أجرت صحيفة القدس العربي بتاريخ 11 كانون الثاني 2019، لقاء مع الخبير العسكري في مركز عمران نوار أوليفر حول أبرز التغيرات والتطورات في مناطق سيطرة المعارضة بمحافظة إدلب وريف حلب الغربي، وعن الخيارات الروسية في المنطقة والتي قال عنها : "إن التصريحات الروسية، تناقض الواقع وهي محاولة تهيئة الوضع العام لعمل عسكري محتمل، مستبعداً إن تشن معركة ضد محافظة إدلب لما في ذلك من تداعيات خطيرة على الجانب التركي إذ تضم المنطقة نحو 4 ملايين شخص، واي عمل عسكري سيؤدي إلى نزوح المدنيين إلى المناطق الآمنة وهي إما مناطق عفرين أو درع الفرات أو الأراضي التركية ما يؤثر على محاذير أنقرة. وأضاف «أوليفر» لـ«القدس العربي» إن أي عمل بري للنظام والمليشيات الإيرانية شمالي سورية هدفه «استنزافي» صرف، فيما تندرج الأهداف الروسي الحالية ضمن اطار ضبط المنطقة ومحاولة العمل مع الأتراك من اجل تحسين الوضع الأمني، على أن تكون الخطوة الثانية هي تطبيق اتفاق المنطقة العازلة وتفعيل الخطوط الدولية ام 4 وام 5، مشيرًا إلى «إن روسيا حالياً على الخط نفسه مع تركيا ولا ترغب بإقامة خلاف مع حليفها التركي الوحيد تقريباً في المنطقة، لذا تعمل روسيا على نشر قواعد عسكرية جديدة في محيط المنطقة العازلة لضبط الميليشيات الإيرانية ومنعها من محاولة التقدم البري».
المصدر صحيفة القدس العربي: https://goo.gl/ubpWiP
انطلاقاً من ضرورة إعادة تعريف أدوار المؤسسة العسكرية في سورية في ظلّ التحولات العميقة التي يشهدها مفهوم الدولة الوطنية، وما تستوجبه من تفكيك بحثي لوظيفة وبنية الجيش في سورية، وهويته العقائدية والتفسيرات الرئيسية التي أدت إلى تدخلات الجيش )كقوة المركزية والتنظيمية( في الحياة الاجتماعية والسياسية وفق فلسفة الفئة الحاكمة. ومنطوقٍ يخدُم ويُغذي السلطة، أطلق مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مشروعه البحثي حول تحولات المؤسسة العسكرية السورية وتحدي التغيير وإعادة التشكل، وأنجز جملة من المخرجات البحثية والتي نجمعها في هذا الكتيب كما هو مبين أدناه:
وتبحث تلك المخرجات في مؤشرات عدم الاستقرار بخارطة الفواعل العسكرية وقياس أثره على "مركزية وظيفة الدفاع والامن"، والشكل النهائي لمراكز القوة في الجيش بعد عمليات الدمج المحتملة. كما تركز على العلاقة المؤثرة ما بين المشهد العسكري والمشهد السياسي، بمعنى التعرف إلى ماهية رؤى الفواعل العسكرية على مداخل الإصلاح ومستوياتها أو على القدرة على انتزاع صلاحيات لا مركزية "مقوننة"، والعكس صحيح، تبيان تطورات المشهد السياسي وتبدلات محددات الحليف والداعم الإقليمي والدولي وما يؤثره على خيارات الفاعل العسكري الذي تقل خياراته أمام هذه التبدلات.
كما تم استعراض أهم التحولات التاريخية التي طرأت على الجيش، لتشكيل فمهاً متأصلاً حول طبيعة الخلل البنيوي ومسبباته، بالإضافة إلى الوقوف على أهم القوانين والتشريعات الناظمة لعمل المؤسسة العسكرية وتحديدها ومتابعة مسارها وتعديلاتها منذ صدورها حتى آخر تعديل لها، وكيفية قيام "القيادة العسكرية" بتوظيف هذه القوانين بعد بدء الثورة السورية في استمالة عناصر الجيش من كافة الفئات للاستمرار بحالة الولاء المطلق لتلك القيادة.
كما تحاول هذه المخرجات أن تجيب عن عدة تساؤلات مركزية: هل المؤسسة العسكرية بواقعها الراهن تمتلك شروط الفاعلية والوطنية، وتمتلك القدرة والكفاءة لحماية مخرجات العملية السياسية وتوفير الاستقرار؟ وهو ما استدعى بداية إدراك تموضع (سياسة الإصلاح) في حركية الجيش الراهنة والمستقبلية، ثم تلمس مدى توفر عناصر التماسك والاستقرار البنيوي فيه بعد التحولات العميقة التي شهدتها خلال سني الصراع؟ ثم الانتقال إلى وضع ملمح (تصور أولي) لأطر عمليات التغيير ليغدو مستقبل هذه المؤسسة دافعاً للتماسك والحياد السياسي، وأن تكون مصدراً رئيساً لتحقيق وتوليد الاستقرار في سورية.
ويلفت النظر إلى أن المركز سيعمل على إنجاز سلسلة مخرجات بحثية حول هذا الإطار، كمرحلة ثانية للمشروع، مستفيداً من نتاج وملاحظات ورشته التي عقدها في إسطنبول في تاريخ 25/تشرين الأول/2018، ليركز على القضايا التالية:
لقراءة الكتاب كاملاً انقر هنا
يستعرض هذا التقرير نتائج مسح اجتماعي أجراه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع وحدة المجالس المحلية في كل المناطق المحررة خلال الفترة الواقعة بين 15/4/2018 و15/6/2018 ومن هذه المناطق محافظة إدلب. وقد تناول المسح كل الوحدات الإدارية والهيئات التمثيلية في كل التجمعات السكانية الموجودة على امتداد جغرافيا المحافظة عدا المناطق التي سيطر عليها النظام مؤخراً، ورغم كل محاولات فريق البحث الميداني الحصول على أدق المعلومات حول المجالس؛ إلا أنه لا يمكن الادعاء بالدقة الكاملة للمعلومات الواردة في التقرير لصعوبات واجهت الفريق خلال عملية جمع البيانات بسبب الوضع الأمني ولتفاوت درجة تعاون المجالس مع عملية المسح ولتدخل بعض القوى العسكرية ومنعها بعض المجالس من التعاون مع فريق المسح، وقد أسفر ذلك عن تأخر إصدار التقرير، إضافة إلى السيولة الكبيرة التي وسمت المشهد الميداني في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والتي تسببت أيضاً في تأجيل إصدار التقرير حتى تستقر الخارطة ولو مؤقتاً، ويتناول التقرير واقع البنى المحلية الإدارية والتمثيلية القائمة من حيث مشروعيتها ومايعنيه ذلك من جودة تمثيلها للمجتمع المحلي وقيامها بالأدوار المنوطة بها ومن حيث شرعيتها التي تقاس بمدى اعتمادها للأنظمة والقوانين واعتماديتها من قبل المستويات الإدارية الأعلى، كما يتناول موارد هذه المجالس وقدرتها على التخطيط للتنمية، إضافة إلى علاقاتها البينية مع القوى العسكرية والمستويات الإدارية المركزية واللامركزية، كما يستعرض التقرير بعض ملاحظات فريق البحث الميداني التي دونها خلال عملية المسح، و يخلص إلى جملة من الخلاصات والتوصيات.
تقع محافظة إدلب في أقصى الشمال الغربي للجمهورية العربية السورية، وتحاذي جزءاً من الحدود السورية التركية، وقد بلغ عدد سكانها ثلاث ملايين وتسعمائة ألف نسمة بين أبناء المحافظة والمهجرين إليها ([1])، شاركت المحافظة في الثورة منذ أيامها الأولى لتخرج عن سيطرة النظام بشكل كامل في آذار من العام 2015، بعد سقوط مركز المحافظة بيد قوات المعارضة، فيما بقيت كل من كفريا والفوعة الشيعيتين المحاصرتين تحت سيطرة النظام ورهناً لاتفاقية المدن الأربعة بين إيران والمعارضة، ومع استكمال ترتيبات أستانة واتفاقيات خفض التصعيد بانعقاد اجتماع أستانة 6 في أيلول 2017، تمكن النظام وحلفاؤه الروس من السيطرة على أجزاء من شرق سكة الحديد جنوب شرق المحافظة حيث سيطر على حوالي 17.5% من مساحة المحافظة (متضمناً مساحة كفريا والفوعة)، لاحقاً ومع تزايد حشود جيش النظام وحلفائه على المحافظة تم اتخاذ قرار بإخلاء بلدتي كفريا والفوعة ويقدر عدد المجالس المحلية التي سقطت بيد النظام بحوالي 17 مجلساً محلياً معتمداً، كما أصبحت المحافظة ملاذاً أخيراً لعدد كبير من معارضي النظام السوري بعد سقوط مناطق المعارضة تباعاً ( الغوطة الشرقية، جنوب دمشق، القلمون الشرقي، ريف حمص الشمالي، درعا، القنيطرة) بيد النظام السوري وحلفائه، حيث يشكل النازحون ما نسبته 41% من سكان المحافظة([2]). وقد كانت محافظة إدلب على موعد مع حملة عسكرية ضخمة لاستكمال سيطرة النظام على ما تبقى من مناطق المعارضة ، إلا أن اتفاق سوتشي الأخير بين روسيا وتركيا في 17 أيلول 2018 حال دون ذلك ولو مؤقتاً وفتح الباب لتوفير حماية إقليمية لهذه المحافظة، في الوقت الذي وضع الكرة في ملعب الفعاليات المدنية والبنى المحلية لتفعيل برامجها وتمكين مؤسساتها والعمل على حوكمتها وبينما حدد القرار رقم 1378 للعام 2011 والصادر عن وزارة الإدارة المحلية التابعة للنظام([3])، التقسيمات الجغرافية المركزية للمحافظة بـ 6 مناطق تضم 26 ناحية فيما تقسم المحافظة إدارياً إلى 157 وحدة إدارية توزع على 15 مدينة و47 بلدة و95 بلدية تتمتع بالشخصية الاعتبارية([4])، إضافة إلى العشرات من القرى والمزارع والتجمعات التي لا تحظى بالشخصية الاعتبارية ولا تشملها التقسيمات الإدارية([5])، فإن العدد الفعلي للمجالس القائمة هو 307 مجلساً محلياً بمافيها مجلس المحافظة ومجالس البلدات التي سقطت بيد النظام بعد استيلائه على مناطق شرق السكة في شباط 2016 .
وقد تأسست 83% من مجالس محافظة إدلب قبل عام 2015، العام الذي خرجت فيه المحافظة بالكامل من سيطرة نظام الأسد، وبصورة عامة يعاني المشهد الإداري في محافظة إدلب من هشاشة وتشظي كبيرين، أسهمت فيه تداخلات الحالة السياسية والعسكرية في المحافظة والتي انعكست على الحالة المدنية وأرخت بظلالها على المنظومة المهيكلة للمجالس المحلية بنشوء مجالس غير معتمدة من الحكومة المؤقتة وتضاعف عددها بشكل كبير وتعدد مرجعيات بعضها سواء بتبعيتها لحكومة الإنقاذ أو المؤقتة، يضاف إلى ذلك حالة انفلات منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية من عقال الضبط الحكومي.
يعبر عن المشروعية بمدى الرضى الشعبي عن تمثيل المجلس للسكان المحليين، بما في ذلك المرأة والنازحين وشريحة الشباب والفئات المهمشة، إضافة إلى طريقة تشكيل المجلس وأدائه:
تجري62 % من مجالس محافظة إدلب انتخابات دورية([6])، بعضها سنوية وبعضها نصف سنوية، كما توجد مجالس تجري انتخابات كل 4أشهر ومجالس تجري انتخابات كل سنتين، وتم اختيار أعضاء 72% من المجالس في محافظة إدلب بالتوافق، فيما اختير أعضاء 13% من المجالس بالانتخاب المباشر من السكان، ولم تتجاوز نسبة المجالس التي عينت أعضائها الفصائل المسلحة الـ1% (تدخلت الفصائل في تعيين أعضاء أربع مجالس محلية في أربع وحدات إدارية اثنتان منهما تحت السيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام والثالثة تحت سيطرة فيلق الشام أما الوحدة الأخيرة فهي غير خاضعة لسيطرة أي فصيل )، فيما شكلت 10 % بالمئة منها بالاعتماد على انتخابات الهيئات الناخبة، وتم اختيار 2% من المجالس من خلال مجالس الأعيان والشورى .
لا تزال مشاركة المرأة في مجالس محافظة إدلب المحلية منخفضة نسبياً إذ يوجد حضور للمرأة في 14% فقط من المجالس المحلية سواءً في الجسم التمثيلي أو الوظيفي، حيث تتنوع مشاركتها فيها فتشارك في 5% من المكاتب التنفيذية لهذه المجالس، كما أنها تشغل مناصب وظيفية في 13 % بالمئة من هذه المجالس.
وبصورة عامة يمكن اعتبار مجالس محافظة إدلب المحلية مجالساً فتية إذ تتعزز فيها مشاركة الشباب بشكل كبير و تشكل المجالس التي متوسط الأعمار فيها بين 25-40 حوالي 61% من مجموع المجالس، فيما تشكل المجالس التي متوسط الأعمار فيها يبن 40-50 حوالي 7 بالمئة فقط، أما بالنسبة للنازحين فلم تسجل أي حالة تمثيل لهم في مجالس المحافظة.
تشكل الأدوار التي تقوم بها المجالس المحلية لصالح المجتمعات المحلية واحدة من أهم عوامل بناء مشروعية هذه المجالس. ومن أهم تلك الأدوار التي يمكن للمجالس المحلية أن تلعبها هو دورها في العمل السياسي العام بصفتها ممثلاً للمجتمع المحلي، ومن ذلك المباشرة في الممارسة السياسية بتمثيل إرادة المجتمع المحلي في المحافل الدولية في ظل إشكالية التمثيل السياسي المركزي الذي ينبغي أن تضلع به البنى السياسية على المستوى الوطني، وأيضاً الدفع السياسي أو التأثير في السياسة من خلال اتخاذ المواقف وإصدار البيانات وإقامة الفعاليات والتي تتناول الموقف الشعبي من المتغيرات السياسية المختلفة التي تخص الشأن السوري و إيصال الرسائل السياسية إلى الفاعلين السياسيين الدوليين والإقليميين والمحليين، إذ تشكل المجالس المحلية التي لديها قناعة بالمشاركة في العمل أو الدفع السياسي بشكل أو بآخر 25%، إضافة إلى كون عملية التمثيل على المستوى المحلي وإدارة المجتمع المحلي سواء على مستوى الخدمات والتنمية أو على مستوى العلاقة مع الفواعل المحلية في الوحدة الإدارية أو مع الاستحقاقات السياسية ذات الطابع المحلي شكلاً من أشكال العمل السياسي، ويمكن ملاحظة عزوف الكثير من المجالس المحلية في محافظة إدلب عن الاضطلاع بمهام سياسية مباشرة على المستوى المحلي كتلك المتعلقة بالتفاوض المحلي مع النظام، كما تتفاوت قدرة المجالس المحلية في تلبية احتياجات المجتمعات المحلية على مستوى القطاعات الإغاثية و الخدمية الأساسية:
ترى 32% من المجالس أن الفصائل هي الجهة الأكثر تأهيلاً لخوض المفاوضات المحلية مع الجهات المعادية في مناطق التماس) 28 % منها يتبع إدارياً لحكومة الإنقاذ(، فيما ترى 20 % من المجالس أن المجالس المحلية هي الجهة الأكثر تأهيلاً للتفاوض، وتذهب 18 % من المجالس إلى أهمية تشكيل لجنة مشتركة من المجالس المحلية والفصائل للقيام بهذه التفاوضات. في حين ترى 17% من المجالس أن مجلس المحافظة هو الجهة الأكثر تأهيلاً لخوض المفاوضات المحلية، وترى 6% من المجالس أن الهيئة السورية للمفاوضات هي الجهة الأكثر تأهيلاً للقيام بالتفاوضات المحلية، فيما ذهب ثلاثة مجالس إلى أهمية تشكيل لجنة من مجلس المحافظة أو المجلس المحلي والهيئة العليا، ورأى مجلس واحد أهمية تشكيل لجنة من المجلس المحلي ومجلس المحافظة والفصائل، وقد امتنع 5 % من المجالس عن الإجابة عن هذا السؤال.
