تركزت أولويات حكومة النظام السوري خلال شهر تشرين الأول 2018 على مايلي: 1) متابعة الواقع الخدمي والتنموي في عدد من المحافظات، 2) إقرار سياسات دعم للفلاحين المتضررين، 3) تحديث المنظومة القانونية، 4) إصدار مرسوم العفو وقرارات تتصل بالخدمة العسكرية الاحتياطية. 5) مواصلة الدعم الحكومي لوحدات الإدارة المحلية الناشئة عن "انتخابات أيلول/ 2018".
قام رئيس حكومة النظام وعدد من وزرائه بزيارات ميدانية إلى محافظات منطقتي الساحل والشرقية، حيث افتتحت الحكومة عدداً من المشاريع الخدمية والإنتاجية في طرطوس واللاذقية تتجاوز قيمتها 24 مليار ليرة سورية (ما يزيد عن 55 مليون $، باحتساب سعر صرف 434 ل.س لكل $) بحسب ما هو مرفق بالجدول التالي:
كما قام رئيس الحكومة بزيارة إلى المنطقة الشرقية شملت كلاً من دير الزور والجزء الخاضع لسيطرة النظام في محافظة الرقة، حيث تم افتتاح عدد من المشاريع الخدمية والإنتاجية سيما في قطاع النفط والغاز، كما تم تخصيص محافظة الدير بــ 27 مليار ل.س (حوالي 62 مليون$) لإعادة التأهيل في 2018، تم تنفيذ 17 مليار ل.س في حين ما تزال 10 مليارات قيد التنفيذ، كذلك تخصيص مبلغ 4 مليارات ل.س (حوالي 9 مليون 4) لتمويل الخطة الإسعافية للمحافظة.([2])
حظي القطاع الزراعي باهتمام الحكومة على خلفية الأضرار التي لحقت بهذا القطاع جراء الكوارث الجوية سيما في منطقة الساحل ومحافظة السويداء، حيث وافقت الحكومة على الإجراءات المقترحة من قبل "صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية " فيما يتعلق بصرف تعويضات للفلاحين المتضررين بقية 2.7 مليار ل.س (حوالي 6 مليون $) توزعت على المحافظات بحسب الآتي:([3])
واصلت حكومة النظام تحديث المنظومة القانونية، إذ استكملت دراسة المشروع الجديد لقانون الاستثمار تمهيداً لإقراره، كما تمت إحالة مشروع تعديل قانون السير لمجلس الوزراء، يتضمن مقترحات تتعلق بإلغاء نظام النقاط واستبدال عقوبة السجن بالغرامة المالية([4])، كذلك تم استعراض أعمال اللجنة المكلفة تطوير التشريعات سيما تلك المتعلقة بإعادة الإعمار. أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 18 لعام 2018 القاضي بمنح عفو عام عن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي المنصوص عليها في قانون العقوبات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 61 لعام 1950 وتعديلاته والمرتكبة قبل تاريخ 9-10-2018([5])، وقد شمل العفو إلغاء دعوات الاحتياط عن 800 ألف شخص مطلوب لخدمة الاحتياط بحسب ما أفاد به مدير إدارة التجنيد العام في سوريا اللواء سامي محلا.([6])
بالانتقال إلى ملف الإدارة المحلية، أقرت السلطة التنفيذية للنظام عبر مرسومين أصدرهما الأسد أسماء الناجحين في عضوية مجالس المحافظات ومجالس مدن مراكز المحافظات([7])، في حين تولى وزير الإدارة المحلية والبيئة إصدار قرارات تسمية الأعضاء الفائزين في مجالس المدن والبلدات والبلديات. كما واصلت الحكومة تقديم الدعم المالي لمجالس الوحدات الإدارية عبر تقديمها 2.059 مليار ل.س(حوالي 5 مليون$)، توزعت بين إعانات ومساهمات مالية على المحافظات بحسب الأشكال البيانية المرفقة.
أصدر الأسد القانون رقم 33 للعام 2018 القاضي بإعفاء مكلفي الرسوم البلدية والتكاليف المحلية وغرامات مخالفات البناء والنظافة والأنظمة البلدية وأقساط قيمة المقاسم في المدن والمناطق الصناعية وأقساط المساكن المخصصة من قبل الوحدة الإدارية للمنذرين بالهدم وأقساط قيمة العقارات والديون والذمم المالية مهما كان نوعها المستحقة الأداء للوحدة الإدارية العائدة لأي من سنوات 2017 وما قبل من الفوائد والجزاءات وغرامات التأخير المترتبة على عدم تسديدهم الرسوم والغرامات والتكاليف والأقساط والبدلات والديون المحققة، في حال تم تسديد الذمم المالية المترتبة قبيل حلول شهر آذار 2019.
أقامت حكومة النظام بالتعاون مع غرف التجارة والصناعة عدداً من المعارض الدولية والمحلية بغية تنشيط عجلة النمو الاقتصادي واستقطاب استثمارات خارجية، حيث انعقد معرض "إعادة إعمار سورية" بدورته الرابعة "عمرها 4" على أرض مدينة المعارضة بمشاركة 270 شركة ممثلة لــ 29 دولة من أبرزها لبنان وإيران والصين وروسيا، في حين اقتصرت الدورة الأولى من المعرض على مشاركة 65 شركة ممثلة لــ 11 دولة([9])، كما تم إقامة معرض "صنع في سورية" للصناعات النسيجية بالتعاون بين اتحاد المصدرين السوري واتحاد غرف التجارة والصناعة السورية، بمشاركة أكثر من 152 شركة من مختلف المحافظات.
تواصل حكومة النظام تقديم تسهيلات لرجال الأعمال لتأسيس شركات اقتصادية، وفي هذا الصدد صادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على تأسيس 7 شركات في شهر تشرين الأول 2018 بحسب ما هو مرفق في الجدول.
فيما يتعلق بملف العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة، عقدت لقاءات مشتركة بين الجانبين السوري والروسي، حيث تطرقت إلى مجالات التعاون وخلص بعضها إلى توقيع اتفاقيات اقتصادية ومذكرات تفاهم بين الطرفين، هذا وقد كشف رئيس غرفة تجارة دمشق محمد غسان القلاع عن حجم التبادل التجاري مع روسيا خلال النصف الأول من 2018 والذي تجاوز 226 مليون يورو، وفيما يلي أبرز محطات العلاقات الاقتصادية السورية_ الروسية خلال تشرين الأول 2018:
فيما يخص العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيران، حفل تشرين الأول 2018 بعدد من اللقاءات والزيارات المتبادلة بين الجانبين، كما تم التوصل لعدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الاقتصادية، وفيما يلي استعراض لأبرز النشاطات الاقتصادية بين البلدين خلال تشرين الأول 2018:
تجهد حكومة النظام في إظهار قدراتها على توفير الخدمات ودفع عجلة النمو الاقتصادي، حيث قامت بزيارات ميدانية لعدد من المحافظات للاطلاع على واقعها الخدمي وإطلاق مشاريع اقتصادية وتنموية فيها، ولعل أهمها الزيارة المخصصة للمنطقة الشرقية لما تضمنته من رسائل متعددة، حيث أرادت الحكومة تأكيد حضور "الدولة السورية" لسكان تلك المناطق وقدرتها على توفير الخدمات، وذلك لاحتواء الحضور الإيراني الخدمي والأمني المتزايد في تلك المنطقة سيما في محافظة دير الزور، إضافة إلى رغبتها في تنشيط عملية إنتاج عملية إنتاج النفط والغاز، لتوفير إيرادات مالية تمكنها من تمويل أنشطتها ومشاريعها، كذلك خفض فاتورة استيرادها للمشتقات النفطية من الخارج.
استحوذ القطاع الزراعي على اهتمام الحكومة، حيث وافقت على صرف تعويضات مالية للفلاحيين المتضررين من الكوارث الطبيعية والآفات الزراعية بمبلغ لا يزيد عن 6 مليون $، وجاءت تلك الموافقة في مساعي من الحكومة لاحتواء المطالب المتزايدة من الفلاحين من جهة، ورغبة منها في دعم الإنتاج الزراعي الموجه للتصدير من جهة أخرى، ولا يتوقع لذلك الدعم أن يحقق المأمول منه سيما في ظل ارتفاع حجم خسائر القطاع الزراعي والتي قدرتها منظمة الفاو بما يزيد عن 16 مليار $، وتدني مطابقة المحاصيل الزراعية للمقاييس المعتمدة للتصدير، وتعرضها للمنافسة من دول الجوار.
أسفرت الانتخابات عن فوز قوائم "الوحدة الوطنية" بغالبيتها البعثية، ليواصل البعث هيمنته على مجالس الوحدات الإدارية عبر السيطرة على مكاتبها التنفيذية، مع ميله لتجديد الثقة بعدد من الرؤساء السابقين لمجالس الوحدات الإدارية، ويكتمل مشهد هيمنة البعث على المحليات بانتماء جميع المحافظين إليه، ليؤكد النظام بسلوكه هذا تغليب اعتبارات الولاء والتحكم على اعتبارات الحوكمة.
لجأ النظام إلى زيادة مخصصات الدعم المالي المقدمة لمجالس الوحدات الإدارية، بما يمكن أعضائها من استمالة السكان المحلين عبر توفير الخدمات لهم، حيث ارتفع الدعم المقدم لمجالس وحدات الإدارة المحلية من 899.98 مليون ل.س (حوالي 2 مليون $) في أيار 2018 لتصل إلى 2 مليار و59 مليون ل.س (حوالي 5 مليون $) في تشرين الأول 2018، ولا يتوقع لهذا الدعم أن يحدث فرقاً فيما يتصل بالواقع الخدمي للمحليات وأداء مجالسها وشرعيتها، لاعتبارات متعددة أبرزها هيمنة البعث على منظومة الإدارة المحلية وتآكلها وتبعيتها للمركز.
أعلنت حكومة النظام أرقامها لموازنة 2019 بمبلغ وقدره 3882 مليار ل.س (حوالي 9 مليار $ على أساس سعر صرف 435 ل.س لكل $) بزيادة قدرها 695 مليار ل.س عن موازنة 2018 (مقارنة بنحو 6.37 مليار $ على أساس سعر صرف 500 لكل $)، ويلحظ من خلال مقارنة موازنتي 2018-2019 ارتفاع حجم الانفاق العام بشقيه الجاري والاستثماري في موازنة 2019 مقارنة بما كانت عليه في موازنة 2018، كذلك ارتفاع مبلغ الدعم الاجتماعي بشكل عام في موازنة 2019 عن 2018 وإن تركزت هذه الزيادة على دعم المشتقات النفطية، في حين انخفض الدعم المخصص للدقيق وكذلك المعونة الاجتماعية في موازنة 2019 عن نظيرتها 2018، في حين لم يطرأ تغير يذكر على المبالغ المخصصة لإعادة الإعمار وصندوق الإنتاج الزراعي، إذ حافظت على ثباتها في كلا الموازنتين.
تطرح أرقام موازنة 2019 العديد من التساؤلات سيما فيما يتعلق بتمويلها، حيث لا يزال جزء معتبر الموارد المحلية الطبيعية سيما النفطية خارج سيطرة النظام، كما لا تغطي الزيادة في الإيرادات المحلية الناجمة عن الضرائب والرسوم وبدلات الاستثمار سوى جزء من الانفاق العام، ويطرح ما سبق احتمالات التمويل بالعجز، مع الإشارة إلى تضارب الأرقام بخصوص حجم الدين العام لسورية، حيث قدر تقرير صادر عن البنك الدولي International Debt Statistics 2018. حجم ذلك بما لا يتجاوز 3.5 مليارات $([10])، في حين قدرت دراسة صادرة عن مركز دمشق للأبحاث والدراسات بعنوان " تأثيرات الأزمة في الاقتصاد السوري" حجم الدين العام الداخلي فقط في 2015 بنحو 3400 مليار ل.س (حوالي 7 مليار$).([11])
كذلك تتضمن أرقام الموازنة مؤشرات على أولويات العمل الحكومي في العام المقبل، حيث يلحظ تراجع الدعم الحكومي للطبقات الفقيرة المستفيدة من دعم الدقيق والمعونة الاجتماعية، كما لا تتضمن الموازنة مؤشرات على زيادة كلية لرواتب العاملين في الدولة، ومما يستقرأ من أرقام الموازنة عدم قدرة النظام على تمويل إعادة الإعمار بنفسه، واقتصاره على تأهيل بعض الخدمات على نطاق ضيق للإيحاء بنجاحه على تجاوز مرحلة الازمة وولوجه مرحلة الاستقرار وإعادة الإعمار.
أعلنت محافظة دمشق عن خططها لتنظيم المدينة وفق مراحل تتضمن الأولى مناطق جوبر والقابون وبرزة، وقد خضع ملف منطقة القابون الصناعية للتجاذب بين الحكومة ومحافظة دمشق وممثلي غرف صناعة وتجارة دمشق وريفها وبين مالكي المنشئات الصناعية بالمنطقة، حيث وجهت اتهامات من قبل مالكي المنشئات للحكومة بالتخلي عن برنامجها لدعم صناعي القابون والتي أطلقته في وقت سابق عقب استعادة النظام السيطرة على المنطقة، كما وجهت اتهامات لمحافظة دمشق بإعدادها تقارير غير واقعية حول نسبة الدمار في المنطقة لتبرير عملية التنظيم ونقل الصناعيين إلى منطقة عدرا الصناعية، وفي هذا الصدد أكدت مصادر خاصة قيام المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق بإعداد دراسات مسبقة لا تتطابق مع الواقع الميداني لمنطقة القابون وغيرها لإخضاعها للتنظيم وفق المرسوم رقم 10، وذلك بالتعاون مع رجالات أعمال محسوبين على النظام أمثال سامر الفوز وسامر الدبس ومحمد حمشو ممن يعملون كبوابات لاستقطاب رؤوس الأموال الخارجية للاستثمار سيما في القطاع العقاري.
دفعت اعتبارات داخلية وخارجية مجلس محافظة دمشق والحكومة إلى تأجيل البت بإخضاع منطقة القابون للتنظيم، فمنطقة عدرا الصناعية غير جاهزة بعد لنقل صناعي القابون إليها سيما عقب تضررها جراء فيضان سد الضمير، كما أدت الضغوط الروسية على النظام إلى تعديل القانون رقم 10 فيما يتعلق بالمدة القانونية لإثبات الملكية، وما عناه ذلك من إيقاف مؤقت لمخططات التنظيم.
أعيد افتتاح معبر نصيب الحدودي بين سورية والأردن إثر إغلاقه لما يزيد عن 3 سنوات عقب سيطرة فصائل المعارضة على المنطقة، وقد جاء افتتاح المعبر تتويجاً للمفاوضات واللقاءات المباشرة وغير المباشرة بين الجانبين السوري والأردني وبوساطة روسية ودون معارضة إسرائيلية أو أمريكية، كما جاء افتتاح معبر نصيب عقب يوم واحد من افتتاح معبر القنيطرة مع الجانب "الإسرائيلي".
يعتبر افتتاح معبر نصيب حدثاً مهماً لما يحتويه على رسائل متعددة الجوانب، إذ يحمل الحدث في طياته مؤشرات على إقرار إقليمي ودولي بضرورة حصر تدريجي لمسألة إدارة الحدود بالدولة السورية بغض النظر عمن يشغل إدارتها الآن، وما يعنيه ذلك من انحسار متزايد لدور الفاعلين من غير الدولة في إدارة المهام السيادية (الحدود)، كذلك جاء افتتاح المعبر في ظل ما تعانيه اقتصاديات دول المنطقة من أزمات اقتصادية، دفعتها رغم عدائها السياسي إلى الاتفاق فيما بينها على تنشيط حركة التجارة البينية، والاستفادة من المزايا الناشئة عنها من توفير الكلف وتوسيع الفرص وزيادة المداخيل، كذلك يمكن لافتتاح معبر نصيب الحدودي أن يوظف ضمن المساعي الروسية لإعادة اللاجئين من الأردن إلى سورية، وذلك عبر قوننة وتنظيم هذه العملية من خلال المعبر.
تواجه الحركة التجارية وعبور الأفراد من معبر نصيب تحديات أمنية واقتصادية، يرتبط الشق الأول بتمدد إيران في محافظتي درعا والقنيطرة وعلى أطراف الطريق الدولي وعلى مقربة من الحدود بأشكال متعددة بما يقوض الترتيبات الأمنية الناشئة في الجنوب بتوافق روسي_ إسرائيلي_ أردني، كذلك مدى قدرة النظام على ضبط سلوك قواته المنتشرة في هذه المنطقة. أما فيما يتعلق بالشق الاقتصادي، تواجه الحركة التجارية وتجارة الترانزيت عبر معبر نصيب_ جابر الحدودي تحديات تتعلق بقيمة الرسوم المفروضة (قام النظام برفع رسوم الترانزيت من 10$ إلى 62$ على مرور شاحنات نقل البضائع)، كذلك فيما يتعلق بتوافر البنية التحتية من طرق وآليات ومعدات لتسهيل الحركة التجارية.
شهدت العلاقات الاقتصادية السورية_ الإيرانية تطوراً ملحوظاً في تشرين الأول 2018، وهو ما تمثل بحجم الزيارات واللقاءات المتبادلة بين الطرفين، إضافة إلى التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، ولعل الأهم ما تمخضت عنه زيارة محمد حمشو على رأس وفد من رجال الأعمال لطهران من لقاءات واتفاقيات وما حملته من مؤشرات هامة، حيث تعتبر هذه الزيارة الأولى من نوعها لإيران من حيث حجم الوفد (50 من رجال الأعمال وعدد من أعضاء مجلس الشعب) والذي يعتبر بمثابة اللوبي الإيراني في دمشق، وبحسب مصدر مطلع فإن الاتفاقيات واللقاءات التي عقدها الوفد برئاسة حمشو قد تخطت بأهميتها ما تحقق عن زيارات المسؤولين السوريين الرسميين لإيران، وفي هذا الصدد أشار المصدر نفسه إلى حمشو باعتباره أحد أعمدة إيران في سورية سيما عقب دخوله في شراكات اقتصادية مع عدد من الشركات الإيرانية، واعتماد الأخير على إيران في توفير المواد الأولية لمعامله القائمة في سورية.
([1]) بتوجيه من الرئيس الأسد. خميس يفتتح مشاريع تنموية بـ 16 مليار ليرة في طرطوس واللاذقية، موقع تشرين، التاريخ 03-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2PVpNva
([2]) خميس على رأس وفد حكومي يزور المنطقة الشرقية لافتتاح عدد من المشاريع الخدمية والتنموية، موقع صاحبة الجلالة، تاريخ 24-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2qNTMHz
([3]) تعويض الفلاحين عن الأضرار في المحاصيل الزراعية بمبلغ إجمالي 2.7 مليار ليرة، موقع رئاسة مجلس الوزراء، تاريخ 10-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2FjmtpH
([4]) الغرامة بدل النقاط وإلغاء الحبس في بعض المخالفات بقانون السير قيد الدراسة … مجدداً.. مجلس الوزراء يناقش قانون الاستثمار الجديد، الوطن، تاريخ 29-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2DwTZXZ
([5]) الرئيس الأسد يصدر مرسوماً تشريعياً بمنح عفو عام عن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي المرتكبة قبل تاريخ 9-10-2018، سانا، تاريخ 10-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2E6tNEn
([6]) مدير إدارة التجنيد العام بسوريا: مرسوم العفو الرئاسي شمل المدعوين للاحتياط، النشرة، تاريخ 30-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2DdxM02
([7]) مرسومان بأسماء أعضاء مجالس المحافظات ومجالس مدن مراكز المحافظات الفائزين بانتخابات الإدارة المحلية، وزارة الإدارة المحلية وشؤون البيئة، تاريخ 03-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OCL7Wq
([8]) الأرقام الواردة في الجدول بحسب ما أوردته صحيفة الحل، حسام صالح، موازنة سوريا 2019. لا زيادة في الرواتب وخفض للدعم وإعادة الإعمار تحتاج لنصف قرن!، تاريخ 05-11-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2B0k9zA
([9]) معرض إعادة إعمار سورية يبدأ فعالياته بمشاركة 270 شركة من 29 دولة، سانا، تاريخ 03-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2JWi9vp
([10]) نسرين رزوق، «الدين السوري العام»: تمخّض الجبل فولد فأراً!، جريدة الأخبار، تاريخ 13-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2B1qew0
([11]) حجم الدين العام الداخلي 3400 مليار ليرة، سيريا ستيبس، تاريخ 02-11-2016، رابط إلكتروني https://bit.ly/2RKdVcK
أجريت انتخابات الإدارة المحلية في أيلول 2018 وذلك لأول مرة منذ اندلاع الحراك الاحتجاجي في 2011، وذلك في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، في حين تم تفعيل الإجراءات القانونية والآليات التنظيمية اللازمة في المناطق التي ما تزال خارج سيطرة النظام، لتعلن النتائج ويصار إلى اعتمادها وإعلانها لاحقاً بمرسومين صادرين عن رئيس السلطة التنفيذية. بغض النظر عن مصداقية الانتخابات ومدى شرعيتها وما اعتراها من مخالفات قانونية وتناقض في الأرقام المتداولة، إلا أنها توضح الآلية والعقلية التي يدير بها النظام المحليات، كما أنها تفصح عن الشبكات المحلية الناشئة للنظام وما هي القوى الوافدة إلى هذه الشبكات، كذلك تكشف عن توجهات النظام للتعامل مع استحقاقات المرحلة المقبلة وما هي التحولات التي طالت بعض هياكل النظام الرسمية.
من هنا تستعرض هذه الورقة التحليلية إدارة النظام للمحليات في سياقات مختلفة، وما هي التغيرات التي طرأت عليها منذ تولي حافظ الأسد السلطة إلى استلام بشار الأسد سدة الرئاسة، وصولاً إلى اندلاع الحراك الاحتجاجي وانتهاء باستعادة النظام السيطرة على عدد من المحليات بفعل التدخل الروسي والدعم الإيراني المباشرين، ليصار إلى تسليط الضوء على انتخابات الإدارة المحلية لما تتضمنه من مؤشرات على آلية النظام وعقليته في إدارة المحليات، وذلك من خلال التطرق إلى إدارة النظام للعملية الانتخابية والسياق الذي جرت فيه، وتحليل أبرز المؤشرات التي كشفت عنها نتائج الانتخابات، وتداعياتها المحتملة على الاستقرار الاجتماعي.
اعتمد نظام البعث المركزية كنمط والقبضة الأمنية كأداة لإدارة المحليات، في حين لجأ إلى اختراقها عبر نشر شبكات المحسوبية المحلية، والتلاعب بها بإثارة التنافس بين نخبها المحدثة والقديمة وإدارته، وفي حين حافظت الترتيبات على فعاليتها في عهد حافظ الأسد، بدأت بالتضعضع في عهد بشار الأسد وهو ما ظهر بعجزها عن احتواء حراك المحليات 2011، الأمر الذي دفع النظام إلى تبني تكتيكات مؤقتة تصب في استراتيجيته الرامية إلى إعادة بناء منظومة التحكم والسيطرة عبر تبني النموذج القديم لإدارة المحليات مع إجراء تعديلات طفيفة عليه.
أدرك نظام البعث بأن استقراره في الحكم يستلزم منه اختراق المجتمعات المحلية والهيمنة عليها وإحكام السيطرة على الدولة، لتكون المركزية المعززة أمنياً خيار البعث في إدارة المجتمع والدولة، وفي حين نجحت هذه المقاربة بتأمين استقرار نسبي للنظام، فإنها تسببت بتآكل الحوكمة وسخط المحليات.
سعى نظام البعث منذ استيلائه على السلطة 1963 إلى استبدال طبقة الوجهاء المحليين التي كانت متحكمة بالسياسات المحلية عقب الاستقلال بأخرى موالية له من ذوي خلفيات ريفية، وقد مارس هؤلاء نفوذهم المحلي الذي أتيح لهم باعتبارهم وكلاء للمركز، وساهموا من خلال شبكات المحسوبية والزبائنية التي شكلوها واستثمروا بها بتعزيز هيمنة النظام على المحليات، حيث أصبح بمقدور الوجيه القروي المنتمي لأحد تشكيلات النظام الرسمية وشبه الرسمية (حزب البعث والاتحاد الفلاحي)، الانتفاع بالموارد التي أتاحها له النظام شخصياً ولصالح شبكاته الزبائنية، لكنه بالمقابل توجب عليه إنفاذ توجهات النظام في قريته وحشد الدعم له إن لزم الأمر عبر توظيف مكانته المجتمعية وتفعيل شبكاته الزبائنية.[1]
لجأ النظام إلى تنظيم الإدارة المحلية بشكل مركزي عبر إصدار قانون الإدارة المحلية رقم 15 لعام 1971 وما أعقبه من مراسيم تشريعية وقوانين مكملة[2]، والتي أوجدت هياكل هرمية متمركزة تنحدر جميعها من قيادة النظام نزولاً إلى القرية أو الحي، حيث يعتبر المحافظ المعين بمرسوم صادر عن الرئيس ممثل السلطة التنفيذية على مستوى المحافظة والمسؤول عن أعمال وحدات الإدارة المحلية والإدارات التابعة للوزارات والقطاع العام على مستوى المحافظة[3]، كذلك وظف النظام الأطر الإدارية على المستوى المحلي كقنوات لإدارة التنافس المحلي بين الوجهاء المحدثين والقدامى، من خلال تعيينهم في عضوية مجالس الوحدات الإدارية دون إسناد أي صلاحيات يعتد بها لهم في مجال صنع القرار، والتي بقيت حكراً على دمشق.[4]
علاوةً على ما سبق، قام النظام باختراق المحليات بواسطة ثلاثي البعث ورجل الدين والمخبر المحليين، حيث شغل البعثين مكانة متميزة في عضوية مجالس الوحدات الإدارية[5]، كما تولوا مهام التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية في وحداتهم الإدارية عبر أمناء الفروع، كذلك مراقبة الوحدات المحلية بما أتاحه لهم القانون من صلاحيات[6]، بالمقابل لعب بعض رجال الدين المحليين دوراً في الترويج لخطاب النظام وحشد أنصاره لدعمه عند الضرورة، ليتولى المخبر المحلي مهمة مراقبة المحليات سكاناً وإدارة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والتي تقاسمت فيما بينها وفق ترتيب أقرته قيادة النظام مسؤولية الإدارة الأمنية للمحليات، فكان أن عهد للأمن السياسي الإدارة الأمنية لمدينة التل في ريف دمشق، أما أمن الدولة فكانت له الصدارة في إدارة ملف الحسكة والقامشلي، لتكون المخابرات الجوية الفرع الأقوى في إدارة مدينة حمص.[7]
غلب النظام اعتبارات السيطرة والتحكم في ترتيباته المحلية على اعتبارات الحوكمة، حيث ساعدته هذه الترتيبات على ترسيخ حكمه وحمايته في مواجهة هزات تعرض لها سيما في حقبة الثمانينات، لكنها بالمقابل أفضت إلى مركزية شديدة تعوزها الكفاءة ويغلب عليها الفساد ومنفصلة عن مصالح المحليات.
تآكلت ترتيبات إدارة المحليات في عهد بشار الأسد في سياق تقوض العقد الاجتماعي وتطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي، وهو ما زاد من سخط المحليات معبرة عن ذلك باحتجاجات محلية معزولة تم التعامل معها، لينفجر الموقف بحراك المحليات 2011 وخروج عدداً منها عن السلطة المركزية، ليلجأ النظام إلى تبني تكتيكات مؤقتة مكنته من إعادة بناء ترتيباته المحلية بتغليب اعتبارات التحكم على الحوكمة في إدارته للمحليات.
تولى بشار الأسد السلطة بحلول 2000، وكان عليه التعامل مع التركة الحرجة التي ورثها عن ابيه فيما يتعلق بحالة الانسداد السياسي وأزمتي النمو الاقتصادي والتنمية وتأكل الحوكمة في الدولة، ليلجأ إلى معادلة الاقتصاد أولاً عبر تبني إجراءات لتحرير الاقتصاد بغية رفع معدلات النمو واسترضاء النخبة الصاعدة من رجال الأعمال، ويمكن ملاحظة ذلك بثورة المراسيم والتشريعات الاقتصادية (بلغت 1200 مرسوم وقرار بين 2000-2005[8]) التي أعادت تعريف الدور الاقتصادي للدولة، وعززت من دور ممثلي التيار التحريري (مؤيدو ورجال القطاع الخاص الذين توزعوا على تحالفين رئيسين هما شام القابضة ([9]) وسورية القابضة ([10])) وحلفائهم في الإدارة والاقتصاد.
انعكس التحول السابق بتعطيل تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة (2006-2010) المصاغة وفق نموذج تحريري للاقتصاد محكوم بضوابط تنموية وبمقاربة إصلاح مؤسساتية، حيث تم حذف شق الإصلاح المؤسسي منها وعرقلة تنفيذ ما تبقى رغم تبنيها وإقرارها بصيغتها المعدلة بالمؤتمر القطري العاشر لحزب البعث (حزيران/ 2005)، في حين تم تبني سياسات ليبرالية محابية لمصالح نخبة رجال الأعمال الجدد المتحالفين مع النظام.[11]
قاد هذا التحول إلى تراجع دور الدولة كمعيل وتقويض العقد الاجتماعي الذي قام عليه النظام، كما ساهم التحرير الاقتصادي ببروز حلفاء لرجال الأعمال على المستوى المحلي، كذلك تقليص دور البعث والمنظمات المتفرعة عنه لصالح دور متزايد للجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية[12]، والمحصلة تقويض الترتيبات المحلية التي أرسى دعائمها حافظ الأسد سابقاً، وهو ما انعكس بتغير موازين القوى داخل المحليات وتزايد سخطها تجاه إدارة دمشق، الأمر الذي ظهرت مؤشراته بمواجهات معزولة النطاق بين ممثلي السلطة المركزية والسكان المحليين كما حصل في معربا 2006[13] والرحيبة 2009[14] على سبيل المثال.
تجاهلت قيادة النظام تقارير الأجهزة الأمنية بخصوص سخط السكان المحليين ومطالب المحليات، أو ربما أخفت تلك الأجهزة الوقائع وتلاعبت بالتقارير المرسلة للقيادة[15]، وتخلص كلا الروايتين لنتيجة مفادها عدم إدراك القيادة لحالة الاحتقان القائمة في المجتمع السوري والسخط المتراكم تجاه إدارة النظام وقياداته، وهو ما دفع بشار الأسد للقول بأن سورية محصنة ضد ما حدث في مصر وتونس.[16]
أخطأت قيادة النظام في قراءة الموقف وفشلت محاولاتها في احتواء حراك المحليات، عبر تفعيل شبكاتها المحلية والاعتماد على الوجهاء المحليين ممن فقدوا كثيراً من نفوذهم خلال السنوات السابقة، وكذلك عبر إصدار المرسوم التشريعي رقم 107 المتضمن قانون الإدارة المحلية لعام 2011 بغية استرضاء المحليات ولكن دون جدوى، حيث خرجت العديد من المحليات عن سلطة دمشق وأوجدت بدورها هياكل حوكمية مفرطة بلامركزيتها وطابعها المحلي، وهنا لجأ النظام إلى تكتيكات مؤقتة لإدارة المحليات سواء في المناطق التي بقيت خاضعة لسيطرته أو تلك التي خرجت عن سيطرته، حيث وسع النظام في مناطقه على نحو كبير عدد الوسطاء المحليين_ كل من يقوم بدور الوسيط بين المجتمع المحلي والسلطة المركزية، وغالباً لا ينتمون لمؤسسات رسمية بمعنى رجل الدين المحلي وكبار العائلات وقيادات العشائر هم وسطاء محليين_ لمساعدته على التصدي إلى الديناميكيات المتغيرة بسرعة للنزاع[17]، كما لجأ إلى تدمير البدائل[18] التي نشئت في المحليات سواءً من خلال التشويش عليها إدارياً وخدمياً وإبقاء السكان المتواجدين فيها معتمدين عليه فيما يتعلق بالحصول على الخدمات الأساسية التي توفرها مؤسسات الدولة كالوثائق الرسمية، أو بتشكيل شبكات محلية موازية في مناطق سيطرة المعارضة مكونة من تكنوقراط وبعثيين سابقين وتجار محليين وقادة دينيين، وتوظيفهم لإيجاد رأي عام محلي مؤيد وداعم لعودة النظام كما حدث في مناطق المصالحات المحلية كمدينة التل، أو بتدمير الهياكل الحوكمية بواسطة الحصار والتدمير العسكري كما حصل في شرق حلب على سبيل المثال.
تمكن النظام من استعادة السيطرة على العديد من المحليات عقب التدخل الروسي، بواسطة القوة العسكرية وتكتيكات الحصار، أو عبر المصالحات المسبوقة بإجراءات عسكرية، وكان يلجأ النظام عقب سيطرته على المحلة إلى تفكيك شبكات المعارضة المحلية وهياكلها التي كانت قائمة باعتبارها مصدر تهديد محتمل، مع الإبقاء على عناصرها كأفراد ممن قاموا بتسوية أوضاعهم أمنياً وتوظيفهم في إجراءات انتقالية ذات طبيعة أمنية، لحين تمكنه من إعادة فرض هياكله وترتيب شؤون المحلة وفق قواعد اللعبة القديمة ذاتها، أي عودة الإدارة الأمنية للمحليات، واختراقها من خلال شبكات المحسوبية المحلية التي توسعت بضمها وافدين جدد من تجار وقادة ميليشيات ورجال دين ووجهاء محليين برزوا خلال الصراع، كذلك ربط المحليات بالمركز من خلال هيمنة البعث على إداراتها المحلية.
يلقي مثال مدينة التل في ريف دمشق الضوء على هذه الديناميكية، حيث قام النظام بحصار المدينة عقب خروجها عن سيطرته منذ منتصف 2012، وجعلها تعتمد عليه خدمياً وإدارياً بما قوض من فرص نجاح معارضتها بتشكيل إدارة محلية ناجحة، وقد وظف النظام هذه الاعتمادية لتعزيز مواقع المواليين له داخل المدينة ممن شغلوا عضوية لجنة المصالحة المحلية (تشكلت بحلول 2013) إلى جانب وجهاء محليين لم يكونوا محسوبين على النظام، وحينما قرر النظام استعادة المدينة لجأ إلى استعراض قوته العسكرية واستثارة الرأي العام المحلي ضد فصائل المعارضة المحلية عبر مواليه، ليتم التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية 2016 يقضي بخروج فصائل المعارضة المحلية غير الراغبين بتسوية أوضاعهم إلى إدلب، في حين تم استيعاب جزء ممن قاموا بتسوية وضعهم بترتيبات أمنية محلية "لجنة حماية مدينة التل" والتي لم تعمر طويلاً، حيث تم حلها مع عودة جهاز الشرطة والأمن السياسي لممارسة مهامهم في المدينة، كما قام النظام بترميم شبكته المحلية عبر ضم قوى جديدة لها من وجهاء محليين وممثلي عائلات كبرى ومتزعمي ميليشيات محلية برزوا خلال الفترة السابقة والإقرار بدورهم كوسطاء بينه وبين أهالي المدينة، ليتوج النظام سيطرته بهيمنة البعث على مقاعد مجلس مدينة التل ومكتبها التنفيذي.[19]
أجريت انتخابات الإدارة المحلية في أيلول 2018 لأول مرة منذ اندلاع الحراك الاحتجاجي، وذلك في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، في حين تم تفعيل الآليات القانونية واتخاذ الإجراءات التنظيمية اللازمة لاختيار ممثلين عن المناطق التي لا تزال خارج سيطرة النظام، لتسفر النتائج عن تصدر البعث ونجاح إيران في الولوج إلى عملية صنع القرار المحلي.
أجريت انتخابات الإدارة المحلية يوم السادس عشر من أيلول 2018 بمشاركة ما يزيد عن 40 ألف مرشح، تنافسوا على عضوية 18478مقعداً يشكلون بمجموعهم 1444 مجلساً، لتكون الانتخابات الأولى من نوعها منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية 2011، والتي بدء الاستعداد لها على الصعيدين القانوني والتنظيمي منذ حزيران 2018، تاريخ الدعوة لإجراء انتخابات محلية عقب تبلور معطيات سياسية وميدانية شجعت النظام على إجرائها.
أصدر بشار الأسد المرسوم رقم 214 القاضي بتحديد 16 من أيلول 2018 موعداً لانتخاب أعضاء المجالس المحلية[20]، وسبق هذا الإعلان إصدار المرسوم التشريعي رقم 172 القاضي بتعيين اللجنة القضائية العليا للانتخابات[21] باعتبارها المسؤولة عن الإشراف على انتخابات مجالس الإدارة المحلية بموجب المواد رقم (8-17) من قانون الانتخابات العامة رقم 5 لعام 2014.[22]
جاء الإعلان عن الانتخابات في سياق تعزز الموقفين السياسي والميداني للنظام على حساب المعارضة وربما تم بإيحاء روسي، أما الأهداف المتوخاة من إجراء الانتخابات فمتعددة ومنها: [23]
اُستكملت الاستعدادات لإجراء الانتخابات بإصدار الحكومة ووزارة الإدارة المحلية والبيئة عدة قرارات وإجراءات تنظيمية وإدارية تتصل بتحديد نسب تمثيل الفئات والدوائر الانتخابية وعدد أعضاء مجالس الوحدات الإدارية [24]، لتباشر اللجان الانتخابية عملها في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، في حين تم تشكيل لجان لمحافظتي الرقة وإدلب في محافظة حماة من قضاة ينتمون للمحافظتين، وفيما يتعلق بإجراء الانتخابات في المناطق التي تم استعادتها ولم يسمح لسكانها بالعودة إليها بعد، فقد أشار رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات إلى مسؤولية وزارة الإدارة المحلية والبيئة لوجستياً عن تحديد المراكز الانتخابية بالتنسيق مع اللجنة كما حدث سابقاً في الانتخابات التشريعية.
بلغ عدد طلبات الترشيح لعضوية مجالس الوحدات الإدارية نحو 49096، تم قبول 41482 منها ممن استوفوا الشروط القانونية المنصوص عليها في اللوائح والقوانين الناظمة للانتخابات[25]، وتفيد قراءة حركة الترشح بارتفاع غير مسبوق لطلبات الترشح في الأيام الأخيرة من المدة القانونية المعلن عنها للترشح، وفي حين برر النظام ذلك بعدم استكمال الراغبين بالترشح للأوراق والمستندات القانونية المطلوبة، أفادت رواية أخرى بانخفاض سقف توقعات السكان تجاه هذه الانتخابات ولامبالاتهم حيالها، وهو ما دفع حزب البعث إلى حث أعضائه على الترشح للتدليل على الإقبال الشعبي على هذه الانتخابات.[26]
أدلى ما يزيد عن 4 مليون ناخب[28] بأصواتهم في الانتخابات من أصل 16.349.35، أي ما نسبته 25% ممن يحق لهم التصويت[29]، في حين تفاوتت نسبة المشاركة على مستوى المحافظات فلم تتجاوز حاجز 30% في محافظة حمص[30]، في حين بلغت حوالي 50% في محافظتي طرطوس[31] وحماة[32]، ويعزى سبب انخفاض المشاركة عموماً إلى غياب أجواء المنافسة عقب صدور قوائم "الوحدة الوطنية" للبعث، فضلاً عن انخفاض سقف توقعات الناخبين من مجالس الإدارة المحلية في ظل هيمنة المركز على قراراتها وتحكمه بتمويلها وضعف صلاحياتها، ليتم إعلان النتائج الرسمية واعتمادها لاحقاً بإصدار المرسوم رقم 3044 المتضمن أسماء أعضاء مجالس المحافظات الفائزين بانتخابات الإدارة المحلية، وكذلك المرسوم رقم 305 المتضمن أسماء أعضاء مجالس مدن مراكز المحافظات الفائزين في انتخابات الإدارة المحلية.[33]
أظهرت نتائج الانتخابات وتشكيل المكاتب التنفيذية لمجالس الوحدات الإدارية هيمنة البعث عليها، بينما ولجت إيران في عملية صنع القرار المحلي، هذا وعكست النتائج تغليب النظام اعتبارات التحكم والسيطرة على الحوكمة في إدارته للمحليات، بما يمهد الطريق لحدوث اضطرابات جديدة.
أسفرت نتائج الانتخابات عن هيمنة البعث على مجالس الوحدات الإدارية ومكاتبها التنفيذية، وقد سبق ذلك تغيرات طالت المفاصل التنظيمية للحزب وأعضاء قياداته على مدى سنوات الأزمة، لتتوج عقب الانتخابات بتعديلات جوهرية شملت النظام الداخلي للبعث وهيكليته، لتشكل هذه الترتيبات رافعة لتعويم دور البعث كقائد للدولة والمجتمع للتعاطي مع الاستحقاقات القادمة، لكن بدون إقرار دستوري.
مُنح حزب البعث وضعاً استثنائياً بوصفه "قائداً للدولة والمجتمع" بموجب المادة 8 من دستور 1973، حيث تم توظيف الحزب ضمن البنية السلطوية للنظام باعتباره أداة للرقابة وشبكات الوصاية[34]، في حين شهد دوره تراجعاً ملحوظاً في عهد بشار الأسد مع تنامي حضور التكنوقراط ورجال الأعمال، لتظهر لحظة 2011 مدى تآكل دور الحزب مع عجز قياداته وشبكاته الزبائنية على المستوى المحلي عن احتواء الحراك الناشئ، كذلك انحسار دوره لصالح تزايد دور مؤسستي الجيش والأمن اللتين تصدرتا المشهد للتعاطي مع الحراك.
فقد الحزب مكانته الاستثنائية كقائد للدولة والمجتمع بإقرار دستور 2012، واستمرت معاناة البعث بانهيار هياكله تدريجياً على مستوى المحافظات والمناطق بفعل الحراك، كما خسر دعم قاعدته في العديد من المناطق التي شهدت حركة احتجاجية كما في درعا وحمص[35]، ليجد الحزب نفسه معزولاً مجتمعياً وضعيفاً مؤسساتياً وبدور هامشي ضمن بنية النظام.
حاول البعث احتواء الضغوط وإعادة التأسيس لدوره من جديد من خلال تشكيل كتائب للبعث[36] وإشراكها بالمعارك كقوات رديفة إلى جانب قوات الجيش والتي لم توفق في مهامها بسحق المعارضة المحلية، كما عمل البعث على إعادة ترتيب صفوفه عبر إجراء تعديلات تنظيمية وتعيينات جديدة فيما سميت بــ "التنظيف الذاتي" وفق تعبير بشار الأسد[37]، والتي استكملت لاحقاً بإجراء تعديلات جوهرية (نيسان/2017) طالت أعضاء قيادته القطرية ولجنتيه المركزية والحزبية[38]، أعقبها حل القيادة القومية (أيار/ 2017)[39]، لتتوج هذه الإجراءات بتعديلات شملت النظام الداخلي للبعث خلال اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي في تشرين الأول 2018.[40]
أتاح تحول الموقفين الميداني والسياسي لصالح النظام عقب التدخل الروسي المجال أمام البعث لاستعادة زمام المبادرة داخلياً، مستفيداً من ميل النظام إلى تفعيل الأدوات المدنية والسياسية للتعامل مع استحقاقات المرحلة القادمة كإعادة الإعمار، ليبدأ البعث بترتيب أوراقه وحشد أدواته للتماشي مع التوجه الجديد للنظام، وذلك عبر تفعيل دوره المحلي من خلال تنشيط شبكاته المحلية واستقطاب أعضاء جدد ممن برز دورهم خلال الأزمة على الصعيد المحلي، وتمكين سيطرته على مجالس الوحدات الإدارية ومكاتبها التنفيذية من خلال الانتخابات المحلية، ويشار هنا إلى الدور المحوري لقيادات بعثية منها عمار الساعاتي عضو القيادة القطرية رئيس مكتب الشباب القطري في تنظيم ملف الانتخابات المحلية وإعداد قوائم "الوحدة الوطنية" بمعزل عن الحلفاء في الجبهة الوطنية التقدمية ممن أبدى بعضهم تذمره من إقصائية البعث[41]، وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية التي انحصر دورها في عملية فلترة وتصنيف المرشحين.[42]
أسفرت الانتخابات عن فوز قوائم "الوحدة الوطنية" بغالبيتها البعثية، ليواصل البعث هيمنته على مجالس الوحدات الإدارية عبر السيطرة على مكاتبها التنفيذية، مع ميله لتجديد الثقة بعدد من الرؤساء السابقين لمجالس الوحدات الإدارية[43]، ويكتمل مشهد هيمنة البعث على المحليات بانتماء جميع المحافظين إليه، ليؤكد النظام بسلوكه هذا تغليب اعتبارات الولاء والتحكم على اعتبارات الحوكمة.
ولجت إيران لعملية صنع القرار المحلي في عدد من المحليات، مستفيدة من أدواتها الخدمية وميليشياتها المحلية وتفعيلها للشيعة السوريين سياسياً على الصعيد المحلي، ولم يكن ذلك ليتم لولا موافقة النظام الضمنية، وبذلك أصبح لإيران إمكانية التأثير على استحقاقات المرحلة القادمة عبر قنوات رسمية دولتية.
وسعت إيران من نطاق انخراطها وتأثيرها في الجغرافية السورية، بحيث لم تقتصر على الميليشيات الشيعية الوافدة من وراء الحدود ومستشاريها من الأمنيين والعسكريين فقط، وإنما توسعت لتشمل السكان المحليين، حيث عملت إيران على الانخراط في شؤون المجتمعات المحلية مستفيدة من تآكل سلطة الدولة محلياً وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاهها لقلة مواردها، وقد وظفت طهران عدة أدوات لبناء نفوذ لها على صعيد المحليات، حيث وفرت عبر أذرعها الخدمية "جهاد البناء" والإنسانية "مركز الثقلين" مظلة من الخدمات المحلية والرعاية الاجتماعية، تركزت في مناطق تواجد الشيعة السوريين سيما في نبل والزهراء وكلا من ريف دمشق وحمص الغربي وفي حمص دمشق وحمص الغربي، كما استهدفت الأحياء والمناطق الفقيرة سيما في محافظتي حلب ودير الزور[44]، إضافة إلى تركيزها على مناطق انتشار منتسبي ميليشياتها من الدفاع المحلي[45]، ومن منتسبي الدفاع الوطني ممن تم حرمانهم من الامتيازات التي تقدمها الدولة "لذوي الشهداء" باعتبارهم تشكيلات رديفة وليست نظامية.[46]
كذلك لجأت إيران إلى تجنيد السوريين ضمن تشكيلات عسكرية تعرف بــ "الدفاع المحلي"، والتي يتركز انتشارها في محافظة حلب كفيلق المدافعين عن حلب ولواء الباقر ويغلب عليها المكون العشائري، وعلاوة على ما سبق قامت إيران بتعبئة المجتمعات الشيعية المحلية من خلال تجنيدهم بحركات كشفية أبرزها كشافة الإمام المهدي والولاية، وتأسيس تشكيلات عسكرية خاصة بهم كقوات الرضا في حلب ولواء الإمام الرضا في حمص، كذلك إنشاء المجلس الإسلامي الجعفري الأعلى في سورية في 2012.
