مدخل
تشهد مناطق سيطرة الفصائل العسكرية المعارضة في الشمال السوريّ خرقاً أمنياً واضحاً، يتجلى في أبرز جوانبه بوتيرة عمليات الاغتيال المستمرة ومعدلاتها المرتفعة، والتي تعد مؤشراً هاماً على تدهور حالة الاستقرار الأمني وتدني القدرة على ضبطها من قبل القوى المسيطرة، خاصة مع ازدياد محاولات الاغتيال ضمن تلك المناطق وتعدد دوافعها ومُنفذيها واختلاف أساليبها، وسط استمرار قصف النظام وحلفائه لبعض تلك المناطق، الأمر الذي يزيد من تعقيد الوضع الأمني والقدرة على ضبطه.
وعادةً ما تتصف عمليات الاغتيال بالسريّة لناحية الجهة المنُفذّة؛ إلا أن هناك نسبة كبيرة من تلك العمليات ضمن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة تتبناها جهات محددة بشكل علني كغرفة عمليات "غضب الزيتون"([1]) و"سرية أنصار أبي بكر الصديق"([2]) و "قوات تحرير عفرين"([3]). في اختراق أمني واضح وصريح لتلك المناطق، خاصة "نبع السلام" وعفرين. وبالرغم من اختلاف وتيرة ومعدل عمليات الاغتيال من منطقة إلى أخرى ضمن الشمال السوري؛ إلا أنها تتقاطع في التدليل على التراجع العام لمؤشرات الاستقرار الأمني.
وفي متابعة لملف الاغتيالات ضمن مناطق سيطرة الفصائل العسكرية المعارضة في الشمال السوري؛ صَمّمَتْ وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، نموذجاً خاصاً لرصد تلك العمليات وتحليل البيانات الخاصة بها، كمؤشرات للاستقرار الأمني ([4])، وإخراجها ضمن تقرير دوريّ يرصد وتيرة عمليات الاغتيال، موضّحاً نتائجها، وما أسفرت عنه، مقابل الجهات المُنفّذة -إن عُلِمت-وكذلك الجهات المُستهدَفة. كما يسعى التقرير إلى تحليل تلك البيانات ومقاطعتها بين مختلف المناطق، في محاولة لرسم الملامح العامة للوضع الأمنيّ وقياس أوليّ لمؤشرات الاستقرار.
وعليه، يرصد هذا التقرير عمليات الاغتيال ضمن مناطق عدة في الشمال السوري، منها: ريف حلب الشمالي، والذي شكّل نطاق العمليات العسكرية: "درع الفرات" و"غصن الزيتون". مقابل مدينتي تل أبيض ورأس العين "نبع السلام" في الشمال الشرقي، إضافة إلى ما تبقى من محافظة إدلب وريف حلب شمال غربي سورية، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين (كانون الثاني/ يناير وحتى حزيران/ يونيو 2021)، إذ بلغ عددها 70محاولة اغتيال، خلّفت 342 ضحية. وتوضّح البيانات انخفاضاً طفيفاً في معدل الاغتيالات، مقارنة بالتقرير السابق، الذي أصدرته وحدة المعلومات في مركز عمران، (الاغتيالات في مناطق المعارضة خلال الفترة الممتدة من تموز حتى كانون الأول 2020)، إذ بلغت 74 عملية، خلّفت 471 ضحية ([5]).
وقد توزعت عمليات الاغتيال الـ 70 المرصودة ضمن التقرير الحالي، بحسب الأشهر، على الشكل التالي: 21 محاولة اغتيال خلال شهر كانون الثاني/ يناير، في حين بلغت خلال شباط/ فبراير 14 محاولة، فيما بلغت المحاولات خلال آذار/مارس 9 محاولات، بينما شهد نيسان/ أبريل 14 محاولة، لتنخفض في أيار/ مايو إلى 11 محاولة، في حين بلغت في حزيران/ يونيو محاولة وحيدة. ويسعى هذا التقرير بعد رصد تلك العمليات، إلى دراستها وتحليلها واستعراضها بحسب؛ مناطق السيطرة، والجهات المُستَهدَفة والمُنفِّذة، طبيعة أداة التنفيذ، ومدى نجاحها في تحقيق أهدافها، مقابل أثرها على مستوى الأمن والاستقرار في المنطقة.
أولاً: "درع الفرات" (خرقٌ مستمر)
تُظهر عملية الرصد الخاص بمناطق ريف حلب الشمالي الغربي "درع الفرات"، بلوغ معدل عمليات الاغتيال خلال 6 أشهر من الرصد: 25 عملية (الشكل 1)، نُفّذت 9 منها عبر الطلق الناري، وأسفرت عن 10 ضحايا، إذ حققت 8 عمليات من 9 غايتها في تصفية الجهة المستهدفة، فيما فشلت عملية وحيدة في تحقيق هدفها. وقد بقيت المحاولات جميعها مجهولة المُنفِّذ. وكانت فصائل "الجيش الوطني" هدفاً لتلك الاغتيالات بواقع 3 عمليات، مقابل 6 عمليات استهدفت كوادر إدارية مدنية من المجالس المحليّة والإعلاميين.
بالمقابل، نُفِّذت 11 من 25 عملية عبر العبوات الناسفة، مخلّفةً بمجموعها 30 ضحية (4 قتلى، 26 جريحاً)، منهم 24 مدنياً مقابل 6 من عناصر "الجيش الوطني". فيما نُفِذت 5 عمليات من 25 عبر آليات نقل مُفخّخة، حيث خلَفت 65 ضحية (21 قتيلاً، 44 جريحاً)، منهم 46 مدنياً مقابل 19 من عناصر "الجيش الوطني" (الشكل 2)، واستهَدَفَت أغلب تلك العبوات والمفخخات شخصيات أو مجموعات عسكرية وسط تجمعات المدنيين، إضافة إلى استهداف تجمعات مدنية خالصة. وقد اتهمت وزارة الدفاع التركية عبر بيان رسمي "قوات سوريا الديمقراطية" بتنفيذ عمليتين ([6])، بينما بقيت 14 من مجمل عمليات العبوات الناسفة والمفخخات مجهولة المُنفِّذ.
ويتضح من خلال أرقام وبيانات الرصد الخاصة بمناطق ريف حلب الشمالي الغربي، انخفاض طفيف في معدل عمليات الاغتيال مقارنة بالتقرير السابق، الذي أصدره مركز عمران وغطى الفترة الممتدة من تموز/ يوليو وحتى كانون الأول/ ديسمبر 2020، إذ سجّل التقرير السابق 27 عملية اغتيال في تلك الفترة، في حين رصد التقرير الحالي تنفيذ 25 عملية. بالمقابل، توضّح الأرقام انخفاضاً في معدل عدد الضحايا، مقارنة بالتقرير السابق، الذي سجّل 240 ضحية، بينما بلغ مجموع عدد الضحايا خلال فترة الرصد الحالية 105 ضحايا. وقد يُردّ ذلك إلى اختلاف أهداف العمليات الحالية وأدوات التنفيذ المستخدمة فيها، والتي اعتمدت بنسبة 36% على الطلق الناري، كما أن أغلب العمليات المُنفَّذة عبر العبوات الناسفة استهدفت شخصيات عسكرية/مدنية بعينها، في حين استهدفت آليات النقل المفخخة في أغلبها تجمعات مدنية خالصة، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا، شكّلت نسبة المدنيين منهم 72%، مقابل 28% من عناصر "الجيش الوطني" (الشكل 3).
أما بالنسبة للجهات المُنفِّذة، فيُلحظ من البيانات، إعلان وزارة الدفاع التركية مسؤولية "قوات سوريا الديمقراطية" عن 8% من مجموع العمليات المرصودة. في حين بقيت 92% من عمليات الاغتيال مجهولة المُنفِّذ، الأمر الذي يشير إلى استمرار تردي الواقع الأمني، وضعف قدرة الجهات المسيطرة على تتبع تلك العمليات والكشف عن منفذيها والحد منها.
وبالرغم من أن التقرير سجّل تراجعاً طفيفاً في معدل عمليات الاغتيال في المنطقة، مقارنة بالتقرير السابق؛ إلا أن الواقع ما يزال يشير إلى اتساع الخرق الأمني، مقابل عدم تقدم القوى المسيطرة في ضبط الاستقرار وتضييق حجم هذا الخرق. خاصة في ظل اتهامات لأطراف وجهات عدة بالسعي إلى زعزعة الأمن والاستقرار، وتقاطع مصالحها في ذلك، كحزب الاتحاد الديمقراطي"PYD" وخلاياه النشطة في المنطقة، التي يعدونها امتداداً للنفوذ التركي ومن فيها "أهداف مشروعة"، إضافة إلى النظام الذي يسعى إلى زعزعة أمن المنطقة وإفشال أي نموذج أمني/حوكمي فيها.
ثانياً: عفرين (تبنٍ علنيّ)
من خلال رصد وتحليل البيانات لعمليات الاغتيال الخاصة بمدينة عفرين ومحيطها من المناطق، يتضح أنها شهدت بالعموم: 16 عملية اغتيال خلال 6 أشهر من الرصد، أسفرت عن 140 ضحية بين قتيل وجريح. وقد نُفِّذت عمليتان من مجموع العمليات الـ 16 عبر الطلق الناري، حققتا غايتهما في تصفية الجهة المستهدفة، وكان عناصر "الجيش الوطني" هدفاً لهاتين العمليتين اللتين بقيتا مجهولتي المُنفِّذ.
بالمقابل، وبحسب البيانات المرصودة، نُفِّذت 14 عملية من مجمل العمليات الـ 16 عبر العبوات الناسفة (الشكل 4)، واستهدفت عناصر ومجموعات لـ "الجيش الوطني" وسط تجمعات للمدنيين، في حين استهدفت أخرى تجمعات مدنية خالصة، ما أدى إلى وقوع 28 قتيلاً و110جرحى (الشكل 5)، 110منهم من الضحايا المدنيين، و28 من عناصر "الجيش الوطني"، وقد تبنّت "غرفة عمليات غضب الزيتون" عبر معرفاتها الرسميّة 3 من مجموع عمليات العبوات الناسفة، كما تبنّت "قوات تحرير عفرين" 3 من مجموع العمليات أيضاً، فيما بقيت 8 محاولات مجهولة المُنفِّذ.
وتبيّن أرقام وبيانات الرصد الخاصة بمدينة عفرين ومحيطها، ارتفاعاً طفيفاً في معدل عمليات الاغتيال، مقارنة بالتقرير السابق الذي أصدره مركز عمران، وغطى الفترة الممتدة من تموز وحتى كانون الأول 2020، إذ سجّل التقرير السابق 14 عملية اغتيال في تلك الفترة، بينما رصد التقرير الحالي تنفيذ 16 عملية. وعلى الرغم من ارتفاع معدل عمليات الاغتيال مقارنة بالتقرير السابق؛ إلا أن نسبة الضحايا في التقرير الحالي كانت أكبر، فقد بلغت خلال أشهر الرصد الحالي 140 ضحية، في حين سجّل التقرير السابق 95 ضحية. وقد يُردّ ذلك إلى اختلاف الأهداف وأدوات التنفيذ في أغلب العمليات الحالية، حيث اعتمدت بنسبة 88% على العبوات الناسفة، التي استهدفت شخصيات أو مجموعات عسكرية وسط تجمعات مدنيين، مقابل أخرى استهدفت تجمعات مدنية كالأسواق والأفران، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا، شكّلت نسبة المدنيين منهم 79%، مقابل 21% من عناصر "الجيش الوطني" (الشكل 6).
