ممثلاً بالدكتور عمار قحف والباحث معن طلاع، حضر مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بوصفه أحد أعضاء "المنصة السورية"، ورشة عمل بعنوان: "قطاع الشرطة والأمن العام ودوره في تحقيق بيئة آمنة للمنطقة"، والتي عقدها المنصة السورية للدراسات والأبحاث الأكاديمية عبر لجنة إعادة الاستقرار ومركز دراسات الشرق الأوسط - جامعة حسن قاليونجي، في مدينة اعزاز بالداخل السوري، بتاريخ 13 شباط 2020.
حضر الورشة ممثلين عن مؤسسات الشرطة والأمن العام في المناطق المحررة من الريف الشمالي والشرقي لمحافظة حلب، بالإضافة بقية أعضاء المنصّة, وعديد من مراكز الدراسات ومنظمات المجتمع المدني.
استعرضت الورشة الواقع الأمني وما يعتريه من مشاكل وتحديات، علاوة عن دور الشرطة والأمن العام في المحافظة على الأمن و تقديم الحلول العملية له. كما ساهمت برسم خارطة للعلاقات والروابط فيما بين المؤسسات المختصة وسلطات الحكم المحلي بهدف الوصول إلى بيئة آمنة للمنطقة.
تُعتبر عملية إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية حجر الأساس في أي عملية تحول ديمقراطي، وخاصةً في الدول الخارجة من صراعات، حيث ترتبط تلك العملية ببناء السلام بعد النزاع، الأمر الذي يُشكل الشرط اللازم لإطلاق عملية إعادة الإعمار والتحول الديمقراطي. وفي الحالة السورية، لطالما ارتبطت صورة الأجهزة الأمنية بالقمع والتوحش، وتركزت تلك الصورة بشكل أكبر خلال الثورة السورية عبر الممارسات الوحشية التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية، سواء في الشارع أو في المعتقلات الخاصة بكلٍ منها، الأمر الذي يجعل إعادة هيكلة تلك الأجهزة وعزلها عن التعامل مع المدنيين على رأس أولويات السوريين، وضرورة لبناء السلام بعد سنوات الحرب السورية.
وهنا تظهر أهمية دور وزارة الداخلية، والذي أضعفه نظام الأسد لصالح تقوية الأجهزة الأمنية التي يثق بها لحماية نظامه أكثر من جهاز الشرطة، فعمّد حافظ الأسد ومنذ وصوله للسلطة إلى تقليص صلاحيات وزارة الداخلية وإضعافها عبر جملة من التعديلات الهيكلية التي أجراها على البنية التشريعية والإدارية للوزارة، الأمر الذي أثر سلباً على أداء الجهاز ورجاله، وأعطى الفرصة للأجهزة الأمنية للاستيلاء على كثير من اختصاصات الوزارة. لذلك يسعى هذا المشروع لدراسة وزارة الداخلية السورية باعتبارها الإطار النظري الناظم للعمل الشُرَطي والأمني في سورية، منطلقاً من أهمية الحديث عن إعادة هيكلة وزارة الداخلية، كجزء من إعادة الهيكلة الشاملة للأجهزة الأمنية السورية، ومن الدور الكبير الذي سيترتب على تلك الوزارة أن تلعبه في المستقبل، بعد كف يد الأجهزة الأمنية عن التدخل في حياة المواطنين.
وعليه ستتناول هذه الدراسة الأوليّة، التي تعد خطوة أولى ضمن هذا البرنامج البحثي: تحليل البنية الإدارية والتنظيمية والتشريعية لوزارة الداخلية السورية ومراحل تطورها، مقابل استعراض أقسامها ومديرياتها المختلفة والاختصاصات والمهام المنوطة بكل منها وآليات العمل، وذلك كمدخل لتفكيك المشكلات الحقيقية التي تعاني منها الوزارة على المستويات التشريعية الإدارية و مستويي الكادر البشري والموارد المادية واللوجستية، وصولاً إلى إشكاليات العلاقة مع المؤسسات والأجهزة الأمنية الأخرى، سواء هيمنة شعبة الأمن السياسية أو باقي الأجهزة الأمنية المتغولة على عمل الوزارة، مستندةً في ذلك إلى مسح الأدبيات الخاصة بوزارة الداخلية السورية، إضافة إلى ورشات التركيز والمقابلات الميدانية مع أصحاب الخبرة من الضباط المنشقين عنها ضمن مختلف الرتب والاختصاصات.
