مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Omran Center
Omran Center

Omran Center

ملخص

  • دفعت موسكو بمذكرة تفاهم بشأن إقامة مناطق أمنية في سورية كمحاولة للعودة إلى دوائر السياسة وتقليص "الزخم المتزايد" للضربة الأمريكية على مطار الشعيرات.
  • رغم معوقات تطبيق هذا الاتفاق إلا أن الروس سيجهدون لتحقيق أمرين الأول تحويله لمستند رئيسي وداعم لوقف إطلاق النار بما ينسجم مع رؤيتها السياسية، والثاني تفريغ مضامين اللامركزية عبر ضمان ربط الخيارات التنموية والإدارية لتلك المناطق بعجلة النظام وأهدافه الاستراتيجية.
  • يضعنا هذا الاتفاق أمام عدة نتائج يتضارب فيها الإيجابي والسلبي، ليكرس في النهاية تعاريف موسكو والنظام لطبيعة الصراع التي أضافت "تزيينات شكلية" لأطر الاتفاق وحيثياته.
  • سيستمر الروس والنظام في خرق الاتفاق تحت ذريعة مكافحة الإرهاب واحتواء تجربة المجالس المحلية وتطويعها في دعم الدور الاشرافي للنظام، وتقليل فرص الانتعاش للمعارضة.
  • لا يصح موضوعياً التعاطي مع هذا الاتفاق من زاويا النقد غير المقترن بخطط عمل تفضي في كسر طوق العزلة التي تعاني منها المعارضة منذ معركة حلب الشرقية وعمليات التهجير التي شهدتها بنى مناطق سيطرتها في ريف دمشق وحمص.
  • إن تنصل موسكو "الموضوعي" من كافة التزاماتها السابقة "كضامن" لصالح تطويع المسرح السوري لتحسين الشروط الجيوسياسية الروسية، يجعل اتخاذ الموقف العام من هذا الاتفاق عابراً لشكله وادعاءاته في تخفيف التوتر وتحسين الشرط الأمني في تلك المناطق.

تمهيد

قد يتعرقل هذا الاتفاق إلا أنه لا يؤخر استحقاقات المعارضة وامتحاناتها لا سيما فيما يتعلق بمواجهة التنظيمات المتطرفة عسكرياً واجتماعياً وإنهاء كافة أشكال الاقتتال البيني عبر استصدار مدونة السلوك العسكري واخلاقياته، وقع ممثلو الدول الراعية لمحادثات آستانة (روسيا وتركيا وإيران) في 4/أيار/ 2017 على مذكرة تفاهم لإقامة مناطق لتخفيف التوتر في سورية "سيتم تطبيقها خلال ستة شهور قابلة للتمديد"، وتنص على تشكيل مناطق أمنية على طول حدود مناطق تخفيف التوتر "لمنع وقوع حوادث وإطلاق نار" على أن تشمل وضع "نقاط تفتيش" و"مراكز مراقبة لضمان تنفيذ أحكام نظام وقف إطلاق النار" سينتشر فيها عناصر من قوات النظام والفصائل المعارضة، وتسهل عملية تدفق المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وبلا انقطاع، وتشمل هذه المناطق محافظة إدلب وأجزاء معينة من المحافظات المجاورة (اللاذقية، حماة، وحلب)، ومناطق معينة من شمال محافظة حمص، والغوطة الشرقية، ومناطق معينة من جنوب سورية (محافظتي درعا والقنيطرة).

وانطلاقاً من الأهمية السياسية لهذا الاتفاق، سيحاول تقدير الموقف -بعد استعراضه للسياقات السياسية والعسكرية التي سبقت هذا الاتفاق-الوقوف على طبيعته ومدلولاته وأهم السيناريوهات المستقبلية المتوقعة له، مع التركيز في هذا السياق على طبيعة الأدوار الوطنية المطلوبة.

السياق السياسي والعسكري لاتفاق مناطق تخفيف التوتر

إن تنصل موسكو "الموضوعي" من كافة التزاماتها السابقة "كضامن" لصالح تطويع المسرح السوري لتحسين الشروط الجيوسياسية الروسية، يجعل اتخاذ الموقف العام من هذا الاتفاق عابراً لشكله وادعاءاته في تخفيف التوتر وتحسين الشرط الأمني في تلك المناطق، خاصة إذ ما فككنا المناخ السياسي والعسكري قبيل صدور هذا الاتفاق لنقف على طبيعة الأهداف السياسية الكامنة في هذا الاتفاق، إذ أنه لا يمكن الحديث عن تفاصيل هذا الاتفاق دون إدراك أنه أتى كرد فعل روسي على جملة من التغييرات المتسارعة، والمبينة وفق أدناه:

  • مجزرة خان شيخون التي استخدم فيها النظام السلاح الكيماوي مجدداً، وما أحدثته من احتمالات تغيير نوعية انخراط واشنطن العسكري (الذي شهد زخماً متزايداً شرق النهر) خاصة بعد عدم تردده في ضرب مطار الشعيرات في حماه بـ 59 صاروخ توماهوك وما رافقها من تصريحات تشير لاحتمالية هذا التغيير، وعليه كان لزاماً على موسكو استنهاض كافة الآليات للعودة إلى المسرح السياسي وتقديم العروض التي تسهم في امتصاص ردة الفعل الأمريكي (التي كانت عقابية أكثر منها تحولاً نوعياً) وتعيد تسيده وتحكمه في تفاعلات المشهد في سورية.
  • ضرورة بلورة مخرج سياسي "مرن" يراعي شروط النظام السياسية، وذلك ليس اتساقاً وإيماناً روسياً بخلق المناخات المُفضية لانتقال سياسي بقدر ما هو تخفيف التكلفة السياسية والعسكرية للتدخل الروسي التي بدت متنامية في ظل عدم قدرة النظام بالاحتفاظ على المكتسبات العسكرية في حال تخفيف وتيرة المساندة الجوية الروسية.
  • تعميق تحالف "الضامنين"، فمن جهة تركية يراعي هذا الاتفاق القلق الأمني لأنقرة، إذ يتقاطع في مطالبها في تشكيل مناطق آمنة تمنع من تمدد أو إعادة انتشار محتملة لـ YPG، وبالتالي سيضمن تلاقي المصالح التركية مع الروسية بالوقت الذي تشهد المصالح الأمريكية التركية تعارضاً واضحاً حول فكرة مشاركتها في معارك الرقة واستمرار اقتناع أمريكا بالاتكاء على قوات سورية الديمقراطية، ومن جهة إيران التي لا تجد أمامها بُدّاً على المستوى التكتيكي إلا التوافق مع السياسات الروسية، فسيشكل هذا الاتفاق لها فرصة للاستثمار السياسي دولياً، يقلل احتقان واشنطن التي لا تزال تصرح بوجوب محاصرة طهران في سورية.
  • التفاف روسي على فكرة المناطق الآمنة التي أضافتها الإدارة الأمريكية على قائمة أولوياتها في سورية([1])، تلك الفكرة التي من شأنها تعطيل سلاح الجو الروسي بحكم فرض الحظر الجوي التي تتطلبه المناطق الآمنة، وتسهم في تثبيت بيئة التمكين السياسي للمعارضة السورية، لذا أتى هذا الاقتراح ليشابه شكلاً تلك المفاهيم ويسحب منها ضمناً أية مكتسبات للمعارضة السياسية ويبقي على الفاعلية العسكرية الروسية، كما وفر هذا الاتفاق عدة خلافات متوقعة في مجلس الأمن لاستصدار قرار يدعم تشكيل مناطق آمنة وحظر جوي، إذ لا يقتضي إقامة مناطق لخفض التوتر "موافقة دولية أو فرقاً عسكرية كثيفة مجهزة ومنتشرة على الأرض".
  • تقديم أنموذج يراعي الهواجس الأمنية "لإسرائيل"، حيث سيمنح هذا الاتفاق "مناخاً آمناً" على حدودها الشمالية ويفتح المجال لتفاهمات سياسية إسرائيلية –روسية لترتيبات خاصة بمنطقة درعا والقنيطرة، كما لا يحرمها هذا الاتفاق وقف ضربات سلاح الجو الإسرائيلي لتحركات حزب الله وايران خارج هذه المناطق  أو داخلها، كما سيعطي هذا الاتفاق روسيا القدرة على لجم أي نية للجبهة الجنوبية "المضبوطة" للاستحواذ على كامل الجبهة وما له من آثار وارتدادات سياسية على طبيعة النظام السياسي في سورية لا سيما مع التسريبات الدالة على سعي قيادات الجبهة لتطبيق "فيدرالية" الجنوب ([2]).

عموماً يمكن القول إن التطورات السياسية والعسكرية قبيل هذا الاتفاق استهدفت عنصرين رئيسين من الاستراتيجية الروسية، وخلقت إرهاصات ضعفٍ فيهما وهما (مبدأ التسيّد والتحكم، الاستراتيجية الصفرية)، وبالتالي فإن عودة الفاعلية لدائرة العسكرة والسعي وراء تغيير عناصر المعادلة العسكرية التي حاول موسكو تثبيتها منذ تدخلها في سورية، إنما هو أمر يعظم (استراتيجياً) تكلفة الانخراط الروسي ويؤجل استراتيجية الخروج التي بدأت تفرض نفسها على سياسات موسكو.

مذكرة الاتفاق في الميزان السياسي الوطني

رغم ما تفيدنا به إيجابية المؤشرات العامة للمواقف الدبلوماسية الدولية لهذا الاتفاق وطبيعة التحفظات حياله والمتعلقة بهشاشة الضمانات الدولية والتشكيك بالدور الضامن لإيران ([3])، إلا أن تلك المواقف انطلقت في معظمها من حقيقة التواجد الروسي وضرورة الابتعاد عن "العوامل الدافعة لحرب باردة" في سورية من جهة، ومن ضرورة دعم أي دفوعات تسهم في عدم انتشار الفوضى الأمنية في هذه المنطقة المعقدة جيوسياسياً من جهة ثانية.

أما على المستوى الوطني، فإن تفكيك عناصر الاتفاق وتحليل أبعاده من شأنه أن يكمل الصورة العامة لهذا الاتفاق وطبيعة توجهاته، وعليه يضعنا هذا الاتفاق أمام عدة نتائج يتضارب فيها الإيجابي والسلبي، ليكرس في النهاية تعاريف موسكو والنظام لطبيعة الصراع التي أضافت "تزيينات شكلية" لأطر الاتفاق وحيثياته، وهذا ما هو مبيناً بالنقط أدناه:

  1. عدم اختلاف المدلولات السياسية لهذا الاتفاق عن اتفاق الهدنة الذي صدر كمخرج عن اجتماعات الاستانة السابقة والذي يعتريه غياب آلية واضحة للتطبيق، ناهيك عن أنه أبقى "الشرعية" لآلة النظام العسكرية (التي لم تتوقف حتى بعد إعلان مذكرة اتفاق مناطق تخفيف التوتر) حيال أمرين: الأول ضرب بنى تلك المناطق بحجة محاربة هيئة تحرير الشام ذات الوجود السائل، والثاني اقتطاع أجزاء كبيرة من مناطق شملتها الهدنة، وبالتالي فإن هذا الاتفاق الذي أحسن توظيف متطلبات "الأمان النسبي" و"تخفيف التصعيد" لا يزال يوفر الأدوات العسكرية المتسقة مع مفهوم " النصر العسكري" وهو ما يجعل عنوانه الأساسي استيعاب المتغيرات والتفاف سياسي لسياقات عسكرية وسياسية. إذاً حتى ومع ضمان تركيا للفصائل ستظل خروقات كلاً من النظام والميليشيات الأجنبية والمحلية المساندة له والطيران الروسي هي المشكلة الحقيقية المستمرة.
  2. تصدير التحديات المركبة للمعارضة وتخفيف وطأتها على النظام وحلفائه، إذ أن مسألة مجابهة المعارضة لهيئة تحرير الشام رغم أولويتها الوطنية، ورغم ما تمثله من فرصة سياسية للدعم الدولي، إلا إنه سيزيد من حدة الاقتتالات البينية ومن تسارع واضح لحركات ابتلاع الهيئة للفصائل الصغيرة والتي ستسهم في تشظي المشهد العام في مناطق سيطرتها، ليتسع ويشمل مستويات أعمق على المستوى المدني والإداري لا سيما في هذه المرحلة التي تتطلب جهوداً استثنائية في إدارة السلم في تلك المناطق، خاصة مع غياب "الثمن السياسي" وأية دلالات حقيقية "لانتقال سياسي في سورية" والتي ستشكل دافعاً للمعارضة وليس "فخاً" يهدف رميهم في أتون صراعاً يسهل تدخل موسكو وحلفائها لفرض الاستراتيجية الصفرية حتى على المناطق الأكثر صعوبة بالنسبة لهما.
  3. انسجام الإشارات المتعددة "لديناميات اللامركزية" في هذا الاتفاق -عبر الاتكاء على المجالس المحلية "كفاعل ناظم للتفاعلات داخل تلك المناطق الأمنية"-مع معطيات مناطق النفوذ الدولي التي تسهم في تخفيف الارتدادات الأمنية على دول الجوار من جهة، ومع طبيعة طموحات التمكين المحلي من جهة ثانية، إلا أنه يرمي إلى تفريغ تلك اللامركزية من مضمونها عبر ربط مسارات التنمية لتلك المناطق بدمشق كمركز متحكم في سياسات هذه التنمية واتجاهاتها ويكرس من "شرعية" تدخلاتها، أو عبر تحويل أنماط الحكم إلى أدوات إدارية تخفف من تكلفة إدارتها من قبل النظام وتسهم في تنامي قدرة النظام على اختراقها، أو من خلال تهيئة المناخ الإقليمي لعقد صفقات أمنية مع المركز عبر موسكو([4]).
  4. ومما يعزز هذا التحليل تلك المعلومات المتواردة حول نية الروس طرح "مقترح إنشاء مناطق إدارة محلية على شكل مجالس محلية في تلك المناطق مدعـومة من الدول الضامنة لمفاوضات الاستانة وكذلك مدعومـة من الحـكومة المركـزية في العاصمـة دمشق، والتي ووفقاً لهذه المعلومات ستقدم وسائل الدعم من مصادر الطاقة وغيرها من المستلزمات اللوجستية. تلك الخطوة المتسقة مع المادة (34) من المقترح الروسي لمشروع الدستور السوري والتي تتحدث عن تأسيس جمعية الشعب وجمعية المناطق" ([5]).

مزيد من التحكم الروسي وانحسار متنامي لأدوار المعارضة

لا يمكن قراءة المشهد بعد الاتفاق رغم تلك العوائق التي يتضمنها كالاختلالات البنيوية التي تعتري بنوده، أو التشكيك بالدور الإيراني المستحوذ "أفقياً" على القدر الأكبر من مناطق سيطرة النظام، أو عدم التحمس الدولي له وامتلاك القدرة على تعطيله، إلا أنه وفقاً لاستمرار تكريس الثوابت الجديدة التي تجهد موسكو تضمينها في المشهد السياسي والعسكري في سورية، فإنه لا يصح موضوعياً ( وفقاً للمؤشرات الدالة على آثار التدخل الروسي التي أعادت تعريف الجغرافيا العسكرية وحصرها بثنائية (الإرهاب والنظام)، وحرف اتجاه العملية السياسية) التعاطي مع هذا المخرج من زاويا النقد غير المقترن بخطط عمل تفضي في كسر طوق العزلة التي تعاني منها المعارضة منذ معركة حلب الشرقية وعمليات التهجير التي شهدتها بنى مناطق سيطرتها في ريف دمشق وحمص. إذ يتوقع أن ينحو الاتفاق باتجاه إحدى السيناريوهين التاليين:

السيناريو الأولى: المضي نحو التحكم (وهو الخيار الأكثر رجوحاً): أي اعتماد هذا الاتفاق كمستند داعم لوقف إطلاق النار في سورية مع العمل المستمر على ثلاثة أمور: الأول خرقه تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، والثاني احتواء تجربة المجالس المحلية وتطويعها في دعم الدور الاشرافي للنظام، والثالث استثناء كافة المناطق الاستراتيجية التي تهدد أمنياً وعسكرياَ النظام في محيط تلك المناطق وذلك لتقليل فرص الانتعاش للفصائل المسيطرة في تلك المناطق، وهذا ما تبرز مؤشراته في استثناء برزة والقابون  واعتبارها خطوة رئيسة لاستمرار حصار الغوطة الشرقية.

ينسجم هذا السيناريو مع حركية النظام والروس العسكرية التي تطمح لإعادة السيطرة والتحكم في كافة مناطق المعارضة، إذ سيستمر في سياسة ترحيل المقاتلين إلى إدلب المثقلة بالتحديات والمرشحة لمستويات أكثر حدية في الاقتتال البيني تسهل عمليات إعادة السيطرة عليها، كما سيستغل النظام تواجد تنظيم الدولة في ريف حمص وحوض اليرموك بالجبهة الجنوبية للاستعداد لعمل عسكري بالتعاون مع الروس ليكون مدخلاً لإعادة تشكيل المشهد وفق أولوياته.

لا تمتلك المعارضة المسلحة في هذا السيناريو إلا العمل على زيادة الوكالة السياسية للمعارضة السياسية التي بدورها ينبغي أن تعمل على الضغط عبر حلفائها الاقليمين لحظر طيران النظام تحت أي مسمى في تلك المناطق وتثبيت آليات محاسبة ومراقبة واضحة،  والدفع باتجاه تحديد معايير واضحة "غير سائلة" للتشكيلات الإرهابية وعدم تركها خاضعة لمعايير كل ضامن، كما ينبغي الضغط باتجاه ضمان أن يكون هذا الاتفاق نقطة رئيسية للانتقال السياسي، ناهيك عن ضرورة زيادة الدعم السياسي والاقتصادي الموجه للهيئات التنفيذية والمجالس المحلية التي ينتظرها العديد من الاستحقاقات والتحديات ودعم كافة المبادرات التي تستوجب زيادة في التنسيق بين أعمالها.

السيناريو الثاني: التعطيل الدولي لهذا الاتفاق عبر استمرار "بتوريط الروس" وزيادة التكلفة السياسية المتأتية من انخراطهم في المشهد السوري وذلك لدفعها لإنجاز صفقات تدفع الروس على تقديم التنازلات في قضية الانتقال السياسي ومحاصرة طهران، فرغم الدلالات الصورية لهذا السيناريو إلا أنه لا يزال ينتظر بروز مؤشرات جدية لتغيير قواعد التعاطي الأمريكي مع الملف السوري وشمول تلك القواعد العناصر السياسية المفضية لدفع العملية السياسية باتجاه الانتقال السياسي.

وقد يوفر هذا السيناريو بعض الهوامش التي تؤخر استحقاقات المعارضة وامتحاناتها، إلا أنه لا يلغي ضرورة العمل على:

  1. تمتين البنى الداخلية لا سيما في المجال الإداري ومنحها الاستقلالية
  2. تبني سياسات الضغط المحلي على القوى العسكرية لتغيير التموضع العسكري داخل القرى والبلدات.
  3. مواجهة التنظيمات المتطرفة عسكرياً واجتماعياً والشروع بتلك المواجهة التي تبين أن أي تأخير فيها سيسهم في انحسار خياراتها المحلية ومكاسبها السياسية.
  4. إنهاء كافة أشكال الاقتتال البيني عبر استصدار مدونة السلوك العسكري واخلاقياته.

خاتمة القول

 شكلت كافة مخرجات الآستانة سواء تلك التي بحثت في آليات تثبيت ومراقبة وقف إطلاق النار في عموم سورية عاملاً مساهماً في "أستنة" جنيف وتوزيع الأدوار التفاوضية بين منصة الآستانة للأدوار العسكرية ومنصة جنيف للأدوار السياسية، وهو أمرُ عزز من قدرة الروس وحلفائها على إعادة تشكيل المشهد العام مستثمرة كافة القراءات الأمنية الدولية للملف السوري، إلا أنه وبعد مجزرة الكيماوي في خان شيخون وظهور إرهاصات تغيير ما في السلوك الدولي دفعت موسكو  بمذكرة تفاهم بشأن إقامة مناطق أمنية في سورية كمحاولة للعودة إلى دوائر السياسة وتقليص الزخم المتزايد للضربة الأمريكية على مطار الشعيرات، ورغم معوقات تطبيق هذا الاتفاق إلا أن الروس سيجهدون في تحويله لمستند رئيسي وداعم لوقف إطلاق النار بما ينسجم مع رؤيتها السياسية، كما سيعمل محور (النظام – إيران – روسيا) تفريغ مضامين اللامركزية  عبر ضمان ربط الخيارات التنموية والإدارية لتلك المناطق الأمنية بعجلة النظام وأهدافه الاستراتيجية.


 ([1]) إذ يدلل السلوك الأمريكي أن هذه الأولويات هي قتال التنظيم واحتواء إيران في الجغرافية السورية وحماية أمن إسرائيل، كما اكدت عدة تصريحات للإدارة الأمريكية عن تبني أمريكا لفكرة المناطق الآمنة في سورية تلك الفكرة التي روج لها كثيراً ترامب أثناء حملته الانتخابية.

([2]) أطلقت الجهود الأمريكية-الروسية لإنشاء منطقة حكم ذاتي في الشمال السوري العنان لإعداد خطة موازية تهدف إلى إنشاء إقليم فيدرالي يشمل المحافظات الجنوبية الثلاثة: القنيطرة وحوران وجبل العرب، للاطلاع على تلك الخطة أنظر: مشروع فيدرالية الجنوب، المرصد الاستراتيجي، https://goo.gl/K26sGf

([3]) ملف: "اتفاق المناطق الآمنة وردود فعل عليه"، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية، تاريخ 5/6/2017 https://goo.gl/4gBuxz  

([4]) تم التباحث في هذه النقطة خلال اجتماع بين مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ومركز الشرق للبحوث، 5/6/2017، غازي عينتاب/ تركيا.

([5]) وتقول هذه المادة: تتولى جمعية الشعب وجمعية المناطق السلطة التشريعية في الدولة أصالة عن الشعب السوري على الوجه المبين في الدستور والقوانين، للمزيد حول مقترح الروسي المتعلق بالمجالس المحلية، انظر المصدر التالي: كامل صقر:" موسكو ستقترح إنشاء مجالس محلية مدعومة من الحكومة المركزية السورية في مناطق تخفيف التوتر"، موقع القدس العربي، تاريخ 6/5/2017، الرابط: https://goo.gl/AzJqoQ

حركة سياسية ثقيلة، عطالة ذاتية، أخطاء متراكمة متزايدة، بوصلة عمل مشتتة، فقدان القرار الوطني المستقل، تأجيل الامتحانات والتحديات، تلك هي السمات الأبرز للأداء السياسي للمعارضة السورية خلال سنين الثورة السورية، ذاك الأداء الذي ابتدأ سيره من جديد إبان اندلاع ثورة الكرامة والحرية في سورية بعد أن كان في حالة سكون وظيفي قبيلها، فتحفز واستلهم من هتاف ومظاهرات الثوار موجبات حركته، مجددًا الأمل بفاعلية سياسية تنهي حكم النظام القائم وتؤسس لانتقال سياسي يخلق مناخات حرية الاختيار والتعبير وتحرر الإرادة الشعبية ويضمن لها مشاركة فعالة في صنع قرار بلدهم وبناء مؤسساتها وفق فلسفة الكفاءة والحرفية وتعزز من سبل تنمية مواردها البشرية والاقتصادية.

"لم تنجح المعارضة السورية في التحول من كيان سياسي شبه حزبي معارض، إلى مؤسسة حكم قادرة على قيادة الثورة والتأثير بمجرى الأمور على الأرض"

إلا أنها ومنذ اللحظات التنظيمية الأولى حتى يومنا هذا لم تنجح المعارضة السورية بأن تكون على مستوى تطلعات الثورة وأهدافها، ولم تنجح في التحول من كيان سياسي شبه حزبي معارض، إلى مؤسسة حكم قادرة على قيادة الثورة والتأثير بمجرى الأمور على الأرض.

فحتى هذه اللحظة لا تزال الممارسة السياسية للقوى المكونة للمعارضة تعكس خلطًا بين أدوات ومفاهيم العمل السياسي الحزبي المعارض (الذي اعتادت عليه تاريخيًا) ومفاهيم وأدوات الحكم وممارسة السيادة.

صحيح أن جل أسباب التعثر السياسي ترتبط بعوامل خارجية تتعلق بطبيعة المقاربة الأمنية الدولية السائدة لحل الأزمة السورية، وصحيح أيضًا أن سياق التحولات السياسية إقليميًا ودوليًا ساهم بشكل وبآخر في تغيير تموضع المعارضة لا سيما بعدما غدت الجغرافية السورية "مسرحًا جيوسياسيًا" ترتجي الفواعل الدولية والإقليمية تحويله لـ"بوابة تدخل" يسهم في تكوين نظام سياسي إقليمي يراعي شروط تلك الفواعل ومشاريعها السياسية ، إلا أن الأسباب الذاتية للأداء السياسي الكارثي حاضرة وبقوة، ولا يمكن إغفالها لأن اتساق الحركة وانسجامها مع الأهداف الاستراتيجية لطالما ارتبطت ارتباطًا عضويًا في بنية الجسم السياسي وفواعله ونجاعة أدائه العام.

انبثقت أولى الاعتلالات الوظيفية لأجساد المعارضة مع عدم بنائها وفق قواعد تمثيلية حقيقية، مُحدثةَ شبه قطيعة مع جلّ الهيئات المدنية والثورية في الداخل السوري، فحاولت ولأسباب تتعلق بفهم المعارضة آنذاك باقتراب سقوط النظام، أن تحاكي شكلًا تجربة المجلس الوطني الانتقالي الليبي أولًا، ثم تدارك ذلك الاستعجال بالائتلاف الوطني للمعارضة وقوى الثورة كجسم يدير شؤون "المرحلة الانتقالية"، وبهذا تم إنتاج أجسام بعمر افتراضي قصير، ووظيفة سياسية وإدارية تجاوزها السياق العام للمشهد السوري، وقوى تقليدية غير قادرة على القيام بسلوكيات رجال الدولة وتمتهن الطروحات الشعاراتية فقط.

وحتى ما قام به الائتلاف من عملية توسعة (معادلة كفة الإسلاميين بديمقراطيين) أتت لتتوافق مع المزاج الدولي الدافع باتجاه عملية تفاوض سياسية في جنيف أكثر مما تمليه ضرورة الإصلاح والتماهي مع الداخل السوري الثائر وما يتطلبه من احتياجات تتفاقم وتزداد شدتها مع بدء ظهور التنظيمات المتطرفة، فلا أدار ملفاته التفاوضية باقتدار وحرفية، ولا اتبع استراتيجية تفاوض واضحة.

"المراهقة السياسية التي مارسها الائتلاف في بداية تشكيله و"نجاحه المذهل" في تصدير صورة مثبطة عن طبيعة عمله المتوقع لا سيما بعد مسلسل الاستقالة التي تم الإعلان عنها قبيل تسليم الائتلاف كرسي سوريا في جامعة الدول العربية"

خلال كل ذلك اختلج بالائتلاف عطالة سياسية محكمة، فمن جهة أولى ثبت التدافع والتنافس البيني لمكوناته السياسية معادلة ذات مخرجات صفرية وعناصر تقليدية ثابتة لا تتبدل، ومن جهة ثانية أضحى انعكاسًا للتضارب الدولي الذي دعم وجود وكلاء سياسيين له ضمن هذا الجسد الثقيل يجعل مجموع قراراته تشبه أحجية (تعا ولا تجي)، ومن جهة ثالثة ازدادت تلك العطالة بالمراهقة السياسية التي مارسها الائتلاف في بداية تشكيله و"نجاحه المذهل" في تصدير صورة مثبطة عن طبيعة عمله المتوقع لا سيما بعد مسلسل الاستقالة التي تم الإعلان عنها قبيل تسليم الائتلاف كرسي سوريا في جامعة الدول العربية، ومجموع المبادرات "العاطفية" التي وجهها للنظام، وعدم الخبرة في التعاطي السياسي والدبلوماسي مع القوى الإقليمية والدولية، والمهاترات البينية، إلخ.

أما الهيئة العليا للمفاوضات -هذا الجسد الذي كُلفت الرياض في اجتماعات فيينا أواخر عام 2015 بدعم تشكليه ضمن أول مخرجات التشويه الروسي للعملية السياسية الذي أراد الإمعان في تمييع صف المعارضة -لم تستطع أن تستغل التوافق والدعم الشعبي الذي تشكل حينها تجاهها جراء المواقف السياسية الصلبة الصادرة عنها، ولم تستثمر هذا التوافق لفرض وثائق القاهرة المنجزة في عام 2012 كمرجعية سياسية للهيئة.

تلك الوثائق التي من أفضل ما خطته المعارضة خلال سنين الثورة، بل وبحكم وراثتها لجميع الإشكاليات المتراكمة من سابقيها وزاد عليها تضمينها اتجاهات سياسية تختلف مع بعضها البعض حتى في الأولويات العامة، لم تستطع الهيئة ضبط هذه البنية الشديدة التحول والسيولة، الأمر الذي ساهم مع عوامل سياسية أخرى في فقدانها لاحتكار تمثيل المعارضة في المفاوضات إذ شاركتها منصتا موسكو والقاهرة هذا الاحتكار، ليبدو المشهد التفاوضي إذا ما عزلنا التصريحات الإعلامية أقرب لتفاوض النظام مع فريق يتفق مع أكثر من نصفه.

ولعل أخطر الاعتلالات الوظيفية للمعارضة تزايد طردًا مع تنامي مستويات الصراع في سورية وبروز الإرهاب فيها، إذ تعاملت المعارضة في هذا الصراع بوجدانية مغرقة أكثر مما يفرضه مبدأ الحسم تجاه تنظيمات عابرة للثورة ولها مشاريع تهدد هوية البلد وفعله الحضاري، فلا وظفته كباقي الفواعل السياسية، ولا حسمت باكرًا موقفها منه، وسجلت عجلة السياسة في هذا السياق في سجل المعارضة وقوعها في المحاذير الوطنية وعدم إنجازها لوثيقة وطنية حاسمة رافضة لأي قوة لا تؤمن بأهداف الثورة وتريد حرفها.

الأمر الذي أفرز تأخرًا في إدراك خطورة العناصر والجماعات الجهادية الأجنبية التي تغلغلت داخل تشكيلات الثورة السورية بحجة مظلومية و"نصرة" الشعب السوري، والتعاطي معها دون إدراك أبعاد مشاريعها الذاتية وحجم انتماءاتها التنظيمية، وهو ما أدى بشكل أو بآخر لظهور تصنيفات متعددة في جسد المعارضة ثم المطالبة الدولية بعزلها عن المتطرفة.

"مضت ولا تزال المعارضة قدمًا باتجاه موتها السريري، إذ إن كل المؤشرات تدل على هذا المآل، فلا أفعالُ مراجعة، ولا بدء بتقييم الأدوات سوى بضع محاولات ترقى أن تكون استعراضًا لمص الصدمة ليس إلا"

وصلت الارتكاسات السياسية الذاتية للمعارضة مداها الأوسع بعد معركة حلب، والتي تبين أنها لم تعد قادرة على الفعل السياسي ولو بأدنى درجاته، فمرت كوارث التدخل الروسي وما حملته من تغييرات ديموغرافية وعسكرية واضحة دون أن يلمس المراقبون لهذه الأجسام أي استراتيجية تعاطي إبان هذا التدخل، فبعد هذه المعركة مضت ولا تزال المعارضة قدمًا باتجاه موتها السريري.

إذ إن كل المؤشرات تدل على هذا المآل، فلا أفعالُ مراجعة، ولا بدء بتقييم الأدوات سوى بضع محاولات ترقى أن تكون استعراضًا لمص الصدمة ليس إلا، ولا تدارسًا موضوعيًا لصلاحية البُنية الحالية لهذه المرحلة بعد أن اتخذت شكلًا ثابتًا ومصمتًا خلال الأعوام الستة الفائتة، الشكل الذي حال دون أي فعل سياسي حقيقي يُحدث أثرًا ملموسًا سواء على المستوى المحلي كتنظيم الصف الثوري الداخلي أو على المستوى الخارجي كتمثيل بديل مقنع للمجتمع الدولي، مما ولد فراغًا سياسيًا في الثورة السورية، وغُربة عن الشارع الثوري والذي عزز من عدم ملاحظتها في معادلة الصراع السوري، وأعلى من شأن الخيارات العسكرية التي اتسم حراكها بالفصائلية المغرقة وغيبت أثر وفعالية الحراك المدني والسياسي وأقصته وتدخلت في جميع مفاصل المحلياتية.

"لا يمكن للتاريخ عندما يتحدث عن ثورة العز والكرامة في سوريا وما سطرته من تضحيات في سبيل العيش الحر الكريم إلا أن يُحمل المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري مسؤولية تعثر الأداء السياسي"

يمكنني القول متوجعًا إنه لا يمكن للتاريخ عندما يتحدث عن ثورة العز والكرامة في سورية وما سطرته من تضحيات في سبيل العيش الحر الكريم إلا أن يُحمل المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري مسؤولية تعثر الأداء السياسي وعدم استغلال الفرص وتغييب الرشد، وسيسجل بخط ممزوج بالدم والألم أن اليسار المعارض كاليمين غرقا بالأوهام وأتقنا الاستعراضات الأيديولوجية بينما عجلة الثورة السياسية لا تزال تنتظر من يرتقي بأدائه لمستوى تضحياتها التي أتعبت التاريخ وأثقلت الجغرافية.

المصدر نون بوست

  إعداد الباحثة: ضياء الشامي

ملخص تنفيذي

انعكست التأثيرات السلبية للصراع المسلح بشكل كبير على كافة شرائح المجتمع – لاسيما النساء- بحكم ما رافقها من تغيرات واضحة طالت البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع السوري، ومع بروز الدور المتصاعد لمنظمات المجتمع المدني، والأصوات التي تنادي بتمكين المرأة ودعمها وإشراكها في مختلف نواحي الحياة السياسية منها والاجتماعية والاقتصادية، كثرت المشاريع الموجهة للنساء وخاصة الأرامل، وبات جلياً الاهتمام الكبير الذي توليه المنظمات الداعمة لهذه الشريحة المتضررة.

يهدف هذا التقرير إلى رصد واقع المرأة الحالي وما آلت إليه أحوالها الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، خاصة مع تزايد أعداد الأسر التي فقدت معيلها بشكل كبير (كعوائل الشهداء والمعتقلين والجرحى وذوي الإعاقات الدائمة)، بالإضافة لرصد واقع سوق العمل المتاح أمام النساء، وتحديد العوائق وتسليط الضوء على بعض المشاريع الموجهة للنساء والمؤسسات القائمة عليها، في محاولةٍ لمعرفة ماذا قُدم لهذه الشريحة خلال السنوات السابقة وما تم تحقيقه.

تطرق التقرير إلى واقع التعليم العالي المتاح حالياً أمام المرأة بإيجابياته وسلبياته مفنداً أهم المؤسسات القائمة عليه ومدى تلبيتها للاحتياجات نظراً لما له من أثر في سياسات التمكين المرجوة، كما سلّط التقرير الضوء على حجم المشاركة الحقيقية للمرأة داخل دوائر صناعة القرار في مناطق سيطرة المعارضة.

ويخلص التقرير إلى النتائج الآتية:

  • أغلب المشاريع الموجهة للنساء ماتزال دون المستوى المطلوب – رغم وجود استثناءات-وأنه لابد من الارتقاء بعمل المنظمات النسائية لتقديم مشاريع ترفع من سوية المرأة العلمية والثقافية بالتوازي مع المشاريع التي تؤهلها للخوض في سوق العمل.
  • ضرورة التشبيك بين المنظمات النسائية في مختلف المناطق للاطلاع والاستفادة من التجارب الناجحة واستنساخها وتطويرها، وضرورة إعطاء المشاريع التعليمية الموجهة لها الأولوية وتأمين المنح الدراسية الافتراضية مع كل مستلزماتها.
  • ضرورة إعادة النظر في كيفية تمثيل النساء في المجالس المحلية وتشجيعهن على الانخراط في هذا المجال وتقديم كل الآليات التي تساعد المرأة على المشاركة في دوائر صناعة القرار.

المقدمة

ألقت سني "الصراع" بتداعياتها على كافة أطياف الشعب السوري وطالت أضرارها كل عائلة على امتداد الجغرافية السورية، ولعل أكثر المتضررين خلال هذه الفترة كانت شريحة النساء والأطفال التي تلقت العبء الأكبر وخسرت الكثير من حقوقها كالأمان والاستقرار والعيش الكريم، إذ خلّف واقع الحال تراجعاً ملحوظاً في أعداد الذكور في مناطق سيطرة المعارضة نتيجة للموت أو الاعتقال أو الإصابة أو الاختفاء القسري أو التهجير، أو بسبب تحول قسم كبير منهم نحو العمل المسلح بهدف الدفاع عن أرضهم ووجودهم أمام ألة القمع الوحشية، الأمر الذي خلف أعداداً متزايدةً من الأسر التي فقدت معيلها وتنامي نسبة الأرامل اليافعات اللواتي بات عليهنّ تأمين مصدر عيشهن في ظروف اقتصادية صعبة ونقص في الموارد وغياب للمشاريع التنموية والإنتاجية، ناهيك عن الأعباء النفسية المتزايدة التي لا تزال سبل معالجتها ليست ذات أثر واضح يمكن القياس عليه، ورغم الدعم الكبير الذي توجه لدعم المرأة وظهور منظمات ومشاريع معنية بتمكين النساء إلا أن أثر تلك المشاريع لم يظهر بشكل جلي، الأمر الذي يعزز مجموعة من التساؤلات التي سيحاول التقرير الإجابة عنها ومنها:

  1. ماهي الأسباب الحقيقة التي تقف وراء تراجع دور المرأة في المشهد الاجتماعي والسياسي؟
  2. ماهي فرص العمل المتاحة حالياً أمام النساء؟ وماهي الصعوبات والعقبات التي تواجههن؟
  3. ما طبيعة المشاريع التي تقدمها منظمات تمكين المرأة؟ ومن هي الشرائح المستهدفة من المشاريع؟ وماذا حققت خلال هذه السنوات؟
  4. لماذا يتفاوت النشاط النسائي بين منطقة وأخرى؟ وهل لشكل ونمط الحكم القائم في المنطقة أثر على ذلك؟
  5. ماهي حصة النساء من الدعم الموجه للتعليم العالي؟ وإلى أي مدى استفادت النساء في مناطق سيطرة المعارضة من ذلك الدعم؟
  6. لماذا غابت المرأة عن دوائر صنع القرار؟ وما الذي تحتاجه لتكون فاعلة ومؤثرة فيها؟

يستند التقرير على أدوات الاستبيان والرصد عبر تتبع واقع سوق العمل الحالي المتاح أمام النساء في مناطق سيطرة المعارضة، وتبيان طبيعة المشاريع الموجهة للمرأة والمنظمات العاملة في هذا المجال، بالإضافة إلى دور المؤسسات التعليمية المتخصصة بمرحلة التعليم الجامعي في كل من (محافظة درعا – الغوطة الشرقية – الأحياء المحررة في مدينة دمشق – ريف حمص – محافظة إدلب – محافظة حلب وريفها)([1]) وهي أغلب المناطق التي تعيش حالة من الاستقرار مكّنت منظمات المجتمع المدني من العمل بحرية. حيث تم استقاء المعلومات عبر التواصل المباشر مع ممثلات عن بعض المنظمات النسائية (24 منظمة نسائية) والاطلاع على المشاريع المقدمة من قبل منظماتهن، كما تمت متابعة نشاطات جمعيات نسائية أخرى لم نستطع التواصل معها عبر ما تنشره عن مشاريعها في مواقعها الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، والتواصل مع بعض المسؤولين في القطاعات التعليمية والمجالس المحلية. وقد اعتمد التقرير على نتائج استبيان الكتروني أجرته الباحثة خلال شهر كانون الأول من عام 2016، استهدف شريحة من القيادات النسائية ذات نشاط وتأثير جمعت التعليم العالي إلى جانب الخبرة العملية في مجال العمل النسائي في الداخل، حيث طرح الاستبيان تساؤلات مختلفة عن سوق العمل المتاح أمام النساء حالياً وأنواع المشاريع المقدمة، بالإضافة إلى الاحتياجات والعراقيل التي تواجه العمل النسائي، ونوع التعليم الجامعي المتوفر في المنطقة ومدى مشاركة النساء في المجالس المحلية([2]). ويبين الشكل رقم (1) أدناه توزع الشرائح المستهدفة ومستوى التعليمي للمشاركات في الاستبيان.

الشكل رقم (1) توزع الشرائح المستهدفة ومستوى التعليميللمشاركات في الاستبيان

 

واقع العمل النسوي في مناطق سيطرة المعارضة

شاركت المرأة -على اختلاف المناطق السورية واختلاف أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية-في الكثير من الأعمال سواء الأعمال الفكرية أو الأعمال الحرفية قبل الثورة([3])، إلا أنه وبعد الثورة تأثرت قطاعات العمل بشكل كبير بالأوضاع الأمنية المفروضة على كافة المناطق السورية، وتراجع فرص العمل مع تهاوي الاقتصاد السوري بشكل متسارع، الأمر الذي عزز من ظهور منظمات المجتمع المدني في عام 2012 كاستجابة للاحتياجات الطارئة للشعب السوري والتي ظهرت نتيجة للحل الأمني الذي اعتمده نظام الأسد للقضاء على الثورة، واعتمدت هذه المنظمات بشكل كبير على الدعم والتمويل الخارجي المقدم من دول أو منظمات أجنبية أو من شخصيات اعتبارية ومتبرعين أرادوا تقديم المساعدة للشعب السوري، إلا أن منظمات المجتمع المدني رغم مسيرتها المتأرجحة لم تستطع خلق فرص عمل كافية لمساعدة الجميع وخاصة النساء، رغم سعيها لذلك. وبالنظر لسوق العمل بعد الثورة في مناطق سيطرة المعارضة يلحظ الآتي:

  • توقف أغلب الدوائر الحكومية عن العمل وفصل العديد من الموظفين على خلفية نشاطهم الثوري أو بسبب عدم التحاقهم بالخدمة العسكرية أو الاحتياطية، وإيقاف رواتب البقية منهم مع وجود استثناءات قليلة لهذه الحالة لا سيما فيما يتعلق بموظفي التربية، أما فيما يتعلق بالقطاع الخاص فقد تسببت الحالة الأمنية المضطربة وصعوبة الوصول إلى المناطق المعارضة إلى قيام العديد من الشركات والمعامل بنقل مراكزها إلى مناطق سيطرة النظام أو إلى خارج القطر أو إغلاقها بشكل نهائي لانخفاض المردود الاقتصادي العائد منها مما أدى لفقدان مئات الوظائف في تلك المناطق، الشكل رقم (2) أدناه يوضح نوع المهن التي تراجع فيها عمل المرأة بعد الثورة.

 

الشكل رقم (2) أدناه والذي يوضح نوع المهن التي تراجع فيها عمل المرأة بعد الثورة

  • شهد القطاع الزراعي تراجعاً كبيراً وذلك نتيجة للقصف والتهجير والنزوح وانعدام الأمان وسياسة التجويع والحصار وإحراق المحاصيل، إضافةً إلى أزمة تأمين الوقود والارتفاع الكبير في سعره وصعوبة الحصول على المبيدات.
  • تراجع المهن الحرفية واليدوية التقليدية بحكم تراجع القوة الشرائية عند المستهلك وصعوبة تأمين الكهرباء وارتفاع كلفتها وهجرة العديد من الحرفيين المهرة إلى خارج سورية.
  • تراجعت أعداد العاملين والعاملات في القطاع الأكاديمي بشكل عام (كالطب والصيدلة والهندسة والتجارة ...إلخ) نتيجة لانهيار الاقتصاد ولهجرة أغلب الكفاءات خارج سورية بسبب الوضع الأمني المضطرب.
  • تأثر قطاعي التعليم والصحة بشكل نسبي، إذ شهدا أقل نسبة تراجع نظراً للحاجة المتزايدة لاستمرار العملية التعليمية وللاهتمام الذي أولته الجهات المانحة لدعم قطاع التعليم، الأمر الذي ساهم في تزايد فرص العمل في مجالات التعليم واستوعبت أغلب ذوي الاختصاص (نساءً ورجالاً)، وبدأت باستقطاب العديد من طلاب الجامعات وأصحاب الاختصاصات الأخرى كحملة شهادات الهندسة والحقوق والاقتصاد بعد أن تم تأهيلهم بعدد من الدورات التعليمية والتأهيلية وذلك من أجل إيجاد كوادر تسد النقص في هذا السياق.
  • فيما يتعلق بالمجال الطبي تراجعت أعداد الأطباء الاختصاصيين، فعلى سبيل المثال تعاني محافظة إدلب من نقص حاد في كوادر الأطباء الاختصاصيين وخاصة في مجال الطبابة النسائية حيث يتواجد في ريف معرة النعمان ثلاثة طبيبات وعدد من القابلات يقدمن خدمات لأكثر من 2500 سيدة من القرى المجاورة والتي تعج بالنازحين ([4])، إلا أن القوى العاملة في بقية القطاعات الطبية كالتمريض والمعاهد الفنية الطبية والدفاع المدني باتت تشهد إقبالاً متزايداً من قبل النساء وذلك استجابة للحاجة الملحّة لها ولتوافر فرص عمل التي يمكن لها أن تستوعب الجميع.

ومما سبق نلاحظ أن منظمات المجتمع المدني لم تستوعب جميع العاطلين عن العمل، ولم تستطع الاستجابة الموضوعية لكامل الاحتياجات، ولكنها الوحيدة تقريباً التي تؤمن فرص عمل مأجورة للمدنيين. كما أنها باتت محركاً هاماً لسوق العمل في قطاعي الصحة والتعليم في المناطق المحررة.

وبالنظر إلى معوقات العمل النسائي حسبما ورد في الشريحة المستبينة نجد أن أكبر المعوقات تتركز في بانعدام الأمن وقلة الفرص والنقص في الخبرات وكثرة مسؤوليات المرأة (الشكل رقم 3)، سيستعرض هذا التقرير نشاطات المجتمع المدني النسوي في عموم مناطق سيطرة المعارضة وفق الآتي:

 

الشكل رقم (3) معوقات العمل النسوي

أولاً: محافظتي درعا والقنيطرة

لا يظهر في هاتين المحافظتين نشاطات واضحة لمنظمات المجتمع المدني فيما يتعلق بدعم المرأة رغم كثرة الاحتياجات، وتقتصر أغلب النشاطات في المنطقة على الأعمال الإغاثية (توزيع مواد غذائية وبطانيات) دون وجود مشاريع حقيقة لبناء المجتمع، فيما تعاني المخيمات السورية التي تقع على الحدود مع الأردن من عدم قدرة السلطات الأردنية والمنظمات الإنسانية المتواجدة من الاستجابة للاحتياجات في هذا المخيم والذي لا يزال يشهد تعتيماً إعلامياً للوضع الإنساني السيء. يتّسم العمل النسائي في المناطق الجنوبية بالضعف ولا يتجاوز عدد المشاريع الموجهة للنساء في هاتين المحافظتين أصابع اليد الواحدة، إذ يلحظ انخفاض عدد المنظمات المهتمة بمشاريع تطوير المرأة فكرياً واقتصادياً أو حتى سياسياً مقارنة بمناطق أخرى كالغوطة الشرقية وادلب، فقد اقتصرت أغلب النشاطات على محاضرات توعية ودورات في الخياطة([5])، وبعض الأنشطة الخدمية والإغاثية إضافة إلى دورات نوعية قليلة موجهة للقائمين على الجمعيات المدنية ذكوراً واناثاً لم تتجاوز فيها أعداد النساء أصابع اليد الواحدة أيضاً، وقد اتسمت هذه الدورات بقصر المدة التي لم تتجاوز 10 ساعات موزعة على يومين في مواضيع الحوكمة([6])، وصياغة المشاريع غير الربحية([7])، والإدارة  المالية([8])، ودورة في كتابة المشاريع ([9])، وبعض دورات الكمبيوتر، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه يسجل لمحافظة درعا أنها كانت السباقة في إنشاء أول فريق دفاع مدني نسائي، ففي بداية عام 2015 تم تدريب فريق الدفاع المدني النسائي بكادر بلغ قرابة 15 سيدة، حيث شمل التدريب طرق إخلاء الجرحى وانتشال الضحايا وطرق الإسعاف الأولي وكيفية القيام بحملات توعوية تشمل التعامل مع القنابل غير المنفجرة([10]).

وجاءت هذه الخطوة استجابة للحاجة لوجود فريق مدرب يساعد في إسعاف النساء المصابات والعناية بهن بالإضافة إلى إجراء المحاضرات التوعوية والدورات التدريبية للفتيات والنساء لتعلم مبادئ الإسعاف الأولي([11]).                                    

ويذكر في هذا السياق أن المشاركات في فرق الدفاع المدني قد عانينّ من صعوبات اجتماعية لتقبل هذا النوع من الأعمال في مجتمع محافظ كدرعا([12])، إلا أن الاحتياجات الطارئة وضرورة تواجد نساء مدربات لإخلاء ضحايا القصف من السيدات جعل وجود فرق الدفاع المدني النسائية أمراً ملحاً، بالإضافة إلى الحاجة لنشر مبادئ وأساسيات التعامل خلال القصف ومع مخلفات الحروب. ويشار إلى أن عمل فريق الدفاع المدني تطوعي، لا تتلقى المشاركات فيه رواتب ثابتة وإنما بعض المكافآت بين الحين والآخر بشكل غير مستمر، كما أن الفريق النسائي يخضع لدورات تدريبة كل فترة في الأردن لتطوير مهاراته وزيادة خبراته بشكل مستمر.

ونورد أدناه هنا بعض الأمثلة عن المؤسسات والأنشطة الموجهة للنساء في المحافظات الجنوبية:

منظمة غصن الزيتون: وهي منظمة ذات مشاريع مختلفة خصص بعضها لدعم المرأة، تضم ما يقارب 56 موظفاً نصفهم من النساء، حيث استقبلت في عدد من مراكزها المهنية ما يقارب 400 امرأة([13])، قدمت لهن تدريبات مهنية كالخياطة بشكل أساسي والتصميم والإدارة والتسويق، ومن ثم تم ربط المتدربات بالعائلات المحتاجة (كل 3 عائلات من النازحين مع كل متدربة) ووزعت على العائلات قسائم بقيمة 100 دولار، تُبدل بما يعادلها من الملابس لكل عائلة، وبهذا تم إنجاح مشاريع الخياطات وتم تأمين متطلبات العائلات النازحة([14]).

منظمة رؤى لتمكين المرأة: وهي منظمة وليدة تشكلت في الشهر الخامس من عام 2016 وتنتشر نشاطاتها في كل من طفس والمزيريب وجيلين وتتراوح نشاطاتها بين نشاطات إغاثية ومحاضرات توعوية وبعض الدورات، ولابد من التأكيد أنه رغم وجود بعض المشاريع والمؤسسات الموجهة للمرأة إلا أنه ماتزال محدودة التأثير ولا تغطي عشر الحاجة الفعلية للمحافظات الجنوبية.                                 

ثانياً: محافظتي دمشق وريفها

يخضع لسيطرة المعارضة في محافظة دمشق عدة أحياء (برزة-القابون – حي تشرين – جوبر – مخيم اليرموك – القدم -التضامن)، إلا أن واقع الحال في هذه المناطق لا يشبه واقع حال المناطق المحررة ولا حتى المناطق الواقعة تحت سيطرة الأسد باستثناء جوبر، فأغلب المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في دمشق تعيش في ظل هدنة مع نظام الأسد منذ سنوات، وتعتبر أحسن حالاً من غيرها وهذا ما أدى إلى توجه أغلب المنظمات والداعمين إلى المناطق الأشد احتياجاً. كما أن الوضع الأمني المضطرب في مخيم اليرموك الذي برز خلال القتال الذي جرى بين عناصر تنظيم الدولة وجبهة النصرة من جهة والفصائل الثورية من جهة أخرى، ثم القتال بين عناصر تنظيم الدولة وعناصر جبهة النصرة عرقل العمل المدني في تلك المنطقة. ومع تراجع دور منظمات المجتمع المدني تراجعت فرص العمل وخاصة الموجهة للنساء واقتصرت المهن التي تعمل بها النساء على التعليم والتمريض وبعض المهن الحرفية، واقتصر دور منظمات المجتمع المدني على توزيع المعونات العينية بالإضافة للقليل من الدورات التدريبية والمحاضرات التوعية مقارنةً بالمناطق المجاورة.

أما محافظة ريف دمشق والتي تشمل الغوطتين الغربية والشرقية ووادي بردى والقلمون فإنه يمكن أن نميز بين حالتين:

  • مناطق محاصرة بشكل جزئي (كبلدات جنوب دمشق –والغوطة الغربية والقلمون)

تحوي أعداد كبيرة من النازحين والمهجرين وتعتبر هذه المناطق هادئة نسبياً وقليلة الاشتباكات، إذ تعتبر هذه المناطق أفضل حالاً من غيرها رغم تواجد أعداد كبيرة من العائلات النازحة إليها إلا أن أعداد الشهداء والعائلات الفاقدة المعيل أقل مقارنةً بالغوطة الشرقية، كما أن أغلب تلك المناطق أبرمت مع نظام الأسد هدن وتفاهمات تقضي بتجميد القتال وإبقاء الحال على ما هو عليه، الأمر الذي جعلها أقل تضرراً، لذلك تعتبر نشاطات منظمات المجتمع المدني فيها أقل كماً ونوعاً نظراً لتوجه الدعم للمناطق الأكثر تضرراً ولضعف نشاطات هذه المنظمات بشكل كبير، وتعمل النساء في هذه المناطق في مجال التعليم والتمريض بشكل أساسي بالإضافة لبعض المهن اليدوية كالخياطة، كما تقتصر نشاطات المنظمات المدنية على النشاطات الإغاثية والمشاريع التعليمية الموجهة للأطفال بالإضافة إلى دعم المشاريع الصغيرة كورشات الخياطة التي تعمل بها النساء وبعض المحاضرات التوعوية.

  • مناطق محاصرة بشكل كامل كالغوطة الشرقية – الزبداني ومضايا:

وهي مناطق ساخنة في أغلب الأحيان تتعرض لاستهداف متكرر-توجد فيها أعداد كبيرة من المدنيين، فالزبداني ومضايا تعانيان من حصار خانق تشرف عليه مليشيات حزب الله حيث تفتقد المنطقتان أدنى مقومات الحياة، ويعيش أهلها تحت وطأة الجوع والمرض والبرد والأمراض الفتاكة، ونظراً لتدهور الحالة الاقتصادية والإنسانية وتوقف العمل بالزراعة وهو عصب الاقتصاد في هذه المنطقة، يقتصر عمل منظمات المجتمع المدني على قلتها على العمل الإغاثي لانعدام الموارد وصعوبة الحصول على الاحتياجات العادية الأساسية، حيث تبقى الأولوية تأمين ما يسد رمق الجائعين ويؤمن الدواء لهم، أما الغوطة الشرقية ورغم الحصار الخانق -الذي فرض عليها منذ نهاية عام 2012 يرافقه مئات الهجمات ومحاولات الاقتحام وآلاف الغارات والقذائف والذي أدى إلى أعداداً كبيرة من الشهداء والجرحى وذوي الاحتياجات الخاصة والأرامل والأيتام - إلا أنها تشهد نشاطاً مدنياً غير مسبوق، حيث استطاعت الهيئات المدنية في الغوطة من مجالس محلية وتوابعها ومنظمات المجتمع المدني أن تدير المنطقة وتسد الفراغ الذي خلفه غياب أجهزة الدولة قدر الإمكان، وتتميز الغوطة الشرقية بوجود كوادر نشيطة (ذكوراً وإناثاً) على مستوى عالٍ من التأهيل والوعي، استطاعت العمل وتقديم مشاريع متميزة كمّاً ونوعاً، كما استطاعت أن تستقطب الدعم وتستثمره بشكل جيد منظم، الأمر الذي شجع الداعمين على تقديم المزيد.

فعلى صعيد العمل النسائي الفردي زاد إقبال النساء على العمل نتيجة للحاجة المادية المتزايدة ولفقدان المعيل فاضطرت الكثيرات من النسوة للعمل لإعالة العائلة، بينما عادت أعداد منهن إلى مقاعد الدراسة من جديد لتطوير خبراتهن ومهاراتهن، وتعمل النساء في الغوطة بشكل رئيسي في قطاعي التعليم والطب حيث تشكل النساء نسبة تصل إلى 80% من القائمين على المجالين التعليمي والطبي([15])، كما تتواجد في الغوطة حوالي خمس طبيبات مازلن على رأس عملهن بالإضافة إلى عدد من طالبات الطب البشري اللواتي يساعدن في العمل الطبي، بينما يتركز العدد الأكبر من النساء في قطاع التمريض والقطاع الفني الطبي، وحسب تقييم رئيسة مكتب المرأة بيان ريحان، التابع للمجلس المحلي في دوما يمكن اعتبار أن الوضع في الغوطة الشرقية بعد عام 2012 أصبح في صالح المرأة، وخاصة في موضوع العمل، فهناك تنافس محموم لتقديم الدعم للنساء ورعاية المشاريع الخاصة بهن.

أما على صعيد العمل المؤسساتي، تتواجد في الغوطة الشرقية العديد من المكاتب والمنظمات المتخصصة بالعمل مع المرأة والطفل على وجه التحديد، كمكتب المرأة التابع للمجلس المحلي ومنظمة النساء الآن ونساء الغوطة وغيرها، بالإضافة إلى اهتمام منظمات المجتمع المدني الأخرى بإقامة مشاريع موجهة للنساء كل حين، وتقسم المشاريع الموجهة للنساء في الغوطة إلى قسمين:

  • مشاريع تشغيلية: تشمل ورشات الخياطة والتطريز والصوف والمشاريع الزراعية ([16])والإنتاجية([17]).
  • مشاريع تعليمية: تتراوح بين دورات بسيطة لتعليم حرفة كحلاقة الشعر، ودورات الإسعاف الأولي، وتعليم اللغات والكمبيوتر، وصولاً إلى برامج القيادة النسائية والتمكين.

ويمكن ذكر بعض الأمثلة عن النوعية المتقدمة للمشاريع المهتمة في تطوير وتمكين المرأة في الغوطة فيما يلي:

  • مركز النساء الآن في مسرابا، وتتنوع مشاريع المركز بين دورات محو الأمية في اللغة العربية والرياضيات والعلوم وللغة الانكليزية والكمبيوتر، ومحاضرات توعوية وثقافية بالإضافة الى دعم نفسي للسيدات، كما يقوم المركز بورشات عمل شهرية، كـإدارة المشاريع، والزراعات المنزلية، السلامة الغذائية والإعراب وطرائق التدريس. وينظم المركز “برنامج القيادات النسائية” الذي يهدف لتشجيع النساء وتهيئتهن ليأخذن أدوارهن وحقوقهن في المجتمع وزيادة التمثيل النسائي في صناعة القرار ([18]).
  • مركز نساء الغوطة تشرف على إدارته السيدة هدى خيتي، يضم تسعة أقسام: المكتبة، الدعم الاقتصادي، الكمبيوتر، الاستشارة الاجتماعية والنفسية، التنمية البشرية، اللغة العربية، اللغة الإنكليزية، اللغة الفرنسية. كما يضم المركز قسم للاستشارات القانونية تشرف عليه محامية، تقدم الدعم القانوني، ويقيم المركز بشكل دوري دورات في الإسعاف الأولي والتمريض والمعالجة الفيزيائية. وخلال سنتين من عمله، قدّم المركز 18 دراسة كاملة لمشاريع تتعلق بالمرأة تتولى قيادتها النساء، كما نظّم محاضرات لتأهيل المرأة وحملات توعية حول سرطان الثدي ومشاكل تنظيم الأسرة والزواج المبكر وقام المركز بعدة فعاليات بالتعاون مع منظمات أخرى، أبرزها مكتب المرأة في المجلس المحلي، ومؤسسة “الأمل المشرق” وساعد في تأمين فرص عمل لعدد من السيدات([19]).

ويلحظ أيضاً قيام بعض المنظمات بتنظيم فعاليات موجهة للنساء، كالندوة النسائية التي عقدتها منظمة اليوم التالي في دوما التي انعقدت في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر 2016([20])، بهدف تعزيز دور المرأة في المجالس المحلية وتشجيعها على الانخراط فيها، بحضور عددٍ من الفاعلين المدنيين، بينهم المهندس أكرم طعمة، نائب رئيس الحكومة السورية الموقتة، بالإضافة إلى ورشات التثقيف السياسي([21]) والوعي الثوري([22]) الموجهة للنساء.

هذا ومن الملاحظ وجود كوادر نسائية تشغل أكثر من منصب في أكثر من منظمة وهذه من النقاط التي تؤخذ على عمل تلك المنظمات([23])، فعلى سبيل المثال تعمل بيان ريحان كمديرة لمكتب المرأة في المجلس المحلي لدوما، ومسؤولة تواصل في منظمة “اليوم التالي”، ومدربة في مجال التنمية البشرية مع منظمة “النساء الآن”، وتدير القسم النسائي في مركز “شام” الحقوقي، بدورها تعمل هدى خيتي، إضافة إلى إدارة مركز “نساء الغوطة”، كرئيسة لقسم الدعم النفسي في مشفى “حمدان”، وتدير نشاطات أخرى.

ويشير تقرير نشرته جريدة عنب بلدي إلى أن الغوطة تضم نساءً عاملات، ولكنها تعاني من نقص “الفاعلات”، حيث يعود السبب لمعوقات حدت من نشاط المرأة، أبرزها تأمين لقمة العيش بدلًا عن زوجها المعتقل أو الشهيد، بالإضافة إلى تعرض العديد من النساء للمضايقات من قبل جاهلين لا يقدرون حتى اليوم أهمية دور النساء، ولكون العمل القيادي في الغوطة محصور بالفئات ذات التحصيل العلمي العالي، ما يؤدي إلى تكرر النماذج التي تقود أكثر من عمل في مؤسسات ومراكز عدة، كما تعمل النساء أيضاً في مؤسسات مجتمع مدني أخرى تعنى بالأطفال والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والدعم النفسي إضافة لعملهم في المراكز التدريبية والتعليمية.

ثالثاً: محافظة حمص

كانت محافظة حمص حاضرة في الثورة منذ الأيام الأولى، وقد دفعت ثمن مشاركتها المبكرة غالياً، فقد طالها القصف العنيف والتدمير الممنهج، إلا أن ذلك لم يؤثر في نشاط أهلها ورغبتهم في التغيير، ويلحظ أن النشاط المدني تراجع في الأحياء المحررة نتيجة الاستهداف وظروف الحصار، فيما يعاني ريف حمص من ظروف أصعب نتيجة الحصار والاستهداف المتكرر والنقص الكبير في الدعم، حيث تغيب النشاطات النسائية في ريف حمص لضعف الإمكانيات، ووفقاً للعديد من التقارير الصحفية فإنه لا توجد مراكز نسائية في حمص أو ريفها كما لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد النساء العاملات في ريف حمص الشمالي وحي الوعر، إلا أن ناشطي المنطقتين قدّروهن بالمئات، ويرى معظمهم أنه النساء عملن في ظروف عشوائية، ولم يتلقين دعمًا باستثناء حالات نادرة، إذ تتقاضى المرأة العاملة في حمص مبالغ زهيدة تصل إلى 25 ألف ليرة سورية (ما يعادل 50 دولارًا)([24]).

أما في ريف حمص، فقد غابت أيضاً المشاريع الموجهة للمرأة والتي تعينها على خدمة نفسها وأسرتها، ويعود ذلك إلى أسباب مختلفة أهمها الضعف الإعلامي الناتج عن غياب الإنترنت جراء توقف شبكات الاتصال الحكومية وعدم توافر أجهزة الاتصال الفضائي إلا من فترة قريبة، وهو ما تسبب بشح في أخبار هذه المنطقة، بالإضافة لغياب الدعم اللازم لتمويل المشاريع الصغيرة في منطقة يتواجد فيها أعداد كبيرة من الأسر بدون معيل والعائلات التي تعيش تحت خط الفقر.

 والجدير بالإشارة هنا هو وجود مركز حديث بدأ بالتوجه للمرأة وهو مركز "بصمات للتنمية" في الرستن والذي يقوم بدورات لتعليم الحياكة وحلاقة الشعر ومبادئ الإسعاف الأولي وعدد من المحاضرات التوعوية.

رابعاً: محافظة حلب وريفها

 شهدت مناطق مدينة حلب الشرقية نشاطاً نوعياً لمنظمات المجتمع المدني، إلا أن هذا النشاط تراجع مع الاضطرابات الأمنية وخصوصاً مع تزايد الهجمات والاقتحامات وحصار المدينة، حيث تحول أغلب العمل المدني إلى عمل إغاثي لتأمين الاحتياجات الأساسية للسكان([25])، ومن أهم هذه المؤسسات مكتب المرأة في المجلس المحلي لمدينة حلب([26]) الذي ترأسته السيدة أسماء العبد الله، والذي أنشئ مطلع العام 2016، وقد تركزت نشاطاته على ندوات تثقيفية وتوعوية بالنسبة للنساء، ودورات حوارية عن كيفية التعامل مع المعتقلات والناجيات من سجون النظام، ومقترحات بخصوص إنشاء مراكز دعم لهن، وإقامة مكاتب للمرأة في مجالس الأحياء، وأنشأ مكتب المرأة ثلاثة مراكز لتوعية للنساء من أعمار 15 سنة فما فوق، اعتنت بتعليم النساء الحاسوب واللغة الإنكليزية والإسعافات الأولية ومهارات أخرى (تصفيف الشعر، الخياطة، الأشغال اليدوية). ومن المنظمات التي تعنى بالمرأة نذكر:

  • جمعية نساء سوريا عملت الجمعية بنفس المجالات السابقة حيث أقامت حملات توعية حول سلامة مياه الشرب، إضافة لدورات أخرى لمحو الأمية للنساء وندوات عن ظاهرة الزواج المبكر، والعنف ضد النساء، بالإضافة إلى ساعات ترفيهية للنساء المسنات في ظل ظروف الحرب، ومحاضرات قدمتها حقوقيات حول أهمية تثبيت عقد الزواج في المحاكم الشرعية([27]).
  • جمعية ريحانة الشام والتي شمل نشاطها الناحية العلمية أيضاً، وأدارت الجمعية عشرات الورش الخاصة بالتربية والتعليم للمراحل الدراسية المختلفة، كما أقامت عدة دورات شرعية وتعليم مهارات نسوية مختلفة، إضافة لدورات خاصة بمحو الأمية"([28]).

وفي ريف حلب يلاحظ نشاط نسائي يشابه ما كان يجري في حلب، إلا أن هناك مشروعاً متميزاً يعتبر الأول من نوعه، فضمن سلسلة مشروعات تمكين المجتمع المحلّي قامت لجنة تمكين النسائية الفرعية في مدينة الأتارب خلال الدورة التمويلية الرابعة، بالإشراف على تنفيذ مشروع للبنية التحتية يهدف لإعادة تأهيل الطرق الرئيسية وتزفيتها في المدينة. تم تنفيذ المشروع بإدارة لجنة النساء الفرعية بتكلفة $67,370 (دولار أمريكي) – الميزانية الأكبر في مشاريع الأتارب خلال هذه الدورة([29]). وتم التخطيط للمشروع من قبل ثلاث مهندسات من مدينة الأتارب([30])، قمن بإجراء مسح للطرق التي تحتاج إلى إعادة تأهيل بالتنسيق مع المجلس المحلي والأطراف الفاعلة الأخرى في المدينة. قامت النساء أيضاً بالإشراف على المشروع والتعاقد مع مورد بالإضافة إلى متابعة العمل بشكل يومي."

كما قامت اللجنة النسائية لتمكين في ريف حلب الشمالي بتنفيذ المشروعين اللذين قامت بتقييمهما وهما (مشروع روضة تعليمية([31]) ترفيهية -روضة ياسمين الشام -ومشروع النظافة في المخيمات العشوائية)، ويشار إلى أن نشاط منظمة تمكين يهدف إلى تأهيل مجموعة من النساء عبر دورات الحوكمة والإدارة الرشيدة، ومن ثم تمويل مشاريع تقترحها المشاركات بعد أن يتم استطلاع حاجة المجتمع المحيط وبذلك يتم تطبيق كل ما ورد في الدورات بشكل عملي.

وفي سياق آخر قام مركز التأهيل والتدريب للدفاع المدني بتخريج ما يقارب 12 دورة نسائية بتعداد ما يقارب 300 متدربة من النساء بريف حلب الغربي، ودربن على محاور الإنقاذ والتعامل مع الإصابات الكيماوية، وعلى قدرات التحمل والضغط.          

خامساً: محافظة إدلب وريفها

تشهد محافظة إدلب وريفها تزايداً سكانياً طارئاً نتيجة موجات النزوح المتكررة من مناطق الاشتباكات في سوريا وحتى من العراق، بالإضافة إلى موجات التهجير القسري التي زادت بشكل غير مسبوق، ناهيك عن تعرض المنطقة بشكل دوري للاستهداف المباشر من قبل طيران الأسد الذي تسبب بالعديد من المجازر وخلف أعداداً من الشهداء والعائلات التي فقدت المعيل. الأمر الذي بات يشكل تحدياً صعباً لكل منظمات المجتمع المدني فيها. وعلى الرغم من وجود أعداد أكبر من منظمات المجتمع المدني، وتحقيق بعضها تميزاً في المشاريع المقدمة كمّاً ونوعاً، إلا أن الحاجة ماتزال أكبر من جهود كافة الجمعيات والمنظمات مجتمعة. وخصوصاً أن المنطقة تحظى باهتمام المنظمات الأجنبية والعربية ويقدم لها الجزء الأكبر من الدعم، نظراً لسهولة تنفيذ المشاريع ومتابعتها لوجود منافذ حدودية مع تركيا، ولتواجد أعداد كبيرة من المخيمات الحدودية.

لقد كان للنشاط الإغاثي الواضح في المنطقة آثاراً غير مشجعة على عمل النساء، إذ باتت السلل والمعونات الإغاثية مصدراً أساسياً لحياة عشرات العائلات التي تعيلها النساء والتي أصبحت خياراتها محدودة بقيود المجتمع وأعرافه الأمر الذي شجع بعض النساء رفض أي عمل يقدم إليهن مكتفيات بتلك المساعدات، دون إدراك منهن أو وعي لأن تلك المساعدات قد تتوقف فجأة لتوقف الدعم([32]).

هذا ويتواجد في محافظة إدلب فريق نسائي للدفاع المدني لا تتقاضى فيه المتطوعات أي راتب كحال أغلب مراكز الدفاع المدني، ويحاول الفريق رفع الوعي في المدارس والبيوت وتقديم المساعدة النفسية بعد الصدمات، والتوعية بأخطار الألغام المزروعة في مناطق الريف وعلى الحدود، والتي تسببت في إعاقة عدد كبير من الأطفال([33]).

ولا بد من الإشارة إلى نوع جديد من الأعمال ظهر في المنطقة شاركت فيه النساء، فقد تناقلت الصفحات الإعلامية السورية والتي نشرت صوراً لسيارات تحمل اسم الشرطة النسائية([34])، وتقوم على تسييرها مجموعة من النساء اللاتي يتبعن إدارياً لجيش الفتح، وتنظيمياً لجبهة النصرة، إذ تقوم هذه الدورية بملاحقة النساء في الشوارع على اللباس والمكياج، ومراقبة الالتزام باللباس الشرعي الكامل، كما تقوم على مراقبة حركة مدارس البنات، وتقوم بجولات تفتيش داخل الصفوف حسب شهود عيان، إلا أن هذه الأمور لم تعد تسمع في الآونة الأخيرة.

وعن طبيعة المشاريع الموجهة للمرأة، بينت الشريحة المستبينة أن النسبة الأكبر كانت عبارة عن مشاريع توعوية تليها مشاريع الحرف اليدوية، بينما كانت الدورات التخصصية هي النسبة الأقل من هذه المشاريع، الشكل رقم (4).

 

الشكل رقم (4): طبيعة المشاريع الموجهة للمرأة في مناطق سيطرة المعارضة

 

ومن الأمثلة عن العمل النسائي في إدلب يمكن ذكر الآتي:

  • مركز بصمات الاجتماعي والذي يقدم دورات إسعاف أولي والتمريض والعلاج الفيزيائي، ودورات تقوية في اللغة الإنكليزية وندوات توعية حول العنف الموجه للمرأة، بالإضافة إلى برامج الدعم النفسي([35]).
  • رابطة المرأة المتعلِّمة وهي عبارة عن إحدى عشرة سيدة متعلمة يعملن بشكل طوعي من محافظة إدلب، هدفهم الأساسي دعم المرأة غير المتعلمة من نساء الشهداء والمعتقلين وفتيات في مرحلة الدراسة الجامعية وإكسابهم مهنة تضمن لها حياة كريمة، ويوجد في الرابطة أحدَ عشر مكتباً، كلٌّ منها يستهدف فئة معينة ويخطط لنشاطات تعليمي -الصحي والدعوي ومكتب متابعة شؤون الأرامل وغيرها بشكل فعال ومتناغم مع باقي المكاتب، وتتنوع نشاطاتها بين نشاطات الدعوية وندوات طبية ودورات صحفية وإعلامية تشمل مبادئ الإعلام وكيفية التعامل مع مواقع التواصل، ومبادئ التصوير، ويمتد نشاط المنظمة بين المدينة والريف والمخيمات، حيث أقيمت دورة التمريض في مخيم الكرامة للاجئين في الشمال السوري ودورات شرعية في مخيمات (الفاروق -طيبة -خالد بن الوليد) ([36]).
  • لجان تمكين النسائية: والتي تنتشر في عدة مناطق كمعرة النعمان ومعصران وكفر روما وغيرها وقد قامت بعمل عدد من المشاريع التي تخدم النساء كمركز التوليد (مشروع الصحة الإنجابية) في كفر روما ومخبر التحاليل الطبية النسائي في بلدة معصران، وتقوم اللجان النسائية بالاجتماع مع المجتمع النسائي في المنطقة واستطلاع رأيه عن أهم الاحتياجات، حيث يتم دراسة الاقتراحات واختيار مشاريع للمرحلة المقبلة([37]).
  • مركز مزايا في كفر نبل، وهو مركز نسائي يساعد النساء على التدرب على مهن مختلفة كالخياطة والتطريز بالإضافة إلى دورات محو الأمية والإسعاف الأولي ويستهدف على وجه الخصوص المسؤولات عن إعالة الأسر بسبب موت أزواجهن أو التحاقهم بجبهات القتال([38]).
  • مركز "النساء الآن" في معرة النعمان والذي يقيم عدة أنشطة موجهة للنساء كان أهمها الأسبوع الثقافي الذي تضمن مجموعة من الجلسات التثقيفية حول التعامل مع أطفال، وأساليب حمايتهم من الأخطار وتطرق إلى مواضيع هامة كتجنيد الأطفال محو الأمية والصحة الإنجابية والغذائية بالإضافة إلى ندوات لتعريف النساء بحقوقهن وواجباتهن، خصوصاً أن الكثيرات لا يزلن يتعرضن للاستغلال ويحرمن من حقوقهن، كحق الإرث أو التملك أو التعلم([39]).
  • منظمة بارقة أمل، وتتميز بنشاطاتها ومشاريعها النوعية فقد توجهت المنظمة بالإضافة إلى الدورات الحرفية، إلى النساء المثقفات وطالبات الجامعة في المنطقة واللوات يشكلن قرابة 60% من مجموع السيدات حسب ما صرحت به مديرة المؤسسة السيدة ندى سميع، وقد تمكنت المنظمة من تأمين منح للدراسة في جامعة رشد الافتراضية ([40]) لأكثر من 70 طالبة في كل من برامج (إدارة المنشآت الحكومية - العلوم سياسية - وإدارة اعمال) كما أقامت عدة دورات في الصحافة وإدارة الاعمال والحوكمة وحقوق المرأة في القانون([41]) والشفافية ودورات الكمبيوتر، حيث بلغ عدد المستفيدات ما يقارب 300 امرأة بالإضافة إلى دورات محو أمية والدعم النفسي ودورات السباحة وقيادة السيارات الموجهة إلى النساء فاقدات المعيل، ويذكر أن المنظمة تأسست على يد مجموعة طبيبات ومهندسات صيدلانيات ومدرسات، حيث تسعى القائمات عليها إلى إقامة مشاريع مع منظمات وجمعيات نسائية أخرى، كحملة مكافحة هجرة الشباب، ومعرض التراث الشرقي الشعبي والذي يهدف لربط الإنسان بجذوره، بالإضافة إلى إنشاء مكتب خدمي نسائي في دوائر الإدارة  المدنية لمساعدة النساء بإتمام معاملاتهن، والذي جاء استجابة لتنسيق مشترك بين منظمة بارقة أمل وحلقة سلام التابعة لشبكة أنا هي. ومن المشاريع المميزة التي أقامتها المنظمة مشروع معهد تدريب أبناء الشهداء والمعتقلين والذي تقوم عليه 10 أنشأت متطوعات يتوجه لكافة المراحل العمرية من الصف الأول حتى الشهادة الاعدادية للفتيات فقط أما الذكور حتى عمر 9 سنوات.
  • شبكة أنا هي: وهي مجموعات نسائية بدأت عملها في عام 2012 عبر تدريب بعض الكوادر النسائية وتقديم كل ما يلزم لمساعدتهن على بناء جمعيات ومنظمات خاصة بهن تنتشر في عدة مناطق من سورية (أطمة وإدلب وعامودا والحولة واحسم)، تسعى هذه المجموعات إلى مناقشة أوضاع النساء في المنطقة وتقديم مبادرات من شأنها مساعدة المرأة وتعزيز دورها في المجتمع. ومن نشاطات حلقات سلام التابعة لشبكة أنا هي: إقامة جلسات توعوية حول أهمية التعليم ومحاربة التسرب –ومناقشة بعض المشكلات الاجتماعية كحرمان النساء من الميراث بالإضافة إلى بعض ندوات التثقيف العام للتعريف بمطالب الحركات النسوية والتثقيف السياسي وتدريبات الشفافية. وتسعى شبكة أنا هي لاستهداف النساء القياديات أو اللواتي لديهن رغبة في تطوير واقع المرأة وخاصة ممن لديهن مشاريع أو أفكار مناسبة للتطبيق حيث يتم تعليميهن كيفية القيام بحشد مجتمعي وآليات المناصرة والتوجه نحو صانع القرار بالإضافة إلى مهارات تنظم العمل وقياس الأدوات والموارد وطرق التوسع في مفاهيم بناء السلام المحلي وتمكين النساء([42]). وقد لاقت أنشطة المنظمة تجاوباً جيداً وفق ما يراه القائمون عليها، تجلى ذلك بالمبادرات النوعية التي طرحتها النساء، والتي نفذ جزء من على الأرض بالتعاون مع القوى المحلية وقادة المجتمع، فمن أمثلة المبادرات التي طرحتها حلقات السلام مبادرة تشكيل كوتا نسائية فاعلة في المجالس المحلية([43])، ومبادرة تشكيل مكاتب نسائية خدمية في ريف إدلب تم تنفيذها على أرض الواقع، ومبادرة التصدي لظاهرة زواج القاصرات التي نفذتها حلقة سلام في ريف حمص الشمالي في واحدة من القرى التي وصلت نسبة زواج القاصرات 3 من أصل خمس واقعات زواج، حيث قامت المشاركات في المبادرة بمحاضرات توعية تزامن مع حراك شعبي شمل المجلس المحلي والمحكمة الشرعية، والذي تكلل بتوقيع وثيقة شرف حدت من انتشار تلك الظاهرة.

كما أقامت شبكة أنا هي بالتعاون مع منظمة بارقة أمل مؤتمراً نسائياً بمناسبة انتهاء مبادرة الهيئة النسائية حيث طرح فيه العديد من الأفكار لتمكين المرأة، وطرحت بعض الافكار حول الزراعة المنزلية البسيطة التي هي عبارة عن أنابيب تزرع فيها بعض المزروعات البسيطة كالفريز والزعتر، وتم نقاش بعض الافكار الأخرى.([44])

 

واقع التعليم العالي النسائي في مناطق سيطرة المعارضة

لا بد عند الحديث عن واقع العمل النسائي التطرق إلى واقع التعليم المتوافر نظراً لكون التعليم والعمل أمران متلازمان يؤثر إحداهما بالآخر بشكل مباشر، وعلى الرغم من الاهتمام الكبير الذي توليه المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني لدعم العملية التعليمية والحرص على استمرارها ودوامها إلا أن هذا الاهتمام يتوجه للمراحل الدراسية الابتدائية والإعدادية وحتى الثانوية، والتي تغص بالطلاب ذكوراً كانوا أم إناثاً، حيث لا توجد أي عوائق تقف أمام تعليم النساء في هذه المراحل سوى القصف المتكرر واستهداف المنشآت التعليمية، بينما تبقى فرص التعليم الجامعي قليلة جداً، وغير مرضية، ويشوبها الكثير من المشاكل. وهنا لا بد من الحديث بشيء من التفصيل عن واقع التعليم الجامعي ومدى توجهه للنساء لكونه يزيد فرص النساء في الدخول لسوق العمل، إذ تتواجد في مناطق سيطرة المعارضة جامعتان انطلقت أعمالهما منذ أواخر عام 2015 وهما جامعة حلب الحرة التابعة للحكومة السورية المؤقتة والتي انتشرت فروعها في إدلب وحلب وريف دمشق ودرعا وجامعة إدلب الحرة التي تغطي محافظة إدلب وريفها، إلا أن الجامعتين مازالتا عاجزتين عن تغطية أغلب الاحتياجات وتعانيان من العديد من المشاكل أهمها:

  1. فروع الجامعات لا تغطي أغلب المناطق المحررة المقطعة الأوصال حيث يواجه الطلاب مشكلة التنقل والوصول.
  2. الوضع الأمني المضطرب والاستهداف المتكرر لمراكز الجامعة.
  3. قلة الكوادر المؤهلة، الأمر الذي انعكس على عدد الفروع وعدد الطلاب.
  4. قلة الدعم وهو العائق الكبير أمام افتتاح فروع جديدة.
  5. عدم وجود اعتراف بشهادة الجامعة إلا في الأراضي المحررة وهي المشكلة الأكبر التي تعترض الطلاب الذين يعتقدون أن مستقبلهم العلمي في هذه الجامعات غير مضمون.

أولاً: التعليم العالي في الغوطة الشرقية

لاقى افتتاح فرع لجامعة حلب في الغوطة الشرقية استحساناً كبيراً من أهاليها وشجع الكثير من المنقطعين عن الدراسة -رجالاً ونساءً -على العودة إلى مقاعد التعليم والتقدم لامتحانات الشهادة الثانوية، وخاصة ربات البيوت اللاتي عاودن الدراسة بعد سنوات من الانقطاع وحققن نتائج رائعة ودرجات عالية في الامتحانات ومن ثم تقدمن بطلبات المفاضلة لجامعة حلب لمتابعة تعليمهن الجامعي. ويضم فرع الجامعة في الغوطة الشرقية معاهد لإعداد المدرسين بكافة فروعها وكلية للطب البشري وطب الأسنان وأخرى لإدارة الأعمال والتجارة والاقتصاد ومعهد متوسط للالكترون، وتتواجد ضمن كوادر الجامعة التدريسية أعداد من النساء في كلية الطب والإدارة، وتشير إحصائيات فرع جامعة حلب في الغوطة الشرقية أن هذا العام شهد إقبالاً متزايداً للالتحاق بالجامعة مقارنة بالأعوام السابقة، وخصوصاً من الإناث حيث ارتفعت نسبة الطالبات المستجدات هذا العام لنسبة تتجاوز 50% في عموم الكليات ولكنها بلغت 70% لصالح الإناث في كليتي الطب البشري وطب الأسنان في زيادة ملحوظة عن العام الماضي، في حين يشهد معهد إعداد المدرسين والذي تم افتتاحه منذ أربع سنوات إقبالاً لافتاً في كافة فروعه حيث بلغت نسبة الإناث العام الماضي 772 مقابل 102 من الذكور.([45])

كما تشهد الكليات الطبية إقبالاً لافتاً من الإناث مقارنة بكليتي الاقتصاد والإدارة  والتي لا تتعدى نسبة الإناث فيها 35%، حيث يتوقع أن افتتاح كليات للآداب والتربية والحقوق سيستقطب أعداداً متزايدة من الطالبات، ويشجع الأهالي في الغوطة بناتهم على متابعة التعليم وذلك لوجود سوق عمل يستوعب الجميع، إلا أن هناك بعض الصعوبات التي تعترض النساء خلال فترة دراستهن أهمها عدم وجود حضانات للأطفال تساعد الطالبات على تأمين أطفالها خلال فترة الدراسة، كما أن فترة الدراسة الطويلة قد تشكل مشكلة للطالبة وخاصة في حالة الزواج أو الانجاب وتتسبب في حالات انقطاع، حيث لوحظ أن أعداد المتسربات في معاهد إعداد المدرسين تفوق أعداد المتسربين إلا أن العديد من الطالبات يعاودن الدراسة بعد تغير الظروف. هذا وتفتقد الجامعة حالياً المنح الافتراضية الموجهة لطلاب الدراسات العليا والتي تساعد على تأهيل الكوادر التدريسية التي تساهم في رفد الطاقم التعليمي في الجامعة وتساعد في استيعاب الأعداد المتزايدة كما أن تأمين اعتراف بخريجي جامعة حلب الحرة، سيكون محفزاً كبيراً للطلاب على متابعة تعليمهم. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى تمكن بعض طلاب الغوطة الشرقية من الحصول على منح مقدمة من جامعة رشد الافتراضية وبعض الدروس التدريبية عبر شبكة الانترنت، ويتواجد في الغوطة أيضاً إلى جانب جامعة حلب أكاديمية مسار والتي توفر للنساء الدراسة في كلية طب الأسنان وأكاديمية العلوم الطبية التي تضم فروع المعالجة الفيزيائية وطب الطوارئ والأطراف الصناعية والتمريض بالإضافة إلى كلية الدعوة، وتقدم الأكاديمية إلى جاني ذلك عدد من الدورات في التنمية البشرية واللغات والكمبيوتر والإدارة  والصحافة والإعلام، كما يوجد في الغوطة معاهد الأنوار المتوسطة والتي تقدم خدماتها لطلاب الشهادة الثانوية وتضم المعهد المتوسط قسم اللغة العربية واللغة الانكليزية والعلوم الشرعية وقسم الرياضيات والفيزياء والكيمياء وقسم الحاسوب.

ثانياً التعليم العالي في المحافظات الجنوبية

يعاني الطلاب في المحافظات الجنوبية صعوبة كبيرة في متابعة مسيرتهم التعليمة وخاصة في المرحلة الجامعية، فقد قامت قوات الأسد باعتقال العديد من الطلاب الجامعيين على الحواجز دون سبب وجيه خلال ذهابهم لإتمام دراستهم في جامعات دمشق واللاذقية، واستهدفت حالات الاعتقالات الإناث على وجه الخصوص للضغط على الفصائل أو على العائلات الثائرة والانتقام منها مما دفع الكثير من الطلاب لترك مقاعد الدراسة حفاظاً على سلامتهم. إلا أن افتتاح فرع لجامعة حلب الحرة يغطي محافظتي درعا والقنيطرة أعاد الأمل بشكل جزئي للطلاب وخاصة أنه يحوي معاهد لإعداد المدرسين تتألف من ستة أقسام (اللغة العربية والرياضيات والعلوم العامة والشريعة ومعلم صف-واللغة انكليزية) تتواجد في كل من نوى لتغطية ريف درعا الغربي والمسيفرة التي تغطي ريف درعا الشرقي.

كما افتتحت الجامعة هذه السنة أربع كليات جديدة كلية الهندسة الكهربائية في مدينة نوى وكلية التربية بقسميها معلم صف وإرشاد نفسي وكلية هندسة زراعية في بلدة المزيريب بالإضافة إلى كلية التمريض ببلدة نصيب، وتشير الإحصائيات أن عدد المتقدمين للمفاضلة هذا العام بلغ 950 طالباً وطالبة، تم قبول ما يقارب 500 منهم في معاهد إعداد المدرسين والكليات المستحدثة وقد لاقت كليات التمريض وكليات التربية إقبالاً كبيراً من الإناث، كما أن كلية التمريض استوعبت هذا العام 100 طالب أغلبهم من الإناث إلا أن الوضع الأمني المضطرب وعدم توافر سكن جامعي وصعوبة المواصلات حرمت أخريات من متابعة دراستهن الجامعية، هذا وقد تسبب ضعف التمويل في تأجيل افتتاح كلية الصيدلة والتي كان من المقرر افتتاحها هذا العام في حين يجري دراسة إمكانية افتتاح كليات الآداب وكلية علم الاجتماع نظراً للحاجة الماسة لها في المنطقة([46]).

ثالثاً: التعليم العالي في حمص وريفها

يتوقف التعليم عند المرحلة الثانوية لكل من الذكور والإناث في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في محافظة حمص، فلا توجد فرصة لإكمال التعليم الجامعي في ريف حمص لعدم وجود أي فرع لجامعة أو معهد متوسط، الأمر الذي دفع بعض الأهالي إلى إرسال أبنائهم لإكمال الدراسة في مدارس النظام وجامعاته وهو ما عرضهم لخطر الاعتقال وخاصة الفتيات. ومع تزايد حملات الاعتقالات من على الحواجز، حرمت الفتيات من إكمال مسيرتهن التعليمية بانتظار أي حل تقدمه الهيئات المعنية لإنقاذ مستقبلهن العلمي، حيث يتواجد العديد من الفتيات الراغبات بمتابعة الدراسة والتخصص فيما لو توفرت لهم المساعدة والإمكانيات سواء كان بالدراسة المباشرة أو من على بعد وتأمين كل ما يحتاجه هذا الأمر من قبولات جامعية وبعض اللوجستيات الفنية كالحواسب وتوافر الإنترنت. يبدو الوضع التعليمي في مدينة حمص مختلفاً، فعلى الرغم من عدم وجود جامعة هناك إلا أن البعض قد وجد حلولاً لمساعدة الطلاب على التعليم رغم الصعوبات، فقد تمكن مجموعة من الناشطين من تأسيس مؤسسة قيم الثقافية والتي تقدم خدماتها التعليمية للطلاب من دورات لغات ودورات في إدارة الأعمال وفي المجال التربوي والدعم النفسي والتنموي بالإضافة إلى علوم الحاسب حيث تم تأسيس مركز "الفاتح" الذي يقدم خدماته بالمجان للذكور والإناث على حد سواء عبر مكتبة عامة تم إنشاؤها بالإمكانيات المتاحة وقاعات كمبيوتر توفر الانترنت المجاني للمستخدمين .

ويمكن اعتبار مشروع البيان للتعليم عن بعد الذي طبقته المؤسسة نموذجاً لتحدي الظروف والاعتماد على الذات والذي توجه للطلاب في مناطق الحصار، فقد بدأ المشروع في منتصف عام 2014 بتمويل فردي بعد أن رفضت أغلب المنظمات تقديم الدعم لهم كون الفئة المستفيدة من أبناء مدينة حمص القاطنين في مناطق محاصرة، على اعتبار أنه لا جدوى من تعليمهم فهم قد يواجهون الموت في أية لحظة، إلا أنه وبجهود القائمين على المشروع تم تأمين ميزانية أولية قدرها 1200$ لتعليم 12 طالباً، وذلك عبر تسجيلهم في دورات مدفوعة عن بعد، وبعد أن انتهت عملية الدراسة وأثبت الطلاب إتقانهم للمادة العلمية تم تعليمهم مهارات التدريب حيث أصبحوا مدربين في الاختصاصات التي درسوها([47]).

 وبعد النتائج المشجعة للمرحلة الأولى تطورت الفكرة، إلى مراسلة عشرات الجامعات الافتراضية في أنحاء العالم في محاولة للحصول على منح مجانية لمرحلتي الدبلوم والماجستير، حيث استطاعوا الحصول على عدد من المنح الكاملة والجزئية وقام متبرعون أفراد بتقديم كلفة الدراسة، ترافق ذلك بتقديم المركز دورات تقوية في اللغة الانكليزية كون الدراسة تتم في جامعات أجنبية.

وقد تمكنت مؤسسة قيم من تأمين منح لما يفوق ال 200 طالب بينهم 50 امرأة تقريباً، 7 منهن في مرحلة الماجستير، أغلبهن من حي الوعر بالإضافة إلى 5 طالبات من داريا و8 من ريف حمص الشمالي. ويهدف المشروع إلى تأهيل كوادر علمية متميزة تكون نواة لجامعة محلية في المناطق المحاصرة بجهود ذاتية، إلا أن مشروع التعليم الذاتي ما زال يواجه العديد من الصعوبات التي تنحصر في تأمين التمويل اللازم، حيث لا توجد منح مجانية بالكامل فكلفة الطالب تصل إلى ما يقارب 200$ وذلك لقاء تصديق شهادته في تركيا بالإضافة إلى مبلغ 17$ رسوم امتحان لكل مادة هذا فيما يتعلق بالمنح المجانية، فيما تتراوح كلفة المنح الجزئية ما بين 400$ في الفصل الواحد وصولاً إلى 4500 يورو في العام، وتتلقى المؤسسة طلبات شبه يومية من نساء وشباب يشير فيها الطلاب إلى رغباتهم الدراسية منتظرين فرصة وصول تمويل جديد.

رابعاً: التعليم العالي في ريفي ادلب وحلب

كان لابد على هيئات المعارضة بعد أن بدأت بإقامة امتحانات للشهادتين في المناطق المحررة السعي لافتتاح جامعة يكمل فيها الطلاب مشوارهم العلمي، فقامت وزارة التربية في الحكومة السورية المؤقتة بافتتاح جامعة حلب الحرة في أواخر عام 2015 وباستيعاب طلابي متوسطه 6 آلاف طالب، وبميزانية وصلت إلى مليون دولار رصدتها الحكومة المؤقتة لافتتاح الجامعة([48])، والتي سيقع مركزها الرئيسي في كل من ريفي حلب الغربي والشمالي حيث تم افتتاح عدد من الكليات ككلية الطب والهندسة المعلوماتية وهندسة الكمبيوتر والاقتصاد والعلوم والتربية والقانون والدراسات الإسلامية والهندسة الكهربائية والميكانيكية، إضافة إلى معاهد بنفس الاختصاصات، توزعت في كل من حمص وإدلب وحلب ودرعا والقنيطرة، إضافةً إلى ريف اللاذقية، وريف دمشق، وقد قدمت الجامعة في عامها الأول خدماتها بشكل مجاني ل 4 آلاف طالب مستجد بالإضافة لعدد من الطلاب المنقطعين بحسب الإمكانيات المالية المتاحة.

وحول موضوع الاعتراف بالجامعة يرى القائمون على جامعة حلب الحرة أن الاعتراف الذاتي بالجامعة “كافٍ” في هذه المرحلة، كونه ينطلق من ثلاث نقاط، الأولى: هي الاعتراف الشخصي بالمنتج الذي يقدمونه، ما يشجع السوريين على البقاء، ويجعلهم فاعلين في إعادة إعمار سوريا .([49]) كما أن قوة المناهج، والكوادر، ووسائل المعرفة والتدريس المتوفرة، تعتبر شروطاً أولية ًللوصول إلى الاعتراف العلمي، في حين أن توفر أرضية للدراسة والبحث العلمي، والتزام بالمعايير الدولية، سيسهل الوصول لاعتراف بالجامعة واعتماد شهادتها وخاصة مع إثبات الكفاءات السورية وإنتاج كفاءات جديدة.

ويشار إلى أن جامعة حلب الحرة استحصلت على نوعين من الاعتراف، الأول القانوني، غطته الحكومة المؤقتة، والثاني علمي واعتمادي وأكاديمي، الذي اعتبر أن تدريس مناهج جامعة حلب المعترف بها أصلًا، يجعل منها جامعة معترفًا بها، وتسعى إدارة الجامعة إلى التواصل مع الدول التي أبرمت اتفاقيات واعترفت بها قبل الثورة، لإعطائها صفة الاعتبارية كجامعة منشأة في المناطق المحررة.

أما بالنسبة لجامعة إدلب فتعتبر مؤسسة التعليم العالي الوحيدة المعتمدة من قبل إدارة مدينة إدلب المحررة، وتتركز جميع كلياتها ضمن المدينة([50])، ويبلغ عدد طلابها نحو خمسة آلاف طالب وطالبة بمختلف الاختصاصات، وتحاول الجامعة تأمين تمويل ذاتي لها عبر متبرعين مستقلين وعبر رسوم رمزية تفرضها([51])، حيث تصل رسوم التقدم للمفاضلة لمبلغ 1000 ليرة سورية، كما يبلغ رسم التسجيل في الجامعة 200 دولار أمريكي للفرع العلمي، ومن 100 إلى 150 دولار أمريكي للفرع الأدبي، حسب الكلية أو المعهد، في حين يعفى أصحاب الإعاقات من الرسوم، ويخفض رسم التسجيل للإخوة، لنسبة خصم 30% لكل طالب من قيمة الرسم كاملة كانوا اثنين وإذا كانوا 3 إخوة فيخصم لهم 40%، وإذا كانوا 4 فما فوق فيخصم لهم 50%، كما يخفض الرسم للزوجين بنسبة 30%، وبالنسبة لأبناء وبنات وزوجات الشهداء والمعتقلين فيكون التخفيض بنسبة 30%، وفق إعلان المفاضلة، وتضم الجامعة كلية الطب البشري، وكلية الهندسة الكهربائية، والهندسة المعلوماتية، بطاقة استيعابية إجمالية بلغت 5000 طالب في عامها الأول.

وتعاني جامعة إدلب مشكلة في الاعتراف بشهادتها كما جامعة حلب، كما تعرضت الجامعة في بداية مسيرتها لمشاكل أمنية حيث قام مسلحون بإغلاق جامعة إدلب بعد أسبوعين من بدء الدوام بها، ومنعوا الطلاب من دخول الجامعة بحجة الاختلاط، وعدم فصل الذكور عن الإناث، وعدم ارتداء الطالبات للباس الشرعي، كما تم إغلاق عدة مدارس في مدينة إدلب من قبل مسلحين قاموا برشق طالبة بالدهان بحجة عدم تقيِّدها باللباس الشرعي([52])، ويشار إلى أنه تم حل المشكلة، حيث عقد اجتماع بين لواء شهداء إدلب مع محافظ المدينة "بلال جبيرو" تقرر فيه أن أي شخص يتعرض لأي فتاة أو امرأة في الشارع بقصد الحشمة سيتعرض للمساءلة الشرعية، ولم تتكر مثل هذه الحادثة بعد ذلك الوقت.

وفي سياق آخر قامت بعض الهيئات الخاصة بإقامة معاهد عالية تهدف إلى تأهيل كوادر مدربة بشكل أكاديمي لسدّ النقص المتواجد، فعلى سبيل المثال أنشأت رابطة الأطباء المغتربين "سيما" كلية طب الطوارئ في ريف إدلب والتي تستقبل حملة الشهادة الثانوية، حيث تهدف إلى لتخريج طلاب متخصصين بطب طوارئ لمرحلة ما قبل المشفى والتي تتناسب مع حالات الكوارث والحروب، وتستمر الدراسة في هذه الكلية لمدة أربعة أعوام، وتخرج كوادر مؤهلة للتقديم العلاج المطلوب والإسعاف الأولي الصحيح على أسس علمية واضحة وبعد تدريب عملي مكثف يتم على يد إخصائيين إلا أن المقبولين في هذه الأكاديمية هم من الذكور.

خامساً المنح الافتراضية

 تعتبر جامعة رشد الافتراضية الجامعة الوحيدة عربياً وعالمياً التي قدمت منح مجانية كاملة للدراسة عن بعد للطلاب السوريين في الداخل السوري في مجالات العلوم السياسية وإدارة الأعمال ودبلوم إدارة المنشآت الحكومية، إلا أن الجامعة المذكورة ما تزال جامعة وليدة

 لم تحقق اعترافاً علمياً واسعاً. وتصل رسوم الالتحاق ببكالوريوس إدارة المنشآت الحكومية لغير المشمولين بالمنحة لمبلغ قدره 10 آلاف دولار للطالب تغطي كامل مدة الدراسة التي تصل ل 4 سنوات، في حين يعفى منها طلاب المنحة المتواجدين في الداخل السوري بشكل كامل. الشكل رقم (5).

هل هناك أية منح دراسية او دورات عبر النت وجهت للمرأة في منطقتكم لتحسين قدراتها التعليمية وزيادة خبراتها؟

 

الشكل رقم (5): نسبة المنح الافتراضية في مناطق المعارضة

التمثيل النسائي في المجالس المحلية

تحاول المجالس المحلية المنتشرة في المدن والبلدات إدارة المناطق المحررة عبر تقديمها الخدمات العامة، كما تقوم المجالس المحلية بتمثيل الرأي الشعبي السياسي والتعبير عن تطلعات الناس، وتتفاوت مستويات المجالس المحلية وإنجازاته وقدرتها على الإدارة بين منطقة وأخرى، حيث تنشط مجالس في مناطق بشكل أكبر من غيرها وهذا يعود لعوامل عدة تتعلق بالتمويل أو الاستقلالية إضافة إلى تباين جهود العاملين فيها ورغبتهم في تقديم النفع والفائدة. وبالعودة إلى المشاركة النسائية في المجالس المحلية يتضح من خلال المسح البسيط الذي أجرناه في الاستبيان أن نسبة المشاركة النسائية في عضوية المجالس المحلية ضعيفة جداً وهي في الغالب مشاركة "شكلية" تتراوح بين 0-5 سيدات على أعلى تقدير من أصل 33 عضواً، بينما قد تتواجد النساء كموظفات في المكاتب الملحقة ونتحصر مشاركتهن بالأمور التنفيذية أو في مكاتب المرأة والطفل التابعة للمجلس، أي ليس لهن أي دور في صناعة القرار المحلي. الشكل رقم (6).

هل هناك أي تمثيل نسائي في المجلي المحلي؟

الشكل رقم (6) نسبة التمثيل النسائي في المجالس المحلية

 

ويرجح السبب الأساسي لضعف التمثيل النسائي إلى نظرة المجتمع التي لا تتقبل مثل هذه المشاركات، بالإضافة إلى عزوف عدد كبير من جهة النساء على المشاركة، وذلك بسبب ضعف خبرات النساء في المواضيع السياسية وآليات صنع القرار الشكل رقم (7).


بصراحة هل يتقبل المجتمع حالياً وجود امرأة في مركز صنع القرار؟

(مديرة – رئيسة) خاصة في مؤسسة عامة غير موجهة للمرأة تحديداً

الشكل رقم (7) نسبة تقبل المجتمع لعمل المرأة

وفيما يتعلق بالتمثيل النسائي في مجالس الغوطة ورغم كونها من المناطق النشطة على صعيد الإدارة المدنية، إلا أنه لا يتواجد تمثيل نسائي في مجالس الغوطة المحلية كأعضاء منتخبين، رغم عدم وجود أية عوائق قانونية تمنع مشاركتها في المجلس، ويعود هذا العزوف عن الخوض في هذا المضمار إلى العادات والتقاليد وانخفاض الثقة بقدرات النساء بالإضافة إلى ضعف الخبرات السياسية وافتقادهن لأليات صنع القرار، ولا يقتصر ضعف المشاركة النسائية على عضوية المجالس المحلية فحسب بل يشمل أيضاً المشاركة كناخبة أو حتى مرشحة.

 وقد حاولت بعض المجالس المحلية تدارك ضعف التمثيل بإنشاء مكتب مختص بشؤون المرأة، كما في حالة المجلس المحلي لمدينة دوما، حيث يبلغ عدد الموظفات في المكاتب التابعة للمجلس 3 من أصل 290 موظف، وهنا ولا بد من الإشارة إلى أن الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين في هذا المجلس شهدتا مشاركة إحدى السيدات كمرشحة إلا أنها لم تستطع الحصول على الأصوات الانتخابية التي تؤهلها لدخول المجلس. كما لا بد من الإشارة أيضاً إلى الورشة الحوارية التي عقدت في نهاية عام 2016، تحت عنوان “تعزيز دور المرأة في المجلس المحلي، وضرورة وجودها في قطاعات العمل المختلفة داخل الغوطة“([53])، طرحت فيها مواضيع كتعديل النظام الداخلي للمجلس المحلي، وتخصيص مقاعد للنساء فيه، وتم مناقشة المعوقات التي تقف في وجه النساء أمام المشاركة فيه، بهدف تحويل تواجد المرأة من مجرد قوة تنفيذية إلى شريكة في صنع القرار([54]).

وحول التمثيل النسائي في محافظة دمشق التي تصل نسبة المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة فيها إلى 35%، إلا أن الواقع الأمني في المحافظة حجّم دور المجلس الذي يتواجد 20% من أعضائه خارج سورية و80 % في الداخل بينهم 3 سيدات، وتعتبر حجم المشاركة النسائية في تلك المجالس متواضعة لاعتبارات تتعلق بطبيعة المجتمع السوري الذي يغيب الدور النسائي، إلا أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق المرأة التي انسحبت من هذا المجال([55]). ويذكر أن مجلس محافظة دمشق كان يضم ممثلة عن جنوب دمشق استشهدت قبل فترة تحت القصف وصفها بأنها امرأة بألف رجل، حققت في مجال العمل المدني ما عجز عنه الرجال.

وفي محافظة درعا فلا يتواجد أي تمثيل نسائي في المجلس المحلي([56])، مع أن الباب مفتوح للجميع نحو الترشيح والانتخاب إلا أن الظروف الأمنية الصعبة واستهداف المقرات كان أحد أسباب عزوف النساء عن المشاركة، كما لم يعد هناك وجود لمكتب يُعنى بشؤون المرأة حالياً، رغم تواجدها ما كان يسمى مديرية لشؤون الأسرة التي حيث تم حلها مع تشكيل الحكومة الجديدة التي لم تتضمن وزارة للثقافة، مع الإشارة لوجود مساع من قبل المجلس لإعادة تشكيل مكتب شؤون الأسرة بالتنسيق مع الحكومة.

أما في حمص وريفها أيضاً فإنه لا تمثيل للمرأة في عضوية مجلس محافظة حمص، كما تخلو مكاتب المجلس من تواجد أية موظفات، عدا عن بعض النساء ضمن مؤسسة الدفاع المدني في حي الوعر، ووجود استثناءات قليلة سابقة في ريف حمص ففي بلدة الرستن شغلت السيدة مها أيوب رئاسة مكتب المرأة في المجلس المحلي لمدة 3 دورات إلا أن انشغالها الشديد دفعها للاعتذار عن هذا العمل ليبقى المجلس دون تمثيل نسائي حالياً. وتلخص مها أيوب تجربتها في مكتب المرأة بأنها تجربة إيجابية، حيث اعتبرت أن المجتمع يمكن أن يتقبل وجود امرأة في مركز صنع القرار، إن وجد عندها صدق النية والإخلاص في العمل، والاحترام ووضوح الهدف.

وفي محافظة حلب يتواجد في المجلس المحلي لمدينة حلب مكتب خاص بالنساء، ضم حوالي 5 سيدات كموظفات ضمن المجلس، وتترأس مكتب المرأة السيدة أسماء العبد الله وقد تطرقنا لبعض نشاطاته في الفقرات السابقة.

كما لا يتواجد في محافظة إدلب تمثيلاً نسائياً في عضوية المجالس المحلية ضمن المحافظة، وتكاد تكون مكاتب المرأة التابعة للمجالس المحلية معدومة، وقد شكلت مدينة كفر نبل استثناءً بإنشاء مكتب للمرأة تابع للمجلس المحلي يضم موظفتين.

نتائج التقرير وتوصياته

توصل التقرير إلى جملة من النتائج التالية:

  • تضررت المرأة بشكل كبير نتيجة طول فترة الثورة السورية وتحولها من الجانب السلمي إلى المسلح وما رافق ذلك من تدمير وخراب ممنهج، وقد زادت أعداد الارامل والعائلات التي تعيلها النساء بشكل كبير جداً، وماتزال جهود المنظمات الإغاثية قاصرة عن استيعابه.
  • تتشابه ظروف العمل النسائي في أغلب المناطق المحررة، حيث يعتبر الواقع الأمني المضطرب من أهم الأسباب التي تحد من مشاركة المرأة في سوق العمل، بالإضافة إلى قلة الفرص التي تراعي خصوصية المرأة وخصوصية المجتمع، كما أن النظرة النمطية لدور المرأة في الحياة الاجتماعية أثر كثيراً على حجم المشاركة النسائية في الواقع، وعلى ثقتها بقدراتها وإمكانياتها.
  • تختلف نشاطات المنظمات الموجهة للنساء بين منطقة وأخرى وفي المنطقة الواحدة، حيث استطاعت بعض المنظمات تحصيل حجم أكبر من الدعم وذلك يعود إلى مدى نشاط القائمين على تك المنظمات ودرجة وعيهم وسمعتهم.
  • تعتبر مناطق المخيمات الحدودية من أسوأ المناطق توجهاً للنساء بالمشاريع والتوعية وخاصة المخيمات على الحدود الأردنية ثم المخيمات العشوائية على الحدود التركية، لتأتي بعدها أرياف حمص ودرعا فيما تعتبر غوطة دمشق ومحافظة إدلب الأكثر اهتماماً بالنساء كماً ونوعاً.
  • أغلب المشاريع الموجهة للنساء تنحصر في دورات تعليم حرف يدوية كالخياطة والحياكة والتطريز والحلاقة النسائية وهذه المهن حالياً لا تستطيع أن تدرّ دخلاً مناسباً للنساء يكفي احتياجات أسرتها نظرا لتراجع القوة الشرائية بشكل عام، وتفتقد التمويل والمتابعة بعد انتهاء الدورة.
  • من الواضح أن المشاريع الموجهة لرفع سوية المرأة قليلة مقارنة مع المشاريع التي تسعى إلى تشغيلها، وهي خطة استراتيجية فاشلة على المدى البعيد، حيث يعول على النساء الدور الأكبر في بناء المجتمع بعد التحرير وخاصة مع تزايد عدد الشهداء أو انشغال الرجال في ساحات القتال.
  • من الملاحظ أن الدورات التدريبية الموجهة للنساء تدور في نفس المجال (مواضيع الحوكمة والشفافية وفض النزاعات وأليات اتخاذ القرار) وهي مواضيع مهمة إلا أن أغلبها مستورد، هذه الدورات غير كافية لتأهيل النساء بشكل جيد نظراً لقصر مدة التدريب وعدم تطبيقه بشكل عملي على الأرض مع وجود استثناءات قليلة. كما أن مدة الدورات لا تشير إلى مادة علمية غنية تتلقاها المتدربات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أغلب الدورات تغفل التطبيق العملي أو الاختبارات النظرية التي تعطي فكرة عن درجة استيعاب المتدربات لمثل هذه المفاهيم.
  • تفتقر أغلب مناطق سيطرة المعارضة لوجود مراكز خدمية معنية بالنساء خصوصاً، تقدم لهم قاعات الإنترنت والمكتبات وروضات الأطفال التي تساعد المرأة في متابعة دراستها أو عملها.
  • لم تتمكن المؤسسات المعنية بالمرأة من استقطاب كافة النساء المؤهلات، ولم يتم الاستفادة من خبراتهن أو دمجهن في المجتمع، وخاصة في محافظة إدلب وحلب.
  • ساهمت المشاريع الإغاثية بشكل من الأشكال بخلق حالة من التواكل والاعتماد على الآخر وخاصة في المناطق التي تغيب فيها المشاريع التنموية والتشغيلية، مما أدى إلى تواجد شريحة كبيرة من العائلات التي تعيلهن النساء اعتمدت بشكل كلي على المساعدات والهبات ورفضت العمل خوفاً من خسارة تلك المساعدات.

التوصيات

  • ينبغي لانتقال السريع من المشاريع الإغاثية إلى المشاريع التنموية والإنتاجية والتشغيلية الربحية التي تمكن النساء خاصة من الاعتماد على أنفسهن، وتحولهن إلى عنصر منتج فاعل في الحياة الاقتصادية في مناطق سيطرة المعارضة، وترفع عنهن ذل السؤال والاحتياج.
  • تحتاج الدورات المهنية المقدمة إلى إعادة تقييم وتطوير حتى تصل إلى الهدف المرجو منها، لذلك لابد أن تترافق تلك الدورات بمشاريع صغيرة تشغيلية تدعم للمتدربات وخاصة تلك التي تؤمن الأدوات التي تساعد على الإنجاز السريع كماكينات الخياطة والتريكو.
  • لابد من التركيز بشكل أكبر على المشاريع التعليمية التي تساعد النساء على الحصول على خبرات أكاديمية ومهارات نوعية تساعدها بالانخراط في الحياة الاجتماعية وخاصة في المناطق الريفية.
  • إعادة النظر في مواضيع الدورات المقدمة للنساء، واقتراح مواضيع جديدة تنبع من احتياجات المجتمع، وتساعد النساء على التفاعل مع المجتمع والتأثير فيه.
  • التواصل مع الجامعات الافتراضية العربية والأجنبية والسعي لتأمين منح خاصة بالنساء للدراسة عن بعد، كونه الحل الذي يمكن أن يعوض عن غياب المرافق التعليمية في بعض المناطق، وتأمين كل الاحتياجات اللازمة لذلك من أجهزة الكترونية وقاعات إنترنت ومراجع، وإعطاء هذا النوع من المشاريع الأولوية والاهتمام والتمويل لأن الحاجة للتوجه لشباب الداخل تفوق الحاجة للتوجه للشباب السوريين في الخارج، فهناك آلاف من الطلاب والطالبات يتوافر لديهم الدافع والرغبة في الدراسة بانتظار منح تساعدهم على استكمال مشوارهم التعليمي.
  • تشجيع المتفوقات من الإناث في المرحلة الثانوية والجامعية وحتى في دورات الخاصة لمتابعة تطوير خبراتهن ومهاراتهن وتقديم مكافآت مالية أو رواتب تستمر خلال فترة الدراسة لضمان جدية أكبر وتفوق مستمر، مع إمكانية التوظيف وتأمين فرص عمل للمتفوقات عقب التخرج أو إتمام الدراسة.
  • البحث عن الكوادر النسائية وتشجيعها على استلام المسؤوليات ومساعدتها على حل العوائق، وتقديم كل الدورات التأهيلية اللازمة التي تساعدها على امتلاك الأليات لصناعة القرار والتأثير، وهو جهد يتوجب على المنظمات النسائية ومكاتب المرأة في المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني العمل على تفعيله، بالإضافة للتوجه لسن قوانين أو ميثاق شرف يمنع النساء من شغل أكثر من منصب إلا في حالات استثنائية.
  • لابد من إعادة للنظر نحو مفاهيم تمكين المرأة وفق ما يتوافق مع قيم المجتمع المحلي لضمان أكبر انتشار لهذه المفاهيم بالإضافة إلى القيام بحملات توعية تتوجه للرجال والنساء لمناقشة أهمية هذه الافكار ودورها في بناء المجتمع بما لا يتنافى مع قيم الإسلام والمجتمع.
  • تأسيس مكاتب خدمية ومكاتب شكاوى خاصة بالنساء تساعد النساء على استرداد حقوقهن وإيصال مظالمهن للهيئات المسؤولة.
  • تشكيل نواة لهيئة سياسية نسائية في الداخل تكون نواة للمعارضة النسائية تعقد اجتماعات دورية عبر الإنترنت وتمثل الصوت النسائي الثوري من الداخل.
  • إنشاء تجمع للمؤسسات النسائية يسعى للتشبيك بين المناطق المختلفة وتبادل الخبرات، يتم التواصل من خلاله مع المنظمات الداعمة لتحقيق عدالة أكبر في توزيع الدعم بين المناطق المختلفة.
  • تخصيص مقاعد للنساء في عضوية المجالس المحلية تصل إليها النساء بانتخابات تجري بألية يتفق عليها تضمن تواجد تمثيل نسائي فاعل ومؤثر.

الملاحق

أولاً: فهرس المشاركات في الدراسة (متوافر ضمن النسخة الالكترونية للتقرير).

ثانياً: فهرس المنظمات والمؤسسات التي جرت عليها الدراسة (متوافر ضمن النسخة الالكترونية للتقرير).


 

([1]) لا يشمل التقرير المناطق التالية: مناطق سيطرة تنظيم الدولة، المناطق الخاضعة لسيطرة وحدات الحماية الكردية• المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد كمدينة حماة وحمص ودمشق والسويداء وطرطوس واللاذقية، ومناطق الاشتباكات والمعارك ونقاط التماس، بالإضافة لبعض المناطق المحررة كريف اللاذقية وريف حماة والقلمون في ريف دمشق حيث لم نجد أي نشاط أو منظمات موجهة للنساء، فقد انحصر عمل أغلب الجمعيات على قلتها على الجانب الإغاثي (توزيع المعونات).

([2])رابط الاستبيان https://goo.gl/forms/E1SmCkVGqKPwWakA2

([3]) وعند الحديث عن طبيعة الأعمال التي شاركت فيها النساء قبل الثورة لا بد أن نميز بين حالتين:                                                                                 

  • المناطق الريفية (حسب التقسيمات الإدارية): عملت فيها النساء بشكل رئيسي في مجال الزراعة وتربية المواشي والصناعات الغذائية اليدوية بالإضافة إلى العمل في المجال التعليمي والطبي والمهن الحرفية واليدوية (كالخياطة والتطريز والإنتاج اليدوي).
  • المدن الكبرى وما حولها: شهدت هذه المناطق مشاركة أكبر للنساء في أغلب مجالات العمل، والتي كانت تميل إلى صالح الأعمال الفكرية أكثر منها إلى الأعمال اليدوية، فقد شاركت النساء بالعمل في الوظائف الحكومية والشركات الخاصة والتعليم والأعمال الطبية وفي مجالات التجارة والهندسة بشكل أكبر نظراً لتزايد اهتمام نساء تلك المنطقة بمتابعة تعليمهن الجامعي مقارنة بنساء الريف إلى جانب مشاركتهن في المهن اليدوية والحرفية.

([4])  من مقابلة أجرتها الباحثة مع السيدة خنساء الرعد العاملة في مركز صحي في بلدة معصران في ريف إدلب في كانون الأول من عام 2016

([5]) "معرض ألبسة من إنتاج نساء قرية الشجرة في درعا"، موقع سوريتنا الالكتروني، تاريخ النشر 16-03-2016،https://goo.gl/8l9jhH

([6])  "لأول مرة في الجنوب السوري افتتاح دورة الحوكمة برعاية اتحاد منظمات المجتمع المدني "، الموقع الالكتروني لاتحاد منظمات المجتمع المدني السورية، تاريخ النشر 9-10-2016، https://goo.gl/66x2My /

([7]) دورة تحت عنوان صياغة المشاريع غير الربحية ,ادارتها ,المراقبة والتقييم ” في مركزه بمدينة نوى بمحافظة درعا في الجنوب السوري شارك فيها 3 السيدات

([8])  "مشروع “اسفير”: الحق في حياة كريمة"، الموقع الالكتروني لاتحاد منظمات المجتمع المدني السورية، تاريخ النشر 24-10-2016، https://goo.gl/ZIGkSl

([9])  "دورة تطويرالذات والمجتمع"، منظمة رؤى لتمكين المرأة صفحة الفيس بوك، تاريخ النشر، 31-8-2016، https://goo.gl/uXOX3c

([10])  "دورات للإناث في فرق الدفاع المدني لتخفيف وطأة مجتمع محافظ "، موقع سوريا على طول الالكتروني، تاريخ النشر3-12-2015، https://goo.gl/nqOTsv 

 ([11]) "الدفاع المدني يقيم دورات في الإسعافات الأولية للنساء بريف درعا الغربي "، وكالة سمارت للأنباء، تاريخ النشر 30-11-2015، https://goo.gl/qNlea8

([12]) من لقاء أجرته الباحثة مع السيدة عبير موسى إحدى عناصر فريق الدفاع المدني النسائي في درعا.

([13]) ن لقاء أجرته الباحثة مع السيد ضرار خليلي مدير المكتب الإعلامي في منظمة غصن زيتون.

([14]) يتركز نشاط منظمة غصن زيتون في محافظتي درعا والقنيطرة.   

([15]) حسب تقديرات الأنسة بيان ريحان رئيسة مكتب المرأة في المجلس الحلي لمدينة دوما خلال لقاء أجرته الباحثة

([16]) مثل مشروع زراعة القمح أو استنبات الفطر، الموقع الالكتروني لمنظمة غراس النهضة، مشاريع عام 2014-2015، https://goo.gl/YOd0rp

([17]) المشاريع الصغيرة في مجال الصناعات الغذائية، الموقع الالكتروني لمنظمة غراس النهضة، مشاريع عام 2014-2015، https://goo.gl/zu6Xxk

([18]) "في الغوطة الشرقية المرأة أكثر من نصف المجتمع "، موقع كلنا شركاء، 29-10-2016، https://goo.gl/8Js9gE

([19]) " الغوطة الشرقية تغصّ بالمراكز النسائية وتفتقر للكوادر المؤهلة"، جريدة عنب بلدي الالكترونية، تاريخ النشر 25-09-2016، https://goo.gl/c3rjvF

([20]) " المرأة تتطلع إلى تمثيلٍ أكبر في مجلس دوما المحلي           "، شبكة جيرون الالكترونية، تاريخ النشر 23-11-2016، https://goo.gl/sajGKi

([21]) " المرأة والسياسة… ورشة لمنظمة “اليوم التالي” في الغوطة الشرقية"، موقع أمية برس الالكتروني، تاريخ النشر 09-10-2016،   https://goo.gl/uTmhgB

([22]) " اليوم التالي” تطلق أنشطة لتطوير دور النساء في الغوطة "، جريدة عنب بلدي الالكترونية، تاريخ النشر 04-09-2016، https://goo.gl/IF0m14

([23])  " الغوطة الشرقية تغصّ بالمراكز النسائية وتفتقر للكوادر المؤهلة"، جريدة عنب بلدي الالكترونية، تاريخ النشر 25-09-2016، https://goo.gl/c3rjvF

([24]) " المراكز النسائية تغيب عن حمص.. المرأة تنشط طبيًا وإنسانيًا، جريدة عنب بلدي الالكترونية، تاريخ النشر 25-09-2016،https://goo.gl/HYK1ss

([25])  كل المعلومات الواردة عن مناطق شرقي مدينة حلب تعود إلى فترة ما قبل التهجير.

([26]) " نشاط نسائي واسع في حلب وتمثيل في مجلسها"، جريدة عنب بلدي الالكترونية، تاريخ النشر 25-09-2016،https://goo.gl/TCRWVm

([27]) “جمعية نساء سوريا" في حلب  ... جهود فردية وظروف صعبة"، موقع أخبار الآن الالكتروني، تاريخ النشر27-10-2015، https://goo.gl/0wnKrP

 ([28]) " ريحانة الشام.. جمعية لمساعدة المرأة بحلب"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر 07-08-2014، https://goo.gl/28qAdy

([29]) " طرقات الأتارب معبّدة بجهود لجنة تمكين النسائية " ،الموقع الالكتروني لمنظمة تمكين "، تاريخ النشر19-10-2016، https://goo.gl/WgWkZz

([30])  " فريق نسائي ينجح في إنجاز صيانة شاملة للطرقات"، تقرير مصور لقناة أورينت تاريخ النشر 24-10-2016، https://goo.gl/d1HGFq

([31])  " اجتماعات نسائية لمناقشة مشاريع في ريف حلب الشمالي "، صفحة لجنة تمكين في ريف حلب الشمالي على الفيس بوك، تاريخ النشر 25-10-2016، https://goo.gl/IGjOrR

([32])  "إدلب.. نساء تعشن على السلل الإغاثية من أجل البقاء"، جريدة عنب بلدي الالكترونية، تاريخ النشر 21-08-2016، https://goo.gl/sKUjyN

([33])  نساء الدفاع المدني في ادلب… مواجهة الموت بعيداً عن عدسات الإعلام" ،موقع تمدن الالكتروني، تاريخ النشر6-05-2015، https://goo.gl/uioSz7

([34]) " جديد جيش الفتح ... دوريات للشرطة النسائية في إدلب" موقع ليفانت الالكتروني، تاريخ النشر 05-04-2016، https://goo.gl/G4nJzQ

([35])  "تدريب نساء في مدينة إدلب على التمريض نظرياً وعملياً "، موقع راديو الكل الالكتروني، تاريخ النشر 02-09-2016، https://goo.gl/iVvc7e

([36])  "رابطة المرأة المتعلِّمة تكثف نشاطاتها في إدلب وريفها "، موقع سوريتنا الالكتروني، تاريخ النشر 15- 08-2016، https://goo.gl/zdW6Gv

([37])  "إعلان حول اجتماع لمشاركة النساء في اتخاذ القرار "، صفحة لجنة تمكين النسائي في قرية معصران على الفيس بوك، تاريخ النشر 12-02-2016 https://goo.gl/VMV6qx

([38]) "نساء إدلب.. كفاح في مراكز التدريب المهنية " موقع العرب الالكتروني، تاريخ النشر25-9-2016، https://goo.gl/3G2UnB

([39]) " جلسات لتمكين النساء في ريف إدلب "، موقع العربي الجديد، تاريخ النشر 21-04-2015، https://goo.gl/ojuLMe

([40]) " فحص القبول الجامعي لطالبات العلوم السياسية في جامعة رشد، صفحة منظمة بارقة أمل على الفيس بوك، تاريخ النشر 04-01-2017، https://goo.gl/PFOyGn

([41])  "محاضرات قانونية تقيمها منظمة بارقة أمل، صفحة منظمة بارقة أمل على الفيس بوك، تاريخ النشر 18-12- 2016، https://goo.gl/5Qlfnt

([42])  من حوار أجرته الباحثة مع السيد إسماعيل الخطيب منسق البرامج في شبكة أنا هي خلال شهر كانون الأول 2016

([43]) " ندوة لشبكة أنا هي بعنوان تضمين النساء في المجلس المحلي لمدينة حلب "، مؤسسة بيرويا الإعلامية، تاريخ النشر 5-10-2016، https://goo.gl/GTj6P7

([44]) "أول مؤتمر نسائي في إدلب.. ومشاركة في إدارة المدينة " جريدة عنب بلدي الالكترونية، تاريخ النشر25-09-2016، https://goo.gl/Df2Pwc

([45])  من لقاء أجرته الباحثة مع د أبو عبيدة رئيس فرع جامعة حلب الحرة في الغوطة الشرقية في شهر كانون الاول عام 2016.

([46])  من لقاء أجرته الباحثة مع السيد محمد العمار رئيس دائرة الامتحانات بمعهد إعداد المدرسين في مدينة نوى، وأحد أعضاء اللجنة المكلفة بدراسة طلبات المفاضلة لعام 2016-2017 في فرع جامعة حلب الحرة في منطقة درعا والقنيطرة

([47]) من لقاء أجرته الباحثة مع إحدى القائمات على مشروع البيان للتعليم عن بعد السيدة إيمان محمد.

([48]) "افتتاح جامعة حلب في الشمال السوري بدعم من الحكومة السورية المؤقتة"،موقع الحل الالكتروني، تاريخ النشر  https://goo.gl/b9E1Vk

([49]) "جامعة حلب الحرة.. كليات جديدة وجهود متواصلة لتحصيل لاعتراف"، موقع جريدة عنب بلدي الالكترونية، تاريخ النشر31-01-2016، https://goo.gl/WAmnPI

([50]) " بعد حلب.. تأسيس جامعة في إدلب المحررة من النظام"، موقع جريدة عنب بلدي الالكترونية ، تاريخ النشر 17-04-2016، https://goo.gl/6kOxUL

([51]) "جامعة إدلب الحرة تفتح باب التسجيل وتعلن عن تخصصات جديدة أهمها “الطب البشري”، موقع أمية برس الالكتروني، تاريخ النشر 08-09-2016، https://goo.gl/JHVHHn

([52]) " تطبيق اللباس الشرعي في إدلب"، موقع زيتون الالكتروني، تاريخ النشر08-1-2016، https://goo.gl/8xPwM9

([53]) " نساء دوما يُطالبن بزيادة تمثيلهنّ في مجلس المدينة "، جريدة عنب بلدي الالكترونية، تاريخ النشر 20-11 -2016، https://goo.gl/lIZmZy

([54]) وفي هذا السياق نشر موقع مسار الحرية بعض المشاهدات التي اعتبرها نقاطاً سوداء في عمل المجالس المحلية في الغوطة الشرقية مؤكداً أنه" لا يوجد تمثيل للمرأة في جميع المجالس المحلية، باستثناء المجلس المحلي لدوما؛ حيث وُجِد (مكتب المرأة) ضمن مكاتب المجلس. ولاحقاً أنشئ مكتب بنفس الاسم في مجلس محافظة ريف دمشق.

وننقل هنا جزءاً من التقرير كما ورد:" في انتخابات المجالس المحلية لا تشارك النساء لا في الترشّح ولا في الانتخاب (تمنع إن أرادت في بعض الحالات)، لكن لا بدّ هنا من تسجيل سابقة للمجلس المحلي في زملكا؛ حيث نظّمت انتخابات عامة بمشاركة جميع الراشدين من السكّان بمن فيهم النساء، ويذكر أيضاً أن النظام استهدف مركز الانتخاب الخاص بالنساء بالقصف. بعض مشروعات تمكين المرأة انتهت بالمحاكم الشرعية أو غير الشرعية، أو بفضائح فساد وسوء أمانة وغيرها... ناهيك عن خناقات نسوان مقيتة على طريقة كناين باب الحارة المقيت! وهذا بالمناسبة يحدث في مشروعات نسوية وغير نسوية، لكن لما يتعلّق الأمر بالمرأة، فمثل هذه البهدلة تهدي مستنقعاً من الماء العكر لصيادين ذكوريين: “هاد يلي بيشتغل مع النسوان... قلنا مكانها البيت...المرا بنص عقل.. إن كيدهنّ عظيم...”

في مؤسسات فاعلة في الغوطة الشرقية، لا تشارك النساء في الانتخابات، (في حال وجدت نساء أو وجدت انتخابات أصلاً) يصحّ ذلك على كل من مديرية التربية ومديرية الصحّة، والمكتب الطبي الموحّد، ومكتب الخدمات الموحّد، والمكتب الإغاثي الموحّد، ورابطة إعلاميي الغوطة الشرقية...

الهيئة العامة في الغوطة الشرقية، وهي أكبر تجمع للمؤسسات المدنية، أيضاً لا يوجد في مجلسها التأسيسي وفي توسعتها ولا امرأة من أصل أكثر من 200 عضو. ولازالت تسعى من خلال مشروع “الترميم” لخلق “كوتا” للنساء.

فيما تتعرض بعض المؤسسات لمضايقات من (المكاتب الأمنية) في مناطقها لمجرد كون القائمات عليها نساء، أو أنها تنشط في مجالات تخصّ المرأة.

لا تزال ثقافتنا المحافظة ذريعة تجهيل وتمييز سلبي ضدّ المرأة، ونقول (ذريعة) لأن معظم حالات إقصاء المرأة وقهرها لا علاقة لها بالثقافة أو بالإسلام أو حتى بالتقاليد المحافظة. بل إن الثقافة المحافظة نفسها تقتضي تمكيناً ومزيداً من مشاركة المرأة الحقيقية في مختلف مجالات العمل. في مجزرة الكيماوي مثلاً، أدى عدم وجود مسعفات وكوادر نسائية ميدانية في الدفاع المدني وفي النقاط الطبية إلى زيادة في عدد الضحايا من النساء؛ فكل المسعفين من الشباب، وغارات الكيماوي كانت بعد منتصف الليل في عزّ الصيف والحرّ، فحال خجل المسعفين أو غيرة أهالي النساء المصابات أو حتى المصابات أنفسهن... دون إسعافهن." هذا وقد أشارت ناشطات إلى صحة كل ماجاء في المقال السابق.

([55]) من لقاء أجرته الباحثة مع المهندس محمد منير الفقير عضو المجلس المحلي عن محافظة دمشق في كانون الأول من عام 2016

([56]) من لقاء أجرته الباحتة مع السيد أسامة البردان رئيس مجلس محافظة درعا في كانون الأول من عام 2016.

يحاول هذا التقرير تسليط الضوء على التحليلات السياسية والعسكرية الصادرة عن أهم المؤسسات الإعلامية والبحثية الروسية فيما يتعلق بقضايا وأحداث المنطقة، وسيركز هذا التقرير على عدة محاور تم نقاشها في هذه المؤسسات، إذ استحوذ الاهتمام الروسي على متابعة السياسة الأمريكية الدولية كرؤيتها حيال التعاون المشترك مع روسيا في الملف السوري من جهة أولى، واتجاه القضية الأوكرانية من جهة ثانية، وتفكيك احتمالية التصعيد الأمريكي حيال طهران من جهة ثالثة، إضافة لتسليط الضوء على طبيعة التحالف الأمريكي الياباني في منطقة المحيط الآسيوي من جهة أخيرة.

ويفرد هذا التقرير قسمه الثاني على كيفية متابعة هذه المؤسسات للسياسات العسكرية الروسية سواء في سورية وما تفرزه من تحالفات إقليمية بالإضافة إلى أهم الأخبار الواردة من مركز الاخبار الروسي والمصالحة في حميميم، بينما يخصص التقرير قسمه الثالث لاهتمام موسكو بقضايا الاقتصاد الروسي وسبل تنميته محلياً.

قراءات روسيّة في سياسة إدارة ترامب  

أوضح الجنرال "بول فاليلي" مستشار ترامب للشؤون العسكرية بمجموعة من المواقف والسياسة الأمريكية المرتقبة في سورية، وذلك خلال تواجده في موسكو بدعوة من (نادي فالاداي الروسي)، إذ أجرت صحيفة (izvestia) الروسية لقاء معه لخص تلك المواقف بخمسة أمور مهمة وهي([1]):

  1. أن العلاقات الروسية الأمريكية ستشهد خلال الشهرين القادمين تعاوناً مهماً لحل القضية السورية وعودة اللاجئين واشراك المعارضة المعتدلة في الحوار السياسي، مؤكداً على أنه " لا حل في سورية بدون روسيا.
  2. اهتمام واشنطن بإعادة هيكلة الجهاز الأمني في سورية، حيث أكد "بول" على أنه على اتصال مع جنرال سوري خرج من سورية ولا يزال على تواصل مع الداخل، إذ سيعمل على مساعدته في تشكيل جهاز الأمن السوري الجديد.
  3. حدد موقف إدارة ترامب تجاه مصير بشار الاسد مبيناً أن "بشار الأسد" شخص غير كفوء ولا يحمل المؤهلات القيادية، إضافة إلى سلوكه خلال سنوات الازمة وما سببه من معاناة الشعب السوري كالقتل والتشريد، لذلك لابد من رحيله.
  4. عزز من احتمالية قيام مناطق آمنة في سورية موضحاً أن كلاً من أمريكا وروسيا وتركيا والمملكة العربية السعودية سيتولى الاشراف على هذا الموضوع، كما نوه لإشراك الدول العربية الداعمة للثورة السورية.
  5. بين موقف الولايات المتحدة الأمريكية الرافض لدور طهران في سورية وأكد أنه على إيران وحلفائها لا سيما حزب الله مغادرة سورية.

وفي إطار تتبع السياسات الأمريكية الدولية، أفرد المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية بتاريخ 21/2/2017 تحليلاً جيوسياسياً حول التحالف الأمريكي الياباني وأثره على تغيير الخارطة السياسية في منطقة المحيط الهادي الآسيوي، إذ بيّن المعهد أنه وفقاً للواقع السياسي والعسكري فيها فالدلالات تشير إلى أن مفاتيح أمن تلك المنطقة ستنحصر في المثلث الصيني الياباني الأمريكي، وبما أن فريق ترامب قيد التشكيل ربط المعهد أي استراتيجية أمريكية تجاه تلك المنطقة بطبيعة توجهات السياسة الامريكية الخارجية باتجاه اليابان.

 وأوضح أن المحور الأساسي للتوتر الجيوسياسي والمناطقي الإقليمي سيظهر في الصراع الصيني الأمريكي الناجم عن النمو الاقتصادي الصيني والعسكري المضطرد، ولخلق نوع من التوازن لسد الفجوة بين التطور الصيني والوضع الأمريكي فإنه لابد للولايات المتحدة الأمريكية العمل على التقرب من اليابان أو التحالف معها للاستفادة من التطور التكنولوجي الياباني.

 ونظرا لأن المنطقة الآسيوية سريعة النمو نوه المعهد إلى أن الاقتصاد الصيني خلال الثلاثين السنة القادمة سيكون الاقتصاد الأول في العالم متفوقا على الاقتصاد الأمريكي وأن تنافس المصالح في هذه المنطقة سينحصر بين الصين واليابان مخلفاً تربة خصبة للصراع، وهنا لابد لليابان من التوجه للقوة الامريكية لتأمين التفوق الاستراتيجي على الصين وروسيا في هذه المنطقة من العالم ،وفي هذا السياق ونظرا لالتقاء المصالح فإن امريكا قد تغض النظر عن امتلاك اليابان للسلاح النووي مقابل استثمار ياباني في أمريكا وتامين فرص عمل كبيرة جداً([2]).

أما فيما يتعلق بتتبع الصحافة الروسية لقضية العلاقات الأمريكية الإيرانية في عهد ترامب الذي صرح مراراً وتكراراً بضرورة محاصرتها وتحجيمها، فقد تساءلت صحيفتي "كمسامولسكايا برافدا" و "سفابودنايا بريسا" الصادرة بتاريخ 13/3/2017 ماذا لو هاجم ترامب إيران؟ متوقعة بانتهاء الدور السياسي الأمريكي في الشرق الأوسط إذا ما تمت الحرب، ومحاولة للإجابة على هذا التساؤل المفترض عملت الصحيفة على تلمس آراء العديد من الباحثين والمتابعين لهذا الشأن في المنطقة ([3]).

تقول الصحيفة: "ما أن صرح ترامب عن أن إيران هي الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم، حتى قامت المظاهرات في طهران منددة بالولايات المتحدة الأمريكية وحارقة للعلم الأمريكي غير آبهين بالحصار والحرب" وأضافت: "إن مثل هذه التصريحات وكما هو معروف مقدمة للحرب، حيث تقوم أمريكا بنعت دولة ما بالإرهاب ثم تشن عليها حرباً تحت هذه الذريعة".

 وفي هذا الصدد أكد البروفسور "سيرغي دروجيلوتسكي" – المختص في الشؤون الإيرانية في معهد العلاقات الدولية -أن إيران لن تتراجع، وأن أمريكا ستذهب للحرب، ويتساءل حول سلوك طهران حيال هذا الموضوع معتقداً أنها ستنسحب من الاتفاق حول برنامجها النووي (الموقع في 14/7/2014 والمتضمن رفع جزئي للعقوبات مقابل ضمان الطابع السلمي لبرنامجها النووي)، كما أوضح الباحث أن الايديولوجية الإيرانية تسمو على الاقتصاد وبالتالي لن يتنازل الإيرانيون عن مواقفهم حفاظا على معتقداتهم وهيبة الدولة وعدالة العلاقات الدولية.

وأضاف الباحث أن أمريكا لن تذهب إلى مجلس الأمن لتمرير قرار الحرب لمعرفتها المسبقة باصطدامه في الفيتو الروسي الصيني عدا عن ذلك فإن مثل هذه الحرب ليست مؤكدة النصر كما في حروب أمريكا السابقة في افغانستان والعراق، عدا عن امكانية تلقي أمريكا موجة من الارهاب الجديد من المنظمات المتحالفة مع إيران، وبيّن الباحث أن المستفيد الوحيد في مثل هذ الحرب هي اسرائيل التي تضغط للقيام بها لأنها مهتمة بقطع علاقات إيران مع المنظمات التي تشكل تهديداً لإسرائيل كحماس وحزب الله حيث ستنهمك إيران بالدفاع عن نفسها.

إلا أن "سيرغي دولغوف" (كبير الباحثين في مركز الدراسات العربية والإسلامية في معهد الدراسات الشرقية)، حث الإدارة الروسية على أن تفعل كل ما بوسعها لعدم وقوع مثل هذه الحرب لأنها ستكون كارثية، وستبدد كل جهود روسيا في المنطقة لا سيما في سورية، موصياً باتباع أسلوب المفاوضات المباشرة مع كل من أمريكا واسرائيل وإيران لمنع وقوع مثل هذه الحرب، وأبدى الباحث تخوفه من تمكن اسرائيل من إشعال هذه الحرب([4])، موضحاً أن النتيجة الفورية لهذه الحرب موجات من النازحين الإيرانيين إلى الدول الاوربية التي ستكون في دور المشاركة لأمريكا كونها أعضاء في حلف الناتو وستكون هذه الدول بذات الوقت عرضة للتنظيمات  المتحالفة مع إيران.

أما حول انعكاس مثل هذه الحرب على الوضع في سورية والعراق، أوضح البروفسور "سيمون  باغداساروف" (مدير مركز دراسة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى) أن الضربة ستكون جوية و قد تبدأ الحملة بدعم "المتمردين" داخل البلاد ولن تتعدى الحرب ذلك، مستبعداً الحديث عن احتلال إيران، لما لهذه العملية من كلفة باهظة وما تحتاجه من حشد لقوات كبيرة، ونوه "سيمون" أن إيران قد تسعى بكل الوسائل وبكل ثقلها لعرقلة عملية المفاوضات والتسوية في سورية دون التخلي عن دعم السلطة هناك، لأنها وفق رأيه الحلقة الذهبية في السلسلة الشيعية الإيرانية في الشرق الأوسط وستسعى طهران أيضا إلى تقليص النفوذ الأمريكي في العراق.

