يبقى الملف الأمنيّ في مناطق المعارضة (درع الفرات، عفرين، إدلب وما حولها) من أهم وأخطر العقبات والتحديات التي تحاول القوى المسيطرة على تلك المناطق إيجاد حلول لها وآليات للتعاطي معها والحد منها، حيث ترسم محاولات الاغتيالات تلك العديد من إشارات الاستفهام وتشير دلالاتها إلى حجم تعقيد الملف الأمني في تلك المناطق، خاصة مع تعدد الأسباب والدوافع (سياسية، جنائية) والجهات التي تقف خلفها. بالمقابل فإن حركيّة الملف الأمني في تلك المناطق توضح مؤشرات الهشاشة في مسألتي الاستقرار ومستقبل تلك المناطق. وعليه قامت وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بتصميم نموذج رصد لتلك المؤشرات ([3])، وقد تم تفريغ نتائجه ضمن هذا التقرير الذي يبين توزع عمليات الاغتيالات في مناطق سيطرة المعارضة ضمن محافظة إدلب، ومناطق ريف حلب (عفرين، "درع الفرات") منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر وحتى نهاية شهر كانون الثاني/ يناير عام 2019. ومن ثم تصنيف تلك النتائج وفق عدة مستويات توضح ماهيّة الاغتيالات المُنفّذة في تلك المناطق وملامحها العامة بحسب جغرافية تنفيذ الاغتيال والجهات التي تقف وراءه، مقابل الأطراف المستهدفة في عمليات الاغتيالات وأدوات التنفيذ المستخدمة، إضافة إلى النتائج النهائية لتلك العمليات في تحقيق أهدافها (فشل أو نجاح).
بلغت محاولات الاغتيال منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر وحتى كانون الثاني/يناير؛91 محاولة ضمن المناطق التي تم رصدها (ريف حلب ومحافظة إدلب)، وقد انخفضت النسبة بالمقارنة مع التقرير السابق (محاولات الاغتيال في مناطق المعارضة) ([4])، حيث بلغ مجموع تلك المحاولات 159محاولة خلال فترة رصد لمدة ثلاثة أشهر، بينما تشير الأرقام في هذا التقرير إلى وجود 16 محاولة في منطقة عفرين وما حولها، و15محاولة في مناطق درع الفرات، إضافة إلى 60 محاولة في باقي المناطق (إدلب وما حولها).
تؤكد البيانات المرصودة في مناطق ريف حلب الشمالي (درع الفرات)، أن تلك المناطق شهدت 15محاولة اغتيال، بلغ أقصاها في شهر كانون الأول/ديسمبر بمجموع 6 محاولات، حيث تعطي الأرقام مؤشر لتحسن في ضبط الوضع الأمني للمنطقة قياساً بالأشهر السابقة، وقد يرجع ذلك لتطور عمل المؤسسات في مناطق درع الفرات ("الجيش الوطني" و"الشرطة الحرة") وازدياد خبرتها في التعامل مع ظروف المنطقة.
كما توضح عملية تحليل البيانات، أن محاولات الاغتيال جميعها استهدفت الفصائل العسكرية، وتشير البيانات أيضاً إلى أن 80% من مجموع المحاولات نجحت في اغتيال الجهة المستهدفة، بينما فشلت المحاولات بنسبة 20%، كما تبين من خلال الرصد أن 8 محاولات قامت بتنفيذها خلايا محليّة تحت مسمى غرفة عمليات "غضب الزيتون"([5])، والتي يعتقد أنها تتبع لوحدات حماية الشعب (YPG) التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي(PYD)، بينما بقيت 7 حالات مجهولة المُنفّذ (الشكل 3). أما بالنسبة لوسائل تنفيذ الاغتيالات فكان الطلق الناري يشكل نسبة 80% من حيث أدوات التنفيذ، بينما بلغت 20% نسبة تنفيذ المحاولات عن طريق العبوات الناسفة (الشكل 4).
توضح بيانات الرصد لمحاولات الاغتيال التي تم تنفيذها في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي الغربي؛ عدم وجود تحسن عن الأرقام الواردة في التقرير السابق؛ إذ نفذت غرفة عمليات "غضب الزيتون" 16 محاولة اغتيال، أدت في 10 منها إلى قتل الجهة المستهدفة، بينما 6 محاولات كانت فاشلة في تصفية الجهة المستهدفة، ولكن اللافت أن أداة التنفيذ التي استخدمتها غرفة عمليات "غضب الزيتون" خلال فترة الرصد كانت مغايرة عن السابق، حيث تم استخدام العبوات الناسفة في 75% من محاولات الاغتيال، بينما شكل الطلق الناري ما نسبته 25%، مستهدفاً بجميع العمليات الفصائل العسكرية، باستثناء حالة واحدة استهدفت عنصر من "الشرطة الحرة".([6])
بلغت الاغتيالات في محافظة إدلب خلال فترة الرصد وإعداد هذا التقرير 60 محاولة اغتيال، ووصلت أقصاها في شهر تشرين الأول/أكتوبر، حيث سُجلت 24 محاولة اغتيال، بينما بلغت في كانون الأول/ديسمبر 13 محاولة، وجاء شهر كانون الثاني/يناير بـ 23 محاولة.
ختاماً:
تشير قراءة نتائج تحليل البيانات إلى استمرار حالة الهشاشة وعدم الاستقرار الأمني وتعثر القوى الفاعلة (محلية وإقليمية) في تطوير أدوات وآليات ضبط الوضع الأمني والحد من هذه العمليات، مقابل تطوير الجهات المُنفّذة لتلك الاغتيالات أدواتها وطرقها بما يتناسب مع كل منطقة وظرفها الأمنيّ. وعلى الرغم من تفاوت مؤشرات الاستقرار الأمني من منطقة إلى أخرى وتصدر الفصائل الجهادية وعلى رأسها هيئة "تحرير الشام" كهدف رئيسي للنسبة الأكبر من تلك الاغتيالات؛ إلا أن الظرف الأمني العام لايزال يُنذر باستمرار تلك العمليات في المدى المنظور بالنسبة لمختلف الأطراف ويعطي مؤشرات غير مستقرة حول مسألتي التعافي المبكر ومتطلبات الاستقرار في مختلف المناطق.
([1])محاولات الاغتيال في مناطق المعارضة خلال الفترة الممتدة من تموز حتى تشرين الأول 2018 "؛ تقرير خاص صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، متوافر على الرابط التالي: https://bit.ly/2SIRWb1
([3]) فيما يتعلق بمصادر التقرير فهي على الشكل التالي: 1) نقاط الرصد الخاصة لوحدة المعلومات في الشمال السوري. 2) التقرير الأمني الخاص الصادر عن مكاتب منظمة "إحسان الإغاثية" في الشمالي السوري. 2) المُعرّفات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي للجهات التي تم استهدافها (الجبهة الوطنية، هيئة تحرير الشام، حراس الدين وغيرها). 3) المُعرّفات والمواقع الرسمية للوكالات ووسائل الإعلام المحليّة التي تقوم بتغطية الأحداث في محافظة إدلب.
([5]) غرفة عمليات "غضب الزيتون": وهي وفقاً لتعريفها عن نفسها مجموعة من شباب وشابات عفرين، ويعتقد بأنها تتبع للوحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي يقومون باغتيال المقاتلين الاتراك المتواجدين في المنطقة بالإضافة إلى المقاتلين المحليين المدعومون من تركيا وتدعي هذه المجموعة عبر صفحتها الرسمية قيامها خلال فترة شهري حزيران واب بتنفيذ 26 عملية قتلت من خلاله 45 مقاتل وجرحت 43؛ للاطلاع والتعرف على هذه المجموعة انظر الرابط: http://www.xzeytune.com
([6]) بيان رسمي صادر عن غرفة عمليات "غصن الزيتون" يتبنى اغتيال عنصر الشرطة الحرة، محمد الشيخ، بطلق ناري في شهر كانون الأول/ديسمبر 2018. للمزيد راجع الرابط التالي: https://bit.ly/2UlviT1
قام الباحث أيمن الدسوقي بمداخلة صحفية على راديو روزانة للتعليق على القمة المرتقبة بين الرئيسين التركي والروسي، حيث استبعد الباحث حسم ملف المنطقة الآمنة أو العازلة على الحدود التركية-السورية خلال هذه القمة، إذ أن لكل من أنقرة وموسكو روئ مختلفة حيال هذه المسألة، مرجحاً تفاوض الطرفين على رؤية مشتركة تراعي هواجس أنقرة الأمنية من جهة والالتزامات الروسية من جهة أخرى. كذلك اعتبر الباحث أن استمرار اتفاق سوتشي ضرورة لمصالح كلا الدولتين، منوهاً بإمكانية خضوع الاتفاق للتعديل من حيث أطرافه أو الإجراءات المنصوص عليها للتعامل مع الوضع الناشئ في المحافظة عقب تمدد هيئة تحرير الشام، مستبعداً في الوقت نفسه إمكانية حدوث مقايضة من نوع إدلب مقابل شرق الفرات.
المصدر رادية روزانة: https://bit.ly/2FGVofv
في تصريحه لصحيفة القدس العربي بتاريخ 9 كانون الثاني2019، حول تمدد "هيئة تحرير الشام الأخير"؛ وضح الباحث معن طلاع من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية أن هذا التمدد هو بمثابة "الانتقال الاستراتيجي" إلى مراحل متقدمة في التمكين المحلي وإنهاء أي صيغ لتوازع السلطة في تلك المنطقة؛ وأنه ليس نتاج رغبة دولية وإن تقاطعت أهدافها النهائية مع تلك الرغبة والمتمثلة في تعجيل عودة إدلب إلى النظام عبر حجة "الهيئة"؛ إذ أن ما حدث يؤكد على أنها رغبة ذاتية للهيئة نابعة من إدراكها لصعوبة خياراتها المستقبلية وضرورة تحسين تموضعها العسكري والإداري والأمني.
أما من حيث السيناريوهات المحتملة لهذا التمدد فأوضح الباحث أنها تتراوح ما بين احتمال ضئيل لحصول اتفاق أمريكي تركي للقضاء على الهيئة وهذا يستلزم اتفاقاً سياسياً حول "لإدلب ما بعد الهيئة"؛ وما بين المواجهة الجزئية مع النظام مدعومة بالقوات الروسية أو لايرانية للسيطرة على M4 وm5 .؛ أو إعادة تدعيم قوى المعارضة والدخول في معركة استنزاف طويلة.
المصدر صحيفة القدس العربي: https://goo.gl/iXXuei
بيّن الباحث معن طلاع من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية في تصريحاته لصحيفة القدس العربي بتاريخ 12كانون الثاني 2019، حول خيارات هيئة التحرير بعد تمددها الأخير؛ أن استراتيجية "التمدد" على حساب قوى المعارضة ليست بالاستراتيجية الجديدة على الهيئة؛ فلطالما لجأت إليها لتحسين تموضعها العسكري عبر الاستيلاء على أسلحة نوعية؛ أو لتحسين التموضع الاقتصادي والإداري عبر السعي الحثيث للسيطرة على أهم القطاعات الخدمية أو التجارية كالمعابر (سواء الدولي منها أو المحلي) ومحطات التوليد الكهربائي وغيرها؛ وهي تلجأ إليها لتعزيز الأسباب الآنفة الذكر جميعاً مضافاً إليها تحسين الشروط السياسية في أي مفاوضات محتملة في حال لجوء الفواعل الدولية والمحلية إلى خيار المفاوضات والتباحث عن صيغ ما دون عسكرية؛
وحول المستوى المرتبط بخيارات الهيئة أوضح الباحث أنه وفقاً "لبرغماتيتها الشديدة"فإنه يتوقع أن تطمح الهيئة لتحويل سيطرتها العسكرية إلى سيطرة مدنية وسياسية عبر مرحلتين مرحلة انتقالية تديرها وتهيئ لها حكومة الانقاذ متبنية عدة برامج منها ما يتعلق بإعادة التشكيل السياسي والعسكري والمدني وفق صيغ تبدو شكلاً أكثر تشاركية وهي ضمناً أكثر شمولية وتسلط؛ ومرحلة نهائية يختفي فيها اسم هيئة تحرير الشام لصالح اسم جديد وفاعلية جديدة.
المصدر صحيفة القدس العربي: https://goo.gl/qch9SB
يستعرض هذا التقرير نتائج مسح اجتماعي أجراه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع وحدة المجالس المحلية في كل المناطق المحررة خلال الفترة الواقعة بين 15/4/2018 و15/6/2018 ومن هذه المناطق محافظة إدلب. وقد تناول المسح كل الوحدات الإدارية والهيئات التمثيلية في كل التجمعات السكانية الموجودة على امتداد جغرافيا المحافظة عدا المناطق التي سيطر عليها النظام مؤخراً، ورغم كل محاولات فريق البحث الميداني الحصول على أدق المعلومات حول المجالس؛ إلا أنه لا يمكن الادعاء بالدقة الكاملة للمعلومات الواردة في التقرير لصعوبات واجهت الفريق خلال عملية جمع البيانات بسبب الوضع الأمني ولتفاوت درجة تعاون المجالس مع عملية المسح ولتدخل بعض القوى العسكرية ومنعها بعض المجالس من التعاون مع فريق المسح، وقد أسفر ذلك عن تأخر إصدار التقرير، إضافة إلى السيولة الكبيرة التي وسمت المشهد الميداني في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والتي تسببت أيضاً في تأجيل إصدار التقرير حتى تستقر الخارطة ولو مؤقتاً، ويتناول التقرير واقع البنى المحلية الإدارية والتمثيلية القائمة من حيث مشروعيتها ومايعنيه ذلك من جودة تمثيلها للمجتمع المحلي وقيامها بالأدوار المنوطة بها ومن حيث شرعيتها التي تقاس بمدى اعتمادها للأنظمة والقوانين واعتماديتها من قبل المستويات الإدارية الأعلى، كما يتناول موارد هذه المجالس وقدرتها على التخطيط للتنمية، إضافة إلى علاقاتها البينية مع القوى العسكرية والمستويات الإدارية المركزية واللامركزية، كما يستعرض التقرير بعض ملاحظات فريق البحث الميداني التي دونها خلال عملية المسح، و يخلص إلى جملة من الخلاصات والتوصيات.
تقع محافظة إدلب في أقصى الشمال الغربي للجمهورية العربية السورية، وتحاذي جزءاً من الحدود السورية التركية، وقد بلغ عدد سكانها ثلاث ملايين وتسعمائة ألف نسمة بين أبناء المحافظة والمهجرين إليها ([1])، شاركت المحافظة في الثورة منذ أيامها الأولى لتخرج عن سيطرة النظام بشكل كامل في آذار من العام 2015، بعد سقوط مركز المحافظة بيد قوات المعارضة، فيما بقيت كل من كفريا والفوعة الشيعيتين المحاصرتين تحت سيطرة النظام ورهناً لاتفاقية المدن الأربعة بين إيران والمعارضة، ومع استكمال ترتيبات أستانة واتفاقيات خفض التصعيد بانعقاد اجتماع أستانة 6 في أيلول 2017، تمكن النظام وحلفاؤه الروس من السيطرة على أجزاء من شرق سكة الحديد جنوب شرق المحافظة حيث سيطر على حوالي 17.5% من مساحة المحافظة (متضمناً مساحة كفريا والفوعة)، لاحقاً ومع تزايد حشود جيش النظام وحلفائه على المحافظة تم اتخاذ قرار بإخلاء بلدتي كفريا والفوعة ويقدر عدد المجالس المحلية التي سقطت بيد النظام بحوالي 17 مجلساً محلياً معتمداً، كما أصبحت المحافظة ملاذاً أخيراً لعدد كبير من معارضي النظام السوري بعد سقوط مناطق المعارضة تباعاً ( الغوطة الشرقية، جنوب دمشق، القلمون الشرقي، ريف حمص الشمالي، درعا، القنيطرة) بيد النظام السوري وحلفائه، حيث يشكل النازحون ما نسبته 41% من سكان المحافظة([2]). وقد كانت محافظة إدلب على موعد مع حملة عسكرية ضخمة لاستكمال سيطرة النظام على ما تبقى من مناطق المعارضة ، إلا أن اتفاق سوتشي الأخير بين روسيا وتركيا في 17 أيلول 2018 حال دون ذلك ولو مؤقتاً وفتح الباب لتوفير حماية إقليمية لهذه المحافظة، في الوقت الذي وضع الكرة في ملعب الفعاليات المدنية والبنى المحلية لتفعيل برامجها وتمكين مؤسساتها والعمل على حوكمتها وبينما حدد القرار رقم 1378 للعام 2011 والصادر عن وزارة الإدارة المحلية التابعة للنظام([3])، التقسيمات الجغرافية المركزية للمحافظة بـ 6 مناطق تضم 26 ناحية فيما تقسم المحافظة إدارياً إلى 157 وحدة إدارية توزع على 15 مدينة و47 بلدة و95 بلدية تتمتع بالشخصية الاعتبارية([4])، إضافة إلى العشرات من القرى والمزارع والتجمعات التي لا تحظى بالشخصية الاعتبارية ولا تشملها التقسيمات الإدارية([5])، فإن العدد الفعلي للمجالس القائمة هو 307 مجلساً محلياً بمافيها مجلس المحافظة ومجالس البلدات التي سقطت بيد النظام بعد استيلائه على مناطق شرق السكة في شباط 2016 .
وقد تأسست 83% من مجالس محافظة إدلب قبل عام 2015، العام الذي خرجت فيه المحافظة بالكامل من سيطرة نظام الأسد، وبصورة عامة يعاني المشهد الإداري في محافظة إدلب من هشاشة وتشظي كبيرين، أسهمت فيه تداخلات الحالة السياسية والعسكرية في المحافظة والتي انعكست على الحالة المدنية وأرخت بظلالها على المنظومة المهيكلة للمجالس المحلية بنشوء مجالس غير معتمدة من الحكومة المؤقتة وتضاعف عددها بشكل كبير وتعدد مرجعيات بعضها سواء بتبعيتها لحكومة الإنقاذ أو المؤقتة، يضاف إلى ذلك حالة انفلات منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية من عقال الضبط الحكومي.
يعبر عن المشروعية بمدى الرضى الشعبي عن تمثيل المجلس للسكان المحليين، بما في ذلك المرأة والنازحين وشريحة الشباب والفئات المهمشة، إضافة إلى طريقة تشكيل المجلس وأدائه:
تجري62 % من مجالس محافظة إدلب انتخابات دورية([6])، بعضها سنوية وبعضها نصف سنوية، كما توجد مجالس تجري انتخابات كل 4أشهر ومجالس تجري انتخابات كل سنتين، وتم اختيار أعضاء 72% من المجالس في محافظة إدلب بالتوافق، فيما اختير أعضاء 13% من المجالس بالانتخاب المباشر من السكان، ولم تتجاوز نسبة المجالس التي عينت أعضائها الفصائل المسلحة الـ1% (تدخلت الفصائل في تعيين أعضاء أربع مجالس محلية في أربع وحدات إدارية اثنتان منهما تحت السيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام والثالثة تحت سيطرة فيلق الشام أما الوحدة الأخيرة فهي غير خاضعة لسيطرة أي فصيل )، فيما شكلت 10 % بالمئة منها بالاعتماد على انتخابات الهيئات الناخبة، وتم اختيار 2% من المجالس من خلال مجالس الأعيان والشورى .
لا تزال مشاركة المرأة في مجالس محافظة إدلب المحلية منخفضة نسبياً إذ يوجد حضور للمرأة في 14% فقط من المجالس المحلية سواءً في الجسم التمثيلي أو الوظيفي، حيث تتنوع مشاركتها فيها فتشارك في 5% من المكاتب التنفيذية لهذه المجالس، كما أنها تشغل مناصب وظيفية في 13 % بالمئة من هذه المجالس.
وبصورة عامة يمكن اعتبار مجالس محافظة إدلب المحلية مجالساً فتية إذ تتعزز فيها مشاركة الشباب بشكل كبير و تشكل المجالس التي متوسط الأعمار فيها بين 25-40 حوالي 61% من مجموع المجالس، فيما تشكل المجالس التي متوسط الأعمار فيها يبن 40-50 حوالي 7 بالمئة فقط، أما بالنسبة للنازحين فلم تسجل أي حالة تمثيل لهم في مجالس المحافظة.
تشكل الأدوار التي تقوم بها المجالس المحلية لصالح المجتمعات المحلية واحدة من أهم عوامل بناء مشروعية هذه المجالس. ومن أهم تلك الأدوار التي يمكن للمجالس المحلية أن تلعبها هو دورها في العمل السياسي العام بصفتها ممثلاً للمجتمع المحلي، ومن ذلك المباشرة في الممارسة السياسية بتمثيل إرادة المجتمع المحلي في المحافل الدولية في ظل إشكالية التمثيل السياسي المركزي الذي ينبغي أن تضلع به البنى السياسية على المستوى الوطني، وأيضاً الدفع السياسي أو التأثير في السياسة من خلال اتخاذ المواقف وإصدار البيانات وإقامة الفعاليات والتي تتناول الموقف الشعبي من المتغيرات السياسية المختلفة التي تخص الشأن السوري و إيصال الرسائل السياسية إلى الفاعلين السياسيين الدوليين والإقليميين والمحليين، إذ تشكل المجالس المحلية التي لديها قناعة بالمشاركة في العمل أو الدفع السياسي بشكل أو بآخر 25%، إضافة إلى كون عملية التمثيل على المستوى المحلي وإدارة المجتمع المحلي سواء على مستوى الخدمات والتنمية أو على مستوى العلاقة مع الفواعل المحلية في الوحدة الإدارية أو مع الاستحقاقات السياسية ذات الطابع المحلي شكلاً من أشكال العمل السياسي، ويمكن ملاحظة عزوف الكثير من المجالس المحلية في محافظة إدلب عن الاضطلاع بمهام سياسية مباشرة على المستوى المحلي كتلك المتعلقة بالتفاوض المحلي مع النظام، كما تتفاوت قدرة المجالس المحلية في تلبية احتياجات المجتمعات المحلية على مستوى القطاعات الإغاثية و الخدمية الأساسية:
ترى 32% من المجالس أن الفصائل هي الجهة الأكثر تأهيلاً لخوض المفاوضات المحلية مع الجهات المعادية في مناطق التماس) 28 % منها يتبع إدارياً لحكومة الإنقاذ(، فيما ترى 20 % من المجالس أن المجالس المحلية هي الجهة الأكثر تأهيلاً للتفاوض، وتذهب 18 % من المجالس إلى أهمية تشكيل لجنة مشتركة من المجالس المحلية والفصائل للقيام بهذه التفاوضات. في حين ترى 17% من المجالس أن مجلس المحافظة هو الجهة الأكثر تأهيلاً لخوض المفاوضات المحلية، وترى 6% من المجالس أن الهيئة السورية للمفاوضات هي الجهة الأكثر تأهيلاً للقيام بالتفاوضات المحلية، فيما ذهب ثلاثة مجالس إلى أهمية تشكيل لجنة من مجلس المحافظة أو المجلس المحلي والهيئة العليا، ورأى مجلس واحد أهمية تشكيل لجنة من المجلس المحلي ومجلس المحافظة والفصائل، وقد امتنع 5 % من المجالس عن الإجابة عن هذا السؤال.
تولي 24% من المجالس أهمية كبيرة لقطاعات الإغاثة والصحة والتعليم والبنى التحتية (مياه، طرق، صرف صحي، كهرباء) على التوازي، فيما تولي 7 % من المجالس في المحافظة أهمية قليلة للقطاعات الأربعة، كما تتفاوت أولويات مجالس محلية أخرى بالنسبة لاعتبارات الأهمية للخدمات التي تقدمها إلا أن ميدان التعليم يعد الأكثر أهمية لحوالي ال45 % من المجالس، فيما تعتبر 41 % من المجالس قطاع الصحة الأكثر أهمية بالنسبة لها. وعدى عن هذه القطاعات تنصرف الكثير من المجالس لإعطاء الأولوية لقطاعات أخرى كالزراعة والثروة الحيوانية، أو الشؤون المدنية والعقارية، أو إزالة الأنقاض وآثار القصف، أو حل المشكلات في المجتمع المحلي، أو فتح الأفران، أو حملات النظافة ومكافحة الحشرات الضارة، أو الأمن المحلي (الإشراف على الشرطة المحلية).
الشرعية
تكتسب المجالس المحلية شرعيتها عادةً من مدى انتظامها ضمن الهيكل الإداري العام على المستوى الوطني، ما يعني اعتماديتها وفق الأنظمة الصادرة عن الحكومة المركزية وفق المعايير التي تحددها القوانين الإدارية، إضافة إلى عمل المجلس وفقاً للقوانين الإدارية الناظمة، وامتلاك المجلس لدليل تنظيمي يحدد نظامه الداخلي وهيكليته ومهامه، وقدرة المجلس على مد سلطته الإدارية على كل الحدود الإدارية لوحدته وشمل كل القطاعات المحلية بها. وفيما يلي نتائج المسح حول مدى التزام المجالس موضوع المسح بمعيار الشرعية:
الموارد والتخطيط للتنمية
لاتزال المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تعاني من شح في الموارد وفي فرص التنمية نتيجة التحديات الأمنية وسيطرة قوى الأمر الواقع على الكثير من الموارد على حساب البنى الإدارية اللامركزية إضافة إلى غياب سلطة مركزية فعلية، توضح النسب التالية نظرة المجالس المحلية لأولويات سبل العيش المتوافرة في مناطقها:
ترى 22 % من المجالس أن سبل العيش الأكثر أهمية المتوفرة في مناطقها تتمثل في الإغاثة ودعم المنظمات بالإضافة إلى تحويلات المغتربين والأنشطة الاقتصادية المحلية، فيما تمثل عمليات الإغاثة ودعم المنظمات (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية برأي 31% من المجالس بينما تمثل تحويلات المغتربين (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية بالنسبة لـ 24% من المجالس فيما تمثل الأنشطة الاقتصادية المحلية (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية برأي 69% من المجالس القائمة في محافظة إدلب.
وبصورة عامة تشكل الزراعة أهم الفعاليات الاقتصادية في الوحدات المحلية بنسبة 81% تليها الفعاليات التجارية بنسبة 75% ثم الحرف بنسبة 66%، فيما تنخفض مساهمة قطاعي الخدمات 33% والصناعة 20% في الفعاليات الاقتصادية القائمة في الوحدات الإدارية التي تديرها المجالس المحلية في المحافظة.
أما فيما يتعلق بالمجالس نفسها فتبلغ نسبة المجالس التي لها موارد 66 %، يحدد الجدول الآتي أهم موارد دخل المجالس المحلية من حيث نسبة مساهمتها في تمويل عمل هذه المجالس وعدد المجالس المستفيدة والنسبة العامة لمساهمة هذه الموارد:
توجد موارد أخرى متفرقة تعتمد عليها الكثير من المجالس المحلية يمكن عرضها في الجدول الآتي:
لا تظهر الأغلبية الساحقة من المجلس مقدرة على بلورة الاحتياجات والأولويات والخطط ووضع الموازنات بناءً على ذلك، فما نسبته 85% من المجالس المحلية في محافظة إدلب لا يوجد لديها موازنة، و77% من المجالس لا يوجد لديها خطة وبرنامج سنوي أو نصف سنوي، رغم قدرة أغلب المجالس على تقييم الاحتياجات من خلال اللقاءات والندوات مع المجتمعات المحلية أو من خلال إجراء المسوح الاجتماعية سواء باعتماد المجالس على نفسها في ذلك غالباً أو بالتعاون مع منظمات مجتمع مدني شريكة ومنظمات دولية.
يزيد غياب ناظم مؤسسي حقيقي ومقونن يضبط علاقة المجالس ببعضها وعلاقتها بالمستويات الإدارية الأعلى وعلاقتها أيضاً بالفاعلين المحليين، يزيد من حدة الاستقطاب المناطقي والفصائلي والسياسي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، يمكن هنا استعراض 4 مستويات من العلاقات بالنسبة للمجالس المحلية القائمة، أولها العلاقة بمجلس المحافظة أو المجلس ذو المستوى الإداري الأعلى، ثم العلاقة بالمستويات المركزية وهي تتمثل في حالة محافظة إدلب بحكومتي المؤقتة والإنقاذ، إضافة إلى الوجود الفصائلي في مناطق المجالس وتداخل العلاقة مع هذه المجالس مع العلاقة بحكومتي المؤقتة والإنقاذ:
فيما يلي مجموعة من الملاحظات التي دونها فريق البحث الميداني خلال لقائه بممثلي المجالس المحلية في محافظة إدلب، والتي تناولت جوانب مختلفة من واقع المجالس المحلية في المحافظة:
([1]) بحسب تقديرات مجلس محافظة إدلب بناءاً على سؤال موجه لرئيس المجلس بتاريخ 25/10/2018، خلال استكمال عمليات مسح مجالس إدلب.
([2]) النازحون في إدلب.. بين مأساة الحاضر وهواجس المستقبل"، محمد العبد الله، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ11/10/2018، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/Zaqtzv
([3]) اعتمد القرار 1378 على القانون الإداري 107 المتضمن معايير تقسيم الوحدات الإدارية بحسب عدد السكان في كل منطقة، كما اعتمد على الإحصاء السكاني للمكتب المركزي للإحصاء التابع لحكومة النظام للعام 2004 وتعديلاته للعام 2011 وفق معدل النمو السكاني في سوريا.
([4]) يقصد بالشخصية الاعتبارية تمتع الوحدة الإدارية بالذمة المالية المستقلة والأهلية القانونية للقيام بالتصرفات القانونية المختلفة كإبرام العقود وحق التقاضي أمام القضاء وامكانية مقاضاتها من الغير، والموطن المستقل عن الأفراد المكونين لها، ووجود شخص يعبر عن إرادة هذه الوحدة ويتصرف باسمها ويمثلها، إضافة إلى تمتعها بالمسؤولية المدنية والإدارية الكاملة.
(5) الحكومة السورية المؤقتة ومنظمة التنمية المحلية، أطلس المعلومات الجغرافي، مرجع سابق.
([6]) تم احتساب انتظام الدورات تبعاً لمقارنة عمر المجلس بعدد الدورات المصرح عنها ومدة الدورة الواحدة في المقابلة حيث يتم اعتبار أن المجلس يجري دورات انتخابية منتظمة إذا كان عمر المجلس مساوياً عدد الدورات أو عددها ناقصاً 1، حيث يتم مراعاة تأخير اجراء الانتخابات لمدة سنة على الأكثر بسبب الأوضاع الأمنية.
([7]) بحسب جدول المجالس الفرعية التابعة لمجلس المحافظة والذي حصل عليه الباحث من مكتب شؤون المجالس الفرعية في محافظة إدلب.
([8]) يُتعارف في الكثير من مناطق محافظة إدلب على تسمية العوائل بالطوائف.
لا يزال الملف الأمني في مناطق درع الفرات وعفرين وادلب وما حولها من أكثر التحديات والاختبارات التي تواجه القوى المسيطرة على تلك المناطق؛ فمن جهة أولى فإنه سيكون لتداعيات هذا الملف أثراً واضحاً على استحقاقات هذه المنطقة سواء فيما يتعلق بالبيئة الآمنة أو فيما يرتبط بعمليات التنمية والاستقرار (أو التعافي المبكر)؛ ومن جهة ثانية وفيما يرتبط بالاغتيالات التي تلقي بظلالها على الواقع الأمني فتجعله متعدد الدلالات؛ فإن الاغتيالات التي باتت سمة بارزة للواقع الأمني لم يعد البحث فيها عبارة عم كشف ملابسات جنائية بقدر ما هو محاولة لتلمس إمكانية وجود أسباب سياسية متسقة مع سياسات الاقتتال المحلي، ناهيك عن فهم الأسباب الأمنية المؤدية لتلك الحوادث. وفي محاولة لتتبع هذه القضية وتحليل مؤشراتها وقياس آثارها الأولية، قامت وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بتصميم نموذج رصد لهذه العملية ([1])؛ وتحليل بياناته ضمن هذا التقرير الذي يبين توزع عمليات الاغتيالات في الشمال المحرر (إدلب وما حولها، غصن الزيتون، ردع الفرات) منذ شهر تموز وحتى أيلول 2018، كما يشمل التقرير جزء خاص بمحاولات الاغتيالات التي حدثت في المنطقة العازلة بمحافظة إدلب والمناطق المحيطة بها خلال شهر تشرين الأول 2018([2]).
بلغت محاولات الاغتيال من شهر تموز حتى أيلول 159 محاولة في مناطق التي تم رصدها؛ وهي نسبة مرتفعة بالمقارنة مع التقرير السابق (قراءة أولية... الاغتيالات في مناطق المعارضة والفصائل الجهادية خلال النصف الأول لعام 2018)؛[3] إذ بلغ مجموع تلك المحاولات 212 محاولة خلال فترة رصد لمدة ستة أشهر، بينما تشير الأرقام في هذا التقرير الى وجود 20 محاولة في منطقة غصن الزيتون "عفرين" و46 محاولة في مناطق ردع الفرات، إضافة ل 93 محاولة في باقي المناطق "ادلب وما حولها"؛ (انظر الشكل المجاور) .
وفيما يخص منطقة درع الفرات تؤكد البيانات أنها شهدت 46 محاولة اغتيال بلغ أقصاها في شهر أيلول بمجموع (38) محاولة؛ تلك المنطقة التي يفترض لها أن تكون أكثر ضبطاً من الناحية الأمنية بحكم اشراف "الضامن التركي" وبحكم مأسسة العمل العسكري والأمني المحلي فيها (الجيش الوطني والشرطة الحرة)، الا أن محاولات الاغتيال من قبل خلايا تتبع للنظام أو تنظيم "داعش" أو الوحدات الكردية مستمرة.
كما توضح عملية تحليل البيانات أن الجهة الأكثر استهدافا بمحاولات الاغتيال هي الجهات المدنية بـ 30 محاولة اغتيال في حين حلت الفصائل المصنفة كمعتدلة في المرتبة الثانية بـ 16 محاولة اغتيال (الشكل رقم 4)؛ ولجأ منفذو عمليات الاغتيال لعدة وسائل وطرق لتنفيذ عملياتهم حيث كانت عن طريق العبوة الناسفة بحصيلة بلغت27 محاولة بينما حلت أداة الاطلاق الناري المرتبة الثانية ب 18 عملية من حيث أدوات التنفيذ وجاء الطعن ثالثاً بحالة وحيدة (الشكل رقم 3)؛ أظهرت نتائج تحليل البيانات ان 26 % من مجموع المحاولات نجحت في اغتيال الجهة المستهدفة بينما فشل المحاولات باغتيال الجهة المستهدفة بلغ 74% من مجموع المحاولات في منطقة درع الفرات (الشكل رقم 5). تبين من خلال الرصد ان 10 محاولات قامت بتنفيذها غرفة عمليات غضب الزيتون بينما بقيت 36 حالة مجهولة المنفذ (الشكل رقم 6).
كما تشهد منطقة عفرين أيضاً ذات المظاهر الدالة على الفلتان الأمني لا سيما من جهة "محاولات الاغتيال" خاصة بعد ظهور غرفة عمليات سميت "غضب الزيتون" التي أصدرت بياناً توضح به عدم تبيعتها لأي جهة سياسية أو عسكرية؛ وأنها لن تتعامل مع العناصر كأسرى حرب إنما سيتم تصفيتهم ميدانياً حتى "تحرير" عفرين. ([4]) إذ نفذت غرفة عمليات "غضب الزيتون" 20 محاولة اغتيال خلال فترة الرصد الممتدة من تموز حتى نهاية أيلول 2018 كلها حققت أهدافها وأدت إلى موت الجهة المستهدفة وكانت أداة التنفيذ متشابهة في جميع حالات الاغتيال وهي الإطلاق الناري[5].
وفقاً للتقرير السابق فقد شهدت منطقة إدلب وما حولها عمليات اغتيالات واسعة لاسيما في شهر نيسان 2018 واستهدفت جهات مدينة بالإضافة إلى مقاتلين من الجبهة الوطنية للتحرير، هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى تم تصنيفها كفصائل متطرفة مثل تشكيل "حراس الدين"؛ بينما بلغت الاغتيالات خلال الفترة المدروسة في هذا التقرير 93 حالة اغتيال خلال الربع الثالث من العام 2018 بلغت أقصاها في شهر أيلول حيث بلغت المحاولات 45 محاولة اغتيال، بينما بلغت في تموز 28 محاولة، وجاء ثالثا شهر أب ب 20 محاولة؛ الشكل رقم (8)
ويوضح تحليل البيانات الخاصة بإدلب وما حولها أن الجهات المدنية هي الأكثر استهدافاً في منطقة إدلب وما حولها ب 47 محاولة اغتيال، في حين حلت هيئة تحرير الشام في المرتبة الثانية ب 36 محاولة اغتيال شملت العسكريين والشرعيين، تليهم ثالثا الجبهة الوطنية للتحرير ب 10 محاولات (الشكل رقم 9)؛ وأن 84 محاولة نفذت بالتساوي من حيث أداة التنفيذ، حيث قام منفذو عملية الاغتيال باستخدام الأدوات التالية (إطلاق ناري – عبوة ناسفة – لغم ارضي – طعن) لتنفيذ عملياتهم، وتشير البيانات الى وجود 42 محاولة نفذت بإطلاق ناري ومثلها بعبوة ناسفة بينما نفذت 4 محاولات عن طريق اللغم الأرضي و5 محاولات نفذت بطعن الجهة المستهدفة (الشكل رقم 10)؛
وفيما يتعلق بنتيجة محاولات الاغتيال، تظهر البيانات ارتفاع نسبة المحاولات الناجحة مقارنة بتلك الفاشلة، إذ بلغت نسبة المحاولات التي نجم عنها موت المستهدف 65%، مقارنة بـــ 35% فشلت في قتل الجهة المستهدفة؛ أي أن ثلث المحاولات فاشلة، (الشكل رقم 11).
هيئة تحرير الشام كجهة مُستهدَفة أو مستهدِفة فتوضح البيانات أن أكثر المحاولات الحاصلة منفذها مجهول وغير معروف بينما نفذت هيئة تحرير الشام محاولتين اغتيال؛ كما امتاز شهر تشرين الأول\أكتوبر باستهداف قيادات معروفة في صفوف الهيئة وأغلبهم كان من التيار الأجنبي المعروف بأنه الأكثر تشدد والذي أبدى اعتراض واضح على اتفاق إدلب الأخير في اجتماعات الهيئة التي حصلت بعد الاتفاق، حيث بلغ مجموع المحاولات في تشرين الأول 26 محاولة نفذ منها 18 محاولة في إدلب و6 محاولات في حلب ومحاولتين فقط في حماه.؛ واستهدِفت هيئة تحرير الشام ب 17 محاولة، تلاها الجهات المدنية ثانيا ب 5 حالات ثم الجبهة الوطنية للتحرير ب 4 حالات كما هو واضح في (الشكل رقم 12)؛ تلك المحاولات التي استهدفت بها الهيئة خلال شهر تشرين الأول كانت 7 محاولات لقيادات اجنبية و3 لقيادات محلية، بينما بلغت 4 محاولات للمقاتلين الأجانب مقابل 3 حالات للمقاتلين المحليين.
تفيد القراءة الأولية لنتائج تحليل البيانات بجملة من الخلاصات التي من شأنها التأكيد على تنامي عوامل التدهور الأمني ومؤشرات البيئة غير المشجعة للاستقرار؛ كما تؤكد تلك النتائج على فشل القوى الفاعلة في تطوير أدواتها وقدرتها للحد من هذه العمليات وكشف ملابساتها ومسبباتها؛ ناهيك عن أن تزايد مؤشرات حالة الفلتان الأمني في مناطق درع الفرات وعفرين على سبيل المثال فإنه سينعكس حتماً على سياسات التعافي المبكر ومتطلبات الاستقرار ويدعم كافة المقاربات المراهنة على فشل المعارضة في التصدي لتحدياتها الأمنية؛ فوجود جهاز موحد للشرطة الحرة غير كافي لفرض الأمن؛ إذ ينبغي العمل على تكثيف الجهود المتعلقة بالجانب الاستخباراتي لا سيما تلك المتعلقة بعمليات غرفة "غضب الزيتون" والذي يتطلب بدوره تطوير الموارد البشرية وزيادة كفاءتها، ناهيك عن تكثيف الحملات الأمنية ( والتي بدأت )
وبقراءة البيانات المتعلقة في منطقة ادلب وما حولها؛ فهي عموماً تشير إلى جملة من العوامل الدافعة إلى ارتفاع نسب الفوضى وتبرز بشكل جلي عدم قدرة الأجهزة المعنية بالعمل الأمني على اكتشاف منفذو الاغتيال ودوافعهم ومحاسبتهم؛ وهو أمر قد تعود مسبباته لانتشار خلايا نائمة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية او تابعة لاستخبارات النظام من جهة؛ ولملامح اقتتال داخلي نوعي عابر للعناصر العسكرية ويصل إلى استهداف المدني من جهة ثانية؛ وفيما يتعلق ب "حرب الاغتيالات داخل الهيئة" فإنه لا يمكن اعتبارها إلا حرب سلطة خصوصا بين تيارين (العناصر المحلية والعناصر الأجنبية) من جهة ثالثة. إذاً توضح عمليات الاغتيال وازدياد نسبها في مناطق درع الفرات وعفرين وإدلب الهشاشة الأمنية في هذه المناطق.
ملحق جدول الاغتيالات ضمن نسخة التحميل..
([1]) وفيما يتعلق بمصادر التقرير فهي على الشكل التالي: 1) نقاط الرصد الخاصة لوحدة المعلومات في الشمال المحرر. 2) التقرير الأمني الخاص من مكاتب منظمة إحسان الإغاثية في الشمالي المحرر؛ 2) الحسابات الرسمية للجهات التي تم استهدافها (الجبهة الوطنية، هيئة تحرير الشام، حراس الدين وغيرها)؛ 3) الحسابات الرئيسية للوكالات المحلية التي تقوم بتغطية الأحداث في محافظة إدلب وما حولها.
([2]) توضيح: التقرير يقوم برصد محاولات الاغتيالات كافة بغض النظر عن نجاحها أو عدمه
([3]) "قراءة أولية ... الاغتيالات في مناطق المعارضة والفصائل الجهادية خلال النصف الأول لعام 2018"؛ تقرير خاص صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ 8/يوليو/2018، الرابط: https://goo.gl/r3GhmM
([4]) وهي وفقاً لتعريفها عن نفسها مجموعة من شباب وشابات عفرين، ويعتقد بأنها تتبع للوحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي يقومون باغتيال المقاتلين الاتراك المتواجدين في المنطقة بالإضافة إلى المقاتلين المحليين المدعومون من تركيا وتدعي هذه المجموعة عبر صفحتها الرسمية قيامها خلال فترة شهري حزيران واب بتنفيذ 26 عملية قتلت من خلاله 45 مقاتل وجرحت 43؛ للاطلاع والتعرف على هذه المجموعة انظر الرابط: http://www.xzeytune.com
([5]) وفيما يلي أبرز الاغتيالات التي تبنتها "غضب الزيتون" مؤخراً: حزيران 2018: اغتيال الناشط الكردي "أحمد مستو" في منطقة عفرين بريف حلب؛ تموز 2018: اغتيال ثلاثة مقاتلين من فرقة السلطان مراد في عفرين؛ آب 2018: اغتيال المدعو عكاش حجي أحمد علي، في قرية دير صوان، بمقاطعة عفرين؛ أيلول 2018: اغتيال أحد عناصر فرقة الحمزة في الجهة الشرقية من منطقة عفرين
يركز هذا التقرير على توصيف المشهد الميداني قبل الاتفاق والسياق العسكري الذي أفضى إلى اتفاق المنطقة العازلة ويوضح طبيعة هذا الاتفاق ودوافعه ومواقف القوى الميدانية حياله، مستعرضاً أبرز التحديات التي تعترضه لا سيما تلك المتعلقة بالميليشيات الإيرانية المنتشرة على محيط المنطقة او تلك المرتبطة بمصير هيئة تحرير الشام.
شهد مطلع شهر سبتمبر/أيلول 2018، تمركز حشود من قِبل قوات النظام وبعض الميلشيات المحسوبة على إيران بالقرب من إدلب، وتحديداً على الجبهات الاستراتيجية في محافظة إدلب([1])؛ إذ أكد النظام وحلفائه (مراراً وتكراراً) أنهم ماضون باتجاه استرجاع محافظة إدلب وذلك ضمن إطار استكمال استراتيجية "بسط السيطرة والنفوذ"؛ ومما عزز دوافع هذا الاسترجاع المتخيل أهمية المحافظة ودورها في تحسين ظروف التنمية التي تشكل أبرز تحديات النظام الراهنة؛ تلك الظروف التي ستتحسن باسترجاع الطريقين الدوليين (M5)، (M4) وما سيشكله عودة الزخم التجاري من أثر مادي.
ناهيك عن نية النظام استثمار سيناريو "المصالحات" وتطبيقه على إدلب بغية إخراج المعارضة المسلحة هناك عن معادلات الصراع وبالتالي تجاوز أسئلة صراع النظام والمعارضة والانتقال إلى مستويات جديدة؛ وفي سبيل ذلك بدأت خطط الانتشار والتمركز والتي كان أغلبها قريباً من نقاط المراقبة التركية في إدلب، الأمر الذي استدعى من الجانب التركي بإرسال تعزيزات عسكرية على نقاط مراقبتها في كلٍ من:
زادت الحشود العسكرية من الجانب التركي والقوات الموالية نسبة التوتر في المنطقة، وارتفعت نسبة العمليات العسكرية من قبل الجبهة الوطنية وهيئة تحرير الشام من جهة وقوات النظام والميلشيات الإيرانية من جهة أُخرى.
بالعموم تشكلت مجموعة من الهواجس الروسية والتركية والتي ساهمت في اختبار الأدوات السياسية للحل، فعلى الجانب التركي ارتفعت وتيرة الحذر من تبعات تلك العملية على المستوى الإنساني التي سترتد بالدرجة الأولى على تركيا لا سيما بتلك المتعلقة بالقدرة على استيعاب موجة اللجوء والتي سوف تترافق مع هجوم قوات النظام، حيث يبلغ عدد سكان محافظة 3 ملايين مدني، ثلثهم من النازحين داخلياً بسبب النزاع المستمر منذ سبع سنوات؛ ناهيك عن الهاجس الأمني التركي الذي يرى بالعملية تهديداً لخطوط الدفاع الأمامية لمنطقتي درع الفرات وغصن الزيتون وهي مناطق النفوذ التركي المشكلة كواقع صد ضد طموحات الPYD الذي لا يزال يسير بمفاوضات مع النظام؛ لذلك تعد خسارة إدلب أو انسحاب تركيا من نقاطة مراقبتها الـ 12 بمثابة إيعاز بقرب انسحاب تركيا من الشمالي السوري، لذا حاولت تركيا قبل 17 أيلول/ سبتمبر إلى الوصول إلى اتفاق يرضي أطراف الأستانة ولا يضر بمصالحها في الشمال السوري.
أما الهواجس المتعلقة بالجانب الروسي فتتمثل بالدرجة الأولى بعدم رغبة موسكو في إفشال اتفاق الأستانة بحكم اعتباره التحالف الدولي الأقوى الأن في سورية؛ كما تعي روسيا بأن وقوفها ضد الجانب التركي سوف يؤدي إلى تقوية العلاقة الأمريكية-التركية، وهذا أمر قد ينعكس على روسيا بشكل سلبي في سورية؛ كما طمحت موسكو في اختبار الأدوات السياسية بغية الحد من هجمات الطائرات المسيرة (Drones) على المواقع العسكرية الروسي في مطار حميميم وسهل الغاب؛ ناهيك عن أن العدد المحدود للقوات الروسية البرية أو القوات المحلية الموالية لها سيجعل الميليشيات الإيرانية هي القوات الأكثر قدرة على ملء أي فراغ في إدلب، وهو أمر قد لا ترغب رسيا بحدوثه، خاصة بعد تجاربها في ريف حلب الشرفي، ريف الرقة الجنوبي، ومحافظة دير الزور.
ساهمت تلك الهواجس التركية والروسية في الدفع باتجاه عقد قمة طهران التي جرت في 7 أيلول/سبتمبر 2018 بهدف الوصول إلى مخرج يراعي كافة الهواجس؛ وعلى الرغم من وضوح الخلافات بين تلك الدول في هذه القمة؛ إلا أنه يمكن اعتبارها بمثابة "الخطوة الأولى" ضمن حركة الوصول لاتفاق المنطقة العازلة في إدلب والذي أعلنت عنه كلٍ من روسيا وتركيا في 17 أيلول/ سبتمبر 2018.
مع إعلان الاتفاق بين روسيا وتركيا حول إنشاء منطقة عازلة في إدلب، نشرت بعض الجهات الرسمية من الجانبين الروسي والتركي مواصفات تلك المنطقة؛ وكان الحديث في بداية الأمر على أنه سيتم اقتطاع 7.5 إلى 10 كم من مناطق الثوار ومثلها من مناطق النظام، أي ممنوع تواجد قوى الثورة السورية وقوات للنظام في هذه المنطقة، وسيتم تسيير دوريات تركية روسية مشتركة فيها، فيما سوف تقوم تركيا بدعم مناطق قوى الثورة السورية لوجستياً، وتبقى روسيا المشرفة على مناطق النظام([3]).
فيما بعد تم توضيح بند انسحاب الفصائل من المنطقة العازلة، وتم التأكيد أن الانسحاب يشمل "القوات المتشددة" بسلاحها الخفيف والثقيل، فيما يحق لقوى الثورة السورية البقاء ولكن تحت إشراف القوات التركية في المنطقة.
تمتد المنطقة العازلة من شمال غرب حلب بالقرب من بلدتي نبّل والزهراء والتي تعتبر من أبرز معاقل الميليشيات الموالية لإيراني في الشمال الحلبي وحتى بلدة صوران شمال حماة، وتلامس المنطقة العازلة حدود مدينة حلب ومعظم الأوتوستراد الدولي (M5) المار بمناطق سيطرة قوى الثورة السورية، وثم تمتد المنطقة العازلة من بلدة صوران شرقاً وحتى السقيلبية، أما الحدود الغربية للمنطقة العازلة فتمتد على طول سهل الغاب الأوسط وحتى جبل التركمان، وكذلك شهدت هذه المنطقة بناء مراكز للشرطة العسكرية الروسية والتي حدث على إثرها خلافات حادة مع قوات الفرقة الرابعة وقوات الدفاع المحلي الموالية لإيران.
ومع نهاية شهر أيلول\سبتمبر 2018، نشرت بعض المواقع الموالية للنظام خبراً تتحدث فيه بأن المنطقة العازلة لن تكون بالمناصفة بين مناطق سيطرتي قوى الثورة والنظام[4]، وأكد الخبر أن المنطقة سوف تكون في مناطق قوى الثورة السورية بعق 15 كلم بدأً من نقاط التماس وهو الأمر الذي تم نفيه من قبل الجبهة الوطنية للتحرير وفيلق الشام([5]).
أما فيما يتعلق بمواقف القوى العسكرية المتواجدة في إدلب فترى الجبهة الوطنية للتحرير (على لسان عمر حذيفة الشرعي العام) أن أمر ترسيم المنطقة العازلة هو حل مرحلي وليس نهائي، ولذلك فإن الدخول التركي للمناطق المحررة بحدودها الآنية هو قرار دولي ولن يتم الانسحاب إلا بقرار دولي آخر؛ كما صرح النقيب ناجي المصطفى "المتحدث الرسمي للجبهة الوطنية للتحرير" بأن النقاط العسكرية التابعة لفصائل قوى الثورة السورية ستبقى تحت سيطرتها، وبكامل جاهزيتها "لأن النظام السوري والميليشيات الموالية لا تلتزم بالعهود والمواثيق".
من جهته وضح العقيد مصطفى بكور "المتحدث الرسمي لجيش العزة" بأن جميع نقاط جيش العزة توجد ضمن المنطقة العازلة، ولكنه ما زال وسيبقى بنقاطه العسكرية، وأي قرار بشأن سحب السلاح الثقيل أو تسليم النقاط سيُحدد لاحقاً خلال اجتماع مجلس الشورى الخاص بالجيش وبما يتناسب مع مصلحة الثورة([6])، ورفض الجيش (على لسان الرائد جميل الصالح القائد العام لجيش العزة) تسيير دوريات روسية في الجانب المحرر من المنطقة العازلة التي تم التوصل إليها في اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا، وأكد أن جيش العزة لن يقبل بأن تكون المنطقة العازلة من الجانب المحرر فقط وطالب بأن تكون مناصفة بين مناطق الثوار ومناطق النظام، مع التأكيد على رفض قيادة الجيش فتح الطرق الدولية في الشمال السوري (M5-M4) إلا بعد إطلاق سراح المعتقلين من سجون النظام.
يعتبر الاتفاق "أفضل سيناريو" في الوقت الحالي بالنسبة لكل من تركيا وروسيا، وعلى الورق لا تشوب الاتفاق لا أي شائبة، لكن تنفيذه لن يكون مهمة سهلة، إذ أنه يجب أخذ عدة نقاط في الاعتبار قبل نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018 من قِبل الجانب التركي والروسي؛ فأبرز تحديان على الجانب التركي يتمثلان في الآتي:
بينما على الجانب الروسي يعد الاختبار الأثقل هو التحكم في الميليشيات الإيرانية والسيطرة على قرارها؛ حيث عَجِزَت موسكو من تحقيق ذلك في عدة مناسبات سابقها ولعل أبرزها كان في محافظتي حلب ودير الزور، فما الذي يميز هذا الاتفاق؟ وما هي الضمانات الروسية على عدم محاولة الميليشيات بالاستفادة من تحول خطوط الدفاع الأولى في إدلب إلى منطقة عازلة منزوعة أو محدودة السلاح؟ خاصة أن الميليشيات الموالية لإيران تتمركز في مدينة حلب وأريافها، بعض المواقع في ريف حماه الشمالي، وقاعدة جورين في سهل الغاب. ويفيد الجدول أدناه بحجم هذا التواجد في المناطق المحيطة بالمنطقة العازلة وصعوبة ضبطه روسياً.
لعل ما ميز المرحلة ما بعد إعلان اتفاق إدلب هو إسراع الجانب الروسي إلى تسويق جديته في تطبيق الاتفاق، حيث نشرت عدة وسائل إعلام روسية رسمية خبر انسحاب قوات النظام وعدة ميليشيات من جورين في سهل الغاب، كرناز في حماه الشمالي، وأبو دالي في ريف حلب الجنوبي، وهذا الأمر ليس كما نشره الروس([8])، حيث واجهت الشرطة الروسية عدة صعوبات في التعامل مع قوات النظام والميليشيات ولعل أبرزها كان في قاعدة جورين بسهل الغاب، حيث رفضت قوات الدفاع المحلي الموالية لإيران الانسحاب من مواقعها وكاد أن يصل الوضع إلى الاشتباك المباشر مع الشرطة العسكرية الروسية([9]). وفي نهاية المطاف رضخت روسيا إلى مطلب قوات الدفاع المحلي وأنشأت مركز صغير للشرطة العسكرية داخل القاعدة، طريقة تعامل روسيا مع هذه الحادثة من أهم المؤشرات التي تبرهن عدم قدرة روسيا ضبت الميليشيات الموالية لإيران([10]).
على صعيد الاستهداف العسكري، فلوحظ غياب الطيران الروسي بشكل كامل من بعد توقيع الاتفاق مع انخفاض نسبة الاستهداف الصاروخي من قبل قوات النظام، وغالبا ما يعلل إعلام النظام تلك الضربات بسبب وجود القوات المتطرفة أمثال هيئة تحرير الشام وحراس الدين. وفيما يتعلق بالواقع الأمني داخل مناطق سيطرة قوى الثورة السورية، لم يحدث أي تغير على صعيد الاغتيالات والمفخخات، فسياسية التصفية وإضعاف الهيكلية الأمنية موجودة في مناطق قوى الثورة منذ شهر نيسان/أبريل 2018، لذا لا يمكن ربط حوادث الاغتيالات والمفخخات التي حدثت في النصف الثاني من شهر أيلول/سبتمبر باتفاق المنطقة العازلة في إدلب.
ويعد ملف هيئة تحرير الشام وهو الملف الأكثر اختباراً للاتفاق؛ وهو أمر تعاملت معه الهيئة بشديد من الحرص فعلى الرغم من ظهور انقسام داخلي إلا أن الموقف العام اتى على شكل موافقة على الاتفاق على الأقل في الوقت الحالي؛ وتمثل بانسحاب هيئة تحرير الشام من محيط نقاط المراقبة التركية في ريف إدلب الجنوبي وتسليمها لفيلق الشام؛ وصد الهيئة بالتعاون مع الجبهة الوطنية لمحاولة بعض الميلشيات الموالية لإيران من التقدم على جبهة جبل التركمان؛ ومنعت فصيل حراس الدين من أن يقوم بعمل مضاد يستهدف مواقع النظام؛ كما سمحت حكومة الإنقاذ لبعض المنظمات بمعاودة نشاطها في مناطق مختلفة من إدلب، بعدما كانت تحظر أي نشاطٍ لها في إدلب([11]).
وفي هذا الصدد يوضح المطلعون على بنية الهيئة تنامي تيارين داخلها الأولى بقيادة (أبو محمد الجولاني) أمير التنظيم، ويبدي جاهزيته للانخراط في الجبهة الوطنية للتحرير، بينما التيار الثاني يقوده "أبو اليقظان المصري" ويرفض ذلك تماما، ويدفع نحو رفض الاتفاق، ولعل ما يؤكد ذلك هو حملة الاعتقالات التي قام بها الذراع الأمني لهيئة تحرير الشام واعتقلت مقاتلين من الجنسية المصرية من هيئة تحرير الشام دون توضيح سبب الاعتقال. وفي هذا السياق ينبغي التوضيح على أنه هناك ست مجموعات غادرت مع قياداتها إلى جهات أكثر تشدداً مثل حراس الدين وأنصار الإسلام.[12]
وعموماً في حال عملت الهيئة على المستوى الميداني على عرقلة الاتفاق فإنه يرجح إحدى السيناريوهين إما بدء عمل عسكري على هيئة تحرير الشام من قبل تركيا والجبهة الوطنية للتحرير؛ أو اقتناص الروس الفرصة ودعم النظام وحلفائه للدخول إلى إدلب مما يجعل تداعيات هذا الأمر مفتوحة وبالغة الحدية.
ختاماً؛ ينبغي التأكيد على أن هذا الاتفاق والذي أقل السيناريوهات ضرراً فإنه يحمل في طياته تحديات بالغة الأهمية تتطلب تعاملاً نوعياً حيالها؛ والبناء على هذا الاتفاق لضمان إعادة تمتين القوة الدفاعية وضبط البنية المحلية أمنياً وإدارياً؛ حيث أن التعاطي مع أن هذا الاتفاق على أنه اتفاق نهائي فإن معطيات الواقع الميداني تدلل على مؤشرات لا تزال قيد الاختبار.
([1]) سهل الغاب (جورين) – ريف اللاذقية الشمالي – ريف حماه الشمالي – ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
([2]) مواصفات مدفعية الـ T-155: https://goo.gl/5UWkS3
([3]) سوريا: ما هي بنود اتفاق إنشاء منطقة منزوعة السلاح بإدلب؟ - BBC - 18 سبتمبر/ أيلول 2018 - https://goo.gl/dPyMh2
([4]) ارتباك في صفوف المعارضة مع اقتراب تطبيق اتفاق إدلب – جريدة الحياة – 1 تشرين الأول - https://goo.gl/TGLUkC
([5]) إدلب.. فيلق الشام ينفي الانسحاب من المنطقة العازلة – العربية - 30 سبتمبر/ أيلول 2018 - https://goo.gl/YVqNfz
([6]) “جيش العزة” يرفض شروط المنطقة العازلة في اتفاق إدلب – عنب بلدي - 30 سبتمبر/ أيلول 2018 - https://goo.gl/bvEcRB
([7]) المعلومات هي نتائج تقرير خاص غير منشور من مسار الإدارة المحلية في مركز عمران قبل نهاية عام 2018
([8]) أجرت وحدة المعلومات بتاريخ 3 تشرين الأول مقابلة مع المتحدث الإعلامي في الجبهة الوطنية للتحرير والذي أكد على أن انسحاب الميليشيات الإيرانية يجري ببطء وليس كما يصرح الإعلام الروسي.
([9]) أجرت وحدة المعلومات بتاريخ 1 تشرين الأول مقابلة مع مصدر خاص مقرب في مناطق النظام بسهل الغاب والذي أكد حدوث خلافات بين الشرطة العسكرية الروسية وقوات الدفاع المحلي الممولة من إيران.
([11])أكد أحد كوادر المجالس المحلية في جبل الزاوية بتاريخ 2 تشرين الأول أن حكومة الإنقاذ سمحت لبعض المنظمات الإغاثية بمعاودة مزاولة نشاطاتها ولكن بشكل مراقب.
شارك الباحث معن طلاع من مركز عمران بتقرير أعده موقع سوريا 24، بعنوان: "إدلب معادلة معقدة بين أطراف الصراع على الأرض السورية"، والذي استطلع فيه أراء عدد من الشخصيات الغربية والسياسية العربية فيما يخص تطورات الوضع في إدلب.
حيث رأى طلاع بقراءته للتطورات الأخيرة (بدء القصف الروسي على مناطق في جسر الشغور؛ وزيادة التمترس التركي في قواعده، وكثرة الحديث عن ضغوطات تمارسها أنقرة تجاه هيئة تحرير الشام، وتجهيزات وتحضيرات النظام والميليشيات الإيرانية لحرب كبرى وما استلزمته من حرب نفسية؛ والتصريحات الغربية والأمريكية المحذرة من استخدام الكيماوي) دلالات على أن هناك توافقاً غير مكتمل الأركان حول إدلب، فالمؤشرات العسكرية توضح أن خطوط التفاهم الأمني قد أنجزت، وهي تحديد خارطة الأهداف المتعلقة “بتحرير الشام” و”حراس الدين” بما لا يؤثر على مقاربات أنقرة الأمنية التي تعتبر إدلب خطاً دفاعياً متقدماً لمنطقتي درع الفرات وغصن الزيتون،؛ ومجالاً حيوياً أمنياً ينبغي أن لا يخضع لسلطة الأسد.
المصدرموقع سوريا 24 : https://bit.ly/2xg5wFj
رأى الباحث معن طلاع من مركز عمران، في حديثه لصحيفة القدس العربي حول اجتماع طهران المقبل، أن اتجاهات المشهد العام وحركية الدول الضامنة تدلل على أن الاجتماع سيحدد ثلاثة أمور رئيسية؛ أولها سيرتبط بمصير إدلب، ويتوقع فيه أن تمنح روسيا مزيداً من الوقت لتركيا لترتيب المشهد العام في المحافظة وتفكيك "هيئة تحرير الشام" وهو الأمر الذي تدفع باتجاهه أنقرة عبر سياساتها الأخيرة، أما الأمر الثاني الذي سيحدده الاجتماع فيتعلق بالبت في الإطار السياسي الناظم لعمل اللجنة الدستورية والدفع باتجاه البدء باجتماعاتها، في حين سيتناول الأمر الثالث رسم الأطر العامة لاستراتيجية "عودة اللاجئين" وسبل التعاون في إنجاز هذا الملف..
للمزيد النقر الرابط التالي: https://bit.ly/2MjB3R7
وضَّح مدير وحدة المعلومات بمركز عمران نوار أوليفر في حديثه مع صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 3 آب/ أغسطس 2018، ضن مادة نشرتها الأخيرة على موقعها بعنوان: "ألغام كثيرة أمام أي هجوم لقوات النظام على إدلب".
أن الدول الثلاث الضامنة لخفض التصعيد «لن تسمح بأي نوع من الحرب الواسعة النطاق في الشمال»، كما رجح أوليفر خلال المرحلة المقبلة، أن تقوم تركيا تزامناً مع عملها على توحيد صفوف الفصائل المعارضة، «بعملية عسكرية داخل إدلب للقضاء على الجزء المتشدد من (هيئة تحرير الشام) وبعض المجموعات المتطرفة» لتجنب هجوم دمشق وحلفائها.
للمزيد انقر الرابط التالي: https://bit.ly/2vJBoCs