تمهيد
أعلنت حكومة تسيير الأعمال السورية عن إصدار نشرة موحدة للرسوم الجمركية بداية شهر كانون الثاني 2025 تُطبّق على كافة المعابر البرية والبحرية في البلاد. وتهدف النشرة إلى تحقيق توازن بين حماية المنتج المحلي الذي يعاني من ضعف في التنافسية، وتخفيف العبء الاقتصادي على المواطنين الذين يعيش أغلبهم تحت وطأة الفقر المدقع وتراجع القوة الشرائية.
تُعد السياسة الجمركية أداة محورية في إدارة الاقتصاد، إذ تتجاوز دورها التقليدي في تحصيل الإيرادات إلى كونها وسيلة استراتيجية لدعم الصناعات المحلية وتعزيز التجارة وتحقيق استقرار الأسعار. ومع ذلك، تواجه هذه السياسات تحديات مزدوجة: فمن جهة أولى؛ يتطلب دعم المنتج المحلي وضع قيود مناسبة على الاستيراد لحمايته من المنافسة الخارجية، ومن جهة ثانية؛ ينبغي الحد من ارتفاع تكاليف السلع المستوردة لتجنب إرهاق المواطنين بزيادة الأسعار.
تسلط هذه الورقة الضوء على جذور المشكلة في السياسة الجمركية في ظل نظام الأسد، والإجراءات التي تم تبنيها بعد سقوطه من قبل حكومة تسيير الأعمال، مع تقديم مقترحات للوصول إلى سياسة جمركية متوازنة.
السياسة الجمركية السابقة: اختلالات وانتكاسات
أسفرت السياسات الجمركية المتبعة قبل العام 2011 وخلال الثورة عن اختلالات جوهرية، إلى تدهور الاقتصاد المحلي وزيادة معاناة المواطنين. ويمكن تلخيصها كما يلي:
- ارتفاع الرسوم الجمركية وتعددها: فرض النظام رسوماً جمركية مرتفعة تجاوزت في بعض الحالات 100% من قيمة السلع المستوردة، ووصل عددها لأكثر من 10 رسوم، مما جعل تكاليف الاستيراد مرتفعة بشكل غير مبرر. ومع ذلك، كانت الحصيلة الجمركية متدنية جداً بسبب التهرب الجمركي؛ حيث بلغت إيرادات الرسوم الجمركية بين 2005 و2011 حوالي 3.79 مليار دولار، ما يشكل 3.6% فقط من قيمة المستوردات البالغة 105.06 مليار دولار. وفي العام 2013، انخفضت نسبة الإيرادات الجمركية إلى حجم المستوردات من 3.6% إلى 2.5%، مما يشير إلى تصاعد عمليات التهرب الجمركي([1]).
- غياب الاستراتيجية لدعم المنتج المحلي: على الرغم من ارتفاع الرسوم الجمركية وخفضها على المواد الأولية؛ إلا أن العوائد الناتجة لم تسهم في دعم الصناعات الوطنية. وبدلاً عن ذلك، زادت تكاليف الإنتاج المحلي بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام والمعدات المستوردة، ما جعل المنتجات المحلية أقل تنافسية مقارنة بالسلع المستوردة، وأضعفَ فرص التوسع الصناعي، وتراجع الإنتاج المحلي، إضافة إلى زيادة الاعتماد على الاستيراد، وقد أدى ذلك إلى تفاقم العجز في الميزان التجاري وزيادة الضغوط على الاقتصاد الوطني، إذ بلغت نسبة تغطية الصادرات للمستوردات 50% عام 2010 وتراجعت إلى 28.8% في العام 2014، الأمر الذي أدى إلى خسارة كبيرة في الميزان التجاري بلغت 3.5 مليار دولار([2]).