بالمقابل، يُلحظ من خلال البيانات نشاط واضح لغرفة عمليات "غضب الزيتون" و "قوات تحرير عفرين"، فقد تبنّتا تنفيذ 38% من مجمل عمليات الاغتيال المُنفَّذة في المنطقة، إذ يبدو أنها تركّزان عملياتهما ونشاطهما الأمني في عفرين، التي شهدت أكبر عمليات اغتيال تبنتها الغرفة قياساً بباقي المناطق. بينما بقيت 62% من مجموع العمليات مجهولة المُنفذ. وقد استهدفت تلك العمليات في أغلبها عناصر "الجيش الوطني"، والذين تحولوا إلى أهداف متحركة داخل مدينة عفرين، سواء على المستوى الفردي عبر تصفية أفراد بعينهم، أم على مستوى جماعي عبر استهداف مجموعاتهم العسكرية وسط تجمعات مدنية، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين. وتنسجم طبيعة تلك العمليات مع الرؤية المعلنة لـ"غرفة عمليات غضب الزيتون"، والتي تعتبر المنطقة "امتداداً للنفوذ التركي" وترى المقاتلين المحليين والعوائل المهجّرة بالإطار ذاته، وبالتالي تكثف من عملياتها وتشرعنها تحت هذا الغطاء، دون تمييز بين مدني وعسكري.
بالمقابل، فإن حركة الاغتيالات في عفرين والتبني الواضح لها، يتناسب طرداً مع مستوى القدرة الأمنية للجهات المُسيطرة، فعلى الرغم من تسجيل مناطق "درع الفرات" نسبة أكبر بعمليات الاغتيال (25) من عفرين ومحيطها (16)؛ إلا أن ذلك لا يعني اختلافاً كبيراً في مستوى الضبط الأمني، خاصة وأن أغلب العمليات التي نُفّذت في عفرين كانت "نوعيّة"، ناهيك عن وضوح الجهات التي تقف خلفها، وهي "غرفة عمليات غضب الزيتون" و"قوات تحرير عفرين"، وتوسيعهما لنشاطهما بشكل يشير إلى ارتفاع مستوى تلك العمليات وتوسيع دائرة أهدافهما، وزيادة النشاط الأمني لبقايا خلايا حزب الاتحاد الديمقراطي"PYD". مقابل استمرار الخرق الأمني في المنطقة، وعدم إحراز تقدم كبير على مستوى الضبط من قبل الجهات المسيطرة.
ثالثاً: "نبع السلام" (اتهامات لـ PKK)
يشير الرصد الخاص بمنطقتي رأس العين وتل أبيض، واللتين شكلتا نطاق العملية العسكرية "نبع السلام"، إلى بلوغ عمليات الاغتيال خلال 6 أشهر من الرصد: 12عملية اغتيال، نُفّذت عمليتان منها عبر الطلق الناري، حقتتا غايتهما في تصفية الجهة المستهدفة (الشكل 7). في حين كانت العبوة الناسفة أداة لتنفيذ 10 عمليات، استهدفت عناصر ومجموعات "الجيش الوطني" وسط تجمعات للمدنيين، بينما استهدفت أخرى جهات مدنية، ما أدى إلى وقوع 58 ضحية بين قتيل وجريح (الشكل 8)، منهم 42 مدنياً، و16 من عناصر "الجيش الوطني". وكانت فصائل "الجيش الوطني" هدفاً لتلك العبوات بواقع 5 محاولات، مقابل 5 محاولات أيضاً استهدفت جهات مدنية.
ويتضح من خلال البيانات الخاصة بمدينتي رأس العين وتل أبيض "نبع السلام"، انخفاض طفيف في عمليات الاغتيالات، قياساً بالتقرير السابق، والذي سجّل 15 عملية اغتيال، في حين سجّل التقرير الحالي 12 عملية، بالمقابل يُلحظ انخفاض في معدل ضحايا تلك العمليات، قياساً بالتقرير السابق، والذي سجّل وقوع 97 ضحية بين قتيل وجريح، في حين رصد التقرير الحالي وقوع 60 ضحية بين قتيل وجريح. وقد يُردّ ذلك من جهة إلى الانخفاض الطفيف في معدل عمليات الاغتيال عن سابقتها في التقرير الفائت، ومن جهة أخرى إلى تغيير نوعية الأهداف التي باتت تركز على استهداف أفراد بعينهم سواء كانوا مدنيين أم عسكرييين عبر العبوات الناسفة والطلق الناري، مقابل عمليات أخرى استهدفت تجمعات مدنية متوسطة الكثافة أو عناصر من "الجيش الوطني" وسط تجمعات مدنية. ما أدى إلى وقوع عدد من الضحايا، شكّلت نسبة المدنيين منهم 70%، في حين شكّلت نسبة عناصر "الجيش الوطني" 30% (الشكل 9).
أما بالنسبة للجهات المُنفِّذة، فعلى الرغم من عدم وجود تبنٍ علني لتلك العمليات، إلا أن مصادر جمع البيانات تشير إلى اتهامات لخلايا حزب العمال الكردستاني "PKK" في الضلوع بأغلب تلك العمليات، خاصة وأن طبيعة العمليات لا تختلف عن سابقاتها في مناطق سيطرة "الجيش الوطني"، من ناحية الأهداف والأدوات وأساليب التنفيذ.
ومن خلال الأرقام السابقة لمختلف المناطق المرصودة، يتضح أن مناطق سيطرة "الجيش الوطني" في ريف حلب الغربي "درع الفرات" الأكثر تردياً أمنياً، قياساً بمناطق (عفرين، تل أبيض، رأس العين). وذلك لناحية ارتفاع وتيرة الاغتيالات واتساع الخرق الأمني وتعدد الجهات المُنفِّذة واختلاف مصالحها وارتباطاتها، مقابل ضعف قدرة القوى المُسيطرة على ضبط الاستقرار وتضييق حجم هذا الخرق. ولعل ارتفاع معدل العمليات إلى هذا الحد لا يُعدُّ مؤشراً على عجز التشكيلات الأمنية لـ "الجيش الوطني" على ضبط الأمن والاستقرار بالنسبة للمدنيين فحسب، وإنما ضعف قدرتها أيضاً على تأمين وحماية عناصرها، وهذا ما تدلل عليه طبيعة تلك العمليات، الممتدة إلى مختلف مناطق سيطرة "الجيش الوطني"، والتي شهدت عمليات اغتيالات لا تختلف كثيراً عن سابقتها، لناحية طبيعتها والجهات المُنفِّذة والمُستَهدَفة. ومهما اختلفت دوافع تنفيذها والجهات التي تقف وراءها؛ فإن الحد منها وتحمُّل مسؤولية نتائجها يقع في النهاية على عاتق القوى والتشكيلات العسكرية والأمنية المُسيطرة في تلك المناطق، سواء "الجيش الوطني" أم القوات التركية.
رابعاً: إدلب وما حولها (أهداف متعددة)
من خلال البيانات المرصودة، يتضح أن عدد عمليات الاغتيال فيما تبقى من محافظة إدلب وما حولها بلغ 17 عملية، خلال 6 أشهر من الرصد، حققت 5 عمليات منها غايتها في تصفية الجهة المستهدفة، بينما فشلت 12 محاولة في ذلك بعد نجاة الطرف المُستَهدَف. وقد أسفر مجموع العمليات عن 37 ضحية، منهم 12 قتيلاً و25 جريحاً.
أما بالنسبة لأدوات التنفيذ، فقد اعتمدت 6 عمليات اغتيال على الطلق الناري، نجحت 3 منها في تصفية الهدف، بينما فشلت 3 عمليات في ذلك، وأسفر مجموع عمليات الطلق الناري عن 7 ضحايا، بينهم قاضٍ و 4 من الفصائل الجهادية ضمنهم قائد ميداني. بينما نُفِّذَت 11 عملية عن طريق العبوات الناسفة، أسفرت عن 30 ضحية، منهم 7 من فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" ضمنهم قياديون ميدانيون، مقابل 6 مدنيين ضمنهم عضو مجلس محلي، في حين استُهدِف عناصر "هيئة تحرير الشام" في عملية أسفرت عن قتيلين، كما استُهدِف عناصر الجيش التركي المتواجد في المنطقة بـ 4 محاولات أسفرت عن 15 بين قتيل وجريح (الشكل 10).
ومن مُجمل عمليات الاغتيال الـ 17، استُهدِف عناصر وقيادات "مجموعات جهادية" بواقع 5 عمليات، بينما كانت فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" هدفاً في 3 منها، في حين تم استهداف جهات مدنية بواقع 5 عمليات، كما تم استهداف الجيش التركي في 4 محاولات (الشكل 11). أما بالنسبة للجهة التي تقف وراء تلك العمليات، فقد تبنّت سرية "أنصار أبي بكر الصديق" محاولة وحيدة استهدفت عناصر الجيش التركي، في حين بقيت المحاولات الـ 16 الأخرى مجهولة المُنفِّذ، حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.
ويتضح من خلال بيانات الرصد الخاصة بمناطق إدلب وما حولها، انخفاض طفيف في معدل عمليات الاغتيال، قياساً بالتقرير السابق الذي أصدره مركز عمران، وغطى الفترة الممتدة من تموز وحتى كانون الأول 2020. إذ سجّل التقرير السابق 18 عملية اغتيال في تلك الفترة، بينما رصد التقرير الحالي تنفيذ 17 عملية. كما تشير البيانات إلى تعدد الجهات محل الاستهداف، فقد كانت الجهات المدينة والفصائل الجهادية الأكثر استهدافاً خلال فترة الرصد الحالي بمعدل 29% لكل منهما من مجموع العمليات. بينما كان عناصر الجيش التركي المتواجد في المنطقة هدفاً في 24% من عمليات الاغتيال المُنفَّذة خلال فترة الرصد، إذ يلحظ التقرير الحالي ازدياداً واضحاً في استهدافهم، قياساً بالتقرير السابق، الذي لم يرصد أية محاولة ضدهم. في حين مثلت "الجبهة الوطنية للتحرير" هدفاً في 18% من مجموع العمليات.
وبالرغم من تعدد أدوات تنفيذ عمليات الاغتيال؛ إلا أن الجزء الأكبر من تلك العمليات كانت انتقائية، فقد اعتمدت بنسبة 35% على الطلق الناري، مقابل 65% اعتمدت العبوة الناسفة كأداة للتنفيذ، مستهدفة أشخاصاً بعينهم بطريقة غير عشوائية، سواء بالنسبة للعسكريين أم المدنيين، ما أدى إلى وقوع ضحايا إضافيين ضمن محيط التفجير، أو من مرافقي الشخصية المستهدَفة. حيث بلغت نسبة الضحايا المدنيين 22% مقابل 78% من العسكريين (الشكل 12).