تمكنت إيران وموالوها من نسج علاقات مع مسؤولي النظام المحليين من إداريين وبعثيين وكذلك الوجهاء المحليين خلال نشاطهم المحلي، حيث راعت إيران الترتيبات المحلية وعملت من خلالها، في حين تعاطى المسؤولون والوجهاء المحليون مع إيران وموالوها باعتبارهم القوة الأكثر تحكماً في محلياتهم، كما عملوا على توظيف الخدمات والموارد التي توفرها إيران لتعزيز مكانتهم محلياً ولدى مرؤوسيهم.[47]
استطاعت إيران استغلال علاقاتها الشخصية مع المسؤولين المحليين والبعثيين وثقلها المحلي لترشيح عدداً من مواليها لعضوية مجالس وحدات الإدارة المحلية، ولم يكن لهؤلاء المرشحين أن ينجحوا لولا موافقة النظام وبدعم مباشر من حزب البعث بحسب ما أفادت به بعض المصادر الصحفية[48]، وبذلك بات لإيران موطئ قدم في عدد من المحليات سيما تلك التي يتركز فيها نشاطها المحلي بشكل مباشر أو من خلال وكلائها من السوريين.[49]
يتيح انخراط إيران في المجتمعات المحلية لها إمكانية دمج هياكلها تدريجياً في صنع القرار المحلي، والتأثير عليه واستغلاله في عملية إعادة الإعمار، فضلاً عن إمكانية توظيفه مستقبلاً في الانتخابات البرلمانية.
أرسى النظام في عهد حافظ الأسد دعائم استراتيجية المركزة الأمنية في إدارة شؤون المحليات، كما عمل على اختراقها عبر نشر شبكات المحسوبية المحلية، والتلاعب بها بإثارة التنافس بين نخبها المحدثة والقديمة وإدارته، وفي حين حافظت الترتيبات على فعاليتها في عهد الأسد الأب ومكنته من تجاوز ضغوط محلية تعرض لها، فإنها بدأت بالتآكل في عهد بشار الأسد في سياق تقوض العقد الاجتماعي وتطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي، التي طالت بآثارها السلبية المحليات معبرة عن سخطها تجاه المركز باحتجاجات محلية معزولة النطاق تمكن النظام من احتوائها.
انفجر الموقف في 2011 بحراك المحليات الناقمة على السلطة المركزية إدارة وقيادة، وفشلت كل أدوات النظام وتنازلاته في احتواء الموقف، وعوضاً عن تصويب العلاقة بين المركز والمحليات واعتماد مقاربة تشاركية لامركزية كبديل للمركزية المقيتة التي كانت متبعة، لجأ النظام إلى تكتيكات تحكم وسيطرة مؤقتة لحين استعادته السيطرة على المحليات وإعادة ترتيب شؤونها وفق قواعد اللعبة القديمة ذاتها، أي عودة الإدارة الأمنية الإدارة الأمنية للمحليات، واختراقها من خلال شبكات المحسوبية المحلية التي توسعت بضمها وافدين جدد من تجار وقادة ميليشيات ورجال دين ووجهاء محليين برزوا خلال الصراع.
استكمل النظام تشييد ترتيباته المحلية بإجراء انتخابات الإدارة المحلية، بغض النظر عن مصداقية تلك الانتخابات وشرعيتها وما شابها من انتهاكات قانونية، وقد كشفت النتائج عن هيمنة البعث على المحليات من خلال سيطرته على عضوية مجالس وحدات الإدارة المحلية ومكاتبها التنفيذية، كذلك لجوء البعث إلى ترميم شبكاته المحلية بضم شخصيات مؤثرة محلياً، ليستمر البعث بلعب الدور القائد للدولة والمجتمع دون إقرار دستوري، وتأتي هيمنة البعث على المحليات وتعزيز دوره في مؤسسات الدولة في ظل مساعي النظام لإعادة تعويم دور الحزب داخلياً كأداة مدنية وسياسية للتعاطي مع استحقاقات المرحلة المقبلة.
كذلك كشفت النتائج عن ولوج إيران في المشهد المحلي السوري من خلال عضوية بعض مواليها لعدد من مجالس وحدات الإدارة المحلية، وقد حققت إيران مرادها بما بنته من نفوذ محلي شيدته بأدوات خدمية وعسكرية، تركز في مناطق انتشار ميليشياتها المحلية وفي المناطق المعدومة اقتصادياً، كذلك في مناطق انتشار الشيعة السوريين، ولم يكن لإيران أن تنجح بمسعاها لولا موافقة النظام الضمنية على نجاح مواليها، لتتمكن إيران بذلك من دمج هياكلها تدريجياً في عملية صنع القرار المحلي، والتأثير عليه واستغلاله في عملية إعادة الإعمار، فضلاً عن إمكانية توظيفه مستقبلاً في الانتخابات البرلمانية.
غلب النظام اعتبارات التحكم والسيطرة على اعتبارات الحوكمة في إدارته لشؤون المحليات، ويبدو بأنه لم يستوعب جيداً دروس سنوات الأزمة ونتائجها، وفي حين يمكن لهذه الترتيبات أن تنجح إلى حد ما بتأمين استقرار نسبي النظام، إلا أن بافتقادها للحوكمة والشرعية يهدد بحدوث اضطرابات اجتماعية جديدة، قد تحتاج وقتاً للتعبير عن نفسها بأشكال متعددة.
[1] فولكر بيرتس، الاقتصاد السياسي في سورية تحت حكم الأسد، رياض الريس للكتب والنشر، ط1 أذار/ 2012، ص 341
[2] أعاد القانون رقم 15 للإدارة المحلية النظر بالتقسيمات الإدارية المتبعة في سورية والقائمة على، محافظة، منطقة، بلدة، لتصبح وفق القانون الجديد: المحافظة، المدنية، البلدة، القرية، كما تم تطوير القانون (15) بتشكيل وزارة الإدارة المحلية بموجب المرســــــــوم التشريعي رقم 27 (آب 1971)، وإصدار اللائحة التنفيذية للقانون بموجب المرسوم رقم 2297 (1971)، والمرسوم التنظيمي رقم 1349 لعام 1972 وكذلك المرسوم رقم 283 لعام 1983.
[3] فولكر بيرتس، الاقتصاد السياسي في سورية تحن حكم الأسد، ص261.
[4] خضر خضور، الحروب المحلية وفرص السلام اللامركزي في سورية، مركز كارنيجي، تاريخ 28-03-2017، رابط إلكتروني https://bit.ly/2PatNYi
[5] تنص المادة (10) على أن المجالس المحلية تتكون من ممثلين عن الفئات التالية: (الفلاحين، العمال، الحرفيين، صغار الكسبة، المعلمين، الطلبة، الشبيبة، النساء، المهن الحرة التي تضم؛ الاطباء، الصيادلة، المهندسين، المهندسين الزراعيين، المحامين، أطباء الاسنان، رجال الفكر والفن والصحافة) بالإضافة إلى الفئات الأخرى وتشمل: موظفي الدولة وسائر الجهات العامة، العاملين في الحقول الاجتماعية والاقتصادية وغير ذلك من الفئات التي تحددها اللائحة التنفيذية، وهي تؤكد على أن لا تقل نسبة تمثيل الفلاحين والعمال والحرفيين وصغار الكسبة في المجالس المحلية عن 60%. وبما أن الحزب كان قد هيمن على كل الاتحادات، النقابات والمنظمات الشعبية في البلاد، فقد باتت نتائج الانتخابات المحلية معروفة سلفاً.
[6] للمزيد مراجعة، الإدارة المحلية في مناطق سيطرة النظام السوري، دراسة منشورة ضمن كتاب بعنوان حول المركزية واللامركزية في سورية بين النظرية والتطبيق، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ 28-09-2018، ص 163-164.رابط إلكتروني https://bit.ly/2N7mnQH
[7] حوارات أجراها الباحث مع سكان من هذه المناطق بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، تاريخ 18-10-2018.
[8] محمد الباروت، العقد الأخير في تاريخ سورية/ جدلية الجمود والإصلاح، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط1 2010، ص 48.
[9] شركة شام القابضة، موقع الاقتصادي، رابط إلكتروني https://bit.ly/2MA8ezS
[10] شركة سورية القابضة، موقع الاقتصادي، رابط إلكتروني https://bit.ly/2BuhiQg
[11] محمد الباروت، العقد الأخير في تاريخ سورية/ جدلية الجمود والإصلاح، ص 49-51.
[12] هايكو ويمن، مسيرة سورية من الانتفاضة المدنية إلى الحرب الأهلية، مركز كارنيجي، تاريخ 22-11-2016، رابط إلكتروني https://bit.ly/2guLsVt
[13] مواجهات بين الشرطة والمواطنين في معربا، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، تاريخ 04-04-2006، رابط إلكتروني https://bit.ly/2NOpHR8
[14] عساف عبود، بعد مواجهات مع الشرطة، عودة الهدوء لبلدة الرحيبة السورية، بي بي سي العربية، تاريخ 03-06-2009، رابط إلكتروني https://bbc.in/2RX25gx
[15] أطلع الباحث على عدة تقارير أمنية بخصوص وضع المحليات بحكم عمله سابقاُ في مركز الشرق للدراسات التي كانت ترد إلى إدارته مثل هكذا تقارير، وبحوار تم بين الباحث وأحد مسؤولي المركز قال الأخير؛ أن عقلية المسؤولين عن الأجهزة الأمنية تحول دون إيصال الصورة الحقيقة للواقع إلى القيادة مخافة أن يؤثر ذلك على مناصبهم".
[16] عادل الطريفي، رأي الأسد في الاحتجاجات المصرية والتونسية، الشرق الأوسط، تاريخ 02-02-2011، رابط إلكتروني https://bit.ly/2AheAMO
[17] خضر خضور، الحروب المحلية وفرص السلام اللامركزي في سورية.
[18] للمزيد مراجعة، خضر خضور، إمساك نظام الأسد بالدولة السورية مركز كارنيجي، تاريخ 08-07-2015، رابط إلكتروني https://bit.ly/2EtgyOt
[19] اعتمد الباحث على متابعته لملف مدينة التل بحكم كونه من سكان المدينة.
[20] المرسوم رقم /214/ لعام 2018 القاضي بتحديد السادس عشر من أيلول المقبل موعدا لإجراء انتخاب أعضاء المجالس المحلية، موقع رئاسة مجلس الوزراء السوري، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Cr9oYq
[21] سمور إبراهيم، الرئيس الأسد يشكل اللجنة القضائية العليا للانتخابات، موقع سيريانديز، تاريخ 24-05-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2ypCjJp
[22] تتولى اللجنة القضائية العليا للانتخابات الإشراف على الانتخابات وتسمية أعضاء اللجان الفرعية وتحديد مقراتها والإشراف على عملها، وتسمية أعضاء لجان الترشيح الخاصة بالانتخابات وتحديد مقراتها والإشراف على عملها والإشراف العام على إحصاء نتائج الانتخابات وإعلان النتائج النهائية للانتخابات. أما بالنسبة للجان الفرعية المشكلة فيناط بها تحديد مراكز الاقتراع قبل سبعة أيام على الأقل من يوم الانتخاب بالتنسيق مع الرئيس الإداري، والإشراف المباشر على عمل لجان الترشيح المتعلقة بانتخابات مجالس الإدارة المحلية، وعمل لجان المراكز الانتخابية وقبول انسحاب المرشح لانتخابات مجالس الإدارة المحلية، وإعطاء الكتب المصدقة التي تمكن وكلاء المرشحين من متابعة العملية الانتخابية ومراقبتها والإشراف على إحصاء نتائج الانتخاب الواردة من مراكز الانتخاب في الدوائر الانتخابية التابعة لها والبت في الطعون التي تقدم إليها بشأن القرارات الصادرة عن لجان الترشح ومراكز الانتخاب.
[23] للمزيد مراجعة، الواقع الحوكمي وإعادة الإعمار في مناطق النظام السوري خلال شهر حزيران 2018، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ 12-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OyzYWB
[24] الإدارة المحلية والبيئة تستعد لانتخابات المجالس المحلية، جريدة تشرين، تاريخ 05-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2AEQoGE
[25] تتضمن شروط الترشح، كل سوري أتم الخامسة والعشرين وغير المدان بجرم جنائي أو شائن، والمتمتع بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك بالجنسية السورية منذ 10 سنوات، في حين تم استثناء الذين منحوا الجنسية السورية من المقيدين في سجلات أجانب الحسكة بموجب المرسوم 49 من هذا الشرط
[26] حوار أجراه الباحث مع أحد المنظمين للانتخابات المحلية بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، تاريخ المقابلة 15-10-2018.
[27] تم تصميم الجدول بناء على تقرير رسمي أطلع عليه الباحث عن حركة الترشح لانتخابات الإدارة المحلية، وقد تم إيراد الجدول مسبقاُ في تقرير الواقع الحوكمي وإعادة الإعمار في مناطق النظام السوري خلال شهر آب 2018، مركز عمران للدراسات الإستراتيجية، تاريخ 19-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2NX2NLk
[28] محمد منار حميجو، الخاسرون يطعنون بالنتائج خلال 5 أيام من صدور المراسيم والقرارات. جريدة الوطن، تاريخ 23-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Qyj6fu
[29] محمد منار حميجو، الناخبون الإناث أكثر من الذكور... القائد للوطن أكثر من 16.349 مليون مواطن يحق لهم الانتخاب لاختيار مرشيحهم، جريدة الوطن، تاريخ 12-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2yp6PDw
[30] إقبال ضعيف على انتخابات الإدارة المحلية في سوريا، الشرق الأوسط، تاريخ 17-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2MzS44U
[31] عضو في اللجنة القضائية للانتخابات: الناخب وحده من يتحمل مسؤولية وصول المرشحين!، موقع سناك سوري، تاريخ 19-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Ce0lKf
[32] 53 % نسبة المقترعين لانتخابات الإدارة المحلية في حماه، موقع سناك سوري، تاريخ 18-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2ITAgl8
[33] مرسومان بأسماء أعضاء مجالس المحافظات ومجالس مدن مراكز المحافظات الفائزين بانتخابات الإدارة المحلية، وزارة الإدارة المحلية وشؤون البيئة، تاريخ 03-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OCL7Wq
[34] فولكر بيرتس، الاقتصاد السياسي في سورية تحت حكم الأسد، ص 290
[35] سهيل بلحاج، بعث سورية لم يَعُد الحزب الحاكم، مركز كارنيجي، تاريخ 05-12-2012، رابط إلكتروني https://bit.ly/2yQ15C2
[36] للمزيد مراجعة، يزن شهداوي، كتائب البعث ... قوة جديدة لمقاومة الثورة، جريدة الحياة، تاريخ 06-06-2014، رابط إلكتروني https://bit.ly/2EzXUVe
[37] الأسد: البعث "نظف نفسه" والإسلام السياسي سقط، موقع البي بي سي العربية، تاريخ 25-02-2014، رابط إلكتروني https://cnn.it/2NLIRqN
[38] اجتماع موسع للجنة المركزية لحزب البعث، جريدة الوطن، تاريخ 23-04-2017، رابط إلكتروني https://bit.ly/2RZN3q6
[39] حل "القيادة القومية" بحزب البعث السوري وتشكيل مجلس جديد، عربي 21، تاريخ 15-05-2017، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Al6ByF
[40] للمزيد حول هذه التعديلات مراجعة، بيان اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، الصفحة الرسمية لحزب البعث على الفيس بوك، تاريخ 09-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2ySwKm6
[41] في سابقة تاريخية… حزب جبهوي ينسحب من الانتخابات، سناك سوري، 11-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2O7eRqh
[42] حوار أجراه الباحث مع أحد أعضاء حزب البعث بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، تاريخ 15-10-2018.
[43] تم الخلوص إلى هذا الاستنتاج عقب رصد قوائم الوحدة الوطنية وأعضاء المكاتب التنفيذية في عدد من مجالس الوحدات الإدارية.
[44] تعرّف على مهام منظمة "جهاد البناء" الإيرانية في دير الزور، تلفزيون سورية، تاريخ 16-05-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OAwJhx
[45] افتتاح منظمة جهاد البناء الايرانية مشفى لرعاية جرحى الدفاع المحلي بـحلب، الصفحة الرسمية لفيلق المدافعين عن حلب على الفيس بوك، تاريخ 13-12-2017، رابط إلكتروني https://bit.ly/2q488D8
[46] جرحى الدفاع الوطني يشكون عدم تسليمهم رواتبهم، موقع سناك سوري، تاريخ 09-01-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2PiOLEN
[47] استغلت إيران وموالوها علاقاتهم الشخصية مع المسؤولين المحليين والحزبيين لدعم ترشيحهم لانتخابات الإدارة المحلية، حيث تولت هياكل الحزب المحلية رفع الأسماء للقيادة المركزية ليتم إقرارها بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، حوار أجراه الباحث مع أحد أعضاء حزب البعث بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، تاريخ 15-10-2018.
[48] مجد الخطيب، ماذا تريد إيران من انتخابات الادارة المحلية؟، موقع المدن، تاريخ 16-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OUKpmJ
[49] يذكر هنا نجاح علي النبهان "قائد فوج النيرب-دفاع محلي" كعضو عن مجلس مدينة حلب عن حي النيرب، حيث كان لفوج النيرب وفيلق المدافعين عن حلب دور في متابعة الوضع الخدمي للحي والتواصل مع مجلسي مدينة ومحافظة حلب لمعالجة مشاكل الحي. مثال من متابعة قائد فوج النيرب لشؤون الحي خدمياً، https://bit.ly/2J6HjGX
ملخص تنفيذي
تركزت أولويات حكومة النظام السوري خلال شهر آب 2018 على الملفات التالية: تحديث المنظومة القانونية، عودة اللاجئين، مكافحة الفساد، التحضير لانتخابات الإدارة المحلية.
أنهى مجلس الوزراء دراسة التشريعات الصادرة في سورية، وذلك ضن خطة أعدتها الأمانة العامة لمجس الوزراء بهدف تهيئة البيئة القانونية لمرحلة "ما بعد الحرب"، حيث شملت الدراسة 949 تشريعاً صدروا في الفترة الممتدة منذ ما قبل 1970 لغاية 2018، لتخلص الدراسة إلى اقتراح تعديل 190 تشريع قانوني. ([1])
كما حظي ملف عودة اللاجئين بأهمية من قبل الفريق الحكومي تمثلت بإحداث "هيئة التنسيق لعودة المهجرين في الخارج"([2])، وتتألف اللجنة بموجب القرار من وزير الإدارة المحلية والبيئة رئيساً وعضوية معاوني وزراء الخارجية والمغتربين والداخلية والصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والإعلام وممثلين عن وزارة المصالحة الوطنية والجهات المختصة، هذا وقد عقدت الهيئة اجتماعها الأول منوهةً بعودة ثلاثة ملايين ونصف مهجر إلى مناطقهم في الداخل (دير الزور، الغوطة الشرقية، الرقة المحررة، حمص، حلب، القنيطرة).([3])
في ملف مكافحة الفساد، أقر اجتماع حكومي تطوير عمل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية، سيما فيما يتعلق بالهيكلية الإدارية وتدريب الكوادر البشرية وتقييمها وتأمين المباني والآليات والتجهيزات وتفعيل الأتمتة والربط الشبكي بين المركز والفروع، وتشكيل فرق عمل خاصة في كل من "الهيئة والجهاز" لتنفيذ مهام محددة وإعداد تقارير تتبع دورية عن جميع قضايا الفساد "قيد التحقيق" وإرسالها لمجلس الوزراء. هذا وأوضحت آمنة الشماط رئيسة الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش عن تفعيل قانون الكسب غير المشروع، الذي يطبق بشكل سري ولا يستطيع أحد الاطلاع على ذلك إلا الجهات المعنية فقط.([4])
في سياق مكافحة الفساد، كشف موقع موالي للنظام عن قضية فساد في صناعة الاسمنت تصل قيمتها إلى 5 مليارات ل.س (حوالي 11 مليون $) سورية، وهو ما أدى إلى توقيف كل من؛ مدير عام المؤسسة العامة للإسمنت ومدير إسمنت عدرا وعدد من المدراء والعاملين في معمل إسمنت عدرا.
بالانتقال إلى ملف الإدارة المحلية، واصلت وزارة الإدارة المحلية والبيئة دعمها لمجالس الوحدات الإدارية واقتصرت خلال شهر آب على دعم عدد من الوحدات الإدارية في محافظة طرطوس، كمساهمة من الوزارة في إنشاء البنى التحتية للمناطق الحرفية والصناعية في هذه الوحدات الإدارية، وقد توزعت المساهمة المالية بين 40 مليون ل.س (تقريباً 89 ألف $) لبلدة الروضة، و20 مليون ل.س لكل من بلدتي الصفصافة ودوير الشيخ سعد.
أما ملف انتخابات الإدارة المحلية، بلغ عدد طلبات الترشح لمجالس الإدارة المحلية 49096 مرشحاً في جميع المحافظات، تم قبول 41482 ممن استوفوا الشروط القانونية المنصوص عليها في اللوائح والقوانين الناظمة للانتخابات، وذلك بحسب ما أعلن عنه رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات.
أما بخصوص الناخبين، فقدرت الهيئة العليا للقضاء عددهم بــ 16.349.357 مليون ممن يحق لهم الانتخاب، توزعوا بين 8222701 ناخبة، و8126156 ناخب.
عدد المنشئات الصناعية والحرفية المنتجة في النصف الأول من 2018
توزع المنشئات العاملة في النصف الأول من 2018 بحسب القطاعات
تسعى حكومة النظام جاهدة إلى استقطاب الأموال ودفع عجلة النمو الاقتصادي، وفي مسعاها ذلك فإنها تراهن على معرض دمشق الدولي الذي سوف يعقد في أيلول 2018، وقد كشفت المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية عن مشاركة 46 دولة من أبرزها: روسيا وبيلاروسيا والهند وإيران، كما يقُدر عدد الشركات التجارية المشاركة بـــ 2000 شركة، من بينها وكالات من دول أوربية مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا.
كذلك تعمل حكومة النظام على تقديم تسهيلات لرجال الأعمال لإقامة مشاريع اقتصادية، وفي هذا الصدد صادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على تأسيس 8 شركات في شهر آب 2018 بحسب ما هو مرفق في الجدول، ليبلغ عدد الشركات المسجلة خلال النصف الأول من 2018 حوالي 859 شركة مقسمة بين: 432 سجلاً لشركات التضامن، و77 لشركات التوصية، 23 لشركات المساهمة، و327 لشركات محدودة المسؤولية.
تواصل العلاقات الاقتصادية السورية_ الروسية تطورها، حيث شهد شهر آب توقيع عدد من العقود الاقتصادية بين الجانبين من أبرزها:
كذلك من المقرر عقد الملتقى الثاني لرجال الأعمال السوري الروسي خلال فعاليات الدورة الستين لمعرض دمشق الدولي، ويتوقع أن يشارك بهذا المعرض 70 شركة روسية، ويضاف إلى ما سبق تقديم الجانب السوري مقترحاً لتحويل "جمهورية القرم" منطقة رئيسية للتجارة مع روسيا.
