الدراسات

المسارات

الملفات

الباحثون

التصنيف

تاريخ النشر

-
الثلاثاء, 24 كانون1/ديسمبر 2024 13:32

الحرية بين دوامة الماضي وآمال المستقبل

تشكل لحظات التغيير الكبرى منعطفات حاسمة في حياة الشعوب، فهي تفتح الباب أمام احتمالات واسعة، لكنها في الوقت ذاته تضع الجميع أمام مسؤوليات كبيرة. وفي سورية، حيث تلاشت حقبة طويلة من الاستبداد، يصبح التحدي الأكبر هو اختيار قيادات جديدة قادرة على قيادة البلاد نحو مستقبل أفضل. والسؤال الأهم: هل سنتجاوز أخطاء الماضي أم سنعيد إنتاجها بصور أخرى؟

واقع الشخصيات المألوفة

لطالما اعتمدت المجتمعات في مراحل التحول على شخصيات "مستهلكة"، استنادًا إلى اعتبارات مكانتها أو جملة ممارساتها السياسية أو الاجتماعية، فيعتبرون هذه الشخصيات "آمنة" بالنسبة لهم، بحجة أنَّ أياديها لم تتلطخ بالدماء، ورغم ظاهر الأمر المطمئن؛ إلا أن ذلك لا يكفي، لأن الاعتماد على هذه النماذج غالبًا ما يعيد تدوير نفس الأفكار والممارسات التي أثبتت فشلها خلال عدة عقود مضت.

هذه الشخصيات التي لم تقدم إنجازات تُذكر في الماضي، لن تكون قادرة على تقديم أي جديد في الحاضر. واستمرار وجودها في المشهد العام يُثقل مسار الإصلاح ويُضعف مصداقية العملية الانتقالية، مما يجعلها أقرب إلى إعادة إنتاج النظام السابق بدلاً من تجاوزه.

التحدي الحقيقي اليوم ليس مجرد إيجاد شخصيات "نظيفة"، بل شخصيات قادرة على العمل بجدية وكفاءة. إذ نحتاج إلى قيادات تحمل رؤية واضحة، وخططًا تنفيذية، وجدولًا زمنيًا محددًا لتحقيق الأهداف. فالمطلوب هو تعزيز مبدأ التنافسية بين المؤسسات والوزارات لخدمة الصالح العام، ومحاسبة كل مسؤول يتقاعس عن تحقيق الأهداف. وعلى هذه الشخصيات أن تكون مستعدة لتحمل المسؤولية والعمل بجد لتحقيق نتائج حقيقة وملموسة.

مع اختيار الكفاءات المناسبة، يبرز تحدٍ آخر لا يقل خطورة عما سبق؛ وهو تحميل الشخصيات الجادة أعباءً ضخمة فوق طاقتها، ثم مطالبتها بتحقيق نتائج شبه مستحيلة في وقت قصير. في هذا السياق، قد يُطلب من هؤلاء تصحيح مسارات خاطئة امتدت لأكثر من نصف قرن، والارتقاء بالبلاد بسرعة إلى مصاف الدول المتقدمة.

فهل يمكن لبلد عانى من التخبط لعقود أن يتحول بين ليلة وضحاها إلى نموذج متقدم؟ مثل هذه التوقعات غير الواقعية غالبًا ما تؤدي إلى إفشال القيادات الواعدة وتشويه صورتها أمام الناس، لتصبح المقارنة بينهم وبين من سبقهم –رغم الفارق في الظروف والتحديات– بمثابة الرصاصة القاتلة.

لذلك، يجب أن ندرك أن المقدمات السليمة هي التي تؤدي إلى النتائج المرجوة، وليس العكس. فالإصلاح الحقيقي يتطلب وقتًا وخططًا مدروسة وليس وعودًا زائفة أو عصا سحرية. والتغيير الحقيقي لا يأتي من إعادة إنتاج الماضي، ولا من المطالبات غير الواقعية. ما نحتاجه اليوم هو وعي مجتمعي بأهمية إعطاء الفرصة لشخصيات تحمل مشاريع حقيقية للنهوض بالبلاد التي خرجت من غيبوبة طويلة وبجسد منهك، ولا مجال لإضاعة الوقت في تجارب فاشلة أو خيارات مألوفة. علينا أن ندرك أن التغيير الناجح يتطلب رؤية واضحة، ووقتًا كافيًا، والتزامًا مشتركًا بين القيادات والمجتمع.

المجتمع المدني دعامة التغيير

يلعب المجتمع المدني دورًا محوريًا في دعم مسارات التغيير والإصلاح، فهو يشكل جسرًا بين الحكومة والشعب، ويساهم في تعزيز الوعي العام وتحفيز المشاركة المجتمعية. عبر مؤسساته المختلفة، يراقب الأداء الحكومي ويقدم رؤى وحلولًا مبتكرة للتحديات القائمة، مع تمكين الفئات الشعبية التي قد لا تجد صوتًا في القنوات التقليدية.

إضافة إلى ذلك، يعول على منظمات المجتمع المدني بناء ثقافة الشفافية، حيث تُسلط الضوء على مواطن الخلل وتقترح بدائل عملية. وتُعزز التعاون بين مختلف مكونات المجتمع، مما يُسهم في تقوية النسيج الاجتماعي وتجاوز الانقسامات التي قد تعيق التغيير، بفضل قدرتها على التحرك خارج الإطار الرسمي. لذلك تُمثل منظمات المجتمع المدني عاملًا أساسيًا في الحفاظ على زخم التغيير وضمان استمراريته.

من جهة أخرى، يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تكون حاضنة للإبداع والابتكار. فهي تُوفر مساحة مرنة لتجربة حلول جديدة للتحديات القائمة، كما أن قدرتها على التنسيق بين الجهود المحلية والدولية تمكّنها من جذب التمويل والخبرات التي تساعد في تسريع عملية التعافي الوطني.

لكن في الوقت نفسه، نجاح المجتمع المدني في أداء هذا الدور يتطلب بيئة مشجعة تضمن له الاستقلالية والحرية في العمل. فبدون إطار قانوني يتيح لهذه المنظمات التحرك بحرية، ومناخ سياسي يدعم التعددية، سيكون من الصعب تحقيق الأهداف المرجوة.

لذلك، تُعد الشراكة بين المجتمع المدني ومؤسسات الدولة عاملًا حاسمًا لتحقيق التغيير المنشود. هذه الشراكة يجب أن تقوم على أسس واضحة من التعاون والاحترام المتبادل، بحيث يتم تسخير طاقات المجتمع المدني لدعم الأولويات الوطنية، مع الحفاظ على استقلاليته التي تُمكنه من لعب دوره الرقابي والتنموي بفعالية.

في الختام، يُمثل المجتمع المدني الأمل في الحفاظ على زخم التغيير وضمان استمراريته، ليكون حاميًا للحقوق ومُحفزًا للإصلاح، وحلقة وصل بين الدولة والمجتمع قادرة على تجاوز عثرات الماضي وبناء مستقبل أكثر عدلًا واستقرارًا. فأمام سورية فرصة نادرة للنهضة، ربما لن تدوم طويلاً. علينا أن نتعلم من أخطاء الماضي وأن نختار بعناية الشخصيات القادرة على تحمل المسؤولية وإحداث الفرق. فمستقبل البلاد يعتمد على قدرتنا على تجاوز الأنماط التقليدية واختيار قيادات تمتلك الكفاءة والرؤية. وفرصة التغيير قد لا تتكرر إلا بعد عقود، والتاريخ لن يغفر لمن أضاعها.

التصنيف مقالات الرأي

 ملخص تنفيذي

تحاول هذه الدراسة تسليط الضوء على حرّية الإعلام والصحافة بوصفها جزءاً مهماً من حرّية التعبير والرأي، وبيان مدى أهميتها باعتبارها أصبحت اليوم حقاً بديهياً لا ينازع فيه أحد، ومنصوص عليها في كافة المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان وفي مقدمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي انعكست بهذا الشكل أو ذاك في الدساتير والتشريعات الوطنية للدول، كثير من الدول تعتبر أن الحق في حرّية الإعلام والصحافة وحرّية التعبير والرأي يشكلان حجر الزاوية في الديمقراطية وتحميها بالقانون، في حين تعمد بعض الدول إلى تقييد ممارسة هذا الحق وفق احتياجاتها الوطنية من وجهة نظرها، ودول أخرى ترى أنه لا حرّية لأعداء الدولة وفق تعبيرها. 

في الفصل الأول بينت الدراسة الضمانات التي تحمي حرّية الإعلام وحرّية التعبير في المعاهدات والمواثيق الدولية والإقليمية.

وفي الفصل الثاني توقفت الدراسة مطولاً عند النظام الدستوري والقانوني الحالي في سورية، وبينت إلى أي مدى التزمت فيه السلطة الحاكمة بالضمانات الواردة في العهود والمواثيق الدولية التي وقعت عليها الحكومات السورية المتعاقبة، وكيف انعكست تلك الضمانات في الدستور والتشريعات والقانونية وفي الممارسة على أرض الواقع؟ 

وتوصلت الدراسة في النهاية الى أن المشكلة ليست فقط في القيود الواردة في التشريعات والقوانين المنظمة لحرّية الإعلام والتعبير التي تحدُّ منها وتقمعها، بل وأيضاً في تدخل السلطة التنفيذية والرقابة الأمنية الواسعة على عمل الوسائل الإعلامية وعدم استقلال القضاء.

وأوصت الدراسة بضرورة النص على ممارسة حرّية التعبير والرأي، وحرّية واستقلال الوسائل الإعلامية بشكل محدد وواضح وصريح في الدستور والقوانين، وإلغاء أو تعديل المواد والنصوص القانونية التي تتعارض مع العهود والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان. وتأمين حياد القضاء واستقلاله لكونه الجهة المنوط بها تطبيق القوانين والمؤتمن على حقوق الناس وحرياتهم، والأهم هو إلغاء الحصانات الممنوحة لعناصر الأمن وإخضاعهم للرقابة البرلمانية والحكومية وحصر عملهم في حماية أمن الناس والوطن.