وتشير طبيعة العمليات وأدوات التنفيذ المستخدمة ضمنها، إلى اختلاف واضح في طبيعة الاغتيالات المنفذة في إدلب عن باقي مناطق سيطرة "الجيش الوطني"، التي تغلب عليها العمليات العشوائية بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، بينما تبدو العمليات في إدلب منتظمة ومدروسة باتجاه تصفية شخصيات مدنية وعسكرية محددة، وذلك ضمن بيئة معقدة أمنياً، ومتعددة اللاعبين ذوي المصالح المتضاربة، في مؤشر لفوضى البيئة أمنياً وتراجع القدرة على الضبط والسيطرة. ولعل ما يؤكد ذلك هو انخفاض نسبة الضحايا المدنيين في المنطقة مقارنة بالعسكريين، الأمر الذي يختلف كلياً عن باقي مناطق سيطرة الجيش الوطني حيث يشكل المدنيون النسبة الأكبر من حصيلة عمليات الاغتيال ضمنها.
خاتمة
تفيد القراءة العامة لهذا التقرير بما يحمله من أرقام وبيانات عن عمليات الاغتيال، باستمرار ضعف الحالة الأمنية في جميع المناطق المرصودة ضمن الشمال السوري، وضعف قدرة القوى الفاعلة وتعثرها في الحد من هذه العمليات، التي تسهم في تراجع مؤشرات الأمن والاستقرار على مختلف المستويات.
وعلى الرغم من محاولات بعض الفصائل والتشكيلات العسكرية المعارضة تطوير أدواتها في ضبط الأمن، من خلال أجهزة الشرطة والشرطة العسكرية، وازدياد أعداد المنتسبين لتلك الأجهزة، وتخريج عدد من الدورات؛ إلا أنها ما تزال غير قادرة على الحد من تلك العمليات، ولا تملك قدرة الوصول إلى مُنفّذيها، الأمر الذي يستدعي إعادة هيكلة تلك الأجهزة، ورفع مستوى التدريب الخاص بعناصرها، ورفدهم بكافة التجهيزات اللوجستية والتقنية التي تساعد في الحد من تلك العمليات، إضافة إلى رفع مستوى التنسيق الأمني بين المناطق المختلفة، وتشكيل لجان أمنية مشتركة للتنسيق بين تلك المناطق من جهة، ولإعادة هيكلة آليات التنسيق الأمني بين الجانبين التركي والسوري من جهة أخرى، خاصة مع وجود عوائق إدارية تحول دون الشكل الأمثل لهذا التنسيق، وبالتالي تسهم بشكل مباشر وغير مباشر بتوسيع هامش الخرق الأمني.
مقابل كل ذلك، لا بد من الدفع لإشراك المجتمع المحليّ والتنسيق مع فعالياته ومؤسساته المدنيّة في هذا الإطار، والسعي لتجسير أي هوة بين تشكيلات قوى الأمن الداخلي والمجتمعات المحلية العاملة ضمنها، بما يسهّل مهمتها ويعزز من حالة الأمن، ويرفع المسؤولية بأهميتها للجميع، وبشكل يسهم في تأمين بيئة أمنيّة مناسبة لنشاط المؤسسات المدنية. إضافة لذلك، من المهم أن تعمل القوى الأمنية والعسكرية المسؤولة عن تلك المناطق، على التعاطي مع الاغتيالات والتفجيرات بشفافية أعلى، عبر إعلان بيانات وأرقام رسميّة عن طبيعة تلك العمليات والمسؤولين عنها ونِسب العمليات التي نُفِذّت مقارنة بالمحاولات التي تم إحباطها قبل وقوعها، وذلك بشكل دوري يوضَح وتيرة الاغتيالات والجهد المقابل في مكافحتها والحد منها، ويضع الرأي العام المحلي-الدولي بصورة الواقع الأمني في المنطقة.
ولا يُعد تردي الأوضاع الأمنية محلياً ضمن مناطق سيطرة الفصائل العسكرية المعارضة، أمراً منفصلاً عن السياق العام للملف السوري وتعقيداته، والتي ترمي بظلالها محلياً على مختلف المناطق السورية، بغض النظر عن القوى المسيطرة، إذ إن حالة الفوضى الأمنية التي تجلت بصورة الاغتيالات في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، تتكرر بصور وأدوات وكثافة مختلفة ضمن مناطق سيطرة نظام الأسد، وكذلك مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، على الرغم من المركزية الأمنية التي تحكم تلك المناطق، والمفتقَدة في مناطق سيطرة فصائل المعارضة.
([1] ) "غرفة عمليات غضب الزيتون": وهي بحسب توصيفها لنفسها عبر معرفاتها الرسميّة؛ "مجموعة من شباب وشابات عفرين، مختصة بالعمليات ضد "مرتزقة الاحتلال التركي"، وتقوم باغتيال المقاتلين المحليين المدعومين من تركيا، بالإضافة إلى المقاتلين الأتراك المتواجدين في المنطقة، للاطلاع والتعرف أكثر على هذه المجموعة راجع الرابط التالي: http://www.xzeytune.com
([2] )"سرية أنصار أبي بكر الصديق": فصيل عسكري ينشط في إدلب، "يدّعي استقلاليته وعدم تبعيته لأي جهة"، ينشط في عمليات أمنية ضد عناصر الجيش التركي في محافظة إدلب، للمزيد راجع: ما هوية "السرية" التي نفذت 19 هجوماً ضد القوات التركية في إدلب، السورية.نت، 24 تشرين الأول/أكتوبر، متوافر على الرابط التالي: https://bit.ly/3r92NuR
([3] ) "قوات تحرير عفرين": هي مجموعة من المقاتلين الكرد، الذين يصفون تجمعهم بــ "حركة مقاومة” عبر شن هجمات تستهدف الجيش التركي و"الجيش الوطني" المدعوم من تركيا في عفرين ومناطق أخرى، كما أن هذه الحركة لا تقول صراحة إنها تابعة لـحزب الاتحاد الديمقراطي PYD أو "قسد". للمزيد حول طبيعة عمليات تلك الحركة راجع: مجموعة "تحرير عفرين" تتبنى استهداف نقطة تركية بريف حلب، الموقع الإلكتروني لصحيفة عنب بلدي، 13 أيلول/سبتمبر 2020، متوافر على الرابط التالي: https://cutt.us/2f6xU
([4]) فيما يتعلق بمصادر التقرير فهي على الشكل التالي: 1) نقاط الرصد الخاصة بمركز عمران للدراسات الاستراتيجية في الشمال السوري. 2) التقرير الأمني الخاص الصادر عن مكاتب منظمة "إحسان الإغاثية" في الشمال السوري. 3) المُعرّفات الرسمية للجهات التي تم استهدافها (مدنية، عسكرية). 4) المُعرّفات الرسمية للجهات المُنفِذة، أو التي تعلن تبنيها للعمليات كـ "غرفة عمليات غضب الزيتون". 5) المُعرّفات والمواقع الرسمية للوكالات ووسائل الإعلام المحليّة، والتي تقوم بتغطية الأحداث في
مناطق الرصد.
([5]) للاطلاع على التقرير السابق "الاغتيالات في مناطق المعارضة خلال الفترة الممتدة من تموز حتى كانون الأول 2020"، راجع الرابط التالي: https://bit.ly/3l8pagk
[6])) بيان صادر عن وزارة الدفاع التركية تعلن من خلاله تنفيذ "قوات سوريا الديمقراطية" لعمليتي اغتيال في مناطق "درع الفرات"، متوافر على الرابط: https://bit.ly/3FQzWzx
تمهيد
منذ توقيع الجانب الروسي والتركي اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 5 مارس/آذار 2020 والذي تضمن تسيير دوريات روسية وتركية على طول امتداد طريق الـ M4، ومناطق سيطرة المعارضة في كل من إدلب وحلب تتعرض إلى الاستهداف الصاروخي والجوي من قبل النظام وروسيا؛ والذي زادت وتيرته مطلع 2021 وبلغت ذروتها في شهري أيار وحزيران وبشكل مركز على منطقة خفض التصعيد في إدلب وهي المنطقة الواقعة في محيط طريق الـ M4 ؛
يحاول التقرير تبيان الغايات السياسية والأمنية التي تهدف لها عمليات الاستهداف؛ وذلك انطلاقاً من تحليل البيانات والمعلومات المتعلقة بغارات الطيران الروسي وضربات مدفعية النظام خلال الفترة الزمنية الواقعة بين شهري أيار وحزيران 2021،[1] وذلك للوقوف على مدى صلابة أو هشاشة الاتفاق الروسي والتركي فيما يتعلق بوقف إطلاق النار وعدم استهداف المنطقة المحيطة بطريق M4. وصولاً لمحاولة استكشاف محددات حركية روسيا والنظام في هذه العمليات. قام بهذا الرصد فريق مركز عمران في إدلب، وتمت مقاطعته مع ملفات الرصد الخاصة بفريق منظمة إحسان.
بدأ التصعيد العسكري من قبل القوات الروسية وقوات النظام بالازدياد منذ مطلع شهر أيار 2021، واستمر باستهداف العديد من المناطق بشكل عشوائي، فيما يلي تفصيل لتلك الضربات خلال شهر أيار (تفصيل الضربات الكامل في الملحق – جدول رقم (1))
يوضح كل من الشكلين (1) و (2) عدد الضربات الكلية في شهر أيار مع الإشارة إلى الجهة التي كانت أكثر تنفيذاً للضربات، حيث كان سلاح المدفعية الخاص بالنظام الأكثر استخداماً، تليه غارات الطيران الروسي، ومن ثم ضربات مضاد الدروع، هذا وتعتبر ضربات مضاد الدروع أداة للقوى الموالية لإيران (الفرقة الرابعة والدفاع المحلي)؛ وباستعراض نتائج القصف يتضح البعد العشوائي فيها إلا أنها تأتي ضمن سياسة خلق الفوضى والاضطراب كمرحلة سابقة سواء لتحصيل تنازلات من الفواعل الأخرين أو كتمهيد محتمل لأي عمل بري ، وبالتالي يمكن تصنيف تلك الضربات بأنها ضربات استراتيجية خاصة أنها فعلٌ كرره الروس والنظام خلال حملات التصعيد السابقة.
توضح الأشكال (3)، (4)، و(5) الجهات والجبهات التي كانت الأكثر استهدافاً من قبل النظام وحلفائه، وكان واضحاً أن الجانب المدني كان الأكثر استهدافاً، وهو الأمر الذي أدى إلى استشهاد 17 مدنياً بينهم طفلان وامرأتان.
يوضح الشكلان (6) و(7) حجم الضربات التي استهدفت مواقع تقع ضمن منطقة خفض التصعيد الرابعة؛ إذ دللت البيانات على أنها الأكثر استهدافاً، كما يوضحا مقارنة هذه النقط مع المناطق الأخرى، بالإضافة إلى استهداف مواضع تتمركز بقربها قوات الجيش التركي كنوع من الضغط عليها.
استمر سلاح الجو الروسي ومدفعيات النظام باستهداف مناطق سيطرة قوات المعارضة في إدلب ومحيطها خلال شهر حزيران، كما تم ملاحظة زيادة حدة الاستهدافات وتركيزها على منطقة الاتفاق التركي-الروسي بالقرب من طريق الـ M 4، وللاطلاع على تفاصيل الضربات خلال شهر حزيران 2021 انظر الملحق جدول رقم (2).
يوضح الشكلان رقم (8) و(9) عدد الضربات الكلية في شهر حزيران مع الإشارة إلى الجهة التي كانت أكثر تنفيذاً للضربات، حيث بقي سلاح المدفعية الخاص بالنظام الأكثر استخداماً، تليه غارات الطيران الروسي، ولوحظ ارتفاع عدد ضربات النظام وغارات الطيران الروسي، ويوضح الشكل (9) ازدياد عدد الغارات الروسية، كما يوضح تكثيف ضربات المدفعية من قبل الفرقة الرابعة مع غياب كامل لضربات قوات الدفاع المحلي.
ولا يمكن فك غاية هذه العمليات عن الأهداف السياسية للرووسيا والنظام والتي تتمثل بالضغط على الفاعلين الدوليين بشكل عام والجانب التركي بشكل خاص وذلك لتحسين شروط التفاوض التي سترافق مع جلسات مجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بمحاولات تمديد القرار الدولي رقم 2533.
توضح الأشكال (10)، (11)، و(12) الجهات والجبهات التي كانت الأكثر استهدافاً من قبل النظام وحلفائه، ويتشابه شهر حزيران مع شهر أيار بكون الجانب المدني هو الأكثر استهدافاً، الأمر الذي أدى إلى استشهاد 42 مدنياً بينهم امرأتان و 4 أطفال. وبالتالي تتزايد المؤشرات باحتمال ظهور موجات نزوح محتملة وهو ما تريد أن تضغط به أيضاً موسكو على الفواعل الآخرين.
يوضح الشكلان (13) و(14) حجم الضربات التي استهدفت مواقع تقع ضمن منطقة خفض التصعيد ومقارنتها باستهداف المناطق الأخرى، ومن الواضح أن الجانب الروسي وقوات النظام عمدوا إلى التركيز على مواقع ضمن منطقة خفض التصعيد بشكل أكثر من غيرها، بالإضافة إلى استهداف مواضع تتمركز بقربها قوات الجيش التركي كنوع من الضغط عليها. وتميز شهر حزيران عن أيار بأن 96% من الاستهدافات كانت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد؛ ويتم ذلك بالتزامن مع التلميحات الروسية حول اقتراب العمل العسكري من جبل الزاوية؛ وذلك كنوع من الضغط من جهة ولتحقيق انفراجات اقتصادية متخيلة تحسن من ظروف النظام الاقتصادية من جهة أخرى.
بمقارنة الشكلين (1) و (8) نلاحظ ارتفاع عدد الضربات الكلي لشهر حزيران بنسبة 25% عن شهر أيار، كما شهد شهر حزيران ارتفاع نسبة مشاركة الطيران الروسي عن شهر أيار، وانخفاضاً في ضربات مضاد الدروع والتي تقوم بتنفيذها تشكيلات موالية لإيران "الفرقة الرابعة والدفاع المحلي"، أما ضربات المدفعية فكانت الأكثر في كل من شهري أيار وحزيران، هذا وشهد شهر حزيران ارتفاعاً في عدد ضربات المدفعية عن شهر أيار بنسبة 30%.
فيما يوضح كل من الشكلين (2) و(9) الجهات التي نفذت الضربات ويلاحظ ارتفاع الضربات الروسية بين الشهرين بنسبة 50%، فيما تستمر التشكيلات الموالية لإيران بلعب الدور التخريبي المعتاد على محور سهل الغاب وريف حلب الغربي بحكم تواجد قوات الدفاع المحلي في المحاور الغربية من حلب وقوات الفرقة الرابعة بقاعدة جورين في سهل الغاب، وتبقى النسبة الأكبر للجهة المُتسهدِفة من نصيب مدفعية النظام والتي تتمركز على طول امتداد خطوط التماس في جنوب إدلب.
توضح الأشكال (3)، (5)، (10)، و(12) الجهات التي تعرضت للاستهداف حيث كانت الأهداف المدنية في كلا الشهرين هي الأكثر استهدافاً، ويعمل كل من النظام وروسيا على التكثيف من استهداف المواقع المدنية رغبة في تفريغ المنطقة من المدنيين، بالإضافة إلى تأجيج الوضع في مناطق المعارضة ودفع المدنيين إلى لوم الجانب التركي وقوات المعارضة على الاستهداف المتكرر لمساكنهم ومزارعهم، هذا وشهد شهر أيار استهدافاً كبيراً للمناطق الزراعية، وجاء هذا بالتزامن مع وقت جني محاصيل البصل والبطاطا مما أدى إلى وقوع حرائق كثيرة وخسائر كبيرة. كما توضح هذه الأشكال غياب الرغبة الحقيقية من الجانب الروسي والنظام في استهداف أي تشكيل عسكري في مناطق سيطرة المعارضة، مما يتعارض مع التبريرات الروسية باستهداف إدلب وأنها تقوم باستهداف مواقع "التشكيلات المتطرفة" متمثلة بهيئة تحرير الشام، حراس الدين، أنصار التوحيد، وغيرها.
توضح الأشكال (5) و (12) ارتفاع عدد ضحايا ضربات روسيا والنظام من المدنيين بنسبة وصلت إلى 60%، هذا وشهد الشهران سوياً استشهاد: 59 مدنياً، بينهم 48 ذكراً، 4 نساء، و6 أطفال، مما يؤكد أن استهداف المواقع المدنية هو أمر مدروس من الجانب الروسي ومن قبل النظام، للأسباب التي تم ذكرها في الفقرة السابقة.
توضح الأشكال (6)، (7)، (13)، و(14) الطريقة التي تتبعها روسيا في إيصال رسائل غير مباشرة للجانب التركي، وعملت روسيا بين شهري أيار وحزيران على إيصال رسالة واضحة لأنقرة، توضح قدرتها على التصعيد وحثها على تقديم تنازلات أكبر في ملفات مختلفة، الأمر الذي كان واضحاً في ارتفاع عدد الضربات في شهر حزيران والتي استهدفت مواقع متفرقة في جبل الزاوية والتي تتسم أغلبها بكثافة التواجد العسكري التركي، فيما شهد شهر حزيران استهدافاً مباشراً لآلية تركية من قبل قوات النظام في جبل الزاوية، واستهداف 6 مواقع بالقرب من النقاط التركية في جبل الزاوية أيضاً. إذاً يمكن تشبيه هذه الضربات بصندوق البريد الذي تستخدمه روسيا بغرض إيصال الرسائل إلى الجانب التركي. (انظر الخريطة رقم 1)
من جهة أخرى تطمح موسكو من خلال ازدياد حدة الاستهداف إلى الضغط على الفواعل الدوليين بشكل عام والتركي بشكل خاص قبل أي استحقاق دولي سواء المتعلق بمرور المساعدات الانسانية، أوجولة جديدة في استانة أو جنيف، حيث بدأ التصعيد الروسي قبل اجتماع الرئيس فلادمير بوتين مع الرئيس الأمريكي جو بايدين، كما شهدت الفترة التي تلت الاجتماع ازدياداً في حدة الضربات الروسية وضربات النظام مع التركيز على استهداف المواقع القريبة من التمركز التركي وخاصة في جبل الزاوية.
على الرغم من كل الحثيثات السابقة وارتفاع حدة الاستهداف إلا أنه تبقى العملية العسكرية البرية من قبل روسيا والنظام أمراً صعباً لعدة أسباب، أبزرها:
لذا بات من الواضح أن تصعيد روسيا والنظام هو فعلا جزء من سياسة روسية في الضغط على المجتمع الدولي بمن فيهم تركيا، وهذه المرة عمدت روسيا إلى التصعيد قبل اجتماع مجلس الأمن بخصوص تمديد إدخال المساعدات من معابر الشمال والتي تهدد روسيا مؤخراً باستخدام حق الفيتو الخاص بها ضد القرار، ومن المرجح أن تطرح روسيا موضوع المقايضة المتمثل في نقطتي: تخفيف الاستهداف العسكري وموضوع معابر الشمال من جهة، وإعادة نظر أمريكا بعقوبات قيصر ضد النظام السوري من جهة أخرى.
الملاحق؛
([1]) تم جمع البيانات من قبل فريق الرصد في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بناء على تصميم نموذج رصد مبين في الجداول، كما تمت مقاطعتها مع ملفات الرصد الخاصة بفريق منظمة إحسان.
يحاول تقرير التعافي الاقتصادي المبكر في مناطق المعارضة في مدن وبلدات "درع الفرات"، و"عفرين"، ومحافظة إدلب استكمال ما بدأه منذ النصف الثاني لعام 2018 عبر رصد نشاطات الفاعلين من مجالس محلية ومنظمات خلال النصف الثاني لعام 2020 بين تموز وكانون الأول. ويهدف التقرير لتشخيص وفهم ثلاث أذرع ضمن التعافي الاقتصادي المبكر وهي:
وتتشكل أهمية هذا التقرير من قدرته على تشخيص حركة الانجاز في المشاريع الاقتصادية والتنموية المنفذة بعموم المناطق التي يتم رصدها وتقييم إيجابياتها وسلبياتها مما يشكل دافعاً وإسهاماً لصنّاع القرار والفواعل لتوجيه الدعم وسد الثغرات في القطاعات الاقتصادية وأماكن تحظى بدعم أكثر من غيرها.
اعتمد التقرير خلال عملية الرصد في تركيزه على المدن الرئيسية والبلدات التي شهدت نشاطاً اقتصادياً ملحوظاً، ووفقاً للتصنيف الصناعي المعياري الدولي المبين في الجدول رقم (2)، كما تم الاعتماد على المعرّفات الرسمية للمجالس المحلية والمنظمات العاملة على "فيس بوك" و"تليغرام" وتسجيل نشاطاتها وتقاريرها الدورية الموضحة بالجدول رقم (1)، وفق معادلة رصد مضبوطة تؤمن القدرة على تحليل البيانات وفق مستويين، المستوى الأول مستوى القطاعات الاقتصادية والثاني وفقاً للمستوى المناطقي.
يوضح الجدول أدناه خارطة الفواعل التي يرصد التقرير أنشطتها التنموية والخدمية والاقتصادية
كما يظهر الجدول أدناه القطاعات ونوعية النشاطات/ القرارات المرصودة:
إضافة إلى تأزّم الأوضاع العسكرية في إدلب يُسهم في تهديد عملية التعافي المبكر وتأخير تنفيذ المشاريع أو إيقافها، يواجه التقرير جملة من الصعوبات من بينها عدم توفر مؤسسة إحصائية في المنطقة تجمع البيانات والمعلومات المطلوبة وهو ما يحيل إلى صعوبة جمع المعلومات والتوجس من إنقاص شيئاً منها؛ وعدم تسجيل المجالس المحلية كافة الأعمال والنشاطات التي قامت بها على معرّفاتهم الرسمية، أو عدم توضيح تلك النشاطات بشكل مفصّل لدى نشره. ناهيك عن عدم توفر أي بيانات تغطي أعمال ونشاطات القطاع الخاص في المنطقة، ويعود هذا لعدة أسباب من بينها: هشاشة الوضع القانوني والمالي في المنطقة بشكل لا يحفز رأس المال على المغامرة، وعدم الاستقرار على الصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي الذي يدفع هو الآخر في انخفاض شهية رجال الأعمال لتأسيس أعمال، وانخفاض وتيرة فتح أعمال ونشاطات تتبع للقطاع الخاص بشكل ملحوظ.
