مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Omran Center
Omran Center

Omran Center

قال المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف، إن الموقف الروسي جاء عندما فشلت كل المحاولات الأخرى لإنقاذ النظام، مشيرا إلى أنه يزاحف النفوذ الإيراني على الأرض.

جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور قحف في برنامج "في العمق"، على قناة "الجزيرة الإخبارية"، وذلك يوم الاثنين 28 أيلول/ سبتمير، لمناقشة التطورات السياسية الدولية في الملف السوري، بمشاركة وزير الدفاع السابق في الحكومة السورية المؤقتة أسعد مصطفى.

واعتبر قحف أن الموقف الأمريكي منذ الربيع العربي لم يتغير، واصفاً إياه بـ "الزاهد في قضايا أمور الشرق الأوسط"، وهو ما توج بالاتفاق الإيراني، بعد أن حسم أمره بأنه لا يريد موقفا أو قرارا، مشيرا إلى أن هناك مبالغة في تقدير التأثير الأمريكي بالنسبة لسلاح الثوار.

واعتبر قحف أنه لا يمكن وصف روسيا بأنها المتصدرة للموقف الدولي تجاه سورية، لأن المواقف الدولية متأرجحة ومتبدلة، خصوصاً بوجود مواقف أخرى رافضة لوجود الأسد، كالموقف السعودي الرافض لوجود الأسد في المرحلة الانتقالية، بالإضافة لدول مجموعة الاتصال الداعمة للثورة السورية.

وحول العلاقة الروسية الإيرانية، أوضح الدكتور قحف أن هناك تنسيقا بالحد الأدنى بين الدولتين، إلا أن فشل إيران في إدارة الملف السوري قد يكون دافعا لروسيا للتدخل لتزاحم النفوذ الإيراني، لا لتنافسه، بسبب اختلاف بعض الأهداف بين الدولتين.   

وتوقع الدكتور قحف أن يؤدي التدخل الروسي لتغذية المزيد من الإرهاب والتطرف، متمنيا ألا تتحول سورية أرضاً للصراع وحربا طويلة المدى، على شاكلة أفغانستان بعد التدخل الروسي هناك.

ودعا مدير مركز "عمران" للدراسات الاستراتيجية المجموعات الدولية الداعمة للثورة السورية، التي لم تعد تقتصر على السعودية وقطر وتركيا، بزيادة دعمها للقوى التي تحارب "الإرهاب الأصلي" متمثلاً بنظام الأسد الذي جذب كلالقوى العابرة للحدود، معتبراً أن التغير الميداني سيزيد الدول الداعمة للثورة إذا رأوا الكفة ترجح لصالحها.

واعتبر قحف أن بإمكان الدول الداعمة أن تفعل الكثير لتغير الموازين الاستراتيجية، مثل إقامة المنطقة الآمنة التي أصبحت ضرورة إنسانية وسياسية وعسكرية واستراتيجية، لحماية تركيا شمالاً، وحماية أمن دول الخليج.

وحول بقاء الأسد كرئيس في المرحلة الانتقالية، أشار مدير مركز "عمران" إلى أن ذلك غير ممكن من الناحية العملية أساساً، وسط تفكك وانهيار النظام السوري، ولا يملك الأسد السيطرة على أي جزء منه، وسط سيطرة إيرانية وروسية على مفاصل الدولة، بشكل كامل، وسط نظام إقطاعي و "لا مركزي" مليشياتي، مما ينفي إمكانية تأهيل هذا النظام.

وحول مواقف المعارضة السورية، اعتبر الدكتور قحف أن المعارضة أكثر توحداً من أي وقت مضى، مشيراً إلى وثيقة "المجلس الإسلامي السوري" للمبادئ الخمسة التي وقتها كل القوى الثورية تقريباً، داعياً الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة لإدارة العمل الثوري من داخل سورية، بالتنسيق مع القوى العسكرية، لاستثمار الانتصارات العسكرية من داخل سورية.

ضمن مشاركته ببرنامج "سوريا اليوم". عمار قحف: روسيا وإيران متباعدتين دبلوماسياً، والنظام السوري متشرذم.

قال المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف، أن هناك فترة لا تتجاوز الأشهر القليلة، لتواجه روسيا أزمة مالية وعسكرية جراء تدخلها في سورية، بسبب استنزاف قواتها يومياً، وغرقها في القضية السورية.

جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور قحف في برنامج "سوريا اليوم"، على قناة "الحوار"،وذلك مساء الخميس 5 تشرين الثاني/ نوفمبر، لمناقشة التطورات السياسية الإقليمية والدولية في الملف السوري.

واعتبر قحف أن سبب الترويج الروسي لمعلومات تقول إن لقاءات تمت بين الجيش الحر ومسؤولين روس، ما هو إلا استجداء لانتصار إعلامي وهمي، تحاول من خلاله كسب الوقت لتغطية هزيمتها وتورطها في سورية، سيّما بعد نفي الجيش الحر ذلك.

وأضاف قحف أن تورط روسيا تثبته انتصارات الثوار اليوم في كل من حماه ودرعا وصولاً إلى دمشق وريفها، في ظل عجز نظام الأسد عن التعاون حتى مع القصف الروسي، ما يعني خسارة الروس لشريكهم على الأرض، يضاف إلى ذلك حالة التباعد الدبلوماسي الروسي الإيراني، بالرغم من غياب الاحتكاك السلبي بينهما.

وعن أسباب عدم تحرك الغرب حتى الآن لإيقاف حالة الحرب في سورية، أوضح قحف الحالة المعقّدة للمنطقة الجيوسياسية التي تقع سورية فيها، وتقاطع المصالح الاقتصادية والإقليمية طويلة الأمد كتمرير السلاح، والنفط والغاز، وغيرها، ما يعني وقوع المنطقة برمتها في الشرك الروسي الأميركي، معوّلاً على فرصة إعادة تكوين نظام عربي إقليمي، يتصدّى للخطر الذي بات يهدد المنظومة العربية، وهو دعم مصر وبعض الدول العربية الأخرى لنظام الأسد، إلى جانب استدراج الأخير للقوى والميليشيات الإيرانية، وكذلك القوى الإرهابية العابرة للحدود، ما يهدّد وحدة واستقرار المنطقة.