وعلى صعيد التداعيات الاقتصادية، فقد بيّن البروفسور "سيرغي بيكين" (مدير معهد الطاقة في موسكو) أن أسعار النفط سترتفع وتسجل أرقاماً قياسية، إذ ستسعى إيران لسد النقص الممكن حصوله في حال نشوب الحرب ومنع السعودية من استغلاله لزيادة إنتاجها، إلا أن الباحث شكك بأية جهود في هذا السياق منوهاً إلى أن أي توتر في المنطقة سيؤدي إلى ارتفاع سعر النفط، ومن جهة أخرى قد تكون هذه الحرب مربحة لروسية قائلاً: "لأن إيران حليفتنا الرئيسي في الشرق الأوسط، ولأن قرارات أوبك لا تؤخذ عادة إلا نتيجة مفاوضات جانبية بين روسيا وإيران، فإن الشراكة هنا ستعزز وتغدو استراتيجية وهذا أهم من الربح الآني، إذ سيؤدي ذلك لدعم جهودنا المشتركة لإيجاد حل للازمة السورية التي بذلنا فيها جهوداً اقتصادية وسياسية مشتركة حتى الآن.

أما فيما يتعلق برؤية الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القضية الأوكرانية فلا مؤشرات جديدة في هذا السياق رغم تلقف صحيفة (izvestia) باهتمام تصريحات الرئيس الأمريكي خلال المؤتمر الصحفي الذي أجراه مع ميركل في واشنطن، والذي أعلن فيه أن يثمن عالياً الموقفين الفرنسي والألماني اللذين يدعوان إلى إيجاد حل سلمي للمسالة الأوكرانية، وعنونت الصحيفة هذا الخبر بـ "أمريكا تؤيد الحل السلمي للقضية الأوكرانية"([5]).

الشؤون العسكرية الروسية

 أفردت صحيفة "كمسامولسكايا برافدا" الصادرة بتاريخ 16/3/2017 خبراً يبين وصول وفد من الخبراء الروس إلى مدينة تدمر السورية مؤلف من 150 فني مختص و17 آلية وكلاب مدربة لإزالة الألغام، إذ بدأ العمل باتجاه مواقع الخدمات (المشافي، مصادر المياه والكهرباء، القسم التاريخي الأثري من المدينة)، ونوهت الصحيفة إلى أنه سيتم إجراء تجربة لبعض النماذج الجديدة من هذا العتاد والذي يعمل على كشف وإزالة الالغام وحماية الأخصائيين العاملين عليها.

وبينت الصحيفة بأنه وبالتزامن مع هذا العمل تقوم روسيا بتأمين قوافل مساعدات الأمم المتحدة إلى كل من ريف دمشق وادلب، أما دير الزور فيتم اسقاط المساعدات بواسطة المظلات باستخدام الطيران الروسي. كما أوردت نفس الصحيفة في عددها الصادر يوم 6/3/2017 نبأ مقتل الجنرال الروسي "بيتر ميلوخينا" (رئيس هيئة التدريب في أركان المنطقة العسكرية الغربية) الذي أصيب في 16/2/2017 إثر تفجير عبوة ناسفة عن بعد في المدرعة التي كان يستقلها على طريق التياس -حمص حيث بترت ساقيه وأعطبت عينه توفي بعدها مع اثنين كانوا معه في نفس العربة ([6]).

أما فيما يتعلق في النشرة الإخبارية الصادرة عن مركز الأخبار الروسي والمصالحة في حميميم التابع لوزارة الدفاع بتاريخ 17/3/2017، فقد تم ذكر عدة أمور أهمها:

  • توقيع ثلاث اتفاقيات للانضمام إلى اتفاقية وقف الأعمال العدائية في مراكز بصير في درعا وحلب واللاذقية وذلك بتاريخ 16/3/2017، ليصبح مجموع المناطق السكنية المنضمة للاتفاق 1356 مركزاً.
  • تستمر المفاوضات لضم مجموعات مسلحة أخرى في مناطق دمشق وحماه وحمص والقنيطرة حصيلة الفصائل المسلحة التي أبدت موافقتها من تاريخ 27/2/2017 135 مجموعة لم تتغير.
  • أصبح عدد القرى "المحررة" من قبل القوات السورية من الدولة الإسلامية 181 قرية، وخلال الـ 16/3/2017 تم "تحرير" 65.7 كم مربع من الأراضي وأصبح المجموع اعتباراً من 1/12017 3234.4 كم مربع ([7]).

كما ركزت صحيفة (izvestia) في عددها الصادر في 6/3/2017 على دور روسيا في مساعدة إسرائيل في مراقبة حدودها الشمالية، وذكرت بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيحضر إلى موسكو لزيادة التعاون بخصوص الوضع في سورية، إذ أن اسرائيل مهتمة بالحصول على معلومات لمناطقها الحدودية مع لبنان وسورية مع متابعة نشاط حزب الله المتحالف مع بشار الأسد، وكذلك تهتم إسرائيل في زيارتها تلك بالوقوف على الوضع في سورية ومعرفة وتطور العلاقات السورية الإيرانية ناهيك عن بحث سبل تعزيز التعاون العسكري الروسي الإسرائيلي على الحدود السورية لمراقبة الحدود وتحركات حزب الله في المنطقة([8]).

وفيما يتعلق بالشؤون العسكرية الروسية الإقليمية وتعقيباً على نفي وزارة الدفاع الروسية لانتشار وحدات عسكرية في مصر على الحدود الليبية، ناقش معهد الدراسات الشرقية في اكاديمية موسكو للعلوم هذا الموضوع مع بعض الباحثين، أوضح "فلاديمير جبروف" (عضو مجلس الشيوخ نائب رئيس اللجنة الدولية) للخبراء أن روسيا لم ترسل قواتها إلى الحدود المصرية، بينما اعتبر "فيتالي نعومكين" (رئيس معهد الدراسات الشرقية) أن الحديث عن هذا الموضوع لا يزال مبكراً وكذلك اعتماد روسيا اللواء خليفة حفتر حليفاً لموسكو، بينما يرى خبراء ومحللين غربيين أنها مؤشرات إمكانية عودة التأثير الروسي إلى الساحة الليبية كما كان في زمن معمر القذافي، وفي هذا السياق نوه المعهد إلى أن الصحيفة الفرنسية تريبونا ترى أن روسيا وردت أسلحة مختلفة إلى ليبيا في عهد القذافي والآن تحاول انقاذ ما يمكن إنقاذه مبدية اهتماماً خاصاً ومعلناً باللواء حفتر الذي بسط سيطرته على المناطق النفطية الساحلية، وذكر المعهد أن وكالة رويترز (لم تذكر المصدر)  نشرت مجموعة أخبار حول إرسال  روسيا لمجموعة من الأخصائيين إلى القاعدة المصرية التي تبعد 100 كم عن الحدود الليبية إلا أنها أوضحت أن تكون عائدية هؤلاء لشركة خاصة([9]).

قضايا اقتصادية روسية

أوردت الكاتبة "ماريا تاداروفا" في صحيفة ازفستيا مقالاً تحليلاً حول استمرار "انخفاض أسعار النفط والميزانية الروسية" موضحة أن الميزانية الروسية بنيت وفق احتساب سعر برميل النفط ب 40 دولاراً للبرميل لمنع التأثيرات المتوقعة لانخفاض أسعار النفط على الاقتصاد الروسي، وذكرت في هذا السياق توقع الاقتصاديون وخاصة إدارة المعلومات الأمريكية حول الطاقة انخفاض أسعار النفط نتيجة زيادة الكميات في السوق النفطي في نيسان  حيث سترتفع الكميات الى 4.96 برميل يوميا بزيادة 109 ألف برميل، وبناء عليه فإن سعر برميل النفط المتوقع 50.7 دولار للبرميل([10]).

أما المعهد الروسي للبحث الاستراتيجي فقد عقد ندوة الطاولة المستديرة عرض فيها تقرير المعهد المتضمن اعتماد الاقتصاد الأخضر كمسار جديد للتنمية لمواجهة التحديات العالمية بالنسبة لروسيا، ولوحظ من خلال الاجتماع أن الغرض من الندوة دفع السياسة الاقتصادية للدولة للعمل على تبني هذا المفهوم في تنفيذ النمو الاقتصادي بالاعتماد على موارد الطبيعة والمقصود هنا الاعتماد على المنتجات الزراعية كمبدأ للتنمية إلى جانب الموارد الأخرى ([11]).

 

ختاماً يمكن القول:

اتسم المشهد الإعلامي والبحثي في روسيا خلال شهر آذار 2017 بالمتابعة السياسية الحثيثة لأي مؤشر صادر عن الإدارة الأمريكية يوضح رؤيتها التنفيذية حيال أبرز القضايا الدولية لا سيما فيما يتصل بالأزمة الأوكرانية ومنطقة المحيط الهادي الآسيوي والملف السوري، متوجسة في ذات السياق من نوايا واشنطن حيال طهران وما ستفرزه من تداعيات على علاقة موسكو بإيران حليفتها في منطقة الشرق الأوسط وخاصة فيما يتعلق باحتمالية لجوء طهران لسياسات "تعطيل المسار السياسي في سورية" وهو أمر قد يربك الاستراتيجية الروسية.

 بينما ركز هذا المشهد على المستوى العسكري على تصدير مجموعة من الأخبار والتحليلات التي تدعي "نجاعة" الأداء العسكري الروسي في سورية، وحرص موسكو على عدم التعارض مع سياسات "إسرائيل" والبحث عن سبل التعاون معها بما يضمن أمن حدودها الشمالية، والجدير بالذكر هي تلك المؤشرات المترشحة عن تسريبات حول عودة الاهتمام العسكري الروسي في ليبيا وتوارد الأنباء عن انتشار متخصصين وخبراء روس في الحدود المصرية الروسية وهو أمرٌ حاول الإعلام الروسي نفيه.

أما على المستوى الاقتصادي لاتزال الاهتمامات الروسية متصلة بالبحث عن امتلاك أسباب الصمود لمواجهة تداعيات انخفاض سعر النفط عبر اعتماد ميزانيتها وفق سعر برميل منخفض، أو عبر التوجه لاعتماد استراتيجية الاقتصاد الأخضر كأحد السبل الاستراتيجية للتنمية المستدامة.

 


 

([1]) مقابلة أجراها نيقولاي سوركوف مع الجنرال بول فاليلي وتم نشر نص هذه المقابلة على هذه الصحيفة، للمزيد انظر الرابط: izvestia.ru/news//667711/

 

([2]) قسطنطين بلوخن:"التحالف الياباني الأمريكي في ظل المتغيرات الدولية الجديدة"، المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، 21/2/2017، الرابط: https://riss.ru/analitycs/39343/  

([3])-عباس جمعة: "ماذا لو هاجم ترامب إيران"، موقع كمسامولسكايا برافد، تاريخ 20/2/2017، الرابط: https://riss.ru/analitycs/39343/

([4]) ذكرت وزارة الخارجية الروسية عبر صفحتها الرسمية على الانترنت أن لقاءً جمع ممثل الرئيس بوتين في الشرق الاوسط بممثل وزارة الخارجية مع السفير الاسرائيلي بتاريخ 17/3/2017، والتقى أيضاَ لقاء نائب وزير الخارجية رياباكوف مع سفير اسرائيل في موسكو تم مناقشة بعض الوسائل الملحة المتعلقة بالأمن الدولي، للاطلاع راجع الموقع الالكتروني للوزارة: http://www.mid.ru/en/main_en    

([5]) ايكترينا زابارا:"أرميكا تبحث عن حل سلمي للمسألة الأوكرانية"، صحيفة ازفستيا،17/3/2017، الرابط: http://izvestia.ru/news/671871

([6]) ألكسندر كوتس:"وصول خبراء رفع ألغام إلى تدمر"، صحيفة كمسامولسكايا برافدا، بتاريخ 16/3/2017، الرابط: www.kr.ru/daily/26654/367485

([7]) للمزيد أنظر آخر النشرة الإخبارية الصادرة عن مركز الاخبار الروسي والمصالحة في حميميم التابع لوزارة الدفاع بتاريخ 17/3/2017 عبر الموقع التالي: http://syria.mil.ru/syria/bulletins/peacemaking.htm

([8]) نيقولاي سيركوف:" روسيا تساعد اسائيل في مراقبة حدودها الشمالية"، صحيفة ازفستيا، 6/3/2017، الرابط: http://izvestia.ru/news/668355

([9]) وزارة الدفاع الروسية تنفي انتشار وحدات عسكرية في مصر على الحدود الليبية، موقع روسيا اليوم الروسي، 14/3/2017، الرابط: https://ria.ru/world/20170314/1489935532.html

([10]) ماريا تاداروفا :" انخفاض أسعار النفط والميزانية الروسية"، صحيفة ازفستيا، تاريخ 16/3/2017 ، الرابط: http://izvestia.ru/news/671125

([11]) طاولة مستديرة بعنوان "الاقتصاد الأخضر هل يعطي أمكانية للنمو"، دعا إليها المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، للمزيد أنظر الرابط التالي: https://riss.ru/smi/39562/

أصدر مركز عمران كتابه السنوي الثالث الذي يتزامن مع بداية العام السابع من الزلزال السوري بعنوان "تحديات النهوض الوطني إبان التدخل الروسي"، هادفاً إلى تقديم قراءة منهجية لأهم متغيرات الملف السوري في عام 2016 ابتداءً من آثار التدخل الروسي في معادلات المنطقة، وكذلك حركية هذا الوجود الروسي وحدوده وأبعاده، إضافة إلى تسليط الضوء على الكمون الاقتصادي والتنموي في مناطق المعارضة وتحليلاً للبُنى الإدارية المحلية القادرة على ملء الفراغ وضبط الأمن وتوفير جسم قادر على الانتقال السياسي الحقيقي ميدانياً.

وتؤكد الدراسات الواردة على أهمية تقوية المكونات المحلية المدنية وخاصة منظومة المجالس المحلية كجسم تمثيلي شرعي رغم التفاوت في مستوى الأداء بما يهدف إلى ملء الفراغ الإداري وتمثيل رأي المواطنين في الحقل السياسي في مقابل طُغيان غير متوازن للفصائل العسكرية والأجسام السياسية التقليدية في المشهد التفاوضي.

شارك مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ممثلاُ بالمدير التنفيذي الدكتور عمار قحف بأعمال مؤتمر عقده منتدى الشرق بتاريخ 19 آذار 2017، بعنوان: "نحو البنية الجديدة للأمن في منطقة الشرق الأوسط".

تحدث الدكتور عمار خلال مشاركته عن ضرورة إعادة الاستقرار الأمني في سورية، وهذا يتطلب حكماً إخراج كافة القوى الأجنبية الإرهابية إضافة إلى المليشيات الداعمة للنظام والتي يفوق عددها 60 تشكيل عسكري، منوهاً إلى أن مصدر الإرهاب والاستقطاب الطائفي في المنطقة هو النظام السوري وداعميه.

كما أكد أن إعادة الاستقرار الامني في سورية يبدأ من الأدنى إلى الأعلى بمعنى تمكين المجالس المحلية الفرعية ومجالس المحافظات لتقوم بإعادة ضبط المشهد الأمني.

كما ناقش المؤتمر أسباب فشل الدول والأنظمة في عملية ضبط الأمن في عدد من بلدان الشرق الأوسط، مركزاً على الظواهر المليشاوية التي بدأت بازدياد في ظل سباقات التسلح الحاصلة في المنطقة.

يجدر بالذكر أن المؤتمر حضره العديد من الخبراء وصانعي السياسات والمسؤولين الحاليين والسابقين، فضلا عن ممثلين من الوكالات الدولية، لتبادل وجهات نظرهم، وتقديم رؤى جديدة حول القضايا الأمنية الحالية، واقتراح الأطر لبنية أمنية جديدة في المنطقة.

استكمالاً لورش العمل والندوات التي يعقدها مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع الفاعلين السوريين ضمن خطة المشروع البحثي الذي أطلقه المركز حول الرؤية الوطنية في التغيير الأمني (وظيفة – بنية)، عقد المركز في غازي عنتاب – صالة مؤسسة البوصلة للتدريب والتطوير بتاريخ 16/3/2017 ندوة نقاشية مع بعض الفاعلين ضمن مجال الإدارة المحلية (وحدة المجالس المحلية، ممثلين عن الحكومة السورية المؤقتة، ممثلي بعض المجالس المحلية).

وتركز النقاش حول دور المجالس المحلية في ملف الأمن المحلي، باعتباره أحد الجهات التي عنيت بالوظيفة الأمنية إلى جانب الشرطة الحرة والقضاء المحلي وفصائل المعارضة المسلحة، كما تم التأكيد أنه ولتحقيق شروط الأمن والاستقرار ينبغي الدفع باتجاه تبني مرجعية قضائية مستقلة مدنية موحدة على مستوى المحافظة، وتوحيد عمل الشرطة المحلية وربط مراكزها بالمجالس المحلية والتي بدورها ينبغي تعزيز علاقتها مع الحكومة المؤقتة، ناهيك عن ضرورة إعادة هيكلة الهيئات المعنية بالأمن المحلي وحوكمتها بالشكل الذي يضمن اتساقها مع المتطلبات الأمنية للمرحلة الراهنة والانتقالية.

كما استعرضت الندوة وقيمت البنى الأمنية المتعددة في سورية( مناطق سيطرة النظام السياسية – مناطق المعارضة المسلحة- مناطق الإدارة الذاتية)، وأوضحت الإجراءات التي ينبغي اتباعها قبل الشروع في حوكمة الأمن في سورية، وركزت الندوة  في قسمها الأخير مقترحين  أوليين الأول يوضح الوظائف والأجسام الأمنية القطاعية وعلاقتها مع المركز والطرف بما يعزز شروط التمكين المحلي ويحمي استقرار ووحدة البلاد، والثاني الرؤية الوطنية للتغيير من خلال التغيير القانوني والدستوري والثانية وتطوير البنية الأمنية لتغدو منسجمة مع مفهوم صيانة الوطن والمواطن ضمن قطاع أمني متماسك.

استضاف برنامج "من تركيا" على قناة الأورينت السورية، الدكتور عمار قحف، مدير مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، للحديث عن مسار مؤتمر جنيف4 ومآلاته في ظل الانسداد السياسي القائم.

قدّم مدير مركز عمران للدراسات الاستراتيجية تحليلاً معمقاً للدور الروسي المتعاظم في سورية، وهو الأكبر منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، وحلل أساليبها في خلق منصات متعددة لإضعاف المعارضة السورية لصالح نظام الأسد.

وإجابة منه على سؤال حول سرّ تعدد منصات المعارضة في مؤتمر جنيف، وتأثيرها على المسار السياسي في جنيف، أجاب الدكتور عمار قحف، بأن غاية روسيا من صناعة منصات موالية لها، هو الإعداد للمرحلة المقبلة من المفاوضات لضمان مصالح موسكو في سورية.

كما تناولت المقابلة الحديث عن بيانات جنيف1 ومساعي الروس للالتفاف على البيان من خلال اعتماد سياسة الغموض البناء على الرغم من مبادرة موسكو نفسها لصياغة البيان.

 

 

حلّ الدكتور عمار قحف، المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ضيفاً على برنامج "هنا سوريا" على قناة الأورينت، في السادس من شهر شباط/ فبراير الماضي للحديث عن ظروف تشكيل وفد المعارضة إلى مفاوضات جنيف4، والضغوط الممارسة عليها لضم منصات أخرى إليها، وتحديد موعد الثامن من شهر شباط/ فبراير كموعد نهائي لتشكيل الوفد.

ناقشت الحلقة ظروف تشكيل وفد المعارضة إلى جنيف4، وأبعاد المطالب الدولية والأممية من وفد الهيئة العليا للمفاوضات، وكيفية مواجهة هذه المطالب التي تحولت إلى ضغوط في الآونة الأخيرة.


عقدت كلاً من مؤسسة عيد الخيرية، ومنظمة IHH الخيرية التركية، واتحاد الصناديق الإنسانية لمنظمة التعاون الإسلامي والمجلس الإسلامي للمؤسسات المانحة وهيئة المعرفة للتعليم والثقافة المؤتمر الدولي لتعليم السوريين في مدينة اسطنبول تحت رعاية وزارة التربية والتعليم التركية بتاريخ 19-18 -2-2017. ومثل مركز عمران في حضور المؤتمر الباحث محمد العبدالله من مسار التنمية والاقتصاد. وكان المؤتمر بمثابة لقاء دولي يجمع المهتمين بالعملية التعليمية للسوريين والقائمين عليها والداعمين لها في سورية وفي دول الجوار. وتركز الهدف الأساسي للمؤتمر على تحقيق عملية تعليمية مستدامة للسوريين، تتجاوز الأزمات وتلبي الحاجة لتكوين جيل قادر على البناء والتنمية، من خلال تذليل الصعوبات التي تواجه العملية التعليمية وتقديم الحلول المناسبة لإنجاحها. ودعم القائمين عليها في الداخل السوري وفي دول الجوار. وتفعيل دور المانحين للمشاركة في تفعيل هذه العملية.