التقارير

ملخص عام

  • شهد شهر أيلول/سبتمبر 2025 محاولات رسمية ومدنية وأهلية لإدارة تداعيات الأزمات ولكنها أتت غير مندمجة ضمن إطار منهجي موحّد. فقد استمرت التوترات المحلية في عدة مناطق نتيجة احتجاجات مطلبية خدمية وأمنية، كان أبرزها احتجاجات المعلمين في ريف حلب الشمالي بسبب تأخر الرواتب والمطالبة بالإدماج في وزارة التربية، إضافة إلى ما شهده هذا الشهر من نزاعات لها طابع طائفي وأحياناً مناطقي مثل تصاعد حوادث الخطف والقتل والاعتداءات في حمص، حماة، واللاذقية، مما ينعكس سلباً على الأمن المجتمعي ويعمق فجوة الثقة بين السكان والمؤسسات.
  • على الرغم من المحاولات الرسمية لمكافحة خطاب الكراهية، كاللقاء الذي جمع وزير الداخلية بوجهاء وأعيان محليين، وطرح مشروع قانون لمكافحة هذا الخطاب من قبل وزارت أخرى، فإن غياب الإجراءات التنفيذية الواضحة، وعدم ترجمة تلك المحاولات ونقلها من حيز الطرح إلى إجراءات تقنية قابلة للتطبيق، قد حد من أثر هذه المبادرات.
  • في سياق العدالة الانتقالية، سُجلت تحركات بارزة تمثلت في توقيف شخصيات متورطة بانتهاكات جسيمة بحق المدنيين خلال حكم نظام الأسد، بالتوازي مع إطلاق مشاريع رمزية مثل «المتحف الافتراضي لسجون سوريا»، وتحركات قضائية دولية في فرنسا وألمانيا بحق مجرمي الحرب. غير أن هذه الجهود بقيت محصورة ضمن مسارات جزئية، في ظل غياب منظومة قانونية مستقلة وشاملة للمساءلة والمحاسبة.
  • في ملف النازحين واللاجئين، سُجلت عودة طوعية لآلاف اللاجئين من لبنان وتركيا والأردن إلى حمص وإدلب وريف دمشق. غير أن ضعف الخدمات الأساسية وارتفاع كلفة الإجراءات الإدارية (كتسجيل الولادات واستصدار الوثائق والقيود الرسمية) واستمرار مخاطر الألغام ومخلفات الحرب أعاقت استقرار العائدين. كما شهد الشهر موجات نزوح خفيفة بفعل التوترات الأمنية والقصف الإسرائيلي في بعض مناطق محافظة درعا، والحرائق في الشمال الغربي للبلاد.
  • أما على مستوى المبادرات المجتمعية، فأطلقت مبادرات أهلية في إدلب وريف دمشق والباب ودير الزور لجمع التمويل وتحسين الخدمات، وقد حقق بعضها استجابة مالية معتبرة. غير أن ضعف الشفافية والحوكمة الفعالة أثار مخاوف من اتساع الفجوة بين الوعود والتنفيذ. كما نفذت فعاليات سياحية رمزية بمناسبة اليوم العالمي للسياحة تركزت في حلب، لكنها لم تُخف واقع التردي الخدمي. وحاولت وزارة الإعلام، عبر مؤتمر «مؤثرون»، إظهار وجه متطور للمدينة، غير أن النتائج لم تكن على قدر التوقعات، وكشفت حجم التناقض بين الخطاب الرسمي وتحديات الناس اليومية.

بوجه عام، لا تزال المنظومة الاجتماعية غير قادرة على التفاعل البنّاء مع النظام السياسي ومؤسساته، وكذلك العكس، على نحو يجسد روح المواطنة؛ وهو ما يبقي السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في حالة سلبية.

قطاع السلم الأهلي والتماسك المجتمعي

شهد قطاع التعليم توترات متزايدة خلال شهر أيلول/سبتمبر، شملت عدة مناطق جغرافية، ولا سيما في ريف حلب الشمالي، وذلك على خلفية بطء استجابات وزارة التربية السورية وغموض سياساتها الإدارية، وقد نظم المعلمون وقفة احتجاجية للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية عقب توقف الدعم التركي، مع الدعوة إلى إدماجهم رسمياً في الملاك الوظيفي للوزارة. وبرزت نقابة المعلمين الأحرار فاعلاً مدنياً له ثقل شعبي، بينما سعت إدارات المجمعات التربوية إلى احتواء الاحتجاجات بوسائل غير تصادمية.

وفي مناطق الإدارة الذاتية، تصاعدت التوترات نتيجة قرارات حظر المناهج الحكومية في الرقة وإغلاق المعاهد التعليمية الخاصة، مما فجر ردود فعل مجتمعية رافضة لدى المكون العربي. كما أثار وضع «جامعة الفرات» تحت إدارة الإدارة الذاتية موجة استنكار، في ظل تعثر اتفاق آذار الرامي إلى توحيد المؤسسات الخدمية، وعلى رأسها التعليمية.

وفي ما يتصل بملف انتخابات مجلس الشعب، رافقت التحضيرات فعاليات توعوية محدودة لتشجيع المشاركة، ولا سيما مشاركة النساء، لكنها افتقرت إلى الانتشار والوقت الكافيين. وفي خضم العملية الانتخابية، نشب خلاف واسع بسبب استبعاد أسماء مرشحين محسوبين على الحراك الثوري، ما أثار احتجاجات في بعض المناطق. وقد أعيدت بعض الأسماء بعد الضغط الشعبي، وأصدرت اللجنة العليا بيان توضيحي، لكنه لم ينه الجدل حول معايير الترشح والشرعية. وألقى هذا الخلاف الضوء على التباين بين المرشحين ذوي الخلفيات الثّورية وأولئك المعروفين بدعمهم السابق للنظام، بما يعكس استمرار أزمة السردية السياسية ومسألة الأحقية الثّورية.

أما فيما يتعلق بالمبادرات الرسمية والمدنية، فقد استقبل وزير الداخلية وفوداً دينية ومواطنين قدموا شكاوى عبر معرفات الوزارة ومكاتبها، في محاولة لبناء جسور الثقة، غير أن هذه الجهود اقتصرت على دمشق، فيما تواصلت الانتهاكات في مناطق أخرى.

في حمص، طرحت مبادرة لتشكيل لجنة صلح محلية بعد تزايد حالات الخطف والقتل وانتحال صفة عناصر أمن لتنفيذ عمليات تهدد أمن السكان. وأثارت قضايا مثل الاعتداء على روان الأسعد في سلحب وجريمة القتل في جدرين توترات طائفية واتهامات لعناصر تتبع فصائل عسكرية؛ وتفاعلت الدولة بدخول قوى الأمن العام إلى المدن لحماية المجتمعات المحلية من تجاوزات أفراد وزارة الدفاع، توازياً مع احتجاجات في ريف حماة وأنباء عن حرق مقام الشيخ محمد عجمي.

وأُحيل عنصر من قوى الأمن في مخيم النيرب إلى التحقيق بعد مقتل مطلوب، ما يظهر نوع من التضارب في عمل قوى الأمن والعسكر وتداخل حدود صلاحيات كل منهما ودورهما في حفظ الأمن والنظام.

وفي محاولة لبناء جسور التواصل بين الدولة والمواطنين، اتخذت خطوات غير مدروسة العواقب، فأفضت إلى نتائج عكسية؛ إذ تعرض مؤتمر أقامته وزارة الإعلام في حلب لانتقادات شعبية، بسبب طابعه الدعائي وجمعه مؤثرين لم يسهموا في ما يفيد عملية التعافي وإعادة الإعمار. وفي دمشق، طرح مشروع قانون لمكافحة خطاب الكراهية من دون خطوات تنفيذية واضحة. أما في السفيرة بحلب، فقد شهدت المدينة مقتل امرأتين خلال شهر واحد، ما أثار المطالبة بدور أكبر للمجالس المحلية في حفظ الأمن، وذلك في ظل ضعف انتشار القوى الأمنية وسيطرتها في أرياف مدينة حلب.

شهد قطاع السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في شهر أيلول/سبتمبر تصاعداً للتوترات الإثنية والمناطقية. ففي حلب، فجرت حادثة تحطيم تماثيل فنية في كلية الفنون جدلاً حول تغلغل «توجهات متشددة» في المؤسسات الرسمية. وتزامن ذلك مع قصف نفذته «وحدات حماية الشعب» شرق المحافظة، ما فاقم التوترات في أحياء مختلطة عربية وكردية. كما استمرت، في ريف حلب الشرقي والشمالي، حوادث السلب والانفلات الأمني التي كانت تسجل قبل «التحرير» في مناطق وجود فصائل «الجيش الوطني»، رغم دمج هذه الفصائل ضمن وزارة الدفاع. وأفضت حملة دهم واعتقالات في المناطق الشرقية إلى مقتل شاب تحت التعذيب في سجون «قسد»؛ وهي حوادث تتكرر في الآونة الأخيرة، في ظل تعتيم على أوضاع السجون والمعتقلات التابعة لمناطق الإدارة الذاتية، مما أدى إلى مواجهات مسلحة مع العشائر العربية في دير الزور.

أما في السويداء، فلم تخفف التطمينات الأمنية بشأن طريق دمشق–السويداء من حدة الغضب الشعبي، الذي تصاعد مع أزمة الطحين وأطلق حملة «بيان الطحين»، التي انتهت بتدخل برنامج الأغذية العالمي. كما واجهت خريطة الحل السياسي، التي طرحت خارجياً، مقاطعة محلية من الأهالي، إذ أكدوا رفضهم مشاركة الحكومة في لجان التحقيق أو فرض أي سيطرة أمنية

وعلى مستوى التفاعل الأهلي والمجتمعي تجاه التحديات المحلية، نفذت خلال الشهر حملات أهلية بارزة، مثل «الوفاء لإدلب» لإعادة تأهيل البنى التحتية، و«ريفنا بيستاهل» في ريف دمشق، وقد جمعت تبرعات كبيرة. وفي مدينة الباب أطلقت مبادرة «أهل العز»، وفي شرق حلب حملة «باب الخير»، إضافة إلى حملة «دير العز» في دير الزور. غير أن هذه الحملات ووجهت بتساؤلات حول الشفافية وآليات الرقابة، وسط مخاوف من فجوة بين التغطية الإعلامية والتنفيذ الفعلي، وأبدى السكان تخوفهم من غياب أدوات متابعة واضحة وحوكمة مالية رشيدة.

وفي خطوة نحو التعافي ومحاولة لبناء أمل جماعي، وبمناسبة اليوم العالمي للسياحة (27 أيلول/سبتمبر)، شهدت حلب اهتماماً بإحياء دورها الثقافي عبر ورش تنظيف قلعة حلب وتنشيط المبادرات الشبابية. وهدفت هذه الجهود إلى إبراز المدينة القديمة بالتصوير الجوي والترويج لها بوصفها رمزاً للتعافي. غير أن الهوة لا تزال واسعة بين المبادرات الأهلية ودور الدولة في تحسين الواقع الخدمي، ما يقتضي مقاربة شاملة تدمج البنية التحتية بالتعافي المجتمعي الحقيقي.

العدالة الانتقالية في سورية

 حركية سريعة في ملف العدالة الانتقالية، تركزت على ملاحقة رموز النظام السابق ومتورطين في انتهاكات جسيمة ضد المدنيين. نفذت الأجهزة الأمنية عمليات في عدة محافظات طالت شخصيات بارزة، مثل كوان الطارش في البوكمال، وزهير عبد الحي في ريف حلب، وسجاني سجن صيدنايا، إلى جانب توقيف مشتبهين بتهريب أسلحة لـ«قسد» وبارتكاب أعمال تعذيب وإعدامات ميدانية.

كما أُعلن عن محاسبة وسيم الأسد وأخذت اعترافاته، وصدر قرار غيابي بإلقاء القبض على بشار الأسد على خلفية ما حدث في درعا بداية الثورة عام 2011. وفي محاولة لشمول العدالة الانتقالية جميع الانتهاكات، بما فيها الحديثة، فتحت تحقيقات مع عناصر أمنية لضلوعهم في مقتل بعض الموقوفين لدى الأمن العام، كما اعتقلت شخصيات متورطة في اغتيالات وابتزاز في الفترة الراهنة. وعليه، يزداد الضغط الداخلي والمجتمعي نحو مساءلة مرتكبي الانتهاكات، في ظل بيئة تفتقر إلى ضمانات قضائية مستقلة.

دولياً، شهدت الساحة تحركات ملموسة؛ إذ داهمت السلطات الفرنسية مقر منظمة «قرى الأطفال»، المشتبه بتمويلها ميليشيات موالية للنظام، فيما أعلنت ألمانيا توقيف لاجئ سوري بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وذلك ضمن مسار متصاعد للولاية القضائية العالمية. وفي السياق ذاته، أطلقت منظمات مدنية مشروع «المتحف الافتراضي لسجون سوريا» في المتحف الوطني بدمشق لتوثيق الانتهاكات في أماكن الاحتجاز، وشهد الإطلاق حضور صحفيين أجانب وممثلي منظمات دولية، ما يعكس سعياً إلى تثبيت الذاكرة الجمعية بوصفها جزءاً من مسار الحقيقة والإنصاف.

على مستوى المصالحة المجتمعية، شهدت السويداء لقاءات بين وجهاء محليين والعشائر العربية، برعاية الأمن الداخلي، أسفرت عن تبادل محتجزين كخطوة لاحتواء التوترات. في موازاة ذلك، برز ملف العدالة التوزيعية، إذ تعاني محافظة درعا أزمة مياه حادة نتيجة الجفاف، ما يسلط الضوء على مسببات التفاوت في توزيع الموارد والخدمات. أما في معرة مصرين، فقد تسبب انفجار مخزن أسلحة بمقتل وإصابة العشرات، وأعلنت وزارة الدفاع تقديم تعويضات تجاوزت قيمتها مليون دولار، بوصفه جزءاً من جبر الضرر عن خطأ ارتكبته الدولة الوليدة. وفي الوقت ذاته، نظمت وقفات احتجاجية في دمشق ومحافظات أخرى بشأن ملف الفروغ العقاري، مع مطالبات بتشكيل لجان تحقيق تضم شخصيات معروفة بالحياد، مما يعكس ضعف الثقة باللجنة التي شكلتها الدولة.

من ناحية مؤسسية، عقدت الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية اجتماعها الأول في دمشق، معلنة أن مهامها تشمل: كشف الحقيقة، والمحاسبة، وجبر الضرر، والمصالحة. غير أن تخوفات محلية عبرت عن قلق من اختزال دور الهيئة إلى لجان رمزية لا تملك أدوات مساءلة حقيقية. وعلى صعيد دولي رمزي، استضافت دمشق المؤتمر الثالث لمنظمات المجتمع المدني حول الأسلحة الكيميائية، بمشاركة جهات مدنية وناجين من مجزرة الكيماوي، واستناداً إلى نتائج ثلاث تحقيقات دولية أكدت استخدام النظام السابق لغازات سامة، ما يشير إلى تنامي المطالبة بمحاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات. في المحصلة، تبقى مسارات العدالة الانتقالية في سوريا هشة ومجزأة، وتفتقر إلى وجود لجان فرعية داخل الوزارات جميعها، بما يضمن إدماج مسار العدالة الانتقالية في سياسات الدولة المستقبلية.

النازحون والعائدون في سورية

تتسارع ديناميكيات العودة الطوعية في المرحلة الراهنة، مدفوعة بتحولات سياسية وأمنية داخلية، رغم استمرار المعوقات القانونية والاقتصادية والخدمية. وبحسب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، فإن 16.5 مليون شخص داخل سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، في حين لم يمول من خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025 سوى 14% من أصل 3.2 مليار دولار. وقد عاد نحو 2.5 مليون نازح ولاجئ إلى بلداتهم ومدنهم، كثير منهم إلى مناطق غير مهيأة للسكن، ما يثير مخاوف من إعادة إنتاج النزوح في ظل غياب الحد المقبول من شروط العيش الكريم. ورغم تسجيل هذه الأرقام، لا يزال هناك أكثر من 7 ملايين نازح داخلي، وأكثر من 4.5 مليون لاجئ في الخارج، وسط دعوات دولية لتعزيز الدعم للأسر الأشد هشاشة، وزيادة الاستثمار في مناطق العودة، بما يسهم في تحقيق استقرار مستدام.

في لبنان، أعلنت وزارة الداخلية عن عودة 238 ألفا من اللاجئين السوريين منذ سقوط النظام وحتى آب/أغسطس 2025، معظمهم إلى حمص وإدلب وحماة وريف دمشق، وذلك ضمن خطة منسقة مع منظمات دولية. وقد غادر 85%  من نازحي عرسال، مع استمرار صعوبات إزالة الأنقاض وإعادة تأهيل البنى التحتية ونقص الأيدي العاملة.
أما في الأردن، فقد عاد 152 ألفاً من اللاجئين، لكن الاستعداد للعودة تراجع من 40%  إلى 22%، بحسب المفوضية.
وفي تركيا، غادر أكثر من 150 ألف سوري مدينة غازي عنتاب، وانخفضت نسبتهم من 21%  إلى 14%، فيما بلغ عدد العائدين منذ كانون الأول/ديسمبر 2024 أكثر من 509  آلاف شخص.
أما في أوروبا، فقد أعلنت ألمانيا نيتها التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية لترحيل المخالفين للقانون، مع الإبقاء على المندمجين في المجتمع وسوق العمل .

محلياً، شهدت السويداء عودة عائلات إلى قرية القصر في ريف المحافظة، إذ عاد نحو 100 عائلة من البدو، وسط طوق أمني يفصلهم عن السكان المحليين. كما عادت الحياة إلى قرية الناجية في ريف إدلب بعد سبع سنوات من النزوح.
في المقابل، تستمر أزمة النزوح في درعا، حيث شغلت 52 مدرسةٌ لاستيعاب 6,750 نازحا، وسط رفض رسمي لإقامة مخيمات جديدة.
أما في شمال شرق سورية، فقد نفذت عمليات إعادة من مخيم المحمودلي إلى أرياف حمص وحماة وحلب ودير الزور، غير أن العائدين يواجهون صعوبات قانونية تضيف أعباء مالية، مثل ارتفاع كلفة تثبيت الولادات.
وفي إدلب، لا يزال أكثر من مليون مهجر يعيشون في نحو 1000 مخيم، رغم عودة  344,733   نازح خلال الربع الأول من العام.

وبالاستعراض الميداني لحركات النزوح الحديثة، نزحت عائلات من ريف منبج إثر قصف من «قسد»، كما نزح عدد من السكان في اللاذقية وكسب، بسبب حرائق امتدت إلى شمال حماة. وفي درعا، أدت ضربات إسرائيلية إلى نزوح مؤقت من بعض المناطق.

ورغم تحسن بعض مؤشرات الأمن، لا تزال الظروف الخدمية والتعليمية تمثل عائقا أمام العودة؛ فالحاجة إلى المدارس لا تزال ملحة؛ إذ أعلن عن تشغيل 150 مدرسة في معرة النعمان، وترميم 431 مدرسة، والعمل على 676 أخرى، بينما لا تزال 230 مدرسة خارج الخدمة في ريف دمشق. ومن جهة أخرى، تعد الألغام والذخائر غير المنفجرة التهديد الأمني الأبرز الذي يعيق العودة، إذ تسببت منذ عام 2011 بمقتل وإصابة أكثر من 13 ألف شخص. وتعد بلدة برلهين في ريف حلب من أكثر المناطق تلوثا بمخلفات الحرب، كما أدى تفجير ذخائر غير منفجرة على طريق مطار حلب إلى وقوع إصابات.

ورغم هذه التحديات كلها، برزت مبادرات بيئية وزراعية من شأنها إحياء الأمل بالعودة إلى الأراضي الزراعية. فقد عقد وزير الزراعة لقاءات مع مزارعي معرة النعمان، وأقيمت ندوة في إدلب حول التحول إلى الري الحديث لمواجهة التغيرات المناخية. غير أن هذه الجهود تبقى محدودة الأثر، ما لم ترفد بسياسات شاملة تعزز الحوكمة العادلة، وتدعم العودة الطوعية الكريمة والمستدامة.

الخلاصة

كشفت المعطيات الميدانية والسياسية خلال شهر أيلول/سبتمبر 2025 عن تعقيد المشهد السوري، واستمرار تداخل الملفات الخدمية والأمنية مع قضايا العدالة والعودة والتماسك المجتمعي. وعلى الرغم من بروز مؤشرات محدودة نحو الانفراج، مثل بعض المبادرات الأهلية والتحركات الأمنية باتجاه المحاسبة، فإنها تظل غير كافية أمام حجم التحديات البنيوية التي تعاني منها الدولة والمجتمع.

ويؤكد هذا الواقع أن بناء السلم الأهلي لا يمكن أن يتحقق عبر التدخلات السطحية بل لابد من التعمق داخل الأزمات مما يتطلب مقاربة شاملة ترتكز على إعادة الاعتبار للعدالة، واستعادة الثقة بين المواطنين والمؤسسات، وضمان المشاركة المجتمعية الفعلية في صنع القرار. وإن غياب الرؤية الاستراتيجية المتكاملة، واستمرار التفاوت في الاستجابة بين المناطق، من شأنه أن يعيد إنتاج الترهل بدلاً من معالجته، ويحول دون تحقيق التعافي المستدام

ساشا العلو, صبا عبد اللطيف
مدخل شكّل تدخّل موسكو العسكري في سورية أواخر 2015 نقطة تحوّل حاسمة، حالت دون سقوط…
الثلاثاء تشرين1/أكتوير 07
نُشرت في  أوراق بحثية 
د.بشير زين العابدين
تمهيد تتسم المعادلة الأمنية في سورية بوجود تداخل بين مفاهيم: "الأمن الوطني" و"الأمن الإقليمي" و"الأمن…
الثلاثاء أيلول/سبتمبر 16
نُشرت في  أوراق بحثية 
أيمن الدسوقي
ملخص تنفيذي في حزيران 2025، تم الإعلان عن اتفاق بين القيادتين السورية والتركية لدمج الشمال…
الخميس آب/أغسطس 14
نُشرت في  أوراق بحثية 
مناف قومان
مدخل بعد مرور ثمانية أشهر على إسقاط نظام الأسد وأربعة أشهر على بدء الحكومة الانتقالية…
الأربعاء آب/أغسطس 13
نُشرت في  أوراق بحثية