وحول أداء القوى الداعمة للثورة إقليمياً ودولياً، أكّد قحف أن العديد منها وعلى رأسها إقليمياً تركية والمملكة العربية السعودية وقطر تقدّم كل ما أمكنها وفق المتاح، معتبراً أداءها في فيينا مؤشراً واضحاً على التناغم الكبير بين مواقفها، وكذلك وحدة رسائلها تجاه الملف السوري، لافتاً إلى ضرورة أن يدعم السوريون شركاءهم بالأساليب والأفكار والمقترحات والحلول التي تساعدهم على خوض غمار الحرب "الكلامية" على حدّ وصفه، بين الفاعلين الدوليين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

أمّا عن الدور العربي الفاعل في القضية السورية، دعا المدير التنفيذي لمركز "عمران" المسلمين والعرب لتولّي دورهم في إعادة تعريف مصطلح الإرهاب، والذي تستغله روسيا وإيران وميليشيات حزب الله والقوى العابرة للحدود للتدخل في سورية، من خلال التعريف بقيمهم ومبادئهم، ورفضهم سفك الدماء والقتل والدمار الذي يمارسه الأسد وحلفائه.

ورغم تأكيد قحف على تكاثر أعداء الشعب السوري، إلا أنّه أثنى على دور دول الخليج، وكذلك المسلمين في أنحاء العالم، والأصدقاء الفرنسيين والبريطانيين وكذلك الدور الأمريكي بالرغم من تأرجحه، لدعمهم القضية السورية، مطالباً السوريين أنفسهم بتوحيد الصفوف، وتحديد المعتدلين الذين يرتضيهم، لئلا يبقى وجود الإرهابين والمتطرفين الذين استجلبهم الأسد مطيّة للدول للتدخل واحتلال سورية.

وفي الحديث عن مخططات النظام لوأد الثورة بعد مضي خمسة سنوات عليها، نفى قحف أن يكون للنظام وجود حقيقي على الأرض في ظل تولي حلفائه إدارة البلاد على المستوى الأمني والسياسي والعسكري، وكذلك انهيار مؤسسات الدولة والبنية التحتية بنسبة 70 إلى 80 %، ما يمنح السوريين فرصة الانتقال من الفكر الثوري إلى فكر الدولة، وإعادة ضبط الحياة المدنية عبر تمكين المجالس المحلية، واسترداد وظائف الدولة بمزيد من استثمار الاقتصاد المحلي والتنمية، وخلق برامج اجتماعية لمكافحة الفكر المتطرف الدخيل على الثقافة السورية، وإعادة اللحمة الاجتماعية في المناطق المحررة من الطغمة الحاكمة.

وفي الإجابة عن توقع رد فعل الشعب السوري في حال التوصل لاتفاق يفرض بقاء الأسد في السلطة، وصف قحف مثل هذا الحل بالغباء السياسي، وعدم قراءة المشهد بواقعية، مشيراً إلى أنّه من غير الممكن فرض نظام متهاوٍ متشرذم أو فرض شخص أيّاً يكن على إرادة شعب صامد حتى اليوم.

 

ضمن مشاركته ببرنامج "سوريا اليوم"، الدكتور عمار قحف:"الفاعل الأكبر اليوم هو "الفاعل السوري"اعتبر المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف أن "الفاعل الأكبر في المشهد السوري اليوم هو "الفاعل السوري"، سياسياً وعسكرياً ومدنياً، وسط تقارب وتوحد للفصائل والجهات المختلفة، مما سيمكنه من تغيير المشهد في عدة جبهات مختلفة، مثل دمشق وريفها، والجبهة الجنوبية، والساحل".

جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور قحف في برنامج "سوريا اليوم" على قناة "الحوار" في بريطانيا، يوم الأربعاء 14 تشرين الأول/ أكتوبر، لمناقشة الأبعاد الدولية والإقليمية للتدخل الروسي وتداعياته على المنطقة، بمشاركة الكاتب الصحفي بسام جعارة.

وأشار مدير مركز عمران إلى أن "الولايات المتحدة تستخدم روسيا في الوقت الراهن لكيلا تغرق في الأزمة السورية"، مستدركاً أنها ستأتي في اللحظة التي تعتبرها مناسبة لـ "قطف الثمار".

وأضاف الدكتور قحف أن الحجة القانونية التي تستخدمها أمريكا هي "طلب من الحكومة العراقية"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تستخدم على عدة أطراف في الوقت نفسه لتأخير الحسم ومنع انتصار أي طرف على الآخر، ولذلك تدعم فصائل مثل "وحدات الحماية الشعبية"، مقابل دعمها ومشاركتها في تحالف بغداد، المكون من العراق وروسيا والأسد وإيران، عبر نفوذها الموجود في العراق.

وتابع المدير التنفيذي لمركز عمران بأن من أبرز صفات المشهد الجاري في سوريا والعراق حاليا هو "الانسياب الإقليمي للقوى العابرة للحدود"، و"انسياب المواقف الضبابية والعابرة"، موضحاً أن هذا يفسر تناقض الموقف الأمريكي عبر دعمه "غرفة بغداد"، ودعم قوات المعارضة بنفس الوقت، وكان آخرها دعمها بصواريخ التاو في حلب وحماة، عبر غرف عملياتها.

وأوضح الدكتور قحف أن "بوتين استغل الفراغ الأمريكي في المنطقة، وسط خروج للملف الليبي والعراقي من نفوذهم"، مشيراً إلى أن الروس يعتبرون هذه فرصة استراتيجية لاستعادة نفوذ سياسي، وسيطرة على أنابيب الغاز والنفط، مما يدفعهم لضرب مواقع محددة حسب مخططات محددة، تثبت النفوذ الروسي وتخدم مشروع أنابيب الغاز.

