السيناريوهات الميدانية المتوقعة لمناطق سيطرة المعارضة في إدلب وشمال حماة وغرب حلب:
يمكن تقسيم مناطق سيطرة المعارضة الممتدة من غرب حلب إلى محافظة إدلب وصولاً إلى شمال حماة إلى ثلاثة محاور أساسية، وذلك اعتماداً على المؤشرات الميدانية من حيث طبيعة الحشود والاستهداف العسكري:
رأى الباحث معن طلاع من مركز عمران، في حديثه لصحيفة القدس العربي حول اجتماع طهران المقبل، أن اتجاهات المشهد العام وحركية الدول الضامنة تدلل على أن الاجتماع سيحدد ثلاثة أمور رئيسية؛ أولها سيرتبط بمصير إدلب، ويتوقع فيه أن تمنح روسيا مزيداً من الوقت لتركيا لترتيب المشهد العام في المحافظة وتفكيك "هيئة تحرير الشام" وهو الأمر الذي تدفع باتجاهه أنقرة عبر سياساتها الأخيرة، أما الأمر الثاني الذي سيحدده الاجتماع فيتعلق بالبت في الإطار السياسي الناظم لعمل اللجنة الدستورية والدفع باتجاه البدء باجتماعاتها، في حين سيتناول الأمر الثالث رسم الأطر العامة لاستراتيجية "عودة اللاجئين" وسبل التعاون في إنجاز هذا الملف..
للمزيد النقر الرابط التالي: https://bit.ly/2MjB3R7
مبكراً؛ توضحت الأدوار المتوقعة للأمم المتحدة في سورية، حيث حددت تفاعلات الأمم المتحدة عبر مؤسساتها السياسية ضمن مقاربات "الاستعصاء والتزمين" لتتسيّد عناوين التعاطي الأممي مع الملف السوري، إذ أنه وبعد ستة أسابيع على بدء الثورة في سورية استخدمت روسيا والصين حق النقض الفيتو؛ لتعطيل أول إعلان للأمم المتحدة اقترحته دول غربية يدين القمع الذي يمارسه النظام السوري، فكان بمثابة الإعلان الدولي الرسمي لتغلب منطق "إدارة الأزمة" ودعوة صريحة للفواعل والمحلية الدولية والإقليمية لتحسين تموضعها في الجغرافية السورية (سواءً عسكرياً أو سياسياً)، ولدى تبلور أول وثيقة ناظمة لحركة الأمم المتحدة في الملف السوري (جنيف) كانت قد سحبت من القضية السورية بعدها الاجتماعي ودوافع حراك المجتمع وثورته لصالح تنافس سياسي بين نظام ومعارضة مما عمق سياسات المحاور التي بات التضارب البيني في المصالح والسلوكيات هو الثابت المستمر الذي ما زاد من محدودية الأثر الأممي الذي تحجم على مستويات الاستجابة الإنسانية الطارئة.
ترسخ عملياً أثار التموضع الدولي والإقليمي وتحولاته المتعددة على الخطوط الرئيسية الناظمة لأطر المسيرة والعملية السياسية، وعلى طبيعة أدوار الأمم المتحدة الذي أجهضه استخدام روسيا لحق "الفيتو" 11 مرة مما عطل مجلس الأمن (انظر الجدول أدناه) ، لذا لم يعد مستغرباً -وفق ما يميله إدراك حركية الأمم المتحدة والمرتبطة كلياً "بمنطق ونفوذ وحسابات الكبار الأمنية والجيوسياسية"- استقالة كوفي عنان كموفد خاص للأمم المتحدة والجامعة العربية في آب/ أغسطس عام 2012 بعد خمسة أشهر من الجهود غير المثمرة التي بذلها في خطته ذات النقاط الست والتي تدعو إلى وقف القتال والانتقال السياسي، إلا أنها لم تدخل حيز التنفيذ؛([1]) أو حتى استقالة الأخضر الإبراهيمي بعد عامين من الدبلوماسية غير المثمرة رغم نجاحه في عقد أول جولة تفاوض مباشرة بين النظام والمعارضة برعاية الولايات المتحدة وروسيا؛([2]) وأيضاً ليس مستغرباً أن تمضي الأمم المتحدة في عقد جولات تفاوض سمتها الرئيسة السيولة والتغيير المستمر لتعريف "اللحظة السياسية الجديدة" في سورية " إذ كانت انتقالاً سياسياً كاملاً وأضحت تفاصيل تتعلق بعقد اجتماعي لا ولم يلتزم به النظام، وانتخابات لا يمكن أن تجري في ظل هذا التفسخ المستمر لبنى الدولة وشرائحها الاجتماعية وقطاعاتها الاقتصادية.
لذلك انحسر دور الأمم المتحدة في المساعدات الإنسانية والتي بدورها أضحت ملف ابتزاز من قبل النظام وحلفائه في وقت فشل المجتمع الدولي من جعله ملفاً فوق تفاوضي، كما اقتصر هذا الدور على بعض المهام الإحصائية التي تقوم به المنظمات الخاصة بالأمم المتحدة، كمنظمة اليونيسكو، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة العمل الدولية، وعليه فإن تقييم الفاعلية مرتبط بطبيعة ووظيفة المؤسسة الأممية، فإن تناولنا بالنقد مؤسستي الجمعية العامة ومجلس الأمن فإنه أسير الانقسام الدولي واختلاف المصالح المرتبطة بالجيوستراتجية السورية وهو ما عزز من تسيّد عوامل العطالة وعدم النجاح في أي تقدم سياسي ذو أثر مباشر على النزاع وضرورات حله، وإذما ما قيمنا أدوار وكالات الأمم المتحدة مثل (مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ومنظمة العمل الدولية، واليونسكو، والمنظمات الخاصة باللاجئين والإغاثة) فإننا نلحظ أدواراً متفاوتة الأهمية والأثر وفق معايير النجاح في تحسين وتغليب الخيارات الإنسانية والاغاثية وسياسات الاستجابة الطارئة.
وفي تفنيد أسباب محدودية الدور السياسي والأمني الأممي في سورية، فإنه يمكن حصرها في عدة مستويات سياسية تبلورت وتظافرت في انتاج "حق النقض" كوسيلة دالة لحجم الاختلاف في خارطة المصالح الدولية والإقليمية وما رافقها من دفوعات وحركيات سياسية ساهمت في تغيير مستمر للسياقات السياسية التي طرأت على الملف السوري، فمن جهة أولى تعمقت قناعة موسكو لاستخدام هذا الحق بحكم بحثها المستمر على عدم السماح للولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها المشاركة بحل أو توجيه الأزمة السورية خارج نطاق السياسات الروسية ، وهي تبقي بذلك الحل على ما ينتجه واقع الصراع العسكري والذي تسيره وفق إرادتها، ومن جهة ثانية فقد استغلت روسيا الموقف المتردد للولايات المتحدة الأمريكية لاسيما موقف إدارة الرئيس (باراك أوباما) تجاه الأزمة السورية وبشكل خاص موقفها من بقاء رئيس النظام على رأس السلطة وكذلك دعمها للمعارضة السورية بشكل يؤثر في قلب المعادلة العسكرية والسياسية والمساهمة الجادة في تحقيق المزيد من المكاسب لروسيا وحلفائها سواء على صعيد الموقف العسكري أم السياسي، ومن جهة ثالثة فإن عدم توافق الدول الأعضاء جمد فاعلية مجلس الأمن وجعله جزء من المشكلة وليس جزءاً أساسياً في الحل ، لاسيما أن مصالح الأطراف غير قابلة للتطابق أو على الأقل في التقارب
أيضاً بالمقابل، لا يمكن للأمم المتحدة الانطلاق في التعامل مع ملفات الصراع إلا وفقاً لمنطلقين: قانوني وتنفيذي، إذ حتّم عليها المنطلق القانوني التعامل مع نظام الأسد بوصفه "ممثلاً للدولة السورية"، رغم ثبوت ارتكاب هذا النظام لكل أشكال الجرائم بدءاً من التطهير العرقي ومروراً بالإبادة الجماعية وليس انتهاءً بإرهاب المواطنين. إلا أن هذا التحتيم لا يبرّر للأمم المتحدة تقاعسها في البحث عن وسائل وأدوات تأثيرٍ لتحسين الشروط الإنسانية كحدّ أدنى باعتبارها منظمة عالمية مهمتها الأساس إنفاذ القانون الدولي وحماية حقوق الإنسان.
