حضر باحثو مركز عمران مؤتمر الدولة والمجتمع " نظرة مقاصدية "الذي انعقد في مدينة إستانبول برعاية جامعة الفاتح، والمنتدى السوري للأعمال، ومركز نصر للدراسات والبحوث ومؤسسة الفرقان، على مدى ثلاثة أيام تناول فيها المحاضرون عدة مواضيع حول الدولة الإسلامية بمنظور مقاصدي.
وكان أهم المحاضرين في هذا المؤتمر: أ.د مازن هاشم، أ.د. سعد الدين العثماني، أ.د عماد الدين خليل، محمد عياش الكبيسي، أ.د تونجاي باش أوغلو، أ.د عبد السلام بلاجي، أ.د محمد بن المختار الشنقيطي، الشيخ محمد أبو الهدى اليعقوبي، أ.د إبراهيم بيوني غانم، أ.د نور الدين مختار الخادمي، الشيخ محمد حسن الددو، أ.د جاسر عودة، بالإضافة إلى ثلة من الأساتذة والمشايخ.
شكل المؤتمر إطاراً تأسيسياً معاصراً لبلورة مفاهيم إسلامية في قضايا الحداثة، حيث سعى إلى مواجهة الضرورات الموضوعية، كما عدّ خطوة منهجية جديدة في تناول الإشكاليات المعاصرة عبر التأصيل المعرفي المعاصر الذي يسهم في إغناء الفكر الحضاري للإسلام.
قدم المؤتمر جملة من المحاضرات التي يمكن توصيفها ضمن صنفين، الأول ذو طابع وصفي وتأصيل فقهي والثاني تحليلي يستخرج أفكاراً جديدة داخل الحقل الإسلامي.
ناقش المؤتمر عدة قضايا تحت ثلاثة محاور:
- الدولة بين المفهوم الديني والمدني وماهي الأرضية المشتركة بينهما.
- أسس الدولة: الأساس البرلماني، الدستوري، الحقوقي والمؤسساتي (كمؤسسة أهل الحل والعقد ومؤسسة الشورى والمؤسسة الاستخباراتية).
- وظائف الدولة: كتطبيق الشريعة وتطبيق الحدود، ومراجعة بعض المفاهيم كالغلوّ، وتقديم مفاهيم حول السيادة وولاية الأمر، بالإضافة إلى وظيفة الأمن كأمن المجتمع وأمن الدولة.
وفيما يلي نبذة عن أهم الأفكار التي تم طرحها في المؤتمر:
في المحور الاول:
- مدنية المجال الدنيوي في الإسلام، ومعايير الدولة الدينية والدولة المدنية، بالإضافة إلى مدنية الممارسة السياسية في الإسلام وضرورة التمييز بين الفتوى والسياسة، والفصل بين الفتوى والقضاء مع عرض دلالات لمدنية الدولة في الإسلام انطلاقاً من أن فقه الدولة يأتي في منطقة مفوضة للاجتهاد البشري. وأن دولة المدينة المنورة هي دولة "عقارية" نتج عنها محددات في اختيار رأس الهرم في الدولة وعرض للحقوق المتأتية من المشاركة في العامل الجغرافي الجامع.
- أفكارٌ عامة وتاريخية حول الدولة في الفكر الغربي، مع التدليل على "المآخذ"، الملكية العامة في الإسلام، التاريخ السياسي للدولة الإسلامية كنظرة تدليلية لوجوب تطبيقها. مؤكدين أن زمن الإمبراطوريات انتهى بالمعنى الجغرافي، مثال: الولايات المتحدة الأمريكية هي دولة عقارية بوظائف امبراطورية.
في المحور الثاني:
- التمييز بين الأساس الشرعي لمشروعية السلطة والمرجعية القانونية، وبمعنى آخر التمييز بين التشريع الديني والتشريع القانوني، بالإضافة لقواعد العلم الدستوري من منظور مقاصدي، كما تم تحليل فكرة المقصد من البيعة ومدى توافقها مع مقصد الديمقراطية كممارسة وحق.
- تنحصر ضوابط العمل البرلماني بين الشرعية والمصلحة، فالبرلمانيون هم العرفاء، وتشريعات البرلمان هي تشريعات اجتهادية، وتم استعراض بنية ووظيفة مؤسسة أهل الحل والعقد، واستنتاج الضوابط وإشكاليات الاختيار، ومدى إمكانية توظيفها في الدولة المعاصرة كإطار تشريعي أو رقابي وما حدود علاقاتها مع باقي السلطات.
- محور التقدير ومحور التكييف كمؤشرين أساسيين في تطبيق الشريعة.
المحور الثالث:
- ضوابط تدخل الدولة في السياسة التي تطبق الشريعة والاجتماع والاقتصاد.
- الشريعة بين المقصد وفلسفة التشريع.
- مراجعة مفهوم "الإسلام هو الحل" نظرة نقدية وتحليلية تعرض بمضمونها نقداً للعقل العربي والمسلم.
- موضوع المساواة بين المسلم وغير المسلم وفق الإطار الفقهي وفي موضوع مقاصد الدولة بين السيادة وولاية الأمر.
وقدّم باحثو مركز عمران في ختام هذه المؤتمر جملة توصيات يمكن حصرها فيما يلي:
- العمل على عقد مؤتمر ثالث مع التركيز على دراسة التحولات في مفهوم الدولة وعلاقتها بالمجتمع وذلك من منظور إسلامي.
- تنوع أكثر في بلدان المحاضرين وخاصة النخب الخليجية وبعض الباحثين من دول لها تجارب ناجحة في ذلك كالتجربة الماليزية، مما يغني النظرة المقاصدية ويعزز شمولها.
من خلال المؤتمر وكنتيجة ظهرت وبعمق الفجوة بين طبقة العلماء وباقي مكونات المجتمع، حيث تم التعرض للعديد من المبادئ كمبدأ الشورى مثلاً وأمن المجتمع وظواهر اجتماعية مثل ظاهرة الغلوّ، ولكن يلحظ بقاء هذه الظواهر في دائرة الدراسة والتحليل لذا نقترح أن يركز المؤتمر القادم على عملية التحويل إلى برامج عمل اجتماعية وسياسات تنفيذية تصب في معالجة تلك الظواهر أو التوعية والتعريف بتلك المبادئ.