بتاريخ 27 أيلول 2020؛ شارك الخبير في الشؤون العسكرية والميدانية في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية نوار شعبان ضمن حلقة برنامج " الصالون السياسي" على شاشة Syria TV تلفزيون سوريا،والتي تناولت الواقع الامني في الجبهة الجنوبية مسلطة الضوء على اللواء الثامن. حيث فكك شعبان ظروف وسياق تشكيل الفيلق الخامس واستعرض بعض مؤشرات الواقع الأمني في الجبهة الجنوبية لاسيما الاغتيالات مبيناً الدور الايراني في تدهور هذه المؤشرات.
ملخص تنفيذي
تعددت قضايا الاهتمام الإعلامي والبحثي الروسي حيال سورية خلال الفترة الممتدة من 15حزيران – 15 تموز 2018. ويُمكن حصرها عدة محاور رئيسية منها: تطورات الجبهة الجنوبية الأخيرة؛ تزايد القلق الروسي حيال السياسة التركية في الشمال؛ السيناريوهات المتوقعة لمنطقة شرق النهر؛ القلق المتنامي من الهجمات ضد قاعدة حميميم؛ بالإضافة إلى مستجدات الملف الكيماوي. ويؤكد التعاطي الإعلامي والبحثي الروسي حيال كل هذه الملفات على التماهي المطلق مع الرؤية الرسمية للدولة، إذ تتلقف هذه الرؤية دون تكبد عناء البحث عن تفاصيلها في المشهد السوري التي تؤكد استمرار غياب عوامل الاستقرار المرتبط كلياً بمرحلة سياسية جديدة تنظرها البلاد وتعمل موسكو على إلغائها لصالح تعويم نظام الأسد.
تشهد الساحة الميدانية في سورية هجوماً روسياً إيرانياً مع ميليشيات الأسد على الجنوب السوري أمام صمت دولي عامة وأميركي خاصة؛ على الرغم من كون المنطقة منطقة خفض تصعيد باتفاق الولايات المتحدة والأردن وروسيا بالتنسيق مع إسرائيل. ويأتي كل هذا كمؤشر صريح على احتمالية حدوث صفقة أولية ينتظر أن تكتمل ملامحها في قمة ترامب بوتين التي عقدت في 16/7/2018.
في بث مباشر من راديو سبوتنيك؛ أشاد الباحث مركز الدراسات الاستراتيجية فلاديمير فيتين بـ"النجاح" الذي حققه العسكريون الروس والسوريون في درعا نتيجة المفاوضات التي أجراها ضباط حميميم مع الفصائل المقاتلة والمراكز السكانية، والتي كانت نتيجتها حسب قوله "ترك الإرهابيين في منطقة خفض التصعيد لأسلحتهم المختلفة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة للجيش السوري". وأشار إلى أن الأسلحة تعود لعدة دول غربية كانت قد أُدخلت عبر الأردن، ومصرحاً "بعجز" محاولات الولايات المتحدة إيقاف هجوم القوات السورية التي يدعمها الطيران الروسي، وأن معظم البلدات يتم تسليمها دون قتال، مع أقل الخسائر البشرية وخاصة بين المدنيين. ويُتابع بالتركيز على إمكانية حل كثير من القضايا بواسطة المفاوضات على مدار الأسبوع الماضي([1]).
كما أوضح لافروف -وزير خارجية روسيا- الموقف الرسمي لموسكو بقوله أن اتفاقية خفض التصعيد قائمة بحكم الاتفاقات بين ترامب وبوتين وجوهر القضية تكمن في إبعاد "الإرهابيين عن الحدود الإسرائيلية وسيطرة الجيش السوري عليها"، وأن روسيا "نفّذت التزاماتها تجاه الاتفاقية" و"نأمل من الشركاء تنفيذ التزاماتهم، مما يظهر عدم رضى موسكو عن المحادثات التي تجريها الولايات المتحدة مع المعارضة([2]). وحول هذا الهجوم نشر آيغور سوبوتين في صحيفة نيزافيسمايا الروسية تحليلاً معمقاً حول تداعيات هذا الهجوم وهواجس موسكو حياله، حيث ركز على مجموعة من النقط أهمها ([3]):
إلا أن الحركية الروسية لا تلحظ هذه الهواجس؛ فهي ماضية باتجاه تعزيز سيطرة النظام العسكرية وإخراج حل سياسي يبدأ بالدستور وفق مخيالها السياسي؛ ومختبرة بذات الوقت هوامش تحركاتها في مناطق ذات النفوذ الأمريكي. وعلى الرغم من أن المشهد العام وإن بدا يسير باتجاه استحواذ الأسد على المزيد من مناطق سيطرة المعارضة إلا أن المُضي دون وجود استراتيجية خروج ولحظة سياسية جديدة تعيشها البلاد وتستطيع من خلالها مواجهة تحديات عميقة مرتبطة كلياً بمولدات الاستقرار فإن المشهد العام في سورية سيكون أسير الفوضى والسيولة الأمنية ومعززاً لعوامل التشظي الاجتماعي.
أما في الشمال السوري؛ ووفقاً لتحليل الخبير في الشأن السوري نيقولاي بلوتنيكوف، فإن مؤشرات عديدة تدلل على سعي "تركيا على تدمير الحكومة السورية" كما عنون مقاله؛ ودفع الخبير بتعزيز اتجاهات التحليل نحو ربط تصرفات الحكومة التركية ببوصلة "تدمير الدولة السورية التي تقاتل الإرهابيين"، والمساعدة في "إنشاء جيب للمعارضة في شمال سورية مع حكومتها". وأكد أن إنشاء مؤسسات موازية للسلطة في دولة ذات سيادة ينطوي على مشاكل قانونية ودبلوماسية لابد من حلها. ومن هذه المؤشرات الآتي([4]):
تدلل هذه الرؤية حيال الفاعل التركي على أن التحالف التركي الروسي ضمن مسار الأستانة هو تحالف قلق تجمعه الهواجس الأمنية المشتركة وتعمل على تباعده في المنظور الإداري والسياسي. فعلى الرغم من أنَّ الحركية التركية في الشمال السوري أتت ضمن تفاهمات الأستانة إلا أن ملامح عدم التوافق على الشكل النهائي لترتيبات هذه المناطق مرشح لمزيد من التبايُنات وسيحتاج العديد من التفاهمات الجزئية.
فيما يرتبط بشرق النهر (مناطق سيطرة الإدارة الذاتية) نشرت صحيفة سفابودنايا بريسا مقالاً بعنوان "ترامب سيسلّم الأكراد السوريين لبوتين"؛ وسردت مجموعة من المعطيات الداعمة لهذا العنوان، ومما ذكرته الصحيفة([5]):
وبينما يعتقد المستشرق السياسي الروسي "كارين جيفورجيان"، أنه لا يستحق أخذ مثل هذه الأخبار بتفاؤل مفرط، فقد تمت محاولات سابقة، وربما يتحول الوضع للأسوأ. كما شارك الخبير العسكري إيرك يلدريم التركي في حوار الصحيفة حيث قال: إن أميركا بهدف الحفاظ على علاقتها مع تركيا "التي تعتبر pyd مجموعات إرهابية" أجبرت القوات الكردية على الانسحاب من منبج، ويعتقد أن أميركا قد تعطي الأراضي التي تسيطر عليها لروسيا، ويعتبر ذلك صفقة مربحة للأسد الذي ليس لديه ما يواجه به تركيا. كما أن وجود القوات الروسية في الشمال سيحُد من العمليات العسكرية التركية في حال استمرارها شمالاً. ويُتابع الخبير بأن بوتين سيتفاهم مع أردوغان على ذلك قبل قبول عرض ترامب "تفادياً لعدم إساءة العلاقة مع تركيا". ويرى الخبير أنه قد تسمح قوات الحماية الشعبية YPG لقوات النظام بالتواجد في الأراضي التي تسيطر عليها ولكنها لن تتخل عن إدارتها لها([6]).
