يضاف إلى تحديات محافظة إدلب المتعددة تحدياً اقتصادياً وإدارياً ناجماً عن العدد الكبير للمهجرين قسرياً والنازحين من مختلف مناطق سورية والذي يقدر ب 1000000– 1200000 نسمة وذلك وفقاً للتقرير الصادر عن (ERCC)([1])، أي قرابة عدد سكان المحافظة 2010، ويتقاسم هذا التحدي عشرات المنظمات الدولية والمحلية والمجالس والإدارات المحلية، إلا أن تنامي العوامل المعيقة لاستقلالية عمل الفعاليات المحلية ( كالعسكرة مثلاً) ساهم في تعزيز شروط التبعية للمنظمات الإغاثية بشكل كبير، وحدّ من قدرتها على وضع سياسة تنمية اقتصادية محلية يمكن النهوض من خلالها بالواقع الاقتصادي للمحافظة، مما أسهم في ازدياد نسب الفقر والبطالة والتخلف، وبالتالي تزايد احتمالات التعثر الحتمي في التعامل مع هذا التحدي.
أرغم التدفق الهائل للمهجرين والنازحين المجالس والقوى المحلية العاملة في المحافظة على الاعتذار في 7/ 12/ 2016 عن استقبال المزيد حتى إشعار آخر إلى حين استيعاب الأعداد الحالية، وبسبب حجم المسؤولية الكبيرة والضاغطة على المحافظة لم تجد الفعاليات الإدارية المحلية سوى المنظمات الدولية والمحلية لمساعدتها في حل أزمة المهجرين وتوصلت لنموذج (إسعافي) في إدارة المهجرين من خلال "الهيئة العامة لإدارة المهجرين" التي كان لها دور في تخفيف العشوائية والفساد الحاصل في توزيع المساعدات وضبط احتياجات المخيمات وتقديمها للمنظمات([2]). إلا أن تردي الواقع الاقتصادي والإداري في المحافظة ساهم في تنامي المؤشرات التي تنذر باتساع حجم التحدي وازدياد صعوبات المعالجة، نذكر منها:
يعتري حركية الفاعلية لكوادر محافظة إدلب ومؤسساتها المحلية العديد من العراقيل التي تحدد من خياراتها، ومرد ذلك يعود أولاً إلى التعارض في أجندات الجهات المسيطرة على المحافظة، وثانياً لتشتت الإدارات والهيئات المدنية التي لاتزال تفتقر لرؤية استراتيجية موحدة تمكنها امتصاص صدمة النزوح وابتداع أدوات إدارة سياسية واقتصادية واجتماعية تتواءم مع الوضع غير المستقر للمحافظة، وثالثاً للاعتمادية المفرطة على المنظمات الدولية والمحلية في تقديم المساعدات للسكان ومخيمات المهجرين والمجالس المحلية ما أدى لظهور ما يعرف بـ" المرض الهولندي" الذي يعبر عن ركون الإدارة للإيرادات الريعية دون إيلاء اهتمام لقطاعات الإنتاج، فأضحى الجو العام هو تخديم تلك المنظمات بالأرقام والبيانات والشكوى العامة في قلة الدعم المالي. والابتعاد عن تخديم القطاعات الفعالة في المحافظة وأهمها الزارعة، الأمر الذي ساهم في ارتفاع في معدلات التضخم والفقر والبطالة بالإضافة إلى ظهور اقتصاد موازي مؤسس من قبل تجار استغلوا حالة الفوضى واللانظام لتحقيق أرباح عالية على ظهر المواطن والمهجر.
لا يزال ينتظر من الجهات المدنية الفاعلة لا سيما مجلس المحافظة والمدينة تبني عدة سياسات تساهم في تعزيز قدرة المحافظة على مواجهة التحديات الناجمة عن ازدياد منسوب المهجرين والنازحين، تبدأ بإعادة هيكلة الوظائف العامة المعنية بالجانب الخدمي والتنموي والتعليمي في المحافظة – بعد الدفع على تنحية الأثر العسكري قدر المستطاع-وفق الاقتراحات التالية:
رغم السيولة الأمنية والخدمية في المحافظة، إلا أن تزايد التحديات الناجمة عن تنامي الكثافة السكانية جراء سياسات التهجير وحركية النزوح المحلي تستوجب على الفعاليات المحلية الإدارية لا سيما المجالس المحلية من اتباع استراتيجية إعادة هيكلة الوظائف العامة وفق المقترحات أعلاه وربطها في خطط عامة تراعي البعد التنموي والاقتصادي في المحافظة.
([1]) استقبلت ادلب في غضون فترة قصيرة المهجرين قسرًا من داريا ومعظمية الشام وقدسيا والهامة وخان الشيح والتل ومضايا والزبداني وحلب الشرقية، فضلًا عن تواجد للنازحين فيها من حماة وحمص واللاذقية ودير الزور والرقة. انظر الخارطة الصادرة عن مركز تنسيق الاستجابة للحالات الطارئة (Emergency Response Coordination center) الصادر بتاريخ 13/1/2017 https://goo.gl/vlEqRf
([2]) حيث عملت الهيئة على تقسيم المحافظة إلى قطاعات ضمن كل قطاع عدد معين من المخيمات بحيث يكون لكل قطاع مدير ولكل مخيم إدارة خاصة به تعمل على إحصاء أعداد المهجرين واحتياجاتهم المختلفة داخل المخيم من سلع وخدمات تشمل الصرف الصحي والتعليم والصحة والطعام...إلخ، وترفع هذه الحاجيات إلى إدارة القطاع الذي بدوره يوصلها للهيئة العامة حيث تجتمع لديه لوازم ونواقص المخيمات في قطاعات المحافظة كافة، فيتم توجيه المنظمات الإغاثية حسب تلك المعلومات.
([3]) تقييم الاحتياجات متعدد القطاعات في محافظة إدلب التي تعده منظمة إحسان للتنمية والإغاثة/ قسم المراقبة والتقييم والمسائلة كانون الثاني 2017-تقرير غير منشور.
([4]) على سبيل المثال يمكن لحظ انتكاسة هذا القطاع من خلال تراجع انتاج القمح من 189 ألف طنًا إلى 40 ألف طنًا بسبب غلاء الوقود إذ بلغ سعر لتر المازوت حوالي 250 -300 ليرة سورية للمكرر في إدلب أما الآتي من مناطق النظام فبلغ سعر اللتر 400 ليرة سورية.