ينتهج نظام الأسد سياسة متواصلة منذ سنوات في منع نشر بعض النصوص التشريعية، مخالفاً بذلك حق الشعب السوري في الوصول إليها، مما يوقع الكثير ممن يُطبَّق عليهم القانون في مشكلة نفاذه دون علمهم المسبق بهذه النصوص استناداً لقاعدة "لا جهل بالقانون"، ويشجع النظام عبر هذه السياسة زيادة الفساد الإداري و المالي في المؤسسات الحكومية والجهات النافذة بتجاوز معايير الشفافية والمساءلة، لتستشري الرشاوى والمحسوبيات والابتزاز تجاه المواطنين، بوجود خدمات لا ترقى لأدنى معايير الجودة، ناهيك عن التأثير السلبي في قطاع الأعمال عبر خلق بيئة يسود فيها عدم اليقين نتيجة حجب المعلومات ومنع الوصول إليها. بالإضافة إلى ذلك، فإن المعلومات الواردة في النصوص التشريعية ضرورية للأفراد والشركات والمنظمات لاتخاذ قراراتهم بناءً على معطيات صحيحة.
ستقدم هذه الورقة تعريفاً بأنواع النصوص التشريعية في سورية، وترصد عدد الصادر منها منذ عام 2010 وحتى 2023، وكذلك إظهار عدد التشريعات غير المنشورة بحسب كل عام بناءً على الأرقام التسلسلية لكل من القوانين والمراسيم التشريعية كل على حدة، مع ذكر الأسس القانونية لعملية النشر وكذلك وضع الاتفاقيات الدولية التي منع النظام نشر كامل تفاصيلها أو ملاحقها.
اعتمدت منهجية الورقة على مجموعة من المراحل وعمليات التحقق من عدة مصادر مختلفة، من أجل التأكد التام بألا يكون هناك أي نص تشريعي قد تم اعتباره غير منشور، عبر بناء قاعدة بيانات خاصة بكافة التشريعات الصادرة منذ عام 2010 وحتى نهاية 2023، تتضمن رقم وعنوان كل نص تشريعي وتاريخ نشره، وذلك من خلال البحث في المواقع الرسمية المتاح الوصول إليها عبر الانترنت، كموقع مجلس الشعب وموقع رئاسة مجلس الوزراء ومواقع الوزارات المختلفة، وكذلك موقع الوكالة السورية للأنباء "سانا"، بالإضافة للصحف المطبوعة وغير المطبوعة الرسمية منها وغير الرسمية، وغيرها من المصادر.
والأهم من ذلك كُله، تم البحث في كافة أعداد "الجريدة الرسمية" باعتبارها الوسيلة الرسمية المعتمدة من قبل الدولة لنشر التشريعات والمراسيم والقرارات الوزارية وغيرها، وسمحت قاعدة البيانات بإحصاء كافة التشريعات وتحديد غير المنشورة منها، وكذلك إحصاء عدد الاتفاقيات الدولية التي تمت المصادقة أو الموافقة عليها، والتأكد مما إذا كانت نصوصها وملاحقها قد نُشرت كاملة أم لا.
مع العلم أن الوصول إلى الجريدة الرسمية ذاتها غير متاح عبر الإنترنت بشكل رسمي عبر موقع أو بوابة إلكترونية مُعتمدة من قبل الدولة، حيث تم الاعتماد على عدة مصادر تتوفر لديها الجريدة الرسمية كإجراء إضافي للتأكد من عدم وجود أي نقص في أعداد الجريدة الرسمية.([1])
حدد دستور 2012 في المادة 55 منه أن يتولى مجلس الشعب السلطة التشريعية في الدولة وهي حق أصيل للمجلس، كما حدد الدستور في المادة 113 "تولي رئيس الجمهورية سلطة التشريع خارج دورات انعقاد مجلس الشعب، أو أثناء انعقادها إذا استدعت الضرورة القصوى ذلك، أو خلال الفترة التي يكون فيها المجلس منحلاً"،([2]) وهذه الحالة إشكالية بحد ذاتها لارتباطها بمعيار مرن وغير محدد وهو معيار "الضرورة" التي يجب أن تفسر في أضيق حدودها، فلا يمكن لـ"رئيس الجمهورية" أن يمارس سلطة التشريع إلا في حالة وجود استعجال لا يحتمل التأخير، مثل حالات الحرب أو الكوارث أو أي حدث يستوجب سرعة الاستجابة. علماً بأن مجلس الشعب يعقد، وفق نظامه الداخلي، ثلاث دورات عادية في السنة.([3])
تُقسم النصوص التشريعية في سورية إلى قسمين: "القوانين"، وهي النصوص التشريعية التي يقرها مجلس الشعب ثم يصدرها "رئيس الجمهورية"، و"المراسيم التشريعية"، وهي النصوص التي يصدرها "رئيس الجمهورية" مباشرة وتُعرض لاحقاً على مجلس الشعب للتصديق كإجراء روتيني. وغالباً ما تُصدر المراسيم التشريعية خارج تواريخ انعقاد الدورات العادية لمجلس الشعب، أو في حالات رفع الجلسات بنهاية العطل الرسمية خلال انعقاد دورات المجلس.
يتولى بشار الأسد بصفته "رئيس الجمهورية" ورئيس السلطة التنفيذية عملية التشريع خلال أيام السنة أكثر من السلطة التشريعية في البلاد،([4]) ويتولاها منفرداً لـ/201/ يوم مقابل /164/ يوماً لمجلس الشعب في السنة الواحدة، كما لا يمنعه ذلك من إصدار مراسيم تشريعية حتى في عطلات نهاية الأسبوع أو في الأيام العادية خلال انعقاد الدورات.
على سبيل المثال، أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي 37 لعام 2023، بتاريخ 1 كانون الأول/ديسمبر الموافق ليوم الجمعة،([5]) كما أصدر المرسوم التشريعي 38 لعام 2023، بتاريخ 13 كانون الأول/ديسمبر الموافق ليوم الأربعاء بعد أن تم رفع جلسة المجلس بذلك اليوم لصباح يوم الخميس.([6]) عملياً، يمكن لبشار الأسد أن يتولى التشريع في جميع أيام السنة، سواء استدعت الضرورة ذلك أم لا.
هناك أيضاً "المراسيم التنظيمية"، التي تُختصر بـ "المراسيم"، وغالباً ما يُخلط بينها وبين المراسيم التشريعية. بينما في الواقع، لا تتضمن هذه المراسيم أي تشريعات جديدة، بل تُصدر استناداً إلى نصوص تشريعية سابقة، مثل تعيين الحكومة، أو وزير، أو محافظ، أو سفير، ومنح الأوسمة، وغيرها.
يحتكم النشر الرسمي لكافة الصكوك بما فيها التشريعات والقرارات والتعميمات وغيرها من النصوص على قانون النشر القانون 5 لعام 2004، يفصل القانون في مواده تعريف الجريدة الرسمية، وآلية النشر، والصكوك التي تخضع للنشر، وطريقة ترقيم كل منها وترقيم صفحات أقسامها، بالإضافة إلى تحديد الجهة المشرفة على عملية النشر وتحديد الجهة التي تُشرف عليها.([7])
يعتمد نظام الأسد على المادة الثالثة من قانون النشر، لمنع نشر بعض التشريعات، وتنص المادة على أنه: "يجوز بناء على ضرورة الدفاع الوطني ومقتضيات سلامة الدولة عدم نشر بعض القوانين والمراسيم والقرارات وملاحقها في الجريدة الرسمية أو نشرها بصورة مقتضبة على أن يشار إلى ذلك في كلا الحالتين في القانون أو المرسوم أو القرار وعلى الوزارة المختصة في الحالة الثانية أن تحدد النص الموجز الواجب نشره وإرفاقه بالقانون أو المرسوم أو القرار".
سمح التفسير والاستخدام الواسع لهذه المادة لنظام الأسد بالتهرب من نشر بعض التشريعات، مستنداً إلى أحكام هذه المادة التي تتيح له ذلك تحت غطاء قانوني. يترافق هذا الأمر مع قصور واضح في الدستور بشكل عام، وفي حق النفاذ إلى المعلومات بشكل خاص. كما أن نظام الأسد يخالف القوانين الدولية ولا يلتزم بتنفيذ المعاهدات التي وقع عليها، كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه في 23 آذار/مارس 1973،([8]) حيث ينتهك نظام الأسد المادة 19 من العهد، التي تنص على أن لـ "كل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها".([9]) كما أنه يتجاوز أحكام الفقرة 2 من المادة 3 من قانون الإعلام الصادر بالمرسوم التشريعي 108 لعام 2011، والتي تنص على "حق المواطن في الحصول على المعلومات المتعلقة بالشأن العام".([10])
بناءً على منهجية العمل وقاعدة البيانات المنشأة، تم الوصول إلى جميع التشريعات (القوانين والمراسيم التشريعية) المنشورة، وكذلك معرفة أعداد التشريعات غير المنشورة بالاعتماد على أرقامها التسلسلية لكل من القوانين والمراسيم التشريعية خلال الفترة المذكورة،([11]) صدر خلال هذه الفترة /1,230/ نصاً تشريعياً، منها /716/ بمراسيم تشريعية و/514/ بقوانين، وبلغ عدد النصوص التشريعية غير المنشورة بالمجمل/140/ نصاً، منها /30/ قانوناً و/110/ مراسيم تشريعية، وتشكل النصوص غير المنشورة ما نسبته 11.4% من مجمل التشريعات الصادرة، توضحها الأشكال التالية:
يُلاحظ من الشكل التالي (4)، أن عام 2011 شهد العدد الأكبر من مجمل التشريعات والمراسيم التشريعية. ويشير ذلك إلى وجود فجوة في التشريعات حاول النظام ردمها بعد بداية الثورة من خلال إصدار عدد كبير من النصوص التشريعية. وقد شهدت الأعوام التالية 2012 و2013 انخفاضاً؛ لكنها حافظت على أرقام مرتفعة نسبياً من التشريعات الصادرة، حيث بلغ عدد النصوص 107 و100 نص على التوالي، مما يشير إلى استمرار فترة التعديل التشريعي النشط.
ابتداءً من عام 2014 وحتى 2016، يلاحظ انخفاض تدريجي ملحوظ في إصدار التشريعات، حيث انخفض العدد من 80 نصاً في عام 2014 إلى 58 نصاً في عام 2016، وهو العدد الأقل على الإطلاق. وفي تلك الفترة نُشرت أغلب القوانين،([12]) أما في الفترة الواقعة بين عامي 2017 و2023، فيلاحظ ارتفاع النشاط التشريعي مقارنة بالمرحلة السابقة، مع زيادات طفيفة في السنوات الأخيرة، حيث بلغت ذروتها ب 83 نصاً في عام 2023. إجمالاً، يبلغ متوسط معدل التشريعات السنوي 88 تشريعاً خلال الفترة المدروسة، وينخفض إلى 75 تشريعاً بين عامي 2014 و2023.
يوضح الشكل التالي (5)، التشريعات غير المنشورة خلال الفترة المعينة بشكل مفصل، ويُظهر التباين في عدد التشريعات غير المنشورة سنوياً، مع ذروتين واضحتين في عامي 2011 و2021. ففي عام 2011 مُنع نشر 15 مرسوماً تشريعياً و4 قوانين، مما يشير إلى منع نشر تشريعات تتعلق بأحداث مرتبطة بمجريات الثورة. بينما حدثت الذروة الكبرى في عام 2021، مع منع نشر 21 تشريعاً، منها 15 مرسوماً تشريعياً و6 قوانين، وقد يعكس هذا الأمر استراتيجية جديدة مرتبطة بمرحلة الانتخابات الرئاسية عام 2021 وما يليها.([13])
أما في السنوات من 2012 إلى 2020، فتتراوح أعداد التشريعات غير المنشورة بين 3 إلى 10 سنوياً، ويلاحظ انخفاض عدد التشريعات غير المنشورة في أعوام 2013/ 2014/ 2016/ 2017، مقارنة بارتفاعها في عام 2015 ( عام التدخل العسكري الروسي) إلى 10 تشريعات، 9 منها مراسيم تشريعية. فيما استمرت سياسة منع النشر خلال السنوات الأخيرة 2022 و2023 لتبلغ 12 و13 تشريعاً على التوالي صدر أغلبها بمراسيم تشريعية.
يشير التباين الواضح في عدد التشريعات غير المنشورة بين سنة وأخرى؛ إلى أن هناك سنوات تم فيها منع نشر عدد أكبر من التشريعات مقارنة بسنوات أخرى، نتيجة ظروف معينة كان يمر بها النظام أو نتيجة تحولات في استراتيجياته، مما استدعى منع نشر هذه التشريعات. وفي حين شكل عام 2021 عام الذروة في عدد التشريعات غير المنشورة؛ سجـل عام 2016 العدد الأقل بـ 3 مراسيم تشريعية غير منشورة.
يُظهر الاتجاه العام خلال فترة الدراسة أن غالبية التشريعات كانت منشورة، خاصة القوانين، بينما كانت المراسيم التشريعية أكثر عرضة لمنع النشر. ويتماشى هذا النمط مع نهج النظام وعقليته وارتباط سلوكه بالأوضاع السياسية والأمنية السائدة. إذ تهدف هذه السياسة إلى السيطرة على المعلومات ومنع الوصول إلى التشريعات التي قد تُعتبر حساسة أو تؤثر على استقرار النظام أو صورته أمام العامة، خصوصاً في مناطق سيطرته.
الشكل(6): شكل تفاعلي للتشريعات الصادرة خلال الفترة 2010 – 2023
تختلف النسب المئوية للتشريعات المنشورة وغير المنشورة بحسب السنوات، ولا يشترط أن يكون العام الذي شهد عدداً كبيراً من التشريعات هو نفسه العام الذي يشهد عدداً كبيراً من التشريعات غير المنشورة.
يوضح الشكل التالي (7)، توزع النسب المئوية للقوانين والمراسيم التشريعية غير المنشورة حسب نوعها وعددها الإجمالي. وتشكل النسبة المئوية للقوانين غير المنشورة خلال فترة الدراسة 5.8% من إجمالي القوانين، في حين تشكل نسبة المراسيم التشريعية غير المنشورة 15.4% من إجمالي المراسيم التشريعية. أما النسبة المئوية للتشريعات (قوانين ومراسيم تشريعية) غير المنشورة فهي 11.4% من إجمالي التشريعات الصادرة خلال الفترة المحددة.([14])
الاتفاقيات الدولية: إخفاء نصوص بعض الاتفاقيات
يتولى مجلس الشعب، بحسب الفقرة 6 من المادة 75 من دستور عام 2012، عملية "إقرار المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تتعلق بسلامة الدولة، وهي معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة، أو الاتفاقيات التي تمنح امتيازات للشركات أو المؤسسات الأجنبية، وكذلك المعاهدات والاتفاقيات التي تُحمّل خزانة الدولة نفقات غير واردة في موازنتها أو التي تتعلق بعقد القروض أو التي تخالف أحكام القوانين النافذة ويتطلب نفاذها إصدار تشريع جديد". ويمارس "رئيس الجمهورية" هذا الحق ضمن حدود صلاحياته التشريعية الاستثنائية.
خلال الفترة بين عام 2010 ونهاية 2023، تمت المصادقة أو الموافقة على /153/ اتفاقية دولية، منها /80/ اتفاقية صادق عليها مجلس الشعب وصدرت بقانون، بينما صدرت /73/ منها بمرسوم تشريعي. علماً أن الاتفاقيات المذكورة هنا تشمل ما تمت المصادقة أو الموافقة عليها دون التطرق إلى تلك التي تحمل صيغة الانضمام، حيث تُعتبر المصادقة أو الموافقة أعلى مراحل الالتزام.
اللافت في الأمر، أنه بعد التحقق من كافة التشريعات المنشورة، تبين أن هناك /25/ اتفاقية دولية في عام 2010، واحدة منها فقط لم يُنشر نصها، و/24/ اتفاقية أخرى بعد عام 2011 تم التصديق عليها دون نشر الاتفاقية الأصلية أو حتى مُلخص عنها كما يفرض قانون النشر، حسب الفقرة 11 من المادة 2 التي تنص على وجوب نشر العقود أو الاتفاقيات "مع النص الكامل لهذه العقود أو الاتفاقيات وجميع التعديلات التي تطرأ عليها". ومع ذلك، يتم الاستناد إلى المادة الثالثة من القانون المذكور أعلاه لإخفاء نص الاتفاقية بالكامل وعدم نشره في الجريدة الرسمية أو حتى نشر ملخص عنه كما يفرض قانون النشر.
ويقصد بـ "نص الاتفاقية" هنا، ما تم الاتفاق عليه فعلياً بين الأطراف الموقعة عليها، ولا يُعنى بذلك التشريع الذي يعلن عن هذه الاتفاقية. ففي كثير من الأحيان، يتم الإعلان عن اتفاقية ما وينشر تشريع عنها، إما بقانون أو مرسوم تشريعي، ولكن دون التصريح بمحتوى هذه الاتفاقية.
يُلاحظ من الشكل التالي (10)، أن عام 2010 شهد العدد الأكبر من الاتفاقيات الدولية المُصادق عليها، اتفاقية واحدة منها فقط لم يُنشر نصها. ويأتي عام 2011 في المرتبة الثانية من حيث عدد الاتفاقيات المصادق عليها. فيما يُلاحظ انخفاض عدد الاتفاقيات المصادق عليها بعد عام 2011. وآخر عام تم فيه الموافقة أو المصادقة على اتفاقيات دولية بمرسوم تشريعي كان عام 2017 ولم يُنشر نصها وذلك في حال لم توجد أي اتفاقية (نص تشريع من ضمن الـ 140 نص غير المنشور) لم يتم نشرها بالكامل بعد ذلك التاريخ. أما الاتفاقيات بعد ذلك العام صدرت بقانون، وشهد عام 2018 العدد الأكبر من الاتفاقيات التي لم يُنشر نصها، حيث بلغ عددها /9/ اتفاقيات من أصل /11/، يليه عام 2019، ب /6/ اتفاقيات من أصل /11/ اتفاقية.
يُذكر أن من بين الاتفاقيات الدولية غير المنشورة، المرسوم التشريعي 61 لعام 2013 (انظر الملحق)،([15]) المتعلق بالموافقة على انضمام سورية إلى اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة الكيميائية وتدميرها. وتأتي هذه الموافقة بعد الصفقة التي تمت مع الولايات المتحدة الأمريكية برعاية روسية، والمتعلقة بتدمير الأسلحة الكيميائية السورية، وذلك بعد أقل من شهر من الهجوم الذي نفذته قوات النظام بالأسلحة الكيميائية على الغوطة الشرقية بريف دمشق.
إن ما سبق لا ينفي وجود اتفاقيات تمت المصادقة أو الموافقة عليها ولم تُنشر أبداً، وبالتالي تُعد من ضمن التشريعات غير المنشورة، مثل الاتفاقية الخاصة بنشر القوات الروسية في سورية عام 2015، والتي لم يُعرف النص التشريعي الذي صدرت به. إلا أن محتواها أصبح معروفاً من خلال نص الاتفاقية التي صادق عليها مجلس "الدوما" الروسي لاحقاً([16]).
يُعتبر موقع مجلس الشعب أحد أهم المواقع الرسمية التي يُفترض أن تُنشر فيها كافة النصوص التشريعية المسموح بنشرها، باعتباره نافذة السلطة التشريعية في البلاد. إلا أن الواقع مختلف تماماً؛ حيث يفتقر القائمون على الموقع إلى الخبرة والانضباط اللازمين للعمل. وعلى الرغم من وجود تبويب خاص في موقع المجلس يدعى "التشريعات السورية"، إلا أن عدداً كبيراً من التشريعات لا يتم نشرها على الموقع. كما يحدث أحياناً نشر قوانين أو مراسيم على أنها مراسيم تشريعية، مما يعكس نقص الخبرة. بالإضافة إلى ذلك، تنشر بعض النصوص التشريعية في تبويب "أخبار الموقع" بدلاً من نافذة التشريعات المخصصة لهذا الغرض، وفي أحيان أخرى تنشر "المراسيم" في قائمة التشريعات، على الرغم من أن المراسيم ليست نصوصاً تشريعية كما ورد أعلاه.
كما يُعاب على الموقع حذف التشريعات القديمة مع كل تحديث له، مما يصعّب الوصول إلى هذه التشريعات ويخلق فجوة معرفية تتسع مع الوقت. ولا تقتصر مشاكل موقع مجلس الشعب على ذلك، بل تتعداها إلى مشاكل أكبر، حيث يفتقر الموقع إلى حسابات نشطة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي باتت حاجة ملحة تسهم في إيصال التشريعات والمعلومات للسوريين من مصادرها الرسمية.
بالمقابل، يتمتع القائمون على الجريدة الرسمية بضبط عالٍ وخبرة واسعة، ونسبة الأخطاء لديهم شبه معدومة. ومع ذلك، يُعاب على الجريدة الرسمية عدم توفرها بشكل إلكتروني من مصدرها الرسمي، كما أن الاشتراك السنوي يقارب 1.7 مليون ليرة، وتزداد قيمته كل عام. يشكل هذا المبلغ ستة أضعاف الحد الأدنى للرواتب، كما أن من يحاول الاشتراك بها من العامة قد يتعرض للمساءلة من قبل الأجهزة الأمنية حول أسباب اشتراكه، خصوصاً إذا كان شخصاً عادياً دون صفة معينة تبرر اشتراكه، كأن يكون محامياً أو ممثلاً لإحدى الشركات التي يتطلب عملها الوصول إلى الجريدة الرسمية.
تسمح قلّة الخبرة أحياناً بنشر تشريعات على موقع مجلس الشعب عن طريق الخطأ، رغم أن نص التشريع لا يسمح بنشر هذه التشريعات، حيث تحدد المادة الأخيرة من أي نص تشريعي جواز نشره من عدمه. على سبيل المثال، تم نشر المرسوم التشريعي 56 لعام 2011 بتاريخ 21/4/2011 (انظر الملحق)، والذي يتضمن "إبقاء مفاعيل الأوامر والقرارات العرفية الصادرة بالاستيلاء على الأموال المنقولة وغير المنقولة في ظل نفاذ حالة الطوارئ المعلنة استناداً لأحكام المرسوم التشريعي 51 لعام 1962 سارية المفعول"، وهو عبارة عن خمس مواد تنص المادة الخامسة منه على: "لا ينشر هذا المرسوم ويعتبر نافذاً من تاريخ صدوره"([17])، علماً أن تاريخ صدور هذا المرسوم يتزامن مع يوم إلغاء حالة الطوارئ بموجب المرسوم 161 لعام 2011، كما يتزامن مع إلغاء محكمة أمن الدولة بالمرسوم التشريعي 53، وإصدار المرسوم التشريعي 54 الناظم لحق التظاهر السلمي، بالإضافة إلى المرسوم التشريعي 55 الذي عدّل المادة 17 من قانون أصول المحاكمات الجزائية ([18]). وقد صدرت هذه التشريعات في الشهر الثاني من عمر الثورة السورية.
كذلك في عام 2012، صدر المرسوم التشريعي 4 لعام 2012([19])، القاضي بتعيين العاملين في حزب البعث العربي الاشتراكي والمنظمات الشعبية الوارد ذكرها في المادة 16 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004، من غير المنتخبين أو المكلفين بمهام قيادية، والمنتهية خدماتهم من هذه الجهات على شواغر محدثة حكماً لهذه الغاية، وبالأجور التي وصلوا إليها عند تاريخ إنهاء خدماتهم، مع احتفاظهم بقدمهم السابق المؤهل للترفيع. علماً أن المادة 4 من هذا المرسوم التشريعي نصت على: "يبلغ هذا المرسوم التشريعي من يلزم لتنفيذه" دون الإشارة إلى النشر، ولكن تم نشره على موقع مجلس الشعب رغم أنه لم ينشر في الجريدة الرسمية إطلاقاً.
بناءً على التشريع السابق، قام بشار الأسد بتعيين عدد كبير من كوادر حزب البعث في مؤسسات الدولة الرسمية دون أي مسابقة توظيف، وذلك قبل عدة أشهر من إقرار دستور جديد للبلاد الذي أزيلت فيه المادة الثامنة -شكليّاً- من الدستور السابق، والتي كانت تنص على أن "حزب البعث هو الحزب القائد في المجتمع والدولة".
في بعض الأحيان، تلعب متابعة نشاط مجلس الشعب دوراً محورياً في معرفة القوانين التي تم إقرارها، ولم تنشر لاحقاً. على سبيل المثال، أقرَّ مجلس الشعب في 23 تشرين الثاني 2022 قانوني قطع الحساب الختامي لموازنتي 2019 و2020، وهما يطابقان الفترة الزمنية المفترضة لصدور القانون 39 والقانون 40 لعام 2022، ومع ذلك لم يتم نشرهما، وتم القفز بالرقم التسلسلي للقوانين من 38 إلى 41 بشكل مباشر. ([20]) وهذا ينطبق على ما حدث بنهاية عام 2023، حيث تم إقرار قانوني قطع الحساب الختامي لكل من عامي 2021 و2022، ومع ذلك لم يتم نشرهما أبداً.([21]) علماً أن قانون قطع الحساب الختامي يختلف عن القانون الذي يُنشر بنهاية كل عام ويضم قيمة الموازنة والتقديرات المالية الواجب إنفاقها لكل عام مقبل، إذ يتضمن قيم الإنفاق الحكومي الفعلي خلال العام.
إن معرفة رقم النص التشريعي وترتيبه ليست مهمة بقدر معرفة فحوى هذا النص، وفي هذه الحالة، ستبقى قوانين قطع الحساب الختامي للموازنات السابقة طي الكتمان ومجهولة تماماً، وبالتالي لن يُعرف كيف وأين تم صرف الموازنة العامة للدولة، إلا في حال تسريبها أو نشرها علناً، وهذا ينطبق على كافة النصوص التشريعية التي منع النظام نشرها خلال السنوات الطويلة من حكمه.
من جهة أخرى، تسمح أحياناً بعض التسريبات بنشر بعض التشريعات التي يحدد النظام في المادة الأخيرة منها عدم نشرها في الجريدة الرسمية. على سبيل المثال، صدرت المراسيم التشريعية ذوات الأرقام (13-14-15-16) لعام 2023، والتي تتضمن رفع رواتب أصحاب المناصب العليا، كنائب رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، والوزراء، والمحافظين، وغيرهم ([22]).
أسوة بحملات تكميم الأفواه وقمع الحريات، وكذلك القمع الممنهج الذي يمارسه نظام الأسد منذ عقود بحق الشعب السوري، وبالإضافة إلى مجمل انتهاكات الحقوق والحريات العامة، وعلى رأسها الحق في الحياة، ومع أنه لا يمكن قياس هذا الضرر على الشعب مقابل انتهاك حقه في الحياة، إلا أن سياسة حجب المعلومات هذه تُعدُّ سياسةً ممنهجةً وتقف سداً أمام الوصول إلى تشريعاتٍ نافذةٍ، وبالتالي معلوماتٍ يُفترض أن تكون متاحةً للعامة.
لا يتوقف الأمر عند رغبة نظام الأسد في عدم الإفصاح عن بعض التشريعات وعدم نشرها في الجريدة الرسمية نتيجة الاستخدام الواسع للمادة الثالثة من قانون النشر، التي تسمح بقوة القانون بارتكاب انتهاكاتٍ لحق النفاذ إلى المعلومات، إذ يمكن اعتبار هذه المادة كجهاز أمني يُرشّح كل ما يمكن أن يمسّ أمن النظام وليس الأمن الوطني للدولة؛ بل يتعدى الأمر ذلك إلى إصدار تشريعاتٍ أخرى تُنشر في الجريدة الرسمية إلا أنها تُهمل تماماً ولا تُنشر في المواقع الرسمية ووسائل الإعلام رغم أهميتها. ناهيك عن أن بعض السوريين يعتقدون أن "الجريدة الرسمية" تعني الجرائد المطبوعة مثل البعث وتشرين والوحدة.
ورغم اعتماد العديد من الدول على الجريدة الرسمية الإلكترونية كوسيلةٍ حديثةٍ لنشر تشريعاتها والقرارات الأخرى، وعدم إمكانية الاستغناء عنها بسبب ما وصلت إليه التكنولوجيا وتطور وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن النظام لم يتخذ هذه الخطوة، متعمّداً إحاطة منظومته التشريعية بالغموض ومنع الوصول إليها. وهذا الفعل يُصنَّف على أنه مخالفةٌ للدستور الذي ينص في مادته الـ 35 على وجوب احترام كل مواطنٍ للدستور والقوانين. وعبر هذه السياسة، يعطّل النظام قدرة المواطن على الالتزام بهذا الواجب بسبب جهله وعدم قدرته على الوصول لتلك النصوص.
من منظورٍ أوسع، ينبغي على المنظمات الحقوقية والأممية مطالبة النظام بالوفاء بالتزاماته تجاه العهود والمواثيق الدولية التي صادقت عليها "الدولة السورية"، والإفصاح عن هذه التشريعات التي تم منع نشرها. بالإضافة إلى ذلك، يجب نشر الجريدة الرسمية بشكلٍ مجاني وتحسين عملية النشر الإلكتروني الخاص بمجلس الشعب، وتدارك كافة التشريعات المنشورة التي لم تُوضع بنسختها الإلكترونية في موقع المجلس.
أما مستقبلاً، فلا بد من تلافي قصور الدستور بشكلٍ عام وتلافي انتهاك حق النفاذ إلى المعلومات بشكلٍ خاص، من خلال دسترتها والعمل على إصدار قانونٍ جديدٍ للنشر. ربما يكون من الضروري تأسيس هيئةٍ عامةٍ تسمح بالوصول إلى كافة المعلومات وليس التشريعات فقط، وإحداث هيئةٍ رقابيةٍ تضمن التزام الحكومة بحق المواطنين في الوصول إلى المعلومات. وهذا من شأنه أن يسهم في تعزيز حق المواطنين في المعرفة والمشاركة في الحياة العامة وممارسة حق التعبير، ومكافحة الفساد والهدر المالي، كما يعزز الشفافية والنزاهة والبحث العلمي، ويسهم في خلق اقتصادٍ قويٍّ يعتمد على معلوماتٍ محايدة، وبالتالي ضمان ركنٍ مهمٍ من المشاركة في الحكم وتعزيز أدوات الديمقراطية.
بالإضافة إلى ما سبق، ينبغي معالجة موضوع تولي رأس السلطة التنفيذية في البلاد لسلطة التشريع لمدةٍ أطول من السلطة التشريعية نفسها. وهذا الأمر بالغ الخطورة؛ فخلال فترة الدراسة، شرّع بشار الأسد نصوصاً تشريعيةً أكثر من مجلس الشعب، ولم يكتفِ بذلك، بل احتكر تشريعاتٍ معينةً من صلاحيات السلطة التشريعية مثل إصدار العفو العام وتحديد الرواتب والمعاشات التقاعدية، وأيضاً تصديق بعض الاتفاقيات الدولية. لذلك، لا بد من تقييد استخدام حق التشريع للسلطة التنفيذية بضوابط دستوريةٍ دقيقةٍ وواضحة، بحيث لا يُسمح للمنفذ أن يكون مشرّعاً إلا في حالاتٍ محددةٍ بذاتها، دون السماح بالتأويل، لضمان عدم مصادرة صلاحيات السلطة التشريعية لصالح التنفيذية.
يوضح الشكل التالي كافة التشريعات غير المنشورة خلال الفترة 2010 – 2023، مقسمة بحسب نوع كل منها وجهة وعام إصدارها.
الشكل(11): شكل تفاعلي للتشريعات غير المنشورة خلال الفترة 2010 – 2023
الصورة (1): المرسوم التشريعي 1 لعام 2022
الصورة (2): المرسوم التشريعي 56 لعام 2011
الصورة (3): المرسوم التشريعي 61 لعام 2013
([1]) تم الاعتماد على ثلاثة مصادر تملك وصولاً للجريدة الرسمية لزيادة المطابقة: المصدر الأول: نسخة لدى الباحث، المصدر الثاني: مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية في سورية: https://opensyr.com؛ المصدر الثالث: Syria Report: https://syria-report.com
([2]) "دستور عام 2012"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 27/02/2012 ، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3fpJiHt
([3]) تنص المادة 7 من النظام الداخلي لمجلس الشعب أنه يَعقدُ ثلاث دورات عادية في السنة وفق الآتي: الدورة الأولى: من الأحد الثالث من شهر كانون الثاني، وحتى الخميس الأخير من شهر آذار، الدورة الثانية: من الأحد الأول من شهر أيار، وحتى الخميس الأخير من شهر حزيران، الدورة الثالثة: من الأحد الثالث من شهر أيلول، وحتى الخميس الثالث من شهر كانون الأول. للمزيد راجع: "النظام الداخلي لمجلس الشعب"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 30/07/2017، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3NidG5o
([4]) حظر دستور عام 1950 على السلطة التنفيذية إصدار التشريعات، للمزيد راجع: دستور سورية 1950، Constitution Net، رابط إلكتروني: https://bit.ly/4cx2eQE
([5]) "المرسوم التشريعي 37 لعام 2023"، سانا، تاريخ النشر: 01/12/2023، رابط إلكتروني: https://bit.ly/4dwhyxO
([6]) "المرسوم التشريعي 38 لعام 2023"، سانا، تاريخ النشر: 13/12/2023، رابط إلكتروني: https://bit.ly/4e622IT
([7]) "القانون 5 لعام 2004"، موقع الاقتصادي، تاريخ النشر: 22/03/2004، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3WwC0bD
(([8] "لا مجال للتنفس القمع الحكومي للنشاط بمجال حقوق الإنسان في سوريا"، هيومن رايتس ووتش HRW، تاريخ النشر: تشرين الأول /أكتوبر2007، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3A2MOoF
([9]) "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الأمم المتحدة، تاريخ الوصول: 31/07/2024، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3LMK8hO
([10]) "المرسوم التشريعي 108 لعام 2011 المتضمن قانون الإعلام"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 28/08/2011، رابط إلكتروني: https://bit.ly/4g1ceDO
([11]) لكل من القوانين والمراسيم التشريعية نظام ترقيم تسلسلي خاص به بشكل منفصل، حيث تمتلك القوانين تسلسلاً فريداً والمراسيم التشريعية تسلسلاً فريداً، ويبدأ كل منهما من جديد مع بداية كل عام، وبالتالي تم اعتماد آخر رقم لكل من القوانين والمراسيم التشريعية الصادرة على اعتباره آخر تشريع صادر، وبناءً على منهجية العمل وفي حال وجود تشريعات غير منشورة صدرت في نهاية العام بعد آخر رقم تسلسلي معروف، فلن يتم احتسابها نظراً لعدم القدرة على التأكد من وجودها في نهاية سلسلة التشريعات لكل عام.
([12]) قانون واحد فقط لم يتم نشره، وهو القانون 17 لعام 2015.
([13])محسن المصطفى، "النظام السوري: رسائل السياسة المحلية إلى المجتمع الدولي"، معهد التحرير لسياسية الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تاريخ النشر: 15/09/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3SjGexV
([14]) تم احتساب النسبة على الشكل التالي:
([15]) هذه الاتفاقية لم يتم نشرها أبداً، وتُحسب من ضمن المراسيم التشريعية غير المنشورة الواردة في الشكل (5)، ولا تدرج ضمن حساب الاتفاقيات الواردة في الشكل (9) باعتبار أنه للاتفاقيات المصادق والموافق عليها والمنشورة سواء أتم نشر "نص الاتفاقية" بالكامل أو لا. تم تسريب صورة للمرسوم التشريعي 61 لعام 2013، يمكن الاطلاع عليها في الملحق.
([16]) "القانون الاتحادي الروسي 376 لعام 2016، المصادقة على اتفاقية نشر القوات الجوية في سورية"، موقع الكرملين، تاريخ النشر: 14/10/2016، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3Wlym2w
([17]) "المرسوم التشريعي 56 لعام 2011"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 21/04/2011، رابط إلكتروني: https://bit.ly/4biZJjQ
([18]) وخص الضابطة العدلية أو المفوضين بمهامها باستقصاء الجرائم المنصوص عليها في بعض المواد من قانون العقوبات وجمع أدلتها والاستماع إلى المشتبه بهم فيها على ألا تتجاوز مدة التحفظ عليهم سبعة أيام قابلة للتجديد من النائب العام وفقاً لمعطيات كل ملف على حدة وعلى ألا تزيد هذه المدة على ستين يوماً.
([19]) "المرسوم التشريعي 4 لعام 2012"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 02/01/2012 ، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3JPBZrF
([20]) "إقرار قطع الحساب الختامي لموازنتي 2019 و2020"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 23/10/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3ycroEP
([21]) "إقرار قطع الحساب الختامي لموازنتي 2021 و2022"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 13/12/2023، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3QAZ4Ca
([22])"رفع رواتب أصحاب المناصب الرفيعة في سوريا"، سبوتنيك عربي، تاريخ النشر: 20/08/2023، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3UwwiUL
يقوم النظام السوري منذ منتصف عام 2021 بتنفيذ سياسات جديدة عبر مجموعة إجراءات مختلفة في عدد من المجالات الحيوية في الدولة، وتلاحظ تلك الإجراءات بشكل وثيق في المجال التشريعي والقانوني بالإضافة للمجال العسكري والأمني الذي كان نشطاً منذ عام 2011.
شكّل عام 2021 نقطة انطلاق مناسبة للنظام ليقوم بتنفيذ سياسته خصوصاً في الفترة التي تلت الانتخابات الرئاسية في أيار/مايو 2021، ثم لاحقاً تعيين الحكومة الجديدة في شهر آب/أغسطس 2021، وسبقها انتخابات مجلس الشعب عام 2020 والتي يحتكر بها حزب البعث الحاكم أكبر عدد ممكن من المقاعد لصالحه. من تلك النقطة وبعد انخفاض مستوى العمليات العسكرية إلى حدّه الأدنى، شرع النظام في تنفيذ سياساته.
إن أغلب التشريعات التي أُقرّت في سورية منذ عام هي تشريعات يحاول النظام من خلالها الاقتراب من سمات الدولة الحديثة والعودة للمجتمع الدولي عبر الاعتناء بتفاصيل لم يكن قد سبق له التعاطي معها مطلقاً أو أن هذا التعاطي لم يكن بالعمق المطلوب، إذ قام النظام إما بتشريع قوانين جديدة أو تعديل أخرى بما يتوافق مع سياسته. وهذه التشريعات بحسب ترتيبها الزمني هي:
قانون حماية الطفل: صدر في شهر آب/أغسطس بالقانون رقم 21 لعام 2021، وهو القانون الأول من نوعه في سورية والمتعلق بحماية الطفل والذي يهدف كما صرّح النظام إلى “تعزيز دور الدولة بمختلف مؤسساتها العامة والخاصة في حماية الطفل ورعايته والتأهيل العلمي والثقافي والنفسي والاجتماعي لبناء شخصيته، بما يمكِّنه من الإسهام في مجالات التنمية كافة”.
حاول النظام من خلال القانون الظهور بمظهر الحامي للأطفال وحقوقهم عبر منح الطفل الحماية من أشكال العنف كافة، بالإضافة لمنحه حق التعلم، وحظر تشغيل الطفل الذي لم يتم 15 عاماً، بالإضافة لمنع استخدامه في مواد إعلامية وإعلانية وفنية استخداماً ينتهك خصوصيته، وعدم جواز انتسابه للأحزاب السياسية، كما حدد أهلية الزواج بتمام 18 عاماً.
كذلك حظر القانون تجنيد الأطفال أو إشراكهم في العمليات القتالية أو غيرها من الأعمال المتصلة بها، واعتبرهم غير مسؤولين جزائياً أو مدنياً عن الأفعال الجرمية المرتكبة لكونهم ضحية، بالإضافة لحماية الطفل من الإتجار به. كما نصّ القانون على تكفل الدولة بإصدار التشريعات واتخاذ التدابير اللازمة لتوفير هذه الحقوق للطفل.
تكمن الحقيقة في الفرق الشاسع بين ما يُصدره النظام وبين الواقع الذي أفرزه، إذ تشير المعلومات الواردة في تقرير للأمم المتحدة الصادر في شهر تموز/يوليو 2022 إلى أن 46 طفلاً جُنّدوا في ميليشيات موالية للنظام حتى نهاية عام 2021. كما سُجلت 48 حالة سلب للحرية للأطفال من قبل قوات النظام، بالإضافة لقتل 301 طفل في مناطق المعارضة على يد قوات النظام منهم 86 طفل قُتلوا جراء الغارات الجوية. ناهيك عن مقتل 22,941 طفلاً على يد قوات النظام في الفترة الممتدة بين عام 2011 و آذار/مارس 2022. ولايزال 6,358 طفلاً قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في سجون النظام.
مرسوم إلغاء منصب المفتي: في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021 أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي 28 لعام 2021 القاضي بتعزيز دور المجلس العلمي الفقهي وتوسيع صلاحياته، إذ انطوى هذا المرسوم على إلغاء منصب المفتي العام وكذلك منصب المفتي بالمحافظات، وذلك عبر تعديل عدد من مواد القانون المنظم لعمل وزارة الأوقاف الصادر بالقانون 31 لعام 2018.
وبالتالي لم يعد منصب المفتي ممثلاً بشخص واحد، بل تعداه ليصبح من اختصاص المجلس العلمي والفقهي الذي يتألف من 44 شخصاً برئاسة وزير الأوقاف ويضم ثلاثين عالماً يمثلون جميع المذاهب الإسلامية إضافة إلى ممثلين عن الطوائف المسيحية.
يعدُّ هذا المرسوم تحولاً في سياسة النظام الدينية عبر تجريد السنة السوريين من هذا المنصب وإلغاء ضمني لأكثريتهم في البلاد، كما أن هذا التحول “لا يرتبط بتخلي نظام الأسد عن مركزيته الشديدة أو توجهه توجهاً علمانياً جديداً، بل تكيف النظام مع التحديات التي فرضتها الثورة السورية والتغييرات التي طرأت على طبقة رجال الدين وعلاقتهم بالشعب، وبالتالي محاولة التعاطي مع الأزمة بطريقة مختلفة”.
سمح هذا المرسوم بإدخال الشيعة إلى دائرة الافتاء وبالتالي التماهي مع إيران، خصوصاً أن المرجعية الشيعية هي مرجعية عابرة للحدود وليست محلية، أي أن إيران دخلت المجال الديني في سورية بشكل رسمي.
قانون تجريم التعذيب: صدر قانون تجريم التعذيب في شهر آذار/مارس بالقانون 16 لعام 2022، وجاء القانون مقتضباً في عدد مواده وتفصيلاته، كما تراوحت العقوبات المفروضة على مرتكب جريمة التعذيب ما بين السجن ثلاث سنوات و الإعدام، وأيضا السجن المؤبد في حالة وقوع التعذيب على طفل أو شخص ذي إعاقة أو نجم عنه عاهة دائمة.
يعد هذا القانون الأول من نوعه في سورية، وهو ما يعتبر تحولاً من هذه الناحية، على الأقل نظرياً. أما واقع الأمر مختلف تماماً، إذ لم يتطرق القانون أبداً لأفراد الجيش والقوات المسلحة في حال ممارستهم للتعذيب، وذلك لأنهم محميون تماماً من رفع أي دعاوى شخصية بحقهم من دون إذن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة. وينطبق ذلك على أفراد إدارة المخابرات العامة، وكذلك شعبة الأمن السياسي وقوى الأمن الداخلي (الشرطة) مع أنهما يتبعان لوزارة الداخلية، بالإضافة لعناصر الضابطة الجمركية التابعة لوزارة المالية.
لم يحدد القانون أطراً لمراقبة رسمية أو غير رسمية أو حتى مساحات عمل لهذه الأطر أو أدوارها، وبالأخص في السجون التابعة للنظام التي جرى تنفيذ عشرات آلاف عمليات التعذيب داخلها.
إضافة لما سبق، يأتي هذا القانون في ظل التبعات المتواصلة للصور المسربة من أفرع وسجون النظام من قبل الشاهد قيصر، ناهيك عن توثيق مقتل ما لا يقل عن 14,449 معتقلاً من ضمنهم 174 طفلاً و74 سيدة على يد قوات النظام السوري منذ عام 2011 وحتى آذار/مارس 2022.
قانون العقوبات العام: في شهر آذار/مارس صدر القانون 15 لعام 2022، الذي يتضمن إجراء تعديلات على قانون العقوبات العام، إذ ألغى القانون الجديد عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة من قانون العقوبات وسائر التشريعات الأخرى، واستبدلها بعقوبة السجن المؤبد أو المؤقت، كما رفع الحد الأدنى والأعلى للغرامات الواردة بالقانون، ما بين 25 ألف ليرة إلى 6 مليون ليرة وذلك بحسب طبيعة الجرم المُرتكب.
إضافة لذلك عدّل القانون الجديد كلاً من المادتين 285 و286 من قانون العقوبات بحيث تحدد عقوبة من قام في سورية بدعوات ترمي إلى “المساس بالهوية الوطنية أو القومية أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية” بالاعتقال المؤقت. ويستحق العقوبة نفسها من نقل في سورية أنباء” يُعرف أنها كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها بث اليأس أو الضعف بين أبناء المجتمع”، كما حدد عقوبة بالحبس سنة على الأقل لكل سوري قام بكتابة أو خطاب يدعو فيه إلى اقتطاع جزء من الأرض السورية أو التنازل عنها.
إن هاتين المادتين وبخاصة المادة 285 -والتي كان يتم الإشارة لها “بإضعاف الشعور القومي” – استخدمها النظام السوري بكثرة رفقة تهم أخرى متنوعة من أجل إلحاق تهم بحق المشاركين في المظاهرات في بداية الحراك الثوري في عام 2011، وهي تهم كانت وما زالت تُلقى جزافاً لكل من دخل في سجون النظام، ولاحقاً عند صدور مرسوم عفو يتضمن هاتين المادتين – كان يستثني المواد الأخرى.
قانون الجريمة المعلوماتية: صدر قانون الجريمة المعلوماتية في شهر نيسان/أبريل بالقانون 20 لعام 2022، وجاء القانون بديلاً عن قانون التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية الصادر بعام 2012، إذ توسع القانون الجديد بعدد القضايا التي يُعاقب عليها القانون السابق من 9 جرائم إلى 21 جريمة.
بشكل رئيسي توسع القانون بشكل مباشر في الجرائم المتعلقة بانتهاك الخصوصية، كما ارتفع عدد سنوات الحبس وكذلك مقدار الغرامات المادية التي يفرضها القانون الجديد بخلاف مقدار الغرامات السابقة في القانون السابق وذلك لتدني قيمة الليرة السورية أمام سلة العملات. على سبيل المثال، في حالة جريمة الدخول غير المشروع والعبث بالبيانات ارتفعت فترة الحبس من (3 أشهر – 2 سنة) إلى الحبس ما بين (سنة – 3 سنوات)، كذلك ارتفع مقدار الغرامة من (100 ألف – 500 ألف) ليرة إلى (700 ألف – 1 مليون) ليرة. وبالطبع أيضاً توسع القانون في الجرائم المتعلقة بالدستور أو النيل من هيبة الدولة أو مكانتها المادية.
بعد صدور القانون، باشرت وزارة الداخلية على الفور إعادة هيكلة فرع مكافحة الجرائم المعلوماتية وتأسيسه من جديد لمراقبة الفضاء الإلكتروني. ولم تمض فترة طويلة قبل أن تعلن وزارة الداخلية إلقاء القبض على عدد من الأشخاص بتهم مختلفة على خلفية قانون الجريمة المعلوماتية.
لا يكمُن الخوف من وجود القانون بحد ذاته بقدر ما يكمن في استخدامه كوسيلة جديدة لتكميم أفواه السوريين ممن بقي في مناطق سيطرة النظام أو حتى ملاحقة من هم خارج البلاد بتهم واهية بناءً على مواد هذا القانون، وبالأخص تلك المتعلقة “بالدستور أو النيل من هيبة الدولة”، أي أن النظام أعاد شرعنة حالة الطوارئ بوجه جديد وخفي.
مراسيم العفو: في شهر كانون الثاني/يناير أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي 3 لعام 2022، القاضي بمنح عفو عام عن جرائم الفرار الداخلي والخارجي، ويشمل هذا العفو كل من فرَّ من الخدمة العسكرية سواء من المتطوعين أو لمن كانوا في الخدمة الإلزامية، واشترط المرسوم على أن يسلم هؤلاء أنفسهم في مدة أقصاها 3 أشهر للفرار الداخلي و 4 أشهر للفرار الخارجي.
كان الهدف من هذا المرسوم هو قيام النظام بمجموعة تسويات أمنية جديدة في عدة مناطق سورية في الرقة وديرالزور وحلب وريف دمشق، وبالتالي الاستفادة ممن سبق له الانشقاق عن الجيش في السنوات الماضية وعودتهم للخدمة، مقابل توجيه رسائل للعسكريين المنشقين خارج البلاد وبالأخص في تركيا، نتيجة إغلاق مخيم خاص بالضباط المنشقين في ولاية هاتاي التركية كان قد تم افتتاحه عام 2011.
لاحقاً بنهاية شهر نيسان/أبريل أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي 7 لعام 2022، القاضي بمنح عفو عام عن “الجرائم الإرهابية” المرتكبة من السوريين، عدا تلك التي أفضت إلى موت إنسان والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب وقانون العقوبات العام وتعديلاته. استطاع المرسوم خلق تأثير إقليمي ودولي، لكن سرعان ما بدأت تظهر الثغرات القانونية التي تسمح للنظام بالاستمرار في سياسته الإجرامية التي انتهجها بحق الشعب السوري منذ عام 2011.
إن هذا المرسوم هو المرسوم الـ 23 منذ بداية عام 2011، مع ذلك ما زال في سجون النظام السوري ما يقرب من 132 ألف معتقل. ولم يطلق بعد إصدار المرسوم رقم 7 سراح سوى 539 معتقلاً ومعتقلة بمقابل قيام قوات النظام باعتقال ما يقرب 300 شخص ثم إطلاق سراح 28 منهم في الفترة ما بين بداية أيار/مايو ونهاية آب/أغسطس.
مرة أخرى حاول النظام الاستفادة من هذه التشريعات لإيصال رسائله للمجتمع الدولي في محاولة منه لكسر حالة العزلة التي يعاني منها منذ 2011، خصوصاً أن روسيا التي كانت تساعده في كسر تلك العزلة أصبحت معزولة دولياً أكثر من النظام ذاته بكثير.
رافق العمل على المجال التشريعي والقانوني العمل أيضاً على الجانب العسكري والأمني، إذ قام بشار الأسد بتاريخ 28 نيسان/أبريل 2022 بتعيين اللواء علي محمود عباس بمنصب وزير الدفاع، وهو سني من ريف دمشق خلفاً للعماد علي عبدالله أيوب المنتمي للطائفة العلوية والذي شغل المنصب منذ بداية عام 2018.
لاحقاً وبعد يومين فقط في 30 نيسان/أبريل، عين بشار الأسد ضابط المدفعية اللواء عبدالكريم ابراهيم وهو علوي من طرطوس بمنصب رئيس هيئة الأركان العامة بعد خلو المنصب منذ بداية عام 2018، إذ كان المنصب يُدار من قبل غرفة العمليات الروسية الموجودة بدمشق، ويمكن النظر لهذا التعيين على أنه استعادة للمنصب بعد انشغال روسيا في حربها على أوكرانيا .
لقد أثارت مراسم التعيين هذه مجموعة من التحليلات المرتبطة بها، خصوصاً تعيين ضباط برتبة لواء بمنصبي وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة، بخلاف العرف العسكري المرتبط بتعيين ضباط برتبة عماد في هذه المناصب. كما أن هذين الضابطين لم يكونا أقدم الضباط ممن يحملون رتبة لواء خلافاً للتراتبية العسكرية المتبعة في الجيش السوري وفي الجيوش عامة، لاحقاً تمت ترقية كل من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان لرتبة عماد. يعتبر الوصول والترقية لرتبة عماد أهم بكثير من الوصول لرتبة لواء إذ لا يتجاوز عدد من حمل رتبة عماد 25 ضابطا منذ تأسيس الجيش السوري بمقابل آلاف ممن حمل رتبة لواء وهذه الأخيرة ليست قليلة أيضاً بل تعتبر مدعاة للفخر وتنم عن درجة من القرب من قيادة النظام. ومع ذلك قد لا تكون الترقية لهذه الرتب قائمة على أساس حرفي مهني، بل قد يكون الولاء هو المعيار الأول لها.
في الواقع لم تتم مخالفة قانون الخدمة العسكرية أبداً، إذ أن الترقية لرتبة عماد تتم بالاختيار المطلق بين الضباط ممن يحمل رتبة لواء، كما أن التعيين في المناصب الكبرى يعود “لرئيس الجمهورية ويتم بمرسوم بناءً على اقتراح من القائد العام” (المنصبان يشغلهما بشار الأسد).
لقد كسرت هذه التعيينات مجموعة من الأعراف العسكرية المتبعة سابقاً، إذ أن كلاً من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة لم يسبق لهما شغل مناصب عسكرية قيادية في وحدات مقاتلة فعلياً كقيادة فرق أو فيالق عسكرية، كما أن منصب رئيس هيئة الأركان العامة يُشغل عادة من قبل ضابط يكون اختصاصه العسكري قوات برية أو دبابات وليس مدفعية كما هو الحال مع العماد عبدالكريم ابراهيم. إلى جانب ذلك، فإن تعيين وزير دفاع سني يكسر ولو قليلاً من نهج الصفاء العلوي في المؤسسة العسكرية، إذ أظهرت دراسة منشورة بعام 2020 أن أهم 40 منصب عسكرية وأمني يقودها ضباط من الطائفة العلوية.
لقد عمل وزير الدفاع العماد علي عباس لفترة طويلة كمدرب في كلية المدرعات ولاحقاً في الأكاديمية العسكرية العليا، كما أنه خضع لعدة دورات عسكرية خارج البلاد في باكستان والسويد وهولندا وبريطانيا، لعل أهمها اتباع دورة إصلاح القطاع الأمني في الدول الخارجة من الصراعات في بريطانيا عام 2006.
إن نمط هذه التعيينات بات أكثر وضوحاً خلال الأيام القليلة التي تلت ذلك، إذ لم يخضع كلٌ من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان للعقوبات الغربية أسوة بمن سبقوهما بهذه المناصب. كما أنهما غير معروفين بشكل وثيق من الشعب السوري، ولم يتم حتى الآن ربطهما بالجرائم التي ارتكبها الجيش. يضاف إلى ذلك نوعية الدورات العسكرية المتبعة وبالأخص في الدول الغربية، علماً أن قلّة قليلة من الضباط كانوا يوقدون لدورات في الدول الغربية مقارنة بروسيا والصين.
أما في القطاع الأمني فقد شهد حركة تنقلات وترقيات في المستويات القيادية العليا في أجهزة المخابرات (الأمنية) الأربعة الموجودة في سورية، إذ شهد شهر آذار/مارس الماضي تنقلات جديدة لعدد من ضباط أجهزة المخابرات، ولاحقاً في بداية شهر تموز/يوليو تم ترقية عدد منهم لرتب ومناصب أعلى.
بشكل مشابه للمجال العسكري، يبدو أن النظام في طريقه لإزاحة عدد من قادة وضباط الأجهزة الأمنية وترقية آخرين ووضعهم في واجهة تلك الأجهزة، على أن يكون هؤلاء الضباط ممن يصعب ربطهم بالجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري. ومن المتوقع تغيير كلٍ من رئيس شعبة المخابرات العسكرية ومدير إدارة المخابرات الجوية وكذلك مدير إدارة المخابرات العامة خلال الأشهر القليلة القادمة. ومن المحتمل أيضا نقل رئيس شعبة الأمن السياسي ليشغل منصب مدير إدارة المخابرات العامة.
من جهة أخرى على المستويات الدنيا في المؤسسة العسكرية، فقد أصدر بشار الأسد بصفته القائد العام قراراً إدارياً ينهي الاحتفاظ والاستدعاء للضباط وطلاب الضباط الاحتياطيين وتسريح الضباط وطلاب الضباط المجندين الملتحقين بالخدمة الإلزامية وإنهاء الاحتفاظ والاستدعاء لصف الضباط والأفراد الاحتياطيين. يهدف النظام من هذا القرار إلى تشجيع حملة الشهادات العليا كالطب والهندسة على البقاء بالبلاد من أجل دعم القطاعات المدنية في الدولة والتخفيف من موجات الهجرة التي يعاني منها.
يحاول النظام عبر مجموعة التشريعات والقوانين التي أصدرها خلال الفترة الماضية إظهار نفسه بأنه يتماشى مع منظومة حقوق الإنسان وأنه منطلق نحو رفع سورية البيئة التشريعية والقانونية بشكل مشابه للدول المتقدمة والحضارية. يدعم كل ذلك إطلاق النظام دورات تدريبية في مجال القانون الدولي الإنساني، بالإضافة لتصريحات مسؤولي النظام عن ريادة سورية في برامج التأهيل والتوعية المتعلقة بهذا المجال، لكن البيئة التشريعية لا تعاني نتيجة نقص في التشريع بقدر ما تعاني من فرق واضح بين النص والتطبيق، إذ أن عدد من القوانين الصادرة يرتبط بمعايير دولية ويقوم النظام بتمريرها بطريقة معينة تناسب بقاءه تماماً، لكن عند النظر إليها بشكل أعمق، نجد أنها ليست كافية بالضرورة أو أنها توفر غطاءً لأفعال معينة.
أما في المجال العسكري والأمني، يحاول النظام البدء بإعادة هيكلة تكتيكية في المستويات العليا في سلسلة القيادة ثم الانتقال نحو المستويات الأدنى في السلسلة، والاستفادة من التعيينات الأخيرة التي قام بها، عبر تقديم ضباط يمكن اعتبارهم من وجهة نظر النظام فقط لم تتلطخ أيديهم بدماء الشعب السوري، وخلال أشهر قليلة ستبدأ مجموعة من التغييرات ستطال مناصب مهمة في المؤسسة العسكرية، وربما سيُعاد النظر في التشريعات المتعلقة بالمؤسسة العسكرية لتتوافق مع سياسات النظام.
يهدف النظام من سياساته هذه إلى إعادة هيكلة البلاد ككل بما يتناسب مع مرحلة نهاية الحرب – وإن لم تنته بعد- وسيتم توسيع هذه السياسات لتشمل مجالات حيوية أخرى. سيكون لحلفائه روسيا وإيران وأهدافهم نصيب منها، بحيث يتم تضمين أهداف الحلفاء في السياسات الجديدة بمقابل الخدمات المقُدّمة سابقاً للنظام بما يضمن استمرار تقديمها لاحقاً.
بالتزامن مع ذلك، سيرسل النظام رسائل للمجتمع الدولي تستهدف ثلاثة ملفات رئيسية هي (اللاجئون – العقوبات – إعادة الإعمار) وذلك من أجل التخلص من الضغط المتواصل عليه في أول ملفين، ثم الاستفادة من الملف الثالث وإنعاش اقتصاده المتهالك. كما يريد النظام أن يقدم سردية مفادها أنه هو من يطرح الإصلاح وهو من يقوده، أي أنه يقول لا داعٍ للعملية السياسية برمتها، وبأنه المنتصر في الحرب ويجب التعامل معه من هذا المنطلق.
يبدو أن النظام مُقتنع تماماً بأن سياساته يمكن أن تساعده في تحسين نظرة العالم السلبية له، وأن بإمكانه عبر تلك الإجراءات مسح الذاكرة العالمية الممتلئة بالدمار والقتل الذي نفذه عبر استخدام الأسلحة الثقيلة وكذلك المحرمة دولياً بالإضافة لأسلحة التعذيب والحصار والتجويع بحق الشعب السوري.
وتكمن هنا مسؤولية المجتمع الدولي والدول المعنية بتذكير أنفسهم أولاً والنظام السوري وداعميه ثانياً بالقرارات الدولية الملزمة، وفرض حلاّ سياسيا يُسهم في إرساء السلم الأهلي بعد تحقيق العدالة الانتقالية، مع التذكير دوماً بأن المشكلة في سورية ليست قوانين وتشريعات أو هيكلة الدولة بل هي النظام ذاته الذي يطوع الدولة كما يريد.
في 21 كانون الأول/ديسمبر 2022 أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي 24 لعام 2022 القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 21-12-2022 وفقاً لأحكام هذا المرسوم التشريعي([1])، جاء المرسوم ضمن ثمان موادٍ مقتضبة تحمل في طياتها منح عفو عن جرائم مرتبطة بالجنح والمخالفات وكذلك جرائم الفرار الداخلي والخارجي، كما شمل المرسوم استثناء بعض الجرائم من العفو، بالإضافة لاشتراطات من أجل الاستفادة من العفو.
شمل المرسوم رقم 24 العفو عن كافة العقوبات في الجنح والمخالفات ولا يشمل الجنايات - عدا العفو عن جريمة الفرار الخارجي ([2]) وهو ليس محصوراً في قانون العقوبات العام وقانون العقوبات العسكرية فقط، بل يشمل كافة الجنح والمخالفات في أي قانون جزائي بما فيها على سبيل المثال الجنح الواردة المواد /44 إلى 47/ في قانون المخدرات ([3]).
الفرار العسكري
حملت المادة الثانية من المرسوم، عفواً عن جرائم الفرار الداخلي والخارجي الواردة في المواد 100 و101 من قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية ([4])، وهذا العفو الثاني الخاص بالعسكريين هذا العام بعد المرسوم التشريعي 3 لعام 2022([5]).
جاء النص القانوني مطابقاً لما ورد ببقية مراسيم العفو من ناحية عدم شمول أحكام هذه المادة للمتوارين عن الأنظار والفارين عن وجه العدالة إلا إذا سلموا أنفسهم خلال ثلاثة أشهر بالنسبة للفرار الداخلي وأربعة أشهر بالنسبة للفرار الخارجي.
أورد المرسوم العفو عن الفرار العسكري بمادة خاصة وذلك باعتبار أن جرم الفرار الداخلي هو جنحي الوصف، في حين أن الفرار الخارجي يندرج تحت الجرائم الجناية.
يمنح المرسوم 24، العفو عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ صدوره وبالتالي إذا كان الشخص الموجود في السجن عسكرياً مجنداً فسيتم إطلاق سراحه مباشرة ويعود إلى خدمته وكأنه لم يرتكب جرماً ليتابع خدماته من النقطة التي توقف عندها قبل فراره (ولا تحتسب مدة بقاءه في السجن من ضمن مدة خدمته الإلزامية) أما إذا كان عسكرياً متطوعاً فإنه يتابع خدمته وكأنه لم يرتكب جرماً على الاطلاق.
الجرائم والاستثناءات
حدد مرسوم العفو الصادر في المادة الثالثة منه العفو عن كامل العقوبة في الجنح والمخالفات، إلا أن المرسوم تضمن مجموعة من الاستثناءات كما يلي:
قانون العقوبات العام: استثنى مرسوم العفو الجرائم المنصوص عليها في /42/ مادة من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي 148 لعام 1949 وتعديلاته([6])، وهي
المواد: /273/275/276/277/341/347/348/349/351/361/386/387/398/402/403/405/428/450 إلى 457/460/473 إلى 478/499/500/504/507/520/576/579/580/584/625/مكرر([7])، حيث تشمل هذه المواد مجموعة من الجرائم المختلفة التي يمكن ايجازها بما يلي: الدخول إلى مكان محظور من أجل حيازة وثائق سرية تخص سلامة الدولة؛ صفقات تجارية مع العدو؛ سوء استخدام السلطة والرشاوي والاختلاس؛ نزع أو إتلاف وثائق أو حرقها؛ شهادة الزور واليمين الكاذبة والترجمة الكاذبة؛ عمليات التزوير؛ الزنا؛ السفاح؛ الخطف بقصد الزواج؛ افتعال حريق عمداً أو بسبب الإهمال؛ سرقة السيارات أو محتوياتها.
قانون العقوبات العسكرية: استثنى مرسوم العفو عدد قليل فقط من الجرائم الواردة في قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (61) لعام 1950 وتعديلاته، وهي: الفقرات (ب-ج-د) من المادة (133) والمادتين (134/140)، وتشمل هذه الجرائم، عقوبات للعسكري ممن يبيع أو يرهن أو يتصرف أو يسرق أو يختلس أو يتلف السلاح أو العتاد أو الذخيرة أو المواد المسلمة له والعائدة للجيش.
وهذه هي المرة الأولى التي يشمل بها مرسوم عفو كافة الجنح والمخالفات الواردة في قانون العقوبات العسكرية والاستثناءات الخاصة به الواردة أعلاه، ويشمل أيضاً العفو عن متخلفي الخدمة الإلزامية باعتبار أنها جرائم جنحية الوصف.
يذكر أن مرسوم العفو السابق الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2022 لم يتضمن العفو على أي من مواد قانون العقوبات العسكرية وهو ما شكل فجوة في المرسوم رقم 7 ([8])، خصوصاً أن قانون العقوبات العسكرية يسمح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية والتي استُخدمت على نطاق واسع لمحاكمة المدنيين أمامها وكانت الأداة «ذات المظهر القانوني» التي استخدمها النظام الحاكم من أجل محاكمة المعارضين له ([9]).
الجرائم المستثناة والواردة في عدد من النصوص القانونية: استثنى مرسوم العفو كافة الجرائم الواردة في النصوص القانونية التالية:
إضافة لما سبق لم يشمل مرسوم العفو عن دعاوى الحق الشخصي كما لم يشمل غرامات مخالفات قوانين وأنظمة القطع والصرافة والحوالات والسير والتبغ والتنباك والطوابع، وكذلك كافة الغرامات المنصوص عليها في القوانين والتي تحمل طابع التعويض المدني، كما اشترط المرسوم للاستفادة من العفو " تسديد المحكوم عليه بحكم مبرم للالتزامات المحكوم بها لصالح الجهة المدعية وفق الأصول المعمول بها، أو تقديم إسقاط حق شخصي" وذلك بالنسبة للجنح المنصوص عليها في المواد (628 وحتى 659) من قانون العقوبات العام وهي مواد تتعلق بالسرقة والاختلاس والتعدي من قانون العقوبات العام، كما لا يتم الاستفادة من العفو "إذا كانت الدعوى العامة لم يتم تحريكها أو كانت في طور المحاكمة لا يتم الاستفادة من العفو إلا بوجود إسقاط حق شخصي، وللمضرور دفع سلفة الادعاء خلال ثلاثين يوماً من نفاذ هذا المرسوم التشريعي.
مرسوم بدون دلالة سياسية
اللافت في هذه المرسوم هو شموله لكافة الجنح والمخالفات الواردة في قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية ويمكن اعتباره المرسوم الأشمل الذي يتضمن عفواً عن الجرائم الواردة في هذا القانون منذ عام 2011، وبالتالي يمكن أن يشمل العفو عدد كبير من العسكريين أو المدنيين المحكوم عليهم بجنح ومخالفات بناءً على مواد هذا القانون، يبدو أن النظام يحاول أن يستفيد من أكبر قدر من العسكريين الموجودين في السجون العسكرية أو المتخلفين عن الخدمة الإلزامية، وبالتالي زيادة التعبئة العسكرية لقواته خصوصاً مع رفع وتيرة انتشارها في بعض المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية شمال سورية.
استثنى المرسوم مواداً كثيرة تتعلق بالرشاوي والفساد وسوء استخدام السلطة وتلك المتعلقة بتسريب البيانات أو إتلاف الوثائق في محاولة لردع تلك الجرائم التي ترتكب بكثرة في الأوقات الراهنة، أما فيما تبقى من مرسوم العفو فيحاول النظام محاباة البيئة الحاضنة له عبر تخفيف الاحتقان المجتمعي الموجود بالتزامن مع تردي الأوضاع الاقتصادية وأزمة حوامل الطاقة وضعف الرواتب الممنوحة وانهيار قيمة الليرة السورية إلى 6300 ليرة مقابل الدولار.
على الرغم مما ورد أعلاه فإن مرسوم العفو لا يشمل المنشقين بالمعنى التطبيقي إذ أن النظام لا يعتبر المنشقين فارين من الخدمة العسكرية فقط، بل يُجرمهم بناءً على مواد قانونية أخرى كالتعامل مع دولة أجنبية؛ محاولة تغيير نظام الحكم؛ إضعاف الشعور القومي، وغيرها من التهم التي يُلبسها لهم.
خاتمة
أسوة بغيره من مراسيم العفو، فإنه لا يزال يحد من عمله إشكاليات عدة، سواء لتلك التي تتعلق بعدم وجود مؤسسات مدنية أو منظمات انسانية تراقب تطبيقه أو إحصاء من يشملهم ومن يتم إطلاق سراحهم في ظل تعتيم على بيانات المُطلق سراحهم من قبل مؤسسات الدولة المعنية التي تكتفي بتعميم المرسوم لجهات تنفيذه الرسمية هذا من جهة، أو تلك المرتبطة بالخلل الدائم ما بين النص وآليات تطبيقه من جهة أخرى.
إضافة لذلك، ما زالت هذه المراسيم لا تشمل المدنيين والسياسيين المعارضين وبالأخص متهمي الرأي، وتبقى تحت سقف أي توجه سياسي في ظل عدم تقبل النظام للمعارضة السياسية له وعدم اعترافه بها أصلاً، وعليه يبدو أن المرسوم مرتبط بإجراءات داخلية فقط دون أن يكون له تبعات سياسية.
ملحق
يضم هذا الملحق المواد التي استثناها مرسوم العفو 24 لعام 2022 من قانون العقوبات العام ومن قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية.
المواد المستثناة من قانون العقوبات العام |
|||
# |
رقم المادة |
النص |
ملاحظة |
1 |
271 |
من دخل أو حاول الدخول إلى مكان محظور قصد الحصول على أشياء أو وثائق أو معلومات يجب أن تبقى مكتومة حرصاً على سلامة الدولة عوقب بالحبس سنة على الأقل وإذا سعى بقصد التجسس فبالأشغال الشاقة الموقتة. |
|
2 |
273
|
1 ـ من كان في حيازته بعض الوثائق أو المعلومات كالتي ذكرت في المادة 271 فأبلغه أو أفشاه دون سبب مشروع عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين. 2 ـ ويعاقب بالأشغال الشاقة الموقتة خمس سنوات على الأقل إذا أبلغ ذلك لمنفعة دولة أجنبية. 3 ـ إذا كان المجرم يحتفظ بما ذكر من المعلومات والأشياء بصفة كونه موظفاً أو عاملاً أو مستخدماً في الدولة فعقوبته الاعتقال الموقت في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأولى والأشغال الشاقة المؤبدة في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية. 4 ـ إذا لم يؤخذ على أحد الأشخاص السابق ذكرهم إلا خطأ غير مقصود كانت العقوبة الحبس من شهرين إلى سنتين. |
|
3 |
275 |
يعاقب بالحبس سنة على الأقل وبغرامة لا تنقص عن مائة ليرة كل سوري وكل شخص ساكن في سورية أقدم أو حاول أن يقدم مباشرة أو بواسطة شخص مستعار على صفقة تجارية أو أية صفقة شراء أو بيع أو مقايضة مع أحد رعايا العدو أو مع شخص ساكن بلاد العدو. |
تم تعديل قيمة الغرامات بالقانون رقم 15 لعام 2022 |
4 |
276 |
يستحق العقاب الوارد في المادة السابقة من ذكر فيها من الأشخاص إذا ساهموا في قرض أو اكتتاب لمنفعة دولة معادية أو سهل أعمالها المالية بوسيلة من الوسائل. |
|
5 |
277 |
من أخفى أو اختلس أموال دولة معادية أو أموال أحد رعاياها المعهود بها إلى حارس عوقب بالحبس من شهر إلى سنتين وبغرامة أقلها مائة ليرة. |
تم تعديل قيمة الغرامات بالقانون رقم 15 لعام 2022 |
6 |
341 |
كل موظف وكل شخص ندب إلى خدمة عامة سواء بالانتخاب أو بالتعيين، وكل امرئ كلف بمهمة رسمية كالحكم والخبير والسنديك التمس أو قبل لنفسه، أو لغيره هدية ،أو وعداً أو أية منفعة أخرى ليقوم بعمل شرعي من أعمال وظيفته عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة أقلها ضعفا قيمة ما أخذ أو قبل به. |
|
7 |
347 |
من أخذ أو التمس أجراً غير واجب أو قبل الوعد به سواء كان لنفسه أو لغيره بقصد إنالة الآخرين أو السعي لإنالتهم وظيفة، أو عملاً أو مقاولات أو مشاريع أو أرباحاً غيرها أو منحاً من الدولة أو إحدى الإدارات العامة بقصد التأثير في مسلك السلطات بأية طريقة كانت عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة أقلها ضعفا قيمة ما أخذ أو قبل به. |
|
8 |
348 |
إذا اقترف الفعل محام بحجة الحصول على عطف قاض أو حاكم أو سنديك أو خبير في قضية عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات ومنع من ممارسة مهنته مدى الحياة. |
|
9 |
349 |
كل موظف اختلس ما وكل إليه أمر إدارته أو جبايته أو صيانته بحكم الوظيفة من نقود أو أشياء أخرى للدولة أو لأحد الناس عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة أقلها قيمة ما يجب رده. |
|
10 |
351 |
كل موظف أكره شخصاً من الأشخاص أو حمله على أداء أو الوعد بأداء ما يعرف أنه غير واجب عليه أو يزيد عما يجب عليه من الضرائب والرسوم وما سوى ذلك من العوائد يعاقب بالحبس سنة على الأقل وبغرامة أدناها ضعفا قيمة ما يجب رده. |
|
11 |
361 |
1 ـ كل موظف يستعمل سلطته أو نفوذه مباشرة أو غير مباشرة ليعوق أو يؤخر تطبيق القوانين أو الأنظمة وجباية الرسوم أو الضرائب أو تنفيذ قرار قضائي أو مذكرة قضائية أو أي أمر صادر عن السلطة ذات الصلاحية يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين. 2 ـ إذا لم يكن الشخص الذي استعمل سلطته أو نفوذه موظفاً عاماً فلا تتجاوز العقوبة السنة. |
|
12 |
386 |
1 ـ من أخذ أو نزع أو أتلف إتلافاً تاماً أو جزئياً أوراقاً أو وثائق أودعت خزائن المحفوظات أو دواوين المحاكم أو المستودعات العامة وسلمت إلى وديع عام بصفته هذه، عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات. 2 ـ وإذا اقترف الفعل بواسطة فك الأختام أو الخلع أو التسلق أو بواسطة أعمال العنف على الأشخاص كانت العقوبة الأشغال الشاقة الموقتة. |
|
13 |
387 |
يستحق عقوبات المادة السابقة بما اشتملت عليه من فوارق من أحرق أو أتلف وإن جزئياً سجلات أو مسودات أو أصول الصكوك الخاصة بالسلطة العامة. |
|
14 |
398 |
1ـ من شهد أمام سلطة قضائية أو قضاء عسكري أو إداري فجزم بالباطل أو أنكر الحق أو كتم بعض أو كل ما يعرفه من وقائع القضية التي يسأل عنها عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات. 2 ـ وإذا أديت شهادة الزور أثناء تحقيق جنائي أو محاكمة جنائية قضي بالأشغال الشاقة عشر سنوات على الأكثر. 3 ـ إذا نجم عن الشهادة الكاذبة حكم بالإعدام أو بعقوبة مؤبدة فلا تنقص الأشغال الشاقة عن عشر سنوات ويمكن إبلاغها إلى خمس عشرة سنة. 4 ـ وإذا كان المجرم قد استمع دون أن يحلف اليمين خفض نصف العقوبة. |
|
15 |
402 |
1 ـ إن الخبير الذي تعينه السلطة القضائية ويجزم بأمر مناف للحقيقة أو يؤوله تأويلاً غير صحيح على علمه بحقيقته يعاقب بالحبس ثلاثة أشهر على الأقل وبغرامة لا تنقص عن مائة ليرة، ويمنع فضلاً عن ذلك أن يكون أبداً خبيراً. 2 ـ ويقضى بالأشغال الشاقة إذا كانت مهمة الخبير تتعلق بقضية جنائية. |
تم تعديل قيمة الغرامات بالقانون رقم 15 لعام 2022 |
16 |
403 |
1 ـ يتعرض لعقوبات المادة السابقة بما اشتملت عليه من الفوارق المترجم الذي يترجم قصداً ترجمة غير صحيحة في قضية قضائية. 2 ـ ويقضى عليه فضلاً عن ذلك بالمنع من مزاولة الترجمة أبداً. |
|
17 |
405 |
1 ـ من حلف اليمين الكاذبة في مادة مدنية عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة مائة ليرة. 2 ـ ويعفى من العقاب إذا رجع عن يمينه قبل أن يبت في الدعوى التي كانت موضوع اليمين بحكم ولو غير مبرم. |
تم تعديل قيمة الغرامات بالقانون رقم 15 لعام 2022 |
18 |
428 |
1 ـ من قلد خاتماً أو ميسماً أو علامة أو مطرقة خاصة بإدارة عامة سورية كانت أو أجنبية أو قلد دمغة تلك الأدوات. 2 ـ ومن استعمل لغرض غير مشروع أية علامة من العلامات الرسمية المذكورة في الفقرة السابقة صحيحة كانت أو مزورة. عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من مائة إلى ثلاثمائة ليرة. |
تم تعديل قيمة الغرامات بالقانون رقم 15 لعام 2022 |
19 |
450 |
من وجب عليه قانوناً أن يمسك سجلات خاضعة لمراقبة السلطة فدون فيها أموراً كاذبة أو أغفل تدوين أمور صحيحة فيها عوقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة مائة ليرة على الأقل إذا كان الفعل من شأنه إيقاع السلطة في الغلط. |
تم تعديل قيمة الغرامات بالقانون رقم 15 لعام 2022 |
20 |
451 |
يعاقب بالعقوبة نفسها من أبرز وهو عالم بالأمر وثيقة مقلدة أو محرفة أو منظمة على وجه يخالف الحقيقة ومعدة لأن تكون أساساً إما لحساب الضرائب أو الرسوم أو غير ذلك من العوائد المتوجبة للدولة أو لإحدى الإدارات العامة وإما للمراقبة القانونية على أعمال المجرم المتعلقة بمهنته. |
|
21 |
452 |
1 ـ يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين: من حصل بذكر هوية كاذبة على جواز سفر أو ورقة طريق أو تذكرة مرور، ومن حصل بانتحاله اسماً على رخصة صيد أو حمل سلاح أو تذكرة هوية أو تذكرة ناخب أو وثيقة نقل أو نسخة عن السجل العدلي خاصة بالغير. 2 ـ يعاقب بالعقوبة نفسها من استعمل وثيقة من الوثائق المذكورة آنفاً أعطيت باسم غير اسمه أو بهوية غير هويته. |
|
22 |
453 |
يعاقب الموظف الذي يسلم إحدى تلك الوثائق على علمه بانتحال الاسم أو الهوية بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات. |
|
23 |
454 |
من ارتكب التزوير بالاختلاق أو التحريف في إحدى الأوراق المشار إليها في المادة 452 عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين. |
|
24 |
455 |
1 ـ من أقدم حال ممارسته وظيفة عامة أو خدمة عامة أو مهنة طبية أو صحية على إعطاء مصدقة كاذبة معدة لكي تقدم إلى السلطة العامة أو من شأنها أن تجر على الغير منفعة غير مشروعة أو أن تلحق الضرر بمصالح أحد الناس. ومن اختلق بانتحاله اسم أحد الأشخاص المذكورين وزور بواسطة التحريف مثل هذه المصدقة، عوقب بالحبس من شهر إلى سنتين. 2 ـ وإذا كانت المصدقة الكاذبة قد أعدت لكي تبرز أمام القضاء أو لتبرر الإعفاء من خدمة عامة فلا ينقص الحبس عن ستة أشهر. |
|
25 |
456 |
إن أوراق التبليغ التي يحررها المحضرون وسائر عمال الدولة والإدارات العامة وكذلك المحاضر والتقارير التي يحررها رجال الضابطة العدلية تنزل منزلة المصدقة لتطبيق القانون الجزائي. |
|
26 |
457 |
1 ـ من وضع تحت اسم مستعار أو زوَّر مصدقة حسن سلوك أو شهادة فقر عوقب بالحبس حتى ستة أشهر. 2 ـ وتكون العقوبة من شهر إلى سنة إذا وضعت الشهادة تحت اسم موظف أو تناول التزوير مصدقة صادرة عن موظف. |
|
27 |
460 |
من ارتكب التزوير في أوراق خاصة بإحدى الوسائل المحددة في المادتين الـ 445 و446 عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة أقلها مائة ليرة. |
تم تعديل قيمة الغرامات بالقانون رقم 15 لعام 2022 |
28 |
473 |
1 ـ تعاقب المرأة الزانية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين. 2 ـ ويقضى بالعقوبة نفسها على شريك الزانية إذا كان متزوجاً وإلا فالحبس من شهر إلى سنة. 3 ـ فيما خلا الإقرار القضائي والجنحة المشهودة لا يقبل من أدلة الثبوت على الشريك إلا ما نشأ منها عن الرسائل والوثائق الخطية التي كتبها. |
|
29 |
474 |
1 ـ يعاقب الزوج بالحبس من شهر إلى سنة إذا ارتكب الزنا في البيت الزوجي أو اتخذ له خليلة جهاراً في أي مكان كان. 2 ـ وتنزل العقوبة نفسها بالمرأة الشريك. |
|
30 |
475 |
1 ـ لا يجوز ملاحقة فعل الزنا إلا بشكوى الزوج واتخاذه صفة المدعي الشخصي «وعند عدم قيام الزوجية فتتوقف الملاحقة على شكوى الولي على عمود النسب واتخاذه صفة المدعي الشخصي». 2 ـ لا يلاحق المحرض والشريك والمتدخل إلا والزوج معاً. 3 ـ لا تقبل الشكوى من الزوج «أو الولي» الذي تم الزنا برضاه. 4 ـ لا تقبل الشكوى بانقضاء ثلاثة أشهر على اليوم الذي اتصل فيه الجرم بعلم الزوج «أو الولي». 5 ـ إسقاط الحق عن الزوج أو الزوجة يسقط دعوى الحق العام والدعوى الشخصية عن سائر المجرمين. 6 ـ إذا رضي الرجل باستئناف الحياة المشتركة تسقط الشكوى. |
|
31 |
476 |
1 ـ السفاح بين الأصول والفروع، شرعيين كانوا أو غير شرعيين، أو بين الأشقاء والشقيقات والأخوة والأخوات لأب أو لأم أو من هم بمنزلة هؤلاء جميعاً من الأصهرة، يعاقب عليه بالحبس «من سنة إلى ثلاث سنوات». 2 ـ إذا كان لأحد المجرمين على الآخر سلطة قانونية أو فعلية «فلا تنقص العقوبة عن سنتين». 3 ـ يمنع المجرم من حق الولاية. |
|
32 |
477 |
1 ـ يلاحق السفاح الموصوف في المادة السابقة بناء على شكوى قريب أو صهر أحد المجرمين حتى الدرجة الرابعة. 2 ـ وتباشر الملاحقة بلا شكوى إذا أدى الأمر إلى الفضيحة. |
|
33 |
499 |
1- كل موظف راود عن نفسها زوجة سجين أو موقوف أو شخص خاضع لمراقبة سلطته أو راود إحدى قريبات ذلك الشخص عوقب بالحبس من تسعة أشهر إلى ثلاث سنوات. 2 ـ وتنزل العقوبة نفسها بالموظف الذي يراود عن نفسها زوجة أو قريبة شخص له قضية منوط فصلها به أو برؤسائه. 3 ـ تضاعف العقوبة إذا نال المجرم إربه من إحدى النساء المذكورات آنفاً. |
|
34 |
500 |
1 ـ من خطف بالخداع أو بالعنف فتاة أو امرأة بقصد الزواج عوقب بالحبس من ثلاث سنوات إلى تسع سنوات. 2 ـ يتناول العقاب الشروع في ارتكاب هذه الجريمة. |
|
35 |
504 |
1 ـ من أغوى فتاة بوعد الزواج ففض بكارتها عوقب، إذا كان الفعل لا يستوجب عقاباً أشد، بالحبس حتى خمس سنوات وبغرامة أقصاها ثلاثمائة ليرة أو بإحدى العقوبتين. 2 ـ فيما خلا الإقرار لا يقبل من أدلة الثبوت على المجرم إلا ما نشأ منها عن الرسائل والوثائق الأخرى التي كتبها. |
تم تعديل قيمة الغرامات بالقانون رقم 15 لعام 2022 |
36 |
507 |
كل رجل تنكر بزي امرأة فدخل مكاناً خاصاً بالنساء أو محظوراً دخوله وقت الفعل لغير النساء عوقب بالحبس لا أكثر من سنة ونصف. |
|
37 |
520 |
كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتى ثلاث سنوات. |
|
38 |
576 |
كل حريق أو محاولة حريق غير ما ذكر اقترف بقصد الحاق ضرر مادي بالغير أو جر مغنم غير مشروع للفاعل أو لآخر يعاقب عليه بالحبس والغرامة. |
|
39 |
579 |
1 ـ من تسبب بإهماله أو بقلة احترازه أو عدم مراعاته القوانين والأنظمة بحريق شيء يملكه الغير عوقب بالحبس سنة على الأكثر. 2 ـ وإذا كان الجرم تافهاً فلا تتجاوز العقوبة الثلاثة أشهر. |
|
40 |
580 |
1 ـ يعاقب بالحبس من ثلاثة اشهر إلى سنتين من نزع آلة مركبة لإطفاء الحرائق أو غير مكانها أو جعلها غير صالحة للعمل. 2 ـ ويعاقب بالعقوبة نفسها فضلاً عن غرامة تتراوح بين مائة وخمسمائة ليرة من كان مجبراً بحكم القانون أو الأنظمة على اقتناء آلة لإطفاء الحرائق فأغفل تركيبها وفاقاً للأصول أو لم يبقها صالحة للعمل دائماً. |
تم تعديل الغرامات بالقانون رقم 15 لعام 2022 |
41 |
584 |
1 ـ من أقدم قصداً على قطع سير المخابرات البرقية أو الهاتفية أو اذاعات الراديو سواء بالحاق الضرر بالآلات أو الأسلاك أو بأية طريقة أخرى عوقب بالحبس حتى ستة أشهر. |
|
42 |
625 مكرر |
1-يعاقب بالسجن المؤقت خمس سنوات على الأقل وبغرامة من (3,000,000) ل.س ثلاثة ملايين ليرة سورية إلى (6,000,000) ل.س ستة ملايين ليرة سورية كل من أقدم بأي طريقة ومن أي مكان على سرقة أي سيارة من السيارات المعرفة في الفقرة /3/ من المادة /1/ من قانون السير. 2-يعاقب بالسجن المؤقت من ثلاث سنوات إلى سبع سنوات وبغرامة من (1,000,000) ل.س مليون ليرة سورية إلى (3,000,000) ل.س ثلاثة ملايين ليرة سورية كل من قام بسرقة محتويات السيارة المعرفة في الفقرة /3/ من المادة /1/ من قانون السير سواء بواسطة الخلع والكسر أو باستخدام المفاتيح المصنعة أو أي أداة مخصوصة. 3-يعاقب بالحبس مع الشغل سنة على الأقل وبغرامة من (100,000) ل.س مئة ألف ليرة سورية إلى (500,000) ل.س خمسمئة ألف ليرة سورية كل من قام بسرقة أي جزء من الأجزاء الخارجية للسيارة المعرفة في الفقرة /3/ من المادة /1/ من قانون السير. 4-يعاقب بالحبس مع الشغل سنة على الأقل وبغرامة من (100,000) ل.س مئة ألف ليرة سورية إلى (500,000) ل.س خمسمئة ألف ليرة سورية كل من أقدم بأي طريقة على سرقة أي دراجة آلية من الدراجات المعرفة في الفقرة /7/ من المادة /1/ من قانون السير 5-يعاقب بالحبس مع الشغل سنة على الأقل وبغرامة من (100,000) ل.س مئة ألف ليرة سورية إلى (500,000) ل.س خمسمئة ألف ليرة سورية كل من: أ- سرق بأي وسيلة كانت لوحة نظامية لسيارة أو مركبة آلية مهما كان نوعها. ب- استعمل بأي وسيلة كانت لوحة نظامية مسروقة على سيارة أو مركبة آلية أخرى سواء كانت تحمل لوحة نظامية بالأصل أو لا تحمل. ج – استعمل بأي وسيلة كانت لوحة أو رقماً على أي سيارة أو مركبة آلية سواء أكان الرقم مخصصاً بالأصل أم غير مخصص. 6-يعاقب بالسجن المؤقت وبغرامة من (3,000,000) ل.س ثلاثة ملايين ليرة سورية إلى (5,000,000) ل.س خمسة ملايين ليرة سورية كل من أخذ أو استعمل دون حق وسائل النقل المبينة في الفقرة /1/ من هذه المادة إذا لم يكن قاصداً سرقتها. 7-تخفض العقوبة المنصوص عليها في الفقرة /6/ من هذه المادة إلى الحبس مع الشغل سنة واحدة على الأقل وغرامة من (100,000) ل.س مئة ألف ليرة سورية إلى (500,000) ل.س خمسمئة ألف ليرة سورية إذا أعاد الفاعل ما أخذه أو استعمله إلى صاحبه أو مكان أخذه خلال ثلاثة أيام على الأكثر من تاريخ الفعل دون إحداث تلف فيه. 8-لا تطبق أحكام المادة /662/ من قانون العقوبات في حال تخفيض العقوبة وفقاً لأحكام الفقرة /7/ من هذه المادة. 9-لا تطبق على الجرائم المعاقب عليها بموجب هذه المادة الأسباب المخففة التقديرية، كما لا تطبق على الجرائم المعاقب عليها وفقاً لحكم الفقرة /7/ من هذه المادة أحكام وقف التنفيذ المنصوص عليها في المادة /168/ من قانون العقوبات وما يليها |
هذه المادة مُعدلة بالقانون 15 لعام 2022. |
الجدول (1) المتضمن المواد القانونية التي استثناها المرسوم 24 لعام 2022 من قانون العقوبات العام
المواد المستثناة من قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية |
|||
# |
رقم المادة |
النص |
ملاحظة |
1 |
133 |
شمل العفو الفقرات التالية: ب- يعاقب بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات كل عسكري يبيع او يرهن او يتصرف لقاء منفعة او يختلس او يبدل بسوء نية او يسيء الامانة بالسلاح العائد للجيش المسلم له. ج- يعاقب بالحبس من سنتين الى خمس سنوات كل عسكري يسرق سلاحا عائدا للجيش. د- يعاقب بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات كل عسكري يسرق الأموال أو الأعتدة أو الاجهزة او الالبسة أو الذخائر أو الحيوانات أو أي شيء من أشياء الجيش أو يختلسها أو يبيعها أو يرهنها أو يسيء الامانة بها أو يقدم بسوء نية على شرائها أو على تبديلها أو على عدم اعادة ما سلم إليه منها. |
|
2 |
134 |
يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة كل شخص بريء من جريمة الفرار ولم يرجع الحيوانات او الاسلحة أو اي شيء آخر من اشياء الجيش التي كانت بحوزته. |
|
3 |
275 |
يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر الى سنتين كل عسكري يقدم قصدا على اتلاف او كسر او تعطيل الأسلحة والاعتدة والأجهزة والألبسة والحيوانات وأي شيء من اشياء الجيش سواء كانت بتسلمه او بتسلم سواه. |
|
الجدول (2) المتضمن المواد القانونية التي استثناها المرسوم 24 لعام 2022 من قانون العقوبات العسكرية
([1] )"المرسوم التشريعي 24 لعام 2022"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 21 كانون الأول/ديسمبر 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3BUYZC5
([2]) يميز قانون العقوبات الجريمة في ثلاث توصيفات هي:
1-الجناية: وهي كل جريمة يعاقب عليها القانون بالإعدام أو السجن لأكثر 3 سنوات.
2-الجنحة: كل جريمة يعاقب عليها لقانون بالحبس ما بين 10 أيام إلى 3 سنوات أو غرامة فهي تعتبر جنحة.
3-المخالفة: كل جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس ما بين 24 ساعة و10 أيام فهي مخالفة.
([3]) تتضمن المواد المذكورة، إفشاء معلومات المدمنين؛ استعمالها للمنفعة الشخصية أو الغير؛ حيازة ، إحراز، نقل أو استلام أو تسليم بشرط انتفاء اي قصد خاص كقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال؛ التعاطي في مكان مهيأ أو معد لذلك بشرط انتفاء الحيازة السابقة؛ الاستيراد أو التصدير أو التصنيع لمواد تخضع لشروط المواد المخدرة، للمزيد، "القانون 2 لعام 1993، قانون المخدرات"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 12 نيسان/أبريل 1993، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3YL2LYw
([4]) "قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 13 آذار/مارس 1950، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3Lh0EUh
([5]) "المرسوم التشريعي 3 لعام 2022"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 12 كانون الثاني/يناير 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3HZc6pX
([6] )"قانون العقوبات العام 148 لعام 1949، المعدل بالمرسوم التشريعي 1 لعام 2011"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 15 كانون الثاني/يناير 2012، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3nKv1JH
([7])نص المواد موجودة في الملحق.
([8]) محمد منير الفقير، محسن المصطفى: "مرسوم العفو رقم 7: رجاء التعويم بخطوات شكلية"، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر: 23 أيلول/سبتمبر 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3f7KEcZ
([9]) محسن المصطفى: "المؤسسة العسكرية في المواثيق الدستورية.. مضامين نحو المستقبل"، مركز عمران للدراسات، تاريخ النشر: 10 حزيران/يونيو 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3Sljmz8
([10]) "القانون 14 لعام 2015 قانون التجارة الداخلية وحماية المستهلك"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 26 تموز/يوليو 2015، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3HUF8Hg
([11] ) "المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2021 المتضمن قانون حماية المستهلك"، وكالة الأنباء السورية "سانا"، تاريخ النشر: 12 نيسان/أبريل 2015، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3GaQEgd
([12] ) "المرسوم التشريعي 40 لعام 2012 قانون إزالة مخالفات البناء"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 20 أيار/مايو 2012، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3hO6TGv
([13] )"المرسوم التشريعي 35 لعام 2015 تحديد العقوبات على مستجري الكهرباء بصورة غير مشروعة"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 12 آب/أغسطس 2015، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3jo6vyU
([14] )"القانون 10 لعام 1961 قانون مكافحة الدعارة"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 3 نيسان/أبريل 1961، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3hFtXYf
([15] )"تنظيم القواعد القانونية الجزائية للجريمة المعلوماتية"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 18 نيسان/أبريل 2018، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3WixLNV
([16] )"المرسوم التشريعي 68 لعام 1953 منع نقل البضائع من بلاد العدو"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 5 أيار/مايو 1953، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3Gaqie6
([17]) "القانون 286 لعام 1956 منع التعامل مع إسرائيل"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 19 حزيران/يوليو 1956، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3BQegEs
أصدر بشار الأسد بتاريخ 30 نيسان/أبريل المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2022 القاضي بمنح عفو عام عن "الجرائم الإرهابية" المرتكبة من السوريين والواردة في القانون 19 لعام 2012 وقانون العقوبات العام، عدا تلك الجرائم التي أفضت لموت إنسان. وقد شكل هذا المرسوم (وهو المرسوم الثالث والعشرون الذي يمنح عفواً عاماً منذ بداية عام 2011) نقطة "جذب واهتمام" لدى العديد من الفاعلين الدوليين والإقليمين، لما له من تشابك وظيفي مع ملف العودة، أو ملف الإصلاح الداخلي.
ومما زاد أهمية هذه النقطة أنها أتت تزامناً مع سلسلة من الخطوات والقوانين والتصريحات التي هدف النظام من خلالها الإيحاء بالتماهي مع القانون الدولي الإنساني، كإطلاق وزارة الخارجية والمغتربين في حكومة النظام دورات تدريبية عدة تتعلق بالقانون الدولي الإنساني، واعتماد برنامج دراسات عليا خاص بالقانون الدولي الإنساني في أحد الجامعات الحكومية([1])، وتأكيدات نائب وزير الخارجية والمغتربين بشار الجعفري، في تصريحات له بعد صدور مرسوم العفو، على "ريادة سورية في برامج التأهيل والتوعية بما يتعلق بالقانون الدولي الإنساني"([2]). يضاف إلى كل ذلك جملة من القرارات والتصريحات الحكومية حول إمكانية عودة الملاحقين والمطلوبين إلى جهات أمنية دون أي مساءلة، وذلك بالاستفادة من مرسوم العفو الأخير([3])، بالإضافة لقيام بشار الأسد بإجراء تغيرات في عدد من المناصب العسكرية العليا، كتنصيب وزير دفاع جديد لم يسبق له قيادة وحدات عسكرية مقاتلة، وكذلك تعيين رئيس لهيئة الأركان العامة، بعد شغور المنصب لأربع سنوات منذ بداية عام 2018([4]).
تطرح هذه الإجراءات التي باتت محل نقاش دولي سلسلة من التساؤلات: بأي إطار يمكن فهم فلسفة هذه الخطوات؟ وما الآثار التنفيذية لها؟ وما واقعها؟ وهل تعكس مؤشراً ما في تغيير في سلوك النظام؟ إذاً، ستشكل الإجابات عن هذه الأسئلة فهماً ومدخلاً مهماً في سردية النظام الجديدة، وعليه ستفكك هذه الورقة كيفية إدارة النظام لملفي الاعتقال والعفو، ومدى مراعاته للسياق السياسي والأمني، وستناقش النص القانوني لمرسوم العفو، ومدى ارتباطه بالقوانين الأخيرة التي أصدرها النظام، وستقيس كمياً ونوعياً نتائج هذا المرسوم، من خلال متابعة سياسات التنفيذ، وستقف الورقة في ختامها على جملة من النتائج التي ستفيد في استنباط الاستراتيجية والفلسفة العامة للنظام ومدلولاتها من جهة، وفي تلمس تداعيات هذه الاجراءات على ملفي الاعتقال والعفو من جهة أخرى، وما تستوجبه من توصيات وحزم سياسات.
منذ بداية الحرك الثوري اتبع النظام سياسات ممنهجة ضمن إجراءات متنوعة بهدف "إدارة الأزمة"، واحتواء الحراك الشعبي، عبر الاعتقال والإخفاء القسريين لعدد كبير من المعتقلين، ومن ثم سوق اتهامات ملفقة لهم، ثم إجبارهم على الاعتراف بها تحت التعذيب، لتفضي في النهاية إلى تجريم معظم المعتقلين([5])، وليصار إلى عرض غالبية المعتقلين على محاكم عسكرية واستثنائية بدءاً بمحكمة أمن الدولة([6])، ثم إحالة عدد كبير من المعتقلين إلى محاكم الميدان العسكرية والخاصة بالجنايات العسكرية زمن الحرب، التي تم توسيع نطاق عملها في عام 1980 ليشمل المدنيين والعسكريين خلال النزاعات الداخلية([7])، بالإضافة لإحالة المعتقلين إلى محكمة قضايا الإرهاب، التي تم تأسيسها بالقانون 22 لعام 2012، بناءً على قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012، مع استمرار عمل محاكم الميدان العسكرية بالوتيرة نفسها.
إضافة لما سبق، وفي حالات نادرة، كانت الأجهزة الأمنية تقوم بإحالة بعض المعتقلين إلى القضاء المدني والمحاكم العسكرية، فيما لا تخضع إحالة الأجهزة الأمنية للمعتقلين، في أي من المحاكم المشار إليها، إلى معايير قانونية واضحة، لجهة اختصاص المحكمة المحال إليها بملف الدعوى من عدمه([8])، كما لم تلتزم محاكم الميدان العسكرية ومحكمة قضايا الإرهاب بمحاضر التحقيق وخلاصاتها التي اعترف بها المعتقل تحت التعذيب، ولم يكترث قضاة محاكم الميدان والإرهاب بتصريح المعتقل بأن إفادته في المحضر قد اُنتزعت تحت التعذيب، بعكس المحاكم المدنية والعسكرية([9])، كل ذلك وسط تجاوز واضح لأحكام دستور عام 2012، وخاصة المادتين 51 و53 منه([10]).
ارتبطت مراسيم العفو الصادرة منذ بداية عام 2011 بغايات أمنية وسياسية للنظام، متناغمة مع تنوع وجوه الصراع، فلم تشمل في العام الأول المعتقلين على خلفية الثورة، واقتصرت سياسات العفو وإخلاء السبيل على شروط أمنية عرفية وأخرى قضائية صرفة، فأخلي سبيل بعض المنخرطين في الحراك بناءً على تعليمات غير رسمية من قيادات الأجهزة الأمنية، أو خلية الأزمة، أو رأس النظام نفسه([11])، فيما أدت إحالة الكثير من المعتقلين إلى القضاء المدني مطلع العام الأول للثورة إلى قيام القضاة بإطلاق سراحهم لعدم كفاية الأدلة، أو كون اعترافاتهم قد انتزعت تحت التعذيب، أو تم إخلاء سبيلهم بكفالة. بينما اهتمت معظم المراسيم اللاحقة بمعالجة النظام للنزيف البشري الذي عانت منه بنيته البشرية في الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية.
بشكل سنوي، ومنذ عام 2011 كان يصدر مرسوم عفو واحد على الأقل، وفي بعض السنوات كان يصدر 3 إلى 4 مراسيم عفو. وتتنوع مراسيم العفو الصادرة ضمن عدد من الفئات، وذلك بحسب "الجرائم" التي تضمنت العفو عنها، إذ يمكن تقسيمها إلى مجموعة فئات كما يلي:
على الرغم من كافة مراسيم العفو الصادرة إلا أن أعداد المعتقلين والمختفين قسرياً ما زال مرتفعاً، وهناك عشرات الآلاف من السوريين ما يزال مصيرهم مجهولاً في أقبية سجون النظام السوري، وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الانسان أنه ما يزال هناك قرابة 132 ألف معتقل ومختف قسري([12]). وفيما يلي أعداد المعتقلين سنوياً([13]):
يمكن تتبع المنهجية العامة لمراسيم العفو من خلال ما شملته من جرائم، ويُلاحظ على سبيل المثال أن مرسوم العفو الصادر بالمرسوم التشريعي 61 لعام 2011 قد شمل جميع الجرائم المرتكبة قبل هذا التاريخ، جنحاً كانت أم جنايات أم مخالفات، بالإضافة للعفو عن كامل العقوبة للجرائم المنصوص عليها في القانون 49 لعام 1980، والذي يجرم الانتساب لجماعة الإخوان المسلمين بحكم الإعدام، كما استمرت عمليات إطلاق سراح المعتقلين الإسلاميين والناشطين المعارضين والحقوقيين الذين تمت محاكمتهم سابقاً أمام محكمة أمن الدولة العليا خصوصاً بعد صدور مرسوم إلغاء حالة الطوارئ وإغلاق محكمة أمن الدولة بتاريخ 21 نيسان/أبريل 2011 وإنهاء العمل بأحكامها. تسبب المرسوم 61 لعام 2011 بإخلاء سبيل عشرات المجرمين الجنائيين وأصحاب السوابق، بالإضافة لجرائم الفرار الداخلي والخارجي من الخدمة العسكرية.
يمكن القول: إن عمليات الإفراج والاعتقال في العام الأول للثورة كما في الأعوام التالية خضعت لمقاربات النظام الأمنية والسياسية، وركزت في السنة الأولى على الاعتقال العشوائي لغربلة الحراك ونخب قياداته والمؤثرين فيه، ورسم خارطة أولية لحدوده وأطره، وأسهم العفو الواسع عن السجناء الجنائيين وأصحاب السوابق إلى تسميم المجتمعات المحلية الثائرة وغيرها، واستثمار حالة الفراغ التي بدأت معالمها بالظهور مع انحسار الدولة تدريجياً عن مشهد الإدارة والحكم في هذه المجتمعات، كما تسببت عودة عدد من المعتقلين الإسلاميين إلى مجتمعاتهم الثائرة أو انخراط بعض من ينتمي منهم إلى مجتمعات محلية هادئة نسبياً أو مطلقاً إلى خلخلة في الحراك، وفي اتساق مطالبه وانسجامها بشكل عابر للمناطق والمكونات الطائفية والإثنية والتيارات الأيديولوجية. أما على صعيد من شملهم العفو من العسكريين في مقابل تصاعد الاعتقالات على الشبهة السياسية والطائفية في الجيش فيمكن اعتباره محاولة لغربلة مؤسسة الجيش قبل العمل على تورطها بشكل كامل في الصراع، في مقابل تحييد قطاع واسع من العسكريين عن الانخراط في حركة الانشقاق المتسارعة، لتلافي مؤشرات العجز في البنية البشرية.
مع وصول بعثة المراقبين العرب المشكلة بموجب المبادرة العربية التي أطلقتها الجامعة العربية ووافق عليها النظام السوري بتاريخ 19 كانون الأول/ديسمبر 2011، أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 10 لعام 2012 القاضي بمنح عفو عام عن "الجرائم المرتكبة على خلفية الأحداث التي وقعت منذ 15آذار/مارس 2011"([14])، وهو المرسوم الأول من نوعه الذي يمنح عفواً عن المعتقلين على خلفية الأحداث، في مسعى من النظام لإظهار حسن النية والإيجابية في التعاون مع البعثة العربية، ثم لم يلبث النظام أن أعاد اعتقال جلّ من شملهم هذا العفو بعد مغادرة البعثة العربية لسورية. أما مراسيم العفو اللاحقة فلم تشمل المعتقلين على خلفية أحداث الثورة إلا في تهم بسيطة جداً منها: "إضعاف الشعور القومي"، أو "نقل أخبار كاذبة"، والمنصوص عليها في قانون العقوبات العام وتعديلاته([15]). بصورة عامة، لم ترق مراسم العفو لتشمل العدد الأكبر من المعتقلين، بل كانت تستثني عدداً كبيراً من الحالات التي تمت إدانة الكثير من المعتقلين وفقها، كما استثنت هذه المراسيم وبشكل دائم المعارضين السياسيين للنظام السوري.
شهد العام الثاني للثورة وما بعده تغيراً في سياسات النظام المتعلقة بالاعتقال والعفو، فأحيلت معظم ملفات المعتقلين إلى المحاكم الاستثنائية، التي لا تحتكم إلى قانون أصول المحاكمات الجزائية، وتفتقر إلى وجود مستويات للتقاضي، فاتسعت رقعة تخصص محاكم الميدان العسكرية، كما أصدر النظام قانون مكافحة الإرهاب، بالإضافة لتأسيس محكمة للنظر بقضايا الإرهاب بالتوازي مع إصدار دستور عام 2012، والذي نص كما سبق على مواد تتناقض مع هذه التوجهات، وأصبح ملفتاً أن النظام يركز أكثر على احتجاز أكبر عدد من المعتقلين بشكل تعسفي، والإمعان في ارتكاب جرائم التعذيب والإخفاء القسري، والتخفيف إلى حد شبه كامل من عمليات العفو والإفراج، ما يفسر ارتفاع عدد المعتقلين بشكل كبير في تلك الفترة، وبالإمكان هنا ملاحظة ثلاثة متغيرات أثرت في سياسة النظام تجاه الاعتقال والعفو اعتباراً من العام الثاني للثورة السورية:
يمكن القول بأن السياسيات الأمنية وآليات إدارة الأزمة داخلياً وخارجياً هي التي تحكم عمل النظام بما يتعلق بآليات الاعتقال والعفو، إذ يتم إلباسها في النهاية صيغاً قانونية وحوكمية شكلية، فالأساس في سياسة النظام ليس مراسم العفو، بل قيامه بتنفيذ اعتقالات مستمرة وبشكل يومي، خصوصاً في بدايات الثورة السورية ما بين عامي 2011 – 2015، وهو ما ساهم في زيادة أعداد المعتقلين بشكل مضطرد، حتى تجاوز أكثر من مئة ألف معتقل، قُتل قسم كبير منهم نتيجة ممارسات التعذيب من قبل عناصر الأجهزة الأمنية، بالإضافة لنقص الرعاية الطبية، وكذلك الظروف غير الإنسانية في المعتقلات.
لقد اتبع النظام في سياسة إصدار مراسم العفو سياسة عدم إطلاق المعتقلين دفعة واحدة، وأوهم بأنها عملية مستمرة، كما أنه لم يُصدر أي قوائم بمن تم العفو عنهم، بل ترك الأمر مبهماً في ظل سياسة التعتيم ورفضه الاعتراف بعدد المعتقلين أو الكشف عن مصيرهم ومصير المغيبين قسراً، وهذا النهج هو استمرار لنهج النظام في قضية المعتقلين على خلفية أحداث ثمانينات القرن الماضي، فقد استمر النظام حتى عام 2021 بإصدار عفو عن معتقلين بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وهو نهج يساعد النظام – حتى الآن – بشكل أو بآخر على التهرب من اتهامه بالتورط بعمليات تصفية تحت التعذيب، وإعدام خارج إطار القضاء، وتورطه وكذلك بجرائم الإخفاء القسري، كما ساعده ذلك النهج في إظهار نفسه كنظام يخوض حرباً ضد الإرهاب، وبأنه غير متورط بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية.
بعد إعادة سيطرة النظام على مناطق واسعة من البلاد، وتطبيقه الحل الصفري في تلك المناطق، ذهب إلى هذا الحل بمنظور ومقاربة خاصة به، عبر الإيحاء أن الحل التنفيذي ينبع من داخل الدولة/النظام ومن خلال أقنيتها، وجاء المرسوم التشريعي 7 لعام 2022 تتويجاً لسلسلة من الإجراءات التي سبقته كقانون تجريم التعذيب، وكذلك إلغاء العقوبات الشاقة المؤبدة وغيرها، وقد قصد النظام بتلك الإجراءات تحسين صورته، في خضم محاولات إعادة تعويمه، وضمن محاولاته الحثيثة للعودة إلى معادلات شبيهة لما قبل آذار 2011.)[16] (كسرت محاولات النظام تلك قيام صحيفة الغارديان البريطانية([17]) بنشر تقريرها حول مجزرة حي التضامن بدمشق بتاريخ 27 نيسان/ أبريل 2022، والمقاطع المروعة للمجزرة التي واكبت نشر التقرير، الأمر الذي يفسر ربما مسارعة النظام في الإعلان عن المرسوم رقم 7 مستثمراً فرصة حلول عيد الفطر، ليبدو الأمر وكأنه محاولة للانفتاح على المجتمع السوري من جديد([18]). ويحاول النظام دوماً الاستفادة من المتحولات والمتغيرات السياسية الدولية والإقليمية واستثمارها كمكاسب بالتوازي مع إصدار العفو والتي يمكن شملها بالآتي:
تجدر الإشارة ابتداءً إلى أن بشار الأسد احتكر دوماً إصدار مراسيم العفو عبر مراسيم تشريعية، إذ لم يقم مجلس الشعب السوري، الذي يفترض بأنه ممثل للسلطة التشريعية في البلاد، بإصدار أي قانون عفو، مع أن منح العفو العام هو حق دستوري لهذه السلطة، إذ تنص المادة رقم /75/ من دستور 2012، على أن يتولى مجلس الشعب سلطة إقرار العفو العام، في حين أن المادة رقم 108 من الدستور تنص أن "يمنح رئيس الجمهورية العفو الخاص، وله الحق برد الاعتبار".
وبتحليل نص مرسوم العفو رقم 7 وما لحقه من تصريحات، فإنها تؤكد على شكلانية معيار قوة النص وشموليته، (عدم ارتباطه بمهلة زمنية، ويشمل كافة "الجرائم الإرهابية" المرتكبة قبل تاريخ صدوره، كما أنه يشمل كامل مدة العقوبة، ولم يستثن هذه المرة المواد التي سبق أن استثناها في المراسيم السابقة)([21]). لكن غياب الحديث عن الرقابة وآليات المتابعة وجهاتها (مؤسسات حماية القانون ومراقبة تنفيذه)، يجعل قوة هذا النص لغوية دون أن يكسبها قوة قانونية، فقوة القانون بنفاذه، ووجود مؤسسات مدنية منتخبة تصونه.
كما يُلاحظ أيضاً، أن مرسوم العفو لا يتضمن عفواً عن الجرائم المرتكبة وفقاً لقانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية وتعديلاته([22])، والذي يسمح بخضوع المدنيين أمام محاكم الميدان العسكرية، والذي يضم مواداً تحوي عشرات التهم لمن تم الزج بهم في سجون النظام منذ عام 2011 وحتى الآن([23])، وهذا الاستثناء من نص المرسوم يُشكل ثغرة قانونية تسمح للنظام بإبقاء المعتقلين في سجونه بناءً على الجرائم الواردة في هذا القانون، خصوصاً أن توصيف الجرم يمكن أن يتغير بحيث يتم بناءً على مادة قانونية غير مشمولة بمرسوم العفو، وهذا التغيير يتم بسهولة تامة عبر القضاة الذين يستخدمهم النظام لمحاكمة المعتقلين، وفي أحيان كثيرة تتكفل الأجهزة الأمنية بعملية التوصيف التي يتبناها القضاة تلقائياً لا عبرة بالمواد التي تشملها مراسيم العفو، أو تلك التي لا تشملها([24])، فمعظم المعتقلين والمعتقلات والمختفين/ات قسراً عرضوا على محاكم استثنائية تعتمد على الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب، رغم تأكيد أغلب المعتقلين أنه تم تعذيبهم للحصول على معلومات غير حقيقية تجرمهم وفق مواد من قانون العقوبات العام وتعديلاته، أو قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية وتعديلاته، أو قانون مكافحة الإرهاب. مع العلم بأن عدداً كبيراً من المعتقلين ممن استثناهم العفو الأخير هم ناشطون مدنيون لم يتسببوا بمقتل أحد([25])، أما من لم يحالوا إلى المحاكم بعد، أو أولئك الذين هم قيد المحاكمة أمام محاكم الميدان العسكرية أو القضاء العسكري أو القضاء المدني، فلم يشملهم العفو بنص المرسوم.
وفيما يتعلّق بالأموال المنقولة وغير المنقولة للمعتقلين والمختفين قسراً، لم يتناول مرسوم العفو موضوع الأموال المنقولة وغير المنقولة التي تمت مصادرتها بناءً على خلفية القوانين الصادرة بحق من تم تجريمهم نتيجة المشاركة بالثورة منذ عام 2011، ما يسمح للنظام باستمرار مصادرته لهذه الأموال والاحتفاظ بها.
من جهة ثانية، أكد بيان وزير العدل في حكومة النظام سيولة النص التي تتيح للأجهزة الأمنية إعادة تفسير نصوصه بالشكل الذي يناسبها، إذ ربط إلغاء كافة البلاغات والإجراءات (إذاعة بحث - توقيف - مراجعة) المستندة إلى الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب وذلك بحق السوريين في الداخل والخارج، بشرط ما لم يتسبب فعلهم بموت إنسان، أو يثبت استمرار انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية، أو ارتباطهم مع دول أخرى، وهذا ما لاتستطيع تحديده إلا الأجهزة الأمنية، التي ما تزال تعمل دون وجود لوائح وأنظمة قانونية مستقاة من مواد دستورية([26]). كما لا يُعتقد أن بيان وزير العدل سيمنح فرصة جدية للعفو عن المطلوبين، إذ يتضمن البيان إلغاء البلاغات وإجراءات إذاعة البحث والتوقيف والمراجعة المستندة فقط إلى قانون مكافحة الإرهاب، وهي خاصة بالنيابة العامة في محكمة الإرهاب
أما إجرائياً، لم تؤثر هذه الإجراءات على سلوك الأجهزة الأمنية، إذ لم تلغ مذكرات الإحضار وإذاعة البحث والتوقيف والمراجعة، فقد استمرت عمليات الاعتقال لبعض العائدين، كما أن المراجعة الأمنية لمن هو عائد لم تتوقف، وبقيت الأجهزة الأمنية تُطلب ممن عاد لمناطق سيطرة النظام بناءً على مرسوم العفو، أو ممن لم يكن مطلوباً لأحدها أساساً، بمراجعة فروع ومفارز هذه الأجهزة([27]). وعلى الرغم من صدور مرسوم العفو والقرارات التي أعقبته ما تزال الاعتقالات مستمرة في مناطق سيطرة النظام، فقد وثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تنفيذ 124 حالة اعتقال/ احتجاز تعسفي، من ضمنهم عدد من السيدات والأطفال، وذلك بعد صدور مرسوم العفو([28])، كما تم رصد حالات قليلة لإعادة اعتقال بعض ممن شملهم العفو نتيجة ورود أسمائهم في نشرات بحث لأجهزة أمنية معينة.
كما كان واضحاً تغييب النظام لأي دور لمنظمات المجتمع المدني السورية كما جرت العادة، عن القيام بأي دور لمراقبة تطبيق مرسوم العفو وآليات الإفراج، والإشراف على المفرج عنهم، وضبط أعدادهم، والتأكد من تطبيق العفو على من يشملهم، وملاحظة الحالات التي شملها العفو ولم تخرج، فضلاً عن التواصل مع الأهالي في مناطقه وتقديم الدعم اللازم لهم. أما المنظمات الدولية فلا يسمح لمكاتب الأمم المتحدة والصليب الأحمر (والتي يعتقد أن موظفين مقربين من السلطة يشغلون وظائف في مكاتبها بدمشق([29])) أي هامش للتحرك لزيارة السجون، وخاصة سجن صيدنايا سيء الصيت، والتحقق من آليات الإفراج عن المعتقلين، والأعداد المتبقية، ولم تسجل أي سابقة لزيارة موظفين من الأمم المتحدة لزيارة هذه السجون.
وتبين الأرقام أدناه أن الحالة الدعائية لمرسوم العفو هي غاية كبرى، فالأرقام المتواضعة لأعداد المفرج عنهم بعد صدور المرسوم تكذب الادعاءات التي ساقها النظام حول العفو:
وبالسياق ذاته، فقد رافق إجرائيات التطبيق تلك سلسلة من الخطوات التي تؤكد على دلالات الدعاية السياسية، ويتجلى ذلك في الاحتفاء الواسع لمؤسسات الدولة به، إذ دعت وزارة الخارجية والمغتربين في حكومة النظام سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية لاطلاع المغتربين السوريين على مرسوم العفو للتأكد مما إذا كان يشملهم، وذلك عبر تقديم طلب استعلام بشكل شخصي، ستقوم الوزارة بالتأكد، عبر منصة مشتركة مع وزارة الداخلية، مما إذا كان المرسوم يشمل الأسماء التي سيتم إرسالها عبر المنصة، ليصار إلى موافاة البعثات بالمطلوب أصولاً. ومما يؤكد الجانب الدعائي هنا الواقع القانوني إذ إنه "ليس باستطاعة وزير تقييد مرسوم"، لأن المرسوم أعلى وأسمى من البيان الصادر عن وزير العدل من الناحية القانونية، ولا يحق للوزير أن يتوسع في تفسير المرسوم، أو أن يعطي تأويلات غير موجودة في المرسوم([34]).
يدلل استمرار اعتقال وإخفاء النظام لآلاف المواطنين إلى محاولته تنفيذ استراتيجية طويلة الأمد بما يتعلق بالمختفين قسراً، قائمة على نسيان الأهالي ذويهم، والتسليم بأنهم ماتوا في سجون النظام، دون التمكن من التحقق من ذلك، أو المطالبة بهم لبقاء الأمل حياً بأن أبناءهم وذويهم أحياء وسيتم إطلاق سراحهم مستقبلاً. يتزامن ذلك مع رفض النظام حتى الآن، الإفصاح عن قوائم المعتقلين والمختفين لديه، وقد يفسر ذلك بأنه محاولة لنفي المعلومات التي تتبناها الجهات الحقوقية عن مقتل الآلاف في سجونه، فضلاً عن الاستمرار بإخفاء عشرات آلاف آخرين. كما قام النظام بإخراج المعتقلين وبعض المفقودين على دفعات متباعدة ضمن استراتيجية قد يبدو الهدف منها ألا يضطر النظام للإجابة الآن عن الأسئلة المتعلقة بمصير الآلاف الذين ما زالوا في عداد المختفين قسراً في سجونه، الأمر الذي يثير مخاوف من أن تشجع هذه السياسة شبكات الاحتيال للترويج لقوائم مزورة عن المفرج عنهم، ومن سيفرج عنهم، بهدف ابتزاز الأهالي الذين ينتظرون خروج ذويهم في هذا العفو أو غيره مُستقبلاً([35]).
تدفع "شكلانية مراسيم العفو" التي يصدرها النظام باتجاه تكثيف الجهود الوطنية باتجاه تبني مقاربة وطنية اتجاه الملف الحقوقي عموماً، عبر دعم ثلاثة حزم سياسات تشترك فيما بينها في أهمية وجود ملكية جماعية للمجتمع المدني السوري ككل، سياسيين وحقوقيين، لملف المعتقلين والمختفين قسراً([36])، ويمكن استعراض هذه الحزم على النحو الآتي:
أولاً: حزمة المسار السياسي: والتي تطالب من خلالها القوى الوطنية بتبني سياسة عملية تواجه سياسات تجزئة ملف المعتقلين والمختفين قسراً، أو سياسات عرضه للتفاوض، أو حتى اعتباره تقدماً في مسار سياسي. وترتكز هذه السياسة على عناصر عدة، أهمها: دعم تشكيل "آلية مستقلة دولية" للكشف عن المختفين قسراً، إضافة إلى آليات مراقبة تنفيذ عمليات الكشف وضمان تنفيذها في "بيئة آمنة"، تمنع تكرار الانتهاكات من اعتقال تعسفي وإخفاء قسري وتعذيب ومحاكم استثنائية؛ كما تستند هذه السياسة إلى ضرورات الارتباط ما بين الملف الحقوقي وعملية الإصلاح القضائي والقانوني، وعلى شروط الحد الأدنى التي يتبناها مجتمع الناجين والضحايا والعائلات في رفض تفكيك مسألة المعتقلين والمختفين قصراً وإفلات الجناة من العقاب. وهذا الأمر يتطلب بطبيعة الحال سلسلة من التحركات، وتكثيف الأنشطة والفعاليات السياسية، لبحث ملف المعتقلين والمختفين قسراً، بهدف قطع الطريق على محاولة النظام تحويل الملف من ملف وطني دافع للاستقرار إلى ملف حكومي يستخدمه للتهرب من جرائمه، ولجعله بوابة لعودة تطبيع المجتمع الدولي والإقليمي معه.
ثانياً :حزمة المنظمات الحقوقية ومراكز الدراسات: إذ تركز هذه الحزمة على دور المنظمات الحقوقية ومراكز الدراسات في رفد الحراك الحقوقي والفاعل السياسي بالمعلومات والتقارير، وتغطية الجانب التقني وتطوير سياسات عمل المسار السياسي والمجتمع المدني عموماً، والمساعدة في التنظيم وتطوير الخطاب وبناء القدرات، والتشبيك مع المنظمات الدولية الفاعلة، ورسم استراتيجيات الحشد والمناصرة، إضافة إلى المساعدة في مأسسة عمل الحراك الحقوقي السوري (كروابط الضحايا والناجين وحركات العائلات) لتطوير قدراتها على الاستجابة لحالات طارئة كالعفو الأخير (دعم نفسي للعائلات - توعية قانونية - دعم للناجين الجدد)، ولخلق توازن بين استغراق الروابط والحركات الحقوقية في العمل الحركي والحاجة للمأسسة والحوكمة الداخلية.
ثالثاً: حزمة الحراك الحقوقي السوري: والتي تنطلق من أهمية تنظيم مجتمع الناجين والضحايا وعائلاتهم لبناء تيار شعبي حقوقي فاعل ومؤهل لقيادة العمل على ملفات الاعتقال والإخفاء القسري والعدالة والمحاسبة، والتشبيك مع الفواعل السياسية الوطنية والدولية ومنظمات المجتمع المدني.
عموماً؛ يمكن القول: إن هذا المرسوم أتى تتويجاً لمجموعة من الإجراءات والقوانين التي تم إصدارها خلال الفترة الماضية، والتي تظهر توجهاً ما لدى النظام لتحسين ملفه في حقوق الإنسان وفق مقاربته الخاصة، التي يبدو أنها لم تتجاوز الحيز الشكلي حتى الآن، وذلك سواء بما يتعلق بنصوص القوانين، أو التغييرات في بعض المناصب العسكرية والأمنية، وصولاً إلى خطوات أولية في تبني القانون الدولي الإنساني([37])، فقد سبق للنظام إصدار قانون حماية الطفل، كما قام بتعديل بعض مواد قانون العقوبات العام، وإلغاء العقوبات الشاقة المؤبدة من التشريعات السورية كافة، بالإضافة لإصداره قانون تجريم التعذيب، وكذلك منح عفو عن الفارين من الخدمة العسكرية، ثم أخيراً إصدار المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2022، وكذلك تصدير شخصيات عسكرية جديدة غير مدرجة على قوائم العقوبات، ويصعب أيضاً ربطها بالانتهاكات المرتكبة بحق الشعب السوري.
يأتي كل ذلك وسط محاولات من النظام السوري لإعادة تعويم نفسه، وخصوصاً من خلال البوابة العربية، وذلك عبر طي صفحة الماضي، والعودة إلى معادلات شبيهة بما قبل عام 2011، من خلال القيام بخطوات شكلية، سواءً على المستوى الحقوقي، أو على المستوى السياسي والسياساتي، إذ تصب الخطوات التي يعمل عليها النظام في جهوده الرامية في، وإعادة إنتاج مقاربة حقوقية وسياسية خاصة بالنظام في هذه الملفات، بحيث يتم تعريف البيئة الآمنة على طريقة النظام، وبالصورة التي تظهر "جديته في التجاوب مع الطروحات الدولية للحل السياسي، ورغبته بعودة اللاجئين بأمان وكرامة"، وبالتالي تخفيف العقوبات والعزلة الدولية المفروضة عليه، كل ذلك لا يمكن فصله بحال عن ظهور مؤشرات لتغير في أوزان اللاعبين الدوليين في المشهد السوري إثر الغزو الروسي لأوكرانيا، واضطراب التوازنات الدولية، ما ينبئ بتغيير ما في قواعد اللعبة في سورية، وبالتالي محاولة النظام السوري في إيجاد تسارع من أجل الاستجابة لتلك التحولات.
أولاً: جدول بالمراسيم التشريعية التي تتضمن عفواً منذ بداية عام 2011:
ثانياً: تحليل كمي لمراسيم العفو:
([1])"إطلاق ماجستير تأهيل وتخصص في القانون الدولي الإنساني"، جريدة البعث، 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3AuIltd
([2]) "الجعفري: الدولة رائدة عالمياً في التوعية بالقانون الدولي الإنساني"، جريدة الوطن السورية، 6 حزيران/ يونيو 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3uqQ47C
([3]) "البيان رقم 6547"، وزارة العدل في حكومة النظام السوري (صفحة الوزارة الرسمية على فيسبوك)، 7 أيار/ مايو 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3bHGlmY
([4])"الأسد يصدر مرسومين بترقية وزير الدفاع إلى رتبة عماد وتعيين رئيس لهيئة الأركان"، سانا، 30 نيسان/ أبريل 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3S2CK3t
([5]) مقابلات مع مجموعة من الناجين من الاعتقال بالتعاون مع رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا في الفترة ما بين 10 أيار/مايو إلى 30 حزيران/يونيو 2022.
([6]) ألغيت بالمرسوم التشريعي رقم 53 لعام 2011.
([7]) المحدثة بالمرسوم التشريعي رقم 109 لعام 1968، ثم تم توسيعه بالمرسوم التشريعي رقم 32 لعام 1980.
([8]) اتصال أجراه الباحث بتاريخ 21 حزيران/يونيو 2022 مع أحد المحامين المترافعين لدى محكمة الجنايات في قصر العدل بدمشق، والذي فضل عدم الكشف عن اسمه.
([9]) يقصد هنا المحاكم العسكرية العادية التي يحكم بها قاضي الفرد العسكري.
([10])مقابلات مع مجموعة من الناجين من الاعتقال، مصدر سابق.
([11]) اتصال هاتفي مع ضابط أمن منشق.
([12])"ما لا يقل عن 131469 ما بين معتقل ومختف قسرياً لدى النظام السوري منذ آذار 2011"، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، 30 كانون الأول/ديسمبر 2021، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3NQxdd8
([13]) مراسلات عبر الايميل مع نور الخطيب العاملة في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في الفترة الممتدة ما بين نهاية تموز ونهاية آب 2022.
([14]) "المرسوم التشريعي 10 لعام 2012 منح عفو عام عن الجرائم المرتكبة على خلفية الأحداث التي وقعت منذ 15-3-2011"، مجلس الشعب السوري، 15 كانون الثاني/يناير 2012، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3unEUkf
([15]) "قانون العقوبات العام 148 لعام 1949، المعدل بالمرسوم التشريعي 1 لعام 2011"، مجلس الشعب السوري، 15 كانون الثاني/يناير 2012، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3nKv1JH
([16]) محسن المصطفى، "النظام السوري: رسائل السياسة المحلية إلى المجتمع الدولي"، معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط Timep، 15 أيلول/سبتمبر 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3SjGexV
([17]) Martin Chulov: “Massacre in Tadamon: how two academics hunted down a Syrian war criminal”, The Guardian, April 27, 2022, Link: https://bit.ly/3P9ORd5
([18]) تجدر الإشارة بأنه من غير الممكن اعتبار مرسوم العفو رداً على مجزرة التضامن التي سبقت إصدار مرسوم العفو بيومين، باعتبار أن هذا المرسوم والمراسيم السابقة لا تصدر في يوم أو يومين، بل تحتاج إلى وقت كاف لكي تتبلور صيغة العفو بصيغته القانونية التي تصدر عادة بها، كما يمكن القول بأن هذه المراسيم تحكمها كما تمت الإشارة سابقاً سياسات النظام في التعاطي الداخلي مع الأزمة وفق الفعل لا وفق ردّات الفعل.
([19]) توسيع دائرة العفو الرئاسي في سورية، صحيفة البيان الإماراتية، 12 أيار / مايو 2022، الرابط الإلكتروني: https://bit.ly/3pHoKiP
([20]) هل تستغل بعض الدول والأحزاب مرسوم العفو رقم "٧" لإعادة اللاجئين، صحيفة عنب بلدي، 20 أيار / مايو 2022، الرابط الإلكتروني: https://bit.ly/3UmAZPT
([21]) "المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2022 منح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة قبل تاريخ 30-4-2022"، مجلس الشعب السوري، 30 نيسان/أبريل 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3yLX15K
([22]) المرسوم التشريعي 61 لعام 1950 قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية، مجلس الشعب السوري، 13 آذار/مارس 1950، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3Lh0EUh
([23]) مرجع سابق.
([24]) ثمة عُرف أو منهجية متعارف عليها بين الفروع الأمنية والقضاة في المحاكم العسكرية والاستثنائية، إذ إن كل إضبارة معتقل تتضمن في تذييلها اعتراف المعتقل بـ "شاركت مع آخرين بإطلاق النار على قوى الجيش والشرطة والأمن مما أدى إلى إصابة ومقتل عدد منهم"، ويكفي ذلك لكي يقوم القاضي بإصدار حكم الإعدام أو السجن المؤبد على المعتقل. محادثة هاتفية مع ضابط أمن منشق.
([25]) مقابلة للباحث بتاريخ 30 أيار/ مايو 2022 مع أحد المشمولين بالعفو، والذي وصل إلى الشمال السوري.
([26]) "البيان رقم 6547"، مصدر سابق.
([27]) تواصل الباحث مع مواطن ومواطنة سوريين تم استدعاؤهما إلى المراكز الأمنية فور عودتهما إلى البلاد بعد صدور مرسوم العفو، فضلا عدم الكشف عن هويتهما كونهما ما يزالان في مناطق خاضعة لسيطرة النظام، بتاريخ 10 حزيران/ يونيو 2022 و19 تموز/ يوليو و2022 على الترتيب.
([28]) "تقرير نصف سنوي: توثيق ما لا يقل عن 1024 حالة اعتقال/ احتجاز تعسفي في النصف الأول من عام 2022 بينهم 49 طفلاً و29 سيدة، منها 164 حالة في حزيران"، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، 5 تموز/يوليو 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3bTwlr0
([29]) "تسريبات: جسر تتريث في نشر قائمة بأقارب رموز النظام يديرون مكتب دمشق لمفوضية اللاجئين للأمم المتحدة"، صحيفة جسر الإلكترونية، تاريخ النشر: 11 آذار/مارس 2019، رابط الإلكتروني: https://bit.ly/3ckfb5U
([30]) "تقرير نصف سنوي: توثيق ما لا يقل عن 1024 حالة اعتقال/ احتجاز تعسفي في النصف الأول من عام 2022 بينهم 49 طفلاً و29 سيدة، منها 164 حالة في حزيران"، مصدر سابق.
([31]) إحصائيات رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا والشبكة السورية لحقوق الإنسان، مصدر سابق.
([32]) إحصائيات رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا والشبكة السورية لحقوق الإنسان، مصدر سابق.
([33]) اتصال هاتفي أجراه الباحث مع المدير التنفيذي لرابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا "دياب سرية" بتاريخ 22 حزيران / يونيو 2022.
([34]) "تشكيك حقوقي في قرار النظام السوري وقف الملاحقات المتعلقة بجرائم الإرهاب"، العربي الجديد، تاريخ النشر: 9 أيار/مايو 2022، تاريخ الوصول: رابط إلكتروني: https://bit.ly/3yntyOc
([35]) "انتظارات وسماسرة أمام سجن صيدنايا.. كأننا من عالم آخر”، المدن، تاريخ النشر 4 أيار/مايو 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3B30Q8f
([36]) يمكن تعريف المجتمع الحقوقي السوري بأنه مجموعة المنظمات الحقوقية وروابط الضحايا والناجين وحركات العائلات والتي هي جزء من المجتمع المدني السوري، كما يمكن تعريف الحراك الحقوقي السوري بأنه مجموعة التجمعات التي تأخذ شكلاً تنظيمياً شعبياً حقوقياً كروابط الضحايا والناجين وحركات العائلات. وأما المنظمات الحقوقية أو الداعمة لملف حقوق الإنسان في سورية فهي المنظمات غير الربحية العاملة على رصد وتوثيق واقع حقوق الإنسان في سورية والقيام بأنشطة مناصرة وتمكين حقوقي.
([37]) "ما هو القانون الدولي الإنساني؟"، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تاريخ النشر: 30 أيار/مايو 2022، تاريخ الوصول 6/7/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3ykj42j