أوراق بحثية

تمهيد 

تسبب الزلزال الذي ضرب المنطقة في 6 شباط 2023 بأوضاعٍ إنسانية سيئة في 137 مدينة وبلدة شمال غرب سورية مخلفاً شريحة متضررين يصل عددها إلى قرابة المليون نسمة (حوالي ربع سكان المنطقة)، من بينهم 4,537 ضحية و8,789 مصاباً، ناهيك عن وجود 1,797 بناءً مهدماً بشكل كلي و8,504 بناءً مهدماً بشكل جزئي و55 منشأةً صحيةً تضررت بشكل كلي أو جزئي مما دفع النظام الصحي للعمل بطاقته القصوى بعد أن استنزف خلال جائحة 19COVID، وتفشي الکولیرا وبعض المشاکل الصحیة الأخرى([1]).

على إثر ذلك، شرعت المنظمات والمجالس المحلية والفعاليات (مثل الحملات الشعبية التي نُظّمت في الداخل والخارج) باتخاذ كافة أشكال الاستجابة الطارئة، كل في تخصصه وعمله وبدون تخطيط مسبق لتنسيق الأعمال فيما بينها، وفي ظل شح المساعدات الدولية وتأخر وصولها وبعد مرور 18 يوماً على الكارثة تبرز مجموعة من التحديات التي تواجه "منظومة الاستجابة" والفاعلين فيها، وهو ما ستحاول ورقة السياسات التالية الخوض فيه واقتراح جملة من التوصيات تساعد في الخروج من أزمة الكارثة.

واقع "منظومة الاستجابة" قبل الزلزال

تعتمد حوكمة المنطقة التي ضربها الزلزال (التي طالت أكثر من 137 مدينة وبلدة  في شمال غرب سورية) على عدة فواعل:

  1. المجالس المحلية (17 مجلس): ويشرف عليها إدارياً الولايات التركية الحدودية (كلس – هاتاي –غازي عنتاب) وينوب عنها نواب في إدارة شؤون المنطقة.
  2. الحكومة السورية المؤقتة في ريف حلب: ويتبع لها عدة مؤسسات مثل "وحدة تنسيق الدعم" و"صندوق سوريا لإعادة الإعمار" و"المؤسسة العامة للحبوب".
  3. "حكومة الإنقاذ" في إدلب التابعة لـ"هيئة تحرير الشام" وما ينبثق عنها من مؤسسات.
  4. عشرات المنظمات المحلية والأجنبية في ريف حلب وإدلب والتي تستمد تمويلها من برامج الأمم المتحدة ضمن عدة قطاعات؛ الاستجابة الطارئة والإغاثة والتعافي المبكر وسبل العيش والإصحاح وغيرها.
  5. .منظمتا "آفاد" و"IHH" التركيتين في المنطقة اللتين تضطلعان بمهام إغاثية وخدمية تنفيذاً وإشرافاً، فضلاً عن إيلائهما أهمية بالغة للمشاريع الصحية والتعليمية المقدمة من وزارتي الصحة والتعليم التركية([2]).

 وعلى الرغم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في المنطقة، استطاعت المجالس المحلية بالتنسيق مع المنظمات العاملة تنفيذ ما يربو على 5000 مشروع على مدار 4 سنوات في ريف حلب وإدلب، ضمن قطاعات اقتصادية مثل المياه والزراعة والصناعة والتجارة والكهرباء والنقل والخدمات الاجتماعية والإسكان والتعمير وغيرها، ساهمت في دفع عملية الاستقرار وتعافي المنطقة نسبياً([3]). إلا أن نموذج  الاستجابة عموماً بقي يعاني من عدة تحديات وصعوبات، لعلّ أبرزها:

أولاً: التحديات الحوكمية: إذ ساهمت الهوّة الحاصلة بين المجالس المحلية ونقص التنسيق فيما بينها وتعدد تبعية المجالس المحلية لأكثر من والي تركي في تعميق حالة الهشاشة في البنية الحوكمية وغياب التنسيق والتخطيط الاستراتيجي،  وهو ما انعكس بشكل واضح على  عمل عدة قطاعات وفي مقدمتها قطاع الاستجابة.

كما أدى غياب التنسيق المحلي ما بين منظمات الإغاثة المحلية سواءً في تقدير الاحتياجات أو في تحقيق الشمولية وضمان "عدالة التوزيع" إلى عدم التفكير بمقاربات تنسيقية تكون إطاراً تنفيذياً لمواجهة "حالة الطوارئ" واستحقاقاتها الملحّة، كما تجدر الإشارة في سياق تحديات الحوكمة إلى أثر غياب قيم الشفافية والمحاسبة والرقابة على عملية البناء والإسكان والتي ظهر أنها لا تتوافق مع معايير البناء السليم  والمقاوم للزلازل ولو بالحدود الدنيا.

ولا يمكن فصل تحديات الحوكمة عن السياق الأمني المحلي والاضطرابات التي أحدثتها الاختراقات والعمليات الأمنية التي هددت مؤشرات الأمن والاستقرار في المنطقة ناهيك عن الاقتتالات الفصائلية التي لطالما هددت حركية الاستجابة وعرقلتها.

ثانياً: الاحتياج الإغاثي:  بحكم تزايد الكثافة السكانية في المنطقة، حيث يتواجد فيها ما يقرب من 5.5 مليون نسمة في إدلب وريف حلب ومنطقتي رأس العين وتل أبيض بحسب إحصائية "وحدة تنسيق الدعم"، كما تحتوي على 1633مخيماً يقطنها 1,811,578 نسمة بحسب "منسقو استجابة سورية"،  أكثر من 4 ملايين منهم بحاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة وفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، يعتمدون بشكل أساسي على المنظمات والمساعدات. تسبب هذا الوضع في ضغوط متزايدة على المنظمات لتلبية احتياجات النازحين وحل مشاكل المخيمات، وبالتالي ذهاب قسم كبير من الأموال الممنوحة للاستجابة الطارئة والإغاثة.

ثالثاً: تحديات سياسية:  إذ تشكل هذه التحديات ضغطاً واضحاً على مسار حركية الاستجابة والتي ترتبط بشكل أو بآخر بعاملين؛ كفاءة الفاعل السياسي والتي تزداد مؤشرات انخفاضها، وبوضوح المسار السياسي، فقد ساهم تعطيل محركات الحل السياسي ومحاولات تعويم النظام من قبل بعض الدول، والضغوط الروسية على الدول والأمم المتحدة لتحويل المساعدات من "الحدود" إلى "الخطوط" في انخفاض معدلات الاستجابة الإنسانية من المنظمات الدولية، بنسبة 40% خلال عام 2022 وحده([4])، وجمع نداء الأمم المتحدة للحصول على أموال لعام 2022 أقل من نصف ما هو مطلوب 2.12 مليار دولار من أصل 4.44 مليار دولار([5])، ولعب الأداء الأممي دوراً مثبطاً بعدما حصرت خيار المساعدة بالآلية الدولية المعتمدة في إيصال المساعدات الإنسانية لسورية؛

رابعاً: تحديات اقتصادية: تسبب نقص الموارد وسوء الأوضاع الأمنية وضعف القوة الشرائية للمواطن في إضعاف أدوار القطاع الخاص في المشهد الاقتصادي، ما انعكس سلباً على قطاعات التجارة والزراعة والصناعة ومناخ الاستثمار وعدم خلق فرص عمل. وهو ما زاد من حجم الاحتياج في قطاع الاستجابة عموماً.

"نموذج الاستجابة" المتشكل

تفاعلت التحديات أعلاه مع بعضها البعض مع بزوغ صباح يوم السادس من شباط/فبراير الحالي ليستيقظ السكان على هول الكارثة التي وقعوا بها إثر زلزالين ضربا جنوب تركيا وشمال غرب سورية بلغت شدتهما 7.8 و7.6 على التوالي([6])، لتظهر مناطق ريف حلب وإدلب أمام أزمة مركبة قللت من فاعلية الاستجابة المبكرة للزلزال.

إذ عانى فريق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) من نقص في الآلات الثقيلة والمعدات اللازمة والوقود خلال عملية إنقاذ الأحياء من تحت الأنقاض، مطالباً بفتح تحقيق دولي حول تأخر وصول المساعدات اللازمة للاستجابة لأضرار الزلزال في شمال غرب سورية([7])، وغصّت المشافي بالجرحى والمصابين جراء الأعداد الكبيرة وخروج بعض المؤسسات الصحية عن العمل جراء تضررها، وسط حالة العجز عن علاج بعض الإصابات نتيجة عدم توفر الأجهزة الطبية والأدوية المناسبة أو الحاجة لأطباء ذوي اختصاصات غير متوفرة في المنطقة، وعانت المنطقة أيضاً من نقص حاد في أعداد الخيام والسلل الإغاثية للنازحين والمتضررين جراء عدم توفر مخزون استراتيجي أو مصانع محلية وعدم دخول مساعدات دولية عبر معبر باب الهوى أو من المعابر الأخرى، فضلاً عن انشغال تركيا بالأضرار الجسيمة التي خلّفها الزلزال على مناطقهم، وظهور التخبط في عملية إحصاء أرقام الوفيات والمصابين والمنازل المدمرة والمتضررين من الزلزال.

في المقابل، تمثّلت استجابة الفواعل السياسية والمجالس المحلية والحكومة المؤقتة والمنظمات السورية  للكارثة وفقاً لما يقتضيه الواجب الإنساني وبدون تخطيط مسبق عبر ثلاثة مستويات تداخلت فيما بينها؛ المستوى الأول: إنقاذ العالقين تحت الأنقاض؛ والمستوى الثاني: الاستجابة الطارئة عبر تقديم خدمات إغاثية للنازحين والمتضررين؛ والمستوى الثالث: القيام بعملية إحصاء وتقييم الأضرار والماكينة الإعلامية، كما يظهر في الشكل الآتي:

المستوى الأول: تولت فرق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) مهمة إنقاذ الأحياء العالقين تحت الأنقاض، أسعفها في ذلك خبرتها في التعامل تحت القصف والمعارك، وأمام نقص الآليات الثقيلة والمعدات الضرورية سارع الأهالي والمنظمات والمجالس المحلية في وضع كل ما يملكونه لمساعدة فرق الدفاع المدني في عملية انتشال الضحايا وإنقاذ الأحياء من تحت الركام. على الطرف المقابل سارعت المنظمات في تنفيذ عمليات إغاثة عاجلة عبر إنشاء مخيمات مؤقتة وتقديم الغذاء والملبس والاحتياجات الأساسية لمن فقدوا منازلهم وتضرروا جراء الزلزال. وظهرت شراكات مهمة بين بعض كبرى المنظمات السورية، كما حصل بين مؤسسات "الدفاع المدني" و"المنتدى السوري" و"الجمعية الطبية السورية الأمريكية /سامز" من أجل حشد الموارد والجهود وتوحيد قنوات التمويل لجمع التبرعات لإغاثة المتضررين.

المستوى الثاني: أمام عدم دخول المساعدات وإغلاق المعابر تشكلت على الفور مبادرات أهلية في المناطق التي لم تتعرض لأضرار مثل الحملات الشعبية في اعزاز والباب وشمال شرق سورية والحملات الشعبية في الخارج التي سعت بدورها لجمع الأموال والمساعدات العينية لإغاثة النازحين والتطوع مع فرق الدفاع المدني للمساعدة في عمليات الإنقاذ من تحت الأنقاض. ترافق مع هذه المبادرات سلسلة من الاتصالات والتواصلات لعدة فواعل، حيث تواصلت هيئة التفاوض السورية مع عدة منظمات وجاليات سورية بهدف توفير الدعم للمنظمات المحلية بشكل مباشر، ودفعت بعض مسؤولي الأمم المتحدة ووزير خارجية الولايات الأمريكية للتفاعل مع الكارثة السورية في الشمال، كما عملت الحكومة المؤقتة من جهتها على تشكيل "غرفة تنسيق للاستجابة"، إضافة إلى قيام التحالف السوري الأمريكي بالحشد والمناصرة لقضية الاستجابة ضاغطاً لاصدار تشريع خاص يسهل العمل الانساني مع وكالة التنمية الأمريكية والحكومة الأمريكية .

المستوى الثالث: أقدمت المجالس المحلية والمؤسسات الرسمية مثل وحدة تنسيق الدعم ومنسقو استجابة سورية وغيرها على إحصاء أعداد الوفيات والإصابات وتقييم الأضرار من مبانٍ مهدمة بشكل كامل وجزئي وإصدار تقارير يومية بشأن الاحتياجات العاجلة، وتولت الفصائل تأمين الأحياء المنكوبة منعاً لعمليات النهب والسرقة والفوضى.

تحديات ما بعد الزلزال وسبل تدعيم "منظومة الاستجابة"

مع إعلان فرق الدفاع المدني إيقاف عمليات البحث عن ناجين تحت الأنقاض ستواجه المجالس المحلية والمنظمات تحديات عدّة، لابد من تضافر الجهود من أجل النهوض بالمنطقة مجدداً، يمكن تلخيص تلك التحديات في مستويين:

  1. تحديات سياسية: ناجمة عن استثمار النظام وحلفائه لأزمة الزلزال من خلال استعادة العلاقات السياسية وتحقيق مكاسب سياسية تتمثل في رفع العقوبات بذريعة إيصال المساعدات الإنسانية للمنكوبين، فأكثر من 25 دولة أرسلت مساعدات للنظام بعد إطلاق الأمم المتحدة نداء استغاثة للاستجابة للكارثة([8]). ومن شأن تطور هذا المسار تجميد مسارات الحل السياسي الأممية والتضييق على أجسام ومناطق المعارضة، ومواجهة صعوبات في آلية تمديد نقل المساعدات الأممية عبر الحدود خلال ستة الأشهر القادمة، واستبدالها بالنقل عبر "الخطوط".
  2. تحديات اقتصادية: ساهمت الكارثة في تعميق أضرار البنية التحتية من طرقات ومياه وكهرباء واتصالات وزيادة أعباء إدارة ملف الإسكان مع تبعاته الاقتصادية والأمنية والاجتماعية من جهة أخرى، ومن شأن نقص الأموال والمساعدات الدولية التسبب بآثار سلبية على مسار التعافي المبكر في المنطقة وسوء أوضاع النازجين واتساع أعداد الفقراء.

ومن أجل مواجهة الكارثة التي أتى بها الزلزال على ريف حلب وإدلب والتحديات التي انبثقت عنها، توصي الورقة بالآتي:

أولاً: آلية الاستجابة الوطنية: أثبت السوريون في خضم الكارثة والحصار الذي واجهته المنطقة خلال الأيام الأولى للزلزال؛ آلية استجابة تقوم بشكل كامل على العامل الوطني، ابتداءً من الضحية والمتضرر إلى كل من استجاب للأزمة من مجالس ومؤسسات ومنظمات وفعاليات محلية وحملات شعبية للسوريين المغتربين في الخارج، ومع انتهاء المرحلة الأولى التي تتضمن إنقاذ أكبر عدد من الناجين من تحت الأنقاض وتقديم المساعدات العاجلة للمتضررين من مأوى وغذاء وعلاج تبدأ المرحلة الثانية التي تقوم على محورية التعافي السريع من أثر الكارثة والتي تقوم على تقييم الأضرار والخسائر الاقتصادية ووضع خطة طوارئ للشروع في إعادة الإعمار. ومن جملة ما يمكن القيام في هذا السياق:

  • تأسيس مؤسسة إدارة الكوارث والطوارئ في ريف حلب وإدلب يتولى إدارتها فريق الدفاع المدني، تنحصر مهامها بكل ما يتعلق بالكارثة على اختلاف تصنيفاتها وتعريفاتها سواءً كانت طبيعية مثل الزلازل أو صحيّة مثل الأمراض والأوبئة أو القصف وإزالة الركام ومعالجة النفايات.. إلخ. مع تصميم استراتيجية على المدى البعيد تسمح للمؤسسة بالاستجابة العاجلة للطوارئ مهما بلغت صعوبتها، ويجدر بالمنظمات والمجالس المحلية والمؤسسات تذليل الصعوبات أمامها وتقديم كافة التسهيلات والموارد التي تتيح لها العمل بمرونة وفاعلية عالية.
  • إيجاد آلية موحّدة لإحصاء وتقدير الأضرار عبر مؤسسة تعمل على إصدار تقارير بمنهجية رصينة، وتتحول إلى إصدار بيانات اقتصادية واجتماعية تقدّم لأصحاب المصلحة في سبيل النهوض بالمنطقة وتعافيها من الحرب والكارثة.
  • ابتداع المجالس المحلية والمنظمات العاملة برنامجاً وطنياً خاصاً يحمل أهدافاً ورؤيةً وطنيةً عابر لبرامج الأمم المتحدة، يتلاءم وظروف المنطقة ويساعدها على التعافي، ويتم إطلاقه عبر منصة إعلامية خاصة تضم هيئة منتخبة من المنظمات والمجالس، على أن يسعى القائمون لإيكال المشاريع للقطاع الخاص وحشد التمويل المطلوب لتنفيذ هذا البرنامج باستخدام الأدوات والطرق المالية المتنوعة، على أن تراعي المشاريع التخطيط العمراني السليم، وتسهم في خلق فرص عمل مستدامة وتحريك العجلة الاقتصادية.

ثانياً: الاستفادة من دروس الزلزال: يجدر على المجالس المحلية والمنظمات ألّا تمرر كارثة الزلزال بدون أخذ عدة دروس منها، حيث يمكن تقديم جملة من الدروس التي لُحظت بعد الكارثة:

  • تحديد نقاط الضعف التي فاقمت الخسائر البشرية جراء الزلزال ومحاسبة المسؤولين المحتملين عن التسبب في إزهاق الأرواح، والتشدد في سياسات البناء وتعزيز الرقابة على المهندسين عبر تحديد جملة من المعايير حتى يراعي البناء مقاومة الزلازل، وتحديد العقبات التي أسفرت عن تأخير الاستجابة للمتضررين والمصابين.
  • القيام بحملات مناصرة مستمرة في أروقة الأمم المتحدة؛ للدفع باتجاه استمرار إدخال المساعدات عبر الحدود عن طريق الأمم المتحدة ودون ولاية مجلس الأمن وقرارته محدودة المدة، بالاستناد إلى الحجج القانونية التي تشرّع هذا التحرك وتدحض الفرضية الروسية التي تصنّف إدخال المساعدات كخرق للسيادة، وهي عديدة وفقاً لدراسة قانونية معمقة أجريت في هذا الإطار([9]) أبرزها: عدم مصادقة سورية على البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف الأربع والذي يشترط موافقة الحكومة الرسمية، مما يعني أن إدخال المساعدات سيكون قانونياً حسب المادة الثالثة من اتفاقيات جنيف والتي تشرع إدخال المساعدات الإنسانية بموافقة أطراف النزاع. إضافة للاستناد إلى سوابق قانونية قضت فيها محكمة العدل الدولية -بصفتها السلطة الأعلى في تفسير القانون الدولي الإنساني- كقضية نيكاراغوا ذات السياق المشابه للسياق السوري من حيث تصنيف النزاع ووجود سلطات الأمر الواقع وآلية عمل المنظمات الإنسانية في إدخال المساعدات.
  • دعم التنسيق البيني للمنظمات العاملة على الأرض بهدف توفير الجهود وعدم تكرارها وحشد الموارد لتحقيق الأهداف المنشودة.

أخيراً أثّرت جملة من التحديات الحوكمية والإغاثية والسياسية والاقتصادية على الاستجابة العاجلة لكارثة الزلزال في شمال غرب سورية، وعلى الرغم من تلك التحديات والصعوبات فقد أثبت السوريون خلال الأيام الأولى للكارثة آلية استجابة تقوم بشكل كامل على العامل الوطني بدون تخطيط مسبق عبر ثلاثة مستويات يقوم الأول على إنقاذ العالقين تحت الأنقاض؛ والثاني على الاستجابة الطارئة للمتضررين والناجين؛ والمستوى الثالث تقييم الأضرار. ومع انتهاء مرحلة إنقاذ الناجين من تحت الأنقاض تبدأ مرحلة التعافي السريع.

ومن جملة ما يمكن القيام به في هذه المرحلة: تأسيس مؤسسة إدارة الكوارث والطوارئ في ريف حلب وإدلب يتولى إدارتها فريق الدفاع المدني ويتم دعمها من كافة المجالس المحلية والمنظمات العاملة، وإيجاد آلية موحّدة لإحصاء وتقدير الأضرار، وابتداع برنامجٍ وطنيٍ خاصٍ يحمل أهدافاً ورؤيةً وطنيةً عابرٍ لبرامج الأمم المتحدة يراعي أسس التخطيط العمراني ويسهم في خلق فرص عملٍ مستدامةٍ وتحريك العجلة الاقتصادية.

 


([1]) بحسب أرقام وحدة تنسيق الدعم، 22 شباط 2023. انظر التقرير التالي: https://cutt.us/mdosW

([2]) عمر كوباران، أدهم إمره أوزجان، منطقة "درع الفرات".. 6 سنوات من الأمن والخدمات شمالي سوريا، الأناضول، 24/8/2022، رابط مختصر: https://cutt.us/vTjms

([3])مناف قومان، التعافي الاقتصادي المبكر في مناطق المعارضة خلال النصف الأول من 2022، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، رابط مختصر: https://cutt.us/vOqXV

([4]) منسقو استجابة سوريا: الاستجابة الإنسانية للمخيمات انخفضت 40% عام 2022، تلفزيون سوريا، 30/12/2022، رابط مختصر: https://cutt.us/WtYNw

([5])ليبراسيون: نقص المساعدات الدولية سبب آخر للوضع الكارثي في شمال سوريا، 7/02/2023، القدس العربي، رابط مختصر: https://cutt.us/E0iDF

([6])قتلى وعالقون تحت الأنقاض إثر زلزال بقوة 7.8 درجات ضرب جنوب تركيا، العربي الجديد، 6/02/2023، رابط مختصر: https://cutt.us/XjMyn

([7]) الدفاع المدني يطالب بفتح تحقيق دولي حول تأخر وصول المساعدات، 10/02/2023، راديو سوا، رابط: https://www.radioalkul.com/p462112/

([8]) الشبكة السورية: النظام السوري يستغل كارثة الزلزال لاستعادة العلاقات السياسية، تلفزيون سوريا، 21/02/2023، رابط مختصر: https://cutt.us/xzeVi

([9])  أصدر تحالف الإغاثة الأمريكي من أجل سوريا ARCS دراسة تتحدث عن قانونية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الأمم المتحدة ومؤسساتها دون الحاجة لقرار من مجلس الأمن الدولي. للاطلاع على التقرير انظر الرابط:  http://bit.ly/3Ejbx6I

الأربعاء آب/أغسطس 23
يأتي نشر هذا الكتاب في وقت عصيب على سورية، خاصة في أعقاب الكارثة الطبيعية التي حلت بالبلاد، إضافة إلى الزلازل السياسية التي شهدها الشعب السوري منذ بداية الثورة السورية عام…
نُشرت في  الكتب 
الخميس نيسان/أبريل 29
الملخص التنفيذي مع تراجع سُلطة الدولة المركزية لصالح صعود تشكيلات دون دولتية، منها ذات طابع قومي وديني؛ برزت نماذج مختلفة من أنماط الحكم المحلي في الجغرافية السورية، والتي تأثرت بالخارطة…
نُشرت في  الكتب 
الخميس كانون1/ديسمبر 17
مقدمة تتفق جل الأدبيات المتعلقة بحقل العلاقات المدنية العسكرية بأنها خضوع القوات المسلحة لقيادة مدنية ديمقراطية، وهي عملية معقدة تتطلب إصلاحاً تشريعياً شاملاً، وإصلاحاً للقطاع الأمني بأكمله، وإجراء العدالة الانتقالية،…
نُشرت في  الكتب 
يرى المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف، في تصريح صحفي لجريدة عنب…
الثلاثاء نيسان/أبريل 02
شارك الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية الأستاذ سامر الأحمد ضمن برنامج صباح سوريا الذي…
الأربعاء تشرين2/نوفمبر 29
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في فعاليات المنتدى الاقتصادي الخليجي…
الجمعة تشرين2/نوفمبر 24
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في رؤية تحليلية للحرب على…
الإثنين تشرين2/نوفمبر 20