مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Displaying items by tag: الغاز في روسيا
الإثنين, 14 آذار/مارس 2022 16:11

كييف ترسم ملامح أزمة اقتصادية عالمية

كييف ترسم ملامح أزمة اقتصادية عالمية

 كييف! المدينة الأوكرانية التي تجابه الدبابات والمدافع الروسية لا ترسم ملامح الخريطة الجيوسياسية على أعتاب أوروبا وحسب! بل ملامح أزمة اقتصادية عالمية تلوح في الأفق، فالاشتباكات العسكرية أرضاً وجواً على حدود كييف ليست أقلّ ضراوة من “الاشتباكات” الاقتصادية الجارية بين روسيا والعالم.

تسبب فرض حظر على واردات النفط والغاز الروسية من قبل الولايات المتحدة، إلى ارتفاع أسعار عقود النفط الآجلة إلى 130 دولار، أعلى مستوى منذ 13 عاماً، وإرسال حالة غموض وضبابية للأسواق المالية العالمية حول النقص في إمدادات الطاقة والغذاء في العالم، وهو ما أدخل أسواق الأسهم الآسيوية والأوروبية والأمريكية في موجة بيع لا يُعرف حدودها حتى الآن.

العقوبات بداية المشكلة

لا يعد إخراج روسيا من نظام “سويفت” الدولي للتعاملات المالية وفرض عقوبات قاسية على اقتصادها بداية حل الأزمة! بل أول عقدةٍ فيها، إذ تتموضع في مكانة مهمة من الاقتصاد العالمي ضمن سلاسل الإمداد العالمية في مواد الحبوب والنفط والمعادن تجعلها عنصراً مهماً ضمن صناعات كثيرة، عبر صادراتها المتمثلة بـ 4.7 مليون برميل نفط يومياً، و200 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، و29 مليون طن سنوياً من الغاز المسال، و18% من صادرات القمح عالمياً، والخامسة عالمياً في إنتاج الحديد.

انقطاع أو نقص الإمدادات، العرض، من روسيا للأسواق العالمية سواءً كان عمداً أو نتيجة عقوبات، كافٍ لصدم منحنى العرض في الأسواق وارتفاع الأسعار بشكل دراماتيكي، وخوض الاقتصاد العالمي غمار أزمة جديدة تضاف للأزمة التي رافقت انتشار فيروس “كورونا” من ارتفاع عام في معدلات البطالة وانقطاع في سلاسل التوريد من الصين وانخفاض في نسب التشغيل فضلاً عن ارتفاع معدلات التضخم لتلامس 7.5% في الولايات المتحدة الأمريكية وهو الأعلى منذ أربعة عقود.

وبقدر الأذى الذي سيطول روسيا واقتصادها من الحرب والعقوبات، سيتأذى الاقتصاد العالمي بذات القدر وربما أكثر، لأن اصطدام الطلب القوي بنقص مفاجئ في العرض، وسط أزمات موجودة بالفعل، قد يؤدي إلى ضغوط مباشرة (وبالأخص في الدول النامية) على الميزانيات العامة ومعدلات الدين والعجز الحكومي؛ إثر زيادة فاتورة دعم المواد الأساسية والواردات والأسر الفقيرة، فضلاً عن الصدمة التي ستلحقها بالبورصات إذا طرحت كميات كميرة من الأسهم دون أن تجد من يشتريها، وتجعل من صانعي السياسات الاقتصادية يكافحون لعدم وقوع اقتصاداتهم في الركود، إضافة لتعقيد مهمة البنوك المركزية في التخلص من الأموال السهلة التي ضخت بهدف معالجة المشاكل خلال فترة كورونا.

مع الإشارة هنا أن أي أزمة اقتصادية قادمة تختلف من حيث الأثر عن الأزمة التي ضربت العالم إبّان تفشي فيروس “كورونا” عام 2020 والإغلاق المفاجئ، إذ تعد الصين التي قادت أزمة “كورونا” ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم وهي قوة تصنيعية لديها ارتباطات كبيرة بسلاسل التوريد المعقّدة، فمعظم المنتجات تصدّر إلى العالم بعد تصنيعها في الصين، فضلاً عن كونها أكبر مستهلك في العالم للكثير من المنتجات، على خلاف روسيا التي تعد مورّداً رئيسياً للنفط والغاز والمواد الغذائية والتي يمكن إيجاد مصادر بديلة عنها لسد أي نقص حاصل في الأسواق. ومرةً أخرى تختلف عن الأزمة المالية في العام 2008 من حيث الشكل، فأزمة 2008 كانت من جانب الطلب فيما الأزمة الحالية من جانب العرض.

الآثار المباشرة: ارتفاع الأسعار

ارتفاع أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي سيزيد، بطبيعة الحال، من نبض التضخم العالمي مترافقاً مع انخفاض في معدلات النمو تاركاً البنوك المركزية في مواجهة سيناريو الـ stagflation(التضخم بموازاة ركود اقتصادي)، وعليه سيكون أمام البنوك المركزية الاعتماد على سياسة رفع أسعار الفائدة لامتصاص وكبح جماح الارتفاعات الحاصلة في الأسعار.

يتفاوت تأثر الدول وارتفاع الأسعار فيها على مدى اعتمادها على الواردات الروسية سواءً في مجال الطاقة أو الغذاء. يستورد الاتحاد الأوروبي ما يقرب من 40% من الغاز الطبيعي و27% من النفط الخام من روسيا، وإضافة لكون الغاز يمثّل خُمس كهرباء أوروبا فإن 45% (في عام 2018) من الطاقة المستخدمة تذهب لتدفئة المنازل فضلاً عن الطهي، وانعكس ارتفاع أسعار الطاقة خلال الأيام الماضية على أسعار الغاز القياسية الأوروبية بنسبة 79% لتصل إلى 345 يورو لكل ميغاواط/ساعة، كما تتزايد المخاوف من عدم قدرة العائلات على دفع الفواتير أو الاختيار بين التدفئة والطعام، وهو ما يزيد من الأعباء على الحكومات الأوروبية في زيادة دعم العائلات غير القادرة على دفع الفواتير وتحمل عجوزات مالية. وبحسب بياناتGas Infrastructure Europe بلغت نسبة الغاز المخزّن 74% في أوروبا، مقارنة بهذا الوقت من العام الماضي عندما كانت 94%.

