التقارير

مُلخّصٌ تنفيذيّ

  • يرصد هذا التقرير عمليات الاغتيال ضمن مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري، خلال الفترة الممتدة من كانون الثاني/ يناير وحتى حزيران/يونيو 2020، والتي بلغ عددها 96 عملية، مُخلّفة 271 ضحية.
  • توضّح عملية الرصد في مختلف المناطق، استخدام أدوات متعددة في تنفيذ الاغتيالات، حيث نُفذّت 39 عملية عن طريق العبوات الناسفة، بينما استخدم الطلق الناري في 45 عملية، مقابل تنفيذ 4 عمليات عبر الطائرات المُسيّرة، و6 عمليات عن طريق اللغم الأرضي، فيما نُفِّذت عمليتان عن طريق القنبلة اليدوية.
  • شهدت مناطق ريف حلب الشمالي الغربي، ارتفاعاً في معدل الاغتيالات، وتشير طبيعة تلك العمليات والأدوات المستخدمة في تنفيذها؛ إلى أن أغلب الاغتيالات المُنفّذة لم تكن عشوائية بقدر ما بدت مدروسة ومخططة مسبقاً.
  • يُلحظ نشاط متزايد لغرفة عمليات "غضب الزيتون" في عفرين ومحيطها وتبنٍّ واضح وعلني للعمليات، حيث تبنّت الغرفة تنفيذ 19 عملية اغتيال من أصل 22، تعددت أدوات التنفيذ خلالها وتوسعت دائرة أهدافها.
  • بالرغم من تسجيل مدينتي تل أبيض ورأس العين أقل نسبة اغتيالات خلال الرصد، قياساً بباقي المناطق؛ إلا أنها سجّلت أعلى نسبة للضحايا المدنيين، نتيجة طبيعة العمليات وأدوات التنفيذ المستخدمة فيها.
  • سجّلت مناطق المعارضة في إدلب وما حولها، ارتفاعاً في معدل الاغتيالات، مقابل تعدد في الجهات المُستَهدَفة والمُنفِّذة وسط بيئة أمنية معقدة، قد تكون مُرشّحة في المراحل القادمة لتدهور أكبر في الوضع الأمني العام.
  • بالرغم من تكثيف التحالف الدولي عملياته في استهداف قياديين ضمن المجموعات "الجهادية"؛ يبقى لافتاً أن هيئة "تحرير الشام" وعناصرها لم يتعرضوا لأي محاولة اغتيال خلال الرصد، ما أثار تساؤلات عدة عن تراجع استهدافهم قياساً بجماعات "جهادية" أخرى.
  • يلحظ من زيادة وتيرة العمليات ضد القوات التركية في الشمال، مقابل ظهور مجموعات جديدة تتبنى تلك العمليات؛ بأن استهداف التواجد التركي في سورية عبر العمل الأمني بات يتصاعد بشكل ممنهج ومدروس.
  • ساهم تراجع العمليات العسكرية التقليدية والثبات النسبي للجبهات، بإفساح المجال أمام زيادة النشاط الأمني لقوى متعددة تتقاطع مصالحها وأهدافها في تنفيذ اغتيالات ضد جهات محددة.
  • إن ارتفاع معدل الاغتيالات إلى هذا الحد لا يُعدُّ مؤشراً على عجز التشكيلات الأمنية لـلقوى المسيطرة على ضبط الأمن والاستقرار بالنسبة للمدنيين فحسب، وإنما ضعف قدرتها أيضاً على تأمين أنفسها وعناصرها.
  • تفيد القراءة العامة للبيانات، بالمزيد من ضعف الحالة الأمنية في جميع المناطق المرصودة ضمن الشمال السوري، مقابل عجز القوى الفاعلة وتعثرها في الحد من هذه العمليات التي تساهم في تراجع مؤشرات الأمن والاستقرار على مختلف المستويات.

مدخل

يعد الملف الأمنيَ أحد أبرز الإشكاليات المُركّبة التي تعاني منها مناطق سيطرة المعارضة العسكرية في الشمال السوري، وأهم العقبات والتحديات التي تحاول القوى المسيطرة على تلك المناطق إيجاد حلول لها، ضمن بيئة مضطربة أمنياً، لناحية تعدد الجهات المسيطرة ذات المصالح المتضاربة، إضافة إلى التدخلات الإقليمية المباشرة وما استتبعته من ردود فعل مضادة لجهات مختلفة، ناهيك عن القصف المستمر لقوات النظام وحلفائه لبعض تلك المناطق.

وتعتبر عمليات الاغتيال بما تمثله من اختراق أمنيّ، مؤشراً هاماً لطبيعة ودرجة الاستقرار الأمني ومستوى إدارة هذا الملف والقدرة على ضبطه من قبل القوى المسيطرة، خاصة مع ازدياد وتيرة تلك العمليات وتفاوت أهدافها وتعدد منفذيها واختلاف أساليبها، فعادةً ما تتصف عمليات الاغتيال بالسريّة لناحية الجهة المنُفّذة؛ إلا أن غالبية العمليات ضمن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة تتبناها جهات محددة بشكل علنيّ، في اختراق أمنيّ واضح وصريح لتلك المناطق، خاصة ريف حلب الشمالي الغربي، والذي شكّل نطاق العمليات العسكرية؛ "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، ليمتد هذا الخرق لاحقاً إلى منطقتي تل أبيض ورأس العين "نبع السلام".  وعلى الرغم مما تشهده بقايا جغرافية سيطرة الفصائل المعارضة في الشمال الغربي (إدلب) من انحسار نتيجة المعارك المستمرة مع النظام، والذي من المفترض أن يُسهّل عملية الضبط والسيطرة الأمنيّة؛ إلا أنها أيضاً تكاد لا تختلف أمنياً عن سابقاتها من المناطق لجهة معدلات الاغتيال ومؤشرات الانفلات الأمنيّ.

وفي متابعة لملف الاغتيالات ضمن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الشمال السوري؛ صَمَمَتْ وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، نموذجاً خاصاً لرصد تلك العمليات وتحليل البيانات الخاصة بها كمؤشرات للاستقرار الأمني ([1])، وإخراجها ضمن تقرير دوريّ يرصد وتيرة عمليات الاغتيال، موضّحاً نتائج تلك العمليات وما أسفرت عنه، مقابل الجهات المُنفّذة-إن عُلِمت-وكذلك الجهات المُستهدَفة، كما يسعى التقرير إلى تحليل تلك البيانات ومقاطعتها بين مختلف المناطق، في محاولة لرسم الملامح العامة للوضع الأمنيّ وقياس أوليّ لمؤشرات الاستقرار.

وعليه، يرصد هذا التقرير عمليات الاغتيال ضمن عدة مناطق في الشمال السوري؛ منها ريف حلب الشمالي الغربي والذي يضم منطقتي"درع الفرات" وعفرين "غصن الزيتون". إضافة إلى ما تبقى من محافظة إدلب في شمال غرب سورية، مقابل مدينتي تل أبيض ورأس العين "نبع السلام" في الشمال الشرقي، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين (كانون الثاني/ يناير وحتى حزيران/يونيو 2020)، حيث بلغ عددها 96 محاولة اغتيال، خلّفت 271 ضحية. وتوضّح البيانات ارتفاع هذه النسبة مقارنة بالتقرير السابق الذي أصدرته وحدة المعلومات في مركز عمران (الاغتيالات في مناطق المعارضة خلال الفترة الممتدة من آب/أغسطس وحتى كانون الأول/يناير 2019) ([2]).

وتوزعت معدلات عمليات الاغتيال الـ 96 المرصودة ضمن التقرير الحالي، بحسب الأشهر، على الشكل التالي: 18 محاولة اغتيال خلال شهر كانون الثاني/ يناير، في حين بلغت خلال شهر شباط/ فبراير 4 محاولات، بينما شهد آذار/ مارس 17 محاولة، وفي نيسان/ أبريل 9 محاولات، لترتفع في شهر أيار/ مايو إلى 24 محاولة ومثلها في حزيران/ يونيو. بينما يفرد ما تبقى من هذا التقرير تلك المحاولات بحسب؛ مناطق السيطرة، والجهات المستهدفة، والمُنفّذة، وطبيعة أداة التنفيذ، ومدى نجاح تلك المحاولات.

أولاً: "درع الفرات" (تراجع أمني واغتيالات مدروسة)

تُظهر عملية الرصد الخاص بمناطق ريف حلب الشمالي الغربي "درع الفرات"، بلوغ معدل عمليات الاغتيال خلال 6 أشهر من الرصد: 33 عملية (الشكل 1)، نُفّذت 21 منها عبر الطلق الناري، وأسفرت عن 18 ضحية، حيث حققت 17 عملية من 21 غايتها في تصفية الجهة المستهدفة، فيما فشلت 4 عمليات في تحقيق هدفها. وقد تبنّت ما تسمى غرفة عمليات "غضب الزيتون" عملية اغتيال واحدة من العمليات الـ 21، فيما تبنّت خلايا تنظيم "داعش" عمليتين من مجموع المحاولات، بينما بقيت 18 منها مجهولة المُنفّذ. وقد كانت فصائل "الجيش الوطني" هدفاً لتلك الاغتيالات بواقع 14عملية، مقابل 7 عمليات استهدفت كوادر إدارية من عناصر الشرطة والمجالس المحليّة.

بالمقابل، نُفّذت 12 من 33 عملية عبر العبوات الناسفة، مخلفةً بمجموعها 7 قتلى و64 جريح، منهم 35 مدني مقابل 29 من عناصر "الجيش الوطني" والجيش التركي (انظر الشكل 2)، حيث تم تفجير أغلب تلك العبوات في استهداف شخصيات أو مجموعات عسكرية وسط تجمعات المدنيين، وقد تبنّت خلايا "داعش" عملية وحيدة، بينما بقيت 11 منها مجهولة المُنفّذ.

ويتضح من خلال أرقام وبيانات الرصد الخاصة بمناطق ريف حلب الشمالي الغربي "درع الفرات"، ارتفاع معدل عمليات الاغتيال مقارنة بالتقرير السابق الذي أصدره مركز عمران وغطى الفترة الممتدة من آب/أغسطس وحتى كانون الأول/يناير 2019، حيث سجّل التقرير السابق 24 عملية اغتيال في تلك الفترة، بينما رصد التقرير الحالي تنفيذ 33 عملية، بشكل يشير إلى اتساع الخرق الأمني، مقابل تراجع قدرة القوى المسيطرة على ضبط الاستقرار وتضييق حجم هذا الخرق.

بالمقابل، تشير طبيعة تلك العمليات والأدوات المستخدمة في تنفيذها؛ إلى أن أغلب الاغتيالات المنفذة في تلك المنطقة لم تكن عشوائية أو اعتباطية بقدر ما تبدو عمليات مدروسة ومخططة مسبقاً، خاصة وأن 21 عملية اغتيال من مجموع 33، نُفذت عبر الطلق الناري واستهدفت أشخاص بعينهم بطريقة انتقائية وغير عشوائية، ولم تقتصر تلك العمليات على عناصر "الجيش الوطني" فقط، وإنما طالت كوادر إدارية من عناصر الشرطة، إضافة لأعضاء مجالس محليّة.

أما بالنسبة للجهات المُنفّذة، فيلحظ من البيانات أن النسبة الأكبر من العمليات بقيت مجهولة المُنفّذ، حيث تبنّت خلايا تنظيم الدولة "داعش" 3 عمليات من أصل 33، في حين تبنّت غرفة عمليات "غضب الزيتون" واحدة، لتبقى 29 عملية مجهولة المُنفّذ، الأمر الذي يشير من جهة إلى تردي الواقع الأمني وضعف قدرة الجهات المسيطرة على تتبع تلك العمليات والكشف عن منفذيها، ومن جهة أخرى إلى تعدد الجهات المُنفّذة في تلك المنطقة وعدم اقتصارها على جهة واحدة، خاصة مع تحول "داعش" في بعض الأحيان إلى غطاء يُستخدم لتبني بعض العمليات وحرف الأنظار عن منفذها الرئيسي،

وهذا قد يبدو طبيعياً في ظل سعي العديد من الأطراف والجهات إلى زعزعة الأمن والاستقرار  وتقاطع مصالحها في ذلك، كحزب الاتحاد الديمقراطي"PYD" الذي لاتزال خلاياه نشطة في المنطقة وتعتبرها امتداداً للنفوذ التركي ومن فيها "أهداف مشروعة"، مقابل النظام الذي يسعى إلى زعزعة أمن المنطقة وإفشال أي نموذج أمني/حوكمي فيها، كما يتقاطع مع "PYD" في مضايقة الوجود التركي ضمن تلك المناطق، ولعل جزء من عمليات الاغتيال وطبيعة أداة التنفيذ والجهات المستهدفة تشير إلى ذلك، فقد نُفِّذت 12 عملية من العمليات الـ 33 عبر العبوات الناسفة التي استهدفت تجمعات أو عناصر عسكرية من الجيشين "الوطني" والتركي وسط تجمعات مدنية، الأمر الذي أدى إلى عدد كبير من الضحايا المدنيين.

