- يعتمد النظام مقاربة محددة في إعادة إنتاج سُلطته المحلية ضمن المناطق التي استعاد السيطرة عليها مؤخراً، تستند إلى مزيج من الهياكل الرسميّة والشبكات غير الرسميّة. تتفاعل فيما بينها لتُنتِج نموذجاً إشكالياً للسُلطة والإدارة المحلية، تتمايز فيه الأدوار ومستويات النفوذ، وتنعكس آثاره على واقع المنطقة وسكانها ومستقبل نازحيها.
- تُظهر خارطة السُلطة المحلية، سيطرة واسعة للأجهزة الأمنية والميليشيات المرتبطة بها، كحوامل أساسية لنموذج السُلطة القائم. ترسّخت تلك السيطرة بشكل أكبر بعد انتقال قادة الميليشيات من الدور العسكري - الأمني إلى أدوار إدارية وسياسية جديدة ضمن مستويات السُلطة التشريعية والتنفيذية والحزبية.
- ضمن نموذج السُلطة المحلية القائم في المنطقة، يُمثّل حزب البعث حاملاً رئيساً للإدارة المحلية، خاصة إثر هيمنة أعضائه على هياكل الإدارة المحلية بمختلف مستوياتها في انتخابات أيلول 2022، والتي انتهت قبل أن تبدأ، بعد أن حلّت "التزكية" محلّ الآلية الانتخابية، وحَسَمَت نتائج 682 مقعداً من أصل 776، سيطر الحزب على غالبيتها، وبرز فيها أعضاؤه من قادة الميليشيات العسكرية على حساب البعثيين المدنيين.
- تقبع هياكل السُلطة التنفيذية ومؤسسات الجهاز البيروقراطي للدولة ضمن المستوى الثالث لهرم السُلطة المحلية، بسبب غياب الفاعلية والتأثير مقارنة بالأجهزة الأمنية والميليشيات والحزب، ليتحول دورها إلى واجهة لاستمرار "النموذج الرسمي للإدارة المحلية"، وغطاءً يقنن سُلطة الميليشيات ونفوذها على الأرض.
- رغم حاجة النظام إلى طبقة الوجهاء الاجتماعيين كوسطاء محليين مع المجتمع، إلا أن الدور الفاعل لهؤلاء الوجهاء يغيب ضمن النموذج الجديد للسُلطة المحلية في المنطقة، بسبب تغير خارطتهم، مقابل صعود وجهاء جدد من قادة الميليشيات والمقربين من النظام دون نفوذ اجتماعي حقيقي.
- أدّت سيطرة الميليشيات على النشاط الاقتصادي وتسخير السُلطة المحلية في خدمة وتمويل قادتها وعناصرها، إلى حرمان المنطقة من وجود آلية لإدارة اقتصادها وتحقيق تعافٍ مُبكِّر فيها، فضلاً عن تحويلها إلى مصدر تمويل للميليشيات عبر مصادرة الأراضي الزراعية للنازحين واستثمارها، مقابل تنظيم "تعفيش" وهدم منازلهم بهدف استخراج حديد التسليح، إضافة إلى التهريب والترفيق وإدارة المعابر وغيرها.
- وسط تراجع فاعلية المؤسسات الرسمية على مستوى الخدمات المقدمة للسكان المحليين، يعتمد أهالي المنطقة على الجهود الفردية والشعبية في تأمين خدمات بدائية لا توفر أدنى مقومات الحياة. كما يتولى قادة الميليشيات والوجهاء والتجار المرتبطين بهم، تقديم خدمات محدودة وترميم بعض المباني الحكومية، بهدف محاباة النظام وتحقيق مصالحهم في استغلال زراعة الأراضي، وتشجيع الانتساب لهذه الميليشيات.
- رغم الترويج الواسع لعودة النازحين وافتتاح مراكز "للتسوية" وتوظيف وسطاء محليين في العملية، إلا أن جُملة من المُتغيرات البنيوية في السُلطة المحلية للمنطقة ومكوناتها قد عرقلت عودة النازحين إلى ريف إدلب الجنوبي، تتمحور جميعها حول نموذج السُلطة المحلية القائم في المنطقة وآليات عمله.
لقراءة الورقة كاملة أضغط الرابط: