تمهيد
بعد سقوط نظام الأسد، أصبحت الفرصة متاحة لتنفيذ عمليات تحقق أمنية دقيقة وشاملة تستهدف كافة الشركات التجارية، وذلك بالاعتماد على الوثائق الرسمية الصادرة عن وزارات الدولة، وتهدف هذه العمليات إلى الكشف عن أي شركات ترتبط بضباط نظام الأسد وغيرهم من منتهكي حقوق الإنسان، سواء كانت مسجلة بأسمائهم أو بأسماء ذويهم، إضافة إلى تتبع أصول هذه الشركات وتدفقاتها المالية، ومن ثم تجميد أصولها كخطوة ضرورية إلى حين البت في وضعها النهائي واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها، بما يضمن حماية الموارد وإعادة توجيهها لخدمة المصلحة العامة([1]).
لطالما أحاطت الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد ضباطها بسرية مشدّدة، إلا أن هذه السرية بدأت بالتلاشي مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، نتيجة الانشقاقات والتسريبات التي كشفت كثيراً من الوثائق والمعلومات. وقد مكّنت هذه المعطيات من تتبّع شبكات النظام الرسمية وغير الرسمية، وفهم طبيعة العلاقات بين ضباطه داخل المؤسسات وخارجها.
قبل سقوط النظام، تم جمع كمّ كبير من البيانات الموثوقة([2])، لا سيّما عن الضباط الخاضعين للعقوبات، وتبيّن أن عدداً كبيراً منهم يمتلكون شركات تنشط في مجالات متعددة، إمّا بشكل مباشر أو عبر أقاربهم، على الرغم من أن قانون الخدمة العسكرية السابق، الذي ينظم المسائل المتعلقة بخدمة العسكريين المتطوعين، يحظر عليهم بالذات أو بالواساطة، ممارسة أي نشاط تجاري. وهو ما يشير إلى أن بعض هذه الشركات قد تكون أُنشئت بتكليف رسمي، في إطار استغلال منظّم للسلطة لتحقيق مكاسب شخصية أو لخدمة النظام ذاته([3]).
تهدف هذه الورقة إلى وضع آلية للتعامل مع الأنشطة التجارية المرتبطة بضباط نظام الأسد وأفراد عائلاتهم، من خلال تحليل دوافع تأسيس هذه الأنشطة والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، إلى جانب تقديم تصور للإجراءات المستقبلية الواجب اتخاذها، بما في ذلك تجميد الأصول وإعادة توجيه الموارد نحو أولويات التنمية الوطنية. كما تتضمن الورقة نماذج توثيقية لعدد من الأنشطة التجارية التي ينخرط فيها أفراد من عائلات ضباط منتهكي حقوق الإنسان.
اللافت أن تأسيس هذه الشركات لم يكن مجرد استجابة لضائقة اقتصادية عابرة، بل جاء مدفوعاً بجملة من العوامل التي هدفت إلى تحقيق مصالح شخصية للضباط، وتأمين موارد مالية بديلة لدعم النظام في ظل تراجع موارده الرسمية والضغط عليه بسبب العقوبات. كما مثّلت هذه الشركات جزءاً من استراتيجية أوسع لضمان استمرارية السلطة، عبر الالتفاف على العقوبات وتحصين شبكات النفوذ الاقتصادي والأمني للنظام.
الأهداف الاقتصادية والاستراتيجية لتأسيس الشركات
لم تكن الشركات المرتبطة بضباط النظام مجرّد أدوات اقتصادية تقليدية، بل أدّت أدواراً متعدّدة جمعت بين تحقيق الربح، وتأمين الحماية، وخدمة المصالح الأمنية للنظام. ويتضح ذلك من خلال مجموعة من الأهداف، لعل أبرزها:
تبييض الأموال
لم يعد خافياً على أحد حجم الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها نظام الأسد عبر ضبّاطه وعناصره، ولم تقتصر هذه الانتهاكات على القتل والتعذيب الممنهج، بل امتدت لتشمل الابتزاز المالي وفرض الإتاوات، بما في ذلك ابتزاز ذوي المعتقلين. وقد شكّلت هذه الممارسات أحد أبرز مصادر التمويل لضبّاط النظام وعناصره على مدى عقود، وتشير التقديرات إلى أن الأموال الناتجة عن الابتزاز والإتاوات بلغت نحو مليار دولار على الأقل خلال الفترة ما بين 2011 و2020([4]).
وقد ساهمت هذه الشركات التجارية في تبييض الأموال بغطاء قانوني لصالح ضباط النظام، سواء كانت تلك الأموال ناتجة عن الابتزاز، أو عن عمليات الرشوة والفساد الإداري والمالي، و"تعفيش" المدن أو كما يسمى تعهد المناطق بعد تهجير أهلها منها. وشمل ذلك أيضاً الأموال القادمة من أنشطة التهريب داخل الحدود وخارجها، بالإضافة إلى تجارة المخدرات عموماً والكبتاغون خصوصاً، التي أصبحت من أبرز مصادر التمويل غير المشروع لنظام الأسد البائد.
الاحتكار وإقصاء المنافسين
ساهمت تلك الشركات في تعزيز الحالة الاحتكارية للصفقات والمناقصات المرتبطة بمؤسسات الدولة، حيث لعبت السطوة الأمنية دوراً محورياً في إرساء تلك الصفقات على الشركات المملوكة للضباط أو واجهاتهم التجارية. وقد تم ذلك من خلال إقصاء الشركات المنافسة الأخرى، مما أتاح لتلك الشركات جني أرباح هائلة على حساب موارد الدولة، وبصورة قانونية لا غبار عليها من الناحية الشكلية. كما أن غياب الشفافية المالية، سواء في الشركات أو في أجهزة الدولة، ساهم في صعوبة الوصول إلى بيانات دقيقة حول الصفقات المنفذة، مما حدّ من القدرة على تتبّعها أو مساءلة المتورطين فيها.
أبعاد أمنية للتخفي
إن لتأسيس بعض هذه الشركات أبعاداً أمنية تهدف إلى التخفي والعمل لصالح النظام. فقد كانت بعض الصفقات مع مؤسسات الدولة -ولا سيما الأمنية- تتطلب وجود شركات تلعب دور الواجهة، مع الحفاظ على مستوى عالٍ من الموثوقية الظاهرية لتلك الكيانات. وبهذا الشكل، لا يظهر الارتباط المباشر بين هذه الشركات والمؤسسات الأمنية، مما ساعدها على تفادي فرض العقوبات الغربية، مستفيدة من غياب المعرفة الدقيقة بهذا الارتباط لدى عدد من الدول.
فعلى سبيل المثال (انظر الملحق)، قامت كل من "سحر محمود" و"آية حسن" بتأسيس شركة باسم "شامكودرز"، تُعنى بتطوير البرمجيات واستيراد التقنيات([5])، وتعود ملكية الشركة فعلياً إلى زوجة وابنة اللواء "كمال حسن"، رئيس شعبة المخابرات العسكرية، الخاضع للعقوبات الأمريكية منذ سنوات. وقد استغل القائمون على الشركة هذه الهيكلية للالتفاف على الرقابة الدولية، ومواصلة أنشطتهم التجارية بعيداً عن الأضواء.
التمدد نحو المؤسسات الدولية والالتفاف على العقوبات
لم تقتصر أنشطة شركات الضباط على السوق المحلية، بل وسّعت نطاقها لتشمل التغلغل في المؤسسات الدولية والالتفاف على أنظمة العقوبات، من خلال واجهات تجارية وشبكات اقتصادية معقّدة يصعب تتبّعها. وقد عملت على:
التعاقد مع المنظمات الدولية
استفاد عدد كبير من هذه الشركات من عقود مشتريات الأمم المتحدة، حيث قامت بعض الوكالات الأممية بشراء مستلزمات أو دفع مقابل خدمات مقدّمة من قبل هذه الشركات، رغم معرفتها المسبقة بارتباطها بضباط أمنيين. وعلى مدار سنوات([6])، مارس هؤلاء الضباط ضغوطاً مبطّنة على وكالات وموظفي الأمم المتحدة، وصلت في بعض الحالات إلى التهديد المباشر، أو استغلال فساد بعض الموظفين، أو استثمار علاقاتهم الشخصية مع الضباط. ومن الأمثلة البارزة على ذلك، ابنة اللواء "حسام لوقا"، مدير إدارة المخابرات العامة في عهد نظام الأسد، والتي كانت تعمل موظفة لدى الأمم المتحدة في سورية ([7])، ما يعكس نمطاً واضحاً من النفوذ الأمني داخل المؤسسات الدولية.
كذلك، وبحسب قواعد بيانات مشتريات الأمم المتحدة، فقد تعاقدت المنظمة مع شركات مرتبطة بضباط من الأجهزة الأمنية برتب عالية (انظر الملحق)، مثل شركة "الدرجة الأولى" المملوكة لــ"نزهت المملوك"، الابن الأصغر للواء "علي المملوك"، المستشار الأمني لبشار الأسد ورئيس مكتب الأمن الوطني سابقاً. كما تضمنت العقود شركات مملوكة لابن العميد "خليل زغيبي"، الضابط في شعبة المخابرات العسكرية.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الأمم المتحدة لا تفصح دوماً عن أسماء جميع الشركات التي تتعاقد معها في سورية، حيث تُسجّل بعضها تحت تصنيف "موردون مجهولون"، وتشير الإحصائيات إلى أن هذه الفئة تمثل نحو 18.5% من إجمالي المشتريات([8])، ما يشكل ثغرة خطيرة في الشفافية ويزيد من احتمالية ارتباط هذه الشركات بموردين متهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
الاستفادة من مشاريع إعادة الإعمار وتفادي العقوبات
يُعد التهرّب من العقوبات الغربية السبب الأهم وراء تأسيس هذه الشركات، إذ كان الضباط يلجؤون إلى إنشاء شركات بأسماء أقارب أو أصدقاء لتعمل كواجهات تجارية، مما يصعّب ملاحقتهم قانونياً. هذا التكتيك زاد من تعقيد مهام الإدارة الجديدة والجهات الدولية التي كانت تسعى إلى فرض العقوبات عليهم، نظراً لصعوبة تتبّع التغييرات التي تطرأ على هذه الشركات أو إثبات ارتباطها بضباط معاقَبين أو بأفراد من عائلاتهم.
ولا تقتصر عمليات الإثراء غير المشروع على الشركات المسجّلة رسمياً باسم الضباط أو ذويهم، بل تشمل أيضاً شبكات من الواجهات التجارية التي تُدار تحت سطوة هؤلاء الضباط. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، الأعمال التجارية التي أدارها رجل الأعمال "خضر علي طاهر" (المعروف باسم "أبو علي خضر") لصالح ماهر وأسماء الأسد، والتي تمتد حتى بشار الأسد ومستشاره "يسار إبراهيم"، حيث يمتلك الأخير شبكة واسعة من الشركات التي تعمل على عدة مستويات متداخلة، بمساعدة أحد واجهاته التجارية المدعو "علي نجيب إبراهيم"([9]).لقد شكّلت هذه الشبكات الاقتصادية وسيلة رئيسية للنظام للالتفاف على العقوبات الدولية، ما أتاح للضباط والمسؤولين الاستمرار في تحقيق مكاسب مالية هائلة بطرق ملتوية وغير مشروعة. وقد سمحت هذه الاستراتيجية للنظام بتوسيع نطاق نفوذه الاقتصادي، وتأمين موارد مالية إضافية لدعم أركانه، مع تقليل تأثير العقوبات بفضل استخدام واجهات تجارية وشبكات معقّدة يصعب تتبّعها.
وفي حال لم يتم الكشف عن هذه الأنشطة التجارية، فإن هذه الشركات قد تسعى مستقبلاً إلى الاستفادة من مشاريع إعادة الإعمار في سورية، مستندة إلى صعوبة ربطها المباشر بضباط الأمن، الأمر الذي قد يتيح لها تحقيق أرباح ضخمة تعود بالنفع على مالكيها، الذين ساهموا في تدمير البلاد وبنيتها التحتية من خلال دعمهم للحل الأمني والعسكري منذ عام 2011.
آلية الكشف عن شركات وشبكات الضباط
في سياق التحولات السياسية التي تلت سقوط نظام الأسد، تبرز التحقيقات الاقتصادية والأمنية كأداة ضرورية لتفكيك البنية المالية المرتبطة بالضباط والشخصيات النافذة في النظام. لا تهدف هذه التحقيقات إلى المساءلة القانونية فقط، بل تسعى أيضاً إلى حماية الموارد العامة ومنع استمرار شبكات النهب والاستغلال الاقتصادي.
تنطلق هذه الآلية بتجميع بيانات الضباط من قواعد البيانات الرسمية، خاصة تلك المتوفرة في وزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية، حيث تُمثل هذه الجهات المصدر الأولي لأسماء الضباط وصفاتهم الوظيفية.
تنتقل العملية في المرحلة التالية إلى مقارنة هذه البيانات مع سجلات القيود المدنية (النفوس)، بهدف التعرف على الأفراد المرتبطين بالضباط من عائلاتهم، بما يشمل الأبناء والزوجات والإخوة. ويساعد ذلك في بناء قاعدة بيانات موحّدة تربط بين الضباط وأقاربهم، وتكون صالحة لاستخدامها في البحث عن الشركات التي يملكونها أو يتشاركون فيها بطرق مباشرة أو غير مباشرة.
بعد ذلك، تجري مطابقة الأسماء المستخرجة مع بيانات الشركات المسجلة في وزارة الاقتصاد (مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك) باعتبارها الجهة المسؤولة عن ترخيص الشركات بمطابقة هذه الأسماء مع قواعد البيانات الخاصة بها، ثم تقوم وزارة العدل باستخراج كافة الوكالات القانونية المتطابقة مع قاعدة البيانات. ويؤدي هذا التقاطع إلى كشف الشركات التي تعود ملكيتها للضباط أو عائلاتهم، والتي غالباً ما تمثل واجهات. وبمجرد حصر هذه الشركات، تُرسل قوائم مفصّلة بها إلى مصرف سورية المركزي، ليقوم بدوره بتجميد الحسابات المصرفية والأصول المرتبطة بها، كإجراء احترازي لحين انتهاء التحقق من نشاطاتها.
تشترك وزارتا المالية والاقتصاد في هذه العملية من خلال مراجعة النشاط المالي والضريبي للشركات المعنية، والتحقّق من وجود أي مخالفات أو ارتباطات مشبوهة. وفي حال ثبت ارتباط هذه الشركات بضباط من منتهكي حقوق الإنسان أو بأفراد من عائلاتهم، أو وجود وكالات قانونية تخوّلهم إدارة أو بيع الأصول، تُفعّل الإجراءات القانونية اللازمة لمصادرة هذه الأصول، وفق الآليات المعتمدة من قبل الدولة.
الصورة (1): آلية الكشف عن شركات ضباط نظام الأسد وأفراد عائلاتهم
يتطلب هذا العمل منظومة مؤسسية تتبنّى الآلية المقترحة، وتعمل بتكامل بين وزارات ومؤسسات الدولة المعنية، اعتماداً على البيانات المتوفرة في قواعدها الرسمية، بهدف إنشاء قاعدة بيانات موحّدة للشركات المسجّلة بأسماء الضباط، ومنتهكي حقوق الإنسان، وأفراد عائلاتهم. كما تقتضي هذه العملية توفير دعم تقني وتحليلي من مراكز بحثية متخصصة تملك خبرة في تتبّع شبكات المصالح والواجهات التجارية. وتبرز هنا أهمية التنسيق مع الهيئات الدولية لتسهيل الوصول إلى الأصول المحتجزة خارج البلاد، والتعامل مع الشركات العابرة للحدود التي تُستخدم للالتفاف على العقوبات. وتكمن أهمية هذه المنهجية في تعزيز مبادئ العدالة الانتقالية من خلال تفكيك جزء البنية الاقتصادية للمنظومة القمعية وضمان عدم إعادة إنتاجها في المستقبل.
الإجراءات المستقبلية لتحديد مصير شركات ضباط النظام
تتطلّب معالجة الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بضباط ومسؤولي النظام السابق نهجاً استراتيجياً شاملاً يهدف إلى تفكيك الشبكات التي ساهمت في استدامة النظام. فلا يمكن اعتبار الأنشطة التجارية المسجّلة بأسماء ذوي الضباط أو الشركات المرتبطة بهم، كيانات منفصلة عن بنية النظام، أو اعتبارها أنشطة "غير ذات صلة"، إذ إن هذه الأنشطة كانت تجري ضمن سياقات سياسية واقتصادية هدفت إلى تعزيز سيطرة النظام وتأمين موارده.
وبناءً على ذلك، وبعد التعرّف على هذه الشركات في المرحلة الأولى، يمكن الشروع في اتخاذ عدد من الإجراءات، من أبرزها:
تجميد الأصول والتحقيق في الشبكات الاقتصادية
تُعدّ الخطوة الأولى لمعالجة الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بضباط النظام هي تجميد الأصول المشبوهة المرتبطة بهم وبأفراد عائلاتهم. ويمكن تنفيذ هذه الخطوة بالتعاون والتنسيق مع الجهات الدولية، مثل الأمم المتحدة والمؤسسات المالية العالمية، لضمان شمول الأصول الموجودة داخل سورية وخارجها. ويُوصى بإنشاء وحدة قانونية واقتصادية متخصصة داخل الحكومة لإدارة هذا الملف وتجميد الأصول بفعالية.
مراجعة العقود والمشاريع السابقة
إن مراجعة العقود والمشاريع التي استفادت منها هذه الشركات -لا سيما المشاريع المرتبطة بالدولة أو بالمنظمات الدولية- أولوية لضمان وقف تمويل هذه الشبكات أو استفادتها من مشاريع التعافي وإعادة الإعمار في المرحلة المقبلة. ويُقترح أن تضطلع اللجنة المذكورة أعلاه بمهمة مراجعة العقود الحكومية والدولية المبرمة بعد عام 2011.
إدارة الأصول المجمدة
يفترض وضع خطة لإدارة الأصول المجمّدة بطريقة شفافة وعادلة، بما يضمن توظيفها في خدمة التنمية الوطنية. وتشمل الخيارات المتاحة: مصادرة الأصول وتحويل ملكيتها إلى الدولة لاستخدامها في مشاريع التنمية، أو إعادة الهيكلة من خلال تحويل الأصول إلى مشاريع إنتاجية تخدم المجتمع تحت إشراف الدولة، أو إعادة التوزيع وذلك عبر توجيه العائدات من بيع الأصول لدعم الخدمات العامة مثل التعليم والصحة، أو استخدامها في برامج جبر الضرر ضمن مسار العدالة الانتقالية.
التعاون الدولي
ينبغي على الحكومة التنسيق مع وكالات الأمم المتحدة والدول الداعمة للانتقال السياسي في سورية، لضمان شمول الأصول الموجودة خارج البلاد وتحديدها بدقة. وقد يشمل هذا التنسيق طلب المساعدة التقنية والقانونية لتتبّع الأصول المخفية وتجميدها. كما يُستحسن توسيع نطاق الجهود ليشمل التعاون مع المؤسسات المالية الدولية لتعقّب التدفقات المالية المرتبطة بالنظام السابق، وضمان عدم استخدامها في أي أنشطة مشبوهة.
نتائج ختامية
ينبغي أن تُدرج هذه الإجراءات ضمن إطار العدالة الانتقالية، التي تهدف إلى تحقيق العدالة ومنع إفلات مرتكبي الانتهاكات من العقاب، مع التركيز على تفكيك شبكات الفساد والاستغلال التي شكّلت إحدى ركائز النظام السابق. إذ يوفر المسار الانتقالي الغطاء القانوني والأخلاقي للتعامل مع هذه الشركات والمستفيدين منها، سواء عبر التحقيقات القضائية، أو من خلال آليات استرداد الأموال المنهوبة، أو من خلال سياسات اقتصادية تمنع إعادة إنتاج النفوذ المالي المرتبط بمنظومة القمع.
كما أن دمج هذه الجهود في مسار العدالة الانتقالية يضمن تحقيق الشفافية والمساءلة، مع صون حقوق جميع الأطراف ضمن الأطر القانونية العادلة. ويكمن الهدف النهائي لهذه العملية في ما هو أبعد من المحاسبة؛ إذ يشمل أيضاً حماية الموارد العامة وإعادة توجيهها نحو التنمية الوطنية، من خلال اعتماد منهجيات دقيقة قائمة على تحليل البيانات وتحقيقات شاملة، تتيح الكشف عن الشركات المرتبطة بالضباط والمسؤولين من منتهكي حقوق الإنسان في سورية.
ملحق:
وفيما يلي جدول يحتوي على نماذج الشركات المرتبطة بضباط الصف الأول في الأجهزة الأمنية والجيش وأفراد عائلاتهم:
نموذج عن إحدى الشركات المملوكة للواء غيث ديب وزوجته رانيا بولاد، وهي "شركة السنديان" ، تأسست كمعمل ورق بنهاية عام 2005. في ذلك الوقت، كانت قيمة الدولار حوالي 50 ليرة سورية، أي أن قيمة الشركة تتجاوز مليون دولار حين تأسيسها، في حين أن الراتب الشهري لغيث ديب وكان بحينها برتبة مقدم، لا يتجاوز 200 دولار بأحسن الأحوال.
([1]) "سورية تأمر بتجميد الحسابات المصرفية المرتبطة بنظام الأسد"، الجزيرة نت، تاريخ النشر: 23/01/2025، رابط إلكتروني: https://bit.ly/4hvv9Xg
([2]) برنامج سياسة العقوبات على سورية The Syria Sanctions Policy Program (SSPP) خلال عامي (2023 – 2024): هو مبادرة للمنتدى السوري كان هدفها تحسين فعالية العقوبات الغربية على نظام الأسد. تم تنفيذه بالتعاون -بين مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية ومركز عمران للدراسات الاستراتيجية. رابط إلكتروني: https://bit.ly/42pam3o
([3]) "المرسوم التشريعي رقم 18 لعام 2003، قانون الخدمة العسكرية"، مجلس الشعب، تاريخ النشر:21/04/2003، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3GyL0Cq
([4]) "الاحتيال والابتزاز المالي لأهالي المعتقلين والمختفين قسراً"، رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، تاريخ النشر: 16/11/2021، رابط إلكتروني: https://bit.ly/40NGufH
([5]) "شركة شام كودرز المحدودة المسؤولية، Shamcoders"، الجريدة الرسمية: العدد 24، الجزء 2 الصادر بتاريخ 22 حزيران/يونيو 2023. Syria Report، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3PS8317
([6]) "عقود مشتريات الأمم المتحدة في سورية: هل هي لـ مجموعة من الفاسدين"، مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية والبرنامج السوري للتطوير القانوني،
تاريخ النشر: تشرين الثاني/نوفمبر 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/4hroi0Q
([7]) ديانا رحيمة؛ "كيف يبتزّ النظام السوري الأممَ المتحدة لتوظيف أقارب مسؤوليه في مكاتبها؟"، العربي الجديد، تاريخ النشر: 10/03/2023، رابط إلكتروني: https://bit.ly/4hxclXO
([8]) "عقود مشتريات الأمم المتحدة في سورية: هل هي لـ مجموعة من الفاسدين"، مرجع سابق.
([9]) "حرفة سورية.. نظام الأسد يستخدم الشركات الوهمية للالتفاف على العقوبات"، تلفزيون سوريا، تاريخ النشر: 22/03/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3CnF0zA