أما مع الجانب الإيراني، ما تزال المفاوضات جارية لتوقيع اتفاق التعاون الاستراتيجي طويل الأمد بين الجانبين، وقد أفاد معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لشؤون العلاقات الدولية عن إنجاز 75% من المسائل ذات الصلة بالاتفاقية، كما قام أمير أميني معاون وزير الطرق وبناء المدن الإيراني بزيارة إلى دمشق على رأس وفد اقتصادي، حيث التقى عدداً من المسؤولين السوريين كوزير النقل والأشغال العامة والإسكان ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وهيئة التخطيط والتعاون الدولي، وعن نتائج الزيارة:
تواصل الحكومة تنويع شراكاتها الاقتصادية وتمتين علاقاتها من الدول التي تعتبرها صديقة لها وفي هذا السياق، بحث وزير الصناعة مع السفير البيلاروسي في دمشق ووفد شركة ماز البيلاروسية، العرض المقدم من الشركة لإقامة خطي إنتاج للشاحنات والباصات في سورية. كذلك دعا سفير سورية في الهند الشركات الهندية ورجال الأعمال الهنود للمشاركة في الدورة 60 لمعرض دمشق الدولي.
واصلت حكومة النظام تركيزها على ملف مكافحة الفساد، في محاولة منها للرد على ما يثار حولها من شبهات بالفساد والتي تزايدت في الآونة الأخيرة، إلا أن تأكيد رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بخصوص سرية تطبيق قانون الكسب غير المشروع، من شأنه أن يقلل من مصداقية الجهود المبذولة لمكافحة الفساد، ويجعل منها عنواناً إعلامياً وأداة لتصفية الحسابات داخل الجهاز الحكومي.
فيما يخص انتخابات الإدارة المحلية، تدل المؤشرات القائمة على ضعف مصداقيتها ولامبالاة المواطنين تجاهها، وكذلك تفرد حزب البعث فيها بعيداً عن حلفائه في الجبهة الوطنية التقدمية، حيث لوحظ تضارب البيانات الصادرة عن اللجنة القضائية العليا للانتخابات بخصوص عدد طلبات الترشيح، حيث أعلن رئيس اللجنة عن استقبال 49096 طلب ترشح في جميع المحافظات([8])، ليعود ويعلن عن ترشح 55164 شخص لانتخابات الإدارة المحلية([9])، دون تفسير التباين في الأرقام المصرح عنها.
ولا يبدو بأن جهود النظام في حشد السكان للمشاركة في انتخابات الإدارة المحلية قد تكللت بالنجاح، وهو ما يمكن التدليل عليه بلامبالاة السكان تجاه الانتخابات سيما عقب إعلان البعث لقوائم "الوحدة الوطنية"([10])، ولعل عزوف المرشحين عن إطلاق حملات انتخابية([11]) وانسحاب بعضهم الآخر([12]) مؤشرين بأن النتائج قد حسمت مسبقاً ووفق ترتيبات معينة دون الحاجة لخوض غمار الانتخابات.
يبدو بأن حزب البعث قد حسم خياره بالاستئثار بمعظم مقاعد المجالس المحلية، وما يعنيه ذلك من تهميش لأحزاب الجبهة الوطنية، فعلى سبيل المثال تضمنت قائمة "الوحدة الوطنية" لمجلس مدينة اللاذقية 50 مرشحاً كان لحزب البعث 39 مقعداً في حين توزعت المقاعد المتبقية بين 7 للمستقلين و4 لأحزاب الجبهة الوطنية([13])، كذلك حظيت أحزب الجبهة الوطنية بمرشح واحد في قائمة "الوحدة الوطنية" لمجلس محافظة السويداء مقابل 44 مرشح لحزب البعث و8 مستقلين.([14])
قاد توجه البعث إلى تصعيد الخلافات بينه وبين حلفائه في الجبهة الوطنية، وهو ما ظهر جلياً بانسحاب مرشحي الحزب السوري القومي الاجتماعي من انتخابات الإدارة المحلية في محافظة السويداء رداً على قائمة "الوحدة الوطنية" الإقصائية التي أعلنها البعث([15])، ويمكن لهذا الموقف أن يتطور وينسحب على بقية أحزاب الجبهة وفي حال تحقق ذلك فإن ذلك من شأنه أن يعيد النظر بتجربة الجبهة الوطنية التقدمية.
خدمياً، أظهرت الوقائع تعرض عدة مناطق لأزمة مياه خانقة تمركز معظمها بمحافظة ريف دمشق كما في ضاحية الأسد وصحنايا والتل، كما برزت أيضاً في ريف حماة الغربي ومدينة حمص. وفي جانب آخر تزايدت شكاوى السكان من رفع أجور النقل في عدد من المحافظات كما في حي الورود (مساكن الحرس) في دمشق، كما استمرت أزمة القمامة في عدد من المدن والبلدات كما في جرمانا وحي المزة 86 في العاصمة وأشرفية صحنايا أيضاً، ولعل الأبرز ظهور أزمة وقود في عدد من المحافظات من أبرزها اللاذقية وطرطوس والتي أرجعها موظفو الحكومة لتهريب الوقود إلى لبنان.
إن توسع نطاق سيطرة النظام بدعم مباشر من حليفيه، دون إحكام السيطرة الكلية على الموارد الطبيعية (النفط، الغاز)، من شأنه أن يظهر محدودية القدرات المالية والحوكمية للنظام، سيما مع استمرار العقوبات الاقتصادية والإحجام الأممي عن تمويل عمليات إعادة الإعمار، الأمر الذي يعزز احتمالية تعرض مناطق سيطرته لأزمات خدمية أكثر حدة في المستقبل المنظور.
شهدت العلاقة بين النظام السوري ومجلس سورية الديمقراطي توتراً ملحوظاً في شهر آب بخلاف ما كان متوقعاً، وهو ما ظهر في وقف مسد لإمدادات النفط باتجاه مناطق النظام وكذلك الحد من عمليات تسليم القمح، واعتقال مرشحي الانتخابات المحلية([16]) والإعلان عن الإدارة الذاتية المشتركة في شمال وشرق البلاد([17])، ويشير التوتر القائم إلى فشل مفاوضات الطرفين في تحقيق اختراق فيما يتعلق بالملفات الإشكالية كاللامركزية وإدارة الموارد الطبيعية والخدمات، ويمكن إرجاع فشل المفاوضات إلى توضح أكثر لاستراتيجية الإدارة الأمريكية في سورية وانتقالها للضغط الاقتصادي والسياسي على النظام وحلفائه.
اقتصادياً، يتزايد اعتماد النظام على الجانب الروسي في توريد القمح، سيما في ظل تدهور الإنتاج السوري من القمح (انخفض بنسبة 60% منذ 2011 حيث كان يبلغ آنذاك 4 مليون طن)، حيث ارتفعت كميات القمح الروسية الموردة لسورية من 47 ألف طن في 2015 لتتجاوز مليوني طن بين بداية 2017 ومنتصف 2018 بحسب البيانات الحكومية. كما تشهد العلاقات الاقتصادية بين الجانبين الروسي والسوري تنامياً ملحوظاً معبراً عنه بعدد الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين خلال شهر آب، ولعل الملاحظ تنامي الانخراط الروسي في قطاعات اقتصادية خارج النفط والغاز والسياحة كالعقار والصناعة وكذلك الزراعة.
بالمقابل، ما تزال اتفاقية التعاون الاستراتيجية طويلة الأمد قيد التفاوض بين الجانبين السوري والإيراني، حيث تمارس إيران من خلال زيارة مسؤوليها المتكررة إلى دمشق ضغوطاً على النظام للتوقيع على هذه الاتفاقية والحصول على امتيازات واسعة تشمل ميناء بحري وسكك حديدية ومناطق صناعية وعقارية، الأمر الذي لا يلقى تأييداً واسعاً داخل أروقة صنع القرار في دمشق.
([1]) دانيه الدوس، تطوير تشريعات القطاع الحكومي بما ينسجم مع توجهات عمل الدولة ومشروع الإصلاح الإداري، تشرين، تاريخ 02-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2N2vQxC
([2]) إحداث هيئة تنسيق لعودة المهجرين في الخارج، تشرين، تاريخ 05-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2N2XVou
([3]) وضع رؤية مشتركة وخطة عمل لعودة المهجرين السوريين من الخارج، موقع وزارة الإدارة المحلية والبيئة، تاريخ 09-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2oWEVcM
([4]) محمد زكريا، هيئة الرقابة والتفتيش تؤكد أن قانون الكسب غير المشروع مطبق لكنه محاط بالسرية، جريدة البعث، تاريخ 02-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2CDMDlA
([5]) البيانات الواردة في الجدول بحسب تصريحات وبيانات اللجنة القضائية العليا للانتخابات.
([6]) الضريبة غير المباشرة: نوع من أنواع الضريبة التي يتم تحصيلها لمصلحة الحكومة من خلال وسيط، وتفرض على الإنفاق أو الاستهلاك أو المبيعات، وذلك على خلاف الضرائب المباشرة التي تُفرض على الدخل والأصول والأرباح.
([7]) الدخل التشغيلي: دخل المصرف المتأتي من صافي إيرادات الفوائــد وصـــافي إيرادات العمولات والرســـوم، وصافي الأرباح التشغيلية الناتجة عن تقييم العملات الأجنبيــة، ومن خسائر أو أرباح غير محققة ناتجة عن إعادة تقييم مركز القطع البنيوي، إضافة إلى أرباح موجودات مالية للمتاجرة أو متوافرة للبيع والإيرادات التشغيلية الأخرى.
([8]) انتخابات الادارة المحلية. أكثر من 49 ألفا إجمالي طلب ترشيح، جريدة البعث، تاريخ 02-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2oYAPRx
([9]) محمد منار حميجو، قبول 34500 طلب ترشح ما عدا ثلاث محافظا، جريدة الوطن، تاريخ 08-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2x1rtJ9
([10]) صحفيون ينتقدون مسار الانتخابات… سنضع ورقة بيضاء، سناك سوري، تاريخ 11-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2oX3jLl
([11]) محمد منار حميجو، فقر في الحملات الإعلانية لانتخابات الإدارة المحلية … الأخرس لـ«الوطن»: لم يصلنا إلا عدد قليل من طلبات الإعلان، جريدة الوطن، تاريخ 03-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2NFTC21
([12]) بعد صدور قوائم «البعث». مرشح للانتخابات ينسحب: «النتائج وضعت سلفاً» !، سناك سوري، تاريخ 09-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2N1TRVr
([13]) «البعث» يعلن قائمة اللاذقية. أحزاب الجبهة والمرأة نالوا من “الجمل أذنه”، موقع سناك سوري، تاريخ 09-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2QmX8gc
([14]) “البعث” يعطي حلفاءه مقعداً واحداً في قائمة “السويداء” التي وصفت بـ “الذكورية”، سناك سوري، تاريخ 08-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2CLiqBi
([15]) في سابقة تاريخية… حزب جبهوي ينسحب من الانتخابات، سناك سوري، 11-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2O7eRqh
([16]) «قسد» تعتقل مرشحين لـ «الإدارة المحلية» بالحسكة وتدعم داعش بدير الزور، جريدة الوطن، تاريخ 20-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2O8QybA
([17]) الإعلان عن تأسيس إدارة ذاتية كردية مشتركة في سوريا، موقع روسيا اليوم، تاريخ 06-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2NsNTfR
أعلن عن نتائج انتخابات الإدارة المحلية التي جرت منذ يومين دون أن تتضمن أي مفاجئات، حيث جرت ضمن السياق المعتاد بتدخل سلطوي فج وترتيب أمني دون أي اعتبار لرأي السكان المعنيين بها أو مصالحهم، فهي لم ولن تكون أبداً في ظل النظام القائم إلا أداة لتجميل السلطوية وإعادة ترميمها، وصولاً إلى تثبيتها من جديد عبر بناء شبكات المحسوبية والزبائنية وإخضاع المحليات للمركز، لتؤكد هذه الانتخابات بأن اعتبارات الاستقرار السياسي والمجتمعي مغيبة لصالح اعتبارات أمنية ومصلحية وما يعنيه ذلك من استمرار حالة اللااستقرار ومفرزاتها.
أعلن النظام بشهر حزيران عزمه إجراء انتخابات الإدارة المحلية في شهر أيلول، لينهي بذلك حالة تمديد ولاية وحدات الإدارة المحلية بموجب المرسوم التشريعي رقم 14 الصادر في 2016، وما بين الإعلان عن موعد الانتخابات وإجرائها قام النظام باتخاذ مجموعة من الإجراءات لضمان تحكمه بالعملية الانتخابية ومخرجاتها لتعزيز سلطويته وضمان تحكمه بإعادة الإعمار على المستوى المحلي كما المركزي، حيث لجأ إلى إعادة بناء شبكاته المحلية القائمة على ثلاثية الشيخ والبعثي والمخبر الأمني، واستلحاق آخرين ممن أفرزتهم سنوات الأزمة من ميليشاويين وتجار أزمات ومصالحين من خلال زيادة عدد مقاعد المجالس المحلية من 17588 إلى 18474، كما قام النظام بإعادة تشكيل المحليات عبر استحداث أخرى وتغير التوصيف الإداري لبعضها الآخر، ليرتفع بذلك عدد الوحدات من 1337 إلى 1444 وحدة إدارية ذات شخصية اعتبارية، وهو ما مكنه من إضعاف محليات واحتواء أخرى لطالما كانت معارضة له، فضلاً عن توظيف هذه المحليات لتنفيذ وشرعنة إجراءات تنظيمية وإدارية كالقانون رقم 10، كذلك توظيفها للتحكم الكلي بعملية إعادة الإعمار على المستوى المحلي كما المركزي في حال التوصل إلى اتفاق دولي لدعم عملية إعادة الإعمار وهو غير متحقق لغاية الآن.
عمل النظام على استغلال الانتخابات المحلية لتنشيط دور البعث من جديد من خلال دمجه بالمحليات إدارة وتوجيهاً وعضوية كما كان سابقاً، الأمر الذي ظهر من خلال هيمنة البعث على قوائم الوحدة الوطنية مقابل حضور خجل لأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ممن استنكر بعضها علناً التوجه الإقصائي للبعث كالحزب السوري القومي الاجتماعي، وعلى الرغم من كل الإجراءات لم ينجح النظام بحشد الدعم الشعبي لهذه الانتخابات والترويج الخارجي لها، كما لم يتمكن أيضاً من دفع السكان للمشاركة بها رغم الحملات الإعلامية واللقاءات الميدانية المكثفة التي قام بها ممثلوه في المدن والبلدات، وتجلى ما سبق بانخفاض عدد الترشح ونسبة الناخبين، حيث اضطر النظام إلى تمديد فترة الترشيحات مبرراً ذلك بإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن لاستكمال مستنداتهم القانونية، في حين رشحت أخبار عن طلب البعث من عناصره الترشح خلال فترة التمديد للتغطية على ضعف المشاركة الشعبية، وهو ما يفسر ارتفاع عدد المرشحين بشكل كبير من 1800 مرشح خلال الأيام الأولى للترشح ليصل إلى ما يقارب من 50 ألف مرشح بنهاية المدة القانونية للترشح، كذلك أظهرت العملية الانتخابية وبإقرار الكثير من مؤيدي النظام ضعف نسب المشاركة بها، حيث قرر الكثيرين مقاطعتها بشكل مسبق باعتبار النتائج محسومة لصالح قوائم البعث، كما تجاهلها آخرين من منطلق كونها مسرحية وبأنها لن تغير شيئاً من واقع محلياتهم.
لا يبدو بأن المجالس الوليدة عن هذه الانتخابات وأعضائها سيحدثون فرقاً في واقع المحليات، فهم نتاج ترتيب طغت عليه الاعتبارات الأمنية والمصلحية للنظام، كما لا يحظوا بمصداقية وشرعيتهم مثار تساؤل في ظل عزوف كثير من السوريين عن المشاركة بالانتخابات واختطاف هذه العملية من قبل البعث، والإقصاء المتعمد لشرائح معتبرة من المجتمع السوري من المشاركة بها من النازحين والمهجرين والمقيمين في مناطق لا تخضع لسيطرة النظام، كذلك لا تتمتع هذه المجالس وأعضاؤها بالصلاحيات الكافية لإدارة مناطقهم إذ يحتكرها ممثلو المركز كالمحافظ، ولا يتوافر لها التمويل الكافي للتصدي للاستحقاقات الخدمية لمحلياتهم وخدمة مصالحها، ليفرغ جميع ما سبق الانتخابات المحلية من مضمونها ويجعلها أداة لإنتاج السلطوية وإخضاع المحليات، وهو ما يفتح الباب مشرعاً لاستمرار حالة اللااستقرار ومفرزاتها.
المصدر السورية نت: https://bit.ly/2NSp39a
تتسارع الأحداث والترتيبات باتجاه اقتراب بدء النظام وحلفائه فتح معركة إدلب. كما تتباين فيها السيناريوهات المتوقعة بحكم اختلاف المقاربات الأمنية لفواعل الأستانة من جهة؛ واحتمالات المشهد العسكري وانزلاقاته المتوقعة من جهة ثانية. لذا يستعرض تقدير الموقف هذا السياق السياسي والعسكري المفضي لهذه المعركة؛ ويتلمس ويختبر ملامح التفاهم ما بين دول الأستانة وحدوده وأثره على تغليب إحدى السيناريوهات. كما يوضح هذا التقدير في هذا السياق المتسارع ملمح الخيار الأنجع للقوى والفواعل المحلية والمتمثل في تمتين الجبهة المحلية عبر الانتقال من صيغ الإدارة المحلية إلى صيغ الحكم المحلي المنضبط.
شكّل اجتماع سوتشي بمخرجاته في مطلع هذا العام انعطافة محورية في حركية العملية السياسية المتعثرة بالأساس؛ إذ حدد أولوياتها واختصرها بعملية دستورية وانتخابات كما أرادها الروس. إلا أن هذه الانعطافة سبقتها مُحددات سياسية فرضتها الدول الخمسة (أمريكا وفرنسا وبريطانيا والسعودية والأردن) في مخرج اللاورقة في باريس. ورغم أن مضمون اللاورقة لا يختلف مع الطرح الروسي إلا أنها أكّدت على مركزية الأمم المتحدة في هذه العملية واعتبرتها المرجعية الرئيسية بشكل يُعيق الطموح الروسي في استحواذه التام على المرجعية السياسية. وشكَّل ذلك التأكيد دافعاً إضافياً لروسيا للانتقال من مقاربة "حرف جنيف" إلى "أستنة جنيف" وذلك عبر استراتيجية "إنهاء فاعلية المعارضة المسلحة".
فمنذ معارك الغوطتين وجنوب دمشق وريفَي حمص وحماه وانتهاء معارك الجنوب؛ والروس ماضون في تطبيق حلولهم الصفرية على كافة الأراضي السورية؛ مُزينة بمصالحات شكلية مليئة بالارتكاسات؛ وتجعل الكُل "متهم وتحت الطلب". إن كثرة التصريحات حول إدلب ليست إلا استمراراً حثيثاً لما يُريده بالدرجة الأولى المخيال الروسي الذي يرتجي إنهاء الكُلفة السياسية للتدخل العسكري عبر إنجاز الحل السياسي وفق تعريف موسكو، على الرغم مما يُطرح من خطط ومراحل "السيطرة عليها" سواء في الأستانة أو حتى عبر منصاتهم الإعلامية أو البحثية؛ وفي اللقاءات الدبلوماسية والسياسية المعلنة منها وغير المعلنة.
رافق هذا السياق تثبيطاً روسياً لأهم الاستحقاقات السياسية التي ينتظرها السوريون (كملف المعتقلين وعودة اللاجئين)؛ وذلك عبر تحويل تلك الاستحقاقات إلى "تحديات حكومية خالية من الشرط السياسي" لتخفيف حدة الانخراط الروسي الذي يتزايد عمقه في البنية السورية. حيثُ تهدف موسكو فيما تدَّعيه من ضمانات تحقيق أمرين: المساندة المالية التي تتطلب مبالغَ يصعب على موسكو وحلفائها تأمينها بمفردهم؛ وتأسيس مناخات سياسية تؤمن انخراط "أعداء" النظام في عملية شرعنة نظام الأسد بشكل تدريجي وفق منطوق البراغماتية والواقع العسكري الجديد.
وفي هذا السياق؛ وضمن الحركية الروسية أعلاه؛ تتعامل موسكو مع ملف إدلب بدقة وترتيب حذر. فهي من جهة أولى ووفقاً لمنظور موسكو ستُشكل إعلاناً روسياً لانتهاء ثنائية الصراع العسكري بين النظام والمعارضة، وبالتالي تغيراً كاملاً في مُوجِّهات العملية السياسية إن لم يكن نسفاً كلياً لها والتكيُّف مع النظام وبدء التطبيع معه. كما تسعى الإدارة الروسية لفرض "مقاربات المصالحة" المحلية مع الفصائل كإطار قابل للتسويق وبديل "ناجع" عن جنيف. ومن جهة ثانية، تسعى موسكو لأن تكون "عودة السيطرة على إدلب" امتلاكاً لمداخل التنمية والتبادل التجاري المحلي والخارجي الذي من شأنه البدء في تذليل "عقبات ما بعد الصراع". ومن جهة ثالثة، سيكون لعودة السيطرة المتخيلة تلك إنهاء لـ"كوابيس الدرون" وما حملته من استنزافات روسية وتهديداً مستمراً لقواعدها وضباطها وجنودها.
ومن جهة رابعة ورئيسية، فهي بالمقابل تحمل في تداعياتها تعطيلاً محتملاً لمسار الأستانة بحكم تضارب المصالح مع أنقرة التي يفرض عليها أمنُها القومي عدم جعل تلك المنطقة منصّة تهديد لها يستخدمها الأسد وحلفاؤه كورقة ابتزاز دائمة. وتتعقد هذه التداعيات الأمنية خاصة أن مفاوضات النظام مع "الإدارة الذاتية" قد تُفرز "زواج مصلحة" بينهما لا سيما في ظل تأرجح الموقف الأمريكي. كما أن التقرُّب الروسي والإيراني مع تركيا نتيجة سياسات العقاب الأمريكية التي تمارسها واشنطن اتجاههم قد تخسرهم الطرف التركي كمساهم في ترتيبات المشهد الأمني في سورية، وهو أمرٌ سيكون له تبعات تعود بالسلبية على سياسة “جذب" تركيا لصالح "محور الصد".
تأتي قمة طهران بعد سلسلة من المؤشرات المُدللة على أولوية ملف إدلب في سياسة موسكو وحلفائها. ومن هذه المؤشرات بدء القصف الروسي على عدة مناطق (انظر الجدول رقم (1) في الملحق)، وزيادة التمترس التركي في قواعده وما قابله من نشر لنقاط روسية تفصل بين قواعد أنقرة العسكرية وخطوط تمركز النظام وحلفائه (انظر الخريطة رقم (1) في الملحق)، وتصنيف أنقرة هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، وتجهيزات وتحضيرات النظام والميليشيات الإيرانية لحرب كبرى وما استلزمته من حرب نفسية، والتصريحات الغربية والأمريكية المُحذرة من استخدام الكيماوي، واستعدادات المعارضة العسكرية. ودفعت هذه المؤشرات قمة طهران لتكون إطاراً دقيقاً لتحديد مستقبل هذه المحافظة. ومن ملامح هذا الإطار يمكن ذكر العنصرين الآتيين:
تأتي التفاهمات الحذرة تحت عنوان استمرار هدنة أو تمديد اتفاقية خفض التصعيد أو إعطاء أنقرة فرصة إضافية لترتيب المشهد في المحافظة أمنياً. وعليه فإن هذا التفاهم يتمحور حول تحديد خارطة الأهداف المتعلقة "بهيئة تحرير الشام" و"حراس الدين" بما لا يؤثر على مقاربات أنقرة الأمنية التي تعتبر إدلب خطاً دفاعياً متقدماً لمنطقتي درع الفرات وغصن الزيتون ومجالاً حيوياً أمنياً ينبغي ألا يخضع لسلطة الأسد. كما ترشح عن هذه القمة أيضاً عدة أمور منها تعهُّد تركيا بضمان عدم جعل هذه المنطقة منصة تهديد للقواعد الروسية؛ وإرساء تعاون استخباري تركي مع روسيا وإيران ضد "القوى الإرهابية"؛ وإنشاء نقاط عسكرية روسية في المناطق التي تتواجد فيها النقاط التركية ودخول النظام لها إدارياً وليس عسكرياً.
