أوراق بحثية

المسارات

الملفات

الباحثون

التصنيف

تاريخ النشر

-

تمهيد

منذ أن أعلنت "الإدارة الذاتية" استعدادها لإجراء الانتخابات المحلية في مناطق سيطرتها لم تتوقف التهديدات التركية بشأن استهداف مشروعها، إذ ترى تركيا أن الانتخابات هي وسيلة لترسيخ الهياكل الحوكمية للإدارة بشكل يصعّب تقويضها في المستقبل. تزامناً مع ذلك، شهد مسار التقارب التركي مع نظام الأسد تطورات نوعية[1]، بمساعٍ حثيثة من موسكو لتسريع مسار التقارب بين الجانبين ورعاية لقاء ثنائي على المستوى الرئاسي يجمع أردوغان مع بشار الأسد، استعداداً لمرحلة ما بعد الانتخابات الأمريكية واحتمالية عودة ترامب للسلطة وتداعيات ذلك على المنطقة، إضافة إلى المخاوف الإقليمية المتعلقة باندلاع حرب جديدة في لبنان وامتداد تأثيراتها إلى الساحة السورية.

أثارت أجواء هذا التقارب مخاوف الإدارة، معتبرة ذلك "خطراً وجودياً" عليها واصفة هذا المسار بأنه "مؤامرة كبيرة ضد الشعب السوري"[2]. يتناول تقدير الموقف هذا دوافع تركيا للتقارب مع نظام الأسد، والسيناريوهات المتوقعة لكيفية تعاطي الإدارة الذاتية مع الواقع الجديد.

تحوّل تركي استراتيجي أم تكتيكي

مرَّت السياسة التركية تجاه سورية منذ 2011 بتحولات عديدة متأثرة بالمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، من دعم التحول الديمقراطي إلى استراتيجية أمنية-عسكرية تركز على حماية حدودها ومحاربة "الإرهاب" من خلال التدخل العسكري المباشر ودعم الجيش الوطني السوري.

وبعد دخول الملف السوري في حالة الاستعصاء السياسي وتجميد الصراع مما أدى إلى تثبيت الحدود الأمنية التي تفصل بين مناطق السيطرة، زاد العبء على تركيا من حيث استمرار وجود ملايين اللاجئين على أراضيها، واستمرار التهديد الأمني على حدودها، ووجود اتفاقات أمنية مع الولايات المتحدة وروسيا تعيق أي عمل عسكري جديد. وفي هذا السياق تأتي المحاولات التركية للتقارب مع نظام الأسد بدعم روسي بحثاً عن مسارات بديلة لتحقيق مصالح تركيا وحفظ أمنها القومي.

ويمكن قراءة الحماس التركي للتقارب مع النظام في بعدين أساسيين، أولهما مرتبط بالتطورات الإقليمية-الدولية ويتجلى في ثلاثة دوافع رئيسية:

  • عودة ترامب إلى السلطة: تطمح تركيا لاستعادة علاقات وثيقة وأكثر ودية مع الولايات المتحدة الأمريكية في ظل إدارة جديدة يقودها ترامب، بناء على وجود تفاهمات خاصة بين الرئيسين حول عدد من القضايا الإقليمية خلال فترة رئاسة ترامب السابقة، حيث تتوقع أنقرة أن تكون سياسات ترامب الخارجية أكثر توافقاً مع مصالحها، بما في ذلك إمكانية إعادة النظر في وجود القوات الأمريكية في سورية وإدارة العلاقة مع روسيا والتعامل مع "قسد". ولذلك، تسعى تركيا للتقارب مع نظام الأسد استعداداً لأي تغييرات قد تأتي مع عودة ترامب.
  • تحسين العلاقة مع موسكو: في ظل التوترات مع الغرب، ترى تركيا علاقاتها مع روسيا استراتيجية تعزز موقفها الدولي وتوسع هامش المناورة في العديد من الملفات الإقليمية والدولية. وهنا يأتي التقارب مع نظام الأسد بدعم من موسكو، كجزء من جهود أنقرة لتعزيز علاقتها مع روسيا وتأمين مصالحها والتأكيد على استقلالية قرارها في القضايا الإقليمية.
  • الخوف من تطور الحرب في غزة إلى حرب إقليمية: تخشى تركيا من أن تؤدي حرب غزة المستمرة والعمليات العسكرية المتصاعدة في لبنان إلى حرب إقليمية شاملة قد تمتد إلى سورية. وفي هذا السياق، يعتبر التقارب مع دمشق وتعزيز العلاقة مع موسكو خطوة استراتيجية لتنسيق الجهود الإقليمية وضمان حماية مصالحها وأمنها القومي في حال تفاقم الأوضاع.

أما البعد الثاني فهو مرتبط بديناميات السياسة التركية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الملفات المطروحة على الطاولة معقدة وتفوق قدرات الجانبين على تحقيقها، حيث تتشابك مصالح الفواعل المحليين والإقليميين والدوليين في سورية، وليس من السهولة مناقشة كثير من الملفات بين تركيا ونظام الأسد بمعزل عن بقية الفاعلين. وهنا يمكن تحديد الدوافع التركية بأربع أولويات رئيسية:

  • قوننة الوجود العسكري التركي في سورية: تسعى تركيا لضمان استمرار "محاربة الإرهاب" حتى القضاء على مشروع "الإدارة الذاتية". وفي ظل فقدان الثقة بنظام الأسد والولايات المتحدة الأمريكية؛ تسعى لإبقاء جنودها على الأرض لتأمين حدودها وأمنها القومي. على المدى المتوسط والبعيد، تحتاج تركيا لشرعنة هذا الوجود من قبل النظام السياسي الحاكم في سورية، عبر اتفاق جديد يعطيها الحق بمحاربة "الإرهاب" داخل سورية أو تعديل اتفاق أضنة، وإن كان من غير المرجح أن يقبل النظام بشرعنة الوجود التركي دون الحصول على ضمانات كافية للانسحاب وتحقيق مكاسب في ملفات أخرى.
  • قطع الطريق أمام أي وجود مستقبلي للإدارة الذاتية على طاولة صناعة القرار في دمشق: تخشى تركيا من ترتيبات سياسية قد تفضي إلى إعطاء شرعية دستورية "للإدارة الذاتية" ووصول "حزب الاتحاد الديمقراطيPYD" إلى دوائر صنع القرار ضمن النظام السياسي المستقبلي في دمشق، مما سيزيد من تعقيد الملف ويهدد مستقبل العلاقة بين تركيا وسورية.
  • تخفيف عبء اللاجئين: تستقبل تركيا ما يزيد عن 5 مليون لاجئ سوري على أراضيها، كما تشرف على إدارة الخدمات لقرابة 5 ملايين بين نازح ومقيم في شمال غرب سورية. وفي السنوات الأخيرة، تم تحميل اللاجئين السوريين -من قبل بعض الأطراف السياسية التركية- مسؤولية الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد. ونتيجة الاستقطاب السياسي أُقحم ملف اللاجئين في دائرة التجاذبات السياسية الداخلية، الأمر الذي أثر في تحوّل مزاج الناخب التركي، وهو ما عكسته نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة التي أسفرت عن خسارة حزب العدالة والتنمية الحاكم لأهم معاقله في المدن الكبرى ومدن الأناضول[3]. وغدت قضية إعادة اللاجئين السوريين على رأس أولويات الحكومة، حيث ترغب تركيا بإعادة نسبة كبيرة من اللاجئين عبر "ضمانات روسية" بعدم تعرضهم للملاحقات الأمنية من قبل قوات النظام.
  • تشتيت قوة "قوات سوريا الديمقراطية": في ظل صعوبة القيام بعمليات عسكرية جديدة، تسعى تركيا لدفع النظام للعب دور أكبر في شرق سورية بمساعدة العشائر العربية، لإنهاء سيطرة قسد على المنطقة وتشتيت قوتها العسكرية والاقتصادية، من خلال حرمانها من الاستفادة من موارد النفط والغاز، إذ تعتقد تركيا أن جزءاً كبيراً من عائدات تلك الثروات تصل إلى حزب العمال الكردستاني PKK وتستخدم في تمويل صراعه مع الدولة التركية.

مخاوف الإدارة الذاتية وخياراتها المتاحة

لا شك أن مسار التقارب التركي مع النظام طويل الأمد، وقد يستغرق الكثير من الوقت لتحقيق النتائج التي يرجوها الطرفان، إلا أن "الإدارة الذاتية" لم تعد تملك رفاهية المناورة بين الأطراف الإقليمية والدولية، فهي تدرك أن تغير السياسة التركية استراتيجي وليس تكتيكياً، وأن هذا التقارب سيقلل من خياراتها المتاحة ويضعها في مواجهة تحديات صعبة، لا سيما أنه سيقطع الطريق أمام أي اتفاق مستقبلي بينها وبين النظام. وفي حال قررت الإدارة الأمريكية الجديدة سحب قواتها كلياً أو جزئياً من شرق سورية؛ فستكون "الإدارة الذاتية" أمام تهديد حقيقي لمستقبل وجودها على خارطة الفاعلين السوريين المحليين.

