فَعَّلَ الرئيس الأمريكي في خطابه ليلة ذكرى أحداث أيلول استراتيجية عولمة مكافحة الإرهاب والتي استندت إلى عدة نقاط أهمها الحرب بالوكالة، وتوسيع الضربات الجوية في العراق، واحتمالية توسعها إلى سورية، بالإضافة إلى دعم القوات العراقية والبشمركة والمعارضة السورية "المعتدلة" لم يتطرق الخطاب إلى إيران أو المليشيات الشيعية ولم يذكر أية ملامح لحل قضايا المشرق العربي وتجاهل تماماً حركة التحرير السوري. تستنتج هذا الورقة عدة نتائج أهمها: لا يُستبعد أن تؤدي هذه الاستراتيجية إلى تزايد أعداد المنضمين إلى الجماعات المتطرفة. سوف تتابع الولايات المتحدة الأمريكية سياستها في القصف عن بُعد وفي مأمن، وتوكل إلى غيرها من الدول العربية (التي نعرف تدنّي مستوى إدارتها للمشاكل) القيام بأعمالٍ لا تريد أمريكا فعلها بنفسها، في حين تركت لإيران الساحة مفتوحة للمناورة والاستفادة من الوضع الجديد. ولنا أن نتذكّر أن لسنةٍ خلت وفي الشهر نفسه، خطب الرئيس أوباما ووضع خطه الأحمر المعروف تجاه السلاح الكيمياوي.
تُراجع الولايات المتحدة الأمريكية سياساتها تجاه إدارة ملفات الصراع في المشرق العربي في معرض بلورة استراتيجيتها في محاربة تنظيم " الدولة الإسلامية" وفق أربعة محددات: الحرب بالوكالة والتدخل غير المكلف وأولوية إنهاء ملف النووي الإيراني بالإضافة إلى صعوبة حسم الصراع مع تنظيم "الدولة" وضرورة استراتيجية طويلة الأمد. وتفكك هذه الورقة جملة الغايات الأمريكية المطلوب تنفيذها على المستويات العسكرية والسياسية والاجتماعية، كما توضح السيناريوهات الثلاثة التي تتدارسها دوائر صنع القرار الأمريكي بهذا الخصوص بدءً بالتحالف مع الأسد ومروراً بخيار تمكين المعارضة وانتهاءً بتوظيف طرفي الصراع في هذه الغاية. وتعرضت الورقة إلى الخيار الأقل ضرراً بحكم تجارب المنطقة والمتمثل بضرورة توجيه البوصلة نحو حل سياسي يقوي الدولة السورية الجديدة ويمتن جبهتها الداخلية الأصيلة.