أعلنت كلٍ من روسيا والولايات الأمريكية المتحدة في بيان مشترك بتاريخ 27 فبراير/شباط 2016 عن التوصل لاتفاق هدنة في سورية تستثني تنظيمي "الدولة الإسلامية" و "جبهة النصرة"، إلا أن قوات النظام والميلشيات الموالية لم تحترم قواعد هذه الهدنة، حيث أنها عملت على اختراقها مرات عدة وذلك بدعم من الطيران الروسي، إذ تم استهداف مواقع انتشار قوى الثورة السورية في أغلب المحافظات، وبلغ عدد الخروقات حتى تاريخ 19 إبريل/نيسان 1180 خرق (انظر الشكل رقم 1)، يضاف إليها خروقات أخرى تمثلت بحالات اعتقال بلغ عددها 381، ومنع دخول 10 قوافل مساعدات إلى الأماكن التي فرض النظام عليها حصاراً خانقاً. يمكن تصنيف خروقات قوات النظام عامة إلى:
1. خروقات استنزافية: وهي التي جاءت استمراراً لحملة كان يقوم بها النظام كنوع من استنزاف لقوى الثورة السورية أو مجرد لإثبات وجود، وتوزعت تلك الخروقات على (مدينة حلب – إدلب – حماه – ريف حمص الشمالي – بعض مناطق الغوطة الغربية – درعا) وتمثلت تلك الخروقات في قصف بالطيران الحربي، براميل متفجرة – قصف صاروخي، مدفعية، رشاش متوسط وفي بعض المناطق تم رصد حلالات قنص من قِبل قوات النظام. وبالرغم من عشوائية تلك الخروقات وعدم وجود هدف واضح منها.
2. خروقات استراتيجية: وهي الخروقات التي استهدفت من خلالها قوات النظام موقعاً محدداً بُغية التقدم أو من أجل محاصرة منطقة محددة، أو استمراراً للخطة العسكرية الروسية (منع قوى الثورة من امتلاك جبهات مشتركة مع تنظيم الدولة) أو تطويعاً للميدان خدمة للسياسة كما فعل باستهداف تجمعات المدنيين في كلٍ من بلدتي كفرنبل ومعرة النعمان بمحافظة إدلب في 19 ابريل نيسان 2016 كرسالة ضغط على موقف الهيئة العليا للتفاوض التي علقت مشاركتها بالمفاوضات.
الشكل رقم (1)
وهي سياسة اتبعتها قوات النظام في كلٍ من ريف حلب الجنوبي وريف اللاذقية والغوطة الشرقة (قطاع المرج) كما هو مبين أدناه:
ريف حلب الجنوبي
رَدت قوى الثورة السورية وفصائل إسلامية أخرى على استهداف مدفعية النظام المتمركزة على تلة العيس في أوائل شهر أبريل/نيسان بدلتي بانص وتل حدية في ريف حلب الجنوبي بهجوم مباغت استطاعوا من خلاله السيطرة على عدة مواقع كان أبرزها (تل العيس – أبو رويل – مرقص).
الأمر الذي دفع قوات الحرس الثوري الإيراني إلى ارسال فرقة 65 للعمليات الخاصة التابعة له من أجل المشاركة بتلك المعارك والتي فشلت حتى اعداد هذا التقرير في استرجاع المواقع التي سيطرت عليها قوى الثورة السورية وفصائل إسلامية أُخرى.
وبعد سير الأحداث اتهمت كل من روسيا والنظام قوى الثورة السورية بارتكاب خروقات في ريف حلب الجنوبي، ولكن عدة تقارير جاءت مغايرة لاتهاماتهم، فهجوم قوى الثورة والفصائل الإسلامية لم يكن خرقاً، بل كان رد على خرقاً ارتكبته مدفعية النظام كما أشرنا سابقاً.
خريطة رقم (1) مواقع النفوذ والسيطرة – ريف حلب الجنوبي – 19نيسان 2016
ريف اللاذقية
سيطرت قوات النظام بدعم روسي (جوي وبري) على بلدة كنسبا في فبراير/شباط 2016، والذي يعتبر آخر تقدم وصلت له قوات النظام في ريف اللاذقية، ولكن بعد هذا التقدم وحتى مع إعلان الهدنة استمرت قوات النظام والسلاح الجوي الروسي من استهداف عدة مواقع قريبة من بلدة كنسبا تمثلت بقصف مدفعي على بلدتي (السرمانية والكباني) وغارات جوية على الأوتوستراد الذي يربط ريف اللاذقية بمدينة جسر الشغور بمحافظة إدلب، وذلك كمحاولة للاستفادة من الهدنة من أجل التقدم نحو مدينة جسر الشغور وتأمين المواقع العسكرية الهامة في سهل الغاب.
وبعد ارتفاع وتيرة خروقات النظام ما كان من قوى الثورة السورية إلا أن أعلنت عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة للرد على تلك الخروقات بهجوم منظم سيطروا من خلاله على عدة مواقع كان أبرزها (خربة الناقوس – خشبا والبيضا).
خريطة رقم (2) مواقع النفوذ والسيطرة ريف اللاذقية – 18 نيسان 2016
الغوطة الشرقية (قطاع المرج)
تعرضت الغوطة الشرقية (قطاع المرج) في فترة الهدنة لأعنف أنواع الهجوم البري والجوي، وارتكبت قوات النظام عدة مجازر كان أفظعها في استهداف مدرسة ببلدة تل العصافير في 31 مارس/آذار ووصلت الحصيلة النهائية لتلك المجزرة إلى 37 شهيداً، وأكثر من أربعين جريحاً.
ويتكون قطاع المرج من عدة مناطق ترابط فيها قوى الثورة السورية وفصائل إسلامية أخرى، لمنع قوات النظام من التقدم باتجاه الغوطة الشرقية، نظراً لأهميتها الاستراتيجية، حيث تبتعد النشابية عن دمشق حوالي 25 كم، وتشكل امتداداً لبلدات الغوطة الشرقية من الناحية الغربية، وتلتقي من الناحية الجنوبية مع مدينة دوما وريفها عند الشيفونية والحواش "حوش نصري والضواهرة" ومن الناحية الشرقية بالبادية السورية من جهة العتيبة والضمير ووديان الربيع. ويهدف نظام الأسد من وراء حملته على قطاع المرج تحقيق الآتي:
1. اقتطاع أكبر قدر ممكن من الغوطة وخاصة في المناطق المفتوحة (النظام متفوق في حرب المناطق المفتوحة على عكس معارك المدن أو الغابات الاسمنتية فالتفوق من نصيب الثوار.
2. كنتيجة للتقدم في المناطق المفتوحة واستكمال المعركة في القطاع المذكور ستخسر الغوطة جزءاً كبيراً من سلتها الغذائية (المناطق المزروعة) وأحد أهم عوامل الصمود في السنوات الماضية.
3. تأمين طريق مطار دمشق بشكل أكبر وسيكون مطار دمشق الدولي مؤمن حتى من استهدافه بصواريخ الكاتيوشا.
خريطة رقم (3) النفوذ والسيطرة الغوطة الشرقية – 19 نيسان 2016
ضمن برنامجها "نبض سوري" استضافت قناة الجسر الفضائية نائب المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور سنان حتاحت، جاء ذلك خلال حلقة حملت عنوان: "مضايا الموت القابع في كل ركن، مضايا أشباه الإنسان". كما وزعت الحلقة على أربعة محاور جاءت على النسق التالي:
1) مضايا والمساعدات. 2) اعتقال هادي العبد الله ورائد الفارس. 3) سيطرة قوات النظام على سلمى. 4) تفجير إسطنبول.
يذكر أن الحلقة من إعداد آلاء الحاج، وبيان العثمان ومن تقديم خالد الصالح، وإياس غالب الرشيد.
أجرى راديو الكل في نشرته الإخبارية مقابلة إذاعية مع الباحث محمد العبد الله من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية حول دراسة تحليلية بعنوان " تنمية سبل العيش في المناطق السورية المحررة". حيث تركزت محاور المداخلة على النقاط الرئيسية التالية:
حيث قدم الباحث في البداية لمحة عن قطاع سبل العيش والإنعاش المبكر في المناطق السورية المحررة وذكر بعض الإحصاءات المرتبطة به والصادرة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة. ومن ثم قام الباحث باستعراض جميع النقاط السابقة والتعليق عليها ضمن الوقت المتاح للمداخلة.
رابط البث: http://goo.gl/AYB7BL
تعتبر اتفاقات الهدن التي توالى عقدها في المناطق الثائرة منذ تشرين الثاني 2013 مع النظام (في مدينتي قدسيا والهامة) وحتى الآن، متغيراً هاماً في المشهد السياسي والعسكري العام، حيث تتضمن هذه الاتفاقات شكلاً من أشكال المقاربات السياسية تضمّ في إطارها العام ثلاثة محاور: وقف إطلاق النار وإنهاء العمليات العسكرية في إطار زمني وجغرافي محدد؛ إنهاء الحصار وتحسين الأوضاع المعيشيّة لسكان تلك المناطق؛ إطلاق سراح المعتقلين. وتبعاً لأهمية هذا الملف أجرى مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع المركز السوري للإحصاء والبحوث استبياناً ميدانياً، عكست نتائجه تصميماً على التمسك بأهداف الثورة، وعدم التحول إلى القبول بالنظام إلا بين 2,2 % من المستجيبين، وخيبة أمل في تنفيذ النظام لما تعهد به، وذلك بالرغم من الواقعية السياسية في الموافقة على استمرار الهدن من أجل ضرورات العيش.
إنَّ الهُدن لم تكن اتفاق تلاقٍ للمصالح يوطّئ للانفراج والتوافق السياسي، وإنما كانت اتفاق وقاية شرٍّ لم يغيّر جوهر علاقة النظام بالمجتمع، تلك العلاقة القائمة على الإكراه من خلال القمع.