".

من جهته، أشار رئيس الائتلاف الوطني السوري السابق خالد خوجة، إلى جملة من الأسباب التي أوصلت الوضع في سورية لما هو عليه الآن، وركز بشكل أساسي على التراجع الأمريكي لصالح روسيا في سورية. وأكد أن الجيش الحر قد تم إضعافه مقابل تقوية جهات أخرى كـ ميليشيات "سورية الديمقراطية".

وعن عملية "درع الفرات"، رأى خوجة أن المعارك في الشمال السوري تغير التوازنات، منوهاً إلى أهمية مدينة الباب ومنبج وقال إن "هاتين المدينتين ستغيران قدر حلب". وتابع أن تركيا تعمل حالياً على "إعادة إنتاج الجيش السوري الحر وتقويته".

واتفق الباحث في مركز "سيتا" أفق أولوتاش مع بقية المشاركين بالندوة، على أن "درع الفرات" تشير في مجملها إلى زيادة الفاعلية التركية في سورية، معتبراً أن أنقرة تدفع ثمن استقلال سياساتها.

الثلاثاء, 18 تشرين1/أكتوير 2016 15:40

ندوة بحثية حول: "الفوضى في سورية إلى أين؟"

سيشارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف بأعمال ندوة بحثية يقيمها مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية SETA في مقره الكائن: استانبول/ منطقة أيوب بعنوان: "الفوضى في سورية إلى أين؟".

الزمان: 20 تشرين الأول /2016.

الساعة: 14.00 ظهراً.

كما سيشارك بأعمال الندوة كلاً من السادة التالية أسماؤهم؛

  1. البروفسور Muhittin Ataman من جامعة يلدرم بيازيد.
  2. الدكتور أفق ألوتاش من مركز SETA.
  3. الدكتور خالد خوجة، رئيس الائتلاف السوري المعارض، وعضو الهيئة العليا للتفاوض.

ملاحظة؛

الدعوة عامة، وستتوافر الترجمة بين اللغتين العربية والتركية.

للراغبين بالحضور يرجى التسجيل على الرابط التالي:

http://setav.org/RSVP/Create/43173

عنوان مركز SETA
Defterdar Mah. Savaklar Caddesi. No:41-43, 34050, Turkey

الإثنين, 17 تشرين1/أكتوير 2016 12:56

ورشة عمل بعنوان: "مستقبل سورية"

حضر المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف ورشة عمل عقدتها شبكة الأورميسكو البحثية بتاريخ 10/ تشرين الأول 2016، وبرعاية من مركز GPOT  التركي. حملت عنوان: "مستقبل سورية".

شارك في هذه الورشة عدد من المنظمات ومراكز البحثية كان منها؛

  • المنظمة العربية مبادرة الإصلاح (ARI).
  • منظمة معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية (EUISS).
  • المركز العالمي للاتجاهات السياسية (GPOT).
  • مركز برشلونة للشؤون الدولية (CIDOB).

ناقش الحضور خلال جلستهم المحاور التالية:

  1. المصالحة الوطنية وحماية الاقليات (مع تفنيد المفهومين وإعادة تركيبهما بما يتناسب مع الوقائع بعيداً عن الثقافوية وأخذاً بعين الاعتبار مآلات الوضع السوري والاستغلال الشديد للمسألة الطائفية من عدة أطراف.
  2. الجيش والأمن، ومحاربة الإرهاب (إعادة الهيكلة وإصلاح القطاع الأمني في إطار دولة القانون).
  3. حفظ السلام وإعادة البناء والتنمية (استعراض الإمكانيات الاقتصادية المتاحة اضافة إلى دور المانحين في المستقبل).
  4. بناء الدولة: الأبعاد السياسية والبنيوية والقانونية (المسار الدستوري، العقد الاجتماعي الجديد، اللامركزية السياسية والإدارية).

شهد شهر آب/أغسطس 2016 تطوراتٍ أمنية وعسكرية حاصرت خيارات "الإدارة الذاتية"، وتتمثل في مواجهات الحسكة التي استعمل فيها النظام الطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة لأول مرة مهدداً بشل الحياة الإدارية في المحافظة، كما أحدثت عملية "درع الفرات واقعاً عسكرياً ساهم في تعقيد تنفيذ مشروع "الإدارة الذاتية" المتعلق بوصل "الكانتونات الثلاث". أما على المستوى السياسي فلعل الحدث الأبرز هو الدفع الأمريكي لأطراف المعارضة السورية لتتعامل وتعترف بالإدارة الذاتية في سبيل تسهيل دخولها للعملية السياسية.

الحركية السياسية "للإدارة الذاتية"

 يتحكم في الحركية السياسية "للإدارة الذاتية" عاملان أساسيان، هما :1) سير الأحداث العسكرية، 2) سير عملية التفاوض. وبينما حصلت الإدارة الذاتية على شبه اعتراف عسكري بها من خلال العلاقة الحاكمة بين قوات YPG والتحالف الدولي، إلا أنها -سياسياً-لا تزال محكومةً وفق بوصلة طرفٍ واحد. ولم تحصل على أي شكل يضمن لها الشرعية السياسية، وهذا ما بدى واضحاً في مواجهات الحسكة، حيث اتضح أنه على الرغم من ضعف النظام عسكرياً في المدينة لم يقدم على أية خطوة نحو الاعتراف "بالإدارة الذاتية" بل هدد بسحب كافة إداراته من المحافظة، وقام بقطع شبكة المصرف المركزي عن المحافظة.

أما على الصعيد الدولي فيُلحظ توجه الإدارة الأمريكية نحو دفع مؤسسات المعارضة الرسمية للتعامل مع "الإدارة الذاتية"، وقد تجلى هذا في حديث المبعوث الأميركي إلى سورية، مايكل راتني في لقائه مع الائتلاف، حيث نفى وجود علاقة لبلاده مع PYD بينما أكد وجود علاقة عسكريّة مع وحدات الحماية الشعبية-YPG وحصرها بشراكة "عسكريّة لقتال داعش". أما بخصوص تفضيل بلاده للعلاقة مع وحدات الحماية الشعبية فقد صرح " كنّا نرغب أن يكون لنا شركاء من الجيش الحر، لكن الجيش الحر يريد قتال الأسد بالتزامن مع قتال داعش، والمشكلة أنّ قتال الأسد عسكرياً ليس ضمن خطّتنا حالياً"، مضيفاً: "نحن نريد شريكاً قويّاً على الأرض، والـ YPG شريك قوي". كما نصح راتني الائتلاف بالتحدث مع PYD، وحسب تقييمه فإن الأخير مكوّن سوري ولن يختفي من الساحة السّوريّة، وشدد على انعدام أية علاقة سياسية بين بلاده و"الإدارة الذاتية" قائلاً" نحن لا نعترف بمصطلح "روج آفا" ولا ندعمه سياسيّا"([1]). وفي تناغم مع هذه النصائح صرح رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم أنه «ليس قلقاً» من تقارب موسكو وأنقرة إذ أن "الجميع سيتعاملون مع الوقائع على الأرض، وهناك تعاون عسكري بين الأميركيين وقوات قسد" الكردية -العربية. وتوقّع قيام واشنطن بـ "تطبيع سياسي"، مستشهداً بحديث راتني مع الائتلاف قائلاً: ننصح الائتلاف بالتواصل مع الاتحاد الديمقراطي ومع صالح مسلم شخصياً ([2]).

في المجال السياسي أيضاً، أعلن مستشار رئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي سيهانوك ديبوا عن عزم "افتتاح الإدارة الذاتية" مكتب ممثلية له في العاصمة الأمريكية واشنطن في الفترة القريبة، بالإضافة لعواصم أوربية أخرى.([3]) كما قام وفدٌ من "الإدارة الذاتية" بزيارة دولة جنوب إفريقيا برئاسة صالح مسلم والقيادية في وحدات حماية المرأة "شاها عبدو" والرئيس المشترك للمؤتمر الوطني الكردستاني ريبوار رشيد وعضو لجنة العلاقات الخارجية في المؤتمر يلماز أوركان. وقد عقد الوفد خلال الزيارة لقاءات مع مساعد وزير خارجية جنوب إفريقيا، ووزير البيئة ومسؤول العلاقات الخارجية، والمستشار الأول لرئيس جنوب إفريقيا ووزير الدولة، طالبوا خلالها جنوب إفريقيا بالاعتراف بالإدارة الذاتية ([4]).

من جهة أخرى ومع استمرار التوتر بين المجلس الوطني الكُردي وPYD، فند الأخير اتهامات المجلس له بالقيام بأعمال ترهيبية ضد السكان المدنيين وقيامه بوضع قنبلة أمام مكتب "الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا" في بلدة كركي لكي/ معبدة بمحافظة الحسكة، وقام بترهيب السكان في ناحية راجو بعفرين في محافظة حلب شمالي البلاد. واتهم بالمقابل الاتحاد الديمقراطي المجلس الوطني الكردي بمحاولة إشعال الفتنة بين المكونات المختلفة، كما طالب "الإدارة الذاتية" بمحاكمة المجلس الكردي([5]).

