شهدت سورية منذ منتصف عام 2023 حتى نيسان 2024 حراكاً شعبياً ضد “السلطات المحلية” في عدة مناطق. بدأ الحراك في منطقة شمال شرق سورية، إذ انتفض أبناء العشائر العربية ضد قوات سورية الديمقراطية "قسد"، لكن استطاعت قسد قمع الانتفاضة وملاحقة المشاركين بها. ثم جاءت مظاهرات السويداء ضد نظام الأسد في المحافظة بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية، لتتطور لاحقاً إلى المطالبة بالتغيير السياسي في سورية وفق القرار الأممي 2254. لم يلجأ النظام إلى استخدام العنف بشكل واسع في مواجهة المظاهرات، لكنه اعتمد سلوك الزعزعة الأمنية إضافة إلى المراهنة على عامل الوقت أملاً بخفوت المظاهرات. أما في شمال غرب سورية، بدأت القوى الشعبية في مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" بحراك ضد "حكومة الإنقاذ" و"جهاز الأمن العام" اللذين يقعان بشكل أو بآخر تحت السيطرة المطلقة لـ "أبو محمد الجولاني" الذي استفاد بدوره من استراتيجيات سلطتي الأمر الواقع في المنطقتين اللتين سبقتا إدلب إلى الحراك، واتبع استراتيجية مختلفة نوعاً ما عن قسد ونظام الأسد.
يحاول هذا المقال تفكيك الحراك في كل من المناطق الثلاث، من حيث أسباب انطلاقه، وذلك عبر فهم استراتيجيات تلك السلطات في التعاطي مع التحرّكات الشعبية والتعامل معها، والأسباب التي دفعت لاستخدام هذه الاستراتيجيات، والأدوات التي استعانت بها. إضافة إلى محاولة إبراز أوجه التباين بين النماذج الثلاثة ومعرفة الطرق التي استفادت من خلالها هذه السلطات من تجارب نظيراتها في المناطق الأخرى.
شمال شرق..عنف واختراقات في البنية المجتمعية
شهدت منطقة شمال شرق سورية في 25 تموز 2023 حالة توتّر استمرت عدة أيام، بدأت مع اندلاع اشتباكات بين قسد و"مجلس دير الزور العسكري" المنضوي تحتها، ليتوصل الطرفان إلى تهدئة مؤقتة انهارت مع اعتقال قسد رئيس المجلس "أبو خولة". على إثر الاعتقال، اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات قسد ومجلس دير الزور العسكري، حيث كانت قسد تحضّر لعملية أمنية تسعى فيها لتفكيك الأخير.
في البداية تمكنت العشائر العربية من طرد قوات قسد من معظم مدن وقرى ريف دير الزور الشرقي، وهي المنطقة الواقعة شمالي نهر الفرات، ثم توسعت الاشتباكات لاحقاً لتشمل أيضًا أرياف الحسكة والرقة وحلب. لكن هذه الاشتباكات توقفت بعد حوالي عشرة أيام بسبب عدم التوازن في القوى العسكرية بين الطرفين، واستطاعت قسد استعادة السيطرة على أغلب المناطق([1]).
يرجع سبب اتساع الحراك إلى امتداد القبائل والعشائر في هذه المنطقة بشكل متصل، حيث تتواجد في غرب حلب وإدلب والرقة ودير الزور والحسكة. ويشكل وجود تاريخ ثوري مشترك بين العشائر ضد النظام عاملاً محفزاً للحراك. إضافة إلى معاناتها من سياسات قسد من تهجير وظلم وتهميش([2]).
حاولت قسد استهداف البنية المجتمعية للحراك وتوظيف العامل العرقي ليكون أداة لتوقف الحراك ودب الخلاف بين مكونات المجتمع، وذلك باستخدام أدوات عديدة. أهمها، دفع مقاتلين من المكون العربي لإخماد الحراك([3]) في دير الزور وباقي المناطق. إذ هدف هذا النهج إلى إحباط عزيمة أبناء المنطقة وخلق شرخ كبير بين أبناء العرق الواحد، وهذا مشابه لما عمل عليه النظام لسنوات. وهكذا قوضت قسد الحراك باستخدام القوة واستطاعت السيطرة على قرية ذيبان وهي مسقط رأس إبراهيم الهفل الذي كان يقود الحراك والذي كان يعد شيخ قبيلة "العكيدات". ثم استدعت عمه هفل الهفل إلى" مؤتمر مجلس سوريا الديمقراطية الرابع"، وبالتالي استطاعت قسد اختراق أهم وأكبر القبائل المشاركة بالحراك([4]).
تعاملت قسد مع الحراك منذ بدايته بعنف،حيث استخدمت قواتها الخاصة لقمع أبناء العشائر، واتبعت استراتيجية الترهيب والعنف المباشر دون محاولة فهم مطالب أبناء المنطقة. واختارت قسد هذه الاستراتيجية عن غيرها لإدراكها عدم توازن القوى بينها وبين الطرف الأخر، باعتبار أن أبناء المنطقة لا يملكون أسلحة ومعدات كتلك التي تملكها قسد. إلى جانب ذلك، كان لدى قسد تخوف من الطروحات التي بدأت بالانتشار حول رغبة تركية -أمريكية- خليجية بالاعتماد على العشائر العربية في المنطقة، مما يشكل تهديداً على نفوذ قسد. وبالتالي، أرادت إلغاء أي تشكيل عسكري عشائري كي لا يكون بديلاً محليّاً محتملاً لها مع الدول الفاعلة. بالإضافة إلى تخوّفها من انتشار الحراك إلى المناطق الأخرى، وحينها سيكون من الصعب ضبط المنطقة من جديد. إذ إن أي زعزعة أمنية في منطقة شرق الفرات ستؤثر سلباً على قسد باعتبارها النموذج الحوكمي الأفضل في المنطقة من وجهة النظر الأمريكية، وتلك الزعزعة في حال حدوثها قد تعيد الحسابات الأمريكية حول كفاءة قسد في حكم المنطقة مستقبلاً وتقوي فرص العشائر في إنشاء علاقات أقوى مع أميركا وتركيا في آن واحد.
حاول نظام الأسد اختراق الحراك في دير الزور من خلال خلاياه المتواجدة في المنطقة ومن خلال بعض وجهاء العشائر التابعين له كمحاولة منه لتبنّي الحراك بقصد الإساءة للعشائر العربية، وزرع الشكوك بهذا الحراك لدى السوريين، وتأكيد سردية قسد على أن الحراك هو تمرد تقوده جماعات مدعومة من النظام والميليشيات الإيرانية. استخدم النظام شيخ عشيرة البقارة([5]) الموالي لإيران "نواف البشير"، الذي وجّه دعوات لشيوخ العشائر العربية حثّهم فيها على الانتفاضة ضد قوات سوريا الديمقراطية واستهداف مواقعها العسكرية في المناطق التي تسيطر عليها. كما التقى البشير، صحبة عدد من وجهاء العشائر العربية من مدينة الحسكة، بالرئيس السابق لـ "مكتب الأمن الوطني" في نظام الأسد اللواء علي مملوك في مطار القامشلي، حيث دعاهم الأخير إلى دعم جيش النظام وسحب أبنائهم من صفوف قوات سوريا الديمقراطية، مؤكداً أنه سيوفر المزايا والدعم الضروري لهم في حال تبنيهم الوقوف مع النظام.
مع كل هذه المحاولات، لم يُفلِح النظام في جذب عشائر المنطقة لعدة أسباب. أهمها، أن هناك تواجداً بارزاً لعدد كبير من أبناء وأخوة رؤساء العشائر في صفوف الجيش الحر، ولعدم وجود تقبّل مجتمعيّ للنظام في المنطقة التي عانت كثيراً من منهجية التدمير التي اتبعها النظام تجاههم.
السويداء..الزعزعة والفوضى الأمنية منهجاً
شهدت محافظة السويداء في آب 2023 حراكاً شعبياً يتضمن مطالباً بتحسين الأوضاع الاقتصادية والانتقال السياسي. كما تميزت ديناميات الحراك بمشاركة قسم من عشائر البدو في الحراك التي أضافت بمشاركتها بعداً وطنياً له، وأنه ليس مرتبطاً بالطائفة الدرزية فحسب. من ناحية أخرى؛ أفشلت هذه المشاركة محاولات النظام في دبّ الخلاف بين العشائر وأبناء المحافظة مثلما حدث في سبتمبر 2021. كما شهد الحراك توسعًا جغرافيًا ملحوظًا مقارنةً بموجات الاحتجاجات السابقة في المحافظة، ما يجعل موقف النظام صعباً لعدم وضوح مآلات الحراك وفيما إن كان سيمتدّ إلى مناطق أخرى أم لا.
أضاف تأييد شيوخ الطائفة الثلاثة (حكمت الهاجري، يوسف الجربوع، حمود الحناوي) لمطالب الحراك نقطة قوة لدى المتظاهرين، إذ إن تأييد المرجعية الدينية، ذات الأثر الكبير على المجتمع المحلي، دفع أبناء المجتمع للمشاركة الفاعلة بشكل أكبر. ومع ذلك، كان هناك اختلاف على مستوى خطابات المرجعية الدينية وتباين بين مواقف شيوخها من نظام الأسد. لكن ورغم هذه التباينات، ما تزال هناك حالة حصانة داخلية ضمن المجتمع الذي كان يعاني من توترات سابقة بسبب مواقف الشيوخ من النظام، مثل دعوة الشيخ حكمت الهاجري لأبناء السويداء عام 2018 للالتحاق بالخدمة العسكرية وعدم التخلف عنها([6]).
