في تعليقه حول تسيير الدوريات المشتركة في الشمال... ما الأهداف الحقيقية؟ صرَّح الباحث أيمن الدسوقي لراديو روزانة بتاريخ 15 أغسطس 2019، أن الدوريات المشتركة في إدلب تعتبر جزءاً من اتفاق سوتشي (أيلول/ 2019) وهي مرتبطة بنقطة آخرها تتضمنها الاتفاق متمثلة بتشكيل مركز للتنسيق المشترك بهذا الخصوص، وقد حدد الاتفاق أهداف الدوريات المشتركة في حفظ الاستقرار ووقف إطلاق النار وتسهيل حركة التنقل للأفراد وذلك الحركة التجارية على الطريقين الرئيسي المعروفين اختصاراً بــ"M5" و"M4".
وأضاف "لقد تم تسيير عدد من الدوريات من قبل روسيا وتركيا في نقاط محددة منذ نهاية عام 2018 تتواجد على محور الطريق الدولي M5، لكنها لم ترقى بعد إلى آلية مشتركة ودائمة معززة بتفاهمات دائمة يشرف عليها مركز للتنسيق المشترك وقادرة على إنجاز مهامها وفق اتفاق سوتشي، ويعود السبب في ذلك إلى طبيعة الوضع الميداني والقوى المسيطرة، ومسائل ما تزال معلقة بين ضامني آستانة، وحسابات تتجاوز المنطقة ".
واستبعد أن تُحدِث العمليات العسكرية الدائرة حالياً في ريفي حماة وإدلب تأثيراً كبيراً على انتشار نقاط المراقبة سيما نقطة المراقبة التركية في مورك والتي تتواجد خلف المنطقة منزوعة السلاح، ويُستند في هذه القراءة على تحليل سير العمليات العسكرية لقوات النظام بدعم وإسناد روسي والتي تنحصر في منطقة منزوعة السلاح "15-20 كلم" والتي لم يعتقد أنها ستتجاوزها خلال المرحلة الراهنة.
المصدر راديو روزانة: http://bit.ly/2KIANJ2
استضاف موقع السورية نت الأستاذ معن طلاع، الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، للحديث عن أبرز نقاط قرار وقف الأعمال العدائية الذي أعلنت عن كل من واشنطن و موسكو.
رأى الباحث في مسار السياسة والعلاقات الدولية في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، معن طلاع، أن البيان المشترك للاتفاق الروسي الأمريكي جاء كمحاولة جديدة لتسريع فرض الحل السياسي وفق الرؤية البوتينية، وقال إن "البيان المشترك جاء ليجبر قوى الثورة بأن تتعامل مع الواقع وفق ثنائية أما القبول بوقف إطلاق نار يشرعن لقوات الأسد ضربها بحجة التنظيمات الإرهابية، أو الرفض وبالتالي التصنيف الدولي لها كقوى إرهابية".
وأضاف طلاع أن من إحدى ثغرات الاتفاق أنه يعزز "من شروط تحول قوى الثورة لمجموعات متمردة ويقابلها وجود مشرعن للنظام الذي لأول مرة وبكافة القرارات الدولية المتعلقة بالملف السوري يطلق على قواته بقوات الجمهورية العربية السورية"، كما لفت إلى أن القرار استثنى الحديث عن الميليشيات الأجنبية المساندة للنظام وبذلك يعطيها مستند قانوني وسياسي.
وأشار طلاع إلى واحد من أبرز مخاوف المعارضة، وهو أن روسيا التي تمطر المعارضة بأطنان من القذائف والصواريخ تحولت إلى راع للعملية السياسية ومشرف على وقف إطلاق النار، ورأى أن تطبيق الاتفاق ينسف وثيقة الرياض التي تشكل مرجعية سياسية للمعارضة، ويخطف منها كل الأوراق ويدخلها في مسار سياسي لن يفضي لتغيير سياسي حقيقي أو حتى شكلي.
وحول الخيارات التي يمكن للمعارضة التحرك في إطارها، رأى الباحث طلاع أنها تتخلص في:
أولاً: رفض الهيئة العليا للتفاوض هذا الاتفاق بالمطلق، والتلويح بالانسحاب من العملية التفاوضية، لأن كافة فقراته تؤكد على استثناء مجموعات وتنظيمات متماهية جغرافياً مع بنية المعارضة، وهذا أمر يجب على الروس والأمريكان تقديم ضمانات بعدم جعل هذا الاستثناء مطية وحجة لضرب المعارضة.
ثانياً: يتعلق بمجموعة الحلفاء التي يجب أن تطلب منهم صراحة حسماً في موقف دعم المعارضة سياسياً وعسكرياً، ودفعها للانتقال لممارسات أكثر صلابة.
ثالثاً: استثمار المزاج الشعبي المؤيد للهيئة والعمل على تعميق أواصر العلاقة بين الشق السياسي والعسكري للثورة والبدء بسلسلة إجراءات وسياسات من شأنها تحديد بنك الأهداف السياسية والعسكرية الاستراتيجية.
رابط السورية نت: https://goo.gl/b3Fwwf
استضافت قناة TRT World الدكتور سنان حتاحت، نائب المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية، في إحدى نشراتها الإخبارية، للحديث عن الفروقات الجوهرية بين مصطلح وقف الأعمال العدائية، وكل من مصطلحي وقف إطلاق النار و الهدنة.
أوضح الدكتور حتاحت أن مصطلح وقف إطلاق النار وثيق الصلة بالشق السياسي لأي عملية سياسية، وهي المحددة هنا في قرار مجلس الأمن رقم 2254، وأن وقف الأعمال العدائية يكون محدد المدة والتطبيق، فيما قرار وقف إطلاق النار يكون ممتد الزمن ويقود إلى إنهاء الحرب في سورية، وأن قرار وقف الأعمال العدائية جاء بالاتفاق بين واشنطن وموسكو، فيما قرار وقف إطلاق النار يكون بين الأطراف المعنية، وهما نظام الأسد والمعارضة السورية.
وإجابة على سؤال حول تعقيد المشهد السوري ومدى إمكانية تطبيق قرار وقف الأعمال العدائية، أجاب الدكتور حتاحت أن أولى مظاهر هذا التعقيد تتمثل في وجود جبهة النصرة المتداخل جغرافياً مع مناطق سيطرة المعارضة، فيما لتنظيم الدولة مناطق سيطرة واضحة المعالم، ما يعني أن الروس سوف يستمرون في استهداف مناطق سيطرة المعارضة لا سيما في الشمال السوري، بذريعة استهداف جبهة النصرة، ما يمنع إيصال المساعدات الإنسانية بالضرورة.
لمشاهدة الحوار كاملاً انقر على الرابط التالي: https://goo.gl/swzs0u
ملخص: يؤكد البيان الروسي الأمريكي استمرار سياسة موسكو وواشنطن في الدفع نحو عملية سياسية تغيب عنها الأطراف "المتمردة"، وتعزز قواعد تعاطي جديدة مع المشهد السياسي في سورية تخلو من الضمانات السياسية والقانونية لإتمام أي انتقال سياسي حقيقي ينهي حقبة إرهاب الدولة. كما يكرّس البيان تموضع الروس في الملف السوري عبر انتقاله من كونه طرفاً حليفاً للنظام، إلى راعٍ للعملية السياسية. وفي ظل تعثر الجهود الدبلوماسية في تطويع الصلف الروسي على الصعيد العسكري والسياسي في سورية، لا تمتلك المعارضة السياسية خياراً سوى رفض مخرجات الاتفاق الحالي والتخلي عن سياسة القبول المشروط أملاً في وقف سيولة المشهد السوري ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في وقف النزيف السوري.
يؤكد بيان وقف الأعمال العدائية الناتج عن اجتماع واتفاق كيري ولافروف عن استمرار سياسة الروس والأمريكان في الدفع نحو عملية سياسية تغيب عنها الأطراف "المتمردة"، وتعزز قواعد تعاطي جديدة مع المشهد السياسي في سورية تخلو من الضمانات السياسية والقانونية لإتمام أي انتقال سياسي حقيقي ينهي حقبة إرهاب الدولة. ويكرّس البيان تموضع الروس في الملف السوري عبر انتقاله من كونه طرفاً حليفاً للنظام، إلى راعٍ للعملية السياسية، ثم إلى المشرف على وقف إطلاق النار عبر منحه الحق بضرب "المجموعات الأخرى".
قراءة في البيان
• تعزيز موقع القيادة الروسية في تهيئة ظروف الحل النهائي في سورية: يؤكد البيان المقدم من فريق عمل وقف إطلاق النار، المنبثق عن بيان ميونخ في 11 شباط 2016 بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، تسليم واشنطن دفة قيادة مسار الحل النهائي في سورية بشكل كامل لموسكو. حيث التزم كيري برؤية روسيا التي كشفتها تصريحات لافروف المتكررة منذ اجتماعات فيينا في نهاية العام الماضي، وتُرجم بإطلاق العنان لروسيا في استهداف كل من يتمرد على مقترحها للحل تحت ذريعة محاربة الإرهاب من جهة، وإرساء الأمن والأمان من جهة أخرى لمن لا تنطبق عليه معايير التصنيف الدولي للإرهاب. يظهر هذا التوجه جلياً في استثناء كل من لا يُعلن التزامه بشروط وقف الأعمال العدائية، بالإضافة إلى استثناء كلٍ من تنظيم الدولة، وجبهة النصرة، ومن يحدده مجلس الأمن كقوى إرهابية في سورية.
• تصدير جيش النظام السوري على أنه القوة الشرعية الوحيدة للدولة السورية: أكّد البيان في عدّة مواقع شرعية قوى ومليشيات النظام السوري بوصفها "القوى المسلحة للجمهورية العربية السورية"، بالإضافة إلى إعطائها حق احتكار محاربة الإرهاب والمتمردين. وتصبح قوى النظام بموجب هذا البيان ضامنةً لعملية إرساء الأمن والسلام في سورية، في حين تُمنع القوى السورية الأخرى بما فيها الوطنية بما فيها الفصائل المهادنة، وقوى سورية الديموقراطية، ووحدات الحماية الشعبية (YPG) من مواجهة تنظيم الدولة أو القوى المصنفة بالإرهاب دون تفويض من النظام السوري. أضف إلى ذلك اعتبار الثوار وقوى المقاومة الوطنية الرافضة لاتفاق وقف الأعمال العدائية متمردة على سلطة وسيادة الدولة بقيادة النظام، ويحق له وبمباركة المجتمع الدولي استهدافهم ومحاربتهم دون رادع قانوني أو سياسي.
• إدارة الاستثناءات والحفاظ على سيولة المشهد العسكري: يُبقي مجموع الاستثناءات القائمة في البيان وما سبقه من قرارات أممية على سيولة المشهد العسكري في سورية لصالح النظام وحلفائه، فبالإضافة لاعتبار تنظيم الدولة وجبهة النصرة وجهات أخرى يسميها مجلس الأمن لاحقاً مستثناة من العملية السياسية في سورية، يعتبر البيان القوى الوطنية الرافضة للاتفاق هدفاً دولياً مشروعاً لقوى التحالف الدولي ولروسيا والنظام. وفي المقابل، لم يستثنِ البيان أيّاً من المليشيات الأجنبية المدعومة إيرانياً من وقف إطلاق النار، بل اعتبر وجودها شرعياً بموجب قتالها إلى جانب "القوات المسلحة السورية". ويؤكد هذا الاعتبار بند إلزام القوى المعارضة أو الثورية المهادنة في وقف أعمالها العسكرية ضد قوى النظام وحلفائه دون استثناء.