تجاوزات "الإدارة الذاتية"

يعتبر شهر آب/أغسطس أعلى الأشهر من حيث عدد ونوعية الانتهاكات والاعتقالات من قبل “الإدارة الذاتية” ومناصريها بحق المجلس الوطني الكُردي والمواطنين المعارضين لها، حتى أنها دفعت بالشارع الكُردي لحالة شديدة من الاحتقان. وكانت البداية في 31/07/2016، مع قيام "مجهولين" بتفجير قنبلة في مكتب الحزب الديمقراطي الكُردستاني – سوريا في بلدة كركي لكي/ معبدة بمحافظة الحسكة([6])، لتتبعها مدينة عفرين التي أدانت منظمة الحزب الديمقراطي الكُردستاني فيها قيام قوات الأسايش في المدينة وريفها بحملة اعتقالات واسعة لسحب الشباب للتجنيد الإجباري([7])، لترتفع حدة التوتر لاحقاً وبتاريخ 11/8/2016 مع قيام أنصار حزب الاتحاد الديمقراطي PYD باقتحام مكاتب كل من حزبي PDK-S ويكيتي، وإقدامهم على إنزال العلم الكُردي وإهانته بكتابة عبارات تخوينيه للمجلس ورئاسة إقليم كُردستان عليه([8]). استمرت الأسايش بحملات الاعتقال حتى شملت رئيس المجلس الوطني الكُردي إبراهيم برو في 13/8/2016([9])، لتقوم بنفي رئيس المجلس لاحقاً إلى إقليم كُردستان العراق مع توجيه التهديد له في حالة العودة لمناطق “الإدارة الذاتية” 2016/08/14([10])، الأمر الذي أدانه رئيس إقليم كُردستان العراق.([11]) وعلى إثر هذه الاعتقالات دعت منظمات حقوقية "“الإدارة الذاتية”" للإفراج عن المعتقلين وعلى رأسهم الأستاذ إبراهيم منها: الشبكة السورية لحقوق الإنسان، المرصد السوري لحقوق الإنسان، مركز العدالة السوري لحقوق الإنسان([12])، فيما دعا المجلس الوطني الكُردي أنصاره للتظاهر ضد القمع الذي تمارسه “الإدارة الذاتية”([13]).

لم تهتم “الإدارة الذاتية” بالاعتراضات والدعوات([14]) والإدانات الموجهة لها للتوقف عن الاعتقالات والاقتحامات التي تعتبر العامل الرئيسي في هجرة السكان واحتقان السكان المقيمين في المنطقة وفق بيان من KDP_S([15])، وهذا ما يظهر من قيام أنصار PYD باقتحام مكتب حزب يكيتي مجدداً في الحي الشرقي لمدينة القامشلي وإهانة العلم الكُردي مرةً أخرى في 13/08/2016([16])، أتبعتها الأسايش باعتقال خمسة قياديين من حزب KDP-S وهم: سكرتير المكتب السياسي للحزب، محمد اسماعيل، وعضو المكتب السياسي للحزب، نشأت ظاظا، وأعضاء اللجنة المركزية الثلاثة نافع عبد الله، عبد الكريم حاجي، صالح جميل في 15/8/2016([17])، وفي ذات اليوم طال الاعتقال نائب سكرتير حزب يكيتي الكُردي حسن صالح، عضو اللجنة المركزية في ذات الحزب، عبد الله كدو([18]).

وفي مدينة تربه سبي/القحطانية طال الاعتقال عضوي المجلس المنطقي للديمقراطي الكُردستاني عبد الرحيم علي محمود ومحسن خلف، بالإضافة لصلاح بيرو عضو الهيئة الاستشارية للحزب نفسه([19])، بينما تعرض أنصار حزب PYD لجنازة عنصر من قوات "بيشمركة روج آفا" والذي فقد حياته في إقليم كُردستان العراق، بصورة استفزازية وقامت بخطف الجنازة لساعات عدة وتم تحويل سير المشيعين لعدة مرات على مداخل المدن التي مر بها المشيعون. في مواجهة هذه الحملة الشرسة من قبل “الإدارة الذاتية” والتنظيمات المنضوية ضمنها، دعا المجلس الكُردي جماهيره لالتزام الهدوء والاستمرار في الاعتصامات والتظاهرات في كافة المناطق الكُردية([20])، وأعلنت الأمانة العامة للمجلس عن إصرارها على عودة رئيس المجلس الكُردي في أقرب وقت([21]).

أما “الإدارة الذاتية” فقد بررت الاعتقالات العشوائية على لسان القيادي في حركة المجتمع الديمقراطي (تف دم) عبد السلام أحمد قائلاً بأن التوقيف طال أناساً خالفوا “قوانين “الإدارة الذاتية” الديمقراطية” "وهذا لا يعتبر اعتقالاً، حيث لم يتم توقيفهم بناءً على إبداء رأي مخالف، بل هم مخالفون للقوانين وعلى رأسها عدم حصول المجلس الكُردي على "الترخيص القانوني الناظم لعمل الأحزاب السياسية"([22]). جاء التبرير ذاته من سكرتير الحزب الديمقراطي الكُردي في السوري "جمال شيخ باقي" معللاً الاعتقالات بأنها أمنية وليس لها علاقة بالسياسة، فالأسايش تنفذ مهامها فقط ولا يهمها الخلفية السياسية لأي إجراء تتخذه وبحسب تعبيره فإن الأسايش عندما تعتقل فإنها تؤدي مهمة أمنية وفي نظر الأسايش كان هناك مسألة تتعلق بالشغب في الشارع على حد قوله([23]).

وفي ذات السياق وفي محاولة للتغطية على حجم الانتهاكات الحاصلة بحق المعارضين للإدارة الذاتية قامت الأسايش بتوقيف عدد من أنصار حزب الاتحاد الديمقراطيPYD ومؤيديه([24])، ونشرت بياناً بالحادثة ورد فيه "تم توقيف بعض من أنصار حزب الاتحاد وبعض أفراد عوائل الشهداء، أثناء استغلالهم مراسيم تشييع أحد عناصر البيشمركة، ومحاولة التهجم على المشيعين لتتدخل قواتنا في الوقت المناسب وتسيطر على الموقف"، بينما دعا رئيس قوات الأسايش جوان إبراهيم لتفهم قيام عناصره بعمليات التوقيف، مشيراً إلى عدم صوابية جعل الشعب ضحية الخلافات الحزبية بين السيّد مسعود البارزاني والـ (PYD) أو الـ (PYD) والـ (ENKS) حسب قوله([25]).

التفجيرات المستهدفة لمناطق "الإدارة الذاتية"

تشهد المدن الواقعة تحت سيطرة “الإدارة الذاتية” بين الحين والآخر اختراقات أمنية من طرف "تنظيم الدولة" الذي يشن هجماتٍ لا تُميز بين أهداف أمنية أو مدنية مما يوضح هدف التنظيم في نشر الرعب والفوضى في المنطقة كلها. وكان آخر هذه العمليات تفجير انتحاري استهدف حاجزاً للأسايش في الحي الغربي من مدينة قامشلو/القامشلي يوم الأربعاء 27/7/2016، وقد نجم عن التفجير دمار هائل في الأبنية ووصل عدد الضحايا إلى 54 بينهم 9 مفقودين([26]) لم يعثر لهم على أثر([27]).

تُعاني مدينة القامشلي من نقص حاد في الدواء نتيجة قلة الشحن إليها من باقي المحافظات([28])، وخصوصاً مع استمرار إغلاق الحدود السورية التركية منذ عدة سنوات وتأثر المعبر مع إقليم كردستان بالتجاذبات السياسية بين طرفي المعبر، لذا قامت حكومة إقليم كردستان العراق وبإيعازٍ من رئيس الإقليم مسعود البرزاني بتجهيز مستشفيات محافظة "دهوك" وإرسال حاجات مستشفيات القامشلي من الأدوية([29]). واعترض المجلس الوطني الكُردي على استلام هيئات “الإدارة الذاتية” لشحنة الأدوية باعتبارها قادمة من طرفٍ داعم للمجلس([30])، في حين أعلنت رئيسة الهيئة الصحية المشتركة عبير حصاف استلام الهيئة فقط لطن واحد، داعية الإقليم للاستمرار في إرسال الأدوية حتى لا يحدث نقصٌ مشابه في المستقبل([31]). ومع قدوم شحنة الأدوية استطاعت مستشفيات المدينة تخريج غالب الجرحى المستقرة حالتهم خلال 3 أيامٍ عقب التفجير([32]).

نددت عدة أطراف بالتفجير منها: المجلس الوطني الكُردي، ورئاسة “الإدارة الذاتية” التي أعلنت الحداد العام لثلاثة أيام([33])، ومبعوث الرئيس الأمريكي لمحاربة تنظيم الدولة برت ماكغورك، والذي تعهد باستمرار الدعم للإدارة الذاتية([34])، ورئاسة إقليم كُردستان العراق([35])، والرئيس العراقي فؤاد معصوم([36])، والائتلاف الوطني السوري([37]).

لم يكن التفجير الانتحاري الذي استهدف مدينة القامشلي إلا واحداً من سلسلة عملياتٍ مشابهة ارتفعت سويتها خلال شهر تموز وما سبقه، حيث فقد على الأقل خمسة أشخاص حياتهم من مدينة تل أبيض بالتفجير في 29/06/2016([38])، لتقضي مدينة الحسكة آخر إفطار في شهر رمضان في الخامس من تموز على وقع تفجير استهدف المخبز الآلي في حي الصالحية، وأودى بحياة 27 جلهم من المدنيين وفق آخر إحصائية حولها، وتبنى "تنظيم الدولة" العملية أيضاً([39]).

شهدت مدينة عامودا في 28/07/2016 انفجار سيارة بالقرب من فرن، جُرح إثرها شخصان فقد أحدهما حياته وهو مؤيد موسى الكلاح من قرية بهيرة، والذي تناقضت الروايات حوله، فمن جهة اتهمه شهودٌ من المنطقة بمحاولة زرع عبوة ناسفة إلا أنها انفجرت به([40])، ومن جهة أخرى برأه من التهمة أهالي قريته "بهيرة" التي شهدت حملة اعتقالات من قبل الأسايش في سياق التحقيق بالتفجير وفق ذات المصدر([41]). في 10/08 قامت قوات الأسايش في ريف القامشلي بتفكيك عبوة ناسفة على الطريق الواصل بين مدينتي تل حميس والقحطانية، دون وقوع خسائر([42]).