تساؤلات الدراسة

  1. ماهي ضمانات حرّية الإعلام والتعبير والرأي في المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية؟
  2. ماهي ضمانات حرّية الإعلام والتعبير والرأي في النظام الدستوري والقانوني للدولة السورية؟
  3. ماهي القيود القانونية وغير القانونية التي تحدُّ من حّرية الإعلام والتعبير والرأي في سورية؟

فرضيات الدراسة

  1. تفترض الدراسة إن ضمانات حرّية الإعلام والتعبير والرأي في النظام الدستوري والقانوني السوري الحالي ليست متطابقة مع ما نصّت عليه المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وبالتالي فهي لا تكفل حرّية الإعلام ولا حرّية التعبير والرأي.
  2. أن القيود القانونية المفروضة على حرّية الإعلام والتعبير والرأي في سورية لا تحدُّ منها فقط، بل وتقمعها.

أهداف الدراسة

  1. التعريف بحرّية الإعلام وحرّية التعبير والرأي وعناصرها وتطورها.
  2. بيان ضمانات حرّية الإعلام وحرّية التعبير والرأي في المعاهدات والمواثيق الدولية والإقليمية.
  3. بيان مدى التزام النظام في سورية بالمعايير المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق الدولية، وتأثير القيود التشريعية والقانونية والأمنية التي فرضها النظام السوري على حرّية الإعلام والتعبير والرأي.

أهمّية الدراسة

تأتي أهمّية هذه الدراسة من عنوان الدراسة نفسها "حرّية الإعلام" بوصفها ركناً أساسياً ومهماً من "حرّية الرأي والتعبير" التي تعتبر أثمن وأغلى الحقوق التي أكدّت عليها وكفِلتها العهود والمواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، والتي وجدت لها انعكاساً في معظم دساتير وتشريعات الدول كتعبير على مدى أهميتها للإنسان والمجتمع على حد سواء. وترتبط حرّية الإعلام بمختلف أنواعها المكتوبة والمسموعة والمشاهدة ارتباطاً وثيق الصلة بحرّية التعبير والرأي باعتبارها جزءاً لا يتجزأ منها.

ولم يكن مستغرباً ان يتصدّر الحق في حرّية التعبير والرأي مقدمة الحقوق والحرّيات التي نصّت عليها العهود والمواثيق والمعاهدات الدولية، فالإنسان لا يستطيع أن يكون فاعلاً في المجتمع دون أن تُوفر له  طريقة ما للتعبير عن آرائه، ولن يكون قادراً على المطالبة بحقوقه دون أن تؤمن له حّرية الكلام والوسيلة التي تمكّنه من ذلك، فالإنسان بحاجة دائماً إلى طريقة أو وسيلة يستطيع من خلالها معرفة ما يجري في المجتمع الذي يعيش فيه، وما يحيط به من أخطار والاطلاع على الفرص المتاحة أمامه، هذه الوسيلة تتمثل في وجود إعلام حرّ بوصفه الوسيلة والركيزة الأساسية التي يستطيع من خلالها إشراك الغير بما يفكر به وتلقي ما يفكر الأخرون به.

لقراءة الدراسة كاملة اضغط هنا.

التصنيف الدراسات
الأربعاء كانون1/ديسمبر 18
أطلق مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ومعهد السياسة و المجتمع، كتابه الجديد بعنوان: “حرب الشمال: شبكات المخدرات في سوريا، الاستجابة الأردنية وخيارات الإقليم”، ويحلل الكتاب ظاهرة شبكات تهريب المخدرات المنظمة في…
نُشرت في  الكتب 
الإثنين تموز/يوليو 22
المُلخَّص التنفيذي: قسَّمت الدراسة مبناها المنهجي وسياقها المعلوماتي والتحليلي إلى فصول ثلاثة، مثّل الفصل الأول منها: مدخلاً ومراجعة لتاريخ القبائل والعشائر في الجغرافية السورية بشكل عام وفي محافظتي حلب وإدلب…
نُشرت في  الكتب 
الأربعاء آب/أغسطس 23
يأتي نشر هذا الكتاب في وقت عصيب على سورية، خاصة في أعقاب الكارثة الطبيعية التي حلت بالبلاد، إضافة إلى الزلازل السياسية التي شهدها الشعب السوري منذ بداية الثورة السورية عام…
نُشرت في  الكتب 
يرى المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف، في تصريح صحفي لجريدة عنب…
الثلاثاء نيسان/أبريل 02
شارك الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية الأستاذ سامر الأحمد ضمن برنامج صباح سوريا الذي…
الأربعاء تشرين2/نوفمبر 29
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في فعاليات المنتدى الاقتصادي الخليجي…
الجمعة تشرين2/نوفمبر 24
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في رؤية تحليلية للحرب على…
الإثنين تشرين2/نوفمبر 20