ثانياً: عفرين (ارتفاع الوتيرة وتبنٍّ علني)

من خلال رصد وتحليل البيانات لعمليات الاغتيال الخاصة بمدينة عفرين ومحيطها من المناطق، يتضح أنها شهدت بالعموم: 22 عملية اغتيال خلال 6 أشهر من الرصد، نُفّذت 11 عملية منها عبر الطلق الناري وحققت 8 من 11 غايتها في تصفية الجهة المستهدفة، بينما فشلت 3 محاولات في تصفية أهدافها. بالمقابل نُفّذت عمليتين عن طريق اللغم الأرضي وحققت غايتها في تصفية الجهة المستهدفة (الشكل 3). ومن مجموع تلك العمليات الـ 13 تبنّت غرفة عمليات "غضب الزيتون" 12 منها، بينما بقيت محاولة وحيدة مجهولة المُنفّذ. وكانت فصائل "الجيش الوطني" هدفاً لتلك الاغتيالات بواقع 12 عملية، مقابل محاولة استهدفت جهات مدنيّة.

بالمقابل، وبحسب البيانات المرصودة، نُفِّذت 9 عمليات من 22 عبر العبوات الناسفة (الشكل 3)، والتي استهدفت عناصر ومجموعات لـ "الجيش الوطني" وسط تجمعات للمدنيين، ما أدى إلى وقوع؛ 14 قتيل و28 جريح (الشكل 4)، منهم 18 من الضحايا المدنيين و10من عناصر "الجيش الوطني"، وقد تبنّت غرفة عمليات "غضب الزيتون" عبر معرفاتها الرسميّة 7 من مجموع تلك العمليات، فيما بقيت محاولتان مجهولتا المُنفّذ.

وتبيّن أرقام وبيانات الرصد الخاصة بمدينة عفرين ومحيطها، ارتفاع معدل عمليات الاغتيال مقارنة بالتقرير السابق الذي أصدره مركز عمران وغطى الفترة الممتدة من آب/أغسطس حتى كانون الأول/يناير 2019، حيث سجّل التقرير السابق 17 عملية اغتيال في تلك الفترة، بينما رصد التقرير الحالي تنفيذ 22 عملية، بشكل يشير إلى اتساع الخرق الأمني وعدم إحراز أي تقدم على مستوى الضبط من قبل الجهات المسيطرة.

بالمقابل، يُلحظ من خلال البيانات نشاط متزايد لغرفة عمليات "غضب الزيتون" في عفرين ومحيطها وتبنٍّ واضح وعلني للعمليات، حيث تبنّت الغرفة تنفيذ 19 عملية اغتيال من أصل 22، تعددت أدوات التنفيذ خلالها، إذ يبدو أنها تركّز عملياتها ونشاطها الأمني في عفرين التي شهدت أكبر عمليات اغتيال تبنتها الغرفة قياساً بباقي المناطق.

أما بالنسبة للجهات المُستَهدَفة، فيتضح من خلال البيانات أن عمليات الاغتيال استهدفت بالدرجة الأولى عناصر "الجيش الوطني" والذين تحولوا إلى أهداف متحركة داخل مدينة عفرين، سواء على المستوى الفردي وتصفية أفراد بعينهم، أو على مستوى جماعي عبر استهداف مجموعات عسكرية لهم وسط تجمعات المدنيين، بينما يلحظ من بيانات الرصد أن استهداف الجنود الأتراك في عفرين من قبل "الغرفة" تراجع قياساً بالتقرير السابق الذي سجّل مقتل عدد منهم بعد استهداف عرباتهم، في حين لم يسجّل التقرير الحالي أي استهداف، وقد يعزى هذا التراجع إلى إعادة تموضع أمني للقوات التركية داخل عفرين بالذات واتخاذ تدابير أمنية أكثر شدة، تلك التي تبدو مختلفة عن منطقة "درع الفرات" التي شهدت، كما وضح آنفاً، استهدافاً أكبر للقوات التركية. 

بالمقابل، فإن زيادة حركة الاغتيالات في عفرين والتبني الواضح لها، يتناسب طرداً مع تراجع القدرة الأمنية للجهات المُسيطرة، فعلى الرغم من تسجيل مناطق "درع الفرات" نسبة أكبر  في عمليات الاغتيال (33) من عفرين ومحيطها (22) ؛ إلا أن ذلك لا يعني اختلافاً في مستوى الضبط الأمني، خاصة وأن العمليات التي نُفّذت في عفرين كانت نوعيّة، ناهيك عن وضوح الجهة التي تقف خلفها "غرفة عمليات غضب الزيتون" وتوسيعها لنشاطها، بشكل يشير إلى ارتفاع مستوى تلك العمليات وتوسيع دائرة أهدافها، وزيادة النشاط الأمني لبقايا خلايا حزب الاتحاد الديمقراطي "PYD"، والتي تعتبر المنطقة "امتداداً للنفوذ التركي" وترى المقاتلين المحليين وبعض العوائل المهجّرة بذات الإطار، وبالتالي تكثف من عملياتها وتشرعنها تحت هذا الغطاء دون التمييز بين مدني وعسكري.

ثالثاً: "نبع السلام" (ضحايا وعمليات عشوائية)

يشير الرصد الخاص بمنطقتي رأس العين وتل أبيض واللتين شكلتا نطاق العملية العسكرية "نبع السلام"، إلى بلوغ عمليات الاغتيال خلال 6 أشهر من الرصد: 16 عملية اغتيال، نُفّذت عمليتان منها عبر الطلق الناري محققتين غايتهما في تصفية الجهة المستهدفة، بينما نُفّذت عملية وحيدة عن طريق اللغم الأرضي لكنها فشلت بتحقيق غايتها في تصفية الجهة المستهدفة (الشكل 5)، في حين كانت العبوة الناسفة أداة لتنفيذ 13 عملية استهدفت عناصر ومجموعات لـ"الجيش الوطني" وسط تجمعات للمدنيين، ما أدى إلى وقوع؛ 35 قتيل و38 جريح (الشكل 6)، منهم 24 مدني و14من عناصر "الجيش الوطني". وكانت فصائل "الجيش الوطني" هدفاً لتلك الاغتيالات بواقع 14 محاولة، مقابل محاولتين استهدفتا عناصر الجيش التركي المتواجد في المنطقة


ويتضح من خلال البيانات الخاصة بمدينتي رأس العين وتل أبيض "نبع السلام"، زيادة وتيرة عمليات الاغتيال في تلك المناطق التي لاتزال هشة أمنياً، ولا تختلف طبيعة العمليات والأهداف عن سابقاتها من المناطق لناحية الأدوات أو الأسلوب والجهات المُستَهدَفة ("الجيش الوطني"، القوات التركية)،يشير الرصد الخاص بمنطقتي رأس العين وتل أبيض واللتين شكلتا نطاق العملية العسكرية "نبع السلام"، إلى بلوغ عمليات الاغتيال خلال 6 أشهر من الرصد: 16 عملية اغتيال، نُفّذت عمليتان منها عبر الطلق الناري محققتين غايتهما في تصفية الجهة المستهدفة، بينما نُفّذت عملية وحيدة عن طريق اللغم الأرضي لكنها فشلت بتحقيق غايتها في تصفية الجهة المستهدفة (الشكل 5)، في حين كانت العبوة الناسفة أداة لتنفيذ 13 عملية استهدفت عناصر ومجموعات لـ"الجيش الوطني" وسط تجمعات للمدنيين، ما أدى إلى وقوع؛ 35 قتيل و38 جريح (الشكل 6)، منهم 24 مدني و14من عناصر "الجيش الوطني". وكانت فصائل "الجيش الوطني" هدفاً لتلك الاغتيالات بواقع 14 محاولة، مقابل محاولتين استهدفتا عناصر الجيش التركي المتواجد في المنطقة.

وبالرغم من أن المنطقة شهدت أقل نسبة عمليات اغتيال خلال فترة الرصد (16) قياساً بمناطق عفرين (22) و"درع الفرات" (33)؛ إلا أنها سجّلت أعلى نسبة للضحايا المدنيين، وذلك نتيجة طبيعة العمليات الإرهابية وأدوات التنفيذ المستخدمة فيها، إذ تم استخدام العبوة الناسفة في 13 عملية من أصل 16 استهدفت في أغلبها عناصر "الجيش الوطني" والقوات التركية وسط تجمعات المدنيين، وعمد بعضها الآخر إلى استهداف تجمعات مدنية بشكل عشوائي، ما قد يشير إلى أن الجهات القائمة على تنفيذ تلك العمليات تسعى بالدرجة الأولى إلى زعزعة الأمن والاستقرار، وإرهاب المنطقة حديثة السيطرة، عبر تفجيرات وعمليات عشوائية أكثر من كونها منتظمة وتستهدف أشخاص بعينهم. الهدف الذي تتقاطع حوله عدة جهات تسعى إلى استهداف قوات المعارضة ومضايقة الوجود التركي والمساهمة في خلق فوضى أمنية تعوق أي عملية استقرار.

بالمقابل، تساهم خلافات فصائل "الجيش الوطني" في تلك المنطقة، خاصة رأس العين، بتعقيد وصعوبة ضبط البيئة الأمنية، إذ شهدت المنطقة خلال وبعد فترة الرصد عدة اشتباكات متقطعة بين الفصائل المسيطرة عليها ([3])، الأمر الذي يسهم بالضرورة في زيادة الخلافات بين تلك الفصائل وبالتالي ضعف التنسيق الأمني فيما بينها، ما يؤدي إلى تسهيل وزيادة هامش الخرق الأمني. وتجدر الإشارة إلى أن مدينة تل أبيض، وبحسب بيانات الرصد، سجّلت تحسناً أمنياً نسبياً قياساً برأس العين وغيرها من المناطق.  

ومن خلال تلك الأرقام، يتضح أن المناطق التي تقع تحت سيطرة "الجيش الوطني" ("غصن الزيتون"، "درع الفرات"، "نبع السلام") هي الأكثر تردياً أمنياً، لناحية ارتفاع وتيرة الاغتيالات واتساع الخرق الأمني وتعدد الجهات المُنفِّذة واختلاف مصالحها وارتباطاتها، مقابل تراجع قدرة القوى المُسيطرة على ضبط الاستقرار وتضييق حجم هذا الخرق.    ولعل ارتفاع معدل العمليات إلى هذا الحد لا يُعدُّ مؤشراً على عجز التشكيلات الأمنية لـ "الجيش الوطني" على ضبط الأمن والاستقرار بالنسبة للمدنيين فحسب، وإنما ضعف قدرتها أيضاً على تأمين أنفسها وعناصرها، وهذا ما تدلل عليه طبيعة تلك العمليات، والتي تجاوزت حدود منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون" لتمتد إلى مناطق "الجيش الوطني" شرق الفرات بعد السيطرة عليها مدعوماً بالجيش التركي ضمن عملية "نبع السلام"، حيث بدأت تشهد عمليات اغتيالات لا تختلف كثيراً عن سابقتها لناحية طبيعتها والجهات المُنفِّذة والمُستَهدَفة. ومهما اختلفت دوافع تنفيذها والجهات التي تقف وراءها؛ فإن الحد منها وتحمُّل مسؤولية نتائجها يقع في النهاية على عاتق القوى والتشكيلات العسكرية والأمنية المُسيطرة في تلك المناطق، سواء "الجيش الوطني" أو القوات التركية.

رابعاً: إدلب وما حولها (بيئة معقدة واستهداف نوعي)

من خلال البيانات المرصودة، يتضح أن عدد عمليات الاغتيال فيما تبقى من محافظة إدلب وما حولها بلغ 25 عملية خلال 6 أشهر من الرصد، أسفرت عن 51 ضحية، حيث حققت 16 عملية منها غايتها في تصفية الجهة المستهدفة، بينما فشلت 9 محاولات في ذلك بعد نجاة الطرف المُستَهدَف.

ومن مُجمل عمليات الاغتيال الـ 25، استُهدِف عناصر وقيادات "مجموعات جهادية" بواقع 8 عمليات، بينما كانت فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" هدفاً في 11 منها، في حين تم استهداف جهات مدنية بواقع 3 عمليات، ومثلها استهدفت عناصر الجيش التركي المتواجد في المحافظة عبر الألغام الأرضية والعبوات الناسفة (الشكل 5). وبالنسبة لأدوات التنفيذ، فقد اعتمدت عمليات الاغتيال المُنفّذة في محافظة إدلب على الطلق الناري في 11 محاولة، في حين نفذت 5 عمليات عن طريق العبوات الناسفة، مقابل 4 عمليات عبر الطائرة المُسيّرة، كما نُفِذت 3 عمليات عبر اللغم الأرضي، وعمليتان عبر القنبلة اليدوية، أما بالنسبة للجهة التي تقف وراء تلك العمليات، فقد نَفَذَ التحالف الدولي عمليتين في حين بقيت المحاولات الـ 23 الأخرى مجهولة حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

ويتضح من خلال بيانات الرصد الخاصة بمناطق سيطرة المعارضة العسكرية في إدلب وما حولها، ارتفاع معدل عمليات الاغتيال قياساً بالتقرير السابق الذي أصدره مركز عمران وغطى الفترة الممتدة من آب/أغسطس وحتى كانون الأول/يناير 2019، حيث سجّل التقرير السابق 14 عملية اغتيال في تلك الفترة، بينما رصد التقرير الحالي تنفيذ 25 عملية، نجحت 16 منها في تحقيق هدفها، بينما فشلت 9 في ذلك، بشكل يشير إلى ارتفاع نسبي في معدل الاغتيالات مقابل تقدم أمني طفيف في إحباطها.

كما تشير البيانات إلى تعدد الجهات محل الاستهداف، فقد كانت "الجبهة الوطنية للتحرير" الأكثر استهدافاً خلال فترة الرصد، في مؤشر لتصاعد العمليات ضدها وسط بيئة أمنية معقدة ومتعددة الجهات ذات المصالح المشتركة في هذا الاستهداف، فمن جهة خلايا النظام وحلفاؤه في المنطقة، ومن جهة أخرى المجموعات "الجهادية" المتفرقة التي تختلف علاقاتها مع "الجبهة الوطنية" بحسب مناطق النفوذ والسيطرة. بالمقابل، كانت بعض المجموعات "الجهادية" هدفاً في 8 عمليات، أي ما نسبته 32% من عمليات الاغتيال المُنفّذة في هذه المنطقة خلال فترة الرصد، وقد نُفِّذ بعضها عبر الطائرات المُسيّرة من قبل التحالف الدولي.

 وعلى الرغم من تكثيف التحالف الدولي عملياته في استهداف قياديين ضمن المجموعات "الجهادية"؛ يبقى لافتاً أن هيئة "تحرير الشام" وعناصرها لم يتعرضوا لأي محاولة اغتيال خلال فترة الرصد الحالية، ما أثار تساؤلات عدة عن تراجع استهدافهم قياساً بجماعات "جهادية" أخرى، خاصة تلك التي انضوت في غرفة عمليات جديدة تحت مسمى "فاثبتوا"، والتي دخلت فور إعلانها في خلافات مع هيئة "تحرير الشام"، تطورت لاحقاً إلى اعتقال الهيئة بعضاً من قيادات التشكيل الجديد، ومن ثم اشتباكات تم احتوائها بشكل مؤقت.

ويبدو أن توتر العلاقة بين الهيئة ومكونات هذا التشكيل قد تتجاوز الاعتقالات إلى الضلوع والتورط بعمليات اغتيالات ضمن صفوف تلك المجموعات، وفقاً لاتهامات بعض الأطراف "الجهادية"، والتي تستند إلى مؤشرات غير مباشرة، على رأسها أن أغلب عمليات الاغتيال التي ينفذها التحالف الدولي ضد قيادات تلك المجموعات تتم في مناطق سيطرة الهيئة الأمنية، كالاغتيال الأخير لقادة "حراس الدين" في مدينة إدلب، إضافة إلى استثناء قصف التحالف والولايات المتحدة لمقرات وقيادات الهيئة والتركيز على "الحراس" بالرغم من تصنيف الجهتين كمنضمات إرهابية، بل وتراجع حدة التصريحات الأمريكية التي تدين الهيئة خلال الأشهر الفائتة، خاصة بعد التصريح اللافت للمبعوث الخاص بواشنطن إلى سورية، جيمس جيفري، في تاريخ 5 شباط/فبراير 2020، والذي أوضح خلاله أن "الهيئة ركزت على محاربة نظام الأسد، كما أعلنت عن نفسها، -ولم نقبل بهذا الادعاء بعد -، بأنها تمثل مجموعة معارضة وطنية تضم مقاتلين وليس إرهابيين، كما أننا لم نشهد لهم مثلاً أي تهديدات على المستوى الدولي منذ زمن.([4])

إضافة إلى تلك المؤشرات، مثّل الظهور العلني والمتكرر للجولاني في الشمال مجالاً للتساؤل حول الحسابات الأمنية لهذا الظهور، تحديداً في الوقت الذي تتحرك فيه قيادات تلك المجموعات بشكل سري وحذر. كما اتهم بيان من قبل غرفة عمليات "فاثبتوا" الهيئة بتزامن اعتقال قياداتها مع تطبيق بنود التفاهمات الدولية، ملمّحة إلى تنسيق بين الهيئة وقوى إقليمية ودولية، خاصة وأن الجولاني قد ألمح لعرض حول هذا التنسيق خلال مقابلته مع "مجموعة الأزمات الدولية"، مؤكداً "حرصه على عدم تحول سورية إلى نقطة انطلاق لعمليات خارج الحدود، وإلى ضبط الفصائل "الجهادية" التي تحمل هذا التوجه"([5]).

بالمقابل، يلحظ من خلال بيانات الرصد تعرّض عناصر من القوات التركية في إدلب إلى استهداف بواقع 3 عمليات، وهذا مالم يسجله التقرير السابق في إدلب، والذي لم يرصد أي عملية استهداف للقوات التركية في ذلك الوقت، بينما تشير بيانات التقرير الحالي إلى تصاعد عمليات استهداف القوات التركية في إدلب بشكل ملحوظ، خاصة مع بدء تسيير الدوريات المشتركة الروسية-التركية على الطريق الدولي M4، حيث تشير طبيعة تلك العمليات والأدوات المستخدمة فيها إلى استهداف خاص لتلك القوات في نقاط تحركهم المحددة، إذ زُرعت بعض الألغام الأرضية على الطريق الدولي واستهدفت عربات الدوريات، بينما استُهدف رتل آخر بعبوة ناسفة أثناء توجهه إلى نقطة المراقبة في ريف إدلب. إضافة إلى عمليات أخرى استهدفت الدوريات المشتركة على الطريق الدولي M4، ولعل اللافت في تلك العمليات ظهور جماعات "جهادية" جديدة تبنّت تنفيذها (كتائب خطاب الشيشاني، سرية أنصار أبي بكر الصديق)، تلك التي لم تكن معروفة أو موجودة من قبل على الخارطة العسكرية للمنطقة ([6])، بما يوحي وكأنها ظهرت لتتبنى هذا النوع من العمليات، كما تزامنت تلك الاستهدافات في إدلب مع زيادة النشاط الأمني لمجموعة تطلق على نفسها اسم: "تحرير عفرين" ([7])، والتي تبنت بعض العمليات ضد القوات التركية في عفرين، وهي مجموعة لم يكن لها نشاط ملحوظ سابقاً قياساً بغرفة عمليات "غضب الزيتون".

 ويلحظ من زيادة وتيرة العمليات ضد القوات التركية في مناطق الشمال المختلفة، مقابل ظهور مجموعات جديدة تتبنى تلك العمليات؛ بأن استهداف الوجود التركي في سورية ضمن مناطق انتشاره بات يتصاعد بشكل ممنهج ومدروس، بهدف التضييق على هذا الوجود ومحاولة دفعه للانسحاب عبر تصعيد العمل الأمني، خاصة مع تراجع العمليات العسكرية التقليدية والثبات النسبي للجبهات، ما أفسح المجال أمام زيادة النشاط الأمني لقوى متعددة. قد تتقاطع مصالحها وأهدافها في تلك العمليات، خاصة وسط مناطق انتشار القوات التركية والتي تعد بيئة أمنية معقدة بلاعبين متعددين؛ منهم خلايا حزب الاتحاد الديمقراطي"PYD"، إضافة لخلايا تنظيم الدولة "داعش"، مقابل النظام وحلفائه، خاصة المليشيات الإيرانية التي استثنيت من التفاهمات الروسية-التركية التي حكمت أجزاء من الشمال، ناهيك عن بعض المجموعات "الجهادية" الرافضة لتلك التفاهمات.

إجمالاً، وبناءً على البيانات المرصودة، يمكن القول؛ إن ما تبقى من مناطق إدلب، وبغض النظر عن القوى المسيطرة، قد تكون مرشحة في المراحل القادمة لتدهور أكبر في الوضع الأمني العام، سواء في حال استمرار توقف المعارك التقليدية وفقاً للتفاهمات الروسية التركية، الأمر الذي سيفسح المجال لتصاعد وتيرة العمل الأمني أكثر، أو في حال تعرض المنطقة لعمليات عسكرية جديدة من النظام وحلفائه، والتي قد تتسبب بمزيد من التهجير للمدنيين، إضافة إلى الفصائل المحليّة، الأمر الذي قد يتسبب بشكل أو بآخر بفوضى أمنية نتيجة الاكتظاظ السكاني الذي قد تشهده بعض المناطق إثر موجات النزوح، إضافة إلى دخول الفصائل المهجّرة إلى مناطق نفوذ فصائل أخرى، ما يفرض على الجهات المسيطرة تحديات أمنيّة مركّبة تحتاج مواجهتها إلى جهود جماعية منظمة، لا تبدو متوافرة في الفترة الحالية.  

خلاصة

بقدر ما يحمله هذا التقرير من أرقام وبيانات تفصيلية عن عمليات الاغتيال، إلا أن قراءته العامة تفيد بالمزيد من ضعف الحالة الأمنية في جميع المناطق المرصودة ضمن الشمال السوري، وعجز القوى الفاعلة وتعثرها في الحد من هذه العمليات التي تساهم في تراجع مؤشرات الأمن والاستقرار على مختلف المستويات.

وعلى الرغم من محاولات بعض الفصائل والتشكيلات العسكرية المعارضة تطوير أدواتها في ضبط الأمن من خلال أجهزة الشرطة والشرطة العسكرية وازدياد أعداد المنتسبين لتلك الأجهزة وتخريج عدد من الدورات؛ إلا أنها لا تزال غير قادرة على الحد من تلك العمليات ولا تملك القدرة للوصول إلى منفذيها، الأمر الذي يستدعي إعادة هيكلة تلك الأجهزة ورفع مستوى التدريب الخاص بعناصرها ورفدهم بكافة التجهيزات اللوجستية والتقنية التي تساعد في الحد من تلك العمليات، إضافة إلى رفع مستوى التنسيق الأمني بين المناطق المختلفة وتشكيل لجان أمنية مشتركة للتنسيق بين تلك المناطق من جهة، ولإعادة هيكلة آليات التنسيق الأمني بين الجانبين التركي والسوري من جهة أخرى، خاصة مع وجود عوائق إدارية تحول دون الشكل الأمثل لهذا التنسيق، وبالتالي تساهم بشكل مباشر وغير مباشر بتوسيع هامش الخرق الأمني. مقابل كل ذلك، لابد من الدفع لإشراك المجتمع المحليّ والتنسيق مع فعالياته ومؤسساته في هذا الإطار، والسعي لتجسير أي هوة بين تشكيلات قوى الأمن الداخلي والمجتمعات المحلية العاملة ضمنها، بما يسهّل مهمتها ويعزز من حالة الأمن ويرفع المسؤولية بأهميتها للجميع، وبشكل يساهم في تأمين بيئة أمنيّة مناسبة لنشاط المؤسسات المدنية

ولا يُعد تردي الأوضاع الأمنية محلياً ضمن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، أمراً منفصلاً عن السياق العام للملف السوري وتعقيداته التي ترمي بظلالها محلياً على مختلف المناطق السورية بغض النظر عن القوى المسيطرة، إذ أن حالة الفوضى التي تجلت بصورة الاغتيالات في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، تتكرر بصور وأدوات وكثافة مختلفة ضمن مناطق سيطرة نظام الأسد، وكذلك مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، على الرغم من المركزية الأمنية التي تحكم تلك المناطق، والمفتقدة في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة.


([1]) فيما يتعلق بمصادر التقرير فهي على الشكل التالي: 1) نقاط الرصد الخاصة بوحدة المعلومات في الشمال السوري. 2) التقرير الأمني الخاص الصادر عن مكاتب منظمة "إحسان الإغاثية" في الشمالي السوري. 3) المُعرّفات الرسمية للجهات التي تم استهدافها (الجبهة الوطنية، هيئة تحرير الشام، حراس الدين وغيرها). 4) المُعرّفات والمواقع الرسمية للوكالات ووسائل الإعلام المحليّة التي تقوم بتغطية الأحداث في محافظة إدلب.

[2] )) للاطلاع على التقرير السابق "الاغتيالات في مناطق المعارضة خلال الفترة الممتدة من آب حتى كانون الأول 2019"، راجع الرابط التالي: https://cutt.us/o1fRy

([3]) "نبع السلام" اشتباكان داخليان بين فصائل الجيش الوطني، الموقع الإلكتروني لصحيفة عنب بلدي، 5/7/2020، متوافر على الرابط التالي: http://cutt.us.com/dFIXb6

([4]) ساشا العلو، الهيئة وإعادة تشكيل الفضاء الجهادي...ترتيبات داخلية ورسائل خارجية، ورقة تحليلية صادرة عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 7/6/2020، متوافر على الرابط التالي: https://cutt.us/Wo1lh

([5]) المرجع السابق.

([6] )  تعرضت القوات التركية والروسية منذ تموز الماضي لهجمات عدة في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، تبنتها مجموعتا “كتائب خطاب الشيشاني” و”سرية أنصار أبي بكر الصديق” اللتين لم تكونا معروفتين قبل هذا التاريخ.  للمزيد حول تلك المجموعات راجع: مجموعتان مجهولتان تتبنيان استهداف الأتراك والروس في إدلب، الموقع الإلكتروني لصحيفة عنب بلدي، 13 أيلول/سبتمبر 2020، متوافر على الرابط التالي: https://cutt.us/h7tI0

([7]) “قوات تحرير عفرين” هي مجموعة من المقاتلين الكرد، الذين يصفون تجمعهم بــ "حركة مقاومة” عبر شن هجمات تستهدف الجيش التركي و"الجيش الوطني" المدعوم من تركيا في عفرين ومناطق أخرى، كما أن هذه الحركة لا تقول صراحة إنها تابعة لـ "وحدات حماية الشعب" أو "قسد". للمزيد حول طبيعة عمليات تلك الحركة راجع: مجموعة "تحرير عفرين" تتبنى استهداف نقطة تركية بريف حلب، الموقع الإلكتروني لصحيفة عنب بلدي، 13 أيلول/سبتمبر 2020، متوافر على الرابط التالي: https://cutt.us/2f6xU

التصنيف تقارير خاصة

مُلخّصٌ تنفيذيّ:

  • يرصد هذا التقرير محاولات الاغتيال في مناطق سيطرة المعارضة السورية، خلال الفترة الممتدة ما بين (آب/أغسطس وحتى كانون الأول/ديسمبر 2019)، والتي بلغ عددها 55 محاولة مُخلفة 143 ضحية.
  • يشير تحليل البيانات الخاص بمناطق "درع الفرات"، إلى تراجع نسبيّ في نشاط غرفة عمليات "غضب الزيتون)[1]) "، والتي تتصدر تنفيذ عمليات الاغتيال وتبنيها في مناطق سيطرة "الجيش الوطني". في حين لم يشهد نشاط الغرفة أي تراجع في منطقة عفرين ومحيطها.
  • بحسب البيانات المرصودة، فإن النسبة الأكبر من ضحايا عمليات الاغتيال ضمن مناطق "درع الفرات" وعفرين كانوا من المدنيين، بينما كانت النسبة الأقل للأهداف العسكرية.
  • توضّح عملية الرصد في مختلف المناطق، استخدام أدوات متعددة لتنفيذ الاغتيالات، حيث نُفذّت 19 محاولة عن طريق العبوات الناسفة، بينما سجّلت عملية الرصد استخدام الطلق الناري في 35 محاولة، مقابل محاولة وحيدة عبر اللغم الأرضي.
  • تظهر عملية الرصد في مدينة عفرين ومحيطها، أن بنك الأهداف لعمليات الاغتيال لم يعد يقتصر على الفصائل المحلية والجهات المدنية، وإنما بات يشمل الجنود الأتراك المتواجدين في المنطقة، بعد تسجيل محاولات لاستهدافهم.
  • على الرغم من استمرار العمليات العسكرية للنظام وحلفائه وما رافقها من فوضى أمنيّة، سجّلت محافظة إدلب، النسبة الأقل في عمليات الاغتيال، خلال أشهر الرصد، ورغم تراجع كثافة تلك العمليات؛ إلا أنها كانت نوعية لناحية أهدافها.
  • تجاوزت عمليات الاغتيال حدود منطقتي "درع الفرات" وعفرين، لتمتد إلى مناطق سيطرة "الجيش الوطني" شرق الفرات بعد السيطرة عليها مدعوماً بالجيش التركي ضمن عملية "نبع السلام"، حيث بدأت تشهد عمليات لا تختلف كثيراً عن سابقتها لناحية طبيعتها والجهات المنفذة والمستهدفة.
  • قد تكون المراحل القادمة مرشحة لتدهور أكبر في الوضع الأمني العام، خاصة ضمن ما تبقى من محافظة إدلب، نتيجة العمليات العسكرية المستمرة من قبل النظام وحلفائه، وما تسببت به من تهجير عشرات الآلاف من السكان، إضافة إلى تهجير الفصائل المحليّة.

مدخل

يعد الملف الأمنيَ أحد أبرز الإشكاليات المُركّبة التي تعاني منها مناطق سيطرة المعارضة المسلّحة في الشمال السوري، وأهم العقبات والتحديات التي تحاول القوى المسيطرة على تلك المناطق إيجاد حلول لها، ضمن بيئة مضطربة أمنياً، لناحية تعدد الجهات المسيطرة ذات المصالح المتضاربة، إضافة إلى التدخلات الإقليمية المباشرة وما استتبعته من ردود فعل مضادة لجهات مختلفة عبر خلاياها النائمة بهدف زعزعة الاستقرار، ناهيك عن القصف المستمر لقوات النظام وحلفائه لبعض تلك المناطق.

وتعتبر عمليات الاغتيال بما تمثله من اختراق أمنيّ، مؤشراً هاماً لطبيعة ودرجة الاستقرار الأمني ومستوى إدارة هذا الملف والقدرة على ضبطه من قبل القوى المسيطرة، خاصة مع ازدياد وتيرة تلك العمليات وتفاوت أهدافها وتعدد منفذيها واختلاف أساليبها، فعادةً ما تتصف عمليات الاغتيال بالسريّة لناحية الجهة المنُفذّة؛ إلا أن غالبية العمليات ضمن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة تتبناها جهات محددة بشكل علنيّ، في اختراق أمنيّ واضح وصريح لتلك المناطق، خاصة "درع الفرات" وعفرين. وعلى الرغم مما تشهده باقي مناطق سيطرة الفصائل المعارضة من انحسار في الرقعة الجغرافية نتيجة المعارك المستمرة مع النظام، والذي من المفترض أن يُسهّل عملية الضبط والسيطرة الأمنيّة؛ إلا أنها أيضاً تكاد لا تختلف أمنياً عن سابقتها من المناطق لجهة معدلات الاغتيال ومؤشرات الانفلات الأمنيّ.

وفي متابعة لملف الاغتيالات ضمن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الشمال السوري؛ صَمَمَتْ وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، نموذجاً خاصاً لرصد تلك العمليات وتحليل البيانات الخاصة بها ([2]) كمؤشرات للاستقرار الأمني، وإخراجها ضمن تقرير دوريّ يرصد وتيرة عمليات الاغتيال، موضّحاً نتائج تلك العمليات وما أسفرت عنه، مقابل الجهات المُنفذة-إن عُلِمت-وكذلك الجهات المُستهدفة، كما يسعى التقرير إلى تحليل تلك البيانات ومقاطعتها بين مختلف المناطق، في محاولة لرسم الملامح العامة للوضع الأمنيّ وقياس أوليّ لمؤشرات الاستقرار.

وعليه يرصد هذا التقرير محاولات الاغتيال ضمن مناطق (درع الفرات، عفرين، إدلب)، خلال الفترة الممتدة ما بين (أب/أغسطس وحتى كانون الأول/ديسمبر 2019)، حيث بلغ عددها 55 محاولة خلفت 143 ضحية، وتوضّح البيانات انخفاض هذه النسبة مقارنة بالتقرير السابق الذي أصدرته وحدة المعلومات في مركز عمران (الاغتيالات في مناطق المعارضة خلال الفترة الممتدة من شباط حتى تموز 2019).

وتوزعت معدلات محاولات الاغتيال الـ 55 المرصودة ضمن التقرير الحالي، بحسب الأشهر، على الشكل التالي: 13 محاولة اغتيال خلال شهر آب/أغسطس، في حين بلغت خلال أيلول/سبتمبر 10 محاولات، بينما شهد تشرين الأول/أكتوبر 10 محاولات، لترتفع النسبة في تشرين الثاني/نوفمبر إلى 19، مقابل 3 محاولات في كانون الأول/ ديسمبر 2019. بينما يفرد ما تبقى من هذا التقرير تلك المحاولات بحسب مناطق السيطرة، والجهات المستهدفة والمنفذة وطبيعة أداة التنفيذ، ومدى نجاح تلك المحاولات.

أولاً: "درع الفرات" (كثافة عمليات وتعدد الجهات)

تُشير عملية الرصد الخاص بمناطق "درع الفرات"، بلوغ معدل محاولات الاغتيال، خلال 5 أشهر من الرصد، 24 محاولة اغتيال (الشكل 1)، نُفذ 13 محاولة منها عبر الطلق الناري، حيث حققت 12 منها غايتها في تصفية الجهة المستهدفة فيما فشلت محاولة واحدة في تحقيق هدفها. وتبنت 4 محاولات منها غرفة عمليات "غضب الزيتون" بينما بقيت 9 منها مجهولة المنفذ. وقد كانت فصائل الجيش الوطني هدفاً لتلك الاغتيالات بواقع 9 محاولات، مقابل 4 استهدفت كوادر إدارية من عناصر الشرطة المحليّة.

 بالمقابل، نُفذت 11 محاولة عبر العبوات الناسفة مخلفةً بمجموعها 8 قتلى و50 جريح، منهم 48 مدني مقابل 10 من عناصر الجيش الوطني (انظر الشكل 2)، حيث تم تفجير أغلبها لاستهداف شخصيات أو مجموعات عسكرية وسط تجمعات المدنيين. وقد تبنت غرفة عمليات "غضب الزيتون" 3 محاولات منها، بينما بقيت 8 منها مجهولة المنفذ.

ثانياً: عفرين (تبني واضح واستهداف التركي)

من خلال عملية رصد وتحليل البيانات لعمليات الاغتيال في مناطق عفرين ومحيطها، يتضح أن تلك المناطق شهدت بالعموم 17 محاولة اغتيال خلال 5 أشهر من الرصد، نُفّذ 8 محاولات منها عبر الطلق الناري وحققت جميعها غايتها في تصفية الجهة المستهدفة، بينما نُفذت محاولة واحدة عن طريق اللغم الأرضي وكانت فاشلة في تصفية الجهة المستهدفة (الشكل 3)، وقد تبنت 7 محاولات منها غرفة عمليات "غضب الزيتون" بينما بقيت محاولتين مجهولة المنفذ، وكانت فصائل الجيش الوطني  هدفاً لتلك الاغتيالات بواقع 7 محاولات، مقابل محاولتين استهدفت الجهات المدنية.

بالمقابل، وبح

سب البيانات المرصودة، نُفّذت 8 محاولات عبر العبوة الناسفة (الشكل 3)، والتي استهدفت عناصر ومجموعات للجيش الوطني وسط تجمعات للمدنيين، ما أدى إلى وقوع؛ 15 قتيل و34 جريح (الشكل 4)، منهم 30 مدني و17 من عناصر الجيش الوطني، مقابل 2 من عناصر الجيش التركي بعد استهداف عرباتهم. وقد تبنت غرفة عمليات "غضب الزيتون" عبر معرفاتها الرسميّة جميع تلك العمليات.

 

ومن خلال تلك الأرقام يتضح أن المناطق التي تقع تحت سيطرة "الجيش الوطني" (عفرين، "درع الفرات") هي الأكثر تردياً أمنياً، لناحية ارتفاع وتيرة الاغتيالات واتساع حجم الخرق الأمني وتعدد الجهات المنفذة واختلاف مصالحها وارتباطاتها، مقابل تراجع قدرة القوى المسيطرة على ضبط الاستقرار وتضييق حجم هذا الخرق.

وعلى الرغم من انخفاض نسبة العمليات في منطقة عفرين مقارنة بـ"درع الفرات"؛ إلا أن ذلك لا يعني اختلافاً في مستوى الضبط الأمني، خاصة وأن العمليات التي نفذت في عفرين كانت نوعيّة وتسببت بعدد ضحايا أكبر، ناهيك عن وضوح الجهة التي تقف خلفها (غرفة عمليات غضب الزيتون)، وتوسيعها لنشاطها لتشمل عناصر الجيش التركي في المنطقة، بشكل يشير إلى ارتفاع مستوى تلك العمليات وتوسيع دائرة أهدافها، وزيادة النشاط الأمني لبقايا خلايا حزب الاتحاد الديمقراطي "PYD" والتي تعتبر المنطقة امتداداً للنفوذ التركي وترى المقاتلين المحليين وبعض العوائل المهجرة بذات الإطار، وبالتالي تكثف من عملياتها وتشرعنها تحت هذا الغطاء دون التمييز بين مدني وعسكري.

أما بالنسبة لمناطق "درع الفرات" والتي شهدت نسبة عمليات أعلى من عفرين، فيتضح من خلال طبيعة تلك العمليات، تعدد الجهات التي تقف خلفها وعدم اقتصارها على جهة واحدة، وهذا قد يبدو طبيعياً في ظل سعي العديد من الأطراف والجهات إلى زعزعة الأمن في تلك المنطقة وتقاطع مصالحها في ذلك.

  ولعل ارتفاع عدد العمليات إلى هذا الحد لا يعد مؤشراً على عدم قدرة التشكيلات الأمنية لـ "الجيش الوطني" على ضبط الأمن والاستقرار بالنسبة للمدنيين فحسب، وإنما ضعف قدرتها أيضاً على تأمين أنفسها وعناصرها، وهذا ما تدلل عليه طبيعة تلك العمليات، والتي يبدو أنها تجاوزت حدود منطقتي "درع الفرات" وعفرين لتمتد إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني شرق الفرات بعد السيطرة عليها مدعوماً بالجيش التركي ضمن عملية "نبع السلام"، حيث بدأت تشهد عمليات اغتيالات لا تختلف كثيراً عن سابقتها لناحية طبيعتها والجهات المُنفّذة والمُستهدفة، ومهما اختلفت دوافع تنفيذها والجهات التي تقف وراءها؛ فإن الحد منها وتحمُّل مسؤولية نتائجها يقع في النهاية على عاتق القوى والتشكيلات العسكرية والأمنية المسيطرة في تلك المناطق.

ثالثاً: إدلب وما حولها (انخفاض الكم وعمليات نوعية)

من خلال البيانات المرصودة، يتضح أن عدد محاولات الاغتيالات في محافظة إدلب وما حولها بلغ 14 محاولة خلال 5 أشهر من الرصد، حققت 13 محاولة منها مهمتها في تصفية الجهة المستهدفة، بينما فشلت محاولة وحيدة في ذلك بعد نجاة الطرف المُستهدف.

ومن مُجمل عمليات الاغتيال الـ 14، استُهدف عناصر وقيادات "هيئة تحرير الشام" بواقع 7 عمليات، بينما كانت فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" هدفاً في 4 منها، في حين تم استهداف جهات مدنية بواقع 3 عمليات، منهم عضو مجلس محليَ وإمام مسجد (الشكل 5). وبالنسبة لأدوات التنفيذ، فقد اعتمدت عمليات الاغتيال المُنفّذة في محافظة إدلب على الطلق الناري في جميع العمليات المرصودة، أما بالنسبة للجهة التي تقف وراء تلك العمليات، فقد بقيت مجهولة حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

 

ومن خلال تحليل البيانات يتضح أن، مناطق نفوذ "هيئة تحرير الشام" ضمن محافظة إدلب، سجّلت العدد الأكبر من عمليات الاغتيال مقارنة بمناطق "الجبهة الوطنية للتحرير"، سواء لناحية استهداف عناصرها أو استهداف المدنيين ضمن مناطق نفوذها، بينما سجّلت مناطق نفوذ الهيئة النسبة الأقل مقارنة بمناطق عفرين و"درع الفرات"، وإن انخفاض نسبة العمليات ضمن مناطق نفوذ الهيئة لا يعتبر مؤشراً على قدرتها الأمنية في ضبط الأوضاع؛ بقدر ما يشير إلى اختلاف طبيعة تلك العمليات ونوعيتها وليس كميتها، إذا أن أغلب عمليات الاغتيال في مناطق نفوذ هيئة "تحرير الشام" تعد عمليات دقيقة سواء على مستوى استهداف قيادات الهيئة وعناصرها، وضلوع أطراف عدة في تلك العمليات، منها محليّة ودوليّة، أو على مستوى الشخصيات المدنية، والتي توجه في استهدافها اتهامات لعدة أطراف،  إضافة إلى الاتهامات بضلوع الهيئة ببعض تلك العمليات،

بالمقابل، وبحسب البيانات، كانت مناطق نفوذ فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" في المرتبة الأخيرة من حيث وتيرة عمليات الاغتيال، سواء لناحية مقارنتها بمناطق نفوذ "هيئة تحرير الشام" ضمن إدلب، أو بمناطق "الجيش الوطني" في منطقتي "درع الفرات" وعفرين،  وقد يشير انخفاض نسبة العمليات المرصودة، إلى تحسن أمني نسبي ضمن تلك المناطق، ولكن بنفس الوقت فإن أغلب تلك العمليات استهدفت قيادات عسكرية في الجبهة، الأمر الذي يعطي مؤشراً على تراجع القدرة على تأمين البيت الداخلي للجبهة، خاصة وسط تعدد الأطراف المحليّة واختلاف مصالحها وأيديولوجياتها وارتباطاتها وما يفرضه ذلك من خلافات بين القوى المُسيطرة.

بالمقابل، فإن ما تبقى من مناطق إدلب، وبغض النظر عن القوى المسيطرة، قد تكون في المراحل القادمة مرشحة لتدهور أكبر في الوضع الأمني العام، وذلك نتيجة العمليات العسكرية المستمرة من قبل النظام وحلفائه، وما تسببت به من تهجير عشرات الآلاف من السكان، إضافة إلى الفصائل المحليّة، الأمر الذي قد يتسبب بشكل أو بآخر بفوضى أمنية نتيجة الاكتظاظ السكاني الذي قد تشهده بعض المناطق بعد موجات النزوح، إضافة إلى دخول الفصائل المهجرة إلى مناطق نفوذ لفصائل أخرى، ما يفرض على الجهات المسيطرة تحديات أمنيّة مركّبة تحتاج مواجهتها إلى جهود جماعية منظمة.    

خلاصة

بقدر ما يحمله هذا التقرير من أرقام وبيانات تفصيلية عن عمليات الاغتيال، إلا أن قراءته العامة تفيد بالمزيد من ضعف الحالة الأمنية في جميع المناطق المرصودة ضمن الشمال السوري، وفشل القوى الفاعلة وتعثرها في الحد من هذه العمليات التي تساهم في تراجع مؤشرات الأمن والاستقرار على مختلف المستويات.

وعلى الرغم من محاولات بعض الفصائل والتشكيلات المعارضة تطوير أدواتها وضبط الأمن من خلال أجهزة الشرطة والشرطة العسكرية وازدياد المنتسبين لتلك الأجهزة وتخريج عدد من الدورات؛ إلا أنها لا تزال غير قادرة على الحد من تلك العمليات ولا تملك القدرة للوصول إلى منفذيها. الأمر الذي يستدعي إعادة هيكلة تلك الأجهزة ورفع مستوى التدريب الخاص بعناصرها ورفدهم بكافة التجهيزات اللوجستية والتقنية التي تساعد في الحد من تلك العمليات، بشكل يساهم في تأمين بيئة أمنيّة مناسبة لنشاط المؤسسات المدنية، والدفع بإشراك المجتمع المحلي والتنسيق مع فعالياته ومؤسساته في هذا الإطار وتجسير أي هوة بين تشكيلات قوى الأمن الداخلي والمجتمعات المحلية العاملة ضمنها، بشكل يسهل مهمتها ويعزز من حالة الأمن ويرفع المسؤولية بأهميتها للجميع. 

ولا يُعد تردي الأوضاع الأمنية محلياً ضمن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، أمراً منفصلاً عن السياق العام للملف السوري وتعقيداته التي ترمي بظلالها محلياً على مختلف المناطق السورية بغض النظر عن القوى المسيطرة، إذ أن حالة الفوضى التي تجلت بصورة الاغتيالات في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، تتكرر بصور وأدوات وكثافة مختلفة ضمن مناطق سيطرة نظام الأسد، وكذلك مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، على الرغم من المركزية الأمنية التي تحكم تلك المناطق، والمفتقدة في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة.


([1]) غرفة عمليات "غضب الزيتون": وهي بحسب توصيفها   لنفسها على معرفاتها الرسميّة؛ مجموعة من شباب وشابات عفرين، ويعتقد بأنها تتبع لوحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD، تقوم باغتيال المقاتلين الأتراك المتواجدين في المنطقة، بالإضافة إلى المقاتلين المحليين المدعومين من تركيا، للاطلاع والتعرف أكثر على هذه المجموعة راجع الرابط التالي: http://www.xzeytune.com

([2]) فيما يتعلق بمصادر التقرير فهي على الشكل التالي: 1) نقاط الرصد الخاصة لوحدة المعلومات في الشمال السوري. 2) التقرير الأمني الخاص الصادر عن مكاتب منظمة "إحسان الإغاثية" في الشمالي السوري. 2) المُعرّفات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي للجهات التي تم استهدافها (الجبهة الوطنية، هيئة تحرير الشام، حراس الدين وغيرها). 3) المُعرّفات والمواقع الرسمية للوكالات ووسائل الإعلام المحليّة التي تقوم بتغطية الأحداث في محافظة إدلب.

التصنيف تقارير خاصة

مدخل

تشهد مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الشمال السوريّ ازدياداً واضحاً في مُعدل عمليات الاغتيال، والتي تعد مؤشراً مهماً على تدهور حالة الاستقرار الأمني وتدني القدرة على ضبطها من قبل القوى المسيطرة، خاصة مع ازدياد محاولات الاغتيال ضمن تلك المناطق وتعدد مُنفذيها واختلاف أساليبها. وعادةً ما تتصف عمليات الاغتيال بالسريّة لناحية الجهة المنُفذّة؛ إلا أن غالبية العمليات ضمن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة تتبناها جهات محددة بشكل علني كغرفة عمليات "غضب الزيتون"، في اختراق أمني واضح وصريح لتلك المناطق، خاصة "درع الفرات" وعفرين. وعلى الرغم مما تشهده باقي مناطق سيطرة الفصائل المعارضة من انحسار في الرقعة الجغرافية نتيجة المعارك المستمرة مع النظام، والذي من المفترض أن يُسهّل عملية الضبط والسيطرة الأمنية؛ إلا أنها أيضاً تكاد لا تختلف أمنياً عن سابقتها من المناطق لجهة معدلات الاغتيال ومؤشرات الانفلات الأمنيّ.

وفي متابعة لملف الاغتيالات ضمن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة؛ صَمَمَتْ وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية نموذجاً خاصاً لرصد تلك العمليات وتحليل البيانات الخاصة بها ([1]) كمؤشرات للاستقرار الأمني، وإخراجها ضمن تقرير دوريّ يرصد وتيرة عمليات الاغتيال في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، موضّحاً نتائج تلك العمليات وما أسفرت عنه، مقابل الجهات المُنفذة-إن عُلِمت-وكذلك الجهات المُستهدفة، كما يسعى التقرير إلى تحليل تلك البيانات ومقاطعتها بين مختلف المناطق في محاولة لرسم الملامح العامة للوضع الأمنيّ وقياس أوليّ لمؤشرات الاستقرار.

وعليه يرصد هذا التقرير محاولات الاغتيال ضمن مناطق (درع الفرات، عفرين، إدلب وما حولها)، خلال الفترة الممتدة ما بين (شباط/فبراير وحتى تموز/يوليو 2019)، حيث بلغ عدد هذه المحاولات 234 محاولة، وتوضّح البيانات ارتفاع هذه النسبة مقارنة بالتقرير السابق الذي أصدرته وحدة المعلومات في مركز عمران خلال الفترة الممتدة من تشرين الثاني/نوفمبر 2018 وحتى كانون الثاني/يناير 2019 ([2])، والتي بلغت 91 محاولة خلال ثلاثة أشهر، بينما تشير عملية الرصد في هذا التقرير إلى وقوع 96 محاولة اغتيال في مناطق عفرين وما حولها، مقابل 86 محاولة في مناطق "درع الفرات"، بالإضافة إلى 52 محاولة في مناطق إدلب وما حولها.

أولاً: "درع الفرات" (خرقٌ أمنيّ واضح)

توضّح عملية رصد وتحليل البيانات لعمليات الاغتيال في مناطق "درع الفرات"، أن تلك المناطق شهدت 86 محاولة اغتيال خلال 6 أشهر من الرصد، حققت 29 محاولة منها هدفها في تصفية الجهة المستهدفة، بينما فشلت 57 منها في ذلك بعد نجاة الطرف المُستهدَف، وقد كانت فصائل المعارضة المعتدلة هدفاً لتلك الاغتيالات بواقع 65 محاولة، مقابل 21 محاولة استهدفت جهات مدينة (الشكل 1).  

وبحسب البيانات المرصودة، فإن أدوات تنفيذ عمليات الاغتيال في مناطق "درع الفرات" اعتمدت بالدرجة الأولى على العبوات الناسفة بواقع 89% من مجمل محاولات الاغتيال، بينما شكّلت محاولات الاغتيال المُنفّذة عبر الطلق الناري نسبة 9%، في حين استخدمت القنبلة اليدوية كأداة اغتيال بواقع 2% (الشكل 2). وتوضّح البيانات أن 69% من مجموع عمليات الاغتيال نفذتها غرفة عمليات "غضب الزيتون" في نشاط واضح لها ضمن مناطق "درع الفرات" لم يُلحظ خلال التقارير السابقة (الشكل 3).

  ثانياً: عفرين (تفعيل العبوات الناسفة)

تُشير عملية الرصد الخاص بمناطق عفرين وما حولها بلوغ محاولات الاغتيال خلال 6 أشهر من الرصد 96 محاولة اغتيال، حققت 41 محاولة منها مهمتها في تصفية الجهة المُستهدفة، بينما فشلت 55 منها في ذلك بعد نجاة الطرف المُستهدَف، وقد كانت جهات مدنية هدفاً لتلك الاغتيالات بواقع 71 محاولة، مقابل 25 محاولة استهدفت الفصائل المعتدلة (الشكل 4).

 وتشير عملية تحليل البيانات أن العبوات الناسفة مثّلت أكثر الأدوات المستخدمة في تلك العمليات، حيث اعتمدت 82 محاولة اغتيال على العبوة الناسفة كأداة تنفيذ، بينما نُفذت 11 محاولة عبر الطلق الناري، في حين نُفذت 3 محاولات عن طريق القنبلة اليدوية (انظر الشكل 5). كما توضح البيانات أن 89 من مجموع المحاولات نفذته وتبنته غرفة عمليات "غضب الزيتون"، بينما بقيت 7 محاولات مجهولة الُمنفذ (الشكل 6).

 

ثالثاً: إدلب (استهداف الفصائل المعتدلة)

تؤكد البيانات المرصودة على أن محاولات الاغتيالات في محافظة إدلب وما حولها بلغت 52 محاولة خلال 6 أشهر من الرصد، حققت 29 محاولة منها مهمتها في تصفية الجهة المُستهدفة، بينما فشلت 23 منها في ذلك بعد نجاة الطرف المُستهدَف، وفي مقارنة نتائج التقرير الحالي حول إدلب بالتقرير السابق؛ يُلحظ تحسن أمنيّ لناحية انخفاض وتيرة الاغتيالات، والتي بلغت نتائجها في التقرير السابق 60 محاولة اغتيال خلال 3 أشهر فقط ([3]).

 ومن مُجمل محاولات الاغتيال الـ 52؛ استُهدفت الفصائل الجهادية بواقع 23 محاولة، بينما كانت الفصائل المعتدلة هدفاً في 12 محاولة، في حين تم استهداف جهات مدنية بواقع 17 محاولة (الشكل 7). وفي المقارنة مع التقرير السابق يبدو لافتاً ازدياد وتيرة استهداف الفصائل المعتدلة عبر عمليات الاغتيال، حيث وضّح التقرير السابق أن تلك الفصائل تعرضت إلى محاولة اغتيال وحيدة خلال 3 أشهر من الرصد، في حين ارتفع عدد المحاولات إلى 12 خلال الأشهر الستة التي رصدها التقرير الحالي. وبالنسبة لأدوات التنفيذ، اعتمدت عمليات الاغتيال المنفذة في محافظة إدلب على العبوات الناسفة في 32 محاولة اغتيال من مجمل المحاولات الـ 52 المرصودة، بينما نُفِذت 20 محاولة عبر الطلق الناري (الشكل 8)، أما بالنسبة للجهة التي تقف وراء عمليات الاغتيال تلك فقد بقيت في غالبها مجهولة حتى لحظة إعداد هذا التقرير، إلا في 3 محاولات منها اتَهَمَت خلالها جهات محليّة عناصر هيئة "تحرير الشام" بالضلوع في تنفيذها. (الشكل 9).

 

رابعاً: الاغتيالات والفصائل (مقارنة مناطق السيطرة)

وفي الحصيلة النهائية لمحاولات الاغتيال التي بلغت بمجملها في مختلف مناطق سيطرة الفصائل المعارضة 234 محاولة خلال فترة 6 أشهر من الرصد، فتشير عملية تحليل البيانات إلى فشل 58% من المحاولات في تصفية الجهة المستهدفة، بينما نجحت في 42% بهدفها.

أما بالنسبة لتوزع كثافة الاغتيالات بحسب مناطق السيطرة العسكرية التي وقعت ضمنها: فتبيّن البيانات المرصودة أن 183 محاولة اغتيال وقعت ضمن مناطق سيطرة "الجيش الوطني" من مجمل محاولات الاغتيال الـ 234، بينما وقعت 41 محاولة اغتيال ضمن مناطق نفوذ هيئة "تحرير الشام"، فيما وقعت 10محاولات اغتيال ضمن مناطق سيطرة فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" (الشكل 10).

ومن خلال تلك الأرقام يتضح أن المناطق التي تقع تحت سيطرة "الجيش الوطني" هي الأكثر تردي أمني لناحية ارتفاع وتيرة الاغتيالات واتساع حجم الخرق الأمني وتعدد الجهات المنفذة واختلاف مصالحها وارتباطاتها، مقابل تراجع قدرة القوى المسيطرة على ضبط الاستقرار وتضييق حجم هذا الخرق. ولعل ارتفاع عدد العمليات إلى هذا الحد لا يعد مؤشراً على عدم قدرة التشكيلات الأمنية لـ"الجيش الوطني" على ضبط الأمن والاستقرار بالنسبة للمدنيين فحسب، وإنما ضعف قدرتها أيضاً على تأمين أنفسها وعناصرها، وهذا ما تدلل عليه طبيعة تلك العمليات التي يختلط فيها الفردي والعشوائي مع المُنظّم، وتتراوح دوافعها من الاغتيال بهدف السلب والسرقة وأهداف فردية إلى الاغتيالات بدوافع سياسية وأمنية محددة، خاصة مع وجود بقايا لخلايا PYD والتي تعتبر المنطقة امتداداً للنفوذ التركي  وترى المقاتلين المحليين وبعض العوائل المهجرة بذات الإطار، وبالتالي تكثف من عملياتها وتشرعنها تحت هذا الغطاء دون التمييز بين مدني وعسكري. ومهما اختلفت الدوافع والجهات التي تقف وراء تلك العمليات؛ فإن الحد منها وتحمُّل مسؤولية نتائجها يقع في النهاية على عاتق القوى والتشكيلات العسكرية والأمنية المسيطرة في تلك المنطقة.    

واحتلت مناطق نفوذ هيئة "تحرير الشام" المرتبة الثانية لناحية عدد الاغتيالات المُنفذة خلال فترة الرصد، وبقدر ما يوحي انخفاض وتيرة الاغتيالات بالقدرة الأمنية للهيئة على ضبط الأوضاع؛ إلا أنه يعتبر مؤشراً خطيراً لناحية نوعية الاغتيالات في تلك المناطق وليس كميتها، إذا أن أغلب عمليات الاغتيال في مناطق نفوذ هيئة "تحرير الشام" تعد عمليات دقيقة سواء على مستوى استهداف قيادات هيئة تحرير الشام، أو على مستوى الشخصيات المدنية، مقابل ضلوع أطراف عدة في تلك العمليات، منها محليّة ودوليّة، غالباً ما تستهدف قيادات الهيئة، إضافة إلى الاتهامات بضلوع الهيئة ببعض تلك العمليات، لذلك فإن انخفاض وتيرة الاغتيالات في مناطق الهيئة مقارنة بسابقتها لا يعني القدرة على ضبط الوضع أمنياً بقدر ما يشير إلى اختلاف طبيعة تلك العمليات ونوعيتها.

وبحسب البيانات، كانت مناطق نفوذ فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" في المرتبة الأخيرة لناحية انخفاض وتيرة عمليات الاغتيال، والتي اقتصرت على 10 عمليات خلال ستة أشهر من الرصد، ويشير هذا العدد إلى تحسن أمني واضح ضمن مناطق سيطرة الجبهة بالمقارنة مع سابقاتها من المناطق، ولكن بنفس الوقت فإن أغلب تلك العمليات استهدفت قيادات عسكرية في الجبهة، الأمر الذي يعطي مؤشراً على تراجع القدرة على تأمين البيت الداخلي للجبهة، خاصة وسط تعدد الأطراف المحليّة واختلاف مصالحها وأيديولوجياتها وارتباطاتها وما يفرضه ذلك من خلافات  بين القوى المسيطرة.

 

خلاصة

وبقدر ما يحمله هذا التقرير من أرقام وبيانات تفصيلية عن عمليات الاغتيال، إلا أن قراءته العامة تفيد بالمزيد من ضعف الحالة الأمنية في جميع مناطق الفصائل المعارضة وفشل القوى الفاعلة وتعثرها في الحد من هذه العمليات التي تساهم في تراجع مؤشرات الأمن والاستقرار على مختلف المستويات. وعلى الرغم من محاولات بعض الفصائل والتشكيلات المعارضة تطوير أدواتها وضبط الأمن من خلال أجهزة الشرطة والشرطة العسكرية وازدياد المنتسبين لتلك الأجهزة؛ إلا أنها لا تزال غير قادرة على الحد من تلك العمليات ولا تملك القدرة للوصول إلى منفذيها. الأمر الذي يستدعي إعادة هيكلة تلك الأجهزة ورفع مستوى التدريب الخاص بعناصرها ورفدهم بكافة التجهيزات اللوجستية والتقنية التي تساعد في الحد من تلك العمليات، بشكل يساهم في تأمين بيئة أمنية مناسبة لنشاط المؤسسات المدنية، والدفع بإشراك المجتمع المحلي والتنسيق مع فعالياته ومؤسساته في هذا الإطار وتجسير أي هوة بين تشكيلات قوى الأمن الداخلي والمجتمعات المحلية العاملة ضمنها، بشكل يسهل مهمتها ويعزز من حالة الأمن ويرفع المسؤولية بأهميتها للجميع.  

ولا يُعد تردي الأوضاع الأمنية محلياً ضمن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، أمراً منفصلاً عن السياق العام للملف السوري وتعقيداته التي ترمي بظلالها محلياً على مختلف المناطق السورية بغض النظر عن القوى المسيطرة، إذ أن حالة الفوضى التي تجلت بصورة الاغتيالات في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، تتكرر بصور وأدوات وكثافة مختلفة ضمن مناطق سيطرة نظام الأسد، وكذلك مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، على الرغم من المركزية الأمنية التي تحكم تلك المناطق، والمفتقدة في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة.

  • بلغت محاولات الاغتيال منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر وحتى كانون الثاني/يناير؛91 محاولة ضمن المناطق التي تم رصدها (ريف حلب ومحافظة إدلب)، وقد انخفضت النسبة بالمقارنة مع التقرير السابق (محاولات الاغتيال في مناطق المعارضة) ([4])، حيث بلغ مجموع تلك المحاولات 159محاولة خلال فترة رصد لمدة ثلاثة أشهر.
  • توضح عملية تحليل البيانات أن جميع عمليات الاغتيال المنفّذة في مناطق "درع الفرات" استهدفت الفصائل العسكرية بواقع 15محاولة، وأن 20 % من مجموع المحاولات نجحت في تصفية الجهة المستهدفة.
  • تغيّرت أدوات التنفيذ المستخدمة في الاغتيالات التي نفذتها مجموعة "غرفة عمليات غضب الزيتون" في عفرين، حيث نفذت 12 محاولة بطريقة العبوات الناسفة، بينما كانت تنفذ محاولتها في وقت سابق عبر الطلق الناري ([5]).
  • يشير تحليل البيانات الخاصة بمحافظة إدلب إلى أن الفصائل الجهادية هي الأكثر استهدافاً وعلى رأسها هيئة "تحرير الشام"، في حين حلّت الجهات المدنية في المرتبة الثانية، تليهم في المرتبة الثالثة الفصائل ذات التوجه الإسلامي، وأخيراً الفصائل "المعتدلة".
  • توضح البيانات المرصودة في محافظة إدلب، أن أكبر نسبة عمليات اغتيال حصلت في مناطق تقع تحت السيطرة العسكرية لهيئة "تحرير الشام"، بينما حلت مناطق سيطرة "الجبهة الوطنية للتحرير" في المرتبة الثانية، في حين حل حزب "الإسلام التركستاني" في المرتبة الثالثة من حيث عمليات الاغتيال المنفذة في مناطق سيطرته.
  • تُظهر عملية الرصد وتحليل البيانات في محافظة إدلب، أنه من مجموع 60 محاولة اغتيال، فشلت 6 محاولات في تحقيق هدفها، بينما نجحت 54 محاولة اغتيال في تصفيّة الجهة المستهدفة.
  • نُفّذ في مناطق سيطرة هيئة "تحرير الشام" خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 12 محاولة اغتيال، منها 4 محاولات اغتيال لقياديين في الهيئة وجميعها ناجحة، ثم انخفضت خلال شهر كانون الأول/ديسمبر إلى 6 محاولات، أما في الشهر الأول من عام 2019 فقد ارتفعت إلى 23 محاولة اغتيال.
  • بالنسبة لأدوات تنفيذ الاغتيالات في محافظة إدلب: فقد نُفذّت النسبة الأكبر من محاولات الاغتيال عبر الطلق الناري، في حين حلّت العبوة الناسفة ثانياً، في حين وجدت محاولات اغتيال بأدوات وطرق مختلفة كالطعن والخنق.

 


 

([1]) فيما يتعلق بمصادر التقرير فهي على الشكل التالي: 1) نقاط الرصد الخاصة لوحدة المعلومات في الشمال السوري. 2) التقرير الأمني الخاص الصادر عن مكاتب منظمة "إحسان الإغاثية" في الشمالي السوري. 2) المُعرّفات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي للجهات التي تم استهدافها (الجبهة الوطنية، هيئة تحرير الشام، حراس الدين وغيرها). 3) المُعرّفات والمواقع الرسمية للوكالات ووسائل الإعلام المحليّة التي تقوم بتغطية الأحداث في محافظة إدلب.

([2]) "الاغتيالات في مناطق المعارضة خلال الفترة الممتدة من تشرين الثاني 2018 حتى كانون الثاني 2019"، تقرير خاص صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، بتاريخ 12 أذار/مارس 2019، متوافر على الرابط التالي: http://bit.ly/2m4yLZN

([3]) المرجع السابق.

([4])محاولات الاغتيال في مناطق المعارضة خلال الفترة الممتدة من تموز حتى تشرين الأول 2018 "؛ تقرير خاص صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، متوافر على الرابط التالي: https://bit.ly/2SIRWb1

([5]) مرجع سابق.

التصنيف تقارير خاصة

مُلخصٌ تنفيذيّ

  • بلغت محاولات الاغتيال منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر وحتى كانون الثاني/يناير؛91 محاولة ضمن المناطق التي تم رصدها (ريف حلب ومحافظة إدلب)، وقد انخفضت النسبة بالمقارنة مع التقرير السابق (محاولات الاغتيال في مناطق المعارضة) ([1])، حيث بلغ مجموع تلك المحاولات 159محاولة خلال فترة رصد لمدة ثلاثة أشهر.
  • توضح عملية تحليل البيانات أن جميع عمليات الاغتيال المنفّذة في مناطق "درع الفرات" استهدفت الفصائل العسكرية بواقع 15محاولة، وأن 20 % من مجموع المحاولات نجحت في تصفية الجهة المستهدفة.
  • تغيّرت أدوات التنفيذ المستخدمة في الاغتيالات التي نفذتها مجموعة "غرفة عمليات غضب الزيتون" في عفرين، حيث نفذت 12 محاولة بطريقة العبوات الناسفة، بينما كانت تنفذ محاولتها في وقت سابق عبر الطلق الناري ([2]).
  • يشير تحليل البيانات الخاصة بمحافظة إدلب إلى أن الفصائل الجهادية هي الأكثر استهدافاً وعلى رأسها هيئة "تحرير الشام"، في حين حلّت الجهات المدنية في المرتبة الثانية، تليهم في المرتبة الثالثة الفصائل ذات التوجه الإسلامي، وأخيراً الفصائل "المعتدلة".
  • توضح البيانات المرصودة في محافظة إدلب، أن أكبر نسبة عمليات اغتيال حصلت في مناطق تقع تحت السيطرة العسكرية لهيئة "تحرير الشام"، بينما حلت مناطق سيطرة "الجبهة الوطنية للتحرير" في المرتبة الثانية، في حين حل حزب "الإسلام التركستاني" في المرتبة الثالثة من حيث عمليات الاغتيال المنفذة في مناطق سيطرته.
  • تُظهر عملية الرصد وتحليل البيانات في محافظة إدلب، أنه من مجموع 60 محاولة اغتيال، فشلت 6 محاولات في تحقيق هدفها، بينما نجحت 54 محاولة اغتيال في تصفيّة الجهة المستهدفة.
  • نُفّذ في مناطق سيطرة هيئة "تحرير الشام" خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 12 محاولة اغتيال، منها 4 محاولات اغتيال لقياديين في الهيئة وجميعها ناجحة، ثم انخفضت خلال شهر كانون الأول/ديسمبر إلى 6 محاولات، أما في الشهر الأول من عام 2019 فقد ارتفعت إلى 23 محاولة اغتيال.
  • بالنسبة لأدوات تنفيذ الاغتيالات في محافظة إدلب: فقد نُفذّت النسبة الأكبر من محاولات الاغتيال عبر الطلق الناري، في حين حلّت العبوة الناسفة ثانياً، في حين وجدت محاولات اغتيال بأدوات وطرق مختلفة كالطعن والخنق.

مدخل

يبقى الملف الأمنيّ في مناطق المعارضة (درع الفرات، عفرين، إدلب وما حولها) من أهم وأخطر العقبات والتحديات التي تحاول القوى المسيطرة على تلك المناطق إيجاد حلول لها وآليات للتعاطي معها والحد منها، حيث ترسم محاولات الاغتيالات تلك العديد من إشارات الاستفهام وتشير دلالاتها إلى حجم تعقيد الملف الأمني في تلك المناطق، خاصة مع تعدد الأسباب والدوافع (سياسية، جنائية) والجهات التي تقف خلفها.  بالمقابل فإن حركيّة الملف الأمني في تلك المناطق توضح مؤشرات الهشاشة في مسألتي الاستقرار ومستقبل تلك المناطق. وعليه قامت وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بتصميم نموذج رصد لتلك المؤشرات ([3])، وقد تم تفريغ نتائجه ضمن هذا التقرير الذي يبين توزع عمليات الاغتيالات في مناطق سيطرة المعارضة ضمن محافظة إدلب، ومناطق ريف حلب (عفرين، "درع الفرات") منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر وحتى نهاية شهر كانون الثاني/ يناير عام 2019. ومن ثم تصنيف تلك النتائج وفق عدة مستويات توضح ماهيّة الاغتيالات المُنفّذة في تلك المناطق وملامحها العامة بحسب جغرافية تنفيذ الاغتيال والجهات التي تقف وراءه، مقابل الأطراف المستهدفة في عمليات الاغتيالات وأدوات التنفيذ المستخدمة، إضافة إلى النتائج النهائية لتلك العمليات في تحقيق أهدافها (فشل أو نجاح).

المؤشر العام للشمال السوري:(هشاشةٌ أمنيّة وأدواتٌ مُختلفة)

بلغت محاولات الاغتيال منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر وحتى كانون الثاني/يناير؛91 محاولة ضمن المناطق التي تم رصدها (ريف حلب ومحافظة إدلب)، وقد انخفضت النسبة بالمقارنة مع التقرير السابق (محاولات الاغتيال في مناطق المعارضة) ([4])، حيث بلغ مجموع تلك المحاولات 159محاولة خلال فترة رصد لمدة ثلاثة أشهر، بينما تشير الأرقام في هذا التقرير إلى وجود 16 محاولة في منطقة عفرين وما حولها، و15محاولة في مناطق درع الفرات، إضافة إلى 60 محاولة في باقي المناطق (إدلب وما حولها).

 

1: مناطق "درع الفرات": (تحسنٌ أمنيٌّ طفيف)

 تؤكد البيانات المرصودة في مناطق ريف حلب الشمالي (درع الفرات)، أن تلك المناطق شهدت 15محاولة اغتيال، بلغ أقصاها في شهر كانون الأول/ديسمبر بمجموع 6 محاولات، حيث تعطي الأرقام مؤشر لتحسن في ضبط الوضع الأمني للمنطقة قياساً بالأشهر السابقة، وقد يرجع ذلك لتطور عمل المؤسسات في مناطق درع الفرات ("الجيش الوطني" و"الشرطة الحرة") وازدياد خبرتها في التعامل مع ظروف المنطقة.                                                                                                                  

كما توضح عملية تحليل البيانات، أن محاولات الاغتيال جميعها استهدفت الفصائل العسكرية، وتشير البيانات أيضاً إلى أن 80% من مجموع المحاولات نجحت في اغتيال الجهة المستهدفة، بينما فشلت المحاولات بنسبة 20%، كما تبين من خلال الرصد أن 8 محاولات قامت بتنفيذها خلايا محليّة تحت مسمى غرفة عمليات "غضب الزيتون"([5])، والتي يعتقد أنها تتبع لوحدات حماية الشعب (YPG) التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي(PYD)، بينما بقيت 7 حالات مجهولة المُنفّذ (الشكل 3). أما بالنسبة لوسائل تنفيذ الاغتيالات فكان الطلق الناري يشكل نسبة 80% من حيث أدوات التنفيذ، بينما بلغت 20% نسبة تنفيذ المحاولات عن طريق العبوات الناسفة (الشكل 4).

2: منطقة عفرين: (تغيُّر أدوات الاغتيال)

توضح بيانات الرصد لمحاولات الاغتيال التي تم تنفيذها في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي الغربي؛ عدم وجود تحسن عن الأرقام الواردة في التقرير السابق؛ إذ نفذت غرفة عمليات "غضب الزيتون" 16 محاولة اغتيال، أدت في 10 منها إلى قتل الجهة المستهدفة، بينما 6 محاولات كانت فاشلة في تصفية الجهة المستهدفة، ولكن اللافت أن أداة التنفيذ التي استخدمتها غرفة عمليات "غضب الزيتون" خلال فترة الرصد كانت مغايرة عن السابق، حيث تم استخدام العبوات الناسفة في 75% من محاولات الاغتيال، بينما شكل الطلق الناري ما نسبته 25%، مستهدفاً بجميع العمليات الفصائل العسكرية، باستثناء حالة واحدة استهدفت عنصر من "الشرطة الحرة".([6])         

المؤشر العام لإدلب: (استهداف الجهاديين والمُنفّذ مجهول)

 بلغت الاغتيالات في محافظة إدلب خلال فترة الرصد وإعداد هذا التقرير 60 محاولة اغتيال، ووصلت أقصاها في شهر تشرين الأول/أكتوبر، حيث سُجلت 24 محاولة اغتيال، بينما بلغت في كانون الأول/ديسمبر 13 محاولة، وجاء شهر كانون الثاني/يناير بـ 23 محاولة.    

                             

  • بالنسبة لتوزع الاغتيالات بحسب الجهات المستهدفة: يشير تحليل البيانات الخاصة بمحافظة إدلب إلى أن الفصائل الجهادية هي الأكثر استهدافاً بواقع 35محاولة اغتيال، في حين حلّت الجهات المدنية في المرتبة الثانية بواقع 20 محاولة اغتيال، تليهم في المرتبة الثالثة الفصائل الإسلامية بـ 4محاولات، وأخيراً الفصائل "المعتدلة" بمحاولة وحيدة، كما يوضح الشكل رقم(7)؛

    

  • بالنسبة لتوزع الاغتيالات بحسب مناطق السيطرة التي وقعت ضمنها: توضح البيانات أن 41 محاولة اغتيال حصلت في مناطق تقع تحت السيطرة العسكرية لهيئة "تحرير الشام"، بينما وقعت 12 محاولة اغتيال في مناطق سيطرة "الجبهة الوطنية للتحرير"، أما ثالثاً فقد حل حزب "الإسلام التركستاني" الذي تمت 7 محاولات اغتيال في مناطق سيطرته، كما يوضح الشكل رقم: (7)

  • بالنسبة لأدوات تنفيذ الاغتيالات: فقد نُفذّت 40 محاولة اغتيال عبر الطلق الناري، في حين حلّت العبوة الناسفة ثانياً بواقع 18 محاولة، كما وجدت محاولتي اغتيال لكل من الطعن والخنق، كما يوضح الشكل رقم(8).
  • بالنسبة لنتائج محاولات الاغتيال من حيث النجاح والفشل: تفيد قراءة تحليل البيانات فيما يتعلق بمحافظة إدلب أن 54 محاولة اغتيال نجحت في تصفية الجهة المستهدفة، بينما هناك 6 محاولات فشلت في ذلك.
  • بالنسبة للجهة المنفّذة لعمليات الاغتيال: توضح البيانات الخاصة بإدلب أن محاولة واحدة نفذتها غرفة عمليات "غضب الزيتون" وأخرى نفذتها هيئة "تحرير الشام"، بينما بقيت 58 محاولة مجهولة المنفذ.

 

ختاماً:

تشير قراءة نتائج تحليل البيانات إلى استمرار حالة الهشاشة وعدم الاستقرار الأمني وتعثر القوى الفاعلة (محلية وإقليمية) في تطوير أدوات وآليات ضبط الوضع الأمني والحد من هذه العمليات، مقابل تطوير الجهات المُنفّذة لتلك الاغتيالات أدواتها وطرقها بما يتناسب مع كل منطقة وظرفها الأمنيّ. وعلى الرغم من تفاوت مؤشرات الاستقرار الأمني من منطقة إلى أخرى وتصدر الفصائل الجهادية وعلى رأسها هيئة "تحرير الشام" كهدف رئيسي للنسبة الأكبر من تلك الاغتيالات؛ إلا أن الظرف الأمني العام لايزال يُنذر باستمرار تلك العمليات في المدى المنظور بالنسبة لمختلف الأطراف ويعطي مؤشرات غير مستقرة حول مسألتي التعافي المبكر ومتطلبات الاستقرار في مختلف المناطق.


([1])محاولات الاغتيال في مناطق المعارضة خلال الفترة الممتدة من تموز حتى تشرين الأول 2018 "؛ تقرير خاص صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، متوافر على الرابط التالي: https://bit.ly/2SIRWb1

([2]) مرجع سابق.

([3]) فيما يتعلق بمصادر التقرير فهي على الشكل التالي: 1) نقاط الرصد الخاصة لوحدة المعلومات في الشمال السوري. 2) التقرير الأمني الخاص الصادر عن مكاتب منظمة "إحسان الإغاثية" في الشمالي السوري. 2) المُعرّفات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي للجهات التي تم استهدافها (الجبهة الوطنية، هيئة تحرير الشام، حراس الدين وغيرها). 3) المُعرّفات والمواقع الرسمية للوكالات ووسائل الإعلام المحليّة التي تقوم بتغطية الأحداث في محافظة إدلب.

([4]) مرجع سابق.

([5]) غرفة عمليات "غضب الزيتون": وهي وفقاً لتعريفها عن نفسها مجموعة من شباب وشابات عفرين، ويعتقد بأنها تتبع للوحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي يقومون باغتيال المقاتلين الاتراك المتواجدين في المنطقة بالإضافة إلى المقاتلين المحليين المدعومون من تركيا وتدعي هذه المجموعة عبر صفحتها الرسمية قيامها خلال فترة شهري حزيران واب بتنفيذ 26 عملية قتلت من خلاله 45 مقاتل وجرحت 43؛ للاطلاع والتعرف على هذه المجموعة انظر الرابط: http://www.xzeytune.com

([6]) بيان رسمي صادر عن غرفة عمليات "غصن الزيتون" يتبنى اغتيال عنصر الشرطة الحرة، محمد الشيخ، بطلق ناري في شهر كانون الأول/ديسمبر 2018. للمزيد راجع الرابط التالي: https://bit.ly/2UlviT1

التصنيف تقارير خاصة

الملخص التنفيذي

  • توضح عملية تحليل البيانات الخاصة بمنطقة درع الفرات عدة أمور أهمها أن الجهات المدنية بواقع 30 محاولة واتبع منفذو عمليات الاغتيال عدة وسائل وطرق لتنفيذ عملياتهم أكثرها عن طريق العبوة الناسفة؛ وأن 26 % من مجموع المحاولات نجحت في اغتيال الجهة المستهدفة؛
  • نفذت مجموعة تطلق على نفسها "غرفة عمليات غضب الزيتون" 20 محاولة اغتيال في منطقة عفرين كلها حققت أهدافها وكانت أداة التنفيذ متشابهة في جميع حالات الاغتيال وهي الإطلاق الناري؛
  • توضح عملية تحليل البيانات بإدلب وما حولها أن هيئة تحرير الشام قد استهدفت ب 36 محاولة؛ والجبهة الوطنية للتحرير ب 10 محاولات؛ وتشير البيانات الى وجود 42 محاولة نفذت بإطلاق ناري ومثلها بعبوة ناسفة، وتظهر البيانات ارتفاع نسبة المحاولات الناجحة مقارنة بتلك الفاشلة،
  • استهدِفت هيئة تحرير الشام خلال شهر تشرين الثاني ب 17 محاولة؛ 7 محاولات منها استهدفت قيادات أجنبية و3 لقيادات محلية، بينما بلغت 4 محاولات للمقاتلين الأجانب مقابل 3 حالات للمقاتلين المحليين؛ وهذا يدل على مؤشرات صراع داخلي على السلطة؛
  • تفيد القراءة الأولية لنتائج تحليل البيانات على تنامي عوامل التدهور الأمني ومؤشرات البيئة غير المشجعة للاستقرار؛ وفشل القوى الفاعلة في تطوير أدواتها وقدرتها للحد من هذه العمليات وكشف ملابساتها ومسبباتها؛ وهو ما سينعكس حتماً على الواقع الأمني وسياسات التعافي المبكر ومتطلبات الاستقرار.

توطئة

لا يزال الملف الأمني في مناطق درع الفرات وعفرين وادلب وما حولها من أكثر التحديات والاختبارات التي تواجه القوى المسيطرة على تلك المناطق؛ فمن جهة أولى فإنه سيكون لتداعيات هذا الملف أثراً واضحاً على استحقاقات هذه المنطقة سواء فيما يتعلق بالبيئة الآمنة أو فيما يرتبط بعمليات التنمية والاستقرار (أو التعافي المبكر)؛ ومن جهة ثانية وفيما يرتبط بالاغتيالات التي تلقي بظلالها على الواقع الأمني فتجعله متعدد الدلالات؛ فإن الاغتيالات التي باتت سمة بارزة للواقع الأمني لم يعد البحث فيها عبارة عم كشف ملابسات جنائية بقدر ما هو محاولة لتلمس إمكانية وجود أسباب سياسية متسقة مع سياسات الاقتتال المحلي، ناهيك عن فهم الأسباب الأمنية المؤدية لتلك الحوادث. وفي محاولة لتتبع هذه القضية وتحليل مؤشراتها وقياس آثارها الأولية، قامت وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بتصميم نموذج رصد لهذه العملية ([1])؛ وتحليل بياناته ضمن هذا التقرير الذي يبين توزع عمليات الاغتيالات في الشمال المحرر (إدلب وما حولها، غصن الزيتون، ردع الفرات) منذ شهر تموز وحتى أيلول 2018، كما يشمل التقرير جزء خاص بمحاولات الاغتيالات التي حدثت في المنطقة العازلة بمحافظة إدلب والمناطق المحيطة بها خلال شهر تشرين الأول 2018([2]).

المؤشر العام لمناطق الدرع وعفرين: ارتفاع النسب

بلغت محاولات الاغتيال من شهر تموز حتى أيلول 159 محاولة في مناطق التي تم رصدها؛ وهي نسبة مرتفعة بالمقارنة مع التقرير السابق (قراءة أولية... الاغتيالات في مناطق المعارضة والفصائل الجهادية خلال النصف الأول لعام 2018)؛[3] إذ بلغ مجموع تلك المحاولات 212 محاولة خلال فترة رصد لمدة ستة أشهر، بينما تشير الأرقام في هذا التقرير الى وجود 20 محاولة في منطقة غصن الزيتون "عفرين" و46 محاولة في مناطق ردع الفرات، إضافة ل 93 محاولة في باقي المناطق "ادلب وما حولها"؛ (انظر الشكل المجاور) .     

 

 وفيما يخص منطقة درع الفرات تؤكد البيانات أنها شهدت 46 محاولة اغتيال بلغ أقصاها في شهر أيلول بمجموع (38) محاولة؛ تلك المنطقة التي يفترض لها أن تكون أكثر ضبطاً من الناحية الأمنية بحكم اشراف "الضامن التركي" وبحكم مأسسة العمل العسكري والأمني المحلي فيها (الجيش الوطني والشرطة الحرة)، الا أن محاولات الاغتيال من قبل خلايا تتبع للنظام أو تنظيم "داعش" أو الوحدات الكردية مستمرة.

كما توضح عملية تحليل البيانات أن الجهة الأكثر استهدافا بمحاولات الاغتيال هي الجهات المدنية بـ 30 محاولة اغتيال في حين حلت الفصائل المصنفة كمعتدلة في المرتبة الثانية بـ 16 محاولة اغتيال (الشكل رقم 4)؛ ولجأ منفذو عمليات الاغتيال لعدة وسائل وطرق لتنفيذ عملياتهم حيث كانت عن طريق العبوة الناسفة بحصيلة بلغت27 محاولة بينما حلت أداة الاطلاق الناري المرتبة الثانية ب 18 عملية من حيث أدوات التنفيذ وجاء الطعن ثالثاً بحالة وحيدة (الشكل رقم 3)؛ أظهرت نتائج تحليل البيانات ان 26 % من مجموع المحاولات نجحت في اغتيال الجهة المستهدفة بينما فشل المحاولات باغتيال الجهة المستهدفة بلغ 74% من مجموع المحاولات في منطقة درع الفرات (الشكل رقم 5). تبين من خلال الرصد ان 10 محاولات قامت بتنفيذها غرفة عمليات غضب الزيتون بينما بقيت 36 حالة مجهولة المنفذ (الشكل رقم 6).

كما تشهد منطقة عفرين أيضاً ذات المظاهر الدالة على الفلتان الأمني لا سيما من جهة "محاولات الاغتيال" خاصة بعد ظهور غرفة عمليات سميت "غضب الزيتون" التي أصدرت بياناً توضح به عدم تبيعتها لأي جهة سياسية أو عسكرية؛ وأنها لن تتعامل مع العناصر كأسرى حرب إنما سيتم تصفيتهم ميدانياً حتى "تحرير" عفرين. ([4]) إذ نفذت غرفة عمليات "غضب الزيتون" 20 محاولة اغتيال خلال فترة الرصد الممتدة من تموز حتى نهاية أيلول 2018 كلها حققت أهدافها وأدت إلى موت الجهة المستهدفة وكانت أداة التنفيذ متشابهة في جميع حالات الاغتيال وهي الإطلاق الناري[5].

 

المؤشر العام لمنطقة إدلب وما حولها: استهدافات نوعية

وفقاً للتقرير السابق فقد شهدت منطقة إدلب وما حولها عمليات اغتيالات واسعة لاسيما في شهر نيسان 2018 واستهدفت جهات مدينة بالإضافة إلى مقاتلين من الجبهة الوطنية للتحرير، هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى تم تصنيفها كفصائل متطرفة مثل تشكيل "حراس الدين"؛ بينما بلغت الاغتيالات خلال الفترة المدروسة في هذا التقرير 93 حالة اغتيال خلال الربع الثالث من العام 2018 بلغت أقصاها في شهر أيلول حيث بلغت المحاولات 45 محاولة اغتيال، بينما بلغت في تموز 28 محاولة، وجاء ثالثا شهر أب ب 20 محاولة؛ الشكل رقم (8)

ويوضح تحليل البيانات الخاصة بإدلب وما حولها أن الجهات المدنية هي الأكثر استهدافاً في منطقة إدلب وما حولها ب 47 محاولة اغتيال، في حين حلت هيئة تحرير الشام في المرتبة الثانية ب 36 محاولة اغتيال شملت العسكريين والشرعيين، تليهم ثالثا الجبهة الوطنية للتحرير ب 10 محاولات (الشكل رقم 9)؛ وأن  84 محاولة نفذت بالتساوي من حيث أداة التنفيذ، حيث قام منفذو عملية الاغتيال باستخدام الأدوات التالية (إطلاق ناري – عبوة ناسفة – لغم ارضي – طعن) لتنفيذ عملياتهم، وتشير البيانات الى وجود 42 محاولة نفذت بإطلاق ناري ومثلها بعبوة ناسفة بينما نفذت 4 محاولات عن طريق اللغم الأرضي و5 محاولات نفذت بطعن الجهة المستهدفة (الشكل رقم 10)؛

وفيما يتعلق بنتيجة محاولات الاغتيال، تظهر البيانات ارتفاع نسبة المحاولات الناجحة مقارنة بتلك الفاشلة، إذ بلغت نسبة المحاولات التي نجم عنها موت المستهدف 65%، مقارنة بـــ 35% فشلت في قتل الجهة المستهدفة؛ أي أن ثلث المحاولات فاشلة، (الشكل رقم 11).

 

 

هيئة تحرير الشام كجهة مُستهدَفة أو مستهدِفة فتوضح البيانات أن أكثر المحاولات الحاصلة منفذها مجهول وغير معروف بينما نفذت هيئة تحرير الشام محاولتين اغتيال؛ كما امتاز شهر تشرين الأول\أكتوبر باستهداف قيادات معروفة في صفوف الهيئة وأغلبهم كان من التيار الأجنبي المعروف بأنه الأكثر تشدد والذي أبدى اعتراض واضح على اتفاق إدلب الأخير في اجتماعات الهيئة التي حصلت بعد الاتفاق، حيث بلغ مجموع المحاولات في تشرين الأول 26 محاولة نفذ منها 18 محاولة في إدلب و6 محاولات في حلب ومحاولتين فقط في حماه.؛ واستهدِفت هيئة تحرير الشام ب 17 محاولة، تلاها الجهات المدنية ثانيا ب 5 حالات ثم الجبهة الوطنية للتحرير ب 4 حالات كما هو واضح في (الشكل رقم 12)؛ تلك المحاولات التي استهدفت بها الهيئة خلال شهر تشرين الأول كانت  7 محاولات لقيادات اجنبية و3 لقيادات محلية، بينما بلغت 4 محاولات للمقاتلين الأجانب مقابل 3 حالات للمقاتلين المحليين.

 

الخلاصة: هشاشة واقتتال بيني

تفيد القراءة الأولية لنتائج تحليل البيانات بجملة من الخلاصات التي من شأنها التأكيد على تنامي عوامل التدهور الأمني ومؤشرات البيئة غير المشجعة للاستقرار؛ كما تؤكد تلك النتائج على فشل القوى الفاعلة في تطوير أدواتها وقدرتها للحد من هذه العمليات وكشف ملابساتها ومسبباتها؛ ناهيك عن أن تزايد مؤشرات حالة الفلتان الأمني في مناطق درع الفرات وعفرين على سبيل المثال فإنه سينعكس حتماً على سياسات التعافي المبكر ومتطلبات الاستقرار ويدعم كافة المقاربات المراهنة على فشل المعارضة في التصدي لتحدياتها الأمنية؛ فوجود جهاز موحد للشرطة الحرة غير كافي لفرض الأمن؛ إذ ينبغي العمل على تكثيف الجهود المتعلقة بالجانب الاستخباراتي لا سيما تلك المتعلقة بعمليات غرفة "غضب الزيتون" والذي يتطلب بدوره تطوير الموارد البشرية وزيادة كفاءتها، ناهيك عن تكثيف الحملات الأمنية ( والتي بدأت )

وبقراءة البيانات المتعلقة في منطقة ادلب وما حولها؛ فهي عموماً تشير إلى جملة من العوامل الدافعة إلى ارتفاع نسب الفوضى وتبرز بشكل جلي عدم قدرة الأجهزة المعنية بالعمل الأمني على اكتشاف منفذو الاغتيال ودوافعهم ومحاسبتهم؛ وهو أمر قد تعود مسبباته لانتشار خلايا نائمة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية او تابعة لاستخبارات النظام من جهة؛ ولملامح اقتتال داخلي نوعي عابر للعناصر العسكرية ويصل إلى استهداف المدني من جهة ثانية؛ وفيما يتعلق ب "حرب الاغتيالات داخل الهيئة" فإنه لا يمكن اعتبارها إلا حرب سلطة خصوصا بين تيارين (العناصر المحلية والعناصر الأجنبية) من جهة ثالثة. إذاً توضح عمليات الاغتيال وازدياد نسبها في مناطق درع الفرات وعفرين وإدلب الهشاشة الأمنية في هذه المناطق.

ملحق جدول الاغتيالات ضمن نسخة التحميل..


([1])  وفيما يتعلق بمصادر التقرير فهي على الشكل التالي: 1) نقاط الرصد الخاصة لوحدة المعلومات في الشمال المحرر. 2) التقرير الأمني الخاص من مكاتب منظمة إحسان الإغاثية في الشمالي المحرر؛ 2) الحسابات الرسمية للجهات التي تم استهدافها (الجبهة الوطنية، هيئة تحرير الشام، حراس الدين وغيرها)؛ 3) الحسابات الرئيسية للوكالات المحلية التي تقوم بتغطية الأحداث في محافظة إدلب وما حولها.

([2])  توضيح: التقرير يقوم برصد محاولات الاغتيالات كافة بغض النظر عن نجاحها أو عدمه

([3])  "قراءة أولية ... الاغتيالات في مناطق المعارضة والفصائل الجهادية خلال النصف الأول لعام 2018"؛ تقرير خاص صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ 8/يوليو/2018، الرابط: https://goo.gl/r3GhmM

([4]) وهي وفقاً لتعريفها عن نفسها مجموعة من شباب وشابات عفرين، ويعتقد بأنها تتبع للوحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي يقومون باغتيال المقاتلين الاتراك المتواجدين في المنطقة بالإضافة إلى المقاتلين المحليين المدعومون من تركيا وتدعي هذه المجموعة عبر صفحتها الرسمية قيامها خلال فترة شهري حزيران واب بتنفيذ 26 عملية قتلت من خلاله 45 مقاتل وجرحت 43؛ للاطلاع والتعرف على هذه المجموعة انظر الرابط: http://www.xzeytune.com

([5])  وفيما يلي أبرز الاغتيالات التي تبنتها "غضب الزيتون" مؤخراً: حزيران 2018: اغتيال الناشط الكردي "أحمد مستو" في منطقة عفرين بريف حلب؛ تموز 2018: اغتيال ثلاثة مقاتلين من فرقة السلطان مراد في عفرين؛ آب 2018: اغتيال المدعو عكاش حجي أحمد علي، في قرية دير صوان، بمقاطعة عفرين؛ أيلول 2018: اغتيال أحد عناصر فرقة الحمزة في الجهة الشرقية من منطقة عفرين

التصنيف تقارير خاصة
محسن المصطفى
أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 27 بتاريخ 22 أيلول/سبتمبر 2024 ([1]) القاضي بمنح عفو…
الأربعاء تشرين1/أكتوير 30
نُشرت في  مقالات الرأي 
صبا عبد اللطيف
تتعاظم خسارات طهران لأدوات استراتيجيتها الإقليمية في المنطقة والتي كانت تساهم بتموضعها المركزي ضمن النظام…
الأربعاء تشرين1/أكتوير 16
نُشرت في  مقالات الرأي 
محسن المصطفى
ملخص تنفيذي منع نظام الأسد خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 2010 و2023 نشر /140/…
الإثنين تشرين1/أكتوير 14
نُشرت في  أوراق بحثية 
معن طلَّاع
على الرغم من وضوح تمسك جل فواعل المنطقة بقواعد الاشتباك السائدة على مدار العقدين الماضيين،…
الأربعاء تشرين1/أكتوير 02
نُشرت في  مقالات الرأي