لا تزال ملامح التفاهمات التي تُديرها موسكو وأنقرة والمتعلقة بالأمور الإدارية والاقتصادية وبما يتصل بإجراءات تحييد الطرق والمعابر غير مكتملة نظراً لارتباطها بالعنصر الأول من جهة؛ ولتبعيتها بالترتيبات اللازمة لتنفيذ أي اتفاق. فمن جهة تركية يُراد لهذا التفاهم المحتمل أن يكون عناوين استقرار ودافع باتجاه حل سياسي شامل. ومن جهة روسية فهي لا تزال تُعلي من شروط الاختبار للتموضع التركي، إذ تُريده بحجم متفق عليه لا يُشكل "خطراً على النظام".
وفقاً للمتابعات الميدانية والسياسية؛ فإنه يُعتقد أن الترتيبات الناشئة حول إدلب هي ترتيبات شديدة القلق ومفتوحة الاحتمالات. فمعادلة إدلب (كمعركة فاصلة) يتم صياغة تفاهماتها الأمنية والعامة مع إغفال لأي أدوار مقاومة وصادة متوقعة حيالها. حيث تَعزز هذا الإغفال بحكم سرعة تدحرج مناطق معارضة ذات ثقل عسكري نوعي كالغوطة الشرقية ودرعا؛ ناهيك عن اعتقاد موسكو أن جبهة إدلب هي استمرارٌ لعملياتها العسكرية. وهنا نُؤكد على أن هذا الإغفال لا يتسم بالدقة والموضوعية؛ فمن جهة أولى؛ تتجهز المعارضة المسلحة لـ "معركة وجود" فلا ترحيل أو تهجير بعد إدلب؛ وخياراتها تبدأ وتنتهي بالمقاومة. وعزز هذا الأمر تلك الإجراءات المتبعة من الفواعل المحلية في إدلب للتصدي لحالات الاختراق التي كانت إحدى سمات المشهد في الغوطة ودرعا وريفَي حمص وحماه، ناهيك عن وجود المظلة الجامعة للعمل العسكري (الجبهة الوطنية للتحرير) وعمليات التحصين والهندسة العسكرية والتجهيز لاحتمالية الضغط العسكري في جبهات أخرى.
ومن جهة ثانية؛ لن تكون بهذا المعنى إدلب استمراراً لما يتخيله الروس للعمليات العسكرية ومسارها؛ حيث أن اعتماد النظام الواضح على الميليشيات الإيرانية سواء بشكل مباشر أو المجموعات التي باتت جزءاً من بُنية جيشه سيكون عنصر اختبار للسياسة الأمريكية "المهتمة" وفق ادعاءاتها بتحجيم إيران. وتدلل إشارات الموافقة الحذرة التي أبدتها واشنطن وبعض العواصم الأوروبية تجاه العمليات الروسية على صعوبة المهمة أمام هذه الحاضنة الاجتماعية والقوة النوعية في إدلب خاصة في ظل لجوء النظام وحلفائه للسلاح الكيماوي كسلاح فيصل.
ووفقاً لما تقدم؛ لا تخرج السيناريوهات المتوقعة تجاه إدلب عن ثلاثة؛ أولها عمليات دقيقة ومحدودة (وهي المرجحة) إلا أنها غير مضمونة النتائج؛ وثانيها تدهور التفاهمات الأولية والانزلاق لعمليات شاملة (الأقل ترجيحاً) وهو ذو كلف سياسية وعسكرية بالغة التعقيد تبدأ بانهيار محتمل لإطار الأستانة الذي استثمرت به موسكو ولا تزال وقد تصل تلك الكلف إلى مأساة إنسانية وتدحرجات عسكرية قد تفضي لتدخلات دولية؛ وثالثها إخراج إدلب من معادلات الصراع العسكري (وهو الأضعف نسبياً) لأنه ينتظر مؤشرات أمنية وسياسية لم تظهر بعد.
وفي هذا السياق تؤكد التصريحات الأمريكية والغربية المحذرة من "معركة إدلب" على ثلاثة أمور؛ أولها: الموافقة المبطنة فيما يخص أجندة عمليات الروس المعلنة والتي تدعي توجيه ضربات عسكرية تجاه هيئة تحرير الشام دون أن تُقدم لها أي تنازل يصب في صالح سوتشي على حساب جنيف؛ وثانيها والأهم هو الاستمرار في منح الروس "وكالة التسيُّد" في سورية الذي له عدة غايات منها ما هو "دعوة لاستمرار الانزلاق الروسي" ومنها ما له علاقة بتحقيق غايات مشتركة متمثلة "بمحاربة الإرهاب"؛ وثالثها مرتبط بترقُّب أمريكي لتحركات طهران الطامحة لملء الفراغ، وتخوف أوروبي من موجات لجوء ونزوح كبيرة.
على الرغم من المسارات القلقة المتوقعة للمعركة إلا أن هذا لا ينفي نجاعة مقاربة "تحويل الأزمة لفرصة". لقد دلَّل الزخم الثوري الذي رافق التطورات الأخيرة بشكل واضح تمسك الحاضنة بخيار الصمود؛ وهذا من شأنه تعزيز الدوافع النفسية للقوى العسكرية للمُضي باتجاه تبني سياسات دفاعية مُحكَمة وتحويلها لقدرة مستمرة وتدعيم شروط الفاعلية وتحسين الشروط المحلية وما تستلزمه من استجابات تنموية وحوكمية.
بناء عليه؛ ينبغي تدارُس خيار تحويل نمط الإدارة المحلية في إدلب إلى "حكم محلي منضبط"، وبصيغة أخرى استحضار أسئلة التحرير أواخر عام 2015 والبدء بتنفيذ سياسات ضبط تهدف بإطارها العام تثبيت الأمن والاستقرار المجتمعي، والبدء بتأسيس نظام حكم فعّال له معاييره وأدواته التنفيذية وأجندته الخدمية والاقتصادية. ولا يمكن أن تبدأ هذه العملية من دون إرادة سياسية محلية دافعة لتأطير التفاعلات المحلية في المحافظة المثخنة بالتحديات، مع مراعاة كسب الشرعية والقبول المجتمعي. وعليه يُقترح حزمة التوصيات التالية:
قد يبدو الانتقال إلى صيغ "نظام الحكم المحلي" فعلٌ يعتريه ضيق الوقت وحساسية الظرف التي تمر به المحافظة؛ إلا أن العمل بالتوازي على التأسيس لهذا الانتقال هو حاجة مستعجلة واستراتيجية في آن معاً؛ من شأنها تحسين خيارات المحافظة وتوسيع هوامش حركتها. إن التحدي الأبرز أمام هذا الانتقال هو أن يكون وفق فلسفة تلاقي المصالح مع الحليف التركي وتعزيز مساحات العمل الوطني؛ ناهيك عن عوائق تتمثل بالقدرة على تجاوز حالة الفصائلية، وتعزيز دينامية بناء الدولة الأقدر على تحقيق الأمن المجتمعي وتوفير الخدمات المنظمة للمجتمعات المحلية؛ ومدى استطاعة ونجاعة المكونات المحلية في إدارة المرافق العامة وتنمية الموارد الاقتصادية لتحسين مستوى المعيشة والدخل وعدم تدهور العجلة الاقتصادية، وصولاً إلى تشكيل نموذج تنموي نوعي.
ختاماً يمكن القول بأن كل الاحتمالات مفتوحة؛ إلا أن ملمح استمرار الاختبار والتوافق الأمني الحذر بين فواعل الأستانة سيكون له أثر ما خلال المرحلة المقبلة؛ دون أن يعني ذلك انتفاء احتمالية الانزلاق لمعركة شاملة في حال تعثر التوصل لاتفاق عام (سياسي وإداري). وأمام كل هذه التحديات لا مفر للقوى المعارضة من تعزيز شروط صمودها وقوتها وتدارس كل الخيارات وعلى رأسها ضبط مشهد التفاعلات الأمنية والعسكرية والإدارية والسياسية في إدلب وما تستلزمه من أطروحات نوعية.
جدول رقم (1) يوضح ضربات طيران الروسي والقصف المدفعي على مناطق إدلب وما حولها من 10 /آب حتى 10/أيلول
خريطة رقم (1) توضح نسب السيطرة والنفوذ في محافظة إدلب وتموضع القواعد والنقط الروسية والتركية
المصدر: وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية
تركزت حكومة النظام السوري أولوياتها خلال شهر تموز 2018 على ملفي؛ مكافحة الفساد وانتخابات الإدارة المحلية، حيث عقد خلال شهر تموز سلسلة من ورش العمل والاجتماعات الحكومية وغير الحكومية لمناقشة مكافحة الفساد ومنها:
كذلك واصلت الهيئات التشريعية والتنفيذية مراجعتها للتشريعات والقوانين السائدة ومنها: 1) إصدار القانون 27 الناظم بمهام وصلاحيات واختصاصات وزارة التنمية الإدارية ([1])، 2) تعديل أحكام قانون خزانة تقاعد المهندسين رقم 23 لعام 2005 ([2])، 3) مناقشة مشروع قانون يقضي بمنح مجلس الدولة صلاحيات تصديق العقود التي تبرمها الجهات العامة والتي تزيد قيمتها على 150 مليون ليرة سورية ([3])، 4) نشر مسودة قانون الاستثمار الجديد على موقع التشاركية لمجلس الوزراء ([4])، 5) إعداد قانون جديد للجمارك. ([5])
بالانتقال إلى ملف الإدارة المحلية، تواصل الهيئات التنفيذية والقضائية استعداداتها لإجراء انتخابات الإدارة المحلية المقررة في 16 من أيلول القادم، حيث فُتح باب الترشح لعضوية مجالس الوحدات الإدارية البالغ عددهم 18474 عضواً ينبثق عنهم 1444 مجلساً ([6])، وقد كشف سليمان القائد "رئيس اللجنة العليا للانتخابات" عن تلقي اللجنة 49096 ألف طلب ترشح لانتخابات الإدارة المحلية، بانتظار البت بقانونيتها من قبل اللجان القضائية المختصة بذلك. ([7])
وعن إجراء الانتخابات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أفاد القائد بتشكيل لجان لمحافظتي الرقة وإدلب في محافظة حماة من قضاة ينتمون للمحافظتين، وفيما يتصل بإجراء الانتخابات في المناطق التي تم استعادتها ولم يسمح لسكانها بالعودة إليها بعد، فأشار القائد بأن الوزارة مسؤولة لوجستياً عن تحديد المراكز بالتنسيق مع اللجنة كما حدث في الانتخابات التشريعية، منوهاً بأن شمول الانتخابات لمن هم خارج البلاد يقتصر على انتخاب رئيس الجمهورية. هذا وقد أصدرت الحكومة ووزارة الإدارة المحلية والبيئة عدة قرارات وإجراءات في إطار استعدادها للانتخابات منها: ([8])
واصلت وزارة الإدارة المحلية والبيئة دعمها للوحدات الإدارية خلال شهر تموز 2018، حيث بلغت قيمة الدعم المالي المقدم من الوزارة للوحدات الإدارية 240 مليون ل.س (550,485 $ على أساس سعر صرف 436 ليرة لكل $) كإعانات مالية توزعت بحسب الجداول البيانية المرفقة أدناه. ([10])
بجانب آخر، مدد مجلس الوزراء العمل بقرار تشكيل لجنة إعادة الإعمار التي يرأسها وزير الإدارة المحلية والبيئة لمدة عام.([11])
قطاعي التجارة والصناعة
تسعى الحكومة إلى إعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية مع كل من العراق ولبنان وكذلك مع الدول الأوربية سيما تلك الواقعة على حوض المتوسط، حيث عقدت قيادات سورية حكومية وبرلمانية اجتماعات مع السفير العراقي والمفوض فوق العادة لدى سورية سعد محمد رضا والوفد المرافق له، وقد تطرقت الاجتماعات إلى: 1) اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين البلدين المتوقع إنجازها خلال الفترة المقبلة، 2) إعادة فتح المعابر الحدودية وخاصة معبر البوكمال – القائم، 3) تفعيل حركة الطيران الجوية بين البلدين.
كما عقد وزير النقل المهندس علي حمود لقاء مع وزير الصناعة اللبناني حسين الحاج حسن على خلفية مشاركة الأخير في معرض "رجال الأعمال والمستثمرين في سورية والعام 2018" بناء على دعوة رسمية من قبل الحكومة السورية، وقد تطرق اللقاء بين الوزيرين إلى: 1) تفعيل التعاون والربط الطرقي والسككي بين البلدين وحركة النقل وتدفق البضائع، 2) العمل على إقامة وتفعيل عدد من المصانع المشتركة بين البلدين في المناطق الحدودية في الهرمل وبعلبك والقاع، 3) ملف النقل البري والطريق البري لإعادة التصدير من لبنان عبر المنافذ الحدودية، ومنها إلى الأردن والعراق ودول الخليج.
شارك وفد من مجلس الشعب برئاسة العضو فارس الشهابي رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة، في أعمال المؤتمر البرلماني لمنظمة التجارة العالمية في منطقة البحر الأبيض المتوسط حول تسهيل التجارة والاستثمارات في غرب البلقان والمنطقة المتوسطية المنعقد في العاصمة الصربية بلغراد، حيث تطرقت لقاءات الوفد السوري مع المشاركين في المؤتمر إلى؛ عمليات التقارب الأوروبية المتوسطية على الصعد الاقتصادية وقواعد منظمة التجارة العالمية وآثارها على المنطقة وقواعد التجارة المتعددة الأطراف والمفاوضات في اقتصادات البحر المتوسط.
تواصل الحكومة السورية مساعيها لتنشيط الحركة التجارية والاستثمارية واستهداف أسواق جديدة، وذلك من خلال تنظيم سلسلة من المعارض والمؤتمرات الاقتصادية منها:
فيما يتصل بالعلاقات بين سورية ودول العالم بما فيها الحلفاء، وافق مجلس الوزراء على إعفاء مستوردات القطاع العام من إيران من الرسوم الجمركية والضرائب والرسوم الأخرى لمدة ستة أشهر اعتباراً من بداية تموز ولغاية نهاية كانون الأول 2018 ([12])، كما وقع وزير التعليم العالي الدكتور عاطف نداف ومعاون وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي لشؤون التعليم في إيران باقر لاريجاني مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التعليم العالي والبحث الطبي ([13])، كذلك كشف مدير عام الخط الحديدي الحجازي عن تلقي المؤسسة عن طريق هيئة الاستثمار السورية عرضاً من شركة ميللي ساختمان الإيرانية لتنفيذ مشروع نقل الضواحي. ([14])
وعن العلاقة مع روسيا، يتواصل اعتماد حكومة النظام السوري على الجانب الروسي في تأمين القمح، كما يستمر تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين الطرفين وهو ما تفيد به المعطيات التالية:
هيمن شعار مكافحة الفساد والاستعداد لانتخابات الإدارة المحلية على جدول أعمال حكومة النظام خلال شهر تموز 2018، حيث تم إقالة عدد من المدراء العاميين العاملين في هيئات الدولة ومؤسساتها، كما تم عقد مجموعة من الاجتماعات الحكومية وغير الحكومية لمناقشة قضية الفساد وسبل مكافحته، ويمكن تفسير التركيز الحكومي على ملف مكافحة الفساد بعدة أسباب منها:
أما فيما يتعلق بالاستعداد لانتخابات الإدارة المحلية، يجب التنويه بداية بأنه قد تم تمديد فترة ولاية المجالس المحلية القائمة حالياً بمرسوم جمهوري في 2016، وعلى إثر تحسن الوضع الميداني للنظام وفي ظل ما يبدو بأنه تفاهمات سياسية غير معلنة ونصائح من الحلفاء، قرر النظام الدعوة إلى إجراء انتخابات لأعضاء المجالس المحلية في 16 من أيلول القادم، حيث تم تشكيل لجان قضائية لتنظيم العملية الانتخابية، وقد بلغ عدد طلبات الترشح بحسب اللجنة العليا للانتخابات 49096 طلب، يتنافسون على نيل عضوية 18474 مقعد، ينبثق عنهم 1444مجلس، في حين تنافس 42889 مرشح في انتخابات الإدارة المحلية على عضوية 17588 مقعد، شكلوا بمجموعهم عضوية 1337 وحدة إدارية.
بقراءة سياق الانتخابات المحلية، لوحظ انخفاض الإقبال على الترشح للانتخابات في الأيام الثلاثة الأولى من المدة القانونية، وقد فسرت الحكومة ذلك بعدم استكمال الراغبين بالترشح للأوراق والمستندات القانونية المطلوبة، ورغبة منها في تدارك ضعف الإقبال وإقراراً منها بذلك، قامت حكومة النظام عبر ممثليها وبالتعاون مع قيادات حزب البعث والموالين لها محلياً بإجراء لقاءات ميدانية مكثفة لحث الناس على الترشح، كما قامت الحكومة بحملة إعلامية على وسائل الإعلام السورية العامة والخاصة للترويج للانتخابات وأهمية المشاركة فيها، ومما يعزز الاستنتاج بضعف الإقبال على الترشح، تمديد عمل اللجنة القضائية العليا للانتخابات حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً من يوم 01-08-2018، ليظهر الفارق بشكل ملحوظ بين 1800 طلب ترشح في الأيام الثلاثة الأولى، وبين ما أعلن عنه من رقم بلغ 49 ألف طلب ترشح بنهاية المهلة القانونية للترشح.
هذا وقد سجلت محافظة اللاذقية أعلى عدد لطلبات الترشح بــ 9400 طلب، في حين سجلت محافظات درعا (1100)، الرقة (1500)، إدلب (1500)، دير الزور (1500) والسويداء (1616) أدناها، ويمكن تفسير انخفاض طلبات الترشح في هذه المحافظات بكونها لا تخضع بكليتها لسيطرة النظام كما في إدلب والرقة ودير الزور، كذلك بتواجد هيئات حوكمية فيها تتبع للمعارضة أو لمجلس سورية الديمقراطي، إضافةً لعدم نجاح شبكات النظام المحلية والحكومية والحزبية في حث السكان على الترشح في هذه المحافظات، كما يمكن اعتبار العامل الأمني والوضع العسكري سبباً مفسراً لانخفاض طلبات الترشح في درعا والسويداء، هذا ويعزز انخفاض عدد طلبات الترشح في محافظتي درعا وإدلب إمكانية اللجوء إلى التزكية في عدد من وحداتهما الإدارية دون الحاجة إلى إجراء انتخابات فيها، بشكل مماثل لما تم في عدد من الدوائر الانتخابية في انتخابات الإدارة المحلية لعام 2011، ومما يلفت الانتباه تقدم 3100 شخص بطلب ترشح في محافظة الحسكة التي تخضع بأجزاء واسعة منها لسيطرة قوات "قسد"، بما يعزز من احتمال تواجد تفاهمات بين النظام ومجلس سورية الديمقراطي بخصوص الانتخابات المحلية، الأمر الذي أفادت به إحدى المواقع الإخبارية المعارضة. ([18])
لا تزال الصورة غير واضحة من حيث خوض حزب البعث وأحزاب الجبهة الوطنية انتخابات الإدارة المحلية في قائمة موحدة أو بشكل منفرد، وذلك بحسب ما أفاد به مصدر في حزب البعث لصحيفة الوطن، ويمكن النظر إلى ما سبق كمؤشر على توجه البعث في المرحلة المقبلةـ، فقد يقرر البعث خوض الانتخابات منفرداً والاستئثار بالجزء الأكبر من أعضاء المجالس المحلية سيما مع هيمنته على مقاعد الفلاحين والعمال، بما يضمن له الهيمنة على المجالس المحلية وقراراتها وتوظيف ذلك للتحكم بمسار عملية إعادة الإعمار، فضلاً عن استخدام ذلك في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقد يؤدي هذا التوجه إلى تعزيز الانقسامات داخل الجبهة الوطنية بما يفسح المجال أمام سيناريوهات انهيارها أو بقائها بشكلها الصوري أو إنتاج تجربة ائتلافية جديدة. في حين يمكن قراءة تريث البعث بالإعلان عن قراره خوض الانتخابات منفرداً أو بالتحالف مع أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، باستمرار المفاوضات بينه وبين أحزاب الجبهة سيما في ظل ارتفاع مطالب بعضها بزيادة حصتها من عضوية مجالس وحدات الإدارة المحلية، نظراً لما قدمته من دعم للنظام خلال فترة الأزمة سيما الاشتراكيين والقومي الاجتماعي.
على الرغم من حملة الترويج المكثفة التي يقوم بها النظام لانتخابات الإدارة المحلية، إلا أنها تفتقد للشرعية والمصداقية، وتحتوي على مخالفات قانونية صريحة يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
خدمياً، اشتكى المواطنون في عدد من المدن والبلدات والبلديات من سوء الواقع الخدمي، حيث عبر أهالي حي الزهور في دمشق وجرمانا في ريف دمشق عن شكواهم من انتشار القمامة، كما انتقد أهالي قرية بسطوير في ريف جبلة من واقع الخدمات في قريتهم، كذلك اشتكى عدد من سكان مدن وبلدات ريف دمشق وقاطني الريف الشمالي الشرقي في السويداء من نقص مياه الشرب، ويمكن تفسير سوء الواقع الخدمي بمشاكل تتصل بالفساد في مجالس الإدارة المحلية وافتقادها للصلاحيات والتمويل، حيث اشتكى مجلس مدينة اللاذقية من نقص التمويل للازم لمكافحة القوارض والحشرات.
هذا وقد برزت مؤشرات على تفاهمات خدمية بين حكومة النظام ومجلس سورية الديمقراطية، ظهرت بشكل واضح في ملفات القمح والنفط والانتخابات المحلية، ويتوقع لهذه التفاهمات الخدمية أن تتوسع في المرحلة المقبلة سيما في ظل حاجة كل طرف إلى الآخر، إضافة إلى ما يبدو بأنه عدم ممانعة الجانب الأمريكي لهذه التفاهمات.
