مقالات

المسارات

الملفات

الباحثون

التصنيف

تاريخ النشر

-

كثر في الآونة الأخيرة طرح ملف عودة نظام الأسد إلى الجامعة العربية، تحت يافطة “التطبيع”، ويتغلف هذا الطرح بمبرر “إيقاف التدخلات الأجنبية في سورية”، وتعزيز ” الأمن الإقليمي العربي”.  وعليه يحاول هذا المقال أن يقدم إحاطة بسياق ودوافع التغير والتحول الحاصل في خارطة مصالح الدول العربية، تلك المصالح التي كانت في مرحلة من المراحل تسعى لإسقاط نظام الأسد، وباتت اليوم بشكل وبآخر تعمل على إعادة دمجه بالمحيط العربي والدولي، وتبيان الآثار المحتملة لهذا الدمج وتداعياته على المشهد السوري.

بداية التحول

بالعودة إلى البداية؛ كانت الجامعة العربية قد علقت مشاركة سورية في اجتماعات الجامعة العربية عام 2011 نتيجة لعدم التزام النظام بقرارات الجامعة العربية فيما يتعلق بالمبادرة العربية، وتطور بعدها الموقف العربي باتجاه فرض عقوبات اقتصادية وتخفيض التمثيل الدبلوماسي وسحب السفراء، إضافة إلى ذلك انخرط العديد من تلك الدول في دعم المعارضة وقوى الثورة بعدة مستويات سياسية وعسكرية وإغاثية، الأمر الذي كان يُظن حينها أنه سوف يكون عقبة في أي عملية إعادة للعلاقة ما بين تلك الدول والنظام السوري.

لكن خلال السنوات العشر الماضية تغيرت خريطة السيطرة والمصالح نتيجة لعدد عوامل لعل أهمها؛ أولاً:  تعدد مستويات الصراع في الجغرافية السورية وملف اللاجئين والنازحين وبروز “الحرب ضد الارهاب” كعنوان رئيسي للتدخلات الاقليمية والدولية، وثانيها: وضوح مسار “إدارة الأزمة ” وليس حلها، والذي جعل من التعريف التنفيذي للحل السياسي مليئاً بالعراقيل والصعوبات؛ وثالثها: التدخل الروسي والذي كان له وقعٌ مهم على الحلف العربي والإقليمي المعارض للنظام لا سيما بعدما تسيّدت موسكو دائرة التأثير على المشهد الأمني والسياسي والذي أفرز بطبيعة الحال تغييراً في تموضع الفاعلين وحدود تدخلاتهم.

وأخيراً وليس آخراً مواقف بعض الدول المعارضة لمسار الربيع العربي، والذي ساهم في  تحول موقفها المناهض للنظام السوري إلى موقف أكثر حيادية في محاولة منها للاستفادة من ترميم تلك العلاقة، بينما اتخذ البعض مواقف أكثر وضوحاً من خلال التطبيع المباشر مع النظام السوري.

تدلل العوامل أعلاه – وغيرها من العوامل الأمنية والاقتصادية– على توافر الأسباب الدافعة إلى تغيير بعض المواقف؛ إلا أن ما يحد تحول هذا التغيير إلى سياسة تنفيذية واضحة، ارتباط هذه المواقف بموقف الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وإلى الاستعصاء والجمود الذي يعتري مسيرة العملية السياسية من جهة أخرى، وهذا ما يجعل بمنظور تلك الدول أن “التطبيع المخفض” في هذه المرحلة هو الخطوة “الأكثر آمناً” باعتبارها مدخلاً رئيسياً لتحسين العلاقات لاحقاً.

 مقاربة “مواجهة التدخل التركي والإيراني”

تفترض الدول العربية الراغبة بعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية بأنها خطوة في مواجهة “النفوذ الإيراني والتركي” -دون التطرق إلى النفوذ الأمريكي والروسي- وبحسب موقف تلك الدول فإن عودة دمشق إلى الجامعة العربية هو أمر مهم “للأمن العربي ولإيقاف التدخلات الخارجية”، وعليه فإن العودة الحالية تعني القبول بالوضع الحالي للنظام بدون أي تغيير في سلوكه أو سلوك حلفائه، وتعطيه أملاً بالتهرب من القرارات الدولية حول عملية الانتقال السياسي وتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بسورية.

ربما تراهن تلك الدول على أن عودة سورية إلى المحيط العربي ستحد من تلك التدخلات، إلا أن ملامح خسارة هذا الرهان تعود لعدم إدراك المشكلة الموضوعية والمتمثلة بعدم رغبة النظام بخروج إيران من سورية أو حتى قدرته على تحجيم نفوذها في حال أراد ذلك، هذا من جهة أولى، وتجاوز فهم طبيعة العلاقة العضوية بين النظام وإيران والتي باتت أقرب لتابع ومتبوع من جهة ثانية.

أما بالنسبة للنفوذ التركي فلن يستطيع النظام السوري مع الدعم المقدم له من الدول العربية (إن وجد) التأثير على الوجود التركي بشكل مباشر في الوقت الراهن، ومنه يمكن نفي فكرة أن عودة النظام الى الجامعة العربية سوف تؤثر على تموضع أنقرة ونفوذها، وذلك بحكم أن الموقف التركي يتحدد بطبيعة تحالفاته ومساحات المناورة التي يتحرك بها بين الأطراف الدولية لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.

إذاً، فإن رجاء المكسب والمصلحة العربية في تعويم النظام سيعود بنتائج عكسية؛ إذ أن أي تحسين للشروط السياسية للنظام ستنعكس إيجاباً على إيران، لأن التغلغل الإيراني في جسد الدولة والنظام أضحى عابراً للأمن والعسكرة ويصل إلى البنية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

بالمقابل لا يزال المحور العربي الممانع للعودة للجامعة العربية متمسكاً بموقفه حتى الآن، ويربطها بضرورة تنفيذ النظام للقرارات الدولية ذات الصلة ويتوقع أن يستمر هذا الموقف لفترة، متماشياً مع موقف الإدارة الأمريكية في المنطقة والذي يتداخل بشكل واضح مع ملفات المنطقة وعلى رأسها الملف النووي الإيراني، ففي حال وجود انفتاح من قبل إدارة بايدن تجاه إيران وتخفيف العقوبات عليها فإنه من المحتمل أن يفرض نوعاً من التهدئة مع النظام السوري، بالإضافة إلى إعطاء طهران مساحة أكبر للتحرك داخل سورية، والذي سيساهم بدوره بدفع الدول الإقليمية نحو تهدئة التوتر مع إيران على عكس ما كان سائداً خلال فترة إدارة ترامب، الأمر الذي سوف ينعكس على علاقة تلك الدول مع النظام السوري.

محاولة إعادة تشكيل النظام العربي في مرحلة ما بعد الربيع العربي

كان لقيام الربيع العربي دوراً في تغيير محاور التوازنات وخريطة التحالفات الإقليمية مع صعود بعض الأنظمة وسقوط أخرى؛ حيث كانت سورية في قلب ذلك الصراع. ومع مرور الذكرى السنوية الحادية عشر لبداية الربيع العربي؛ يمكن القول إن المنطقة قد شهدت تشكيل تحالفات جديدة ومحاولة إحياء لتحالفات قديمة، وبقيت سورية منطقة تنازع ما بين القوى الإقليمية والدولية.

 ومنه يمكن فهم إحدى جوانب التجاذبات حول فكرة عودة سورية للجامعة العربية. إذ تعمل الدول على تحديد موقعها في خارطة القوى في العالم العربي بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام.

ويندرج تحت تلك الجهود محاولاتها من أجل تأهيل النظام السوري لجعله ضمن إحدى تلك التحالفات. حيث كان للنظام دور في التوازنات الإقليمية خلال الفترة ما قبل الربيع العربي، وعليه فإن عملية التطبيع مع النظام السوري يمكن فهمها ضمن عملية إحياء لتلك التحالفات أو بناء تحالفات جديدة.

الفارق الجوهري هنا هو أن النظام السوري لم يعد كما كان سابقاً، حيث أصبح حلفاء النظام أجزاء رئيسية ضمن هيكلية صنع القرار لدى النظام، ومنه فإن السياسة الخارجية السورية أصبحت مرتبطة بمصالح حلفاء النظام وأن محاولة ضم النظام لتلك التحالفات هو عمل ينطوي بطبيعته على دعم مصالح تلك القوى أيضاً والذي سوف يؤدي إلى تثبيت تموضع حلفائه وفي مقدمتهم إيران.

تقود الإمارات ومصر عملية إعادة سورية الى الجامعة العربية، ويقف معها عدد من الدول العربية التي لم تقطع علاقاتها مع النظام السوري أو التي أعادت علاقاتها معه مؤخراً. قد يكون ظاهر الخطوة عبارة عن إعادة ضم للجامعة العربية، ولكنها في جوهرها سوف تكون هي عملية إعادة تعويم. حيث تقوم فكرة تعويم نظام الأسد على نقطتي عودة النظام الى الجامعة العربية وعودة علاقات بعض الدول العربية، ومنه فلن يكون مستنكراً أن تبدأ الدول بعملية التطبيع.

على الطرف الآخر، يسعى النظام لتخفيف عزلته السياسية والصعوبات الاقتصادية الحالية من خلال العمل على استغلال أي فرصة للتواصل مع محيطه العربي في محاولة لتخفيف أثر العقوبات في الملف الاقتصادي من خلال الحركة التجارية على المستوى الفردي، وسياسياً من خلال المساحات التي يحاول خلقها عبر فتح قنوات تواصل مع الدول في محيطه، والتي سوف يتبعها فتح الحدود وإعادة رفع التمثيل الدبلوماسي الذي سوف يكون محاولة لتقديم النظام للمجتمع الدولي من بوابة الجامعة العربية التي كانت أول مؤسسة عاقبت النظام على سياسته تجاه الشعب السوري، الأمر الذي سيكون له انعكاس في العالم العربي حول جدية هذه المؤسسة، وعلى المستوى القانوني ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب.

والجدير بالذكر في هذا السياق عدم اغفال البعد الدولي والإقليمي في عملية التشكيل تلك، فالولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي كان لهما الدور الأوضح في منع أي محاولة لفتح أي علاقة مع النظام من قبل الدول العربية والإقليمية، إلا أن هذا الدور انحصر في البعد الاقتصادي غالباً من خلال قانون قيصر والعقوبات الاقتصادية وملف إعادة الاعمار والتي ترتبط جميعها بتنفيذ النظام للقرارات الدولية ذات الصلة.

استقراءات مستقبلية

من خلال النظر في المعطيات السابقة يمكن القول إن “قضية التطبيع” مع نظام الأسد، لاتزال غير قابلة لتحولها لسياسة تنفيذية واسعة في المدى المنظور. ولكن قد يكون هناك عمليات كسر للجليد ما بين عدد من الدول في محاولة لفتح خطوط للتفاوض ما بين تلك الدول ونظام الأسد؛ وذلك في محاولة منها لإيجاد صيغة مناسبة للتطبيع ترضي الطرفين، حيث قد يتم مشاهدة زيارات متبادلة لمسؤولين يتم الإعلان عنها أو التحفظ عنها بغية إحداث تغيير في المزاج الشعبي العام المعادي للتطبيع مع الأسد، والتي قد تزيد الآن خصوصاً بعد إعلانه الفوز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

ترتبط سرعة حركة التطبيع هذه بعدة عوامل أولها: وضوح سياسة الإدارة الأمريكية من الملف السوري وحجم تدخلها أو انسحابها فيه؛ وهذا يخلق مساحة رمادية قد تستثمرها بعض الأطراف لزيادة مستوى العلاقة مع النظام، بينما قد يفضل البعض الآخر الانتظار وعدم المجازفة، وثانيها: ثبات موقف التيار الرافض للتطبيع مع النظام كما تجلى في الموقف السعودي والقطري.

يمكن القول ختاماً: ستساهم  عملية التطبيع في ظل السياق السياسي والأمني الحالي بالقبول بالوضع الراهن ونتائجه لا سيما التموضع الإيراني الذي يخدم الأغراض التوسعية لطهران، والقدرة المستمرة على العبث بموازين الأمن الإقليمي، كما تدفع تلك العملية باتجاه تعاطي تلك الدول مع ملف “لاجئين دائمين” بحكم انتفاء أي بادرة لتنفيذ الاستحقاقات الوطنية بعيداً عن الحلول الصفرية كما يتبنى النظام، وهذا ما يعتبر إقراراً وتثبيتاً لسياسات التغيير الديموغرافي التي اتبعها النظام خلال السنوات الأخيرة، حيث أن أكثر من نصف السكان إما مهجرين  أو لاجئين، مع العلم أن النظام  سمح بالعديد من الأماكن والمناسبات  بتوطين عوائل المليشيات التابعة لإيران في سورية والتي تعتبر مؤشراً لإعادة الهندسة الديموغرافية.

 

المصدر: السورية نت

https://bit.ly/3CwWnJf

التصنيف مقالات الرأي
الجمعة, 05 شباط/فبراير 2021 15:12

اقتصاد سورية 2020.. أي العوامل أشد وطأة؟

أنهت سورية العام 2020 بعقوبات اقتصادية غربية مثلما أنهت العام 2019، لم يكن ثمة ما يشير إلى انفراجة على الاقتصاد بعدما استمر النظام في سياساته العسكرية ورفضه لكل أشكال الحل السياسي. ومع نهاية كل سنة تنشغل المراكز البحثية في رصد وإحصاء الخسائر وتصدير أرقام بها، ويطرح سؤال من قبيل أي سنة هي الأصعب على سورية؟! وأي عامل ذاك الذي تسبب بآثار بالغة على الاقتصاد؟! وبين السؤالين لا يغيب مشهد القتل والتهجير والنزوح والفقر، على المواطن السوري الذي ذاق ولا يزال ويلات الحرب سنة تلو أخرى.

مثل سابقه حمل 2020 الكثير من الأحداث التي أرهقت كاهل المواطن واستنزفت القطاعات الاقتصادية، ابتداءً من العقوبات وخلاف رامي مخلوف – بشار الأسد إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض الليرة واستبدالها في مناطق المعارضة مروراً بانتشار فيروس كورونا وما خلّفه من أزمة صحية في بلد تدمر فيها 50% من المشافي بشكل كلي أو جزئي.

الليرة السورية بين الهبوط والاستبدال

انخفضت الليرة السورية لمستويات متدنية غير مسبوقة خلال العام جعلت البعض يردد أن هذا الحدث كان الأبرز طاول العام وأنه الأشد وطأة على الاقتصاد والمواطن.

فمع ارتفاع سعر صرف الليرة أمام الدولار إلى مستويات 3175 ليرة في 8 حزيران 2020 واجه المواطن ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات، ففي نهاية تشرين الثاني 2020 بلغت أسعار سلة من المواد الأساسية الحد الذي لم يعد الناس قادرين على إطعام أسرهم، كما أشار نائب منسق الإغاثة الطارئة في الأمم المتحدة عن الوضع الاقتصادي المتدهور في سورية، لافتاً أن 9.3 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي نقلًا عن أرقام برنامج الأغذية العالمي.

وتظهر هذه الأزمة جلية عند النظر إلى الأسعار ومقارنتها مع دخل محدود يبدأ بـ37 ألف ليرة، حيث بلغ سعر صحن البيض 5700 ليرة، وكيلو اللبن 1200 ليرة، وكيلو البرتقال 1200 ليرة، والتفاح 1600 ليرة، وكيلو البندورة 1500 ليرة، والبطاطا 1000 ليرة وكيلو الحليب 1000 ليرة، والأرز 1700 ليرة، والبرغل 1100 ليرة، ولدى مقارنة هذه الأسعار مع مثيلاتها في نهاية 2019 سيظهر أن الأسعار ارتفعت بنسب تفاوتت بين 17% و500%، علماً أن متوسط الأجور في سورية يبلغ 149 ألف ليرة شهرياً (52 دولار على سعر 2800 ليرة) في مختلف المهن والأعمال بحسب موقع salary explore . وعليه ستترك هذه الأسعار الأسرة حائرةً في تدبر أمورها بعد نفاذ دخلها خلال الأيام الأولى من الشهر.

وقد شكل هبوط قيمة الليرة وعدم استقرار الأسعار سبباً وجيهاً للمجالس المحلية في مناطق المعارضة في الشمال، لاستبدالها بالليرة التركية، وتثمين السلع والخدمات بها، لحفظ مدخرات الأهالي وفرض استقرار في الأسعار، إلا أن التشتت الحاصل في المنطقة مدنياً وعسكرياً من جانب، وافتقار المنطقة لمؤسسة نقدية تشرف على حركة الاستبدال وتدير كافة المعطيات الاقتصادية لفرض الاستقرار في الأسعار ومراقبة الأسواق، ساهم في إرباك المواطنين والأسواق وقلل من جدوى هذه الحركة.

“قيصر” من جهة ومخلوف من جهة أخرى

بمجرد العودة للوراء قليلاً والتفكير في أسباب انخفاض الليرة، سنجد أنفسنا أمام العقوبات، وهو عامل شديد الوطأة، إذ استقبلت سورية العام 2020 بتوقيع ترامب لقانون قيصر وسرى تنفيذه في 17 حزيران في ذات العام.

تسبب القانون بالفعل في زيادة الخناق على النظام ومؤسساته وشبكاته التجارية، ففي الوقت الذي كانت فيه العقوبات السابقة تحظر على الأشخاص الأمريكيين فقط ممارسة أعمال مع النظام أو مع أفراد وكيانات مدرجة في قائمة الأشخاص الممنوعين من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في أمريكا، نصّ قانون “قيصر” على فرض عقوبات على الأجانب من غير الأمريكيين في حال قاموا بنشاطات محظورة مدرجة في قوائم العقوبات ضد النظام، وهو ما يتيح للحكومة الأمريكية معاقبة أي فرد ومؤسسة وحكومة في العالم يثبت عليها؛ دعم النظام مالياً أو مادياً أو تقنياً، أو تشارك الحكومة أو المجموعات شبه العسكرية والمرتزقة داخل سورية أو روسيا أو إيران أو ممن تسبب بانتهاكات خطرة لحقوق الإنسان ضد الشعب السوري.

ستصبح سورية مع سريان القانون في 17 حزيران 2020 شبه مكبلة، ولا يبدو أن أحداً قد ينفذ من العقوبات لدى تعامله مع النظام، وهو ما لوحظ في انخفاض تعامل الدول المجاورة مع النظام وصعوبات متزايدة في تمويل الواردات من قبل مؤسسات الدولة وعلى رأسها البنك المركزي، وغذّت العقوبات الجديدة من الفساد في الأسواق واحتكام السوق إلى تجار الحرب الذي لا يجدون بُداً في رفع الأسعار بهدف التربح الفاحش واستغلال عجز النظام عن ضبط الأسواق وتمويل الاحتياجات، وتسبب القانون أيضاً في شلِّ استيراد البترول من إيران ما أضعف عملية الإنتاج ورفع الأسعار.

وربّ قائلٍ لا العقوبات ولا ضعف الليرة السورية بالعامل الذي تسبب في إنهاك الاقتصاد والمواطن في 2020! بل هو الخلاف الذي اندلع بين رامي مخلوف وبشار الأسد؛ والذي يعرفه القاصي والداني في سورية من خلال سيطرته على 7% من الناتج المحلي الإجمالي السوري وهذا الرقم كافٍ للدلالة على التحالف الموجود بين عائلتي مخلوف والأسد عبر إدارة استثمارات وأعمال وجعل الأولى وسيطاً للثانية.

كسرَ الخلاف الحاصل تلك الصورة النمطية الموجودة في تحالف العائلتين وتبخرت الثقة بالوجوه القديمة، فأُغلقت أسواق واستثمارات ووضَعت الحكومة يدها على أموال وأملاك لمخلوف، وظهرت وجوه جديدة على الساحة أُوكِل لها إدارة الأعمال والشركات مثل سامر فوز وقاطرجي وغيرهم، وهو ما أشعل حرباً داخلية بين رامي مخلوف والأسد ساحتها الفيس بوك ظهر أثرها على الاقتصاد من خلال المضاربة على العملة ورفع أسعار السلع وحالة الاضطراب في الأسواق المحلية والغموض لما هو آتٍ.

في النهاية! لا أرى مجالاً للشك في حجم الأثر لتلك العوامل على المواطن والاقتصاد، وأنها ستستمر في تفاعلها خلال العام 2021 وإلحاق مزيد من الأزمات المتراكبة على البلاد. ولكني أرجح أن العامل الأنكى الذي يمر على سورية منذ عشر سنوات هو فقدان واستنزاف الموارد البشرية من وفيات ومعتقلين وجوع وفقر وتسرب من المدارس، وأن وجود النظام بحد ذاته يمثل العقدة الرئيسية التي سيمثل حلها حلاً لكل مشاكل وأزمات سورية، هذا هو العامل الأشد وطأة على سورية خلال 2020.

التصنيف مقالات الرأي
الأربعاء آب/أغسطس 23
يأتي نشر هذا الكتاب في وقت عصيب على سورية، خاصة في أعقاب الكارثة الطبيعية التي حلت بالبلاد، إضافة إلى الزلازل السياسية التي شهدها الشعب السوري منذ بداية الثورة السورية عام…
نُشرت في  الكتب 
الخميس نيسان/أبريل 29
الملخص التنفيذي مع تراجع سُلطة الدولة المركزية لصالح صعود تشكيلات دون دولتية، منها ذات طابع قومي وديني؛ برزت نماذج مختلفة من أنماط الحكم المحلي في الجغرافية السورية، والتي تأثرت بالخارطة…
نُشرت في  الكتب 
الخميس كانون1/ديسمبر 17
مقدمة تتفق جل الأدبيات المتعلقة بحقل العلاقات المدنية العسكرية بأنها خضوع القوات المسلحة لقيادة مدنية ديمقراطية، وهي عملية معقدة تتطلب إصلاحاً تشريعياً شاملاً، وإصلاحاً للقطاع الأمني بأكمله، وإجراء العدالة الانتقالية،…
نُشرت في  الكتب 
يرى المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف، في تصريح صحفي لجريدة عنب…
الثلاثاء نيسان/أبريل 02
شارك الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية الأستاذ سامر الأحمد ضمن برنامج صباح سوريا الذي…
الأربعاء تشرين2/نوفمبر 29
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في فعاليات المنتدى الاقتصادي الخليجي…
الجمعة تشرين2/نوفمبر 24
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في رؤية تحليلية للحرب على…
الإثنين تشرين2/نوفمبر 20