وبسؤال مركزي إلى متى سيصمد دفاع قاعدة حميميم؟ تساءلت إيفان شفارتس التي حللت أخبار تعرض قاعدة حميميم لهجوم بطائرات مسيرة مجهولة التابعية، واستطاعت وسائط الدفاع الجوي "بانتيسير "للقاعدة من إسقاط الطائرات المهاجمة. ولكن السؤال إلى متى سيبقى إسقاط هذه الأهداف الرخيصة بواسطة منظومات الصواريخ المضادة غالية الثمن؟ وبالنظر لهذه المنظومة التي تضم 12 صاروخ إطلاق، فتستطيع إسقاط 12 طائرة، واستمرار الدفاع بهذه الطريقة سيؤدي إلى استهلاك هذه الصواريخ ونفادها، وفي حال تعرض القاعدة لموجات هجوم منظم قد تستطيع هذه الطائرات الوصول إلى مرابض الطائرات في القاعدة وتحقيق أهدافها. وسيصبح الدفاع عن القاعدة كمن يتصيّد العصافير بمدفع، ولكن إن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الجيش الروسي يستخدم صواريخ مضادة للطائرات لتدمير طائرات بدون طيار، وهذا يعني عدم وجود وسائل فعالة من التدابير المضادة الإلكترونية ضد طائرات بدون طيار، كما يؤكد عدم فعاليّة الدفاع عن القاعدة([7]).
يؤكد المعطى أعلاه على مؤشرٍ بالغ الأهمية، ويتمثل بجعل الوجود الروسي وجوداً قلقاً تحده العديد من المخاوف الأمنية وتعرضه لاستنزافات مستمرة. وبغض النظر عن الجهة المستهدفة وما تحمله من تفسيرات محتملة، إلا أنه يكرس مقاربة الكلفة المرتفعة للانخراط الروسي في سورية الذي يشهد تزايداً ملحوظاً. فقد أُعلن مؤخراً عن شركة أمنية تُسمى "باتريوت" لها نفس مهمة "فاغنر" مع وجود أشخاص يعملون بعقود سرية مع وزارة الدفاع الروسية. وقد شاركت هذه القوات بشكل غير مباشر في تحرير دير الزور، حيث قامت بقطع خطوط الإمداد القادمة من شرق الفرات والتعامل مع قوات YPG عند اللزوم، كما شارك البعض مع قوات النمر([8]).
وفيما يرتبط بمصير قاعدة التنف الأميركية فقد بيَّنت الأوساط الإعلامية الروسية أنها ستكون حاضرة في نقاشات ترامب بوتين، وتوقعت دوراً كبيراً ستلعبه إسرائيل في هذا الموضوع (الدفع باتجاه تثبيت القاعدة)، ولهذا وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى موسكو في 11/7 لمناقشة ذلك. وكان الحديث يدور على سحب القوات الإيرانية إلى 100 كم عن الحدود الإسرائيلية ثم إلى 80، بينما تُطالب إسرائيل بسحبها نهائياً، في الوقت الذي لا تستطيع فيه موسكو إعطاء مثل هذه الضمانات. وحسب الصحيفة فإن موسكو على استعداد لنشر قوات شرطة عسكرية في هذه المناطق، وأنها سعت لعدم مشاركة قوات إيرانية في الجنوب. ولكن مصادر المعارضة تُفيد باندماج هذه القوات مع الجيش السوري وارتداء زيّه العسكري، ولكن ماهي ردود فعل إيران؟ أجاب على ذلك حميد عزيري عضو نادي فالاداي وكبير المحاضرين في جامعة طهران بأنه لا يرى أي مؤشرات لمغادرة إيران سورية موضحاً أن إيران تُمارس أنشطتها عن طريق ميليشيات ليس لموسكو تأثير عليها([9]).
وفي هذا السياق وبحكم تغلغل الإيرانيين بشكل عضوي (عبر أفراد أو مجموعات محلية أو أجنبية) في بُنى الجيش والأمن، فإن موسكو ستبقى تعمل على عرض اتفاقات مع واشنطن وأن تبيعهم وهماً يسمى الانسحاب الإيراني؛ إلا أن هذا لا ينفي بالمقابل احتمالية رضا الأمريكان بضبط نفوذ إيران وتعميم نموذج الجنوب.
وفيما يتعلق بتطورات التحقيق في استخدام السلاح الكيماوي؛ تابعت الخارجية والدفاع الروسيتين اتهامها لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بتحيُزها في التحقيق الذي يجري في سورية في دلالة على تشبُث موسكو بسياسة تحييد آثار الملف الإنساني مهما بلغت تداعياته. كان ذلك على لسان قائد السلاح الكيميائي والبيولوجي الروسي الجنرال أيغور غريلوف حين ساق التُهم التالية:
في سياق متصل ووفقاً لبيانات وزارة الدفاع فإن "الخوذ البيضاء" هم من عملوا على تزييف الحقائق وافتعال الهجوم الكيميائي. وتُشير الصحيفة أن الولايات المتحدة تستبق التحقيق في كل مرة لتوجيه ضربات للنظام السوري، معتبراً أن "الخوذ البيضاء" تعمل لصالح القاعدة وجبهة النصرة. ويدَّعي كريلوف اكتشاف القوات الروسية مخبراً لدى الخوذ البيضاء لتصنيع الأسلحة الكيميائية بمعدات غربية وأمريكا الشمالية([10]).
بينما كتبت صحيفة كاميرسانت الروسية نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز إن تقرير اللجنة المشكلة لتقصي جرائم النظام السوري في حقوق الإنسان واستخدامه للأسلحة الكيماوية في الغوطة الشرقية الذي نشر يوم الأربعاء بتاريخ 20/6 في صيغته النهائية يختلف كثيراً عن صيغة المسودة التي أعدتها اللجنة، حيث اختفت كثير من الحوادث المفصّلة عن استخدام الكلور المؤكد في مناطق الغوطة الشرقية، كاستبعاد اتهام النظام السوري عن مقتل 49 شخصاً بينهم 11 طفلاً في إلقاء قنبلة على مبنى سكني في الغوطة ومن استخدامه صواريخ أرض -أرض محملة بالغاز السام ألقيت على دوما التي ذهب ضحيتها 49 شخصاً وأصيب فيها 650 شخص، بينما يؤكد كاتب المقال المسؤولية الكاملة للجيش السوري وحلفائه عن الهجمات الكيميائية.
وتعليقاً على تقرير الأمم المتحدة أعرب لافروف عن شكوكه بنتائج التقرير لأن اللجنة اعتمدت على وسائل التواصل الاجتماعي والفيديوهات الصادرة عنها بدلاً من الذهاب إلى الموقع وهذه أدلة لا يمكن الوثوق بها حسب قوله([11]). ويذكر هنا أن موسكو ممثلة بنائب وزير الصناعة قد عارضت بشدة مشروع القرار الأممي الذي طالب بضرورة تحديد اللجنة إلا أنه تم إقرارها بعد موافقة 82 دولة واعتراض 24 دولة أخرى. والجدير بالذكر أن هذه القرارات لن تكون سارية المفعول قبل تشرين الثاني القادم موعد اجتماع الأعضاء في دورتهم العادية([12]).
لا تزال تمضي موسكو في منهجها الرافض كلياً لتفاعلات الملف الإنساني مستخدمة ذات المصطلحات التشكيكية في صحة التقارير الدولية وشيطنة كافة المنظمات الإنسانية السورية. وتحاول أن تفرض منهجية واحدة في عمل هذه التقارير عبر الاكتفاء بالوصف دون تحديد المسؤولية، وهذا يدل بشكل واضح على خطورة هذا الملف على إنجازاتها السياسية والعسكرية في المسرح السوري، لذا تحاول جاهدة إبعاده عن مسرح التأثير وهو ما لا يتوقع استمرار تغييبه مما سيعقد الموقف الروسي مستقبلاً.
وكخاتمة لهذا التقرير؛ يمكن القول:
إن معظم الأطروحات والتحليلات الروسية حيال تطورات المشهد السياسي والعسكري السوري تنطلق من ذات الفرضيات التي تُسوقها موسكو رسمياً؛ ولم تُشكل تلك الإشارات الخجولة التي يتم التطرق إليها بين الحينة والأخرى حيال مؤشرات الاستنزاف الروسي اتجاهاً إعلامياً أو بحثياً عاماً في روسيا، فلا تزال مفردات "الانتصار على الإرهابيين؛ تدمير الدولة؛ والسيادة الوطنية؛ والنظام الشرعي" هي الأكثر تحكماً بمخيال معظم المحللين والباحثين، وهذا يفسر تغييبهم المتعمد "لضرورة التأسيس لمرحلة سياسية جديدة" التي بدونها ستبقى المناخات العامة مرشحة للعديد من الارتكاسات والتحديات.
([3]) ايغور سوبوتين "الهجوم السوري الجديد في الجنوب يسبب صداعاً لروسيا" نيزافيسيمايا، تاريخ: 21/6/2018 https://goo.gl/2tuNyN
([4]) نيقولاي بلوتنيكوف "كيف تعمل تركيا على تدمير الحكومة السورية" نيزافيسيمايا، تاريخ 22/6/2018 https://goo.gl/czq9oa
([5]) نيكيتا سماغين "كيف سيغير ترامب إيران من الداخل" المجلس الروسي للشؤون الدولية، تاريخ: تاريخ 4/7/2018 https://goo.gl/k1kWz5
([6]) زاور كارييف "بوتين يسلم الاكراد السوريين لبوتين، سفابودنايا بريسا، تاريخ: 4/7/2018 https://goo.gl/b2uVgL
([7]) ايفان شفارتس "إلى متى سيصمد دفاع قاعدة حميميم" نيزافيسيمايا، تاريخ: 1/7/2018 https://goo.gl/Nx7Zuw
([9]) ايلينا تشيرنينكو، ميخائيل كاراستيكوف "على ماذا يمكن ان يتفق الرئيسان بوتين وترامب في هلسنكي" كاميرسانت،9/7/2018 https://goo.gl/Xs1h8S
([10]) اولغا بوجييفا "روسيا تتهم منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بالتحيز في التحقيق"، مسكوفسكايا كمسامولسكايا، تاريخ:22/6/2018https://goo.gl/gW22wa
([11]) ايكاترينا مارييفا "لماذا ظهر تقرير لجنة الكشف عن استخدام الكيماوي في سورية مخففا" كاميرسانت، 21/6/2018 https://goo.gl/3v6Eqd
([12]) ايكاترينا مارييفا "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ستعلن جهة استخدام السلاح الكيميائي" كاميرسانت، 27/6/12018 https://goo.gl/FKJr2a
يشهد الميدان السياسي والعسكري في سورية منذ مطلع عام 2018 جملة من المتغيرات والتحولات الطارئة بشكل يجعله مرشحاً لجولات ومستويات صراع متزايدة. ويعود ذلك بشكل أساس إلى تنامي النفوذ الدولي والإقليمي واحتمالية تزايد انخراطها في صراعات عابرة للصراع المحلي. فبعد أن ظنّ الروس أن باستطاعتهم التسيّد المطلق وإعادة الهندسة السياسية والعسكرية بما يتفق مع استراتيجية الكرملين، وجدت موسكو نفسها أمام ملف سِمَتُه الرئيسية السيولة المتنامية. كما لا تستند عملية إدارته فقط على المشتركات الأمنية وإنما ترتبط بالتوافق السياسي وهو ما يزال غائباً كقاعدة عمل بين الفواعل. لقد أدى ذلك الأمر أن يكون ضبط المشهد عملية عابرة لمنطق المكاسب ومتوافقة مع إدراك جذر الصراع وأسبابه في سورية. وطالما تغيب عن أجندة موسكو الحلول غير الصفرية ستبقى أسيرة لنهج العرقلة الإقليمية والدولية والذي بات أغلب الفواعل يتبعونه. ومن جهة أخرى تساهم خارطة التفاعلات العسكرية الدولية في وضع المشهد العام أمام جملة من الصراعات المؤجلة والتي لم تستطع المقاربات السابقة من تذليل أسبابها، مما يعزز من احتمالية أن تساهم في بعثرة الترتيبات التي جهدت موسكو في تحقيقها في سورية عبر تدخلها([1]).
وفي ذات الوقت الذي استطاعت موسكو أن تلغي "منطق السيطرة" من حسابات المعارضة ومكّنت نظام الأسد عسكرياً في معظم مناطق ما عرف بـ"سورية المفيدة". وباتت تتبلور في الجغرافية العسكرية مناطق سيطرة دولية واسعة تجعل "عنصر السيادة" الذي يبحث عنه النظام ومن خلفه الروس عنصراً بعيد المنال كونه المدخل الرئيس لإعلان "إنهاء الأزمة" وعودة "التمكين الكامل". وبمعنى أخر لا يمكن للصراع المتعدد الأوجه في سورية أن ينتهي لصالح الروس ونظام الأسد بمجرد تحجيم قوة المعارضة العسكرية، فاختلالات النظام العسكرية قبيل التدخل الروسي؛ ومنطق "إدارة الأزمة"؛ وتنامي مهددات دول الجوار، ساهم في تموضع صلب وانخراط فعال للفواعل الدولية والإقليمية في سورية. ويُنذر هذا التطور بجعل أي مكتسب سياسي بعيد المنال طالما أن تضارب الرؤى والتوجهات ما بين هذه الفواعل هو سيد الموقف.
تحاول هذه الورقة التحليلية أن تتكئ على معالم ومؤشرات المشهد العسكري الراهن لتبحث في طبيعة التحولات الناشئة وتختبر مقولة "انتهاء الصراع العسكري" بمعناه العابر للصراع الوطني. كما تهدف الورقة إلى قياس آثار تلك التحولات على مدى التماسك الهندسي الروسي من جهة، وعلى الأطر العامة الناظمة "للملف السوري" ببعديه العسكري والسياسي من جهة ثانية، وعلى الترتيبات العسكرية ومدى قدرتها على استيعاب تلك التحولات من جهة ثالثة.
في شهر آيار من عام 2017 أعلنت وزارة الخارجية الروسية عن اتفاق "خفض التصعيد" في سورية الذي يقضي بإقامة أربع مناطق آمنة بسورية، وتشمل وفق الإعلان أكبر منطقة لخفض التصعيد -محافظة إدلب وأحياء مجاورة في محافظات حماة وحلب واللاذقية. وتقع المناطق الثلاث الأخرى شمال محافظة حمص والغوطة الشرقية شرقي العاصمة دمشق، وفي جنوب سورية على الحدود مع الأردن، إلا أنه والملاحظ وفق بوصلة الحركة العسكرية الروسية (والمبينة بالشكل المجاور) أن هذه الاتفاقات كانت تكتيكاً والتفافاً مدروساً حتى يتسنى للروس والنظام من زيادة مساحات السيطرة في مناطق التأثير الجيوسياسي في سورية والتي عرفت بـ “سورية المفيدة" وذلك عبر تغليب أداتي الضربات الجوية وآليات الحصار وما سيتبعه من إفراغ لجيوب ومناطق المعارضة.
من جهة أخرى وفيما يتعلق بالوصول لاتفاقات خفض التصعيد فإنه وبعد قرابة العام وبالاستناد على الحركية الأمنية الناظمة لتلك المناطق يمكن تصدير النتائج التالية:
أولاً: عدم استطاعة الأستانة -كإطار ناظم-لإنجاز معظم هذه الاتفاقات. ففي حين تم بلورة خرائط منطقة إدلب وترتيبات التفاعل التركي فيها في إطار الدول الضامنة، إلا أن باقي المناطق يتطلب دخول دول ليست من ضمن الدول الضامنة لإنجازها، كمصر ولا سيما فيما يتعلق بشمال حمص والغوطة الشرقية. وكانت تلك المناطقتين آنذاك ضرورة روسية لكي تدفع بمساقاتها السياسية بناء على هذا التثبيت الميداني بهدف بلورة إطار سياسي ناظم للعملية السياسية يخفف التكلفة السياسية للتدخل العسكري من جهة ويخطف من مسار جنيف وظائفه السياسية وإعادة تعريفها بما يتفق مع الرؤية الروسية. المثال الثاني يتمثل في الأردن والولايات المتحدة فيما يرتبط بترتيبات الجبهة الجنوبية والتي لاتزال تلقى معارضة أمريكية واضحة حيال حدود تواجد الميليشيات الإيرانية في هذه الجبهة. كما لا تزال أيضاً تشهد عبثاً إيرانياً مقصوداً في المعادلات الأمنية في تلك الجبهة مما يرجح انفجار هذا الترتيب الأولي.
ثانياً: غياب الفاعل الوطني عسكرياً لصالح الإقليمي والدولي وتداعياته العابرة للأستانة. فبالاستناد على طبيعة الانخراط الروسي بعد الأستانة عسكرياً، يتمثل التكتيك الروسي في تخفيف وتثبيت حدود التدخل الإقليمي عبر تكريس مفهوم الضامنين، فكان بحاجة لدور تركي يدفع الأخير لربط توجهاته في الملف السوري من بوابة التفاهم البيني على حساب تفاهم أنقرة مع واشنطن. ويساهم ذلك أيضاً في ضبط المشهد في الشمال السوري الذي يكتنفه العديد من العناصر المعقدة (كفواعل متنوعة وقدرات عسكرية نوعية وكثافات سكانية). كما كان بذات الحاجة وأكثر فيما يتعلق بترتيب علاقته مع طهران والتي تستوجب من الروس الاستثمار بمواردها البشرية في سورية. وبذات الوقت توفر الاتفاقيات لموسكو انخراطاً ايجابياً في هذه المعادلات بما لا يزمن الصراع ويجعله مفتوحاً كديدن طهران في كافة سلوكياتها. إلا أن هذا التكتيك المستند على مبدأ التفاهم الأمني الثلاثي خطوة بخطوة، وبرغم مساهمته في تحجيم أدوار الصراع الوطني –كما أعلنها بوتين في خطاب النصر في حميميم آواخر العام المنصرم-فقد عظّم من حدود تأثير ونفوذ تلك الدول والتي إن توافقت أولياً أمنياً إلا أنها ستظهر تباينات واختلافات سياسية واضحة. أنظر الخريطة (1) والتي تدلل على تنامي النفوذ والسيطرة الدولية.
خريطة رقم (1): مواقع السيطرة والنفوذ المحلي والدولي والإقليمي حتى 15آذار 2018
ثالثاً: احتفاظ المعارضة بمروحة خيارات نتيجة توسع نفوذ تركيا التي اتكأت على الأستانة كإطار مرجعي لانخراطها الأخير في الشمال السوري. فبعد نجاح تركيا بالتعاون مع الجيش السوري الحر في بسط نفوذها على منطقة درع الفرات وجعلها منطقة آمنة، تعمل -عبر بوابة تذليل المهددات الأمنية المشتركة وبالتوافق والترتيب القلق مع روسيا والولايات المتحدة الأمريكية-على توسيع المساحات الآمنة. وتقوم بذلك عبر الانخراط الصلب في منطقة عفرين أو عبر البدء بترتيب المشهد العسكري والأمني في إدلب من خلال نقاط وقواعد مراقبة وسياسة مخلخلة في صفوف هيئة تحرير الشام. ومن المؤشرات التي تدعم هذه الاستراتيجية ما شهدته الساحة من اقتتال بين هيئة تحرير الشام وهيئة تحرير سورية. كما يدلل هذا بشكل واضح على تزايد مكاسب أنقرة سياسياً وبالتالي معها أيضاً تحسن خيارات المعارضة الفاعلة في تلك المناطق سواء من زاوية ابتعاد معارك الحسم مع النظام أو من خلال تطبيق نماذج حكم مستقرة وشفافة ورشيدة. وسينعكس هذا بطبيعة الحال على أي إطار سياسي ينظم علاقة المركز مع الأطراف في سورية.
رغم عدم اعتراض الولايات المتحدة الأمريكية على ترتيبات الأستانة كمقاربة روسية إلا أنه يمكن تفهم واشنطن لتلك المقاربة من بوابة التأييد لتفاهم شرق النهر وغربه والذي لم يعارضه منطق الأستانة بشكل عام. ولكن عند شمول المنطقة الجنوبية ضمن خطة خفض التصعيد، احتاجت موسكو ظهور ضامن أمريكي لتحقيق هذا الاتفاق الذي لايزال يلقى معارضة من "إسرائيل" بحكم هواجسها الأمنية حيال التوغلات الإيرانية في حدودها الشمالية من جهة وبحكم تطلعات الروس والإيرانيين بالاستحواذ على تلك المنطقة من جهة ثانية.
وبالإضافة إلى أسباب تحجيم طهران وإبعادها عن هذه المنطقة، يتوقع ظهور متغير في الجنوب يُسهم في إعادة تشكيل وترتيب المشهد العسكري في سورية. ويرتبط ذلك بتطور نوعي شهدته تفاعلات تلك الجبهة التي مورس فيها ضبط دولي وإقليمي شديد القلق، ألا وهو العبث الإيراني الأخير في معادلات أمن المنطقة وجره لإرهاصات حرب كبرى مع إسرائيل. ويظهر ذلك خصوصاً بعدما اخترقت طائراتها من دون طيار لأجواء فلسطين المحتلة والرد المباشر من قبل الطائرات الإسرائيلية والتي تعاملت معها منظومة الدفاع الجوي للنظام وأسقطت إحدى تلك الطائرات. ويعتبر ذلك حدثاً نوعياً لم تشهده طبيعة الاختراقات والتدخلات الإسرائيلية التي كانت مداخلها عابرة للأزمة المحلية لصالح جعل غايات هذا التدخل متعلقة بتحجيم النفوذ الإيراني في الجنوب السوري وضرب تحركات التسليح الخاصة بحزب الله. وللعلم يذكر أن عدد الضربات الإسرائيلية منذ بدء الثورة وحتى تاريخ إعداد هذه الورقة قد بلغ 79 ضربة([2]).
إذاً أضحى حديث "التوسع والتأثير الإيراني المتزايد في سورية وخاصة تواجد الميليشيات الإيرانية القريبة من الحدود الإسرائيلية السورية" أولوية بالغة الأهمية على جدول أعمال معظم الزيارات والرسائل المتبادلة بين تل أبيب وواشنطن. وقد ازدادت وتيرة هذه الاتصالات في المطالبة بتفعيل الاستراتيجية الأميركية بخصوص إيران المعلنة من قبل ترامب نهاية عام 2017 والقاضية بزيادة الضغط على إيران والحرس الثوري بسبب زعزعتها للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وتواردت المعلومات من المخابرات الأميركية والصور الفضائية عن إقامة قاعدة جديدة للحرس الثوري وقوات القدس في سورية صالحة لنشر صواريخ متوسطة وقليلة المدى، ناهيك عن وجود أنباء عن إقامة مصنع للصواريخ في جنوب لبنان. وعلى الرغم من تزايد المؤشرات الدافعة باتجاه حرب كبرى تريدها طهران بالدرجة الأولى إلا أن ملامحها الكبرى لا تزال مرتبطة بتفاهمات روسية أمريكية قد تفضي إلى ترتيب عسكري جديد سيكون عنوانه الأبرز دفع موسكو لممارسة الضغط على طهران لتغيير استراتيجيتها وهو أمرٌ بالغ الصعوبة روسياً بحكم العلاقة المصلحية التي تجمعها مع إيران في سورية، وبحكم إدراكها لطبيعة التوغل الإيراني في سورية.
من جهة أخرى، يُتوقع أن يشهد الجنوب السوري تطورات عسكرية خلال المرحلة المقبلة، في ظل ما تشهده من تجهيزات لعمل عسكري مرتقب من قبل فصائل المعارضة. إذ تؤكد التصريحات العسكرية لقادة الجبهة الجنوبية عن احتمالية عن تجهيز الفصائل لعمل عسكري بعد أن أصبح الجميع على قناعة مطلقة بالحاجة لتحرك يُغير موازين القوى ويُعيد ترتيب أوراق المنطقة، وخاصة مع تقدم قوات الأسد في الغوطة الشرقية، وتوقع تحرك النظام بعدها نحو درعا.([3]) كما يرتبط الجنوب بمدلولات التعزيزات الأمريكية في "قاعدة التنف" وإرسال الجيش الأمريكي 200 جندي إليها ارتباطاً وثيقاً خاصة أنها تأتي في إطار يتوقع أنها ضمن عمليات عسكرية يخطط لها في الجنوب السوري ضد الميليشيات الإيرانية، مع احتمالية امتداد هذه العمليات إلى منطقة البادية. وتُنبئ هذه التطورات بإمكانية فتح معارك بنسبة معقولة وهو أمر قد يزيد من اشتعال المشهد العسكري.
تقوم الإدارة الأمريكية (التي تشهد تبدلات متسارعة في مراكز صنع القرار فيها) بإعادة نشر قواتها في شرق سورية وذلك لتحقيق عدة أهداف منها التصدي للنفوذ الإيراني والاستمرار في محاربة تنظيم الدولة، ودعم قوات سورية الديمقراطية شرق النهر([4]).
كما عملت واشنطن مؤخراً على تعزيز قدراتها العسكرية في عشرة مواقع (هي قاعدتيها الجويتين وثمان نقاط لوحدات حماية الشعب تمتد من عين دادا غربا إلى رميلان شرقاً) تماهياً مع تصريحات البنتاغون "الحازمة" بأن عمليات التحالف الدولي التي تحمل اسم "العزم الصلب" مستمرة. وكان من المقرر أن تُنشر قوة حرس الحدود على طول الحدود السورية التركية في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شرق نهر الفرات، وعلى الضفة الشرقية للنهر وصولاً إلى مدخل النهر إلى العراق وفي منفذ البوكمال الحدودي لإقامة نقاط تفتيش ونشر فرق مكافحة العبوات التي خلفها تنظيم "الدولة" في المناطق التي خسرها، ومهام أخرى. ووفقاً لعدة تقارير، فإن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "مايك بومبيو" (المرشح لوزارة الخارجية بعد تيرلسون) يعمل على تعزيز القواعد الأمريكية شمالي سوريا والعراق بالمدفعية الثقيلة والمروحيات والمقاتلات والمدرعات، وذلك تمهيداً لمواجهات محتملة على عدة جبهات وهي([5]):
بالمقابل لا تزال موسكو تنوي الاستمرار في تمكين سلطة الأسد على كامل الأراضي السورية ولا سيما في منطقة شرق النهر الغنية بالموارد النفطية والمائية والزراعية. ويستوجب هذا منها الاستمرار في المناوشات التي تهدف تجاوز اتفاق شرق وغرب النهر من جهة، وضرورة جر الـPYD لمفاوضات مع النظام لإعادة ترتيب التفاهم على المنطقة وفق منطق "السيادة السورية"([6]). إذ حاولت موسكو والنظام التخطيط لهجوم 7 شباط (فبراير) الفاشل ضد قوات سوريا الديموقراطية ومعهم جنود أميركيين في شرق سورية، والذي ردت واشنطن عليه بالدفاع عن قواتها وإسقاط مئتي قتيل من شركة «فاغنر» الروسية. وفي مطلع الشهر المنصرم، أعلن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة أنه شن ضربات جوية على قوات موالية للنظام السوري في الريف الشرقي لدير الزور بين قريتي خشام والطابية، شرق نهر الفرات، حيث توجد مواقع نفطية مهمة على مسافة نحو ثمانية كيلومترات شرق نهر الفرات، الخط الفاصل لمنع الاشتباك، بعد "هجوم دون مسوغ" على قيادة قوات سوريا الديمقراطية. وأدت تلك العمليات إلى مقتل أكثر من مائة مقاتل من قوات النظام.
والثابت من خلال هذه المناوشات هو استمرار فرضية الحرب الباردة بين الروس والأمريكان بغض النظر عن الحجة والادعاء، فموسكو التي تسيّدت المشهد العسكري، يشكل التواجد الأمريكي عثرة في طريق هندستها للحل السياسي([7]). وفي ظل تفاهمات هشة تنظم العلاقة بين الأميركيين والروس في سورية، فإن من الصعب التنبؤ بمآلات التنافس على ورقة النفط والمعابر الحدودية وغيرها في سورية. لكن موسكو في كل الأحوال لا تبدي ارتياحاً للسيطرة الأميركية غير المباشرة على حوالي 80% من احتياطيات النفط السورية وفق بعض التقديرات، وهذا يجعل المشهد العسكري لا يزال مرشحاً لمتغيرات جديدة.
أعلن بوتين نهاية عام 2017 من قاعدة حميميم في طرطوس "نصره" على "أقوى الجماعات الإرهابية العالمية". وأمر ببدء سحب القوات الروسية إلى قواعدها الدائمة في روسيا، مع الاحتفاظ بقاعدة حميميم الجوية الروسية في اللاذقية وعلى منشأة بحرية في طرطوس "بشكل دائم". إلا أنه وبحكم انتفاء عناصر السيولة في المشهد السوري الذي يتم التعاطي معه بإغفال الأسباب المولدة للصراع، فإن هذا الانسحاب يُشكل حالة دعائية أكثر منها واقعية، وذلك وفقاً للمؤشرات أدناه:
أولاً: الاستمرار في الانخراط العسكري وبكثافة عالية. إذ يُدلل الانخراط الكثيف والنوعي للسلاح الروسي في سورية على أن الأمر لا يتعلق فقط باستعراض فائض القوة وتجريب تلك الأسلحة في الميدان السوري بغية جلب عقود بيع لتلك الأسلحة([8])، وإنما يدلل بشكل واضح أيضاً على عدم قدرة موسكو على تثبيت المشهد الميداني. وهذا تطلب منها زيادة مستوى الانخراط كما كان واضحاً في طلعاتها الجوية في الجبهات الشمالية ولاسيما في ريف حماه وإدلب والغوطة الشرقية كما هو موضح في الجداول أدناه:
ثانياً: التدخل المتزايد في بُنية "الجيش النظامي". لقد بَدت ملامح السيطرة الروسية على مفاصل النظام وقواته، أكثر وضوحاً في الشهور الأخيرة، بعد تدخلهم في إعادة هيكلة وزارة الدفاع وقيادة الأركان، وبعض الأجهزة الأمنية. وفي حين تبدو بعض التحركات الروسية مدفوعة بما يوصف بمكافحة "قضايا الفساد" لمعالجة الهدر الكبير في مخصصات القوات المسلحة السورية، فإن بعضاً آخر منها لا يبدو مفهوماً إلا في سياق تثبيت شبكة من الضباط السوريين الموالين لروسيا في أبرز المواقع العسكرية والأمنية الحساسة. ولعل الهدف الأبرز وراء هذا الانخراط هو ما نجم إبان حركية التدخل الروسي عبر افتقاد هذا الجيش لأهم عناصر التماسك والحفاظ على المكاسب وتلاشي آليات "المبادأة الاستراتيجية"، وبمعنى آخر تنامي الارتكاسات البنيوية داخل هذا الجيش وهو ما يجعل تكلفة التدخل الروسي سياسياً وعسكرياً في ارتفاع مستمر([9]).
رابعاً: رسوخ الحل الصفري في المخيال الروسي. على الرغم من نجاح موسكو بحرف اتجاه العملية السياسية في سورية من كونها عملية انتقال سياسي حقيقي إلى ترتيبات سياسية شكلية، إلا أن تعثر مسار سوتشي نسبياً كمسار أريد له أن يكون حوار سورياً يُفضي حلاً سياسياً يكون انعكاساً للمفهوم الصفري، وتحول هذا المسار الذي هوَّل له الروس إلى لجنة دستورية مقترحة أعادهم إلى مطلب الحسم العسكري. ويتضح ذلك خاصة بعد ظهور "اللاورقة" التي اعتمدتها الدول الخمسة قبيل المؤتمر، وهي وإن اتفقت مع الطرح الروسي في ترتيب خطوات العملية (كدستور وانتخابات) إلا أنها حرمت موسكو من السيادة المطلقة عبر ربط أي مخرج سياسي بدور فعّال للأمم المتحدة([10]). كما يدل هذا الأمر على أن الترتيب العسكري للمشهد السوري لم يكن بالقدر الكافي الذي يؤمِّن لموسكو التحكُّم المطلق بالمشهد السياسي، مما دفعها للعودة مجدداً لتثبيت الحل الصفري ميدانياً. ويُشير هذا أيضاً بشكل واضح إلى ملامح عودة روسية عابرة للاتفاقات وخاضعة لمعيار بسط السيادة. ويعتري ذلك الكثير من المدخلات التي يجعل تلك العودة تورطاً وانخراطاً متزايداً. انظر الجدول أدناه والذي يوضح حجم الغارات الروسية المنفذة على الأحياء المدنية في المحافظات منذ تدخلها. ويوضح الجدول أن الزخم في مطلع هذا العام هو الأشد بالنسبة للأعوام السابقة.
تؤكد معطيات المشهد العسكري على تبلور طموحات إقليمية ودولية ناشئة (انظر الجدول أدناه الذي يبين انتشار القواعد الأجنبية في سورية) تجعل هذا المشهد يدخل في مرحلة إعادة تشكل وترتيب جديد سواء بالاتكاء على فكرة ومفهوم الدول الضامنة أو عبر ترسيم جديد لحدود النفوذ الدولي. وسينعكس هذا الترتيب الجديد حُكماً (سلباً أو إيجاباً) على العملية السياسية التي دخلت مرحلة من السيولة المغرقة منذ جنيف 8 وما تبعها من تطورات ميدانية (عملية غصن الزيتون، محاولات إعادة ترسيم حدود منطقة إدلب، معركة "الإبادة" في الغوطة الشرقية، العبث الإيراني في الجنوب السوري)، وما رافقها أيضاً من هشاشة في بنى الفواعل السورية سواء المعارضة التي باتت جسماً مائياً يصعب ضبط توجهاته أو النظام الذي يجد نفسه غير قادر على رفق السيطرة العسكرية بسيطرة سياسية واجتماعية (كما يتخيل) وغير مؤهل لمواجهة استحقاقات مرحلة البناء وإعادة الإعمار.
وفقاً لهذه المعطيات يمكن الاستدلال على تنامي فرضية وضرورة إعادة الترتيب، ويُتوقع أن تحتوي معادلاتها على المعطيات التالية:
وأمام هذا الافتراض المستند على هذه المعطيات، يكون المشهد السوري قد اقترب من تجاوز "الصراع المحلي" ونقله كلياً للمستوى الإقليمي والدولي والذي وإن كان مرتباً أولياً بتفاهمات واتفاقات أمنية، إلا أنها شديدة القلق ولم تعد صالحة لضبط التحولات الجديدة. فبات هذا المشهد بحاجة لترتيب آخر وهذا ما سيؤثر حكماً على طبيعة المخرج السياسي العام من جهة، وأداور الفواعل المحلية وحدودها من جهة ثانية، وسيجد هذا المشهد نفسه أمام المعطيات التالية:
بعد إمعان موسكو بترتيب وهندسة المشهد العسكري في سورية منذ أخرجت حلب الشرقية من معادلات الصراع وساهمت في بلورة مفهوم الدول الضامنة، ولايزال معيار الاختبار لمدى تماسك هذا الترتيب يشهد قلقاً متزايداً لم يفلح حتى الآن في ضبط المشهد العسكري وتخفيف عناصر السيولة التي تعتريه. فمن جهة أولى ورغم استطاعتها –بالتوافق مع عوامل أخرى- من إخراج الصراع من دوائره الوطنية وخلق مقاربات عسكرية جديدة خففت من قدرة قوى المعارضة المسلحة إعادة تبنيها لنهج السيطرة والاستحواذ، إلا أن الصراع الدولي بات أكثر وضوحاً ولايزال في مراحل ما قبل الترتيب النهائي لحدود التأثير والنفوذ، ومرجحاً لحقبة زمنية طويلة تتبلور فيها مظاهر الحرب الباردة على الأراضي السورية بشكل أكبر واحتمالية تحولها لصدامات مباشرة. ومن جهة ثانية عادت عوامل الاستعصاء لتظهر بقوة في أتون حركة العملية السياسية رغم نجاح موسكو في إعادة تعريف عناصرها الأولية بما يتفق مع مخيالها السياسي. ولم تستطع موسكو الاستفراد في هذا المجال وخطف مسار جنيف لصالح الأستانة أو سوتشي، بل تنامت مؤشرات عودة فعالية المجتمع الدولي عبر التأكيد على الدور الأممي كناظم رئيسي لهذا الحقل. كما يرتبط قياس "مؤشرات" انخفاض التكلفة السياسية والعسكرية للتدخل الروسي في سورية عبر تتبع مقدرة النظام وحلفائه على إرفاق السيطرة العسكرية بمفاهيم السيادة وتضمينها آليات عودة الحياة، باعتبارها الهدف المعلن وراء التدخل.
([1]) منذ 30 أيلول/سبتمبر 2015 (تاريخ بدء التدخل العسكري الروسي) تركزت معظم الضربات الجوية الروسية على مواقع المعارضة السورية بغية إخراجها من دوائر التأثير والفاعلية، كما عملت موسكو على إنشاء منطقة عدم تجوال في الأجواء السورية وإجبار طيران التحالف الدولي من التنسيق المباشر مع القوات الروسية قبل تنفيذ أي غارة، وذلك عبر نصب جهاز يعرف بـ Richag-AV الذي يتمتع بقدرة عالية على اعتراض الاتصالات والإشارات التي قد تُرسل إلى الصواريخ الذكية ومنها الباتريوت الأمريكي؛ كما قامت موسكو بإرساء سفينة حربية بالمياه السورية بالقرب من اللاذقية تحوي على مئات الصواريخ s300 العابرة للقارات ووفرت كمية كبيرة من الذخيرة والمستشارين والتقنيين لقوات النظام، وناهيك عن حماية وتثبيت المصالح المختلفة لدى روسيا بدءاً من الوجود العسكري وصولاً إلى الصفقات التجارية أو الدعم التقني لمشاريع غاز ونفط في البادية السورية، فقد حقق تدخلها تمكيناً عسكرياً للنظام في معظم مناطق (سورية المفيدة) وحصنت دفاعاته بالخط الساحلي من الشمال الى الجنوب.
([2]) موزعة على الشكل التالي (2012: 1، 2013: 6، 2014: 7، 2015: 16، 2016: 19، 2017: 26، 2018: 4)، آخر تلك الضربات كان فجر السبت 2018/2/10 على مطار "تي فور" إذ استهدفت الطائرات الإسرائيلية 6 أهداف إيرانية فقط، دون التعرض لأي من الاهداف داخل المطار سواء العائدة للنظام وهما "السرب 19 سوخوي24" و"السرب 827 سوخوي22م4" أو أي قطعة تتبع لقيادة اللواء الجوي "70" أو الدفاعات الجوية للنظام داخل المطار أو الأهداف التي تتواجد فيها بعض القوات الجوية الروسية. وحسب المصدر فإن الأهداف التي تعرضت للضربات الجوية الإسرائيلية: (-أربع عربات لإطلاق وقيادة -الطائرات المسيرة الإيرانية التي تمركزت في مطار "تي فور" في نهايات السنة الماضية 2017--المبنى الخاص بتواجد العناصر الإيرانية التي تعمل على هذه الطائرات-هنكار مبيت الطائرات المسيرة الإيرانية شمال شرق المطار-مستودع خاص بالقطع الفنية العائدة لهذه الطائرات المسيرة الإيرانية. للمزيد انظر: بالتفصيل.. الغارة الإسرائيلية استهدفت 6 مقرات إيرانية قبل إسقاط الطائرة، موقع زمان الوصل، تاريخ: 11/2/2018، الرابط: https://goo.gl/vWKAFE
([3]) ولعل العنصر الأكثر بروزاً في استراتيجية هذا التحرك يتمثل في معارك الطرق الرئيسية، إذ يخضع نحو 50% من مدينة درعا لسيطرة المعارضة، وكانت أحكمت سيطرتها على حي المنشية بمعظمه، لتنتقل المعارك إلى أطراف حي سجنة المجاور، خلال الأشهر التي سبقت اتفاق “تخفيف التوتر”، تموز 2017. وسيتركز العمل المرتقب على مناطق مختلفة من أوتوستراد درعا-دمشق، ساعية تلك الفصائل لحصار النظام في مدينة درعا، ثم التوجه نحو بلدة خربة غزالة، الواقعة تحت سيطرة النظام، ثم وصلها مع داعل والريف الغربي للمحافظة، وسط استعدادات للنظام الذي بدأت منذ السبت 10 من آذار، بتعزيز نقاطه الحدودية مع المعارضة داخل المدينة، وتحديداً في أحياء: شمال الخط، السحاري، المطار، الكاشف، السبيل، القصور. ويتوقع أن تمتد محاور العمل العسكري تمتد على طول أوتوستراد درعا-دمشق، من منطقة اللجاة باتجاه الوردات على أطراف بلدة محجة، من الجهة المقابلة للأوتوستراد، إضافة إلى منطقة البقعة على أطراف بلدة إزرع، والنجيح المتاخمة له، على أطراف اللجاة.
([4]) إجراء انتخابات برعاية أمريكية، وتوفير الدعم للسلطة المحلية من خلال تدريب الموظفين الحكوميين ودعم مشاريع إعادة الإعمار وتحسين قطاعات الخدمات العامة وإصلاح البنى التحتية، إنشاء جيش جديد قوامه 30 ألف مقاتل قوامه وحدات "قسد" التي تتشكل من الأكراد والعرب والسريان والتركمان الذين دربتهم الولايات المتحدة لشن العمليات الخاصة، وتكليفهم بمهام حفظ الحدود برعاية عسكرية أمريكية.
([5]) الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه سوريا تثير مخاوف إقليمية، موقع نور سورية /المرصد الاستراتيجي، تاريخ 18/2/2018، الرابط: https://goo.gl/FQht1A
([6]) للمزيد انظر: تطورات العلاقة بين الإدارة الذاتية والنظام وروسيا خلال عامي 2016 – 2017، ورقة بحثية صادرة عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ 22/1/2018، الرابط: https://goo.gl/MGJNYR
([7]) قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن الوجود العسكري الأميركي في سوريا يمثل تحديا جديا في طريق التسوية السلمية للأزمة السورية والحفاظ على وحدة البلاد، للمزيد أنظر: هل بدأت روسيا وأميركا معركة شد الحبل بسوريا؟ موقع الجززيرة، تاريخ 8/2/2018، الرابط: https://goo.gl/FppXtC
([8]) 14 ألف تجربة مختلفة لأنواع السلاح الروسي تمت في سوريا بعد التدخل العسكري لموسكو في سبتمبر 2015، فقد نفّذ هذا السلاح خلال سنتين 30 ألف طلعة جوية، شملت 90 ألف هجوم على الأرض، وخلال هذه الطلعات جربت مقاتلات (سوخوي 35) ومروحيات (مي-35) القتالية الحديثة، بدعم من منظومة الدفاع الجوي، واستخدمت لأول مرة طائرات (مي-8) و(مي-24) و(مي-28 أتس)، و(كا-25 التمساح)، وفي يونيو (حزيران) 2017، ظهرت مركبة الدعم الناري من طراز (BMPT-72)، لأول مرة خارج روسيا، وتحديدًا في قاعدة حميميم الروسية بسوريا، وكذلك جربت موسكو منظومة دفاعها الجوي (إس-400 ترايمف)، ومنظومة (كراسوخا 4) المحملة على شاحنة كبيرة، كما سجلت طائرتا (أورلان وفوربوست)، دون طيار الروسية، أولى طلعاتهما الجوية القتالية في سوريا.
أما بالنسبة لسلاح البحرية، فقد استخدمت أحد أكثر السفن الحربية الروسية تقدمًا، وهي فرقاطة من نوع (بايرن كلاس 21631)، ووقعت تجربة هذا النوع من السفن الحربية في بحر قزوين، وحسب المعهد البولندي فقد «شاركت البحرية الروسية بأساطيلها المختلفة (المتوسط، الشمال، المحيط الهادئ، والبحر الأسود، والبلطيق)، وجرّبت للمرة الأولى حاملة الطائرات (أدميرال كوزنيتسوف) وغواصات (كيلو كلاس) وفرقاطات وسفن حربية. ومن خلال السفن الحربية الجديدة، جرّبت البحرية الروسية صاروخ (كاليبر) (إس إس إن 27) ومداه 2600 كليومتر، وأطلقت الغواصات صواريخ لتجربتها في الميدان السوري».
وجربت في سورية مقاتلات جديدة حديثة من طراز (سو- 35) و(سو- 34)، بالإضافة إلى (سو- 24) و(سو – 25) المزودة بمنظومات حديثة تعمل على زيارة مدى فعالية استخدام الأسلحة غير الموجهة، واختبرت روسيا صواريخ (كاليبر) المجنحة التي أطلقت من منصات إطلاق مختلفة بما في ذلك من غواصات (فارشافيانكا)، وكما أسلفنا أرسلت طائرات من الجيل الخامس المتطور (سو-57).
للمزيد انظر: ميرفت عوف: "وسط صمت دولي... كيف تحولت سوريا إلى حقل تجارب للأسلحة الروسية؟، موقع ساسة بوست، تاريخ:7/3/2018، الرابط: https://goo.gl/h2SZDX
([9]) رائد صالحاني:" الأركان والدفاع مع الروس... وحافظ مخلوف إلى الواجهة مجدداً"، موقع المدن، تاريخ 19/1/2018، الرابط: https://goo.gl/Dzuexx
([10]) ورقة غير رسمية بشأن إحياء العملية السياسية في جنيف بشأن سورية”، كان هذا عنوان الورقة التي نتجت عن اجتماع باريس 23/1/2018 للدول الخمس: الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، السعودية، الأردن، وجرى تسريب مقصود للورقة صبيحة يوم 26/1/2018 ختام جولة فيينا للمفاوضات.
للمزيد انظر: ورقة الدول الخمس، تقدير موقف صادر عن موقع تطورات جنيف، تاريخ 12/2/2018، الرابط: https://goo.gl/vzSsjo
بتاريخ 18 شباط / فبراير 2017 وضمن تصريح خاص بعنوان: " لماذا نكثت موسكو وعودها للمعارضة؟ وما خفايا معركة درعا؟". أوضح الباحث ساشا العلو من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، أن مستقبل الدور الروسي في الملف السوري مرتبط الآن ارتباطاً وثيقاً بملامح تكوّن موقف الإدارة الأمريكية من سوريا، ما قد يهدد الدور السياسي الروسي بالانهيار والفشل، ليكون البديل الجاهز هو التصعيد العسكري دوماً.
وتوقع الباحث ساشا، أن يسهم تبلور الموقف الأمريكي من سوريا، ومحاولة العودة إليها مجدداً، بالتعاون مع الحلفاء (تركيا)، في تحرير الأخيرة من ضغوط "اتفاقات الأمر الواقع" التي اضطرت إلى عقده في ظل الانسحاب الأمريكي من سوريا والشرق الأوسط برمته، وهو ما انعكس في اجتماع أستانة الأخير.
وعند الحديث عن معركة درعا... من حيث الدلالات والتوقيت؛ فقد أفاد مدير وحدة المعلومات والخبير الأمني والعسكري نوار أوليفر أن دلالات معركة درعا التي جاءت بعد هدوء تام استمر نحو عام ونصف العام من قِبل الفصائل الجنوبية، ترتبط بتعقيدات وتطورات سياسية طرأت على الجبهة الجنوبية في سوريا. كما أن النظام السوري وروسيا طلبا من الأردن فتح أحد المنفذين الحدوديين مع سوريا (الجمارك أو نصيب) لتأمين رئة يتنفس منها اقتصاد نظام الأسد المتداعي، وأن هذا النبأ تسرب إلى الفصائل الجنوبية عن طريق مصادرها في غرفة عمليات الـ"موك"، التي خشيت أن يؤدي تصاعد الضغوط إلى تمدد النظام وقواته بمناطق نفوذها، فشرعت في عملية "البنيان المرصوص" بمشاركة فصائل الموك وحركة أحرار الشام وغيرها من الفصائل كعملية استباقية.
يجدر بالذكر أن التقرير أعده الصحفي هشام منور ونشره موقع الخليج اونلاين على الرابط التالي:https://goo.gl/5By0DA