وذلك تمهيداً للمراحل اللاحقة في البرنامج، والمتمثلة بدراسة وبلورة رؤية إصلاحية تتمحور حول ما يمكن تعديله على عمل الوزارة في المستويات التشريعية والبنيوية والوظيفية والوصل إلى اقتراح حزمة من التوصيات في هذا الإطار، استناداً إلى دراسة تجارب بعض الدول واختيار الأنسب والأقرب إلى الحالة السورية. وذلك استكمالاً لسلسلة البحوث والدراسات التي أنجزها وينجزها مركز عمران في تحليل وتقييم بيئات عمل مؤسسات الدولة السياسية والقانونية والإدارية، بما تمليه مرحلة ما بعد النزاع من ضرورات الإصلاح.
بغض النظر عن الترهّل والفساد التدريجي الذي اعترى وزارة الداخلية في سورية إبّان فترة حكم آل الأسد؛ إلا أنّ هذه الوزارة تعتبر من الوزارات السيادية العريقة، ليس لأنّ النظام السوري أراد لها ذلك، ولكن لأن إحداثها بموجب المرسوم التشريعي رقم /77/ لعام 1947 كان على أسس وقواعد صحيحة فيما يتعلّق بالأصول الدستورية والقانونية والأوامر والقرارات التي أُسست عليها وزارة الداخلية، بالإضافة لاعتمادها في نظامها الداخلي على بعض القوانين الفرنسية والاستفادة بشكل عام من تجارب الدول المتقدّمة. إذ يُمكننا القول إن أول هيكلية لجهاز الشرطة في سورية كانت في العام 1928 إبان الاحتلال الفرنسي لسورية، حيث صدرت الهيكلية وفق التقسيمات التالية: (القسم العدلي، القسم الإداري، التفتيش، الشعبة السياسية، التحري والأبحاث، الديوان، المحاسبة، مفوضية المركز، الضابطة الأخلاقية، الخطوط الحديدية، السير، الفرسان، الحرس، المدرسة، السجل، المستودع، الطبابة، ديوان التأديب، مجلة الشرطة).
ثمّ كان صدور نظام خدمة الشرطة بالقرار رقم /1962/ تاريخ 25/03/1930، وهو نظام ساري في معظم مواده حتى اليوم، والذي استُمد من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسية، حيث عرّفت المادة الأولى من هذا القرار الشرطة بما يلي: "شرطة الجمهورية العربية السورية قطعة مرتبطة بوزير الداخلية، وقد أُحدثت لتسهر على الأمن وتقوم بالمحافظة على السكينة وتنفيذ القوانين". وكان جهاز الشرطة في ذلك الوقت يُقسم إلى هيئتين منفصلتين من حيث طبيعة ومكان عمل كلّ منهما: "الدّرَك" وهي هيئة مخصصة لأمن الأرياف (القرى) وطرق المواصلات، أما مهمتها في المدن فتنحصر في مساعدة ما يعرف آنذاك بـ "الشرطة الملكيّة"، وهي الهيئة المعنية بحماية وتوطيد النظام وأمنه في ذلك الوقت، وينحصر عملها ونشاطها في السجون ودور الحكومة ومركز رئيس الدولة والمصارف.
وقد استمرّ العمل بهذا النظام حتّى العام 1958، حيث صدر القانون رقم /118/ بتاريخ 13/03/ 1958، والذي قضى رسمياً بتوحيد الدرك والشرطة واستبدال كلمة الدرك حيثما وجدت بكلمة الشرطة، ومن ثم صدر القانون رقم /14/ بتاريخ 13/04/1958، والذي نصّ على إحداث مجلس أعلى للشرطة وحدد اختصاصات الشرطة في المادة الثانية منه وفق ما يلي: "تختص هيئة الشرطة بالمحافظة على النظام والأمن العام، وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها وحماية الأرواح والأعراض والأموال وتنفيذ ما تفرضه الأنظمة والقوانين". ومن هذا التعريف نستدل على أن المُشرّع قد أعطى لجهاز الشرطة صلاحيات تشمل مختلف أوجه النشاط في الدولة، سواء من الناحية الإدارية أو التنفيذية أو القضائية، باعتبارهم مساعدين للنائب العام أو ضابطة عدلية مساعدة.
ثم بدأ التحول من مفهوم الشرطة إلى مفهوم قوى الأمن الداخلي، وكانت إشارة البداية مع صدور المرسوم رقم /196/ تاريخ 11/12/1961 الذي أطلق تسمية قائد قوى الأمن الداخلي وألغى المجلس الأعلى للشرطة ومن ثم من خلال المرسوم رقم /67/ بتاريخ 24/03/1965، الذي صدر بعنوان "مهمّة قوى الأمن الداخلي"، ومن هنا أضحى تعبير جهاز قوى الأمن الداخلي رديفاً لكلمة الشرطة، وقد نصت المادة الأولى من المرسوم رقم /67/ لعام 1965 على أنّ قوى الأمن الداخلي من القوى الفرعية العاملة في القوات المسلحة ومرتبطة بوزير الداخلية ومتخصّصة بالأعمال والمهام المنوطة بها وفقاً للأنظمة المرعية، وتتألف من ضباط وصف ضباط وأفراد، وتتمتع وتستفيد هي ورجالها حُكماً من جميع الحقوق والمزايا الماديّة والمعنوية، ومن كافة الاستثناءات والاعفاءات التي يتمتّع بها ويستفيد منها الجيش العربي السوري ورجاله([1]).
يمكن القول بأنّ تشكيلات الشرطة قد خضعت لتغييرات مختلفة أثّرت بشكل كبير على مؤسسة الشرطة شكلاً ومضموناً، فقد انسحب التغيير في شكل وهيكل هذا الجهاز إلى مضمونه وآليات عمله التي ترتبط كلّيّاً بشكل هذا الهيكل من حيث المسؤوليات والصلاحيات الملقاة على عاتق القائمين عليه. وهنا نورد أهم الصكوك القانونية التي رسمت شكل جهاز الشرطة السورية منذ نشأته ولغاية الآن ([2]):
إنّ التراكم في المشكلات والمعوّقات دون إيجاد الحلول أدّى بجهاز قوى الأمن الداخلي إلى التردّي والتراجع المترافق مع عدّة عوامل ساهمت في رفع معدّلات الجريمة بعد العام 2000 إلى مستويات غير مسبوقة ومن أهم هذه العوامل ([4]):
هذه العوامل وغيرها أدّى إلى حدوث منعطفات خطيرة في مسارات مكافحة الجريمة، وجعل من الصعب جدّاً تدارك الأمور بسبب عدم استشعار الخطر مُسبقاً وتركه يتفاقم إلى أن وصل إلى ذروته، وعندها وفي العام 2009 تداعى القائمون والمسؤولون عن الأمن إلى إيجاد الحلول المناسبة لتدارك هذا الخطر من خلال عقد عدّة اجتماعات على مستوى مكتب الأمن القومي آنذاك، والذي خَلص إلى وضع خطّة أطلق عليها خطّة "خفض نسبة الجريمة في سورية" تقودها وزارة الداخلية وتتظافر جهود كافّة الوزارات من أجل تحقيق أهدافها؛ إلّا أّنّ هذه الخطّة بقيت مجرّد خطاب إعلامي دون تحقيق الغايات المرجوّة.
ومع اندلاع الثورة السورية في العام 2011، جرى إقحام رجال الشرطة بأعمال عسكرية قتالية ضد أبناء الشعب السوري، وهذا ما أدّى لارتكاب بعض رجال الشرطة انتهاكات خطيرة من قتل وتعذيب، مما سبب ازدياد المسافة والهوة ما بين الشرطة والمجتمع.
يمثل استعراض بُنية وزارة الداخلية السورية، ضرورة لرسم صورة واضحة عن طبيعة عمل الوزارة وهياكلها التنظيمية والإدارية والصلاحيات والمهام المنوطة بكل منها وطبيعة الكادر البشري الذي يضطلع بتلك المهام والتعرف على العقيدة والفلسفة التي من المفترض أن تنظم عمله وتمثل بوصلته، وفقاً لما يلي ([5]):
تتكون وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية بشكل عام من جهازين:
ويمكننا تقسيم وزارة الداخلية في سورية إلى قطاعين، وذلك بحسب الأعمال التي تقوم بها، وفقاً لما يلي:
بحسب إحصاءات العام 2011، فإن عدد العاملين في وزارة الداخلية من عسكريي قوى الأمن الداخلي بلغ 43000 شرطي، بمعدل شرطي واحد لكل 400 مواطن تقريباً، بل أكثر، على اعتبار أن عسكريي قوى الأمن الداخلي ضمن الرقم المذكور ليسوا جميعهم على احتكاك مباشر وميداني مع المواطنين، في حين أن المعدل العالمي هو شرطي واحد لكل 300 شخص تقريباً. أما بالنسبة للمؤهلات العلمية للعاملين في وزارة الداخلية، فتتوزع على الشكل التالي ([6]):
يناط بوزارة الداخلية في سورية حفظ الأمن والنظام العام وحماية الحريات العامة والشخصية، وتنفيذ سياسة الدولة وتوجيهاتها وخططها فيما يتعلق بهذه المهام، وممارسة المهام والاختصاصات الموكلة إليها بمقتضى القوانين والأنظمة النافذة، والتي يمكن إجمالها بما يلي ([7]):
وزير الداخلية وصلاحياته:
تُعتبر وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية شخصية اعتبارية يمثلها وزير الداخلية أمام الغير، وله أن ينيب عنه في ذلك أحد معاونيه، أو أحد رؤساء الوحدات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة النافذة. ويمارس وزير الداخلية الصلاحيات التالية ([8]):
يتبنى جهاز قوى الأمن الداخلي في سورية "فلسفة وعقيدة" للوصول إلى غاياته المتمثلة في تحقيق الأمن والأمان والطمأنينة للمجتمع، ويمكن تلخيص هذه العقيدة والفلسفة بعدة مبادئ "كان من المفترض أن تًشكل حجر الأساس في عمله"، وعلى رأسها ([9]):
يعتري عمل وزارة الداخلية السورية جُملة من المشكلات الحقيقية، والتي يمكن القول بأنها تفاقمت من بعد العام 1970، حيث أصبح هناك تراجع تدريجي في عمل الوزارة وصولاً إلى بروز مشكلات كبيرة وعوائق أثرت سلباً على عمل الجهاز وأداء رجاله، ويمكن إجمال تلك العوائق على عدة مستويات، بما يلي:
تعاني وزارة الداخلية السورية من عدة إشكاليات مزمنة على المستوى الإداري التنظيمي، إضافة إلى مستوى التشريعات والقوانين الناظمة لعملها، ولعل أبرزها ([10]):
والأمر ذاته بالنسبة لعناصر الشرطة المفرزين إلى شعبة الأمن السياسي، حيث يتم فرزهم إلى فروع الشعبة من قبل رئيس شعبة الأمن السياسي ([13])، وكذلك فإن عقوباتهم من قبل رئيس الشعبة دون مصادقة وزارة الداخلية. وفي الحقيقة فإن شعبة الأمن السياسي هي من تراقب فعلياً وزارة الداخلية ابتداءً من وزير الداخلية وحتى أصغر عنصر فيها، ومن أكبر الوحدات الشرطية إلى أصغر وحدة شرطية. وهي من تقوم بتقييم أداء الوزارة ووحداتها وتقييم الضباط وصف الضباط والأفراد. كما يحق للشعبة من خلال فرع أمن الشرطة المركزي وأقسام أمن الشرطة التابعين لفروع الأمن السياسي في المحافظات استدعاء من يشاؤون من ضباط وصف ضباط وعناصر الشرطة والتحقيق معهم وتوقيفهم في حال وجود ما يستوجب ذلك من ناحية الفساد أو الاشتباه بالفساد أو بتهمة التديّن ومناهضة النظام ([14]). الأمر الذي يؤدي إلى توليد مشكلات دائمة ما بين رئيس شعبة الأمن السياسي ووزير الداخلية والتي تؤثّر سلباً على عمل الجهتين.
