Omran Center

Omran Center

مُلخّصٌ تنفيذيّ

  • تبدو حملة موسكو والنظام على الغوطة الشرقية مغامرة سياسية وعسكرية، تستند إلى افتراض النظام بأنه الأقوى على الأرض، مستفيداً من فائض القوى الذي ولدته اتفاقات خفض التصعيد، وافتراض روسي مقابل باستمرار الولايات المتحدة في سياساتها المضطربة تجاه الملف السوري واقتصار دورها على شرق الفرات.
  • وقعت موسكو من خلال حملة الغوطة الشرقية في فخ التحول المباشر إلى طرف في الأزمة السورية بدلاً من فاعل دولي مساعد في الحل، وهو الدور الذي لطالما حاولت موسكو الإيحاء به، إضافة إلى تورط حليفها النظام في معركة طويلة الأمد قد تشكل حرب استنزاف لقواه وتعيد للعالم صورة النظام الدموي الذي يقتل شعبه، والتي حاول النظام وحلفاءه إخفاءها خلف ستار "حرب الإرهاب".
  • وضعت موسكو نفسها بين فكي كماشة أمريكية أوروبية تتيح لهم الفرصة للضغط على موسكو وتصفية الحسابات الموزعة على عدة ملفات عالقة بين الطرفين، الأمر الذي يُعَدُّ مؤشراً على أن ملف الغوطة الشرقية قد تجاوز حدودها الجغرافية إلى صراع دولي.
  • إن لحظة الانتهاء من حرب تنظيم الدولة كانت لحظة حاسمة ولها تداعيات كبرى على الملف السوري، أولها: نهاية مسمى "الأزمة" بانحسار أثارها الدولية والإقليمية وعلى رأسها "الإرهاب"، مما يعني عودة مفهوم "الثورة" ببعده الدال على المواجهة بين النظام السوري وشعبه. وثانيها: بأن فراغ الولايات المتحدة وتحالفها الدولي من حرب الإرهاب حمل ضمناً رسالة مفادها؛ نهاية التفويض الأمريكي لموسكو بالتحكم بالملف السوري، واستخدام واشنطن لوجودها العسكري على الأرض السورية باتجاه موازنة القوة مع موسكو وطهران.
  • إن تفاعل المتغيرات المتسارعة على الصعيد الاستراتيجي الأمريكي خصوصاً والناتوي عموماً، لم يكن في حسابات موسكو، والتي لجأت في محاولة لاستدراك آثاره إلى تحرك ورد فعل سريع في الغوطة.
  • في هذا المناخ المتوتر بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، يمكن فهم تفرد موسكو الواضح بعملية الغوطة، مقابل حضور إيران الملتبس، بناءً على عاملين: رغبة موسكو باستعراض قوتها منفردة كند لواشنطن وتثبيت مناطق نفوذ خالصة لها دون تواجد إيراني. إضافة إلى سعي موسكو للتخفيف من حضور طهران لتجنب هذا التشنج الإقليمي (الإسرائيلي-الخليجي) والدولي اتجاه إيران وسلوكها في المنطقة، والاحتمالات المتزايدة للتحرك العسكري ضدها.
  • تشكل الغوطة الشرقية اليوم-بعد دير الزور-إحدى المحطات التي ستتوضح فيها الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في سورية، ومقياساً لمدى جدية الولايات المتحدة ومن خلفها أوروبا والخليج العربي في مواجهة النفوذ الإيراني والروسي في سورية، والوصول إلى حل سياسي للأزمة يرسم مستقبل سورية بدون الأسد.

مدخل

بدأ النظام السوري مدعوماً بغطاء جوي ودبلوماسي روسي في 18 شباط/ فبراير حملة قصف جنونية طالت مدن وبلدات الغوطة الشرقية؛ استهدفت بنيتها التحتية وتسببت بمقتل المئات من المدنيين، تبعتها محاولات للتقدم البري تكبد فيها النظام خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. أثارت تلك الحملة ردود أفعالٍ دولية معارضة وحراكاً دبلوماسياً نشطاً لوقفها، تصدرته الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والسويد، وأفضى إلى استصدار القرار الدولي رقم: (2401)، والقاضي بوقف الأعمال العسكرية لمدة شهر وإدخال المساعدات الإنسانية، ولكن النظام وحليفه الروسي لم يلتزما بالهدنة وطرحا بديلاً يقوم على فتح معبر إنساني لخروج المدنيين، بيد أن أهالي الغوطة لم يستجيبوا لتلك الدعوات ورفضوا الخروج حتى الآن.

 وعلى الرغم من الحراك الدبلوماسي النشط أوروبياً وأمريكياً، والحراك الروسي المضاد في أروقة مجلس الأمن؛ إلا أن المشهد يكاد يخلو من أي دور إقليمي فعال دبلوماسياً، سواء على الصعيد الخليجي التركي، أو على المقلب الآخر حيث لا يلحظ أيضاً ثقل إيراني دبلوماسي وعسكري فعّال وواضح على الأرض، الأمر الذي يشير إلى أن الغوطة أصبحت ساحة للصراع الدولي؛ بين أمريكا وأوروبا من طرف وروسيا من طرف آخر، بشكل يجعل الفاتورة البشرية للضحايا مرشحة للارتفاع في الأيام القادمة، ويبقي مآل الغوطة ملتبساً وخاضعاً لعدة احتمالات تبعاً لقدرة أهالي الغوطة وفصائلها على الصمود أولاً، ومدى جدية المجتمع الدولي وقدرته على فرض وقف إطلاق النار وإجبار موسكو والنظام على الالتزام بالهدنة، حيث تشكل الغوطة اليوم اختباراً للاستراتيجية الأمريكية الجديدة في سورية وقدرتها على تحجيم الدور الروسي بشكل يعيد بثّ الحياة في مسار جنيف المعطل، ويعيد ضبط بوصلة الحل السياسي باتجاه بعيد عن الطموحات الروسية للتفرد به. وعليه تسعى هذه الورقة إلى رسم ملامح المشهد الدوليّ الجديد لفهم وتفكيك ما يجري اليوم في الغوطة الشرقيّة بشكلٍ خاص، واستشراف مآلات الحملة العسكرية عليها وأثرها على مسار الحل السياسي في ظل الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه سورية. مقابل قراءة تحليلية على مستوى الملف السوري برُمّته، والذي دخل مرحلة جديدة وحساسة تشكل الغوطة الشرقيّة بوابتها، ويمكن تسميتها "مرحلة ما بعد الإرهاب".

أولاً: النظام وموسكو (المغامرة)

لا تبدو الحملة العسكرية التي يقودها النظام وروسيا على الغوطة الشرقية عملية مدروسة الأبعاد والعواقب، سواء على المستوى العسكري ومقاربة موسكو لسيناريوهات مناطق سورية أخضعتها سابقاً(حلب)، أو على المستوى الدبلوماسي الذي تمثل بفشل محاولات تبرير العملية وخلق غطاءٍ دوليّ لها. لذلك يمكن القول إن ما تقوم به قوات النظام وموسكو في الغوطة مغامرة سياسية وعسكرية، تستند إلى افتراض النظام بأنه الأقوى على الأرض بعد التقدم الذي أحرزه في إدلب ودير الزور، مستفيداً من فائض القوى الذي ولدته اتفاقات خفض التصعيد، وافتراض روسي مقابل باستمرار الولايات المتحدة في سياساتها المضطربة تجاه الملف السوري واقتصار دورها على شرق الفرات، الأمر الذي يمنح موسكو المساحة الأكبر في ترتيب الأوضاع على الأرض بما يتناسب مع مصالحها ورؤيتها للحل السياسي. ويمكن الاستدلال على عامل المغامرة في هذه العملية من خلال مجموعة نقاط:

1.   غياب الذريعة

تجلت ذريعة النظام وموسكو المعلنة للهجوم على الغوطة بوجود عناصر إرهابية تتبع هيئة "تحرير الشام" في بعض مناطق الغوطة، ولكن إعلان فصائل الغوطة استعدادها لإخراج هذه العناصر أحرج موسكو، والتي عطّلت بدورها التفاوض حول خروج هؤلاء العناصر؛ لتتحول الذريعة إلى استهداف المدنيين في العاصمة دمشق بالقذائف من قبل فصائل المعارضة، وهو الأمر الذي يشير إلى مأزق موسكو في تغطية عملها العسكري وتقديم مبررات مقبولة لدى المجتمع الدولي لاستمرار حملتها على الغوطة وما ينتج عنها من مجازر يومية، خاصة وأن حجة "الإرهاب" لا تجدي نفعاً في حالة الغوطة، والتي تعترف موسكو بفصيليها الأقوى (جيش الإسلام- فيلق الرحمن)، حيث وقّعت معهما تتابعاً اتفاقاً اعتبرت بموجبه الغوطة منطقة خفض تصعيد. ولعل غياب الذريعة هو ما شكّل عاملاً مساهماً في تقوية المواقف الأمريكية الأوروبية ضمن مجلس الأمن، ودفع الدبلوماسية الروسية لتجنب المزيد من العزل الدولي في أروقة الأمم المتحدة، عبر عدم استخدام الفيتو في وجه القرار (2401)، مقابل تمريره بعد الالتفاف عليه وإفراغه من مضمونه وعدم الالتزام بتطبيقه.

2.   المقاربة الخاطئة

مقابل غياب الذرائع، فإن إشارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ومندوب النظام في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، لإمكانية تطبيق سيناريو حلب في الغوطة الشرقية؛ يبدو مقاربة خاطئة وغير مدروسة، وذلك وفقاً لعدة عوامل تصب في صالح الغوطة لناحية عدم إمكانية سحب سيناريو حلب عليها، ولعل أبرز تلك العوامل:

  • المساحة والجغرافية: حيث تمتد الغوطة الشرقية على مساحة 110 كم2، في حين اقتصرت مساحة الأحياء الشرقية لحلب في السيناريو الشهير على 3كم2، بالإضافة إلى أن جغرافية الغوطة تتشكل من مدن وبلدات متفرقة ومترامية ومساحات مفتوحة من الأراضي الزراعية بشكل يضطر النظام إلى خوض نوعين من المعارك، وهي حرب المدن والحرب النظامية في المساحات المفتوحة، الأمر الذي قد يزيد من خسائر قواته ويجعل الغوطة منطقة أكثر صعوبة من معارك أحياء حلب الشرقية، وهذا ما تدل عليه خسائر النظام الكبيرة في حملاته الثمان السابقة على الغوطة منذ العام 2012([1]).
  • السكان: يعيش في الغوطة الشرقة الآن ما يقارب 400 ألف نسمة من المدنيين المحاصرين منذ العام 2013، بشكل جعلهم يطورون بدائل محلية مستندة إلى خبرتهم كمزارعين، الأمر الذي يجعل الحصار أخف وطأة عليهم من حلب الشرقية، وإمكانية إفراغ الغوطة من سكانها على غرار حلب أمراً صعباً، حيث لا توجد اليوم منطقة سورية تحتمل هذه الكتلة البشرية في حال هُجّرت.
  • المقاتلون: لا يزيد عدد المقاتلين في الغوطة الشرقية كثيراً عن نظرائهم في حلب الشرقية، حيث تتراوح التقديرات بين 8000- 10000 آلاف مقاتل، ولكن الفارق في أن المقاتلين في الغوطة هم أبناء المنطقة بكتلتهم الكبرى، مما يزيد في تعزيز عامل الدفاع عن أرضهم وعوائلهم، إضافة إلى أن تنظيمهم وتسليحهم وخبراتهم القتالية تعد أفضل مما كانت عليه فصائل حلب، فالفصائل الثلاثة الكبرى في الغوطة (جيش الإسلام، فيلق الرحمن، أحرار الشام) أظهرت مرونة تفاوضية منذ بداية الحملة العسكرية وتنسيقاً عالياً في صد الهجوم البري، حيث دخلت في غرفة عمليات مشتركة متجاوزة خلافاتها السابقة([2])، ناهيك عن اعتمادها على الإنتاج الذاتي للأسلحة والذخائر التي تحتاجها، مما يمنحها القدرة على المقاومة طويلة الأمد، والأهم من ذلك هو صعوبة إخراج هذا العدد من المقاتلين المدربين والمنظمين إلى أي من جبهات المعارضة الأخرى، إذ سيؤدي ذلك إلى اختلال في موازين القوى مع النظام في تلك الجبهات المحكوم أغلبها باتفاقات أمنية إقليمية ودولية، بالإضافة إلى اختلال توازن القوى القائم بين الفصائل المهيمنة على الجبهات بشكل قد يدفعها إلى رفض استقبال كتلة عسكرية كهذه، يصعب السيطرة عليها و تطويعها ضمن فصائل أخرى.
  • الفاعلية الإقليمية: تعتبر الغوطة جغرافية داخلية غير حدودية مع أيّ دولة، الأمر الذي يعدُّ عاملاً هاماً يمنح فصائلها مساحة أكبر نسبياً في التحرك الدبلوماسي والمواجهة العسكرية بعيداً عن التأثير الإقليمي المباشر، والذي كان عاملاً حاسماً في سقوط أحياء حلب الشرقية. فبالرغم من وجود داعمين إقليميين لفصائل الغوطة؛ إلا أن النشاط الدبلوماسي والسياسي منذ بدء مسار أستانة يُظهر بوضوح المساحة الأوسع نسبيّاً من القرار الذاتي التي تتمتع بها قيادتا جيش الإسلام وفيلق الرحمن بعيداً عن الهيمنة الإقليمية المباشرة، والخاضعة لها غالبية الفصائل في الجبهات الشمالية والجنوبية.

3.   رد الفعل الدولي

يبدو أن اختيار موسكو لتوقيت العملية العسكرية ضد الغوطة الشرقية؛ عبّر بشكلٍ أو بآخر عن سوء تقدير من قبلها لجدية الاستراتيجية الأمريكية الجديدة بخصوص سورية، والتي أعلن خطوطها العامة وزير الخارجية الأمريكية، ريكس تيلرسون، قبل شهر تقريباً من بداية الحملة على الغوطة، والتي تعتمد على تطويق النفوذ الإيراني وبناء مستقبل سوري من دون الأسد، ما يعني استهداف حلفاء موسكو بشكل يقوض من فاعلية الدور الروسي في سورية، وذلك عبر عودة الثقل الأمريكي الأوروبي الذي كان منشغلاً في فترة حرب تنظيم الدولة "داعش"، لذلك أسفرت الحملة العسكرية على الغوطة عن ردود أفعال أمريكية أوروبية معارضة وغير مسبوقة، تراوحت بين الضغط الدبلوماسي عبر مجلس الأمن و التواصل المباشر مع موسكو وصولاً إلى التلويح بالقوة العسكرية في حال تم استخدام السلاح الكيماوي، الأمر الذي يمكن أن يُفسّر كإثبات لجدية واشنطن وأوروبا في العودة بقوة للانخراط في الملف السوري وعدم السماح لموسكو بالتفرد في المناطق السورية الواحدة تلو الأخرى في إطار سعيها لفرض رؤيتها الخاصة في الحل السياسي.

ويشير واقع الحراك الدولي -الأمريكي الأوربي- تجاه الحملة الروسية على الغوطة، وما تبعه من حملة إعلامية دولية وحراك مدني سوري في مختلف عواصم العالم؛ بأن موسكو ونتيجة لمغامرتها غير المحسوبة قد وقعت في فخ التحول المباشر إلى طرف في الأزمة السورية بدلاً من فاعل دولي مساعد في الحل، وهو الدور الذي لطالما حاولت موسكو الإيحاء به، إضافة إلى تورط حليفها النظام في معركة طويلة الأمد قد تشكل حرب استنزاف لقواه وتعيد للعالم صورة النظام الدموي الذي يقتل شعبه، والتي حاول النظام وحلفاءه إخفاءها خلف ستار "حرب الإرهاب". وبذلك تكون موسكو لم تنجح في تحقيق نصر سريع يُستخدم في استكمال صورة المنتصر التي يريدها الرئيس، فلاديمير بوتين، قبيل الانتخابات الروسية في الثامن عشر من الشهر الجاري، بل ووضعت نفسها بين فكي كماشة أمريكية أوروبية تتيح لهم الفرصة للضغط على موسكو وتصفية الحسابات الموزّعة على عدة ملفات عالقة بين الطرفين، الأمر الذي يُعَدُّ مؤشراً على أن ملف الغوطة الشرقية قد تجاوز حدودها الجغرافية إلى صراع دولي.

ثانياً: المشهد السوري الجديد (ما بعد الإرهاب)

يبدو أن نشوة "الانتصارات" التي حققها تدخل موسكو العسكري في سورية قد غيّبت عن العقل الاستراتيجي الروسي حقيقة مفادها أنَّ؛ لحظة الانتهاء من حرب تنظيم الدولة كانت لحظةً حاسمةً ولها تداعيات كبرى على الملف السوري، أولها: نهاية مسمى "الأزمة" بانحسار أثارها الدولية والإقليمية وعلى رأسها "الإرهاب"، مما يعني عودة مفهوم "الثورة" ببعده الدال على المواجهة بين النظام السوري وشعبه.  وثانيها: بأن فراغ الولايات المتحدة وتحالفها الدولي من حرب الإرهاب حملَ ضمناً رسالةً مفادها؛ نهاية التفويض الأمريكي لموسكو بالتحكم بالملف السوري، واستخدام واشنطن لوجودها العسكري على الأرض السورية باتجاه موازنة القوة مع موسكو وطهران، وهو ما بدأت تظهر مؤشراته بوضوح مع مطلع العام 2018، والتي تمثلت في إعلان استراتيجية الدفاع الأمريكية الجديدة المتمحورة حول احتمال المواجهة مع روسيا والصين([3])، ووضحت أكثر ضمن خطاب وزير الخارجية الأمريكية، ريكس تيلرسون، في جامعة ستانفورد، والذي استعرض فيه الرؤية الأمريكية في سورية ما بعد "داعش"، حيث أكد على نية واشنطن الاحتفاظ بوجودها العسكري في سورية لمواجهة بقايا تنظيم الدولة والنفوذ الإيراني، وعدم تكرار خطأ العراق بالانسحاب، إضافة إلى استبعاد وجود الأسد في مستقبل سورية ودعوة موسكو للتعاون لإعادة الهدوء لمناطق خفض التصعيد([4]).