اقتصادياً، تؤشر بيانات التحويلات المالية الواردة إلى سورية بشكل واضح خلال السنوات القليلة الماضية عن مدى أهميتها في دعم النظام السوري اقتصادياً، حيث أسهم تدفق القطع الأجنبي من خلال هذه الحوالات في تأمين الحد الأدنى اللازم لاستمرار النشاط الاقتصادي، ومع ذلك يتوقع تراجع هذه التحويلات في المستقبل لعوامل مرتبطة بإقامة السوريين في دول الخليج، وغيرها من العوامل المرتبطة بوجود توجه دولي لإعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، وهو ما من شأنه أن يخلق ضغوط اقتصادية على حكومة النظام التي تسعى بشكل حثيث إلى إعادة تدوير عجلة الاقتصاد وتنشيط القطاعات الإنتاجية من خلال الترويج للفرص الاستثمارية، كذلك سعيها إلى تنشيط العلاقات الاقتصادية مع دول الجوار (لبنان، العراق، الأردن) والانفتاح على الدول الأوربية عبر رجال الأعمال، ورغم كل ما بذلته حكومة النظام من جهود في هذا الصدد، فإن قدرتها على تنشيط الحياة الاقتصادية تبقى محدودة لارتباطها بمجموعة من العوامل المتمثلة بــ:
([1]) فادي بك الشريف، بعد صدور قانون التنمية الإدارية.. سفاف لـ«الوطن»: آليات جديدة للعمل ورصد رأي المواطن بجميع الوسائل، جريدة الوطن، تاريخ 24-07-2018، رابط إلكتروني http://alwatan.sy/archives/159807
([2]) هناء غانم، مجلس الشعب يقرّ تعديل قانون خزانة تقاعد المهندسين، جريدة تشرين، تاريخ 04-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Mc5dlk
([3]) هناء غانم، بانتظار القانون .. منح مجلس الدولة صلاحية تصديق عقود تزيد على 150 مليوناً، تاريخ 12-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2n5JRv5
([4]) هناء غانم، دياب لـ«الوطن»: يقدم حوافز مدروسة ويوجه الاستثمارات نحو الأولويات … مشروع قانون الاستثمار الجديد على موقع التشاركية لنهاية تموز، جريدة الوطن، تاريخ 03-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OBmWE8
([5]) هناء غانم، «الوطن» تنشر النسخة الأخيرة لمشروع قانون الجمارك الجديد … الجمارك من مديرية إلى هيئة عامة، تاريخ 02-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2ODRCoA
([6]) تجدر الإشارة إلى أنه في انتخابات الإدارة المحلية عام 2011، تنافس 42889 مرشح على 17588 مقعد، يشغلون عضوية 1337 وحدة إدارية.
([7]) رئيس اللجنة القضائية العليا: أكثر من 49 ألفا إجمالي عدد طلبات الترشيح لمجالس الإدارة المحلية. وكالة سانا، تاريخ 02-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Kki3ME
([8]) «الإدارة المحلية والبيئة» تستعد لانتخابات المجالس المحلية، جريدة تشرين، تاريخ 05-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2AEQoGE
([9]) بلغ عدد الدوائر الانتخابية الخاصة بانتخاب مجالس المحافظات 85 دائرة انتخابية توزعت وفق الشكل التالي: تم تقسيم دمشق وريفها إلى 16 دائرة خمس في المدينة و11 في ريفها، تقسيم حلب إلى 15 دائرة أربع في المدينة و11 في ريفها، تقسيم حمص إلى 7 دوائر انتخابية واللاذقية 5 وطرطوس 7 ودير الزور 3 والحسكة 6 ودرعا 6 والسويداء 3، القنيطرة دائرة واحدة. بينما تعتبر كل محافظة دائرة انتخابية ما عدا محافظة حلب التي تقسم إلى دائرتين دائرة مدينة حلب ودائرة مناطق محافظة حلب، وذلك لانتخاب مجلس الشعب، بينما تعتبر أراضي الجمهورية العربية السورية دائرة انتخابية واحدة لغرض انتخاب رئيس الجمهورية والاستفتاء بحسب قانون الانتخابات العامة رقم 5 لعام 2014.
([10]) اقتصر الدعم المقدم من وزارة الإدارة المحلية في شهر تموز 2018 على تقديم إعانات مالية دون مساهمات مالية، حيث اقتصرت على مجلس مدينة الحسكة وكذلك على مجلس بلدة جنينة رسلان في محافظة طرطوس، وذلك بحسب البيانات الواردة على موقع وزارة الإدارة المحلية والبيئة.
([11]) تمديد العمل بقرار تشكيل لجنة إعادة الإعمار، موقع وزارة الإدارة المحلية والبيئة، تاريخ 04-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2vuqGik، يذكر بأن لجنة إعادة الإعمار قد أحدثت بقرار مجلس وزراء بتاريخ 2012 برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات – وزير الإدارة المحلية.
([12]) مستوردات العام من إيران بلا رسوم وضرائب لمدة ستة أشهر … الحكومة تعتمد مقترحات جهاز الرقابة المالية لتطوير شفافية المؤسسات، جريدة الوطن، تاريخ 23-07-2018، رابط إلكتروني http://alwatan.sy/archives/159654
([13]) مذكرة تفاهم للتعاون السوري الإيراني بمجال التعليم العالي والبحث الطبي، جريدة تشرين، تاريخ 03-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2MfjptO
([14]) فادي بك الشريف، مدير «الحجازي» لـ «الوطن»: شركة إيرانية تقدم عرضاً لتنفيذ قطار الضواحي … 13 ألف زوج لوحات سيارات مصنعة خلال نصف عام، جريدة الوطن، تاريخ 16-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2vbCPJG
([15]) عبير سمير محمود، تبعية أسواق الهال لمجالس المدن أكبر خطأ … الغربي لـ«الوطن»: تجار سوق الهال مافيات حقيقية، جريدة الوطن، تاريخ 26-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2LXuRNF
([16]) علي محمود سليمان، «مقايضة» بين الخضر السورية والقمح الروسي … الفلاحون باعوا «الحبوب» 245 ألف طن قمح بـ40 مليار ليرة، جريدة الوطن، تاريخ 18-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2O9eXNI
([17]) عماد نصيرات، تعاون مستقبلي مشترك بين محافظتي ريف دمشق وريف موسكو، جريدة تشرين، تاريخ 18-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Kqt3Ih
([18]) لقاء اللواء جايز موسى مع سيبان حمو، موقع فرات بوست، تاريخ 28-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2KnWeM6
تَركَّزَت أولويات حكومة النظام السوري خلال شهر حزيران 2018 على ملفات: الإصلاح الإداري والدعم الاجتماعي والإدارة المحلية، إضافة إلى ملف التربية والتعليم. وواصلت الحكومة تنفيذ "المشروع الوطني للإصلاح الإداري" الذي أعلن عنه بشار الأسد في حزيران 2017، بهدف تطوير عمل الجهات العامة ودعم الشفافية المؤسساتية وتحسين أداء الخدمة العامة ومكافحة الفساد. وفي هذا السياق أعلنت وزارة التنمية الإدارية قرب إطلاق "مركز دعم وقياس الإداء الإداري" ومن مهامه:
كذلك واصلت المؤسسات التشريعية والتنفيذية مراجعتها للتشريعات والقوانين السائدة ومنها؛ قوانين البيوع العقارية([1]) قانون الضريبة على المبيعات، قانون الضريبة الموحدة على الدخل، قانون العقود رقم 51([2])، إضافة إلى قيامها بإجراء تعديلات على القانون رقم 2 للعام 1993 الخاص بمكافحة المخدرات، وكذلك إصدار القانون رقم 24 لعام 2018 القاضي بتعديل بعض مواد قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 تاريخ 22-6-1949 والمتعلقة بإبرام عقود الزواج خارج المحاكم المختصة.
وقد أثارت بعض مشاريع القوانين المطروحة جدلاً واسعاً كــ "قانون مجهولي النسب" سيما فيما يتعلق بفقرتي الجنسية والدين، ليتم إخضاع القانون إلى تعديلات زادت من عدد مواده من 34 إلى 57 مادة، ثم إقراره من قبل مجلس الشعب([3]). واتهمت منصات للمعارضة السورية مشروع القانون بأنه غطاء قانوني لمنح أبناء المقاتلين من "الميليشيات الشيعية" الجنسية السورية، فضلاً أنه جاء بضغط من الدول الأوربية لمعالجة ملف أولاد قتلى "تنظيم الدولة الإسلامية" ممن يمتلكون جنسيات هذه الدول، وذلك للحيلولة دون عودتهم إلى أوروبا([4]).
وأصدر النظام السوري حزم دعم مالية واجتماعية استهدفت شريحة العسكريين والمدنيين العاملين في مؤسسات الدولة:
بالانتقال إلى ملف الإدارة المحلية، أصدر بشار الأسد المرسوم رقم 14 والقاضي بتحديد 16 من أيلول موعداً لإجراء انتخاب أعضاء المجالس المحلية، حيث سيتم تقديم طلبات الترشيح إلى لجان الترشيح القضائية المشكلة وفق قانون الانتخابات العامة لعام 2014، مع الإشارة إلى استثناء الحاصلين على الجنسية بموجب المرسوم التشريعي 49 لعام 2011 من شرط التمتع بالجنسية السورية منذ 10 سنوات([8]).
أعلن وزير الإدارة المحلية والبيئة العمل على إحداث وحدات إدارية جديدة وإعادة الوحدات التي تم دمجها خلال الانتخابات السابقة لوضعها السابق، كذلك تعديل توصيف بعض الوحدات الإدارية بعد تغير أوضاعها الاجتماعية وتزايد عدد سكانها، وضمن هذا التوجه تم إحداث 36 بلدية، 14 منها في محافظة ريف دمشق و22 في محافظة طرطوس ليرتفع بذلك عدد البلديات من 681 عام 2011 إلى 716 لغاية حزيران 2018.
واصلت وزارة الإدارة المحلية والبيئة دعمها للوحدات الإدارية خلال شهر حزيران 2018، حيث بلغت قيمة الدعم المالي المقدم من الوزارة للوحدات الإدارية 757.48 مليون ليرة سورية (1.683.222 $) توزعت بين؛ 332.48 مليون ليرة إعانات مالية و425 مليون ليرة كمساهمات مالية([9]). كما خصصت الوزارة مبلغ 825 مليون ليرة سورية لإعادة تأهيل المنشآت الصناعية، بينما بلغت قيمة الاستثمارات التي أنفقتها الوزارة خلال عامي 2016-2017 ما قيمته 234 مليار ليرة سورية، مع تخصيص مبلغ 2.5 مليار لتعويض النقص في آليات الوحدات الإدارية. وتجدر الإشارة بأن الاعتمادات المالية لوزارة الإدارة المحلية لغاية حزيران 2018 قد بلغت 52 مليار ليرة سورية (تقريباً 116$ مليون)([10]).
كلف مجلس الوزراء وزارات الاقتصاد والتجارة الخارجية والمالية وهيئة التخطيط والتعاون الدولي تكثيف التواصل مع الدول الصديقة، بهدف توسيع التعاون الاقتصادي والاستثماري والسياحي ووضع الأسس الناظمة لهذا التعاون في مرحلة إعادة الإعمار، إضافة إلى تبادل الزيارات بين رجال الأعمال والاتحادات وغرف التجارة والصناعة للاطلاع على المحفزات والمشاريع المطروحة للاستثمار.
وفي هذا السياق، قام وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية بزيارة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث أجرى عدداً من المباحثات مع المسؤولين الإيرانيين تركزت على: اتفاقية التجارة الحرة، التعاون المصرفي، الربط السككي، إعادة الإعمار، استثمار المناطق الحرة وسط سورية، وقد تمخض عن هذه الاجتماعات عدد من النتائج من أبرزها:
هذا وأفاد مصدر في المصرف التجاري السوري عن تخصيص إيران ما يقارب من 6 مليار دولار على شكل اعتمادات مالية بين أعوام 2012-2017 بغرض دعم التجارة مع سورية، وقد أفاد المصدر بأن قيمة السلع الإيرانية التي تم تصديرها إلى سورية بين 2012 ولغاية آب 2017 قد بلغت حوالي 1.313 مليار دولار، في حين لم تتجاوز واردات إيران من سورية خلال الفترة نفسها حاجز 91 مليون دولار، بمعنى أن الميزان التجاري الإيراني السوري يميل لصالح إيران بقيمة 1.222 مليار دولار([13]).
وفيما يلي استعراض أبرز نشاطات إيران في الاقتصاد السوري:
يتواصل تطوير العلاقات الاقتصادية بين سورية وروسيا، وهو ما تفيد به المعيطات التالية:
هذا وتسعى الحكومة السورية إلى تنشيط الحركة التجارية واستهداف أسواق جديدة، وذلك من خلال تنظيم سلسلة من المعارض والمؤتمرات الاقتصادية منها:
كذلك شاركت سورية بمعرض بيونغ يانغ الدولي من تنظيم المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية بالتعاون مع السفارة السورية في بيونغ يانغ، حيث ضم الجناح السوري نماذج عن بعض الصناعات الغذائية والشرقية من موزاييك وبروكار والمطرزات الفنية.
تعول الحكومة السورية على رجال الأعمال في تنشيط الحركة الاقتصادية والالتفاف على العقوبات المفروضة عليها، كما تحاول الحكومة استقطاب فئة رجال الأعمال الذين غادروا سورية بسبب الأزمة. وفي هذا السياق التقى رئيس الحكومة عماد خميس وفداً من رجال الأعمال السوريين المقيمين بمصر([16]). وقد تم التوافق بين الطرفين على: إحداث مركز صادرات سوري مصري مشترك، تفعيل مجلس الأعمال السوري المصري وعمل المكتب الاقتصادي في السفارة السورية في مصر، وتشكيل معرض دائم للسلع السورية على أرض مدينة المعارض في دمشق، تعزيز دعم المعارض الخارجية بما يساهم في توسيع أسواق التصدير، تقديم تسهيلات للصناعيين المتعثرين الحقيقيين لإعادة إقلاع منشآتهم وتسهيل استيراد المواد الأولية اللازمة لدعم الصناعة واستقرارها.
يُسوق النظام السوري لانتهاء الأزمة وقدرته على التعاطي مع تداعياتها، ويحاول توكيد ما سبق من خلال إظهار قدرة الدولة وفرض هيبتها من جديد، الأمر الذي يفسر تركيزه على عملية الإصلاح الإداري لمؤسسات الدولة لمعالجة ما لحق بها من خلل خلال سنوات الأزمة، فضلاً عن استغلال إجراءات الإصلاح الإداري لمكافأة الموالين والتخلص بمن يشك بولائهم بذريعة مكافحة الفساد. كما يسعى النظام إلى فرض هيبة الدولة من جديد وهو ما يفسر الإجراءات التي اتخذها بحق العديد من الميليشيات المحلية التي قاتلت إلى جانبه في وقت سابق. أما أهدافه من ذلك فتتمثل بــ: 1) قطع الطريق أمام أي مراكز قوى ناشئة بفعل الأزمة لتشكل مصدر تهديد له، 2) توجيه رسالة للمجتمع الدولي بأن الدولة ومن خلالها فقط يتم الإصلاح وإعادة الإعمار، وما يعنيه ذلك حكماً من قطع الطريق أمام أي طروحات جدية للتغير في سورية.
يُدرك النظام حجم المطالب التي ستواجهه في الفترة المقبلة، وعدم قدرته على التعاطي معها جميعاً لافتقاده للأدوات والمؤسسات والتمويل اللازم. من هنا يحاول النظام تجزئة المطالب ومحاولة استرضاء شرائح محددة بسياسات دعم وامتيازات اقتصادية واجتماعية. وقد تجلى ما سبق بزيادة النظام رواتب العاملين في المؤسسة العسكرية، وإقرار تشكيل صندوق الرعاية الاجتماعية الموجه للعاملين في مؤسسات الدولة ممن تضرروا خلال الأزمة. هذا وقدرت بعض المصادر كتلة الزيادة بنحو 30 مليار ليرة سورية (تقريباً 76 مليون دولار) ([17])، علماً بأن كتلة الرواتب للعاملين في الدولة تقدر بــ 900 مليار ليرة سورية (2 مليار دولار)، أي ثلث الموازنة بحسب ما أفاد به وزير المالية السوري مأمون حمدان([18]).
هذا وقد أثار مرسوم الزيادة استياء العاملين في جهاز الشرطة لاستثنائهم من هذه الزيادة([19]). كما أثار استياء العاملين في مؤسسات الدولة لعدم شمولهم بهذه الزيادة، الأمر الذي يظهر عدم قدرة حكومة النظام على التعاطي مع هذه المطالب، ومقدار ما تُشكله الاستجابة لهذه المطالب من ضغط على مواردها المالية المحدودة.
شكل إعلان النظام إجراء انتخابات محلية في أيلول القادم مفاجأة باعتبار ما يقارب من ثلث البلاد خارج سيطرة النظام. وتُشير بعض المصادر بأن تحديد الموعد جاء بناء على تصور بإمكانية توسع سيطرة النظام بدعم من حلفائه، وتفاهمات سياسية ينتظر أن تتبلور في المرحلة المقبلة في الشمال والشرق سيما مع استثناء الكرد المجنسين من شرط تمتعهم بالجنسية السورية لمدة 10 سنوات. ويسعى النظام من خلال إجراء انتخابات محلية إلى تحقيق عدة أهداف منها:
هذا وتُشكل الانتخابات المحلية فرصة لإيران لأن تُشرعن دور القوى الموالية لها، سيما في ظل انخراطها المكثف في ملف الإدارة المحلية في عدد من المناطق عبر تقديمها للخدمات الأساسية والتأثير على عملية صنع القرار على المستوى المحلي. ومن أمثلة ذلك، نشاط فيلق المدافعين عن حلب، وكذلك نشاط منظمة جهاد البناء.
تستبق وزارة الإدارة المحلية والبيئة إجراء الانتخابات المحلية بإعادة النظر بالتقسيمات الإدارية وهو ما ظهر راهناً في محافظتي ريف دمشق وطرطوس. ويُثير تشكيل هذه البُنى تساؤلات حول الغاية منها في ظل عدم قدرة الوحدات الإدارية القائمة والتي فصلت عنها عن أداء مهامها الأساسية لافتقارها التمويل والكوادر واعتمادها على المركز لتأدية وظائفها وتمويل مشاريعها. هذا ويمكن وتفسير هذا التوجه بمحاولة الحكومة التأثير على مسار الانتخابات المحلية من خلال إضعاف الوحدات الإدارية التي كانت تتبع لها الوحدات الإدارية المحدثة.
تؤشر زيارة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية لإيران وطبيعة المباحثات التي عقدها مع مسؤوليها، إلى وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين لتكون جاهزة للتوقيع خلال الفترة المقبلة، وتفيد بعض المصادر باحتمالية أن يتم ذلك خلال زيارة مرتقبة للأسد إلى إيران في الفترة المقبلة.
بالمقابل تستمر العلاقات الاقتصادية بين روسيا وسورية بالتطور، مدعومة بتوجه حكومي لدى كلا البلدين لتعزيز الروابط الاقتصادية بينهما، إضافة إلى الدور البارز الذي يقوم به رئيس مجلس الأعمال الروسي-السوري سمير الحسن والذي استطاع تجديد ولايته كرئيس لمجلس الأعمال في الانتخابات التي حصلت مؤخراً لانتخاب أعضاء ورئيس المجلس. كما تستمر روسيا بالاستحواذ على الفرص الاقتصادية في سورية، وتأكيد احتكارها لاستثمار القطاعات الإنتاجية المربحة كالفوسفات والطاقة.
([1]) توضيح من وزارة المالية بخصوص مشروع القانون القاضي بتعديل قانون البيوع العقارية، موقع دام برس، تاريخ 26-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2MWaGwx
([2]) قانون البيوع العقارية يصل قريباً إلى مجلس الشعب، موقع الاقتصادي، تاريخ 24-06-2018. رابط إلكتروني https://bit.ly/2zoXRJo
([3]) مجلس الشعب يتابع مناقشة مشروع قانون مجهولي النسب، موقع مجلس الشعب، تاريخ 13-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2KZso1s
([4]) يمان نعمة، قانونيون لـ"عربي21": هذه خفايا قانون "مجهولي النسب" بسوريا، عربي 21، تاريخ 19-06-2018. رابط إلكتروني https://bit.ly/2KWJM7c
([5]) تفاصيل مرسوم زيادة رواتب الجيش السوري 2018، موقع مراسلون، تاريخ 04-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2zgFHsZ
([6]) عبد الهادي شباط، «المالية» لـ«الوطن»: يستهدف جرحى الحرب حتى من الموظفين … لجنة لإدارة صندوق الرعاية الاجتماعية خلال أيام، تاريخ 19-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2KTgupU
([7]) تم ترميم 60 مدرسة من أصل 204 في الغوطة الشرقية، كما تم ترميم 14 في منطقة دبسي عفنان مع العمل على ترميم 20 في منطقة السبخة مع إعداد الوزارة دراسة لترميم 30 في منطقة معدان بتمويل من اليونيسيف.
([8]) منح المسجلون في سجلات أجانب الحسكة الجنسية العربية السورية وقد قدر آنذاك عدد طلبات الجنسية بـــ 105152.
([9]) الإعانة المالية تُمنح بقرار من وزيري المالية والإدارة المحلية كمعونة خاصة لمرة واحدة، أما المساهمة المالية فهي كتلة نقدية تقدم من وزارة الإدارة المحلية كدعم للموازنة المستقلة للوحدة الإدارية http://alwatan.sy/archives/141228
([10]) قيمة الاعتمادات المالية لوزارة الإدارة المحلية والبيئة، موقع رئاسة مجلس الوزراء السوري على وسائل التواصل الاجتماعي، تاريخ 04-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2KY7C2p
([11]) تتألف اللجنة المركزية من معاون وزير الصناعة نضال فلوح رئيساً وعضوية كل من رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس ومدير الاستثمار الصناعي بوزارة الصناعة محمد بشار زغلولة، بينما تتألف اللجنة الفرعية في محافظة ريف دمشق من مدير صناعة ريف دمشق محمد فياض رئيساً وعضوية كل من ياسر السعيد من مديرية صناعة ريف دمشق وأمين جمارك المنطقة الحرة عيسى الزين، ومعن علي من المديرية العامة للجمارك، وأكرم الحلاق وضياء البغدادي من غرفة صناعة دمشق وريفها. أما اللجنة الفرعية في دمشق فتضم: من مدير صناعة دمشق ماهر ثلجة رئيساً وعضوية كل من نهاد ديب من مديرية صناعة دمشق وأحمد نداف وعقبة سلامة من المديرية العامة للجمارك وماهر الزيات ومروان اليسقي من غرفة صناعة دمشق وريفها.
([12]) وافقت رئاسة مجلس الوزراء على تأسيس مصرف "الأمان" كمصرف سوري إيراني مشترك، وذلك كشركة مساهمة سورية برأس مال يبلغ 1.5 مليار ليرة سورية، قسم رأس مال المصرف على ثلاثة ملايين سهم قيمة السهم الواحد منها 500 ليرة سورية ويساهم بنك "صادرات إيران" بنسبة 25٪ من رأس المال، وشركة "غدير للاستثمارات" بنسبة 16٪ وشركة "سايبا الايرانية" بنسبة 8٪. كما يساهم رجل أعمال سوري بنسبة 5٪ من رأس المال أما القطاع العام المصرفي والمالي في سورية يساهم عنه المصرف التجاري السوري بنسبة 25٪ من رأس المال على أن يتم طرح الأسهم المتبقية من رأس المال على الاكتتاب العام
([13]) نور ملحم، إيران تدعم الاقتصاد السوري بـ6 مليار دولار/ موقع هاشتاغ سورية، رابط إلكتروني https://bit.ly/2MQYUTW
([14]) تبلور ملامح التوجه شرقاً عبر بوابة وزارة الاقتصاد وتعويل على إحداث نقلة نوعية على صعيد التعاون الاقتصادي بين سورية وإيران، جريدة البعث، تاريخ 20-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Nv6WmF
([15]) جوناثان سول وبولينا ديفيت، شبه جزيرة القرم شريان يزود سوريا بالغذاء، رويترز، تاريخ 21-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2NyhXUd
([16]) تقدر بعض المصادر قيمة الرأسمال السوري بمصربــ 23 مليار دولار، وتواجد نحو 30 ألف رجل أعمال سوري في مصر، للمزيد مراجعة، «خالدون الموقع» رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين، موقع الوفد، رابط إلكتروني https://bit.ly/2NyLL33
([17]) عدنان عبد الرزاق، الأسد يزيد رواتب العسكريين ويحرم المدنيين، موقع العربي الجديد، تاريخ 05-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Nv7c5c
([18]) الأسد يرفع رواتب العسكريين والمتقاعدين منهم، موقع الاقتصادي، تاريخ 05-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2m1eykx
([19]) امتعاض في أوساط الأمن و الشرطة بعد مرسوم بشار الأسد الأخير. موقع عكس السير، تاريخ 10-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2zjpcMT
نشاط محموم تقوده الحكومة السورية لإعادة النظر بالتقسيمات الإدارية القائمة بعدما عبثت بها الحرب، مدفوعة باعتبارات سياسية وأخرى تتصل بإعادة الإعمار، وتلقى هذه المساعي دعماً من قبل مراكز نافذة في النظام وأخرى محسوبة عليه، كما تجد صدى لدى الدول الداعمة له، كذلك لدى تلك المتوقع أن تتعهد فاتورة إعادة الإعمار.