حالة التلاحم ودعم الحراك من قبل المرجعية الدينية لم تدم طويلاً، حيث استطاع النظام اختراق وحدة القرار في المرجعية الدينية من خلال استغلال وجود رموز درزية ببنية النظام، ومنها محافظ ريف دمشق التابع للنظام "صفوان أبو سعدة"، الذي أجرى اجتماعات متكررة مع الشيخ "يوسف الجربوع" الذي أعلن لاحقاً تأييده للنظام ورفض التظاهر ضده.إلا أن "الجربوع" أكد دعمه للمطالبات المعيشية المحقة، وفقاً لبيان صدر عن دار "عين الزمان" الذي يترأسه. لكنه لم يتطرّق إلى المطالب الرئيسية التي ينادي بها متظاهرو السويداء بشكل علني، والتي تتمثل في إسقاط النظام ورحيل الأسد([7]).
تعامل النظام مع الحراك بشكل أمني، حيث لم يكن لديه رغبة في الوصول إلى خيار المواجهة الشاملة، وذلك عبر التعامل مع الحراك كحالة محلية معزولة عن البيئة الوطنية السورية الشاملة، وذلك لعدّة أسباب، أولاً الحفاظ على توازن القوة العسكرية بين الفصائل المحلية المؤيدة للحراك والمقربة من المرجعيات الدينية من جهة، وبين الميليشيات المقربّة من إيران التي تعمل في تجارة المخدرات والزعزعة الأمنية ومناهضة للحراك من جهة أخرى. ثانياً عدم رغبة النظام في إثارة حالة من الغضب في صفوف أقلية "الموحّدين الدروز" ذات الامتداد الإقليمي في سورية ولبنان وفلسطين. ثالثاً الحفاظ على صورة "حامي الأقلّيات" التي يحب النظام تصديرها للعالم. إلا أن هذه السياسة قد تتغير مع الوقت ومع مدى قدرة النظام على استيعاب وضبط الحراك بالحد الأدنى خاصة بعد إرسال رتل عسكري للمخابرات الجوية مؤخراً على أثر اعتقال أحد ظباط النظام من قبل المتظاهرين وهذا يعتبر مؤشر للتصعيد ولإمكانية تغير سياسات النظام تجاه الحراك([8]).
إدلب..سياسة احتواء أمنية دقيقة
تصاعدت التوترات في شمال غرب سورية مع اتساع دائرة المظاهرات المناهضة لهيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ السورية، إذ طالبت هذه المظاهرات بتنحي قائد الهيئة "أبو محمد الجولاني"، وبإطلاق سراح المعتقلين من سجون "الهيئة"، وبإجراء انتخابات لاختيار مجلس شورى ومجلس لقيادة "المناطق المحررة"([9]).
نتجت هذه التظاهرات عن أسباب عدة، منها خلاف داخل الهيئة، التي تعاني من صراع داخلي وتخبط بسبب تجميد مهام الرجل الثاني الذي اعتقل ثم اغتيل مؤخراً "أبو ماريا القحطاني"، بالإضافة إلى انشقاق القيادي الثالث جهاد عيسى الشيخ (المعروف أيضًا بأبو أحمد زكور)، والذي كشف عن قضايا تتعلق بتورط قائد الفصيل "أبو محمد الجولاني" بعدة أمور، من بينها التورّطَ بتفجيرات والتعاون مع جهات استخباراتية أجنبية([10]).
وعلى أثر هذه الفوضى الداخلية ارتفع مستوى احتقان الشارع تجاه سياسات “السلطات المحلية”، كما ازدادت التوترات في ظل الاعتقالات التي نفذتها الهيئة خلال العام الماضي، حيث اعتقلت ما يقارب 1000 شخص، بينهم عناصر وقادة عسكريون وأمنيون، بتهمة التعاون مع روسيا ونظام الأسد والتحالف الدولي. تم إطلاق سراح بعضهم في وقت لاحق، إلا أن آثار التعذيب ظهرت على العديد منهم ما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات ضد الهيئة وطلب تحقيق عادل في هذه القضية([11])
في الواقع يعكس الاحتقان الشعبي تراكمات عدة لدى أهالي المنطقة أهمها، الانسداد السياسي الذي يحول دون تحقيق أي حل سياسي للقضية السورية. إذ تقيّد التفاهمات الإقليمية والدولية الحركة العسكرية، مما يجعل الفصائل بما في ذلك هيئة تحرير الشام عاجزة عن التحرك بقوة. وتتفاقم الأوضاع بسبب الهجمات اليومية من قوات النظام وحلفائه على مناطق إدلب وريفها، مع تقليص المساعدات الإنسانية وغلاء المعيشة وازدياد الفقر.
بعد تصاعد الأزمة، عقدت قيادة "تحرير الشام" سلسلة من الاجتماعات. بدأت بلقاء قائد الهيئة "الجولاني" مع النخب المجتمعية ووجهاء القرى والبلدات، بالإضافة إلى أعضاء مجلس الشورى وحكومة الإنقاذ. قدمت النخب والوجهاء خلال هذه الاجتماعات مطالب المتظاهرين، وتم التأكيد على بدء تنفيذ هذه المطالب([12]). بعدها حاولت الهيئة أن تعتمد مقاربة ضبط وتخفيف الخسائر لاحتواء الأزمة الداخلية وارتداداتها على مستوى البنية سواء شاقولياً أو أفقياً. ومن ناحية أخرى، وفي مسعى لتهدئة الشارع وتلبية مطالب المتظاهرين، اتخذت "تحرير الشام" عدة إجراءات وقرارات، تشمل تشكيل لجان لعقد اجتماعات مع الفعاليات المدنية والشعبية للاستماع إلى مطالبها، وتسهيل آلية التواصل بين الأهالي والجهات المسؤولة. كما تم إصدار عفو عام عن السجناء، وإعفاء / تخفيض رسوم تراخيص البناء.
خلاصات ختامية
تباينت ردات فعل “السلطات المحلية” على الحراك الشعبي في المناطق الثلاث، إلا أننا نستطيع ملاحظة تدرج مستوى العنف واختلاف الاستراتيجيات فيما بينهما. حيث استخدمت قسد القوة على الفور دون محاولات لتخفيف التوتر واستيعاب المطالب الشعبية التي تم تجاهلها على المدى طويل من قبل القيادات في قسد. وذلك لمعرفة قسد أنه لا يوجد توازن في القوى بينها وبين الحراك الشعبي. واستخدام القوة مباشرة بشكل سريع يصب في مصلحة قسد لتحافظ على مكانتها وصورتها المسيطرة أمام الدول الداعمة. أما فيما يخص استراتيجية النظام تجاه الحراك في محافظة السويداء، فكان أقل وطأة قياساً باستراتيجية قسد. حيث عمل النظام على تجنب الصدام المباشر مع المتظاهرين ، إذ تتمتع محافظة السويداء بوجود فصائل مسلحة قد تحقق لها نوعاً من توازن القوة مع النظام، إلى جانب تكوينها الطائفي العابر للحدود. فيما كانت الاستراتيجية المتبعة من قبل قيادة "هتش" في إدلب تدل على مدى استفادتها من التجارب السابقة للسلطات الأخرى، حيث اتبعت استراتيجية مختلفة تماماً عما سبق واستخدمت سياسة الاحتواء والتقرب من المجتمع المحلي من خلال تصدير صورة جديدة قوامها حرية التعبير والاستجابة للمطالب بالحد الأدنى.
من بين الاستراتيجيات الثلاث كانت استراتيجية "هتش" هي الأذكى على الصعيد الإجرائي، وإن لم تستطع امتصاص غضب الشارع. فقد حاولت أن تظهر بشكل أفضل مما ظهر عليه نظام الأسد وقسد، عبر تحقيق أو الوعود بتحقيق جزء كبير
من مطالب الشارع. فيما قوبلت المنطقتان الأخريان بحل أمنيّ قد يكون مؤقتاً كما في حالة شرق الفرات، أو برهانٍ على التفكك الداخلي داخل الحراك واللعب على اختراقه كحالة نظام الأسد في مواجهة حراك السويداء.
بنهاية المطاف تدل الحركة الشعبية وسياسات التعاطي معها على تنامي أزمة " القبول والشرعية"حيث ستكون مؤثرة على بنية ووظائف هذه السلطات وسيزداد حجم تلك الأزمة في ظل تعطل العملية السياسية مما يشير بشكل وازن إلى احتمالية توسع حجم تلك الأزمة لتزيد من حجم معاناة المواطن السوري في جميع المناطق.
([1] ) محمود الفتيح :" انتفاضة العشائر وقوى الأمر الواقع: نموذج مصغر للخيبات السورية"، تلفزيون سوريا، 03.10.2023، https://bit.ly/3xMoOVI
([2]) محمد يوسف : " خبراء سوريون: اشتباكات دير الزور انتفاضة ضد "واي بي جي" الإرهابي"، الأناضول، 07.09.2023، https://bit.ly/4bc9yzS
([3]) "عشائر دير الزور يؤكدون وقوفهم إلى جانب قسد" ، Syriac press، 16.12.2023، https://bit.ly/4db5MZs
([4]) كمال شيخو: "انتخاب قيادة جديدة في «مجلس سوريا الديمقراطية» وإلغاء منصب «الرئيس التنفيذي»"، الشرق الأوسط،21.12.2023، https://bit.ly/3xSspBI
([5]) "شيخ عشيرة البكارة الموالي لإيران يحرض العشائر العربية على الانتفاضة ضد قوات سوريا الديمقراطية"، المرصد السوري لحقوق الأنسان، 28.08.2023، https://bit.ly/3Wf77bD
([6]) يمان زباد: " انتفاضة السويداء في آب 2023: تحديات أمنية وسيناريوهات مفتوحة"، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 31.08.2023، https://bit.ly/3Ufnwub
([7]) " شيخ العقل يوسف جربوع ينحاز للنظام ويصف الأصوات المطالبة بإسقاط الأسد بـ "النشاز"، تلفزيون سوريا، 30.08.2023، https://bit.ly/3UvhKpo
([8] ) " بعد احتجاز ضباطه.. النظام السوري يرسل رتلاً عسكرياً من دمشق إلى السويداء"، تلفزيون سوريا، 25.04.2024، https://bit.ly/3WiE6f4
([9]) باسل حفار: "عملاء التحالف".. أزمة مركّبة تعيشها هيئة تحرير الشام"، الجزيرة، 28.03.2024، https://bit.ly/3vWYMig
([10]) " «هيئة تحرير الشام» تسرب اعترافات قيادي عراقي فيها... هل تمهد لإعدامه؟"، الشرق الأوسط،04.01.204، https://bit.ly/4aNKrUs
([11]) معاذ العباس: " ماذا يريد المتظاهرون ضد هيئة تحرير الشام في إدلب؟"، الجزيرة ، 09.03.2024، https://bit.ly/3UwZmMR
[12] معاذ العباس، " ماذا يريد المتظاهرون ضد هيئة تحرير الشام في إدلب؟"، الجزيرة ، 09.03.2024، https://bit.ly/3UwZmMR
بعد تداول أخبار عن نيّة “هيئة تحرير الشام” حلّ نفسها، دون أي تأكيد أو نفي من الهيئة ذاتها، وعلى الرغم من كونها لاتزال في إطار الإشاعات، تعود تلك الأخبار لتثير سؤال المستقبل حول مصير التنظيم الذي أعلن عن تأسيسه في كانون الثاني 2012 تحت مسمى “جبهة النصرة”، ليتطور بمراحل مختلفة ومتسارعة وإشكاليّة، وصولاً إلى البنية الحالية.
ولا يمكن الإجابة عن هذا السؤال دون الأخذ بالاعتبار عاملين، الأول: وهو العامل الذاتي المتمثل ببنية وطبيعة الهيئة ذاتها، والثاني العامل الموضوعي الذي تشهده الجغرافية التي تنشط فيها الهيئة، والمتمثل بالحملة العسكرية على محافظة إدلب، وما قد يترتب عليها من تفاهمات واتفاقات سياسية ستحدد مستقبل الملف السوري، وتموضع هيئة “تحرير الشام” ضمنهُ.
وعلى ما يبدو أن الهيئة في المستقبل القريب أمام خيارات محدودة، خاصة مع الرفض الدولي والإقليمي وتصنيفها على لوائح الإرهاب، الخيارات التي قد تتراوح بين قرار الصدام حتى النهاية، وفي حال الاقتراب منها، التشظي كتنظيم والتحول إلى مجموعات تمارس نشاط عسكري متقطع بعيداً عن مفهوم التمكين والاستحواذ على الأرض، إلى تكتيكات مختلفة وجديدة، أو التوجه إلى تجنّب هذا الخيار عبر قرارات تنظيمية تكتيكية، على رأسها حلّ الهيئة كتنظيم، لكن الحلّ بمعنى التغير الشكلي والتكتيكي للبنية التنظيمية، وليس الإجهاز عليها.
وباعتقادي، قد تلجأ الهيئة فعلاً إلى خطوة الحلّ بهذا المعنى الإجرائي، بغض النظر عن شكل هذا الحلّ وجديته وتوقيته، وذلك بناءً على عدة معطيات تتعلق بطبيعة الهيئة وعقليتها ونهجها، إضافة لدورها الوظيفي ضمن الظرف السياسي والعسكري القائم، وتتوزع أبرز تلك المعطيات وفق ما يلي:
١- العقلية:
تمتلك “هيئة تحرير الشام” عقليَة براغماتية مرنة هيئتها لتكون أبرز الفاعلين المحليين على المستوى العسكري على الأرض خلال سنوات الصراع، هي ذات العقلية التي دفعتها للخروج من عباءة “تنظيم الدولة” ومبايعة “تنظيم القاعدة” (الهروب من الفرع إلى الأصل)، ومن ثم فك الارتباط عن تنظيم “القاعدة” والتخلص من ثقل هذه التركة، والتحول من “جبهة النصرة” العابرة للحدود إلى “جبهة فتح الشام” ذات البعد المحلي، ومن ثم تأسيس “هيئة تحرير الشام”، والتخلص من أكبر قدر من العنصر الأجنبي الذي لم ترضه تلك التحولات، والذي خرج ليؤسس مجموعات أخرى أكثر تشدداً كـ”حراس الدين” وغيرهم، وبذلك وقع مجال التمايز، بين متشدد وأكثر تشدداً، وأجنبي ومحليّ.
ذات العقلية التي دفعتها كتنظيم لتجاوز مفهوم السيطرة والدور العسكري فقط، إلى محاولات توسيع النفوذ على عدة مستويات في إطار إطباق السيطرة على إدارة المناطق المحررة، سواء عبر التغلغل في الإدارة المحلية والمساهمة بتأسيس حكومة الإنقاذ ومحاولة السيطرة على المجالس المحلية وإدارة الجزء الأكبر من المُحرر، أو على المستوى الاقتصادي عبر السيطرة على المعابر وشبكات الطرقات الرئيسية، أو على المستوى العسكري والأمني عبر استراتيجية إنهاء الفصائل وابتلاعها والتمدد بالهيمنة والنفوذ.
هي ذات العقلية التي رشحت الهيئة لتكون شريك يُعتمد عليه من قبل بعض القوى الإقليمية، وشجعت حتى أعدائها للتعاطي معها بصفقات، فالهيئة أكثر الأطراف المحليّة التي عقدت صفقات تبادل مع إيران وحزب الله، وغيرها من صفقات التبادل على مستوى دولي. وبذات العقلية قد تتحذ “هيئة تحرير الشام” خيار حلّ ذاتها، إذا وجدت في ذلك أقل الأضرار وأهون الشرين.
٢- قراءة الواقع:
تدرك الهيئة تماماً، أن أي اتفاق سياسي قد ينجز بين موسكو وأنقرة، سينهي ملف الطرقات الدولية كبند ثان من اتفاق “سوتشي”، بعد أن تم ترسيم المنطقة العازلة كبند أول، ليبقى بند مكافحة التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسه تفكيك الهيئة، والذي سيكون عنواناً للمرحلة القادمة. وبغض النظر عمن سيتكفل بتلك المهمة، التي تقع وفق اتفاق “سوتشي” على عاتق تركيا، فإن الهيئة تدرك أن الصدام العسكري لن يكون لصالحها، فأي معركة بعد الطرقات الدولية سيكون ضمن معاقلها ومناطق نفوذها بعد الانحسار الجغرافي الكبير نتيجة المعارك الحالية، خاصة وأن موسكو والنظام سيروجان لتلك المعركة، كـ”معركة المجتمع الدولي” وليس معركتهما فقط، باعتبارها مواجهة مباشرة مع تنظيم إرهابي، بل ستسعى فيها موسكو لتحقيق نصر إعلامي كنصر ترامب على ” تنظيم الدولة”. ناهيك عما قد ينتج عن هذه المعركة من كارثة على المدنيين، هذا إن سلمنا جدلاً بأن الهيئة تكترث للمدنيين، بعد التسليم أن روسيا والنظام هدفهم المدنيين قبل الهيئة ذاتها. لذلك فإن تجنب هكذا معركة يدفع الهيئة لترجيح قرار الحل الشكلي وتجنب الصدام، وسيدفع للضغط عليها أيضاً من أطراف إقليمية باتجاه هذه الخطوة لتجنب كارثة إنسانية على الحدود.
٣- عدم انتهاء الصلاحية:
وفق التحالفات التي تديرها الهيئة، لا يبدو أن دورها الوظيفي قد انتهى، بل على العكس، تبدو أطراف عديدة أشد ما تكون بحاجة للهيئة خلال هذه الفترة، خاصة مع تحول إدلب إلى ساحة لتصفية حسابات المحاور ومسرحاً للصراعات الإقليمية والدولية بالاعتماد على أطراف محليّة، وأن تلك الحسابات قد تتقاطع في جزء منها مع وجود الهيئة وبقائها كفاعل محلي مؤثر على الأرض، ولكن بشكل جديد لهذا الوجود، لذلك فإن قرار الحلّ والتحول إلى شكل تنظيمي جديد، قد يكون مقدمة لأدوار وظيفية جديدة تتناسب ومعطيات المرحلة القادمة. وهذا ما يرجح أيضاً جنوح الهيئة نحو هذا الخيار، أو دفعها وتشجيعها عليه أو الضغط عليها باتجاهه. إذ من الممكن أن تتقاطع مصالح الهيئة في الحل والتحول إلى شكل تنظيمي جديد مع مصالح أطراف أخرى.
٤- المنهج:
بالنهاية، فإن “هيئة تحرير الشام” كتنظيم سلفي جهادي، قد يحتاج في بعض القرارات المفصلية إلى تبريرات شرعيّة، على الأقل لضبط الصف العقائدي لمقاتليه وإقناعهم بأي تحول، وإن ما مرت به “هيئة تحرير الشام” من تحولات تنظيمية لم يكن عشوائياً، وإنما كان ضمن استراتيجية جديدة لجماعات وتنظيمات الجهاد المعولم، الاستراتيجية القائمة على الاتجاه من المركزية العابرة للحدود إلى المحليّة والنزوع للتوطين، من الجهاد الأممي إلى المحلي، أو بعبارة أخرى: “الانتقال من جهاد النخبة إلى جهاد الأمة”، بشكل يمكنها من التأثير المحلي وضمان قاعدة شعبية أوسع لأفكارها والحد من العزلة التي غالباً ما تقع التنظيمات الجهادية ضحية لها، وهذا ما حدث بين “النصرة” و”القاعدة” (فك الفرع عن الأصل) بالتوافق، فضمن هذا التوجه مثلت “جبهة النصرة” تجربة جديدة لتنظيم “القاعدة”، والحامل الأساسي لقياس نجاعة هذه الاستراتيجية، وتكرر هذا مع غيرها من فروع “القاعدة” في اليمن وأماكن أخرى، خاصة بعد تراجع المشاريع الأممية وتحول مركز الجهاد من أفغانستان إلى المشرق العربي وبروز “تنظيم الدولة” وسحبه البساط الجهادي من تحت “القاعدة” بإعلانه الخلافة واستقطاب أكبر عدد من المهاجرين، لذلك فإن الإطار موجود وجاهز لأي تحول محتمل، بل إن تحول الشكل التنظيمي سيكون تكتيك ضمن استراتيجية أوسع للنزوع نحو التوطين، النزوع الذي لم يقتصر على الحقل السلفي الجهادي، وإنما شمل أغلب الأيديولوجيات العابرة للحدود في المنطقة.
وبناءً على كل ما سبق، فلا يمكن استبعاد خيار الهيئة بحلّ نفسها، بغض النظر عن شكل هذا الحلّ وكيف سيكون، وبغض النظر كذلك عن توقيته، وفي حال حصل، فسيكون في المرحلة الأولى منهُ إعلاناً إعلامياً شكلياً، وذلك نتيجة لارتباط نهاية ملف الهيئة بعدة ملفات أخرى لم يتم حسمها بعد، وكذلك لما سيترتب على ذلك من تبعات على الأرض والجبهات والمستوى الإداري في مناطق نفوذها، ففي حال تم فلن يكون سوى إعلان كمرحلة الأولى، ليتم بعدها على مراحل لاحقة خروج آخر كتلة أجانب من القيادات ومن يرفض التحول، خاصة وأن خطوة الحل ستسبب انقسامات عامودية وأفقية في بنية الهيئة، والتي من المرشح أن ترتصف مع باقي التنظيمات المصنفة إرهابية ويغلب عليها العنصر الأجنبي، لتشكل كتلة صلبة تواجه انعدام الخيارات بالنسبة للأجانب، فيما سيعاد تشكيل العنصر المحلي السوري، وهو الطاغي، وفق بنية جديدة.
لن تكون نهاية “هيئة تحرير الشام” بالسهولة التي يعتقدها البعض، كما أنها ليست بالاستحالة التي تروج لها الهيئة، ليبقى مستقبلها رهناً بخياراتها، والمرتبطة بدورها بطبيعة التوافقات الدولية والإقليمية وشكل الحل السياسي في سورية.
الرابط: http://bit.ly/2SKVoiw
يستعرض هذا التقرير نتائج مسح اجتماعي أجراه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع وحدة المجالس المحلية في كل المناطق المحررة خلال الفترة الواقعة بين 15/4/2018 و15/6/2018 ومن هذه المناطق محافظة إدلب. وقد تناول المسح كل الوحدات الإدارية والهيئات التمثيلية في كل التجمعات السكانية الموجودة على امتداد جغرافيا المحافظة عدا المناطق التي سيطر عليها النظام مؤخراً، ورغم كل محاولات فريق البحث الميداني الحصول على أدق المعلومات حول المجالس؛ إلا أنه لا يمكن الادعاء بالدقة الكاملة للمعلومات الواردة في التقرير لصعوبات واجهت الفريق خلال عملية جمع البيانات بسبب الوضع الأمني ولتفاوت درجة تعاون المجالس مع عملية المسح ولتدخل بعض القوى العسكرية ومنعها بعض المجالس من التعاون مع فريق المسح، وقد أسفر ذلك عن تأخر إصدار التقرير، إضافة إلى السيولة الكبيرة التي وسمت المشهد الميداني في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والتي تسببت أيضاً في تأجيل إصدار التقرير حتى تستقر الخارطة ولو مؤقتاً، ويتناول التقرير واقع البنى المحلية الإدارية والتمثيلية القائمة من حيث مشروعيتها ومايعنيه ذلك من جودة تمثيلها للمجتمع المحلي وقيامها بالأدوار المنوطة بها ومن حيث شرعيتها التي تقاس بمدى اعتمادها للأنظمة والقوانين واعتماديتها من قبل المستويات الإدارية الأعلى، كما يتناول موارد هذه المجالس وقدرتها على التخطيط للتنمية، إضافة إلى علاقاتها البينية مع القوى العسكرية والمستويات الإدارية المركزية واللامركزية، كما يستعرض التقرير بعض ملاحظات فريق البحث الميداني التي دونها خلال عملية المسح، و يخلص إلى جملة من الخلاصات والتوصيات.
تقع محافظة إدلب في أقصى الشمال الغربي للجمهورية العربية السورية، وتحاذي جزءاً من الحدود السورية التركية، وقد بلغ عدد سكانها ثلاث ملايين وتسعمائة ألف نسمة بين أبناء المحافظة والمهجرين إليها ([1])، شاركت المحافظة في الثورة منذ أيامها الأولى لتخرج عن سيطرة النظام بشكل كامل في آذار من العام 2015، بعد سقوط مركز المحافظة بيد قوات المعارضة، فيما بقيت كل من كفريا والفوعة الشيعيتين المحاصرتين تحت سيطرة النظام ورهناً لاتفاقية المدن الأربعة بين إيران والمعارضة، ومع استكمال ترتيبات أستانة واتفاقيات خفض التصعيد بانعقاد اجتماع أستانة 6 في أيلول 2017، تمكن النظام وحلفاؤه الروس من السيطرة على أجزاء من شرق سكة الحديد جنوب شرق المحافظة حيث سيطر على حوالي 17.5% من مساحة المحافظة (متضمناً مساحة كفريا والفوعة)، لاحقاً ومع تزايد حشود جيش النظام وحلفائه على المحافظة تم اتخاذ قرار بإخلاء بلدتي كفريا والفوعة ويقدر عدد المجالس المحلية التي سقطت بيد النظام بحوالي 17 مجلساً محلياً معتمداً، كما أصبحت المحافظة ملاذاً أخيراً لعدد كبير من معارضي النظام السوري بعد سقوط مناطق المعارضة تباعاً ( الغوطة الشرقية، جنوب دمشق، القلمون الشرقي، ريف حمص الشمالي، درعا، القنيطرة) بيد النظام السوري وحلفائه، حيث يشكل النازحون ما نسبته 41% من سكان المحافظة([2]). وقد كانت محافظة إدلب على موعد مع حملة عسكرية ضخمة لاستكمال سيطرة النظام على ما تبقى من مناطق المعارضة ، إلا أن اتفاق سوتشي الأخير بين روسيا وتركيا في 17 أيلول 2018 حال دون ذلك ولو مؤقتاً وفتح الباب لتوفير حماية إقليمية لهذه المحافظة، في الوقت الذي وضع الكرة في ملعب الفعاليات المدنية والبنى المحلية لتفعيل برامجها وتمكين مؤسساتها والعمل على حوكمتها وبينما حدد القرار رقم 1378 للعام 2011 والصادر عن وزارة الإدارة المحلية التابعة للنظام([3])، التقسيمات الجغرافية المركزية للمحافظة بـ 6 مناطق تضم 26 ناحية فيما تقسم المحافظة إدارياً إلى 157 وحدة إدارية توزع على 15 مدينة و47 بلدة و95 بلدية تتمتع بالشخصية الاعتبارية([4])، إضافة إلى العشرات من القرى والمزارع والتجمعات التي لا تحظى بالشخصية الاعتبارية ولا تشملها التقسيمات الإدارية([5])، فإن العدد الفعلي للمجالس القائمة هو 307 مجلساً محلياً بمافيها مجلس المحافظة ومجالس البلدات التي سقطت بيد النظام بعد استيلائه على مناطق شرق السكة في شباط 2016 .
وقد تأسست 83% من مجالس محافظة إدلب قبل عام 2015، العام الذي خرجت فيه المحافظة بالكامل من سيطرة نظام الأسد، وبصورة عامة يعاني المشهد الإداري في محافظة إدلب من هشاشة وتشظي كبيرين، أسهمت فيه تداخلات الحالة السياسية والعسكرية في المحافظة والتي انعكست على الحالة المدنية وأرخت بظلالها على المنظومة المهيكلة للمجالس المحلية بنشوء مجالس غير معتمدة من الحكومة المؤقتة وتضاعف عددها بشكل كبير وتعدد مرجعيات بعضها سواء بتبعيتها لحكومة الإنقاذ أو المؤقتة، يضاف إلى ذلك حالة انفلات منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية من عقال الضبط الحكومي.
يعبر عن المشروعية بمدى الرضى الشعبي عن تمثيل المجلس للسكان المحليين، بما في ذلك المرأة والنازحين وشريحة الشباب والفئات المهمشة، إضافة إلى طريقة تشكيل المجلس وأدائه:
تجري62 % من مجالس محافظة إدلب انتخابات دورية([6])، بعضها سنوية وبعضها نصف سنوية، كما توجد مجالس تجري انتخابات كل 4أشهر ومجالس تجري انتخابات كل سنتين، وتم اختيار أعضاء 72% من المجالس في محافظة إدلب بالتوافق، فيما اختير أعضاء 13% من المجالس بالانتخاب المباشر من السكان، ولم تتجاوز نسبة المجالس التي عينت أعضائها الفصائل المسلحة الـ1% (تدخلت الفصائل في تعيين أعضاء أربع مجالس محلية في أربع وحدات إدارية اثنتان منهما تحت السيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام والثالثة تحت سيطرة فيلق الشام أما الوحدة الأخيرة فهي غير خاضعة لسيطرة أي فصيل )، فيما شكلت 10 % بالمئة منها بالاعتماد على انتخابات الهيئات الناخبة، وتم اختيار 2% من المجالس من خلال مجالس الأعيان والشورى .
لا تزال مشاركة المرأة في مجالس محافظة إدلب المحلية منخفضة نسبياً إذ يوجد حضور للمرأة في 14% فقط من المجالس المحلية سواءً في الجسم التمثيلي أو الوظيفي، حيث تتنوع مشاركتها فيها فتشارك في 5% من المكاتب التنفيذية لهذه المجالس، كما أنها تشغل مناصب وظيفية في 13 % بالمئة من هذه المجالس.
وبصورة عامة يمكن اعتبار مجالس محافظة إدلب المحلية مجالساً فتية إذ تتعزز فيها مشاركة الشباب بشكل كبير و تشكل المجالس التي متوسط الأعمار فيها بين 25-40 حوالي 61% من مجموع المجالس، فيما تشكل المجالس التي متوسط الأعمار فيها يبن 40-50 حوالي 7 بالمئة فقط، أما بالنسبة للنازحين فلم تسجل أي حالة تمثيل لهم في مجالس المحافظة.
تشكل الأدوار التي تقوم بها المجالس المحلية لصالح المجتمعات المحلية واحدة من أهم عوامل بناء مشروعية هذه المجالس. ومن أهم تلك الأدوار التي يمكن للمجالس المحلية أن تلعبها هو دورها في العمل السياسي العام بصفتها ممثلاً للمجتمع المحلي، ومن ذلك المباشرة في الممارسة السياسية بتمثيل إرادة المجتمع المحلي في المحافل الدولية في ظل إشكالية التمثيل السياسي المركزي الذي ينبغي أن تضلع به البنى السياسية على المستوى الوطني، وأيضاً الدفع السياسي أو التأثير في السياسة من خلال اتخاذ المواقف وإصدار البيانات وإقامة الفعاليات والتي تتناول الموقف الشعبي من المتغيرات السياسية المختلفة التي تخص الشأن السوري و إيصال الرسائل السياسية إلى الفاعلين السياسيين الدوليين والإقليميين والمحليين، إذ تشكل المجالس المحلية التي لديها قناعة بالمشاركة في العمل أو الدفع السياسي بشكل أو بآخر 25%، إضافة إلى كون عملية التمثيل على المستوى المحلي وإدارة المجتمع المحلي سواء على مستوى الخدمات والتنمية أو على مستوى العلاقة مع الفواعل المحلية في الوحدة الإدارية أو مع الاستحقاقات السياسية ذات الطابع المحلي شكلاً من أشكال العمل السياسي، ويمكن ملاحظة عزوف الكثير من المجالس المحلية في محافظة إدلب عن الاضطلاع بمهام سياسية مباشرة على المستوى المحلي كتلك المتعلقة بالتفاوض المحلي مع النظام، كما تتفاوت قدرة المجالس المحلية في تلبية احتياجات المجتمعات المحلية على مستوى القطاعات الإغاثية و الخدمية الأساسية:
ترى 32% من المجالس أن الفصائل هي الجهة الأكثر تأهيلاً لخوض المفاوضات المحلية مع الجهات المعادية في مناطق التماس) 28 % منها يتبع إدارياً لحكومة الإنقاذ(، فيما ترى 20 % من المجالس أن المجالس المحلية هي الجهة الأكثر تأهيلاً للتفاوض، وتذهب 18 % من المجالس إلى أهمية تشكيل لجنة مشتركة من المجالس المحلية والفصائل للقيام بهذه التفاوضات. في حين ترى 17% من المجالس أن مجلس المحافظة هو الجهة الأكثر تأهيلاً لخوض المفاوضات المحلية، وترى 6% من المجالس أن الهيئة السورية للمفاوضات هي الجهة الأكثر تأهيلاً للقيام بالتفاوضات المحلية، فيما ذهب ثلاثة مجالس إلى أهمية تشكيل لجنة من مجلس المحافظة أو المجلس المحلي والهيئة العليا، ورأى مجلس واحد أهمية تشكيل لجنة من المجلس المحلي ومجلس المحافظة والفصائل، وقد امتنع 5 % من المجالس عن الإجابة عن هذا السؤال.
تولي 24% من المجالس أهمية كبيرة لقطاعات الإغاثة والصحة والتعليم والبنى التحتية (مياه، طرق، صرف صحي، كهرباء) على التوازي، فيما تولي 7 % من المجالس في المحافظة أهمية قليلة للقطاعات الأربعة، كما تتفاوت أولويات مجالس محلية أخرى بالنسبة لاعتبارات الأهمية للخدمات التي تقدمها إلا أن ميدان التعليم يعد الأكثر أهمية لحوالي ال45 % من المجالس، فيما تعتبر 41 % من المجالس قطاع الصحة الأكثر أهمية بالنسبة لها. وعدى عن هذه القطاعات تنصرف الكثير من المجالس لإعطاء الأولوية لقطاعات أخرى كالزراعة والثروة الحيوانية، أو الشؤون المدنية والعقارية، أو إزالة الأنقاض وآثار القصف، أو حل المشكلات في المجتمع المحلي، أو فتح الأفران، أو حملات النظافة ومكافحة الحشرات الضارة، أو الأمن المحلي (الإشراف على الشرطة المحلية).
الشرعية
تكتسب المجالس المحلية شرعيتها عادةً من مدى انتظامها ضمن الهيكل الإداري العام على المستوى الوطني، ما يعني اعتماديتها وفق الأنظمة الصادرة عن الحكومة المركزية وفق المعايير التي تحددها القوانين الإدارية، إضافة إلى عمل المجلس وفقاً للقوانين الإدارية الناظمة، وامتلاك المجلس لدليل تنظيمي يحدد نظامه الداخلي وهيكليته ومهامه، وقدرة المجلس على مد سلطته الإدارية على كل الحدود الإدارية لوحدته وشمل كل القطاعات المحلية بها. وفيما يلي نتائج المسح حول مدى التزام المجالس موضوع المسح بمعيار الشرعية:
الموارد والتخطيط للتنمية
لاتزال المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تعاني من شح في الموارد وفي فرص التنمية نتيجة التحديات الأمنية وسيطرة قوى الأمر الواقع على الكثير من الموارد على حساب البنى الإدارية اللامركزية إضافة إلى غياب سلطة مركزية فعلية، توضح النسب التالية نظرة المجالس المحلية لأولويات سبل العيش المتوافرة في مناطقها:
ترى 22 % من المجالس أن سبل العيش الأكثر أهمية المتوفرة في مناطقها تتمثل في الإغاثة ودعم المنظمات بالإضافة إلى تحويلات المغتربين والأنشطة الاقتصادية المحلية، فيما تمثل عمليات الإغاثة ودعم المنظمات (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية برأي 31% من المجالس بينما تمثل تحويلات المغتربين (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية بالنسبة لـ 24% من المجالس فيما تمثل الأنشطة الاقتصادية المحلية (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية برأي 69% من المجالس القائمة في محافظة إدلب.
وبصورة عامة تشكل الزراعة أهم الفعاليات الاقتصادية في الوحدات المحلية بنسبة 81% تليها الفعاليات التجارية بنسبة 75% ثم الحرف بنسبة 66%، فيما تنخفض مساهمة قطاعي الخدمات 33% والصناعة 20% في الفعاليات الاقتصادية القائمة في الوحدات الإدارية التي تديرها المجالس المحلية في المحافظة.
أما فيما يتعلق بالمجالس نفسها فتبلغ نسبة المجالس التي لها موارد 66 %، يحدد الجدول الآتي أهم موارد دخل المجالس المحلية من حيث نسبة مساهمتها في تمويل عمل هذه المجالس وعدد المجالس المستفيدة والنسبة العامة لمساهمة هذه الموارد:
توجد موارد أخرى متفرقة تعتمد عليها الكثير من المجالس المحلية يمكن عرضها في الجدول الآتي:
لا تظهر الأغلبية الساحقة من المجلس مقدرة على بلورة الاحتياجات والأولويات والخطط ووضع الموازنات بناءً على ذلك، فما نسبته 85% من المجالس المحلية في محافظة إدلب لا يوجد لديها موازنة، و77% من المجالس لا يوجد لديها خطة وبرنامج سنوي أو نصف سنوي، رغم قدرة أغلب المجالس على تقييم الاحتياجات من خلال اللقاءات والندوات مع المجتمعات المحلية أو من خلال إجراء المسوح الاجتماعية سواء باعتماد المجالس على نفسها في ذلك غالباً أو بالتعاون مع منظمات مجتمع مدني شريكة ومنظمات دولية.
يزيد غياب ناظم مؤسسي حقيقي ومقونن يضبط علاقة المجالس ببعضها وعلاقتها بالمستويات الإدارية الأعلى وعلاقتها أيضاً بالفاعلين المحليين، يزيد من حدة الاستقطاب المناطقي والفصائلي والسياسي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، يمكن هنا استعراض 4 مستويات من العلاقات بالنسبة للمجالس المحلية القائمة، أولها العلاقة بمجلس المحافظة أو المجلس ذو المستوى الإداري الأعلى، ثم العلاقة بالمستويات المركزية وهي تتمثل في حالة محافظة إدلب بحكومتي المؤقتة والإنقاذ، إضافة إلى الوجود الفصائلي في مناطق المجالس وتداخل العلاقة مع هذه المجالس مع العلاقة بحكومتي المؤقتة والإنقاذ:
فيما يلي مجموعة من الملاحظات التي دونها فريق البحث الميداني خلال لقائه بممثلي المجالس المحلية في محافظة إدلب، والتي تناولت جوانب مختلفة من واقع المجالس المحلية في المحافظة:
([1]) بحسب تقديرات مجلس محافظة إدلب بناءاً على سؤال موجه لرئيس المجلس بتاريخ 25/10/2018، خلال استكمال عمليات مسح مجالس إدلب.
([2]) النازحون في إدلب.. بين مأساة الحاضر وهواجس المستقبل"، محمد العبد الله، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ11/10/2018، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/Zaqtzv
([3]) اعتمد القرار 1378 على القانون الإداري 107 المتضمن معايير تقسيم الوحدات الإدارية بحسب عدد السكان في كل منطقة، كما اعتمد على الإحصاء السكاني للمكتب المركزي للإحصاء التابع لحكومة النظام للعام 2004 وتعديلاته للعام 2011 وفق معدل النمو السكاني في سوريا.
([4]) يقصد بالشخصية الاعتبارية تمتع الوحدة الإدارية بالذمة المالية المستقلة والأهلية القانونية للقيام بالتصرفات القانونية المختلفة كإبرام العقود وحق التقاضي أمام القضاء وامكانية مقاضاتها من الغير، والموطن المستقل عن الأفراد المكونين لها، ووجود شخص يعبر عن إرادة هذه الوحدة ويتصرف باسمها ويمثلها، إضافة إلى تمتعها بالمسؤولية المدنية والإدارية الكاملة.
(5) الحكومة السورية المؤقتة ومنظمة التنمية المحلية، أطلس المعلومات الجغرافي، مرجع سابق.
([6]) تم احتساب انتظام الدورات تبعاً لمقارنة عمر المجلس بعدد الدورات المصرح عنها ومدة الدورة الواحدة في المقابلة حيث يتم اعتبار أن المجلس يجري دورات انتخابية منتظمة إذا كان عمر المجلس مساوياً عدد الدورات أو عددها ناقصاً 1، حيث يتم مراعاة تأخير اجراء الانتخابات لمدة سنة على الأكثر بسبب الأوضاع الأمنية.
([7]) بحسب جدول المجالس الفرعية التابعة لمجلس المحافظة والذي حصل عليه الباحث من مكتب شؤون المجالس الفرعية في محافظة إدلب.
([8]) يُتعارف في الكثير من مناطق محافظة إدلب على تسمية العوائل بالطوائف.
يركز هذا التقرير على توصيف المشهد الميداني قبل الاتفاق والسياق العسكري الذي أفضى إلى اتفاق المنطقة العازلة ويوضح طبيعة هذا الاتفاق ودوافعه ومواقف القوى الميدانية حياله، مستعرضاً أبرز التحديات التي تعترضه لا سيما تلك المتعلقة بالميليشيات الإيرانية المنتشرة على محيط المنطقة او تلك المرتبطة بمصير هيئة تحرير الشام.
شهد مطلع شهر سبتمبر/أيلول 2018، تمركز حشود من قِبل قوات النظام وبعض الميلشيات المحسوبة على إيران بالقرب من إدلب، وتحديداً على الجبهات الاستراتيجية في محافظة إدلب([1])؛ إذ أكد النظام وحلفائه (مراراً وتكراراً) أنهم ماضون باتجاه استرجاع محافظة إدلب وذلك ضمن إطار استكمال استراتيجية "بسط السيطرة والنفوذ"؛ ومما عزز دوافع هذا الاسترجاع المتخيل أهمية المحافظة ودورها في تحسين ظروف التنمية التي تشكل أبرز تحديات النظام الراهنة؛ تلك الظروف التي ستتحسن باسترجاع الطريقين الدوليين (M5)، (M4) وما سيشكله عودة الزخم التجاري من أثر مادي.
ناهيك عن نية النظام استثمار سيناريو "المصالحات" وتطبيقه على إدلب بغية إخراج المعارضة المسلحة هناك عن معادلات الصراع وبالتالي تجاوز أسئلة صراع النظام والمعارضة والانتقال إلى مستويات جديدة؛ وفي سبيل ذلك بدأت خطط الانتشار والتمركز والتي كان أغلبها قريباً من نقاط المراقبة التركية في إدلب، الأمر الذي استدعى من الجانب التركي بإرسال تعزيزات عسكرية على نقاط مراقبتها في كلٍ من:
زادت الحشود العسكرية من الجانب التركي والقوات الموالية نسبة التوتر في المنطقة، وارتفعت نسبة العمليات العسكرية من قبل الجبهة الوطنية وهيئة تحرير الشام من جهة وقوات النظام والميلشيات الإيرانية من جهة أُخرى.
بالعموم تشكلت مجموعة من الهواجس الروسية والتركية والتي ساهمت في اختبار الأدوات السياسية للحل، فعلى الجانب التركي ارتفعت وتيرة الحذر من تبعات تلك العملية على المستوى الإنساني التي سترتد بالدرجة الأولى على تركيا لا سيما بتلك المتعلقة بالقدرة على استيعاب موجة اللجوء والتي سوف تترافق مع هجوم قوات النظام، حيث يبلغ عدد سكان محافظة 3 ملايين مدني، ثلثهم من النازحين داخلياً بسبب النزاع المستمر منذ سبع سنوات؛ ناهيك عن الهاجس الأمني التركي الذي يرى بالعملية تهديداً لخطوط الدفاع الأمامية لمنطقتي درع الفرات وغصن الزيتون وهي مناطق النفوذ التركي المشكلة كواقع صد ضد طموحات الPYD الذي لا يزال يسير بمفاوضات مع النظام؛ لذلك تعد خسارة إدلب أو انسحاب تركيا من نقاطة مراقبتها الـ 12 بمثابة إيعاز بقرب انسحاب تركيا من الشمالي السوري، لذا حاولت تركيا قبل 17 أيلول/ سبتمبر إلى الوصول إلى اتفاق يرضي أطراف الأستانة ولا يضر بمصالحها في الشمال السوري.
أما الهواجس المتعلقة بالجانب الروسي فتتمثل بالدرجة الأولى بعدم رغبة موسكو في إفشال اتفاق الأستانة بحكم اعتباره التحالف الدولي الأقوى الأن في سورية؛ كما تعي روسيا بأن وقوفها ضد الجانب التركي سوف يؤدي إلى تقوية العلاقة الأمريكية-التركية، وهذا أمر قد ينعكس على روسيا بشكل سلبي في سورية؛ كما طمحت موسكو في اختبار الأدوات السياسية بغية الحد من هجمات الطائرات المسيرة (Drones) على المواقع العسكرية الروسي في مطار حميميم وسهل الغاب؛ ناهيك عن أن العدد المحدود للقوات الروسية البرية أو القوات المحلية الموالية لها سيجعل الميليشيات الإيرانية هي القوات الأكثر قدرة على ملء أي فراغ في إدلب، وهو أمر قد لا ترغب رسيا بحدوثه، خاصة بعد تجاربها في ريف حلب الشرفي، ريف الرقة الجنوبي، ومحافظة دير الزور.
ساهمت تلك الهواجس التركية والروسية في الدفع باتجاه عقد قمة طهران التي جرت في 7 أيلول/سبتمبر 2018 بهدف الوصول إلى مخرج يراعي كافة الهواجس؛ وعلى الرغم من وضوح الخلافات بين تلك الدول في هذه القمة؛ إلا أنه يمكن اعتبارها بمثابة "الخطوة الأولى" ضمن حركة الوصول لاتفاق المنطقة العازلة في إدلب والذي أعلنت عنه كلٍ من روسيا وتركيا في 17 أيلول/ سبتمبر 2018.
مع إعلان الاتفاق بين روسيا وتركيا حول إنشاء منطقة عازلة في إدلب، نشرت بعض الجهات الرسمية من الجانبين الروسي والتركي مواصفات تلك المنطقة؛ وكان الحديث في بداية الأمر على أنه سيتم اقتطاع 7.5 إلى 10 كم من مناطق الثوار ومثلها من مناطق النظام، أي ممنوع تواجد قوى الثورة السورية وقوات للنظام في هذه المنطقة، وسيتم تسيير دوريات تركية روسية مشتركة فيها، فيما سوف تقوم تركيا بدعم مناطق قوى الثورة السورية لوجستياً، وتبقى روسيا المشرفة على مناطق النظام([3]).
فيما بعد تم توضيح بند انسحاب الفصائل من المنطقة العازلة، وتم التأكيد أن الانسحاب يشمل "القوات المتشددة" بسلاحها الخفيف والثقيل، فيما يحق لقوى الثورة السورية البقاء ولكن تحت إشراف القوات التركية في المنطقة.
تمتد المنطقة العازلة من شمال غرب حلب بالقرب من بلدتي نبّل والزهراء والتي تعتبر من أبرز معاقل الميليشيات الموالية لإيراني في الشمال الحلبي وحتى بلدة صوران شمال حماة، وتلامس المنطقة العازلة حدود مدينة حلب ومعظم الأوتوستراد الدولي (M5) المار بمناطق سيطرة قوى الثورة السورية، وثم تمتد المنطقة العازلة من بلدة صوران شرقاً وحتى السقيلبية، أما الحدود الغربية للمنطقة العازلة فتمتد على طول سهل الغاب الأوسط وحتى جبل التركمان، وكذلك شهدت هذه المنطقة بناء مراكز للشرطة العسكرية الروسية والتي حدث على إثرها خلافات حادة مع قوات الفرقة الرابعة وقوات الدفاع المحلي الموالية لإيران.
ومع نهاية شهر أيلول\سبتمبر 2018، نشرت بعض المواقع الموالية للنظام خبراً تتحدث فيه بأن المنطقة العازلة لن تكون بالمناصفة بين مناطق سيطرتي قوى الثورة والنظام[4]، وأكد الخبر أن المنطقة سوف تكون في مناطق قوى الثورة السورية بعق 15 كلم بدأً من نقاط التماس وهو الأمر الذي تم نفيه من قبل الجبهة الوطنية للتحرير وفيلق الشام([5]).
أما فيما يتعلق بمواقف القوى العسكرية المتواجدة في إدلب فترى الجبهة الوطنية للتحرير (على لسان عمر حذيفة الشرعي العام) أن أمر ترسيم المنطقة العازلة هو حل مرحلي وليس نهائي، ولذلك فإن الدخول التركي للمناطق المحررة بحدودها الآنية هو قرار دولي ولن يتم الانسحاب إلا بقرار دولي آخر؛ كما صرح النقيب ناجي المصطفى "المتحدث الرسمي للجبهة الوطنية للتحرير" بأن النقاط العسكرية التابعة لفصائل قوى الثورة السورية ستبقى تحت سيطرتها، وبكامل جاهزيتها "لأن النظام السوري والميليشيات الموالية لا تلتزم بالعهود والمواثيق".
من جهته وضح العقيد مصطفى بكور "المتحدث الرسمي لجيش العزة" بأن جميع نقاط جيش العزة توجد ضمن المنطقة العازلة، ولكنه ما زال وسيبقى بنقاطه العسكرية، وأي قرار بشأن سحب السلاح الثقيل أو تسليم النقاط سيُحدد لاحقاً خلال اجتماع مجلس الشورى الخاص بالجيش وبما يتناسب مع مصلحة الثورة([6])، ورفض الجيش (على لسان الرائد جميل الصالح القائد العام لجيش العزة) تسيير دوريات روسية في الجانب المحرر من المنطقة العازلة التي تم التوصل إليها في اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا، وأكد أن جيش العزة لن يقبل بأن تكون المنطقة العازلة من الجانب المحرر فقط وطالب بأن تكون مناصفة بين مناطق الثوار ومناطق النظام، مع التأكيد على رفض قيادة الجيش فتح الطرق الدولية في الشمال السوري (M5-M4) إلا بعد إطلاق سراح المعتقلين من سجون النظام.
يعتبر الاتفاق "أفضل سيناريو" في الوقت الحالي بالنسبة لكل من تركيا وروسيا، وعلى الورق لا تشوب الاتفاق لا أي شائبة، لكن تنفيذه لن يكون مهمة سهلة، إذ أنه يجب أخذ عدة نقاط في الاعتبار قبل نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018 من قِبل الجانب التركي والروسي؛ فأبرز تحديان على الجانب التركي يتمثلان في الآتي:
بينما على الجانب الروسي يعد الاختبار الأثقل هو التحكم في الميليشيات الإيرانية والسيطرة على قرارها؛ حيث عَجِزَت موسكو من تحقيق ذلك في عدة مناسبات سابقها ولعل أبرزها كان في محافظتي حلب ودير الزور، فما الذي يميز هذا الاتفاق؟ وما هي الضمانات الروسية على عدم محاولة الميليشيات بالاستفادة من تحول خطوط الدفاع الأولى في إدلب إلى منطقة عازلة منزوعة أو محدودة السلاح؟ خاصة أن الميليشيات الموالية لإيران تتمركز في مدينة حلب وأريافها، بعض المواقع في ريف حماه الشمالي، وقاعدة جورين في سهل الغاب. ويفيد الجدول أدناه بحجم هذا التواجد في المناطق المحيطة بالمنطقة العازلة وصعوبة ضبطه روسياً.
لعل ما ميز المرحلة ما بعد إعلان اتفاق إدلب هو إسراع الجانب الروسي إلى تسويق جديته في تطبيق الاتفاق، حيث نشرت عدة وسائل إعلام روسية رسمية خبر انسحاب قوات النظام وعدة ميليشيات من جورين في سهل الغاب، كرناز في حماه الشمالي، وأبو دالي في ريف حلب الجنوبي، وهذا الأمر ليس كما نشره الروس([8])، حيث واجهت الشرطة الروسية عدة صعوبات في التعامل مع قوات النظام والميليشيات ولعل أبرزها كان في قاعدة جورين بسهل الغاب، حيث رفضت قوات الدفاع المحلي الموالية لإيران الانسحاب من مواقعها وكاد أن يصل الوضع إلى الاشتباك المباشر مع الشرطة العسكرية الروسية([9]). وفي نهاية المطاف رضخت روسيا إلى مطلب قوات الدفاع المحلي وأنشأت مركز صغير للشرطة العسكرية داخل القاعدة، طريقة تعامل روسيا مع هذه الحادثة من أهم المؤشرات التي تبرهن عدم قدرة روسيا ضبت الميليشيات الموالية لإيران([10]).
على صعيد الاستهداف العسكري، فلوحظ غياب الطيران الروسي بشكل كامل من بعد توقيع الاتفاق مع انخفاض نسبة الاستهداف الصاروخي من قبل قوات النظام، وغالبا ما يعلل إعلام النظام تلك الضربات بسبب وجود القوات المتطرفة أمثال هيئة تحرير الشام وحراس الدين. وفيما يتعلق بالواقع الأمني داخل مناطق سيطرة قوى الثورة السورية، لم يحدث أي تغير على صعيد الاغتيالات والمفخخات، فسياسية التصفية وإضعاف الهيكلية الأمنية موجودة في مناطق قوى الثورة منذ شهر نيسان/أبريل 2018، لذا لا يمكن ربط حوادث الاغتيالات والمفخخات التي حدثت في النصف الثاني من شهر أيلول/سبتمبر باتفاق المنطقة العازلة في إدلب.
ويعد ملف هيئة تحرير الشام وهو الملف الأكثر اختباراً للاتفاق؛ وهو أمر تعاملت معه الهيئة بشديد من الحرص فعلى الرغم من ظهور انقسام داخلي إلا أن الموقف العام اتى على شكل موافقة على الاتفاق على الأقل في الوقت الحالي؛ وتمثل بانسحاب هيئة تحرير الشام من محيط نقاط المراقبة التركية في ريف إدلب الجنوبي وتسليمها لفيلق الشام؛ وصد الهيئة بالتعاون مع الجبهة الوطنية لمحاولة بعض الميلشيات الموالية لإيران من التقدم على جبهة جبل التركمان؛ ومنعت فصيل حراس الدين من أن يقوم بعمل مضاد يستهدف مواقع النظام؛ كما سمحت حكومة الإنقاذ لبعض المنظمات بمعاودة نشاطها في مناطق مختلفة من إدلب، بعدما كانت تحظر أي نشاطٍ لها في إدلب([11]).
وفي هذا الصدد يوضح المطلعون على بنية الهيئة تنامي تيارين داخلها الأولى بقيادة (أبو محمد الجولاني) أمير التنظيم، ويبدي جاهزيته للانخراط في الجبهة الوطنية للتحرير، بينما التيار الثاني يقوده "أبو اليقظان المصري" ويرفض ذلك تماما، ويدفع نحو رفض الاتفاق، ولعل ما يؤكد ذلك هو حملة الاعتقالات التي قام بها الذراع الأمني لهيئة تحرير الشام واعتقلت مقاتلين من الجنسية المصرية من هيئة تحرير الشام دون توضيح سبب الاعتقال. وفي هذا السياق ينبغي التوضيح على أنه هناك ست مجموعات غادرت مع قياداتها إلى جهات أكثر تشدداً مثل حراس الدين وأنصار الإسلام.[12]
وعموماً في حال عملت الهيئة على المستوى الميداني على عرقلة الاتفاق فإنه يرجح إحدى السيناريوهين إما بدء عمل عسكري على هيئة تحرير الشام من قبل تركيا والجبهة الوطنية للتحرير؛ أو اقتناص الروس الفرصة ودعم النظام وحلفائه للدخول إلى إدلب مما يجعل تداعيات هذا الأمر مفتوحة وبالغة الحدية.
ختاماً؛ ينبغي التأكيد على أن هذا الاتفاق والذي أقل السيناريوهات ضرراً فإنه يحمل في طياته تحديات بالغة الأهمية تتطلب تعاملاً نوعياً حيالها؛ والبناء على هذا الاتفاق لضمان إعادة تمتين القوة الدفاعية وضبط البنية المحلية أمنياً وإدارياً؛ حيث أن التعاطي مع أن هذا الاتفاق على أنه اتفاق نهائي فإن معطيات الواقع الميداني تدلل على مؤشرات لا تزال قيد الاختبار.
([1]) سهل الغاب (جورين) – ريف اللاذقية الشمالي – ريف حماه الشمالي – ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
([2]) مواصفات مدفعية الـ T-155: https://goo.gl/5UWkS3
([3]) سوريا: ما هي بنود اتفاق إنشاء منطقة منزوعة السلاح بإدلب؟ - BBC - 18 سبتمبر/ أيلول 2018 - https://goo.gl/dPyMh2
([4]) ارتباك في صفوف المعارضة مع اقتراب تطبيق اتفاق إدلب – جريدة الحياة – 1 تشرين الأول - https://goo.gl/TGLUkC
([5]) إدلب.. فيلق الشام ينفي الانسحاب من المنطقة العازلة – العربية - 30 سبتمبر/ أيلول 2018 - https://goo.gl/YVqNfz
([6]) “جيش العزة” يرفض شروط المنطقة العازلة في اتفاق إدلب – عنب بلدي - 30 سبتمبر/ أيلول 2018 - https://goo.gl/bvEcRB
([7]) المعلومات هي نتائج تقرير خاص غير منشور من مسار الإدارة المحلية في مركز عمران قبل نهاية عام 2018
([8]) أجرت وحدة المعلومات بتاريخ 3 تشرين الأول مقابلة مع المتحدث الإعلامي في الجبهة الوطنية للتحرير والذي أكد على أن انسحاب الميليشيات الإيرانية يجري ببطء وليس كما يصرح الإعلام الروسي.
([9]) أجرت وحدة المعلومات بتاريخ 1 تشرين الأول مقابلة مع مصدر خاص مقرب في مناطق النظام بسهل الغاب والذي أكد حدوث خلافات بين الشرطة العسكرية الروسية وقوات الدفاع المحلي الممولة من إيران.
([11])أكد أحد كوادر المجالس المحلية في جبل الزاوية بتاريخ 2 تشرين الأول أن حكومة الإنقاذ سمحت لبعض المنظمات الإغاثية بمعاودة مزاولة نشاطاتها ولكن بشكل مراقب.
أصدرت "وزارة الإدارة المحلية والخدمات" في "حكومة الإنقاذ" المُشكّلة في إدلب، قراراً بحلّ المجلس المحلي لمدينة أريحا، معلنة في الوقت ذاته عن تشكيل مجلس جديد يتبع لها واعتباره الجهة الوحيدة الممثلة للمدينة، في حين أعلن المجلس المنحل في بيان رسمي رفضه للقرار، مؤكداً على شرعيته المستمدة من أهالي المدينة، بوصفهم الجهة الوحيدة المخولة بحلّ المجلس أو إيقاف عمله.
وتتخوف بقية المجالس المحلية في محافظة إدلب من المصير نفسه، خاصة في ظل ما يمارس عليها من ضغوط خدمية وأمنية ناجمة عن مساعي"حكومة الإنقاذ" لإحكام سيطرتها الخدمية والتنظيمية على محافظة إدلب، وما يعنيه ذلك من إنهاء التجربة الديموقراطية الناشئة، المُعبّر عنها بالمجالس المنتخبة محلياً.
وتشكلت "حكومة الإنقاذ" مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، كأحد مفرزات "المؤتمر السوري العام" الذي عُقِدَ في أيلول/سبتمبر، وتم اختيار محمد الشيخ لرئاسة الحكومة، ليقوم بدوره بالإعلان عن تشكيلته المكونة من 11 وزارة و4 هيئات مركزية، عقب نيلها الثقة من قبل "الهيئة التأسيسية" المكونة من 36 عضواً. الأسباب الدافعة لتشكيل "حكومة الانقاذ"، اختصرهما الشيخ في سببين سياسي وخدمي: فإما السياسي فيتمثل بالتصدي للمؤامرات التي تحاك لإجهاض الثورة السورية من خلال مؤتمرات أستانة وجنيف وسوتشي، وأما الخدمي فيقوم على تشكيل مرجعية خدمية مؤسساتية قادرة على تطوير القطاعات الخدمية وتنظيم عملها.
لذا، فقد سعت "حكومة الإنقاذ" منذ يومها الأول إلى احتكار القرار الخدمي والتنظيمي في محافظة إدلب وريفي حماة وحلب، من خلال تسلّمها إدارة الملف الخدمي من قبل "هيئة تحرير الشام"، وإصدارها قرارات لتنظيم الوضع الخدمي في المحافظة. هذا فضلاً عن إطلاقها لمبادرات سياسية. وتولت "حكومة الإنقاذ" ملفات الخدمات والقضاء والشرطة من "الإدارة المدنية للخدمات التابعة" لـ"هيئة تحرير الشام"، كما حدث في تسلّمها إدارة السجن المركزي في إدلب، وتوليها مسؤولية الإشراف على "القوة الأمنية" التابعة سابقاً لـ"جيش الفتح" و"الشرطة الإسلامية" التابعة لـ"هيئة ترحرير الشام"، مستفيدة من ايقاف الدعم عن "الشرطة الحرة" على خلفية اتهامات بعلاقتها مع فصائل إسلامية متشددة.
كما أصدرت الوزارات الخدمية التابعة لـ"حكومة الإنقاذ" قرارات تنظيمية، كإلزام الصيدليات وأصحاب المستودعات الطبية الحصول على ترخيص من مديريات الصحة التابعة لـ"الانقاذ" تحت طائلة فرض عقوبات بحق المخالفين كإغلاق محلاتهم ومصادرة محتوياتها. كذلك أصدرت "الانقاذ" قراراً بضم "جامعة حلب الحرة" إلى "مجلس التعليم العالي" التابع لها، وما أحدثه ذلك القرار من موجة احتجاجات من قبل طلبة الجامعة. وإضافة لما سبق، أعلنت "الإنقاذ" في تعميم وزعته على المجالس المحلية بأنها الجهة الوحيدة المسؤولة عن الممتلكات والمنشآت العامة، مطالبة المدنيين بإزالة التعديات تحت طائلة المساءلة القانونية.
ولكي تتمكن "الإنقاذ" من تنفيذ قراراتها وشرعنتها، فهي بحاجة إلى الاتكاء على المجالس المحلية. وفي هذا الصدد، كان رئيسها محمد الشيخ، قد قال عقب لقائه عدداً من ممثلي المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في محافظة إدلب، بأن حكومته لا تتدخل في عمل المجالس ويقتصر عملها على الإشراف على المشاريع الممولة من قبل حكومته، داعياً في الوقت ذاته إلى ضرورة إجراء انتخابات للمجالس المحلية ومجلس المحافظة بحكم انتهاء مدة ولايتها القانونية.
وهو موقف فسره بعض أعضاء المجالس بأنه محاولة من قبل "حكومة الانقاذ" للهيمنة على المجالس المحلية غير التابعة لها، والتي يُقدر تعدادها في قطاع إدلب ب ـ22 مجلساً، في حين بلغ عدد المجالس التي تم العمل على إعادة هيكليتها أو تكليفها من قبل "الإدارة المدنية للخدمات" والتي أصبحت جزءاً من "حكومة الإنقاذ" 82 مجلساً كان أخرها مجلس مدينة أريحا المنتخب في نيسان/أبريل 2017.
وقد أحدث هذا القرار انقساماً داخل مدينة أريحا بين مؤيد ومعارض، واتهم بعض السكان المجلس المنحل بالفشل في إدارة الملف الخدمي للمدينة، مبدين تفاؤلهم بقدرة المجلس الجديد على التعامل مع الملف الخدمي نظراً لتبعيته لحكومة تمتلك السلطة والموارد، بينما أشاد قسم آخر من السكان بالمجلس المنحل وبأنه نتاج عملية انتخابية حقيقية، معربين عن امتعاضهم لطريقة حلّه.
وولّد قرار حلّ مجلس أريحا مخاوف لدى بقية المجالس المحلية المستقلة من أن تلقى المصير نفسه، خاصة مجالس سراقب ورام حمدان وبنش ومعرة النعمان باعتبارها الأكثر استهدافاً بالضغوط من قبل "حكومة الإنقاذ" في المرحلة المقبلة. وأمام مساعي "الانقاذ" لإحكام سيطرتها على القرار الخدمي والتنظيمي في محافظة إدلب وريفي حماة وحلب، تجد المجالس المحلية نفسها أمام تحدٍ كبير، يتصل بمدى قدرتها على الاستمرار كتجارب ديموقراطية ناشئة في بحر متلاطم من الصراعات.
المصدر جريدة المدن الإلكترونية: https://goo.gl/zz8xXH