يشهد قطاع الزراعة في مناطق المعارضة إشكالات عدّة منها ارتفاع كمية المعروض الزراعي بشكل يفوق الطلب المحلي أمام ضعف القوة الشرائية للمواطن وافتقار البيئة المحلية لمصانع غذائية تستوعب الفائض، فضلا عن قلة قنوات التصدير الخارجية، وانخفاض الأسعار مقابل ارتفاع تكاليف الإنتاج ما يؤدي إلى مشاريع بدون جدوى، ولا تزال حركة التصدير إلى تركيا بالحد الأدنى من حيث الحجم والاستمرارية، حالت هذه الإشكاليات كلها دون تعزيز الإنتاج الزراعي وتوظيف القوة العاملة على مدار السنوات القليلة الماضية، ولم تنفع الديناميات الحوكمية الراهنة في إيجاد حلول جذرية لتلك الإشكالات ما وضع المزارع أمام خسائر متراكمة انعكست عموماً على تطور القطاع الزراعي.
تطرح ورقة التوصيات التالية بعد محاولتها تفكيك الإشكالات المعرقِلة للتنمية الزراعية، اختبار توصية مباشرة من شأنها تحقيق حد أدنى لتطور للقطاع الزراعي وخلق مساحات تحرك جديدة تساعد في بلورة حلول ناجعة.
تتلخص الإشكالات التي يعاني منها قطاع الزراعة سواءً من حيث العرض أو الطلب بما يلي:
ساهم عدم حساب قدرة السوق الاستيعابية (الطلب) من المحاصيل الزراعية في تزايد الخسائر المالية للفلاحين وعدم جدوى الزراعة أصلاً، كما في محصول البصل والبطاطا مثلاً، حيث قدّرت المؤسسة العامة لإكثار البذار الفائض من إنتاج البصل المحلي حوالي 25% ومن البطاطا 19% من إجمالي الإنتاج، وبالكاد يربح المزارع 100 دولار في الهكتار الواحد بدون احتساب أتعابه في مادة البصل، بينما تبلغ خسارته 1668 دولار في الهكتار الواحد من زراعة البطاطا، بحسب دراسة تقديرية للمؤسسة العامة لإكثار البذار في 2020.
ولا يعد تصدير منتجات زراعية من مناطق المعارضة إلى مناطق النظام أمراً سهلاً وذو جدوى بسبب ارتفاع تكاليف النقل والإتاوات على الطريق، ففي الوقت الذي يبلغ كيلو البصل في منطقة الباب 200 ليرة يصل إلى سوق الهال في دمشق بحوالي 500 ليرة للكيلو ([1]). أما صادرات مناطق المعارضة إلى تركيا فلا تزال أرقامها غير مشجعة على الإنتاج، إذ صدّرت مناطق المعارضة في حزيران 2018 نحو 4000 طن بطاطا إلى تركيا فيما يبلغ الإنتاج المحلي للبطاطا في مناطق المعارضة قرابة مليون طن. وتجدر الإشارة إلى محدودية أدوار المجالس المحلية في دفع حركة التصدير (المتواضعة) إلى تركيا، فعادةً ما تُبدي الجهات التركية اهتماماً باستيراد سلعاً مثل العدس، والحمص، والفستق الحلبي، والرمان، والكرز، والبطاطا والبصل، بحسب حاجتها وبعد إبلاغ المجالس المحلية التي تقوم بدورها بلعب وساطة بين الحكومة التركية والمزارعين ([2]).
من جهة أخرى؛ لم تُسهم إجراءات أجسام الحوكمة القائمة في ضبط ميزان السوق بين السلع المورّدة من الخارج مع السلع المنتجة محلياً، ما أدى إلى إغراق السوق المحلية بمنتجات ومحاصيل مستوردة أضرّ بالمنتج المحلي. لا سيما بعدما خفضت الحكومة المؤقتة في شهر آذار 2021 الرسوم الجمركية على البضائع التركية الداخلة إلى مناطق ريف حلب عبر معبر السلامة والراعي وجرابلس والحمام وتل أبيض ورأس العين، كما يُظهر الجدول التالي ([3]):
أيضاً لا يمكن – بطبيعة الحال – إغفال عدة إشكاليات ضاغطة على قطاع الزراعة كجفاف منابع التمويل وأثره المسحوب على قطاع الصناعة والتي تضم الصناعات الغذائية على مختلف أنواعها، وارتفاع تكلفة المواد الأولية وعلى رأسها حوامل الطاقة من كهرباء ومياه ومحروقات، وإغلاق الطرقات، فضلاً عن انخفاض القوة الشرائية لدى المواطنين. ناهيك عن ارتباط كل ذلك ببيئة أمنية قلقة وبإشكاليات مرتبطة في مسألة المياه وجفاف المياه الباطنية في مدينة الباب وحفر آبار عشوائية تستنزف المخزون الاستراتيجي للمياه، والعمليات العسكرية المتكررة التي تقضم مساحات زراعية واسعة.
للتخفيف من عبء الإشكالات الواردة أعلاه فإنه ينبغي التوجه إلى دعم مقاربة العمل المدني اللا حكومي لقطاع الزراعة، والتي من شأنها تعزيز وتثمير التواصل مع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية ووضع خطة لضبط الإنتاج الزراعي واتخاذ قرارات حاسمة لتحقيق المصلحة الوطنية واستدامة الإنتاج المحلي ورأس المال الزراعي.
وفي سبيل تحقيق هذا يمكن إنشاء "جمعية الزراعة الوطنية" National Agriculture Authority اختصاراً NAA؛ وهي جمعية زراعية مدنية غير ربحية تضم المزارعين والنقابات الفلاحية المنتشرة في المنطقة. تُوظّف خبرات وكفاءات وطنية وتبني علاقات وشبكات اتصال مع المؤسسات العاملة؛ كمديرية الزراعة في الحكومة السورية المؤقتة، ومؤسسة إكثار البذار، والمجالس المحلية، واتحاد الغرف التجارية والصناعية، والمنظّمات الإغاثية. وتعمل على وضع خطة متكاملة لإدارة قطاع الزراعة، كمّاً ونوعاً، عرضاً وطلباً، تعتمد علامة تجارية للمحاصيل الزراعية المحلية، ومواصفات صحية وإدارة جودة مُطابقة للمواصفات العالمية، كما يصدر عنها تقريرٌ ربعي، يحمل بين طيّاته مؤشراً اقتصادياً لقياس حجم النمو في القطاع الزراعي لتعزيز قيم الشفافية.
وتتكون الجمعية كما يظهر في الشكل أدناه: من هيئة عامة تضم مزارعين ونقابات فلاحية من كل مدينة وبلدة، ينتخبون إدارة عامة، تعمل الأخيرة على تأسيس مكتب قانوني؛ للاهتمام بشؤون التراخيص الزراعية وحقوق الملكية وضبط عملية الاستثمار وإصدار الصكوك وضبط المخالفات، ومكتب تسويقي؛ لترويج المنتجات والمشاريع للمستثمرين الأفراد والمؤسسات والتفاوض مع الحكومات وتوقيع مذكرات التفاهم وبروتوكولات العمل لتسويق المحاصيل الزراعية وتأمين قنوات تصريف، ومكتب إدارة الإنتاج؛ يُعنى بحجم ما سيتم زراعته وتوزيعه على القنوات المختلفة من استهلاك محلّي للغذاء وصناعات غذائية وتخزين وتصدير، أما المكتب المالي فهو المسؤول عن حركة التقابض والسيولة المالية والعملية التمويلية والائتمانية.
ويمكن للجمعية العمل على أربعة محاور كخطة أولية كما يلي:
يتضمن هذا المحور تأطير العملية الزراعية وهيكلة القطاع الزراعي برمته، وإصدار شهادة للمزارع تعبيراً عن ثقة الجمعية والمجتمع به وتقديراً لجهوده، وتتيح هذه العملية إحصاء كافة المزارعين ومتابعتهم بشكل حثيث والعمل على حل مشاكلهم والاستماع لشكاويهم. والخطوة الأخرى ختم المحصول بـ"دمغة" خاصة بالجمعية للدلالة على أن المنتج مطابق للمواصفات الصحية والزراعية العالمية وخاضع لرقابة الجمعية وثقتها، ومن شأن هاتين الخطوتين تحفيز المزارع للعودة إلى أراضه واكتساب ثقة أكبر بعمله وبمنتجه.
عدم حساب نقطة التعادل بين عرض المنتج وطلبه سيؤدي إلى ارتفاع أو انخفاض في الأسعار بشكل كبير، لذا ستعمل الجمعية مسبقاً على حسابات دقيقة لتحديد كمية الإنتاج بالنظر إلى حجم الطلب سواءً للاستهلاك أو التصنيع أو التصدير، كما ستعمل الجمعية في هذا الإطار لإدارة تكاليف عملية الإنتاج والحؤول دون خسارة المزارع في نهاية المطاف.
إصدار توصيات ورفعها للحكومة المؤقتة والفاعلين بالمجال الحوكمي لسن سياسات حمائية تحد من استيراد أي منتج مشابه لمواصفات المنتج المحلي، تجنباً لإغراق الأسواق والإضرار بالمنتج المحلي، وفرض ضرائب ورسوم على المنتج المستورد الشبيه بالمنتج المحلي، ومن شأن هذا حماية المنتج المحلي ورفع تنافسيته وتنويع الأسواق.
ستعمل الجمعية في سياق عملية التسويق على بندين، الأول: مرتبط بالأساس القانوني للعقود والمواثيق التي تُبرم بين أي طرفين وفق الأطر القانونية المعمول بها في التسويات الدولية. والثاني: تعزيز أوراق القوة والتفاوض مع تركيا حول الواردات والصادرات من وإلى مناطق المعارضة وعبور المنتجات المحلية عبر الأراضي التركية لتصديرها للخارج.
عدم توفر مؤسسات مالية مثل البنوك في مناطق المعارضة ساهم في تجفيف منابع الائتمان وهشاشة بيئة التمويل والدفع وألقى بظلاله على حركة سعر الصرف والأسعار، وعليه سيكون لزاماً على جمعية الزراعة الوطنية تصميم برنامج مالي ينظّم العملية الائتمانية والتمويلية، وتوقيع بروتوكولات عملٍ مع المنظمات والشركات والمصارف وفتح اعتمادات بنكيةٍ في تركيا ودولٍ أخرى بهدف تيسير عملية الدفع والاستلام، وإصدار صكوك مزارعة([4]) خاصة تُباع لمستثمرين سوريين في الداخل والخارج بضمانة الجمعية والمشروع الزراعي، فضلاً عن توجيه الأموال نحو دعم قطاع الصناعات الغذائية وصناعات متنوعةٍ في قطاع الزراعة.
لابد أن ولادة جسم جديد على شاكلة ما تقدم "جمعية الزراعة الوطنية" سيكون تحدياً كبيراً للمجتمع المحلي ولكن حساب تكلفة إنشاء الجسم والعملية برمّتها، ستكون ولا شك أقل من حالة الاستنزاف الحاصل في قطاع الزراعة، وستقطف المنطقة ثمار هذا العمل لا من خلال إيجاد أسواق قريبة وبعيدة لتصريف المنتجات وحسب، بل عبر زيادة الثقة بالمنتج السوري، وتنظيم العملية الإنتاجية للزراعة، وتمويل منشآت ومعامل غذائية، وإيجاد سلسة توريد محلية للمنظمات والشركات العاملة في الداخل عوض الاعتماد على الخارج، وأخيراً دفع عملية التعافي الاقتصادي المبكر نحو الأمام وصناعة نموذج حوكمي للمعارضة قادر على صناعة "الاستقرار".
([1]) الفلاح يبيع كيلو البصل بـ 200 ليرة وكلفة نقله إلى دمشق 300 ليرة، تلفزيون سوريا، 26-1-2021 رابط: https://bit.ly/3CSLdyA
([2])Turkey starts importing potato from war-torn Syria, 27-6-2018, link: https://cutt.ly/zRC8lhw
([3]) “الحكومة المؤقتة” تعلن تخفيض الرسوم الجمركية للبضائع التركية، موقع السورية نت: 14-3-2021، رابط: https://cutt.ly/XRC3zs3
([4]) الصكوك: أوراق مالية من أدوات التمويل المتوافقة مع الشريعة الإسلامية يرتبط الصك بمشروعات محددة وفرص استثمارية قائمة فعلياً أو قيد الإنشاء، ويساوي الصك قيمة حصة في ملكية ما ويحصل حامله على أرباح والحق في المشاركة بالإدارة ورأس المال والتداول، ومن بين أنواع الصكوك، صك المضاربة، والمرابحة، والاستصناع، والمساقاة، والمزارعة، والإجارة، والخدمات، وغيرها.
تركزت حكومة النظام السوري أولوياتها خلال شهر تموز 2018 على ملفي؛ مكافحة الفساد وانتخابات الإدارة المحلية، حيث عقد خلال شهر تموز سلسلة من ورش العمل والاجتماعات الحكومية وغير الحكومية لمناقشة مكافحة الفساد ومنها:
كذلك واصلت الهيئات التشريعية والتنفيذية مراجعتها للتشريعات والقوانين السائدة ومنها: 1) إصدار القانون 27 الناظم بمهام وصلاحيات واختصاصات وزارة التنمية الإدارية ([1])، 2) تعديل أحكام قانون خزانة تقاعد المهندسين رقم 23 لعام 2005 ([2])، 3) مناقشة مشروع قانون يقضي بمنح مجلس الدولة صلاحيات تصديق العقود التي تبرمها الجهات العامة والتي تزيد قيمتها على 150 مليون ليرة سورية ([3])، 4) نشر مسودة قانون الاستثمار الجديد على موقع التشاركية لمجلس الوزراء ([4])، 5) إعداد قانون جديد للجمارك. ([5])
بالانتقال إلى ملف الإدارة المحلية، تواصل الهيئات التنفيذية والقضائية استعداداتها لإجراء انتخابات الإدارة المحلية المقررة في 16 من أيلول القادم، حيث فُتح باب الترشح لعضوية مجالس الوحدات الإدارية البالغ عددهم 18474 عضواً ينبثق عنهم 1444 مجلساً ([6])، وقد كشف سليمان القائد "رئيس اللجنة العليا للانتخابات" عن تلقي اللجنة 49096 ألف طلب ترشح لانتخابات الإدارة المحلية، بانتظار البت بقانونيتها من قبل اللجان القضائية المختصة بذلك. ([7])
وعن إجراء الانتخابات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أفاد القائد بتشكيل لجان لمحافظتي الرقة وإدلب في محافظة حماة من قضاة ينتمون للمحافظتين، وفيما يتصل بإجراء الانتخابات في المناطق التي تم استعادتها ولم يسمح لسكانها بالعودة إليها بعد، فأشار القائد بأن الوزارة مسؤولة لوجستياً عن تحديد المراكز بالتنسيق مع اللجنة كما حدث في الانتخابات التشريعية، منوهاً بأن شمول الانتخابات لمن هم خارج البلاد يقتصر على انتخاب رئيس الجمهورية. هذا وقد أصدرت الحكومة ووزارة الإدارة المحلية والبيئة عدة قرارات وإجراءات في إطار استعدادها للانتخابات منها: ([8])
واصلت وزارة الإدارة المحلية والبيئة دعمها للوحدات الإدارية خلال شهر تموز 2018، حيث بلغت قيمة الدعم المالي المقدم من الوزارة للوحدات الإدارية 240 مليون ل.س (550,485 $ على أساس سعر صرف 436 ليرة لكل $) كإعانات مالية توزعت بحسب الجداول البيانية المرفقة أدناه. ([10])
بجانب آخر، مدد مجلس الوزراء العمل بقرار تشكيل لجنة إعادة الإعمار التي يرأسها وزير الإدارة المحلية والبيئة لمدة عام.([11])
قطاعي التجارة والصناعة
تسعى الحكومة إلى إعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية مع كل من العراق ولبنان وكذلك مع الدول الأوربية سيما تلك الواقعة على حوض المتوسط، حيث عقدت قيادات سورية حكومية وبرلمانية اجتماعات مع السفير العراقي والمفوض فوق العادة لدى سورية سعد محمد رضا والوفد المرافق له، وقد تطرقت الاجتماعات إلى: 1) اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين البلدين المتوقع إنجازها خلال الفترة المقبلة، 2) إعادة فتح المعابر الحدودية وخاصة معبر البوكمال – القائم، 3) تفعيل حركة الطيران الجوية بين البلدين.
كما عقد وزير النقل المهندس علي حمود لقاء مع وزير الصناعة اللبناني حسين الحاج حسن على خلفية مشاركة الأخير في معرض "رجال الأعمال والمستثمرين في سورية والعام 2018" بناء على دعوة رسمية من قبل الحكومة السورية، وقد تطرق اللقاء بين الوزيرين إلى: 1) تفعيل التعاون والربط الطرقي والسككي بين البلدين وحركة النقل وتدفق البضائع، 2) العمل على إقامة وتفعيل عدد من المصانع المشتركة بين البلدين في المناطق الحدودية في الهرمل وبعلبك والقاع، 3) ملف النقل البري والطريق البري لإعادة التصدير من لبنان عبر المنافذ الحدودية، ومنها إلى الأردن والعراق ودول الخليج.
شارك وفد من مجلس الشعب برئاسة العضو فارس الشهابي رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة، في أعمال المؤتمر البرلماني لمنظمة التجارة العالمية في منطقة البحر الأبيض المتوسط حول تسهيل التجارة والاستثمارات في غرب البلقان والمنطقة المتوسطية المنعقد في العاصمة الصربية بلغراد، حيث تطرقت لقاءات الوفد السوري مع المشاركين في المؤتمر إلى؛ عمليات التقارب الأوروبية المتوسطية على الصعد الاقتصادية وقواعد منظمة التجارة العالمية وآثارها على المنطقة وقواعد التجارة المتعددة الأطراف والمفاوضات في اقتصادات البحر المتوسط.
تواصل الحكومة السورية مساعيها لتنشيط الحركة التجارية والاستثمارية واستهداف أسواق جديدة، وذلك من خلال تنظيم سلسلة من المعارض والمؤتمرات الاقتصادية منها:
فيما يتصل بالعلاقات بين سورية ودول العالم بما فيها الحلفاء، وافق مجلس الوزراء على إعفاء مستوردات القطاع العام من إيران من الرسوم الجمركية والضرائب والرسوم الأخرى لمدة ستة أشهر اعتباراً من بداية تموز ولغاية نهاية كانون الأول 2018 ([12])، كما وقع وزير التعليم العالي الدكتور عاطف نداف ومعاون وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي لشؤون التعليم في إيران باقر لاريجاني مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التعليم العالي والبحث الطبي ([13])، كذلك كشف مدير عام الخط الحديدي الحجازي عن تلقي المؤسسة عن طريق هيئة الاستثمار السورية عرضاً من شركة ميللي ساختمان الإيرانية لتنفيذ مشروع نقل الضواحي. ([14])
وعن العلاقة مع روسيا، يتواصل اعتماد حكومة النظام السوري على الجانب الروسي في تأمين القمح، كما يستمر تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين الطرفين وهو ما تفيد به المعطيات التالية:
هيمن شعار مكافحة الفساد والاستعداد لانتخابات الإدارة المحلية على جدول أعمال حكومة النظام خلال شهر تموز 2018، حيث تم إقالة عدد من المدراء العاميين العاملين في هيئات الدولة ومؤسساتها، كما تم عقد مجموعة من الاجتماعات الحكومية وغير الحكومية لمناقشة قضية الفساد وسبل مكافحته، ويمكن تفسير التركيز الحكومي على ملف مكافحة الفساد بعدة أسباب منها:
أما فيما يتعلق بالاستعداد لانتخابات الإدارة المحلية، يجب التنويه بداية بأنه قد تم تمديد فترة ولاية المجالس المحلية القائمة حالياً بمرسوم جمهوري في 2016، وعلى إثر تحسن الوضع الميداني للنظام وفي ظل ما يبدو بأنه تفاهمات سياسية غير معلنة ونصائح من الحلفاء، قرر النظام الدعوة إلى إجراء انتخابات لأعضاء المجالس المحلية في 16 من أيلول القادم، حيث تم تشكيل لجان قضائية لتنظيم العملية الانتخابية، وقد بلغ عدد طلبات الترشح بحسب اللجنة العليا للانتخابات 49096 طلب، يتنافسون على نيل عضوية 18474 مقعد، ينبثق عنهم 1444مجلس، في حين تنافس 42889 مرشح في انتخابات الإدارة المحلية على عضوية 17588 مقعد، شكلوا بمجموعهم عضوية 1337 وحدة إدارية.
بقراءة سياق الانتخابات المحلية، لوحظ انخفاض الإقبال على الترشح للانتخابات في الأيام الثلاثة الأولى من المدة القانونية، وقد فسرت الحكومة ذلك بعدم استكمال الراغبين بالترشح للأوراق والمستندات القانونية المطلوبة، ورغبة منها في تدارك ضعف الإقبال وإقراراً منها بذلك، قامت حكومة النظام عبر ممثليها وبالتعاون مع قيادات حزب البعث والموالين لها محلياً بإجراء لقاءات ميدانية مكثفة لحث الناس على الترشح، كما قامت الحكومة بحملة إعلامية على وسائل الإعلام السورية العامة والخاصة للترويج للانتخابات وأهمية المشاركة فيها، ومما يعزز الاستنتاج بضعف الإقبال على الترشح، تمديد عمل اللجنة القضائية العليا للانتخابات حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً من يوم 01-08-2018، ليظهر الفارق بشكل ملحوظ بين 1800 طلب ترشح في الأيام الثلاثة الأولى، وبين ما أعلن عنه من رقم بلغ 49 ألف طلب ترشح بنهاية المهلة القانونية للترشح.
هذا وقد سجلت محافظة اللاذقية أعلى عدد لطلبات الترشح بــ 9400 طلب، في حين سجلت محافظات درعا (1100)، الرقة (1500)، إدلب (1500)، دير الزور (1500) والسويداء (1616) أدناها، ويمكن تفسير انخفاض طلبات الترشح في هذه المحافظات بكونها لا تخضع بكليتها لسيطرة النظام كما في إدلب والرقة ودير الزور، كذلك بتواجد هيئات حوكمية فيها تتبع للمعارضة أو لمجلس سورية الديمقراطي، إضافةً لعدم نجاح شبكات النظام المحلية والحكومية والحزبية في حث السكان على الترشح في هذه المحافظات، كما يمكن اعتبار العامل الأمني والوضع العسكري سبباً مفسراً لانخفاض طلبات الترشح في درعا والسويداء، هذا ويعزز انخفاض عدد طلبات الترشح في محافظتي درعا وإدلب إمكانية اللجوء إلى التزكية في عدد من وحداتهما الإدارية دون الحاجة إلى إجراء انتخابات فيها، بشكل مماثل لما تم في عدد من الدوائر الانتخابية في انتخابات الإدارة المحلية لعام 2011، ومما يلفت الانتباه تقدم 3100 شخص بطلب ترشح في محافظة الحسكة التي تخضع بأجزاء واسعة منها لسيطرة قوات "قسد"، بما يعزز من احتمال تواجد تفاهمات بين النظام ومجلس سورية الديمقراطي بخصوص الانتخابات المحلية، الأمر الذي أفادت به إحدى المواقع الإخبارية المعارضة. ([18])
لا تزال الصورة غير واضحة من حيث خوض حزب البعث وأحزاب الجبهة الوطنية انتخابات الإدارة المحلية في قائمة موحدة أو بشكل منفرد، وذلك بحسب ما أفاد به مصدر في حزب البعث لصحيفة الوطن، ويمكن النظر إلى ما سبق كمؤشر على توجه البعث في المرحلة المقبلةـ، فقد يقرر البعث خوض الانتخابات منفرداً والاستئثار بالجزء الأكبر من أعضاء المجالس المحلية سيما مع هيمنته على مقاعد الفلاحين والعمال، بما يضمن له الهيمنة على المجالس المحلية وقراراتها وتوظيف ذلك للتحكم بمسار عملية إعادة الإعمار، فضلاً عن استخدام ذلك في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقد يؤدي هذا التوجه إلى تعزيز الانقسامات داخل الجبهة الوطنية بما يفسح المجال أمام سيناريوهات انهيارها أو بقائها بشكلها الصوري أو إنتاج تجربة ائتلافية جديدة. في حين يمكن قراءة تريث البعث بالإعلان عن قراره خوض الانتخابات منفرداً أو بالتحالف مع أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، باستمرار المفاوضات بينه وبين أحزاب الجبهة سيما في ظل ارتفاع مطالب بعضها بزيادة حصتها من عضوية مجالس وحدات الإدارة المحلية، نظراً لما قدمته من دعم للنظام خلال فترة الأزمة سيما الاشتراكيين والقومي الاجتماعي.
على الرغم من حملة الترويج المكثفة التي يقوم بها النظام لانتخابات الإدارة المحلية، إلا أنها تفتقد للشرعية والمصداقية، وتحتوي على مخالفات قانونية صريحة يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
خدمياً، اشتكى المواطنون في عدد من المدن والبلدات والبلديات من سوء الواقع الخدمي، حيث عبر أهالي حي الزهور في دمشق وجرمانا في ريف دمشق عن شكواهم من انتشار القمامة، كما انتقد أهالي قرية بسطوير في ريف جبلة من واقع الخدمات في قريتهم، كذلك اشتكى عدد من سكان مدن وبلدات ريف دمشق وقاطني الريف الشمالي الشرقي في السويداء من نقص مياه الشرب، ويمكن تفسير سوء الواقع الخدمي بمشاكل تتصل بالفساد في مجالس الإدارة المحلية وافتقادها للصلاحيات والتمويل، حيث اشتكى مجلس مدينة اللاذقية من نقص التمويل للازم لمكافحة القوارض والحشرات.
هذا وقد برزت مؤشرات على تفاهمات خدمية بين حكومة النظام ومجلس سورية الديمقراطية، ظهرت بشكل واضح في ملفات القمح والنفط والانتخابات المحلية، ويتوقع لهذه التفاهمات الخدمية أن تتوسع في المرحلة المقبلة سيما في ظل حاجة كل طرف إلى الآخر، إضافة إلى ما يبدو بأنه عدم ممانعة الجانب الأمريكي لهذه التفاهمات.
اقتصادياً، تؤشر بيانات التحويلات المالية الواردة إلى سورية بشكل واضح خلال السنوات القليلة الماضية عن مدى أهميتها في دعم النظام السوري اقتصادياً، حيث أسهم تدفق القطع الأجنبي من خلال هذه الحوالات في تأمين الحد الأدنى اللازم لاستمرار النشاط الاقتصادي، ومع ذلك يتوقع تراجع هذه التحويلات في المستقبل لعوامل مرتبطة بإقامة السوريين في دول الخليج، وغيرها من العوامل المرتبطة بوجود توجه دولي لإعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، وهو ما من شأنه أن يخلق ضغوط اقتصادية على حكومة النظام التي تسعى بشكل حثيث إلى إعادة تدوير عجلة الاقتصاد وتنشيط القطاعات الإنتاجية من خلال الترويج للفرص الاستثمارية، كذلك سعيها إلى تنشيط العلاقات الاقتصادية مع دول الجوار (لبنان، العراق، الأردن) والانفتاح على الدول الأوربية عبر رجال الأعمال، ورغم كل ما بذلته حكومة النظام من جهود في هذا الصدد، فإن قدرتها على تنشيط الحياة الاقتصادية تبقى محدودة لارتباطها بمجموعة من العوامل المتمثلة بــ:
([1]) فادي بك الشريف، بعد صدور قانون التنمية الإدارية.. سفاف لـ«الوطن»: آليات جديدة للعمل ورصد رأي المواطن بجميع الوسائل، جريدة الوطن، تاريخ 24-07-2018، رابط إلكتروني http://alwatan.sy/archives/159807
([2]) هناء غانم، مجلس الشعب يقرّ تعديل قانون خزانة تقاعد المهندسين، جريدة تشرين، تاريخ 04-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Mc5dlk
([3]) هناء غانم، بانتظار القانون .. منح مجلس الدولة صلاحية تصديق عقود تزيد على 150 مليوناً، تاريخ 12-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2n5JRv5
([4]) هناء غانم، دياب لـ«الوطن»: يقدم حوافز مدروسة ويوجه الاستثمارات نحو الأولويات … مشروع قانون الاستثمار الجديد على موقع التشاركية لنهاية تموز، جريدة الوطن، تاريخ 03-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OBmWE8
([5]) هناء غانم، «الوطن» تنشر النسخة الأخيرة لمشروع قانون الجمارك الجديد … الجمارك من مديرية إلى هيئة عامة، تاريخ 02-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2ODRCoA
([6]) تجدر الإشارة إلى أنه في انتخابات الإدارة المحلية عام 2011، تنافس 42889 مرشح على 17588 مقعد، يشغلون عضوية 1337 وحدة إدارية.
([7]) رئيس اللجنة القضائية العليا: أكثر من 49 ألفا إجمالي عدد طلبات الترشيح لمجالس الإدارة المحلية. وكالة سانا، تاريخ 02-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Kki3ME
([8]) «الإدارة المحلية والبيئة» تستعد لانتخابات المجالس المحلية، جريدة تشرين، تاريخ 05-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2AEQoGE
([9]) بلغ عدد الدوائر الانتخابية الخاصة بانتخاب مجالس المحافظات 85 دائرة انتخابية توزعت وفق الشكل التالي: تم تقسيم دمشق وريفها إلى 16 دائرة خمس في المدينة و11 في ريفها، تقسيم حلب إلى 15 دائرة أربع في المدينة و11 في ريفها، تقسيم حمص إلى 7 دوائر انتخابية واللاذقية 5 وطرطوس 7 ودير الزور 3 والحسكة 6 ودرعا 6 والسويداء 3، القنيطرة دائرة واحدة. بينما تعتبر كل محافظة دائرة انتخابية ما عدا محافظة حلب التي تقسم إلى دائرتين دائرة مدينة حلب ودائرة مناطق محافظة حلب، وذلك لانتخاب مجلس الشعب، بينما تعتبر أراضي الجمهورية العربية السورية دائرة انتخابية واحدة لغرض انتخاب رئيس الجمهورية والاستفتاء بحسب قانون الانتخابات العامة رقم 5 لعام 2014.
([10]) اقتصر الدعم المقدم من وزارة الإدارة المحلية في شهر تموز 2018 على تقديم إعانات مالية دون مساهمات مالية، حيث اقتصرت على مجلس مدينة الحسكة وكذلك على مجلس بلدة جنينة رسلان في محافظة طرطوس، وذلك بحسب البيانات الواردة على موقع وزارة الإدارة المحلية والبيئة.
([11]) تمديد العمل بقرار تشكيل لجنة إعادة الإعمار، موقع وزارة الإدارة المحلية والبيئة، تاريخ 04-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2vuqGik، يذكر بأن لجنة إعادة الإعمار قد أحدثت بقرار مجلس وزراء بتاريخ 2012 برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات – وزير الإدارة المحلية.
([12]) مستوردات العام من إيران بلا رسوم وضرائب لمدة ستة أشهر … الحكومة تعتمد مقترحات جهاز الرقابة المالية لتطوير شفافية المؤسسات، جريدة الوطن، تاريخ 23-07-2018، رابط إلكتروني http://alwatan.sy/archives/159654
([13]) مذكرة تفاهم للتعاون السوري الإيراني بمجال التعليم العالي والبحث الطبي، جريدة تشرين، تاريخ 03-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2MfjptO
([14]) فادي بك الشريف، مدير «الحجازي» لـ «الوطن»: شركة إيرانية تقدم عرضاً لتنفيذ قطار الضواحي … 13 ألف زوج لوحات سيارات مصنعة خلال نصف عام، جريدة الوطن، تاريخ 16-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2vbCPJG
([15]) عبير سمير محمود، تبعية أسواق الهال لمجالس المدن أكبر خطأ … الغربي لـ«الوطن»: تجار سوق الهال مافيات حقيقية، جريدة الوطن، تاريخ 26-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2LXuRNF
([16]) علي محمود سليمان، «مقايضة» بين الخضر السورية والقمح الروسي … الفلاحون باعوا «الحبوب» 245 ألف طن قمح بـ40 مليار ليرة، جريدة الوطن، تاريخ 18-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2O9eXNI
([17]) عماد نصيرات، تعاون مستقبلي مشترك بين محافظتي ريف دمشق وريف موسكو، جريدة تشرين، تاريخ 18-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Kqt3Ih
([18]) لقاء اللواء جايز موسى مع سيبان حمو، موقع فرات بوست، تاريخ 28-07-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2KnWeM6