مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Displaying items by tag: معركة الموصل

تتشابك الغايات الدولية والإقليمية والمحلية في معركة تحرير الموصل، وتظهر مدى اختراقات طهران وعبثها في أمن المجتمع العراقي عبر توظيفها المستمر لورقة الإرهاب، وتنبئ بمآلات تزيد من سيولة المشهد الإقليمي طالما أن ذات الآليات يعاد استخدمها في حرب الإرهاب دون رؤية سياسية متكاملة تعالج جذر الصراع لا نتيجته فحسب.  

كما كانت سيطرة تنظيم الدولة على مدينة الموصل([1]) في 10/6/2014 حدثاً مؤسساً لمتغيرات متسارعة غيرت الكثير من مستويات الصراع القائمة، ها هي معركة تحرير الموصل تُنبئ بمسارات وسيناريوهات مفتوحة لاسيما وأن جغرافية هذه المدينة وما تكتنفه من تعقيد في التركيب الإثني والطائفي، يجعل من معركتها رقماً صعباً في معادلة العراق الجديد وعاملاً حاسماً في تحديد مصيره. ومن المثير للتحليل أن المعركة استهلكت وقتاً طويلاً من التحضيرات السياسية والعسكرية وأثارت جدلاً واهتماماً استثنائياً من قبل الأطراف المحلية العراقية والإقليمية، وساهمت بحكم التوظيف السياسي لورقة الإرهاب بتعقيد المشهد وإرفاقه بمدخلات أسست لتنامي سياسات لا تتسق مع مفاهيم الهوية والجغرافية والتاريخ. وقد دفع هذا الحال القوى العراقية المتعددة ومن خلفها داعميها الإقليميين للاستماتة في المشاركة بهذه المعركة، وحشد قوات فاقت أعداد التنظيم بأضعاف([2]). الأخير الذي لا يبدو أقل رغبة من باقي الأطراف في استماتته للدفاع عن المدينة، فهو وإن بدى متراجعاً في معارك الأقضية المحيطة بالمدينة تحت ضغط ضربات التحالف والتفوق العددي الكبير للقوات المشاركة في العملية؛ إلا أنه أبدى تكتيكات جديدة تمثلت بالهجوم على مناطق غير متوقعة وجبهات رخوة، كهجومه على "كركوك" و "الرطبة"، واستخدامه لأسلحة ثقيلة في معاركه لم يستخدمها سابقاً. وبينما العجلة العسكرية تنحو باتجاه "حسم ما" تتداخل المهددات الأمنية والسياسية على العراق -لاسيما المكون السني- ودول الجوار والمنطقة برمتها بحكم ما تحمله هذه المعركة من تداعيات تساهم نتيجتها في تثبيت فاعلية جيوسياسية لطرف إقليمي ضم معادلات ومحاولات تكوين نظام سياسي إقليمي.

بناءً عليه يحاول تقدير الموقف هذا تفكيك المصالح المختلفة للفرقاء المحليين المتصارعين على الخوض في المعركة ومن خلفهم حلفائهم الإقليمين والدوليين، سعياً لتحديد طبيعة وأبعاد هذا الصراع وفحص اتجاهاته المختلفة، واستشراف المآلات المرتقبة لهذه المعركة في العراق، وارتداداتها المحتملة على سورية.

صراعُ نفوذٍ وبوصلات إقليمية متباعدة

تتعدد القوات المحلية والإقليمية والدولية الساعية لدخول وتحرير الموصل، وتتباعد غايات كل منها والتي تفرضها عوامل أمنية وسياسية خاصة بكل قوة وحليفها (انظر الخريطة أدناه)، لتبدو في المجمل "حسماً متخيلاً" سيُعزز من عوامل تنامي امتلاك نفوذ إقليمي وسيُسهم في التحكم في ملفات أخرى تتصارع عليها هذه المحاور الإقليمية في مناطق أخرى لا سيما في العراق واليمن.

خريطة رقم (1)

فالولايات المتحدة الأمريكية التي تقتصر مشاركتها على الضربات الجوية والدعم والإسناد برياً، حيث يقوم جنودها الـ 5000 المتواجدون على الأرض بدور التدريب والاستشارات والمساهمة وفق المؤشرات لتحويل قاعدة القيارة-58 كم جنوب الموصل-، إلى قاعدة دائمة للقوات الأمريكية، في حين تعتمد على قوات البيشمركة والجيش العراقي، وبخاصة قوات مكافحة الإرهاب التي دربتها وتعتبرها أكثر احترافية وأقل طائفية من الجيش العراقي.

لا شك أن إدارة الحزب الديمقراطي الأمريكي قد سعت لفتح هذه المعركة قبل مغادرة الرئيس أوباما للبيت الأبيض -التي سقطت في عهده-وتوظيفها في سياق الانتخابات الأمريكية، كبرهنة على أن الديمقراطيين قادرون على تحقيق انتصارات عسكرية منخفضة التكلفة ودون تدخل مباشر على عكس الجمهوريين. إلا أنه وفي موازاة ذلك تسعى الولايات المتحدة من خلال هذه المعركة لتثبيت رؤيتها للعراق ومعادلاته السياسية فهي من جهة أولى لا ترى ضيراً في أطروحات جديدة في العراق يغيب عنها الكيان السني، وتعزيز تحالفها في العراق والمنطقة مع إيران وأذرعها الميليشاوية على حساب حلفائها القديمين كدول الخليج وتركيا من جهة ثانية، وتأجيج الصراع الطائفي بدعم التطرف الشيعي على حساب وجود السنة.

أما تركيا التي لا ترغب حكومة بغداد في مشاركتها في معركة الموصل عبر قواتها المتموضعة في معسكر بعشيقة والداعمة لبشمركة البرازني؛ فتصر على المشاركة وترفض دخول الحشد الشعبي "الشيعي" إلى قضاء تلعفر وذلك بحكم مجموعة من المخاوف والمصالح التركية من مآلات معركة الموصل([3])، كمشاركة حزب العمال الكردستاني إلى جانب الحشد الشعبي في المعارك ووصوله إلى الحدود التركية من الجهة الغربية للموصل، واستخدامه كورقة ضغط إيرانية عليها، خصوصاً وأن الأخير تربطه علاقات ممتازة مع قيادة الحشد الشعبي وتساهم بشكل أساسي في تسليحها وتذخيرها خارج ميزانية الجيش العراقي([4]). إضافة إلى أن سيطرة الحشد الشعبي على تلعفر الحدودية مع مناطق سيطرة تنظيم الدولة في سورية، خاصة مع إعلان قيادات في الحشد عن نيتها القتال إلى جانب قوات الأسد بعد تحرير الموصل([5])، سيدعم فرص مشاركة قوات النظام السوري في عملية تحرير الرقة من تنظيم الدولة على حساب مشاركة تركيا وقوات درع الفرات المدعومة منها. كما أن مخاوف تهجير التركمان السنة من قبل الميليشيات الشيعية في تلعفر هي إحدى العوامل التي تغذي أسباب المشاركة التركية لا سيما أن هذه المنطقة يقطنها تركمان سنة وشيعة، ويتخذ الحشد الشعبي من التركمان الشيعة ذريعة للدخول إلى تلعفر.

عموماً تحاول أنقرة عبر الإصرار على المشاركة في معركة الموصل إلى الحؤول دون نجاح مخطط إيران في تهجير العرب وتركمان (تلعفر) السنة من الموصل ومحيطها، الأمر الذي قد يُشكل أزمة لاجئين جديدة بالنسبة لتركيا من جهة، وتطويقاً لإقليم كردستان الحليف لها بحزام شيعي من جهة أخرى. بينما لا تُخفي طهران نواياها في استكمال الطريق البري الذي يصلها بسورية عبر السيطرة على تلعفر، مما سيمنح إيران واجهة متوسطية وسيساهم في تسهيل نقل المقاتلين الشيعة والأسلحة لنظام الأسد، وبالتالي سيضعف النفوذ التركي في سورية.

وفيما يتعلق بإيران فهي المستفيد الأكبر من وجود تنظيم الدولة في العراق، وتحاول حصد أكبر مكاسب من حربه، عبر أداتها الحشد الشعبي، والتي شكلتها بعد فتوى "الجهاد الكفائي" التي أصدرها المرجع علي السيستاني إثر سيطرة التنظيم على مساحات واسعة من العراق واقترابه من بغداد في 2014 ([6])، لتتحول تلك المليشيا، إلى جيش رديف للجيش العراقي بل ويفوقه تسليحاً.

تتمحور غايات طهران الاستراتيجية حول مد نفوذها باتجاه مناطق الثقل السني في العراق، وذلك لترسيخ سيطرتها على كامل العراق من جهة، ولإحداث تغيير ديمغرافي في تلك المناطق لصالح الشيعة عبر تهجير العرب السنة الممنهج من المناطق التي يدخلها الحشد، كما حدث في كل من (ديالى وتكريت والفلوجة والصقلاوية([7]))، بهدف إبعاد أي خطر يهدد نفوذها في العراق قد يأتي من تلك المناطق، هذا من جهة، ومن جهة ثانية اختراق مثلث القوى الكردية عبر دعم ضلعي PKK وجناح الطالباني على حساب ضلع البرزاني، إذ أحسنت استغلال انقسامات الشارع الكردي وسمحت لقوات تنظيم الPKK بالتواجد على الشريط الحدودي مع  سورية والقريب من تركيا غرب الموصل وجنوبه وهي مناطق تخلو من الأكراد. مما طوق خيارات الصد لمسعود البرزاني المتحالف مع تركيا وعزز من عوامل قوة تيار الطالباني الرافض لإجراء استفتاء الانفصال عن العراق بينما يدعم ذلك تيار البرزاني. وفي هذه السياقات تستطيع طهران الحد من التمدد الكردي واكتساب البيشمركة مزيداً من المناطق المتنازع عليها مع الحكومة المركزية في بغداد بحجة حرب الإرهاب، وخاصة كركوك وسهل نينوى، وتطويق الإقليم بحزام شيعي موالي لها، وبالتالي منع إعلان انفصال الإقليم عن العراق، الأمر الذي قد ينعكس على كرد إيران.

وفي ذات الاتجاه تسعى طهران لتحقيق طريقين للاتصال البري مع سورية، وذلك عبر السيطرة على قضاء تلعفر وسنجار وكذلك جنوباً من خلال محور الرطبة باتجاه دمشق ولبنان، في محاولة لرسم طريق الحرير الجديد الذي تسعى إيران من خلاله للاتصال برياً مع سورية والوصول إلى المتوسط، إضافة لإقامة شريط شيعي على الحدود الشمالية والجنوبية، يضعف نفوذ أنقرة في العراق ويحدها من التمدد خارج إقليم كردستان، ويزاحمها في سورية عبر محاولة انتزاع مناطق غرب الموصل من محافظة الموصل وتقليص حجم محافظة الموصل بحيث لا يكون لها أي منفذ حدودي أو اتصال جغرافي سواء مع تركيا أو حتى المملكة العربية السعودية من خلال محافظة الأنبار عبر ضم منطقة النخيب والمناطق المحاذية للحدود السعودية إلى محافظة كربلاء.

وخلال كل ذلك يُشكل العرب السنة الحلقة الأضعف بين الأطراف المشاركة في معركة الموصل، حيث يتمثلون بفصيلين صغيرين مقاتلين (إضافة إلى مجموعات صغيرة كخلايا نائمة) وهما([8]): الحشد الوطني: وتتراوح التقديرات بين 1500-3000 مقاتل غالبيتهم من ضباط وأفراد الجيش والشرطة العراقية السابقين. ويتلقى الدعم والتدريب من القوات التركية المتمركزة في معسكر بقرب بعشيقة، ويتبع في قيادته لمحافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي. وقد تعرض الحشد إلى ضربة قوية عندما أصدر النائب العام العراقي اتهاماً للنجيفي بالتخابر مع تركيا. والثاني هو الحشد العشائري: ويضم حوالي 15000 مقاتل من أبناء عشائر نينوى ويتبع رسمياً لقيادة الحشد الشعبي في بغداد ويتلقى التدريبات من قيادة عمليات نينوى في الجيش العراقي، ويقوده من الناحية العسكرية العميد "لويس يوسف" ويمثله سياسياً محافظ نينوى نوفل حمادي السلطان. ويهدف الحشد الشعبي من خلال تشكيل الحشد العشائري إلى إفشال تجربة الحشد الوطني المعادي له ولمصالح إيران. ووفقاً للمعطيات المحلية والإقليمية والدولية فإن أهداف هذين التشكيلين من المشاركة في معركة الموصل، لا تتجاوز حماية وجودهم في مدينتهم وتحريرها من تنظيم الدولة وضمان عودة النازحين من أبناء المحافظة، وإدارة أو المشاركة في إدارة المدينة بعد تحريرها، وأقصى طموحاتهم تتمثل في طرح أثيل النجيفي بتحويل محافظة نينوى إلى إقليم بعد تحريرها بالكامل، والذي لا يبدو أن الأطراف الموصلية المدعومة من قبل الحكومة العراقية تؤيده.

مآلات المعركة وانعكاساتها على المشهد السوري

قد يترتب على المصالح المحلية الإقليمية والدولية المتضاربة في معركة الموصل، نتائج بالغة الأهمية بالنسبة لمستقبل العراق، لاسيما أن انطلاق المعركة بضغط أمريكي دون تحديد أو بلورة تصور مسبق وواضح لمستقبل المدينة وإدارتها بعد تحريرها، سيزيد من تعقيد المشهد المحلي وتصاعده إقليمياً، إضافة إلى أن تحرير الموصل يعني نهاية آخر مراكز الثقل البشري للتنظيم ونهايته في العراق معنوياً كون المدينة عاصمة التنظيم، الأمر الذي سيسحب ذريعة حرب الإرهاب من يد الأطراف المشاركة في المعركة، ويجعلها تلتفت لصراعات المصالح فيما بينها. ناهيك عن أن التكوين الديمغرافي للمدينة وطبيعة الأطراف المشاركة فيها وداعميهم الإقليميين ومصالحهم المتضاربة، قد تشعل صراعات طائفية وعرقية بين السنة والشيعة العرب من جهة، والتركمان السنة والشيعة من جهة أخرى، إضافة إلى صراع نفوذ محتمل بين الحشد الشعبي والكرد، وبين الكرد أنفسهم في السليمانية الموالية لإيران وأربيل الموالي لتركيا.

في ظل النقاط السابقة تترك معركة الموصل العراق مفتوحاً على العديد من الاحتمالات كالتقسيم أو الفدرلة الكاملة على أساس طائفي وعرقي أو حرب أهلية شاملة على أساس طائفي قد تعيد تقوية تنظيم الدولة من جديد من جهة، كما تنذر مشاريع إعادة الإعمار التي ستحدد مدى عودة النازحين إلى مناطقهم أو تغييرها ديمغرافياً بشكل نهائي، خطورة الهندسة الاجتماعية التي تسعى طهران لتكريسها في البُنية العراقية، إذ يظهر ذلك في مناطق تمت استعادتها من أيدي التنظيم ولم يسمح للعراقيين السنة بالعودة إليها من جهة أخرى.

ومن جهة سورية، ترتسم نقاط كثيرة مشتركة بين معركة تحرير الموصل ومعركة تحرير الرقة المرتقبة في سورية، منها هدف المعركة المباشر(تنظيم الدولة)، إضافة إلى الأطراف التي يحتمل أن تشارك في المعركة وهي مليشيات pyd المدعومة أمريكياً، وقوات درع الفرات المدعومة من تركيا، مقابل احتمالية مشاركة النظام والمليشيات الشيعية الداعمة له، واللذان لن يُفوتا مع الحليف الروسي فرصة المشاركة في المعركة، حتى ولو بدت تلك المشاركة ضد رغبة الجانب الأمريكي، والذي عارض من قبل مشاركة الحشد الشعبي في العراق، بينما الحشد اليوم يخوض المعارك ويدخل إلى المدن المحررة من التنظيم. لذا فمن المحتمل أن تمثل معركة الرقة نقطة تالية لمعركة الموصل قد تنقل الأطراف المتصارعة في العراق معاركها إلى سورية، خصوصاً مع إصرار واشنطن على ما يبدو على تكرار ذات الخطأ الذي ارتكبته في العراق بفتح معركة الرقة بالتزامن مع معركة الموصل من غير أن تحسم الأطراف المشاركة أو مآل المدينة بعد التحرير بشكل واضح ولمن ستعود إدارتها. وهنا يمكن استشراف بعض الانعكاسات المحتملة لمعركة الموصل على مسار المشهد السوري:

  1. انتقال أعداد من مقاتلي تنظيم الدولة وبخاصة الأجانب منهم إلى الرقة السورية، إذا شعروا باقتراب سقوط الموصل، وهذا ما سيزيد من صعوبة معركة الرقة كونها ستكون الحاسمة بالنسبة للتنظيم ودولته، خصوصاً أن القوات العراقية باتت على مشارف مدينة الموصل ولم يبدأ بعد أي جهد جدي لفتح معركة الرقة بالتزامن لمنع تدفق مقاتلي التنظيم إلى سورية.
  2. انتقال أعداد كبيرة من مقاتلي الحشد الشعبي إلى سورية لدعم نظام الأسد بعد نهاية معركة الموصل، وهو ما أكدته قيادات الحشد في تصريحاتهم. وتزيد خطورة هذا الاحتمال في حال نجاح الحشد في السيطرة على قضاء تلعفر.
  3. انتقال عناصر من حزب العمال الكردستاني ممن كانوا يقاتلون التنظيم في سنجار لتدعيم مليشيات الـ pyd في سورية.
  4. فرض روسيا والنظام أنفسهم كطرف أساسي في المعركة وتحول المعركة إلى ساحة جديدة للصراع الأمريكي الروسي. ومن المحتمل أن يشارك النظام من محور السلمية-أثريا كونه يمتلك قوات في تلك المنطقة لمهاجمة مدينة الطبقة واستعادتها لأهميتها البالغة له، كونها تحتوي سد الفرات.
  5. استغلال قوات سورية الديمقراطية الانشغال التركي وقوات درع الفرات بمعركة الرقة لمعاودة العبور إلى غرب الفرات. ويرجح هذا الاحتمال رغبة النظام وإيران بإرباك تركيا وتشتيتها على أكثر من جبهة.
  6. قد يستغل النظام معركة الرقة والضغط على التنظيم في الرقة لفتح معركة في دير الزور بالاعتماد على مقاتلي الحشد الشعبي لكسب مساحات أكبر من الأرض.
  7. انشغال النظام المؤكد بمعركة الرقة وتركيز جهوده على تقديم نفسه وحليفه الروسي كشركاء في مكافحة الإرهاب، قد يمنح قوات المعارضة السورية هامشاً أوسع لإحداث اختراقات على جبهات النظام المختلفة وبخاصة في حلب.

يمكن القول ختاماً أنه بقدر ما تدل إليه المؤشرات على بداية انحسار نفوذ تنظيم الدولة في العراق وسورية، إلا أن حركية الأحداث (الأنبار وصلاح الدين وديالى وغيرها) تنبئ أن استخدام ذات الآليات في محاربة التنظيم لن تفضي لهزيمة التنظيم إن لم يكن هناك رؤية سياسية متكاملة لأزمة العراق مقبولة من المكون السني، كما أنه وبذات الوقت تنذر هذه المعركة بملامح جديدة لصراع قد يكون مباشراً بين الفرقاء المحليين وفقاً لتضارب مصالح الداعمين الدوليين والإقليمين، خاصة في حال زوال "ذريعة مكافحة الإرهاب" المتمثلة بالتنظيم، الأمر الذي وإن بدا مفسراً لحالة التدافع من مختلف الأطراف لتحقيق أكبر قدر من المكاسب على أنقاض "الخلافة"، إلا أنه وبالوقت ذاته يشير إلى اقتراب إنجاز صيغ أمنية إقليمية جديدة لملء الفراغ الحاصل، الصيغ التي قد تحدد شكل وطبيعة المنطقة من جديد، بما يتناسب مع الانكفاء الأميركي والتدخل الروسي.

 


([1]) تعد مدينة الموصل مركزاً لمحافظة نينوى وثاني أكبر مدينة في العراق من حيث السكان بعد بغداد، حيث يبلغ تعداد سكانها حوالي 2 مليون نسمة. وتبعد الموصل عن بغداد مسافة تقارب حوالي 465 كم2، وأغلبية سكان الموصل من العرب السنة، وينحدرون من خمس قبائل رئيسية وهي (شمر، الجبور، الدليم، طيء، البقارة)، كما يوجد أيضاً مسيحيون ينتمون إلى عدة طوائف، إضافة إلى الكرد والتركمان والشبك.

([2]) حسب مصادر مقربة من التنظيم، فإن أعداد مقاتليه المتواجدين في الموصل تصل إلى 6 آلاف مقاتل، 20% منهم أجانب، في حين أن خبراء عسكريون قدروا أعدادهم بنحو 10 آلاف، بينهم 3 آلاف مقاتل أجنبي. في المقابل، تضم الجهة المقابلة 12 تشكيلاً مسلحاً، كقوات الجيش والأمن العراقي، 40 ألف جندي، ومليشيات الحشد الشعبي بـ40 ألف جندي أيضاً، وقوات البيشمركة ـ50 ألف جندي، إلى جانب قوات الحشد الوطني والحشد العشائري بـ7 - 15 ألف مقاتل، ويساهم بنحو 9 آلاف من أفراد التحالف الدولي بينهم أكثر من 5 آلاف أمريكي، يشرفون على سير المعركة من خلال التدريب وتقديم الدعم الجوي والمدفعي دون المشاركة على الأرض..

 (4) المرجع السابق: https://goo.gl/k7jxKg

(5) حزب العمال الكردستاني يعلن جاهزيته للمشاركة في تحرير مدينة نينوى، لتفاصيل أكثر، انظر الرابط التالي: https://goo.gl/QLLGSp

([5]) الحشد الشعبي يعلن عن نيته القتال إلى جانب الأسد بعد انتهاء معركة الموصل، لتفاصيل أكثر انظر الرابط التالي: https://goo.gl/fwV7m

([6]) فتوى المرجعية الشيعية بوجوب الجهاد الكفائي ضد داعش، لتفاصيل أكثر انظر الفيديو التالي: https://goo.gl/WNMosZ

[7])) التهجير القسري لسنة العراق، وانتهاكات الحشد الشعبي، لتفاصيل أكثر، انظر الرابط التالي: https://goo.gl/WJoz1W

 ([8]) تنكر مصادر عراقية مطلعة الأرقام الحكومية المنشورة حول أعداد مقاتلي الحشد الوطني والعشائري، وتعتبرها أقل بكثير مما هو معلن.

التصنيف تقدير الموقف