- الاحتكار والفساد: سيطر النظام على عمليات الاستيراد عبر شبكة من رجال الأعمال المقربين منه، وبالتالي عزز الاحتكار وأضعف المنافسة. كما انتشرت الإتاوات والرشاوى بشكل كبير، فأصبحت التكاليف غير الرسمية جزءاً من العملية التجارية، مما أدى إلى زيادة إضافية على الأسعار.
- انعكاسات العقوبات الدولية: فُرضت عقوبات دولية واسعة النطاق على سورية، صعّبت استيراد المواد الأولية والتقنيات اللازمة للصناعات المحلية. وقد ساهم هذا الأمر في تراجع الإنتاجية وارتفاع كلفة الإنتاج المحلي، فزاد اعتماد الاقتصاد على السلع المستوردة.
- ارتفاع عام في الأسعار: أدت السياسات الجمركية غير المدروسة إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية، مثل الدقيق والسكر والزيوت، فزادت معدلات الفقر واعتماد المواطنين على المساعدات الإنسانية بعد العام 2011. كما تضررت شريحة واسعة من التجار الصغار، الذين لم يتمكنوا من منافسة التجار المحسوبين على النظام أو تحمل التكاليف الجمركية المرتفعة. وتشير بيانات حكومية إلى أن معظم الإيرادات الجمركية جاءت من الشرائح الدنيا للسلع كما يظهر في الجدول رقم (1)، بينما استفادت الشرائح العليا للمستوردات من السلع المصنعة والكمالية من التخفيضات الكبيرة، وهو ما زاد من الفجوة الاقتصادية.([3])
- التشظي الجغرافي: أدى تقسيم سورية إلى أربع مناطق نفوذ خلال الصراع إلى تعدد السياسات الجمركية والإجراءات المتعلقة بالاستيراد والتصدير. وقد ساهم هذا الوضع في خلق بيئة اقتصادية غير متجانسة، حيث فرضت كل جهة رسوماً وتعرفة جمركية خاصة بها، مما أدى إلى تباين التكاليف وتعقيد التجارة بين المناطق.
- ارتفاع التهرب الجمركي: تشير البيانات في الجدول أدناه إلى انخفاض حاد في إيرادات رسوم الجمارك من 43.6 مليار ليرة سورية عام 2010 إلى 14.2 مليار ليرة عام 2013، وهو ما يمثل تراجعاً بنسبة 67.4%. ويعكس هذا الانخفاض تدهوراً في حجم النشاط التجاري والاستيراد. كما انخفضت أيضاً نسبة إيرادات الرسوم الجمركية من إجمالي المستوردات خلال نفس الفترة من 3.6% إلى 2.5%، ممّا يشير إلى تصاعد عمليات التهرب الجمركي وضعف كفاءة الإدارة الجمركية. ويتضح أيضاً أن مساهمة الشريحة الأعلى من 40% في الإيرادات الجمركية تراجعت من 38.8% عام 2010 إلى 6.7% فقط في 2013، الأمر الذي يعكس تحولاً في طبيعة السلع المستوردة نحو السلع ذات الرسوم المنخفضة. في المقابل، ارتفعت مساهمة الشريحة الأقل من 40% إلى 93.2% في 2013، مما يدل على اعتماد التجار بشكل أكبر على استيراد السلع الأساسية والرخيصة لتلبية احتياجات السوق. ويعكس هذا التحول في هيكل الإيرادات الجمركية تراجع استيراد السلع الكمالية أو تلك التي تحمل رسوماً مرتفعة نتيجة انخفاض القوة الشرائية وتراجع الطلب عليها. في الوقت نفسه، استمر الضغط على الشرائح الفقيرة التي تعتمد على السلع الأساسية، حيث بقيت الرسوم الجمركية المفروضة عليها مرتفعة نسبياً، مما زاد من معاناة المواطنين([4]).
ويجدر التنويه في هذا السياق، إلى أنه رغم سقوط النظام، لا تزال معظم تلك الاختلالات حاضرة بشكل أو بآخر وتلقي بظلال سلبية على الاقتصاد الوطني وتزيد من الأعباء المعيشية على المواطنين.