دفعت الحالة التي خلقتها التفجيرات المستهدفة للمنطقة خلال شهرٍ واحد بالتخوفات لأعلى مستوى، كما أوجد بيئة مناسبة لنشوء حالة من الهلع، تغذيها جملة من الأخبار غير الموثوقة عن دخول آلياتٍ مفخخة أخرى إلى المحافظة([43])، وهذا ما دفع بالكثير من المواطنين والشخصيات الكُردية للتساؤل حول كيفية نجاح التنظيم باختراق المنطقة ولمسافاتٍ طويلة، وعبور العديد من الحواجز التي تقوم بالتحقق من الوثائق الثبوتية والبضائع. وحمَّلت هذه الشخصيات “الإدارة الذاتية” مسؤولية التفجير نتيجة قمعها للأحزاب الأخرى وعدم قبولها تشاركية السلطة([44]). ولم يتم حتى ساعة إعداد التقرير الإعلان عن أية نتائج للتحقيقات بخصوص التفجير([45]) أو لحجم الخسائر مع أن الرئاسة المشتركة لبلدية القامشلي أعلنت عن تشكيل لجنة من المهندسين لحصر الأضرار([46])، ولاحقاً أعلنت قوات الأسايش إعفاء مجموعة من الضباط والمسؤولين الأمنيين في المؤسسة وهم: مدير مؤسسة مرور روج آفا (عبد الباسط محمد كوتي)، مسؤول أمن الحواجز في أساييش روج آفا (شيخموس أحمد أحمد)، المتحدث الرسمي باسم الأساييش (عبدالله محمد السعدون(، وتكفلت الأسايش بتخصيص 200 مليون ليرة من مخصصاتها كمساهمة في إعادة إعمار المباني المتضررة([47]).

وأعلن رئيس المؤسسة جملةً من التوضيحات كان أهمها:

  • يدفع إغلاق معبر سيمالكا للقبول بالبضائع المستوردة من المناطق الأخرى والتي تمر عبر مناطق سيطرة التنظيم.
  • مؤسسة الأسايش بعيدة عن التجاذبات الحزبية.
  • التأكيد على إمكانية حدوث التفجيرات في ظل الحرب والحصار من كل الأطراف.
  • اتخاذ إجراءات جديدة من الممكن أن تخفف من سوية التفجيرات المستهدفة لمناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”([48]).

يذكر أن “الإدارة الذاتية” تملك العديد من الحواجز على مداخل كافة المدن، ووضعت المئات من أجهزة المراقبة حول أغلب النقاط الحساسة على الحواجز وداخل المدن، بالإضافة إلى وجود قوانين سابقة تمنع دخول الشاحنات في ساعات محددة إلى داخل المدن وخصوصاً في الصباح، وتمنع استخدامها للطرق الداخلية كما في وضع مدينة القامشلي حيث يجب على كافة الشاحنات الضخمة استخدام طريق الحزام الدائري. وأيضاً كانت “الإدارة الذاتية” قد خصصت مناطق تفريغ وتحميل خارج المدن، في محاولة لمنع وقوع هجمات إرهابية.

معارك الحسكة

تشهد محافظة الحسكة توتراً شبه دائم بين عناصر مليشيا الدفاع الوطني "المقنعين"، التابعة للنظام وبين الأذرع العسكرية التابعة للإدارة الذاتية في مدينتي القامشلي والحسكة نتيجة انعدام وجود النظام في المحافظة إلا في هاتين المدينتين وبعض القطع العسكرية والمناطق المحيطة بها. وخلال هذا العام كانت اشتباكات مدينة قامشلو/ القامشلي التي حصلت بتاريخ 16/3/2016 الأهم في المحافظة([49])، لتحدث بعد ما يقارب الشهرين في مدينة الحسكة بتاريخ 18/05([50]) سقط على إثرها بعض القتلى من الطرفين وتوقفت بسرعة. وعلى خلفية مناوشات بين عناصر الهجانة والأسايش حدثت اشتباكات في 03/07/2016([51]) وفي 25/07/2016([52])، وأهم ما يميز هذه المعارك أن قوات الأسايش نجحت بتقليل نقاط تمركز ميلشيات الدفاع الوطني.

منذ بداية العام الحالي لا يكاد يمر شهرٌ في مدينة الحسكة دون حدوث اشتباكات بين النظام والدفاع الوطني من جهة وبين القوى التابعة للإدارة الذاتية من جهة أخرى ولأسبابٍ متعددة، فالنظام يحاول عبر تسليح بعض الأفراد من عشائر المنطقة تشكيل قوة عسكرية تستطيع مع مرور الزمن مواجهة قوات الأسايش وYPG، وليعيد سيطرته على المناطق التي خسرها، بينما تحاول “الإدارة الذاتية” القيام نزع السلاح عن النظام في المحافظة وإبقاء وجوده الإداري والأمني ضمن مقراته فقط، وهي حسب مسؤولين من “الإدارة الذاتية” خطوات تهدف لإبقاء الروابط مع المركز، وعدم خسارة الرواتب التي يقدمها للموظفين بالإضافة للوثائق الرسمية والمواد الضرورية للمعيشة كالأدوية التي تدخل المحافظة عبر المطار والذي يعتبر المعبر الوحيد الآمن والمستمر لدخولها.

ومع سيطرة قوات سورية الديمقراطية على منبج وحصولها على دعمٍ كبير من التحالف الدولي، وإعلانها المضي في مشروعها الفدرالي، ازدادت الاحتكاكات بين عناصر الأسايش والنظام. وفي هذا السياق يذكر أن النظام وضح موقفه الرافض للفدرالية على لسان كافة مسؤوليه وكان أشدها تصريحات بشار الجعفري حيث وصفها ب «مجرد أوهام». وبالعودة لمدينة الحسكة والمواجهات الأخيرة التي بدأت باستنفار كامل بين عناصر الطرفين وتحولت لاعتقالات متبادلة بحق المدنيين من العرب والكُرد وصلت لأكثر من 35 شخص من قبل عناصر الطرفين في 05/08/2016([53])، فقد عقد النظام وقيادات من وحدات الحماية اجتماعاً لاحتواء الأزمة. وتشير بعض التقارير إلى أن وحدات YPG طالبت بلقاء مسؤول من الحكومة فتم الرد بأن المحافظ محمد زعال العلي يمثل رئيس "الجمهورية"، فتم عقد الاجتماع معه وقدم خلاله وفد الوحدات ورقة تتضمن 11 بنداً أهمها:

  • حل قوات الدفاع الوطني وجميع التشكيلات الأخرى الرديفة للجيش السوري في الحسكة.
  • سحب جميع القطع العسكرية الموجودة (4 قطع عسكرية موجودة في الحسكة) وتسليم المقار الأمنية وقيادة الشرطة.
  • الاعتراف بفدرالية روج آفا مقابل تقديم ضمانات بعدم الانفصال، وبالحفاظ على المقرات الحكومية السورية وتسيير شؤون المدينة. وكان رد المحافظ بالرفض بشكل نهائي على جميع هذه المقترحات وهو ما أدى إلى فشل المفاوضات([54]). بالرغم من محاولات التهدئة بين الطرفين([55]) فقد تحولت الاعتقالات المتبادلة إلى معركة في 16/08/2016، بعد استهداف عناصر مقنعين حاجزاً للأسايش([56]).

تطورت الأحداث في الثامن عشر من الشهر ليستخدم النظام الأسلحة الثقيلة في قصف مختلف مناطق المدينة، كما استخدم ولأول مرة الطائرات الحربية ضد المدنيين وبالأخص ضد عناصر وحدات حماية الشعب، حيث استهدف مناطق قريبة من أماكن تواجد عناصر من الجيش الأمريكي القائمين بمهمة تدريب قوات سورية الديمقراطية([57])، وهو ما دفع البنتاغون لوصف الخطوة " بغير العادية" ([58])، ولتقوم طائرات التحالف لاحقاً بالتعرض لطائرة للنظام ومنعها من الاقتراب من أجواء المدينة والتهديد بمواجهة "خطر فقدان طائرة" في حال تكرار الأمر([59]). كما تم نقل القوات الأمريكية إلى مكانْ آخر أكثر أمناً([60])، وتمت اتصالات بين واشنطن وموسكو في محاولة لمنع الطيران الروسي من مساندة النظام ودفع الأخير للتوقف عن استخدام الطيران الحربي في العمليات([61]). وتُشير بعض التقارير إلى تواجد قرابة 45 عنصراً من سلاح البحرية الأمريكي في المنطقة القريبة من القصف، كانوا قد وصلوا إلى بلدة المبروكة بدعوى إزالة الألغام في حين أن بعض المراقبين يشيرون إلى نية واشنطن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في المنطقة([62]). وخلال هذه المدة استطاعت وحدات YPG محاصرة بناء محافظة الحسكة، ولاحقا السيطرة على حي الغويران، وحي النشوة والمدخل الغربي للمربع الأمني([63]).