وتتراوح السيناريوهات المتوقعة لكيفية تعاطي الإدارة مع التطورات الجديدة بين السيناريوهات الثلاثة التالية:

  • السيناريو الأول: تقديم تنازلات للنظام وعقد اتفاق جديد معه، وقد تكون موسكو ضامناً لاتفاق كهذا إذا كان سيفضي إلى تقليص مساحة انتشار القوات الأمريكية في سورية، بحيث تسحب قوات قسد ثقلها العسكري من المدن الشمالية بعمق 30 كم مع استمرار وجودها في المناطق المحاذية للقواعد الأمريكية الرئيسية. إضافة إلى عودة النظام إدارياً وأمنياً إلى مراكز المدن، ودمج الهياكل الإدارية المدنية للإدارة الذاتية مع المؤسسات الحوكمية للنظام. ويُعتبر هذا السيناريو المرجَح في حال تقدُّم التقارب التركي مع النظام، وفي ظل استمرار الوجود الأمريكي الذي يمنع أي محاولة إنهاء كامل لتجربة "قسد" بالوسائل العسكرية، ومع ذلك فإن هناك معوقات كثيرة تحد من إمكانية تطبيق هذا السيناريو.
  • السيناريو الثاني: انفتاح "الإدارة الذاتية" على تركيا برعاية أمريكية، بحيث تسبقه مصالحة حقيقية مع الفواعل المحليين في شمال شرق سورية، والقيام بخطوات بناء ثقة قد يكون من بينها: تنفيذ اتفاق منبج كخطوة أولى من طرف قسد، وسحب قواتها العسكرية من الشريط الحدودي، والتوافق على نظام حوكمي جديد في المنطقة تُشرف عليه الولايات المتحدة وتركيا وروسيا، وقد تلعب قوات الأمن الداخلي "الأسايش" دوراً في تحقيق الأمن العام في المنطقة. تكمن روافع هذا السيناريو في غياب قدرة النظام على تحقيق المطالب التركية، مقابل رغبة تركية بتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة، إضافة إلى قناعة لدى تيار واسع في الإدارة الذاتية بعدم واقعية العداء مع تركيا والحاجة لتقديم تنازلات كبيرة خشية انسحاب أمريكي مفاجئ قد يخلط أوراق جميع الفاعلين وتكون هي من أكبر الخاسرين. في حين أن سلوك الإدارة الذاتية خلال السنوات السابقة وغياب الحماسة التركية لتجارب جديدة مع فواعل دون دولتية قد تكون من معيقات هذا السيناريو.
  • السيناريو الثالث: تمترس قسد حول مواقفها ورفض تقديم أية تنازلات والمراهنة على استمرار الدعم الأمريكي، واحتمالات تنفيذ عمليات أمنية ضد تركيا بالتعاون مع مجموعات محلية في شمال غرب سورية رافضة لمسار التقارب التركي مع النظام. وتكمن خطورة هذا السيناريو على الإدارة في أنه قد يتسبب باندلاع معارك جديدة، ورفع الحماية الروسية عن "وحدات حماية الشعب YPG" في مناطق تل رفعت وكوباني، مما يعني خسارة السيطرة على مناطق جديدة وتقدم تركيا فيهما، إضافة إلى إمكانية عقد تفاهمات مشتركة بين تركيا والنظام للتعامل المشترك مع ملف شمال شرق سورية على المدى المتوسط والبعيد.

في الختام، ليس من المرجح أن يصل التقارب بين تركيا ونظام الأسد إلى مستويات متقدمة، إلا أن المسار الجديد الذي بدأته تركيا في تعاطيها مع الملف السوري سيكون له تداعيات كبيرة على المشهد العام وعلى مستقبل "الإدارة الذاتية" في شمال شرق سورية بشكل خاص. وتدرك الإدارة أن التطبيع التركي مع النظام سيقلل من فرص استمرارها كفاعل سوري محلي، وسيقطع الطريق أمام أي اتفاق مستقبلي مع النظام، لا سيما في حال وصول دونالد ترامب مجدداً إلى السلطة في الولايات المتحدة ورغبته في تحسين العلاقات مع تركيا وروسيا واحتمالات سحب قواته كلياً أو جزئياً من سورية.

 


 

[1] بعد تصريح رئيس الوزراء العراقي حول المبادرة العراقية الخاصة برعاية المفاوضات المباشرة بين الطرفين، توالت التصريحات التركية حول الخطوات التطبيعية القادمة، لا سيما مع الإشارة التي أرسلها النظام عبر وزير خارجيته فيصل المقداد الذي تحدث بإيجابية عن مسار التقارب مع تركيا بشرط "إعلان استعدادها للانسحاب" وتقديم تعهدات بذلك، الأمر الذي يشير الى تراجع النظام عن انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية كشرط مسبق لأي خطوات نحو تطبيع العلاقات بين الجانبين. فيما اعتبر وزير الخارجية التركي أن وقف القتال بين النظام والمعارضة لفترة طويلة أمر بالغ الأهمية يقتضي من النظام تقييم مرحلة الهدوء هذه بعقلانية لتحقيق السلام مع معارضيه، وإعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وتوحيد الجهود مع المعارضة لمكافحة "الإرهاب" وخاصة حزب العمال الكردستاني.

[2] إلى الرأي العام، الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال شرق سوريا، 29.06.2024، https://2u.pw/55NOF4Lh

[3] أردوغان يقر بخسارة حزبه في الانتخابات البلدية، الجزيرة 01.04.2024، https://2u.pw/rKwXEDk6

التصنيف تقدير الموقف

مدخل

خلال متابعة حركية أنشطة التعافي المبكر في مناطق المعارضة في ريف حلب ومحافظة إدلب يمكن ملاحظة انحسار المشاريع المنفّذة ضمن قطاعات النقل والمواصلات والمياه والنزوح الداخلي والتجارة؛ مقابل محدودية التنفيذ في قطاعات استراتيجية أخرى لعلّ أهمها قطاع التمويل، ولأهمية هذا القطاع وأدواره الوظيفية في تشكيل أطر دعم محلياتية ستحاول ورقة التوصيات التالية تنبيه الفاعلين حول إشكالية قطاع التمويل في المنطقة وضرورة العمل على تنويع القنوات التمويلية وتوجيهها نحو تطوير البيئة التمويلية وتنفيذ مشاريع صغيرة ومتوسطة في قطاعات إنتاجية كالزراعة والصناعة والخدمات.

بيئةٌ تمويليةٌ ضعيفة

في إطار رصد نشاطات التعافي الاقتصادي المبكر ضمن القطاعات التالية[1]: المياه، والنقل، والكهرباء، والزراعة، والتجارة، والإسكان والتعمير، والنزوح الداخلي، والصناعة، والتمويل، والخدمات الاجتماعية؛ نفّذت المجالس المحلية بالتعاون مع المنظمات العاملة في مناطق المعارضة نحو 3204 مشروعاً في ريفيّ حلب وإدلب خلال 3 أعوام بين 2018 و2021.
وشكّل الوزن النسبي للمشاريع اهتماماً أكبر بالمرافق الأساسية؛ كتأمين مياه الشرب عبر تمديد شبكات جديدة وإصلاح أعطال الشبكات القديمة، ومد شبكات صرف صحي، وتعبيد الطرق الفرعية والرئيسية داخل المدن والبلدات وخارجها بالإسفلت، وتقديم خدمات داخل المخيمات لتخفيف معاناة النازحين، فضلاً عن مشاريع أخرى مرتبطة بقطاع التجارة. حيث بلغت نسبة المشاريع المنفّذة في قطاع المياه والصرف الصحي 19% من إجمالي المشاريع الكلي، و18% في النقل المواصلات، و17% في التجارة، بينما بلغت نسبة المشاريع في الزراعة 8%، وفي كل من الكهرباء والتمويل 4% لكل منهما وفي قطاعي الصناعة والاتصالات 0%.

 

وتعتمد المجالس المحلية والمنظمات في تنفيذ المشاريع وتوظيف الكوادر على المنح والمساعدات المالية (الريع) المقدّمة من الدول والمنظمات الأجنبية، وتكاد تكون هذه الرافعة المالية الوحيدة لتنفيذ النشاطات والمشاريع فضلاً عن كونها المشغّل الرئيسي للسكان، وهو ما ربط حركة التعافي الاقتصادي المبكر وتنفيذ المشاريع من جهة بقرارات المانح وطرق توزيع الأموال اتجاه قطاعات محددة، ومن جهة أخرى بمحددات تعامل المجتمع الدولي حيال الملف السوري والتي تؤثّر على جحم التمويل من جهة أخرى، وبالتالي تمحورت معظم الأموال الممنوحة حول  أطر الأعمال الإغاثية أو التي تخدمها بشكل غير مباشر، ما أفرز هشاشة في الاقتصاد المحلي، وانكشاف على الخارج (تركيا)، واعتمادية متزايدة على فكرة المنح المالية، وعدم الالتفات لتوفير عناصر البيئة التمويلية من مؤسسات وأسواق وأدوات وخدمات مالية والتي تُسهم بدورها في خلق قنوات تمويلية جديدة  تعود على المجتمع بالفائدة المرجوّة.

تدفع المنهجية القائمة باتجاه ضرورة تبني مقاربات أخرى تُخفّف نسب الاعتمادية على الآخر؛ وتتكئ على التحسّن الطفيف في مؤشر التعافي الاقتصادي المبكر في مناطق المعارضة (انظر الشكل رقم 2)، وتقوم هذه المقاربات المقترحة باتجاه تحويل منهجية عمل الأجسام الرسمية وغير الرسمية بشكل تدريجي نحو رفد القطاعات الاقتصادية ذات الشأن بتجديد الإنتاج الاجتماعي وتعبئة رؤوس الأموال المحلية والممنوحة في قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة والكهرباء والاتصالات والخدمات عموماً ودعم بيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

 

ثلاث أدوات لتطوير بيئة التمويل

يمكن الاعتماد على عدة أدوات لإيجاد بيئة تمويلية ضمن الظروف الحالية، وخلق قنوات تمويلية خاصة لتنفيذ مشاريع كثيرة مثل: مشاريع الطاقة المتجددة ومعالجة النفايات والصناعات النسيجية والطبية والغذائية والتقنية والمعدنية والورقية فضلاً عن المشاريع الزراعية والثروة الحيوانية ومشاريع استراتيجية متمثلة بشبكات الكهرباء والمياه والهاتف والانترنت والنقل والمواصلات والإسكان والتعليم وغيرها، ويمكن الاعتماد على ما يلي لتطوير هذه البيئة:

أولاً: المجالس المحلية وغرف التجارة والصناعة

ينبغي أن تلعب المجالس المحلية وغرف التجارة والصناعة دوراً محورياً في تهيئة بيئة العمل وتأسيس المشاريع، وفي سبيل تحقيق هذا الدور، يمكن التوافق على تشكيل خلية موحّدة باسم "هيئة إدارة المشاريع" تتعاون مع خبراء إداريين واقتصاديين في اختيار منطقة آمنة مناسبة لتأسيس وعمل المشاريع والشركات. تعمل الهيئة على كتابة نظام إداري وقانوني مرن يتضمن تفاصيل الترخيص والرسوم والضرائب والتوظيف والواردات والصادرات وأية تفاصيل أخرى، وتضمن معالجة كافة المخاوف والمشاكل المرتبطة بتأسيس المشاريع والعمل، وما يحتاجه صاحب الفكرة لتنفيذ مشروعه، والمستثمر سواءً كان فرداً أو منظمة أو شركة لضمان حقوقه وأرباحه، مع التأكيد على تضمين القوانين التركية والدولية ذات الشأن، ووضع خطة استثمارية تهدف لسد الفجوات في الأمن الغذائي والمائي والطاقة، وإيجاد فرص عمل للشباب.

 وتعمل هذه الهيئة ضمن المحاور التالية:

  • الاتفاق مع الجانب التركي، والمنظمات الدولية، على قواعد عمل هذه المنطقة وطرق الاستثمار فيها؛
  • تأسيس محكمة توظّف قضاة ومحامين في القضايا والحقوق المالية والتجارية والاستثمارية والنزاعات المرتبطة بها لاستمرار العمل ضمن بيئة قانونية صحيّة، وضمان حقوق الملكية والأوراق المرتبطة بالديون ورأس المال؛
  • وضع خطة تسويقية للمنطقة تتضمن الاستفادة من تجارب حواضن استثمارية قائمة، وزيارة بلدان عربية وأجنبية وبلدان المغترب السوري، ومنظمات محلية وأجنبية بهدف التشبيك وتعزيز الثقة وبناء جسور التواصل وجذب الاستثمارات المنشودة إليها؛
  • الاستفادة من المدخرات المحلية المتوفرة بيد قلّة من الأشخاص بالمنطقة عوضاً عن تسربها إلى الخارج، بما يُسهم في تمويل مشاريع واستثمارات متنوعة؛
  • تشجيع المستثمرين على تأسيس شركات مصرفية وإدارة أموال واستثمارات، تفيد في جذب الأموال المحلية والخارجية وتشغيلها في مشاريع ربحية؛
  • قوننة عملية "التمويل الجماعي" التي قد تُنفّذ من قبل المجتمع المحلي.

ثانياً: المنظمات المحلية

يُمكن للمنظمات المحلية العمل على توسيع دائرة العمل لتشمل قطاعات إنتاجية وإيجاد مانحين ومتبرعين، أفراداً ومؤسسات ودولاً، بكافة السبل المتاحة لتمويل مشاريع في الصناعة والزراعة والخدمات، ومن أجل ضمان نجاح أكبر للمشاريع يمكن تبني فكرة "الاحتضان" وتدريب صاحب المشروع مالياً وإدارياً وتسويقياً، بهدف إنجاح المشروع وتذليل الصعوبات. والجدير بالذكر أن المنظمات راكمت خبرة خلال السنوات الماضية وتمكنت من التأقلم في ظل ظروف عمل صعبة، فضلاً عن رصيد العلاقات والخبرة والموارد البشرية التي تمتلكها، ما يُمكنّها من تسويق واحتضان مشاريع إنتاجية تسهم في رفد المنطقة بالنجاح المطلوب.

ثالثاً: المجتمع المحلي

بات التمويل والعمل اللامركزي مُنافِساً قوياً للأنظمة البيروقراطية والمركزية في العالم خلال السنوات الماضية، يمكن الاستفادة من هذه الطفرة وتوأمة التجربة في مناطق المعارضة، عبر تشجيع أفراد في الداخل على تصميم منصات تمويل على الانترنت تستهدف جذب أصحاب المشاريع لعرضها على المنصة، وإتاحة التفاعل مع العالم لمشاركة الفكرة وجمع التمويل اللازم لتنفيذها، وقد تبدأ الأفكار انطلاقاً من تمويل فرد أو عائلة لشراء دواجن أو أبقار بمبالغ مالية صغيرة بهدف الاستفادة ممّا يتنج عنها، إلى تمويل مجموعة أفراد لصناعة منتجات معقّدة تباع في الأسواق المحلية أو الخارجية عبر أسواق إلكترونية. وتتيح هذه الطريقة تجاوز الصعاب والتحديات المحلية التي تواجه عملية التمويل، وتشجيع أصحاب الأفكار على طرحها وتنفيذها، وتأسيس مشاريع صغيرة متنوعة قابلة للنمو والتطور مع مرور الوقت، فضلاً عن خلق فرص عمل في المنطقة.

وتُصمم هذه الطريقة وفق نموذج "الكل أو لا شيء" بمعنى؛ ينفّذ المشروع في حالة جمع كامل المبلغ المطلوب فقط. ويوضّح الجدول التالي أنواع التمويل الجماعي المتاح:

 

خلاصة ختامية

إنّ تطبيق هذه الأطر وتنويع مصادر التمويل سيساهم في تعزيز شروط فعالية البيئة التمويلية، وبالتالي تطوير الاقتصاد المحلي بالمحصلة، ونقل دور المجالس والمنظمات والمجتمع المحلي رويداً رويداً من دور إغاثي عاجل إلى دور تنموي أكثر استدامة، إضافة لتعزيز جملة من الأمور في المنطقة من بينها:

  • دفع عجلة الاقتصاد وإيجاد فرص عمل تساهم في تعزيز استقرار السكان في تلك المناطق، فضلاً عن تحفيز فئات كثيرة من السوريين في دول الجوار للعودة إلى الداخل؛
  • الانتقال بشكل تدريجي من وضعية الاعتماد على الغير في تأمين الاحتياجات إلى الاعتماد على الذات، واكتساب الأجسام الإدارية القائمة ثقة عالية وأوراق تفاوض مع باقي الأطراف؛
  • تعزيز دور القطاع الخاص في رفد عملية التعافي الاقتصادي المبكر بالأعمال والمشاريع، وبالتالي منافسة مدن النظام وجذب التجار والصنّاع والأموال إلى مناطق المعارضة.

يُمثّل قطاع التمويل عصب الاقتصاد والأسواق إذ لا يمكن للأفكار أن تتحول إلى مشاريع، ولا يمكن للحكومة والمجالس المحلية أن تتقاضى الرسوم والضرائب بدون إنعاش هذا القطاع الهام. ومن شأن تطوير الاقتصاد المحلي في المنطقة خلال السنوات القادمة، تعافي المنطقة أكثر وصياغة هوية اقتصادية والعودة للحياة الطبيعية وتوظيف الكفاءات والكوادر في المكان المناسب، وتوفير تعليم وحياة أفضل للسكان.


 

[1] للاطلاع أكثر أنظر: مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، التعافي الاقتصادي المبكر في مناطق المعارضة بين النصف الثاني 2018 والنصف الثاني 2020 على الروابط التالية: https://bit.ly/3jafNuC، https://bit.ly/2WzyRLb ، https://bit.ly/37donmN ، https://bit.ly/3ffE9BY 

التصنيف أوراق بحثية

ملخص تنفيذي

  • نسبة كبيرة من المجالس القائمة في المحافظة غير معتمدة من وزارة الإدارة المحلية ومن مجلس المحافظة وفقاً للأنظمة والقوانين المعمول بها؛
  • تجري أغلبية مجالس محافظة إدلب انتخابات دورية؛
  • تختار أغلب المناطق ممثليها في المجالس القائمة في المحافظة عن طريق التوافق، وثمة تدخل لقوى الأمر الواقع في انتخابات عدد قليل منها .
  • لايوجد تمثيل معتمد للنازحين في محافظة إدلب، كما أن مشاركة المرأة في مجالس محافظة إدلب المحلية منخفضة نسبياً، وتصنف مجالس المحافظة بأنها فتية؛
  • توجد نسبة مقبولة من المجالس التي لديها قناعة بالمشاركة في العمل أو الدفع السياسي بشكل أو بآخر، وتذهب غالبية المجالس إلى تفويض جهات سياسية أخرى وفصائل عسكرية في عمليات التفاوض المحلية.
  • تعطي نسبة معتبرة من المجالس أهمية لقطاعات الإغاثة والصحة والتعليم والبنى التحتية على التوازي؛
  • تعاني مجالس محافظة إدلب من فقر كبير في الموارد المادية والبشرية ينعكس على أدائها المؤسسي وضعف قدرتها على التخطيط والتنمية؛
  • لا تسيطر هيئة تحرير الشام على معظم مناطق المحافظة وتتمتع الكثير من المجالس بالاستقلالية التامة عنها وعن حكومة الإنقاذ؛
  • يعد تراجع الدعم وانسحاب الكثير من المنظمات من محافظة إدلب إضافة إلى تشجيع بعض القوى المسيطرة لبعض التجمعات السكانية لتشكيل مجالس جديدة، عوامل مهمة ساهمت في حالة تشظي المجالس المحلية في محافظة إدلب.

عن التقرير

يستعرض هذا التقرير نتائج مسح اجتماعي أجراه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع وحدة المجالس المحلية في كل المناطق المحررة خلال الفترة الواقعة بين 15/4/2018 و15/6/2018 ومن هذه المناطق محافظة إدلب. وقد تناول المسح كل الوحدات الإدارية والهيئات التمثيلية في كل التجمعات السكانية الموجودة على امتداد جغرافيا المحافظة عدا المناطق التي سيطر عليها النظام مؤخراً، ورغم كل محاولات فريق البحث الميداني الحصول على أدق المعلومات حول المجالس؛ إلا أنه لا يمكن الادعاء بالدقة الكاملة للمعلومات الواردة في التقرير لصعوبات واجهت الفريق خلال عملية جمع البيانات بسبب الوضع الأمني ولتفاوت درجة تعاون المجالس مع عملية المسح ولتدخل بعض القوى العسكرية ومنعها بعض المجالس من التعاون مع فريق المسح، وقد أسفر ذلك عن تأخر إصدار التقرير، إضافة إلى السيولة الكبيرة التي وسمت المشهد الميداني في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والتي تسببت أيضاً في تأجيل إصدار التقرير حتى تستقر الخارطة ولو مؤقتاً، ويتناول التقرير واقع البنى المحلية الإدارية والتمثيلية القائمة من حيث مشروعيتها ومايعنيه ذلك من جودة تمثيلها للمجتمع المحلي وقيامها بالأدوار المنوطة بها ومن حيث شرعيتها التي تقاس بمدى اعتمادها للأنظمة والقوانين واعتماديتها من قبل المستويات الإدارية الأعلى، كما يتناول موارد هذه المجالس وقدرتها على التخطيط للتنمية، إضافة إلى علاقاتها البينية مع القوى العسكرية والمستويات الإدارية المركزية واللامركزية، كما يستعرض التقرير بعض ملاحظات فريق البحث الميداني التي دونها خلال عملية المسح، و يخلص  إلى جملة من الخلاصات والتوصيات.

حول محافظة إدلب ومجالسها المحلية

تقع محافظة إدلب في أقصى الشمال الغربي للجمهورية العربية السورية، وتحاذي جزءاً من الحدود السورية التركية، وقد بلغ عدد سكانها ثلاث ملايين وتسعمائة ألف نسمة بين أبناء المحافظة والمهجرين إليها ([1])، شاركت المحافظة في الثورة منذ أيامها الأولى لتخرج عن سيطرة النظام بشكل كامل في آذار من العام 2015، بعد سقوط مركز المحافظة بيد قوات المعارضة، فيما بقيت كل من كفريا والفوعة الشيعيتين المحاصرتين تحت سيطرة النظام ورهناً لاتفاقية المدن الأربعة بين إيران والمعارضة، ومع استكمال ترتيبات أستانة واتفاقيات خفض التصعيد بانعقاد اجتماع أستانة 6 في أيلول 2017، تمكن النظام وحلفاؤه الروس من السيطرة على أجزاء من شرق سكة الحديد جنوب شرق المحافظة حيث سيطر على حوالي 17.5% من مساحة المحافظة (متضمناً مساحة كفريا والفوعة)، لاحقاً ومع تزايد حشود جيش النظام وحلفائه على المحافظة تم اتخاذ قرار بإخلاء بلدتي كفريا والفوعة ويقدر عدد المجالس المحلية التي سقطت بيد النظام بحوالي 17 مجلساً محلياً معتمداً، كما أصبحت المحافظة ملاذاً أخيراً لعدد كبير من معارضي النظام السوري بعد سقوط مناطق المعارضة تباعاً ( الغوطة الشرقية، جنوب دمشق، القلمون الشرقي، ريف حمص الشمالي، درعا، القنيطرة) بيد النظام السوري وحلفائه، حيث يشكل النازحون ما نسبته 41% من سكان المحافظة([2]). وقد كانت محافظة إدلب على موعد مع حملة عسكرية ضخمة لاستكمال سيطرة النظام على ما تبقى من مناطق المعارضة ، إلا أن اتفاق سوتشي الأخير بين روسيا وتركيا في 17 أيلول 2018 حال دون ذلك ولو مؤقتاً وفتح الباب لتوفير حماية إقليمية لهذه المحافظة، في الوقت الذي وضع الكرة في ملعب الفعاليات المدنية والبنى المحلية لتفعيل برامجها وتمكين مؤسساتها والعمل على حوكمتها وبينما حدد القرار رقم 1378 للعام 2011 والصادر عن وزارة الإدارة المحلية التابعة للنظام([3])، التقسيمات الجغرافية المركزية للمحافظة بـ 6 مناطق تضم 26 ناحية فيما تقسم المحافظة إدارياً إلى 157 وحدة إدارية توزع على 15 مدينة و47 بلدة و95 بلدية تتمتع بالشخصية الاعتبارية([4])، إضافة إلى العشرات من القرى والمزارع والتجمعات التي لا تحظى بالشخصية الاعتبارية ولا تشملها التقسيمات الإدارية([5]فإن العدد الفعلي للمجالس القائمة هو 307 مجلساً محلياً بمافيها مجلس المحافظة ومجالس البلدات التي سقطت بيد النظام بعد استيلائه على مناطق شرق السكة في شباط 2016 .

وقد تأسست 83% من مجالس محافظة إدلب قبل عام 2015، العام الذي خرجت فيه المحافظة بالكامل من سيطرة نظام الأسد، وبصورة عامة يعاني المشهد الإداري في محافظة إدلب من هشاشة وتشظي كبيرين، أسهمت فيه تداخلات الحالة السياسية والعسكرية في المحافظة والتي انعكست على الحالة المدنية وأرخت بظلالها على المنظومة المهيكلة للمجالس المحلية بنشوء مجالس غير معتمدة من الحكومة المؤقتة وتضاعف عددها بشكل كبير وتعدد مرجعيات بعضها سواء بتبعيتها لحكومة الإنقاذ أو المؤقتة، يضاف إلى ذلك حالة انفلات منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية من عقال الضبط الحكومي.

المشروعية والتمثيل

يعبر عن المشروعية بمدى الرضى الشعبي عن تمثيل المجلس للسكان المحليين، بما في ذلك المرأة والنازحين وشريحة الشباب والفئات المهمشة، إضافة إلى طريقة تشكيل المجلس وأدائه:

الانتخابات والدورات الانتخابية

تجري62 % من مجالس محافظة إدلب انتخابات دورية([6])، بعضها سنوية وبعضها نصف سنوية، كما توجد مجالس تجري انتخابات كل 4أشهر ومجالس تجري انتخابات كل سنتين، وتم اختيار أعضاء 72% من المجالس في محافظة إدلب بالتوافق، فيما اختير أعضاء 13% من المجالس بالانتخاب المباشر من السكان، ولم تتجاوز نسبة المجالس التي عينت أعضائها الفصائل المسلحة الـ1% (تدخلت الفصائل في تعيين أعضاء أربع مجالس محلية في أربع وحدات إدارية اثنتان منهما تحت السيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام والثالثة تحت سيطرة فيلق الشام أما الوحدة الأخيرة فهي غير خاضعة لسيطرة أي فصيل )، فيما شكلت 10 % بالمئة منها بالاعتماد على انتخابات الهيئات الناخبة، وتم اختيار 2% من المجالس من خلال مجالس الأعيان والشورى .

 

مشاركة المرأة والشباب والنازحين

لا تزال مشاركة المرأة في مجالس محافظة إدلب المحلية منخفضة نسبياً إذ يوجد حضور للمرأة في 14% فقط من المجالس المحلية سواءً في الجسم التمثيلي أو الوظيفي، حيث تتنوع مشاركتها فيها فتشارك في 5% من المكاتب التنفيذية لهذه المجالس، كما أنها تشغل مناصب وظيفية في 13 % بالمئة من هذه المجالس.

 

وبصورة عامة يمكن اعتبار مجالس محافظة إدلب المحلية مجالساً فتية إذ تتعزز فيها مشاركة الشباب بشكل كبير و تشكل المجالس التي متوسط الأعمار فيها بين 25-40 حوالي 61% من مجموع المجالس، فيما تشكل المجالس التي متوسط الأعمار فيها يبن 40-50 حوالي 7 بالمئة فقط، أما بالنسبة للنازحين فلم تسجل أي حالة تمثيل لهم في مجالس المحافظة.

الدور الخدمي والسياسي

تشكل الأدوار التي تقوم بها المجالس المحلية لصالح المجتمعات المحلية واحدة من أهم عوامل بناء مشروعية هذه المجالس. ومن أهم تلك الأدوار التي يمكن للمجالس المحلية أن تلعبها هو دورها في العمل السياسي العام بصفتها ممثلاً للمجتمع المحلي، ومن ذلك المباشرة في الممارسة السياسية بتمثيل إرادة المجتمع المحلي في المحافل الدولية في ظل إشكالية التمثيل السياسي المركزي الذي ينبغي أن تضلع به البنى السياسية على المستوى الوطني، وأيضاً الدفع السياسي أو التأثير في السياسة من خلال اتخاذ المواقف وإصدار البيانات وإقامة الفعاليات والتي تتناول الموقف الشعبي من المتغيرات السياسية المختلفة التي تخص الشأن السوري و إيصال الرسائل السياسية إلى الفاعلين السياسيين الدوليين والإقليميين والمحليين، إذ تشكل المجالس المحلية التي لديها قناعة بالمشاركة في العمل أو الدفع السياسي بشكل أو بآخر 25%، إضافة إلى كون عملية التمثيل على المستوى المحلي وإدارة المجتمع المحلي سواء على مستوى الخدمات والتنمية أو على مستوى العلاقة مع الفواعل المحلية في الوحدة الإدارية أو مع الاستحقاقات السياسية ذات الطابع المحلي شكلاً من أشكال العمل السياسي، ويمكن ملاحظة عزوف الكثير من المجالس المحلية في محافظة إدلب عن الاضطلاع بمهام سياسية مباشرة على المستوى المحلي كتلك المتعلقة بالتفاوض المحلي مع النظام، كما تتفاوت قدرة المجالس المحلية في تلبية احتياجات المجتمعات المحلية على مستوى القطاعات الإغاثية و الخدمية الأساسية:

  • الموقف من الجهة المخولة بالتفاوضات المحلية

ترى 32% من المجالس أن الفصائل هي الجهة الأكثر تأهيلاً لخوض المفاوضات المحلية مع الجهات المعادية في مناطق التماس) 28 % منها يتبع إدارياً لحكومة الإنقاذ(، فيما ترى 20 % من المجالس أن المجالس المحلية هي الجهة الأكثر تأهيلاً للتفاوض، وتذهب 18 % من المجالس إلى أهمية تشكيل لجنة مشتركة من المجالس المحلية والفصائل للقيام بهذه التفاوضات. في حين ترى 17% من المجالس أن مجلس المحافظة هو الجهة الأكثر تأهيلاً لخوض المفاوضات المحلية، وترى 6% من المجالس أن الهيئة السورية للمفاوضات هي الجهة الأكثر تأهيلاً للقيام بالتفاوضات المحلية، فيما ذهب ثلاثة مجالس إلى أهمية تشكيل لجنة من مجلس المحافظة أو المجلس المحلي والهيئة العليا، ورأى مجلس واحد أهمية تشكيل لجنة من المجلس المحلي ومجلس المحافظة والفصائل، وقد امتنع 5 % من المجالس عن الإجابة عن هذا السؤال.

 

  • أهم الخدمات التي تقدمها المجالس

تولي 24% من المجالس أهمية كبيرة لقطاعات الإغاثة والصحة والتعليم والبنى التحتية (مياه، طرق، صرف صحي، كهرباء) على التوازي، فيما تولي 7 % من المجالس في المحافظة أهمية قليلة للقطاعات الأربعة، كما تتفاوت أولويات مجالس محلية أخرى بالنسبة لاعتبارات الأهمية للخدمات التي تقدمها إلا أن ميدان التعليم يعد الأكثر أهمية لحوالي ال45 % من المجالس، فيما تعتبر 41 % من المجالس قطاع الصحة الأكثر أهمية بالنسبة لها. وعدى عن هذه القطاعات تنصرف الكثير من المجالس لإعطاء الأولوية لقطاعات أخرى كالزراعة والثروة الحيوانية، أو الشؤون المدنية والعقارية، أو إزالة الأنقاض وآثار القصف، أو حل المشكلات في المجتمع المحلي، أو فتح الأفران، أو حملات النظافة ومكافحة الحشرات الضارة، أو الأمن المحلي (الإشراف على الشرطة المحلية).

 الشرعية

تكتسب المجالس المحلية شرعيتها عادةً من مدى انتظامها ضمن الهيكل الإداري العام على المستوى الوطني، ما يعني اعتماديتها وفق الأنظمة الصادرة عن الحكومة المركزية وفق المعايير التي تحددها القوانين الإدارية، إضافة إلى عمل المجلس وفقاً للقوانين الإدارية الناظمة، وامتلاك المجلس لدليل تنظيمي يحدد نظامه الداخلي وهيكليته ومهامه، وقدرة المجلس على مد سلطته الإدارية على كل الحدود الإدارية لوحدته وشمل كل القطاعات المحلية بها. وفيما يلي نتائج المسح حول مدى التزام المجالس موضوع المسح بمعيار الشرعية:

  • تبلغ نسبة المجالس (بما فيها مجلس المحافظة) المعتمدة من وزارة الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة وفق القانون 107 والقانون 1378 حوالي 48 %؛
  • تبلغ نسبة المجالس التي تعتمد القوانين والأنظمة الصادرة عن وزارة الإدارة المحلية حوالي 25%، نسبة 30% منها غير معتمدة وفق القوانين الإدارية؛
  • تبلغ نسبة المجالس التي لا تعتمد نظام داخلي على الإطلاق 50 % (31 % منها معتمدة)؛
  • تبلغ نسبة المجالس المحلية التي تعتمد أنظمة خاصة بها 20%، نسبة من يصرح منها بتابعيته الإدارية للحكومة المؤقتة 29%؛
  • تجدر الإشارة إلى أن 54% من المجالس المحلية تحافظ على هيكلية ثابتة بين الدورات الانتخابية.

 الموارد والتخطيط للتنمية

لاتزال المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تعاني من شح في الموارد وفي فرص التنمية نتيجة التحديات الأمنية وسيطرة قوى الأمر الواقع على الكثير من الموارد على حساب البنى الإدارية اللامركزية إضافة إلى غياب سلطة مركزية فعلية، توضح النسب التالية نظرة المجالس المحلية لأولويات سبل العيش المتوافرة في مناطقها:

  • الموارد والواقع الاقتصادي

 ترى 22 % من المجالس أن سبل العيش الأكثر أهمية المتوفرة في مناطقها تتمثل في الإغاثة ودعم المنظمات بالإضافة إلى تحويلات المغتربين والأنشطة الاقتصادية المحلية، فيما تمثل عمليات الإغاثة ودعم المنظمات (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية برأي 31% من المجالس بينما تمثل تحويلات المغتربين (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية بالنسبة لـ 24% من المجالس فيما تمثل الأنشطة الاقتصادية المحلية (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية برأي 69% من المجالس القائمة في محافظة إدلب.

وبصورة عامة تشكل الزراعة أهم الفعاليات الاقتصادية في الوحدات المحلية بنسبة 81% تليها الفعاليات التجارية بنسبة 75% ثم الحرف بنسبة 66%، فيما تنخفض مساهمة قطاعي الخدمات 33% والصناعة 20% في الفعاليات الاقتصادية القائمة في الوحدات الإدارية التي تديرها المجالس المحلية في المحافظة.

 

 أما فيما يتعلق بالمجالس نفسها فتبلغ نسبة المجالس التي لها موارد 66  %، يحدد الجدول الآتي أهم موارد دخل المجالس المحلية من حيث نسبة مساهمتها في تمويل عمل هذه المجالس وعدد المجالس المستفيدة والنسبة العامة لمساهمة هذه الموارد:

 

 

 

توجد موارد أخرى متفرقة تعتمد عليها الكثير من المجالس المحلية يمكن عرضها في الجدول الآتي:

 

  • التخطيط للتنمية

لا تظهر الأغلبية الساحقة من المجلس مقدرة على بلورة الاحتياجات والأولويات والخطط ووضع الموازنات بناءً على ذلك، فما نسبته 85% من المجالس المحلية في محافظة إدلب لا يوجد لديها موازنة، و77% من المجالس لا يوجد لديها خطة وبرنامج سنوي أو نصف سنوي، رغم قدرة أغلب المجالس على تقييم الاحتياجات من خلال اللقاءات والندوات مع المجتمعات المحلية أو من خلال إجراء المسوح الاجتماعية سواء باعتماد المجالس على نفسها في ذلك غالباً أو بالتعاون مع منظمات مجتمع مدني شريكة ومنظمات دولية.

 

العلاقات البينية

يزيد غياب ناظم مؤسسي حقيقي ومقونن يضبط علاقة المجالس ببعضها وعلاقتها بالمستويات الإدارية الأعلى وعلاقتها أيضاً بالفاعلين المحليين، يزيد من حدة الاستقطاب المناطقي والفصائلي والسياسي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، يمكن هنا استعراض 4 مستويات من العلاقات بالنسبة للمجالس المحلية القائمة، أولها العلاقة بمجلس المحافظة أو المجلس ذو المستوى الإداري الأعلى، ثم العلاقة بالمستويات المركزية وهي تتمثل في حالة محافظة إدلب بحكومتي المؤقتة والإنقاذ، إضافة إلى الوجود الفصائلي في مناطق المجالس وتداخل العلاقة مع هذه المجالس مع العلاقة بحكومتي المؤقتة والإنقاذ:

علاقات المجلس بالمستويات اللامركزية

  • لاتزال علاقة الكثير من المجالس المحلية الفرعية في محافظة إدلب بمجلس المحافظة غير قوية، إذ تشكل المجالس التي تربطها علاقة قوية بمجلس المحافظة ما معدله 31%؛
  • في مقابل ضعف علاقة المجالس الفرعية بمجلس المحافظة فإن علاقتها بمجالس المدن والمجالس الموازية أفضل نسبياً حيث تتصف علاقة 56% منها بأنها قوية؛

علاقة المجلس بالمستويات المركزية

  • تصف 33% من المجالس علاقتها بأنها مستقلة عن الحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ؛
  • تصنف 30% من المجالس نفسها بأنها مستقلة عن حكومة الإنقاذ وتتبع إدارياً للحكومة المؤقتة، فيما تصف 13% من المجالس علاقتها مع الإنقاذ بأنها علاقة تعاون قسري؛
  • تصنف 14% من المجالس نفسها بأنها مستقلة عن الحكومة المؤقتة وتتبع إدارياً لحكومة الإنقاذ، فيما تصف 8% من المجالس علاقتها مع المؤقتة بأنها علاقة تعاون وتنسيق؛
  • تصنف 2% من المجالس المحلية التي تتبع إدارياً للمؤقتة علاقتها بالإنقاذ بأنها علاقة تعاون وتنسيق (7 مجالس)؛
  • صرحت ثلاثة مجالس بوجود علاقة تنافس مع حكومة الإنقاذ.

النفوذ العسكري ضمن الحدود الإدارية للمجلس

  • تعتبر 27% من المجالس المحلية مناطقها خاضعة للسيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام؛
  • تعتبر 10% من المجالس المحلية مناطقها خاضعة للسيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام وفصائل عسكرية أخرى؛
  • تعتبر 28 % من المجالس المحلية مناطقها خاضعة للسيطرة العسكرية لفصائل مختلفة (عدى هيئة تحرير الشام)؛
  • تعتبر 29% من المجالس المحلية مناطقها محايدة (غير خاضعة لسلطة أي فصيل عسكري)؛
  • لم يجب 6% من المجالس عن السؤال.

تداخلات علاقات المجالس بحكومتي الإنقاذ والمؤقتة والفصائل العسكرية

  • تشكل المجالس المحلية التي لها تبعية إدارية للحكومة المؤقتة وتقع في مناطق السيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام ما نسبته 9% من مجالس المحافظة الفرعية؛
  • تشكل المجالس المحلية التي لها تبعية إدارية للحكومة المؤقتة وتقع في مناطق السيطرة العسكرية لبقية الفصائل (عدى الهيئة) ما نسبته14% من مجالس المحافظة الفرعية؛
  • يوجد مجلسان محليان في المحافظة لهما تبعية إدارية لحكومة الإنقاذ ويقعان في مناطق السيطرة العسكرية لبقية الفصائل (عدى الهيئة)؛
  • توجد 8 مجالس لها تبعية قسرية لحكومة الإنقاذ وتقع في مناطق السيطرة العسكرية لبقية الفصائل (عدى الهيئة)؛
  • تشكل المجالس المحلية التي لها تبعية إدارية للحكومة المؤقتة ولا تقع في مناطق السيطرة العسكرية لبقية الفصائل بما فيها الهيئة مان سبته 9% من مجالس المحافظة الفرعية؛
  • توجد 4 مجالس لها تبعية إدارية لحكومة الإنقاذ وتقع في مناطق محايدة.

 

من ملاحظات فريق البحث الميداني

فيما يلي مجموعة من الملاحظات التي دونها فريق البحث الميداني خلال لقائه بممثلي المجالس المحلية في محافظة إدلب، والتي تناولت جوانب مختلفة من واقع المجالس المحلية في المحافظة:

العلاقات البينية

  • أغلب المجالس تشكو من ضعف مجلس المحافظة؛
  • اغلب المجالس ابدت استعدادها للتعاون مع حكومة الإنقاذ بعد ان قدمت لهم الغاز، في ظل غياب مجلس المحافظة والحكومة المؤقتة؛
  • مع تراجع عمل المنظمات في محافظة إدلب وانعكاس ذلك على تماسك المجالس المحلية، تشجع حكومة الإنقاذ الكثير من التجمعات السكانية على تشكيل مجالس محلية جديدة خارج المعايير القانونية لتشكيل المجالس واعتماديتها والمعمول بها من قبل الحكومة المؤقتة ومجالس المحافظات كالقانون الإداري 107 والقانون 1378، وذلك بهدف زيادة المجالس المحلية التي تتبع لها؛
  • تستغل الفصائل العسكرية الخلافات البينية بين العائلات على تشكيل المجالس وتحاول التدخل في تشكيل المجالس؛
  • في الوحدات الإدارية التي يوجد فصائل متباينة، فإن الكثير من هذه الفصائل يحاول أن يكون له وجود في المجلس القائم من خلال أبناء المنطقة المنتمين لهذا الفصيل أو ذاك، في المقابل يتمكن الأهالي من إقناع الفصائل بجعل المجلس المحلي بعيداً عن تجاذباتها؛
  • أدى عزوف عدد من المنظمات الداعمة بسبب التغول الفصائلية إلى توجه الأهالي في كثير من المناطق إلى الطلب من الفصائل عدم التدخل بعمل المجالس؛
  • لم يتمكن فريق البحث من التواصل المباشر مع ممثلي قرى حيلا وعيناتا وسنقرة وكفرميد في ريف محمبل، حيث صدرت تعليمات من حكومة الانقاذ بحظر التعامل مع فريق البحث؛
  • مكتب هيئة الخدمات التابع لحكومة الإنقاذ يقوم بجولات يومية على المجالس؛
  • يرفع مجلس كفرنبل علم الثورة السورية على مقره، رغم وجود كبير للهيئة في البلدة، ويعاني المجلس من ضعف الموارد ووجود خلافات حوله في المدينة؛
  • مجلس بلدية فريكة بجسر الشغور مستقل إدارياً ولا يتبع حكومة الإنقاذ، كما ينفي المجلس وجود أي مقر أو سلطة لهيئة تحرير الشام ضمن نطاق عمل المجلس؛
  • لاتزال علاقة المجلس المحلي لمعرتماتر ضعيفة مع المجتمع المحلي، ولا يوجد دعم كافي والمجلس لا يداوم وهناك اجتماعات لأعضائه والمجلس وجوده شكلي بشكل عام؛
  • يتبع مجلس بلدية المعلقة إدارياً لمجلس محافظة إدلب الحرة، وهو ملتزم بقررات المجلس ويعبر عن نفيه القاطع للتابعية إلى حكومة الإنقاذ؛
  • يطالب مجلس الزهراء بإعادة هيكلة مجلس المحافظة لعدم فعاليته في المنطقة، وبزيادة الدعم للمجالس لكي تأخذ دورها في المجتمع المحلي؛
  • يطالب مجلس بزيت بتدخل دولي لوقف القصف والاعتداء على المدنيين كونه يقع على منطقة تماس مباشر مع النظام، والمجلس يتبع إدارياً لمجلس محافظة إدلب الحرة الذي يطالبه أيضاً بتأمين الدعم اللازم؛
  • لمجلس كفر عويد مقر وفيه دوام ولكن الناس يشعرون بأنه ضعيف، كما أن تجاوبهم معه أيضاً ضعيف، والمجلس مستقل عن الفضائل إلا أن الهيئة حاولت ابتزازه بتقديم مادة الغاز؛
  • مجلس خان شيخون يعتبر مجلس نشيط وله طموحات بأن يصبح أفضل، الوضع في المجلس بين كر وفر، فأحياناً تبسط الهيئة نفوذها وأحياناً لا؛
  • هناك مجالس لديها استقلالية كاملة ولكنها تتبع فقط بالإغاثة الى مجلس آخر، مثلا مجلس بياطس ومجلس بيرة أرمناز ومجلس كوارو بتبعون بالاغاثة فقط إلى مجلس أرمناز؛
  • رغم انقطاع دعم الحكومة المؤقتة، إلا أن انتظام التجمعات السكانية في المحافظة ضمن مجالس محلية قد تطور بشكل مطرد بسبب دخول المنظمات الإغاثية والتنموية واشتراط عدد منها وجود مجالس محلية لتوزيع خدماتها على المجتمعات المحلية، ومع تراجع عمل هذه المنظمات وضعف ثقة الكثير من التجمعات السكانية في الوحدة الإدارية بالقائمين على عمل المجالس فإن حالة التشظي عادت لتصبح السمة الأبرز إذ بدأت الكثير من هذه التجمعات بتشكيل مجالس خاصة بها ضمن الوحدة الإدارية نفسها.

الموارد

  • هناك عدد من المجالس كانت تأتيها بعض الموارد لكن حكومة الإنقاذ سيطرت على هذه الموارد ولم تترك للمجالس شيء كمجالس الرصافة ورأس العين، كما استولت هيئة تحرير الشام منذ حوالي السنة على أرض زراعية كان يملكها المجلس المحلي في كفر يحمول كان المجلس يقوم بتأجيرها وتوظيف عائدات الأجرة لمصلحة المجلس؛
  • تعاني الكثير من المجالس كمجلس معرزيتا ضعفا شديداً بسبب قلة الموارد وضعف تجاوب السكان المحليين مع المجلس، كما يعد مجلس ترملا ومزارعها، مجلساً نشيطاً ويحاول أن يعمل وله مقر يداوم فيه أعضاؤه لكن موارد المجلس ضعيفة؛
  • مجلس حزارين: المجلس له مقر ويتم الدوام فيه، ولكن لا يوجد دعم للمجلس بالإضافة إلى ضعف تجاوب السكان المحليين مع المجلس؛
  • يطالب مجلس بلدة الضهر المنظمات بالتوجه إلى المجلس بسبب حرمان المنطقة من أي خدمة أو أي مشروع ويضم مجلس الضهر أكثر من 14 قرية؛
  • أغلب هذه المجالس ليس لديها مقرات فقد يجتمعون في جامع القرية. أو في إحدى المدارس او في أحد البيوت. وتعمل كل المجالس المقيمة عملها الفعلي كما أن المجالس عملها تطوعي بدون مقابل؛
  • يتميز مجلس كنصفرة بفعالية جيدة ولكن موارده قليلة وإمكانية عمله ضعيفه؛
  • تنعدم الموارد المادية لمعظم المجالس المحلية الغير معتمدة من قبل المستويات الإدارية الأعلى من خلال القوانين الإدارية حيث تلجأ هذه المجالس إلى إحدى الطرق الآتية لتأمين بعض الموارد:
    • كل ممثل عائلة يجمع بعض المبالغ من عائلته.
    • تحصيل مبالغ رمزية من الأهالي أثناء تسليمهم سلل الإغاثة.
    • تحصيل مبلغ 500 ل.س سنوياً من كل بيت.
    • أعضاء المجالس يدفعون من جيوبهم الشخصية.
    • قدم أهالي قرية كراتين أرض زراعية مساحتها كبيرة نسبياً لمجلسهم المحلي، بعد أن استعادوها عقب اندلاع الثورة من النظام، ويقوم المجلس المحلي بتأجيرها سنويا والاستفادة من أجارها لتخديم القرية.
  • استطاع مجلس كفرومة تنفيذ مشروع المخطط التنظيمي بالاعتماد على مخططات سابقة بكلف تزيد عن 350 ألف دولار وذلك بالاعتماد فقط على الجباية المحلية.

الأدوار

  • تقوم الكثير من المجالس المحلية بأدوار إغاثية فقط وليس لها مقرات دائمة ولا نشاط خدمي كحالة مجلس أرنبة ومجلس جبالا، ويوجد مجالس أخرى لها مقرات كمجلس معراته وبسقلا ولكن ليس لها مقر وتقوم بأدوار الإغاثة أيضاً، كما يقتصر عمل مجلس بلشون على الإغاثة ويتولى مسؤولية النظافة في القرية بتمويل من الهيئة العامة للخدمات التابعة للإنقاذ، وهناك أيضاً العديد من المجالس التي يقتصر دورها على الإغاثة مثل مجالس بسامس وجوزف التابع لإدارة الخدمات التي تتبع بدورها لحكومة الإنقاذ، ومجلس أورم الجوز؛
  • لا تملك الغالبية الساحقة من المجالس نظاماً داخلياً ولا موازنة ولا خطة عمل متكاملة؛
  • مجلس موزرة: لا يوجد له مقر ولا يوجد دوام للمجلس ويعين المجلس بالتوافق العائلي؛
  • مجلس عين لازور: له مقر ولكن لا دوام فيه، وهو عبارة عن لجنة إغاثة إضافة لبعض الأنشطة؛
  • مجلس معرة حرمة: قلة الدعم جعلت من المجلس شبه مشلول والقمامة تملأ شوارع البلدة بسبب عدم دفع الجباية، والبلدة لا تخضع للهيئة والجيش الحر فيها قوي؛
  • مجلس تجمع ركايا - نقير – سجنة: له نشاطات فقط مع بعض المنظمات وليس له نشاط مدني ودوره إغاثي فقط.
  • مجلس سفوهن ما يزال في بداية تشكيله، خبرة قليلة، له مقر ويداوم أعضاؤه فيه بصورة محدودة وهناك خلافات عائلية في البلدة تضعف من عمل المجلس، والمجلس لا يوجد له دخل فهو بحكم المجمد؛
  • أغلب المجالس إن لم تكن جميعها وغير المعتمدة من المستويات الإدارية الأعلى غير مدركة؟؟ لأدوارها وغير مستوعبة لعمل الادارة المحلية ولا تعرف شيء عن المرسوم/107/ ولا عن اللائحة التنفيذية ولا تعرف ما هو النظام الداخلي ولا ماذا تعني الخطة او الموازنة وبعضها لا يعرف ما المقصود بمجلس المحافظة.
  • يلاحظ عدم إدراك أغلب المجالس في المحافظة وخاصة غير المعتمدة من المستويات الإدارية الأعلى، لأدوارها ولا لطبيعة عمل الإدارة المحلية ولا القانون الإداري 107 واللائحة التنفيذية، كما أن الكثير منها ليس له نظام داخلي أو خطة عمل أو موازنة ولا يدرك أهمية وجود مجلس على مستوى المحافظة ولا طبيعة دوره.
  • يلاحظ أن أغلب المجالس غير المعتمدة تعاني من قلة حملة الشهادات الجامعية بين أعضائها؛
  • مجلس الضهر العام هو الوحيد الذي نظم ما يسمى وثيقة تفاهم بدلاً من النظام الداخلي تتضمن واجبات العضو
  •  وشروط عضوية المجلس وفصل العضو وحسب رئيس المجلس يتم التقيد بتطبيق وثيقة التفاهم بحذافيرها؛
  • مجلس الهبيط ضعيف ويقتصر دوره على العمل الإغاثي؛
  • إن أغلب المجالس غير المعتمدة ينحصر عملها بالإغاثة فقط؛

الانتخاب والتمثيل

  • مجلس تجمع ركايا - نقير – سجنة: فيه ممثل عن كل من القرى الثلاثة؛
  • تتوافق الكثير من المناطق على لجان انتخابية متوافقة مع عدد السكان لانتخاب مجالسها كما حدث سابقاً في كفرنبل وسراقب؛
  • مجلس بيلون في طور التشكل ولا يوجد فيه دوام، حيث يتابع أعضاؤه تنفيذ مهامهم من منازلهم، والذي يدير الوضع في البلدة عضو في مجلس شورى البلدة؛
  • ينعدم التمثيل النسائي في معظم المجالس الغير غير المشمولة بالقانون 1378، باستثناءات قليلة مثل حالة مجلسي الطليحة والضهر العام؛
  • معظم المجالس تم تعينها بتوافق الأهالي على أساس تمثيل العائلات، حيث تعتبر الخلفيات العائلية العامل الأهم في تشكيل المجالس وفي علاقتها مع الفصائل القائمة في منطقها، وقد تشكل أكثر من مجلس في منطقة واحدة في بعض الحالات بسبب الخلافات بين العائلات.
  • تدخل مجلس المحافظة لحل الكثير من القضايا الناجمة عن الخلاف على تشكيل المجالس بين العائلات كما في حالة بلدية سفوهن في ريف كفرنبل قرية دير الشرقي في ريف معرة النعمان الجنوبي.
  • الملاحظ أن بعض المجالس هي نفسها ورئيس المجلس نفس الشخص منذ 2013 وحتى اليوم؛
  • القنية بريف جسر الشغور بلدة مسيحية هجرت هيئة تحرير الشام أهلها قسراً من بيوتهم وأراضيهم ولم يتبق منهم إلا نسبة قليلة موجودة في البلدة تعاني من مضايقات، وقد أجري الاستبيان مع خوري كنيسة البلدة الذي يمثل من بقي من أهلها عملياً؛
  • الغسانية هي بلدة مسيحية أيضاً بريف جسر الشغور هجرت هيئة تحرير الشام أهلها قسراً بشكل كامل جزء خلال التحرير والجزء الآخر بنتيجة المضايقات، ويوجد في الجسر قرى مسيحية أخرى مثل اليعقوبية والجديدة وحلوز؛
  • اشتبرق بلدة علوية بريف جسر الشغور نزح أهلها إلى مناطق النظام بالكامل ولم يبق منها أحد وهي الآن منطقة تماس.

خلاصات وتوصيات

  • يتميز الواقع الإداري في محافظة إدلب بتعدد المرجعيات الإدارية وغياب هيكلية مؤسسية متعددة المستويات تضمن المزيد من عمليات الضبط والإشراف والمأسسة إضاقة إلى تشظي البنى المحلية، ولعل أبرز العوامل المؤثرة في ذلك شح الموارد المادية والبشرية وعدم وجود معايير لعمل منظمات المجتمع المدني وغياب الضبط الحكومي لتدفق الدعم من الجهات المانحة، فضلاً عن تحكم قوى الأمر الواقع بمعظم الموارد، ولعل أبرز ما يمكن التركيز عليه في هذا الصدد هو أهمية تعزيز مجلس المحافظة بالموارد والإمكانيات والسلطة، ليتمكن من حوكمة كل الفعاليات القائمة في المحافظة وضبطها؛
  • تتميز الحالة التمثيلية في المحافظة بأنها مبنية على التوافق وأنها متجددة في الغالب، إلا أن ثمة جوانب سلبية أخرى لذلك تتمثل في كون الكثير من التوافقات مبنية على تفاهمات عائلية أو فصائلية على حساب فئات أخرى مهمشة، وهنا تحقق عملية الانتخابات على المستويات الإدارية الدنيا حالة أكثر قبولية لتمثيل المجتمعات المحلية الصغرى وتأسيس مشروعية راسخة؛
  • تأسست نسبة كبيرة من مجالس المحافظة قبل السيطرة الكاملة للمعارضة محافظة إدلب ومعظم مجالس المحافظة مجالس فتية وتتميز بحد مقبول من الاستقلالية والقدرة على تجاوز إملاءات القوى العسكرية المسيطرة، وهو ما يؤهلها للعب دور أكبر في عملية الدفع السياسي واعلاء صوت المجتمعات المحلية، تمهيداً لخلق مرجعية وطنية تؤسس من الأدنى إلى الأعلى؛
  • لاتزال الكثير من المجالس المحلية بحاجة إلى تأهيل مؤسسي وبناء وعي حوكمي مفاهيمي وتطبيقي خصوصاً فيما يتعلق بأهمية القوننة والهيكلة والتراتبية الإدارية وأيضاً بما يتعلق بالتخطيط والإدارة المالية وإدارة فعاليات التنمية والحوار المجتمعي، وهو ما يدفع بإعادة النظر في خطط وبرامج تمكين المجالس المحلية بناءً على نتائج هذا التقرير؛
  • تشير؟ حالة تشظي البنى المحلية بشكل كبير في محافظة إدلب، إلى أهمية وضع خطة هيكلة إدارية خاصة بمحافظة إدلب تركز على وجود نقاط ارتكاز تمثلها الوحدات الإدارية الرئيسية في المحافظة إضافة إلى الوحدات الإدارية التي اكتسبت أهميتها خلال فترة الحرب، حيث يتم بناء نماذج متقدمة ومحوكمة على مستوى المحافظة تشمل أربع مدن رئيسية و 8 بلدت تتبع لها و16 بلدية تتبع لهذه البلدات؛
  • تتميز علاقة المجالس المحلية الفرعية في المحافظة بالمستويات الإدارية الأعلى بأنها أفضل نسبياً من العلاقة بمجلس المحافظة، وهو ما يحمل بداية مجلس المحافظة مسؤولية مراجعة سياسات مديرية المجالس الفرعية ودعمها بالشكل الكافي لتحظى بتعاون كافة المجالس الفرعية؛
  • تحظى الكثير من المجالس المحلية في محافظة إدلب بمشروعية التمثيل إلا أنها تفتقر إلى مشروعية الإنجاز وهو ما يتسبب بضعف ثقة المجتمعات المحلية بها تدريجياً وصولاً إلى إضعاف مشروعيتها بشكل كامل لصالح منظومات غير وطنية وبناءً على ذلك فإنه يتوجب دعم بناء نموذج حكم أو إدارة محلية راشدة في محافظة إدلب وتحجيم دور الجماعات المتشددة في الحكم والإدارة فقط من خلال دعم مأسسة المجالس المحلية ورفدها بالموارد التي تساعدها على المأسسة وتوفير الخدمة والتنمية؛
  • يلحظ التقرير محاولات تضييق وتهميش للأقليات والنازحين في المحافظة، وهو ما يحتم على مجلس المحافظة بداية والمجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني وضع خطة للترميم الاجتماعي تتركز على استعادة الهوية الاجتماعية في المحافظة من خلال الحرص على عودة المهجرين من أبناء الأقليات في المحافظة إليها بشروط من الأمن على أنفسهم وممتلكاتهم، وبتمكين المهجرين في البيئات الجديدة ومنحهم الفرصة الكافية للتعبير عن أنفسهم عبر المجالس القائمة أو من خلال هيئات مستقلة؛
  • لاتزال مشاركة المرأة في المجالس المحلية متواضعة، ويمكن عزو ذلك إضافة إلى الموروث الاجتماعي والعادات والتقاليد إلى أسباب أخرى متعلقة بعدم تمكينها أو انصرافها إلى أنشطة أخرى ضمن الفضاء العام أو الخاص، وتتحمل المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني كل حسب دوره مسؤولية كبيرة في بناء وعي المشاركة الفاعلة للمرأة في عمل المجلس المحلية في المستويات فوق الوظيفية أي بمستويات الإدارة والتمثيل؛
  • لابد من تمكين المجالس المحلية من أجل الإشراف على بناء وإدارة منظومات أمن محلي محوكمة من خلال التفاهم مع الفصائل غير المتشددة التي تأخذ طابعاً محلياً في الغالب.

([1]) بحسب تقديرات مجلس محافظة إدلب بناءاً على سؤال موجه لرئيس المجلس بتاريخ 25/10/2018، خلال استكمال عمليات مسح مجالس إدلب.

([2]) النازحون في إدلب.. بين مأساة الحاضر وهواجس المستقبل"، محمد العبد الله، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ11/10/2018، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/Zaqtzv

([3]) اعتمد القرار 1378 على القانون الإداري 107 المتضمن معايير تقسيم الوحدات الإدارية بحسب عدد السكان في كل منطقة، كما اعتمد على الإحصاء السكاني للمكتب المركزي للإحصاء التابع لحكومة النظام للعام 2004 وتعديلاته للعام 2011 وفق معدل النمو السكاني في سوريا.

 ([4]) يقصد بالشخصية الاعتبارية تمتع الوحدة الإدارية بالذمة المالية المستقلة والأهلية القانونية للقيام بالتصرفات القانونية المختلفة كإبرام العقود وحق التقاضي أمام القضاء وامكانية مقاضاتها من الغير، والموطن المستقل عن الأفراد المكونين لها، ووجود شخص يعبر عن إرادة هذه الوحدة ويتصرف باسمها ويمثلها، إضافة إلى تمتعها بالمسؤولية المدنية والإدارية الكاملة.

(5) الحكومة السورية المؤقتة ومنظمة التنمية المحلية، أطلس المعلومات الجغرافي، مرجع سابق.

([6]) تم احتساب انتظام الدورات تبعاً لمقارنة عمر المجلس بعدد الدورات المصرح عنها ومدة الدورة الواحدة في المقابلة حيث يتم اعتبار أن المجلس يجري دورات انتخابية منتظمة إذا كان عمر المجلس مساوياً عدد الدورات أو عددها ناقصاً 1، حيث يتم مراعاة تأخير اجراء الانتخابات لمدة سنة على الأكثر بسبب الأوضاع الأمنية.

([7]) بحسب جدول المجالس الفرعية التابعة لمجلس المحافظة والذي حصل عليه الباحث من مكتب شؤون المجالس الفرعية في محافظة إدلب.

([8]) يُتعارف في الكثير من مناطق محافظة إدلب على تسمية العوائل بالطوائف.

التصنيف تقارير خاصة
الإثنين تموز/يوليو 22
المُلخَّص التنفيذي: قسَّمت الدراسة مبناها المنهجي وسياقها المعلوماتي والتحليلي إلى فصول ثلاثة، مثّل الفصل الأول منها: مدخلاً ومراجعة لتاريخ القبائل والعشائر في الجغرافية السورية بشكل عام وفي محافظتي حلب وإدلب…
نُشرت في  الكتب 
الأربعاء آب/أغسطس 23
يأتي نشر هذا الكتاب في وقت عصيب على سورية، خاصة في أعقاب الكارثة الطبيعية التي حلت بالبلاد، إضافة إلى الزلازل السياسية التي شهدها الشعب السوري منذ بداية الثورة السورية عام…
نُشرت في  الكتب 
الخميس نيسان/أبريل 29
الملخص التنفيذي مع تراجع سُلطة الدولة المركزية لصالح صعود تشكيلات دون دولتية، منها ذات طابع قومي وديني؛ برزت نماذج مختلفة من أنماط الحكم المحلي في الجغرافية السورية، والتي تأثرت بالخارطة…
نُشرت في  الكتب 
يرى المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف، في تصريح صحفي لجريدة عنب…
الثلاثاء نيسان/أبريل 02
شارك الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية الأستاذ سامر الأحمد ضمن برنامج صباح سوريا الذي…
الأربعاء تشرين2/نوفمبر 29
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في فعاليات المنتدى الاقتصادي الخليجي…
الجمعة تشرين2/نوفمبر 24
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في رؤية تحليلية للحرب على…
الإثنين تشرين2/نوفمبر 20