وسيزيد ارتفاع الأسعار المحموم في أسواق الطاقة من الضغوط المتزايدة على الاقتصاد التركي الذي يستورد 95% من واردات الطاقة من الخارج (55 مليار دولار) تعتمد فيه على الغاز الروسي بنسبة تقارب الـ33%، وتستقبل سياح روس (4.7 مليون سائح سنوياً) وأوكرانيين (2.1 مليون سائح سنوياً) وتستورد 9 ملايين طن قمح من روسيا بنسبة 65% و15% من أوكرانيا، وعلى الرغم من توفر البدائل إلا أن ارتفاع الأسعار سيلقي لا شك بظلال ثقيلة على فاتورة الواردات والميزان التجاري، علماً أن معدلات التضخم في الشهر الماضي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً عند 54%.

على الجانب الآخر تعد مصر، من أكثر الدول المتأثرة بالحرب الروسية الأوكرانية إثر ارتفاع أسعار الطاقة الذي سيضغط بدوره على الميزان التجاري وبالتالي على طلب النقد الأجنبي، ومن ثم فإن كلا البلدين تعدّان مصدراً رئيسياً للقمح لمصر بنحو 10 ملايين طن سنوياً، ما يجعلها تبحث عن مصادر بديلة ذو تكاليف أعلى، فضلاً عن الخسائر التي سيمنى بها قطاع السياحة.

أما الدول النفطية ستكون أفضل حالاً نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز ما يعوّض أي ارتفاع في أسعار السلع والخدمات التي تستورد معظمها من الدول الصناعية.

أخيراً، لا شك أن الأزمة الاقتصادية الحالية ستلقي بآثار سلبية على جميع الدول بشكل مباشر أو غير مباشر ولكن ما يثير الانتباه في هذه الآونة أن الأزمتين السابقتين في 2008 و2020 (كورونا) اعتمدت الولايات المتحدة لحلهما على فكرة “التيسير الكمي” لمعالجة جذورها، على اعتبار أنها أزمة في الطلب تقتضي تعزيز القدرة الشرائية للمستهلك والحؤول دون ارتفاع البطالة ونشل الشركات والمؤسسات من الإغلاق والإفلاس، أما الآن فربما يكون في سرعة إيجاد البديل وضمان سد النقص من دول صديقة للولايات المتحدة كالسعودية أو عدوة لها مثل فنزويلا وإيران، وحتى ذلك الوقت ستعاني جميع الدول بشكل متفاوت من الارتفاع العام في الأسعار.

 

المصدر: السورية نت https://bit.ly/3pZ17Tq  

التصنيف مقالات الرأي

الملخص التنفيذي

  • بيّن معهد الدراسات الاستراتيجية أن الضربة الأمريكية أتت نتاج رغبة ترامب في إظهار حزمه وقوته العسكرية والمشاركة في لعبة الشطرنج العسكرية مع روسيا في الشرق الأوسط، وعلى عكس نبرة الخطاب المتوافق مع الخط السياسي الرسمي تساءل الكاتب " كالينين" إلى متى سندعم الأسد؟ وهو وراء عداوة العالم لروسيا، فيما أكد الخبير السياسي "فيتالي نعومكين" أن التعاون بين أمريكا وروسيا سيستمر، فالضربة تهدف أصلاً إيصال رسالة إلى الرئيس الصيني المتواجد في واشنطن في حينها، وبيان جاهزية واشنطن لضرب كوريا الشمالية.
  • عرض الرئيس الإيراني على روسيا استخدام قواعدها الجوية لمتابعة الحرب على الإرهاب، الأمر الذي خبراء روس بأنه سيعود بالعديد من الفوائد كإمكانية فتح كريدور جوي وخاصة للصواريخ المجنحة من طراز (كاليبر) إضافة للحصول على معلومات استطلاعية أوسع وأسرع، وفيما يتعلق بالعلاقة العسكرية الثنائية، تحدثت الصحف الروسية عن إمكانية قيام قاعدة بحرية إيرانية في اللاذقية بموجب اتفاقية بين روسيا وإيران بضوء أخضر من الأسد.
  • اقتصادياً: خلص عدد من الباحثين الروس إلى أن الوثيقة الصادرة عن اجتماع الدول العشرين الأخير لم تأت بشيء جديد، بحكم الخلافات بين أعضاء المجموعة؛ وعالمية ظاهرة الاقتصاد؛ أما محلياً، تسائلت صحيفة "مسكوفسكي كمساموليتس" رغم وعود رئيس الوزراء ميدفيدف منذ عشر سنوات بحل المشكلة، لماذا ثلث سكان روسيا محرومون من الغاز؟ واستعرضت نسب تأمين المواطن في دول الاتحاد السوفييتي السابق واتت روسيا بعد كلاً من أرمينيا 93%، أذربيجان 80%، أوزبكستان 75%، بلاروسيا 73.9%، أوكرانيا 72%، بلاروسيا 73.9%، أوكرانيا 72%. 
  • عسكرياً: تم الحديث عن الدعم الروسي للأكراد والاتفاق القاضي بتدريب موسكو لـقوات الـ YPG ورفع عددها الى 100 ألف مقاتل؛ وادخال القاذفة الاستراتيجية TY-160M2 في الخدمة: المجهزة بالمعدات التقنية والالكترونية التي تحميها من التشويش، كما أنها تتمكن من التصدي للأنظمة الصاروخية المضادة للطيران، وتحمل الصواريخ القادرة على تدمير أي هدف.
  • أمنياً: استحوذت قضية التفجير الذي هز مترو الأنفاق في مدينة سانت بتربورغ الحيز الأكبر لدى الفعاليات البحثية والإعلامية الروسية، إذ تم التركيز على عدة قضايا أهمها: خطورة التعايش مع فكرة الاختراق والتفجيرات؛ ارتباط تلك التفجيرات بالعمليات العسكرية في سورية؛ دلالات المكان؛ تواجد "داعش" في روسيا والحديث عن وجود أكثر من ألف روسي مع الدولة الاسلامية يتحركون بحرية من خلال جواز السفر الروسي.

أولاً: كيف تفاعل الإعلام الروسي الضربة الأمريكية؟

بعيد مجزرة الكيماوي التي ارتكبتها قوات النظام في خان شيخون تسارع الاعلام الروسي لتبني رواية مركز حميميم التابع لوزارة الدفاع التي لم تحمل النظام مسؤولية هذا الهجوم، وبذات الوقت اهتمت الفعاليات البحثية والإعلامية الروسية بقراءة أية تطورات محتملة من قبل الإدارة الأمريكية، وفي هذا الصدد تساءل المحلل الروسي "فلاديمير بلخوين" بمقالة له في صحيفة "نيزافيسيمايا" هل سيضرب ترامب سورية؟ إذ عزز "بلخوين" فرضية الضربة المحتملة مستدلاً بذلك على عدة مؤشرات منها([1]):

  1. "الغضب" الذي اعترى ترامب في مؤتمره الصحفي (الذي تحدث فيه عن المجزرة) وتوعده بعمل ما -دون الإفصاح عنه-إذ كان بمثابة مؤشر جدي على نية الإدارة الأمريكية بعمل عسكري.
  2. تصريحات نائب ترامب بأن دمشق مسؤولة عن الغارة الكيمائية وواشنطن لن تستثني أي خيار بما فيه العسكري.
  3. تأييد أنصار الرئيس من الجمهوريين للخيار العسكري مستدلاً بتصريحات السيناتور "تون كوتون" التي عبر فيها عن عدم شعوره بالأمان طالما محور روسيا إيران سورية يفعلون ما يشاؤون في سورية مضيفاً وعلى بشار أن يرحل.

من جهته استبعد الخبير العسكري "يوري بنكا تشيف" قيام الولايات المتحدة الأمريكية بعمليات عسكرية فورية قد تؤدي إلى إحداث خسائر في القوات الروسية، وقد يعتمد الطيران بدون طيار وسيلة لتصفية الأسد، إلا أن لدى موسكو الوقت الكافي لمنع هذا الاحتمال. إلا أن الأحداث بينت أن ردة الفعل الأمريكي كانت بمثابة "ضربة عقابية" للنظام، عبر استهداف مطار الشعيرات بحماه بـ 59 صاروخ توماهوك، سارعت موسكو لاستنكار وإدانة هذا الفعل ولوحت بانهاء التنسيق الجوي المشترك بينها وبين الولايات المتحدة، ترافق ذلك بزيارة قام بها وزير الخارجية الأمريكية لموسكو اهتمت بها صحيفة "اوترا" الروسية، وصدرت مجموعة من الخلاصات أهمها:

  • أن العلاقات الروسية الأمريكية تشهد أدنى مستوى لها وأن طروحات وزير الخارجية الأمريكي المتعلقة بتشكيل لجان عمل لدراسة وأسباب التوتر تؤكد على تعمق حجم الخلاف لا سيما فيما يتعلق بقضية "الرئيس السوري".
  • أن موقف أمريكا بات أكثر حسماً حيال تلك القضية، فهي "لم تعد ترى لبشار الأسد أي موقع في السلطة في سورية".

ونوهت الصحيفة بذات السياق إلى استمرار تأزم العلاقات الروسية البريطانية التي وصلت لدرجة إهانة روسيا وخاصة من المندوب البريطاني الذي دخل في مشادة كلامية مع المندوب الروسي.

أما معهد الدراسات الاستراتيجية فقد أفرد من خلال باحثيه تحليلاً موسعاً للضربة الجوية الأمريكية حيث خلص لرأي مفاده: "أن ترامب اتخذ هذا القرار نتيجة موجة الانتقادات الموجهة له من جمهور كبير من المحللين سواء في أمريكا أو من خارجها ويتضمن رغبة ترامب في إظهار حزمه وقوته العسكرية، راغباً في المشاركة في لعبة الشطرنج العسكرية مع روسيا في الشرق الأوسط، وقد تكون أيضا رسالة للرئيس الصيني المتواجد في أمريكا بأنه قادر على ضرب كوريا الشمالية إذا لم تتمكن الصين من حلها، فالنظرة السريعة على الأحداث تدل على أن القرار تم اتخاذه على عجل، ولا يخلو من الانفعالية، ولمثل هذه القرارات نتائج خطيرة لا يمكن التنبؤ بها، وهي بذلك تعمل على تغييب القانون الدولي وإلغاء كثير من المبادئ التي تمنع حصول صراعات دولية.

وفي ذات التحليل ذكر مدير معهد الدراسات الاستراتيجية "فرادكوف"، مجموعة نقط تحليلية نذكر أهمها([2]):

  1. أن مثل هذا الحدث ليس حدثاً عادياً، لأن أي عملية لا تأخذ القدر الكافي من التأني ستؤدي إلى ضياع التحكم بالحدث، وبالتالي إلى احتمالات خطيرة غير مرغوب فيها.
  2. في مصلحة من وما هو الهدف من عدم وجود تفاهم على ما يجري في سورية خاصة، والشرق الوسط بشكل عام. في ظل تنامي تهديد الأمن والسلم الدوليين.
  3. مهما تكن الظروف فيجب أن يتم العمل على تقليل الخسائر البشرية وتخفيف التوتر العالمي وفي كل الأحوال يجب عدم السماح بحصول اصطدام بين روسيا وأمريكا لما لهذا الموضوع من خطر على العالم بأكمله.

أما الباحثة "إيلينا سوبونينا" فقد كتبت مقالاً في صحيفة "ايزفستيا" بعنوان "ترامب يكافئ المسلحين السوريين" ذكرت فيه: ( أن الهجوم الصاروخي على مطار الشعيرات لم يغير في ميزان القوى على الأرض، وبقي التفوق للقوات الحكومية، والوضع الآن مختلف عن عام 2015 عندما كان "المتمردون" على مشارف العاصمة دمشق، فهجمات الجيش السوري الذي تدعمه روسيا وإيران مستمرة على معاقل "الإرهابيين" الذين تجمعوا في إدلب نتيجة تحرير شرق حلب،  ولم تحقق الضربة هدفها، فها هو الطيران يقلع من مطار الشعيرات بينما تتابع روسيا اتصالاتها مع شيوخ القبائل لتامين المصالحات،  وعلى الرغم من الخسائر المتواضعة المادية والبشرية، إلا أن النتائج السياسية مخيفة ففي قاعدة الشعيرات يعمل الإيرانيون والاخصائيين الروس على محاربة الإرهاب القريب من مطار الشعيرات في الرقة، إلا أن ترامب أعطى الأمل للإرهابيين لتنشيط عملياتهم الإرهابية في سورية([3]).

بالمقابل وعلى عكس نبرة الخطاب المتوافق مع الخط السياسي الروسي الرسمي، تساءلت صحيفة "غازيتا الروسية" بقلم الكاتب "ايفانت كالينين" إلى متى سندعم الأسد وهو وراء عداوة العالم لروسيا؟ وأشارت للعديد من النقط المدللة على تبعات دعم الأسد، نبينها في الآتي([4]):

  • احتمال قيام ترامب بتنفيذ عقوبات جديدة على روسيا بسبب دعمها للأسد.
  • تصريحات وزير الخارجية التركي بأن على روسيا اعادة النظر في موقفها من الأسد ومستقبله في العملية السلمية.
  • إلغاء وزير الخارجية البريطاني زيارته لروسيا مصرحاً بأن تواطؤ روسيا مع الأسد سبباً كافياً لإلغاء الزيارة.
  • اعتبار وزير الدفاع البريطاني روسيا (الوسيط في نزع السلاح الكيماوي السوري) شريكة في القتل ومسؤولة عن أرواح أكثر من 70 قتيلاً.
  • أعطت الغارة زمام المبادرة للدول الأوروبية في الساحة الدولية.
  • انتقادات مندوبة أمريكا في مجلس الامن والتي صرحت أن سقوط الأسد يعتبر أولوية أمريكية إضافة الى ضرورة الحد من نفوذ إيران في سوريا وأضافت في تصريح لرويترز أن أمريكا بصدد تشديد العقوبات على روسيا وإيران وأنها لا تتصور سورية سلمية برئاسة الأسد إلا أن وزير الخارجية الأمريكي فكان أقل حدة عندما قال: ان الأولوية لمحاربة تنظيم الدولة، وبعدها نلتفت لاستقرار سورية،
  • مؤسسات إعلامية تابعة لوزارة الخارجية الروسية في تعليقاتها تتحدث عن عدم معرفة او عدم فهم موسكو لما يجري في سورية.

أما وكالة انترفاكس فقد أجرت لقاء مع المحلل والخبير السياسي "فيتالي نعومكين" مدير معهد الدراسات الشرقية في أكاديمية العلوم الروسية الذي استعرض مآل العلاقة الروسية الأمريكية بعد الضربة، إذ أكد على أن التعاون بين أمريكا وروسيا سيستمر، لأن الضربة كانت تهدف أصلاً إيصال رسالة إلى الرئيس الصيني المتواجد في واشنطن في حينها، وبيان جاهزية واشنطن لضرب كوريا الشمالية. وأكد على أن لديه من الحقائق بحيث لا يستبعد قيام أمريكا بضرب كوريا الشمالية حيث يبدي الخبراء رأياً استراتيجياً مفاده إن لم يضرب الآن فسيصبح الوقت متأخراً، وأكد في هذا الصدد على أن أمريكا مهتمة الآن بالمنطقة الاسيوية والمحيط الهادئ([5]).

وفي ذات السياق المتعلق بتتبع تطورات العلاقة الروسية الأمريكية، فقد ذكرت وكالة "تاس" عن "ميخايل فرادكوف" مدير معهد الدراسات الاستراتيجية قوله حول زيارة تيرلسون ونتائجها بأن تقرير نيلسون لترامب سيؤثر على مستقبل العلاقة بين روسيا وأمريكا، موضحاً أن ساعتين من المحادثات مع بوتين كافية لتقدير الموقف الروسي الذي سيعرضه على ترامب والذي من المفترض أن يعمل على تهدئة الوضع وإقامة حوار حقيقي بين روسيا وأمريكا، وأكد أنه على روسيا انتظار رد فعل ترامب الذي عرف برغبته بإظهار حزمه واثبات ذاته. ونوه "فرادكوف" أنه ومهما تكن الحالة، فلا بد من إظهار المسؤولية وأن تسعى روسيا للاستفادة من كل الظروف لتكون علاقتها مع أمريكا أفضل، أو على الأقل ألا تذهب للأسوء، وفيما يتعلق بمحاربة الإرهاب تحدث "فرادكوف" عن محاولة روسيا اشراك الولايات المتحدة، إلا أن مثل هذه الضربات المفاجئة تقوض الجهود، وأَملَ أن تفهم الإدارة الامريكية أن موسكو لن نسمح بتكرارها وأن اعتماد حجج وذرائع لتغيير الأنظمة في العالم سيؤدي الى ضرب القوانين الدولية وبالتالي تغيير النظرة الى الأمم المتحدة ودورها([6]).

ثانياً: تطورات العلاقة الإيرانية الروسية 

زار مؤخراً الرئيس الإيراني موسكو مع وفد عالي المستوي بهدف التأكيد على التحالف الروسي الإيراني، وقد تم خلال هذه الزيارة توقيع سلة من الاتفاقيات، أهمها([7]): 1) إلغاء التأشيرة بين البلدين؛ 2) التعاون في مجال كهربة المواصلات؛ 3) انشاء مشاريع إنسانية؛ 4) نقل الوقود النووي؛ 5) تنسيق المواقف النفطية بين البلدين وتوحيد المواقف تجاه منظمة أوبك.