وما الحديث عن تشكيل مدن جديدة ومنها مدينة القلمون، وتسريع وتيرة إصدار المخططات التنظيمية للوحدات الإدارية وإعادة إحياء مقترحات سابقة في هذا الصدد، إلا مؤشرات على التوجه الجديد للنظام والذي من المتوقع أن يتبلور بشكله الأوضح بنظام الأقاليم بمفهومه الإداري وليس السياسي بحسب بعض المصادر.
يتردد في الآونة الأخيرة ميل النظام إلى اعتماد نظام الأقاليم إدارياً وليس سياسياً وذلك لإعادة تنظيم الإدارة المحلية التي عبثت بها الحرب. ومن المتوقع إحداث أقاليم يتراوح عددها بين خمسة وسبعة أقاليم، يضم كل منها محافظات تتبع لها مجموعة مدن تضم نواحي مقسمة إلى بلدات وقرى. وما يعزز من صحة هذه التكهنات وجود مشاريع سابقة قبيل الأزمة لإحداث وحدات إدارية جديدة على مستوى المحافظات كريف حلب وتدمر والقامشلي، إضافة إلى تزايد الحديث عن إحداث وتشكيل مدن جديدة ضمن الرؤية السابقة كما ظهر في مقترح "مدينة القلمون"، والتي ستتشكل من دمج ثلاث وحدات إدارية هي؛ النبك ودير عطية وقارة.
تتلاقى توجهات النظام الجديدة مع مصالح رجل الأعمال المعروف رئيس مجلس إدارة "شركة النبراس القابضة" سليم دعبول، الذي يقود حملة على الصعيدين الرسمي والشعبي لتبني المقترح وتفعيله. واستغل دعبول زيارة وفد حكومي برئاسة رئيس الوزراء للمنطقة لعرض المقترح.
كما تشير المصادر إلى توقيع عريضة من قبل رؤساء بلديات المدن والبلدات المقربة من دعبول للمطالبة بتشكيل "مدينة القلمون" ومركزها دير عطية، فضلاً عن الترويج لمشروعه على الصعيد الشعبي من خلال إبراز إيجابيات المقترح من قبيل تخفيف العبء على المواطنين في ما يتعلق بإنجاز معاملاتهم الرسمية، وإقامة مشاريع تنموية كإنشاء سكة حديد تجمع البلدات والنواحي التي ستتبع للمدينة الجديدة من جهة، وبين باقي مدن القلمون والعاصمة من جهة أخرى، وتأسيس مدينة صناعية خامسة على مستوى سورية، وجر مياه نبع العاصي للمنطقة، إضافة إلى فتح معبر جديد بين القلمون ولبنان، كذلك تأسيس شركة لتكرير النفط والغاز من الحقول الثلاث القائمة في المنطقة وهي: البريج ودير عطية وقارة، والتي تُقدر احتياطاتها من الغاز الطبيعي بحسب وزارة النفط والثروة المعدنية السورية بـ20 مليار متر مكعب.
أثار المشروع الجديد حفيظة أهالي مدينة النبك وبلدة قارة ولكل منهم أسبابه، ويعتبر أهالي مدينة النبك أنفسهم الأحق تاريخياً وإدارياً بأن يكونوا مركزاً للمدينة المقترحة لا دير عطية، بينما يتخوف أهالي قارة من تجيير المزايا التنموية والاقتصادية الناشئة عن استغلال الغاز لصالح دير عطية.
وأمام هذه التحفظات ارتأت محافظة ريف دمشق بحسب المصادر تعليق مقترح رؤوساء البلديات وإحالته لمزيد من الدراسة، في حين يجري العمل على طرح حلول توفيقية لتجاوز هذه التحفظات من قبيل إيجاد مركز "مدينة القلمون" بالتوسط بين الحدود الإدارية للنبك ودير عطية. وتشير التوقعات الى أن المشروع سيجد طريقه للنور في ظل الحظوة التي يتمتع بها دعبول لدى النظام.
كذلك يعزز تسريع النظام لإصدار المخططات التنظيمية للوحدات الإدارية وإعادة النظر بما كان قائماً من واقعية التكهنات السابقة. وفي هذا الصدد أفادت "صحيفة الوطن" السورية بإحداث مناطق تنظيمية جديدة بمرسوم بناء على اقتراح من وزير الإدارة المحلية في المحافظات على غرار ما تم في منطقة "خلف الرازي" في دمشق، كذلك حديث معاون وزير الإدارة المحلية لؤي خريطة، عن مقترحات لدراسة تنظيم داريا وإدخاله ضمن تنظيم دمشق.
يتوخى النظام من إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية تحقيق أهداف سياسية بالدرجة الأولى، إذ يستهدف تفتيت مراكز ثقل المعارضة في المحافظات التي شهدت حركة احتجاجات واسعة ضده، وكذلك العمل على إيجاد ثقل تمثيلي في أي انتخابات محلية أو تشريعية مستقبلية؛ "مجالس الأقاليم" و"جمعية المناطق"، و"مجلس الشعب" أو "الجمعية التشريعية". بما يحول دون قدرة ممثلي مراكز المعارضة على تمرير مشروعات لا تتوافق مع المركز أو الاعتراض على تلك التي يريدها المركز. هذا بالإضافة إلى استيعاب الضغوط الروسية فيما يتعلق برؤيتها لـ"اللامركزية" الواردة في مقترحها للدستور السوري، والانفتاح على الأوربيين عبر إبداء مرونة في طرح ملف اللامركزية، واستغلاله لحثهم على الانخراط في دعم هذه العملية من بوابة "إعادة الإعمار". هذا علاوةً على استمالة ممثلي الأكراد وقطع الطريق على أي مقترحات أميركية منفردة بهذا الخصوص، عبر التلويح بمنح الأكراد إقليماً إدارياً معترفاً به دستورياً.
إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية وتبني رؤية جديدة لامركزية لإعادة ربط الجغرافية السورية ببعضها، ومعالجة إشكالية علاقة المركز بالأطراف وضمان مصالح وحقوق المجتمعات المحلية بالتكامل مع المركز، مطلب لكل السوريين كما أن هذه العملية ملكهم جميعاً. ومن شأن احتكار هذا الملف من قبل فريق دون آخر وإخضاعه إلى اعتبارات التوظيف السياسي والمحاصصات المصلحية، أن يجرد أي رؤية لامركزية من قيمتها وشرعيتها.
المصدر جريدة المدن الإلكترونية: https://goo.gl/XiB9CR
أجرى مركز عمران بالتعاون مع مؤسسة إحسان للإغاثة والتنمية استطلاع لرأي المجالس المحلية في مناطق سيطرة فصائل المعارضة، شمل 170 مجلس بين مقيم ومهجر من أصل 470، وذلك في المحافظات السورية التالية: ريف دمشق، درعا، القنيطرة، حلب، إدلب، حمص، حماة، خلال شهر أيلول من عام 2017.
تناول الاستطلاع المالية المحلية للمجالس وأدائها في هذا الصدد، وذلك من خلال استعراض آلياتها في إعداد الموازنة المحلية ومصادر تمويلها واتجاهات الانفاق المحلي فيها، كذلك التطرق إلى منظومة الرقابة المالية القائمة لدى المجالس، كما تناول الاستطلاع توصيف المجالس من حيث آليات تشكيلها وخصائص قياداتها وطبيعة دورها، وقد خلصت نتائج استطلاع رأي المجالس إلى عدد من النتائج، كان أبرزها:
تعمل وحدات الإدارة المحلية على رسم سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والتنموية المتوافقة مع مصالح ومطالب مجتمعاتها المحلية، ولكي تتمكن تلك الوحدات من ممارسة وظائفها وتحقيق أهداف سياساتها المعتمدة، فإنها تحتاج إلى إدارة مواردها المالية بكفاءة تجنباً للهدر واتقاءً للعجز المالي الذي يؤثر سلباً على وظائفها وحتى استمراريتها. انطلاقاً مما سبق يحظى التمويل المحلي بأهمية متزايدة في دراسات الإدارة المحلية، سيما مع تنامي توجه الحكومات المركزية لمنح الوحدات المحلية صلاحيات أوسع في إدارة شؤونها، إضافةً إلى تقليص تمويل تلك الحكومات للوحدات المحلية في ظل سياسات التقشف التي تتبعها، وهو ما يوجب على وحدات الإدارة المحلية العمل على تنمية مصادرها الذاتية وتعزيز أدائها المالي سعياً منها للقيام بأدوارها وضمان استقلالها المالي.
في الحالة السورية، يكتسب موضوع المالية المحلية أهمية إضافية في ظل تشكل وحدات محلية مستقلة عن المركز بحكم الأمر الواقع، تقوم بإدارة مناطقها وتوفير خدماتها للسكان المحليين بما تيسر لها من الأدوات والتمويل، وفي ظل ما تعانيه المجالس المحلية في مناطق سيطرة فصائل المعارضة من عجز مالي مزمن، وأمام ما تواجهه راهناً من تحديات توفير الخدمات سيما خلال مرحلة خفض التصعيد، وما ينتظرها من استحقاقات كبيرة تتصل بدورها المركزي في إنعاش الاقتصاديات المدمرة لمجتمعاتها المحلية، وكذلك دورها المتوقع ضمن عملية إعادة الإعمار مستقبلاً، يغدو من الأهمية بمكان تسليط الضوء على الأداء المالي للمجالس المحلية بما يتضمنه من تحليل موازناتها ومصادر تمويلها واتجاهات إنفاقها المحلي، كذلك التطرق لمنظومة الرقابة المالية القائمة لديها، لمعرفة أوجه الخلل والقصور في أدائها المالي ثم الخلوص إلى توصيات عامة، من شأنها تعزيز استقلالية مالية المجالس باعتبارها أحد أهم مقوماتها الأساسية، إضافةً إلى تعزيز قدرتها على أداء وظائفها الخدمية والتنموية، واشتقاق مبادئ عامة لتأطير علاقة المجالس المالية مع المركز فيما يتعلق بتقاسم الموارد وصلاحيات الإنفاق المحلي خاصة في مرحلة إعادة الإعمار.
يتوزع ما يقارب من 470 مجلس محلي على مناطق سيطرة المعارضة ([1])، منها 393 مجلس مقيم في حين تمثل المتبقية مجالس المناطق المهجرة بفعل اتفاقيات التهجير والإخلاء، ويذكر في هذا الصدد تقدم محافظة إدلب على غيرها من المحافظات بعدد مجالسها والتي بلغت 156 بحسب مجلسها، في حين جاءت محافظة دمشق بالمرتبة الأخيرة بــما مجموعه 5 مجالس بين قائمة ومهجرة.
تتنوع آليات تشكيل المجالس المحلية ما بين انتخاب وتوافق إلى تعيين ومبادرة فردية، وقد أظهرت النتائج تُشكل ما يزيد عن نصف المجالس المستطلعة بقليل 52% من خلال التوافق، مقارنة بـــ 44% ممن أشاروا إلى اعتمادهم آلية الانتخاب في تشكيلها. وقد أظهرت النتائج قلة الاعتماد على آليتي التعيين والمبادرة الفردية في التشكيل حيث بلغتا مجتمعتين ما نسبته %4 من إجمالي إجابات العينة.
وعلى الرغم من تنامي اعتماد القائمين على إدارة المجالس على الانتخابات كآلية لتشكيل المجالس وبروز تجارب رائدة في هذا الصدد، تبرز عدة عوائق تحول دون إجراء المجالس لانتخابات محلية، وقد رتبتها عينة الاستطلاع بحسب أهميتها وفق الآتي: الانقسامات المجتمعية، غياب إطار تنظيمي، قلة الوعي العام بأهمية الانتخابات، عوائق أمنية، معارضة القوى العسكرية.
بمقارنة نتائج الدراسة الحالية مع نتائج سابقة خُلص إليها مركز عمران في دراسته المعنونة بــ "قراءة في الدور السياسي للمجالس المحلية"، فإنه يلحظ ارتفاع نسبة الاعتماد على الانتخابات كآلية للتشكيل من 38% في الدراسة السابقة لتصل إلى 44% في الدراسة الراهنة، وهو ما تدلل عليه الوقائع الميدانية من حيث تنظيم عدد من المجالس لانتخابات محلية يلحظ تطورها من حيث آليات التمثيل وطرق التنظيم ونوع وحجم المشاركة ومن الأمثلة على ذلك: انتخابات المجالس في كل من إدلب (كانون الأول 2017) وسراقب (تموز 2017) وعدد من مجالس الغوطة الشرقية كدوما (تشرين الأول 2017) على سبيل المثال لا الحضر.
يمكن تفسير ميل القائمين على المجالس بالاعتماد على الانتخابات كآلية للتشكيل، برغبتهم في تعزيز الشرعية المحلية للمجالس أمام ما تواجهه من مخاطر واستحقاقات تفرضها المقاربة الروسية في سورية من جهة وتوجهات القوى المناوئة لها كالحركات الجهادية من جهة أخرى، إضافةً إلى مراكمتها لخبرات تنظيمية في مجال الانتخابات المحلية وتبادلها مع مجالس أخرى بدعم من منظمات المجتمع المدني، علاوةً على تزايد شريحة القوى المنخرطة في تشكيل المجالس وعدم قدرة التوافقات على تنظيم مشاركتهم في تشكيل المجالس، وتوافقها كقوى على اللجوء للانتخابات كآلية لحسم تنافسها وتمثيلها في المجالس.
لا تعتمد المجالس المحلية في مناطق المعارضة لوائح موحدة من حيث محتواها ومصدرها. حيث أظهرت النتائج اعتماد 44% من عينة الاستطلاع عل لوائح إدارية خاصة بها، مقابل 37% تعتمد تلك الصادرة عن الحكومة المؤقتة، في حين توزعت النسبة المتبقية من عينة الاستطلاع بين 17% لا تعتمد لوائح إدارية ناظمة لعملها، وما نسبته 2% تتبنى لوائح إدارية أخرى لم تحدد مرجعيتها.
تظهر النتائج السابقة ضعف المنظومة الإدارية التي تنتمي إليها المجالس المحلية وحالة اللامركزية العالية في مناطق سيطرة المعارضة، وهو ما يظهر بتبني عدد من مجالسها للوائح إدارية خاصة بها أو صادرة عن مرجعيات أخرى، إضافة إلى عدم اعتماد مجالس أخرى لأي لوائح إدارية ناظمة لعملها، ومن شأن ما سبق أن يعزز مخاطر عدم استقرار منظومة المجالس المحلية واستمرارها، وأن يضعف أيضاً من حضورها في ترتيبات المرحلة الراهنة وكذلك الانتقالية.
يحتل الشباب مواقع القيادة في المجالس المحلية، حيث بلغ عدد من هم دون 47 عاماً 92 رئيس مجلس محلي، مقابل 30 فقط ممن هم فوق 47 عاماً. كما تشير النتائج إلى حيازة نصف رؤساء المجالس شهادات جامعية، وثلثهم يحملون شهادة ثانوية، وتقريباً سدسهم على شهادات معاهد متوسطة، بينما جاء حملة الشهادات العليا في المرتبة الرابعة بما نسبته 5% من مجموع رؤساء المجالس.
توفر نتائج هذه الدراسة مؤشرات عامة وأولية حول الخصائص العمرية والمستوى التعليمي لقيادات المجالس المحلية، من حيث انتماء جزء معتبر منها لفئة الشباب من حملة الشهادات الجامعية، وهو ما يمكن تفسيره بتواجد شروط محددة من حيث العمر والمستوى التعليمي، منصوص عليها في الأنظمة الداخلية للمجالس لشغل منصب رئاسة المجلس. بالمقابل يمكن تفسير تواجد رؤساء للمجالس المحلية من حملة شهادة البكالوريا فما دون بتساهل الأنظمة الداخلية لهذه المجالس تجاه شرط الشهادة الجامعية نظراً لافتقاد مناطقها --غالباً ما تكون في أرياف المحافظات--لحملة الشهادات الجامعية أو تفضيلهم العمل في منظمات المجتمع المدني لما توفره لهم من استقرار مادي. كما قد يمكن تفسيره كذلك بافتقاد هذه المجالس لأنظمة داخلية ناظمة لعملها وتشكيلها.
تؤدي المجالس المحلية أدوار متنوعة الأبعاد، حيث تتيح للسكان المحليين فرصة المشاركة في صنع السياسات المحلية من خلال ممثليهم، كما تقوم بإدارة شؤون مجتمعاتها المحلية وتوفير الخدمات لهم، إضافة إلى دورها في تطوير اقتصاديات مجتمعاتها المحلية وتحقيق التنمية لسكانها.
فيما يتعلق بنظرة القائمين على المجالس المحلية في مناطق سيطرة المعارضة لطبيعة دور مجالسهم، أظهرت نتائج الاستطلاع توصيف 49% من العينة لدور مجالسهم بأنه خدمي يقوم على تقديم الخدمات المحلية للسكان في مجالات الإغاثة والبنية التحتية والصحة والتعليم، بينما أجاب 36% بأنه دور متعدد الأبعاد يشتمل على السياسي والخدمي والتنموي، في حين توزعت النسبة المتبقية من العينة بين 11% وصفت دورها مجالس بالتنموي فقط، و4% تنظر لدورها على أنه سياسي بحت.
بمقارنة نتائج الدراسة الحالية مع نتائج دراسة سابقة لمركز عمران بعنوان "قراءة في الدور السياسي للمجالس المحلية"، فإنه يلحظ تعدد الأدوار التي تقوم بها المجالس وتنامي تعريفها لدورها خارج الإطار الخدمي ليشتمل على أدوار تنموية وسياسية، حيث انخفضت بشكل ملحوظ نسبة المجالس المعرفة لدورها على أنه خدمي فقط من 57% في الدراسة السابقة، إلى 49% في الدراسة الراهنة، بينما ارتفعت بشكل طفيف نسبة المجالس التي تعرف دورها على أنه سياسي من 1% في الدراسة السابقة لتصل إلى 4% في الدراسة الراهنة.
من المهم تناول الدور الخدمي للمجالس من حيث طبيعته ونطاق الخدمات والأولويات في هذا المجال، والتحديات التي تواجه المجالس في توفير خدماتها للسكان، سيما مع تزايد الأعباء الخدمية على المجالس في ظل ما ينتظرها من استحقاقات ناجمة عن اتفاقيات وقف التصعيد من حيث عودة اللاجئين والنازحين وتوفير الخدمات وترميم البنية التحتية.
يتراوح الدور الإداري والخدمي للمجالس بين المركزي والثانوي، فأغلبها يقوم بتأدية هذا الدور بمفرده بما يتوفر له من إمكانيات وموارد (69%) أو أن تؤديه بالتشارك مع هيئات أخرى توافقاً أو تنافساً (21%)، بينما كان 10% فقط منهم يقوم بالتنسيق لتقديم الخدمات.
تشير النتائج أيضاً إلى زيادة طفيفة (1إلى 4%)في وعي القائمين على المجالس بأهمية الدور السياسي لمجالسهم، سيما مع امتلاكها لمقومات الفاعلية السياسية المستندة على شرعيتها المحلية، ودورها الوظيفي في توفير الخدمات، إضافةً إلى إقرار القوى الفاعلة في الملف السوري بدورها في إنجاز ترتيبات المرحلة الراهنة (وقف التصعيد) وفي المرحلة الانتقالية (الحل السياسي وإعادة الإعمار)، وسعيها كقوى لفتح قنوات لتعزيز تمثيل المجالس في العملية السياسية على المستويين المحلي (استانة) والوطني (جنيف).
تعمل المجالس على توفير خدماتها وفق سلم أولويات مجتمعاتها، فقد أظهر ترتيب عينة استطلاع المجالس لأولوياتها الخدمية حلول قطاعي البنية التحتية والتعليم معاً في المرتبة الأولى، بينما احتل قطاع الصحة المرتبة الثانية، تليها الإغاثة ثالثاً، في حين شغل الدفاع المدني المرتبة الأخيرة في سلم أولويات المجالس.
أما عن نطاق خدمات المجالس فيغلب عليها تغطيتها للنطاق الجغرافي الذي يقع ضمن نطاقها الإداري، حيث أجاب 63 % من عينة الاستطلاع عن وصول خدمات مجالسهم إلى كافة مناطق القطاع الإداري الذي يتولون إدارته، بينما أجاب 20% عن وصول خدمات مجالسهم إلى غالبية المنطقة الجغرافية التي تتبع لهم إدارياً وليس كلها، وقد أفاد 5% بأن خدماتهم مقتصرة على أجزاء من النطاق الجغرافي لوحدتهم الإدارية. بالمقابل كشفت نتائج الاستطلاع عن قيام 12%من العينة بتخديم مناطق تقع خارج نطاقها الإداري.
وتواجه المجالس المحلية عدة تحديات تؤثر سلباً على قدرتها في توفير الخدمات، جاءت وفق الترتيب الآتي بحسب ما أظهرته نتائج الاستبيان: 1) قلة الموارد المالية، 2) قلة الكوادر، 3) صعوبات أمنية، 4) تدخل فصائل المعارضة المسلحة في عمل المجالس، 5) مشاكل إدارية.
بمقارنة نتائج الدراسة الحالية مع نتائج سابقة خُلصت إليها دراسة سابقة لمركز عمران بعنوان "الدور الإداري والخدمي للمجالس المحلية في المرحلة الحالية والانتقالية"، فإنه يلحظ تعزز الدور المركزي للمجالس في توفير الخدمات المحلية، حيث ارتفعت وبشكل ملحوظ نسبة المجالس ذات الدور الوحيد في توفير الخدمات من 50% لتصل إلى 69%، وهو ما يمكن تفسيره بمراكمة المجالس لخبرات تخصصية في إدارة الشأن الخدمي فضلاً عن استمرارها في استقطاب التكنوقراط للعمل معها، كذلك تراجع عدد الهيئات المدنية المنافسة للمجالس في مجال توفير الخدمات في ظل ضعف التمويل وحصره من قبل عدد من الجهات المانحة بالمجالس المحلية.
يظهر سلم أولويات خدمات المجالس المحلية استمرار تركيزها على قطاعي البنية التحتية والتعليم، تأكيداً منها على ضرورة معالجة ملف البنية التحتية لدوره في تحقيق الاستقرار للمجتمعات المحلية، فضلاً عن سعيها لتعزيز حضورها في المرحلتين الراهنة (خفض التصعيد) واللاحقة (الحل السياسي وإعادة الإعمار) من خلال هذا الملف. أما فيما يتعلق بقطاع التعليم، تدرك المجالس ضرورة الانخراط فيه سواءً بزيادة إشرافها على هذا الملف أو بإدارته من قبلها، سيما في ظل بروز مؤشرات سلبية عن واقع التعليم في مناطق عمل المجالس.