وأشار قحف إلى أن مناطق النفوذ الروسي تختلف عن مناطق النفوذ الإيراني، وسط تقاسم بين الجو والأرض.

وأضاف الدكتور عمار قحف أن "المنطقة مقبلة على مزيد من التعقد الإقليمي والداخلي"، مشيرا إلى دعم الدول للمجموعات المعارضة بمبادرات وزيادة الدعم، مثل دعم "الجبهة الجنوبية"، متوقعاً زيادة الانتصارات والانسحابات، وسط تضارب المشاريع والداعمين المختلفة.

وبخصوص تحرك القطع الصينية في البحر المتوسط، استبعد الدكتور قحف مشاركة الصين عسكريا في المشهد السوري لأسباب عديدة، منها: الارتباطات الاقتصادية بينها وبين الولايات المتحدة، وسط تغير في المشاريع والعلاقات والتحالفات بين الدول الإقليمية بعد الاتفاق النووي الإيراني.

تواصل القوات الروسية استهداف كل من يقاتل "تنظيم الدولة" سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فقد استهدف قصفها الجوي مقار لقوات الجيش الحر في بداية القصف وغيره من الفصائل التي قاتلت التنظيم من بداية 2014 دونما دعم أو دفع من أي جهة إيماناً بأن الإرهاب دخيل على سورية، وما يستدعي الانتباه استهداف الطيران الروسي المتعمد لبنى الإدارة المحلية التي أفرزتها الثورة في المناطق التي خرجت عن سيطرة قوات الأسد منذ عام 2012 لسد الفراغ الإداري والخدمي الناجم عن تغيب النظام لمؤسسات الدولة عن تلك المناطق، كما حصل مؤخراً في القصف الروسي الذي استهدف المجلس المحلي في ريف حلب. وقد تمكنت المجالس المحلية عقب مرور ما يزيد عن الثلاث سنوات على انطلاقتها من ترسيخ نفسها بحسب القدرات والموارد المتاحة لها كهياكل حوكمة محلية ذات دور مركزي في إدارة شؤون مجتمعاتها مستندة في ذلك على شرعية تمثيلها للسكان.

ولعل ما يفسر استهداف الطيران الروسي للمجالس خشية صانع القرار الروسي من نجاح مشروع المجالس في ترسيخ سلطة بديلة متكاملة ذات شرعية، وتمتلك من المقومات ما يمكنها من الاستمرارية والتعامل بمرونة مع متطلبات المرحلة القائمة والانتقالية، وبالتالي نفي الطرح الذي تتمسك به موسكو والمتمحور حول بقاء نظام الأسد كخيار وحيد ضامن للاستقرار وبأنه الأقدر على محاربة الإرهاب وضمان الأمن المجتمعي. وضمن ما سبق يفهم الحرص الروسي على وقف انهيار نظام الأسد وإبقائه قائماً وإعادة إنتاجه وتسويقه إقليمياً ودولياً من خلال الدعم العسكري والسياسي الذي توفره له ومحاربة أي بديل له.

وتجد مخاوف صانع القرار الروسي ما يدعمها، فقد أثبتت المجالس قدرتها على توفير متطلبات الاستقرار لمجتمعاتها وفق الموارد المتاحة لديها وهو ما يمكن ملاحظته من خلال الأدوار التي تقوم بها حالياً في ظل تنامي الصراع والتي تشمل توفير الخدمات الحياتية الأساسية كالمياه والكهرباء والنظافة، ولعب دور تنموي لمجتمعاتها سواءً عن طريق إقامة دورات تأهيل ودعم التعليم أو من خلال إقامة مشاريع تنموية لا سيما في القطاع الزراعي، كذلك تقوم المجالس بلعب دور سياسي لا يمكن إغفاله باعتبارها هيئات برلمانية مصغرة يمارس المواطنون من خلالها حقهم في إدارة شؤونهم من خلال حق الانتخاب والترشيح والمحاسبة. كذلك تعتبر المجالس المحلية أحد أبرز الديناميكات التي تهيئ لطرح سياسي متماسك تبنى عليه المرحلة الانتقالية، حيث أنها تستطيع من إعادة بناء الدولة وتحقيق الأمن المجتمعي ومحاربة الإرهاب وتوفير الخدمات وتحقيق العدالة الانتقالية لقدرتها على التعامل بمرونة مع ملفات المرحلة الانتقالية، ومما يؤكد على ما سبق حضور المجالس في عدة مقاربات سياسية للحل طرحت من قبل عدة جهات ومراكز بحثية لم تلقَ القبول الكافي لترجمتها للواقع.

ولعل ما يزيد من مخاطر القصف الروسي على استمرارية مشروع المجالس قصور المقاربة السياسية في التعاطي مع الشأن السوري سواءً من قبل المبعوثين الدوليين الذين طرحوا عناوين للحل السياسي متناسين أصل المشكلة ومرددين لحجج مثل "وحدة المعارضة"، وأيضاً من قبل داعمي الثورة الذين اهتموا بتقوية هياكل المقاومة الوطنية العسكرية لمقاومة النظام والاحتلال الإيراني والروسي وخطر تنظيم داعش في حين لم يتم التركيز من قبلهم على توفير الدعم الفعلي الواجب لتقوية هياكل الحوكمة المحلية التي  تؤسس لاستقرار الحياة المدنية من خلال ما تقوم به من أدوار بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والهيئات المحلية.

وإضافة إلى ما سبق تواجه المجالس المحلية تحديات تؤثر سلباً على تطوير أدائها واستقرارها كتأطير العلاقة بينها وبين فصائل المقاومة الوطنية وتنمية مواردها الذاتية للتقليل من الاعتماد على الجهات المانحة ذات الدعم غير المستقر والمسيس أحياناً، وترسيخ مفاهيم الحكم الرشيد في ممارستها من خلال التأكيد على سيادة القانون والشفافية ومحاربة الفساد والتخطيط الاستراتيجي الأقدر على التعامل بكفاءة مع جذور المشكلة وليس مع نتائجها كما هو قائم، إضافة إلى تحقيق تكاملية إدارية على مستوى المحافظة الواحدة وبين المحافظات وبالتعاون مع مؤسسات المعارضة الرسمية، وبذلك يتم التأسيس لسلطة متكاملة قادرة على أن تواجه استحقاقات التحالف الثلاثي القائم بين النظام وإيران وروسيا لإجهاض الثورة.