أدى توسع “الإدارة الذاتية” الجغرافي العسكري ومحاولاتها إلى اكتساب اعتراف دولي سياسي لتثبيت وجودها ضمن الخارطة السياسية السورية المستقبلية. ودفعت بحالة من عدم الاصطدام المعلن، والتسهيل المتبادل بينها وبين النظام، للتعرض لصدماتٍ، واستمرار النظام في رفضه الاعتراف بها كما ظهر من خلال بيان القيادة العامة لجيش النظام في 19/08/2016، والذي وصف وللمرة الأولى قوات الأسايش بالجناح العسكري لحزب العمال الكُردستاني واتهمها بالاعتداء على مؤسسات الدولة وسرقة النفط وخطف المواطنين ولذا توجب القيام بالرد من قبل الحكومة. ويبدو من هذه التصريحات محاولة النظام تذكير “الإدارة الذاتية” بالأوراق التي يملكها والتي تمكنه من ربطها عضوياً بحزب العمال([64])، في حين اعتبر المتحدث باسم قوات الحماية الشعبية ريدور خليل تصريحات النظام بأنها محاولة لتحريف الحقائق وورقة يقدمها النظام لتركيا في سبيل عقد تفاهمات معها لاسيما مع زيادة التصريحات التركية حول إمكانية الحوار مع النظام السوري ودفعه إلى الرحيل لاحقاً([65]).

تطور الوضع في المدينة لاحقاً لتقوم قوات الحماية الشعبية بحصار كافة نقاط تمركز النظام خصوصاً بمحيط جبل كوكب حيث تتواجد كتيبة المدفعية، وتم أسر ما يقارب 230 عنصراً من الدفاع الوطني والجيش السوري([66]). على إثرها أطلق محافظ الحسكة نداءً لقوات الحماية يذكرها بالاحترام المتبادل بينهم ومذكراً بأن قواته أمدت وحدات حماية الشعب بالأسلحة والذخائر وحتى العتاد الثقيل لضرب المجموعات الإرهابية التي تحاول زعزعة أمن واستقرار الحسكة على حد وصفه، وقد اعتبر حديث المحافظ تنازلاً كبيراً أمام البيان الذي كان قد أعلنه المتحدث باسم قوات الجيش السوري سابقاً([67]).

تدخلت روسيا لإنقاذ التواجد العسكري للنظام في الحسكة في خطوة لمنع تسليم كامل الشمال السوري لأمريكا، وعقدت على إثر ذلك سلسلة من اللقاءات في مطار حميميم لإعلان الهدنة بين الطرفين فشل الأول في 21/08/2016([68]) لتعلن في 23/08 عن التوصل لاتفاق نهائي، وقد كانت أهم مطالب “الإدارة الذاتية” حسب المتحدث باسمها: حصر حماية المدينة بيد قوى الأمن الداخلي والأسايش فقط، تسليم الأماكن والمحلات التي سيطرت عليها YPG لقوات الأسايش، خروج الجيش والقوات المسلحة التابعة للنظام إلى خارج المدينة([69]).

تقييم المواجهات من قبل المراقبين

تعددت المواقف من المواجهات في الحسكة بناءً على مواقف الأطراف من النظام و”الإدارة الذاتية”، فمن جهته طالب المجلس الوطني الكردي بالوقف الفوري للقتال، وبدخول قوات بيشمركة كُردستان (قوات روج) بعد التنسيق والترتيب مع الجهات المعنية للدفاع عن جميع مكونات المنطقة من عرب وكُرد وكلدو آشور السريان([70])، في حين أدان الائتلاف المواجهات بين الطرفين والتي تدور رحاها حول المدنيين، مذكراً بالعلاقة بين النظام و”الإدارة الذاتية” سابقاً كما دعا المواطنين بكافة مكوناتهم للحذر واليقظة من ألاعيب النظام([71]).

فمن جهته أوضح فؤاد عليكو عضو المكتب السياسي في حزب يكيتي الكُردي والهيئة العليا للمفاوضات بأن ما حدث في الحسكة يرجع لثلاثة احتمالات في كونه:

  • حادثاً عرضياً كالتي سبقها من الحوادث.
  • خلافاً سياسياً متعلقا بتخوف النظام من ابتعاد PYD في تحالفه معه والاقتراب أكثر فأكثر من أمريكا.
  • ضغطاً من النظام على PYD في سياق تفاهمات حصلت بينه وبين إيران وتركيا، ووجوب تقليم أظافر PKK وفرعه السوري PYD تلبيةً لرغبة تركيا([72]).

بالمقابل رأى نائب سكرتير حزب يكيتي الكُردي حسن صالح بأن ما حدث في الحسكة توتر ناجم عن "التفاهمات التركية -الروسية الإيرانية والسورية"، وبأن النظام يحاول إرسال رسالة مفادها ضرورة وضع حد لتجاوزات الـ PYD. ومن جانب آخر هي رسالة إلى تركية بأن النظام "يتناغم" مع تركيا ويتصادم مع الــ YPG انسجاماً مع التوجهات الجديدة، مشيراً إلى أن هذا "العدوان" على الأحياء الكردية في الحسكة شكل "صدمة" وأدى إلى نزوح جماهيري كبير وقصف للأحياء الكُردية مما كان له أثر سيء على الشعب بشكل عام، منوهاً إلى أن الهدوء الحالي إيجابي ليعود المدنيين إلى مساكنهم آمنين حسب وصفه([73]).

اختلفت أطراف معارضة مع هذه الرؤى حيث وصفت ما حدث بأنه محاولة لفرض حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يرأسه صالح مسلم، كعضو في المعارضة السورية وشريك في المفاوضات، وإلغاء صفة التعاون مع الأسد، من خلال إطلاق "أول" مواجهة عسكرية بين الطرفين([74]).

تعددت واختلفت التحليلات عن أسباب ومآلات الاشتباكات التي حصلت في مدينة الحسكة، فمنهم من وصفها ب"المسرحية" الهادفة لإدخال “الإدارة الذاتية” إلى وفد المعارضة، أو للتغطية على تجاوزات مؤسساتها بحق المعارضين، ومنهم من وضعها في خانة تطبيع العلاقة بين النظام وتركيا. بينما تطرقت أخرى إلى التناقضات التي تعيشها حالة "المصلحية المتبادلة " بين الطرفين والتي ستقود بالضرورة إلى مواجهاتٍ بين الحين والآخر بينهما وذلك في إطار محاولة كل منهما زيادة مناطق نفوذه بما يعزز من موقفه في أية تسوية سياسية مستقبلية، وهذا يظهر في تصريحات جوان إبراهيم قائد قوات الأسايش حينما قال "فليسمع النظام جيداً... الحسكة تابعة لحكومة “الإدارة الذاتية” الديمقراطية قولاً واحداً لا غبار عليه"([75]).

عملية "درع الفرات"

يُشكل أي توسعٍ للإدارة الذاتية في سورية "تهديداً" لتركيا بناءً على الموقف التركي من حزب العمال الكُردستاني وارتباطه ب PYD الحزب المُشكل للإدارة الذاتية. وقد ارتفعت سوية التصريحات التركية من الكيان "الكُردي" خصوصاً بعد انهيار عملية السلام في تركيا عَقب انتخابات حزيران 2015، وعودة حزب العمال لحمل السلاح بعد قرابة عامين من المشاركة في عملية السلام. لذا كانت تركيا تعتبر دوماً أي ممرٍ مكتملٍ من القامشلي/ قامشلو إلى عفرين خطراً على أمنها القومي وعلى وحدة أراضي تركيا. ومع استمرار الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحداتYPG عمادها، وعدم انسحاب "قسد" لشرق نهر الفرات حسب اتفاق سابق بين تركيا والأطراف المشاركة([76]) في عملية السيطرة على منبج التي تمت بتاريخ 06/08/2016([77]تتكرر المطالبة التركية لعدة مرات([78]) مع استمرار تقدم قوات "قسد" باتجاه مدينة جرابلس الحدودية. وقد دفع هذا المنحى في سير الأحداث بتركيا للإسراع بإنهاء مشاكلها مع الدول الإقليمية والعالمية، فبعد زيارة تطبيع للعلاقات مع روسيا من قبل الرئيس التركي09/08([79])، صادق البرلمان التركي على تطبيع العلاقات مع إسرائيل([80])، وتم إجراء زيارات متبادلة مع إيران بدأت بزيارة وزير الخارجية التركي لطهران بشكل مفاجئ، أكد خلالها توافق وجهات نظر البلدين حول وحدة الأراضي السورية([81])، تبعها لاحقاً تصريحاتٌ من رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أفاد فيها بأن أنقرة ستضطلع بدور "أكثر فعالية" في التعامل مع القضية السورية في الأشهر الستة القادمة، مشدداً على رفض بلاده تقسيم سورية على أسس عرقية مضيفاً بأن "النظام السوري بدأ ينظر إلى الأكراد كتهديد"([82])، بالتساوي مع تقارير تشير إلى قيام إيران بمفاوضات سرية بين حكومتي إيران وسورية.

بدأت تركيا بالعملية العسكرية بعد تحقيقها توافقاً دولياً حول الدخول للأراضي السورية، وكانت البداية بعملية إخلاء لبلدة كركميش التابعة لولاية غازي عنتاب جنوبي البلاد المقابلة لمدينة جرابلس في2016/08/23([83])، ليبدأ التحرك في 24/08/2016، حيث تقدمت كتائب الجيش الحر خلال ساعات بقيادة الضابط التركي الذي أفشل "انقلاب 15 تموز" في تركيا([84])، واستطاعت اجتياز أكثر من 3كم بإسناد مدفعي وجوي تركي([85]). وقد لخص الرئيس التركي أهداف عملية "درع الفرات" بأنها تستهدفُ تنظيم الدولة وحزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه العسكري وحدات الحماية الشعبية([86]). كما دافع وزير الداخلية التركي عن التدخل بوصفه مشروعاً وفقاً لمبادئ الأمم المتحدة المحددة لحق الدفاع عن النفس، وأكد على إنهائها في وقتٍ سريع([87]).

مع تأكيد قيام تركيا القيام بعملية في شمال سورية وإعلان قسد "انسحابها لشرق الفرات" بناءً على اتفاق مسبق، قامت قسد بتشكيل مجلس جرابلس العسكري المؤلف من 3 فصائل([88])، وأعلنت الأخيرة نيتها التوجه نحو المدينة وحذرت تركيا من التدخل البري. بالفعل انطلق مجلس جرابلس العسكري التابع لقسد من مدينة منبج باتجاه الشمال بعد استقدام قواتٍ إضافية لمدينة منبج([89])، وبالتوافق مع دخول فصائل الجيش الحر للمدينة من الطرف الشمالي، استطاعت قوات مجلس جرابلس الوصول إلى الحدود الجنوبية للمدينة، ورد الجيش التركي بقصف مواقعها بالطيران والمدفعية وحدثت مواجهات بين قوات قسد وفصائل الجيش الحر جنوب مدينة جرابلس، ليتدخل سلاح الجو والمدفعية التركية مسانداً الأخيرة مما دفع بقوات قسد للتراجع إلى قرية العمارنة حيث اشتدت الاشتباكات حولها، استخدمت خلالها قوات قسد صواريخ مضادة للدروع ضد دبابتين للجيش التركي مما أدى لمقتل أول جندي تركي في العملية([90])، وعلى إثر المواجهات سيطرت فصائل الجيش الحر على القرى الواقعة شمال نهر الساجور بينما بقيت قوات قسد جنوب النهر([91]).

المواقف من عملية درع الفرات

تنوعت المواقف السورية والدولية إزاء العملية العسكرية التركية في شمال حلب، دولياً، استطاعت الحملة في بدايتها الحصول على تأييد علني من قبل العديد من الدول، لتتبنى الدول لاحقاً مواقف حذرة إزاء الحديث عن توسع نطاق الحملة داخل سورية، تباينت المواقف لتكون وفق الشكل التالي:

1.     موقف إيران

التزمت إيران سياسة المراوغة تجاه عملية درع الفرات، حيث فضلت الصمت الرسمي في بداية العمليات، ودفعت صحافتها الرسمية للقيام بمهمة تقييم العملية، وكان أبرزها لوكالة فارس التي صرحت أن التدخل التركي جاء دون أخذ إذن من النظام، وهو لا يتناسب مع القوانين الدولية، وبأن عناصر تنظيم الدولة هربوا من جرابلس إلى تركيا([92])، ليعلن المتحدث باسم الخارجية عن موقف بلاده لاحقاً عبر مطالبة تركيا بوقف عملية درع الفرات بسرعة لأن "استمرار الوجود العسكري لتركيا في سورية يزيد من تعقيد الوضع" حسب تعبيره([93]).

سبق عملية درع الفرات إعلان روسيا استعمال قاعدة همدان العسكرية في ضرب أهدافٍ داخل سورية بتاريخ 16/08([94])، وهي المرة الأولى التي تسمح إيران لقوات أجنبية باستعمال مطاراتها العسكرية منذ إعلان الثورة "الإسلامية"، لتعود وتغلق القاعدة في وجه الطائرات الروسية بعد أسبوعٍ واحد([95]). يذكر أن إغلاق القاعدة ترافق مع تصريحات متناقضة في تركيا حول إمكانية استخدام روسيا للقواعد في تركيا، حيث صرح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم بإمكانية استخدام روسيا لقاعدة إنجرليك في حالة الحاجة لها، مذكراً بوجود قواعد روسية في سورية مما ينفي حاجتها([96]). هذا الموقف كان قد أعلنه سابقاً وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في 04/07/2016 في تصريحاتٍ لوكالة روسية([97])، لتعود عن تصريحاتها السابقة حول المطار قبل يومٍ واحد من بدء عملية "درع الفرات" حيث صرح نعمان قورتلموش نائب رئيس الوزراء بأن روسيا لا يمكن أن تستخدم قاعدة إنجيرليك وذلك لأن القاعدة يُديرها حلف شمال الأطلسي([98]). ومن الجدير بالذكر أن وكالة فارس كانت أعلنت في 17/08 عن زيارة مرتقبة للرئيس التركي إلى طهران خلال ذات الشهر، إلا أنها لم تتم([99]).

2.     موقف روسيا

باركت روسيا العملية والجهود التركية في محاربة الإرهاب على الحدود المشتركة مع سورية، كما طالبت موسكو أنقرة بالتنسيق مع دمشق لتكون الجهود أكثر فاعلية([100])، لتعود موسكو عن موقفها الإيجابي، وتعرب عن قلقها من تداعيات عملية درع الفرات على التسوية السورية([101])، ومحذرة من أن العملية تضع وحدة الأراضي السورية في خانة الشك.

3.     موقف النظام

طالب النظام السوري في بداية العملية بتنسيق جهود محاربة الإرهاب على الأراضي السورية مع الحكومة السورية، وأدانت اختراق تركيا للسيادة السورية([102]). وقد تقدم النظام برسالتين للأمم المتحدة ومجلس الأمن تضمنت حديثاً عن سقوط 35 من المدنيين 20 منهم في قرية جب الكوسا و15 في قرية العمارنة نتيجة القصف التركي، داعياً لتنسيق جهود مكافحة الإرهاب معه مرة أخرى([103]).

4.     مواقف غربية

وصل نائب الرئيس الأمريكي إلى تركيا في ذات اليوم الذي بدأت فيه تركيا عمليتها ضد تنظيم داعش من جهة وإعلانها استهداف قوات الحماية الشعبية أيضاً. وفي حين جاء الموقف الأمريكي داعماً بشكل حذر للعملية في بدايتها([104])، فمع استمرار العمليات وحدوث مواجهات بين قوات قسد وفصائل المعارضة -والطرفان يحصلان على الدعم الأمريكي- طالبت أمريكا جميع الأطراف بالتركيز على المناطق التي يوجد فيها تنظيم الدولة. ومع استمرار المواجهات أعرب البنتاغون عن قلقه حول حدوث اشتباكات في أماكن لا وجود لداعش فيها([105])، ودعت وزارة الدفاع الأمريكي وحدات الحماية لتحقيق انسحابٍ كامل لشرق الفرات. أما بخصوص تركيا فقد دعاها وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر بالتركيز في عملياتها على قتال تنظيم الدولة([106]).

نالت العملية على تأييد من ألمانيا([107])، أما فرنسا فقد أعربت عن تفهمها للعملية دون أن يلغي ذلك مخاوف الرئيس الفرنسي من المواجهات بين القوات التركية والمقاتلين الأكراد والتي تحمل خطر تصعيد شامل([108]).

5.     موقف “الإدارة الذاتية”

حتى قبل أن تبدأ عملية درع الفرات ومع ارتفاع حدة التهديدات التركية لحزب PYD   وذراعه العسكري YPG، اتهمت “الإدارة الذاتية” تركيا عبر منابرها الإعلامية باغتيال القائد العام "لمجلس جرابلس العسكري" عبد الستار الجادر والذي اغتيل بعد إعلانه تشكيل المجلس ب 3 ساعات فقط في 22/08/2016([109]). واعتبر المتحدث باسم YPG ريدور خليل العملية "اعتداء سافراً على الشؤون الداخلية السورية"، مشيراً بأنه نتيجة اتفاق بين تركيا وإيران والحكومة السورية([110]). واعتبر الرئيس المشترك لحزب PYD صالح مسلم العملية في حقيقتها استهدافاً للكُرد بعد حدوث توافق بين الحكومتين السورية والتركية، وتوعد مسلم تركيا بــ "هزيمة" ستلحق بها في المستنقع السوري([111]). في السياق نفسه، وصفت قسد عملية درع الفرات "بالاحتلال للأراضي السورية"، إلا أنها أكدت على "عدم" قيادتها للعملية ضد الجيش التركي وفصائل الجيش الحر حيث أفاد المتحدث باسمها أن مجلس جرابلس العسكري هو الذي يواجه تركيا وحده([112]).

6.     موقف المعارضة

جاءت معظم مواقف المعارضة السورية موافقة ومباركة لعملية درع الفرات حيث نشر الائتلاف بياناً جاء فيه "أن الائتلاف يرحب بالدعم الذي تقدمه تركيا والتحالف الدولي للعملية العسكرية في جرابلس"، مؤكداً أن التواجد العسكري للتحالف مؤقت ومحدود لأهداف المساندة اللوجستية والدعم، وأن مقاتلي الجيش السوري الحر هم من يتولون العمليات القتالية الميدانية"([113])، وجاءت مباركة أخرى من حركة الإخوان المسلمين([114]).

من جهة أخرى: أعلنت فصائل مقربة من “الإدارة الذاتية” والمنضوية تحت لواء قسد ومجلس جرابلس العسكري إدانتها لما سمته "الاحتلال التركي" الأراضي السورية([115]). ونقلت مصادر إعلامية للمعارضة روايات تدعي فيها محاولات تشكيل مجلس عسكري تركماني من قبل تركيا، لإدارة مدينة جرابلس. على إثرها رفض مجلس جرابلس المحلي التدخلات التي تهدف لتشكيل مجلس يخلف الموجود حالياً والمنتخب وفق قوانين المجالس المحلية([116])، وبالتوازي مع تحركات “الإدارة الذاتية” ضد عملية درع الفرات تم تشكيل مجموعة تحت مسمى " المقاومة السورية الوطنية" والتي تعهدت –حسب قولها-بمقاومة تركيا حسب بيانٍ نشرته([117]).

الهدنة

بالعودة إلى المعارك التي حدثت بين فصائل الجيش الحر وقوات مجلس جرابلس العسكري التابع لقوات قسد، والتي ترافقت مع إرسال تركيا مزيداً من الدبابات إلى الشمال السوري([118])، وإعلانها نيتها الدخول إلى مدينة منبج، بالإضافة إلى تحذيرها لبريطانيا من اعتبار أنقرة للمقاتلين الإنكليز إرهابيين في حال تم قتلهم في المواجهات([119]). وكما ذكر سابقاً فقد ارتفعت حدة الاشتباكات حول قرية العمارنة الواقعة جنوبي جرابلس، حيث تم فيها إعطاب دبابات تركية ووقوع حالات أسر متبادلة بين قسد ولواء السلطان مراد([120]). أمام هذا التطور في الأحداث تدخلت الولايات المتحدة ليتم إبرام هدنة غير مكتوبة بين الطرفين، وقد رفضت تركيا وصفها بالهدنة أو وضعها في ذات الخانة مع قوة مسلحة غير نظامية باعتبارها دولة ذات سيادة على لسان وزير الشؤون الأوربية عمر جليك. وشددت تركيا على وفاء الأمريكيين بوعودهم التي تنص على انسحاب كامل لقوات الحماية الشعبية لشرق الفرات([121]). من جهتها أكدت قيادة "مجلس جرابلس العسكري" على عقد مجلسهم هدنة مؤقتة مع تركيا، والتي يبدو أنها تحققت حيث توقفت المواجهات بين الطرفين من تاريخ 30/08/2016([122]).

 

ختاماً؛ يوازي الدفع الأمريكي للاعتراف "بالإدارة الذاتية” توجهاً سورياً عاماً وإقليمياً لمنع هذا الاعتراف، كما يبدو من مواقف الولايات المتحدة تجاه حلفائها الإقليميين وتجاه “الإدارة الذاتية” محاولاتها المستمرة مما يزيد عن عامين بعدم التضحية بأحدهما لصالح الآخر، في المقابل نلحظ استمرار “الإدارة الذاتية” بالضغط على نظام الأسد للحصول منه على أية ضمانات تستطيع من خلالها تأمين نظامها الذي دأبت على بنائه منذ إعلانها. ويتبين من طريقة تعامل هذه الإدارة مع الأحزاب الكُردية المنافسة لها محاولاتها في تهجين كافة المعارضين أو البدلاء الممكنين لها.


 

 ([1]) نصائح أميركية للائتلاف السوري: الاتصال بموسكو و"PYD"،الموقع: العربي الجديد،التاريخ: 11/08/2016،الرابط: http://goo.gl/4byvh0

 ([2]) أكراد سورية يتوقّعون «تطبيعاً» أميركياً مع« إدارتهم»،الموقع: الحياة،التاريخ: 15/08/2016،الرابط: http://goo.gl/sHdRxF

 ([3]) الاتحاد الديمقراطي يفتتح قريبا ممثلية في واشنطن،الموقع: كوردستان24،التاريخ: 31/07/2016،الرابط: http://goo.gl/9yj1B2

 ([4]) وفد من روج آفا والمؤتمر الكوردستاني يزورون جنوب افريقا،الموقع: آ ن ف،التاريخ: 26/08/2016،الرابط: http://goo.gl/iLqrJv

([5]) حزب الإتحاد الديمقراطي يدعو ‹الإدارة الذاتية› لملاحقة المجلس الكردي قانونياً،الموقع: آرانيوز،التاريخ: 04/08/2016،الرابط: http://goo.gl/bhO2Ce

([6])  مجهولون يحاولون تفجير مكتب PDK-S في كركي لكي بالحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 31/07/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-iOr

([7])  الديمقراطي الكُردستاني يدين ممارسات الآسايش والتجنيد الإجباري في عفرين،الموقع: آرانيوز، التاريخ: 02/08/2016،الرابط: http://goo.gl/faCa1w

([8])  أنصار PYD يقتحمون مقرات أحزاب المجلس الوطني الكُردي في القامشلي، الموقع: روداو، التاريخ: 11/08/2016، الرابط: http://goo.gl/6QcksC

([9]) آسايش قامشلو تختطف إبراهيم برو رئيس المجلس الوطني الكُردي، الموقع: آرانيوز، التاريخ:13/08/2016، الرابط: http://goo.gl/ph8Liv

 ([10]) الآسايش تنفي إبراهيم برو إلى إقليم كُردستان العراق،الموقع: آرنيوز،التاريخ: 14/08/2016،الرابط:http://goo.gl/u2Oj8R

 ([11])   بارزاني يدين تصرف حزب البي واي دي ضد برو ويعده سابقة مرفوضة،الموقع: شفق نيوز،التاريخ: 15/08/2016،الرابط: http://goo.gl/Q48v2m

 ([12])منظمات حقوقية سورية تطالب ‹الإدارة الذاتية› بالإفراج عن إبراهيم برو،الموقع: آرانيوز، التاريخ: 14/08/2016،الرابط:http://goo.gl/KXFvUX

([13]) المجلس الكُردي يدعو الشعب الكُردي للوقوف إلى جانبه ودعمه، الموقع: آرانيوز، التاريخ 14/08/2016، الرابط:http://goo.gl/7C7Xyk

([14]) نشطاء يطلقون هاشتاغ ‹خلافاتكم سبب قتل شعبنا› بعد تفجير قامشلو،الموقع: آرانيوز،التاريخ: 31/07/2016،الرابطhttp://wp.me/p4OhLR-iOX

([15]) البارتي: بي واي دي يدفع بالأمور نحو التصادم والاقتتال الذي نرفضه،الموقع: باس نيوز،التاريخ: 16/08/2016،الرابط: http://goo.gl/r1sdxa

([16]) التنظيم الشبابي لـل بي واي دي يعتدي على العلم الكُردي في قامشلو مجدداً، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 13/08/2016، الرابط: http://goo.gl/ZymHpR

([17]) القوات الأمنية (الآسايش) تعتقل 5 قياديين من الحزب الديمقراطي الكُردستاني – سوريا، الموقع: روداو، التاريخ: 15/08/2016،الرابط: http://goo.gl/krkSrR

([18]) الآسايش تعتقل حسن صالح نائب سكرتير حزب يكيتي الكُردي،الموقع: يكيتي ميديا،التاريخ: 15/08/2016،الرابط: http://goo.gl/Q2NKMD

([19]) مسلحو (ب ي د) يصعّدون الموقف ضد المجلس الوطني الكُردي ويعتقلون 30 سياسياً،الموقع: روزآفا نيوز،التاريخ: 16/08/2016،الرابط: http://goo.gl/uwXj54

([20]) المجلس يدعوا لاعتصامات في الداخل والخارج تنديداً بممارسات الإدارة الذاتية،الموقع: روزآفا نيوز،التاريخ: 16/08/2016،الرابط: http://goo.gl/c5CCXf

([21]) المجلس الكُردي: ابراهيم برو سيعود الى الوطن قريبا جدا،الموقع: كُردستان24،التاريخ: 14/08/2016،الرابط: http://goo.gl/EsTlb2

([22]) عبد السلام أحمد “توقيف الذين خالفوا قوانين لا يعد اعتقالا"،الموقع: كوردستريت،التاريخ: 23/08/2016،الرابط: http://goo.gl/0g0M7E

([23]) الكُردي السوري: تنسيق وحدات الحماية مع النظام كانت تكتيكات الحرب، الموقع: كوردستريت، التاريخ: 25/08/2016،الرباط: http://goo.gl/xRtmLR

([24]) الآسايش تعتقل مؤيدين لحزب بي واي دي والمجلس الوطني الكُردي في قامشلو، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 16/08/2016،الرابط: http://goo.gl/Vm8E5K

([25]) جوان ابراهيم: من الخطأ أن يصبح الشعب في روجآفا ضحيّة الخلافات الحزبية، الموقع: بوير برس: الرابط: http://goo.gl/A7PS4N

([26])  ارتفاع عدد ضحايا تفجير قامشلو، وداعش يتبنى، موقع: آرانيوز، التاريخ: 27/07/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-iHs

([27]) عوائل الشهداء: حصيلة تفجير قامشلو /50/ شهيداً و/9/ مفقودين،الموقع: آدار بريس،التاريخ: 29/07/2016،الرابط: http://goo.gl/GrmU97

([28])  محافظة الحسكة تواجه أزمة حقيقية في قطاع الأدوية،الموقع: آرانيوز،التاريخ: 26/07/2016،الرابط: http://goo.gl/3By9Mf

([29])  بارزاني يعزي ضحايا تفجير قامشلو،ويأمر مسؤولي الإقليم بتقديم المساعدة والعون،الموقع: آرانيوز،التاريخ 27/07/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-iHK

([30])  المجلس الكُردي يتهم PYD بمنع وصول الدواء إلى جرحى تفجير قامشلو،الموقع: آرانيوز،التاريخ: 28/07/2016 http://wp.me/p4OhLR-iJB

([31])  مستشفيات القامشلي تستلم الادوية المرسلة من اقليم كُردستان،الموقع: كُردستان24،التاريخ: 01/08/2016 http://goo.gl/41YZXv

([32])  مشافي قامشلو تخرّج معظم جرحى التفجير بعد تلقيهم للعلاج،الموقع: آرانيوز،التاريخ: 30/07/2016،الرابط: http://wp.me/p4OhLR-iMN

([33]) المجلس الوطني الكُردي يندد بتفجير قامشلو،و‹الإدارة الذاتية› تعلن الحداد،الموقع: آرانيوز،التاريخ: 27/07/2016،الرابط: http://goo.gl/4h5y50

([34])  ماكغورك يندد بهجوم قامشلو ويتعهد بمواصلة دعم الكُرد،الموقع: آرانيوز،التاريخ: 27/07/2016،الرابط: http://wp.me/p4OhLR-iIF

([35])  مصدر سابق: بارزاني يعزي ذوي ضحايا تفجير قامشلو،ويأمر مسؤولي الإقليم بتقديم المساعدة والعون.