التعرفة الجمركية الجديدة: مطبات اقتصادية واجتماعية
بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول 2024، أعلنت حكومة تسيير الأعمال عن سلسلة قرارات تهدف إلى إصلاح السياسات الجمركية لتخفيف الأعباء عن المواطنين والمنتجين ودعم الاقتصاد الوطني، وشملت القرارات الجديدة ما يلي([5]):
- إلغاء رسوم عديدة، بلغت 10 رسوم، منها "رسم الضميمة".
- تحرير حركة الاستيراد من القيود التعسفية التي كانت تعيق التجارة.
- معالجة قضايا الفساد والمحسوبيات التي انتشرت في المديرية العامة للجمارك عبر حزمة من القرارات الإدارية.
- حلّ الضابطة الجمركية بجميع مسمياتها وتشكيلاتها السابقة.
- إصدار نشرة رسوم جمركية تضمنت تخفيضاً الرسوم السابقة بنسبة تتراوح بين 50% و60%، وعدم فرض رسوم على المواد الأساسية مثل الطحين، وتخفيض الرسوم على المواد الأولية، وتطبيق الروزنامة الزراعية لحماية الإنتاج الزراعي والفلاحين، وتقديم إعفاءات جمركية للمستثمرين وأصحاب المصانع.
إلا أن النشرة الجديدة كشفت بشكل مبدئي عن عدة إشكالات تستدعي لفت الانتباه إليها، وهي كما يلي:
- إغراق الأسواق: تسبب تحرير حركة الاستيراد وإزالة القيود التعسفية التي كانت تعيق التجارة وتقليص الرسوم الجمركية بتدفق كبير للسلع المستوردة وبالأخص التركية، مما أدى إلى إغراق الأسواق بالبضائع الأجنبية. وقد تسبب هذا الوضع بتقييد قدرة المنتجين المحليين على المنافسة في ظل انخفاض تكاليف السلع المستوردة مقارنة بالمنتجات المحلية.
- كساد المنتج الوطني: أدى تخفيض الرسوم الجمركية وإعفاء العديد من السلع المستوردة من الرسوم لدفع المستهلكين إلى تفضيلها على المنتجات الوطنية بسبب فارق الأسعار. ما أدى إلى تكدس المنتجات الوطنية، وتسبب بخسائر للمتاجر وأصحاب الصناعات المحلية الذين وجدوا أنفسهم غير قادرين على تصريف بضائعهم. وبخلاف هدف القرار المتمثل بدعم المنتج المحلي والاقتصاد الوطني؛ بات كلاهما في مواجهة خطر التراجع والانكماش.
- ارتفاع الأسعار في مختلف المحافظات بشكل متباين: ساهم تخفيض الرسوم الجمركية الجديدة بنسبة 50 إلى 60% مقارنةً بما كانت عليه قبل سقوط النظام، في انخفاض الأسعار في أسواق مدن مثل دمشق وحمص وحماة. ومع ذلك، شهدت مناطق ريف حلب وإدلب ارتفاعاً كبيراً في الأسعار بنسب تتراوح بين 300 إلى 500%، وذلك بسبب التفاوت في تكاليف الاستيراد والنقل والإمداد. حيث تعتمد هذه المناطق بشكل كبير على الاستيراد من تركيا مقابل رسوم جمركية رمزية جداً، وتتعامل بالليرة التركية، مما أدى إلى تفاقم التباين السعري بين المناطق([6](. كما ارتفعت أسعار مكونات الزراعة في مناطق شمال غرب سورية بعد فرض النشرة الجديدة بنسب تتراوح بين 12 إلى 30%([7])، مما زاد من اختلال التوازن السعري بين المناطق المختلفة. وقد تفاقمت معاناة المستهلكين في مناطق الشمال، خاصة الفئات الضعيفة والمتوسطة الدخل، حيث تراجعت قدرتهم على تلبية احتياجاتهم اليومية. ويعد سكان المخيمات الفئات الأكثر تأثراً، إذ يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية، مما زاد من الضغوط الاقتصادية والمعيشية.