• فصل مسار وقف إطلاق النار عن المسار التفاوضي والقضاء على الحل السياسي: في حين ينص قرار مجلس الأمن رقم 2254 على ارتباط وثيق بين إعلان وقف إطلاق النار واتخاذ إجراءات أولية نحو العملية الانتقالية، فصلت مسودة البيان بينهما في تجاوز إقران أيٍّ من الإجراءات المذكورة فيه في تحقيق تقدم ملموس على الصعيد السياسي. حيث أكّد البيان في ختامه على ضرورة التزام كافة الأطراف بإطلاق سراح المعتقلين ولكن دون اشتراطه كمدخل للعملية السياسيةـ أو وقف إطلاق النار. كما أن تأكيده على إلزام جميع الأطراف بتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية لا يُعد إلا تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن رقم 2139 و2165 بالرغم من فشل المجتمع الدولي سابقاً بإلزام النظام فيها. أمّا إلزام النظام بالجدول الزمني المقرر بقرار 2254 فيفقد كل معناه بعد تجريد قوى الثورة والمقاومة من ورقة حمل السلاح بموجب اتفاق وقف العمليات العدائية.
إشكالات إجرائية في نص الاتفاق
يثبِّت البيان الوضع الميداني الراهن قبل البدء بالتفاوض، ويُلغي هوامش الاعتراض. ولا يمكن تفسير ما وصفه البيان بـ "تهيئة الظروف لعملية السلام" إلا تعبيراً عن وجوب استسلام المعارضة بحكم "الواقعية الميدانية". ويعتري البيان مجموعة من الإشكالات الموضوعية التي تؤدي إلى فشله بالضرورة وهي:
1. يقع على عاتق كلٍ من الولايات المتحدة وروسيا تحديد مناطق عدم الاستهداف، وهذا منوط باتفاق قد تجتمع ظروفه الموضوعية في الجنوب، إلّا أنه من المستحيل الوصول إليه في محافظة إدلب نظراً للتداخل الجغرافي بين جبهة النصرة وقوى الثورة والمقاومة الوطنية.
2. يُبقي عدم وضوح المخرج النهائي لآليات المراقبة على شرعية توغل الروس بالشمال السوري على الأقل، كما أنه يحافظ على هامش التحرك لقوى النظام وحلفائه في استهداف قوى الثورة والمقاومة الوطنية تحت ذريعة استهداف الإرهاب ريثما يتم التحقيق في شكوى المعتدى عليه.
3. تنحصر آليات المحاسبة لمخترقي شروط الاتفاق في إقصائهم من عملية وقف الأعمال العدائية ورفع الحماية الدولية المضمونة لهم مقابل الموافقة على بنود البيان، إلا أنها لا تتحقق إلا باتفاق روسي أمريكي مما يحافظ على حصانة النظام في الاستمرار بعملياته العسكرية تحت الرعاية الروسية.
4. يؤسس البيان للتعاون الأمني بين روسيا والولايات المتحدة في تبادل المعلومات الاستخباراتية، دون ضمان إساءة استخدامها في استهداف مقرات ووحدات قوى الثورة والمقاومة الوطنية، كما أنه لا يُلزم الأطراف المنفذة في إعلان أهدافها العسكرية المتفق عليها دولياً.