تعاني وزارة الداخلية مشكلات عدة على مستوى الكادر البشري العامل، من حيث العدد والكفاءة، الأمر الذي يؤثر سلباً على وظائف الجهاز وأداء رجاله، وتتوزع أبرز تلك المشكلات، وفقاً لما يلي ([17]):
إضافة إلى الإشكاليات السابقة، تعاني وزارة الداخلية في سورية من إشكاليات حقيقية على مستوى الموارد المادية والتجهيزات اللوجستية، والتي تعتبر من العوامل الرئيسية لنجاح الوزارة في أداء مهامها، وتتوزع أبرز تلك الإشكاليات، وفقاً لما يلي ([21]):
يظهر من خلال الدراسة عمق وتشابك المشكلات التي تعتري وزارة الداخلية السورية، ولكن بالمقابل فإن تفكيك تلك المشكلات وتصنيفها يُشير إلى أنها ليست عصية على الحل، وإنما تحتاج إلى دراسة معمقة واستنارة بتجارب دول لها ذات البنية الأمنية لسورية وعاشت فترة تحول ديمقراطي، وذلك للوصول إلى خطة إعادة هيكلة شاملة للوزارة، تبدأ من تصحيح البنيّة التشريعيّة لإعادة الصلاحيات التي سلبت من الوزارة ومنحت للأجهزة الأمنية، وتحويل الوزارة إلى مؤسسة داعمة للديمقراطية عبر تعيين وزير مدني وإعادة منصب قائد قوى الأمن الداخلي واختياره من ضباط الشرطة وليس الجيش.
بالإضافة إلى إصلاح العلاقة وتوضيحها بين جهاز الشرطة والجهاز القضائي وتفعيل مؤسسات الرقابة على عمل الشرطة عبر اللجان البرلمانية. كما أن أي عملية إعادة هيكلة لابد أن تركز على الإصلاح الإداري وتخفيف البيروقراطية التي تعيق عمل الوزارة، ورفع الظلم عن منتسبي جهاز الشرطة لناحية الرواتب والمكافآت، إضافة إلى ساعات العمل وقانون الترفيع والتقاعد، وهذا ما سيشكل مقدمة لمكافحة الفساد داخل الوزارة.
وهذا سيتطلب إعادة النظر في الميزانية المخصصة للوزارة وزيادتها عبر تقليص ميزانية الأفرع الأمنية، مما سيتيح تحديث موارد الوزارة اللوجستية من آليات ووسائل تقنية حديثة تساهم في رفع كفاءة جهاز الشرطة، ناهيك عن القدرة على رفع أعداد المنتسبين لسد النقص بشكل يسمح ببسط الأمن على كامل الجغرافية السورية. ومن المهم جداً أن تُربط خطة إعادة هيكلة وزارة الداخلية بملف العدالة الانتقالية كمقدمة لإصلاح العلاقة بين أجهزة الوزارة والمواطنين، وذلك عبر محاسبة الضباط المتورطين في أعمال القتل والتعذيب والفساد خلال الثورة السورية، وإعادة الضباط وصف الضباط والأفراد المنشقين عن الوزارة رفضاً للتورط في أعمال القتل، والذين تبلغ نسبتهم ما يقارب ثلث منتسبي الوزارة.