وفي النهاية هي رسالة موجهة للمعارضة وفصائل المقاومة الوطنية والدول الداعمة للثورة بضرورة اتخاذ التدابير لحماية المجالس المحلية من الهجمة الأخيرة التي تتعرض لها من قبل روسيا وإيران وتمكينها بشكل أكبر من القيام بمهامها لخدمة السوريين في تشكيل البديل الإداري وتطوير آليات الحكم الديمقراطي المحلي على أسس جديدة تليق بتضحيات السوريين وتعيد الشعور بامتلاك السوريين لقرارهم الوطني وإدارة مواردهم ومقدراتهم ومؤسساتهم.

نشر على موقع السورية نت: http://goo.gl/qXMm8d

الجمعة, 06 تشرين2/نوفمبر 2015 22:53

حيثيات اجتماع فيينا لا تنذر بالانفراج

تمخض الجبل فأنجب فأراً، خرج مؤتمر فيينا الذي ضم 19 وفداً دولياً في 30 أكتوبر بمجموعة من النقاط لا تُغير من مجرى العملية السياسية الذي لايزال يخضع لتوظيفات وتطويعات تتسق مع غايات بعض الفواعل الدولية على حساب القضية المجتمعية السورية الأساس، إذ يقرر هذا المؤتمر أنه على السوريين تشكيل دولة علمانية تبقي وتحافظ على المؤسسات السورية بما فيها مؤسستي الجيش والأمن، التي تآكلت بحكم سياسة الأسد الذي عمل على زجها واستغلالها لتطوير أدواته في قمعه للحراك الثوري من جهة، أو التي أضحت  تحت السيطرة الكاملة من قبل الجيش الروسي والإيراني اليوم، كما لم يحسم هذا المؤتمر أهم مسألة والتي هو موطن خلاف بين الدول ألا وهي رحيل بشار الأسد وآلية تنفيذ الانتقال السياسي عبر انتخابات أو عبر هيئة حكم انتقالي وما هو دور الأمم المتحدة في هذا المجال، وهو ما لم يتم بحثه في فيينا مما يدلل على استمرار الهوة بين مواقف الدول.

انتهى المؤتمر من حيث بدأ وكأنه استعراض دبلوماسي جهدت موسكو لعقده بغية ضمان عدم تزمين تورطها في المشهد السوري السائل وعدم قدرتها على علاج أزمة الموارد البشرية المتزايدة في صفوف قوات الأسد وحلفائه، لذا سرعان ما تسابق الفاعلون بعد الاجتماع من الطرفين الداعم للمعارضة وللنظام لمحاولة إجراء تغيير سريع في موازين القوى السياسية والعسكرية، حيث تُقدم روسيا نفسها أنها الراعي للحل في سورية. غير أنه كان أول اجتماع من نوعه بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وبين الدول المجاورة لسورية والداعمة لكافة الأطراف، وبالتالي كان بمثابة المواجهة الأولى التي خرجت ببيان ضعيف لا يُراعي مفرزات المشهد السوري، وسرعان ما تحولت الاستقطابات بعده لإحداث تغيير في موازين القوة على الأرض ليعود كل طرف بوجه جديد تجاه الخصم. وتكمن المشكلة هنا أن الكل يحاول إيجاد الحل وفرضه على السوريين الذين تم تغييبهم في الاجتماع وتم الاكتفاء بذكر أن الحل بيد السوريين في البيان الختامي، بل وصرح أحد وزراء الخارجية الحضور أن مهمتهم التوصل للحل وأي فريق سوري لا يقبل بذلك الحل المقدم له يعتبر إرهابياً تجب محاربته وإرسال الطائرات بدون طيار.

كان تموضع الولايات المتحدة الأمريكية في فيينا ملفتاً للنظر حيث قدم نفسه كوسيط ومدير للنقاش بين الأطراف ودافعاً نحو عدم "الالتهاء" بقضية الأسد ومصيره وعدم تصنيف حزب الله والميليشيات التي استجلبها النظام كجماعات إرهابية، وعدم بحث كيف وصلنا إلى هذه النقطة من الاستعصاء في الحل، والتركيز بالمقابل على ضرورة إحداث حل سياسي يستطيع الجميع فوراً التركيز على محاربة الإرهاب، كما تم تأطير النقاش من قبل الجانب الأمريكي بـ "كيف نحارب الإرهاب في ظل حرب أهلية". إذن فالتصور للمشهد السوري لا يزال يعتريه التشويه الكبير لدى العديد من الدول وسط استقطاب حاد بين طرفين بشكل واضح: السعودية وتركيا وقطر وفرنسا وبريطانيا في مقابل روسيا وإيران والعراق وعُمان ولبنان، مع باقي الدول في الوسط يمكن جذبها لأي من الطرفين. كما أن الجانب الأمريكي بدى كأنه يُريد الحفاظ على موازين القوى وعدم اختلالها واستدراج الروس والجميع للتورط أكثر وهو يقف على الحياد ليدير الحوار بين الأطراف.