 بالمقابل شهد شهر شباط/ فبراير تصعيداً عسكرياً أمريكياً روسياً، من جهة، في دير الزور وتمثل في الضربة الأمريكية لمليشيات النظام ومرتزقة روس حاولوا تجاوز الخط الأحمر الأمريكي للعبور إلى شرق الفرات. إضافة إلى تصعيد إيراني إسرائيلي، من جهة أخرى، تمثل في إسقاط الطائرة الإسرائيلية في سورية، ثم تمت ترجمة التوتر العسكري في سورية بشكل تصعيد كلامي في "مؤتمر ميونخ" للأمن، حيث هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بالتحرك العسكري ضد طهران إذا لزم الأمر([5])، كما كشفت الخُطب في ذات المؤتمر عن مدى تعقد المشكلات العالقة بين موسكو وحلف شمال الأطلسي، بدءاً من شبه جزيرة القرم والتدخل الروسي في شرق أوكرانيا، إلى تورطها بالانتخابات في الولايات المتحدة وبعض دول أوروبية، مروراً بدعمها نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وصولاً إلى امتناعها عن الالتزام بمعاهدات خفض التسلّح، وحشدها مزيداً من القوات في شمال غربي روسيا وجيب كاليننغراد، ما يشكّل تهديداً لأمن دول البلطيق والبلدان الإسكندنافية([6]).

ويبدو أن تفاعل تلك المتغيرات المتسارعة على الصعيد الاستراتيجي الأمريكي خصوصاً والناتوي عموماً، لم يكن في حسابات موسكو، والتي لجأت في محاولة لاستدراك آثاره إلى تحرك ورد فعل سريع في الغوطة الشرقية يحقق لها عدة أهداف في هذا الإطار، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال عدة مؤشرات:

  1. "شيطنة الغوطة": والذي تجلى في المناخ السائد في موسكو بين أوساط خبراء سياسة الشرق الأوسط ومراكز الدراسات المقربة من دوائر صنع القرار قبيل بدء الحملة على الغوطة، واعتبارها "نقطة تواجد أمريكية من حيث التسليح ودعم الفصائل"، وأن أولوية روسيا الاتحادية يجب أن تكون إخراج الأمريكان من محيط دمشق، حيث أنتج هذا المناخ عملية إعلامية ضخمة لشيطنة الغوطة لدى النخبة الروسية والرأي العام كمقدمة لتبرير التدخل العسكري للسيطرة عليها([7]).
  2. عملية انتقامية: يمكن القول بأن موسكو تستثمر العملية العسكرية في الغوطة للرد على الضربة الأمريكية في دير الزور، والتي أودت بحياة 200 من المرتزقة الروس في خسارة تعادل خمسة أضعاف خسائر موسكو منذ تدخلها في سورية 2015، وبالرغم من الإنكار في البداية ومن ثم الصمت عن الحادثة الذي انتهجته موسكو؛ إلا أن محللين روس اعتبروا الحادثة " أول اشتباك بين القوتين منذ حرب فيتنام، وأنها فضيحة كبرى وسبب لأزمة دولية حادة، ولكن روسيا ستتظاهر وكأن شيئاً لم يحدث"([8]).
  3. تسويق السلاح: إن فتح جبهة جديدة في سورية يتيح لموسكو فرصة لتسويق أسلحتها الجديدة، وهو نهج اعتمدته روسيا منذ بداية تدخلها العسكري في سورية، حيث جرّبت حوالي 200 نوع سلاح جديد([9])، إذ تحتاج موسكو حملة تسويقية جديدة في سورية لأسلحتها بعد فضيحة فشل منظومة S400 في حماية قاعدة حميميم من هجوم بالقذائف أدى إلى تدمير سبع طائرات في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2017([10])، وسقوط إحدى طائراتها في إدلب ومقتل الطيار مطلع شباط/ فبراير الفائت، الأمر الذي دفع موسكو لاستخدام طائراتها الأحدث من الجيل الخامس "الشبح" في الغوطة بالرغم من أنها لم تنهي اختباراتها بعد([11])، هذا الاستخدام الذي تبعته تصريحات الرئيس الروسي حول تطوير صواريخ بالستية جديدة تحمل رؤوس نووية قادرة اختراق أنظمة الدفاع الجوي الأمريكي، في إعلان عن سباق تسلح جديد مع الولايات المتحدة الأمريكية ([12]).

وفي هذا المناخ المتوتر بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية يمكن أيضاً فهم تفرّد موسكو بعملية الغوطة الشرقية، وتجنبها لحضورٍ إيرانيٍ واضح وفعَال بناءً على عاملين:

  • رغبة موسكو باستعراض قوتها منفردة كند لواشنطن وتثبيت مناطق نفوذ خالصة لها دون تواجد إيراني.
  • تجنب هذا التشنج الإقليمي (الإسرائيلي-الخليجي) والدولي اتجاه إيران وسلوكها في المنطقة، والاحتمالات المتزايدة للتحرك العسكري ضدها.

كما يمكن من خلال العلاقة مع روسيا تفسير مواقف الدول الأوروبية المتصدرة للحراك الدبلوماسي في مجلس الأمن ضد عملية موسكو في الغوطة الشرقية، فبالإضافة إلى الملفات المعلقة بين الناتو وروسيا، تشتعل حرب إعلامية بين موسكو وبريطانيا حول دعم الأخيرة للدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، والذي تعتبره موسكو منظمة "إرهابية"، وتدير في هذا الإطار حملة إعلامية دولية كشفت تفاصيلها صحيفة الغارديان البريطانية([13])، بشكل جعل الطرفان في مواجهة إعلامية ودبلوماسية حول سلوكهما في سورية. كما يزيد من الحراك الألماني تجاه ما يحدث في الغوطة، إضافة إلى مشاكلها الناتوية مع موسكو، شعورها بالحرج الأخلاقي إزاء ملف استخدام الكيماوي في الغوطة، خاصة بعد ما نشرته صحيفة "ديرشبيغل" الألمانية حول تورط شركات ألمانية في تصدير أجزاء من الصواريخ التي ضُربت بها الغوطة في العام 2013([14]). أما السويد فتجد في الهجوم على الغوطة فرصة لإدانة موسكو، والتي أدى التوتر بينهما نتيجة النشاط الروسي في البلطيق إلى احتمالات اندلاع مواجهة عسكرية نهاية العام 2016([15])، في حين تلتزم فرنسا وإدارة ماكرون بالخط الأحمر الذي وضعته الإدارة السابقة فيما يخص استخدام القوة في حال حدوث هجوم كيماوي في سورية. أما المواقف العربية الخجولة والمقتصرة على تصريحات بخصوص الوضع الإنساني، فيمكن فهمها في إطار الانشغال بالنفوذ الإيراني في سورية، والحشد الدولي لمواجهته، وعليه تفضل الدول العربية وعلى رأسها الخليجية عدم المواجهة مع موسكو، خاصةً في ظل استمرار الأزمة الخليجية، ولذلك يمكن اعتبار المبادرة المصرية مجرد محاولة لذر الرماد في العيون وإخلاء المسؤولية بوصف مصر أحد الضامنين لاتفاق خفض التصعيد في الغوطة.

ثالثاً: نتائج وخلاصات

من خلال استعراض طبيعة الحملة العسكرية التي تقودها موسكو والنظام السوري على الغوطة الشرقية وتحليل المناخ الدولي والإقليمي المحيط بها، مقابل استعراض نقاط القوة الداخلية للغوطة، يمكن التوصل إلى النتائج التالية:

  1. خيار روسي: يبدو أن قرار الهجوم الحالي على الغوطة الشرقية لم يكن للنظام السوري بقدر ما كان خياراً روسياً يستهدف واشنطن من خلال مناطق المعارضة التي تعتبرها موسكو "موالية لأمريكا"، ولعل اختيار رجل موسكو في جيش النظام، سهيل الحسن، لقيادة العملية يفهم في سياق التأكيد على أن العملية تخدم مصالح موسكو أكثر من النظام السوري.
  2. تدويل الصراع: إن تحول ملف الغوطة الشرقية إلى ساحة صراع دولية بين موسكو من جهة وأمريكا وأوروبا من جهة أخرى؛ قد يزيد من أمد الحملة، خصوصاً مع ما تظهره فصائل الغوطة وأهلها من صمود ورفض لخيار الخروج حتى الآن.
  3. معركة طويلة الأمد: ترتكز استراتيجية موسكو والنظام في محاولتهما التقدم برياً من الجبهات الشرقية للغوطة (حوش الظواهرة، الشيفونية، وغيرها) وهي مساحات زراعية مفتوحة، على تجنب حرب المدن في المحاور الأخرى وتخفيف خسائرها، إضافة إلى محاولات السعي لفصل شمال الغوطة عن جنوبها عسكرياً كمرحلة أولى في تقسيمها إلى جيوب، بشكل يُسهَل من السيطرة عليها لاحقاً، الهدف الذي لا يبدو سهلاً ويشير بنفس الوقت إلى نية موسكو خوض معركة طويلة الأمد بهدف إخلاء الغوطة.
  4. موازنة الحل السياسي: يبدو أن الحراك الدولي المناهض لعملية الغوطة والهادف لإيقاف القصف عنها ومنع سقوطها، مستمر بوتيرة متصاعدة وأكثر جدية من سابقتها ويدفع باتجاه خيارات مفتوحة لأمريكا وأوروبا بشكل قد يتجاوز مجلس الأمن، خاصة وأن الغوطة الشرقية تمثل الورقة الأكثر تأثيراً في موازنة الحل السياسي بعيداً عن طموحات موسكو والنظام في الحسم العسكري. الخيارات التي سترتبط بشكل مباشر في مدى تصعيد النظام وموسكو في الغوطة الشرقية واحتمالية استخدام الأسلحة المحضورة دولياً أو الاستمرار في عدم الالتزام بقرار مجلس الأمن.
  5. احتمالان: في ظل ما تقدم من نتائج يصبح احتمال سقوط الغوطة عسكرياً وإخلاءها من سكانها ضعيفاً في المدى القريب، وممكناً في حال استمرار الحصار ووتيرة القصف العالية لمدة طويلة، مما يعني قدرة موسكو على تحقيق انتصار دبلوماسي على أمريكا وأوروبا، وهذا ما يبدو أن الأخيرة لن تسمح به، أما الاحتمال الأكثر ترجيحاً يتمثل بنجاح المساعي الدبلوماسية مع موسكو في التوصل إلى تهدئة وتثبيت لاتفاق خفض التصعيد، مقابل تنازل المعارضة السورية عن بعض المناطق الواقعة تحت سيطرتها في محيط العاصمة، والتي تبعد خطر قذائفها عن دمشق "تبعاً للذريعة الروسية"، وتحفظ لموسكو ماء وجهها، كما أن هذا الاحتمال قد يكون مغرياً لموسكو والنظام لضم المناطق المحيطة بالعاصمة (جوبر، حرستا، وأجزاء أخرى) إلى مشروعها لإعادة إعمار المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث تعتبر تلك المناطق ضواحي سكنية لمدينة دمشق .
  6. مسار أستانة: من المستبعد أن تؤثر الغوطة أياً كان الاحتمال الذي ينتظرها على مسار أستانة لناحية مناطق خفض التصعيد التي أنتجها، فحتى الآن تُظهر الأطراف الفاعلة في الملف السوري (دولية وإقليمية) رغبة في الحفاظ على هذا المسار، وخصوصاً في الجنوب، حيث يوجد الأردن والولايات المتحدة الأمريكية كشركاء في التفاهم الذي أفضى إلى ضمه إلى مناطق خفض التصعيد، على عكس الغوطة التي تفتقد الظهير الإقليمي الحدودي، أما الشمال السوري فالتفاهمات بخصوصه قد أُنجزت بين تركيا وروسيا من جهة ومع الولايات المتحدة من جهة أخرى، كما أن التحسن الملحوظ في العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة بعد زيارة تيلرسون الأخيرة والتقدم الذي تحرزه تركيا في معارك عفرين، قد يمنح تركيا مساحة أكبر لمناورة موسكو في الشمال وتحجيم تطلعاتها وإيران للاستحواذ على مزيد من الأراضي، في حين تعتبر المنطقة الرابعة من مناطق خفض التصعيد (ريف حمص الشمالي) هي الأنجح والأكثر هدوءاً حتى الآن وغير مرشحة للانفجار مستقبلاً.
  7. صراع جديد: تعتبر نتائج الحملة على الغوطة سياسية أكثر منها عسكرية، ففي حال تمكن الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيين من الحؤول دون سقوط الغوطة ومنع موسكو من تأمين محيط العاصمة، فهذا سيعني تقليم أظافر موسكو عسكرياً وسياسياً في سورية، وإحداث توازن قوى بخصوص شكل الحل السياسي وعقبة بقاء الأسد، أما في حال تمكن موسكو من إسقاط الغوطة فهذا سيعني توسيع مساحة سيطرتها ونفوذها وتثبيتها في مواجهة مناطق السيطرة الأمريكية في شمال شرق سورية، الأمر الذي سيحوّل سورية إلى ساحة لحرب باردة جديدة بين موسكو وواشنطن تطيل من أمد الصراع وتعقّد الملف السوري بشكلٍ أكبر.

رابعاً: التوصيات

تشكل الغوطة اليوم بعد دير الزور إحدى المحطات التي ستتوضح فيها الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في سورية، ومقياساً لمدى جدية الولايات المتحدة ومن خلفها أوروبا والخليج العربي في مواجهة النفوذ الإيراني والروسي في سورية، والوصول إلى حل سياسي للأزمة يرسم مستقبل سورية بدون الأسد، وعليه فإن الظرف الحالي يعتبر دقيقاً جداً، ويفرض على المعارضة السورية العسكرية والسياسية تجاوز أخطائها السابقة وإعادة هيكلة نفسها استعداداً لاستثمار المرحلة القادمة، والتي ستكون الغوطة بوابة الدخول لها، وعليه يمكن الإشارة إلى بعض التوصيات الهامة:

1.   على مستوى الغوطة

  • تعزيز عوامل الصمود: إن حالة الصمود التي تعيشها الغوطة اليوم هي حاصل تظافر جهود المدنيين ومنظمات المجتمع المدني والفصائل العسكرية، واستمرار هذا الصمود ريثما تؤتي جهود المجتمع الدولي أكلها في وقف المجزرة الجارية يبقى رهناً بالحفاظ على هذا التنسيق العسكري مع القوى المدنية، وقدرة الفصائل على تجاوز خلافاتها السابقة.
  • سد الذرائع: ويتمثل بسحب ذريعة وجود عناصر هيئة فتح الشام في الغوطة من يد روسيا، وذلك يمكن أن يكون عبر التفاوض مع مقاتلي الهيئة لحل التشكيل نفسه في الغوطة وتسليم سلاحه إلى فصائل الغوطة في حال تعذر إخراجهم إلى الشمال الذي يشهد معركة لاجتثاث الهيئة، أو استخدام القوة في حال فشل الحلول التفاوضية واعتقال عناصر الهيئة.
  • التنسيق السياسي: توسيع التنسيق العسكري بين فصائل الغوطة (جيش الإسلام، فيلق الرحمن، أحرار الشام) إلى تنسيق سياسي استعداداً لأي عملية تفاوضية مع الروس، وعدم إعطاء الفرصة لموسكو بإحداث اختراق سياسي بين الفصائل تكسب منه ما عجزت عنه عسكرياً.
  • شركاء الصمود: فسح المجال أمام (شركاء الصمود) الفعاليات المدنية والمجالس المحلّية في الغوطة سياسياً بشكل فعّال، وعدم احتكار الفصائل للقرار، واعتماد هذا الأسلوب كنهج مستقبلي يؤسس لإدارة مدنية حقيقية في الغوطة كنموذج لباقي المناطق المحررة.
  • ضامنون جدد: محاولة تعديل اتفاق خفض التصعيد في ظل احتمال حدوث أي تفاوض مع روسيا، وطرح إدخال ضامنين جدد أو استبدال مصر كضامن بدولة أُخرى أكثر فاعلية وقدرة على حفظ الهدنة تكون من الدول الداعمة للمعارضة، ومن الممكن اقتراح الولايات المتحدة الأمريكية أو إحدى الدول الأوروبية المشاركة بقوات التحالف الدولي المتواجدة على الأرض السورية، وقد يلقى هذا المقترح دعماً أمريكياً في ظل استراتيجيتها الجديدة في سورية.
  • الضغط الدبلوماسي: تكثيف الحراك السياسي الذي تمارسه المعارضة السورية للضغط على الدول الحليفة لها، بخاصة الخليجية للقيام بدور دبلوماسي أكثر فاعلية لوقف المجزرة الجارية في الغوطة.
  • الفاعلية الإعلامية: وتتمثل بدعم الجهد الذي يقوم به الناشطون السوريون في مدن العالم كالاعتصامات والمظاهرات أمام السفارات الروسية، وعدم الاستهانة بهذا الدور وأهميته في لفت النظر إلى ما يجري في الغوطة واستمرار التغطية الإعلامية لأخبارها في وسائل الإعلام الدولية.

2.   على مستوى الملف السوري

  • لحم المسارين: الاعتراف بأن ما يجري في الغوطة الشرقية اليوم ومن قبلها استحواذ النظام على البادية السورية وأجزاء من دير الزور وإدلب؛ هو حاصل ونتيجة مباشرة لمسار أستانة، والذي أتاح للنظام فائض قوة يوجهه باتجاه المناطق المحررة، وتجزئة الجبهات وفصلها عن بعضها، وفك الارتباط بين المسار السياسي والعسكري للمعارضة السورية، لذلك أولى خطوات استثمار الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في سورية؛ هي إعادة توحيد المسار العسكري على مستوى المعارضة بشكل كتلة واحدة وليس جبهات منفصلة، والتنسيق على المستوى التفاوضي مع المسار السياسي، وعدم الفصل بينهما كما حدث في أستانة.
  • استثمار الهوامش: إن وجود استراتيجية أمريكية جديدة في سورية، ووجود عسكري أمريكي طويل الأمد لا يجب أن يفهم على أنه نهاية الدور الروسي، وإنما هو توازن للقوى، ومقدمة لصراع دولي مباشر بعد نهاية تنظيم الدولة يُضاف إلى الصراع الإقليمي القائم، وقد يساهم في تعقيد الملف السوري أكثر؛ لذا لابد للمعارضة السورية تجنب الانخراط المباشر في لعبة المحاور، فالمرحلة القادمة بحاجة لاستراتيجية مرنة تقوم على استثمار الهوامش التي قد يخلقها صراع المحاور، وتوظيفها في خدمة مصالح وأهداف الثورة السورية.

خامساً: ملاحق الورقة

الملحق رقم (1):

جدول زمني لحملات النظام السابقة على الغوطة الشرقية

 

المصدر: وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية

الملحق رقم (2):

قوات النظام المشاركة في الحملة الحالية على الغوطة، ومحاور تقدمها

 

المصدر: وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية


([1]) للاطلاع على خسائر النظام في حملاته السابقة على الغوطة الشرقية منذ العام 2012، راجع الجدول رقم (1) في الملحق.

([2]) وحدة الرصد المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية.

([3]) استراتيجية دفاع أمريكية جديدة تشير إلى تحول في الأولويات، موقع "عربي 21"، 19/1/2018، متوافر على الرابط الآتي: https://goo.gl/pRJLy6

([4]) تيلرسون: باقون عسكرياً في سورية لمنع عودة داعش، موقع "العربية نت"، 17/1/2018، متوافر على الرابط الآتي: https://goo.gl/Y3DkW3

([5]) نتنياهو في مؤتمر ميونيخ: سنتحرك ضد إيران إذا لزم الأمر، موقع" DW الألماني"، 18/2/2018، متوافر على الرابط الآتي: https://goo.gl/QkH2qt

([6]) روسيا ترفض «تطويقها» بالبنى العسكرية لـ«الأطلسي»، موقع "جريدة الحياة"، 19/2/2018، متوافر على الرابط الآتي: https://goo.gl/7M7kVT

([7]) وحدة الرصد والمعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية.

([8]) غارات أميركية تقتل 200 من المرتزقة الروس في سورية، موقع "نيوز سنتر"، 14/2/2018، متوافر على الرابط الآتي: https://goo.gl/TDnds6

([9])  موسكو جرّبت 200 نوع من الأسلحة في قتل السوريين، موقع "أورينت نيوز"، 23/2/2018، متوافر على الرابط الآتي: https://goo.gl/cjz9EG

([10]) "كوميرسانت": تدمير سبع طائرات روسية بمطار حميميم في سورية جراء قصف بالهاون، موقع صحيفة "العربي الجديد"، 4/1/2018، متوافر على الرابط الآتي: https://goo.gl/JEjKJR

([11]) هآرتس: لهذه الأسباب بدأت روسيا باستخدام طائرة "الشبح" في سورية، موقع "أورينت نيوز"، 26/2/2018، متوافر على الرابط الآتي: https://goo.gl/7FydSG

([12]) بوتين يعرض أسلحة جديدة لا مثيل لها في العالم، موقع وكالة "سبوتنيك العربي"، 1/3/2018، متوافر على الرابط الآتي: https://goo.gl/iutkRS

([13]) The Guardian website,18/12/2017, available on: ,How Syria's White Helmets became victims of an online propaganda machine

https://goo.gl/S2uLgf

([14]) "دير شبيغل" تكشف عن تورط شركات ألمانية بهجمات الكلور في سورية، موقع "أورينت نيوز"، 6/2/2018، متوافر على الرابط الآتي: https://goo.gl/bcAkmf

([15]) السويد تستعد لحرب مع روسيا!، موقع "روسيا اليوم"، 16/12/2016، متوافر على الرابط الآتي: https://goo.gl/BFr4WL

أجرى تلفزيون العربي مقابلة تلفزيونية مع الباحث ساشا العلو للتعليق على أحداث الغوطة الشرقية في ظل القصف المتواصل على المنطقة، بتاريخ 23 شباط/ فبراير 2018

 

 

أجرت قناة الشرق مقابلة تلفزيونية مع الدكتور عمار قحف -المدير التنفيذي لمركز عمران- للحديث عن الغوطة الشرقية في ظل ما تعانيه من سياسات حصار وقصف ممنهج من قبل النظام السوري نتج عنه حسب رأي القحف أبشع المجازر فى التاريخ...

 

 

 

شارك الدكتور عمار قحف المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية في الندوة الحوارية التي نظمها مركز الجزيرة للدراسات والأبحاث بالتعاون مع المركز التركي الآسيوي للدراسات الاستراتيجية في اسطنبول في 20/ 2/ 2018م، وشارك فيها نخبة من الباحثين والمفكرين العرب والأتراك.

وتضمنت الندوة التي حملت عنوان "القوى المضادة للربيع العربي بين الواقع واستشراف المستقبل"، نقاشاً حول مآلات ثورات الربيع العربي وعودتها إلى محطتها الأولى، وإلى أي مدى تمكنت الثورات المضادة من السيطرة على مفاصل الدول التي قامت بثورات، والكلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية لمحاولات إجهاض ثورات الربيع العربي.
 
وقد بيّن الدكتور قحف أن "المشهد السوري من أقل المشاهد التي تدخلت فيه القوى المضادة للثورة، لكن التدخل الإقليمي والدولي كان كبيراً”. وقال القحف: "هناك عوامل ذاتية في الثورة السورية تقول إن النظام لم ينتصر بعد، وبشار الأسد غير موجود (القرار ليس بيده) هو فقط صورة لعصابات مختلفة وقطاع الطرق والميليشيات الخارجية”، كما أضاف: أن "كل ذلك أجّل استحقاق انتصار الثورة وتمكينها، لكنه لم يلغها ولم يحسم الصراع للنظام”،وأوضح القحف أن الشعب السوري دفع كلفة عالية لثورته، وهو يريد بديلاً عن الأنظمة القمعية، لذلك فنحن بحاجة لعقد اجتماعي جديد. وختم حديثه بالتأكيد أن هناك فرصة كبيرة أمام الشباب للدخول في المشروع العربي المتصالح مع تركيا.

 

شارك الباحث محمد العبدالله من مركز عمران في تقرير اقتصادي، أعدته جريدة عنب بلدي حول الحديث عن مستقبل الاستثمارات الخليجية في سورية من بوابة إعادة إعمار سورية. في ضوء قيام بعض رجال الأعمال والشركات الخليجية بخطوات في هذا الصدد بالتعاون مع بعض الجهات ذات الصلة برجال الأعمال داخل مناطق النظام السوري.

للاطلاع على التقرير انقر الرابط التالي: https://goo.gl/f8abjN

 

 

مدخل

شكلت مواقف دول الخليج حالات داعمة للقوى المجتمعية الثورية السورية، حيث تولت منذ البداية طرح العديد من المخارج للأزمة السورية، وشكلت مبادراتها الدينامية الأساسية والمحركة لمبادرة الجامعة العربية الأولى إلا أن استمرار رفض النظام أدى إلى تطور الموقف الخليجي والمطالبة بتنحي رئيس النظام السوري لصالحه نائبه (المبادرة العربية الثانية)، ومن ثم رفض الحوار معه ليفضي إلى تعزيز تقديم الدعم السياسي والمعنوي للمعارضة السورية في المجتمع الإقليمي والدولي، وبلغ هذا الموقف ذروته في تلك المرحلة عندما سحبت دول الخليج سفرائها من دمشق وطردت نظرائهم السوريين من أراضيها. أما في المرحلة المسلحة فقد اتبعت كل من قطر والسعودية والإمارات سياسات تمكين المعارضة ومدها بالدعم اللوجستي بدايةً ثم دعوة المجتمع الدولي ومطالبته بتسليح الجيش السوري الحر والاعتراف بمؤسسات المعارضة الرسمية وهيئاتها، إلا أن التطورات السياسية والأمنية ساهمت في عرقلة الحركة والتأثير الخليجي، سواء تلك التطورات  الناجمة عن التدخل الروسي وما فرضه من معادلات سياسية وعسكرية جديدة، أو تلك المتعلقة بالأزمة الخليجية والتحولات المحلياتية أو تلك المرتبطة "بالتخبط" الامريكي في المنطقة وما تفرزه من تمكين للمشروع الإيراني.

تناقش هذه الورقة -متكئة على أدوات التحليل الاستراتيجي-مسببات تلك العرقلة وأثرها على العلاقة الخليجية السورية وانحسار خيارات ومساحات التأثير، موضحة طبيعة المشهد السوري بعد هذه التطورات وموجبات عودة التلازم الوظيفية مع المسارات السورية الوطنية لتحقيق الاتساق العضوي لتفريغ المشروع الإيراني المتمدد، وتستكشف هذه الورقة ميادين هذا التلازم وحزم الإجراءات الضامنة لعودة الفاعلية في الحقل السياسي والأمني والتنموي.

عوائق التفاعل الخليجي مع تطورات القضية السورية

دفعت التطورات الإقليمية والتعقيدات المحلية التي تعتري الجغرافية السورية منذ التدخل الروسي إلى ظهور عوائق مختلفة الحجم أمام القوى الإقليمية الفاعلة في الشأن السوري، مما أفرز تحولاً في مسار الحركية الإقليمية وفقاً لتغلب "المنطق الجيوأمني" على مداخل الحل والانفراج السوري وبحكم أولوية "عدم التعارض مع موسكو" التي باتت فاعلاً رئيسياً في هذه الجغرافية، ودول الخليج العربي من بين تلك القوى الإقليمية، فبالنظر لأهم تلك التطورات، فإنه يمكن حصرها بعدة دوائر "متعارضة"، فرضت على دول الخليج تغييرات  واضحة أفرزت إعادة تقييم للسلوك والأداء الخليجي، وأهم هذه الدوائر وهي:

  • الدائرة الأمريكية: إذ عزز بدايةً سلوك وأداء الفاعل الأمريكي في المشرق العربي عموماً وفي سورية خاصة، تغييباً واضحاً للمداخل السياسية وتغليباً للمقاربات الأمنية، وهو ما جعل قضايا المنطقة أزمات مزمنة "يعول" فيها على عنصر التسكين والتهدئة لخلق حالة تعافي واستقرار نسبي، الأمر الذي أعاد هندسة العناصر المشكلة للعملية السياسية في سورية، فقد ساهمت سياسة واشنطن السابقة والتي اتكأت على "ترشيد استخدام القوة" ومبدأ "القيادة من الخلف" إلى تثبيت عدة عناصر حدت بشكل موضوعي عمل الإدارة القائمة، أهمها تمكين طهران في سورية التي استفادت كثيراً من واقع ما بعد الاتفاق النووي الإيراني، وترك مساحات الفاعلية السياسية الروسية والتي اتسعت في ظل الإدارة الأمريكية الحالية.
  • الدائرة الروسية: شكل تحليل النتائج المتوقعة من تدخل موسكو كالضغط على الأسد والحد من التمدد الإيراني وضرب القوى الإرهابية، عاملاً مطمئناً للفاعل الخليجي عامة، إلا أن نمو محور (إيران، موسكو، العبادي، الأسد) وزيادة فاعلية إيران وفرض الأسد ونظامه على كل المسارات الناشئة، ساهم في تبني دول الخليج سياسة الحذر والترقب، والبحث عن هوامش حركة دافعة باتجاه الحلول السياسية، والانخراط الإيجابي في كافة الفعاليات الإقليمية والدولية المعززة لتلك الحلول.
  • الدائرة الخليجية: حيث إن عوامل كالأزمة الخليجية، والحرب ضد ميليشيا الحوثي في اليمن، وتغيير أنماط السياسات المحلية، ساهمت في تأخر الملف السوري في أولويات السياسة الإقليمية لدول الخليج، الأمر الذي ساهم في تقليص مساحات التأثير في المعادلات العسكرية في الجغرافية السورية، واضطرابٌ في أدوات التعاطي، وبالتالي اتسام الحركية الخليجية اتجاه الملف السوري بالتكتيكية والقائمة على مبادئ "الصد" و"تقليل" الخسائر.
  • الدائرة السورية: ساهم الانتقال غير المتسق في خطوات الهندسة السياسية لملامح "الانفراج" السوري (من انتقال سياسي إلى سياسات التسكين والتعافي وصولاً إلى تحويل الاستحقاقات السياسية إلى اختبارات حكومية) إلى تعقيد مآل العملية السياسية، وبالتالي تعزيز احتمالات بقاء نظام الأسد وحلفائه و"انتفاء" حصول انتقال سياسي من سلطة الأسد إلى سلطة مدنية وفق آليات العدالة الانتقالية.

بعد تلك التطورات الدافعة لتغير السلوك الإقليمي لدول الخليج في سورية، فإنه يمكن تشكيل معادلة الدور الخليجي الراهنة وفق للآتي: )الفاعلية الخليجية = أدوار إنسانية ودبلوماسية+ دعم شديد المحددات والشروط+ انخراط إيجابي في عمليات التشكل السياسي(، وتؤكد هذه المعادلة -التي فرضت نفسها بحكم تنامي معوقات الفاعلية المثلى- تضيق مساحات التأثير وتقلص الفرص الكفيلة بعدم تحول سورية سواء كجغرافية لمسرح متشظي، "تُحسن" طهران المنتشرة أفقياً في هذا المسرح استغلاله ومل فراغاته بمشروعها السياسي والإيديولوجي، أو لتحول سورية كدولة إلى كيان دولتي فاشل غير قادر على ضبط المشهد الأمني والعسكري والسياسي وترتهن دوائر صنع القرار فيه لحلفائه وشروطهم الجيوسياسية في المنطقة.

"التلازم": ضرورة وحتمية  

من جهة أولى، فإن تسارع طهران لتحسين وتعزيز تموضعها في المنطقة وإن بدى غير مستقر فإنه باتجاهات امتلاك شروط التمكين، إذ يساهم تفتيت أهم المسارح الجيوسياسية في المنطقة في إضعاف دول الأطراف وتصدر طهران لدفة القيادة التي ستحاول من خلالها التحكم في ملفات المنطقة بغية ضمان عودته لممارسة دوره الشرطي قبل أحداث الربيع العربي من جهة ولاستكمال مشروعه الاستحواذي على مراكز القوة في المجال الحيوي والجيبولتيكي لهذه المنطقة.

ومن جهة ثانية، فإن عدم تحول الفعل الخليجي لاستراتيجية متكاملة قادرة على الدفع باتجاه تضمين الاتفاق السياسي المتوقع للشروط الأمنية والسياسية المحلية المتقاطعة مع محيطها العربي، واكتفائها في سياسة الصد، يسهم على المدى الاستراتيجي بإعادة فرز السلطة الحاكمة بكل ما تعنيه العودة من تعاظم شروط اللاستقرار والفوضى والتحكم في بؤر الإرهاب واتجاهاته.

 ومن جهة ثالثة، فإن التدخل الروسي الذي يحاول استثمار "نصره" العسكري في ميدان السياسة و"رعاية" عملية سياسية لا تفضي لمعالجة أسباب الرفض والقطيعة المجتمعية، فإنه ينمي مناخات الانحدار باتجاه الأفغنة القابلة للتدحرج لتغدو سمة المنطقة ككل، وبالتالي فإن كافة المؤشرات تدل على أنها خطوات ديكورية في "مسلسل ادعاءات" الحل السياسي، وهو أمرٌ ينبغي أن تبقى دول الخليج مدركةً أبعاده السلبية على المنطقة ككل،

تحتم الاتجاهات أعلاه على دول الخليج تجاوز معطلات التأثير في الملف السوري سواء المرتبطة ببنيتها الداخلية أو المتعلقة بضرورات اتساق الرؤية والأدوات الخارجية، وإعلاء أولويات التلازم الأمني والسياسي  السوري الخليجي، والاستمرار بالضغط على الفواعل الدولية لتبقى القضية المجتمعية هي المحرك الأساس في أي عملية سياسية، مستغلة عوامل في تمكين القوى الاجتماعية سياسياً واقتصادياً  وتعزيز أدوار المجالس المحلية التي هي نتاج شرعية شعبية، وهو أمر سيكون صاداً للمشروع الإيراني غير المنسجم مع هوية المنطقة وتفاعلاتها من جهة، وسيعزز من مناخات صد وتجفيف قوة الجماعات العابرة للحدود واسقاط ورقة لطالما احسنت قوى الاستبداد توظيفها في تمزيق البنية المحلية واستغلال ذلك لإعادة شرعنة بقائها.

اتساقٌ سياسيٌّ

انطلاقاً من ضرورة وأهمية هذا التلازم، فإن ملامح أي انخراط استراتيجي خليجي ينبغي له الانطلاق من اعتبارات سياسية واقعية؛ وضرورات إعادة تقييم لأدوار التأثير محلياً والبحث عن أنماط تغييرها باتجاهات تعزيز التلازم؛ بالإضافة إلى أولوية تعزيز المشروع الصاد لطموحات طهران، وعليه يمكن– كمحاولة لرسم هذه الملامح –تحديد ثلاثة أطر للفاعلية، الأول متعلق باستنباط عناصر التأثير الكامنة في العملية السياسية وسبل تعزيز مقاربة التلازم، والثاني مرتبط بتحديد الأدوار المحلياتية، والإطار الثالث يحدده واقع المشروع الإيراني وآفاقه وسبل مواجهته وتحجيمه. فإذا ما انطلقنا من في هذا القسم من الإطار الأول، فإن المشهد السياسي الراهن بات يؤكد على ثوابت جديدة، لا سيما تلك التي تعد نتائجاً للتدخل الروسي، ومنها نذكر:

  1. الاستثمار السياسي الروسي لمخرجات الأستانة، والدفع السياسي باتجاه بلورة مسارات سياسية "تجد طريقاً للحظها في حركية العملية السياسية" وتخفف من تكلفة تدخلها وتسهل من استراتيجية الخروج.
  2. انسجام نتائج التدخل مع فكرة تثبيت نظام الحكم واجراء تغييرات واصلاحات شكلية ومن داخله، واتساقه مع الهواجس الإيرانية بحكم العلاقة الوظيفية التي تضبط علاقات موسكو بطهران في سورية لا سيما فيما يرتبط بالشق الميداني، وبذات الوقت يعمل على اصدار نتائج ينبغي لها أن تحتوي عنصر جذب لأنقرة تجاه موسكو التي لا تزال تتطلع لعلاقات أمثل مع الولايات المتحدة.

إلا أن إدراك موسكو لثابتين يتعلقان بالنظام (الأول: عدم قابلية تحمل بنيته لأي تغيير حقيقي؛ والثاني عدم نجاعة تزمين خفض التوتر من زاوية عدم قدرة النظام على الحفاظ على المكتسبات العسكرية، وبالتالي العمل على أولوية الاستعجال في الخطوات السياسية اللازمة وانجازها شكلاً على الأقل) يجعل عملية الهندسة الروسية للحل السياسي عملية يعتريها العديد من العراقيل وعناصر اللاستقرار، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن العملية السياسية وفق المخيال الروسي لا تزال مرتبطة حالياً بمرحلة تفاوضات مع الأطراف الإقليمية المعنية، ومتعلقة بمدى مقاومة المجتمع الدولي لهذه الخطوة الروسية التي ستسحب تدريجياً مرجعية جنيف، هذا المجتمع الذي وإن تماهى بحكم التدخل العسكري مع المخرجات الروسية، إلا أنه يدرك أن الأمر بنهايته رهين التقارب الروسي الأمريكي، وهذا ما لم تتعزز مؤشراته المرتبطة بالشروط الأمنية السورية المحلياتية([1]).

ووفقاً لأعلاه وبالتقاطع مع الشروط الوطنية كانتفاء مسببات الإرهاب والربط العضوي بين الانتقال السياسي والاستحقاقات الأخرى، فإنه يمكن تحديد عناصر الفاعلية السياسية الخليجية بأربعة مداخل:

  1. الدفع باتجاه تبني سياسة خليجية وعربية موحدة حيال نظام الأسد، وتبيان الأضرار الاستراتيجية والتكاليف السياسية البالغة من عملية إعادة شرعنته، والعمل على إصدار بيان عربي موحد، فوجوده في النظام العربي يهيأ الظرف المكتمل لطهران لتحويل سورية لمنصة قلق وفوضى إقليمية.
  2. استراتيجية تفاوض خليجية موحدة مع موسكو لتضمين العملية السياسية الشروط السياسية المناسبة لخلق بيئة محلية مستقرة، كجلاء كافة الميليشيات الإرهابية التي تساند نظام الأسد، وبرامج زمنية للانتقال السياسي وفق القرارات الدولية ذات الصلة.
  3. دعم الفعاليات السياسية والإدارية الوطنية في مناطق خفض التصعيد، وفقاً لعناصر استراتيجية التمكين المحلي التي تستوجب العمل على تعزيز أربعة عناصر، تطوير عمليات الحوكمة في مناطق سيطرة المعارضة، وتدريب البنى الإدارية وتقوية أدائها السياساتي، برامج مكافحة التطرف الوطنية، دعم مجالس الحكم المحلي كديناميات حكومية صادة لمشاريع جبهة تحرير الشام (النصرة سابقاً).
  4. تدعيم القدرات الدفاعية لمنظومة الجيش الحر، وما تستوجبه من عمليات تحصين وحماية مناطق خفض التصعيد من أي اختراق محتمل من قبل النظام وحلفائه أو من قبل تنظيم الدولة الذي بات يعلي مقاربة المجموعات السائلة كمبدأ للاختراق وإعادة السيطرة وتحسين التموضع.

تفريغ المشروع الإيراني

تدلل الخريطة أدناه على واقع إيران العسكري والأمني في سورية في عام 2017، فبالإضافة إلى قواعدها العديدة في سورية (فعلى سبيل المثال يمتلك الحرس الثوري لوحده -عدا الميليشيات الأخرى-ثلاثة قواعد كبيرة في الكسوة بريف دمشق ومنطقة صلنفة في الساحل السوري ومنطقة السبع بيار في البادية السورية، عدا عن نقاط الاتصال والتسليح في مطار دمشق الدولي والزبداني وجمرايا في ريف دمشق ومدينة البعث في القنيطرة، والحاضر في ريف حلب) تنشط إيران حالياً على أربعة أبعاد:

  • سياسياً: إذ مكنتها منصة الأستانة الدفع باتجاه المشاركة في بلورة معالم الطريق للحل السياسي
  • عسكرياً: تقاتل طهران وميليشياتها على عدة جبهات في دير الزور والقنيطرة ودرعا وريف حمص الشرقي.
  • اقتصادياً: البدء في استحواذ مشاريع استراتيجية كالطاقة والمواصلات والعقارات.
  • إدارياً: فبالإضافة إلى سيطرتها وتحكمها في خيارات وسياسات المجالس البلدية والمحلية في مناطق سيطرتها، باتت إيران متحكمة في معظم المعابر الشرقية ناهيك عن المعابر مع الحدود الإيرانية.

بالمقابل ورغم تنامي العناصر المكملة للمشروع الإيراني وبلوغها مستويات متقدمة، إلا أن عوامل تفريغ هذه المشروع وتحجيمه لا تزال تمتلك فرصاً عديدة يمكن لدول الخليج استغلالها، خاصة أن أي حالة سياسية محتملة ستعترضها بنية أمنية هشة ومناخ فوضوي لا يمكن أن يفضي للتعافي والاستقرار المجتمعي، ومن هذه الفرص نذكر حزم الإجراءات التالية:

  1. البدء بحملة سياسية ودبلوماسية في كافة الفعاليات الإقليمية والدولية لتوصيف كافة الميليشيات الإيرانية كقوى إرهابية، واعتبارها قوى معطلة لمسيرة "السلام" ومغذية لخطاب التطرف والإرهاب.
  2. البحث عن علاقة وظيفية مع تركيا، تشكل عامل معادل لعلاقتها مع أنقرة التي فرضتها ضرورة الجغرافية والمعادلات العسكرية والأمنية في سورية.
  3. دعم كافة الاتفاقيات الأمنية المثبتة لمناطق خفض التصعيد مقابل جدول زمني لانسحاب الميليشيات الإيرانية من المجال الحيوي لهذه المناطق تمهيداً لخروجها من سورية.
  4. دعم مجموعة من الفعاليات المدنية والإعلامية والبحثية والقانونية الهادفة لخلق حالات محلية صادة للمشروع الإيراني.

إعادة الإعمار والبوصلة السياسية

تشكّل إعادة الإعمار في سورية مهمة بالغة التعقيد والتشبيك مع المسار السياسي؛ فبحسب ما هو متعارَف عليه حول المعافاة وإعادة الإعمار بعد النزاعات، يجب أن تتم إعادة البناء المادّية والمعافاة الاقتصادية والإصلاحات السياسية والمصالحة المجتمعية بصورة متزامنة من أجل نقل البلاد من حالة الحرب والفوضى إلى "السلم والاستقرار". لكن في سورية، ثمة خطر بأن يتواصل الجزء الأكبر من إعادة الإعمار والمعافاة الاقتصادية بمعزل عن المفاوضات والإطار السياسي الملائم لشروط التعافي، إذ يمكن أن تتحوّل إعادة الإعمار بسهولة إلى أداة لتثبيت مكاسب الحرب وديناميكيات النفوذ القائمة، ما يحول دون عملية الانتقال من الحرب إلى السلم أو يطرح تعقيدات أمامها، بدلاً من دعمها،  كما أن اهم ما يعزز هذا الخطر أنه مع تقدّم عملية إعادة الإعمار، ستواجه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، معضلةً بين الاستثمار في إعادة الإعمار "التقنية" – التخلّي عن فرض شروط على المساعدات، والاتجاه بحكم الأمر الواقع إلى مكافأة النظام والمساهمة في ترسيخه لنفوذه على الأرض – وبين رفض المشاركة في عملية إعادة الإعمار برمتها، ما يُعرِّضهم لخطر خسارة مزيد من التأثير[2].

 ورغم ذلك تتيح إعادة الإعمار فرصة لدول الخليج بتعزيز الاتساق السياسي مع الحاضنة المجتمعية السورية وزيادة أوراق التأثير والمساهمة في عملية التشكل السياسي لسورية ورسم معالمها المستقبلية، فإعادة تصوّر المشهد بكافة أبعاده لا يمكن له أن يتم دون إعادة صياغة الديناميكيات السياسية وديناميكيات النفوذ أو ترسيخها.[3] وتدرك دول الخليج طبيعة العلاقة بين إعادة الإعمار والحكم والنفوذ. فحتى فيما يتفاوضون على الترتيبات المتعلقة بنزع التصعيد ووقف إطلاق النار، فأنهم سيسعون أيضاً إلى ترسيخ دوائر نفوذهم في سورية عن طريق إعادة الإعمار. على سبيل المثال، تستثمر تركيا في إعادة إعمار البنى التحتية المتضررة من الحرب في الباب، آملةً بأن يساهم ذلك في طرد المجموعات المتطرفة وتشجيع عدد كبير من اللاجئين الذين تستضيفهم داخل الأراضي التركية، على العودة إلى سورية، وليس الهدف من هذه الجهود بسط الاستقرار في الوقت الراهن وحسب، إنما أيضاً تمكن ورائه أسباب سياسية.

وعليه يمكن تحديد ملامح سبل فعالية دول الخليج في سياسات إعادة الإعمار في عدة اتجاهات، أهمها ما هو مرتبط بمتطلبات تعزيز التواصل ما بين منظومة مجلس التعاون الخليجي مع الاتحاد الأوروبي (الداعم المادي الأكبر لإعادة الإعمار في سورية) والتوصل لمذكرات تفاهم وتنسيق وتعاون لإنجاز هذا التحدي، والعمل على الدفع باتجاه تحديد الشروط السياسية لبدء هذه العملية، والحذر من تحول هذا الملف من استحقاق سياسي داعم للاستقرار إلى تحدي حكومي يتوه في دهاليز البيروقراطية وشبكات الفساد الأسدية والإيرانية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه من أدوات الفاعلية يكمن في إنشاء منظومة التعاون الخليجي لصندوق مالي داعم لسياسات إعادة الإعمار وما تتطلبه من دراسة احتياجات وسياسات تنفيذية وبرامج تطوير الأداء والعودة الكريمة للاجئين والنازحين، والتركيز المباشر على مناطق سيطرة المعارضة وما تتطلبه من احتياجات تؤهلها لإدارة هذه العملية.

ختام القول

تتعاظم شروط التشكل السياسي غير المتسق مع طبيعة وتعريف القضية السورية التي تشهد تغييراً لمفاهيم سياسية كالانتقال والتغيير السياسي لصالح تسوية تفرغ الاستحقاقات السياسية الضامة لبناء سورية بما يتسق مع هويتها الحضارية وتحولها لمهمات حكومية غير مستعجلة وغير مرتبطة ببوصلة سياسية، وهو ما من شأنه تحول سورية لدولة فاشلة مزمنة تتحكم طهران في معظم دوائر صنع قرارها، وهو ما سيرتد فوضى أمنية متنامية على البنية السورية والخليجية والعربية، الأمر الذي يحفز دول الخليج لإعادة تقييم سياساتها تجاه الملف السوري ودراسة أسباب إعاقة فاعليتها عبر تعزيز مقاربة التلازم السياسي والأمني مع الملف السوري، والبحث عن امتلاك دوائر تأثير تضمن من خلالها دول الخليج إيقاف السيولة المتأتية من المشهد السوري وتضمين خطوات هندسة الحل أبعاده السياسية والاجتماعية الكفيلة بتحقيق الاستقرار والتعافي في سورية من جهة وتقوض وتفرغ المشروع الإيراني من جهة أخرى.

 

المصدر مجلة آراء حول الخليج


 ([1]) التثمير الروسي للمسار السياسي لما بعد الأستانة، تقدير موقف صادر عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ 13/11/2017، الرابط: https://goo.gl/6sN4h8

([2])  Benedetta Berti, “Is Reconstruction Syria’s Next Battleground?”, Carnegie endowment for international peace, 5/9/2017, https://goo.gl/xFWLxX

 ([3]) لقد تكبّدت سورية، خلال الأعوام الستة الماضية، خسائر تراكمية في إجمالي الناتج المحلي تخطّت 226 مليار دولار، وأصبح نصف سكّانها في عداد النازحين بسبب النزاع، ولحقت أضرار كبيرة بالبنى التحتية المدنية. بحسب التقديرات الواردة في تقرير صادر عن البنك الدولي في العام 2017، دُمِّر 27 في المئة من المنازل في المراكز المدينية التي خضعت للتقويم، أو لحقت به أضرار، ويُقدَّر مجموع تكاليف إعادة الإعمار بـ200 إلى 350 مليار دولار

نشاط محموم تقوده الحكومة السورية لإعادة النظر بالتقسيمات الإدارية القائمة بعدما عبثت بها الحرب، مدفوعة باعتبارات سياسية وأخرى تتصل بإعادة الإعمار، وتلقى هذه المساعي دعماً من قبل مراكز نافذة في النظام وأخرى محسوبة عليه، كما تجد صدى لدى الدول الداعمة له، كذلك لدى تلك المتوقع أن تتعهد فاتورة إعادة الإعمار.

وما الحديث عن تشكيل مدن جديدة ومنها مدينة القلمون، وتسريع وتيرة إصدار المخططات التنظيمية للوحدات الإدارية وإعادة إحياء مقترحات سابقة في هذا الصدد، إلا مؤشرات على التوجه الجديد للنظام والذي من المتوقع أن يتبلور بشكله الأوضح بنظام الأقاليم بمفهومه الإداري وليس السياسي بحسب بعض المصادر.

يتردد في الآونة الأخيرة ميل النظام إلى اعتماد نظام الأقاليم إدارياً وليس سياسياً وذلك لإعادة تنظيم الإدارة المحلية التي عبثت بها الحرب. ومن المتوقع إحداث أقاليم يتراوح عددها بين خمسة وسبعة أقاليم، يضم كل منها محافظات تتبع لها مجموعة مدن تضم نواحي مقسمة إلى بلدات وقرى. وما يعزز من صحة هذه التكهنات وجود مشاريع سابقة قبيل الأزمة لإحداث وحدات إدارية جديدة على مستوى المحافظات كريف حلب وتدمر والقامشلي، إضافة إلى تزايد الحديث عن إحداث وتشكيل مدن جديدة ضمن الرؤية السابقة كما ظهر في مقترح "مدينة القلمون"، والتي ستتشكل من دمج ثلاث وحدات إدارية هي؛ النبك ودير عطية وقارة.

تتلاقى توجهات النظام الجديدة مع مصالح رجل الأعمال المعروف رئيس مجلس إدارة "شركة النبراس القابضة" سليم دعبول، الذي يقود حملة على الصعيدين الرسمي والشعبي لتبني المقترح وتفعيله. واستغل دعبول زيارة وفد حكومي برئاسة رئيس الوزراء للمنطقة لعرض المقترح.

كما تشير المصادر إلى توقيع عريضة من قبل رؤساء بلديات المدن والبلدات المقربة من دعبول للمطالبة بتشكيل "مدينة القلمون" ومركزها دير عطية، فضلاً عن الترويج لمشروعه على الصعيد الشعبي من خلال إبراز إيجابيات المقترح من قبيل تخفيف العبء على المواطنين في ما يتعلق بإنجاز معاملاتهم الرسمية، وإقامة مشاريع تنموية كإنشاء سكة حديد تجمع البلدات والنواحي التي ستتبع للمدينة الجديدة من جهة، وبين باقي مدن القلمون والعاصمة من جهة أخرى، وتأسيس مدينة صناعية خامسة على مستوى سورية، وجر مياه نبع العاصي للمنطقة، إضافة إلى فتح معبر جديد بين القلمون ولبنان، كذلك تأسيس شركة لتكرير النفط والغاز من الحقول الثلاث القائمة في المنطقة وهي: البريج ودير عطية وقارة، والتي تُقدر احتياطاتها من الغاز الطبيعي بحسب وزارة النفط والثروة المعدنية السورية بـ20 مليار متر مكعب.

أثار المشروع الجديد حفيظة أهالي مدينة النبك وبلدة قارة ولكل منهم أسبابه، ويعتبر أهالي مدينة النبك أنفسهم الأحق تاريخياً وإدارياً بأن يكونوا مركزاً للمدينة المقترحة لا دير عطية، بينما يتخوف أهالي قارة من تجيير المزايا التنموية والاقتصادية الناشئة عن استغلال الغاز لصالح دير عطية.

وأمام هذه التحفظات ارتأت محافظة ريف دمشق بحسب المصادر تعليق مقترح رؤوساء البلديات وإحالته لمزيد من الدراسة، في حين يجري العمل على طرح حلول توفيقية لتجاوز هذه التحفظات من قبيل إيجاد مركز "مدينة القلمون" بالتوسط بين الحدود الإدارية للنبك ودير عطية. وتشير التوقعات الى أن المشروع سيجد طريقه للنور في ظل الحظوة التي يتمتع بها دعبول لدى النظام.

كذلك يعزز تسريع النظام لإصدار المخططات التنظيمية للوحدات الإدارية وإعادة النظر بما كان قائماً من واقعية التكهنات السابقة. وفي هذا الصدد أفادت "صحيفة الوطن" السورية بإحداث مناطق تنظيمية جديدة بمرسوم بناء على اقتراح من وزير الإدارة المحلية في المحافظات على غرار ما تم في منطقة "خلف الرازي" في دمشق، كذلك حديث معاون وزير الإدارة المحلية لؤي خريطة، عن مقترحات لدراسة تنظيم داريا وإدخاله ضمن تنظيم دمشق.

يتوخى النظام من إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية تحقيق أهداف سياسية بالدرجة الأولى، إذ يستهدف تفتيت مراكز ثقل المعارضة في المحافظات التي شهدت حركة احتجاجات واسعة ضده، وكذلك العمل على إيجاد ثقل تمثيلي في أي انتخابات محلية أو تشريعية مستقبلية؛ "مجالس الأقاليم" و"جمعية المناطق"، و"مجلس الشعب" أو "الجمعية التشريعية". بما يحول دون قدرة ممثلي مراكز المعارضة على تمرير مشروعات لا تتوافق مع المركز أو الاعتراض على تلك التي يريدها المركز. هذا بالإضافة إلى استيعاب الضغوط الروسية فيما يتعلق برؤيتها لـ"اللامركزية" الواردة في مقترحها للدستور السوري، والانفتاح على الأوربيين عبر إبداء مرونة في طرح ملف اللامركزية، واستغلاله لحثهم على الانخراط في دعم هذه العملية من بوابة "إعادة الإعمار". هذا علاوةً على استمالة ممثلي الأكراد وقطع الطريق على أي مقترحات أميركية منفردة بهذا الخصوص، عبر التلويح بمنح الأكراد إقليماً إدارياً معترفاً به دستورياً.

إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية وتبني رؤية جديدة لامركزية لإعادة ربط الجغرافية السورية ببعضها، ومعالجة إشكالية علاقة المركز بالأطراف وضمان مصالح وحقوق المجتمعات المحلية بالتكامل مع المركز، مطلب لكل السوريين كما أن هذه العملية ملكهم جميعاً. ومن شأن احتكار هذا الملف من قبل فريق دون آخر وإخضاعه إلى اعتبارات التوظيف السياسي والمحاصصات المصلحية، أن يجرد أي رؤية لامركزية من قيمتها وشرعيتها.

 

المصدر جريدة المدن الإلكترونية: https://goo.gl/XiB9CR

أصدرت "وزارة الإدارة المحلية والخدمات" في "حكومة الإنقاذ" المُشكّلة في إدلب، قراراً بحلّ المجلس المحلي لمدينة أريحا، معلنة في الوقت ذاته عن تشكيل مجلس جديد يتبع لها واعتباره الجهة الوحيدة الممثلة للمدينة، في حين أعلن المجلس المنحل في بيان رسمي رفضه للقرار، مؤكداً على شرعيته المستمدة من أهالي المدينة، بوصفهم الجهة الوحيدة المخولة بحلّ المجلس أو إيقاف عمله.

وتتخوف بقية المجالس المحلية في محافظة إدلب من المصير نفسه، خاصة في ظل ما يمارس عليها من ضغوط خدمية وأمنية ناجمة عن مساعي"حكومة الإنقاذ" لإحكام سيطرتها الخدمية والتنظيمية على محافظة إدلب، وما يعنيه ذلك من إنهاء التجربة الديموقراطية الناشئة، المُعبّر عنها بالمجالس المنتخبة محلياً.

وتشكلت "حكومة الإنقاذ" مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، كأحد مفرزات "المؤتمر السوري العام" الذي عُقِدَ في أيلول/سبتمبر، وتم اختيار محمد الشيخ لرئاسة الحكومة، ليقوم بدوره بالإعلان عن تشكيلته المكونة من 11 وزارة و4 هيئات مركزية، عقب نيلها الثقة من قبل "الهيئة التأسيسية" المكونة من 36 عضواً. الأسباب الدافعة لتشكيل "حكومة الانقاذ"، اختصرهما الشيخ في سببين سياسي وخدمي: فإما السياسي فيتمثل بالتصدي للمؤامرات التي تحاك لإجهاض الثورة السورية من خلال مؤتمرات أستانة وجنيف وسوتشي، وأما الخدمي فيقوم على تشكيل مرجعية خدمية مؤسساتية قادرة على تطوير القطاعات الخدمية وتنظيم عملها.

لذا، فقد سعت "حكومة الإنقاذ" منذ يومها الأول إلى احتكار القرار الخدمي والتنظيمي في محافظة إدلب وريفي حماة وحلب، من خلال تسلّمها إدارة الملف الخدمي من قبل "هيئة تحرير الشام"، وإصدارها قرارات لتنظيم الوضع الخدمي في المحافظة. هذا فضلاً عن إطلاقها لمبادرات سياسية. وتولت "حكومة الإنقاذ" ملفات الخدمات والقضاء والشرطة من "الإدارة المدنية للخدمات التابعة" لـ"هيئة تحرير الشام"، كما حدث في تسلّمها إدارة السجن المركزي في إدلب، وتوليها مسؤولية الإشراف على "القوة الأمنية" التابعة سابقاً لـ"جيش الفتح" و"الشرطة الإسلامية" التابعة لـ"هيئة ترحرير الشام"، مستفيدة من ايقاف الدعم عن "الشرطة الحرة" على خلفية اتهامات بعلاقتها مع فصائل إسلامية متشددة.

كما أصدرت الوزارات الخدمية التابعة لـ"حكومة الإنقاذ" قرارات تنظيمية، كإلزام الصيدليات وأصحاب المستودعات الطبية الحصول على ترخيص من مديريات الصحة التابعة لـ"الانقاذ" تحت طائلة فرض عقوبات بحق المخالفين كإغلاق محلاتهم ومصادرة محتوياتها. كذلك أصدرت "الانقاذ" قراراً بضم "جامعة حلب الحرة" إلى "مجلس التعليم العالي" التابع لها، وما أحدثه ذلك القرار من موجة احتجاجات من قبل طلبة الجامعة. وإضافة لما سبق، أعلنت "الإنقاذ" في تعميم وزعته على المجالس المحلية بأنها الجهة الوحيدة المسؤولة عن الممتلكات والمنشآت العامة، مطالبة المدنيين بإزالة التعديات تحت طائلة المساءلة القانونية.

ولكي تتمكن "الإنقاذ" من تنفيذ قراراتها وشرعنتها، فهي بحاجة إلى الاتكاء على المجالس المحلية. وفي هذا الصدد، كان رئيسها محمد الشيخ، قد قال عقب لقائه عدداً من ممثلي المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في محافظة إدلب، بأن حكومته لا تتدخل في عمل المجالس ويقتصر عملها على الإشراف على المشاريع الممولة من قبل حكومته، داعياً في الوقت ذاته إلى ضرورة إجراء انتخابات للمجالس المحلية ومجلس المحافظة بحكم انتهاء مدة ولايتها القانونية.

وهو موقف فسره بعض أعضاء المجالس بأنه محاولة من قبل "حكومة الانقاذ" للهيمنة على المجالس المحلية غير التابعة لها، والتي يُقدر تعدادها في قطاع إدلب ب ـ22 مجلساً، في حين بلغ عدد المجالس التي تم العمل على إعادة هيكليتها أو تكليفها من قبل "الإدارة المدنية للخدمات" والتي أصبحت جزءاً من "حكومة الإنقاذ" 82 مجلساً كان أخرها مجلس مدينة أريحا المنتخب في نيسان/أبريل 2017.

وقد أحدث هذا القرار انقساماً داخل مدينة أريحا بين مؤيد ومعارض، واتهم بعض السكان المجلس المنحل بالفشل في إدارة الملف الخدمي للمدينة، مبدين تفاؤلهم بقدرة المجلس الجديد على التعامل مع الملف الخدمي نظراً لتبعيته لحكومة تمتلك السلطة والموارد، بينما أشاد قسم آخر من السكان بالمجلس المنحل وبأنه نتاج عملية انتخابية حقيقية، معربين عن امتعاضهم لطريقة حلّه.

وولّد قرار حلّ مجلس أريحا مخاوف لدى بقية المجالس المحلية المستقلة من أن تلقى المصير نفسه، خاصة مجالس سراقب ورام حمدان وبنش ومعرة النعمان باعتبارها الأكثر استهدافاً بالضغوط من قبل "حكومة الإنقاذ" في المرحلة المقبلة. وأمام مساعي "الانقاذ" لإحكام سيطرتها على القرار الخدمي والتنظيمي في محافظة إدلب وريفي حماة وحلب، تجد المجالس المحلية نفسها أمام تحدٍ كبير، يتصل بمدى قدرتها على الاستمرار كتجارب ديموقراطية ناشئة في بحر متلاطم من الصراعات.

 

المصدر جريدة المدن الإلكترونية: https://goo.gl/zz8xXH

 

عقد مكتب واشنطن لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية ورشة عمل في العاصمة الأمريكية واشنطن تحت عنوان "سياقات القضية السورية ومآلاتها في العام 2018 "(الجانب العسكري والحوكمي). وذلك يوم الخميس 25 كانون الأول/ يناير 2018.

قدم الإحاطة حول التطورات والمآلات العسكرية في سورية الزميل في مركز عمران الدكتور سنان حتاحت، كما قدم المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات، د. عمار قحف عرضاً حول أنماط الحوكمة في الجغرافية السورية وعلاقاتها مع الفاعلين السوريين والجماعات العابر للحدود وللدولة وتأثير ذلك على شكل وسياق العملية السياسية دولياً.

علماً أن هذا النشاط يُعد الأول من نوعه لإشهار عمل مكتب واشنطن لمركز عمران الذي عقد شراكة مع مركز New America لاستضافة مقر مركز عمران في العاصمة الأمريكية. ويقدم مركز عمران كمركز سوري مختص بالقضية السورية وتداعياتها في المنطقة المعلومات والتحليل السياسي والحوكمي والأمني والاقتصادي بما يساهم في صناعة القرار، وليكون رديفاً لمقره الرئيسي في تركيا/ اسطنبول.

ملخص تنفيذي

  • بدأت اللقاءات والمفاوضات المحلية بين "الإدارة الذاتية" والنظام منذ عام 2016، وكان التوجه لقاعدة حميميم على مرحلتين، الأولى مرتبطة باتفاق وقف نار إثر الاشتباكات العسكرية في مدينة الحسكة بين وحدات الحماية الشعبية و"عناصر النظام". أما المرحلة الثانية فقد كانت وفقاً لغايات سياسية تفاوضية، وتمثلت بزيارات ولقاءات بين أحزابٍ من "الإدارة الذاتية" في 08/09/2016.
  • لم تُسفر تلك مفاوضات عام 2016 عن أي نتيجة تذكر، إلا أن مؤشرات القوى المشاركة وأجندة المفاوضات رشح استمرار عدة معطيات أهمها، الاستعصاء الموضوعي وإرجاء المفاوضات حتى يتم تغيير الواقع السياسي والعسكري في المشهد السوري، واستخدام الروس للمفاوضات مع الإدارة الذاتية كورقة ضغط متعددة الأهداف، واحتمالية عقد اتفاق غير معلن يقوم على دفع الطرفين نحو خلق مناخات ثقة عابرة للتفاهمات الأمنية-العسكرية الجزئية.
  • شهد العام 2017 منذ بدايته تطوراً روسياً نوعياً في تعاطيه مع الملف الكردي، حيث توسع الاهتمام الروسي ليشمل الملف الكردي ككل وذلك بحكم ضرورة فهم الحركية الكردية في ملفات المنطقة وتعزيز عناصر الجذب لموسكو على حساب واشنطن، مستغلة "التسيد الروسي" المتنامي في المنطقة.
  • لعل أهم عناصر هذا الاهتمام رعاية موسكو للمؤتمر الكردي السادس، وما يمكن تسجيله في هذا السياق وفي ظل هكذا قرارات ومواقف سياسية هي الرعاية الروسية لهذا المؤتمر. وتستند هذه الرعاية على ضرورات جعل تلك القوى ترتبط بالبوصلة الروسية وبالتالي تعزيز شروط امتلاكها كأوراق ضغط محلية وإقليمية ودولية، إلا أنها ضرورات غير محسوبة النتائج لأنها ستدخل سياساتها الإقليمية بالعديد من الإشكالات الأمنية مع دول الجوار التي تصنف بعض المدعوين كقوى إرهابية.
  • اتبعت موسكو في تعاطيها العسكري مع قوات قسد "سياسة خاصة" تختلف حدتها حسب المنطقة ففي شمال حلب وخلال شهر آذار من 2017 فرض الاتفاق على تدخل الطرف الروسي والأمريكي كقوات فصلٍ بين الطرفين وفي الريف الشمالي الغربي لحلب (عفرين وتل رفعت ومنغ)، انتهى الأمر بتدخل روسي وتشكيل " قوات فصل وإعلان مبادرة من المركز الروسي للمصالحة في سورية" وإنشاء لجنة للمصالحة الوطنية في مدن “الإدارة الذاتية".
  • تُحاول موسكو من خلال التطورات العسكرية في مناطق الإدارة الذاتية غرب النهر وشرقه تثبيت عدة معادلات عسكرية. ففي غرب النهر تم تكريس عناصر التفاهم الأمني الجزئي مع الدول المعنية، وتعزيز مناخات عودة المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية إلى النظام وفرض القوات الروسية كقوات فصل. أما شرق النهر فتتبع سياسة الردع في حال استهداف قوات حلفائها في هذه المنطقة ومبادئ الحرب الباردة مع واشنطن واستغلال كافة الفرص المعززة لتفاهمات أمنية بينية. وفي كلا المنطقتين تُحاول موسكو تكريس معادلة سياسية منسجمة مع الرؤية الروسية بالاستناد على عدة عناصر أهمها، تكريس منطق حميميم في المصالحات ضمن مناطق الإدارة الذاتية، والاعتراف المطلق بالنظام إدارياً وسياسياً.
  • لم تخرج تفاهمات قائد وحدات حماية الشعب في قاعدة حميميم في 17/10/2017 عن كونها تكريساً للمعادلات الروسية وتعزيزاً لمقاربة دفع الـ PYD (ومن ورائه بشكل غير مباشر الولايات المتحدة الأمريكية) نحو تفاهمات أمنية تؤطر الحراك العسكري شرق النهر وتضمن انخراط قوات النظام وحلفائه كخطوة ابتدائية لعودة السيطرة. كما لا تخرج تصريحات وزير الدفاع الأخيرة حول الشكل الاتحادي لسورية من كونها ادعاءات وجذباً لتعزيز مناخات التقارب مع "الإدارة الذاتية".
  • يمكن توصيف الدفع الروسي لحضور أحزاب كردية في سوتشي أو جنيف بأنه أقرب لسياسة توظيف "الإدارة الذاتية" وإجبارها على صياغة تفاهمات مع النظام السوري بما يخدم رؤية الروس السياسية من جهة، ورغبتهم في شق تحالف الولايات المتحدة الأمريكية مع الحليف المحلي (PYD).

تمهيد

يشكل رصد مناخات التفاوض الثنائية بين النظام والقوى الكردية التي يجهد الروس منذ عام 2016 على تطويرها، عاملاً مهماً لبلورة مقاربة سياسية لمآلاتها المتوقعة وتداعياتها على المشهد السوري. وفد تم إنجاز تفاهمات أمنية خفضت الصراع -مؤقتاً - بانتظار تبلور مؤشرات دالة على بوصلة التشكل السياسي للدولة السورية.

يُغطي هذا التقرير سياق العلاقة التفاوضية بين القوى الكردية (أحزاب – شخصيات) والنظام في الفترة الممتدة بين عام 2016 و2017. ويركز التقرير على حركية الزيارات الكردية إلى قاعدة "حميميم" ودمشق خلال عام 2016 وما رافقها من تفاصيل لم تتطور لاتفاق نظراً لارتباط مصير هذه المفاوضات بأبعاد لم تكتمل خلال هذا العام. وينتقل التقرير ليوضح أثر زيادة الاهتمام الروسي النوعي في تطوير هذه العلاقة على المعادلات السياسية والعسكرية التي شهدتها منطقة شرق النهر، وما رافقها من تحولات وتفاهمات أمنية بين قائد وحدات حماية الشعب والمسؤولين العسكريين الروس في عام 2016. كما يختبر التقرير في قسمه الأخير مآل هذه العلاقة وفقاً لمعيارين، الأول مرتبط بدخول تلك القوى على خارطة التفاوض المتعلقة بالعملية السياسية في سورية سواء في سوتشي أو جنيف، باعتبارها النتاج المفترض لهذه العلاقة. والثاني متعلق بتبلور اتفاقات سياسية ثنائية – عابرة للأمنية- بين النظام و"الإدارة الذاتية"كونها ستشكل في حال حدوثها دلالة مهمة على المستوى السياسي والعسكري الإداري للدولة السورية.

أولاً: عام 2016: لقاءات النظام والقوى الكردية دون نتائج تذكر

استكمالاً لعناصر الهندسة الروسية للحل السياسي في سورية، تجهد موسكو عبر أدواتها المتعددة إلى خلق مسارات تفاوضية محلية. كما تقوم بمهام الإشراف عليها وتوجيهها وفقاً لما يخدم تصورها لطبيعة الحل السياسي، ومع استطاعتها على فرض واقع عسكري جديد في منطقة (غرب النهر). شكّل هذا بدوره ضغطاً على قوى المعارضة المسلحة ودفعها للدخول في مسار الأستانة الذي أفرز مناطقاً لخفض التصعيد. بالمحصلة، باتت موسكو مهتمة بمناطق شرق النهر لا سيما بالقوة العسكرية الفاعلة والمتمثلة بقوات سورية الديمقراطية التي يشكل YPG عصبها الرئيس وذلك للأسباب التالية:

  1. منافسة واشنطن على تلك المنطقة تمهيداً لعودة سيطرة النظام على أكبر قدر ممكن من المنطقة الشرقية.
  2. الضغط على الـPYD باعتباره حليفاً لواشنطن، وبالتالي جره لتفاهمات مع النظام تُرجئ الحل العسكري.
  3. تحسين تموضع قوات النظام وحلفائه ضمن خارطة محاربة الإرهاب، وبالتالي تعزيز مقارباتها السياسية.

وانطلاقاً من تلك الأسباب، بدأت مسيرة اللقاءات والمفاوضات المحلية بين "الإدارة الذاتية" والنظام، إذ تميز عام 2016 بخروج دعواتٍ من قبل " نظام دمشق" لبعض الأحزاب الكُردية للقدوم إلى دمشق، إلى جانب دعواتٍ من قبل مسؤولين روس أيضاً لهذه الأحزاب والشخصيات إلى قاعدة حميميم، للتوسط والوصول إلى اتفاق بين الطرفين حول جملة من المواضع أهمها شكل وصلاحيات "الإدارة الذاتية". وكان التوجه لقاعدة حميميم على مرحلتين، الأولى: بحكم الاشتباكات العسكرية في مدينة الحسكة بين وحدات الحماية الشعبية و"عناصر النظام"، والتي على إثرها استدعت روسيا الطرفين إلى القاعدة للاتفاق على وقف إطلاق النار. ووفقاً لحديث طلال سلو المتحدث السابق باسم قوات "قسد"، فقد أكد على أن الاتفاق حصل بين قادة من وحدات حماية الشعب والنظام بوجود الطرف الروسي بداية شهر أيلول([1])، إضافة للقاء جمع بين القيادي في YPG"سيبان حمو"، ومحافظ الحسكة محمد زعال العلي، للوصول إلى صيغة لإدارة المحافظة من قبل الطرفين في 9 / أيلول/ 2016([2]). أما المرحلة الثانية فقد كانت وفقاً لغايات سياسية تفاوضية، وتمثلت بزيارات ولقاءات بين أحزابٍ من "الإدارة الذاتية" في 08/09/2016 والتي رافقها اقتراح " لـ إليان مسعد" رئيس وفد مجموعة حميميم في مفاوضات جنيف بضم ممثلي حزب الاتحاد الديمقراطي إلى وفد المجموعة، ونقل إليان موافقة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على "مشاركة الأكراد (PYD)" في المفاوضات ضمن وفد حميميم([3])، ليتطور الأمر إلى قيام موسكو بإرسال دعوتين لأحزاب " الإدارة الذاتية" ولاحقاً لكافة الأطراف الكُردية إلى قاعدة حميميم.

وقد كانت الدعوة الأولى في 16/أيلول/ 2016، إذ تحرك ممثلو تسعة أحزاب منضوية في الإدارة الذاتية من القامشلي في إلى قاعدة حميميم([4]). وكرر وفد النظام برئاسة أحمد كزبري ذات المحددات الناظمة لعملية المفاوضات والتي يكررها في كافة الفعاليات التفاوضية، إذ اعتبر أن "منصب بشار الأسد خط أحمر لا يجوز بحثه" وأن تتم جميع الأمور بموجب دستور 2012 وضرورة أن تنتشر مؤسسات الحكومة في جميع أنحاء البلاد (بما فيها مناطق الأكراد التي سيطرت عليها وحدات حماية الشعب الكردية والأحزاب السياسية منذ أربع سنوات) مع إمكانية توسيع الصلاحيات الإدارية، بالإضافة إلى أن يكون السلاح حكراً على الجيش السوري؛ والتمسك "بوحدة أراضي سورية وعدم التنازل عن أي جزء من سورية"؛ وإمكانية إجراء تعديلات في الدستور الحالي لضمان حقوق جميع المواطنين.

تؤكد هذه المحددات على أن النظام السوري وإن توافق في بعض الأهداف الأمنية والعسكرية مع الPYD إلا أنه لا يقبل التنازل عن الحلول الصفرية وتحويل جل الإشكاليات إلى قضايا إصلاحية شكلية. وعلى الرغم من اعتراض رئيسة وفد "الإدارة الذاتية" فوزة يوسف على أية شروط مسبقة للمفاوضات والحوار واستعراضها للعديد من النقط المتعلقة بعدم ديمقراطية دستور 2012، إلا أن ذلك لم يمنع الجانب الروسي بطرح اقتراحه المتعلق بنقاشات من الأدنى إلى الأعلى وتحسين وضع وحقوق الأكراد الديموقراطية والثقافية والسياسية، إضافة إلى بحث فكرة الإدارات المحلية واللامركزية([5]).

أما الدعوة الثانية فقد كانت في 12//12/2016، إذ تلقى 24 حزباً كُردياً دعوة من قاعدة حميميم العسكرية لعقد جولة جديدة من المفاوضات([6]). ورفضت أحزاب المجلس الوطني الكردي الحضور على لسان رئيس المجلس إبراهيم برو معللاً الأسباب بعدم اطلاع المجلس على مضمون الاجتماع والاجتماعات التحضيرية التي جرت في وقت سابق"، وأن سبب الدعوة كان لعقد مصالحة بين الطرفين الكرديين وتشكيل وفد موحد للمشاركة في الاجتماعات الدولية، والتفاهم حول مطالب الكُرد في سورية([7]). وعلى الرغم من رفض المجلس، إلا أن هذه الدعوة شهدت قبولاً واسعاً بين القوى السياسية، فالأحزاب التي توجهت لقاعدة حميميم كثيرة وعلى رأسها:

  1. أحزاب حركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM: حزب الاتحاد الديمقراطي(PYD)، الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية، حزب الديمقراطي الكردي السوري، حزب السلام الديمقراطي، الحزب الليبرالي الكردستاني، الحزب الشيوعي الكردستاني.
  2. تجمع الديمقراطيين واليساريين الكرد في سورية والتي شكلت تحالفاً بين خمسة أحزاب في 2 آذار 2016: الحزب اليساري الكردي في سورية -جناح محمد موسى، حزب الشغيلة الكردستاني، حزب الخضر الكردستاني، حزب التغيير الديمقراطي الكردستاني، حركة التجديد الكردستاني([8]).
  3. أحزاب التحالف الوطني الكردي (HEVBENDÎ) والتي أيضاً شكلت في 14 /شباط/ 2016 تحالفاً بين خمسة أحزاب في مدينة عامودا وهي([9]): حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سورية -جناح شيخ آلي، حزب الديمقراطي الكردي في سورية- البارتي/جناح نصر الدين إبراهيم، حزب الوفاق الكردي، الحزب اليساري الديمقراطي الكردي -صالح كدو، حركة الإصلاح الكردي في سورية- أمجد عثمان والتي رفضت الحضور ([10]).

وخلال الاجتماع طرح الجانب الروسي مقترح وثيقة للقوى الكردية ليتم تقديمها للنظام، إلا أن الوفد الكردي اعترض على تلك الوثيقة وقام بتعديلها([11]). وفيما يلي جدولاً مقارناً للعناصر المتضمنة بالوثيقة الروسية والوثيقة المعدلة:

الموضوع

الوثيقة الروسية

الوثيقة المعدلة من قبل القوى الكردية

التمثيل

تمثيل الشعب الكردي

تمثيل الإدارة الذاتية والأحزاب السياسية

 

سبب الدعوة

الاستعادة العاجلة للسلام والأمن في كل انحائها

إجراء المفاوضات مع النظام للمشاركة في الحوار الوطني السوري العام، والهادف إلى تحقيق التسوية السياسية السلمية في سورية

هدف المفاوضات

القضاء على كل من يعرقله من قوى الارهاب والتطرف المعتدي

تحقيق "الحقوق القومية والديمقراطية المشروعة للشعب الكردي" في سورية دستورياً

 

بالعموم؛ لم تسفر تلك المفاوضات التي استمرت حتى 28 كانون الأول 2016 عن أي نتيجة تذكر إلا أن مؤشرات الحضور وأجندة المفاوضات وتعاطي الأطراف المتفاوضة يرشح المعطيات التالية:

  1. استعصاء موضوعي ناجم عن تظافر العوامل التالية:
  • عدم جدية النظام في المفاوضات وتواجده يُفهم من بوابة موازاة الروس وإبداء المرونة في الانخراط.
  • وضوح الغايات السياسية للإدارة الذاتية والتي تنقل القوى الكردية -وفقاً لرؤية النظام- من ورقة يملكها النظام إلى ندٍ سياسي يُقاسمه السلطة.
  • عدم الاتفاق على غايات التفاوض وتباين الرؤى السياسية الكردية. إذ اختلفت المواقف بين السياسيين الكُرد حول هذه اللقاءات مع النظام السوري، لكن الغالبية اتفقت على أن أي خطوة سياسية، يجب أن تكون بناءً على توافق كُرديٍ بيني، واستنادً على الاتفاقات بين المجلسين الكُرديين سابقاً([12]).
  1. إرجاء المفاوضات حتى يتم تغيير الواقع السياسي والعسكري في المشهد السوري، وهذا مرتبط بعامل سياسي تتطمح له موسكو عبر نجاح انطلاق مسار سوتشي، ومتعلق بعامل عسكري تفرضه التدافعات العسكرية شرق النهر. وهو ما كان سمة عام 2017.
  2. استخدام الروس للمفاوضات مع الإدارة الذاتية كورقة ضغط متعددة الأهداف لضمان دعم تركيا لمسار روسيا من جهة وإجبار واشنطن على التفاهم مع موسكو فيما يتعلق بمستقبل "الإدارة الذاتية" من جهة أخرى.
  3. احتمالية عقد اتفاق غير معلن قائم على دفع الطرفين على خلق مناخات ثقة عابرة للتفاهم الأمني العسكرية الجزئية، وهذا ما يمكن استقراؤه من خلال ما قامت به "الإدارة الذاتية" من عقدها لاجتماع المجلس التأسيسي للنظام الفدرالي واتجاهها لتغيير اسم الفيدرالية من ‹النظام الاتحادي الديمقراطي الفيدرالي لروج آفا-شمال سورية› إلى ‹النظام الاتحادي الديمقراطي لشمال سورية.

والجدير بالذكر فيما يتعلق باللقاءات الكردية مع النظام أنها زيارات فردية سواء أكانت حزباً واحداً أو شخصيات، إذ تم رصد عدة زيارات وفقاً لهذا المستوى ويمكن تبيانها على الشكل التالي:

  1. زيارة الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي إلى حميميم: إذ تلقى رئيسه عبد الحميد حاج درويش وعلى إثر عودته من تركيا إلى إقليم كردستان العراق ولاحقاً إلى سورية، دعوة روسية، ليتوجه إلى مطار حميميم في 27-11-2016([13])، وأصدر بياناً تفسيرياً لذلك([14])، كما اعتذر عن تلبية الدعوة نتيجة قرار المجلس الوطني بعدم المشاركة "بسبب عدم مشاركته في الأعمال التحضيرية التي سبقت الدعوة، وكون مكان الاجتماع ضمن مناطق النظام". والسبب الثاني كان "تشبث حركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM برأيها على أن الوفد الذي زار حميميم منذ عدة أشهر سيكون الوفد المفاوض بعد إضافة عضو من الحزب التقدمي وآخر من التحالف الوطني الكردي([15])".
  2. زيارة شخصيات كُردية للنظام: حيث توجهت بعض الشخصيات الكُردية إلى دمشق وإلى القاعدة الروسية بناءً على دعوة من الأخيرة. ولم يتم الإعلان عن أسماء كامل الوفد إلا "الدكتور فريد سعدون"، وكان الغرض المعلن من هذا التوجه هو للتفاوض مع النظام حول الحصول على فدرالية لكُرد سورية"([16]).

ثانياً: عام 2017: موسكو و"سياسة جذب" القوى السياسية الكردية

شهد العام 2017 منذ بدايته تطوراً روسياً نوعياً بالملف الكردي، حيث توسع الاهتمام الروسي ليشمل الملف الكردي ككل وذلك بحكم ضرورة فهم الحركية الكردية في ملفات المنطقة وتعزيز عناصر الجذب لموسكو على حساب واشنطن، مستغلة "التسيد الروسي" المتنامي في المنطقة، وقد ترجم هذا الاهتمام بمجموعة من الأحداث لعل أهمها:

أولاً: رعاية المؤتمر الكردي السادس

حيث استقبلت موسكو في 15/02/2017 قرابة 70 شخصية كردية من مختلف أطياف القوى السياسية سواء تلك التي تمتلك أدوات عسكرية أو لا تمتلكها بما فيها حزب العمال الكردستاني المصف إرهابياً في الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والاتحاد الأوروبي([17]). وذلك في إطار "المؤتمر الكُردي السادس"، بهدف مناقشة القضايا "الكردستانية بشكل عام والمستجدات في الشرق الأوسط، وما يشهده من حروب وأزمات"، تحت شعار: "المنافسة لإعادة تقسيم النفوذ في الشرق الأوسط: الوضع الراهن والعواقب المحتملة". ويهدف أيضاً إلى مناقشة وضع الشرق الاوسط للبحث في منطلقات وأسس لتوحيد الكلمة السياسية الكردستانية وأن يتحول ليكون قاعدة متينة لمؤتمر "قومي كردستاني"، إضافة الى الوقوف بوجه محاولات إقصاء "الدور الكردستاني من المباحثات التي تجري بشأن الازمات التي تشهدها المنطقة منها الأزمة السورية ودور الكرد فيها".

وخلص المؤتمر إلى جملة من القرارات تتمثل بالدعوة إلى عقد مؤتمر وطني كردستاني لتمثيل الكرد في المحافل الدولية وموجهة التحديات ودعم مشروع الفيدرالية السورية وفيدرالية شمال سورية. وتأييد حملة (لا) لتعديل الدستور التركي والتنديد بما اسموه "الانتهاكات التي تقوم بها الدولة التركية تجاه الشعب الكردي والمؤامرة الدولية بحق عبد الله اوجلان والمطالبة بإطلاق سراحه" والدعوة الدول العالم وعلى رأسها الدولة الروسية للقيام بدورها لحل القضايا الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الكردية بشكل عادل، ويجدر بالذكر أن هذا المؤتمر تم عقده بالتزامن مع الموعد الذي كان قد حدد لعقد مفاوضات جنيف5 في 15&16/02/2017([18]). وأثناء المؤتمر المنعقد في موسكو، شملت كلمة ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي في روسيا عبد السلام عدة مواضيع منها أن "للأكراد حقوقاً وهم يبحثون عنها، خاصة على أبواب جنيف"، وشدد على ضرورة أن يكون للأكراد دور في هذه المفاوضات، لكونهم يُعدون خاصة في سورية القوة الفعالة الرئيسية في مكافحة الإرهاب"([19]).

وفي الثالث من آذار 2017 أي بعد ما يقارب أسبوعين على اجتماع موسكو، صرح "سرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي" بأن بلاده ترى إمكانية إنشاء جمهورية فدرالية في حال توافقت الأطراف المشاركة في المفاوضات بشأن سورية. وفي هذا الخصوص قال مدير مركز الأبحاث السياسية الروسي، فلاديمير يفسييف إن روسيا ترى أن الحل العقلاني لإنهاء الاقتتال في سورية مع الحفاظ على الحدود الجغرافية الحالية هو النموذج الفدرالي، حيث تتشكل الفيدرالية السورية على أساس بعيداً عن البُعد الديني. وأوضح يفسييف أن التصور الروسي للدولة الفدرالية يبدأ بإعطاء الحكم الذاتي للأكراد في المناطق التي يسيطرون عليها حالياً، وإعطاء المناطق الواقعة تحت حكم تنظيم الدولة الإسلامية للقبائل السنية، في حين تبقى دمشق وحمص وحماة ودرعا ومناطق سيطرة العلويين تحت سيطرة نظام الأسد، أما منطقة السويداء ذات الأغلبية الدرزية فيمكنها الحصول على نوع من الحكم الذاتي بالاتفاق مع النظام في دمشق([20])".

وما يمكن تسجيله في هذا السياق وفي ظل المواقف السياسية التالية:

  1. تنطلق الرعاية الروسية لهذا المؤتمر من ضرورات جعل تلك القوى ترتبط بالبوصلة الروسية وبالتالي تعزيز شروط امتلاكها كأوراق ضغط محلية وإقليمية ودولية، إلا أنها ضرورات غير محسوبة النتائج لأنها ستدخل سياساتها الإقليمية بالعديد من الإشكالات الأمنية مع دول الجوار التي تصنف بعض المدعوين كقوى إرهابية.
  2. اتساق جل القوى الحاضرة في المؤتمر مع المخيال السياسي لحزب العمال الكردستاني لا سيما فيما يتعلق بالشق الأيديولوجي والمشروع السياسي العابر للوحدات السياسية القائمة، وبالتالي فإن معظم ما تدعيه تلك القوى على المستوى المحلي هو خطوات تكتيكية.
  3. تعزيز فكرة الطرف الثالث في صراعات المنطقة التي يعصفها صراعات بين الأنظمة الحاكمة وقوى ثورية مجتمعية ترتجي تغييراً سياسياً، أي أن هناك طرفاً خارج هذه الثنائية وله أهدافه العابرة لحدود التغيير المؤطر بتعزيز دولة المواطنة وسيادة القانون لتشمل تغيير طبيعة الدولة سياسياً واقتصادياً وادارياً، وإن بدى الواقع الراهن معززاً لاتجاهات اللامركزية إلا أنها تهدف للحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية.
  4. توظيف موسكو لهذه القوى لتعزيز غاياتها السياسية لملفات الصراع في المنطقة، سواء كاستخدامها لحرف مسارات العملية السياسية (كجنيف)، أو لصالح الدخول في أتون التشكل السياسي الذي يشهده العراق، وتعزيز التقارب الأمني التركي الروسي وجعله أكثر استراتيجية.
  5. دعم موسكو لأطروحات الفدرالة هو دعم دعائي، إذ تدلل حركيتها وتحالفاتها في الملف السوري على تعزيز سلطة النظام الحاكم وعودة سيطرته العسكرية على كافة الأراضي السورية، حتى أن هذا الطرح لا يزال يشكل نقطة غير توافقية بين الدول الضامنة ذاتها، لذا فإن هذا الطرح يستهدف استكمال عناصر سياسة الجذب الروسية.

ثانياً: التعاطي الخاص مع المستجدات العسكرية

اتبعت موسكو في تعاطيها مع قوات قسد سياسة خاصة تختلف حدتها حسب المنطقة ووقوعها بالنسبة لنهر الفرات، كما هو مبين أدناه:

  • شمال حلب وخلال شهر آذار من 2017: تعرضت قوات قسد لهجوم عسكري من قبل فصائل درع الفرات المدعومة من قبل تركيا التي رأت تنصلاً أمريكياً من وعودها بتنفيذ انسحاب " قوات حماية الشعب " من المدينة بعد القضاء على وجود " تنظيم الدولة"، ومع ازدياد حدة التصريحات المتوعدة بالدخول إلى المدينة، قام " مجلس منبج العسكري" المشكل من قبل " الإدارة الذاتية" بتسليم القرى الواقعة على خط التماس مع قوات "درع الفرات" غربي المدينة لعناصر من "نظام دمشق([21])"، كما دخلت قوات روسية إلى ذات المنطقة([22])، بينما شهدت الحدود الشمالية لريف مدينة منبج انتشاراً لقوات أمريكية([23])، لينتج من تدخل الطرف الروسي والامريكي قوات فصلٍ بين الطرفين.
  • الريف الشمالي الغربي لحلب (عفرين وتل رفعت ومنغ): فقد تكررت الاشتباكات بين "قوات درع الفرات ووحدات حماية الشعب" طوال النصف الاول من 2017 بشكلٍ كثيف([24])، وبشكلٍ خاص حول " قرية عين دقنة([25])"، لينتهي الأمر بتدخل روسي وتشكيل " قوات فصل في 28/09/2017([26])، وتم الإعلان على لسان نائب قائد القوات الروسية في سورية الجنرال أليكسي كيم أنه تم بمبادرة من المركز الروسي للمصالحة في سورية" في 31/08/2017 "إنشاء لجنة للمصالحة الوطنية في مدن "كردستان سورية"([27]). وكانت موسكو قد أقامت "نقطة تواجد عسكري" في ريف عفرين في 19/03/2017، دون أن توضح الأسباب. فيما أكد قيادي في وحدات حماية الشعب أن الوجود العسكري الروسي في هذه المنطقة يأتي في "إطار اتفاق بين وحدات حماية الشعب والقوات الروسية العاملة في سورية بغية محاربة الإرهاب وتدريب قواتهم على استخدام أساليب القتال الحديثة([28])".
  • في أتون السيطرة على الرقة وما بعدها حاولت روسيا ضم "وحدات حماية الشعب" وممثلين عن "الإدارة الذاتية" إلى مسار الاستانة، عبر دعوة رئيس وفد موسكو في الاستانة بتاريخ 15/09/2017 إلى أن يكون للوحدات دور في الحل السياسي السوري، بشكلٍ يقابل " نجاحاتها العسكرية([29])". كما تقصدت موسكو إرسال رسائل غير مباشرة للإدارة الذاتية تؤكد فيها اعترافها المطلق والحصري "بالنظام" كما حدث في زيارة وفد عسكري روسي لمدرستين واقعتين في المناطق الخاضعة تحت سيطرة النظام في مدينة القامشلي سورية في 13/9/2017([30]). كما حذرت بطرق مباشرة في 16/09/2017، عبر التعليق على الانتخابات التي أجرتها "الإدارة الذاتية" للكومونات (مجالس الحارات)، محذرةً من أن تكون خطوة تؤدي للانفصال في المستقبل، وذلك وفقاً لبيان حميميم الذي أكد على أن "موسكو لن تدعم مشروع انفصال الأكراد عن سورية، لأن هذا الأمر يتنافى مع التزامنا ضمان وحدة الأراضي السورية([31])". كما قصفت بشكل مباشر "مجلس دير الزور العسكري وقوات سورية الديمقراطية"، وهددت بردٍ أقسى في حال تكرار قيام القوتين الأخيرتين باستهداف القوات الروسية في محيط "دير الزور". وعبّر بيان للجيش الروسي ذكر فيه "ستتعرض المواقع التي ينطلق منها إطلاق النار في هذه المناطق على الفور للضرب، بكل التجهيزات العسكرية المتوافرة".

إذاً تحاول موسكو من خلال التطورات العسكرية التي شهدتها مناطق الإدارة الذاتية غرب النهر وشرقه من تثبيت المعادلات التالية:

  1. معادلة عسكرية خاصة بمناطق غرب النهر (المناطق الاستراتيجية بالنسبة لأنقرة) وقائمة على مبدأ التفاهم الأمني الجزئي مع الدول المعنية، وتعزيز مناخات عودة المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية إلى النظام وتكريس نفسها كقوات فصل.
  2. معادلة عسكرية خاصة بمناطق شرق النهر (منطقة نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية) وتقوم على سياسة الردع في حال استهداف قوات حلفائها في هذه المنطقة ومبادئ الحرب الباردة مع واشنطن واستغلال كافة الفرص المعززة لتفاهمات أمنية بينية.
  3. معادلة سياسية تكرس الرؤية الروسية، تستند على عدة عناصر أهمها تكريس منطق حميميم في المصالحات ضمن مناطق الإدارة الذاتية، والاعتراف المطلق بالنظام إدارياً وسياسياً.

بات واضحاً أن الهدف وراء طموحات موسكو بأن تخلق هذه المعادلات ظروف ضاغطة تجذب قوى الإدارة لذاتية باتجاه عناصر الهندسة الروسية من جهة وتدفعها باتجاه التفاوض مع النظام ضمن أطر الخطاب السياسي الرسمي للنظام. وهذا ما أكده رأس النظام في مقابلته مع صحيفة "فيسرنجي لست" الكرواتية في 06/04/2017 حيث جدد رفضه للفدرالية في سورية مؤكداً على "أن أغلبية السوريين لا يقبلون موضوع الفيدرالية لأنها مقدمة للتقسيم، ولا مبرر لوجود الفيدرالية. فالسوريون يعيشون مع بعضهم البعض لعقود وقرون، حتى قبل وجود الدولة السورية". كما أكده وزير الخارجية خلال مقابلة مع قناة روسيا اليوم"RT" في 26/09/2017، باستعداد النظام للتفاوض على "إدارة ذاتية للكُرد"، تكون مشروطة بإنشائها في إطار الحدود الجمهورية السورية([32]).

ثالثاً: تفاهمات قائد وحدات حماية الشعب في قاعدة حميميم في 17/10/2017

حيث تأتي هذه الزيارة ضمن سياق التصريحات والتحركات الروسية لما يظهر إنه إيجاد الأرضية الكافية من التوافق بين النظام والإدارة الذاتية حول " شكل نظام الحكم المستقبلي" لسورية، وتؤكد المصادر على زيارة " قائد وحدات حماية الشعب سيبان حمو" إلى موسكو بعد أن تم نقله من منطقة قريبة من المقر الروسي في بلدة عريما بين الباب ومنبج شمال حلب إلى قاعدة حميميم في الاسبوع الاول من شهر تشرين 2017، حيث التقى بوزير الدفاع الروسي " سيرغي شويغو/ ورئيس الأركان فاليري غيراسيموف، وتم البحث في ثلاثة ملفات([33]):

  1. الملف الأول: مصير مدينة دير الزور، حيث قضت المباحثات بأن تسيطر "قوات سورية الديمقراطية" بدعم التحالف الدولي بقيادة أميركا على الضفة الشرقية لنهر الفرات بما فيها من آبار نفط وغاز وسدود مياه وتحرير مدينة الرقة من "داعش" على أن تسيطر القوات النظامية على مدينة دير الزور غرب وجنوبي النهر. قلص هذا من طموحات "قوات سورية الديمقراطية" التي كانت تطمح بالوصول إلى مدينة السخنة التي سيطرت عليها قوات النظام بدعم عسكري روسي وتعرضت لهجمات من "داعش".
  2. الملف الثاني: يتعلق بمصير مدينة عفرين في ريف حلب، حيث أبلغ حمو -بحسب المصادر الدبلوماسية الغربية-محاوريه الروس شكوكه إزاء "التدخل التركي". من جانبه ركز الجانب الروسي على أن دخول الجيش التركي إلى إدلب جاء ضمن عملية أستانة لـ "خفض التصعيد" وتطبيق الاتفاق وغير مرتبط بدخول عفرين مشيراً إلى أن طلائع الجيش التركي توغلت شمال سورية لاستطلاع مناطق نشر المراقبين بين إدلب وحلب، وتطبيق اتفاق وقف النار بين فصائل المعارضة والقوات النظامية، ثم محاربة "جبهة النصرة" والأطراف التي لا تقبل وقف النار والهدنة. لكن القيادي الكُردي طلب توفير ضمانات بمنع تدخل الجيش التركي ضد عفرين في ريف حلب.
  3. الملف الثالث: يتعلق بمستقبل سورية السياسي، إذ أكد الجانب الروسي على أن مستقبل سورية اتحادي مشابه لروسيا الاتحادية "وأنه يريد استخدام قوة الوحدات الكُردية على الأرض كورقة للضغط على دمشق لقبول التفاوض على حل فيدرالي أو اتحاد([34])".

ولا يخرج ما تقدم عن تكريسه للمعادلات الروسية الآنفة الذكر وتعزيزاً لمقاربة دفع الـ pyd ومن ورائه بشكل غير مباشر الولايات المتحدة الأمريكية لتفاهمات أمنية تؤطر الحراك العسكري شرق النهر وتضمن انخراط قوات النظام وحلفائه في هذه المنطقة كخطوة ابتدائية لعودة السيطرة. كما لا تخرج تصريحات وزير الدفاع الأخيرة حول الشكل الاتحادي لسورية من كونه ادعاءات وجذباً لتعزيز مناخات التقارب مع "الإدارة الذاتية"

ثالثاً: مفاوضات مع النظام ودفعٌ لحضور سوتشي: غاية أم توظيف روسي

لا تزال الرغبة الإيجابية في الانخراط بالتفاوض مع النظام هو سيد الموقف السياسي في أحزاب "الإدارة الذاتية" إذ أبدت "الإدارة" في 15/10/2017 استعدادها للتفاوض. في المقابل وصف وزير خارجية النظام وليد المعلم هذا الموقف بـ "الخطوة الإيجابية". كما أصدرت المنسقية العامة للإدارة الذاتية الديمقراطية جواباً رسمياً لهذا التصريح أكدوا فيه على رغبتهم في التفاوض مع النظام([35]) الذي لم يرد على هذا البيان وتجاهله. وفي هذه الأثناء زار مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، ونائب وزير خارجية روسيا، ميخائيل بوغدانوف مدينة القامشلي في 19/10/2017، لعقد اجتماعات مع المسؤولين في حركة المجتمع الديمقراطي وفيدرالية شمال سورية الذي أبدى استعداد لمناقشة مطالب "الإدارة الذاتية" مع النظام. كما أشارت عدة مصادر غير رسمية إلى قيام وفدٍ من "وحدات حماية الشعب" بعقد اجتماع مع وفدٍ من " الحكومة السورية" في 17/10/2017، ناقش خلالها ثلاثة نقاط رئيسية: مستقبل ودور وحدات حماية الشعب في سورية ووضع الكُرد في سورية، والنظام السياسي الجديد ومصير القوات الأمريكية في سورية، والتي تملك أكثر من 10 قواعد حالياً في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية دون أن تفصح هذه المصادر عن نتائج هذه المناقشات([36]).

وعلى بالرغم من تماهي سياسة المجلس الوطني الكُردي مع سياسة الائتلاف فيما يخص العلاقة مع روسيا بشكلٍ عام، فقد دفعت مجموعة من العوامل إلى تغيير موقفه من موسكو. وساهم في تعزيز هذا الموقف مرحلة ما بعد الأستانة؛ إضافة إلى عدم امتلاك الولايات المتحدة لخطة مستقبلية لسورية، وتمحور سياستها في التعامل في الملف الكُردي السوري، بشكلٍ خاص في اتخاذ " قوات سورية الديمقراطية " كذراعٍ لمحاربة " تنظيم الدولة"، دون أن تعطي أي تصريحاتٍ تدعم أياً من أشكال النظام المقبل في سورية. ضمن هذا السياق اتجه وفدٌ من المجلس الوطني إلى "موسكو" في 07/09/2017، لمناقشة جملة من الأمور مع وزارة الخارجية الروسية منها([37]):

  1. ضرورة إشراك الكرد في مؤتمر الرياض وأهمية التمثيل المستقل للمجلس الوطني الكردي في ذلك المؤتمر.
  2. حل الأزمة السورية سلمياً وخاصة بعد تبلور لبداية نهاية الحرب.
  3. التأكيد على ضرورة أن تأخذ العملية السياسية حقيقة "تعددية سورية القومية والدينية" بعين الاعتبار.
  4. أن يختار السوريون نظاماً سياسياً من شأنه تأمين الحرية والمساواة لجميع المكونات.
  5. رؤيته لسورية المستقبل والتي تتمثل في "فيدرالية على أسس سليمة".

من جهته أيضاً أعلن التحالف الوطني في كردستان سورية "استعداده للتفاوض مع دمشق، ولكن في ظل ضمانات دولية. ومن جهة أخرى أكد سكرتير الحزب اليساري الكردي في سورية، محمد موسي، على ضرورة مناقشة النظام "لفيدرالية شمال سورية". وفي موقف قريب طالب سكرتير حزب اليسار الديمقراطي الكردي في سورية، صالح كدو، بـضمانات دولية لحقوق الشعب الكردي. ورأى القيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي (عبد الحميد حجي درويش)، فارس عثمان، أن من الضروري استعداد الكرد للتفاوض مع النظام، معللاً ذلك بأن المعارضة السورية لا تعترف بحقوق الكرد([38]).

وفي خطوة روسية لتعريض الملف السوري لحلقة تضييق جديدة، تتوجه موسكو لعقد ما سمته "مؤتمر الحوار الوطني السوري" في مدينة" سوتشي الروسية". وفيما يخص حزب الاتحاد الديمقراطي PYD فقد تم التداول إعلامياً حول إرسال دعوةٍ له لحضور المؤتمر، مما دفع بتركيا للتدخل على الفور معلنةً رفضها لأي محاولات في جعل الحزب وقواته العسكرية شريكاً وطرفاً سياسياً في المؤتمرات الدولية حول الملف السوري. وعلى الرغم من تصريح نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، "إنّ الكُرد في سورية هم مواطنون سوريون وليسوا أتراكاً”، والإعلانات غير الرسمية المتكررة حول دعوته (كدعوة حزب "الاتحاد الديمقراطي" /القامشلي و(كوباني عين العرب) إلا أن ما ترشح عن اللقاءات الدبلوماسية التركية الروسية تؤكد على عدم الدعوة إلى حد الآن.

يُحيلنا تقييم هذا "الدفع الروسي" ومآلاته إلى اختبار هذا الدفع وفق معيارين، الأول مرتبط بتلمس مؤشرات دخول تلك القوى على خارطة التفاوض المتعلقة بالعملية السياسية في سورية سواء في سوتشي أو جنيف، باعتبارها النتاج المفترض لهذه العلاقة. وهذا ما لم يتم بعد وهو ما من شأنه تصديع التحالف بين الضامنين الروسي والتركي مما سيرتد سلباً على الترتيب الأمني الناشئ. والثاني متعلق بتبلور اتفاقات سياسية ثنائية -عابرة للأمنية- بين النظام و"الإدارة الذاتية"كونها ستُشكل في حال حدوثها دلالة مهمة على المستوى السياسي والعسكري الإداري للدولة السورية. وهذا لايزال بعيداً بحكم استمرار ثلاثة عوامل، الأول: عدم جدية النظام بنقل التفاهم من المستويات الأمنية الجزئية إلى مستوى التفاوض السياسي والإداري. والثاني مرتبط بطموحات شرعنة التشكل السياسي والإداري في مناطق "الإدارة الذاتية" وهو أمر لا يرتبط بالمفاوضات الثنائية بقدر ما يرتبط بالتفاهم الوطني العام والمهددات الأمنية لا سيما أن التوافق الفكري والأيديولوجي والسياسي واضحاً بين حزب الاتحاد الدديمقراطي وحزب العمال الكردستاني (المصنف إرهابياً).

لذا ووفقاً لما تقدم أعلاه يبدو هذا الدفع أقرب لسياسة توظيف "الإدارة الذاتية" وإجبارها على صياغة تفاهمات مع النظام السوري بما يخدم رؤية الروس السياسية من جهة، ورغبة في تجريد الولايات المتحدة الأمريكية من حليفه المحلي (PYD).

خاتمة

على الرغم من الفترة الزمنية الطويلة للقاءات والمفاوضات المحلية بين "الإدارة الذاتية" والنظام إلا أنها لم تسفر عن نتائج ذات أثر مستدام أو اتفاقبات سياسية عابرة للتفاهمات الأمنية الجزئية، وحتى الاهتمام الروسي النوعي بالملف الكردي كان بحكم الضرورة لفهم الحركية الكردية في ملفات المنطقة وتعزيز عناصر الجذب لموسكو على حساب واشنطن مستغلة "التسيُّد الروسي" المتنامي في المنطقة.

كما دلل تعاطي موسكو العسكري مع قوات قسد على اتباعها "سياسة خاصة" تختلف حدتها حسب المنطقة محاولة تثبيت عدة معادلات عسكرية ففي غرب النهر كرست عوامل التفاهم الأمني الجزئي مع الدول المعنية، وعززت مناخات عودة المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية إلى النظام وفرض القوات الروسية كقوات فصل. أما في شرق النهر فتقوم تلك المعادلة على سياسة الردع في حال استهداف قوات حلفائها في هذه المنطقة ومبادئ الحرب الباردة مع واشنطن واستغلال كافة الفرص المعززة لتفاهمات أمنية بينية. وفي كلاً المنطقتين تحاول موسكو تكريس معادلة سياسية منسجمة مع الرؤية الروسية وتستند على عدة عناصر أهمها تكريس منطق حميميم في المصالحات ضمن مناطق الإدارة الذاتية، والاعتراف المطلق بالنظام إدارياً وسياسياً. كما لم تخرج تفاهمات قائد وحدات حماية الشعب في قاعدة حميميم في 17/10/2017 عن كونها تكريساً للمعادلات الروسية وتعزيزاً لمقاربة دفع الـ PYD ومن ورائه بشكل غير مباشر الولايات المتحدة الأمريكية لتفاهمات أمنية تؤطر الحراك العسكري شرق النهر وتضمن انخراط قوات النظام وحلفائه في هذه المنطقة كخطوة ابتدائية لعودة السيطرة، كما لا تخرج تصريحات وزير الدفاع الأخيرة حول الشكل الاتحادي لسورية من كونه ادعاءات وجذباً لتعزيز مناخات التقارب مع "الإدارة الذاتية"

أما فيما يتعلق بمآلات الدفع الروسي لمزيد من المتفاوضات المحلية أو لحضور أحزاب كردية في سوتشي أو جنيف فهو أقرب لسياسة توظيف "الإدارة الذاتية" وإجبارها على صياغات تفاهمات مع النظام السوري بما يخدم رؤية الروس السياسية من جهة، ويعزز من عودة سيطرة النظام من جهة ثانية ورغبة في تجريد الولايات المتحدة الأمريكية من حليفه المحلي (PYD) من جهة ثالثة.


([1]) الناطق الرسمي باسم “QSD”: لو أنّ القتال استمر يومين آخرين. لكان النظام منتهياً في الحسكة بشكل نهائيّ، المصدر: بوير برس، الرابط: https://goo.gl/GWn6Oq

([2]) المحافظ وقائد وحدات حماية الشعب يبحثان سبل إنهاء التوتر في الحسكة، المصدر: روداو، التاريخ: 09/09/2016، الرابط: https://goo.gl/PLhlmn

([3]) صحيفة إيزفيستيا: دعوة الأكراد السوريين إلى جنيف في قوام وفد “حميميم”، المصدر: كردستريت، التاريخ: 08/09/2016، الرابط: https://goo.gl/LrEbzT

([4]) تسعة أحزاب كــــردية في ضيافة الاستخبارت السورية بقاعدة حميميم الروسية، الموقع: يكيتي ميديا: التاريخ: 19/09/2016، الرابط: https://goo.gl/cJZNkx

([5]) توضمن الوفد كلاً من: عن حزب الاتحاد الديمقراطي PYD: فوزية يوسف كرئيسة للوفد، هدية يوسف، عبد الكريم عمر رئيس الهيئة الخارجية في مقاطعة الجزيرة، انور مسلم الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في مقاطعة كوباني، هيفين ابراهيم مصطفى الرئيسة المشتركة للمجلس التشريعي بمقاطعة عفرين، أحمد بدران عمر المسؤول الأمني والاقتصادي بالإدارة الذاتية، وعن حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سورية: محي الدين شيخ آلي، وعن الحزب الديمقراطي الكردي في سورية (البارتي): نصرالدين إبراهيم. وعن الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي: عبد الحميد حاج درويش. وعن حركة الاصلاح الكردي في سورية: أمجد عثمان. وعن حزب اليسار الديمقراطي الكردي في سورية: صالح كدو، وعن الحزب الديمقراطي الكردي السوري: جمال شيخ باقي. وعن الحزب اليساري الكردي في سورية: محمد موسى محمد.وعن حزب الوفاق الكردي: فوزي شنكال

للمزيد انظر المصدر التالي: "تخلّي الأكراد عن «غرب كردستان» قبل الحوار مع النظام في قاعدة حميميم"،: الحياة، التاريخ: 02/01/2017، الرابط: https://goo.gl/9qaECx

([6]) وهذه الاحزاب ضمن عدة تحالفات: أحزاب المجلس الوطني المتلقية للدعوة:(    الحزب الديمقراطي الكردستاني-سورية، حزب يكيتي الكردي في سورية، تيار المستقبل الكردي(بشقيه)، حزب الوحدة الديمقراطي، حزب المساواة الكردي، الحزب الديمقراطي الوطني (طاهر صفوك)، حزب الوحدة الديمقراطي الكردستاني (جناح كاميران حاج عبدو)

([7]) المجلس الوطني الكردي في سورية يعتذر عن حضور لقاء في حميميم باللاذقية، المصدر: روداو، التاريخ: 12/12/2016، الرابط: https://goo.gl/Ui39RY

([8]) آزادي (الحرية) تنشر البيان التأسيسي لتجمع الديمقراطيين واليساريين الكرد في سورية، المصدر: آزادي، التاريخ: 02/03/2016، الرابط: https://goo.gl/GskGnx

([9]) التحالف الوطني الكردي في سورية ينهي أعمال مؤتمره التأسيسي في عامودا، المصدر: ارانيوز، التاريخ: 14/02/2018، الرابط: https://goo.gl/0d4jtF، للمزيد يرجى مراجعة: ملف خاص عن الجسم السياسيّ الجديد “التحالف الوطني الكردي في سورية”، المصدر: بوير برس، التاريخ: 16/02/2016، الرابط: https://goo.gl/DWIUOm

([10]) الحركة رفضت الحضور واصدرت المنسقية العامة للحركة موقفها على الشكل التالي " دولة روسيا الاتحادية هي دولة عظمى مؤثرة في السياسة الدولية ولذلك فإن اهتمام الجانب الروسي بالقضية الكردية له أهمية كبيرة ويجب التفاعل معه بشكل إيجابي، نرى بأن حل القضية الكردية في سورية يتجاوز الارتباط بالتطورات الميدانية" "نشكر العماد الأول /اليكسندر دفورنيكوف/ قائد القوات المسلحة لروسيا الاتحادية في سورية على دعوته الموجهة لنا ونعتذر عن الحضور لأسباب تتعلق بالتطورات الداخلية التي رافقت التفاعل مع هذه الدعوة الكريمة،

للمزيد أنظر:

  • توضيح من حركة الإصلاح، المصدر: صفحة المنسق العام للحركة على موقع الفيس بوك، التاريخ: 15/12/2016، الرابط: https://goo.gl/gbDxKG
  • روسيا تدعو لمصالحة كردية في قاعدة حميميم، المصدر: ماف لحقوق الانسان، التاريخ: 12/12/2016، الرابط: https://goo.gl/k9Zhqi

([11])  تضمنت نسخة من الوثيقة الروسية المقدمة إلى الجانب الكردي والتي تم طرحها على وفد النظام:(نحن الممثلين السياسيين والاجتماعيين للشعب الكردي في سورية تأكيداً على تمسكنا الثابت لوحدة وطننا سورية وسلامة أراضيها ولسيادة الدولة السورية وقرارها المستقل وحرصاً على الاستعادة العاجلة للسلام والأمن في كل انحائها والقضاء على كل من يعرقله من قوى الارهاب والتطرف المعتدي، اجتمعنا في مطار الشهيد باسل الأسد ” حميميم ” 15-12-2016).إلا أن الوفد الكردي رفض تلك الوثيقة واشترط تعديلها وبعد مناقشة استغرقت خمس ساعات تم تشكيل وفد خاص تألف من 12 شخص لتعديلها وتم التوافق على الصيغة التالية:(نحن الممثلين عن الإدارة الذاتية الديمقراطية في الشمال السوري والأحزاب السياسية للشعب الكردي في سورية قمنا بتشكيل وفد مشترك , وذلك لإجراء المفاوضات مع وفد الحكومة السورية للمشاركة في الحوار الوطني السوري العام , والهادف إلى تحقيق التسوية السياسية السلمية في سورية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 , بما يحقق الحقوق القومية والديمقراطية المشروعة للشعب الكردي في سورية دستوريا وكافة المكونات الأخرى يجسد اهدافهم بما يناسب حقيقة تواجدهم ودورهم الوطني وتضحياتهم في مقارعة المحتلين والمتطرفين وبما حققوا من انتصارات في الحفاظ على وحدة الارض السورية).

([12]) فصلة يوسف: اجتماع حميميم سيكون تحت مظلة النظام السوري وبمراقبة الأجهزة الأمنية، المصدر: آشانيوز، التاريخ: 14/12/2016، الرابط: https://goo.gl/QOg2Cr، للمزيد يرجى مراجعة: صلاح بدر الدين لـ«إيلاف»: الروس يحاولون شق الصف الكردي، المصدر: ايلاف، التاريخ: 16/12/2016، الرابط: https://goo.gl/NUmE5z

([13]) هام: حقيقة حوار ” حميميم 2 ”، نقاط النقاش والنتائج، المصدر: فدنك، التاريخ: 17/12/2016، الرابط: https://goo.gl/EoVF6R

([14])  أهم ما جاء في هذا البيان: (بناءً على الدعوة الموجهة إلى حزبنا من قبل قيادة قاعدة حميميم الروسية بتاريخ 27-11-2016، التقى وفد من حزبنا مع قيادة القاعدة العسكرية، وتناول الاجتماع الأوضاع في سورية بشكل عام والوضع الكردي بشكل خاص، حيث أكد وفد حزبنا على ضرورة بذل كل الجهود من جانب روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية لوقف الحرب المدمرة في سورية، والقضاء على الجماعات الإرهابية، وتحقيق السلام في البلاد، وبناء نظام ديمقراطي يضمن حقوق كافة مكونات المجتمع السوري القومية والدينية في الحرية والديمقراطية، وأبدى الجانب الروسي استعداد روسيا للعمل مع القوى الديمقراطية والمعتدلة للوصول إلى حل سلمي ينهي معاناة السوريين. وعلى الصعيد الكردي أبدى الروس تعاطفهم مع الشعب الكردي وتأييدهم لحقوقهم القومية، وفي هذا السياق اقترح وفد الحزب على الجانب الروسي ضرورة دعوة جميع ممثلي الأطر الكردية القائمة إلى موسكو أو حميميم للتباحث في سبل توحيد الموقف الكردي وتشكيل وفد كردي موحد ومشترك ويكون مخولاً للتفاوض مع الجانب الحكومي أو في المحافل الدولية الخاصة بسورية")... للمزيد أنظر: بيان صحفي من التقدمي بخصوص الدعوة الى حميميم، موقع الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية، 16/12/2016، الرابط: https://goo.gl/QzXhLo

([15]) حزب التقدمي الكردي يوضح أسباب عدم مشاركته في لقاء حميميم، المصدر: روداو، التاريخ: 16/12/2017، الرابط: https://goo.gl/Sh9XfT

([16]) وتحدث سعدون عن زيارته التي اتلقى بها برأس النظام قائلاً: "جئت اليوم من مدينة قامشلو إلى دمشق، من أجل مناقشة مسألة تشكيل نظام فيدرالي في المناطق الكردية مع القيادة السورية"، ووفق سعدون فإن " حل هذه القضية سيخفف من العبء الذي يحمله النظام في سورية على عاتقه، ولذلك روسيا تريد حل مشكلة الكرد، للمزيد، انظرالتقرير: وفد كردي من قامشلو يلتقي القيادة السورية في دمشق حول الفيدرالية، المصدر: آرانيوز، التاريخ: 14/01/2017، الرابط: https://goo.gl/5cwS2M

([17]) وقد حضر المؤتمر ممثلين عن أحزابٍ محسوبة على حزب العمال الكُردستاني من: سورية، والعراق، وتركيا، وايران، كما كان من المشاركين فيه: "البرلمانيان عن كتلة حزب الشعوب الديمقراطي عثمان بايدمر وديلاك أوجلان، ومحامي عبد الله أوجلان "ابرو غوناني" من تركيا، ومن سورية: الرئيسة المشتركة السابقة لحزب الاتحاد الديمقراطي اسيا عبد الله، ورئيس المجلس التنفيذي لمقاطعة كوباني أنور مسلم، ومن "كردستان العراق" البرلماني عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني عزت صابر اسماعيل، البرلماني عن حركة كوران (التغيير) شيركو حمه امين، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاسلامي خليل إبراهيم، ومن إيران: ممثل حزب الحياة الكردستاني الحر "اهوان جياكو"، بينما غاب عن المؤتمر الحزب الديمقراطي الكُردستاني_ العراق، والاحزاب الكُردية المقربة منه

للمزيد انظر: انعقاد مؤتمر كردستاني في العاصمة الروسية لبحث قضايا وطنية مشتركة، روج نيوز، التاريخ: 15/02/2017، الرابط: https://goo.gl/6XeQrP

([18]) تأجيل انطلاق مفاوضات "جنيف 5" حول سورية، المصدر: عرب48، التاريخ: 23/03/2017، الرابط: https://goo.gl/Qf7bLv

([19]) مؤتمر الأكراد في موسكو. الدلالات والتوقيت، المصدر: الجزيرة، التاريخ: 13/02/2017، الرابط: https://goo.gl/pHpgb7

([20]) روسيا تطرح الفدرالية حلا للأزمة السورية، المصدر: الجزيرة، التاريخ: 03/03/2016، الرابط: https://goo.gl/pWZ2AN

([21]) مليشيات النظام تدخل منبج و"سورية الديموقراطية"ترفع العلم الروسي، الموقع: المدن، التاريخ: 04/03/2017، الرابط: https://goo.gl/TaYf8m

([22]) قوات روسية جديدة تدخل مدينة منبج السورية، المصدر: العربي الجديد، التاريخ: 10/03/2017، الرابط: https://goo.gl/vCJeEi

([23]) الجيش الأمريكي ينشر قوات في منبج السورية، المصدر: روسيا اليوم، التاريخ: 06/03/2017، الرابط: https://goo.gl/sPwipk

([24]) قتلى في مواجهات بين "وحدات حماية الشعب YPG"و مقاتلي "أهل الديار" بريف حلب، المصدر: راصد الشمال السوري، التاريخ: 16/07/2017، الرابط: https://goo.gl/wxzexo

([25]) المعارضة تهاجم "قسد" في حلب..وهدنة في القلمون، الموقع: المدن، التاريخ: 17/07/2017، الرابط: https://goo.gl/8XPmEk

([26]) للمزيد انظر أدناه

  • وصول قوات روسية إلى تل رفعت بريف حلب الشمالي، المصدر: روسيا اليوم، التاريخ: 28/08/2017، الرابط: https://goo.gl/f2Mbe4
  • إذ أعلنت القيادة العامة لوحدات حماية الشعب في بيان اسباب الانتشار الروسي على الشكل التالي: "بناء على الاتفاق المبرم بين وحدات حماية الشعب وجيش الثوار والقوات الروسية المتواجدة في المنطقة اتخذ القرار بأن يقوم المراقبون العسكريون الروس بالانتشار في عدة نقاط في عفرين والشهباء لأجل القيام بأعمال المراقبة، المصدر: وحدات حماية الشعب: مهمة القوات الروسية في عفرين والشهباء المراقبة وتوفير الحماية الأمنية، موقع روداو، التاريخ: 29/08/2017، الرابط: https://goo.gl/QBQKgi

([27]) روسيا تعلن إنشاء لجنة للمصالحة الوطنية في عفرين بكردستان سورية، الموقع: روداو، التاريخ: 31/08/2017، الرابط: https://goo.gl/N3X4Z8

([28]) أنباء عن إقامة نقطة تواجد عسكري روسي في عفرين السورية، المصدر: روسيا اليوم، التاريخ: 20/03/2017، الرابط: https://goo.gl/4F12ik

([29]) موسكو: كلمة الأكراد يجب أن تسمع. ولا حق للمعارضة بالتواجد في الجولان، الموقع: روسيا اليوم: التاريخ: 15/09/2017، الرابط: https://goo.gl/Q8Xp91

([30]) وفد عسكري روسي يزور مدرستين في مدينة القامشلي بكردستان سورية، الموقع: روداو، التاريخ: 13/09/2017، الرابط: https://goo.gl/74hNz1

([31]) أكراد سورية ماضون بالانتخابات... وموسكو تحذرهم من «الانفصال»، الموقع: الشرق الأوسط، التاريخ: 16/09/2017، الرابط: https://goo.gl/CXwSWU

([32]) وليد المعلم: إدارة ذاتية للكرد في سورية أمر قابل للتفاوض، الموقع: باس نيوز، التاريح: 26/09/2017، الرابط: https://goo.gl/9Md9WG

([33]) المرصد: سورية الديموقراطية تسيطر على مدينة الرقة بالكامل، الموقع: دي دبليو، التاريخ: 17/10/2017، الرابط: https://goo.gl/Fhu5d5

([34]) روسيا تستعجل التسوية... حوار في حميميم و«سورية اتحادية»، الموقع: الشرق الأوسط: التاريخ: 11/10/2017، الرابط: https://goo.gl/EgBxKE

([35]) إذ جاء في هذا البيان:

  • “إننا في المنسقية العامة للإدارة الذاتية الديمقراطية، وانطلاقاً من مسؤوليتنا كسوريين ومن خلال التضحيات الجسام التي قدمناها في وحدات حماية الشعب YPG والمرأة YPJ وعموم قوات سورية الديمقراطية QSD دفاعاً عن سورية بجميع شعوبها.
  • في هذه الفترة التي يشهد فيها العالم تحرير الرقة الذي بات قاب قوسين وأدنى، وتحرير دير الزور وريفها من تنظيم داعش الإرهابي. وفي الوقت نفسه إرساء مشروعنا الديمقراطي المتمثل بالفيدرالية الديمقراطية لشمال سورية الذي يعتبر طريقة مثلى للنهوض المجتمعي ليس فقط في شمال سورية إنما في كل شبر من سورية وانتشالها من واقعها التقسيمي، والقطع على أية محاولة تهدف لتحقيق أجندات فئوية ضيقة.
  • إننا نرى في التصريح الأخير الذي أدلى به السيد وليد المعلم والذي يبدي فيه استعدادهم للتفاوض؛ بأنه خطوة إيجابية، ونؤكد بدورنا رغبتنا الإيجابية في التفاوض حقنا لدماء السوريين وتحقيق الأمن والاستقرار في سورية والمنطقة”.

للتأكيد على مقارباتنا السابقة والحالية والمستقبلية الهادفة إلى أن تكون سورية المستقبل متوسعة على جميع شعوب ومكونات وثقافات سورية بمختلف عقائدها وانتماءاتها الأولية والانطلاق منها إلى تأسيس حالة الانتماء الوطني وسورية فدرالية ديمقراطية

 للمزيد انظر: المنسقية العامة للإدارة الذاتية تؤكد استعدادها للدخول في مفاوضات مع النظام رداً على دعوة وزير خارجية النظام، الموقع: خبر24، التاريخ: 13/10/2017، الرابط: https://goo.gl/oVYJNF

([36]) القامشلي تحتضن مفاوضات بين الإدارة الذاتية وموسكو ودمشق حول مستقبل كردستان سورية، الموقع: روداو، التاريخ: 19/10/2017، الرابط: https://goo.gl/iNoPcu

([37]) وضم الوفد كل من: إبراهيم برو رئيس المجلس، وكاميران حاج عبدو ومصطفى سينو عضوي لجنة العلاقات الخارجية للمجلس، وفؤاد عليكو عضو الوفد المفاوض في جنيف، للمزيد أنظر: هذا ما ناقشه وفد الوطني الكردي السوري مع الخارجية الروسية في موسكو، المصدر: باس نيوز، التاريخ: 07/09/2017، الرابط: https://goo.gl/E3YUcc

([38]) رئيس الوطني الكردي السوري: لا جديد في دعوة المعلم للحوار مع الكرد، الموقع: باس نيوز، التاريخ: 02/10/2017، الرابط: https://goo.gl/qP74Fk