تنقسم ملاحق الدراسة إلى ملحقين رئيسيين، يوضح الأول: مهام وصلاحيات قائد قوى الأمن الداخلي في سورية، فيما يشرح الملحق الثاني عبر الأشكال التوضيحية: الخارطة التنظيمية لوزارة الداخلية السورية بإداراتها وأقسامها وفروعها وشعبها المختلفة ([23]):
الملحق رقم (1): مهام وصلاحيات قائد قوى الأمن الداخلي
بما أن قيادة قوى الأمن الداخلي مرتبطة بوزير الداخلية؛ فتشكيل الشرطة وإدارة شؤونها وتنفيذ جميع أقسام خدماتها بطريقة نظامية من اختصاص الوزير ضمن حدود النصوص النافذة (المرسوم التشريعي رقم 77 لعام 1947 وتعديلاته مع القانون رقم 14 لعام 1958 وتعديلاته، والمرسوم التشريعي رقم 67 لعام 1965، والمرسوم التشريعي رقم 142 لعام 1966، والمرسوم التشريعي رقم 196 لعام 1962 المعدل بالمرسوم التشريعي رقم 101 لعام 1963)، وقد صدر قرار وزير الداخلية رقم 848 تاريخ 1965/05/31 المتضمن صلاحيات واختصاصات قائد قوى الأمن الداخلي وهي:
المُلحق رقم (2): الخارطة التنظيمية لوزارة الداخلية السورية
الشكل رقم (1): يوضح هيكلية وزارة الداخلية السورية بمستوياتها الإدارية وأقسامها وأفرعها المختلفة.
قيادات الشرطة في المحافظات: وتتبع لوزارة الداخلية وتمثلها على مستوى المحافظة، وتتكون من:
الشكل رقم (2): يوضح هيكلية قيادة شرطة المحافظة بأقسامها ومديرياتها وأفرعها.
([1]) "التشريعات والقوانين الناظمة لعمل وزارة الداخلية"، تقرير غير منشور صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية.
([3]) للاطلاع على تفاصيل القانون، يرجى مراجعة الرابط التالي: https://bit.ly/2QukH9t
([4]) تم تلخيص تلك العوامل من خلال مجموعة مقابلات ميدانية أجراها الباحث مع عدد من ضباط وزارة الداخلية المنشقين عن إدارات وفروع (الهجرة والجوازات، مكافحة المخدرات، مكتب الدراسات والأبحاث)، وقد تمت المقابلات على فترات متقطعة خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2018. حيث أضافوا إلى العوامل السابقة؛ موجات الهجرة من الجزيرة السورية إثر جفاف نهر الخابور بعد العام 2005، إضافة إلى دخول عدد كبير من الأجانب إلى سورية بعد العام 2003، وتحديداً العراقيين الذين بلغ عددهم في تلك الفترة مليون وثمان مائة ألف نسمة، مقابل تساهل الوزارة معهم فيما يتعلق بالثبوتيات الشخصية.
([5]) للاطلاع بشكل تفصيلي على الخارطة التنظيمية لوزارة الداخلية السورية بأجهزتها وإدارتها المختلفة وتراتبية ومستويات القرار فيها، راجع الملحق رقم (2).
([6]) اتصال هاتفي أجراه مدير وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع مقدم منشق عن وزارة الداخلية السورية، عمل في المكاتب الإدارية ضمن الوزارة، الاتصال بتاريخ: 5تشرين الأول/أكتوبر 2018.
([7]) وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية: الهيكل والمهام والصلاحيات، تقرير غير منشور صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات.
([8]) وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية: الهيكل والمهام والصلاحيات، مرجع سبق ذكره.
([10]) تم استخلاص هذه النتائج وبلورتها من خلال جلسة تركيز مطولة، تحت عنوان: "إشكاليات وزارة الداخلية ومعوقات العمل"، عقدتها وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع مجموعة من ضباط الشرطة المنشقين عن وزارة الداخلية السورية، ضمن مقر مركز عمران في مدينة إسطنبول، بتاريخ: 12-13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.
([11]) قائد قوى الأمن الداخلي كان يحوز على معظم مهام وزارة الداخلية بشكل فعلي وكان حينها رجل الأمن الأول في سورية، أما منصب وزير الداخلية فكان منصب سياسي، ولم تكن الأجهزة الأمنية الموجودة حالياً في سورية تتمتّع بالسطوة التي عليها الآن وبعضها لم يكن موجود أصلاً في تلك الفترة. وكانت تسيطر وزارة الداخلية في تلك الفترة على اختصاصات الأمن في البلاد. وكان منصب قائد قوى الأمن الداخلي يتولاه شخصيات وطنية مشهود لها بالثقافة المسلكية والنزاهة والكفاءة وكان ضابطاً من أبناء السلك ممن تدرجوا في المناصب الوظيفية العاملة بوزارة الداخلية وممن يتمتعون بقوة الشخصية، وكان الهم الأول لمن يتولون هذا المنصب تحقيق الأمن والاستقرار والطمأنينة في عموم البلاد. وما إن تولى حافظ الأسد الحكم في سورية في عام 1970 حتى أصدر المرسوم التشريعي رقم 1623 لعام 1970 القاضي بإعادة هيكله وزارة الداخلية وإلغاء منصب قائد قوى الأمن الداخلي وإحداث منصبي معاوني وزير الداخلية.
([12]) مقابلة ميدانية أجراها مدير وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع ضابط منشق عن شعبة الأمن السياسي في وزارة الداخلية السورية، ضمن مقر مركز عمران في مدينة إسطنبول، بتاريخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.
([13]) كما تقوم شعبة الأمن السياسي بعملية انتقاء ضباط وصف ضباط وعناصر، وهم خلال خدمتهم في الدورة، بشكل يخالف فرز الدورات عبر الوزارة.
([14]) وتقوم شعبة الأمن السياسي باستدعاء ضباط الوزارة للتحقيق معهم وتوقيفهم ومحاسبتهم دون إذن الجهة المسؤولة عنهم، وذلك خلافاً لقوانين الوزارة وتعميماتها، فيما يخص المثول أمام جهة أمنية إلا بعد موافقة قائد الشرطة أو مدير الإدارة، حسب تابعية الشخص.
([15]) لا يُقبل في جهاز الشرطة أي عناصر ينتمون إلى أحزاب أخرى غير حزب البعث الحاكم، وقد يتم قبول عسكريين حياديين لا ينتمون إلى أي أحزاب أخرى ولكن عددهم قليل جدّاً. هذا فيما يتعلّق بصف الضباط والأفراد، ولكن بمجرّد التطوّع بجهاز الشرطة يتم العمل على تنسيبهم لحزب البعث الحاكم ومن لا يقبل بذلك يتم فرزهم إلى أعمال إدارية في مناطق نائية، أما بالنسبة للضباط الذين يرغبون في التطوع في وزارة الداخلية فيجب أن يكون بعثيين حتى يتم قبول تطوعهم. ويوجد في وزارة الداخلية فرع لحزب البعث خاص بقوى الأمن الداخلي، يرأسه إما وزير الداخلية أو رئيس شعبة الأمن السياسي (الأقدم رتبة)، ويوجد في كل قيادة شرطة شعبة للحزب تنقسم إلى فرق حزبية، حسب تعداد العناصر في الوحدات الشرطية، ويتم عقد اجتماعات الحلقات الحزبية في مقرات الوحدات الشرطية.
([16]) لم يجري في سورية أي حملة لمكافح الفساد على مستوى وزارة الداخلية وشعبة الأمن السياسي بشكل منهجي ومدروس؛ وإنما كان هناك ردود أفعال على شكاوى معيّنة، أو تصفية حسابات ما بين الوزير السابق واللاحق ورئيس شعبة الأمن السياسي السابق واللاحق أيضاً، فكان يتم إبّان فترة حكم بشار الأسد بين فترة وأخرى تسريح وإنهاء خدمة عدد من الضباط، بعضهم لأسباب حقيقية ونتيجة دورهم بالفساد وآخرين بدون مبرّر، وذلك نتيجة لتصفية حسابات قديمة، أو لتديّنهم ،أو تقييماتهم الأمنية، وأحياناً لارتكاب مخالفات لا تستوجب الطرد والتسريح وإنهاء الخدمة.
([17]) تم استخلاص هذه النتائج وبلورتها من خلال جلسة تركيز مطولة، تحت عنوان: "إشكاليات وزارة الداخلية ومعوقات العمل"، عقدتها وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع مجموعة من ضباط الشرطة المنشقين عن وزارة الداخلية السورية، ضمن مقر مركز عمران في مدينة إسطنبول، بتاريخ: 12-13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.
([18]) يوجد في وزارة الداخلية بشكل عام، والوحدات الشرطية التابعة لها في المحافظات السورية ما يسمى بالملاك النظري والموجود الفعلي.
([19]) منذ مجيء بشار الأسد للسلطة في عام 2000 كان متحاملاً على وزارة الداخلية؛ بسبب إيمانه وقناعته أن هذه الوزارة ليست كباقي الأجهزة الأمنية في ولائها له ولوالده من قبله وباعتبارها الحلقة الأضعف قياساً بباقي الاجهزة الأمنية، فعلى الرغم من أن وزارة الداخلية تعتبر وحدة من وحدات الجيش والقوات المسلحة؛ إلّا أنه لم يمنحها أي ميزة من ميزات الجيش فيما يتعلق بالتعويضات والمكافآت وتعويض نهاية الخدمة، والسيارات التي يحصل عليها ضباط الجيش المعفاة من الجمارك في نهاية الخدمة. كما سار بشار الأسد على نهج والده في تعيين وزير الداخلية من خارج جهاز الشرطة؛ فإما أن يكون تعيينه من المدنيين (مثال ذلك: محمد حربا) في فترة الأسد الأب، أو من ضباط المخابرات العسكرية في فترة الأسد الابن (اللواء علي حمود – اللواء سعيد سمور واللواء محمد الشعار) وجميعهم ضباط مخابرات عسكرية، وحتى رؤساء شعبة الأمن السياسي فقد كانوا من الجيش والأمن العسكري (اللواء عدنان بدر حسن هو ضابط جيش، اللواء غازي كنعان واللواء محمد منصورة واللواء محمد ديب زيتون) فهم ضباط مخابرات عسكرية، (اللواء نزيه حسون هو ضابط مخابرات عامة، وأخيراً اللواء محمد رحمون فهو ضابط مخابرات جوية)، حيث لم يتم في عهد الأسدين الوثوق بضباط الشرطة في تعيينهم كوزراء داخلية أو رؤساء شعبة الأمن السياسي.
([20]) تقوم الوزارة أحياناً بقبول صف ضباط من حملة المعاهد التجارية والمعلوماتية، ضمن اختصاصات المحاسبة والمالية وغيرها، إضافة إلى خريجي معاهد التمريض الذين يتم فرزهم إلى مشافي الشرطة، مقابل التعاقد مع مهندسين ضمن بعض الفروع والإدارات، مثل إدارة المركبات.
([21]) تم استخلاص هذه النتائج وبلورتها من خلال جلسة تركيز مطولة، تحت عنوان: "إشكاليات وزارة الداخلية ومعوقات العمل"، عقدتها وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع مجموعة من ضباط الشرطة المنشقين عن وزارة الداخلية السورية، ضمن مقر مركز عمران في مدينة إسطنبول، بتاريخ: 12-13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.
([22]) يعاني صف ضباط وأفراد وزارة الداخلية من ضعف رواتبهم وأجورهم قياساً بباقي موظفي الدولة، وذلك كونهم لا يتبعون لقانون العاملين الأساسي في الدولة، وإنما لقانون الموظفين رقم 135 لعام 1945 وتعديلاته، حيث أنّ أساس راتب هؤلاء العسكريين متدني، بالإضافة إلى أن عناصر الشرطة يخضعون لنظام الاحتراف الذي قد تبلغ مدته تسعة سنوات، وبالتالي لا ينالون درجات الترفيع إلّا بعد انقضاء هذه الفترة حيث يحصلون على درجات الترفيع بمعدل كل سنتين، ولكون خدمة الشرطي وصف الضابط محددة بالقانون حتى سن الخمسين عام فنصف خدمتهم تقريباً تكون دون زيادة في الراتب، وهذا يعتبر أحد أسباب تفشّي الفساد في وزارة الداخلية.
([23]) وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية: الهيكل والمهام والصلاحيات"، تقرير غير منشور صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات.