مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Displaying items by tag: كوباني

الملخص التنفيذي

  • مع تراجع سُلطة الدولة المركزية لصالح صعود تشكيلات دون دولتية، منها ذات طابع قومي وديني؛ برزت نماذج مختلفة من أنماط الحكم المحلي في الجغرافية السورية، والتي تأثرت بالخارطة العسكرية المُتغيّرة، ما أدى إلى نهاية بعض النماذج وانحسار أخرى مقابل استقرار نسبي وحذر لبعضها الآخر.
  • قدمت "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" نفسها، بوصفها نموذجاً منافساً لباقي النماذج الإدارية التي فرضها الواقع العسكري، وعلى الرغم من مرور سبعة أعوام على الإعلان الفعلي للإدارة الذاتية بسُلطاتها ومؤسساتها المختلفة؛ إلا أن مستوى وطبيعة الحوكمة في هذا النموذج الإداري لا تزال إشكاليّة ومحط تساؤلات عدة.
  • تنطلق الدراسة للبحث في هذا النموذج الإداري من مدخل السُلطة القضائية، وذلك لما تعكسه دراسة القضاء من مؤشرات مهمة عدة، لا تنحصر فقط على مستوى المحاكم والنشاط القانوني لها، وإنما تمتد إلى المستويات السياسية والإدارية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
  • حددت الدراسة عينتها بمؤسسات الجهاز القضائي ومنهجها بالوصفي التحليلي بما فيه دراسة الحالة، واعتمدت على مصادر بيانات عدة، على رأسها المقابلات المُعمّقة مع العديد من القضاة والمحامين القائمين على رأس عملهم، إضافة إلى عدد من الإداريين في مؤسسات القضاء وغيرهم من العاملين في مؤسسات السُلطة التنفيذية، مقابل بعض المنظمات الحقوقية العاملة في المنطقة، ومقابلات متفرقة فرضتها خصوصية كل منطقة.
  • طرحت الدراسة مجموعة تساؤلات، حول بُنية القضاء وهيكلية مؤسساته واختصاصاتها وآليات عملها، إضافة إلى المرجعيات القانونية التي تستند إليها، مقابل طبيعة التوزع العلمي والديموغرافي للقضاة القائمين على عمل هذا الجهاز، ومستوى فاعليته واستقلاليته وعلاقته مع باقي السلطات في الإدارة، خاصة الأجهزة الأمنية والعسكرية، وطبيعة القضاء العسكري القائم، مقابل العلاقة بين ملف القضاء وحزب العمال الكردستاني في المنطقة.
  • ضمن المُتغيرات محلّ البحث، تطرّقت الدراسة إلى طبيعة التعاطي القضائي والقانوني مع ملف "الإرهاب"، تحديداً معتقلي تنظيم الدولة السابقين، خاصة مع إنشاء الإدارة الذاتية محاكم استثنائية خاصة بـ"الإرهاب" (محكمة الدفاع عن الشعب)، وفي هذا السياق رُصِدَت مستويات عدة للتعامل مع هذا الملف خارج نطاق المحاكم والقانون.
  • فَرَدَت الدراسة سبعة فصول للبحث في طبيعة الجهاز القضائي بمختلف مؤسساته ودرجاته، انطلق الفصل الأول من فلسفة النشأة والنظريات التي استندت إليها الإدارة الذاتية وتبنتها في نموذجها الإداري بما فيه الجهاز القضائي، في حين توزعت خمسة فصول على دراسات حالة مُعمّقة لخمسة مناطق أعلنتها الإدارة الذاتية كـ "أقاليم" ضمن سُلطتها، وهي: (الحسكة، الرقة، دير الزور، منبج، عين العرب/كوباني).
  • فُرِدَ الفصل السابع لما توصلت إليه الدراسة من نتائج وخُلاصات، والتي انقسمت بدورها إلى مستويين، الأول: على مستوى الجهاز القضائي، ببنتيه ومرجعيته وفاعليته وكفاءته مقابل الاستقلالية والحياد. في حين مثّلت النتائج في المستوى الثاني: تحليلاً شاملاً لبيانات دراسات الحالة واستخلاص نتائج منها على مستوى النموذج الإداري ككل، سواء شكل اللامركزية المتبع، ومستوى العلاقات المدنية-العسكرية، وأثر القضاء على السلم الأهلي والأمن المجتمعي، مقابل آليات إدارة ملف "الإرهاب" وانعكاساتها، وطبيعة العلاقة بين حزب الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني وأثرها على المنطقة.

للمزيد حول الإصدار انقر هنا

التصنيف الكتب

الملخص التنفيذي

  • تعود منطقة شرق الفرات لترسم جملةً من التفاعلات الجديدة بين القوى الفاعلة في الجغرافية السورية، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية، ويحاول الطرفان تبادل التضييق في البقعة الجغرافية المحيطة بمدينة القامشلي، لما تشكله من موقع ونقطة استراتيجية لحكم عموم شرق الفرات؛
  • تتسم الخطوات الأمريكية بالعودة الحذرة لمنطقة غرب مدينة القامشلي نتيجة تغير السيطرة على الأرض بعد عملية " نبع السلام" مع حدوث انتشار واسع للقوات الروسية في المنطقة؛
  • في حين تمتلك الولايات المتحدة قوة ميدانية تتمثل بقوات " سوريا الديمقراطية"، تفتقر روسيا لهذا العامل مما يدفعها لمحاولة تشكيل فصائل عسكرية في المنطقة، لتحقيق أهدافها في التضييق على واشنطن والإدارة الذاتية، ولتكون ذات ولاءٍ مباشر لها؛
  • من نتائج عملية " نبع السلام" خروج دعوات للحوار الكُردي البيني، وكان على رأسها دعوة قائد " قسد مظلوم عبدي"، والتي على إثرها وإثر الدفع الأمريكي بدأت جولة جديدة من الحوارات بين الأطراف الكُردية، بالأخص المجلس الوطني الكُردي، وحزب الاتحاد الديمقراطي؛
  • تكررت الدعوات للحوار الكُردي، وحدثت اتفاقيات كُردية متعددة، لكن معظم الإشكاليات القديمة بين الأطراف الكُردية لاتزال عالقة؛
  • يمثل الموقف التركي من عملية التفاوض الحالية عاملاً مهماً فمصير أي اتفاق كردي بيني يرتبط بدرجة مقابلته للمطالب التركية سواءً من الأطراف الكُردية أو من الولايات المتحدة الأمريكية؛
  • يواجه أي اتفاق بين المجلس الوطني الكُردي وحزب الاتحاد الديمقراطي معوقاتٍ مستحدثة تتمثل بالتمثيل العربي ضمن قوات سوريا الديمقراطية، والقوات الأمنية للإدارة الذاتية بالإضافة لوجود مدن عربية رئيسية ضمن مناطق سيطرة الإدارة؛ الرقة، منبج، ومناطق ريف دير الزور الشرقي، ويُفترض أن تلبي أي صيغة توافق بين الأطراف الكُردية تطلعات المجتمع العربي في المنطقة من مشاركة أوسع في مؤسسات الحكم؛

تمهيد

تعيش منطقة شرق الفرات حراكاً سياسياً وعسكرياً ينذر باحتمالات تغيير في خارطة الفاعلين وتموضعهم، بما يؤثر على معادلات المستقبل السياسي والأمني للمنطقة، ففي الوقت الذي لا تزال الخطوط العريضة لهذا الحراك غير مستقرة إلا أن مسارها بدأ بعد عملية " نبع السلام " التي بدأت بإعلان انسحاب الولايات المتحدة من سورية ليتم التراجع عن القرار لاحقاً بعد حدوث تغيرات جذرية في خارطة السيطرة والنفوذ في المنطقة، حيث تم انتشار القوات الروسية ووحداتٍ من الجيش السوري في المناطق المتاخمة لحدود " نبع السلام" بالإضافة لمعظم الحدود السورية – التركية في محيط مدينة كوباني/ عين العرب، وليبقى شرق مدينة القامشلي نزولاً إلى دير الزور منطقة نفوذ أمريكية لم تعد صافيةً كما ذي قبل مع حدوث انتشار روسي فيها.

ومع تنامي الهدوء على جبهات القتال، أطلق " قائد قوات قسد" نداءً للأحزاب الكُردية للجلوس إلى طاولة الحوار والوصول إلى اتفاق سياسي بين المجلس الوطني الكُردي، وحزب الاتحاد الديمقراطي، الأمر الذي أنتج تفاعلات سياسية وعسكرية جديدة، ويمكن تقسيمها إلى سياقين: الأول عسكري –أمني ويخص التحركات التي تقوم بها واشنطن وموسكو في المنطقة، والسياق الثاني سياسي وينقسم لاتجاهين رئيسين الأول هو محاولة روسيا خلق توافق كامل بين الإدارة الذاتية والنظام، والثاني يتمحور حول الحوارات الكُردية البينية التي يتم رعايتها من قبل قوات التحالف والولايات المتحدة.

روسيا وشرق الفرات: اهتمامٌ متزايد وأدوارٌ نوعية

تحاول روسيا لعب دور المحفز والميسر للحوارات والتفاوضات ما بين النظام والإدارة الذاتية حول كيفية إدارة المنطقة شمال شرق سورية، سواء قبل قرار الانسحاب الأمريكي أو بعده، وفي حين كانت روسيا تدفع بجدية لعقد اتفاق بين الطرفين قبل إعلان انسحاب أمريكا -ومع تراجع الأخيرة عنه- طرأ تغير في طريقة إدارة موسكو لملف المفاوضات بين النظام والإدارة الذاتية ليكوَن ضغطاً على الإدارة الذاتية، مع خسارة الأخيرة للكثير من سيطرتها المباشرة بين " تل أبيض امتدادا لرأس العين"، بالإضافة لما فقدته من كونها كانت الطرف المتفرد بالسيطرة على مناطق أوسع: الرقة، منبج، كوباني، وجزء مهم من محافظة الحسكة. هذا الانحسار الحاصل الإدارة الذاتية دفع بروسيا لتغير موقفها من الإدارة ومن كيفية إدارة ملفها سواءٍ كان فيما يخص المفاوضات مع النظام، أو الضغط عليها عبر تهديداتٍ مباشرة إبان انتهاء عملية "نبع السلام"، وهو ما يعني بشكلٍ آخر أيضاً إحداث ضغطٍ على الولايات المتحدة.

من جهة أخرى، تحاول موسكو التفاعل في شرق الفرات بالمعنى الامني والعسكري حيث تتواصل مع عشائر المنطقة في محاولة تشكيل فصيل عسكري جديد في المناطق الواقعة بالريف الجنوبي لمدينة القامشلي والتي تتصل بالمدينة من جهة أحيائها الجنوبية([1])، وهو ما سُيحدث في حال نجاح موسكو في هذه الخطوة في تشكيل خرق يحدث للمرة الأولى في المنطقة عبر إيجاد فصيل عسكري مدعوم من قبلها يستطيع إزعاج الدوريات الأمريكية، وتشكيل تهديد لما تبقى من مشروع الإدارة الذاتية، ويتناسق الهدف الروسي سواءً من الضغط على الولايات المتحدة أو الإدارة الذاتية، مع مثيله على كافة الأراضي السورية عبر جعل موسكو الطرف الأجنبي الأقوى نفوذاً على امتداد الساحة السورية، وإعادة سيطرة "النظام" على كافة الجغرافية السورية.