حاول الوزير الروسي وغيره اللعب على وتر "ضبابية تعريف الإرهاب" وأن المشكلة في محاربة الإرهاب هي أن التعريف غير موحد وأنهم لا يعرفون المعتدل من المتطرف، وهو محور قديم-جديد يحاول الروس شراء الوقت عن طريق الخوض فيه وتعويم المشهد في مواجهة مشهد النظام الذي وصل إلى درجة كبيرة جداً من التشرذم السياسي والعسكري والتنفيذي، بينما يستمر الروس في الواقع الميداني استهداف المشافي والمدارس والأسواق العامة للسوريين بل وفصائل المقاومة الوطنية التي حاربت وما تزال تحارب تنظيم الدولة. كما أن مناقشة تعريف الإرهاب لم يتم تأطيره بإطار واضح فرآه ممثل مصر ممثلاً بـ"الإخوان المسلمين"، وتغافل الروس عن إرهاب حزب الله معتبرين "أنه تم استدعاؤه من قبل حكومة شرعية ممثلة في الأمم المتحدة" وهذا ما يُعد انتكاساً مفاهيمياً لوظائف وأدوار الدولة، فمتى كانت تستدعي دولة عضوة في الأمم المتحدة ميليشيا عسكرية للدفاع!!!. واختلف الفرقاء على تصنيف الفصائل المقاتلة كل حسب الرؤية السياسية الخاصة ببلدانهم، وهنا أعاد مدير النقاش الأمريكي الحديث إلى كيفية إيقاف الحرب الأهلية والبدء بمحاربة داعش وتعويم النقاش وعدم حسمه ثم تأجيله.

ولا يمكن تجاهل الموقف القوي الذي سُرب للإعلام من وزير الخارجية السعودي حيث قال إن المملكة مستمرة بدعم الثوار وماضية حتى سقوط الأسد من خلال عملية سياسية أو عسكرية في حال لم يتم اعتماد خطة للحل يغادر فيها الأسد سورية. وكذلك موقف وزير الخارجية القطري والتركي المتناغم بشكل كبير مع الموقف السعودي. وكذلك موقف الوزير الفرنسي الذي واجه الروسي بشكل مباشر بأن يتوقف عن "إعطائهم الدروس" وأن "يحترم نفسه" وهي عبارات تؤكد حجم الهوة الكبير في قراءة المشهد السوري لدى كافة الأطراف.

تبقى هناك فرصة نرى بوادرها لكن لا يعلم مداها، وهي التباعد بين السياسة الروسية والإيرانية، فواضح أن الروس لم يتوقعوا حجم انهيار مؤسسات الدولة السورية فاضطروا لوضع يدهم على أغلب هذه المؤسسات وإدارتها بشكل انتداب، مما وضع الروس في موقف محرج يصعب عليهم الاستمرار فيه لمدة طويلة خاصة مع استمرار انخفاض أسعار النفط عالمياً. الواقع أكثر تعقيداً وأبعد عن الحل بيد مجموعة ال19 المجتمعين في فيينا إذ أن المصالح الدولية متناقضة لدرجة كبيرة والواقع في الأرض بعيد كل البعد عن دائرة القرار ولا يمكن فرض قرار بهذه الطريقة عليه. وستشهد المرحلة القادمة حراكاً ديبلوماسياً مكثفاً من طرف الروس مع تباعدهم (وليس تخاصمهم) عن الموقف الإيراني إضافة إلى عمل عسكري يحاول نفخ الروح في الجسم الميت للنظام، وفي المقابل ستُحاول فصائل المقاومة الوطنية الخروج بعمليات عسكرية نوعية في خواصر النظام الرخوة لتعديل ميزان الكفة والصمود في وجه الاحتلال الروسي. وتبقى الإرادة السورية الوطني تردد بأن أي حل لا يبدأ برحيل الأسد عن السلطة لا يمكن أن يحدث أي انفراج بالأزمة السورية وهو ما بدى بعيداً عن مائدة فيينا.

نشر على موقع السورية نت:https://goo.gl/wor2Hm

تمكنت إيران والمجموعة الدولية في الرابع عشر من يوليو / تموز 2015 من التوصل إلى اتفاق نهائي حول البرنامج النووي الإيراني، تباينت الآراء والمواقف في قراءة تداعيات هذا الاتفاق وآثاره على سلوك إيران وسياساتها الخارجية وعلى موازين القوى الإقليمية في المنطقة.
وقــد قــام مركــز عمــران بدعــوة باحثين متخصّصين في الشــأن الإيرانــي وقضايا المنطقــة والعلاقات الدوليــة، للمشــاركة فــي نــدوة بحثيــة لتقديــم قــراءة جامعــة شــاملة لهــذا الاتفــاق وارتداداتــه المباشــرة وغيــر المباشــرة علــى ملــف المنطقــة، بالإضافــة إلــى أهــم الســيناريوهات المرتبطــة بتطــورات هــذا الملــف مــن جهــة وبالتغييــرات المتوقــّع حدوثهــا علــى مســتوى السياســة الإيرانيــة الداخليــة والخارجيــة مــن جهــة ثانيــة.

ملخص: يؤكد البيان الروسي الأمريكي استمرار سياسة موسكو وواشنطن في الدفع نحو عملية سياسية تغيب عنها الأطراف "المتمردة"، وتعزز قواعد تعاطي جديدة مع المشهد السياسي في سورية تخلو من الضمانات السياسية والقانونية لإتمام أي انتقال سياسي حقيقي ينهي حقبة إرهاب الدولة. كما يكرّس البيان تموضع الروس في الملف السوري عبر انتقاله من كونه طرفاً حليفاً للنظام، إلى راعٍ للعملية السياسية. وفي ظل تعثر الجهود الدبلوماسية في تطويع الصلف الروسي على الصعيد العسكري والسياسي في سورية، لا تمتلك المعارضة السياسية خياراً سوى رفض مخرجات الاتفاق الحالي والتخلي عن سياسة القبول المشروط أملاً في وقف سيولة المشهد السوري ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في وقف النزيف السوري.

يؤكد بيان وقف الأعمال العدائية الناتج عن اجتماع واتفاق كيري ولافروف عن استمرار سياسة الروس والأمريكان في الدفع نحو عملية سياسية تغيب عنها الأطراف "المتمردة"، وتعزز قواعد تعاطي جديدة مع المشهد السياسي في سورية تخلو من الضمانات السياسية والقانونية لإتمام أي انتقال سياسي حقيقي ينهي حقبة إرهاب الدولة. ويكرّس البيان تموضع الروس في الملف السوري عبر انتقاله من كونه طرفاً حليفاً للنظام، إلى راعٍ للعملية السياسية، ثم إلى المشرف على وقف إطلاق النار عبر منحه الحق بضرب "المجموعات الأخرى".

قراءة في البيان

•    تعزيز موقع القيادة الروسية في تهيئة ظروف الحل النهائي في سورية: يؤكد البيان المقدم من فريق عمل وقف إطلاق النار، المنبثق عن بيان ميونخ في 11 شباط 2016 بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، تسليم واشنطن دفة قيادة مسار الحل النهائي في سورية بشكل كامل لموسكو. حيث التزم كيري برؤية روسيا التي كشفتها تصريحات لافروف المتكررة منذ اجتماعات فيينا في نهاية العام الماضي، وتُرجم بإطلاق العنان لروسيا في استهداف كل من يتمرد على مقترحها للحل تحت ذريعة محاربة الإرهاب من جهة، وإرساء الأمن والأمان من جهة أخرى لمن لا تنطبق عليه معايير التصنيف الدولي للإرهاب. يظهر هذا التوجه جلياً في استثناء كل من لا يُعلن التزامه بشروط وقف الأعمال العدائية، بالإضافة إلى استثناء كلٍ من تنظيم الدولة، وجبهة النصرة، ومن يحدده مجلس الأمن كقوى إرهابية في سورية.

•   تصدير جيش النظام السوري على أنه القوة الشرعية الوحيدة للدولة السورية: أكّد البيان في عدّة مواقع شرعية قوى ومليشيات النظام السوري بوصفها "القوى المسلحة للجمهورية العربية السورية"، بالإضافة إلى إعطائها حق احتكار محاربة الإرهاب والمتمردين. وتصبح قوى النظام بموجب هذا البيان ضامنةً لعملية إرساء الأمن والسلام في سورية، في حين تُمنع القوى السورية الأخرى بما فيها الوطنية بما فيها الفصائل المهادنة، وقوى سورية الديموقراطية، ووحدات الحماية الشعبية (YPG) من مواجهة تنظيم الدولة أو القوى المصنفة بالإرهاب دون تفويض من النظام السوري. أضف إلى ذلك اعتبار الثوار وقوى المقاومة الوطنية الرافضة لاتفاق وقف الأعمال العدائية متمردة على سلطة وسيادة الدولة بقيادة النظام، ويحق له وبمباركة المجتمع الدولي استهدافهم ومحاربتهم دون رادع قانوني أو سياسي.

•    إدارة الاستثناءات والحفاظ على سيولة المشهد العسكري: يُبقي مجموع الاستثناءات القائمة في البيان وما سبقه من قرارات أممية على سيولة المشهد العسكري في سورية لصالح النظام وحلفائه، فبالإضافة لاعتبار تنظيم الدولة وجبهة النصرة وجهات أخرى يسميها مجلس الأمن لاحقاً مستثناة من العملية السياسية في سورية، يعتبر البيان القوى الوطنية الرافضة للاتفاق هدفاً دولياً مشروعاً لقوى التحالف الدولي ولروسيا والنظام. وفي المقابل، لم يستثنِ البيان أيّاً من المليشيات الأجنبية المدعومة إيرانياً من وقف إطلاق النار، بل اعتبر وجودها شرعياً بموجب قتالها إلى جانب "القوات المسلحة السورية". ويؤكد هذا الاعتبار بند إلزام القوى المعارضة أو الثورية المهادنة في وقف أعمالها العسكرية ضد قوى النظام وحلفائه دون استثناء.

•    فصل مسار وقف إطلاق النار عن المسار التفاوضي والقضاء على الحل السياسي: في حين ينص قرار مجلس الأمن رقم 2254 على ارتباط وثيق بين إعلان وقف إطلاق النار واتخاذ إجراءات أولية نحو العملية الانتقالية، فصلت مسودة البيان بينهما في تجاوز إقران أيٍّ من الإجراءات المذكورة فيه في تحقيق تقدم ملموس على الصعيد السياسي. حيث أكّد البيان في ختامه على ضرورة التزام كافة الأطراف بإطلاق سراح المعتقلين ولكن دون اشتراطه كمدخل للعملية السياسيةـ أو وقف إطلاق النار. كما أن تأكيده على إلزام جميع الأطراف بتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية لا يُعد إلا تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن رقم 2139 و2165 بالرغم من فشل المجتمع الدولي سابقاً بإلزام النظام فيها. أمّا إلزام النظام بالجدول الزمني المقرر بقرار 2254 فيفقد كل معناه بعد تجريد قوى الثورة والمقاومة من ورقة حمل السلاح بموجب اتفاق وقف العمليات العدائية.

إشكالات إجرائية في نص الاتفاق

يثبِّت البيان الوضع الميداني الراهن قبل البدء بالتفاوض، ويُلغي هوامش الاعتراض. ولا يمكن تفسير ما وصفه البيان بـ "تهيئة الظروف لعملية السلام" إلا تعبيراً عن وجوب استسلام المعارضة بحكم "الواقعية الميدانية". ويعتري البيان مجموعة من الإشكالات الموضوعية التي تؤدي إلى فشله بالضرورة وهي:

1.    يقع على عاتق كلٍ من الولايات المتحدة وروسيا تحديد مناطق عدم الاستهداف، وهذا منوط باتفاق قد تجتمع ظروفه الموضوعية في الجنوب، إلّا أنه من المستحيل الوصول إليه في محافظة إدلب نظراً للتداخل الجغرافي بين جبهة النصرة وقوى الثورة والمقاومة الوطنية.
2.    يُبقي عدم وضوح المخرج النهائي لآليات المراقبة على شرعية توغل الروس بالشمال السوري على الأقل، كما أنه يحافظ على هامش التحرك لقوى النظام وحلفائه في استهداف قوى الثورة والمقاومة الوطنية تحت ذريعة استهداف الإرهاب ريثما يتم التحقيق في شكوى المعتدى عليه.
3.    تنحصر آليات المحاسبة لمخترقي شروط الاتفاق في إقصائهم من عملية وقف الأعمال العدائية ورفع الحماية الدولية المضمونة لهم مقابل الموافقة على بنود البيان، إلا أنها لا تتحقق إلا باتفاق روسي أمريكي مما يحافظ على حصانة النظام في الاستمرار بعملياته العسكرية تحت الرعاية الروسية.
4.    يؤسس البيان للتعاون الأمني بين روسيا والولايات المتحدة في تبادل المعلومات الاستخباراتية، دون ضمان إساءة استخدامها في استهداف مقرات ووحدات قوى الثورة والمقاومة الوطنية، كما أنه لا يُلزم الأطراف المنفذة في إعلان أهدافها العسكرية المتفق عليها دولياً.

اتفاق هش يهدد الأمن والسلم الإقليمي

فشل الاتفاق الأمريكي الروسي كسابقه في معالجة الأسباب الموجبة لاستمرار الصراع الدائر في سورية، والتي يسهل حصرها في بقاء بشار الأسد على رأس السلطة واستمرار أعمال العنف والإرهاب الممنهجة بحق المدنيين العزل تحت ذريعة محاربة الإرهاب وبمباركة ومشاركة روسية. وأدّى فشل المجتمع الدولي في وقف النزيف الحاد الذي أصاب الشعب السوري بدرجة أولى ومؤسسات الدولة السورية بدرجة ثانية، إلى تشظي المجتمع السوري وإيجاد فراغ سياسي ومؤسساتي استطاعت قوى التطرف استثماره والنمو فيه، كما أنه أسس لأزمة إنسانية خانقة أدّت إلى نشوء أكبر موجة لجوء منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

أمّا على الصعيد العربي، فلقد استغلت إيران تداعي أركان النظام في التوغل بمؤسسات الدولة لتؤكد هيمنتها عليها، ولتُعزز وجودها في الهلال الخصيب بعد إحكام سيطرتها على بغداد وبيروت، مما حسّن من تموضعها السياسي في المشرق وساعدها في تحقيق اتفاق تاريخي حول ملفها النووي مع أمريكا. انعكس هذا الاتفاق بدوره في تأكيد شراكتها مع واشنطن في إدارة شؤون المنطقة أمنياً، وزيادة صلفها في التعامل مع دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. وبالمحصلة يستمر الاتفاق الروسي الأمريكي الحالي في سورية في تعزيز الموقف الإيراني ومشرعناً استمرار وجود أذرع الحرس الثوري في البلاد بتحقيق تواصلٍ جغرافيٍ بين قوى الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان وبالتالي تأسيس وجود عسكري مستمر موازٍ لتواجدها السياسي في ذات الجغرافية، ولأول مرة منذ انتصار الثورة الإسلامية في 1979.

أمّا على الصعيد التركي، فلقد ألقت القضية السورية بظلالها على مشهدها الداخلي بشكلين: الأول على المستوى الإنساني في استمرار موجات اللجوء، مشكلةً عبئاً اقتصادياً وأمنياً على مؤسسات الدولة التركية وتاركة أثراً سلبياً على علاقات أنقرة بالاتحاد الأوروبي. والثاني على المستوى الأمني حيث شجّع الفراغ الناشئ عن تعثر الثورة في سورية إلى نمو خطر كل من تنظيم الدولة والحركات الانفصالية الكردية في شمال البلاد، وإلى امتداد تهديدهما الأمني إلى عمق الأراضي التركية. ولقد شهدت أنقرة تفجيرين إرهابيين بتوقيع التنظيمين وبفارق أربعة أشهر، كما شهدت كل من إسطنبول وسروج الحدودية ومناطق جنوب شرق البلاد أعمالاً مماثلةً أدّت إلى تدهور الحالة الأمنية وإلى إحياء أحلام حزب العمّال الكردستاني في الانفصال. وبالتالي فإن من شأن الاتفاق الروسي الأمريكي الحالي في سورية، تعزيز المهددات الأمنية على تركيا، حيث أنه يفشل في معالجة مشكلة تدفق اللاجئين إليها ومن خلالها لأوروبا، كما أنه يحافظ على الأسباب الموجبة لنمو التطرف على طول حدودها الجنوبية، وإلى نشوء بؤر امداد وتذخير لعناصر المليشيات الكردية الانفصالية في مناطق التواصل الجغرافي مع سورية خصوصاً جنوب شرقي البلاد حيث ينشط حزب العمال الكردستاني. 

خيارات قوى الثورة والمقاومة الوطنية

تفيد الصيغة المقترحة لوقف العمليات العدائية في سورية إلى استمرار سيولة المشهد السياسي والعسكري الذي أسس له بيان جنيف الأول، والتي استغلها كلٌ من روسيا وإيران والنظام في إرساء قواعد اللعبة وفق ما تمليه مصالحهم المشتركة في القضاء على الثورة وأخذ الوضع الأمني للمنطقة رهينةً لهم في تحقيق أهدافهم المرحلية.  كما أن غياب الحسم في معالجة الأسباب الموجبة لاندلاع الثورة يفسح المجال أمام الولايات المتحدة في اقتناص الفرص لتحسين تموضعها الجديد في المشرق، ويُهيئ لها أسباب التدخل السلبي لإضعاف جميع القوى "المزعجة" لها فيه. وفي ظل عجز المجتمع الدولي في مواجهة الصلف الروسي والإيراني فإنه من واجب المعارضة السياسية والعسكرية العمل على إنهاء سيولة المشهد السوري بما يدفع الفاعل الأمريكي في مواجهة التحديات الأمنية الناشئة عن تدفق الأزمة السورية إلى خارج حدودها الجغرافية.

لقد نجحت الهيئة العليا للمفاوضات من خلال سياساتها القائمة على القبول المشروط بمطالب مجموعة الدعم الدولية لسورية في شراء بعض الوقت بحثاً عن فرص جديدة للخروج من المأزق الذي وضعتها فيه الولايات المتحدة في تقنين الدعم المالي واللوجستي على الثوار، كما أنها نجحت في اختبار الحفاظ على وحدة صفها الداخلي غير المتّسق في مسايرة أطرافها الأكثر ميلاً لمهادنة النظام. إلّا إن استمرار الأداء السياسي السابق بعد أن لعبت موسكو بآخر أوراقها من شأنه الآن القضاء على آخر فرص الشعب السوري في تحقيق حل سياسي عادل ومستدام.  

ولذا على المعارضة السياسية عمل التالي أملاً في استعادة القرار الوطني:

1.    رفض البيان بالمطلق، والتلويح بالانسحاب من العملية التفاوضية، لأن كافة فقرات هذا البيان تؤكد على استثناء مجموعات وتنظيمات متماهية جغرافياً مع بنية المعارضة، وهذا أمر يجب على الروس والأمريكان تقديم ضمانات بعدم جعل هذا الاستثناء مطية وحجة لضرب بنيةالمعارضة.
2.    الإصرار على ضرورة أن يُراعي قرار وقف إطلاق النار هواجس وإشكالات المعارضة وأن يرتبط القرار بضمان المجموعة الدولية ببدء عملية انتقالية تُنهي حقبة الأسد، وتذكر صراحة بنص قرار مجلس الأمن المتوقع صدوره لهذا القرار.
3.    العمل على حسم موقف الحلفاء تجاه دعم المعارضة سياسياً وعسكرياً، وباتجاه تصنيف الميليشيات الأجنبية المساندة للنظام واعتبارها مجموعات إرهابية، بالإضافة إلى الحث على الانتقال لممارسات أكثر صلابة، وتشكيل خلية أزمة مشتركة بين الهيئة العليا وقوى الثورة والمقاومة.

شارك الباحث، ساشا العلو، -باحث في مسار السياسة والعلاقات الدولية ضمن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية-، في برنامج "من تركيا" على قناة الأور ينت للحديث عن التوظيف السياسي لملف اللاجئين السوريين، حيث ركز الباحث ضمن اللقاء الحواري على عدة نقاط أبرزها؛ استراتيجية نظام الأسد في تصدير الأزمة السورية كمهدد أمني إقليمي ودولي اعتماداً على حامل اللاجئين والإرهاب، سعياً لإعادة ترتيب أولويات المجتمع الدولي تجاه الحل السياسي.  بالإضافة للتطرق إلى خصوصية محافظة حلب في هذا السياق إثر القصف الروسي وحملة النظام الأخيرة على الريف الشمالي للمدينة، وما مثلته من حلقة ضغط سعت موسكو من خلالها إلى إفراغ المناطق المدنية والدفع بكتلة بشرية هائلة إلى الحدود التركية لإحراج الأخيرة، التي حولت بدورها ضغط الملف إلى أوربا لسحب الأنظار والمواقف عن النتائج إلى السبب الرئيس المتمثل بالقصف الروسي، ومحاولة تحصيل مواقف أكثر جدية وفعالية تجاه القضية السياسية السورية إجمالاً، إلى جانب تحميل المجتمع الدولي والأوربيين جزء من المسؤولية الاقتصادية والإنسانية لملف اللاجئين. كما عرج الباحث على تفصيل مستويات الاستثمار في ملف اللاجئين بحسب الدول المستضيفة، واختلاف أدوات وأهداف الاستثمار وفقاً للتموضع السياسي -الاقتصادي لكل دولة.

لمشاهدة الحوار كاملاً انقر على الرابط التالي: https://goo.gl/qyh1jJ

أجرت قناة دار الإيمان ضمن نشرتها الإخبارية استضافة هاتفية مع الباحث معن طلاع -باحث في مسار السياسية والعلاقات الدولية- بمركزعمران للدراسات الاستراتيجية. للتعليق على الأحداث السياسية الأخيرة وتم التركيز على التطورات الأخيرة المتعلقة بقدوم طائرات سعودية لقاعدة إنجليلك التركية بالإضافة على مدلولات وتداعيات القصف المدفعي الذي قام به الجيش التركي ضد قوى الـ YPG.

المداخلة كاملة على الرابط التالي: https://youtu.be/1dhiOCY12U0

السبت, 06 شباط/فبراير 2016 11:08

مستقبل سوريا في ظل التطورات الأخيرة

أجرى موقع نون بوست حواراً معمقاً مع الأستاذ معن طلاع، الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية -مسار السياسة والعلاقات الدولية- تناول آخر التطورات والمستجدات على الساحة السورية والإقليمية والدولية، لا سيما مفاوضات جنيف3 ومؤتمر المانحين الأخير في لندن، واحتمالات التدخل العسكري في سورية.

أوضح الأستاذ طلاع أن تنامي الحديث عن مشاريع التقسيم في سورية استناداً إلى بنك الأهداف العسكرية الروسية، وضرب المعارضة السورية، هو أمر مبرر، لكنه اعتبر أن الدور الوظيفي لنظام الأسد في المعادلة الإقليمية لا يمكن أن يتم من دون الحفاظ على نظام سياسي مركزي.

وتوقع الأستاذ طلاع تغير الموقف الأردني قريباً فيما يتعلق بالحملة الروسية على الجبهة الجنوبية، لا سيما بعد سقوط مدينة الشيخ مسكين، وزيادة تحرك الميلشيات التابعة لإيران، والخشية من استغلال الجماعات "الإرهابية" لمتغيرات ميزان القوى، إضافة إلى القلق المتزايد من موجات نزوح جديدة.

واستبعد الباحث في مركز عمران تدخلاً برياً سعودياً أو تركياً في سورية ما لم يكن تحت المظلة الأمريكية وبتنسيق مع واشنطن لزيادة الضغوط على موسكو، على الرغم من استفحال الخطر الكردي بالنسبة للأتراك في الشمال السوري.

وفيما يتعلق بجبهة النصرة وما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية"، اعتبر طلاع أن الأولى مقبلة على صيغ "متطورة" وأكثر "مرونة" فيما يتعلق بعلاقاتها وارتباطاتها، بسبب الضغوط الميدانية، أما بالنسبة للآخر، فإن الحملة الروسية على المعارضة السورية المعتدلة قد زادت من قوته.

نص الحوار كاملاً على موقع نون بوست: http://goo.gl/3nkfXn