([36])  الرئيس العراقي يدين تفجير قامشلو ويؤكد انها دليل على هزيمة داعش،الموقع: روج نيوز،التاريخ:28/07/2016،الرابط: http://goo.gl/b53X0F

([37])  الائتلاف يدين التفجير الإرهابي بالقامشلي،الموقع: الائتلاف،التاريخ: 27/07/2016،الرابط: http://goo.gl/9yXCyb

([38])  استشهاد خمسة أشخاص جراء انفجار سيارة مفخخة في تل أبيض،الموقع: آرتا إف إم،التاريخ: 29/06/2016،الرابط: https://goo.gl/HUWuqu

([39]) 27قتيل و29 جريح حصيلة شبه نهائية لتفجير الحسكة،الموقع: آرانيوز،التاريخ 06/07/2016/ الرابط: http://goo.gl/jkHBlW

([40]) عامودا: إرهابي يفشل بزرع عبوة ناسفة في سيارة انفجرت به وأردته قتيلاً،الموقع/ ولات إف إم،التاريخ: 29/06/2016،الرابط: http://goo.gl/4uMA4E

([41]) اتهامات لـ “أسايش” باعتقالات “تعسفية” على خلفية انفجار عامودا،الموقع: عنب بلدي،التاريخ: 30/07/2016،الرابط: http://goo.gl/JLs6PQ

([42]) الآسايش تفكك مجموعة عبوات ناسفة بريف الحسكة،الموقع: آرانيوز،التاريخ: 10/08/2016،الرابط: http://goo.gl/2eO10m

([43]) أنباء عن دخول آليات مفخخة إلى الحسكة،وحواجز الآسايش تستنفر،الموقع: آرانيوز،التاريخ: 08/08/2016،الرابط: http://wp.me/p4OhLR-j5v

([44]) حسن صالح نائب سكرتير حزب يكيتي يتحدث عن التفجيرات التي استهدفت قامشلو،الموقع يكيتي ميديا،التاريخ: 25/07/ 2016،الرابط:https://goo.gl/5P9764

([45])  قائد الآسايش: التحقيقات مستمرة بخصوص مرور شاحنة داعش من حواجزنا،الموقع: آرانيوز: التاريخ:06/08/2016،الرابط: http://wp.me/p4OhLR-j0w

([46]) الرئيسة المشتركة لبلدية قامشلو: شكلنا لجنة للنظر في وضع المباني المتضررة،الموقع: بوير برس،التاريخ: 02/08/2016،الرابط: http://goo.gl/FrVMzp

([47]) الآسايش تعفي ضباط وتخصص 200 مليون لتعويض المتضررين،الموقع: رئاسة الإدارة الذاتية،التاريخ: 06/08/2016،الرابط: http://goo.gl/b9crKO

([48])  قائد الآسايش: التحقيقات مستمرة بخصوص مرور شاحنة داعش من حواجزنا،الموقع: آرانيوز،التاريخ: 06/08/2016،الرابط: http://goo.gl/5yd2Vg

([49]) اشتباكات بين ميليشيا الدفاع الوطني والوحدات الكردية في القامشلي، الموقع: أورينت نيوز،التاريخ: 16/03/2016،الرابط: http://goo.gl/t6TI0u

([50]) بعد القامشلي… اشتباكات بين وحدات الحماية وقوات النظام في الحسكة،الموقع: كلنا شركاء،التاريخ: 18/05/2016،الرابط: http://goo.gl/POQLXG

([51]) إشتباكات بين عناصر عناصر النظام والقوى التابعة لحزب الإتحاد،الموقع :قاسيون،التاريخ 03/07/2016،الرابط:http://goo.gl/uqEFpz

([52]) اشتباكات جديدة بين قوات الاساييش وقوات النظام في المربع الأمني،الموقع: يكيتي ميديا،التاريخ:25/07/2016،الرابط:http://goo.gl/bAXio9

([53]) استنفار واعتقالات متبادلة بين الآسايش وقوات النظام في الحسكة،الموقع: آرانيوز،التاريخ:06/08/2016،الرابط: http://wp.me/p4OhLR-iZz

([54]) الحسكة: ضغوط كردية لإكمال «الفدرلة».. ومفاوضات «تحت النار»،الموقع: السفير،التاريخ: 20/08/2016،الرابط:http://goo.gl/Q8kPLR

([55]) ميليشيا الدفاع الوطني تفرج عن المعتقلين المدنيين لديها في الحسكة،الموقع آرانيوز،التاريخ: 11/08/2016،الرابط: http://wp.me/p4OhLR-jbU

([56]) هدنة في الحسكة بين النظام والأسايش بعد اشتباكات بين الطرفين،الموقع: راديو روزنة، التاريخ:17/08/2016،الرابط: http://goo.gl/B4quWz

([57]) طائرات النظام السوري تقصف المدنيين في الحسكة،الموقع: آ ان أف. التاريخ: 18/08/2016،الرابط: http://goo.gl/ZSvJPt

([58]) البنتاغون: قوات الأسد قصفت مواقع قرب جنودنا في الحسكة،الموقع: عنب بلدي،التاريخ:19/08/2016،الرابط: http://goo.gl/O93L86

([59]) غارة الحسكة... مسؤول لـCNN: سوريا ستواجه خطر فقدان طائرة بتكرار ذلك،الموقع: سي ان ان،التاريخ:20/08/2016،الرابط: http://goo.gl/zskRKF

([60]) واشنطن تسحب قواتها من الحسكة بشكل مفاجئ بعد قصف النظام ؟ الموقع: كوردستريت،التاريخ: 19/08/2016،الرابط: http://goo.gl/0aAJgK

([61]) ملخص المؤتمر الصحفي للمتحدث باسم البنتاغون الجمعة 19 أب 2016 حول ‏الحسكة، الموقع: خبر24،التاريخ:20/08/2016،الرابط: http://goo.gl/sWU0D1

([62]) نظام الأسد والوحدات الكردية يقتربان من نقطة اللاعودة،الموقع: صحيفة العرب اللندنية،التاريخ:07/09/2016،الرابط: http://goo.gl/ssMjV0

([63]) آخر أيام "الدفاع الوطني" في الحسكة؟،الموقع: المدن،التاريخ: http://goo.gl/4QK4gF

([64]) بيان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة،الموقع: وزارة الدفاع في الجمهورية العربية السورية،التاريخ: 19/08/2016،الرابط: http://goo.gl/7zsfn7

([65]) بيان من القيادة العامة لوحدات حماية الشعب بشأن الاحداث الاخيرة في الحسكة،الموقع: خبر24،التاريخ: 20/08/2016،الرابط: http://goo.gl/Hquhkd

([66]) أسر 230 من عناصر النظام ومرتزقته بعد محاصرتهم،الموقع،آ ن أف،التاريخ:23/08/2016،الرابط: http://goo.gl/tk171Z

([67]) محافظ النظام في الحسكة: قدمنا مساعدات عسكرية لـ«حزب العمال الكردستاني»،الموقع: قاسيون،التاريخ: 20/08/2016،الرابط: http://goo.gl/IymN1C

([68]) الحسكة بانتظار هدنتها.. "من يشعل النيران ومن يطفئها"؟،الموقع: روسيا اليوم،التاريخ: 23/08/2016،الرابط: http://goo.gl/TSILv1

([69])  هذا ما قاله تلفزيون النظام عن اتفاق الحسكة،الموقع: باس نيوز،التاريخ: 23/08/2016،الرابط: http://goo.gl/XtusOu

([70]) الENKS يطالب بالوقف الفوري للقتال في الحسكة ويدعو لوحدة الصف،الموقع: 19/08/2016،الرابط: http://goo.gl/M97eeY

([71]) الائتلاف: المدنيون في الحسكة هم ضحايا القصف الوحشي واقتتالِ النظام مع حلفائه،الموقع: الائتلاف،التاريخ: 22/08/2016،الرابط: http://goo.gl/xFDj8g

([72]) فؤاد عليكو لحزب “الاتحاد الديمقراطي” : مشروعكم ( الطوباوي) فشل،الموقع: كوردستريت،التاريخ: 19/08/2016،الرابط: http://goo.gl/ehwcgr

([73]) قيادي في حزب اليكيتي:” التدخل التركي جاء لوأد المشروع القومي الكوردي،الموقع: كورد ستريت،التاريخ: 29/08/2016،الرابط: http://goo.gl/O0oNFy

([74]) هل يعود سكان حي "غويران" إليه بعد سيطرة الوحدات الكردية؟ الموقع: شبكة شام،التاريخ: 20/08/2016،الرابط: http://goo.gl/3pUz2s

([75]) جوان ابراهيم: فليسمع النظام الحسكة تابعة لحكومة الإدارة الذاتية قولا واحداً ،الموقع: بوير بريس،التاريخ: 22/08/2016،الرابط: http://goo.gl/KPfM7D

([76]) أردوغان: معظم القوات التي تقاتل في منبج عربية وليست كوردية،الموقع: روداو،التاريخ 02/06/2016،الرابط: http://goo.gl/3oNrhz

([77]) سوريا الديمقراطية تسيطر على كامل مدينة منبج،الموقع: الميادين،التاريخ: 06/08/2016،الرابط: http://goo.gl/h5X758

([78]) تركيا تتوقع انسحاب “وحدات حماية الشعب” بعد عملية منبج،الموقع:آدار بريس،التاريخ: 15/08/2016،الرابط http://goo.gl/7fGgC6

([79]) أردوغان يصل روسيا ويصافح بوتين،الموقع: بوابة الفجر،التاريخ: 09/08/2016،الرابط: http://goo.gl/VYmx9f

([80]) برلمان تركيا يصادق على التطبيع مع إسرائيل،الموقع: إيلاف،التاريخ: 21/08/2016،الرابط: http://goo.gl/1fjV3R

([81]) جاويش أوغلو: أمن إيران من أمن تركيا ومتفقون على وحدة سوريا،الموقع: سي ان ان،التاريخ: 12/08/2016،الرابط: http://goo.gl/bP0NME

([82]) يلدريم: الأسد لمرحلة انتقالية ولا دور له بمستقبل سورية،الموقع: العربي الجديد،التاريخ:20/08/2016،الرابط: http://goo.gl/bP0NME

([83]) تركيا تخلي بلدة كركميش مقابل جرابلس بعد سقوط عدة قذائف أطلقها داعش،الموقع: آرانيوز،التاريخ: 23/08/2016،الرابط: http://goo.gl/6P2akO

([84]) الضابط التركي الذي أفشل الانقلاب يقود عملية ” درع الفرات ” في سوريا،الموقع: تويت بوك،التاريخ: 25/08/2016،الرابط: http://goo.gl/k4I8b9

([85]) بإسناد جوي ومدفعي تركي ..الجيش الحر يتوغل 3 كم في محيط جرابلس،الموقع: مدار اليوم،التاريخ: 24/08/2016،الرابط: http://goo.gl/q8fhfQ

([86]) أردوغان: "درع الفرات" ضد تنظيم الدولة وضد "PYD" الكردي،الموقع: عربي21،التاريخ:24/08/2016،الرابط: http://goo.gl/efi51V

([87]) وزير الداخلية التركي: عملية جرابلس مشروعة ولن تستمر طويلا،الموقع: عربي21،التاريخ:24/08/2016،الرابط: http://goo.gl/JsyAyr

([88]) ثلاثة فصائل مسلحة تعلن تشكيل مجلس جرابلس العسكري،الموقع: روداو،التاريخ:22/08/2016،الرابط: http://goo.gl/YOjzFi

([89]) وصول تعزيزات عسكرية إلى مدينة منبج السورية،الموقع: ان ار تي،التاريخ: 24/08/2016،الرابط: http://goo.gl/KF6Ang

([90]) مقتل أول جندي تركي في مواجهات شمال سوريا،الموقع: فرانس24،التاريخ: 28/08//2016،الرابط: http://goo.gl/FYsCEi

([91])  “الحر” يسيطر على قرىً من “سوريا الديمقراطية” غرب جرابلس،الموقع: عنب بلدي،التاريخ: 29/08/2016،الرابط: http://goo.gl/Eq7diK

([92]) إيران "الرسمية" تلتزم الصمت إزاء عملية "درع الفرات" وإعلامها يزيف الحقائق،الموقع: الأناضول: التاريخ:25/08/2016،الرابط: http://goo.gl/dD7b1l

([93]) إيران لتركيا: عملية درع الفرات تزيد الوضع تعقيدا في سوريا،الموقع: تركيا بوست،التاريخ: 31/08/2016،الرابط: http://goo.gl/85o2V1

([94]) مقاتلات روسية تنطلق من إيران وتقصف مدنا سورية،الموقع: الجزيرة،16/08/2016،الرابط: http://goo.gl/cj78wz

([95]) طهران تغلق قاعدة همدان بوجه موسكو. وأميركا تشكك،الموقع: العربية،التاريخ: 23/08/2016،الرابط: http://goo.gl/jCwyOa

([96]) تركيا: روسيا يمكن أن تستخدم قاعدة إنجرليك الجوية،الموقع: فيتو،التاريخ: 20/08/2016،الرابط: http://goo.gl/G4D5bh

([97]) قاعدة انجرليك التركية قد تُفتح أمام الطائرات الروسية،الموقع: عنب بلدي،التاريخ: 04/07/2016،الرابط: http://goo.gl/hsXwTR

([98]) أنقرة: لا يمكن لروسيا استخدام قاعدة إنجرليك،الموقع: روسيا اليوم،التاريخ: 23/08/2016،الرابط http://goo.gl/FtQ1S0

([99]) أردوغان إلى طهران لإطلاق تحالف تركي -إيراني - روسي في سورية،الموقع: النهار،التاريخ: 17/08/2016،الرابط: http://goo.gl/Rpc7Mg

([100]) موسكو تبارك التدخل التركي. والنظام السوري يعتبره “خرقًا سافرًا للسيادة"،الموقع: عنب بلدي،التاريخ: 24/08/2016،الرابط: http://goo.gl/Cuw5bO

([101]) موسكو تعرب لأنقرة عن قلقها إزاء عمليات القوات التركية شمال سوريا الموقع: رأي اليوم، : التاريخ:31/08/2016،الرابط:http://goo.gl/oUvwGC

([102]) نظام الأسد يعلق على عملية "درع الفرات" التركية داخل سوريا،الموقع: عربي21،التاريخ:،24/08/2016،http://goo.gl/xyHk5V

([103]) وزارة الخارجية الخروقات والمجازر التي يقترفها النظام التركي في غزو الأراضي السورية مدانةٌ،الموقع: الفداء،التاريخ: 30/08/2016،http://goo.gl/ghRKCH

([104]) البيت الأبيض:"درع الفرات" التركية مثال على دعم أنقرة لمكافحة داعش،الموقع: ديلي صباح،التاريخ: 25/08/2016،الرابط: http://goo.gl/imipWr

([105]) البنتاغون: الاشتباكات في شمال سوريا تقع في أماكن لا وجود لـ “داعش” بها،الموقع: صوت كوردستان،التاريخ: 29/08/2016،الرابط: http://goo.gl/WtL28C

([106]) وزير الدفاع الأمريكي يدعو تركيا للتركيز في عملياتها العسكرية ضد داعش،الموقع: رحاب نيوز،التاريخ: 30/08/2016،الرابط: http://goo.gl/p2R5uF

([107]) تباين المواقف من عملية "درع الفرات"،الموقع: روسيا اليوم،التاريخ: 24/08/2016،الرابط: http://goo.gl/zxNqzH

([108]) تعزيزات تركية جديدة.وهولاند يتفهم التدخل التركي،الموقع: المدن،التاريخ: 30/08/2016،الرابط: http://goo.gl/zwwDOf

([109]) الاستخبارات التركية تغتال القائد العام لمجلس جرابلس العسكري،الموقع: روج نيوز،التاريخ: 22/08/2016،الرابط: http://goo.gl/xqAEik

([110]) وحدات حماية الشعب الكردية: التدخل التركي في سوريا اعتداء سافر،التاريخ: 24/08/2016،الرابط: http://goo.gl/u0Udzs

([111]) صالح مسلم: ثلاث دول توحدت لضرب الكورد وسنهزم الاتراك،الموقع: كودستان24،التاريخ: 30/08/2016،الرابط: http://goo.gl/vt3i8c

([112]) سلو: قرار الانسحاب من منبج إلى شرق الفرات قرارٌ عائد للقيادة العامة،الموقع: آدار بريس،التاريخ: 06/09/2016،الرابط: http://goo.gl/s5QLtF

([113])  "الائتلاف" يؤكد دعمه للجيش الحر في عملية و"يرحب" بدعم تركيا والتحالف،الموقع: سمارت نيوز،التاريخ: 24/08/2016،الرابط: http://goo.gl/HwROrQ

([114]) ردود فعل السوريين حول معركة "درع الفرات"،الموقع: نون بوست: التاريخ: 25/08/2016،الرابط: http://goo.gl/joMhqz

([115]) فصائل من الجيش الحر تعلن وقوفها إلى جانب مجلس جرابلس العسكري،الموقع: آ ن ف نيوز،التاريخ: 29/08/2016،الرابط: http://goo.gl/XyNEam

([116]) مصادر: تركيا تحاول فرض مجلس “تركماني” لإدارة جرابلس،الموقع: عنب بلدي،التاريخ: 06/09/2016،الرابط: http://goo.gl/9vZn7n

([117]) الإعلان عن المقاومة الوطنية السورية في جرابلس،الموقع: الماسة السورية،التاريخ: 07/09/2016،الرابط: http://goo.gl/ygtx7n

([118]) خمسة عشر ألف جندي تركي قد يشاركون في إقامة ” منطقة آمنة ” شمال سوريا،الموقع: تويت بوك،التاريخ: 26/08/2016،الرابط: http://goo.gl/Hz9Xbq

([119]) ميدل إيست آي: المتطوعون البريطانيون يواجهون قوات تركيا بمنبج،الموقع: عربي21،التاريخ: 03/09/2016،الرابط: http://goo.gl/6cxKni

([120]) مجلس منبج العسكري يأسر عناصر من كتيبة "السلطان مراد"،الموقع: ان آر تي،التاريخ: 01/09/2016،الرابط: http://goo.gl/G1qBLo

([121])  «تهدئة» بين حلفاء الأتراك والأكراد،الموقع: الحياة،التاريخ:31/08/2016،الرابط: http://goo.gl/W6Aqya

([122]) مجلس جرابلس العسكري يعلن عن توقيع هدنة مع تركيا،الموقع،صوت أمريكا،التاريخ:30/08/2016،الرابط: http://goo.gl/gOR08E

استضافت قناة الرافدين الفضائية في برنامجها حديث العرب معن طلاع/ باحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية للحديث عن الاستراتيجية الايرانية تجاه ملفات المنطقة بشكل عام وحول تموضعها في الملف السوري لا سيما بعد التدخل الروسي المباشر بشكل خاص، كما فكك اللقاء خطاب طهران الاعلامي الذي يدعي النصر وتبيان مدى اتساق هذا الخطاب مع الواقع السياسي والعسكري في سورية، كما ركز اللقاء على طبيعة العلاقة الايرانية الروسية في الملف السوري وتبيان فيما إذا كانت تنافسية أم تكاملية.