تأقلم "تنظيم الدولة" بعد عام 2019 مع المعطيات الجديدة لقدراته الذاتية وقوة خصومه، بالانتقال من مرحلة "التمكين"/السيطرة على الأرض والقيادة المركزية، إلى النشاط اللامركزي المعتمد على الخلايا والعمليات الخاطفة، والتي اختلفت مستوياتها وأنماطها ومعدَّلاتها بحسب المناطق والقوى المسيطرة عليها. وقد تزامنت العمليات، التي تبنّاها "التنظيم" رسمياً، مع أخرى مُلتَبِسة نُفِّذَت تحت اسمه دون تبنٍ منه، مُستَهدِفَة أفراداً ومجموعات (مدنية، عسكرية) عبر الخطف والقتل.
ورغم أن مختلف مناطق السيطرة شهدت، بنسب متفاوتة، وقوع هذا النوع من العمليات المُلتبِسة؛ إلا أن البادية السورية مثَّلَت المسرح الأبرز لها، فبين عامي 2019-2024 تصاعدت العمليات التي استهدفت مجموعات مدنية من العشائر العربية، خاصة في بادية حلب الجنوبية المتصلة ببادية حماة، إضافة إلى بادية حمص، وكذلك باديتي الرقة/الرصافة ودير الزور، وقد أدّى بعضها إلى مجازر جماعية راح ضحيتها المئات من أبناء العشائر في المنطقة، كـ (بني خالد، العمور، الدليم، البوشعبان، الحديديين، الجملان، العقيدات، وغيرهم)، إضافة إلى عمليات متفرِّقة استهدَفَت أفراداً ومجموعات من رعاة الأغنام وقطعانهم، وكذلك جامعي الكمأة، حتى بات موسم الكمأة في البادية موسماً للمجازر وعمليات القتل والخطف.
وقد زاد من غموض والتباس تلك العمليات عوامل عدة، على رأسها؛ تعدد قوى السيطرة والمليشيات ذات المصالح المتضاربة، ومن ضمنها خلايا ومجموعات "التنظيم" التي تتخذ بعض مواقع البادية أماكن للتخفي والانطلاق لتنفيذ عمليات خاطفة. مقابل وقوع أغلب تلك المجازر على شبكة الطرق الرئيسية التي تتحكم بها المليشيات أو ضمن النطاق الجغرافي لمصالحها الحيوية، خاصة مع وجود عدد من حقول الطاقة في المنطقة (نفط، غاز، فوسفات). إضافة إلى عدم تبني "تنظيم الدولة" لأغلب تلك العمليات، واختلاف طبيعتها عن التي يعلنها "التنظيم" رسمياً، لناحية أسلوب التنفيذ والجهة المُستَهدَفة. ناهيك عن اتهامات العشائر لأطراف أخرى بالضلوع في أغلب تلك المجازر تحت اسم "داعش"، وبخاصة المليشيات الإيرانية المنتشرة في المنطقة لأهداف وغايات عدة.
فيما يلي، خريطة توضِّح أبرز نقاط انتشار وتوزُّع قوى السيطرة في البادية السورية، إلى جانب شبكة الطرق الرئيسية، وأبرز حقول الطاقة، إضافة إلى أبرز المناطق التي شهدت نشاطاً لخلايا "التنظيم" أو مجازر وعمليات مُلتبِسة نُفِّذَت باسمه خلال عامي 2019-2024. للمزيد حول نشاط خلايا "تنظيم الدولة" في مختلف المناطق السورية، وطبيعة عملياتها المتبناة بشكل رسمي وتلك المُلتَبسة، راجع: دراسة صادرة عن مركز عمران، بعنوان؛ "تنظيم الدولة" في سورية ما بعد "التمكين".. مقاربة: حوامل النشاط وملامح البُنية ومستويات التوظيف.
لقراءة وتحميل الدراسة:
للاطلاع على الخريطة بدقة عالية:
للمزيد: https://bit.ly/48WyxWp
قدم الباحث في مركز عمران معن طلاع تصريحاً صحفياً ضمن تقرير نشرته صحيفة جسر الإلكترونية بعنوان: هل عاد “داعش” للحياة عبر الاغتيالات؟
رأى فيه الباحث إنه لا يمكن القفز إلى الاستنتاج بأن داعش يقف وراء عمليات الاغتيال تلك، وعندما نحلل مستويات الأرقام (من عمليات اغتيال وتفجيرات خلال شهري كانون الثاني وشباط الماضيين) نجد أن لا يمكن الحديث عن أي تحليل دون تحميل الجهات الأمنية المسؤولية الأولى عن حوادث القتل تلك. وطالما لا توجد نتائج لتحقيقات الاجهزة الأمنية، فإن الجزء الاكبر من المسؤولية يقع على عاتق تلك الأجهزة، التي يتوجب عليها تأمين الاستقرار الامني”.
مؤكداً الباحث أن “داعش” بعد الباغوز “أصبح يافطة أكثر من كونه جسم حقيقي، إذ بات غطاءاً للعديد من العمليات، جزء له علاقة بالعصابات، وجزء له علاقة بتصفية حسابات شخصية، وجزء مرتبط بدفع بعض الجهات السياسية، للقيام بعمليات أمنية تحت يافطة داعش”.
ووفقاً لرأيه فإن “الجزء الأكبر من عناصر داعش الذين خرجوا من المعتقلات، ليس لديهم ترابط تنظيمي، (مع عدم إغفال حالة الذئب المنفرد التي يستخدمها أشخاص ينتمون لداعش فكرًا ويقومون بعملياتهم)، لذا فإن هذه الحالة وغيرها ستشكل لما تبقى من داعش مناخاً جيداً لاعادة التفكير بمرحلة انتقالية ما، لا يمكن فهمها إلا بالنظر لواقع داعش عشية انهياره وما بعد الانهيار”.
للمزيد انقر رابط صحيفة الجسر: https://bit.ly/3cWYZme
شارك الدكتور سنان حتاحت، الزميل في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، في حلقة نقاش بعنوان: ما بعد سقوط "خلافة"داعش. كان هذا جزءاً من منتدى سياسات العمليات الخاصة في العاصمة واشنطن، الذي نظمته مؤسسة نيو أمريكا New America، في يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2019. هدف النقاش الذي دُعي له كبار قادة حكومة الولايات المتحدة، وأكاديميين بارزين، وخبراء سياسة الأمن القومي، حول كيفية مواجهة التهديدات غير التقليدية التي تواجه قوات العمليات الخاصة وكيف يجب على الجيش الأمريكي والحكومة الأمريكية الرد على هذه التهديدات.
تم تنظيم المنتدى من قبل نيو أمريكا New America، ومركز مستقبل الحرب ومعهد ماكين بجامعة ولاية أريزونا (ASU)، ومؤسسة SOF العالمية، ومعهد الدراسات الاستراتيجية التابع للكلية الحربية التابعة للجيش الأمريكي.