نسبة الزيادة في أسعار مكونات الزراعة في شمال غرب سورية بعد فرض التعرفة الجمركية الجديدة - المصدر: هيئة الإغاثة الإنسانية IYD
- سخط شعبي: أسفرت النشرة الجمركية عن حالة من الغضب الشعبي في شمال غرب سورية، حيث عبّر التجار والأهالي عن استيائهم من خلال إغلاق المحال التجارية وتعليق أو تقليص حركة الاستيراد. كما برزت هذه الاحتجاجات بشكل أكبر في المخيمات التي يعيش فيها ما يزيد على مليوني شخص تحت خط الفقر، وقد زاد القرار من هشاشة أوضاعهم المعيشية. ويُخشى أن تؤدي هذه السياسات إلى مفاقمة الأوضاع الاقتصادية والتسبب بمجاعة، خاصة أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل الطحين والزيوت والسكر بات يشكل عبئاً يفوق قدرة الأسر الضعيفة على التحمل.
- سوء في توجيه السياسات الاقتصادية: أدى خفض الرسوم الجمركية إلى استيراد كميات كبيرة من السيارات ومنتجات الرفاهية، مما أظهر مشاكل هيكلية واجتماعية واضحة. فالبنية التحتية المتضررة بشدة من الحرب غير قادرة على استيعاب هذه الأعداد المتزايدة من السيارات، مما قد يسبب تدهوراً إضافياً في الخدمات، وتعميق الفجوة الاجتماعية، حيث استفادت الطبقة الميسورة من الأسعار المخفضة لشراء السيارات، بينما بقيت الطبقة الفقيرة التي تعاني من فقر مدقع عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية. إضافة إلى ذلك، تشكل هذه الواردات إهداراً للموارد النقدية التي كان يمكن استثمارها في تأمين الضروريات مثل الغذاء والدواء، مما يجعل هذا الانفتاح الاقتصادي يتعارض مع أولويات إعادة الإعمار وتحسين معيشة المواطنين.
إجراءات مقترحة لسياسة جمركية فاعلة
عموماً، هدفت الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة إلى معالجة الاختلالات في السياسة الجمركية التي تراكمت على مدار العقود الماضية، ولعلّ أهم ما يجدر التنويه إليه هو التمييز بوضوح بين القرارات قصيرة الأمد التي تتخذها حكومة تسيير الأعمال لمواجهة التحديات الطارئة في الاقتصاد، والسياسات طويلة الأمد التي يجب أن تُعتمد في المرحلة الانتقالية لضمان استقرار اقتصادي واجتماعي مستدام.
ويمكن العمل على جملة من الإجراءات خلال الفترة القادمة، تتضمن ما يلي:
- تعزيز الموارد البشرية في قطاع الجمارك: يتطلب ذلك اتخاذ عدة إجراءات لتحسين الكفاءة والشفافية لدى إدارة الجمارك. أولاً، توفير برامج تدريبية تخصصية للعاملين في الجمارك، تركز على أحدث الإجراءات الجمركية العالمية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتسريع الإجراءات وتقليل الأخطاء. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تدريب الموظفين على آليات مكافحة التهريب والفساد لضمان نزاهة العمل الجمركي. ثانياً، تحديث الهيكل الإداري لمؤسسات الجمارك لتعزيز الشفافية والكفاءة، مع توظيف أدوات التحول الرقمي لتسهيل العمليات وزيادة الدقة. وثالثاً، إطلاق مبادرات تعاون مع المؤسسات الإقليمية والدولية لتبادل الخبرات وضمان مواكبة التطورات العالمية في مجال التجارة والممارسات الجمركية. من شأن هذه الخطوات مجتمعة أن تساهم في بناء قطاع جمارك أكثر فعالية وموثوقية.