ونوهت الصحف الروسية إلى أنه وخلال الزيارة عرضت إيران على روسيا استخدام قواعدها الجوية بشكل مؤقت لمتابعة الحرب على الإرهاب، حيث نقلت صحيفة "الكمسامولسكايا" آراء بعض الخبراء عن ذلك، ومنهم الخبير العسكري "ألكسي بورزينكو" و "ايغور كلروتشينجو" الذين تحدثا عن الفائدة المرجوة من استخدام روسيا للقواعد الإيرانية مبينة بما يلي([8]):

  • إمكانية فتح كريدور جوي وخاصة للصواريخ المجنحة من طراز (كاليبر).
  • توفير واضح ولموس في كميات الوقود اللازمة.
  • إمكانية الحصول على معلومات استطلاعية أوسع وأسرع.
  • إمكانية التدخل السريع في حال العمليات المفاجئة.
  • إمكانية تحميل القاذفات كمية من القنابل والصواريخ أكثر.

والجدير بالذكر هنا أيضاً، أنه أثناء تلك الزيارة، أوردت صحيفة روسيا اليوم التابعة لوكالة الانباء الوطنية الروسية ИР مقالا بعنوان وزير الدفاع الإيراني ينصح الأمريكيين بمغادرة الخليج، ونوهت الصحيفة إلى تصريح "جوزيف مونيل" قائد القيادة العسكرية المركزية الأمريكية في مجلس الشيوخ في مجال التعاون الفني مع الحلفاء في الشرق الأوسط عن نية الولايات المتحدة تصدير صواريخ بالستية لمنطقة الخليج العربي، وفي الرد على هذه النوايا، نصح وزير الدفاع الإيراني الأمريكيين بمغادرة منطقة الخليج لعدم إحراج دول المنطقة، ووجه هذا النقد (حسب الصحيفة) "بطريقة شرقية" حين قال: هل من المعقول دخول سارق مسلح الى بيت ما؟ هل يعتقد انه سيفرش له سجادة حمراء؟ ألا إن هذا من وحشية العصر، وذكرت الصحيفة أنه من المعلوم أن العلاقات الإيرانية الأمريكية شهدت شيئا من الدفء في عهد أوباما حيث وقع الاتفاق النووي الذي أقر فيه الموقعون بسلمية البرنامج النووي الإيراني، وتم على أثره تخفيض العقوبات المفروضة على إيران، في حين لم يخف الجمهوريون انتقاداتهم لأوباما وعلاقته بإيران، الا أن قدوم ترامب إلى السلطة أعاد هذه العلاقة الى التعقيد من جديد([9]).

أما فيما يتعلق بالعلاقة العسكرية الثنائية، نشرت كل من صحيفة "بليت اكسببيرت" إضافة "لوكالة الأنباء الوطنية في صحيفة روسيا اليوم" موضوعاً بالغ الأهمية حول مدى إمكانية قيام قاعدة عسكرية إيرانية في سورية، هذا الأمر الذي نفاه الجنرال الايراني "رسول ساناي راد" ممثل القيادة العسكرية الإيرانية واصفاً هذه الأنباء "بالمغلوطة" تهدف لزعزعة الاستقرار وخلق عدم الثقة بين الدول في المنطقة مستنكراً سكوت الصحافة نفسها عن وجود القوات الأمريكية غير الشرعي في سورية، مضيفاً أن الوجود الإيراني في سوريا يقتصر على المستشارين العسكريين بناء على طلب الحكومة السورية، ولا تخطط طهران لبناء أي قاعدة عسكرية في سورية. إلا أن الصحافة الأمريكية (وفق تلك الصحفيتين) تؤكد على اقتراب طهران من إنشاء قاعدة بحرية في اللاذقية بموجب اتفاقية بين روسيا وإيران بضوء أخضر من بشار الأسد، وذلك لقاء الدعم المادي والعسكري الايراني لسورية خلال سنوات الحرب، وبذات الموضوع نوه الإعلام الروسي إلى تصريح رئيس الوزراء الاسرائيلي في 9/3/2017 الرافض لإقامة تلك القاعدة عسكرية التي (برأيه) تسعى لبناء البنية التحتية لقاعدة بحرية مستقرة، وهذا من شأنه دعم محور إيران حزب الله وبالتالي تسهيل نقل الأسلحة الى حزب الله عبر سورية، كما أنها تزعزع الأمن والاستقرار في هذه المنطقة حسب وزارة الخارجية الإسرائيلية، أما "ألكسي نوفوبتشونوف" الباحث في معهد التخصصات المتعددة، فقد علق على هذا الموضوع بقوله إن ذلك يخص أربع دول سوريا وروسيا وإيران وتركيا المتحالفة لحل القضية السورية دون تجاهل دور اسرائيل التي تسعى للاستفادة من الازمة لصالحها تحت مقولة الرابح هو الذي يطلق الطلقة الأخيرة([10]).

ثالثاً: المتابعات الروسية للقضايا الاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية

أجرى معهد الدراسات الاستراتيجية ندوة شارك فيها عدد من الباحثين الاقتصاديين والماليين في المعهد لمناقشة الوثيقة الصادرة عن اجتماع الدول العشرين الذي تم في مدينة بادن في 17/3/2017 والذي جمع وزراء المالية وممثلي البنوك المركزية في الدول العشرين اجتماعا في مدينة بادن تلك الوثيقة التي ستقدم لقادة تلك الدول في شهر حزيران القادم في ألمانيا)، وخلصت هذه الندوة إلى ما يلي([11]):

  • أن الوثيقة المنبثقة عن الاجتماع لم تأت بشيء جديد، مختلفة بذلك تماماً عن تلك الاجتماعات المنعقدة منذ عشر سنوات إبان الأزمة الاقتصادية التي كادت تعصف بالاقتصاد العالمي ووجدوا لها آنذاك الحلول المناسبة.
  • إعادة أسباب عدم التوصل لنتائج نوعية لـ:
  • الخلافات الواضحة بين أعضاء المجموعة وجو التوتر الذي ساد المناقشة.
  • عالمية ظاهرة الاقتصاد، إذ أن المجتمعون يبحثون الوضع الاقتصادي في هذه البلدان بينما هو ظاهرة عالمية، عدا عن ذلك فان كل دولة تخطط اقتصادها وفقا لمصالحها الوطنية ولا يمكن لأية قرارات أن تكون ناجحة إلا بمدى تناسبها مع الاقتصاديات الأخرى بما فيها الاقتصاديات الحديثة مثل أمريكا.
  • ان الوضع الحالي شبه مستقر مع معدل نمو منخفض وعدم وجود أزمات مالية.
  • دخول الصين باقتصادها المتنامي بقوة في الاقتصاد الدولي.
  • وصول ترامب المتشدد الى السلطة والخوف من انتشار هذه الحالة الى أوروبا.
  • انعدام التعاون بين دول هذه المجموعة لوضع نظام ضريبي موحد.

ولأن الوضع الاقتصادي يشهد (وبسهولة) تدفق الكتل النقدية الكبيرة عبر البنوك وبشكل كبير مؤثراً على الوضع المالي العالمي (بحسب الندوة)، فإن الرابح في هذه الحالة تلك الدول التي تتمتع بكتل نقدية كبيرة حيث ستضطر الدول الأقل ملاءة الى تكييف وضعها النقدي بما يتلاءم مع الوضع العالمي على الرغم من الخسائر الممكنة. واستناداً لذلك ذكرت الندوة أنه "لا يتوقع عند عرض الوثيقة على قادة هذه الدول في ألمانيا الخروج بنتائج واضحة، والأغلب أن تستمر السياسات المعمول بها حالياً، كما أن ميركل بحسب الندوة ستقف ضد أي قرارات لا تحمل نتائج معروفة".

وفي سياق اقتصادي إقليمي دللت المحررة "اولغا موزيك" في جريدة "بليت اكسببيرت" على ارهاصات حرب نفطية ما بين روسيا والمملكة العربية السعودية، حيث تبدي الدول ضمن أوبك وخارجها عدم ارتياحها من حصصها النفطية وتواجدها في السوق النفطية منوهة المحررة إلى أن اتفاق أوبك عمل على استقرار الأسعار، إلا أن السعودية تبدي امتعاضها   لتحملها الضغط الأكبر من تخفيض الإنتاج، حيث فقدت الكثير من عملائها ومازالت صامتة، وأن روسيا لا يمكنها أن تقف متفرجة عما يجري، وأنها ستسعى بشكل حثيث لكسب عملاء أساسيين كالصين والهند.

 لذلك ووفقاً لـ "موزيك" قررت السعودية العودة إلى سوقها القديمة وهي أوروبا بسعر جديد، كما أنها دخلت المنطقة الآسيوية من خلال العقود المبرمة خلال زيارة الملك سليمان إلى تلك المنطقة التي كانت تعد المنتجات النفطية الروسية مصدرها الأساس وبالتالي فإن التوقعات تشير إلى فقدان موسكو لهؤلاء الزبائن. وتؤكد "موزيك" أنه إذا ما قررت أمريكا الاعتماد على نفطها، فلا بد للسعودية وغيرها من النظر للسوق الأوروبية الأمر الذي سينشأ عنه عدم استقرار وحرباً في الأسعار، وقد أشار المحللون إلى أن هذه الحرب قد بدأت فعلاً، فها هي روسيا تتهم أرامكو بإغراق السوق الأوروبية.

تذكر المحررة أن الحرب غير مرتبطة في الأسعار فقط، وإنما هناك أيدي غريبة تعمل على إشعالها، عدا عن إمكانية عدم تمديد اتفاقية أوبك التي تحدد الكميات المنتجة لكل دولة. وأوصت المحررة بناءً على أراء العديد من المحللون الذين أكدوا على عدم رغبة روسيا والسعودية بالدخول في حرب أسعار، أنه الأفضل للجميع توحيد استراتيجية الدخول الى السوق الاوربية بدون خسائر، وأن اتفاق روسيا والسعودية يمكنهم تجاوز إيران والعراق في حرب الأسعار، وكذلك الحد من تأثير الدول الداخلة في منظمة أوبك على اعتبار أنهما الدولتين الأكثر انتاجاً([12]).

أما فيما يتعلق في الاقتصاد المحلي، فقد نشرت صحيفة "مسكوفسكي كمساموليتس" مقالا للكاتب "نيقولاي ماكاييف" بعنوان" لماذا ثلث سكان روسيا محرومون من الغاز؟ إذ أكد على أن هذه المشكلة من أهم المشاكل التي يعاني منها سكان روسيا، حيث القسم الأكبر يعتمدون على الفحم والحطب للتدفئة، وعلى الرغم من كل الوعود المعطاة لحل هذه المشكلة فلا شيء يلوح في الأفق، فمنذ عشر سنوات وعد رئيس الوزراء ميدفيدف بحل المشكلة، إلا أنها بقيت بدون حل، وبقي المواطن هو الذي يدفع ضريبة تقصير الحكومة.

وأكد "ماكاييف": (أن الحل ممكن إذا ما أريد له ذلك، عبر وضع استثمارات حقيقية في هذا القطاع، ولو صدقت الوعود الحالية فإنه في أحسن حالات تأمين الغاز يمكن أن يصل إلى 90 % في عام 2030، وزاد الكاتب من وتيرة انتقاده للدولة عبر قوله "أليس من المعيب أن دولة تعتبر من أكثر الدول انتاجاً للغاز في العالم يعيش قسم كبير من سكانها بدون غاز، وهذا ما صرح به ميدفيدف في عام 2007، ولكن يبدو أن بيع الغاز الى أوروبا أكثر فائدة من استخدامه محلياً وأن الحطب والفحم أرخص من الغاز، وبنظرة بسيطة للمقارنة فإننا نرى نسب تأمين المواطن في دول الاتحاد السوفييتي السابق كما يلي: أرمينيا 93%، أذربيجان 80%، أوزبكستان 75%، بلاروسيا 73.9%، أوكرانيا 72%، بلاروسيا 73.9%، أوكرانيا 72%([13]).

رابعاً: شؤون عسكرية وأمنية روسية

تابعت الفعاليات الإعلامية الروسية الحركة العسكرية الروسية وتطورات المشهد الأمني المحلي، وركزت على العديد من القضايا، إلا أن أهمها يتمثل في:

  • الدعم الروسي للأكراد بوصول قواتها الى عفرين، إذ أدى ظهور صور لجنود روس بالقرب من عفرين إلى طرح تساؤلات عن علاقة روسيا في الميليشيات الكردية في المنطقة، وما بين أخذ وصد وانكار موسكو للواقع وتواجدها الفعلي، صرح الجنرال اندريه فالكون لوسائل الاعلام: "أن القوات الموجودة في المنطقة هي من مركز حميميم لمراقبة وقف إطلاق النار"، بينما صرح ممثل الميليشيا الكردية عن توقيع اتفاق مع موسكو يقضي بتدريب هذه الميليشيا ورفع عددها الى 100 ألف مقاتل، من جهة أخرى أكد مصدر روسي بأنهم سيتعاملون مع الإدارة المحلية الكردية حيث هذه المناطق تقع تحت مسؤولية الجانب الروسي، ونوه الاعلام الروسي إلى أن هذه العلاقة لن تريح كلاً أنقرة والنظام السوري ، فهذا ما عبر عنه أردوغان أثناء زيارته لموسكو ومطالبته روسيا بالتوقف عن دعم الأكراد، كما يبدي الجانب السوري عدم ارتياحه إلا أنه لا يستطيع فعل شيء([14]).
  • ادخال القاذفة الاستراتيجية TY-160M2 في الخدمة: وبعد عمل استغرق 3 سنوات لتحديث القاذفة للحصول على النموذج الجديد (البجعة البيضاء) الاستراتيجية حاملة الصواريخ، فإن هذه الطائرة ستكون منافسة لمثيلاتها الأميركية، وتتحدث الصحف الروسية عن الميزات الفنية والتعبوية للطائرة والتي كان مقرراً إدخالها في الخدمة عام 2015، إلا أن الزيادة في تحسين المواصفات أدى الى التأخير، ويذكر أن مسافة الطيران فيها تصل 10.500 كم مجهزة بالمعدات التقنية والالكترونية التي تحميها من التشويش، كما أنها تتمكن من التصدي للأنظمة الصاروخية المضادة للطيران، وتحمل الصواريخ القادرة على تدمير أي هدف([15]).

وقد استحوذت قضية التفجير الإرهابي الذي هز مترو الأنفاق في مدينة سانت بتربورغ الحيز الأكبر لدى الفعاليات البحثية والإعلامية الروسية، وسيقف التقرير عند أهمها:  إذ قدم مركز كارنيغي تحليله الخاص عن طريق الباحثة "تاتيانا خروليوفا" تحت عنوان: "الاحساس بالمصيبة وكيف غيرت التفجيرات مدينة سانت بيتربورغ"، حيث قالت "خروليوفا" أنه (من البديهي أن ذلك لم يكن يحدث مصادفة، والجميع يفهم ألا إجراءات جديدة للأمن يمكن أن تشكل ضمانا لعدم التكرار، والشيء المعروف أن مثل هذه التفجيرات تترك الناس يعيشون بحذر وخاصة بعد الحدث مباشرة فالناس نزلت للميترو ولكن الكل في عربات المترو ينظر لجاره ولمن يحمل محفظة يمكن أن تنفجر، إلا أن هذا الشعور سيزول يوماً بعد يوم وتعود الحياة إلى طبيعتها، ويبقى الاحساس بالمصيبة لفترة ثم يزول، ويبقى شعوراً غامضاً عن امكانية حدوث مثل هذه التفجيرات بحيث اصبحت هذه المدينة لا تختلف عن مثيلاتها من الدول الاوربية تتعايش مع واقعها الجديد([16]).

كما أوردت صحيفة نيزافيسيماي العديد من المقالات التحليلية في هذا السياق، فالكاتب "قسطنطين ريموتشكوف" أبدى وجهة نظره في ذلك بقوله: (إن هذه التفجيرات مرتبطة بالعمليات العسكرية في سورية، وها هي داعش تريد الحضور بهذه الطريقة)، مضيفاً (أنه يجب الا ننسى تفجير الطائرة في سيناء المصرية التي أعقبت إعلان روسيا المشاركة الفعالة في الحرب في سورية هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن التفجيرات حصلت في المدينة الآمنة، وهي مدينة بوتين، وكذلك أثناء وجود بوتين فيها، والأغرب من ذلك أن المنفذ هو من الجنسية الروسية، حيث يوجد أكثر من ألف روسي مع الدولة الإسلامية وهم يتحركون بحرية من خلال جواز السفر الروسي، وهذا شيء مرعب يجعل السكان يعيشون في خوف دائم. ([17])

بينما نوهت "ايكاترينا بالغوفا" إلى أنه وفقاً لقرار مجلس الوزراء، فقد تم تشكيل مجموعة للتدخل السريع في شؤون مترو الأنفاق غير القانونية وستجهز بجميع المعدات والتجهيزات اللازمة لعملها وسيتم تقييم عملها خلال ثلاثة أشهر من بدء عملها علماً أنه ذهب ضحية التفجيرات 14 قتيلاً وعدد من الجرحى([18]).

الخاتمة

لعل الحدث الأبرز التي شهده شهر نيسان تلك التفجيرات التي هزت مدينة سانت بيتربورغ، التي أوضحت الأوساط الروسية على خطورة مؤشرات وصول داعش للعمق الروسي، وأن هناك العديد من يربط هذا التطور بسياسات روسيا في سورية والمنطقة.

