الدراسات

مقدمة

على مدى السنوات الأخيرة قبل سقوط النظام البائد في سورية قسمت سورية بفعل الأمر الواقع إلى ثلاث مناطق نفوذ دولية تمت إدارتها نظريا على الأرض من خلال أربع منظومات سيطرة وهي؛ حكومة النظام، الإدارة الذاتية، وهيئة تحرير الشام، وفصائل الجيش الوطني السوري. غير أنها على أرض الواقع كانت تدار من خلال سبعة أنماط حوكمة إذ تختلف أنماط الحوكمة حتى داخل منطقة السيطرة الواحدة بحسب الجهة أو الجهات التي تحتكر العنف، والجهة أو الجهات التي توفر الخدمات فيها. فرضت منظومات الحوكمة تلك أنماطاً إدارية وخدمية غير متجانسة ستكون عملية إعادة دمجها في منظومة وطنية موحدة واحدة من أكبر تحديات المرحلة القادمة في سورية. وعليه، تنطلق هذه الورقة من قراءة للواقع الخدمي عشية سقوط نظام الأسد لفهم حجم التحديات القادمة وتوفير قاعدة المعلومات الأولية لإطلاق عملية إعادة الإعمار مستقبلاً. وتقدم الورقة من خلال البيانات التي جمعت في الأشهر الأخيرة قبل رحيل الأسد صورة عن حالة التهالك التي وصلت إليها الخدمات في المناطق المختلفة والتي تعتبر عاملاً أساسياً من عوامل انهيار النظام. وتقدم الورقة قاعدة معلومات تعتبر نقطة البداية لمتابعة تطور الخدمات في جميع المناطق السورية مستقبلاً وإمكانية قياس أداء الحكومات القادمة بطريقة علمية وشفافة.

على إثر توقف العمليات العسكرية الكبرى بعد العام 2020، انشغلت سلطات الأمر الواقع في جميع المناطق في عملية مأسسة هيمنتها على مفاصل الحكم والإدارة العامة في مناطقها، وبشكل منافس لحكومة النظام المركزية بدمشق، بما تتضمنه من توفير الخدمات وإنشاء وترسيخ هياكلها الرسمية وغير الرسمية للحكم، والإدارة، والأمن. غير أن عملية المأسسة تتفاوت بين منطقة وأخرى، سواء لناحية التنظيم أو عمق حجم المأسسة (الثخانة المؤسساتية) أو القدرة على تقديم الخدمات. نظراً لكون هذه السلطات محمية بشكل أو بآخر من قبل رعاة إقليميين ودوليين، فإن الورقة تنطلق من افتراض أولي مفاده تواجد سبع أنماط حوكمية في سورية وهي؛ 1) منظومة حكومة النظام البائد في دمشق، والحالات الاستثنائية عنها المطبقة في 2) درعا، و 3)السويداء، وكذلك 4) منظومة الحوكمة المطبقة في مناطق الحكومة المؤقتة، و 5) مناطق حكومة الإنقاذ، و 6) منظومة الإدارة الذاتية حيث التواجد المكثف للمكون المجتمعي الكوردي، و 7) الحالة الاستثنائية عنها حيث يغلب المكون العربي كالرقة ودير الزور ومنبج حيث يطبق نمط بات يعرف بالإدارة المدنية. وافتراض ثانٍ مفاده بأن انتقال السلطات إلى الحكومة الجديدة سيواجه تحديات كبيرة لتجاوز الفروقات الخدمية بين المناطق وأن هناك إرثاً من التجارب والخبرات يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند إصلاح منظومات الخدمات وهو أمر قد يتطلب وقتاً من الزمن قبل الوصول إلى آليات عادلة لتوفير الخدمات بشكل عادل لكل المناطق السورية.

إضافة لتحدي إعادة دمج المنظومات الخدمية لا بد من قراءة دقيقة للأوضاع الميدانية للمناطق المختلفة وقدرتها الحالية على استيعاب عودة اللاجئين. لذا تسلط هذه الورقة الضوء على وضع الخدمات لاستقراء الطاقة الاستيعابية وأولويات توفير الخدمات اللازمة لعودة النازحين والمهجرين إلى بيوتهم. حيث يعتبر تحسين الخدمات شرط لازم لعودة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم بشكل طوعي وكريم ومبني على فهمهم الموضوعي لحالة مناطقهم عند اتخاذهم لقرارات العودة. وتوفر هذه الورقة سبراً لحالة الخدمات الأساسية في سورية كالصحة والتعليم والغذاء والمواصلات والبنية التحتية، وكذلك فهماً لدور الإدارات الخدمية في جميع مناطق سورية وقبول المجتمعات المحلية لهم. فتقدم هذه الدراسة قراءة وصفية للمشهد الخدمي لترشيد النقاش الجاري حول قضايا عودة اللاجئين وعمليات التعافي المبكر وإعادة الإعمار دون أن تتبنى أي موقف مباشر منها. وسيتم تحديث هذه البيانات بشكل دوري لرصد الوضع الخدمي وتوفير البيانات اللازمة لصناع السياسات وللأسر السورية لاتخاذ قراراتها حول العودة إلى أماكن سكناها الأصلية في المستقبل.

تستند هذه الورقة إلى مسح شمل جميع مناطق البلاد. تم جمع البيانات باستخدام عينة أقرب ما يمكن أن تكون للعشوائية موزعة وفقًا للتوزيع الجغرافي على مستوى التجمعات العمرانية الأساسية في البلاد ومستوى النواحي فيما يخص التجمعات الريفية، مع مراعاة التناسب مع الكثافة السكانية. شملت العملية استهداف 1258 عينة من 373 نقطة بحد أدنى ثلاث عينات من كل نقطة، مع ضمان التوازن الجندري من خلال تقسيم العينة بالتساوي بين الجنسين، وأخذ نسبة السكان النازحين في المناطق المستهدفة بعين الاعتبار بناءً على إحصاءات HNAP. تم تنفيذ جمع البيانات خلال ربيع عام 2024، بواسطة 46 جامع بيانات، حيث قاموا بتغطية 253 ناحية من أصل 271، حيث تعذر الوصول إلى 18 ناحية إما لأسباب أمنية، أو لوجستية، أو تم استبعادها لعدم وجود ثقل سكاني فيها.

 من المهم التأكيد في هذا السياق بأن نتائج الاستبيان تعكس وجهة نظر المجتمع لواقع الخدمات، وليس بالضرورة واقع الخدمات الحقيقي، بمعنى أن نتائج البحث تعكس درجة رضا المجتمع المحلي عن الخدمات، وليس ما تراه السلطات عن ذاتها، ولا واقع الخدمات الحقيقي بطبيعة الحال. تقسم الورقة إلى قسمين، يتناول الأول انطباعات المشاركين في المسح تجاه السلطات الحاكمة وموفري الخدمات في مناطقهم من حيث قدرتهم على تقديم الخدمات ومدى العدالة في الحصول على تلك الخدمات، إلى جانب قياس مدى تفهم السلطات لمشاكل واحتياجات المجتمع. هذا الجزء من الورقة يفيد في تقييم التجارب السابقة، ولكنه أصبح اليوم مفيداً فقط في إطار فهم الاختلال الإداري بين المناطق والذي سيحدد حجم التحديات المستقبلية في العودة إلى منظومة إدارية وخدمية موحدة في البلاد. في حين يركز القسم الثاني على استعراض حالة الخدمات بشكل عام، من حيث مؤشرات الوفرة والجودة والتكلفة. ومن الضروري التذكير أن مستويات الرضا تتفاوت بشكل كبير بين المناطق وحتى ضمن منطقة الحوكمة الواحدة. مما يحد من إمكانية التعميم ويتطلب قدراً من التركيز على الظروف المحلية. هذا الجزء من الورقة سيشكل القاعدة المعرفية لبناء برنامج للمتابعة والتقييم مستقبلاً، وتوفير بيانات الأساس عشية سقوط نظام الأسد.

لقراءة الدراسة كاملة: https://bit.ly/3Edb7lZ 

الأربعاء كانون1/ديسمبر 18
أطلق مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ومعهد السياسة و المجتمع، كتابه الجديد بعنوان: “حرب الشمال: شبكات المخدرات في سوريا، الاستجابة الأردنية وخيارات الإقليم”، ويحلل الكتاب ظاهرة شبكات تهريب المخدرات المنظمة في…
نُشرت في  الكتب 
الإثنين تموز/يوليو 22
المُلخَّص التنفيذي: قسَّمت الدراسة مبناها المنهجي وسياقها المعلوماتي والتحليلي إلى فصول ثلاثة، مثّل الفصل الأول منها: مدخلاً ومراجعة لتاريخ القبائل والعشائر في الجغرافية السورية بشكل عام وفي محافظتي حلب وإدلب…
نُشرت في  الكتب 
الأربعاء آب/أغسطس 23
يأتي نشر هذا الكتاب في وقت عصيب على سورية، خاصة في أعقاب الكارثة الطبيعية التي حلت بالبلاد، إضافة إلى الزلازل السياسية التي شهدها الشعب السوري منذ بداية الثورة السورية عام…
نُشرت في  الكتب 
يرى المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف، في تصريح صحفي لجريدة عنب…
الثلاثاء نيسان/أبريل 02
شارك الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية الأستاذ سامر الأحمد ضمن برنامج صباح سوريا الذي…
الأربعاء تشرين2/نوفمبر 29
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في فعاليات المنتدى الاقتصادي الخليجي…
الجمعة تشرين2/نوفمبر 24
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في رؤية تحليلية للحرب على…
الإثنين تشرين2/نوفمبر 20