- تطبيق برنامج سياسات حمائية: تبني سياسات حمائية مدروسة ومتوازنة لتعزيز القدرة التنافسية للصناعة المحلية، مع مراعاة الحفاظ على استقرار الأسعار وحماية المستهلك. يتضمن ذلك فرض رسوم جمركية تدريجية على السلع المستوردة التي تُنافس المنتجات المحلية، مع ضمان ألا تؤدي هذه الرسوم إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية. في المقابل، يتم إعفاء المواد الأولية والمدخلات المستخدمة في الصناعات الوطنية من هذه الرسوم، لدعم القطاع الصناعي وتعزيز قدرته على النمو والمنافسة.
- تحفيز الإنتاج المحلي: تقديم حزمة من الحوافز المالية والإعفاءات الضريبية للمنتحين، وتخفيضات على أسعار الطاقة والوقود، بالإضافة إلى توفير قروض ميسرة لدعم المصانع والمزارع المحلية. إلى جانب ذلك، ضرورة تعزيز الكفاءة الإنتاجية من خلال توفر برامج تدريبية وتطويرية متخصصة لرفع جودة المنتجات المحلية وزيادة قدرتها التنافسية في الأسواق المحلية والدولية.
- فرض رسوم جمركية على السلع الكمالية: تطبيق رسوم جمركية تصاعدية على استيراد السلع الكمالية، مثل السيارات الفاخرة، والمجوهرات، والإلكترونيات عالية الجودة، ومنتجات الرفاهية الأخرى التي لا تُعد من الضروريات الأساسية. يمكن تصميم هذه الرسوم لتكون متناسبة مع قيمة السلعة ودرجة كماليتها، مع ضمان ألا تؤثر سلباً على الفئات ذات الدخل المحدود. وتخصيص العائدات الناتجة عن هذه الرسوم لدعم القطاعات الإنتاجية المحلية، مثل الصناعة والزراعة، من خلال تمويل مشاريع البنية التحتية، وتوفير القروض الميسرة، ودعم البحث والتطوير. بالإضافة إلى ذلك، توجيه جزء من هذه العائدات لتمويل برامج الحماية الاجتماعية، مثل الدعم الغذائي، والرعاية الصحية، والبرامج التعليمية، لضمان استفادة المجتمع ككل من هذه السياسة.
- تنظيم حوارات مع غرف التجارة والصناعة: عقد طاولات حوار دورية مع ممثلي غرف التجارة والصناعة والصناعيين والتجار وممثلي المجتمع المدني والخبراء الاقتصاديين، لمناقشة السياسات الاقتصادية المقترحة وضمان توافقها مع احتياجات القطاعات المختلفة، مع توفير قنوات اتصال دائمة لضمان استمرارية الحوار وتلقي الملاحظات. كما يمكن توجيه هذه الحوارات نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، لكي تكون السياسات متوازنة، بحيث تلبي احتياجات جميع الفئات، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة، والقطاعات الناشئة، والعمالة المحلية.
- إطلاق برنامج اجتماعي لدعم المتضررين: تنفيذ برنامج دعم اجتماعي شامل يستهدف الأسر الفقيرة والأكثر تضرراً من ارتفاع الأسعار، من خلال تقديم مساعدات مباشرة تتضمن قسائم غذائية، ودعم مالي شهري، وإعفاءات أو تخفيضات على الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والمحروقات. ويمكن تصميم هذا البرنامج ليكون ذو استجابة سريعة ويتكيف مع الاحتياجات المتغيرة، مع ضمان وصول الدعم إلى الفئات المستحقة بشكل عادل وفعّال. بالإضافة إلى ذلك، يمكن توفير برامج تدريبية لتمكين الأسر من زيادة دخلها وتحسين ظروفها المعيشية على المدى الطويل، مع مراعاة الفروق بين المناطق الحضرية والريفية لضمان تغطية جميع الفئات المتضررة.