تولي 24% من المجالس أهمية كبيرة لقطاعات الإغاثة والصحة والتعليم والبنى التحتية (مياه، طرق، صرف صحي، كهرباء) على التوازي، فيما تولي 7 % من المجالس في المحافظة أهمية قليلة للقطاعات الأربعة، كما تتفاوت أولويات مجالس محلية أخرى بالنسبة لاعتبارات الأهمية للخدمات التي تقدمها إلا أن ميدان التعليم يعد الأكثر أهمية لحوالي ال45 % من المجالس، فيما تعتبر 41 % من المجالس قطاع الصحة الأكثر أهمية بالنسبة لها. وعدى عن هذه القطاعات تنصرف الكثير من المجالس لإعطاء الأولوية لقطاعات أخرى كالزراعة والثروة الحيوانية، أو الشؤون المدنية والعقارية، أو إزالة الأنقاض وآثار القصف، أو حل المشكلات في المجتمع المحلي، أو فتح الأفران، أو حملات النظافة ومكافحة الحشرات الضارة، أو الأمن المحلي (الإشراف على الشرطة المحلية).
الشرعية
تكتسب المجالس المحلية شرعيتها عادةً من مدى انتظامها ضمن الهيكل الإداري العام على المستوى الوطني، ما يعني اعتماديتها وفق الأنظمة الصادرة عن الحكومة المركزية وفق المعايير التي تحددها القوانين الإدارية، إضافة إلى عمل المجلس وفقاً للقوانين الإدارية الناظمة، وامتلاك المجلس لدليل تنظيمي يحدد نظامه الداخلي وهيكليته ومهامه، وقدرة المجلس على مد سلطته الإدارية على كل الحدود الإدارية لوحدته وشمل كل القطاعات المحلية بها. وفيما يلي نتائج المسح حول مدى التزام المجالس موضوع المسح بمعيار الشرعية:
الموارد والتخطيط للتنمية
لاتزال المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تعاني من شح في الموارد وفي فرص التنمية نتيجة التحديات الأمنية وسيطرة قوى الأمر الواقع على الكثير من الموارد على حساب البنى الإدارية اللامركزية إضافة إلى غياب سلطة مركزية فعلية، توضح النسب التالية نظرة المجالس المحلية لأولويات سبل العيش المتوافرة في مناطقها:
ترى 22 % من المجالس أن سبل العيش الأكثر أهمية المتوفرة في مناطقها تتمثل في الإغاثة ودعم المنظمات بالإضافة إلى تحويلات المغتربين والأنشطة الاقتصادية المحلية، فيما تمثل عمليات الإغاثة ودعم المنظمات (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية برأي 31% من المجالس بينما تمثل تحويلات المغتربين (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية بالنسبة لـ 24% من المجالس فيما تمثل الأنشطة الاقتصادية المحلية (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية برأي 69% من المجالس القائمة في محافظة إدلب.
وبصورة عامة تشكل الزراعة أهم الفعاليات الاقتصادية في الوحدات المحلية بنسبة 81% تليها الفعاليات التجارية بنسبة 75% ثم الحرف بنسبة 66%، فيما تنخفض مساهمة قطاعي الخدمات 33% والصناعة 20% في الفعاليات الاقتصادية القائمة في الوحدات الإدارية التي تديرها المجالس المحلية في المحافظة.
أما فيما يتعلق بالمجالس نفسها فتبلغ نسبة المجالس التي لها موارد 66 %، يحدد الجدول الآتي أهم موارد دخل المجالس المحلية من حيث نسبة مساهمتها في تمويل عمل هذه المجالس وعدد المجالس المستفيدة والنسبة العامة لمساهمة هذه الموارد:
توجد موارد أخرى متفرقة تعتمد عليها الكثير من المجالس المحلية يمكن عرضها في الجدول الآتي:
لا تظهر الأغلبية الساحقة من المجلس مقدرة على بلورة الاحتياجات والأولويات والخطط ووضع الموازنات بناءً على ذلك، فما نسبته 85% من المجالس المحلية في محافظة إدلب لا يوجد لديها موازنة، و77% من المجالس لا يوجد لديها خطة وبرنامج سنوي أو نصف سنوي، رغم قدرة أغلب المجالس على تقييم الاحتياجات من خلال اللقاءات والندوات مع المجتمعات المحلية أو من خلال إجراء المسوح الاجتماعية سواء باعتماد المجالس على نفسها في ذلك غالباً أو بالتعاون مع منظمات مجتمع مدني شريكة ومنظمات دولية.
يزيد غياب ناظم مؤسسي حقيقي ومقونن يضبط علاقة المجالس ببعضها وعلاقتها بالمستويات الإدارية الأعلى وعلاقتها أيضاً بالفاعلين المحليين، يزيد من حدة الاستقطاب المناطقي والفصائلي والسياسي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، يمكن هنا استعراض 4 مستويات من العلاقات بالنسبة للمجالس المحلية القائمة، أولها العلاقة بمجلس المحافظة أو المجلس ذو المستوى الإداري الأعلى، ثم العلاقة بالمستويات المركزية وهي تتمثل في حالة محافظة إدلب بحكومتي المؤقتة والإنقاذ، إضافة إلى الوجود الفصائلي في مناطق المجالس وتداخل العلاقة مع هذه المجالس مع العلاقة بحكومتي المؤقتة والإنقاذ:
فيما يلي مجموعة من الملاحظات التي دونها فريق البحث الميداني خلال لقائه بممثلي المجالس المحلية في محافظة إدلب، والتي تناولت جوانب مختلفة من واقع المجالس المحلية في المحافظة:
([1]) بحسب تقديرات مجلس محافظة إدلب بناءاً على سؤال موجه لرئيس المجلس بتاريخ 25/10/2018، خلال استكمال عمليات مسح مجالس إدلب.
([2]) النازحون في إدلب.. بين مأساة الحاضر وهواجس المستقبل"، محمد العبد الله، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ11/10/2018، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/Zaqtzv
([3]) اعتمد القرار 1378 على القانون الإداري 107 المتضمن معايير تقسيم الوحدات الإدارية بحسب عدد السكان في كل منطقة، كما اعتمد على الإحصاء السكاني للمكتب المركزي للإحصاء التابع لحكومة النظام للعام 2004 وتعديلاته للعام 2011 وفق معدل النمو السكاني في سوريا.
([4]) يقصد بالشخصية الاعتبارية تمتع الوحدة الإدارية بالذمة المالية المستقلة والأهلية القانونية للقيام بالتصرفات القانونية المختلفة كإبرام العقود وحق التقاضي أمام القضاء وامكانية مقاضاتها من الغير، والموطن المستقل عن الأفراد المكونين لها، ووجود شخص يعبر عن إرادة هذه الوحدة ويتصرف باسمها ويمثلها، إضافة إلى تمتعها بالمسؤولية المدنية والإدارية الكاملة.
(5) الحكومة السورية المؤقتة ومنظمة التنمية المحلية، أطلس المعلومات الجغرافي، مرجع سابق.
([6]) تم احتساب انتظام الدورات تبعاً لمقارنة عمر المجلس بعدد الدورات المصرح عنها ومدة الدورة الواحدة في المقابلة حيث يتم اعتبار أن المجلس يجري دورات انتخابية منتظمة إذا كان عمر المجلس مساوياً عدد الدورات أو عددها ناقصاً 1، حيث يتم مراعاة تأخير اجراء الانتخابات لمدة سنة على الأكثر بسبب الأوضاع الأمنية.
([7]) بحسب جدول المجالس الفرعية التابعة لمجلس المحافظة والذي حصل عليه الباحث من مكتب شؤون المجالس الفرعية في محافظة إدلب.
([8]) يُتعارف في الكثير من مناطق محافظة إدلب على تسمية العوائل بالطوائف.
في شهر آذار المنصرم وخلال مهرجان حاشد بولاية أوهايو الأمريكية، أعلن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية "دونالد ترامب" عن قرب سحب القوات الأمريكية من سورية، في وقت كانت سياسات وتصريحات وزير الدفاع (المستقيل) جيمس ماتيس والمسؤولين في وزارة الخارجية تدلل على خلاف هذا الإعلان، ليستمر بعدها حالة اللاوضوح والاضطراب بين الإدارات الأمريكية في هذا الخصوص؛ ليعود ترامب مرة أخرى ويعلن في 20/12/2018 قرار انسحابه من سورية بعد ما وصفه "بإتمام النصر على داعش"؛ وهو ما دفع باستقالة كلاً من وزير الدفاع جيمس ماتيس والمبعوث الخاص الأمريكي للتحالف الدولي ضد "داعش" بريت ماكغورك، الأمر الذي لم يثني البيت الأبيض عن التأكيد بأن الرئيس الأمريكي لن يغير قراره رغم هذه الاستقالات.
يعد هذا الإعلان نقطة تحول نوعية في سياق المشهد السوري ومعادلاته العسكرية والسياسية؛ وستشكل تداعياته المحتملة والمفتوحة رسماً أولياً لطبيعة الأدوار المحلية والإقليمية والدولية وحدودها؛ لذا سيحاول تقدير الموقف هذا تبيان طبيعة هذا القرار ومدلولاته وآثاره المُرَجحة على المشهد السوري؛ وموضحاً بشكل أولي الاتجاهات المحتملة لتطور الاحداث في سورية على المدى القريب.
يبدو القرار في حيثياته الأولية قراراً مفاجئاً للحلفاء واشنطن قبل غيرهم، ويحمل استعجالاً أمريكياً بالانسحاب العسكري غير المدروس من الملف السوري؛ إلا أنه وبالوقوف على طبيعة القرار الأمريكي في ظل إدارة ترامب؛ وبفهم حدود وجدوى إصرار المؤسسات الأمريكية على عدم التناغم مع "ترامب"؛ نجده قراراً متوقعاً منسجماً مع توجهات الرئيس الأمريكي منذ حملته الانتخابية التي أكد خلالها على "كوارث أوباما كلينتون" وضرورة الاتجاه نحو "سياسة الانطواء" على الداخل والانسحاب من التدخلات الخارجية التي ترهق الاقتصاد الأمريكي.
ففي حين حددت سياسات ترامب ( عبر جيمس جيفري) مجالات اهتماماتها في الملف السوري (إذا استثنينا الثابت الرئيسي وهو أمن إسرائيل) بثلاث ركائز متمثلة بإنهاء داعش، ومحاصرة طهران، وتعزيز أدوار الأمم المتحدة في العملية السياسية؛ نجد أن أدوات هذه السياسة متباينة؛ ففي الركيزة الأولى كانت الأداة العسكرية عابرة "للصراع السوري" ومتسقة كلياً مع هدف ضرب التنظيم وتجفيف منابعه، بينما لاتزال الركيزة الثانية تستند على عدم المواجهة المباشرة مع طهران في سورية أو عدم توفير البيئات الملائمة لاستهداف القوات الأمريكية من قبل مجموعات ايران، والاعتماد كلياً على أداة العقوبات وجعلها غير مسبوقة؛ واكتفت الركيزة الثالثة من جهة أولى على مبدأ "العرقلة" وتزمين التورط الروسي في سورية عبر التأكيد على أدوار الأمم المتحدة في العملية السياسية، ومن جهة ثانية: ربط عملية إعادة إعمار بإتمام العملية السياسية؛ وبالجهتين تعد تلك الأدوات "بالاعتقاد الأمريكي" أدوات تمنع الانزلاق وتحمي المصالح؛
وبمعزل عن مدى تحقيق نتائج مملوسة من تلك الركائز؛ نجد أن اللواحق المحتملة لهذا القرار وبما ينسجم مع هذه الركائز تتمثل في ثلاثة قضايا رئيسية:
على الرغم من أن القراءة الأولية للقرار لا تزال محصورة في الأسئلة المباشرة له كملء الفراغ الناجم عن الانسحاب الأمريكي، وتبعاته على تحركات أنقرة العسكرية، ومصير قوات "قسد"، والسياسات المتوقعة من محور النظام وحلفائه؛ إلا أنه لا ينفي أن نثبت أن التطور الأبرز والأكثر استراتيجياً سيتمثل في حال تم إلحاق هذا القرار بمؤشرات انسحاب سياسي من الملف السوري؛ هذا الملف الذي لا تزال تمتلك واشنطن فيه أدوات نوعية كأوراق للضغط؛ ناهيك عن ملف إعادة الإعمار التي تشترك فيه واشنطن مع العديد من الفواعل برؤية موحدة.
وطالما أن تلك المؤشرات لم تظهر بعد، وبغض النظر عن ان القرار ارتجالي او مخطط له، فإنه سيكون تحت الاختبار وسيترتب عليه إعادة تموضع لكل القوى المنخرطة في سورية. وسيكون "مبدأ التكتيك" هو السمة الأبرز لمعظم الفواعل في المرحلة اللاحقة لهذا القرار والذي يمكن بلورة ملامحه بالآتي:
ومن جهة ثانية، ومن مبدأ تعزيز شروط التفاوض بدأ النظام وروسيا بإجراء ترتيبات استعداداً لملأ الفراغ لا سيما في المدن والموارد الطبيعية، منها عقد اجتماعات مع قيادات قسد في القامشلي وعين عيسى تم خلالها بحث تسليم آبار النفط والغاز إلى النظام مقابل إرساله قوات لحماية منبج؛ ناهيك عن تحريك قوات النمر إلى مناطق تماس النظام مع قسد، وذلك يدل على نية روسية بعبور الفرات وتسلم مناطق من قسد.
يمكن حصر العناصر الرئيسية المتحكمة في الاتجاهات العامة المتوقعة في المشهد السوري بعد القرار بخمسة عناصر (منبج؛ والنفط؛ وطرق المواصلات؛ قاعدة التنف؛ ضمانات إسرائيل)؛ لذلك فإن اتجاهات المشهد العام في المرحلة المقبلة يمكن رسم خطوطها الأولية (المبينة بالخريطة رقم 1) وفق الآتي:
الخط الأول: أنقرة في مواجهة "قسد"؛ إذ يتوقع أن تبدأ تركيا تلك المواجهة في منبج التي شهدت اتفاقاً (تركياً أمريكياً) لم ينفذ وتشهد حالياً تحشيداً لقوات النظام (قد يكون للضغط والدخول في مارثون المفاوضات المتعلقة بملء الفراغ)، مما يرجح انتقال ملف منبج إلى مسار الأستانة؛ بعد ذلك ستنتقل تركيا لحصر اهتماماتها إلى الشريط الحدودي وسبل تأمينه الأمر الذي قد يستلزم الدخول في تل أبيض، ولا تمنع تلك المواجهة من التعاطي الإيجابي التركي مع خط مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع قسد وستبقى تلك المفاوضات إن حصلت ضمن أطر ثلاثة: إبعاد مقاتلي pkk؛ تعزيز الأدوار العربية ضمن هيكيلة ومراكز القوى في قسد؛ انتفاء الدور الأمني والعسكري لقسد لا سيما على الحدود؛ مناقشة الأدوار المدنية والتنموية ضمن مبدأ توزيع الأدوار وعدم احتكارها.
الخط الثاني: طموحات عودة "سيطرة النظام" الرمزية؛ فريثما تتضح مدلولات القرار وتعريفه التنفيذي للانسحاب ستسعى روسيا والنظام للسيطرة على موارد الطاقة ومراكز المدن في شرق الفرات، وبخاصة مدينة الرقة والطبقة والحسكة المدينة ومدينة القامشلي، وستطرح موسكو على قسد خيارات شبيهة بنهج المصالحات التي تم اتباعه في الغوطة الشرقية ودرعا مع توقع مناقشة المستقبل السياسي والإداري لقسد ضمن ترتيبات "اللجنة الدستورية".
الخط الثالث: مفاوضات جديدة حول اتفاق المنطقة العازلة في ادلب: بالوقت الذي تشير به معطيات أدوار أمنية جديدة لمحور الأستانة بحكم ما سيفرضه القرار من ترتيبات نوعية محتملة؛ فإن خطوط الفصل ستبدو أكثر وضوحاً في حال تم إلحاق الانسحاب العسكري بمؤشرات الانسحاب السياسي؛ إذ ستخسر أنقرة الظهير الأمريكي باعتباره الثقل الأهم في توازناتها التحالفية مع دول الأستانة؛ وهذا ما من شأنه إعادة نقاش ملف إدلب باعتبارها جزءاً رئيسياً من ترتيبات المشهد العام وفق الطموح الروسي؛ إلا أنه ووفقاً للمؤشرات السائدة فإن المرحلة القادمة ربما تشهد فقط تنفيذاً لمرحلة سيطرة النظام على طرق M4 وM5؛ لأن أسئلة إدلب المتعلقة باللاجئين ومواجهة هيئة تحرير الشام تجعل أياً حسماً هو بمثابة الانزلاق باتجاه صراعات مفتوحة تمتلك كافة الأطراف مبررات تأجيجها.
أما الخط الرابع: ترتيبات نهائية لقاعدة التنف ؛ حيث تؤكد المؤشرات الأولية ازياد تواتر الحديث عن مستقبل القاعدة الأمريكية في التنف؛ إذ تدفع واشنطن قوات المعارضة المتواجدة هناك (مغاوير الثورة وأسود الشرقية وبعض المجموعات الصغيرة) لتبني خيار الانسحاب نحو الشمال السوري؛ وبذات الوقت أنشأ الجيش الأمريكي قاعدتين عسكريتين جديدتين في محافظة الأنبار العراقية: الأولى شمالي ناحية الرمانة والثانية إلى الشرق من مدينة الرطبة غربي الرمادي، في نقطة التقاء طرق رئيسية قادمة من ثلاثة معابر حدودية؛ هي عرعر مع السعودية، وطريبيل مع الأردن، والوليد مع سورية؛ وذلك في إشارة واضحة لعدم نفاذ داعش من جهة والاستمرار في استهداف المشروع الإيراني من جهة ثانية.
يمكن القول ختاماً:
على الرغم من أن قرار الانسحاب الأمريكي من سورية سيشكل عاملاً دافعاً لتنافسية القوى الفاعلة على ملء الفراغ الناجم واشتراكهم بقاسم مشترك يتمثل بتقليص مساحة فاعلية طهران المنتشرة بشكل نوعي في بنية الدولة والنظام وشبكاته؛ إلا أن أي إعادة ترتيب للمشهد وتموضع فاعليه ستبقى ضمن الأطر المؤقتة ريثما يتضح التعريف التنفيذي لقرار الانسحاب وتلمس مدى ارتباطه بمؤشرات انسحاب سياسي لم تتبلور بعد؛
دأبت حكومة النظام على استخدام الرقم الاقتصادي أداة لتمويه الحقائق حول الانهيار الذي ألمَّ بالاقتصاد السوري بعد عام 2011. بعد التراجع الكبير الذي سجلته مؤشرات الاقتصاد الكلي، وانخفاض أداء القطاعات الإنتاجية والخدمية، والتدهور في إيرادات الخزينة العامة وتدني المستوى المعيشي للمواطنين. وقد تبدى هذا التمويه بشكل واضح في الأرقام التي أُعلِنَ عنها في الموازنات العامة السنوية المتتالية مع غياب الشفافية اللازمة حول إجراءات إعدادها وتنفيذها، وخاصة بعد الانكماش الحاد في مصادر تمويلها والاعتماد بشكل كبير على التمويل بالعجز. ويعكس كل ما سبق السياسة التي يسعى إليها النظام باستخدامه الاقتصاد كوسيلة لشرعنة وجوده وتوطيد سلطته في هذا البلد.
في موازنتها لعام 2019 والتي بلغت قيمتها (3882) مليار ليرة سورية أي ما يعادل (8.92) مليار دولار أمريكي. وفي جانب العجز الذي يمثل أحد البنود الأساسية في الموازنة العامة أكدت حكومة النظام في بيانها المالي استمرار التدهور في وضعها المالي، حين أقرَّت الموازنة العامة للدولة بعجز بلغت نسبته 42.8% من قيمتها([1])، أي ما يساوي 948.3 مليار ليرة سورية و2.18 مليار دولار أمريكي، الأمر الذي أثار الكثير من علامات الاستفهام لدى المتابعين والمحللين للوضع الاقتصادي في سورية حول مدى قدرة الحكومة على تغطية هذا العجز. ومع تأكيد الحكومة على أن هذه الموازنة هي الأكبر في تاريخ سورية، إلا أنَّ ذلك لا يعدو كونه تمويهاً إعلامياً للتغطية على تراجع اعتمادات الموازنة خلال السنوات الماضية وانخفاضاً في قيمتها. ففي عام 2011 بلغت قيمة الموازنة 12.96 مليار دولار، وبفارق 4.04 مليار دولار عن موازنة عام 2019، و6.66 مليار عن موازنة عام 2018. ولم تظهر في الموازنة العامة الحالية تفصيلات الإيرادات التي سيتم الاعتماد عليها لتمويل الموازنة وجعلها خالية من العجز. ورغم تأكيد وزير مالية النظام أن مصادر التمويل تعتمد بالكامل على الموارد الداخلية والمديونية الداخلية للمصرف المركزي عن طريق سندات موضوعة في التداول النقدي؛ لكن من المستبعد جداً أن تكون "الحكومة" قريبة من تغطية نفقاتها، في ضوء التراجع الحاد في قيمة هذه الإيرادات خلال الأعوام الماضية عما كانت عليه عام 2010، ممَّ يجعل هذه الموازنة كسابقاتها تعتمد على التمويل بالعجز.
تراجعت نسبة تغطية الإيرادات للنفقات العامة بشكل كبير على مدار الأعوام الماضية، حيث بلغت نسبة العجز في الموازنة عام 2018 (25.3%) من قيمة الموازنة أي ما يساوي(808.4) مليار ليرة سورية وهو ما يعادل (1.616) مليار دولار أمريكي. في حين بلغت هذه النسبة في الأعوام السابقة كما يبين الشكل (1).
وتثير هذه النسب الكبيرة للعجز السنوي العديد من التساؤلات التي تمحورت حول مدى قدرة "الحكومة" على تغطية هذا العجز، وما هي الآثار المحتملة لهذا العجز على مستقبل الاقتصاد السوري، على اعتبار أنَّ هذه النسب أكبر من قدرة الاقتصاد السوري على تحملها، بسبب غياب السوق المالية الفاعلة وعدم القدرة على الوصول إلى الأسواق الدولية للحصول على التمويل. وبعد أن بلغت كلفة الدمار الذي خلفته الحرب نحو 400 مليار دولار أمريكي وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة([2]). فضلاً عن ارتباط ملف إعادة الإعمار بالاعتبارات السياسية والاقتصادية على المستوى الدولي.
على مدار الأعوام الماضية، وفي سبيل تغطية هذا العجز سعت حكومة النظام جاهدة نحو زيادة إيرادات الخزينة العامة بمختلف الوسائل، ابتداءً من الاستفادة من الضرائب والرسوم عبر استحداث أوعية ضريبية جديدة، وزيادة الرسوم على الأوعية الضريبية الحالية وتحسين إجراءات التحصيل الضريبي ومكافحة التهرب الضريبي، إلى العمل على زيادة الإيرادات الاستثمارية، مروراً بضبط الإنفاق العام وترشيده، أو بالتضخم عن طريق الإصدار النقدي بدون تغطية، وانتهاءً بالاعتماد على القروض المحلية والخارجية لتمويل إيرادات الموازنة بالعجز. إلا أن هذه الإجراءات لتخفيض العجز تبدو في قسمها الأكبر خارج سيطرة السلطات المالية بشكل كبير، لأسباب ترتبط بالظروف الأمنية الحاضرة وتأثيرها على الظروف الاقتصادية، والعقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على قطاعي الطاقة والاقتصاد، إلى جانب الخسائر الكبيرة لدى المؤسسات في القطاعين العام والخاص والتي أدت إلى تراجع إيراداتها وعدم قدرتها على تسديد الضرائب.
كما تبدو المشكلة أكثر تعقيداً في ظل غياب خيارات التمويل والاعتماد بشكل كبير على التمويل بالعجز عبر الاقتراض الداخلي من المصرف المركزي الذي أظهرَ تقرير للبنك الدولي في عام 2016 تراجع احتياطات المصرف من القطع الأجنبي من 20 مليار دولار في بداية عام 2011 إلى 700 مليون دولار([3]). أو اللجوء إلى الاستدانة من المصارف المحلية المتخصصة التي تعاني من مشكلات كبيرة في السيولة والديون المشكوك في تحصيلها. بالإضافة إلى قيام "الحكومة" بتدوير بعض الديون إلى سنوات مقبلة دون أن يرصد لها أي بند في الموازنة. إلى جانب غياب أي معلومات مؤكدة عن مصير احتياطي الذهب لدى المركزي والذي بلغ حجمه في بداية عام 2012 (25.8) طن وما قيمته 1.36 مليار دولار، ووجود تسريبات تفيد بقيام النظام ببيعه لتعويض نفاد احتياطي العملة الصعبة([4]). إلى جانب ذلك فإن ما يتداول عن نية المصرف المركزي طرح سندات وأذونات لا يعدو كونه إجراء لطمأنة السوق، ومن المتوقع ألا يكون هناك إقبالاً لشراء هذه السندات مهما بلغت نسبة الفائدة عليها، في ظل عدم ثقة المستثمرين بالوضع الاقتصادي، لا سيما مع فقدان الليرة السورية لنسبة 1000% من قيمتها منذ عام 2011 والذي لا يمكن أن تجاريه أي فائدة([5]).
وبالتالي فإن تصريح حكومة النظام باللجوء إلى الاقتراض من البنك المركزي لتمويل العجز لا يعدو كونه مجرد وسيلة تتكئ عليها لتفسير كيفية تمويلها للعجز، وتسويقاً لفكرة أن المصرف المركزي لا يزال قادراً على لعب دوره في تمويل عجز الموازنة العامة للدولة.
إن لجوء هذه "الحكومة" إلى الاعتماد على الاقتراض الداخلي خلال الأعوام الماضية أدى إلى زيادة المديونية الداخلية بشكل كبير، والتي تخطت وفقاً لبعض التقديرات حاجز أربع تريليونات ليرة سورية، أي ما يعادل حوالي 8 مليار دولار أمريكي. مجبراً إياها في الوقت ذاته على اتخاذ إجراءات تقشفية، مثل الضغط على الإيرادات من أجل تخفيض حجم النقد الأجنبي اللازم لتمويل المستوردات، وتخصيص الفائض من أجل تمويل الإنفاق الجاري، واللجوء في المقابل على صعيد الإيرادات إلى احتساب فائض السيولة لدى شركات ومؤسسات القطاع العام، وقسم من أموال التأمينات الاجتماعية وأموال التأمين والمعاشات كمورد من موارد الموازنة على الرغم لما لهذه التدابير من تبعات وآثار سلبية على كل من النمو والنشاط الاقتصادي. وبالتالي أسهم هذا الوضع في زيادة العرض النقدي وظهور تأثيرات تضخمية واضحة، وأدى إلى تشويه الموازنة وانخفاض مستوى الشفافية فيها نظراً لعدم انعكاس هذا التمويل في بنودها بشكل واضح.
إنَّ ما سبق يدلل بشكل واضح أن النظام وفي سبيل استمراره يعتمد بشكل كبير على الاقتراض الخارجي لتمويل موازنته، فبعد القرض الائتماني الأول الذي حصل عليه من إيران في عام 2013، والذي بلغت قيمته 3.5 مليار دولار؛ بدأت عجلة الديون الخارجية بالدوران لتتخطى في نهاية عام 2018 حاجز 60 مليار دولار ترجع في جزء كبير منها لكل من إيران وروسيا([6]). مع عدم وجود أية أرقام معلنة من قبل النظام ودائنيه حول هذه الديون، وقيام أفراد حكومته بالتعمية عليها ومحاولة التقليل من أرقامها بشكل كبير عبر التصريحات المنمَّقة. وبالتالي ستفرض هذه الديون نفسها على الاقتصاد السوري وستشكل أبرز الملفات التي ستواجه مستقبل الأجيال القادمة في سورية، مجبرة إياها على تسديد فواتيرها الضخمة تحت عنوان خدمة الدين العام إلى أن تتمكن بعد عقود عدة من تسديدها. ولتشكل حجر عثرة في طريق نهوض هذا البلد وتعافيه من الآثار المدمرة التي خلفتها الحرب. يضاف إلى ذلك الارتهان السياسي والاقتصادي للقوى والتكتلات التي ستنخرط في عملية إعادة الإعمار.
ختاماً يمكن القول، أنه وعلى الرغم من تمَّكن النظام من الاستفادة من القروض المحلية والخارجية والعوامل الاقتصادية الداخلية لتثبيت وجوده خلال الأعوام الماضية لإرساء وتنفيذ موازناته العامة؛ إلا أنه لن يتمكن على المدى المنظور من السيطرة على آثار الاختلال الجاري في توازنات الاقتصاد الكلي إلا بشكل محدود، في ظل التدني المستمر لفاعلية أدوات التدخل المالية والنقدية في الاقتصاد، والتخبط الواضح في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وفي ظل تداعي هذا الاقتصاد وتفككه نتيجة تعرض محركاته الأساسية لضربات قوية أنهكت بنيته وأفقدته الكثير من مقوماته جراء الحرب المستمرة والتدمير الممنهج للبلد إنسانياً وعمرانياً واقتصادياً.
([1]) قراءة أولية في أرقام موازنة 2019 … الحكومة تتوقع زيادة الإيرادات بنسبة 23 بالمئة، جريدة الوطن، 05-11-2018: http://bit.ly/2Gk9nsM
([2]) 400 مليار دولار كلفة الدمار في سورية، جريدة الشرق الأوسط، 10-08-2018: https://goo.gl/YHTkdY
([3]) البنك الدولي يعلن انهيار احتياطي سورية من العملات الأجنبية، السورية نت، 20-04-2016: https://goo.gl/v4SK1X
([4]) الأسد يبيع احتياطي الذهب بأسعار بخسة، بيروت اوبسيرفتر، 18-04-2012: https://goo.gl/voCuWy
([5]) عدنان عبد الرزاق، الليرة السورية تخسر 1000% من قيمتها في سبع سنوات، العربي الجديد، 01-07-2018: https://goo.gl/DttDNL
([6]) نضال يوسف، سورية غارقة بالدم والديون، مجلة صور، 27-05-2017: https://goo.gl/vMG2Ha
تركزت أولويات حكومة النظام السوري خلال شهر تشرين الأول 2018 على مايلي: 1) متابعة الواقع الخدمي والتنموي في عدد من المحافظات، 2) إقرار سياسات دعم للفلاحين المتضررين، 3) تحديث المنظومة القانونية، 4) إصدار مرسوم العفو وقرارات تتصل بالخدمة العسكرية الاحتياطية. 5) مواصلة الدعم الحكومي لوحدات الإدارة المحلية الناشئة عن "انتخابات أيلول/ 2018".
قام رئيس حكومة النظام وعدد من وزرائه بزيارات ميدانية إلى محافظات منطقتي الساحل والشرقية، حيث افتتحت الحكومة عدداً من المشاريع الخدمية والإنتاجية في طرطوس واللاذقية تتجاوز قيمتها 24 مليار ليرة سورية (ما يزيد عن 55 مليون $، باحتساب سعر صرف 434 ل.س لكل $) بحسب ما هو مرفق بالجدول التالي:
كما قام رئيس الحكومة بزيارة إلى المنطقة الشرقية شملت كلاً من دير الزور والجزء الخاضع لسيطرة النظام في محافظة الرقة، حيث تم افتتاح عدد من المشاريع الخدمية والإنتاجية سيما في قطاع النفط والغاز، كما تم تخصيص محافظة الدير بــ 27 مليار ل.س (حوالي 62 مليون$) لإعادة التأهيل في 2018، تم تنفيذ 17 مليار ل.س في حين ما تزال 10 مليارات قيد التنفيذ، كذلك تخصيص مبلغ 4 مليارات ل.س (حوالي 9 مليون 4) لتمويل الخطة الإسعافية للمحافظة.([2])
حظي القطاع الزراعي باهتمام الحكومة على خلفية الأضرار التي لحقت بهذا القطاع جراء الكوارث الجوية سيما في منطقة الساحل ومحافظة السويداء، حيث وافقت الحكومة على الإجراءات المقترحة من قبل "صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية " فيما يتعلق بصرف تعويضات للفلاحين المتضررين بقية 2.7 مليار ل.س (حوالي 6 مليون $) توزعت على المحافظات بحسب الآتي:([3])
واصلت حكومة النظام تحديث المنظومة القانونية، إذ استكملت دراسة المشروع الجديد لقانون الاستثمار تمهيداً لإقراره، كما تمت إحالة مشروع تعديل قانون السير لمجلس الوزراء، يتضمن مقترحات تتعلق بإلغاء نظام النقاط واستبدال عقوبة السجن بالغرامة المالية([4])، كذلك تم استعراض أعمال اللجنة المكلفة تطوير التشريعات سيما تلك المتعلقة بإعادة الإعمار. أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 18 لعام 2018 القاضي بمنح عفو عام عن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي المنصوص عليها في قانون العقوبات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 61 لعام 1950 وتعديلاته والمرتكبة قبل تاريخ 9-10-2018([5])، وقد شمل العفو إلغاء دعوات الاحتياط عن 800 ألف شخص مطلوب لخدمة الاحتياط بحسب ما أفاد به مدير إدارة التجنيد العام في سوريا اللواء سامي محلا.([6])
بالانتقال إلى ملف الإدارة المحلية، أقرت السلطة التنفيذية للنظام عبر مرسومين أصدرهما الأسد أسماء الناجحين في عضوية مجالس المحافظات ومجالس مدن مراكز المحافظات([7])، في حين تولى وزير الإدارة المحلية والبيئة إصدار قرارات تسمية الأعضاء الفائزين في مجالس المدن والبلدات والبلديات. كما واصلت الحكومة تقديم الدعم المالي لمجالس الوحدات الإدارية عبر تقديمها 2.059 مليار ل.س(حوالي 5 مليون$)، توزعت بين إعانات ومساهمات مالية على المحافظات بحسب الأشكال البيانية المرفقة.
أصدر الأسد القانون رقم 33 للعام 2018 القاضي بإعفاء مكلفي الرسوم البلدية والتكاليف المحلية وغرامات مخالفات البناء والنظافة والأنظمة البلدية وأقساط قيمة المقاسم في المدن والمناطق الصناعية وأقساط المساكن المخصصة من قبل الوحدة الإدارية للمنذرين بالهدم وأقساط قيمة العقارات والديون والذمم المالية مهما كان نوعها المستحقة الأداء للوحدة الإدارية العائدة لأي من سنوات 2017 وما قبل من الفوائد والجزاءات وغرامات التأخير المترتبة على عدم تسديدهم الرسوم والغرامات والتكاليف والأقساط والبدلات والديون المحققة، في حال تم تسديد الذمم المالية المترتبة قبيل حلول شهر آذار 2019.
أقامت حكومة النظام بالتعاون مع غرف التجارة والصناعة عدداً من المعارض الدولية والمحلية بغية تنشيط عجلة النمو الاقتصادي واستقطاب استثمارات خارجية، حيث انعقد معرض "إعادة إعمار سورية" بدورته الرابعة "عمرها 4" على أرض مدينة المعارضة بمشاركة 270 شركة ممثلة لــ 29 دولة من أبرزها لبنان وإيران والصين وروسيا، في حين اقتصرت الدورة الأولى من المعرض على مشاركة 65 شركة ممثلة لــ 11 دولة([9])، كما تم إقامة معرض "صنع في سورية" للصناعات النسيجية بالتعاون بين اتحاد المصدرين السوري واتحاد غرف التجارة والصناعة السورية، بمشاركة أكثر من 152 شركة من مختلف المحافظات.
تواصل حكومة النظام تقديم تسهيلات لرجال الأعمال لتأسيس شركات اقتصادية، وفي هذا الصدد صادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على تأسيس 7 شركات في شهر تشرين الأول 2018 بحسب ما هو مرفق في الجدول.
فيما يتعلق بملف العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة، عقدت لقاءات مشتركة بين الجانبين السوري والروسي، حيث تطرقت إلى مجالات التعاون وخلص بعضها إلى توقيع اتفاقيات اقتصادية ومذكرات تفاهم بين الطرفين، هذا وقد كشف رئيس غرفة تجارة دمشق محمد غسان القلاع عن حجم التبادل التجاري مع روسيا خلال النصف الأول من 2018 والذي تجاوز 226 مليون يورو، وفيما يلي أبرز محطات العلاقات الاقتصادية السورية_ الروسية خلال تشرين الأول 2018:
فيما يخص العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيران، حفل تشرين الأول 2018 بعدد من اللقاءات والزيارات المتبادلة بين الجانبين، كما تم التوصل لعدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الاقتصادية، وفيما يلي استعراض لأبرز النشاطات الاقتصادية بين البلدين خلال تشرين الأول 2018:
تجهد حكومة النظام في إظهار قدراتها على توفير الخدمات ودفع عجلة النمو الاقتصادي، حيث قامت بزيارات ميدانية لعدد من المحافظات للاطلاع على واقعها الخدمي وإطلاق مشاريع اقتصادية وتنموية فيها، ولعل أهمها الزيارة المخصصة للمنطقة الشرقية لما تضمنته من رسائل متعددة، حيث أرادت الحكومة تأكيد حضور "الدولة السورية" لسكان تلك المناطق وقدرتها على توفير الخدمات، وذلك لاحتواء الحضور الإيراني الخدمي والأمني المتزايد في تلك المنطقة سيما في محافظة دير الزور، إضافة إلى رغبتها في تنشيط عملية إنتاج عملية إنتاج النفط والغاز، لتوفير إيرادات مالية تمكنها من تمويل أنشطتها ومشاريعها، كذلك خفض فاتورة استيرادها للمشتقات النفطية من الخارج.
استحوذ القطاع الزراعي على اهتمام الحكومة، حيث وافقت على صرف تعويضات مالية للفلاحيين المتضررين من الكوارث الطبيعية والآفات الزراعية بمبلغ لا يزيد عن 6 مليون $، وجاءت تلك الموافقة في مساعي من الحكومة لاحتواء المطالب المتزايدة من الفلاحين من جهة، ورغبة منها في دعم الإنتاج الزراعي الموجه للتصدير من جهة أخرى، ولا يتوقع لذلك الدعم أن يحقق المأمول منه سيما في ظل ارتفاع حجم خسائر القطاع الزراعي والتي قدرتها منظمة الفاو بما يزيد عن 16 مليار $، وتدني مطابقة المحاصيل الزراعية للمقاييس المعتمدة للتصدير، وتعرضها للمنافسة من دول الجوار.
أسفرت الانتخابات عن فوز قوائم "الوحدة الوطنية" بغالبيتها البعثية، ليواصل البعث هيمنته على مجالس الوحدات الإدارية عبر السيطرة على مكاتبها التنفيذية، مع ميله لتجديد الثقة بعدد من الرؤساء السابقين لمجالس الوحدات الإدارية، ويكتمل مشهد هيمنة البعث على المحليات بانتماء جميع المحافظين إليه، ليؤكد النظام بسلوكه هذا تغليب اعتبارات الولاء والتحكم على اعتبارات الحوكمة.
لجأ النظام إلى زيادة مخصصات الدعم المالي المقدمة لمجالس الوحدات الإدارية، بما يمكن أعضائها من استمالة السكان المحلين عبر توفير الخدمات لهم، حيث ارتفع الدعم المقدم لمجالس وحدات الإدارة المحلية من 899.98 مليون ل.س (حوالي 2 مليون $) في أيار 2018 لتصل إلى 2 مليار و59 مليون ل.س (حوالي 5 مليون $) في تشرين الأول 2018، ولا يتوقع لهذا الدعم أن يحدث فرقاً فيما يتصل بالواقع الخدمي للمحليات وأداء مجالسها وشرعيتها، لاعتبارات متعددة أبرزها هيمنة البعث على منظومة الإدارة المحلية وتآكلها وتبعيتها للمركز.
أعلنت حكومة النظام أرقامها لموازنة 2019 بمبلغ وقدره 3882 مليار ل.س (حوالي 9 مليار $ على أساس سعر صرف 435 ل.س لكل $) بزيادة قدرها 695 مليار ل.س عن موازنة 2018 (مقارنة بنحو 6.37 مليار $ على أساس سعر صرف 500 لكل $)، ويلحظ من خلال مقارنة موازنتي 2018-2019 ارتفاع حجم الانفاق العام بشقيه الجاري والاستثماري في موازنة 2019 مقارنة بما كانت عليه في موازنة 2018، كذلك ارتفاع مبلغ الدعم الاجتماعي بشكل عام في موازنة 2019 عن 2018 وإن تركزت هذه الزيادة على دعم المشتقات النفطية، في حين انخفض الدعم المخصص للدقيق وكذلك المعونة الاجتماعية في موازنة 2019 عن نظيرتها 2018، في حين لم يطرأ تغير يذكر على المبالغ المخصصة لإعادة الإعمار وصندوق الإنتاج الزراعي، إذ حافظت على ثباتها في كلا الموازنتين.
تطرح أرقام موازنة 2019 العديد من التساؤلات سيما فيما يتعلق بتمويلها، حيث لا يزال جزء معتبر الموارد المحلية الطبيعية سيما النفطية خارج سيطرة النظام، كما لا تغطي الزيادة في الإيرادات المحلية الناجمة عن الضرائب والرسوم وبدلات الاستثمار سوى جزء من الانفاق العام، ويطرح ما سبق احتمالات التمويل بالعجز، مع الإشارة إلى تضارب الأرقام بخصوص حجم الدين العام لسورية، حيث قدر تقرير صادر عن البنك الدولي International Debt Statistics 2018. حجم ذلك بما لا يتجاوز 3.5 مليارات $([10])، في حين قدرت دراسة صادرة عن مركز دمشق للأبحاث والدراسات بعنوان " تأثيرات الأزمة في الاقتصاد السوري" حجم الدين العام الداخلي فقط في 2015 بنحو 3400 مليار ل.س (حوالي 7 مليار$).([11])
كذلك تتضمن أرقام الموازنة مؤشرات على أولويات العمل الحكومي في العام المقبل، حيث يلحظ تراجع الدعم الحكومي للطبقات الفقيرة المستفيدة من دعم الدقيق والمعونة الاجتماعية، كما لا تتضمن الموازنة مؤشرات على زيادة كلية لرواتب العاملين في الدولة، ومما يستقرأ من أرقام الموازنة عدم قدرة النظام على تمويل إعادة الإعمار بنفسه، واقتصاره على تأهيل بعض الخدمات على نطاق ضيق للإيحاء بنجاحه على تجاوز مرحلة الازمة وولوجه مرحلة الاستقرار وإعادة الإعمار.
أعلنت محافظة دمشق عن خططها لتنظيم المدينة وفق مراحل تتضمن الأولى مناطق جوبر والقابون وبرزة، وقد خضع ملف منطقة القابون الصناعية للتجاذب بين الحكومة ومحافظة دمشق وممثلي غرف صناعة وتجارة دمشق وريفها وبين مالكي المنشئات الصناعية بالمنطقة، حيث وجهت اتهامات من قبل مالكي المنشئات للحكومة بالتخلي عن برنامجها لدعم صناعي القابون والتي أطلقته في وقت سابق عقب استعادة النظام السيطرة على المنطقة، كما وجهت اتهامات لمحافظة دمشق بإعدادها تقارير غير واقعية حول نسبة الدمار في المنطقة لتبرير عملية التنظيم ونقل الصناعيين إلى منطقة عدرا الصناعية، وفي هذا الصدد أكدت مصادر خاصة قيام المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق بإعداد دراسات مسبقة لا تتطابق مع الواقع الميداني لمنطقة القابون وغيرها لإخضاعها للتنظيم وفق المرسوم رقم 10، وذلك بالتعاون مع رجالات أعمال محسوبين على النظام أمثال سامر الفوز وسامر الدبس ومحمد حمشو ممن يعملون كبوابات لاستقطاب رؤوس الأموال الخارجية للاستثمار سيما في القطاع العقاري.
دفعت اعتبارات داخلية وخارجية مجلس محافظة دمشق والحكومة إلى تأجيل البت بإخضاع منطقة القابون للتنظيم، فمنطقة عدرا الصناعية غير جاهزة بعد لنقل صناعي القابون إليها سيما عقب تضررها جراء فيضان سد الضمير، كما أدت الضغوط الروسية على النظام إلى تعديل القانون رقم 10 فيما يتعلق بالمدة القانونية لإثبات الملكية، وما عناه ذلك من إيقاف مؤقت لمخططات التنظيم.
أعيد افتتاح معبر نصيب الحدودي بين سورية والأردن إثر إغلاقه لما يزيد عن 3 سنوات عقب سيطرة فصائل المعارضة على المنطقة، وقد جاء افتتاح المعبر تتويجاً للمفاوضات واللقاءات المباشرة وغير المباشرة بين الجانبين السوري والأردني وبوساطة روسية ودون معارضة إسرائيلية أو أمريكية، كما جاء افتتاح معبر نصيب عقب يوم واحد من افتتاح معبر القنيطرة مع الجانب "الإسرائيلي".
يعتبر افتتاح معبر نصيب حدثاً مهماً لما يحتويه على رسائل متعددة الجوانب، إذ يحمل الحدث في طياته مؤشرات على إقرار إقليمي ودولي بضرورة حصر تدريجي لمسألة إدارة الحدود بالدولة السورية بغض النظر عمن يشغل إدارتها الآن، وما يعنيه ذلك من انحسار متزايد لدور الفاعلين من غير الدولة في إدارة المهام السيادية (الحدود)، كذلك جاء افتتاح المعبر في ظل ما تعانيه اقتصاديات دول المنطقة من أزمات اقتصادية، دفعتها رغم عدائها السياسي إلى الاتفاق فيما بينها على تنشيط حركة التجارة البينية، والاستفادة من المزايا الناشئة عنها من توفير الكلف وتوسيع الفرص وزيادة المداخيل، كذلك يمكن لافتتاح معبر نصيب الحدودي أن يوظف ضمن المساعي الروسية لإعادة اللاجئين من الأردن إلى سورية، وذلك عبر قوننة وتنظيم هذه العملية من خلال المعبر.
تواجه الحركة التجارية وعبور الأفراد من معبر نصيب تحديات أمنية واقتصادية، يرتبط الشق الأول بتمدد إيران في محافظتي درعا والقنيطرة وعلى أطراف الطريق الدولي وعلى مقربة من الحدود بأشكال متعددة بما يقوض الترتيبات الأمنية الناشئة في الجنوب بتوافق روسي_ إسرائيلي_ أردني، كذلك مدى قدرة النظام على ضبط سلوك قواته المنتشرة في هذه المنطقة. أما فيما يتعلق بالشق الاقتصادي، تواجه الحركة التجارية وتجارة الترانزيت عبر معبر نصيب_ جابر الحدودي تحديات تتعلق بقيمة الرسوم المفروضة (قام النظام برفع رسوم الترانزيت من 10$ إلى 62$ على مرور شاحنات نقل البضائع)، كذلك فيما يتعلق بتوافر البنية التحتية من طرق وآليات ومعدات لتسهيل الحركة التجارية.
شهدت العلاقات الاقتصادية السورية_ الإيرانية تطوراً ملحوظاً في تشرين الأول 2018، وهو ما تمثل بحجم الزيارات واللقاءات المتبادلة بين الطرفين، إضافة إلى التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، ولعل الأهم ما تمخضت عنه زيارة محمد حمشو على رأس وفد من رجال الأعمال لطهران من لقاءات واتفاقيات وما حملته من مؤشرات هامة، حيث تعتبر هذه الزيارة الأولى من نوعها لإيران من حيث حجم الوفد (50 من رجال الأعمال وعدد من أعضاء مجلس الشعب) والذي يعتبر بمثابة اللوبي الإيراني في دمشق، وبحسب مصدر مطلع فإن الاتفاقيات واللقاءات التي عقدها الوفد برئاسة حمشو قد تخطت بأهميتها ما تحقق عن زيارات المسؤولين السوريين الرسميين لإيران، وفي هذا الصدد أشار المصدر نفسه إلى حمشو باعتباره أحد أعمدة إيران في سورية سيما عقب دخوله في شراكات اقتصادية مع عدد من الشركات الإيرانية، واعتماد الأخير على إيران في توفير المواد الأولية لمعامله القائمة في سورية.
([1]) بتوجيه من الرئيس الأسد. خميس يفتتح مشاريع تنموية بـ 16 مليار ليرة في طرطوس واللاذقية، موقع تشرين، التاريخ 03-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2PVpNva
([2]) خميس على رأس وفد حكومي يزور المنطقة الشرقية لافتتاح عدد من المشاريع الخدمية والتنموية، موقع صاحبة الجلالة، تاريخ 24-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2qNTMHz
([3]) تعويض الفلاحين عن الأضرار في المحاصيل الزراعية بمبلغ إجمالي 2.7 مليار ليرة، موقع رئاسة مجلس الوزراء، تاريخ 10-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2FjmtpH
([4]) الغرامة بدل النقاط وإلغاء الحبس في بعض المخالفات بقانون السير قيد الدراسة … مجدداً.. مجلس الوزراء يناقش قانون الاستثمار الجديد، الوطن، تاريخ 29-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2DwTZXZ
([5]) الرئيس الأسد يصدر مرسوماً تشريعياً بمنح عفو عام عن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي المرتكبة قبل تاريخ 9-10-2018، سانا، تاريخ 10-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2E6tNEn
([6]) مدير إدارة التجنيد العام بسوريا: مرسوم العفو الرئاسي شمل المدعوين للاحتياط، النشرة، تاريخ 30-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2DdxM02
([7]) مرسومان بأسماء أعضاء مجالس المحافظات ومجالس مدن مراكز المحافظات الفائزين بانتخابات الإدارة المحلية، وزارة الإدارة المحلية وشؤون البيئة، تاريخ 03-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OCL7Wq
([8]) الأرقام الواردة في الجدول بحسب ما أوردته صحيفة الحل، حسام صالح، موازنة سوريا 2019. لا زيادة في الرواتب وخفض للدعم وإعادة الإعمار تحتاج لنصف قرن!، تاريخ 05-11-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2B0k9zA
([9]) معرض إعادة إعمار سورية يبدأ فعالياته بمشاركة 270 شركة من 29 دولة، سانا، تاريخ 03-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2JWi9vp
([10]) نسرين رزوق، «الدين السوري العام»: تمخّض الجبل فولد فأراً!، جريدة الأخبار، تاريخ 13-06-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2B1qew0
([11]) حجم الدين العام الداخلي 3400 مليار ليرة، سيريا ستيبس، تاريخ 02-11-2016، رابط إلكتروني https://bit.ly/2RKdVcK
حول مشروعه البحثي "إصلاح القطاع العسكري في مرحلة ما بعد الصراع في سورية" عقد مركز عمران للدارسات الاستراتيجية بالتعاون مع مركز كارنيغي وبدعم من الاتحاد الأوروبي وألمانيا كجزء من مبادرة دعم عملية السلام السورية (SPPSI) ورشة عمل لعدد من الخبراء والفاعلين المحليين في الشأن العسكري في إستنبول يوم الخميس 25 تشرين الأول/أكتوبر 2018؛
هدفت الورشة إلى عرض ومراجعة وتحليل نتائج ثلاث أوراق بحثية أعدها مركز عمران ضمن خطة المشروع البحثي؛ حيث افتتحت الورشة بعرض لفكرة المشروع البحثي الهادف لتفكيك مجموعة من الإشكالات المتعلقة بالمؤسسة العسكرية السورية، ويرمي لبلورة السياسات والبرامج التي تعزز من اتساق بنية ووظيفة هذه المؤسسة مع المتطلبات الوطنية والأولويات الأمنية والعسكرية المحلية بما في ذلك قوننة العلاقات المدنية العسكرية؛
جاءت الورشة على ثلاث جلسات استعرض فيها الباحثون الأوراق التالية:
تلت العروض جلسات نقاش مفتوحة ساهمت بتعزيز وجهات النظر والتأكيد على أهمية استدراك بعض الأمور التي من شأنها أن تساهم في إصلاح هذا القطاع، واختتم اللقاء بجلسة توصيات ونتائج عامة.
حضر اللقاء 37 شخص من عدة دول عربية وأوربية، اختلفت تخصصاتهم حسب القطاعات ذات الصلة بالمشروع من عسكريين وقانونيين وباحثين وخبراء.
لا يزال الملف الأمني في مناطق درع الفرات وعفرين وادلب وما حولها من أكثر التحديات والاختبارات التي تواجه القوى المسيطرة على تلك المناطق؛ فمن جهة أولى فإنه سيكون لتداعيات هذا الملف أثراً واضحاً على استحقاقات هذه المنطقة سواء فيما يتعلق بالبيئة الآمنة أو فيما يرتبط بعمليات التنمية والاستقرار (أو التعافي المبكر)؛ ومن جهة ثانية وفيما يرتبط بالاغتيالات التي تلقي بظلالها على الواقع الأمني فتجعله متعدد الدلالات؛ فإن الاغتيالات التي باتت سمة بارزة للواقع الأمني لم يعد البحث فيها عبارة عم كشف ملابسات جنائية بقدر ما هو محاولة لتلمس إمكانية وجود أسباب سياسية متسقة مع سياسات الاقتتال المحلي، ناهيك عن فهم الأسباب الأمنية المؤدية لتلك الحوادث. وفي محاولة لتتبع هذه القضية وتحليل مؤشراتها وقياس آثارها الأولية، قامت وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بتصميم نموذج رصد لهذه العملية ([1])؛ وتحليل بياناته ضمن هذا التقرير الذي يبين توزع عمليات الاغتيالات في الشمال المحرر (إدلب وما حولها، غصن الزيتون، ردع الفرات) منذ شهر تموز وحتى أيلول 2018، كما يشمل التقرير جزء خاص بمحاولات الاغتيالات التي حدثت في المنطقة العازلة بمحافظة إدلب والمناطق المحيطة بها خلال شهر تشرين الأول 2018([2]).
بلغت محاولات الاغتيال من شهر تموز حتى أيلول 159 محاولة في مناطق التي تم رصدها؛ وهي نسبة مرتفعة بالمقارنة مع التقرير السابق (قراءة أولية... الاغتيالات في مناطق المعارضة والفصائل الجهادية خلال النصف الأول لعام 2018)؛[3] إذ بلغ مجموع تلك المحاولات 212 محاولة خلال فترة رصد لمدة ستة أشهر، بينما تشير الأرقام في هذا التقرير الى وجود 20 محاولة في منطقة غصن الزيتون "عفرين" و46 محاولة في مناطق ردع الفرات، إضافة ل 93 محاولة في باقي المناطق "ادلب وما حولها"؛ (انظر الشكل المجاور) .
وفيما يخص منطقة درع الفرات تؤكد البيانات أنها شهدت 46 محاولة اغتيال بلغ أقصاها في شهر أيلول بمجموع (38) محاولة؛ تلك المنطقة التي يفترض لها أن تكون أكثر ضبطاً من الناحية الأمنية بحكم اشراف "الضامن التركي" وبحكم مأسسة العمل العسكري والأمني المحلي فيها (الجيش الوطني والشرطة الحرة)، الا أن محاولات الاغتيال من قبل خلايا تتبع للنظام أو تنظيم "داعش" أو الوحدات الكردية مستمرة.
كما توضح عملية تحليل البيانات أن الجهة الأكثر استهدافا بمحاولات الاغتيال هي الجهات المدنية بـ 30 محاولة اغتيال في حين حلت الفصائل المصنفة كمعتدلة في المرتبة الثانية بـ 16 محاولة اغتيال (الشكل رقم 4)؛ ولجأ منفذو عمليات الاغتيال لعدة وسائل وطرق لتنفيذ عملياتهم حيث كانت عن طريق العبوة الناسفة بحصيلة بلغت27 محاولة بينما حلت أداة الاطلاق الناري المرتبة الثانية ب 18 عملية من حيث أدوات التنفيذ وجاء الطعن ثالثاً بحالة وحيدة (الشكل رقم 3)؛ أظهرت نتائج تحليل البيانات ان 26 % من مجموع المحاولات نجحت في اغتيال الجهة المستهدفة بينما فشل المحاولات باغتيال الجهة المستهدفة بلغ 74% من مجموع المحاولات في منطقة درع الفرات (الشكل رقم 5). تبين من خلال الرصد ان 10 محاولات قامت بتنفيذها غرفة عمليات غضب الزيتون بينما بقيت 36 حالة مجهولة المنفذ (الشكل رقم 6).
كما تشهد منطقة عفرين أيضاً ذات المظاهر الدالة على الفلتان الأمني لا سيما من جهة "محاولات الاغتيال" خاصة بعد ظهور غرفة عمليات سميت "غضب الزيتون" التي أصدرت بياناً توضح به عدم تبيعتها لأي جهة سياسية أو عسكرية؛ وأنها لن تتعامل مع العناصر كأسرى حرب إنما سيتم تصفيتهم ميدانياً حتى "تحرير" عفرين. ([4]) إذ نفذت غرفة عمليات "غضب الزيتون" 20 محاولة اغتيال خلال فترة الرصد الممتدة من تموز حتى نهاية أيلول 2018 كلها حققت أهدافها وأدت إلى موت الجهة المستهدفة وكانت أداة التنفيذ متشابهة في جميع حالات الاغتيال وهي الإطلاق الناري[5].
وفقاً للتقرير السابق فقد شهدت منطقة إدلب وما حولها عمليات اغتيالات واسعة لاسيما في شهر نيسان 2018 واستهدفت جهات مدينة بالإضافة إلى مقاتلين من الجبهة الوطنية للتحرير، هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى تم تصنيفها كفصائل متطرفة مثل تشكيل "حراس الدين"؛ بينما بلغت الاغتيالات خلال الفترة المدروسة في هذا التقرير 93 حالة اغتيال خلال الربع الثالث من العام 2018 بلغت أقصاها في شهر أيلول حيث بلغت المحاولات 45 محاولة اغتيال، بينما بلغت في تموز 28 محاولة، وجاء ثالثا شهر أب ب 20 محاولة؛ الشكل رقم (8)
ويوضح تحليل البيانات الخاصة بإدلب وما حولها أن الجهات المدنية هي الأكثر استهدافاً في منطقة إدلب وما حولها ب 47 محاولة اغتيال، في حين حلت هيئة تحرير الشام في المرتبة الثانية ب 36 محاولة اغتيال شملت العسكريين والشرعيين، تليهم ثالثا الجبهة الوطنية للتحرير ب 10 محاولات (الشكل رقم 9)؛ وأن 84 محاولة نفذت بالتساوي من حيث أداة التنفيذ، حيث قام منفذو عملية الاغتيال باستخدام الأدوات التالية (إطلاق ناري – عبوة ناسفة – لغم ارضي – طعن) لتنفيذ عملياتهم، وتشير البيانات الى وجود 42 محاولة نفذت بإطلاق ناري ومثلها بعبوة ناسفة بينما نفذت 4 محاولات عن طريق اللغم الأرضي و5 محاولات نفذت بطعن الجهة المستهدفة (الشكل رقم 10)؛
وفيما يتعلق بنتيجة محاولات الاغتيال، تظهر البيانات ارتفاع نسبة المحاولات الناجحة مقارنة بتلك الفاشلة، إذ بلغت نسبة المحاولات التي نجم عنها موت المستهدف 65%، مقارنة بـــ 35% فشلت في قتل الجهة المستهدفة؛ أي أن ثلث المحاولات فاشلة، (الشكل رقم 11).
هيئة تحرير الشام كجهة مُستهدَفة أو مستهدِفة فتوضح البيانات أن أكثر المحاولات الحاصلة منفذها مجهول وغير معروف بينما نفذت هيئة تحرير الشام محاولتين اغتيال؛ كما امتاز شهر تشرين الأول\أكتوبر باستهداف قيادات معروفة في صفوف الهيئة وأغلبهم كان من التيار الأجنبي المعروف بأنه الأكثر تشدد والذي أبدى اعتراض واضح على اتفاق إدلب الأخير في اجتماعات الهيئة التي حصلت بعد الاتفاق، حيث بلغ مجموع المحاولات في تشرين الأول 26 محاولة نفذ منها 18 محاولة في إدلب و6 محاولات في حلب ومحاولتين فقط في حماه.؛ واستهدِفت هيئة تحرير الشام ب 17 محاولة، تلاها الجهات المدنية ثانيا ب 5 حالات ثم الجبهة الوطنية للتحرير ب 4 حالات كما هو واضح في (الشكل رقم 12)؛ تلك المحاولات التي استهدفت بها الهيئة خلال شهر تشرين الأول كانت 7 محاولات لقيادات اجنبية و3 لقيادات محلية، بينما بلغت 4 محاولات للمقاتلين الأجانب مقابل 3 حالات للمقاتلين المحليين.
تفيد القراءة الأولية لنتائج تحليل البيانات بجملة من الخلاصات التي من شأنها التأكيد على تنامي عوامل التدهور الأمني ومؤشرات البيئة غير المشجعة للاستقرار؛ كما تؤكد تلك النتائج على فشل القوى الفاعلة في تطوير أدواتها وقدرتها للحد من هذه العمليات وكشف ملابساتها ومسبباتها؛ ناهيك عن أن تزايد مؤشرات حالة الفلتان الأمني في مناطق درع الفرات وعفرين على سبيل المثال فإنه سينعكس حتماً على سياسات التعافي المبكر ومتطلبات الاستقرار ويدعم كافة المقاربات المراهنة على فشل المعارضة في التصدي لتحدياتها الأمنية؛ فوجود جهاز موحد للشرطة الحرة غير كافي لفرض الأمن؛ إذ ينبغي العمل على تكثيف الجهود المتعلقة بالجانب الاستخباراتي لا سيما تلك المتعلقة بعمليات غرفة "غضب الزيتون" والذي يتطلب بدوره تطوير الموارد البشرية وزيادة كفاءتها، ناهيك عن تكثيف الحملات الأمنية ( والتي بدأت )
وبقراءة البيانات المتعلقة في منطقة ادلب وما حولها؛ فهي عموماً تشير إلى جملة من العوامل الدافعة إلى ارتفاع نسب الفوضى وتبرز بشكل جلي عدم قدرة الأجهزة المعنية بالعمل الأمني على اكتشاف منفذو الاغتيال ودوافعهم ومحاسبتهم؛ وهو أمر قد تعود مسبباته لانتشار خلايا نائمة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية او تابعة لاستخبارات النظام من جهة؛ ولملامح اقتتال داخلي نوعي عابر للعناصر العسكرية ويصل إلى استهداف المدني من جهة ثانية؛ وفيما يتعلق ب "حرب الاغتيالات داخل الهيئة" فإنه لا يمكن اعتبارها إلا حرب سلطة خصوصا بين تيارين (العناصر المحلية والعناصر الأجنبية) من جهة ثالثة. إذاً توضح عمليات الاغتيال وازدياد نسبها في مناطق درع الفرات وعفرين وإدلب الهشاشة الأمنية في هذه المناطق.
ملحق جدول الاغتيالات ضمن نسخة التحميل..
([1]) وفيما يتعلق بمصادر التقرير فهي على الشكل التالي: 1) نقاط الرصد الخاصة لوحدة المعلومات في الشمال المحرر. 2) التقرير الأمني الخاص من مكاتب منظمة إحسان الإغاثية في الشمالي المحرر؛ 2) الحسابات الرسمية للجهات التي تم استهدافها (الجبهة الوطنية، هيئة تحرير الشام، حراس الدين وغيرها)؛ 3) الحسابات الرئيسية للوكالات المحلية التي تقوم بتغطية الأحداث في محافظة إدلب وما حولها.
([2]) توضيح: التقرير يقوم برصد محاولات الاغتيالات كافة بغض النظر عن نجاحها أو عدمه
([3]) "قراءة أولية ... الاغتيالات في مناطق المعارضة والفصائل الجهادية خلال النصف الأول لعام 2018"؛ تقرير خاص صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ 8/يوليو/2018، الرابط: https://goo.gl/r3GhmM
([4]) وهي وفقاً لتعريفها عن نفسها مجموعة من شباب وشابات عفرين، ويعتقد بأنها تتبع للوحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي يقومون باغتيال المقاتلين الاتراك المتواجدين في المنطقة بالإضافة إلى المقاتلين المحليين المدعومون من تركيا وتدعي هذه المجموعة عبر صفحتها الرسمية قيامها خلال فترة شهري حزيران واب بتنفيذ 26 عملية قتلت من خلاله 45 مقاتل وجرحت 43؛ للاطلاع والتعرف على هذه المجموعة انظر الرابط: http://www.xzeytune.com
([5]) وفيما يلي أبرز الاغتيالات التي تبنتها "غضب الزيتون" مؤخراً: حزيران 2018: اغتيال الناشط الكردي "أحمد مستو" في منطقة عفرين بريف حلب؛ تموز 2018: اغتيال ثلاثة مقاتلين من فرقة السلطان مراد في عفرين؛ آب 2018: اغتيال المدعو عكاش حجي أحمد علي، في قرية دير صوان، بمقاطعة عفرين؛ أيلول 2018: اغتيال أحد عناصر فرقة الحمزة في الجهة الشرقية من منطقة عفرين
تعد قضية النزوح الداخلي إحدى أبرز القضايا الإنسانية التي تعكس تبعات النزاع الدائر في سورية منذ بداية عام 2011. بعد أن اضطر السكان المحليين في العديد من المناطق لمغادرتها في رحلة نزوح قسري، أججها تصاعد وتيرة العمليات العسكرية والاستهداف الممنهج للمدنيين من قبل قوات النظام السوري وحلفائه بحثاً عن مناطق أكثر أمناً داخل سورية. ومع توالي سنوات النزاع ازداد عدد الأفراد النازحين من شتى المناطق ليصل إلى ما يقارب (6.784) مليون نازح في نهاية عام 2017، وليمثل الأطفال تقريباً ما لا يقل عن نصف هذا العدد. وبذلك أصبحت سورية وفقاً للعديد من التقارير الدولية البلد ذات العدد الأكبر من النازحين داخلياً في العالم. مع بلوغ حجم التمويل المطلوب لتلبية احتياجات النازحين داخلياً مبلغ (5.3) مليار دولار أمريكي وفقاً لخطة الاستجابة الاستراتيجية للأزمة السورية التي وضعتها الأمم المتحدة لعام 2018.
ولم يعد يخفى على المتابع للحالة السورية الوضع الصعب الذي تعيشه هذه الكتلة البشرية من النازحين على مختلف الصعد بعد أن تناقلت وسائل الإعلام معاناتهم على نطاق واسع. فمع افتقادهم المأوى وظروفهم الاقتصادية الصعبة اضطرت نسبة كبيرة منهم مرغمة للعيش في مخيمات تفتقد لأدنى مقومات الحياة الكريمة، والتي تصنف غالبيتها كمخيمات عشوائية بناها النازحون أنفسهم لتوفير مأوً مؤقت، ويصنف قاطنيها بكونهم من النازحين الأشد فقراً الذين ضاقت ذات يدهم لتأمين المسكن المناسب في مناطق نزوحهم.
ومع استطالة سنوات النزاع شكلَّت هذه المخيمات مستوطنات واسعة الامتداد ازداد أعداد النازحين فيها يوماً بعد آخر. مع افتقار غالبيتها إلى الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والصرف الصحي وغيرها من الخدمات الحياتية الأخرى. إلا أن التحدي الأكبر الذي يواجه سكان هذه المخيمات يتمثل في تأمين سبل عيشهم مع طول أمد وجودهم في هذه المخيمات وفي ظل غياب فرص العمل وقلة الدعم المقدم من قبل الجهات المانحة التي اقتصر دعم الكثير منها على تقديم بعض السلال الغذائية والصحية، مع وجود بعض المبادرات المحدودة لنشر سبل العيش ضمن هذه المخيمات. إلى جانب أن الكثير من العائلات المقيمة في هذه المخيمات تفتقد المعيل مما يفاقم من بؤسها واحتياجها. حيث تعتمد نسبة منهم على المساعدات المقدمة من قبل المنظمات الإغاثية لتأمين الاحتياجات الأساسية بحيث تسهم هذه المساعدات في تغطية جزء من نفقات هذه العائلات، إلا أن الكثير منهم يواجه تحديات خطيرة بسبب عدم الوصول المنتظم للمساعدات الإنسانية وبسبب عدم كفاية الموارد لدى المنظمات الداعمة، مما يجعل العديد من العائلات تكافح جاهدة من أجل إيجاد مصدر لكسب الرزق، وهو أمر يرتبط بقضايا عمالة الأطفال والزواج المبكر المستمرة في هذه المخيمات. في حين يعتمد البعض منهم على مساعدات الأقارب والسحب من مدخراتهم الشخصية. كذلك يوجد نسبة لا بأس بها من هؤلاء السكان تعتمد على نفسها لتأمين سبل عيشها من خلال مزاولة بعض الأعمال الحرة مستفيدين من خبراتهم المهنية السابقة قبل نزوحهم من مناطقهم. وتتركز هذه الأعمال بشكل أساسي على الحرف اليدوية مثل مهن الحلاقة والخياطة والإكسسوارات. إلى جانب ذلك يعتمد بعض سكان المخيمات على العمل في الحقول الزراعية المجاورة لهم كعمال مياومه بأجور بخسة نظراً لحاجتهم الماسة لتأمين متطلبات المعيشة. كذلك تبرز ظاهرة الباعة الجوالون بين المخيمات للمتاجرة بالبضائع والسلع الجديدة والمستعملة، ورغم محدودية المكاسب المحققة من هذه الأعمال إلا أن امتهانها من قبل العديد من النازحين أسهم في تغطية جزء من نفقاتهم المعيشية.
بناءً على ما سبق، فإن طرح قضية تنمية سبل العيش لسكان هذه المخيمات في الوقت الحاضر أصبح من الأهمية بمكان، بعد أن اقترب النزاع داخل سورية من نهايته، وبعد أن تحولت العديد من المخيمات إلى مدن وقرى صغيرة تعج بالحياة وتستلزم من ساكنيها السعي نحو تأمين الرزق لمواصلة حياتهم وتأمين متطلبات أسرهم، وخاصة تلك المخيمات المقامة في ريف حلب الشمالي ومحافظة إدلب والتي يتجاوز عدد سكانها المليوني نازح.
غير أن هناك مجموعة من المعوقات التي تقف في وجه تنمية سبل المعيشة داخل هذه المخيمات، ويتمثل أبرزها في الوضع النفسي والاجتماعي للأفراد القاطنين في المخيمات وشعورهم بالخوف وعدم الأمان من البيئة المحيطة وعدم القدرة على التكيف في إطارها، وبالتالي غياب الحافز لديهم للقيام بأي نشاط في سبيل تأمين معيشتهم نتيجة للصدمات النفسية التي لم يتمكن الكثير منهم من التعافي منها بعد، وركون الكثير منهم إلى الاعتماد على المساعدات المقدمة من المنظمات الداعمة أو الاعتماد على عمل أطفالهم. إلى جانب عدم استقرار الأفراد داخل هذه المخيمات لأسباب متعددة. كذلك يعد عدم وجود جهات رسمية داعمة لتأسيس سبل العيش داخل المخيمات، وعدم إدراج سبل العيش على سلم أولويات عمل المنظمات الداعمة من بين المعوقات الهامة لغياب فرص العمل للسكان، مع وجود مبادرات محدودة في هذا الصدد. أضف إلى ذلك عدم وجود المستلزمات المطلوبة للقيام بأي أعمال مدرة للدخل، في حين يمثل غياب سلطة رسمية للإشراف المباشر على هذه المخيمات معوقاً إضافياً لتنمية سبل العيش، مع انفراد الإدارات المشرفة عليها باستخدام سلطتها لتنظيم حياة الأفراد القاطنين داخلها، وافتقادها للخبرة والإمكانيات وتبعيتها لبعض الفصائل العسكرية أو الولاءات القبلية.
وفقاً لما سبق، فإنه لا بد أن تتضافر جهود الفواعل المحلية والدولية المهتمة بالإشراف على هذه المخيمات. من خلال التعاون فيما بينها لبناء سياسات مستقبلية لتنمية سبل العيش عبر آليات وبرامج مدروسة تتناسب وظروف هذه المخيمات وقدرات ومؤهلات سكانها، وتذليل جميع المعوقات التي تعترض تنفيذ هذه البرامج. بحيث يمكن البناء عليها والاستفادة من مخرجاتها لدمج هؤلاء السكان في محيطهم الاجتماعي وانتشالهم من دوامة الفقر والتقليل من اعتمادهم على المساعدات الإنسانية، وبما يعزز من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لهم في مناطق تواجدهم.
المصدر موقع السورية نت: http://bit.ly/2TDL8sn
أجريت انتخابات الإدارة المحلية في أيلول 2018 وذلك لأول مرة منذ اندلاع الحراك الاحتجاجي في 2011، وذلك في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، في حين تم تفعيل الإجراءات القانونية والآليات التنظيمية اللازمة في المناطق التي ما تزال خارج سيطرة النظام، لتعلن النتائج ويصار إلى اعتمادها وإعلانها لاحقاً بمرسومين صادرين عن رئيس السلطة التنفيذية. بغض النظر عن مصداقية الانتخابات ومدى شرعيتها وما اعتراها من مخالفات قانونية وتناقض في الأرقام المتداولة، إلا أنها توضح الآلية والعقلية التي يدير بها النظام المحليات، كما أنها تفصح عن الشبكات المحلية الناشئة للنظام وما هي القوى الوافدة إلى هذه الشبكات، كذلك تكشف عن توجهات النظام للتعامل مع استحقاقات المرحلة المقبلة وما هي التحولات التي طالت بعض هياكل النظام الرسمية.
من هنا تستعرض هذه الورقة التحليلية إدارة النظام للمحليات في سياقات مختلفة، وما هي التغيرات التي طرأت عليها منذ تولي حافظ الأسد السلطة إلى استلام بشار الأسد سدة الرئاسة، وصولاً إلى اندلاع الحراك الاحتجاجي وانتهاء باستعادة النظام السيطرة على عدد من المحليات بفعل التدخل الروسي والدعم الإيراني المباشرين، ليصار إلى تسليط الضوء على انتخابات الإدارة المحلية لما تتضمنه من مؤشرات على آلية النظام وعقليته في إدارة المحليات، وذلك من خلال التطرق إلى إدارة النظام للعملية الانتخابية والسياق الذي جرت فيه، وتحليل أبرز المؤشرات التي كشفت عنها نتائج الانتخابات، وتداعياتها المحتملة على الاستقرار الاجتماعي.
اعتمد نظام البعث المركزية كنمط والقبضة الأمنية كأداة لإدارة المحليات، في حين لجأ إلى اختراقها عبر نشر شبكات المحسوبية المحلية، والتلاعب بها بإثارة التنافس بين نخبها المحدثة والقديمة وإدارته، وفي حين حافظت الترتيبات على فعاليتها في عهد حافظ الأسد، بدأت بالتضعضع في عهد بشار الأسد وهو ما ظهر بعجزها عن احتواء حراك المحليات 2011، الأمر الذي دفع النظام إلى تبني تكتيكات مؤقتة تصب في استراتيجيته الرامية إلى إعادة بناء منظومة التحكم والسيطرة عبر تبني النموذج القديم لإدارة المحليات مع إجراء تعديلات طفيفة عليه.
أدرك نظام البعث بأن استقراره في الحكم يستلزم منه اختراق المجتمعات المحلية والهيمنة عليها وإحكام السيطرة على الدولة، لتكون المركزية المعززة أمنياً خيار البعث في إدارة المجتمع والدولة، وفي حين نجحت هذه المقاربة بتأمين استقرار نسبي للنظام، فإنها تسببت بتآكل الحوكمة وسخط المحليات.
سعى نظام البعث منذ استيلائه على السلطة 1963 إلى استبدال طبقة الوجهاء المحليين التي كانت متحكمة بالسياسات المحلية عقب الاستقلال بأخرى موالية له من ذوي خلفيات ريفية، وقد مارس هؤلاء نفوذهم المحلي الذي أتيح لهم باعتبارهم وكلاء للمركز، وساهموا من خلال شبكات المحسوبية والزبائنية التي شكلوها واستثمروا بها بتعزيز هيمنة النظام على المحليات، حيث أصبح بمقدور الوجيه القروي المنتمي لأحد تشكيلات النظام الرسمية وشبه الرسمية (حزب البعث والاتحاد الفلاحي)، الانتفاع بالموارد التي أتاحها له النظام شخصياً ولصالح شبكاته الزبائنية، لكنه بالمقابل توجب عليه إنفاذ توجهات النظام في قريته وحشد الدعم له إن لزم الأمر عبر توظيف مكانته المجتمعية وتفعيل شبكاته الزبائنية.[1]
لجأ النظام إلى تنظيم الإدارة المحلية بشكل مركزي عبر إصدار قانون الإدارة المحلية رقم 15 لعام 1971 وما أعقبه من مراسيم تشريعية وقوانين مكملة[2]، والتي أوجدت هياكل هرمية متمركزة تنحدر جميعها من قيادة النظام نزولاً إلى القرية أو الحي، حيث يعتبر المحافظ المعين بمرسوم صادر عن الرئيس ممثل السلطة التنفيذية على مستوى المحافظة والمسؤول عن أعمال وحدات الإدارة المحلية والإدارات التابعة للوزارات والقطاع العام على مستوى المحافظة[3]، كذلك وظف النظام الأطر الإدارية على المستوى المحلي كقنوات لإدارة التنافس المحلي بين الوجهاء المحدثين والقدامى، من خلال تعيينهم في عضوية مجالس الوحدات الإدارية دون إسناد أي صلاحيات يعتد بها لهم في مجال صنع القرار، والتي بقيت حكراً على دمشق.[4]
علاوةً على ما سبق، قام النظام باختراق المحليات بواسطة ثلاثي البعث ورجل الدين والمخبر المحليين، حيث شغل البعثين مكانة متميزة في عضوية مجالس الوحدات الإدارية[5]، كما تولوا مهام التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية في وحداتهم الإدارية عبر أمناء الفروع، كذلك مراقبة الوحدات المحلية بما أتاحه لهم القانون من صلاحيات[6]، بالمقابل لعب بعض رجال الدين المحليين دوراً في الترويج لخطاب النظام وحشد أنصاره لدعمه عند الضرورة، ليتولى المخبر المحلي مهمة مراقبة المحليات سكاناً وإدارة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والتي تقاسمت فيما بينها وفق ترتيب أقرته قيادة النظام مسؤولية الإدارة الأمنية للمحليات، فكان أن عهد للأمن السياسي الإدارة الأمنية لمدينة التل في ريف دمشق، أما أمن الدولة فكانت له الصدارة في إدارة ملف الحسكة والقامشلي، لتكون المخابرات الجوية الفرع الأقوى في إدارة مدينة حمص.[7]
غلب النظام اعتبارات السيطرة والتحكم في ترتيباته المحلية على اعتبارات الحوكمة، حيث ساعدته هذه الترتيبات على ترسيخ حكمه وحمايته في مواجهة هزات تعرض لها سيما في حقبة الثمانينات، لكنها بالمقابل أفضت إلى مركزية شديدة تعوزها الكفاءة ويغلب عليها الفساد ومنفصلة عن مصالح المحليات.
تآكلت ترتيبات إدارة المحليات في عهد بشار الأسد في سياق تقوض العقد الاجتماعي وتطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي، وهو ما زاد من سخط المحليات معبرة عن ذلك باحتجاجات محلية معزولة تم التعامل معها، لينفجر الموقف بحراك المحليات 2011 وخروج عدداً منها عن السلطة المركزية، ليلجأ النظام إلى تبني تكتيكات مؤقتة مكنته من إعادة بناء ترتيباته المحلية بتغليب اعتبارات التحكم على الحوكمة في إدارته للمحليات.
تولى بشار الأسد السلطة بحلول 2000، وكان عليه التعامل مع التركة الحرجة التي ورثها عن ابيه فيما يتعلق بحالة الانسداد السياسي وأزمتي النمو الاقتصادي والتنمية وتأكل الحوكمة في الدولة، ليلجأ إلى معادلة الاقتصاد أولاً عبر تبني إجراءات لتحرير الاقتصاد بغية رفع معدلات النمو واسترضاء النخبة الصاعدة من رجال الأعمال، ويمكن ملاحظة ذلك بثورة المراسيم والتشريعات الاقتصادية (بلغت 1200 مرسوم وقرار بين 2000-2005[8]) التي أعادت تعريف الدور الاقتصادي للدولة، وعززت من دور ممثلي التيار التحريري (مؤيدو ورجال القطاع الخاص الذين توزعوا على تحالفين رئيسين هما شام القابضة ([9]) وسورية القابضة ([10])) وحلفائهم في الإدارة والاقتصاد.
انعكس التحول السابق بتعطيل تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة (2006-2010) المصاغة وفق نموذج تحريري للاقتصاد محكوم بضوابط تنموية وبمقاربة إصلاح مؤسساتية، حيث تم حذف شق الإصلاح المؤسسي منها وعرقلة تنفيذ ما تبقى رغم تبنيها وإقرارها بصيغتها المعدلة بالمؤتمر القطري العاشر لحزب البعث (حزيران/ 2005)، في حين تم تبني سياسات ليبرالية محابية لمصالح نخبة رجال الأعمال الجدد المتحالفين مع النظام.[11]
قاد هذا التحول إلى تراجع دور الدولة كمعيل وتقويض العقد الاجتماعي الذي قام عليه النظام، كما ساهم التحرير الاقتصادي ببروز حلفاء لرجال الأعمال على المستوى المحلي، كذلك تقليص دور البعث والمنظمات المتفرعة عنه لصالح دور متزايد للجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية[12]، والمحصلة تقويض الترتيبات المحلية التي أرسى دعائمها حافظ الأسد سابقاً، وهو ما انعكس بتغير موازين القوى داخل المحليات وتزايد سخطها تجاه إدارة دمشق، الأمر الذي ظهرت مؤشراته بمواجهات معزولة النطاق بين ممثلي السلطة المركزية والسكان المحليين كما حصل في معربا 2006[13] والرحيبة 2009[14] على سبيل المثال.
تجاهلت قيادة النظام تقارير الأجهزة الأمنية بخصوص سخط السكان المحليين ومطالب المحليات، أو ربما أخفت تلك الأجهزة الوقائع وتلاعبت بالتقارير المرسلة للقيادة[15]، وتخلص كلا الروايتين لنتيجة مفادها عدم إدراك القيادة لحالة الاحتقان القائمة في المجتمع السوري والسخط المتراكم تجاه إدارة النظام وقياداته، وهو ما دفع بشار الأسد للقول بأن سورية محصنة ضد ما حدث في مصر وتونس.[16]
أخطأت قيادة النظام في قراءة الموقف وفشلت محاولاتها في احتواء حراك المحليات، عبر تفعيل شبكاتها المحلية والاعتماد على الوجهاء المحليين ممن فقدوا كثيراً من نفوذهم خلال السنوات السابقة، وكذلك عبر إصدار المرسوم التشريعي رقم 107 المتضمن قانون الإدارة المحلية لعام 2011 بغية استرضاء المحليات ولكن دون جدوى، حيث خرجت العديد من المحليات عن سلطة دمشق وأوجدت بدورها هياكل حوكمية مفرطة بلامركزيتها وطابعها المحلي، وهنا لجأ النظام إلى تكتيكات مؤقتة لإدارة المحليات سواء في المناطق التي بقيت خاضعة لسيطرته أو تلك التي خرجت عن سيطرته، حيث وسع النظام في مناطقه على نحو كبير عدد الوسطاء المحليين_ كل من يقوم بدور الوسيط بين المجتمع المحلي والسلطة المركزية، وغالباً لا ينتمون لمؤسسات رسمية بمعنى رجل الدين المحلي وكبار العائلات وقيادات العشائر هم وسطاء محليين_ لمساعدته على التصدي إلى الديناميكيات المتغيرة بسرعة للنزاع[17]، كما لجأ إلى تدمير البدائل[18] التي نشئت في المحليات سواءً من خلال التشويش عليها إدارياً وخدمياً وإبقاء السكان المتواجدين فيها معتمدين عليه فيما يتعلق بالحصول على الخدمات الأساسية التي توفرها مؤسسات الدولة كالوثائق الرسمية، أو بتشكيل شبكات محلية موازية في مناطق سيطرة المعارضة مكونة من تكنوقراط وبعثيين سابقين وتجار محليين وقادة دينيين، وتوظيفهم لإيجاد رأي عام محلي مؤيد وداعم لعودة النظام كما حدث في مناطق المصالحات المحلية كمدينة التل، أو بتدمير الهياكل الحوكمية بواسطة الحصار والتدمير العسكري كما حصل في شرق حلب على سبيل المثال.
تمكن النظام من استعادة السيطرة على العديد من المحليات عقب التدخل الروسي، بواسطة القوة العسكرية وتكتيكات الحصار، أو عبر المصالحات المسبوقة بإجراءات عسكرية، وكان يلجأ النظام عقب سيطرته على المحلة إلى تفكيك شبكات المعارضة المحلية وهياكلها التي كانت قائمة باعتبارها مصدر تهديد محتمل، مع الإبقاء على عناصرها كأفراد ممن قاموا بتسوية أوضاعهم أمنياً وتوظيفهم في إجراءات انتقالية ذات طبيعة أمنية، لحين تمكنه من إعادة فرض هياكله وترتيب شؤون المحلة وفق قواعد اللعبة القديمة ذاتها، أي عودة الإدارة الأمنية للمحليات، واختراقها من خلال شبكات المحسوبية المحلية التي توسعت بضمها وافدين جدد من تجار وقادة ميليشيات ورجال دين ووجهاء محليين برزوا خلال الصراع، كذلك ربط المحليات بالمركز من خلال هيمنة البعث على إداراتها المحلية.
يلقي مثال مدينة التل في ريف دمشق الضوء على هذه الديناميكية، حيث قام النظام بحصار المدينة عقب خروجها عن سيطرته منذ منتصف 2012، وجعلها تعتمد عليه خدمياً وإدارياً بما قوض من فرص نجاح معارضتها بتشكيل إدارة محلية ناجحة، وقد وظف النظام هذه الاعتمادية لتعزيز مواقع المواليين له داخل المدينة ممن شغلوا عضوية لجنة المصالحة المحلية (تشكلت بحلول 2013) إلى جانب وجهاء محليين لم يكونوا محسوبين على النظام، وحينما قرر النظام استعادة المدينة لجأ إلى استعراض قوته العسكرية واستثارة الرأي العام المحلي ضد فصائل المعارضة المحلية عبر مواليه، ليتم التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية 2016 يقضي بخروج فصائل المعارضة المحلية غير الراغبين بتسوية أوضاعهم إلى إدلب، في حين تم استيعاب جزء ممن قاموا بتسوية وضعهم بترتيبات أمنية محلية "لجنة حماية مدينة التل" والتي لم تعمر طويلاً، حيث تم حلها مع عودة جهاز الشرطة والأمن السياسي لممارسة مهامهم في المدينة، كما قام النظام بترميم شبكته المحلية عبر ضم قوى جديدة لها من وجهاء محليين وممثلي عائلات كبرى ومتزعمي ميليشيات محلية برزوا خلال الفترة السابقة والإقرار بدورهم كوسطاء بينه وبين أهالي المدينة، ليتوج النظام سيطرته بهيمنة البعث على مقاعد مجلس مدينة التل ومكتبها التنفيذي.[19]
أجريت انتخابات الإدارة المحلية في أيلول 2018 لأول مرة منذ اندلاع الحراك الاحتجاجي، وذلك في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، في حين تم تفعيل الآليات القانونية واتخاذ الإجراءات التنظيمية اللازمة لاختيار ممثلين عن المناطق التي لا تزال خارج سيطرة النظام، لتسفر النتائج عن تصدر البعث ونجاح إيران في الولوج إلى عملية صنع القرار المحلي.
أجريت انتخابات الإدارة المحلية يوم السادس عشر من أيلول 2018 بمشاركة ما يزيد عن 40 ألف مرشح، تنافسوا على عضوية 18478مقعداً يشكلون بمجموعهم 1444 مجلساً، لتكون الانتخابات الأولى من نوعها منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية 2011، والتي بدء الاستعداد لها على الصعيدين القانوني والتنظيمي منذ حزيران 2018، تاريخ الدعوة لإجراء انتخابات محلية عقب تبلور معطيات سياسية وميدانية شجعت النظام على إجرائها.
أصدر بشار الأسد المرسوم رقم 214 القاضي بتحديد 16 من أيلول 2018 موعداً لانتخاب أعضاء المجالس المحلية[20]، وسبق هذا الإعلان إصدار المرسوم التشريعي رقم 172 القاضي بتعيين اللجنة القضائية العليا للانتخابات[21] باعتبارها المسؤولة عن الإشراف على انتخابات مجالس الإدارة المحلية بموجب المواد رقم (8-17) من قانون الانتخابات العامة رقم 5 لعام 2014.[22]
جاء الإعلان عن الانتخابات في سياق تعزز الموقفين السياسي والميداني للنظام على حساب المعارضة وربما تم بإيحاء روسي، أما الأهداف المتوخاة من إجراء الانتخابات فمتعددة ومنها: [23]
اُستكملت الاستعدادات لإجراء الانتخابات بإصدار الحكومة ووزارة الإدارة المحلية والبيئة عدة قرارات وإجراءات تنظيمية وإدارية تتصل بتحديد نسب تمثيل الفئات والدوائر الانتخابية وعدد أعضاء مجالس الوحدات الإدارية [24]، لتباشر اللجان الانتخابية عملها في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، في حين تم تشكيل لجان لمحافظتي الرقة وإدلب في محافظة حماة من قضاة ينتمون للمحافظتين، وفيما يتعلق بإجراء الانتخابات في المناطق التي تم استعادتها ولم يسمح لسكانها بالعودة إليها بعد، فقد أشار رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات إلى مسؤولية وزارة الإدارة المحلية والبيئة لوجستياً عن تحديد المراكز الانتخابية بالتنسيق مع اللجنة كما حدث سابقاً في الانتخابات التشريعية.
بلغ عدد طلبات الترشيح لعضوية مجالس الوحدات الإدارية نحو 49096، تم قبول 41482 منها ممن استوفوا الشروط القانونية المنصوص عليها في اللوائح والقوانين الناظمة للانتخابات[25]، وتفيد قراءة حركة الترشح بارتفاع غير مسبوق لطلبات الترشح في الأيام الأخيرة من المدة القانونية المعلن عنها للترشح، وفي حين برر النظام ذلك بعدم استكمال الراغبين بالترشح للأوراق والمستندات القانونية المطلوبة، أفادت رواية أخرى بانخفاض سقف توقعات السكان تجاه هذه الانتخابات ولامبالاتهم حيالها، وهو ما دفع حزب البعث إلى حث أعضائه على الترشح للتدليل على الإقبال الشعبي على هذه الانتخابات.[26]
أدلى ما يزيد عن 4 مليون ناخب[28] بأصواتهم في الانتخابات من أصل 16.349.35، أي ما نسبته 25% ممن يحق لهم التصويت[29]، في حين تفاوتت نسبة المشاركة على مستوى المحافظات فلم تتجاوز حاجز 30% في محافظة حمص[30]، في حين بلغت حوالي 50% في محافظتي طرطوس[31] وحماة[32]، ويعزى سبب انخفاض المشاركة عموماً إلى غياب أجواء المنافسة عقب صدور قوائم "الوحدة الوطنية" للبعث، فضلاً عن انخفاض سقف توقعات الناخبين من مجالس الإدارة المحلية في ظل هيمنة المركز على قراراتها وتحكمه بتمويلها وضعف صلاحياتها، ليتم إعلان النتائج الرسمية واعتمادها لاحقاً بإصدار المرسوم رقم 3044 المتضمن أسماء أعضاء مجالس المحافظات الفائزين بانتخابات الإدارة المحلية، وكذلك المرسوم رقم 305 المتضمن أسماء أعضاء مجالس مدن مراكز المحافظات الفائزين في انتخابات الإدارة المحلية.[33]
أظهرت نتائج الانتخابات وتشكيل المكاتب التنفيذية لمجالس الوحدات الإدارية هيمنة البعث عليها، بينما ولجت إيران في عملية صنع القرار المحلي، هذا وعكست النتائج تغليب النظام اعتبارات التحكم والسيطرة على الحوكمة في إدارته للمحليات، بما يمهد الطريق لحدوث اضطرابات جديدة.
أسفرت نتائج الانتخابات عن هيمنة البعث على مجالس الوحدات الإدارية ومكاتبها التنفيذية، وقد سبق ذلك تغيرات طالت المفاصل التنظيمية للحزب وأعضاء قياداته على مدى سنوات الأزمة، لتتوج عقب الانتخابات بتعديلات جوهرية شملت النظام الداخلي للبعث وهيكليته، لتشكل هذه الترتيبات رافعة لتعويم دور البعث كقائد للدولة والمجتمع للتعاطي مع الاستحقاقات القادمة، لكن بدون إقرار دستوري.
مُنح حزب البعث وضعاً استثنائياً بوصفه "قائداً للدولة والمجتمع" بموجب المادة 8 من دستور 1973، حيث تم توظيف الحزب ضمن البنية السلطوية للنظام باعتباره أداة للرقابة وشبكات الوصاية[34]، في حين شهد دوره تراجعاً ملحوظاً في عهد بشار الأسد مع تنامي حضور التكنوقراط ورجال الأعمال، لتظهر لحظة 2011 مدى تآكل دور الحزب مع عجز قياداته وشبكاته الزبائنية على المستوى المحلي عن احتواء الحراك الناشئ، كذلك انحسار دوره لصالح تزايد دور مؤسستي الجيش والأمن اللتين تصدرتا المشهد للتعاطي مع الحراك.
فقد الحزب مكانته الاستثنائية كقائد للدولة والمجتمع بإقرار دستور 2012، واستمرت معاناة البعث بانهيار هياكله تدريجياً على مستوى المحافظات والمناطق بفعل الحراك، كما خسر دعم قاعدته في العديد من المناطق التي شهدت حركة احتجاجية كما في درعا وحمص[35]، ليجد الحزب نفسه معزولاً مجتمعياً وضعيفاً مؤسساتياً وبدور هامشي ضمن بنية النظام.
حاول البعث احتواء الضغوط وإعادة التأسيس لدوره من جديد من خلال تشكيل كتائب للبعث[36] وإشراكها بالمعارك كقوات رديفة إلى جانب قوات الجيش والتي لم توفق في مهامها بسحق المعارضة المحلية، كما عمل البعث على إعادة ترتيب صفوفه عبر إجراء تعديلات تنظيمية وتعيينات جديدة فيما سميت بــ "التنظيف الذاتي" وفق تعبير بشار الأسد[37]، والتي استكملت لاحقاً بإجراء تعديلات جوهرية (نيسان/2017) طالت أعضاء قيادته القطرية ولجنتيه المركزية والحزبية[38]، أعقبها حل القيادة القومية (أيار/ 2017)[39]، لتتوج هذه الإجراءات بتعديلات شملت النظام الداخلي للبعث خلال اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي في تشرين الأول 2018.[40]
أتاح تحول الموقفين الميداني والسياسي لصالح النظام عقب التدخل الروسي المجال أمام البعث لاستعادة زمام المبادرة داخلياً، مستفيداً من ميل النظام إلى تفعيل الأدوات المدنية والسياسية للتعامل مع استحقاقات المرحلة القادمة كإعادة الإعمار، ليبدأ البعث بترتيب أوراقه وحشد أدواته للتماشي مع التوجه الجديد للنظام، وذلك عبر تفعيل دوره المحلي من خلال تنشيط شبكاته المحلية واستقطاب أعضاء جدد ممن برز دورهم خلال الأزمة على الصعيد المحلي، وتمكين سيطرته على مجالس الوحدات الإدارية ومكاتبها التنفيذية من خلال الانتخابات المحلية، ويشار هنا إلى الدور المحوري لقيادات بعثية منها عمار الساعاتي عضو القيادة القطرية رئيس مكتب الشباب القطري في تنظيم ملف الانتخابات المحلية وإعداد قوائم "الوحدة الوطنية" بمعزل عن الحلفاء في الجبهة الوطنية التقدمية ممن أبدى بعضهم تذمره من إقصائية البعث[41]، وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية التي انحصر دورها في عملية فلترة وتصنيف المرشحين.[42]
أسفرت الانتخابات عن فوز قوائم "الوحدة الوطنية" بغالبيتها البعثية، ليواصل البعث هيمنته على مجالس الوحدات الإدارية عبر السيطرة على مكاتبها التنفيذية، مع ميله لتجديد الثقة بعدد من الرؤساء السابقين لمجالس الوحدات الإدارية[43]، ويكتمل مشهد هيمنة البعث على المحليات بانتماء جميع المحافظين إليه، ليؤكد النظام بسلوكه هذا تغليب اعتبارات الولاء والتحكم على اعتبارات الحوكمة.
ولجت إيران لعملية صنع القرار المحلي في عدد من المحليات، مستفيدة من أدواتها الخدمية وميليشياتها المحلية وتفعيلها للشيعة السوريين سياسياً على الصعيد المحلي، ولم يكن ذلك ليتم لولا موافقة النظام الضمنية، وبذلك أصبح لإيران إمكانية التأثير على استحقاقات المرحلة القادمة عبر قنوات رسمية دولتية.
وسعت إيران من نطاق انخراطها وتأثيرها في الجغرافية السورية، بحيث لم تقتصر على الميليشيات الشيعية الوافدة من وراء الحدود ومستشاريها من الأمنيين والعسكريين فقط، وإنما توسعت لتشمل السكان المحليين، حيث عملت إيران على الانخراط في شؤون المجتمعات المحلية مستفيدة من تآكل سلطة الدولة محلياً وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاهها لقلة مواردها، وقد وظفت طهران عدة أدوات لبناء نفوذ لها على صعيد المحليات، حيث وفرت عبر أذرعها الخدمية "جهاد البناء" والإنسانية "مركز الثقلين" مظلة من الخدمات المحلية والرعاية الاجتماعية، تركزت في مناطق تواجد الشيعة السوريين سيما في نبل والزهراء وكلا من ريف دمشق وحمص الغربي وفي حمص دمشق وحمص الغربي، كما استهدفت الأحياء والمناطق الفقيرة سيما في محافظتي حلب ودير الزور[44]، إضافة إلى تركيزها على مناطق انتشار منتسبي ميليشياتها من الدفاع المحلي[45]، ومن منتسبي الدفاع الوطني ممن تم حرمانهم من الامتيازات التي تقدمها الدولة "لذوي الشهداء" باعتبارهم تشكيلات رديفة وليست نظامية.[46]
كذلك لجأت إيران إلى تجنيد السوريين ضمن تشكيلات عسكرية تعرف بــ "الدفاع المحلي"، والتي يتركز انتشارها في محافظة حلب كفيلق المدافعين عن حلب ولواء الباقر ويغلب عليها المكون العشائري، وعلاوة على ما سبق قامت إيران بتعبئة المجتمعات الشيعية المحلية من خلال تجنيدهم بحركات كشفية أبرزها كشافة الإمام المهدي والولاية، وتأسيس تشكيلات عسكرية خاصة بهم كقوات الرضا في حلب ولواء الإمام الرضا في حمص، كذلك إنشاء المجلس الإسلامي الجعفري الأعلى في سورية في 2012.
تمكنت إيران وموالوها من نسج علاقات مع مسؤولي النظام المحليين من إداريين وبعثيين وكذلك الوجهاء المحليين خلال نشاطهم المحلي، حيث راعت إيران الترتيبات المحلية وعملت من خلالها، في حين تعاطى المسؤولون والوجهاء المحليون مع إيران وموالوها باعتبارهم القوة الأكثر تحكماً في محلياتهم، كما عملوا على توظيف الخدمات والموارد التي توفرها إيران لتعزيز مكانتهم محلياً ولدى مرؤوسيهم.[47]
استطاعت إيران استغلال علاقاتها الشخصية مع المسؤولين المحليين والبعثيين وثقلها المحلي لترشيح عدداً من مواليها لعضوية مجالس وحدات الإدارة المحلية، ولم يكن لهؤلاء المرشحين أن ينجحوا لولا موافقة النظام وبدعم مباشر من حزب البعث بحسب ما أفادت به بعض المصادر الصحفية[48]، وبذلك بات لإيران موطئ قدم في عدد من المحليات سيما تلك التي يتركز فيها نشاطها المحلي بشكل مباشر أو من خلال وكلائها من السوريين.[49]
يتيح انخراط إيران في المجتمعات المحلية لها إمكانية دمج هياكلها تدريجياً في صنع القرار المحلي، والتأثير عليه واستغلاله في عملية إعادة الإعمار، فضلاً عن إمكانية توظيفه مستقبلاً في الانتخابات البرلمانية.
أرسى النظام في عهد حافظ الأسد دعائم استراتيجية المركزة الأمنية في إدارة شؤون المحليات، كما عمل على اختراقها عبر نشر شبكات المحسوبية المحلية، والتلاعب بها بإثارة التنافس بين نخبها المحدثة والقديمة وإدارته، وفي حين حافظت الترتيبات على فعاليتها في عهد الأسد الأب ومكنته من تجاوز ضغوط محلية تعرض لها، فإنها بدأت بالتآكل في عهد بشار الأسد في سياق تقوض العقد الاجتماعي وتطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي، التي طالت بآثارها السلبية المحليات معبرة عن سخطها تجاه المركز باحتجاجات محلية معزولة النطاق تمكن النظام من احتوائها.
انفجر الموقف في 2011 بحراك المحليات الناقمة على السلطة المركزية إدارة وقيادة، وفشلت كل أدوات النظام وتنازلاته في احتواء الموقف، وعوضاً عن تصويب العلاقة بين المركز والمحليات واعتماد مقاربة تشاركية لامركزية كبديل للمركزية المقيتة التي كانت متبعة، لجأ النظام إلى تكتيكات تحكم وسيطرة مؤقتة لحين استعادته السيطرة على المحليات وإعادة ترتيب شؤونها وفق قواعد اللعبة القديمة ذاتها، أي عودة الإدارة الأمنية الإدارة الأمنية للمحليات، واختراقها من خلال شبكات المحسوبية المحلية التي توسعت بضمها وافدين جدد من تجار وقادة ميليشيات ورجال دين ووجهاء محليين برزوا خلال الصراع.
استكمل النظام تشييد ترتيباته المحلية بإجراء انتخابات الإدارة المحلية، بغض النظر عن مصداقية تلك الانتخابات وشرعيتها وما شابها من انتهاكات قانونية، وقد كشفت النتائج عن هيمنة البعث على المحليات من خلال سيطرته على عضوية مجالس وحدات الإدارة المحلية ومكاتبها التنفيذية، كذلك لجوء البعث إلى ترميم شبكاته المحلية بضم شخصيات مؤثرة محلياً، ليستمر البعث بلعب الدور القائد للدولة والمجتمع دون إقرار دستوري، وتأتي هيمنة البعث على المحليات وتعزيز دوره في مؤسسات الدولة في ظل مساعي النظام لإعادة تعويم دور الحزب داخلياً كأداة مدنية وسياسية للتعاطي مع استحقاقات المرحلة المقبلة.
كذلك كشفت النتائج عن ولوج إيران في المشهد المحلي السوري من خلال عضوية بعض مواليها لعدد من مجالس وحدات الإدارة المحلية، وقد حققت إيران مرادها بما بنته من نفوذ محلي شيدته بأدوات خدمية وعسكرية، تركز في مناطق انتشار ميليشياتها المحلية وفي المناطق المعدومة اقتصادياً، كذلك في مناطق انتشار الشيعة السوريين، ولم يكن لإيران أن تنجح بمسعاها لولا موافقة النظام الضمنية على نجاح مواليها، لتتمكن إيران بذلك من دمج هياكلها تدريجياً في عملية صنع القرار المحلي، والتأثير عليه واستغلاله في عملية إعادة الإعمار، فضلاً عن إمكانية توظيفه مستقبلاً في الانتخابات البرلمانية.
غلب النظام اعتبارات التحكم والسيطرة على اعتبارات الحوكمة في إدارته لشؤون المحليات، ويبدو بأنه لم يستوعب جيداً دروس سنوات الأزمة ونتائجها، وفي حين يمكن لهذه الترتيبات أن تنجح إلى حد ما بتأمين استقرار نسبي النظام، إلا أن بافتقادها للحوكمة والشرعية يهدد بحدوث اضطرابات اجتماعية جديدة، قد تحتاج وقتاً للتعبير عن نفسها بأشكال متعددة.
[1] فولكر بيرتس، الاقتصاد السياسي في سورية تحت حكم الأسد، رياض الريس للكتب والنشر، ط1 أذار/ 2012، ص 341
[2] أعاد القانون رقم 15 للإدارة المحلية النظر بالتقسيمات الإدارية المتبعة في سورية والقائمة على، محافظة، منطقة، بلدة، لتصبح وفق القانون الجديد: المحافظة، المدنية، البلدة، القرية، كما تم تطوير القانون (15) بتشكيل وزارة الإدارة المحلية بموجب المرســــــــوم التشريعي رقم 27 (آب 1971)، وإصدار اللائحة التنفيذية للقانون بموجب المرسوم رقم 2297 (1971)، والمرسوم التنظيمي رقم 1349 لعام 1972 وكذلك المرسوم رقم 283 لعام 1983.
[3] فولكر بيرتس، الاقتصاد السياسي في سورية تحن حكم الأسد، ص261.
[4] خضر خضور، الحروب المحلية وفرص السلام اللامركزي في سورية، مركز كارنيجي، تاريخ 28-03-2017، رابط إلكتروني https://bit.ly/2PatNYi
[5] تنص المادة (10) على أن المجالس المحلية تتكون من ممثلين عن الفئات التالية: (الفلاحين، العمال، الحرفيين، صغار الكسبة، المعلمين، الطلبة، الشبيبة، النساء، المهن الحرة التي تضم؛ الاطباء، الصيادلة، المهندسين، المهندسين الزراعيين، المحامين، أطباء الاسنان، رجال الفكر والفن والصحافة) بالإضافة إلى الفئات الأخرى وتشمل: موظفي الدولة وسائر الجهات العامة، العاملين في الحقول الاجتماعية والاقتصادية وغير ذلك من الفئات التي تحددها اللائحة التنفيذية، وهي تؤكد على أن لا تقل نسبة تمثيل الفلاحين والعمال والحرفيين وصغار الكسبة في المجالس المحلية عن 60%. وبما أن الحزب كان قد هيمن على كل الاتحادات، النقابات والمنظمات الشعبية في البلاد، فقد باتت نتائج الانتخابات المحلية معروفة سلفاً.
[6] للمزيد مراجعة، الإدارة المحلية في مناطق سيطرة النظام السوري، دراسة منشورة ضمن كتاب بعنوان حول المركزية واللامركزية في سورية بين النظرية والتطبيق، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ 28-09-2018، ص 163-164.رابط إلكتروني https://bit.ly/2N7mnQH
[7] حوارات أجراها الباحث مع سكان من هذه المناطق بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، تاريخ 18-10-2018.
[8] محمد الباروت، العقد الأخير في تاريخ سورية/ جدلية الجمود والإصلاح، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط1 2010، ص 48.
[9] شركة شام القابضة، موقع الاقتصادي، رابط إلكتروني https://bit.ly/2MA8ezS
[10] شركة سورية القابضة، موقع الاقتصادي، رابط إلكتروني https://bit.ly/2BuhiQg
[11] محمد الباروت، العقد الأخير في تاريخ سورية/ جدلية الجمود والإصلاح، ص 49-51.
[12] هايكو ويمن، مسيرة سورية من الانتفاضة المدنية إلى الحرب الأهلية، مركز كارنيجي، تاريخ 22-11-2016، رابط إلكتروني https://bit.ly/2guLsVt
[13] مواجهات بين الشرطة والمواطنين في معربا، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، تاريخ 04-04-2006، رابط إلكتروني https://bit.ly/2NOpHR8
[14] عساف عبود، بعد مواجهات مع الشرطة، عودة الهدوء لبلدة الرحيبة السورية، بي بي سي العربية، تاريخ 03-06-2009، رابط إلكتروني https://bbc.in/2RX25gx
[15] أطلع الباحث على عدة تقارير أمنية بخصوص وضع المحليات بحكم عمله سابقاُ في مركز الشرق للدراسات التي كانت ترد إلى إدارته مثل هكذا تقارير، وبحوار تم بين الباحث وأحد مسؤولي المركز قال الأخير؛ أن عقلية المسؤولين عن الأجهزة الأمنية تحول دون إيصال الصورة الحقيقة للواقع إلى القيادة مخافة أن يؤثر ذلك على مناصبهم".
[16] عادل الطريفي، رأي الأسد في الاحتجاجات المصرية والتونسية، الشرق الأوسط، تاريخ 02-02-2011، رابط إلكتروني https://bit.ly/2AheAMO
[17] خضر خضور، الحروب المحلية وفرص السلام اللامركزي في سورية.
[18] للمزيد مراجعة، خضر خضور، إمساك نظام الأسد بالدولة السورية مركز كارنيجي، تاريخ 08-07-2015، رابط إلكتروني https://bit.ly/2EtgyOt
[19] اعتمد الباحث على متابعته لملف مدينة التل بحكم كونه من سكان المدينة.
[20] المرسوم رقم /214/ لعام 2018 القاضي بتحديد السادس عشر من أيلول المقبل موعدا لإجراء انتخاب أعضاء المجالس المحلية، موقع رئاسة مجلس الوزراء السوري، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Cr9oYq
[21] سمور إبراهيم، الرئيس الأسد يشكل اللجنة القضائية العليا للانتخابات، موقع سيريانديز، تاريخ 24-05-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2ypCjJp
[22] تتولى اللجنة القضائية العليا للانتخابات الإشراف على الانتخابات وتسمية أعضاء اللجان الفرعية وتحديد مقراتها والإشراف على عملها، وتسمية أعضاء لجان الترشيح الخاصة بالانتخابات وتحديد مقراتها والإشراف على عملها والإشراف العام على إحصاء نتائج الانتخابات وإعلان النتائج النهائية للانتخابات. أما بالنسبة للجان الفرعية المشكلة فيناط بها تحديد مراكز الاقتراع قبل سبعة أيام على الأقل من يوم الانتخاب بالتنسيق مع الرئيس الإداري، والإشراف المباشر على عمل لجان الترشيح المتعلقة بانتخابات مجالس الإدارة المحلية، وعمل لجان المراكز الانتخابية وقبول انسحاب المرشح لانتخابات مجالس الإدارة المحلية، وإعطاء الكتب المصدقة التي تمكن وكلاء المرشحين من متابعة العملية الانتخابية ومراقبتها والإشراف على إحصاء نتائج الانتخاب الواردة من مراكز الانتخاب في الدوائر الانتخابية التابعة لها والبت في الطعون التي تقدم إليها بشأن القرارات الصادرة عن لجان الترشح ومراكز الانتخاب.
[23] للمزيد مراجعة، الواقع الحوكمي وإعادة الإعمار في مناطق النظام السوري خلال شهر حزيران 2018، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ 12-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OyzYWB
[24] الإدارة المحلية والبيئة تستعد لانتخابات المجالس المحلية، جريدة تشرين، تاريخ 05-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2AEQoGE
[25] تتضمن شروط الترشح، كل سوري أتم الخامسة والعشرين وغير المدان بجرم جنائي أو شائن، والمتمتع بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك بالجنسية السورية منذ 10 سنوات، في حين تم استثناء الذين منحوا الجنسية السورية من المقيدين في سجلات أجانب الحسكة بموجب المرسوم 49 من هذا الشرط
[26] حوار أجراه الباحث مع أحد المنظمين للانتخابات المحلية بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، تاريخ المقابلة 15-10-2018.
[27] تم تصميم الجدول بناء على تقرير رسمي أطلع عليه الباحث عن حركة الترشح لانتخابات الإدارة المحلية، وقد تم إيراد الجدول مسبقاُ في تقرير الواقع الحوكمي وإعادة الإعمار في مناطق النظام السوري خلال شهر آب 2018، مركز عمران للدراسات الإستراتيجية، تاريخ 19-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2NX2NLk
[28] محمد منار حميجو، الخاسرون يطعنون بالنتائج خلال 5 أيام من صدور المراسيم والقرارات. جريدة الوطن، تاريخ 23-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Qyj6fu
[29] محمد منار حميجو، الناخبون الإناث أكثر من الذكور... القائد للوطن أكثر من 16.349 مليون مواطن يحق لهم الانتخاب لاختيار مرشيحهم، جريدة الوطن، تاريخ 12-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2yp6PDw
[30] إقبال ضعيف على انتخابات الإدارة المحلية في سوريا، الشرق الأوسط، تاريخ 17-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2MzS44U
[31] عضو في اللجنة القضائية للانتخابات: الناخب وحده من يتحمل مسؤولية وصول المرشحين!، موقع سناك سوري، تاريخ 19-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Ce0lKf
[32] 53 % نسبة المقترعين لانتخابات الإدارة المحلية في حماه، موقع سناك سوري، تاريخ 18-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2ITAgl8
[33] مرسومان بأسماء أعضاء مجالس المحافظات ومجالس مدن مراكز المحافظات الفائزين بانتخابات الإدارة المحلية، وزارة الإدارة المحلية وشؤون البيئة، تاريخ 03-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OCL7Wq
[34] فولكر بيرتس، الاقتصاد السياسي في سورية تحت حكم الأسد، ص 290
[35] سهيل بلحاج، بعث سورية لم يَعُد الحزب الحاكم، مركز كارنيجي، تاريخ 05-12-2012، رابط إلكتروني https://bit.ly/2yQ15C2
[36] للمزيد مراجعة، يزن شهداوي، كتائب البعث ... قوة جديدة لمقاومة الثورة، جريدة الحياة، تاريخ 06-06-2014، رابط إلكتروني https://bit.ly/2EzXUVe
[37] الأسد: البعث "نظف نفسه" والإسلام السياسي سقط، موقع البي بي سي العربية، تاريخ 25-02-2014، رابط إلكتروني https://cnn.it/2NLIRqN
[38] اجتماع موسع للجنة المركزية لحزب البعث، جريدة الوطن، تاريخ 23-04-2017، رابط إلكتروني https://bit.ly/2RZN3q6
[39] حل "القيادة القومية" بحزب البعث السوري وتشكيل مجلس جديد، عربي 21، تاريخ 15-05-2017، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Al6ByF
[40] للمزيد حول هذه التعديلات مراجعة، بيان اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، الصفحة الرسمية لحزب البعث على الفيس بوك، تاريخ 09-10-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2ySwKm6
[41] في سابقة تاريخية… حزب جبهوي ينسحب من الانتخابات، سناك سوري، 11-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2O7eRqh
[42] حوار أجراه الباحث مع أحد أعضاء حزب البعث بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، تاريخ 15-10-2018.
[43] تم الخلوص إلى هذا الاستنتاج عقب رصد قوائم الوحدة الوطنية وأعضاء المكاتب التنفيذية في عدد من مجالس الوحدات الإدارية.
[44] تعرّف على مهام منظمة "جهاد البناء" الإيرانية في دير الزور، تلفزيون سورية، تاريخ 16-05-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OAwJhx
[45] افتتاح منظمة جهاد البناء الايرانية مشفى لرعاية جرحى الدفاع المحلي بـحلب، الصفحة الرسمية لفيلق المدافعين عن حلب على الفيس بوك، تاريخ 13-12-2017، رابط إلكتروني https://bit.ly/2q488D8
[46] جرحى الدفاع الوطني يشكون عدم تسليمهم رواتبهم، موقع سناك سوري، تاريخ 09-01-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2PiOLEN
[47] استغلت إيران وموالوها علاقاتهم الشخصية مع المسؤولين المحليين والحزبيين لدعم ترشيحهم لانتخابات الإدارة المحلية، حيث تولت هياكل الحزب المحلية رفع الأسماء للقيادة المركزية ليتم إقرارها بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، حوار أجراه الباحث مع أحد أعضاء حزب البعث بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، تاريخ 15-10-2018.
[48] مجد الخطيب، ماذا تريد إيران من انتخابات الادارة المحلية؟، موقع المدن، تاريخ 16-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OUKpmJ
[49] يذكر هنا نجاح علي النبهان "قائد فوج النيرب-دفاع محلي" كعضو عن مجلس مدينة حلب عن حي النيرب، حيث كان لفوج النيرب وفيلق المدافعين عن حلب دور في متابعة الوضع الخدمي للحي والتواصل مع مجلسي مدينة ومحافظة حلب لمعالجة مشاكل الحي. مثال من متابعة قائد فوج النيرب لشؤون الحي خدمياً، https://bit.ly/2J6HjGX