أما على صعيد المنطلق الاجرائي فرغم أن الأمم المتحدة لا يمكنها تجاهل المنطلق القانوني، إلا أنها تبقى أسيرة سياسات الفاعلين الدوليين، الأمر الذي حدّد وقلّص هوامش المرونة المتبعة من قبل المبعوثين الدوليين وجعلهم يخوضون مهمة سياسية صعبة، بدأها كوفي عنان بنزعة براغماتية وطرح نقاطه الستة التي تضمن انتقالاً سياسياً للسلطة. وتابع فيها الأخضر الإبراهيمي بأداء شديد المرونة لم يستطع به تجاوز "عدم جدية المجتمع الدولي في حل النزاع في سورية". وكان من شأن هذه اللاجدية أن ساهمت في منح المزيد من الوقت لنظام الأسد الذي استفاد منه في تقليص فرص السقوط ومتابعة النهج الأمني الذي دمر الدولة والمجتمع. كما دفعت باتجاه تفاقم وتعقد إشكالات الأوضاع في ضفة المعارضة ولا سيما في ظل غياب الحماية من القصف الجوي، وبالتالي تقليص هوامشها في إدارة الأماكن المحررة، مما أتاح الفرصة "للجهاديين" لاستغلال الظرف وانتقال حركيتهم لأشكال صلبة عززت الانتقال بالصراع من مستوى صراع سلطة ومجتمع إلى مستويات محاربة الإرهاب والذي توافقت معظم الدول على أنه المدخل الرئيسي لسياساتها لتؤكد تلك الدول أن مستمرة في تغييب جذر الصراع لصالح نتائجه وهو ما أسهم في استعصاءات واختلالات للعملية السياسية برمتها.([3])
بموازاة ذلك؛ تحرك المبعوث الدولي الثالث ستيفان دي ميستورا وفق أربعة قواعد جديدة تختلف عن سابقيه، وهي أولوية محاربة الإرهاب؛ تكريس الهدن كإطار لا سياسي يؤمن وقف الاقتتال؛ ضمان موافقة الفاعلين الدوليين المؤيدين لنظام الأسد، تجزئة أجندة الانتقال السياسي لسلل أربعة (دستور وانتخابات وحوكمة وأمن)، وقد تبنى هذه القواعد نتيجةً لظهور خمسة منعطفات كان من شأنها تحول النظرة نحو القضية السورية من ثورة مجتمع مضطهد ضد نظام مستبد إلى صراعٍ إقليمي ثم إلى حرب لمواجهة " الإرهاب"، وهذه المنعطفات هي: اتفاق نزع الترسانة الكيماوية؛ تسيد اللغة العسكرية بعد فشل العملية التفاوضية في جنيف؛ و مواجهة تمدد تنظيم "الدولة" وتنظيم جبهة النصرة؛ والتحالف الدولي وضبابية الأهداف والرغبة الدولية في تطويع طرفي النزاع في محاربة "الإرهاب، والتدخل الروسي وما أفرزه من تغيير لتعريف العملية السياسية وتغليب فكرة الدستور على غيرها، ولدى التقييم لتلك القواعد يظهر بشكل واضح أنها شكلت مناخاً داعماً لسياسة المحور الإيراني السوري الذي عمل منذ اليوم الأول عبر خبرته الأمنية في نقل الصراع إلى مستويات تتناسب مع سرديته للأحداث.
منذ تعثر مبادرتي الجامعة العربية وانتهاء الحلول العربية (الأولى وتنص على وقف العنف والإفراج عن المعتقلين وسحب الجيش من المدن السورية، والثانية: نقل سلطات الرئيس بشار الأسد إلى نائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية) ساهمت مجموعة من العوامل لانتقال الملف من المستوى العربي إلى المستوى الدولي، الذي برزت المعالم الناظمة لتعاطيه مع أول فيتو روسي، وبات منطق العمل قائم على انجاز وثائق تفاهم أمريكية وروسية، ففي 30 يونيو/حزيران 2012، اتفقت مجموعة العمل حول سورية التي تضم الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وتركيا وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي في جنيف على مبادئ العملية الانتقالية عرفت بمبادئ جنيف 1، إذ نصت الخطة وقتها على تشكيل "حكم انتقالية كامل الصلاحيات التنفيذية" على "قاعدة التفاهم المتبادل"، دون أن تحدد مصير الأسد،([4]) لتؤسس هذه الوثيقة الأممية لحالة من الفهم المزدوج والتفسيرات المختلفة لكل الأطراف المعنية بالملف، والأهم هنا أن حدد آنذاك الدور التنسيقي للأمم المتحدة كراعية للمفاوضات وميسرة لأجندة عمل غير خلافية مما أسس لمسيرة ماراثونية في المفاوضات ريثما يكتمل شرط التوافق الدولي التام الذي لا يزال غائباً حتى إعداد هذه الورقة.
بدأت هذه المسيرة في يناير/كانون الثاني 2014 بما عرف بـ"جنيف-2"، حيث عقدت مفاوضات أولى في سويسرا بين المعارضة والحكومة السورية، بضغوط من الولايات المتحدة الداعمة للمعارضة ومن روسيا الداعمة لدمشق،([5]) لكنها انتهت بدون نتيجة ملموسة، وأعادت الصراع مجدداً للميادين العسكرية الذي حكم منذ تلك الفترة حتى ما قبل التدخل الروسي منطق التوازنات العسكري، وتلتها جولة ثانية انتهت في فبراير/شباط أعلن بعدها مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية الأخضر الإبراهيمي وصول النقاش إلى طريق مسدود، مما حمله إلى إعلان استقالته بعد أن خلف كوفي أنان في هذه المهمة، وحل محله ستفان دي ميستورا في يوليو/تموز. ([6])
في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، واتساقاً مع مفهوم "إدارة الأزمة"، تم تشكيل مجموعة دعم دولية لسوريا في فيينا تضم 23 قوة دولية وإقليمية ومنظمات متعددة الأطراف، بينها الولايات المتحدة وروسيا والسعودية وإيران وتركيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأعدت هذه المجموعة خارطة طريق للعملية الانتقالية، ولإجراء انتخابات وعقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة بحلول بداية يناير/كانون الثاني دون الاتفاق على مصير الأسد. وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع وللمرة الأولى منذ بدء الأزمة قراراً استناداً إلى محادثات فيينا ذي الرقم 2254، يحدد خارطة طريق تبدأ بمفاوضات بين النظام والمعارضة، وينص على وقف لإطلاق النار، وتشكيل حكم انتقالي في غضون ستة أشهر، وتنظيم انتخابات خلال 18 شهراً. ([7])
وفي مطلع 2016، عقدت ثلاث جولات من المفاوضات غير المباشرة بين النظام والمعارضة في جنيف برعاية مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية دي ميستورا، دون أي تقدم يذكر، ومن مارس/آذار إلى يوليو/تموز 2017 نظمت أربع جولات أخرى من المفاوضات غير المباشرة التي لم تثمر شيئا. وفي 14 ديسمبر/كانون الأول اتهم المبعوث الأممي دمشق -إثر جولة تفاوض أخرى-بنسف المفاوضات عبر رفض التفاوض مع المعارضة، واعتبرها "فرصة ذهبية ضاعت". ويوم 26 يناير/كانون الثاني 2018 انتهت الجولة الأممية التاسعة بخيبة في فيينا التي استضافتها لدواع لوجستية، علما بأنها تعقد عادة في جنيف.
شكل نهاية عام 2015 نقطة تحول رئيسية في الملف السوري، إذ طورت موسكو أدوات الفاعلية السياسية إلى مستويات صلبة تمثلت بالتدخل العسكري المباشر واستطاعت منذ بيان فيينا في 30/10/2015 الذي أتى بُعيد التدخل الروسي العسكري المباشر في سورية، أن موسكو تعمل وفق مقاربة سياسية عسكرية، قائمة على "تطويع الميدان" وضرب المعارضة السورية، وتحويل ذلك لمكتسبات سياسية توظفها لتعزيز سرديتها وتعريفها للملف السوري. وبهذا السياق كان لا بد لموسكو من اتباع استراتيجية "الحل الصفري" على المستوى العسكري في سورية مستغلةً توظيف معادلة الإرهاب التي أرادتها الدبلوماسية الروسية سائلة. فضربت ابتداءً مناطق سيطرة قوى الثورة في الساحل وأخرجت كافة جيوبها من مساحات "سورية المفيدة" مُتبعة منهجية التهجير وصولاً لعودة السيطرة على حلب الشرقية، وقابل كل ذلك هندسة سياسية روسية على مستوى الفاعلين الدوليين والإقليمين تكرس من خلالها "القيادة الروسية" وإجهاضٌ دائمٌ لأية فاعلية تُرتجى من مجلس الأمن باستثناء قرار نشر المراقبين الدوليين رقم (2328) للإشراف على عملية الإخلاء كونه يعزز السيطرة الدائمة على مدينة حلب.
واستمراراً في هذا الاستثمار السياسي الروسي نظمت روسيا وإيران وتركيا في يناير/كانون الثاني 2017 في أستانا عاصمة كزاخستان؛ مفاوضات ضمت للمرة الأولى ممثلين عن النظام السوري وآخرين عن الفصائل المعارضة أفرزت ما يعرف باتفاقات خفض التصعيد، إذ كان المحدد الرئيسي هو محاولة سحب الوظائف السياسية من جنيف عبر تنامي المداخل الأمنية المبررة لاجتماعات الأستانة ووصولها لمستويات سياسية تبلور في مؤتمر سوتشي 30 يناير/كانون الثاني 2018 الذي جمع طيفاً كبيراً من السوريين للتوافق على دستور جديد وليرتجي تثبيت موسكو كمهندس رئيس للعملية السياسية،([8]) إلا أنه وقبيل المؤتمر أصدرت الدول الخمس: الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، السعودية، الأردن اجتماع باريس 23/1/2018 ورقة غير رسمية بشأن إحياء العملية السياسية في جنيف بشأن سورية، لم تختلف مع الطرح الروسي القائم على انتخابات ودستور، إلا انها أعادت الإشراف الكامل للأمم المتحدة على العملية السياسية وقلصت الكثير من صلاحيات "الرئيس".([9])
عطل الاستثمار السياسي الروسي مجلس الأمن الدولي ثم حاول خطف الصلاحيات والمسؤوليات السياسية لمسار جنيف الذي تعثر بحكم التباعد والاختلاف بين أطراف النزاع من جهة ولاستمرار التناقض بين الفواعل الدولية من جهة ثانية، إلا أن الفواعل الدولية الأخرى كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والسعودية والأردن عارضت هذا الخطف عبر تأكيدها المستمر على أولوية الأشراف الأممي ووفقاً للقرارات الدولية لاسيما القرار 2254، وبهذا دلالات كثيرة حول التمسك بأدوار الأمم المتحدة، وقد يفسر ذلك من جهة أولى كسبيل اعتراض وعرقلة للروس الذين باتو منخرطين بتفاصيل عديدة بالمشهد السوري دون تحصلهم على مكسب سياسي استراتيجي، ومن جهة ثانية: استمرار منطق "إدارة الازمة" وجعل المشهد السوري مرة أخرى ميداناً للتنافس السياسي والعسكري الدولي بالدرجة الأولى خاصة بعدما استطاعت موسكو من إلحاق عدة خسائر عسكرية بالمعارضة وتخفيف أي مكسب ميداني لها.
بات الصراع الدولي في سورية بمعناه العسكري والسياسي أكثر وضوحاً وتبلوراً، ويدخل في هذه الآونة في مراحل ما قبل الترتيب الجديد لحدود التأثير والنفوذ، ومرجحاً لحقبة زمنية طويلة تتبلور فيها مظاهر الحرب الباردة على الأراضي السورية بشكل أكبر واحتمالية تحولها لصدامات مباشرة، ليعزز معه أيضاً استمرار عوامل الاستعصاء في أتون حركة العملية السياسية رغم نجاح موسكو في إعادة تعريف عناصرها الأولية بما يتفق مع مخيالها السياسي، فمن جهة أولى عسكرية لم تعد اتفاقات الأستانة بصيغها القائمة قادرة على استيعاب التطورات العسكرية الدولية المتلاحقة في سورية(عملية غصن الزيتون، تثبيت الانتشار الأمريكي، ارهاصات حرب كبرى في الجنوب)، ومن جهة سياسية ، يبدو القرار الاممي 2254 عصياً على الاستمرار دون مزيداً من الشروحات التفصيلية التي تسهل العملية التفاوضية السورية، وما بين الجهتين وما وتفرضانه من ضرورات ظهور ترتيب عسكري وسياسي جديد يوفر مناخات ومساقات جديدة قابلة للتفاعل، يستمر أثر الحل الصفري الذي ينتهجه النظام وحلفائه مهدداً لمبدأ ووجود لحظة سياسية في سورية،
بالعموم تتنامى مؤشرات "ضرورة إعادة الترتيب" و يُتوقع أن تحتوي معادلاتها على عدة معطيات، أهمها: استدامة التواجد الأمريكي في سورية وبقاء امتلاكها لعنصر تعطيل الحركية الروسية؛ محاولات روسية لتحجيم الدور الأمريكي أو وصولها إلى مرحلة تطبيع وتكيُّف وجعل هذا الدور ذو آثار أمنية أكثر منها سياسية؛ استمرار اختبار ضبط النفس في الجنوب السوري التي تعبث به طهران أمنياً واجتماعياً؛ وضوح طبيعة التموضع التركي في معادلة علاقتها مع واشنطن وموسكو؛ استمرار الثلاثي (موسكو وطهران والنظام) في منوال عمليات "بسط السيطرة"؛ توفير أطر أمنية جديدة تستوعب هذا العدد الكبير من القواعد العسكرية الأجنبية في سورية. وأمام هذه المعطيات يكون المشهد السوري قد اقترب من تجاوز "الصراع المحلي" ونقله كلياً للمستوى الإقليمي والدولي والذي وإن كان مرتباً أولياً بتفاهمات واتفاقات أمنية، إلا أنها شديدة القلق ولم تعد صالحة لضبط التحولات الجديدة. فبات هذا المشهد بحاجة لترتيب آخر وهذا ما سيؤثر حكماً على طبيعة المخرج السياسي العام من جهة، وأداور كافة الفواعل المحلية من جهة ثانية.([10])
ووفقاً لهذا، تنحصر أدوار الأمم المتحدة السياسية المتوقعة في العمل وفق مبدأ التوافق مع الدفوعات الروسية المتمسكة بتعريفها للعملية السياسية وبما ينسجم مع الأدوار الأممية التي تضمنتها "اللاورقة" باعتبارها مؤشراً أخيراً على طبيعة الفهم السياسي لتلك الدول وفق الآتي:
أولاً: تغيير النهج والمستند المتبع في جنيف بحيث يحقق تقدماً في أجندة العملية ولا يلاقي بذات الوقت اعتراضاً روسياً حوله، وعليه قد يكون هذا النهج يستند على فكرة الابتعاد عن أسلوب الجولات ، والاتجاه إلى عملية سياسية متواصلة، وفق آليات "فرق عمل تركز على الدستور والانتخابات وغيرها من القضايا التي تركز على وضع تدابير بناء الثقة مثل ملف المحتجزين، وإعادة تفعيل فرق العمل المعنية بوقف إطلاق النار، وايصال المساعدات الإنسانية، وهذا يتطلب من فريق ديمستورا إعادة ملفاته بالكامل إلى جنيف ودفعه باتجاه اعتماد مستند قانوني جديد يفسر بشكل أوضح القرار 2254 و يزيد من الآليات التنفيذية.([11])
ثانياً: أدواراً عابرة للتنسيق: بمعنى تكرار سياسة ورقة المبادئ المشتركة (المبادئ الحية ذات 12 بند)، وورقة خلاصات الوسيط المتعلقة بالانتقال السياسي، مثل هذه الأوراق التي أقرتها تشاورية لوزان، ورفضتها الهيئة العليا للمفاوضات السابقة، ويمكن جعلها وثائق رسمية ملزمة للمعارضة وللنظام، إذا حدث اتفاق دولي عليها، في خط يشبه بيان جنيف 2012، وبياني فيينا 2015، إلا أن فاعلية هذه الأدوار ستبقى مرتبطة بطبيعة الترتيب السياسي والدولي الجديد وعدم انفجار الحركيات الدولية القلقة في سورية.([12])
ثالثاً: تركيز فرق الأمم المتحدة على المبادئ الدستورية العامة التي ستضع إطارا للمناقشات اللاحقة بشأن مضمون الدستور الجديد، أو نصّه الفعلي، أو الإصلاح الدستوري، مسؤولية كاملة على الأمم المتحدة لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة كما هو الحال بالنسبة للمسائل الدستورية،
بذات السياق وضمن توقع "ظهور معطيات التدخل الإنساني"، فإنه لا يزال مستبعداً وفق المؤشرات التي تفرزها سلوكيات الدول "الصديقة" للشعب السوري، فلا بوادر إلى حراك خارج مجلس الأمن الذي حكم عليه الروس بالعطالة، فبالوقت الذي توقع سابقاً الكثيرين تدخلاً عسكرياً غربياً إبان العديد من المجازر الكيماوية في سورية، أتت صفقات الروس لتنقذ الأمر، أو كما توقع البعض التدخل حالياً حيال جرائم الحرب التي يرتكبها الروس والايرانيون ونظام الأسد في الغوطة الشرقية، وسواها من المناطق السورية، لاسيما بعد صدور قرار مجلس الأمن 2401 القاضي بوقف إطلاق النار وبهدنة إنسانية، إذ لم تشكل مأساة الغوطة أي دافعاً للتدخل الإنساني، وبقي السوريين هم من يدفعون ثمن العجز والفشل الدولي، على العكس لايزال الإطار الدولي وتقاطعاته الاستراتيجية، وبما يرسمه من خطوط حاكمة لتحركات القوى الإقليمية، يشير إلى استدامة الأزمة وصعوبة توافر حلول مستقرة لها.
إن قدرة الأمم المتحدة على لعب دور بناء في هذه المنطقة عموماً وفي سورية ذات الخصائص الجيوسياسية المعقدة خصوصاً كمنظمة تعلي الشأن الإنساني على باقي الاعتبارات وتسعى لتمكينه ، هي قدرة محدودة جداً لأسباب تتعلق بهيكليتها وبنيتها ونمطية وظائفها أمام "منطق الكبار"، ولأسباب مرتبط بالظروف المتعلقة بالجغرافية السورية، فوفقاً لـ" وليام شوكروس" مؤلف كتاب : ( Deliver us from Evil: Warlords, Peacekeepers and a World of Endless Conflict ):"اعتقدنا ونحن ندخل غُرّة هذا القرن، أن ثمة هندسة عالمية جديدة للنظام العالمي الذي شُيِّد غداة نهاية الحرب العالمية الثانية، لكننا في الواقع لم نُدرك ما طبيعة هيكليته النهائية، حتى ولو كنا نأمل بأن تكون اليد العليا للتدخّل الإنساني. لكن اليوم، أثبت الشرق الأوسط أن العكس هو الذي حدث، وأن الآمال الإنسانوية تحطّمت في المنطقة وسادت، بدلاً منها، حصانة الديكتاتوريين في العديد من الأماكن".([13])
سبعة أعوام والأمم المتحدة في سورية في حالة تقييد كامل، وبدلًا من إطلاق "الفواعل الدولية" لمهامها الإنسانية –على أقل تقدير-في سورية، نراها مكبلة بتوازنات غاية في الدقة وحسابات ومصالح معقدة وغير مستقرة، ومستندات قانونية ناظمة للعمل التفاوضي تفتقد للتفسير المشترك مما يجعل كافة هوامشها لا تعدو عن كونها منظمة معطلة للأثر السياسي ومنفذ لاتفاقٍ يصعب بلورته وفق التراتيبات المتراكمة عسكرياً وسياسياً واجتماعياً في سورية.
نشر على مجلة آراء الخليج: https://bit.ly/2K7deaw
([1]) استقالة كوفي عنان من مهمته كمبعوث دولي وعربي إلى سوريا، موقع DW الالكتروني، تاريخ: 2/8/2012، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/pxEZKM
([2]) استقالة الأخضر الإبراهيمي من منصبه كموفد أممي إلى سوريا، موقع فرانس 24 الالكتروني، تاريخ: 14/5/2014، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/9w7mwP
([3]) خطة دي ميستورا تجميد دون أفق، تقدير موقف صادر عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ:5/11/2014، الرابط: https://goo.gl/WhkDYt
([4]) مقررات «جنيف 1»: وقف العنف وإقامة هيئة حكم انتقالية، موقع جريدة الشرق الأوسط، تاريخ: 29/1/2014، الرابط: https://goo.gl/RM2Pc3
([5]) مؤتمر جنيف 2 حول سوريا ... حقائق ومعلومات، موقع BBC ARABIC الالكتروني، تاريخ: 22/ 1/2014، الرابط: https://goo.gl/nPHkvb
([6]) سنوات من الجهود الدبلوماسية العقيمة لحل النزاع السوري، موقع SWI SWISSINFO.CH الالكتروني، تاريخ 30/1/2018، الرابط: https://goo.gl/nvPVKu
([8]) أبرز محطات مفاوضات أستانا، موقع الجزيرة الالكتروني، تاريخ:31/10/2017، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/4AaM6Z
([9]) ورقة الدول الخمسة، تقدير موقف صادر عن موقع تطورات جنيف، تاريخ 12/2/2018، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/9n6AUN
([10]) معن طلاع، نوار أوليفر: "المشهد العسكري في سورية وتحولاته المتوقعة، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ 16/3/2018، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/GS8Jps
([11]) للمزيد حول القرار أنظر الرابط: https://goo.gl/zHD7f5
([12]) ورقة الدول الخمسة، تقدير موقف صادر عن موقع تطورات جنيف، مرجع سابق.
([13]) MICHAEL YOUNG:” Is there any role for the UN in a polarized Middle East?”, CARNEGIE middle east, 24/9/2017, link: https://goo.gl/ddhSDd
وضَّح مدير وحدة المعلومات بمركز عمران نوار أوليفر في حديثه مع صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 3 آب/ أغسطس 2018، ضن مادة نشرتها الأخيرة على موقعها بعنوان: "ألغام كثيرة أمام أي هجوم لقوات النظام على إدلب".
أن الدول الثلاث الضامنة لخفض التصعيد «لن تسمح بأي نوع من الحرب الواسعة النطاق في الشمال»، كما رجح أوليفر خلال المرحلة المقبلة، أن تقوم تركيا تزامناً مع عملها على توحيد صفوف الفصائل المعارضة، «بعملية عسكرية داخل إدلب للقضاء على الجزء المتشدد من (هيئة تحرير الشام) وبعض المجموعات المتطرفة» لتجنب هجوم دمشق وحلفائها.
للمزيد انقر الرابط التالي: https://bit.ly/2vJBoCs
تركزت حكومة النظام السوري أولوياتها خلال شهر تموز 2018 على ملفي؛ مكافحة الفساد وانتخابات الإدارة المحلية، حيث عقد خلال شهر تموز سلسلة من ورش العمل والاجتماعات الحكومية وغير الحكومية لمناقشة مكافحة الفساد ومنها:
كذلك واصلت الهيئات التشريعية والتنفيذية مراجعتها للتشريعات والقوانين السائدة ومنها: 1) إصدار القانون 27 الناظم بمهام وصلاحيات واختصاصات وزارة التنمية الإدارية ([1])، 2) تعديل أحكام قانون خزانة تقاعد المهندسين رقم 23 لعام 2005 ([2])، 3) مناقشة مشروع قانون يقضي بمنح مجلس الدولة صلاحيات تصديق العقود التي تبرمها الجهات العامة والتي تزيد قيمتها على 150 مليون ليرة سورية ([3])، 4) نشر مسودة قانون الاستثمار الجديد على موقع التشاركية لمجلس الوزراء ([4])، 5) إعداد قانون جديد للجمارك. ([5])
بالانتقال إلى ملف الإدارة المحلية، تواصل الهيئات التنفيذية والقضائية استعداداتها لإجراء انتخابات الإدارة المحلية المقررة في 16 من أيلول القادم، حيث فُتح باب الترشح لعضوية مجالس الوحدات الإدارية البالغ عددهم 18474 عضواً ينبثق عنهم 1444 مجلساً ([6])، وقد كشف سليمان القائد "رئيس اللجنة العليا للانتخابات" عن تلقي اللجنة 49096 ألف طلب ترشح لانتخابات الإدارة المحلية، بانتظار البت بقانونيتها من قبل اللجان القضائية المختصة بذلك. ([7])
وعن إجراء الانتخابات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أفاد القائد بتشكيل لجان لمحافظتي الرقة وإدلب في محافظة حماة من قضاة ينتمون للمحافظتين، وفيما يتصل بإجراء الانتخابات في المناطق التي تم استعادتها ولم يسمح لسكانها بالعودة إليها بعد، فأشار القائد بأن الوزارة مسؤولة لوجستياً عن تحديد المراكز بالتنسيق مع اللجنة كما حدث في الانتخابات التشريعية، منوهاً بأن شمول الانتخابات لمن هم خارج البلاد يقتصر على انتخاب رئيس الجمهورية. هذا وقد أصدرت الحكومة ووزارة الإدارة المحلية والبيئة عدة قرارات وإجراءات في إطار استعدادها للانتخابات منها: ([8])
واصلت وزارة الإدارة المحلية والبيئة دعمها للوحدات الإدارية خلال شهر تموز 2018، حيث بلغت قيمة الدعم المالي المقدم من الوزارة للوحدات الإدارية 240 مليون ل.س (550,485 $ على أساس سعر صرف 436 ليرة لكل $) كإعانات مالية توزعت بحسب الجداول البيانية المرفقة أدناه. ([10])
بجانب آخر، مدد مجلس الوزراء العمل بقرار تشكيل لجنة إعادة الإعمار التي يرأسها وزير الإدارة المحلية والبيئة لمدة عام.([11])
قطاعي التجارة والصناعة
تسعى الحكومة إلى إعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية مع كل من العراق ولبنان وكذلك مع الدول الأوربية سيما تلك الواقعة على حوض المتوسط، حيث عقدت قيادات سورية حكومية وبرلمانية اجتماعات مع السفير العراقي والمفوض فوق العادة لدى سورية سعد محمد رضا والوفد المرافق له، وقد تطرقت الاجتماعات إلى: 1) اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين البلدين المتوقع إنجازها خلال الفترة المقبلة، 2) إعادة فتح المعابر الحدودية وخاصة معبر البوكمال – القائم، 3) تفعيل حركة الطيران الجوية بين البلدين.
كما عقد وزير النقل المهندس علي حمود لقاء مع وزير الصناعة اللبناني حسين الحاج حسن على خلفية مشاركة الأخير في معرض "رجال الأعمال والمستثمرين في سورية والعام 2018" بناء على دعوة رسمية من قبل الحكومة السورية، وقد تطرق اللقاء بين الوزيرين إلى: 1) تفعيل التعاون والربط الطرقي والسككي بين البلدين وحركة النقل وتدفق البضائع، 2) العمل على إقامة وتفعيل عدد من المصانع المشتركة بين البلدين في المناطق الحدودية في الهرمل وبعلبك والقاع، 3) ملف النقل البري والطريق البري لإعادة التصدير من لبنان عبر المنافذ الحدودية، ومنها إلى الأردن والعراق ودول الخليج.
شارك وفد من مجلس الشعب برئاسة العضو فارس الشهابي رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة، في أعمال المؤتمر البرلماني لمنظمة التجارة العالمية في منطقة البحر الأبيض المتوسط حول تسهيل التجارة والاستثمارات في غرب البلقان والمنطقة المتوسطية المنعقد في العاصمة الصربية بلغراد، حيث تطرقت لقاءات الوفد السوري مع المشاركين في المؤتمر إلى؛ عمليات التقارب الأوروبية المتوسطية على الصعد الاقتصادية وقواعد منظمة التجارة العالمية وآثارها على المنطقة وقواعد التجارة المتعددة الأطراف والمفاوضات في اقتصادات البحر المتوسط.
تواصل الحكومة السورية مساعيها لتنشيط الحركة التجارية والاستثمارية واستهداف أسواق جديدة، وذلك من خلال تنظيم سلسلة من المعارض والمؤتمرات الاقتصادية منها:
فيما يتصل بالعلاقات بين سورية ودول العالم بما فيها الحلفاء، وافق مجلس الوزراء على إعفاء مستوردات القطاع العام من إيران من الرسوم الجمركية والضرائب والرسوم الأخرى لمدة ستة أشهر اعتباراً من بداية تموز ولغاية نهاية كانون الأول 2018 ([12])، كما وقع وزير التعليم العالي الدكتور عاطف نداف ومعاون وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي لشؤون التعليم في إيران باقر لاريجاني مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التعليم العالي والبحث الطبي ([13])، كذلك كشف مدير عام الخط الحديدي الحجازي عن تلقي المؤسسة عن طريق هيئة الاستثمار السورية عرضاً من شركة ميللي ساختمان الإيرانية لتنفيذ مشروع نقل الضواحي. ([14])
وعن العلاقة مع روسيا، يتواصل اعتماد حكومة النظام السوري على الجانب الروسي في تأمين القمح، كما يستمر تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين الطرفين وهو ما تفيد به المعطيات التالية:
هيمن شعار مكافحة الفساد والاستعداد لانتخابات الإدارة المحلية على جدول أعمال حكومة النظام خلال شهر تموز 2018، حيث تم إقالة عدد من المدراء العاميين العاملين في هيئات الدولة ومؤسساتها، كما تم عقد مجموعة من الاجتماعات الحكومية وغير الحكومية لمناقشة قضية الفساد وسبل مكافحته، ويمكن تفسير التركيز الحكومي على ملف مكافحة الفساد بعدة أسباب منها:
أما فيما يتعلق بالاستعداد لانتخابات الإدارة المحلية، يجب التنويه بداية بأنه قد تم تمديد فترة ولاية المجالس المحلية القائمة حالياً بمرسوم جمهوري في 2016، وعلى إثر تحسن الوضع الميداني للنظام وفي ظل ما يبدو بأنه تفاهمات سياسية غير معلنة ونصائح من الحلفاء، قرر النظام الدعوة إلى إجراء انتخابات لأعضاء المجالس المحلية في 16 من أيلول القادم، حيث تم تشكيل لجان قضائية لتنظيم العملية الانتخابية، وقد بلغ عدد طلبات الترشح بحسب اللجنة العليا للانتخابات 49096 طلب، يتنافسون على نيل عضوية 18474 مقعد، ينبثق عنهم 1444مجلس، في حين تنافس 42889 مرشح في انتخابات الإدارة المحلية على عضوية 17588 مقعد، شكلوا بمجموعهم عضوية 1337 وحدة إدارية.
بقراءة سياق الانتخابات المحلية، لوحظ انخفاض الإقبال على الترشح للانتخابات في الأيام الثلاثة الأولى من المدة القانونية، وقد فسرت الحكومة ذلك بعدم استكمال الراغبين بالترشح للأوراق والمستندات القانونية المطلوبة، ورغبة منها في تدارك ضعف الإقبال وإقراراً منها بذلك، قامت حكومة النظام عبر ممثليها وبالتعاون مع قيادات حزب البعث والموالين لها محلياً بإجراء لقاءات ميدانية مكثفة لحث الناس على الترشح، كما قامت الحكومة بحملة إعلامية على وسائل الإعلام السورية العامة والخاصة للترويج للانتخابات وأهمية المشاركة فيها، ومما يعزز الاستنتاج بضعف الإقبال على الترشح، تمديد عمل اللجنة القضائية العليا للانتخابات حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً من يوم 01-08-2018، ليظهر الفارق بشكل ملحوظ بين 1800 طلب ترشح في الأيام الثلاثة الأولى، وبين ما أعلن عنه من رقم بلغ 49 ألف طلب ترشح بنهاية المهلة القانونية للترشح.
هذا وقد سجلت محافظة اللاذقية أعلى عدد لطلبات الترشح بــ 9400 طلب، في حين سجلت محافظات درعا (1100)، الرقة (1500)، إدلب (1500)، دير الزور (1500) والسويداء (1616) أدناها، ويمكن تفسير انخفاض طلبات الترشح في هذه المحافظات بكونها لا تخضع بكليتها لسيطرة النظام كما في إدلب والرقة ودير الزور، كذلك بتواجد هيئات حوكمية فيها تتبع للمعارضة أو لمجلس سورية الديمقراطي، إضافةً لعدم نجاح شبكات النظام المحلية والحكومية والحزبية في حث السكان على الترشح في هذه المحافظات، كما يمكن اعتبار العامل الأمني والوضع العسكري سبباً مفسراً لانخفاض طلبات الترشح في درعا والسويداء، هذا ويعزز انخفاض عدد طلبات الترشح في محافظتي درعا وإدلب إمكانية اللجوء إلى التزكية في عدد من وحداتهما الإدارية دون الحاجة إلى إجراء انتخابات فيها، بشكل مماثل لما تم في عدد من الدوائر الانتخابية في انتخابات الإدارة المحلية لعام 2011، ومما يلفت الانتباه تقدم 3100 شخص بطلب ترشح في محافظة الحسكة التي تخضع بأجزاء واسعة منها لسيطرة قوات "قسد"، بما يعزز من احتمال تواجد تفاهمات بين النظام ومجلس سورية الديمقراطي بخصوص الانتخابات المحلية، الأمر الذي أفادت به إحدى المواقع الإخبارية المعارضة. ([18])
لا تزال الصورة غير واضحة من حيث خوض حزب البعث وأحزاب الجبهة الوطنية انتخابات الإدارة المحلية في قائمة موحدة أو بشكل منفرد، وذلك بحسب ما أفاد به مصدر في حزب البعث لصحيفة الوطن، ويمكن النظر إلى ما سبق كمؤشر على توجه البعث في المرحلة المقبلةـ، فقد يقرر البعث خوض الانتخابات منفرداً والاستئثار بالجزء الأكبر من أعضاء المجالس المحلية سيما مع هيمنته على مقاعد الفلاحين والعمال، بما يضمن له الهيمنة على المجالس المحلية وقراراتها وتوظيف ذلك للتحكم بمسار عملية إعادة الإعمار، فضلاً عن استخدام ذلك في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقد يؤدي هذا التوجه إلى تعزيز الانقسامات داخل الجبهة الوطنية بما يفسح المجال أمام سيناريوهات انهيارها أو بقائها بشكلها الصوري أو إنتاج تجربة ائتلافية جديدة. في حين يمكن قراءة تريث البعث بالإعلان عن قراره خوض الانتخابات منفرداً أو بالتحالف مع أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، باستمرار المفاوضات بينه وبين أحزاب الجبهة سيما في ظل ارتفاع مطالب بعضها بزيادة حصتها من عضوية مجالس وحدات الإدارة المحلية، نظراً لما قدمته من دعم للنظام خلال فترة الأزمة سيما الاشتراكيين والقومي الاجتماعي.
على الرغم من حملة الترويج المكثفة التي يقوم بها النظام لانتخابات الإدارة المحلية، إلا أنها تفتقد للشرعية والمصداقية، وتحتوي على مخالفات قانونية صريحة يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
خدمياً، اشتكى المواطنون في عدد من المدن والبلدات والبلديات من سوء الواقع الخدمي، حيث عبر أهالي حي الزهور في دمشق وجرمانا في ريف دمشق عن شكواهم من انتشار القمامة، كما انتقد أهالي قرية بسطوير في ريف جبلة من واقع الخدمات في قريتهم، كذلك اشتكى عدد من سكان مدن وبلدات ريف دمشق وقاطني الريف الشمالي الشرقي في السويداء من نقص مياه الشرب، ويمكن تفسير سوء الواقع الخدمي بمشاكل تتصل بالفساد في مجالس الإدارة المحلية وافتقادها للصلاحيات والتمويل، حيث اشتكى مجلس مدينة اللاذقية من نقص التمويل للازم لمكافحة القوارض والحشرات.
هذا وقد برزت مؤشرات على تفاهمات خدمية بين حكومة النظام ومجلس سورية الديمقراطية، ظهرت بشكل واضح في ملفات القمح والنفط والانتخابات المحلية، ويتوقع لهذه التفاهمات الخدمية أن تتوسع في المرحلة المقبلة سيما في ظل حاجة كل طرف إلى الآخر، إضافة إلى ما يبدو بأنه عدم ممانعة الجانب الأمريكي لهذه التفاهمات.
اقتصادياً، تؤشر بيانات التحويلات المالية الواردة إلى سورية بشكل واضح خلال السنوات القليلة الماضية عن مدى أهميتها في دعم النظام السوري اقتصادياً، حيث أسهم تدفق القطع الأجنبي من خلال هذه الحوالات في تأمين الحد الأدنى اللازم لاستمرار النشاط الاقتصادي، ومع ذلك يتوقع تراجع هذه التحويلات في المستقبل لعوامل مرتبطة بإقامة السوريين في دول الخليج، وغيرها من العوامل المرتبطة بوجود توجه دولي لإعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، وهو ما من شأنه أن يخلق ضغوط اقتصادية على حكومة النظام التي تسعى بشكل حثيث إلى إعادة تدوير عجلة الاقتصاد وتنشيط القطاعات الإنتاجية من خلال الترويج للفرص الاستثمارية، كذلك سعيها إلى تنشيط العلاقات الاقتصادية مع دول الجوار (لبنان، العراق، الأردن) والانفتاح على الدول الأوربية عبر رجال الأعمال، ورغم كل ما بذلته حكومة النظام من جهود في هذا الصدد، فإن قدرتها على تنشيط الحياة الاقتصادية تبقى محدودة لارتباطها بمجموعة من العوامل المتمثلة بــ:
([1]) فادي بك الشريف، بعد صدور قانون التنمية الإدارية.. سفاف لـ«الوطن»: آليات جديدة للعمل ورصد رأي المواطن بجميع الوسائل، جريدة الوطن، تاريخ 24-07-2018، رابط إلكتروني http://alwatan.sy/archives/159807
([2]) هناء غانم، مجلس الشعب يقرّ تعديل قانون خزانة تقاعد المهندسين، جريدة تشرين، تاريخ 04-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Mc5dlk
([3]) هناء غانم، بانتظار القانون .. منح مجلس الدولة صلاحية تصديق عقود تزيد على 150 مليوناً، تاريخ 12-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2n5JRv5
([4]) هناء غانم، دياب لـ«الوطن»: يقدم حوافز مدروسة ويوجه الاستثمارات نحو الأولويات … مشروع قانون الاستثمار الجديد على موقع التشاركية لنهاية تموز، جريدة الوطن، تاريخ 03-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OBmWE8
([5]) هناء غانم، «الوطن» تنشر النسخة الأخيرة لمشروع قانون الجمارك الجديد … الجمارك من مديرية إلى هيئة عامة، تاريخ 02-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2ODRCoA
([6]) تجدر الإشارة إلى أنه في انتخابات الإدارة المحلية عام 2011، تنافس 42889 مرشح على 17588 مقعد، يشغلون عضوية 1337 وحدة إدارية.
([7]) رئيس اللجنة القضائية العليا: أكثر من 49 ألفا إجمالي عدد طلبات الترشيح لمجالس الإدارة المحلية. وكالة سانا، تاريخ 02-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Kki3ME
([8]) «الإدارة المحلية والبيئة» تستعد لانتخابات المجالس المحلية، جريدة تشرين، تاريخ 05-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2AEQoGE
([9]) بلغ عدد الدوائر الانتخابية الخاصة بانتخاب مجالس المحافظات 85 دائرة انتخابية توزعت وفق الشكل التالي: تم تقسيم دمشق وريفها إلى 16 دائرة خمس في المدينة و11 في ريفها، تقسيم حلب إلى 15 دائرة أربع في المدينة و11 في ريفها، تقسيم حمص إلى 7 دوائر انتخابية واللاذقية 5 وطرطوس 7 ودير الزور 3 والحسكة 6 ودرعا 6 والسويداء 3، القنيطرة دائرة واحدة. بينما تعتبر كل محافظة دائرة انتخابية ما عدا محافظة حلب التي تقسم إلى دائرتين دائرة مدينة حلب ودائرة مناطق محافظة حلب، وذلك لانتخاب مجلس الشعب، بينما تعتبر أراضي الجمهورية العربية السورية دائرة انتخابية واحدة لغرض انتخاب رئيس الجمهورية والاستفتاء بحسب قانون الانتخابات العامة رقم 5 لعام 2014.
([10]) اقتصر الدعم المقدم من وزارة الإدارة المحلية في شهر تموز 2018 على تقديم إعانات مالية دون مساهمات مالية، حيث اقتصرت على مجلس مدينة الحسكة وكذلك على مجلس بلدة جنينة رسلان في محافظة طرطوس، وذلك بحسب البيانات الواردة على موقع وزارة الإدارة المحلية والبيئة.
([11]) تمديد العمل بقرار تشكيل لجنة إعادة الإعمار، موقع وزارة الإدارة المحلية والبيئة، تاريخ 04-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2vuqGik، يذكر بأن لجنة إعادة الإعمار قد أحدثت بقرار مجلس وزراء بتاريخ 2012 برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات – وزير الإدارة المحلية.
([12]) مستوردات العام من إيران بلا رسوم وضرائب لمدة ستة أشهر … الحكومة تعتمد مقترحات جهاز الرقابة المالية لتطوير شفافية المؤسسات، جريدة الوطن، تاريخ 23-07-2018، رابط إلكتروني http://alwatan.sy/archives/159654
([13]) مذكرة تفاهم للتعاون السوري الإيراني بمجال التعليم العالي والبحث الطبي، جريدة تشرين، تاريخ 03-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2MfjptO
([14]) فادي بك الشريف، مدير «الحجازي» لـ «الوطن»: شركة إيرانية تقدم عرضاً لتنفيذ قطار الضواحي … 13 ألف زوج لوحات سيارات مصنعة خلال نصف عام، جريدة الوطن، تاريخ 16-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2vbCPJG
([15]) عبير سمير محمود، تبعية أسواق الهال لمجالس المدن أكبر خطأ … الغربي لـ«الوطن»: تجار سوق الهال مافيات حقيقية، جريدة الوطن، تاريخ 26-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2LXuRNF
([16]) علي محمود سليمان، «مقايضة» بين الخضر السورية والقمح الروسي … الفلاحون باعوا «الحبوب» 245 ألف طن قمح بـ40 مليار ليرة، جريدة الوطن، تاريخ 18-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2O9eXNI
([17]) عماد نصيرات، تعاون مستقبلي مشترك بين محافظتي ريف دمشق وريف موسكو، جريدة تشرين، تاريخ 18-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Kqt3Ih
([18]) لقاء اللواء جايز موسى مع سيبان حمو، موقع فرات بوست، تاريخ 28-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2KnWeM6
لجأ النظام السوري في الآونة الأخيرة إلى إبلاغ ذوي معتقلين في سجونه عن وفاتهم، عبر منحهم شهادات وفاة رسمية، من دون تبيان سبب الوفاة أو مكانها، أو حتى تسليم الجثامين المعتقلين، في توجه واضح لتصفية قضية المعتقلين رسمياً، وبشكل قانوني، من دون ضجيج وبتواطؤ دولي غريب.
واستغل النظام الوضع الميداني وانكسارات المعارضة وتحولات السياقين الإقليمي والدولي، لـ"تسوية" ملف المعتقلين، على طريقته الخاصة، بناءً على نصائح روسية لإعادة تأهيله وتثبيته. وأبلغ النظام عبر مؤسساته، عن مقتل حوالي 3000 من المعتقلين لديه، ممن قضوا تحت التعذيب. وكان لريف دمشق النصيب الأكبر بـ1300 معظمهم من داريا والمعضمية، اللتين تعرض فيهما النظام لمعارضة شرسة قبل أن يتمكن من استعادة السيطرة عليهما، وطرد سكان داريا بالكامل.
ويتوقع أن يزداد عدد المُصرح عن وفاتهم في المعتقلات، في الأيام المقبلة، في ظل استمرار النظام بإرسال قوائم بأسماء المعتقلين المتوفيين لديه، على دفعات. ويعود تاريخ القتل، بحسب معظم شهادات الوفاة، إلى الفترة الممتدة بين العامين 2013-2015، عندما كان النظام منكفئاً ميدانياً ومحاصراً سياسياً. ويوحي ذلك بأن عملية قتل المعتقلين، جاءت بهدف الانتقام، أو رغبة من النظام في التخلص من عبئهم تحسباً لانهياره.
وبغية امتصاص نقمة ذوي المعتقلين، وعدم إثارة ردود فعل المجتمع الدولي والناشطين الحقوقيين، واستكمالاً لطمس معالم الجريمة، حرص النظام على قوننة العملية، عبر منح ذوي المعتقلين شهادات وفاة رسمية، من دون أي ذكر لأسباب الوفاة، أو مكانها، لإخفاء أنها تمت في معتقلاته. كما حرص النظام على إتمام العملية وفق الإجراءات الرسمية المعمول بها، من خلال قيام دوائر الأحوال المدنية بإبلاغ أهالي المعتقلين بوفاتهم، إما بشكل مباشر أو عن طريق المختار أو مدراء النواحي أو لجان المصالحة، للإيحاء بأن الوفاة "طبيعية". وحرص النظام على الاحتفاظ بجثامين المعتقلين المتوفيين، وعدم تسليمها لأهاليهم، إضافة إلى منع أجهزته الأمنية أهالي المعتقلين من إقامة أي مراسم عزاء، فضلاً عن الضغط عليهم وترهيبهم للقول بأن الوفاة كانت لأسباب طبية، أو نتيجة "عمليات إرهابية". وبذلك يحاول النظام حماية نفسه قانونياً، من تحمل مسؤولية وفاة المعتقلين لديه، وبما يضعف محاولات محاكمته مستقبلاً.
وتفيد بعض المصادر بأن النظام قد يعلن عفواً شاملاً في الفترة المقبلة، وتسويق ذلك إعلامياً وديبلوماسياً، للدلالة على تغيّر ملموس في سلوكه وجديته في معالجة الملفات الإشكالية. وهو ستقوم روسيا بتوظيفه في سبيل إعادة تأهيل النظام دولياً، كما يتوقع أن تلقى جهود النظام هذه ترحيباً من قبل دول ترغب بالانفتاح عليه، إذ ستعتبر ذلك مؤشراً إيجابياً يتطلب منها "ضرورة" الانخراط مع النظام لتشجيعه على القيام بخطوات مماثلة. ويتوقع أن يقوم النظام وحليفه الروسي بحملة مضادة على المعارضة، وتحميلها مسؤولية التقصير في معالجة ملف المعتقلين لديها، بل وأيضاً الدفع لمحاكمة قياداتها بحجة ارتكابها "جرائم ضد الإنسانية".
ولا تخرج "تسوية ملف المعتقلين" عما تشهده سوريا من "تسوية" لبقية الملفات كالنازحين واللاجئين والإصلاح الأمني والعدالة الانتقالية والحل السياسي والدستور، إذ تتم تصفيتها تدريجياً، بحجة الواقعية السياسية التي تفترضها لغة المصالح.
وكان ملف المعتقلين والمغيبين قسراً في سجون النظام قد شكّل أحد أبرز الملفات مستعصية الحل في الملف السوري، بعدما فشلت الديبلوماسية التفاوضية، في جنيف واستانة وسوتشي، في إحراز أي تقدم يذكر في هذا الصدد. ويعود السبب إلى تعنت النظام وتغييب المجتمع الدولي لهذا الملف عن أجندة التفاوض، لصالح ملفات أخرى يعتبرها أكثر أهمية. كما لم تتمكن المفاوضات المحلية بأشكالها ومسمياتها المتعددة، من الإفراج عن المعتقلين، بعدما أفرغها النظام من مضامينها وأجهض مفاعيلها وغاب الضامن عنها. ولم تكلل جهود الشاهد قيصر بالنجاح، رغم توثيقه للجريمة بالصورة، وما تبع ذلك من الدعم بشهادات حية لمعتقلين نجوا من مسالخ الموت. فبقي ملف المعتقلين الهاجس الأبرز لذويهم والناشطين الحقوقيين ممن يتخوفون من تكرار مأساة الثمانينات، في حين يممت المعارضة السورية وجهتها دستورياً بعيداً عن الملفات الإشكالية التي لا طاقة لها بها، مبررة ذلك بمقولات الواقعية السياسية.
المصدر جريدة المدن: https://bit.ly/2LWCi4p
يعيد خبر استعادة الموساد الاسرائيلي لساعة الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين والذي أعدم في دمشق في 18أيار من عام 1965، الجدل القديم الجديد حول مصير جثته حيث يبدو أن محاولات الموساد المتكررة لاستعادة جثمانه من حكومة البعث القائمة في دمشق منذ انقلاب آذار 1963 وحتى قيام الثورة السورية، لم تفلح إلا في استثمار حالة الحرب السورية والانفلات الأمني التي تسببت به في سبيل تأمين متعلقات مهمة لإنجاح محاولات إسرائيل المستمرة لصناعة هويتها التاريخية والسياسية وتشكيلها من قطع متناثرة من التوراة وبقية الآثار المتبقية في حلب ودمشق وأخيراً ساعة إيلي كوهين، حيث عبر رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو عن سعادته بهاذا الانجاز المتمثل في استعادة الساعة التي يبدو أنها كانت أقصى مايمكن استعادته بعدما فشلت وساطات عدة لدى النظام السوري في استعادة جثمان كوهين، كان آخرها الاستعانة بوصاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على النظام السوري في سبيل استعادة الرفات حيث عاد بوتين خالي الوفاض لكون النظام لايعلم بالفعل مكان الجثة ولو علم لما توانى عن تسليمها للحظة.
نقلت الإذاعة السورية ابان عقد جلسات محاكمة كوهين عام 1965 مقتطفات من وقائع هذه المحاكمة مثيرة الكثير من اللغط والجدل في الشارع السوري وقت ذاك وأيضاً لدى الأوساط السياسية العربية وخاصة المصرية لجهة التنافس في ادعاء أسبقية الكشف عن كوهين بين المخابرات السورية والمصرية حيث يفرض الاشتباك السياسي بين الناصريين والبعثيين وقتها تضارب الروايات وتنافرها، إلا أن الدوائر البعثية والأمنية غير الرسمية وقتها كانت تتناقل مقتطفات غير معلنة من محاكمة الجاسوس كوهين وعلاقاته مع عدد من الضباط ومنهم حافظ الأسد والحديث الذي نقل عن أكثر من مصدر بعثي خلال الجلسات الأخيرة لمحاكمة كوهين ،حيث تزعم هذه المصادر أن الجاسوس الاسرائيلي إيلي كوهين رد فيها على كلمات وجهها رئيس المحكمة صلاح الدين الضللي عندما قال له"اعترافاتك هذه ستودي بك إلى حبل المشنقة " فرد كوهين "أنا مابنعدم ، في ضباط كبار بالجيش بدافعوا عني" الأمر الذي سرع إجراءات تنفيذ الحكم بعد صدوره حيث توارت مع جثة كوهين المجهولة المصير أسماء شخصيات وعلاقات لم يتضح حولها إلا مجموعة من التكهنات من قبيل حادثة سقوط الجولان وتورط الأسد الأب باتخاذ قرار الانسحاب الكيفي منه، وما تحكيه الأحداث الحاضرة من تمسك إسرائيل المعلن بنظام الأسد.
وبالعودة إلى قضية جثمان كوهين، تنقل بقايا الذاكرة المهترئة بذكرايات السنوات السبع الماضية مقتطفات من حديث مطول جرى مطلع العقد الماضي في دمشق مع أحد ضباط المكتب الثاني الذي كان يمثل الاستخبارات العسكرية السورية في الستينات وماقبلها والذي كان يرأسه وقتها المقدم سليمان حداد أحد رجالات حافظ الأسد لاحقاً، حيث أشرف المكتب الثاني على التحقيق الذي خضع له كوهين والذي وصفه محدثنا بأنه كان قاسياً جداً، كما يشير محدثنا البعثي الدمشقي الذي كان يحمل رتبة ملازم أول وقتها أنه وبعد أيام من حضوره تنفيذ حكم إعدام إيلي كوهين في ساحة المرجة بدمشق، بصفته أحد ضبات الاستخبارات العسكرية وقتها، اتصل به خلال إحدى مناوباته في المكتب الثاني بدمشق، أحد ضباط حرس الحدود في منطقة الزبداني الحدودية بريف دمشق وأعلمه أن عناصر حرس الحدود قد اشتبكوا مع مجموعة من المهربين المتسللين صوب الأراضي اللبنانية والذين تركوا بالإضافة إلى مهرباتهم، صندوقاً يحتوي على جثة لرجل ولاذوا بالفرار، عند ذلك حضر محدثنا إلى النقطة الحدودية واكتشف أن الجثة تعود للجاسوس إيلي كوهين، يومها هاتف رئيس المكتب الثاني سليمان حداد وأعلمه بالأمر فأشار عليه أن يصحب سائقة ويأخذ الجثة ويدفنها بهدوء وسرية في مكان ما لاعلى التعيين، يقول الضابط : " اصطحبت سائقي والجثة واتجهنا صوب محافظة السويداء جنوب سوريا وتوقفنا في منطقة خالية بين ريفي دمشق والسويداء في منطقة اللجاة وقمنا بحفر حفرة كبيرة ودفنا كوهين ولم أكن لأعرف وأنا أقترب من دمشق عائداً، مكان الدفن فضلاً عن سائقي الذي لايعرف لمن تعود الجثة أصلاً" .
صرح رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق أرييل شارون خلال حفل تكريم للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين أقيم في تل أبيب عام 2005 بمناسبة مرور 40 عام على إعدامه في دمشق أن " اعادة رفات الجاسوس الاسرائيلي ايلي كوهين يشكل "اشارة لجدية نوايا" الرئيس السوري بشار الاسد". في حين لم ينصت شارون بجدية لطلب ناديا كوهين زوجة الجاسوس المقتول، إدراج بند تسليم رفات زوجها ضمن صفقة تبادل مع حزب الله في العام التالي، في حين لايضير النظام السوري مغازلة الجانب الإسرائيلي بهدية رمزية كساعة الجاسوس –التي كذبت أرملة كوهين الرواية الرسمية الإسرائيلية في كيفية الحصول عليها، وعزت استلام إسرائيل لها بأنه أتى ضمن مزاد علني - أو ميتته لو كان يعرف مكانها، وهو الذي لايمانع في التخلي عن أقرب داعميه " إيران " في سبيل كسب اعتمادية الكيان الغاصب المسمى إسرائيل له مجدداً في الجنوب السوري.
المصدر السورية نت: https://bit.ly/2MqUHH2
رأى معن طلاع، الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ضمن تصريحه لصحفية الشرق الأوسط، بتاريخ 5 آب/ أغسطس 2018، أن ملف العودة بشكل رئيسي يرتبط بإزالة أسباب الهجرة الرئيسية، التي لا تزال غائبة عن الهندسة الروسية للحل السياسي في سورية، وقال: «أي حل يرتبط ارتباطاً عضوياً بانتهاء مسببات الصراع، وليس نتائجه فقط، فملف العودة وضرورات الاستقرار لا تزال تغيب معاييرها وشروطها عن المبادرة الروسية».
وفيما يتعلق بتصريحات افرينتييف الأخيرة عن الحكومة السورية، فقد حللها بالباحث بالقول: «تهدف موسكو من مبادرتها لتحقيق أمرين: أولهما المساندة المالية التي تتطلب مبالغاً يصعب عليها وحلفائها تأمينها بمفردهم؛ وثانيهما: تأسيس مناخات سياسية تؤمن انخراط أعداء النظام في عملية شرعنة نظام الأسد بشكل تدريجي».
رابط المصدر: https://bit.ly/2Oag9jK
أجرت صحيفة القدس العربي حوراً مع الباحث معن طلاع -من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية-رأى فيه أن معارك الجنوب السوري شكلت تحولاً متوقعاً في التعاطي الأمريكي مع الملف السوري، إذ باتت بوصلته متوافقة (في الهدف) مع الحركية العسكرية الروسية الرامية لتعزيز سلطة قوات النظام السوري على الحدود والمعابر السورية، مقابل ادعاءات موسكو بضبط ميليشيات طهران في الجنوب والتي باتت جزءاً أصيلاً في مكونات الجيش لا سيما الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري وقوات النمر...
للمزيد تابع رابط المصدر: http://www.alquds.uk/?p=976636
أشار الباحث أيمن الدسوقي من مركز عمران في تصريحه لوكالة AFP أن "تجارة المعابر تعود بمنفعة مشتركة على فرقاء الصراع ممن تحالفوا مع رجال أعمال استغلوا الوضع القائم ليزيدوا من نشاطهم التجاري"، مضيفاً " أنه من الطبيعي أن تدر الملايين على القوى المسيطرة عليها والتجار الذين يتعاملون عبرها".
وبحسب رأيه؛ تشكل المعابر مصدراً مالياً بالنسبة الى الفصائل المعارضة "خصوصاً مع تراجع الدعم الخارجي لها"، كما للنظام "نتيجة الأرباح التي تحصل عليها قواته والميليشيات الموالية له ليضمن بالنتيجة ولاءها، إضافة إلى استفادة شخصيات تجارية كبيرة مقربة من النظام من عقود الأتاوات".
رابط المصدر: https://bit.ly/2LNk1d1