اتفاق هش يهدد الأمن والسلم الإقليمي
فشل الاتفاق الأمريكي الروسي كسابقه في معالجة الأسباب الموجبة لاستمرار الصراع الدائر في سورية، والتي يسهل حصرها في بقاء بشار الأسد على رأس السلطة واستمرار أعمال العنف والإرهاب الممنهجة بحق المدنيين العزل تحت ذريعة محاربة الإرهاب وبمباركة ومشاركة روسية. وأدّى فشل المجتمع الدولي في وقف النزيف الحاد الذي أصاب الشعب السوري بدرجة أولى ومؤسسات الدولة السورية بدرجة ثانية، إلى تشظي المجتمع السوري وإيجاد فراغ سياسي ومؤسساتي استطاعت قوى التطرف استثماره والنمو فيه، كما أنه أسس لأزمة إنسانية خانقة أدّت إلى نشوء أكبر موجة لجوء منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
أمّا على الصعيد العربي، فلقد استغلت إيران تداعي أركان النظام في التوغل بمؤسسات الدولة لتؤكد هيمنتها عليها، ولتُعزز وجودها في الهلال الخصيب بعد إحكام سيطرتها على بغداد وبيروت، مما حسّن من تموضعها السياسي في المشرق وساعدها في تحقيق اتفاق تاريخي حول ملفها النووي مع أمريكا. انعكس هذا الاتفاق بدوره في تأكيد شراكتها مع واشنطن في إدارة شؤون المنطقة أمنياً، وزيادة صلفها في التعامل مع دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. وبالمحصلة يستمر الاتفاق الروسي الأمريكي الحالي في سورية في تعزيز الموقف الإيراني ومشرعناً استمرار وجود أذرع الحرس الثوري في البلاد بتحقيق تواصلٍ جغرافيٍ بين قوى الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان وبالتالي تأسيس وجود عسكري مستمر موازٍ لتواجدها السياسي في ذات الجغرافية، ولأول مرة منذ انتصار الثورة الإسلامية في 1979.
أمّا على الصعيد التركي، فلقد ألقت القضية السورية بظلالها على مشهدها الداخلي بشكلين: الأول على المستوى الإنساني في استمرار موجات اللجوء، مشكلةً عبئاً اقتصادياً وأمنياً على مؤسسات الدولة التركية وتاركة أثراً سلبياً على علاقات أنقرة بالاتحاد الأوروبي. والثاني على المستوى الأمني حيث شجّع الفراغ الناشئ عن تعثر الثورة في سورية إلى نمو خطر كل من تنظيم الدولة والحركات الانفصالية الكردية في شمال البلاد، وإلى امتداد تهديدهما الأمني إلى عمق الأراضي التركية. ولقد شهدت أنقرة تفجيرين إرهابيين بتوقيع التنظيمين وبفارق أربعة أشهر، كما شهدت كل من إسطنبول وسروج الحدودية ومناطق جنوب شرق البلاد أعمالاً مماثلةً أدّت إلى تدهور الحالة الأمنية وإلى إحياء أحلام حزب العمّال الكردستاني في الانفصال. وبالتالي فإن من شأن الاتفاق الروسي الأمريكي الحالي في سورية، تعزيز المهددات الأمنية على تركيا، حيث أنه يفشل في معالجة مشكلة تدفق اللاجئين إليها ومن خلالها لأوروبا، كما أنه يحافظ على الأسباب الموجبة لنمو التطرف على طول حدودها الجنوبية، وإلى نشوء بؤر امداد وتذخير لعناصر المليشيات الكردية الانفصالية في مناطق التواصل الجغرافي مع سورية خصوصاً جنوب شرقي البلاد حيث ينشط حزب العمال الكردستاني.
خيارات قوى الثورة والمقاومة الوطنية
تفيد الصيغة المقترحة لوقف العمليات العدائية في سورية إلى استمرار سيولة المشهد السياسي والعسكري الذي أسس له بيان جنيف الأول، والتي استغلها كلٌ من روسيا وإيران والنظام في إرساء قواعد اللعبة وفق ما تمليه مصالحهم المشتركة في القضاء على الثورة وأخذ الوضع الأمني للمنطقة رهينةً لهم في تحقيق أهدافهم المرحلية. كما أن غياب الحسم في معالجة الأسباب الموجبة لاندلاع الثورة يفسح المجال أمام الولايات المتحدة في اقتناص الفرص لتحسين تموضعها الجديد في المشرق، ويُهيئ لها أسباب التدخل السلبي لإضعاف جميع القوى "المزعجة" لها فيه. وفي ظل عجز المجتمع الدولي في مواجهة الصلف الروسي والإيراني فإنه من واجب المعارضة السياسية والعسكرية العمل على إنهاء سيولة المشهد السوري بما يدفع الفاعل الأمريكي في مواجهة التحديات الأمنية الناشئة عن تدفق الأزمة السورية إلى خارج حدودها الجغرافية.
لقد نجحت الهيئة العليا للمفاوضات من خلال سياساتها القائمة على القبول المشروط بمطالب مجموعة الدعم الدولية لسورية في شراء بعض الوقت بحثاً عن فرص جديدة للخروج من المأزق الذي وضعتها فيه الولايات المتحدة في تقنين الدعم المالي واللوجستي على الثوار، كما أنها نجحت في اختبار الحفاظ على وحدة صفها الداخلي غير المتّسق في مسايرة أطرافها الأكثر ميلاً لمهادنة النظام. إلّا إن استمرار الأداء السياسي السابق بعد أن لعبت موسكو بآخر أوراقها من شأنه الآن القضاء على آخر فرص الشعب السوري في تحقيق حل سياسي عادل ومستدام.
ولذا على المعارضة السياسية عمل التالي أملاً في استعادة القرار الوطني:
1. رفض البيان بالمطلق، والتلويح بالانسحاب من العملية التفاوضية، لأن كافة فقرات هذا البيان تؤكد على استثناء مجموعات وتنظيمات متماهية جغرافياً مع بنية المعارضة، وهذا أمر يجب على الروس والأمريكان تقديم ضمانات بعدم جعل هذا الاستثناء مطية وحجة لضرب بنيةالمعارضة.
2. الإصرار على ضرورة أن يُراعي قرار وقف إطلاق النار هواجس وإشكالات المعارضة وأن يرتبط القرار بضمان المجموعة الدولية ببدء عملية انتقالية تُنهي حقبة الأسد، وتذكر صراحة بنص قرار مجلس الأمن المتوقع صدوره لهذا القرار.
3. العمل على حسم موقف الحلفاء تجاه دعم المعارضة سياسياً وعسكرياً، وباتجاه تصنيف الميليشيات الأجنبية المساندة للنظام واعتبارها مجموعات إرهابية، بالإضافة إلى الحث على الانتقال لممارسات أكثر صلابة، وتشكيل خلية أزمة مشتركة بين الهيئة العليا وقوى الثورة والمقاومة.
تعتبر اتفاقات الهدن التي توالى عقدها في المناطق الثائرة منذ تشرين الثاني 2013 مع النظام (في مدينتي قدسيا والهامة) وحتى الآن، متغيراً هاماً في المشهد السياسي والعسكري العام، حيث تتضمن هذه الاتفاقات شكلاً من أشكال المقاربات السياسية تضمّ في إطارها العام ثلاثة محاور: وقف إطلاق النار وإنهاء العمليات العسكرية في إطار زمني وجغرافي محدد؛ إنهاء الحصار وتحسين الأوضاع المعيشيّة لسكان تلك المناطق؛ إطلاق سراح المعتقلين. وتبعاً لأهمية هذا الملف أجرى مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع المركز السوري للإحصاء والبحوث استبياناً ميدانياً، عكست نتائجه تصميماً على التمسك بأهداف الثورة، وعدم التحول إلى القبول بالنظام إلا بين 2,2 % من المستجيبين، وخيبة أمل في تنفيذ النظام لما تعهد به، وذلك بالرغم من الواقعية السياسية في الموافقة على استمرار الهدن من أجل ضرورات العيش.