تنشط روسيا في ملف التواصل وتنظيم عشائر المنطقة بشكلٍ متزايد كان آخرها اجتماع بين ضباط من القوات الروسية مع وجهاء وشيوخ من العشائر في ريف الحسكة، بالإضافة إلى زيارات عدة قام بها ضباط النظام وضباط روس لشيخ عشيرة "حرب"، محمود منصور العاكوب في مدينة القامشلي بتاريخ 19 /4/2020 ، وجاءت الزيارة لمناقشة تشكيل قوة عسكرية من العشائر بعد فشل المحاولة الروسية في تجنيد عناصر من ضمن " قسد"، وترد معلومات بإن القوة المُراد إنشائها ستضم " من 500 إلى 1000 عنصرًا، وقدمت روسيا ضماناتٍ أولية لقادة العشائر المرشحين لتشكيل هذا الفصيل، تمثلت بعدم اشتباك مقاتلي التشكيل الجديد مع أي طرف خارج المحافظة أو الانخراط بأي معارك إلا بالحالات الاضطرارية".([2])

 بالعموم، منح قرار انسحاب واشنطن المفاجئ من سورية عام 2019 جائزة مجانية لموسكو، ومن ورائها إيران والنظام، إلا إن التراجع الذي حصل أدى لتأجيل وتقليل سقف التوقعات والرغبة الروسية، فيما يخص إعادة بسط السيطرة على كامل الأراضي السورية، وشبكات الطرق الدولية، والتحكم بمخزون سورية من النفط، والغاز والقمح فيما يخص السيطرة على شمال شرق سورية. أما استراتيجياً فيمكن الاستنتاج أن بقاء واشنطن في المنطقة سيدفع بروسيا دوماً للانخراط في محاولات زيادة فرصها فيها، سواءً كان عبر رفع سوية النفوذ المباشر في مناطق شرق القامشلي وجنوبها، أو لدفع واشنطن لتقبل أكثر بصيغ الحل النهائي التي تحاول روسيا فرضه عبر السلاح والتدمير، وجلب واشنطن للجلوس على طاولة المفاوضات سواءً لأجل ملفاتٍ جزئية أو فيما يخص صيغة الحل الشاملة.

وتعتبر خطوة التشكيل التي تسعى إليها موسكو الخطوة الأولى من نوعها لموسكو في سورية، حيث تحاول هذه المرة خلق فصيل خارج المنظومة العسكرية المعتادة، ولا يمكن التخمين بمدى فرص نجاحها، حيث أن العشائر التي تفكر روسيا بالاعتماد عليها مقسمة إلى عدة توجهات، جزءٌ هام منها يقف مع النظام، وجزءٌ مع المعارضة، لكن تأثيرها خفّ بشكلٍ كبير مع حدوث عمليات نزوحٍ لها خلال سنوات الصراع باتجاهين فمنها من اتجه إلى ريف حلب وبقي نشيطاً ضمن الفصائل المقاتلة هناك إلى الآن، ومنها من توجه إلى تركيا. كما إن المنطقة الجغرافية التي يُراد أن ينشط فيها الفصيل تشكل البقعة التي تتمتع الإدارة الذاتية فيها بالسيطرة الأقوى، وتتشابه هذه الخطوة بما حاولت إيران القيام به في المنطقة وبشكلٍ كثيف قبل اغتيال قائد " فيلق القدس قاسم سليماني " على يد الولايات المتحدة الأمريكية، إلا إنه عملية اغتيال سليماني، وزيادة الضغط على إيران في سورية ولبنان والعراق قد أدى لفشل هذا التوجه على الأقل في الوقت الحالي.

وإلى جانب تحركاتها للتغلغل في ريف الحسكة عسكرياً عبر العشائر، استقدمت موسكو في نهاية آذار 2020 وبداية نيسان 2020، عشرات الجنود إضافة إلى عربات عسكرية، وأرسلت قبل نحو أسبوعين قافلة عسكرية ضمت أكثر من 50 شاحنة عسكرية ودبابة وناقلة جنود خرجت من مدينة عين عيسى بريف الرقة، وتوجهت إلى بلدة تل تمر بريف الحسكة، ومنها إلى مدينة القامشلي عبر الطريق الدولي "M4"، كما عززت قواتها من تواجدها حول مطار القامشلي عبر استقدام مجموعاتٍ جديدة من الجنود. ([3])

من جهتها تحاول الولايات المتحدة الأمريكية العودة للمنطقة عبر محاولة الانتشار من جديد في ريف مدينة كوباني/ عين العرب، بالإضافة إلى قيامها بفتح "باب التجنيد للأهالي المحليين بمنطقة الشدادي جنوبي الحسكة ودير الزور، بهدف تشكيل فصائل محلية تعمل بأمرة القوات الأمريكية، حيث عرضت واشنطن راتباً شهرياً للمجندين الجدد يصل لـ350 دولاراً أمريكياً، كما تتوارد أنباء عن بلوغ عدد المنتسبين للقوات الجديدة، ما يقارب 800 عنصراً، يتم تقسيمها على 3 مجموعات، ويتوقع أن يكون هناك هدفان من هذا التشكيل، الأول تشكيل حراسة محلية لآبار النفط مرتبطة بشكلٍ مباشر مع القوات الأمريكية، والثاني غلق الأبواب أمام محاولات إيران وروسيا التوسع في المنطقة.([4])

المفاوضات المحلية: دفع أمريكي لبناء الثقة

تشهد منطقة شمال شرق سورية عملية سياسية مدفوعة بدعوة سابقة من " قائد قوات سوريا الديمقراطية"، ورعاية أمريكية مباشرة لجولة حوارات ومفاوضات بين حزب الاتحاد الديمقراطيPYD والمجلس الوطني الكُردي، ووصلت عملية التفاوض بين الطرفين لإجراء حوارات مباشرة يقدر عددها حتى الآن بأربعة حوارات، تم عقدها في إحدى القواعد الأمريكية في محافظة الحسكة، وجاءت عملية التفاوض المباشرة بعد عدة خطواتٍ تم أخذها بالأخص من قبل "الإدارة الذاتية "، وكان منها بيانٌ صدر عن " قسد" حول مصير شخصياتٍ من المجلس الوطني الكُردي تم خطفها وغيبت حيث قامت " قوات سوريا الديمقراطية" بنشر بيانٍ يتطرق لمصير عشرة أسماء قدّمها المجلس الكُردي، وفي حين أن البيان اتسم بتشتيت المسؤولية حول مصير المختطفين والمغيبين، إلا أن البعض اعتبره بادرةً يمكن البناء عليها. بالإضافة إلى إعادة أملاك بعضٍ من قادة المجلس الوطني الكُردي لأصحابها، والسماح لأحزاب المجلس الوطني الكُردي بالعودة لممارسة العمل السياسي "دون قيود".

في هذا الصدد رحبت الإدارة الذاتية بمبادرة " قسد" حول المعتقلين والمختطفين لديها "مبادرة قائد قوات سوريا الديمقراطية([5])"، وأشارت في بيانها إلى أن " المعتقلات التابعة للإدارة الذاتية مفتوحة أمام كل من يتابع هذا الملف، وأكدت استعدادها للتعاون مع القائمين على هذه المبادرة للكشف عن مصير المفقودين في مناطقها"، وتوازياً مع تقدّم المفاوضات قامت الإدارة الذاتية برفع حظر كانت فرضته سابقاً على ممتلكات تعود إلى أعضاء قياديين في المجلس الوطني الكُردي([6])، كما تحاول مجموعات غير حزبية أيضاً الدفع باتجاه الوصول لاتفاق سياسي كالاجتماع الذي عقدته مجموعة من المثقفين الأكراد، من أبناء مدينة عين العرب/ كوباني، "بمظلوم عبدي"، الذي خرج بعد الاجتماع بتصريحٍ أشار فيه إلى سير عملية التفاوض بشكل جيد، مع وجود دعم من "الأطراف الكردية والشعب، والقوى الكردستانية".

وتزداد الحركية السياسية في شرق الفرات مع وجود دفع وتنظيم أمريكي لعملية التفاوض والتي زادت درجة انخراطها مؤخراً مع لقاء المبعوث الأمريكي إلى شمال وشرق سورية، وليام روباك، ومساعدته إيميلي برانديت، مع وفد من التحالف الوطني الكردي في سورية لمناقشة خطوات وحدة الصف الكردي، وأشار روباك خلال الاجتماع إلى أن "المفاوضات تسير بشكل جيد باتجاه التفاهم([7])"، وفي اليوم نفسه التقى "روباك" مع وفدٍ آخر من عدة أحزابٍ سياسية، لتستمر لقاءات الوفد الأمريكي مع مجموعاتٍ من الأحزاب في المنطقة، وكان آخرها بتاريخ 30/04/2020، مع 14 حزبٍ من الأحزاب المنضوية ضمن الإدارة الذاتية([8]).

 ومع انتشار الأجواء الإيجابية تستمر الأطراف المنخرطة بالمفاوضات بإطلاق تصريحاتٍ تفاؤلية حولها، لكن مع الإشارة إلى أنها لا تزال في بداياتها، بالأخص من جهة المجلس الوطني الكُردي الذي نفت شخصيات قيادية منه أن تكون الحوارات قد تطرقت حتى الأن إلى توزيع الحصص و المناصب، بل إنها خطوات عملية و نقاشية([9])، وأنهم للآن بصدد مناقشة الرؤية السياسية المشتركة على امل تقدم الحوارات باستمرار، مؤكدين على أنها حوارات تهدف بالدرجة الأساس إلى "وحدة الصف و الموقف الكردي و تحقيق الشراكة الحقيقية في الموقف السياسي و العمل الإداري و العسكري".

طموحات إعادة التشكيل: التعثر سمة مستمرة

في ظل هذا الحراك الجديد في المنطقة ومع ظهور نوايا من الطرفين للوصول إلى صيغة توافقية إلا أن هناك جملة من الإشكالات العالقة التي ستكون على طاولة النقاشات في حال استمرار الحوارات ومنها: ([10])

  • الشكل المستقبلي للقوات العسكرية في المنطقة: فسابقاً كانت "وحدات حماية الشعب"، التي يعد مصيرها أحد أهم بنود الخلاف، و يظهر اليوم بإن " قسد "، ومن خلفها واشنطن يغلقان الأبواب أمام نقاش مصير القوات العسكرية في المنطقة، عبر لعبهم دور المُيسّر للحوار وأحد الضامنين له. وحديثاً يتم التركيز أكثر على هذه النقطة، " فقسد" تبتعد عن تموضعها العسكري لتصبح مديراً للحوارات وميسراً لها، ويبدوا أن المجلس الوطني الكُردي قد قبل بهذا الدور الذي تلعبه "قيادة قسد" مع استمراره في الحوارات، وضمن هذا المشهد يغيب دور " مجلس سوريا الديمقراطي مسد"، والأحزاب المتبقية ضمن الإدارة الذاتية مع وجود تركيز أمريكي على دور حزب الاتحاد الديمقراطي، وقوات سوريا الديمقراطية.
  • الخلافات التنظيمية داخل "المجلس الوطني الكُردي": والتي كانت معوّقاً هاماً في السير ببنود الاتفاقات وتطبيقها، "فالمجلس" كان مُشكّلاً من عدد كبير من الأحزاب، والعديد منها لا تمتلك الكوادر الضرورية لتغطية هيكلية التنظيم في بضعة مدن، وأحياناً في مدينة واحدة. وأثَّرّت العصبية الحزبية والمُزاحمة الشخصية على الحصص على هذه الهياكل الحزبية أيضاً ، ومنذ عام 2015 إلى الآن، زادت انشقاقات بعض أحزاب المجلس أكثر بالإضافة إلى حركاته الشبابية والتي إنتهى دورها وتمثيلها تقريباً ضمن المجلس حيث تستمر هذه النقطة بالبروز رغم أنها ضعفت مع زيادة الدور الأمريكي في دفع عملية الحوار.
  • الاستمرار بتثبيت مشروع PYD: حيث قابل حزب الاتحاد الديمقراطي الواقع الهش لأحزاب "المجلس" بحركية متقدمة في تحشيد الأنصار، كما قام بحرق الخطوات اتجاه تثبيت مشروعه بشكلٍ أحادي، بالتحالف مع أحزاب أخرى تفتقر للقاعدة الشعبية، وبقيت هذه النقطة أيضاً ضمن أحد إشكاليات عملية الحوار بين الطرفين، وبهذا الخصوص تم ملاحظة ظهور جملة من الأحزاب في فترة ما بعد 2015 والتي أصبح لها دوراً في العملية وأصبحت طرفاً يتم محاورته من قبل الجانب الأمريكي.
  • تعود الإدارة الذاتية لطاولة الحوار مع المجلس الوطني الكُردي بعد حدثٍ مصيري يتمثل بعملية " نبع السلام" ومآلتاها، فالإدارة الذاتية خسرت بقعة استراتيجية من مساحتها الجغرافية وهي الممتدة من مدينة تل أبيض إلى مدينة رأس العين وصولاً إلى الطريق الدولي M4، كما خسرت الإدارة الذاتية نفوذها العسكري الأحادي على شرق الفرات بعد انتشار عناصر جيش النظام في محيط مدينة كوباني، وعلى الخط الفاصل مع فصائل المعارضة والجيش التركي على حدود مناطق " نبع السلام"، وهو كسر للاحتكار العسكري لم تشهده الإدارة الذاتية منذ 2015، وهو ما يشكل نقطة ضعفٍ مصيرية بالنسبة لها، إلا في حال تطورت الخطوات الأمريكية للعودة لغرب مدينة القامشلي، وفي محيط وداخل مدن: الرقة، منبج، ومحور عين عيسى، وهو ما من شأنه أن يمنحها عودة لأفضلية عسكرية على حساب النظام، المفتقد للحاضنة الشعبية في معظم هذه المناطق.
  • عملية التفاوض والجهة المفاوضة: سيكون التفاوض مع النظام، أو الدخول إلى أحد أجسام المعارضة ككتلة جديدة أحد العوائق الهامة في أيّة عملية تفاوضية كُردية بينية، كون تفاوض "المجلس" مع "الإدارة الذاتية"، والوصول لاتفاق يعني بالمقابل إعادة التفكير في موقع "المجلس الكُردي" ضمن أُطر المعارضة، كما أنه يمكن تَوقُّع توجه الأحزاب الكُردية لمفاوضة النظام مباشرة بعد الاتفاق، للحصول على مكاسب سياسية وإدارية، وهو ما يمكن أن يصطدم بعملية التفاوض بين النظام والمعارضة ضمن الرعاية الروسية –التركية، وفي أفضل السيناريوهات يمكن توقع أن يتفق لاحقاً النظام والمعارضة على شكلٍ من أشكال "الحكم المحلي"، يوافق ما تم الاتفاق عليه بين النظام، والأطراف الكُردية. وفي حال التمعن بالحوارات الحديثة بين الجانبين، يمكن ملاحظة استمرار هذا العائق مع حدوث تطورات أخرى مثل توقف العملية التفاوضية بين النظام والمعارضة، والتي انهارت بعد عملية إدلب الأخيرة، كما إن روسيا تحاول التوغل في شرق الفرات عبر العشائر العربية على حساب الإدارة الذاتية وهو ما يمكن أن يشير لإمكانية استخدام روسيا لنفوذها في إفشال المشروع الحواري في حال لم يكن لصالحها، أو لم يحدث بينها وبين واشنطن توافق على مخرجات الحوارات.

"تستمر "الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية " بالتفاوض مع نظام دمشق بشكلٍ منفرد، وصدرت تصريحات من الشخصية القيادية في "مسد/ مجلس سوريا الديمقراطية"، "إلهام أحمد"، إن دمشق وافقت بوساطة روسية على البدء بمفاوضات سياسية، وإمكانية تشكيل "لجنة عليا" مهمتها مناقشة قانون الإدارة المحلية في سورية، والهيكلية الإدارية للإدارة الذاتية" لشمال شرقي سورية"، وهذا ما يضع عملية التفاوض مع المجلس الوطني الكُردي كتحصيل حاصل، ففي حال عدم، أو حتى اتفاق الطرفين الكرديين فإن "الإدارة الذاتية" تقوم لوحدها بعملية تفاوضية مستمرة مع النظام في دمشق" ويمكن القول بإن هذه الإشكالية توقفت في الوقت الحالي، كون إن عملية التفاوض بين النظام والإدارة الذاتية قد انهارت بعد رفض النظام قبول شروط الإدارة الذاتية والتي كان أهمها يتمحور حول منحها حكماً ذاتياً أو إدارة موسعة أكثر مما يمنحه القانون 107 وهو ما كان يقدمه النظام، والشرط الثاني كان يخص مصير قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب، حيث تطالب الإدارة الذاتية بالإبقاء على كتلتها العسكرية متماسكة مع جعل مهامها العسكرية محصورةً بشكلٍ رئيسي في مناطق سيطرتها، وهو ما يرفضه النظام عبر طرحه لدمجها مع "جيشه"، مع إمكانية منح سلطات أوسع لجهاز الأمن العام "الأسايش" في المنطقة. ويمكن ربط هذه النقاط بمصير المفاوضات بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، فإذا ما فشلت، فسيعود ملف الحوار مع النظام للتداول، لكن من واقعٍ أضعف بالنسبة للإدارة الذاتية في حال إذا ما استمرت سوية بقية الأحداث العسكرية والسياسية على ما هي عليه.

إلى أين تتجه المفاوضات والحوارات؟

بالإضافة لجملة الاستقراءات السابقة مع تحديثها، يبرز في العملية الحوارية الحالية جملة من الإشكاليات والمعوقات بالإضافة إلى جملة من العوامل الميسرة، ويمكن تبيانها بـ:

أولاً: الموقف التركي كعامل رئيسي في سيناريوهات المستقبل؛ تبقى المساحة الهامة ضمن خارطة المواقف الإقليمية من أيّة عملية تفاوضٍ كُرديةٍ بينية للموقف التركي ، فأنقرة التي ترى أن "الإدارة الذاتية" أحد المهددات التي تقف على رأس الهرم اتجاه أمنها القومي، لن تتقبل أيّة صيغة اتفاق ترى بأنها ستؤدي لتثبيت سيطرة "حزب الاتحاد الديمقراطي"، وتمكينه على نطاقٍ وطني، كما أن لها تأثيرٌ مباشر على دور الفصائل العسكرية، والجيش الوطني الحر، وهم كانوا رأس الحربة في ثلاثة عملياتٍ عسكرية اتجاه "الإدارة الذاتية"، لذا سيتوقف مصير أيّة عملية تفاوضية على مدى إمكانية إقناع واشنطن لتركيا بجدواها، خصوصاً في ظل انهيار، أو هشاشة اتفاقيات أنقرة-موسكو، ويستمر هذا العامل في لعب دورٍ حيوي في مصير عملية الحوارات بين الطرفين، ويمكن استقراء " قبول متردد" من تركيا لهذه الحوارات، بناءً على الزيارات التي أجراها وفد العلاقات الخارجية للمجلس الوطني الكُردي سواءً لأربيل أو لأنقرة وعودته منها والاستمرار بالعملية الحوارية، مع تقبل المجلس الوطني الكُردي لخطوات الإدارة الذاتية لبناء الثقة على إنها خطوات إيجابية ويمكن البناء عليها والاستمرار في الحوارات؛

ثانياً: "خفايا" التوسع الروسي في المنطقة؛ استطاعت موسكو عقب عملية " نبع السلام" الدخول لشرق الفرات لأول مرة منذ تدخلها في سورية نهاية العام 2015، وهذا الانتشار والتوسع الروسي في المنطقة جاء على حساب الولايات المتحدة، وتحول لأداة ضغط من قبل روسيا على الإدارة الذاتية، التي تلقت تهديداتٍ عديدة من موسكو عقب عملية " نبع السلام" مثل دعوة المسؤولين الروس للإدارة الذاتية للالتزام بمخرجات الاتفاق التركي الروسي([11])، كما تمت إعادة إتهام الإدارة الذاتية بأنها طرف يحاول الانفصال، ويُضاف لهذه الاستفادة الروسية من الواقع الجديد توجهها لتشكيل قوة عسكرية عشائرية تكون أداتها في زيادة الأرق للقوات الأمريكية؛

ثالثاً: "غايات" العامل الأمريكي؛ يعتبر التدخل الأمريكي المباشر في عملية الحوار أهم متغير طارئ على تاريخ حوارات المجلس الوطني الكُردي مع حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، ولا يمكن تخمين ما إذا كانت هذه الاندفاعات الأمريكية لإيجاد صيغة توافق بين الطرفين هي محاولة أخيرة قبل إجراء حركة انسحاب جديدة من المنطقة، خصوصاً مع توجه واشنطن لبناء " قوة عسكرية جديدة في منطقة دير الزور"، وفي حال غياب رغبة أمريكية بالانسحاب من المنطقة، فسيكون عامل التيسير الأمريكي للحوارات عاملاً فاعلاً في الوصول والحفاظ على أي اتفاق؛ مع العلم أن ملامح تبني واشنطن لمقاربة إعادة التشكل هي سياسة أمريكية واضحة في الفترة الماضية؛

رابعاً: إشكالية دور الشركاء الآخرين: مع زيادة دور " قسد " كمُيسر ودافع للحوارات بين الطرفين الكُرديين، للآن لا يزال دور الأطراف العسكرية من المكونات الأخرى ضمن " قسد" غائباً، كالفصائل المسيحية العربية ضمنها، كما يُلحظ تراجع وغياب لدور الأحزاب السياسية من المكونات الأخرى ضمن "مجلس سوريا الديمقراطية". وسيفقد هذا المسار في حال إطالته الصورة التي حاولت قسد ووحدات حماية الشعب بنائها خلال 5 سنوات من تشكيلها، والتي تمحورت حول كونها قوات تمثل كافة مكونات المنطقة وللابتعاد عن الصورة النمطية عن وحدات حماية الشعب وموضوع "تمثيلها لمشروع كُردي ". وفي هذا السياق، يشكل التمثيل العربي العددي ضمن " قسد " ما يقارب 50% أو أكثر، وبنسبة مقاربة ضمن القوات الأمنية " الأسايش"، وخلال معظم المفاوضات الكردية البينية يغيب بحث دور هذه المكونات وتحويلها لتمثيل نوعي وليس صوري.

خاتمة

يشير سير الأحداث في شمال شرق سورية إلى فاعلية مسارين أحدهما تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، ويتمثل بالوصول لصيغة توافقٍ كردية، تؤدي لتغيير وتعديل الطرف المسيطر على الواجهة السياسية للإدارة الذاتية، مع خطواتٍ تحاول الولايات المتحدة عبرها أعادة التموضع والانتشار والنفوذ مع التحالف الدولي في مناطق شرق الفرت التي انسحبت منها سابقاً، أما المسار الثاني فتقوده روسيا وينشط باتجاهين الأول منع عودة الولايات المتحدة إلى النقاط التي انسحبت منها نهاية العام الماضي بالإضافة إلى محاولة تشكيل طرف عسكري يرتبط بها بشكلٍ مباشر ويشكل ضغطاً على واشنطن في المناطق التي أبقت على قواتها فيها.

على صعيد ملف الحوارات الكُردية البينية، لاتزال معظم العقبات السابقة للوصول لصيغة توافقٍ كُردية موجودة، مع بعض الاختلافات في طبيعة البعض منها، مثل انخراط قوات سوريا الديمقراطية والتي تحسب على حزب الاتحاد الديمقراطي ومنظوماته، ضمن عملية التفاوض والحوار بين المجلس الوطني الكُردي وحزب الاتحاد، كما تظهر إشكاليات جديدة تتعلق بشكلٍ خاص بمستقبل المكون العربي ضمن " قسد" و " مسد "، ضمن العملية التفاوضية الكُردية، ويعد الفارق الأبرز في هذه المفاوضات هو الفاعل الأمريكي المنخرط فيها بشكلٍ مباشر منذ بدايتها في محاولة منه للبحث عن صيغة توافق محلية ترضي الأطراف الإقليمية، وتحقق في النهاية توافقاً سياسياً محلياً ولربما خارجياً في مرحلةٍ ما لاحقاً ضمن الوفود المفاوضة في جنيف.


([1]) أمريكا تراقب.. مساران تعمل عليهما روسيا في ريف الحسكة: عنب بلدي، التاريخ: 23/04/2020، الرابط: https://bit.ly/3dDWKV4

([2]) مصدر سابق.

([3]) ماذا وراء التوترات بين “الإدارة الذاتية” والنظام في القامشلي: عنب بلدي، التاريخ: 26/04/2020، الرابط: https://bit.ly/35v1nOB

([4]) فصيل عربي جديد بقيادة القوات الأمريكية شمال شرقي سوريا، وكالة ستيب، التاريخ: 22/ 04/2020، الرابط: https://bit.ly/3djxzav

([5]) الإدارة الذاتية ترحب بمبادرة مسد حول المعتقلين والمختطفين، آرتا أف إم، التاريخ: 06/04/2020، الرابط: https://bit.ly/3b6hHq6

([6]) واشنطن تبشّر بمصالحة سياسية «كردية» في سوريا، الآخبار، التاريخ: 27/04/2020، الرابط: https://bit.ly/3c2Z0ox

([7]) بعد اجتماعه مع 8 أحزاب لبحث التقارب الكوردي.. المبعوث الأميركي بسوريا: المفاوضات تسير بخطوات جيدة،: موقع روداو، التاريخ: 27/04/2020، الرابط: https://bit.ly/2KY9vh5، وتكون وفد الأحزاب التي تواجدت في الإجتماع هي: صالح كدو سكرتير حزب اليسار الديمقراطي الكوردي في سوريا، محي الدين شيخ آلي سكرتير حزب الوحدة الديمقراطي الكوردي في سوريا، نصر الدين إبراهيم سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا (البارتي)، فوزي شنكالي سكرتيرحزب الوفاق الديمقراطي الكوردي في سوريا، أمجد عثمان عضو الهيئة التنفيذية لحركة الإصلاح. والوفد الثاني ضم كل من: أحمد سليمان، عضو المكتب السياسي للحزب التقدمي، ومحمد موسى، سكرتير حزب اليسار، وجمال شيخ باقي، سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردي السوري

([8]) وفد أميركي يبحث مع مسؤولي الأحزاب الكوردية السورية توحيد الصف، روداو، التاريخ: 29/04/2020، الرابط: https://bit.ly/3c4EUu7

([9]) بشار أمين يكشف تفاصيل النقاشات مع PYD برعاية أمريكية، صفحة مجلس محلية الشهيد نصر الدين برهك، التاريخ: 28/04، 2020، الرابط: https://bit.ly/2KXRsYe

([10]) للمزيد حول انظر:

  • بدر ملا رشيد: " المظلة الكردية المفقودة في سورية.. بين التناحر على السلطة والاتفاقيات الهشة" مركز عمران للدراسات الاستراتيجيةتاريخ 20/03/2019، الرابط: https://bit.ly/2HBEQEJ
  • بدر ملا رشيد:" تطورات العلاقة بين الإدارة الذاتية والنظام وروسيا خلال عامي 2016 – 2017"، ورقة بحثية صادرة عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية،22/1/2018، الرابط: https://2u.pw/l0pVq
  • بدر ملا رشيد: "رسائلٌ إيجابية" بين الأطراف الكُردية.. تمنياتٌ مثقلة بالتحديات التاريخ: 20/03/2020، الرابط: https://bit.ly/35ukl7S

 

([11]) روسيا تهدد بالانسحاب من الاتفاق مع تركيا إذا لم تنسحب قسد من شمال سوريا، المصدر: وكالة قاسيون، التاريخ: 23/10/2019، الرابط: https://bit.ly/2WstKJi

التصنيف أوراق بحثية

قدَّم الباحث بدر ملا رشيد من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تصريحاً لعنب بلدي بتاريخ 11 أغسطس2019، حيث ربط الباحث بين الوجود الأمريكي ومصير المنطقة، واعتبر أنه في حال انسحاب القوات الأمريكية ستنحسر سيطرة “الوحدات” وسيعود النظام السوري للسيطرة على بعض المناطق في دير الزور والرقة وجزء من الطبقة.

وأضاف ملا رشيد، في حديثه إلى عنب بلدي، أن ذلك قد يؤدي إلى ظهور تنظيمات كتنظيم “الدولة الإسلامية” أو تنظيم أكثر تطرفًا، إضافة إلى عودة ظهور الفصائل المقاتلة التي قد تكون تابعة للمجالس العسكرية في الرقة أو دير الزور.

أما في حال تفعيل الاتفاق التركي- الأمريكي، فالمنطقة أمام عدة سيناريوهات، بحسب ملا رشيد، أهمها إنهاء وجود “الوحدات”، وليس بالضرورة إنهاء “قسد”، عبر تشكيل مجالس عسكرية محلية في المدن يمكن التعاون معها مستقبلًا كجزء من المنظومة الخارجة عن سيطرة النظام وروسيا.

وكانت “قسد” بدأت منذ بداية العام الحالي تشكيل مجالس عسكرية في كل من تل أبيض وكوباني والطبقة والرقة، ويتألف كل مجلس من قيادات محلية وقادة للألوية وقادة للأفواج إلى جانب مسؤولي المكاتب العسكرية بالمنطقة، ومن بين أهداف هذه المجالس توحيد جميع القوات العسكرية والأمنية تحت مظلتها.

 

المصدر عنب بلدي: http://bit.ly/2HfkJw8

في حديثه لعنب بلدي، قال الباحث في “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، بدر ملا رشيد، إن فرض قانون الدفاع الذاتي في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” يعود إلى منتصف العام 2014، ومنذ ذلك الحين قامت “الإدارة الذاتية” بإتمام ما يقارب 40 دورة من دورات التدريب العسكري للمجندين الإلزاميين في محافظة الحسكة، واختلفت في نسبها في عفرين وعين العرب (كوباني).

وأضاف أن القانون الأخير لا يُعتبر قانونًا جديدًا، بل تم إحداث تعديلات على القانون القديم، كان أهمها ما تم تحديثه فيما يخص التفرقة بين المواليد وفق المناطق، فبقيت المواليد المطلوبة على حالها في المدن الكُردية والشمالية، وهي مواليد 1986، بينما تم تحديدها في مناطق دير الزور والرقة بمواليد 1990 وما يتبعه.

وأشار ملا رشيد إلى أن التعديلات أدت إلى حدوث اعتراض كبير من قبل الفئة الشبابية في المدن الشمالية رفضًا للتمييز الحاصل، وانتشرت هاشتاغات متعددة تطالب بإلغاء هذا البند وتوحيد المواليد منها “نعم لتوحيد مواليد الدفاع الذاتي،  لا للتفرقة،  لا للتمييز ، لا للمناطقية،  نعم للعدل، نعم للمساواة، الإدارة الذاتية للجميع”.
 
وبحسب ما صرح به الباحث، فإنه ووفقًا للأعمار المحددة فإن “قسد” تحاول التخفيف من الاحتقان الحاصل في المناطق العربية، نتيجة سحب الشباب للدفاع الذاتي، كما يمكن اعتباره عاملًا لإمكانية فتح الباب مستقبلًا لعودة النازحين من هذه المناطق، سواءً إلى داخل سورية أو إلى الدول المجاورة.

للمزيد انقر رابط المصدر: http://bit.ly/2LJlFw3

في حديثه للجزيرة نت، بتاريخ 12 شباط/ فبراير 2019، قال الباحث بدر ملا رشيد -المختص بالشؤون الكردية-من مركز عمران، إن تركيا تحاول عبر إعلامها الرسمي تجنب ذكر " قوات سوريا الديمقراطية" بهدف عدم تشتيت التركيز الإعلامي المُسلط على "وحدات حماية الشعب" التي تعد المكون الأساسي لتلك القوات، وبهدف إبقاء الباب موارباً للحل مع الولايات المتحدة حول إدارة المنطقة عسكرياً في البند الخاص بالقوات المحلية.

وأضاف للجزيرة نت، أن التفاهم الأميركي مع وحدات حماية الشعب تم تبنيه عقب معركة عين العرب (كوباني) نهاية عام 2014، وحتى الآن فإن معظم العمليات العسكرية تحدث بتخطيط أميركي.

ولفت ملا رشيد إلى وجود تفاهمات بين تركيا وأميركا لمكافحة تنظيم الدولة كونه يشكل تهديداً للأمن العالمي، "لذا شاهدنا في العديد من المناسبات تدخل الولايات المتحدة والتحالف الدولي لتخفيف التوتر على الحدود السورية التركية".

ويرى الباحث أن "قوات سوريا الديمقراطية" ستستمر في عملياتها ضد تنظيم الدولة كي تمارس عبره جانباً آخر من الضغوط على واشنطن والمجتمع الدولي، تستفيد منه لاحقاً في مواجهة تركيا شرق الفرات.

وأوضح أن استمرار "قوات سوريا الديمقراطية" في العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة يُكسبها مزيداً من أوراق القوة للتفاوض مع النظام السوري، كون إنهاء تنظيم الدولة بالمنطقة يعني تثبيت سلطتها إلى حين قيام تركيا بعملية عسكرية، ومن الجدير ذكره أن "قوات سوريا الديمقراطية" تمثل القوة الثانية بعد النظام السوري من خلال سيطرتها على مساحة تتجاوز 28% من إجمالي الأراضي السورية. وتتمركز بالشمال الشرقي المجاور لتركيا.

 

رابط المصدر: http://bit.ly/2SW2ovj

 

الثلاثاء, 15 تشرين2/نوفمبر 2016 14:45

الواقع التعليمي في مناطق "الإدارة الذاتية"

يرتبط مستوى الأداء التعليمي ونوعيته في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية" بمستويات ونتائج الصراع المتعددة، وبأجندات تخدم المشروع السياسي وأيديولوجياته، ويعتري هذه العملية إشكالات تقنية وفنية عدة، ويلحظ فيها عدم وضوح الرؤية وآليات تنفيذ واضحة، وفي ظل استمرار تلك العوائق سيبقى "الأطفال والطلبة" هم الأكثر تضرراً.

مدخل

أفرزت سياسة العنف الممنهج الممارس من قبل النظام الحاكم في سورية مجموعة من الاختلالات والانتكاسات التي استهدفت بنية الدولة ووظائفها وجغرافيتها، لاسيما على صعيد الخدمات الإدارية والاجتماعية، إذ كانت المعادلة التي يتبناها النظام في تعامله مع الحراك الثوري مستندة على عدة عناصر تُمليها المؤسسة العسكرية والأمنية، غير آبهة بنتائج هذه المعادلة على ثنائية الوطن والمواطن. وتعطلت بموجب هذه السياسة العديد من وظائف الدولة وعلى رأسها وأشدها حساسية هي التربية والتعليم، تلك الوظيفة التي تماهَت مع الصراع في مناطق سيطرة النظام ولاتزال تتعثر في مناطق سيطرة المعارضة وخطفت كلياً وتأدلجت في مناطق نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية"، بينما باتت حالة خاصة في المناطق التي تُسيطر عليها "الإدارة الذاتية". تتجلى خصوصية وظائف الدولة بما فيها التربية والتعليم في مناطق الإدارة الذاتية كوننا أمام بنى ووظائف دولة مزدوجة تربط بينها علاقة تتراوح ما بين التنافس والاستحواذ المطلق، إذ ارتأت تلك الإدارة بأنه ليس من الضرورةً بأن تقطع التراتبية الإدارية مع حكومة النظام. في المقابل قامت بتشكيل مؤسسات موازية لتلك العائدة للدولة، بدءً من أصغر خدمات البلديات حتى تشكيل "حكومة كاملة الحقائب"، وعملت بذات السياق على إضعاف مؤسسات النظام، وهذا الأمر يشمل مؤسسات التربية والتعليم أيضاً. وتنمو هذه العلاقة الخاصة على حساب العملية بحد ذاتها لتغدو إشكالية تستوجب التفكيك ومعرفة مفاصلها الرئيسية.

سيعمل هذا التقرير على وصف وتحليل واقع التعليم في هذه المناطق وتحديد نوع وطبيعة هذه الإشكالات المتأتية من العلاقات الخاصة مع الفاعلين في تلك المناطق، وقياس مدى التوظيف السياسي لقطاع التعليم وأثره على أهداف العملية التعليمية من جهة ثانية.

المؤسسات التعليمية: أرقام وحقائق

تُعتبر محافظة الحسكة من المناطق التي تم إهمالها بشكل كامل في المجال التعليمي منذ عقود، فإذا نظرنا لمؤشر انتشار المؤسسات التعليمية لا سيما الجامعية في المحافظة فإننا نلحظ بداية دخول الحياة الجامعية للمحافظة متأخرة كثيراً في عام 2006 مع افتتاح فرعٍ لجامعة الفرات/ دير الزور. ولم يكن الافتتاح بخطوات يمكن وصفها بالجدية، فالجامعة عانت قبل الثورة من نقص الكادر التدريسي ومن استعمال مدارس بصفوفٍ ضيقة لأقسامٍ تحتاج إلى مدرجاتٍ ضخمة، وضعفٍ شديد فيما يخص تجهيزات الأفرع العلمية. وعقب الثورة ازدادت المشاكل والمصاعب التي تُواجه الطلبة في المحافظة نتيجة الفوضى الإدارية والتغيرات في الوضع العسكري في المدينة. وفي هذا الاتجاه وبالإضافة إلى الصعوبات الأمنية وتعدد القوى المتصارعة فإنه يمكن تلخيص المشاكل والصعوبات التي تواجه الطلاب والجامعة الحكومية في المحافظة والواقعة ضمن أماكن سيطرة الإدارة الذاتية بما يلي:

أولاً: تعثر العملية التعليمية جراء الصراع العسكري المتعدد الأطراف، كما حصل في كليتي الهندسة المدنية والاقتصاد نتيجة المواجهات التي حصلت بين النظام وبين عناصر كتيبة أحرار غويران في 08/09/2014([1])، وفي كليتي التربية والآداب في 25/06/2015 نتيجة سيطرة تنظيم "الدولة" على حي النشوة الشرقي في مدينة الحسكة([2])، كما توقف التعليم نتيجة الاشتباكات المتكررة بين عناصر وحدات الحماية الشعبية وجيش النظام([3]).

ثانياً: تغليب المصلحة الإدارية على العملية التعليمية فقد توقف التعليم وأحياناً الامتحانات نتيجة مناسبات خاصة بجهة سياسية، فمثلاً تم حرمان الطلبة من امتحاناتهم نتيجة الإحصاء السكاني من قبل الإدارة الذاتية([4]).

ثالثاً: صعوبات فنية وإدارية كتعثر المعاملات الإدارية، وعدم توفر الكادر التدريسي، وانعدام مدرسين من درجة الدكتوراه في أغلب أقسام الجامعة وقيام أساتذة التعليم الثانوي بتدريس طلبة الجامعة([5])، والعدد الهائل من المنظمات الطلابية الكردية والناتجة في أغلبها عن خلافات سياسية بين الطلاب([6])، وتسرب الطلبة الذكور نتيجة سحبهم للتجنيد الإجباري من قبل الإدارة الذاتية([7]).

رابعاً: تفشي التقصير والفساد كانتشار تجارة بيع المواد والأسئلة، وصعوبة الأسئلة وسلم التصحيح، وإتمام المقررات في مدة زمنية قصيرة، والتركيز على الجانب النظري دون التطرق للجانب العملي لبعض الفروع العلمية([8]).

وفيما يخص الجامعات التي أعلنتها الإدارة الذاتية وهي جامعتا عفرين وروچ آڨا فلا تزال تعاني علمياً من عدة إشكالات علمية وبنيوية أهمها:

  • عدم استحواذها على اعتراف مؤسسات الدولة السورية أو اعتراف هيئة الأمم المتحدة أو أي دولة إقليمية أو عالمية.
  • عدم مناقشة خطة افتتاح الجامعة مع الأكاديميين والمختصين بالرغم من تواجد ثلاثة عمداء كليات لدى الجامعات السورية ونواب عمداء ورؤساء أقسام.
  • قيام القائمين على افتتاح الجامعة بتهميش الكوادر الأكاديمية الموجودة في المحافظة.
  • افتقار الجامعة لمن يملأ منصب الرئاسة ويكون من حملة الدكتوراه بدرجة أستاذ مساعد على الأقل.
  • نقص الكادر التدريسي وغياب من يمكنه أن يحل محل وزير التربية والتعليم لتوقيع الشهادات.
  • افتقار كبير للمستلزمات التعليمية كعدم توفر قاعات تدريس في كلية الطب توافق متطلبات القسم، أو مخابر ومشرح ومشفى جامعي تابع لها. كما تفتقر الكليات الأخرى لقاعات ومدرجات من الممكن أن تستوعب الأعداد الضخمة من الطلاب، إضافة لانعدام وجود مكاتب للكتب تكون خاصة بكل كلية، ومكتبة مركزية للجامعة كلها([9]).

يوضح الجدول أدناه توزع الجامعات والكليات وتعداد الطلاب في مناطق أخضعتها الإدارة الذاتية لنفوذها([10]):

ويوضح الجدول أدناه أهم المؤسسات التعليمية وأعدادها وحجم الكادر التدريسي والطلاب ضمنها والتي تديرها الإدارة الذاتية في المناطق التي تسيطر عليها:([11])

محاولات الاستحواذ على العملية التعليمية

تتبع الإدارة الذاتية عدة أساليب في إدارة القطاع التربوي والتعليمي في مناطقها وذلك تبعاً لحجم سيطرتها التي تبدو مطلقة في عفرين وعين العرب/كوباني، بينما هي متفاوتة في محافظة الحسكة، وهو ما جعل عملية التحكم في مفاصل هذا القطاع وهوامشه متفاوتة أيضاً. ففي مدينة عفرين برزت سياسة الإدارة في هذا القطاع بشكل واضح، إذ ربطت كافة المؤسسات التعليمية -التي كانت تُدار من قبل مؤسسة اللغة الكردية واتحاد "معلمي غربي كردستان" من العام الدراس 2012-2013 حتى منتصف العام 2013- 2014  بالجهاز التنظيمي للإدارة الذاتية وأتبعتها لهيئة التربية والتعليم([14]).

استندت أركان العملية التعليمية على ثلاثة قواعد رئيسية، أولها المتطلبات الأيديولوجية، وثانيها اعتماد اللغة الكردية، والقاعدة الثالثة مرتبطة بضرورات التغيير وإعادة تأهيل البنى التعليمية، إذ أوصى المؤتمر الثاني لمؤسسة مؤسّسة اللّغة الكرديّة «SZK» الذي عقد في مدينة عفرين بتاريخ 18/ كانون على ضرورة " ترسيخ النظام التعليمي وفق مبادئ الأمة الديمقراطية استناداً إلى فلسفة قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان"، وضرورة تأهيل الكادر التدريسي لنفسه بجهود ذاتية، بالإضافة إلى وجوب خضوع جميع الأعضاء للتدريب الإيديولوجي، الثقافي والمسلكي، وضرورة عمل الهيئة على البدء بالتعليم بشكل رسمي باللغة الكردية خلال العام الدراسي 2015- 2016([15]). من جهة أخرى يتم توجيه الاتهام للإدارة الذاتية بأدلجة المواد التعليمية نتيجة فرضها مادة تسمى "الأمة الديمقراطية" والتي تنبع من فكر ونظرية عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكُردستاني المعتقل في تركيا([16]).

كما بدأت عملية اعتماد مناهج التعليم باللغة الكُردية في المناطق ذات الكثافة الكُردية والواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية في مدينة عفرين بتاريخ 17/11/2014، وقررت هيئة عفرين تغيير المناهج للعام الدراسي 2014-2015 وللصفوف الثلاثة الأولى باللغة الكُردية.

إلا أن العملية التعليمية في هذه المدينة لا تزال تواجه صعوبات جمة، فبالإضافة إلى عدم توافر الدعم اللوجستي والفني للعملية وعدم تزويد المدينة وريفها بالكتب المدرسية لما يقارب أربع سنوات، تبرز إشكاليتان تهدد هذه العملية برمتها، ترتبط الإشكالية الأولى بمسألة الاعتراف بمخرجات مؤسسات التعليم سواء كخطط العمل أو شهادات طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية، رغم تجاوز أعدادهم آنذاك 1500 طالب من حملة الشهادة الثانوية و2500 طالب في مرحلة التعليم الأساسي وبلغ عدد الطلاب في المعاهد التابعة للإدارة الذاتية 170 طالباً وطالبة، ناهيك عن أعداد النازحين من المناطق السورية والتي حسب إحصاءات غير رسمية قارب عددهم 500 ألف([17]). وتتعلق الإشكالية الثانية بعدم القدرة على تأهيل الموارد البشرية المختصة التي ستتولى تنفيذ الخطط التعليمية، وهذا ما ناقشه ذات المؤتمر وكان أحد أهم أسباب انعقاده، إذ أن أغلب المدرسين غير حاصلين على شهادات جامعية "ناهيك عن امتناع المدرّسين الاختصاصيين عن التعاون مع مؤسسة اللغة"، وعلى الرغم من أن المؤسسة قد أهلت خلال عام واحد قرابة 1000 مدرس للتعليم باللغة الكُردية خلال عامٍ واحد، إلا أنها تتعرض للنقد الشديد فيما يخص سوية المدرسين لديها، حيث إن الكثير منهم هم من غير الحاصلين على شهادات معاهد أو جامعات([18]).

وفيما يتعلق بحدود العلاقة مع المؤسسات الرسمية التابعة للنظام فقد توجهت هيئة التعليم باللغة الكُردية نحو تحجيم وتقويض دور المجمع التربوي الحكومي بدءً من الشهر الثامن من ذات العام. وتم تعميم المناهج الكُردية على كافة الصفوف في المرحلة الابتدائية (من الصفّ الأول إلى السادس) مع إدخال مادتي اللغة العربية للصفّ الرابع والإنكليزية للصفّ الخامس. وفيما يخص المخاوف التي رافقت عملية قطع العلاقة بالمجمع التربوي وما يمكن أن تنتجه من تغييب لدور الآلاف من المدرسين المعينين من قبل الدولة في مدارس عفرين وريفها، صرحت رئيسة هيئة التربية والتعليم في مقاطعة عفرين بأن الباب مفتوحٌ أمامهم لينضموا للنظام التدريسي التابع للإدارة الذاتية. ويقدر عدد المدرسين من ملاك الدولة في المنطقة بحوالي 5000 معلم ومعلمة، وترى رئيسة الهيئة بأن "مقاطعة عفرين تحتاج إلى 1500 مدرّس فقط لتغطية كافة المدارس الموجودة في المدينة والريف من إداريين ومدرسين، إضافة لـ 300 مدرّس اختصاصي للمرحلة الثانوية"([19]).

أما في محافظة الحسكة فقد شهدت خلافات أشد من تلك الحاصلة في مدينة عفرين وكوباني/عين العرب نتيجة وجود الدوائر الحكومية ومزاولتها لواجباتها الإدارية خصوصاً في مجال التعليم، الأمر الذي أدى إلى حدوث صراع بين حكومة النظام من جهة وبين الإدارة الذاتية من جهة أخرى على الأحقية في إدارة المؤسسات التربوية. وفي هذا الصراع لاتزال المؤسسات التربوية التابعة للنظام تمتلك قوة "الشرعية" المؤسساتية في منح الشهادات والرواتب بشكل خاص. وفي المقابل تحاول الإدارة الذاتية إجبار هذه المؤسسات على الاعتراف بها كجهة شرعية لإدارة الملف التربوي عبر السيطرة على البُنية التحتية الرئيسية لقطاع التعليم "المدارس" وعلى المحرك البشري المتمثل بالطلاب والكادر التدريسي.

وضمن هذه السياقات قامت الإدارة الذاتية بتشكيل معاهد لتعليم اللغات: الكردية والسريانية والآشورية، وهي الجهة الوحيدة التي تستطيع إعداد المدرسين وتعيينهم لاحقاً، تحت إشراف هيئة التربية للإدارة الذاتية([20]). والجدير بالذكر أن التوجه نحو التعليم باللغات الأُم كان مطلباً للكُرد بشكل خاص إلى جانب كونه مطلباً للأرمن والآشوريين والسريان بدرجة أقل نتيجة تمتعهم ببعض الحرية في تعلم لغتهم في عهد " النظام". وفي هذا الاتجاه كان مجلس غرب كُردستان المعلن من قبل الإدارة الذاتية قد أعلن مشروع دستورٍ في تموز 2013 تضمن في مادته الخامسة "اللغة الكردية والعربية هما اللغتان الرسميتان لمناطق الادارة الذاتية مع ضمان التعليم لأبناء المكونات الأخرى للتعليم بلغتهم الأم ([21])"، ليدخل التدريس بمناهج وفق اللغات القومية في محافظة الحسكة حيز التنفيذ مع بداية العام الدراسي في 28/09/2015([22]).

والجدير بالذكر أن خطوة الإدارة الذاتية بالتعليم باللغة الكُردية لاقت اعتراضاً من قبل المجلس الوطني الكُردي وأنصاره، ونظم المجلس عدة مظاهراتٍ رافضة للمنهاج المفروض من قبل الإدارة الذاتية واستمر المجلس الوطني في المظاهرات الرافضة للمناهج مع كل خطوة كانت تخطوها الإدارة الذاتية في هذا الاتجاه كما حدث في مدينة ديريك. ورفع المجلس سقف خطر المناهج على الكُرد أنفسهم عبر الشعار "هذه المناهج هي الخطوة الثانية لإفراغ المناطق الكردية ممن تبقى فيها من مواطنين أكراد"([23]).

وخلال الفترة الممتدة بين 2015-2016 أعلنت الإدارة الذاتية أنها أتمّت تدريب ما يقارب 2600 مدرس ومُدرسة على أسس التدريس بمناهجها للصفوف الدراسية الثلاثة الأولى وطبعت أكثر من 40 ألف كتاب لتغطية احتياجات المدارس التي تم الإقرار بإعطاء الدروس فيها([24]). كما أعلنت الإدارة الذاتية في بداية العام الدراسي لعام 2016 استكمال استعداداتها لتطبيق مناهجها في كافة المدارس([25]). وفيما يخص الدورات التدريبية فتمتد الواحدة منها ثلاثة أشهر، وتتركز حول تقوية المنضمين إلها في مجال التعليم باللغة التي من المقرر أن يقوم/تقوم بتدريس الطلاب من مقررات هيئة التعليم في الإدارة الذاتية([26]).

محاولات توزيع ومحاصصة العملية التعليمية

شجعت الخلافات المستمرة بين مديرية التربية التابعة للنظام، وهيئة التربية التابعة الإدارة الذاتية نتيجة سعي الطرفين للسيطرة على كامل القطاع التعليمي في المحافظة، على تنامي مناخات الفوضى التي تهدد متطلبات الطلبة ومصيرهم([27])، وأمام هذا الواقع وردت تقارير عن اجتماع في مدينة الحسكة ضم ممثلين عن هيئات الطرفين في محاولة للوصول إلى صيغة تفاهم بشكل رئيسي حول المناهج التعليمية. ووفق بعض المنتسبين للكادر التدريسي في المحافظة توصل الطرفان لصيغة تفاهم، والتي تمحورت حول وضع خطة تعليمية للمرحلة الإعدادية، تتضمن القيام بتدريس خمس ساعات لغة كردية أسبوعياً للصف السابع والثامن، وثلاث ساعات لغة كردية للصف التاسع، على أن يتم اقتطاع هذه الساعات من نصاب اللغة العربية والاجتماعيات والمعلوماتية والعلوم والديانة، مقابل أن يتم السماح لها بالاستمرار في التعليم وفق منهاج الدولة.

أما بالنسبة لمرحلة التعليم الأساسي فقد تضاربت التصريحات حول عدم الوصول لأي اتفاق مع إصرار الإدارة الذاتية على أن يكون التعليم في كافة الصفوف باللغة الكردية في المناطق ذو الكثافة السكانية الكُردية ووفق منهاجها. وعرضت مديرية التربية من جهتها المناصفة([28])، في حين أكدت جهات إعلامية محلية على حدوث اتفاق تتخلى الدولة بموجبه عن شرطها بتعليم المنهاج التربوي الخاص بها في المرحلة الابتدائية وتسليمها بشكل كامل للإدارة الذاتية([29]). وظهرت الخلافات بشكل واضح مع قيام مديرية التربية في الحسكة بإعلان قرار يقضي بإغلاق كافة المدارس الابتدائية التي تعتمد منهاج الإدارة الذاتية([30]). ونفت مديرة التربية بالحسكة إلهام صورخان "ما تناقلته "التسريبات" الصادرة عن بعض وسائل التواصل الاجتماعي "بخصوص الاتفاق مع الإدارة الذاتية([31]). وأعلنت مديرية التربية في المحافظة عملها على إسقاط أكثر من 600 مدرسة من سجلاتها وهي المدارس الخاضعة تحت سيطرة الإدارة. وستؤدي خطوة كهذه إلى حرمان أكثر من 90 ألف طالب من شهادات مديرية التربية، ومن خدمات الدولة ومنظمة اليونسكو([32])، التي لم تعترف هي أيضاً بالنظام التدريسي المطبق من قبل الإدارة الذاتية، ويجدر بالذكر أن مديرية التربية التابعة لحكومة النظام اتجهت لإخضاع طلاب المرحلة الأساسية الأولى المنتقلين إلى المرحلة الثانية (الابتدائي إلى الإعدادي) لامتحان خاص تحت مسمى سبر المعلومات، حتى يتم قبولهم ضمن صفوف الطلبة في مدارسها([33]).

وقد تطورت التنافسية لدرجة الاشتباك العسكري فقد شهدت جامعة الفرات اشتباكات متفرقة بين الأطراف العسكرية الحاكمة للمدينة، أدت إلى سيطرة قوات الحماية الشعبية والأسايش على أبنية الجامعة مؤخراً، فقام النظام بالرد عبر إيقاف التدريس فيها، مشترطاً قيام الإدارة الذاتية بسحب عناصر الأسايش وتسليم الجامعة للحرس الجامعي الجامعة([34]). من جهتها نفذت الإدارة الذاتية هذا الشرط لتُعلن لاحقاً رئاسة الجامعة استئناف دوام الطلاب والعاملين فيها والاستعداد لتنفيذ امتحانات الدورة الإضافية لطلاب التعليم النظامي في 26/09([35]).

أما فيما يتعلق بالعلاقة مع المدارس المسيحية، فلم تكن المدارس العائدة للكنائس في المحافظة بعيدةً عن الصراع على مناهج التعليم وتبعيتها المؤسساتية، فالكنائس والتجمعات السياسية والمدنية المسيحية أطلقت في أيلول 2015 بياناً تشير فيه إلى عدم ضرورة فرض هذه المناهج على مدارسهم، لأن المناهج وفقاً لرؤيتهم تعرقل سير العملية التربوية، وهي خطوة مرفوضة بناءً على الخصوصية الإدارية والتربوية في المحافظة([36]). واتجهت مدارس الكنيسة للإضراب لمدة أسبوعين وعلى إثرها تم التراجع من قبل الإدارة الذاتية عن الخطوة، وتم الاتفاق على ألا تستقبل هذه المدارس الطلبة الكُرد، على أن تستمر بتدريس المناهج الحكومية. ولا تتفق الأطراف المسيحية كلها على رفض سياسة الإدارة الذاتية حيث يرى سنحاريب برصوم نائب رئيس حزب الاتحاد السرياني المنضم لصفوف الإدارة الذاتية، أن القرارات الصادرة من الإدارة كقوانين يجب أن تطبق على جميع المكونات دون استثناء، وأكد التزامهم بكافة القرارات([37]). وتتداول مصادر من المنطقة أنباء عن وجود اتفاق شفهي غير معلن بين المدارس المسيحية الخاصة وبين الإدارة تنص على عدم استقبال الطلاب الكرد كشرط للسماح لها باستمرار التدريس بمناهج وزارة التربية، ولا يشمل هذا المنع الطلاب العرب([38]). ويُقدر عدد الطلاب المنتسبين للمدارس العائدة للكنسية أو الخاصة العائدة للمسيحيين بحدود 5000 طالب في المحافظة، بينهم نسبة جيدة من العرب والكُرد. وكان مسموحاً للمدارس الكنسية من قبل النظام بـــ 4 حصص أسبوعية للغتين السريانية والأرمنية باعتبارها لغات طقس كنسي/ديني([39]).

وضمن هذا السياق تقوم "الإدارة الذاتية" وبناءً على "اعتبارها" كافة لغات مكونات المحافظة "لغاتٍ رسمية" بدورات تأهيلية لكوادر مسيحية ليتم تعيينها لاحقاً في كافة المدارس الواقعة تحت سيطرتها. ولتحقيق هذه الغاية طلبت "الإدارة الذاتية" نحو 50 معلم ومعلمة ليتم تدريبهم على تعليم اللغة السريانية ليتم توزيعهم على مدارس المحافظة للعام الدراسي 2016-2017، لمرحلة التعليم الأساسية الأولى. ويتم تحضير هذه الكوادر في معهد "أورهي" بمدينة القامشلي والذي تأسس في آذار 2016 ويختص بتعليم اللغة السريانية.

عموماً تدل العلاقة المضطربة بين الطرفين (النظام – "الإدارة الذاتية") على توافر عنصر التوظيف السياسي لكليهما، فالاستحواذ على أحد أهم وظائف الدولة ستبقى ملعباً للتجاذب والاشتباك طالما أن البوصلة المتحكمة في هذا السياق مرتبطة بمشروع سياسي لا يستقم دون تطبيق فكره وخططه على المجتمع. وفي ظل هذا تستمر الفجوة التعليمية بالتوسع وتنذر (كما هو الشأن في كافة الجغرافية السورية) بتعاظم مستطرد لانهيار وتآكل متنامي للعملية التربوية والتعليمية وهو ما سيعزز عوامل الأمية وانتشار الجهل.

مهددات مستمرة ومتنامية

تُواجه عملية تغيير المناهج في مناطق "الإدارة الذاتية" صعوبات متباينة تبعاً للمنطقة، ففي محافظة الحسكة (كانتون الجزيرة) يفرض التنوع الديمغرافي مناخات صد وجذب لهذه العملية، لاسيما في محافظة الحسكة، القامشلي القحطانية/تربي سبي، ورأس العين/سريه كانيه. وفي هذه المدن هناك أحياء يمكن وصفها "بالصافية" عرقياً أو دينياً، وبالمقابل هناك أحياء أخرى مشكلةٌ من خليط عرقي مختلف ومن أديان مختلفة كالحي الغربي في مدينة القامشلي، وحي المحطة في مدينة الحسكة على سبيل المثال.

أما فيما يخص مدينة عين العرب / كوباني، فتعاني من تدمر البنية التحتية لمديرية التربية نتيجة المعارك التي حدثت داخلها نهاية العام 2014 وبداية عام2015 بعد أن اقترب تنظيم "الدولة" من السيطرة عليها تماماً. وبالنسبة لمدينة عفرين فقد أدت المعارك المستمرة في ريف حلب الشمالي إلى انقطاع طرق المواصلات بينها وبين مدن عموم سورية وبشكل خاص مع مدينة حلب وجامعتها لعدة سنوات، وهذا ما أدى لتجمع أعداد هائلة من المنقطعين عن إكمال حياتهم الجامعية، وظهر في عموم هذه المناطق حالة الانقطاع والتهرب من المدارس نتيجة عدم وجود قوة ضابطة للعملية بشكل صارم. وعموماً يمكن تلخيص مهددات العملية التعليمية وفق التسلسل الآتي:

  1. مهددات ناجمة عن مفرزات الصراع: كانخفاض أعداد الطلاب نتيجة التحاق أو سوق الكثير منهم للجبهات. وانخفاض أعداد الطلبة نتيجة الهجرة المتزايدة، وتوجه الكثير من الطلبة للعمل لإعانة عوائلهم نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة.
  2. مهددات تتعلق بعدم اتساق الخطة التعليمية مع ثنائية الحاجات وبطبيعة المناهج المفروضة، إذ يعاني التلاميذ في الصف الأول الابتدائي من عدم توازن المنهاج وحجمه الكبير، إضافة إلى رغبة الكثير من الأهالي التركيز على اللغتين العربية والكُردية، ناهيك عن اقتصار عملية التدريب للكادر التدريسي على فترة 3 أشهر فقط، وافتقار العديد من أفراد الكادر التدريسي للمؤهلات العلمية.
  3. مهددات السعي لأدلجة المناهج وفق أيديولوجية سياسية، حيث يرد في مجمل كتب المرحلة الأساسية أكثر من 12 حالة ذات دلالة لفكر حزب العمال الكُردستاني.

أحدثت عملية تغيير المناهج من قبل “الإدارة الذاتية” شرخاً في البيت السياسي الكُردي في هذا الخصوص، فمع أن التعليم باللغة الأم هو مطلبٌ كرديٌ شعبي منذ أمد بعيد إلا أن الحالة السياسية الحاكمة للمناطق الكُردية أدت إلى رفض البعض وخصوصاً المجلس الوطني الكُردي الذي رفض العملية جملةً وتفصيلاً، وطرح حلولاً بشكل غير مباشر أو مباشر عبر المظاهرات كانت تتمحور بشكل رئيسي حول العودة للمناهج "الحكومية" بناءً على أنها المعترف بها رسمياً وبالتالي لن يتضرر الطلبة في مستقبلهم. من جهة أخرى يرى المجلس إمكانية لحل هذه المعضلة ضمن اتفاق بين الأطراف الكُردية نفسها من خلال اتفاقٍ شامل حول كافة الملفات السياسية، العسكرية والإدارية.

ولردم هذا الشرخ الحاصل في البيت السياسي الكُردي وتأمين مستقبل الأطفال اقترح الباحث "إبراهيم خليل" في بحثه "مناهج التعليم الكردية في الإدارة الذاتية" حلاً لهذا الإشكال بضرورة "عدم التضحية بهذه الخطوة لمجرد الاختلافات السياسية"، والبدء بالعمل على توفير الاعتراف القانوني للمؤسسة التعليمية"، و"قبول مبدأ الشراكة مع الحركة السياسية الكردية في جزئية تعديل المحتوى وتنقية المناهج من جميع الأخطاء والنقاط محل الاختلاف"([40])، إلا أن الإشكال لايزال قائماً وتتراكم فوقه مجموعة من الصعوبات والمهددات المتزايدة التي تجعل العملية التعليمية ومستقبلها في مواجهة خطر النسف والإلغاء.

خاتمة

 لا يمكن القول بأن العملية التعليمية في مناطق “الإدارة الذاتية” تسير باتساق وفق أهداف العمل التعليمي عموماً، وذلك عائد لأسباب موضوعية شأنها شأن باقي المدن والقرى السورية، ومرتبطة بمستويات ونتائج الصراع المتعددة من جهة، ولارتباط هذه العملية في هذه المناطق بأجندات سياسية تخدم المشروع السياسي وأيديولوجياته دون تدعيم العملية تقنياً وفنياً وبرؤية وآليات تنفيذ واضحة من جهة ثانية، ونظراً لخصوصية هذه المناطق الديمغرافية وصعوبة إدارة التنوع في ظل تعثر الاعتراف القانوني في هذه المؤسسة من جهة أخيرة. ناهيك عن الصعوبات الإدارية واللوجستية المرتبطة ببيئة الوظيفة التعليمية التي تشهد واقعاً أمنياً وإنسانياً مركباً.

إن التداخل الإداري والخدمي بين مؤسسات "الإدارة الذاتية" ومؤسسات تابعة للنظام أفرزت اضطراباً في بوصلة عمل البنى المعنية بالعملية التعليمية، انعكس بشكل مباشر على تدهور الواقع التعليمي في هذه المناطق. ومما ساهم في تسارع عملية التدهور هو رغبة "الإدارة الذاتية" لفرض سلطتها كأمر واقع بشكل ارتجالي غير مدروس على وظائف تهم المواطن بشكل مباشر خاصة مع عدم وجود خطة تربوية تعليمية تفصيلية واضحة مدعمة بكوادر مؤهلة لقيادة وتنفيذ هذه العملية، مقابل فقط امتلاكها لخطوط عامة مرتبطة بالمستند الأيديولوجي، وضرورات المنافسة والاستحواذ. وهو ما يعزز من عوامل اتساع الفجوة التعليمية وتفشي الأمية والجهل.


([1]) تأجيل امتحانات كليتي الهندسة المدنية والاقتصاد في الحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 08/09/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-2Sn

([2]) تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على كليتي التربية والآداب في مدينة الحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 25/06/2015، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-9qX

([3]) مجلس العشائر الكردية يتوسط لإعادة العمل بمؤسسات الدولة في الحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 09/09/2016، الرابط: https://goo.gl/Bj5QBR

([4]) الإدارة الذاتية تجري إحصاء سكاني في مدينة الحسكة وسط فرض "الآسايش" حظراً للتجوال، الموقع: روداو، التاريخ: 14/10/2016، الرابط: https://goo.gl/VAYdMi

([5]) المواصلات مشكلة تضاف إلى يوميات الطلاب الجامعيين في الحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 24/12/2014، الرابط: https://goo.gl/tIIvEF

([6]) ندوة حوارية مفتوحة حول مشاكل الطلبة الكرد، الموقع: آراينوز، التاريخ: 27/11/2014، الرابط: https://goo.gl/pnvjZ6

([7]) الطلاب الجامعيون في الحسكة بين واقع الملاحقات الأمنية والفساد الإداري التعليمي، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 10/22/2014، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-3Wf

([8]) اتهامات بالفساد، وأوضاع امتحانية صعبة يعاني منها طلاب جامعة الفرات بالحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 03/07/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-i4J

([9]) جامعة روج آفا.. هل تحقق المأمول ؟، الموقع: حزب الاتحاد، الرابط: https://goo.gl/3tQufc

([10]) الأرقام والمعلومات الواردة تم استخلاصها من المصادر التالية:

  • جامعة الفرات في الحسكة: الامتحانات ستبدأ في 22 الشهر الحالي، الموقع: تحت المجهر، التاريخ: 03/06/2014، الرابط: https://goo.gl/rOZ3tT
  • نحو 30 ألف طالب يبدؤون امتحانات الفصل الثاني في كليات الحسكة، الموقع: وكالة سانا، التاريخ: 18/06/2015، الرابط: https://goo.gl/WUz6Zr
  • الامتحانات في موعدها بـ 17 الجاري. والجامعة بصدد إصدار قرارات التخرج، الموقع: جريدة الوطن، التاريخ: 04/01/2016، الرابط: https://goo.gl/vab9Dp
  • 300 متقدم إلى اختبار المقدرة اللغوية للقيد في درجة الماجستير بجامعة الفرات في الحسكة، الموقع: سانا، التاريخ: 20/09/2015، الرابط: https://goo.gl/1G1R4S
  • نداء استغاثة من طلاب جامعة المأمون: أنقذونا من مخالب وأنياب، الموقع: مشتى الحلو، التاريخ: 09/09/2007، الرابط: https://goo.gl/Ha97q6
  • جامعة روج آفا هل تحقق المأمول ؟، الموقع: حزب الاتحاد، الرابط: https://goo.gl/3tQufc

([11]) انظر المراجع التالية:

  • التعليم في روج آفا يدخل مرحلته الثورية الثالثة، الموقع: وكالة آن ف ا، التاريخ: 08/07/2016، الرابط: https://goo.gl/6xUCdV
  • 4 ملايين طالب وتلميذ في 15 ألف مدرسة، الموقع: أيام سورية، التاريخ: 17/09/2016، الرابط: https://goo.gl/SZqsWx
  • التحضيرات لبدء العام الدراسي في مقاطعة كوباني، الموقع: مقاطعة كوباني، التاريخ: 17/09/2016، الرابط: https://goo.gl/v0kqDF
  • عداد 250 مدرساً في صرين لتدريس المنهاج الجديد، الموقع: وكالة آنها، التاريخ:17/09/2016، الرابط: https://goo.gl/UgcAyd

([12]) المجلس المدني في منبج يعيد افتتاح مدارس المدينة وريفها، الموقع، آرانيوز، التاريخ: 10/10/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-kPi

([13]) أطفال سوريون يتذوقون متعة العودة الى المدارس في منبج، الموقع: وكالة هوار، التاريخ: 29/09/2016، الرابط: https://goo.gl/UjsrGG

([14]) الإدارة المحلية في مناطق كُرد سورية "عفرين نموذجاً"، الموقع: مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، التاريخ: 03/07/2015، الرابط: https://goo.gl/KzcDgV

([15]) كونفرانس الثاني لمؤسسة اللغة الكردية: تحديد نظام التعليم في مقاطعة عفرين، الموقع: مقاطعة عفرين، التا ريخ: 18/01/2015، الرابط: https://goo.gl/m5pfQF

([16]) أكراد سوريا يغامرون بافتتاح جامعة عفرين ويتأمّلون باعتراف دوليّ مستقبلاً، الموقع: المونيتور، التاريخ: 18/05/2016، الرابط: https://goo.gl/vGWTMp

([17]) الإدارة الذاتية في عفرين تقرر تدريس المناهج بالكردية حتى الصف الثالث الابتدائي، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 17/11/2014، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-44g

([18]) مؤسّسة اللّغة الكرديّة «SZK» تعقد مؤتمرها الثّاني في عفرين، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 18/01/2015، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-57o

([19]) تغيّرات جوهرية في النظام التربوي بمقاطعة عفرين والمدرّسون يتساءلون عن مصيرهم؟، الموقع: حزب الإتحاد، الرابط: https://goo.gl/y72VLX

([20]) مناهج التعليم الكردية في الإدارة الذاتية، الموقع: مدارات كُرد، المؤلف: إبراهيم خليل، التاريخ: 08/12/2015، الرابط: https://goo.gl/IoitWm

تم تأليف كتب الصفوف الثلاث الأولى من مرحلة التعليم الأساسي على يد أحد عشر أستاذاً من كرد تركيا كمؤلفين أساسيين، ويشتمل المنهاج الجديد على الكتب الرئيسية الثلاث (القراءة والرياضيات والعلوم) باللغة الكردية (اللهجة الكرمانجية)، وكتب بالأحرف اللاتينية على الغلاف الداخلي من جميع الكتب عبارة ترجمتها "تم إعداد هذا للكتاب من قبل لجنة الكتاب في غرب كردستان بالاستفادة من كتب ” مخمور" ومخمور هي مدينة صغيرة ضمن إقليم كردستان العراق.

([21]) مسودة دستور الحكومة المؤقتة لغربي كوردستان، الموقع: بيو كي ميديا، التاريخ: 20/07/2013، الرابط: https://goo.gl/LqnY9I

([22]) افتتاح المدارس في مدينة قامشلو مع المنهاج الكردي الجديد، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 28/09/2015، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-bvA

([23])المسيحيون يحذرون من «تغير ديموغرافي وفتنة طائفية، الموقع: القدس العربي، التاريخ:28/09/2016، الرابط: https://goo.gl/gX9XuR

([24]) الأسايش تفض مظاهرة منددة بالمناهج الدراسية الجديدة، الموقع: أخبار سورية، التاريخ:09/11/2015، الموقع: https://goo.gl/kZkCGI

([25]) الإدارة الكردية تنتهي من إعداد مناهج "الأمة الديمقراطية"، الموقع: عربي21، التاريخ: 11/07/2016، الرابط: https://goo.gl/OfG1q9

([26]) إدراج المناهج الجديدة في الصفوف الست الأولى في الجزيرة، الموقع: ولات اف إم، التاريخ: 23/09/2016، الرابط: https://goo.gl/y9lB0I

([27]) مديرية التربية تنقل امتحانات الشهادة الثانوية إلى مدينة الحسكة، الموقع: يكيتي ميديا، التاريخ: 22/05/2016، الرابط: https://goo.gl/eT2yvl  

([28]) بدأ العام الدراسي في شمال سوريا بتفاهمات بين الإدارة الذاتية والدولة ومنهاج كردي متطور في المدراس، الموقع: صدى الواقع السوري، التاريخ: 28/09/2016، الرابط: https://goo.gl/bS8fy2

([29]) النظام والديمقراطي يتسببان في حرمان أطفال الحسكة من التعليم، الموقع: أنا برس، التاريخ: 01/10/2016، الرابط: https://goo.gl/TUfbDg

([30]) المناهج الكردية الجديدة تتسبب باغلاق المدارس في الحسكة، الموقع: مدار اليوم، التاريخ: 23/09/2015، الرابط: https://goo.gl/GOGAeJ

([31]) مديرة التربية: الاتفاق مع الإدارة الذاتية الكردية بشأن التعليم في الحسكة ليس صحيحاً، الموقع: سورية تجمعنا، التاريخ: 18/08/2016، الرابط: https://goo.gl/chrych

([32]) مصير أسود ينتظر الطلاب السوريين في مناطق الميليشيات الكردية، الموقع: بلدي: التاريخ: 16/09/2016، الرابط: https://goo.gl/ZSzrzC

([33]) قررت مديرية التربية السورية إجراء امتحانات استثنائية (سبر معلومات)، الموقع: صفحة الدكتور فريد سعدون، التاريخ: 09/10/2016، الرابط: https://goo.gl/IggNV6

([34]) النظام يوقف التعليم في فروع جامعة الفرات بالحسكة بعد سيطرة الوحدات الكردية عليها، الموقع: يوتيوب، التاريخ: 23/09/2016، الرابط: https://goo.gl/805QXw

([35]) رئاسة جامعة الفرات في الحسكة تعلن استئناف الدوام تمهيداً للامتحانات التكميليلة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 26/09/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-ksU

([36]) المسيحيون يحذرون من «تغير ديموغرافي وفتنة طائفية، الموقع: القدس العربي، التاريخ:28/09/2016، الرابط: https://goo.gl/gX9XuR

([37]) قوانين الادارة الذاتية تقسم المسيحيين ما بين مؤيد ورافض، الموقع: قناة عشتار، التاريخ: 04/10/2016، الرابط: https://goo.gl/8hC3JA

([38]) اللغة السريانية تقتحم مناهج التعليم بالحسكة وطرد وفد النظام من "الشدادي"، الموقع: زمان الوصل: التاريخ: 28/09/2016، الرابط: https://goo.gl/cLMjWZ

([39]) المدارس السريانية والأرمنية بين “المطرقة “الكردية و “السندان” العربي، الموقع: مفكر حر، التاريخ: 11/09/2016، الرابط: https://goo.gl/nHGVkt

([40]) مناهج التعليم الكردية في الإدارة الذاتية، الموقع: مدارات كُرد، المؤلف: إبراهيم خليل، التاريخ: 08/12/2015، الرابط: https://goo.gl/IoitWm

التصنيف أوراق بحثية