ومما يثير الانتباه ما أظهرته نتائج الاستطلاع من حيث تخديم عدد من المجالس المحلية لمناطق تقع خارج نطاقها الإداري، وهو ما قد يفسر بعدة عوامل منها: 1) إعادة هذه المجالس النظر في حدودها الإدارية، 2) حيازة هذه المجالس لبنية مؤسساتية ذات موارد كافية قادرة على تخديم مناطق خارج حدودها الإدارية، 3) عدم حيازة هذه المناطق على مجالس محلية مما يضطرها للاعتماد على المجالس المجاورة لها لتأمين خدماتها.
ومن الطبيعي أن تواجه المجالس تحديات عدة تستهدف دورها الخدمي، ولم تظهر نتائج الاستطلاع الراهنة تحولاً جذرياً في قائمة التحديات التي تواجه المجالس مقارنة بنتائج الدراسة السابقة بعنوان "الدور الإداري والخدمي للمجالس المحلية في المرحلة الحالية والانتقالية" وذلك باستمرار معاناتها من ضعف التمويل والذي يمكن رده إلى أسباب عدة منها: 1) انخفاض كفاءة الأداء المالي للمجالس، 2) فقدان المجالس عدداً من مصادرها الذاتية نتيجة تدميرها أو السيطرة عليها من قبل الفصائل العسكرية.
تكتسب دراسة المالية المحلية أهمية لدى كل من الحكومة المركزية وصناع القرار والسكان على المستوى المحلي، لما لها من دور في وضع السياسات واتخاذ القرارات، وتحديد طبيعة المشهد الاقتصادي والوضع المالي للمحليات واحتياجاتها، الأمر الذي يساعد صناع القرار على إدارة الموارد بعقلانية لتحقيق الأهداف الموضوعة. وفي هذا الصدد يمكن تعريف الموازنة المحلية بأنها: الخطة المالية التقديرية لإيرادات الوحدات المحلية ونفقاتها سنوياً، والتي يتم من خلالها تحقيق الأهداف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المعتمدة من قبل تلك الوحدات.
يكتسب موضوع المالية المحلية أهمية لدى المجالس المحلية في مناطق سيطرة فصائل المعارضة نظراً لما تعانيه من عجز مالي مزمن يتهدد دورها واستمراريتها واستقلاليتها. انطلاقاً مما سبق سيتم التطرق لموازنة المجالس المحلية من حيث آلية إعدادها والهيئات المكلفة بذلك، ومصادر إيراداتها واتجاهات إنفاقها بغية معرفة مكامن الخلل بما يساعد على تصويبها.
تقوم المجالس المحلية بإعداد موازناتها المالية بناء على عوامل عدة، وقد أظهرت نتائج الاستطلاع اعتماد 50 % من عينة الاستطلاع على الموارد المالية المتوفرة في إعداد موازناتها، بينما يعتمد 15% من عينة المجالس على خبراتها السابقة، وبفارق قليل تصوغ 14% من عينة المجالس سياساتها المالية بناء على النفقات المتوقعة، كذلك أظهرت النتائج اعتماد 12% على تقديرات المسؤول المالي في إعداد موازناتها، في حين يقدر 9% موازنته بناء على الدعم المتوقع من المانحين.
تتوزع مسؤولية إعداد مشروع الموازنة على عدد من الجهات، وقد أظهرت نتائج الاستطلاع التقدم النسبي للمكتب المالي على غيره من الجهات في إعداد الموازنة وهو ما أفاد به 37% من العينة، بينما حدد 31% المكتب التنفيذي كجهة مسؤولة عن صياغة السياسة المالية للمجلس، في حين توزعت النسبقة المتبقية من العينة بين 22% تعتبر إعداد الموازنة من صلاحية المجلس بمكاتبه وإداراته، وما نسبته 10% تعتبره اختصاصاً حصرياً لرئيس المجلس.
ولا يعتبر مشروع الموازنة نافذاً إلا إذا تمت المصادقة عليه من قبل هيئة محددة وفق الأصول والإجراءات المتبعة والتشريعات النافذة، وقد أظهرت نتائج الاستطلاع ضعف دور الهيئة العامة المشكلة للمجلس في المصادقة على مشروع الموازنة وهو ما أفاد به فقط 6% من العينة، كذلك الأمر بالنسبة لمجالس المحافظات بما نسبته 8%، بينما جاءت النتائج متطابقة من حيث صلاحيات كل من المجلس المحلي بمكاتبه وإداراته وكذلك رئيسه في التصديق على مشروع الموازنة بما نسبته 33% لكل منهما، في حين حدد 19% المكتب التنفيذي كجهة مخولة بالتصديق على الموازنة. وما يثير الاهتمام في النتائج محدودية دور الفصائل العسكرية كجهات مرجعية في التصديق على موازنة المجالس وهو ما أفاد به 1% فقط من العينة.
تظهر النتائج السابقة افتقاد المجالس المحلية لنظام مالي وتشريعات قانونية ولوائح إجرائية موحدة ناظمة لعملية إعداد الموازنة واعتمادها، وقد أظهرت النتائج تنوع خبرات عينة المجالس في إعداد موازناتها، مع ميل نصفها لاعتماد الواقعية في صياغة سياساتها المالية المحلية بناءً على الموارد المالية المتاحة، وهو ما يمكن تفسيره بــ:1) الخبرات المالية التي راكمتها المجالس في إعداد الموازنات، 2) رغبتها في تجنب العجز المالي الذي يستهدف دورها واستقلاليتها، 3) تجنب التداعيات السلبية لرفع سقف توقعات السكان المحليين، والناجمة عن تبني موازنات غير ممكنة التطبيق. كذلك يعزز تعدد الجهات المسؤولة عن إعداد الموازنة والمصادقة عليها من الاستنتاج القائل بضعف اعتماد المجالس على نظام داخلي ومالي موحد، وهو ما يؤدي إلى تعدد الأدوار وتنازع الصلاحيات في إعداد الموازنات، كما يؤثر سلباً على الشفافية المالية للمجالس.
تتألف الموازنة بشكل عام من قسمين رئيسين هما الإيرادات والنفقات، وفيما يتعلق بمصادر تمويل المجالس المحلية لموازناتها، أظهرت النتائج تنوع المصادر المالية التي تعتمدها المجالس في تمويل إنفاقها المحلي، بحيث تشمل موارد ذاتية وأخرى خارجية رتبتها عينة الاستطلاع من حيث وفرتها وفق الآتي:
وتعتمد المجالس على عدة آليات لتحصيل الضرائب والرسوم من المكلفين مالياً، وقد أظهرت عينة الاستطلاع ترتيب تلك الأدوات وفق الآتي: تعيين جباه محليين، تحصيل الرسوم والضرائب من خلال فرضها على الخدمات (كالخبز، سلال الإغاثة) التي يوفرها المجلس للسكان، تفويض المجلس مهام الجباية لهيئات محلية (كالشرطة المحلية أو الفصائل أو منظمات المجتمع المدني).
على الرغم من تنامي اعتماد المجالس على الجباية المحلية لتعزيز مواردها ورفع سوية خدماتها من حيث جودتها وتوفيرها، إلا أنها تواجه تحديات عدة تعترض جهودها في هذا الأمر، وقد رتبتها عينة الاستطلاع بحسب أهميتها وفق الآتي:
يعتبر تقاسم الموارد بين الحكومة المركزية والمجالس المحلية إحدى أبرز القضايا الإشكالية المتوقعة بين الطرفين مستقبلاً خاصة في مرحلة إعادة الإعمار ولا سيما في المناطق الغنية بالموارد المحلية، وفي سؤال عن رأي المجالس المحلية تجاه هذا الموضوع، أكد ما نسبته 85% من عينة الاستطلاع على أحقية المجالس بالتصرف بالإيرادات المحلية دون إرسالها للحكومة المركزية، بينما أيد 10% من العينة فكرة تقاسم الإيرادات بين المركز والمجالس المحلية وفق صيغة متفق عليها، في حين كان التأييد لحق استئثار المركز بالإيرادات المالية المحلية ضعيفاً جداً حيث لما يتجاوز نسبة 1%، أما النسبة المتبقية من العينة والتي بلغت 4% فقد فضلت عدم الإفصاح عن رأيها تجاه هذا الموضوع.
تقوم المجالس المحلية بإنفاق مواردها المالية لتمويل نشاطاتها وتلبية متطلباتها وتنفيذ سياساتها، وقد رتبت عينة استطلاع المجالس مصاريفها بحسب الأكثر انفاقاً وفق الآتي:
وكما يمثل تقاسم الموارد بين المركز والمجالس إحدى النقاط الخلافية بين الطرفين، كذلك تعتبر صلاحيات الإنفاق المحلي من الملفات الإشكالية لارتباطها الوثيق بتقاسم الموارد وبتوزع الصلاحيات المالية بين المركز والمجالس، وقد أظهرت النتائج تأييد 84% من العينة حصر صلاحيات الإنفاق المحلي بالمجالس دون تدخل الحكومة المركزية، بينما أيد 13% فكرة تقاسم الصلاحيات بين المركز والمجالس، في حين أعرب ما نسبته 2% عن تأييدهم لحصر صلاحيات الانفاق المحلي بالمركز فقط، أما النسبة المتبقية من العينة والتي تشكل 1% فقد فضلت عدم الإفصاح عن رأيها تجاه هذا الموضوع.
ومن الطبيعي أن تتأثر الإيرادات والنفقات المحلية بالبيئة الاقتصادية لمناطق المجالس، ويلاحظ من نتائج الاستطلاع تنوع النشاط الاقتصادي لمناطق عمل المجالس، حيث يأتي في مقدمتها النشاط الزراعي، يليه الخدمي فالتجاري وأخيراً الصناعي.
بمقارنة نتائج الدراسة الحالية مع نتائج أخرى خُلصت إليها دراسة سابقة لمركز عمران بعنوان "الدور الإداري والخدمي للمجالس المحلية في المرحلة الحالية والانتقالية"، فإنه يلحظ تنامي اعتماد المجالس على الضرائب والرسوم المحلية كمصدر لإيراداتها المالية، حيث جاءت بالترتيب الأول في الدراسة الراهنة مقابل حلولها بالمرتبة الثانية في الدراسة السابقة وهو ما يمكن تفسيره بعدة أسباب منها: 1) رغبة المجالس في تعزيز الاعتماد على مواردها الذاتية خاصة مع تراجع مصادر الدعم الخارجي، 2) تعزيز المجالس لشرعيتها المحلية ودورها الخدمي بما يخولها فرض الضرائب والرسوم وجمعها.
الرغم ما حققته المجالس من تقدم ملحوظ فيما يتعلق باحتساب الضرائب وآليات جبايتها، فإن نتائجها ما تزال دون المستوى المأمول منها، ويعود السبب في ضعف الجباية المحلية بشكل رئيسي إلى عاملين هما:
يعبر تأييد غالبية المجالس لحقها بالاستئثار بالموارد المحلية دون إرسالها للمركز مستقبلاً، عن عدم ثقتها بالمركز نتيجة سياساته التنموية والاقتصادية التمييزية في وقت سابق، والقائمة على اعتبارات الولاء وترجيح مراكز المدن على أطرافها، وقد أفرزت هذه السياسات مشاكل تنموية وأزمات اقتصادية ساهمت في تأجيج الحراك الاحتجاجي مطلع 2011 خاصة في المناطق المهمشة اقتصادياً وتنموياً. كما تتعزز مخاوف المجالس من استئثار المركز بمنافع عملية إعادة الإعمار واستخدامها كورقة ضغط عليها، الأمر الذي يفسر تأكيد غالبيتها على ضرورة تمتعها بصلاحيات الانفاق المحلي بشكل مستقل عن المركز، باعتباره ضمانة لاستقلالها وبما يمكنها من تلبية متطلبات مجتمعاتها التنموية والخدمية.
وتفسر طبيعة الانفاق المحلي للمجالس أحد أسباب عجزها المالي، حيث تركز المجالس بالدرجة الأولى على دعم القطاعات الحيوية وإعادة تأهيل البنية التحتية، الأمر الذي يستنزف مواردها المحدودة نظراً لحجم الدمار الذي يتطلب قدرات مالية كبيرة لا تتوافر حتى لدى المركز.
شهدت الرقابة المالية على مستوى الدول وهيئاتها تطوراً ملحوظاً فيما يتعلق بالتشريعات القانونية والأدوات الإجرائية الناظمة لها، وذلك بهدف مراقبة التصرف بالمال العام ومعالجة حالات الفساد التي قد تنشأ، ويمكن تعريف الرقابة المالية بأنها: عملية الإشراف والتحقق التي تمارسها سلطة مخولة قانوناً على عملية التصرف بالمال العام، بهدف التأكد من الالتزام بالتشريعات والقوانين والأنظمة المعمول بها، وسلامة الأداء وتصويب مكامن القصور ومعالجة حالات الفساد.
يكتسب موضوع الرقابة المالية أهمية لدى المجالس المحلية سيما في ظل ما تتهم به من سوء إدارة المال المحلي هدراً أو فساداً، وتبعاً لما سبق سيتم التطرق لمنظومة الرقابة المالية القائمة لدى المجالس من حيث الأنظمة والآليات المعمول بها، والجهات المسؤولة عن ممارستها.
تدير المجالس المحلية ماليتها المحلية وفق نظام مالي ومحاسبي، وقد أظهرت النتائج تبني ما يزيد عن ثلثي العينة بقليل لنظام مالي ومحاسبي متوافر بشكل مكتوب، بينما أجاب ربع العينة تقريباً بعدم امتلاكها لأنظمة مالية مكتوبة، في حين لم تتخطى نسبة المجالس التي لا تعتمد أي أنظمة مالية عتبة 10%.
ومما يلحظ في هذا الصدد اعتماد ما يزيد عن ثلاث أرباع العينة بقليل على لوائح مالية خاصة بها، بينما لم تتجاوز نسبة المجالس التي تعتمد على الأنظمة المالية الصادرة عن مجالس المحافظات أو الحكومة المؤقتة مجتمعين حاجز 19%.
تثار التساؤلات حول مدى امتلاك المجالس المحلية لكفاءات مالية تخصصية قادرة على إدارة ماليتها المحلية، وفي هذ الصدد أجاب 38% من العينة عن حيازة مسؤولها المالي على شهادة تخصصية في الاقتصاد والعلوم المالية، سواءً أكانت شهادة جامعية بنسبة 26% أو شهادة معهد مصرفي بنسبة 12%. بالمقابل أفاد ما نسبته 40% من العينة عن امتلاك مسؤولها المالي لشهادة غير تخصصية، سواءً أكانت شهادة جامعية بنسبة 28% أو شهادة معهد متوسط بنسبة 12%، كما كشفت النتائج عن حيازة ما نسبته 22% من مسؤولي المكاتب المالية للمجالس على شهادة بكالوريا فقط.
توثق الغالبية العظمى من المجالس أنشطتها، حيث يعتبر التوثيق المالي لأنشطة المجالس من عوامل نجاحها، بما يعزز من ثقة السكان المحليين والجهات الداعمة بها، وقد بينت النتائج تعدد أدوات التوثيق المالي للمجالس، حيث رتبتها العينة وفق الآتي: الإيصالات والفواتير، دفتر حسابات مالي، برنامج محاسبة على الكمبيوتر وتقارير مالية، بينما لم تتجاوز نسبة المجالس التي لا توثق مصاريفها المالية عتبة 8%.
تتمتع أغلب المجالس بآليات رقابة تتنوع بين تلك داخلية وأخرى خارجية. أما عن الجهات المكلفة بالرقابة على شؤون المجالس ومتابعة أعمالها، فقد أظهرت النتائج تعدد الجهات الرقابية على المجالس حيث تعتمد 57% من عينة الاستطلاع على الرقابة الداخلية، مقابل تبني 25% للرقابة الشعبية، في حين أفاد 7% برقابة مجالس المحافظات على مجالسها. ومما يلحظ في هذا الصدد امتلاك بعض الفصائل لصلاحيات الرقابة على أعمال المجالس وهو ما عبر عنه 4% من العينة، في حين أجاب 2% عن صلاحية القضاء المحلي مراقبة المجالس، في حين لم تتجاوز نسبة المجالس التي لا تخضع لأي رقابة حاجز 5%.
تشير النتائج ذات الصلة بنظام الرقابة المالية للمجالس المحلية بتعدد الآليات وضعف الأداء، حيث يعتمد ما يزيد عن ثلثي العينة بقليل على أنظمة مالية مكتوبة، غالباً ما تكون من إعدادها وهو ما أفاد به ما يزيد عن ثلاثة أرباع العينة بقليل. وعند مقارنة النتائج السابقة مع تلك المتصلة باختصاص المسؤول عن المكتب المالي، يتضح جلياً أحد الأسباب المفسرة لضعف الأداء المالي للمجالس وذلك من حيث اعتماد ما نسبته 40% فقط على مسؤولين ماليين من حملة الشهادات التخصصية بمجال الاقتصاد والعلوم المالية. ومن العوامل المفسرة أيضاً لضعف الأداء المالي للمجالس افتقادها إلى جهة مرجعية تتولى مسؤولية الرقابة على أعمالها، حيث تظهر النتائج اعتماد المجالس بالدرجة الأولى على لجانها الداخلية للرقابة، في حين تكشف النتائج عن ضعف دور مجالس المحافظات وانعدام دور الحكومة المؤقتة في ممارسة الرقابة على أعمال المجالس.
تكتسب دراسة مالية الوحدات المحلية أهمية في ظل حاجة تلك الوحدات إلى تنظيم شؤونها المالية راهناً بما يساعدها على وضع السياسات المحلية واتخاذ القرارات وإدارة مواردها بعقلانية لتحقيق الأهداف المتوخاة، كما تكتسب هذه الدراسات أهمية من حيث إثارتها لقضايا إشكالية من قبيل تقاسم الموارد وتوزيع صلاحيات الانفاق المحلي بين المركز والوحدات المحلية سيما في مرحلة إعادة الإعمار.
ويكتسب موضوع المالية المحلية أهمية لدى المجالس المحلية في مناطق سيطرة فصائل المعارضة، نظراً لما تعانيه من عجز مالي مزمن يتهدد دورها واستمراريتها وحتى استقلاليتها، ويعود هذا العجز المالي بأحد أسبابه إلى انخفاض تمويل الجهات المانحة لأسباب تتصل باعتبارات ميدانية أو سياسية أو اقتصادية، كما يمكن تفسير ذلك العجز بأسباب أخرى تتعلق بإدارة المجالس المحلية لماليتها المحلية وطبيعة إيراداتها ونفقاتها، حيث تفتقد المجالس إلى نظام مالي وتشريعات قانونية ولوائح إجرائية موحدة ناظمة لعملية إعداد الموازنة والمصادقة عليها، كما تفتقر مكاتبها المالية إلى الكفاءات التخصصية في مجال الاقتصاد والعلوم المالية.
وفي حين يشكل اعتماد المجالس على الضرائب والرسوم كمصدر رئيسي لإيراداتها المالية نقطة تحول في تفكير المجالس لجهة التقليل من اعتمادها على المانحين لصالح الاعتماد أكثر على مواردها الذاتية، فإن النتائج المتحققة عن الجباية لا ترقى للمستوى للمأمول لأسباب تتصل بضعف الوضع الاقتصادي للمكلفين مالياً وعدم تجاوبهم مع جهود المجالس في الجباية لأسباب عدة، وإلى جانب ما سبق يفسر طبيعة الانفاق المحلي للمجالس عجزها المالي، حيث تقوم المجالس باستنزاف مواردها في دعم قطاعات حيوية تحتاج إلى موارد كبيرة لا تتوافر حتى لدى المركز. كما يفاقم ضعف منظومة الرقابة المالية للمجالس من عمليات الهدر، ويعزز من فرص تشكل حالات فساد مالي داخلها.
وفي ظل ما سبق تجد المجالس المحلية نفسها أمام استحقاق تعزيز إدارتها المالية بما يمكنها من معالجة عجزها المالي وتقليل اعتمادها على المانحين لتأدية وظائفها ومراكمة الخبرات الكفيلة بجعلها شريكاً موثوقاً في عملية إعادة الإعمار، ولكي تتمكن المجالس المحلية من تحقيق ما سبق فإنها بحاجة إلى دورات تدريب مكثفة في مجال الإدارة المالية، كما أنها بحاجة إلى توحيد أنظمتها المالية وتعزيز دور مجالس المحافظات والحكومة المؤقتة في الرقابة على أعمالها إلى جانب الرقابة الشعبية.
للمزيد حول منهجية البحث وملحق الورقة انقر هنا
[1] توصل الباحث إلى هذا الرقم من خلا ل التواصل مع مجالس المحافظات التابعة للمعارضة السورية.
انطلاقاً من ضرورات إعادة التشكيل العميق لعامل الحسم غير المرئي في الملف السوري وهو "هيكلية الدولة السورية". عقد مركز كارنيغي للشرق الأوسط بتاريخ 2 كانون الأول/ديسمبر 2016، ندوة عامّة على مدار جلستين متواليتين حول اللامركزية والإدارة الذاتية في سورية، بالتعاون مع مجموعة الأزمات الدولية (International Crisis Group). تناولت الجلسة الأولى الآليات التي تؤثّر من خلالها اللامركزية على الفاعلين الأساسيين على الأرض في سورية من جهة، وكيف يستغلّها الفاعلين من جهة أخرى.
أما الجلسة الثانية فتمحورت حول تأثير هذه الديناميكيات المحلية على الاستراتيجيات والسياسات التي تنتهجها الجهات الفاعلة الخارجية، وتتطرّق إلى التحديات التي ستواجهها والفرص التي ستتيحها في المستقبل.
برزت خلال الندوة مشاركة الدكتور عمار قحف، المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية. إذ ركز على تجربة المجالس المحلية في مختلف مناطق سورية لاسيما مناطق سيطرة المعارضة السورية كونها الوحيدة التي تعتمد على الشرعية السكانية بوضوح من حيث الانتخاب 35٪ والتوافق 62٪، إضافة لقيامها بأعباء وظائف مؤسسات الدولة ضامنة بذلك استمرار مؤسسات الدولة. مُدللاً على أهمية دعم وتمكين هذه المجالس كونها شرعية وبديلة عن النظام الحاكم. مبرزاً قدرة المجالس المحلية على إنجاح برامج إعادة الاستقرار محلياً وعلى مستوى المحافظات، في حال تم ذلك بالتوازي مع وقف إطلاق النار ومسار انتقال سياسي ولو تدريجي. لأن ذلك كفيل بضمان وحدة أراضي سورية عبر عقد اجتماعي جديد وآليات لامركزية موسعة أو غيرها من النماذج التي يتوافق عليها السوريون.
حظيت الندوة بمشاركة واسعة من قبل باحثين ومحليين ومستشارين كان من أبرزهم؛
ماريا فانتابيه: باحثة أولى حول الشؤون العراقية في مجموعة الأزمات الدولية، وسام هيلر: باحث في مؤسسة Century Foundation، مالك العبدة: مستشار في مركز الحوار الإنساني، نوا بونسيه: محلّل بارز في مجموعة الأزمات الدولية، بيتر هارلينغ: مؤسس ومدير شركة Synaps.
تجدر الإشارة أنه بختام الندوة تم عرض ملخص عن آخر استطلاع رأي قام به مركز عمران لــ 105 من المجالس المحلية.