وفيما يتعلق بتداعيات وتطورات الهجوم الكيماوي على خان شيخون يؤكد تقرير الرصد هذا على صلابة الموقف الروسي تجاه القضية السورية بشكل عام وموقفه من الأسد بشكل خاص بعد الهجوم، فالخطاب البحثي والإعلامي الروسي رغم بعض الأصوات المعارضة إلا أنه بغالبيته اتسق مع خطاب القيادة الروسية التي مازالت ممعنة في قلب الحقائق وتطويعها لخدمة الهدف الجيوسياسي الروسي.

وأظهر التقرير مدى الاهتمام الروسي بمتابعة حيثيات الرد الأمريكي، منوهاً إلى أن التوجه العام خلص إلى ضعف نتائج الضربة الأمريكية على المستوى العسكري، وأعاد سبب هذه الضربة لأسباب محلية أمريكية ولضرورات توجيه رسالة للصين وكوريا الشمالية حيث مسرح الأحداث العديد من التصريحات والاستفزازات العسكرية والتهديدات المتبادلة بين الأطراف. وعلى صعيد العلاقات الروسية الإيرانية، لحظ التقرير مدى استراتيجية هذه العلاقة والتي تعمقت خلال زيارة الرئيس الإيراني لموسكو وحجم ونوعية الاتفاقيات المبرمة وخاصة في المجال العسكري، هذا المجال الذي تدلل المؤشرات الإعلامية على إمكانية بناء قاعدة إيرانية في اللاذقية من جهة، وتطوير موسكو لأبحاثها في تطوير ترسانتها العسكرية من خلال القاذفة الاستراتيجية MK160m2 . 

كما تابعت الدوائر الاقتصادية البحثية نتائج قمة العشرين على مستوى ووراء المالية، وقللت من أهمية تلك النتائج، كما توقفت تلك الدوائر على نتائج زيارة ملك السعودية للصين من خلال سعي السعودية لمزاحمة روسيا في أسواقها النفطية، ولعل الحدث الأبرز اقتصادياً زيادة حدة وتيرة النقد للحكومة الروسية فيما يتعلق بالنقص الكبير لمادة الغاز في روسيا على الرغم من أنها أكبر الدولة المنتجة له.  

 


([1]) فلاديمير موخين: " هل يهاجم ترامب سوريا " صحيفة نيزافيسيمايا , 06/04/2017، الرابط     http://www.ng.ru/world/2017-04-06/100_war060417.html

 

([2])  انظر مجموعة التحاليل التي أوردها فرادكوف:" مدير معهد الدراسات الاستراتيجية " بتاريخ 07/04/2017 على الرابط https://riss.ru/analitycs/39777/

([3]) الباحثة ايلينا سوبولينا:" ترامب يكافئ المسلحين السوريين "، صحيفة "ايزفستيا"، تاريخ 10/4/2017، الرابط: https://goo.gl/sQp4Fo

([4]) ايفانت كالينين: " الى متى سندعم الأسد وهو وراء عداوة العالم لروسيا"، صحيفة غازيتا , 09/04/2017، الرابط: https://goo.gl/4k68Fn

([5])  فيتالي نعومكن: " لقاء مع وكالة انترفاكس الروسية " , 09/04/2017، الرابط http://www.interfax.ru/interview/557595

([6]) مقابلة ميخايل فرادكوف مع وكالة "تاس" للمزيد انظر الرابط      http://tass.ru/politika/418166  

([7]) تقرير حول الزيارة: عباس جمعة، صحيفة كمسامولسكايا برافدا، بتاريخ 28/3/2017، http://www.kp.ru/daily/26659/3680067 

([8])  تقرير لديميتري سميرنوف، صحيفة كمسامولسكايا برافدا، بتاريخ 28/3/2017.  http://www.kp.ru/daily/26658/3680325    

([9]) أنظر: صحيفة روسيا اليوم التابعة لوكالة الانباء الوطنية الروسية ИР بتاريخ 31/30/2017 وفق الرابط: https://goo.gl/CsN1Bp

([10]) فاسيلي يابافا:" حول إقامة قاعدة عسكرية إيرانية"،صحيفة بليت اكسبورت بتاريخ 13/3/2017 وفق الرابط:          http://ria.ru/syria/20170313/1489834619.htm

([11]) ندوة في معهد الدراسات الاستراتيجية حول قمة العشرين    https://riss.ru/analitycs/39731

([12]) نيقولاي ماكاييف: " اولغا موزيك: رائحة حرب نفطية بين السعودية وروسيا"، صحيفة مسكوفسكايا، بتاريخ11/4/2017، الرابط: https://goo.gl/dGgFAa

([13])  نيقولاي ماكاييف: " لماذا ثلث سكان روسيا محرومون من الغاز؟ " كمسا موليتس بتاريخ 11/4/2017، الرابط: https://goo.gl/41WaeK

([14]) فلاديمير موخين: " الدعم الروسي للأكراد بوصول قواتها الى عفرين"، صحيفة نيزافيسيمايا بتاريخ 11/4/  2017، https://goo.gl/VhIqAv

([15])ألكسندر ايلين: ادخال القاذفة الاستراتيجية TY-160M2 في الخدمة، موقع يترو الالكتروني بتاريخ 12/4/2017، https://goo.gl/l7ckuR

([16]) تاتيانا خروليوفا:" الاحساس بالمصيبة وكيف غيرت التفجيرات مدينة سانت بيتربورغ، مركز كارينغي، 15/4/2017، https://goo.gl/ExcdkW

([17]) في تعليقه على التفجيرات الكاتب "قسطنطين ريموتشكوف"لصحيفة نيزافيسيمايا، تاريخ: 3/4/2017، https://goo.gl/56Pccv

([18]) تعقيب ايكاترينا بلوغوفا  لوكالة kp hgv,sdmبتاريخ 5/4/ 2017     http://www.kp.ru/online/news/2706094/

التصنيف تقارير خاصة