في النهاية، تعد النشرة الجمركية الجديدة خطوة حيوية نحو إعادة تشكيل السياسة الاقتصادية في سورية، وهي تعكس محاولة لتحقيق التوازن بين دعم المنتج المحلي، وتخفيف العبء الاقتصادي على المواطنين، وتعزيز التجارة والاستثمار. وقد أثار تطبيقها تباينات اجتماعية واقتصادية واضحة، وهو ما يتطلب تطبيق استراتيجية شاملة تتضمن نهجاً متوازناً وشاملاً يراعي الظروف التي تمر بها البلاد، وينبغي لهذه الاستراتيجية أن تجمع بين السياسات الحمائية لدعم الإنتاج المحلي وضمان عدم ارتفاع أسعار السلع الأساسية لتخفيف الأعباء على المواطنين، وتشمل تحسين إدارة الجمارك، ومكافحة الفساد، والتحول الرقمي، وتأهيل الكوادر في إدارة الجمارك، وتقديم الحوافز والإعفاءات الضريبية، على أن تكون هذه السياسات مرنة وقابلة للتعديل بناءً على التطورات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. إلى جانب إطلاق برامج اجتماعية لتخفيف الأعباء عن الفئات الأكثر تضرراً. ستشكل هذه الاستراتيجية أساساً لتحقيق استقرار اقتصادي مستدام. ويبقى نجاح هذه الإجراءات مرهوناً بقدرة الحكومة على التعامل بمرونة وشفافية مع التحديات، ووضع أولويات واضحة تتماشى مع احتياجات المواطنين والاقتصاد الوطني في المرحلة الانتقالية، لضمان مستقبل أفضل وأكثر عدالة للجميع.
([1])سامر سلامة: "التهرب الجمركي: إيرادات حكومية مهدورة على حساب المواطن ولمصلحة التاجر!!"، 1/08/2014، قاسيون، الرابط: https://shorturl.at/hpFEI
([2])سامر سلامة: "التجارة الخارجية في 9 أشهر.. الصادرات عُشر الواردات.. خسارة قطع وإيرادات"، 17/10/20217، قاسيون، الرابط: https://2u.pw/xZ3j7EZS
([3])سامر سلامة: "التهرب الجمركي: إيرادات حكومية مهدورة على حساب المواطن ولمصلحة التاجر!!"، مصدر سابق.
([4])سامر سلامة: "التهرب الجمركي: إيرادات حكومية مهدورة على حساب المواطن ولمصلحة التاجر!!"، مصدر سابق.
([5]) عبد العظيم المغربل: "التعرفة الجمركية في سوريا.. تداعيات القرار الأخير وآثاره الاقتصادية"، 12/01/2025، تلفزيون سوريا، رابط: https://bit.ly/3Ck9imU
([6]) أعلنت إدارة معبر باب الهوى البري بين سورية وتركيا رفع رسوم استيراد طن الطحين من دولارين إلى 20 دولاراً، ارتفعت رسوم استيراد طن الأرز من 10 دولارات إلى 27 دولاراً، وطن السكر من 35 دولاراً إلى 54 دولاراً، كما ارتفعت رسوم استيراد كل ألف لتر من البنزين من 30 دولاراً إلى 210 دولارات. سوريا.. شكاوى من تأثير الرسوم الجمركية على ارتفاع أسعار السلع، 17/01/2025، الشرق، رابط: http://bit.ly/3CysbSX
([7]) تم رصد أسعار مجموعة من مكونات الزراعة قبل 8 كانون الأول 2024 ومقارنتها بالأسعار في 15 كانون الثاني 2025، المصدر: تقرير عن ارتفاع مكونات الأسعار الزراعية في سورية، هيئة الإغاثة الإنسانية.