تم تنفيذ 812 مشروعاً ونشاطاً في مناطق المعارضة بالشمال، ريف حلب الشمالي والشرقي ومحافظة إدلب، بارتفاع عن النصف الأول بنسبة 77% أو بواقع 355 مشروعاً. وحسب الشكل رقم (1) فإن النسبة الأكبر للمشاريع المنفّذة كانت ضمن قطاع التجارة (193 مشروع) وقطاع المياه (165مشروع) وقطاع النقل والمواصلات (154 مشروع) وقطاع النزوح الداخلي جاء في المرتبة الرابعة بواقع (119 مشروع) وقطاع الزراعة والثروة الحيوانية خامساً (56 مشروع).
ارتفعت الأعمال المنفّذة في إدلب وريفها كما يظهر في الشكل رقم (2) بواقع 55% لإدلب (455 مشروع) على المشاريع المنفّذة في حلب وريفها بواقع 45% (367 مشروع)، وهي المرة الأولى منذ بدء رصد نشاطات التعافي المبكر في المنطقة قبل عامين، ويُعزى هذا الارتفاع إلى كثرة مشاريع النزوح الداخلي والمياه والتجارة في محافظة إدلب بالأخص في مدينة إدلب والدانا وسرمدا وأطمة.
وبشكل أكثر تفصيلاً يُظهر الشكل رقم (3) توزع المشاريع على المناطق المرصودة حيث حلّت إدلب في المرتبة الأولى في المؤشر كما كانت خلال النصف الأول، وجاءت مدن الدانا والباب واعزاز في المراتب الثانية والثالثة والرابعة على التوالي.
فيما يخص القرارات التي اتخذتها المجالس المحلية في القطاعات المرصودة، يفيد هذا المؤشر معرفة حجم ما تصدره المجالس من تشريعات وقرارات وتعميمات والدور التشريعي الذي تلعبه المجالس في مأسسة العمل وضبط آليات العمل فيها، وقد بلغت عدد القرارات في هذه الفترة 22 قراراً وتعميماً في كافة القطاعات، ومن بين أبرز القرارات التي اتخذتها المجالس المحلية خلال هذه الفترة: إيقاف خدمة النت الهوائي في عدة مدن كما حصل في مدينتي الباب وبزاعة واستجرار خدمة النت من تركيا عبر كبل ضوئي؛ والقرار الثاني تسعير المواد التموينية مثل الخبز والغاز والبضائع والأدوية والخدمات مثل بدلات الإيجار بالليرة التركية واعتمادها عملة التسعير الرسمية في الأسواق المحلية ومراقبة التجار والأسواق في تنفيذ القرار في إدلب وحلب؛ والقرار الثالث منع دخول مواد الاسمنت بأنواعه المختلفة من مناطق المعارضة إلى مناطق النظام والـPYD والسماح بتصدير البضائع التجارية والمعدات الصناعية ضمن القائمة المسموح بتصديرها من منطقة "درع الفرات" إلى منطقة "نبع السلام".
وتم عقد 4 مذكرات تفاهم بينها بناء مشفى في مدينة صوران، ودعم مزارعي الحبوب بالأسمدة المركّبة وبذار الشعير في أخترين، ويُشار أن النصف الأول شهد عقد 19 مذكرة تفاهم في مختلف القطاعات. وفيما يتعلق بفرص العمل يُظهر الشكل رقم (4) ارتفاع فرص العمل إلى 947 فرصة معظمها عقود مؤقتة تركزت في القطاع الطبي والنزوح الداخلي لتنفيذ أعمال متعلقة بالمخيمات والبنية التحتية الخاصة بها.
فيما يتعلق بقطاع المياه والصرف الصحي تم تنفيذ 165 مشروعاً في المنطقة كما يُظهر الشكل أدناه، تربّعت مدينة الدانا في إدلب على رأس القائمة بواقع 20 مشروع، بعدها مدينتي عفرين (19 مشروع) وإدلب (17 مشروع) وبعدها سرمدا وبزاعة بواقع 17 و10 مشاريع لكل منهما.
انخفضت أعمال قطاع الكهرباء عن النصف الأول بواقع 3 مشاريع، حيث تم تنفيذ 19 مشروع في المنطقة. جاءت بزّاعة على رأس القائمة بـ10 مشاريع وبعدها إدلب والباب والدانا، تم تأهيل أعمدة الكهرباء وصيانة المحوّلات وتجهيز خط التوتر وتركيب عدادات وتمديد كابلات وإنارة الطرقات بعد إيصال التوتر وتشغيل الكهرباء في بزاعة.
أما قطاع النقل والمواصلات فقد تم تنفيذ 154 مشروع في المنطقة بفارق 96 مشروعاً عن النصف السابق، حازت الدانا وإدلب واعزاز على المراتب الثلاثة الأولى كما يظهر في الشكل أدناه، والملاحظ في هذا القطاع حضور إدلب ومناطقها بشكل ملفت مقارنة بالفترات السابقة.
تراجع العمل في قطاع الإسكان والتعمير إلى 39 مشروع عن النصف الأول 2020 (59 مشروع) والنصف الثاني 2019 (86 مشروع) فيما حازت مدينة الباب على المرتبة الأولى بواقع 28 مشروع كما يظهر في الشكل أدناه، وهي المرة الرابعة على التوالي التي تستحوذ فيها المدينة على الحصة الأكبر من المشاريع في هذا القطاع فضلا عن الفارق الكبير مع المناطق الأخرى. كما حصلت نقلة مهمة في طريقة التعاطي مع المخيم، إذ تم نقل العديد من المخيمات إلى مجمعات سكنية مؤلّفة من عدة مبانٍ تتسع لمئات العائلات ومجهّزة بكافة الخدمات، تقي العائلة برد الشتاء وحر الصيف، كما حصل في أطمة وجرابلس والدانا واعزاز بإشراف العديد من المنظمات بينها منظمة إحسان وفريق ملهم وعطاء الخيرية.
فيما يتعلق بقطاع الخدمات الاجتماعية فقد تم تنفيذ 33 مشروع، حازت فيها بلدة بزاعة (7 مشاريع) واعزاز وعفرين (6 مشاريع لكل منهما) على المراتب الثلاثة الأولى ضمن القطاع في المنطقة، من بين المشاريع، إنشاء وترميم مدارس وحدائق وملاعب وصالات رياضية ومساجد ومراكز صحية.
بالنسبة لقطاع الزراعة والثروة الحيوانية فقد تم تنفيذ 56 مشروعاً ارتفاعاً عن النصف السابق بواقع 10 مشاريع، بينها توزيع علف وبذار وسماد وتلقيح الأغنام والأبقار للعائلات المستفيدة، وكانت كل من قباسين وبزّاعة وعفرين ومارع في ريف حلب في المراتب الأربعة الأولى في إدلب وريف حلب.
وبالانتقال إلى قطاع النزوح الداخلي حافظ هذا القطاع على ارتفاع عدد الأعمال فيه عن الفترات السابقة، بواقع 119 مشروع، حازت فيه كل من أطمة وسرمدا وإدلب على المراتب الثلاثة الأولى في المؤشر نظراً إلى كثافة أعداد النازحين والمخيمات فيها، شملت الأعمال تقديم خدمات البنية التحتية في المخيمات وترميم المنازل لتحسين الظروف المعيشية للنازحين القاطنين فيها.
وفيما يتعلق بقطاع التمويل تم تنفيذ 31 مشروع بارتفاع بواقع 21 مشروع عن النصف السابق، حازت مدينة قباسين وإدلب واعزاز على المراتب الثلاثة الأولى، ومن بين المشاريع النقد مقابل العمل التي استهدفت أعمال النظافة العامة، وتأسيس مشاريع تجارية صغيرة للمستفيدين وطرح مزادات لاستثمار محال وصالات تعود للمجلس المحلي.
أما قطاع التجارة والذي استحوذ على المرتبة الأولى ضمن مؤشر التعافي بواقع 193 مشروع، ارتفاعاً بنسبة 54% عن الفترة السابقة حازت فيها إدلب على المرتبة الأولى بنحو 68 مشروع، ولا يزال هذا القطاع يحافظ على تطور مستمر قياساً مع الفترات السابقة، مدفوعاً بحجم المناقصات المطروحة على التجار لتوريد سلع وخدمات، كتوريد المياه والمازوت والمعدّات الكهربائية وطباعة الكتب وتوريد قرطاسية وتجهيزات عديدة أخرى سواءً للمخيّمات أو لخارجها.
تذيّل قطاع الاتصالات مؤشر التعافي ضمن القطاعات المرصودة، حيث تم استدراج خدمة الانترنت من تركيا عبر كبل ضوئي بعد إصدار قرارات في إيقاف الانترنت الهوائي في قباسين، وتغذية كاميرات المراقبة في الطرقات بالكهرباء في بزاعة. أما في قطاع الصناعة فقد تم تنفيذ مشروع واحد فقط في مجال تصنيع حاويات القمامة في جرابلس بريف حلب.
أخيراً يمكن القول إن النصف الثاني من 2020 شهد تطوراً ملحوظاً في أعداد المشاريع المنفّذة، وفرص العمل، إذ ارتفعت المشاريع من 457 مشروع في النصف الأول إلى 812 مشروعاً في النصف الثاني، وتركز العمل على قطاعات التجارة والمياه والنقل والنزوح الداخلي، وللمرة الأولى تجاوزت محافظة إدلب وريفها في الأعمال والمشاريع ريف حلب بواقع 55% لإدلب مقابل 45% لريف حلب.
تُظهر المقارنة بين النصف الأول والثاني من العام 2020 ارتفاعاً في أعداد المشاريع وفرص العمل مردّه إلى جملة من العوامل:
تبين نتائج الرصد جملة من نقاط القوة والضعف قي القطاعات المرصودة في مناطق "درع الفرات" و"عفرين" ومحافظة إدلب، فبالنسبة لنقاط الضعف يمكن شملها بالنقاط الآتية:
أما بالنسبة لنقاط القوة التي يسجلها التقرير :
في ظل ارتفاع مؤشر التعافي الاقتصادي المبكر خلال النصف الثاني من 2020 يورد التقرير توصيتين من شأنهما رفد العملية مزيداً من التنسيق في المنطقة وفواعلها ومزيداً من العمل في القطاعات غير الفاعلة حتى الآن:
استضاف التلفزيون العربي المدير التنفيذي لمركز عمران، الدكتور عمار قحف، ضمن برنامجه شبابيك، للحديث عن عودة النازحين واللاجئين لمناطق سيطرة المعارضة، حيث أوضح القحف أن عدم عودة النازحين لمناطق سيطرة النظام هو تكريس لانعدام الأمان في مناطق النظام، إضافة لسوء الأوضاع المعيشية وانعدام فرص العمل، في مقابل وجود أمن نسبي في مناطق سيطرة المعارضة في ظل وجود القواعد العسكرية التركية.
للمزيد: https://bit.ly/38E7BOZ
خلال 2020 قررت غرفة عمليات الجيش التركي في إدلب إعادة تموضع ست نقاط مراقبة تركية حاصرها النظام خلال الحملة العسكرية التي شنها في نيسان 2020 على مواقع سيطرة قوات المعارضة في محافظتي حلب وإدلب في نيسان 2020، تلك المناطق التي كانت ضمن مناطق خفض التصعيد المتفق عليها في مؤتمر أستانة. ([1]) وهي من ريف حلب (عندان، الراشدين، قبتان الجبل) من ريف إدلب (صرمان) من ريف حماة (مورك، شير المغار) ([2])، كما أنه في مطلع عام 2021 تم سحب باقي النقاط الثلاث وهي من ريف حلب (العيس، الشيخ عقيل) من ريف إدلب (تل طوقان). ([3])
أثار هذا الانسحاب العديد من التساؤلات المتعلقة بالسيناريوهات الميدانية للخارطة العسكرية في إدلب مرة أخرى، وعليه يحاول تقدير الموقف هذا أن يقدم قراءة تحليلية للحركة العسكرية التركية ومدلولاتها ثم استعراض خارطة الأهداف المتعلقة بفواعل الأستانة وانعكاساتها على التطورات الميدانية المحتملة في إدلب؛ مبيناً الاتجاهات المستقبلية المتوقعة للمشهد الميداني.
بدأ النظام وبمساندة برية وجوية مباشرة من روسيا حملاته العسكرية على مناطق خفض التصعيد توالياً منذ 10 تشرين الثاني عام 2018. حيث بدأت أول عملية قضم في 02 شباط عام 2019، ([4]) وتلاها حملتين من قوات النظام في الفترة الزمنية بين 2019 و2020 وكانت أخر حملة في نيسان 2020 والتي تخللها مواجهة مباشرة بين النظام وتركيا، واستطاع النظام في هذه الحملات من فرض سيطرته على عدة مواقع مهمة، وتمكن أيضاً من تأمين طريق M5 ،من خلال سيطرته على خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب في إدلب وعلى الراشدين وسنجار وغيرها من النقاط الواقعة شرق الـ M5 في ريفي حلب الغربي والجنوبي .كما توضح الخريطة رقم (1):
الخريطة رقم (1) توضح توزع نقاط المراقبة التركية بعد الاتفاق الأول مع روسيا في 2018
تعتبر عملية القضم الأولى بمثابة أول اختبار للاتفاق الروسي التركي والذي برهن حينها أنه اتفاق هش سياسياً وعسكرياً لم تتمكن بنوده من ضبط هجمات النظام وحينها لم يبدر أي تحرك عسكري من الجانب التركي الأمر الذي لعب دورا أساسيا في قيام النظام بشن حملتين جديدتين خسرت خلالهما المعارضة عدة مواقع ونقاط استراتيجية، وترافقت تلك الخسارات بعد الحملة الثالثة من انتقال المفاوضات التركية والروسية من وزراء الدفاع إلى المكاتب الرئاسية والتي نتج عنها توقيع اتفاق بين الرئيسين بوتين وأردوغان ملحق إضافي لاتفاق سوشي في موسكو بتاريخ 5 آذار 2020 ([5])حيث نص الاتفاق على تسيير دوريات مشتركة على طريق M4 و وقف العمليات القتالية على خط التماس وفق تصريحات لكلا الرئيسين أردوغان وبوتين بتوصلهما لاتفاق على وثيقة مشتركة حول التسوية في سورية ([6])، ولعل أبرز الثغرات التي تستمر روسيا بالاستفادة منها في الاتفاق الحالي وكافة الاتفاقات السابقة لأستانة وسوتشي وحتى اتفاقية موسكو أنه لا يوجد فيها نص واضح وصريح يمنع الروس من عملية قضم أو عملية عسكرية([7]).
بتاريخ تشرين الثاني لعام 2020 اتخذت القوات التركية قرار إعادة تموضع النقاط من مناطق ذات خواصر رخوة إلى مناطق فيها خطوط دفاع أكبر ومناطق استراتيجية أكثر وبالتحديد في مناطق جبل الزاوية والتي تعتبر من الناحية الاستراتيجية خط الدفاع الأول فيما يتعلق بطريق الـ M4، كما توضح الخريطة (2):
الخريطة رقم (2) توضح نقاط المراقبة التي سحبتها تركيا وكيف إعادة تموضعها كانون الثاني 2021
تدلل الآلية التي اتبعها الجانب التركي في إعادة تموضع نقطة مورك ونقلها إلى قرية قوقفين في منطقة جبل الزاوية وتعزيزها بأرتال كبيرة من الجيش التركي على طبيعة التوجه الميداني لأنقرة والذي يتمثل في عدم التواجد في مناطق النظام خشية تعرضها للمزيد من الضغوط واحتمالات الانزلاق من جديد لمواجهات عسكرية مباشرة، والبدء بالتعامل مع إدلب كخيار عسكري استراتيجي عبر تغيير وظائف النقاط التركية من وظيفة المراقبة إلى قواعد عسكرية معززة ومدعومة بكافة أنواع الأسلحة مجهزة لأي عمل عسكري، والجدير بالذكر هنا أنه من المحتمل إنشاء نقطة جديدة في مدينة قدورة باتجاه مدينة سراقب ونقطة في حرش بنين مدعمتين بعتاد وتجهيزات عسكرية نوعية. ([8]) من جهة أخرى؛ ويعد هذا الانسحاب إجراء احترازي لعدم وقوع هذا النقاط كرهائن بيد قوات النظام والتي سيتم استخدامها للضغط على أنقرة، كورقة مفاوضات للحصول على هدف سياسي أو عسكري.
مما لا شك فيه؛ يطمح النظام لإعادة السيطرة على إدلب وذلك لعدة أسباب منها ما هو متعلق بضرورات "النصر" قبيل الانتخابات الرئاسية الجديدة إضافة إلى ما هو مرتبط بتنشيط الحركة التجارية بين الساحل وإدلب وحلب، وأيضاً إضعاف الموقف التفاوضي للمعارضة السورية عبر زيادة المكتسبات الميدانية وتوظيفها في التفاوض السياسي، ناهيك عن رغبته في السيطرة على الحدود مما يعني احتكاره للإدارة الأمنية والفوائد الاقتصادية للحدود. وقد تتبدى أولى غاياته في القيام بعمليات قضم باتجاه طريق M4 وجبل الزاوية باعتبارها منطقة جغرافية مرتفعة تمكن النظام من فرض طوق ناري على شمال إدلب في حال سيطر عليها. وذلك كله كتمهيد للسيطرة على معبر باب الهوى من أجل إيقاف الآلية الدولية للمساعدات وهو المعبر الوحيد الذي تدخل عبره المساعدات للمعارضة ويصبح مصير النازحين والمهجرين بيد النظام.
قد يعتري هذا الطموح المتخيل للنظام جملة من التحديات سواء تلك التي يفرضها مسار أستانة أو تلك المرتبطة بعدم امتلاك التكلفة المالية في ظل ما تشهده مناطق النظام من أزمات اقتصادية خانقة؛ وبالتالي فإنه سيمضي في الآونة الراهنة باتباع منهجية الاختراق والعمليات الأمنية السريعة من خلال افتعال تفجيرات واغتيالات وزرع خلايا أمنية صغيرة.
من جهة طهران فإنها ترمي للسيطرة على الفوعة وكفريا حيث أنه ومنذ انسحاب سكان مدينتي كفريا والفوعة وفق اتفاق الزبداني 24 أيلول عام 2015، ([9]) تعمل إيران على تقديم خطاب "إعادة السيطرة على كفريا والفوعة" " لميلشياتها معتبرة إياه "الجهاد". وفي سبيل ذلك ستسعى إيران لتحقيق أهدفها في إدلب عن طريق النظام وتكرار تكتيكاتها في حملات القضم الأخيرة عبر انتشار ميليشياتها في المناطق المستردة. وتعتبر الدينامية الأنسب لإيران في إدلب هو تحويل الانتشار العسكري إلى السيطرة الاجتماعية عن طريق إعادة توطين عوائل المقاتلين وتكثيف عمل المنظمات والجمعيات الإيرانية وتهيئة كما فعلت في دير الزور.
أما فيما يتعلق بالجانب الروسي فإنه يسعى من جهة إلى الحفاظ على منصة أستانة وما تستوجب من تفاهمات مع أنقرة ومن جهة أخرى تأمين الطرق الدولية وما تعنيه من عودة شريان الاقتصاد للحياة لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية الكبرى التي يشهدها النظام والتي من شأنها تخفيف الخنق الاقتصادي وجعل المكسب العسكري مكسباً مستمراً وإلا فإن الانزلاق المستمر للقوات الروسية في سورية سيبقى ذو كلف سياسية عالية.
على الرغم من قيام الجانب الروسي بمعارك البادية ضد تنظيم الدولة وما استلزمه من نقل العديد من الكتل العسكرية من إدلب إلى بادية حمص بالإضافة إلى ترقب الجميع لمعرفة الدور الذي تنوي الإدارة الأميركية الجديدة لعبه في إدلب، إلا أن هذا لا يعد مؤشراً كافياً لعدم اهتمام موسكو بتحصيل مكاسب في جبهة إدلب فإن المشهد الميداني العام في إدلب ينحو باتجاه أحد السيناريوهات التالية:
الأول: استمرار القضم: والذي يمكن أن يتم من خلال قضم جزئي أو اجتياح كامل، وفيما يتعلق بالقضم الجزئي فمن المرجح أن يبدأ من المنطقة الواقعة جنوب الـ M4، والتي شهدت ومنذ توقيع الاتفاق التركي والروسي الأخير المتعلق بنشر الدوريات المشتركة على طريق ال M4 عدة غارات من قبل الطيران الروسي ومدفعية النظام ومحاولات تسلل برية من قبل النظام والمليشيات الإيرانية باتجاه منطقة جنوب الأوتوستراد الواصل بين محافظتي حلب واللاذقية. وفي حال نجاح هذه المحاولات يكون الأوتوستراد أصبح تحت سيطرة النظام وروسيا بشكل كامل، وهذا يعني أيضا أنه لم يعد ضرورياً وجود الدوريات المشتركة بين الـأتراك والروس مع انسحاب فصائل المعارضة إلى شمال الأوتوستراد ([10]). بالإضافة إلى تمكن قوات النظام من فرض رصد ناري على ما تبقى من مواقع المعارضة في إدلب.
أما الاجتياح الكامل للمنطقة وعلى الرغم من كونه مستبعد نظراً لكلفته السياسية والإنسانية والاقتصادية فإنه سينحو إما باتجاه كامل للمنطقة والأرياف المحيطة بها وصولا حتى بلدة دارة عزة أو باتجاه اجتياح كامل لمدينة إدلب ماعدا الشريط الحدودي الممتد من دركوش وصولاً حتى سرمدا (وهي منطقة واقعة بين سلسلة جبال والحدود السورية التركية).
السيناريو الثاني فيتمثل بالتجميد، حيث أن سمة التجميد هي سمة المشهد الميداني وتثبيت الوضع على ما هو عليه وهو السيناريو الأكثر توقعاً وأن تبقى نقاط السيطرة على ما هي عليها خلال هذه الفترة وإعطاء الفرصة باتجاه أكبر للتفاهمات السياسية بين الأتراك والروس وهذا ما بدى من خلال اتفاق أستانة 15 الذي أكد على التهدئة في منطقة إدلب.([11]).
أياً كان السيناريو المتوقع؛ فهذا لا يلغي أهمية صمود تلك المناطق نظراً لتكلفة الخسارة استراتيجياً وعلى كافة الصعد السياسية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية وما سيلحقه من كوارث وتعثرات محتملة في سياسات الاستجابة؛ وهو أمر تدركه جيداً الفواعل الوطنية الأمنية والعسكرية والسياسية ولكنه يتطلب مزيداً من تدعيم مؤشرات الاستقرار الأمني والسير قدماً باتجاه نمط حوكمي رشيد وهندسيات عسكرية منضبطة ومصممه بغرفة عمليات مركزية معدة سلفاً لغايات الصمود وعدم تكرار سيناريو القضم.
([1]) أبرز محطات مفاوضات أستانا، الجزيرة تاريخ النشر04/07/2017، الرابط https://2u.pw/NGPQ9
([2]) نقاط المراقبة التركية في شمال غربي سوريا، صحيفة عنب بلدي، تاريخ النشر 19/12/2020، الرابطhttps://2u.pw/6btvQ
([3]) مقابلة أجرتها الباحثة مع محلل عسكري في تاريخ 30 كانون الأول 2020 على منصة زووم
([4]) ورشة قام بها مركز عمران للدراسات الاستراتيجية عن السيناريوهات الميدانية المتوقعة لإدلب لعام 2021 في تاريخ 30 كانون الأول 2020 على منصة زووم مع مختصين في الشأن العسكري والمدني.
([5]) لافروف يعلن بنود الاتفاق الروسي التركي. عربي سبوتنيك، تاريخ النشر. 05/03/2020.الرابط https://2u.pw/hrgfz
([7])ورشة قام بها مركز عمران للدراسات الاستراتيجية عن السيناريوهات الميدانية المتوقعة لإدلب لعام 2021 في تاريخ 30 كانون الأول 2020 على منصة زووم مع مختصين في الشأن العسكري والمدني.
([9]) اتفاق الزبداني-الفوعة وكفريا، الميادين تاريخ النشر 29/12/2015.الرابط https://2u.pw/ysYLQ
([10]) مقابلة مع خبير في الشؤون العسكرية والميدانية في تاريخ 7 كانون الثاني عام 2021 على منصة الزووم.
([11]) مقابلة مع خبير في الشؤون العسكرية والميدانية في تاريخ 9 كانون الثاني عام 2021 على منصة الزووم.
([12]) ورشة قام بها مركز عمران للدراسات الاستراتيجية عن السيناريوهات الميدانية المتوقعة لإدلب لعام 2021، مرجع سابق.
بتاريخ 14 شباط/ فبراير 2021 شارك الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، محمد العبد الله في تقرير صحفي لجريدة عنب بلدي
بعنوان " تنافس بالقروش" أم احتكار للسوق بين شركات محروقات إدلب ".
استعرض الباحث فيه واقع البيئة التي تعمل فيها شركات المحروقات في إدلب ومدى كون هذه البيئة ملائمة لوجود مقومات المنافسة بين هذه الشركات. إلى جانب تشخيصه للدور المحتمل لهئية تحرير الشام في علاقتها مع شركات المحروقات التي تم تأسيسها مؤخراً في مناطق سيطرة الهيئة وأثر ذلك على تجارة المحروقات.
للمزيد إضغط الرابط:https://bit.ly/3auEa38
بتاريخ 13 تشرين الأول 2020، وخلال مقابلته مع جريدة القدس العربي، رأى الباحث لدى مركز عمران للدراسات الاستراتيجية محمد منير الفقير، أن تجزئة الخلافات بين موسكو وأنقرة لا تتم بين الطرفين عمودياً بل أفقياً، بمعنى أن ساحة الخلافات التكتيكية على المستويين الأمني والعسكري ممتدة من أذربيجان إلى ليبيا مروراً بسورية، وهذا منفصل عن ملفات التعاون والتنسيق الأخرى بين البلدين كالاقتصادية وغيرها، معتقداً الفقير أن الخيارات في إدلب ومحطيها مفتوحة للتصعيد وليس للحسم على أي صعيد في الفترة المقبلة وصولاً إلى لحظة الانتخابات الأمريكية.
المصدر القدس العربي: https://bit.ly/3kdIplY
أجرت جريدة عنب بلدي مقابلة صحفية مع المدير التنفيذي لمركز عمران الدكتور عمار قحف، الذي أوضح فيها أن تغلغل "هيئة تحرير الشام"، يشكّل تهديدًا حقيقيًا على مستقبل محافظة إدلب، وأن بيان (جنيف1) صُممَ بغموض قابل للتأويل.
رابط المصدر: https://wp.me/p2gAZn-1KN2
يحاول التقرير التالي استكمال ما بدأه تقرير التعافي الاقتصادي المبكر في مناطق المعارضة قبل عام ونصف من خلال رصد نشاطات المجالس المحلية والمنظمات خلال النصف الأول من عام 2020 بين كانون الثاني وحزيران، بهدف تشخيصها وفهم حركية العجلة الاقتصادية في المنطقة ووضعها في إطار يمكن مقارنة الفترات مع بعضها لمعرفة مدى التطور على صعيد كل منطقة على حدى والمنطقة برمتها، كما يفيد هذا العمل في إيجاد اتجاه (Trend) يمثّل قراءة شاملة لعملية التعافي تتضمن تفاصيل الأعمال والنشاطات في القطاعات الاقتصادية، ويمكّن من رسم تصورات مستقبلية لاتجاه التعافي ومداها الزمني بشكل مرحلي. وتتشكل أهمية هذا التقرير من استفراده في الطرح وسط تقارير دولية ومحلية لا تزال تقيس حركة النزوح وتقييم احتياجات النازحين والسكان ومراقبة السوق وإحصاء نشاطات المجالس المحلية بدون تحليلها، وأخيراً يُسهم التقرير في قراءة انعكاسات الأعمال والنشاطات على المواطنين وقدرة المجالس المحلية والفواعل على خلق فرص عمل وتحريك الطلب المحلي ولا يغفل مدى فائدة التقرير في توجيه الدعم لسد ثغرات في القطاعات الاقتصادية وأماكن تحظى بدعم أكثر من غيرها.
ويهدف التقرير إلى إعطاء وصف شامل للتعافي الاقتصادي المبكر في المنطقة وتقديم معلومات صحيحة بغية تحديد وجهة التعافي ونسب انخراط المناطق بالعملية. وتتلخص الأهداف الأساسية للتقرير بالنقاط التالية:
شملت عملية الرصد في هذه الفترة _النصف الأول من 2020_ مدن وبلدات "درع الفرات"، و"عفرين"، ومحافظة إدلب. تم التركيز على المدن الرئيسية والبلدات التي شهدت نشاطاً اقتصادياً ملحوظاً. ووفقاً للتصنيف الصناعي المعياري الدولي فقد تم تصنيف القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية التي سيتضمنها التقرير كما يلي: قطاع الإسكان والتعمير، قطاع الكهرباء والمياه، قطاع النقل والاتصالات، قطاع الصناعة، قطاع التجارة، قطاع التمويل، قطاع الزراعة والثروة الحيوانية، قطاع الخدمات الاجتماعية، وقطاع النزوح الداخلي.
وفي سبيل تنفيذ عملية الرصد تم الاعتماد على المعرّفات الرسمية للمجالس المحلية على "فيس بوك" و"تليغرام" ومتابعة المنظمات العاملة، المحلية والأجنبية، في المنطقة ورصد نشاطاتها وتقاريرها الدورية من بينها التقارير الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، والتقارير الصحفية التي تحدثت عن المنطقة ونشاطاتها.
ومن بين المجالس المحلية التي تم رصدها في محافظة إدلب: أريحا، إدلب، حارم، سرمدا، سراقب، جسر الشغور، معرة مصرين، حزانو، سلقين، بنش، أرمناز، عزمارين، إسقاط؛ حربنوش، ترمانين، وفي ريف حلب تم رصد المجالس المحلية التالية: مارع، اعزاز، الباب، جرابلس، أخترين، قباسين، بزاعة، عفرين، صوران، الأتارب. أما المنظمات والمؤسسات التي تم رصدها: إحسان للإغاثة والتنمية، وهيئة ساعد الخيرية، ولجنة إعادة الاستقرار، ومنظمة شفق، ومنظمة بنفسج، ومنظمة بنيان، وتكافل الشام، ومنظمة وطن، وهيئة الإغاثة الإنسانية، والدفاع المدني السوري، ووحدة تنسيق الدعم، ومنظمة التنمية المحلية، ومنظمة بنيان، ومنظمة عطاء الخيرية، والرابطة الطبية للمغتربين السوريين، والمؤسسة الدولية للتنمية الاجتماعية، وتكافل الشام، وحكومة الإنقاذ، ومؤسسة بناء للتنمية، ومؤسسة يدا بيد للتنمية، واتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، ومنظمة اقرأ الخيرية، ومنظمة رحمة بلا حدود، وغراس النهية، ومنظمة المساعدة السورية، ومديرية صحة إدلب، والاستجابة الإنسانية. يظهر الجدول أدناه القطاعات ونوعية النشاطات/ القرارات المرصودة:
لا يزال هناك عدة عوامل تُضفي صعوبة على التقرير من بينها: أعاقة الأوضاع العسكرية في إدلب عملية جمع المعلومات وتأخر من تنفيذ المشاريع وتعمل على تأجيل معظمها، واهتمام المجالس والمنظمات بنشاطات الإغاثة والوقوف على متطلبات النازحين، والبعد الثالث مرتبط بصعوبة التواصل مع بعض المجالس وعدم تسجيل كل أعمالهم ونشاطاتهم على معرّفاتهم الرسمية، أو عدم توضيح تلك النشاطات بشكل مفصّل عند نشرها، ولا تزال الصعوبة الأبرز تتمثل في عجز التقرير على تغطية بيانات القطاع الخاص في المنطقة. وأخيراً يلفِت التقرير الانتباه أن هذه الفترة شهدت نشاطاً أكثر للمجالس المحلية وبعض المنظمات في تنظيم عملية نشر الأعمال وطلبات التوظيف وهو ما انعكس إيجاباً على عملية الرصد.
تم تنفيذ 457 مشروع ونشاط في مناطق المعارضة بالشمال (ريف حلب الشمالي والشرقي ومحافظة إدلب) بنسبة منخفضة بنسبة والتي قاربت 24% أو بواقع 111 مشروع عن الفترة السابقة - النصف الثاني من 2019- وحسب الشكل رقم (1) فإن النسبة الأكبر للمشاريع المنفّذة كانت ضمن قطاع النزوح الداخلي (89 مشروع) وقطاع المياه (78مشروع) وقطاع التجارة (70 مشروع) وقطاع النقل والمواصلات (60مشروع) والإسكان والتعمير (59) مشروع، وتذيّلت قطاعات الزراعة والكهرباء والخدمات الاجتماعية والتمويل والصناعة المراتب الأخيرة. واللافت للانتباه خلال هذه الفترة أمرين:
وبشكل أكثر تفصيلاً يُظهر الشكل رقم (3) توزع المشاريع على المناطق المرصودة حيث تربّعت مدينة إدلب في المرتبة الأولى وجاءت مدينتي الباب واعزاز في المرتبة الثانية والثالثة على خلاف الفترات السابقة عندما كانت مدينتي الباب واعزاز تحتلان المرتبة الأولى والثانية في المؤشر.
فيما يخص القرارات التي اتخذتها المجالس المحلية في القطاعات المرصودة، يفيد هذا المؤشر معرفة حجم ما تصدره المجالس من تشريعات وقرارات وتعميمات والدور التشريعي الذي تلعبه المجالس في مأسسة العمل وضبط آليات العمل فيها، وقد بلغت عدد القرارات في هذه الفترة 85 قراراً وتعميماً في كافة القطاعات، وكان لإجراءات فيروس كورونا معظم القرارات والتعميمات من قبيل تعليق بعض النشاطات والدوام في المدارس وإيقاف عمل البازارات والنشاطات الاجتماعية حفاظاً على سلامة المواطنين، ومن بين أبرز القرارات التي اتخذتها المجالس المحلية خلال هذه الفترة:
ويُظهر الشكل رقم (4) الارتفاع الكبير في فرص العمل التي تركز معظمها في القطاع الطبي وتنفيذ أعمال البخ والتعقيم والتنظيف بعد انتشار فيروس كورونا، حيث تم تسجيل 891 فرصة عمل. مع الإشارة بأن الكثير من تلك الفرص ذات عقود مؤقتة تتراوح فترات العمل فيها من شهرين ونصف إلى سنة، وسُجّلت 12 مذكرة تفاهم تم توقيعها من قبل المجالس المحلية مع المنظمات والمؤسسات لتنفيذ مشاريع متنوعة.
فيما يتعلق بقطاع المياه والصرف الصحي يظهر الشكل أدناه تربع مدينة عفرين وجرابلس في مقدمة المدن والبلدات بـ 15 مشروع لكل منها من أصل 78 مشروع، في الوقت الذي تراجعت مدن مثل اعزاز والباب وأخترين ومارع نظراً لتنفيذ معظم هذه المشاريع خلال الفترة السابقة. ومن بين ما يلفت الانتباه كان توقيع مذكرة تفاهم بين منظمة "بناء" والمجلس المحلي في سرمدا لإنشاء شركة مياه تحت اسم "غدق" لتزويد المدينة بالمياه.
حافظ قطاع الكهرباء على عدد المشاريع عن الفترة السابقة، بإجمالي 22 مشروع، وجاءت أخترين في مقدمة المناطق بتنفيذ 7 مشاريع بعدما تم استجرار الكهرباء إليها، حيث تم تجهيز خط التوتر العالي وبناء منشأة للكهرباء وتمديد كابلات وتركيب عدادات كهرباء وتثبيت أعمدة اسمنت تحمل كابلات، وجاءت الراعي في المرتبة الثانية، فيما عادت مدن مارع وصوران إلى الوراء جراء الانتهاء من معظم المشاريع المتعلقة بالكهرباء خلال الفترة السابقة.
فيما يتعلق بقطاع النقل والمواصلات فقد انخفض عدد المشاريع إلى 58 من 123 مشروع خلال الفترة الماضية وحازت جرابلس وأخترين واعزاز على المراتب الثلاثة الأولى كما يظهر في الشكل أدناه، والملاحظ في هذا القطاع استحواذ منطقة ريف حلب على معظم المشاريع فيه بفضل حالة الاستقرار النسبي التي تتمتع بها المنطقة، في حين تواجه منطقة إدلب وريفها تحركات عسكرية تعطّل حركية المشاريع في هذا القطاع بالمنطقة. والمعروف أن تزفيت الطرقات وتأهيلها بالبحص وتسوية الطرقات الفرعية يُسهم في تعزيز التبادل التجاري بين القرى والمدن وتسهّل حركة المواطنين بينها.
تراجع قطاع الإسكان والتعمير إلى المرتبة الخامسة (59 مشروع) من المرتبة الثالثة في الفترة السابقة بواقع 86 مشروع، وحافظت مدينة الباب على المرتبة الأولى بواقع 28 مشروع كما يظهر في الشكل أدناه علماً ليتراجع عدد المشاريع في المدينة بنسبة 45% عن الفترة السابقة (61 مشروع)، ولا يزال الفارق كبير في هذا القطاع بين المرتبة الأولى والثانية كما في الفترات السابقة، حيث يفصل بين مدينة الباب وبزاعة التي حازت على المرتبة الثانية، 19 مشروع، وبهذا لا تزال مدينة الباب تحوز على معظم الاهتمام في حركة البناء والإنشاء لتشكل مركز جذب للبناء السكني والتجاري بالنسبة للسكان والمنطقة عموما.
وفيما يتعلق بقطاع الخدمات الاجتماعية فقد تم تنفيذ 18 مشروع فقط هبوطاً من 41 في الفترة الماضية، وقد حازت مدينة اعزاز على معظم المشاريع بواقع 13 مشروع، حيث تم تجهيز حديقة للأطفال واستكمال بناء وافتتاح مشفى وفرن خبز وأنشأت مدرسة في الحي الجنوبي من اعزاز إضافة لمشاريع أخرى مشابهة.
وبالنسبة لقطاع الزراعة والثروة الحيوانية فقد تم تنفيذ 46 مشروع تعنى بتلقيح الحيوانات وتوزيع العلف والبذار على المزارعين، ولا يزال القطاع يشهد قفزات بطيئة للغاية إذ تم تنفيذ 43 مشروع في النصف الثاني من 2019 و21 مشروع في النصف الأول من نفس العام، في الوقت الذي تحتاج المنطقة لمشاريع أكثر في هذا القطاع من أجل الأمن الغذائي وتوفير معظم المواد الأساسية وخفض تكاليف المعيشة، وقد عانى الفلاحون خلال هذه الفترة من تذبذب سعر صرف الليرة أمام الدولار وانخفاض قيمتها بشكل كبير، إذ أسهم هذا في ارتفاع تكاليف المواد الأولية من سماد وبذار ومحروقات ومياه ويد عاملة، وهو ما يدفع الفلاحين لهجرة أراضيهم وترك المهنة أو الاستمرار وتحقيق أرباح منخفضة.
وبالانتقال إلى قطاع النزوح الداخلي والذي شهد نقلة نوعية في المؤشر بحصوله على المرتبة الأولى في المؤشر، بواقع 96 مشروع بعدما نفذ 90 مشروعاً في النصف الثاني من 2019، وحازت إدلب على المرتبة الأولى بين المناطق، ويُعزى هذا إلى نزوح المواطنين من مناطق الحملة العسكرية إلى مناطق أكثر أماناً، واحتاج النازحون لخدمات كثيرة ابتداءً من المخيمات إلى أعمال البنية التحتية من كهرباء وماء لمشاريع كثيرة في سياق ترميم المنازل في البلدات والمدن لتحسين ظروف النازحين القاطنين فيها.
وفيما يتعلق بقطاع التمويل تم تنفيذ 10 مشاريع خلال هذه الفترة، من قبيل مشروع مزاد علني لتأجير آلات زراعية وتأجير مجموعة من المحال التجارية ودعم المشاريع النسائية وإطلاق مشروع المال مقابل العمل، ومن بين المشاريع الكبرى التي طرحت خلال هذه الفترة، مشروع طرح معمل غاز في مدينة الباب للاستثمار. ولا يزال هذا القطاع هش جداً ولا يحظى باهتمام بالغ من قبل المجالس المحلية والمنظمات ويعزى هذا إلى ضحالة رؤوس الأموال في المنطقة وعدم توفر بنوك ومصارف، وانخفاض مستوى الأمان، والأهم من هذا وذاك عدم توفير بيئة قانونية تدافع عن الحقوق والملكيات وتحفظ لصاحب المال ملكيته وماله.
أما في قطاع التجارة فقد حافظ القطاع على قفزات متتالية بين الفترات المرصودة فمن 24 في النصف الأول لـ 2019 إلى 54 في النصف الثاني لـ 2019 إلى تنفيذ 87 مشروعاً خلال النصف الأول من 2020 مدفوعاً بحجم المناقصات المطروحة على التجار لتوريد سلع وخدمات، كتوريد المياه والمازوت والمعدّات الكهربائية وطباعة الكتب وتوريد قرطاسية وتجهيزات عديدة أخرى سواءً للمخيّمات أو لخارجها.
بقي قطاع الصناعة الأضعف على الإطلاق في هذه الفترة والفترات السابقة بدون إحداث أي خروقات تذكر في هذا القطاع الاستراتيجي والهام، حيث تم تنفيذ مشروع واحد فقط في مجال الاسمنت في بزاعة بريف حلب.
عموماً أظهرت البيانات أعلاه أن عدد المشاريع التي تم تنفيذها في المنطقة المرصودة بين كانون الثاني وحزيران 2020 نحو 457 مشروع موزّعة على القطاعات كافة، وقد تركزت جُل المشاريع في قطاعات النزوح الداخلي والمياه والتجارة والنقل والمواصلات، وحافظت ريف حلب على النسبة الأكبر من المشاريع بنسبة 59% (277 مشروع) فيما حازت إدلب وريفها على نسبة قدرها 41% (177 مشروع).
تُظهر المقارنة بين النصف الأول من 2020 والنصف الثاني من 2019 انخفاضاً في عدد المشاريع في مؤشر التعافي من 564 إلى 457 مشروع نتيجة جملة من العوامل لعلَّ أهمها العملية العسكرية للنظام في ريف إدلب الجنوبي وما تبعها من عملية عسكرية تركية "درع الربيع" والاتفاقات التي تبعتها بين الروس والأتراك ومن ثم الإجراءات المتّبعة فيما يخص فيروس كورونا، وقد تسبب هذا في صرف جُل المشاريع لتخديم النازحين الجدد وتوفير مسكن ملائم وظروف معيشية مناسبة، كما أسهم تردّي الصحة العامة في المنطقة لزيادة فرص العمل في القطاع الطبي عموماً (انظر الشكل 14)، وفيما يلي نسوق جملة من الملاحظات الأبرز على المؤشر مقارنة مع الفترة السابقة:
وبتلمّس جوانب القوة والضعف قي القطاعات المرصودة في مناطق "درع الفرات" و"عفرين" ومحافظة إدلب يظهر ما يلي:
بناء على تحليل البيانات أعلاه وتلمس جوانب القوة والضعف يوصي التقرير بجملة من التوصيات من شأنها توفير أطر رئيسية لعملية التعافي المبكر التي ولا شك تعتبر تحدياً رئيسياً لقوى المعارضة في الشمال السوري، ونذكر إضافة لما ورد في التقارير السابقة، ما يلي: