مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Displaying items by tag: مؤتمر سوتشي

توطئة

يركز هذا التقرير الذي يغطي مساحة زمنية تمتد لشهرين (تشرين الأول والثاني من عام 2017) على أهم القضايا المطروحة في الوسط الإعلامي والبحثي الروسي، والتي يمكن تقسيمها لعنوانين رئيسيين، الأول: التسويق الإعلامي لفكرة "نجاح روسيا" في إنهاء الصراع في سورية، وما تتطلبه من الدفع باتجاه تعزيز خطوات الحل وفق المخيال الروسي، وتم تناول هذا العنوان في هذا الوسط عبر استعراضهم لما أسموه "إنجازات حميميم"، ومن خلال "الاتهام السياسي" للمحاولات القانونية التي تثبت تورط، وتبيان الدلالات الكامنة وراء استدعاء الأسد وتوضيحات دفعه باتجاه الانخراط بالتسوية السياسية في سوتشي، بالإضافة إلى أنه تم التركيز على ما تبقى من مهددات لتخفيض التصعيد في سورية عبر استعراض هذا الوسط لتجاوزات و"عنصرية" قوات سورية الديمقراطية في دلالة على وضعها كهدف عسكري محتمل للنظام في حال لم تجدي المفاوضات التي تراعها حميميم بين الإدارة الذاتية والنظام.  وتتابع تلك الصحافة تحت هذا المحور في متابعة شؤون إعادة الإعمار في سورية عبر تأكيدها على محددات هذه العملية والمستنبطة من خطب وكلمات بوتين، معتبرة أن هذا الملف تحدياً حكومياً وغير مرتبط بالعملية السياسية، والبدء بتسويق نموذج غروزني كنموذج تدعي موسكو نجاعته.

أما العنوان الثاني فهو مرتبط بطبيعة العلاقات الأمريكية الروسية وحدود الاختلاف والتلاقي، إذ استحوذت القضايا والمتابعات الأمريكية الحيز الأكبر من مساحات العمل ضمن الفعاليات البحثية والإعلامية الروسية، وشكل تحليل السياسة الروسية الإقليمية والدولية الجزء الأوسع من الاهتمام الإعلامي والبحثي، تلك السياسة التي ترمي إلى تخفيف العقوبات الأمريكية والأوروبية وتذليل صعوبات الحسم في الأزمة الأوكرانية، وخلق مسارات بديلة تحسن التموضع الاقتصادي والسياسي الروسي، وفي هذا التقرير أيضاً تتابع الصحافة الروسية تحليل اللقاء الذي جمع ترامب وبوتين في قمة فيتنام وما تضمنته من "استفزازات"، وعرجت العديد من المواقع على ما اسمته تناقضات الإدارة الأمريكية و"أخطائها الكارثية" في دلالة واضحة على عدم توفر منصة التوافق البينية خاصة بعد أن امتدحت هذه الفعاليات وصول ترامب لسدة الحكم، كما أفردت بعض من هذا الصحافة لتسلط الضوء على الرؤية الروسية للنظام العالمي كما تراه إدارة بوتين التي استخدمت الملف السوري لتدعيم هذا التدليل.

تسوية روسية: خشية الورطة أم معطيات الانتصار 

يمكن تقسيم المتابعة الإعلامية والبحثية للشأن السوري خلال مدة الرصد إلى عدة مواضيع اتسمت بتوسيع دائرة الاهتمام في كافة أبعاد المشهد السوري ومآلاته المحتملة، والتي اتفقت معظمها على التدليل على طبيعة التوجه الروسي الذي بدأ بتكوين مسارات مخرجه السياسي من الملف السوري وفقاً لمقاربة قائمة على إعادة تعريف المرجعية الناظمة للعملية السياسية عبر الاستثمار للـ"الإنجازات" العسكرية، والتوظيف السياسي لمسار الأستانة من خلال إعلان مؤتمر سوتشي للحوار السوري.

"إنجازات" حميميم و"تلهف" لإعلان النصر السياسي

لا تزال النشرة الصادرة عن مركز حميميم تركز على ذات المفردات الواردة في التقارير الماضية، محاولة تصدير الإعمال المنجزة دون ذكر المعايير المتبعة في هذه النشرة، إذ يهدف القائمون عليها على تبيان فقط أن هناك "انخراط عملياتي مستمر"، وتكاد تكون معظم التقارير هي نسخ محدثة، انظر الجدول أدناه([1]):

وركز الوسط الإعلامي الروسي على المعارك الدائرة جنوب شرق مدينة دير الزور منوهاً إلى استطاعة قوات "تنظيم الدولة" إيقاف تقدم قوات النظام، وإلى طبيعة "المقاومة العنيفة" في منطقة السبخة في المدينة، كما تم تغطية هجوم الجيش الحر في محافظة حماه تدل اتجاهاته على أنه نحو المحردوة والسقيلبية والزلاقيات([3]).كما اهتمت الوسائل الإعلامية الروسية بالمشهد العسكري في سورية بعد إعادة السيطرة مدينة "البوكمال"، إذ ركزت على أن الحرب التقليدية للصراع السوري قد انتهت، إلا أنه "ستنشط الخلايا النائمة الكفيلة بعودة الحرب بزخم أقوى"، وفي هذا السياق تناول المحلل السياسي فلاديمير موخين مقالاً في صحيفة نيزافيسيمايا، أكد فيه أن تحرير البوكمال لا يعني انتهاء الحرب ولكن من الممكن القول ونتيجة لاستمرار الاشتباكات المتفرقة في أنحاء سورية مع تنظيم الدولة والمجموعات الأخرى أن عودة الحرب الأهلية قائمة وبزخم أقوى، وذلك لمجموعة من الأسباب  صنف أهمها بعدم بدأ عملية "سلام حقيقية" وعدم سحب موسكو لقواتها من سورية وأنه لا يوجد لدى المجتمع الدولي تصور واقعي لعملية السلام في سورية، كما أنه – وعلى لسان الخبير- تعد مناطق خفض التصعيد محدودة وفي معظمها غير فعالة، ولم ينسى الخبير أن يضيف إلى ذلك أن أهداف الدول الراعية بما فيها الولايات المتحدة الأميركية هي أهداف جيوسياسية متباينة وعلى خلاف مع موسكو ودمشق([4]).

إن الثابت الغائب عن حساب تلك الفعاليات هو الملف القانوني لنظام الأسد والذي اكتملت معظم أركان تثبيت الإدانة، لذا فقد تعاطت مع هذا الملف بنظرة سياسية مشككة، فحول تطورات الهجوم الكيميائي على خان شيخون ونتائج تقرير الأمم المتحدة الذي حدد مسؤولية الحكومة السورية عن الهجوم المنفذ في 4/4/2017 بغاز السارين، فيؤكد التعاطي الروسي الرسمي والإعلامي أن أدوات موسكو لدعم النظام ستبقى تشمل كافة الميادين لتغدو تلك الأدوات مثلثاً يصعب تفكيكه، فالتلازم بين الأدوات العسكرية والسياسية والدبلوماسية تلازم عضوي، ولا يخلف أي هوامش للمناورة الإقليمية والدولية، وقد شككت الصحف الروسية في صحة تلك المعلومات (متسقة مع الادعاء الروسي الرسمي في ذلك)، مشيرة إلى اعتراف الولايات المتحدة باستخدام تنظيم الدولة للأسلحة الكيميائية، في دلالة منها على احتمالية عدم قيام النظام بتلك الهجمات، وفي ذات السياق المدلل على نكران الاتهام وتمهيداً للوقوف ضد قرار أممي يحمل النظام المسؤولية، أوردت الصحف الروسية ما ذكره الكاتب سيمور هيرش الذي يشكك في مصداقية الاتهامات الأميركية، مبديةً مدى تطابقه مع النظرة الروسية([5]). ويذكر أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان قد حددت في تقرير خاص نشر على الموقع الشبكي للمنظمة مسؤولية "القوات الجوية السورية"عن استخدام الأسلحة الكيميائية في مدينة خان شيخون السورية إلى القوات الحكومية([6]). ولكن موسكو اعتبرت أن هذا التقرير يزور الحقائق([7]).

الثابت هنا أن الآلة العسكرية وإن حاولت أن تفرض شروطها على القضية، فإن العامل السياسي والاجتماعي سيبقى يفرض نفسه لتأجيج الصراع وعدم استقرار المنطقة، فأدوات المقاومة المحلية لاتزال متعددة ومتجددة، وطالما يتم التعاطي من مداخل أمنية إقليمية ودولية مع تغييب البعد الأمني والسياسي الوطني، فإن اهتزاز الاستقرار المزعوم هو السمة المتوقعة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن إعادة سيطرة النظام العسكرية على كامل الجغرافية السورية خاصة إذا ما قورنت بانسحاب تدعي موسكو بالقيام به، فإن هذه العودة أقرب لأن تكون حالة متخيلة وذلك لسببين رئيسين، الأول: اهتراء البنية العسكرية للنظام، والثاني مرتبط بالتواجد الإيراني الميليشياوي كونه أحد مصادر تأجيج الصراع ولا يتصالح وكذلك النظام( إلا مع الحلول الصفرية). وعليه يمكن الاستنتاج أن كل ما حاولت الآلة العسكرية من صياغته في المشهد العسكري واستثماراته في الميادين السياسية فإنه معرض للانتكاس وبالتالي استمرار فرضية التورط الروسي.

من جهة أخرى، منذ انتقال فعالية القوات الروسية شرق النهر وملامح المزاحمة والحرب الباردة مع الولايات المتحدة باتت أكثر وضوحاً، وتشكل قوات الحماية الشعبية (الكردية) أهم محطات المزاحمة، فمن جهة تريد موسكو تثبيت إطار عودتها السياسية لمظلة الأسد عبر "رعايتها" لمفاوضات ونقاشات مع النظام في حميميم، ومن جهة أخرى أساسية فهي تتعامل مع هذه القوات باعتبارها جسماً وظيفياً وورقة أمريكية تستوجب التعاطي معها "عسكرياً" عبر الانتقال إلى تصديرها "كقوة مارقة يستوجب أن تتعامل معها الحكومة بحزم"، فتحت  عنوان "السلطات السورية لها الحق في شن عمليات عسكرية ضد قوات الحماية الذاتية في شمال البلاد" أوردت الكاتبة انجيليكا ستانيلوفا مقالا في صحيفة بليت اكسبورت تحدثت فيه عن إشكالات هذه القوات مستعرضة عملياتها المتعلقة بالتعبئة القسرية بين المدنيين في الأراضي الواقعة تحت سيطرتها. والاعتقالات التي رافقتها([8]). كما تم التركيز على نقض خطاب حزب الاتحاد الديمقراطي وعدم أحقية مشروعهم السياسي إذ ذكرت: (إن الأكراد الذين كانوا يمثلون قبل الحرب 9% من السكان يسيطرون الآن على تلث الأراضي السورية عدا عن تواجد أميركي بالقواعد والمقاتلين الذين فاق عددهم 4 آلاف جندي وحوالي 70 منشأة عسكرية مختلفة، وأن غالبية السكان عرب وهم غير راضين عن سيطرة الأكراد على المناصب القيادية في هذه المناطق عدا عن مصادرة ممتلكات السكان العرب والطرد من المنازل والتطهير العرقي مما ينذر بحرب بين الأكراد والعرب في الشمال السوري).

وبذات السياق يعلق الجنرال الروسي يوري نيكاتشيف على ذلك: (أنه بعد القضاء على "المجموعات الإرهابية" لابد لموسكو التي آمن الجميع بما فيهم الخصوم بقدرتها من خلال تواجدها وسمعتها في سورية على قيادة خطة سلام بمشاركة جميع الأطراف الفاعلة). كما علق على ذلك الخبير والمحلل السياسي في معهد الدراسات العربية والإسلامية التابع لجامعة العلوم الروسية بوريس دولغوف بأن ذلك يتم بالتنسيق مع قوات التحالف، مضيفاً: "بلا شك أن ذلك سيؤدي إلى زيادة التوتر ووجود صراع جديد بين الجيش السوري والقوات الكردية  وأن تواجد القوات الكردية في المناطق العربية غير قانوني  ويثير موجة من الإستياء والاحتجاج بين السكان العرب عدا عن ذلك يعمد الأكراد إلى العناصر الكردية في الإدارة المحلية لهذه المناطق مما يزيد في فرص الصراع بين  القوات السورية والأكراد"، وفي الوقت نفسه، لم يستبعد الخبير احتدام الوضع في سورية ليكون وفقا للسيناريو العراقي، عندما حصل القتال بين الجيش العراقي ووحدات البشمركة الكردية من محافظة كركوك([9]).

ويجدر بالذكر هنا أن الصحافة الروسية قد غطت خبر الاتصال الهاتفي ما بين أردوغان وترامب والذي تم فيه طرح فكرة إيقاف المساعدات العسكرية للـ PYD والالتزام بالشراكة الاستراتيجية مع تركيا لتعزيز الاستقرار الإقليمي، وعلقت الصحيفة بأنه "هذا الغباء" كان من المفروض إيقافه منذ زمن وهذا إن دل على شيء فيدل عن فشل السياسة الأميركية([10]).

وفي مقابلة أجراها راديو سبوتنيك الروسي مع صالح مسلم الممثل السابق للحزب الديمقراطي الكردي وبحضور الهام أحمد تحدث فيه عن المصالح الروسية والأميركية في سورية ومعقبا" على تصريحات وليد المعلم حول إمكانية منح الأكراد الحكم الذاتي حيث قال: "إن المصالح الروسية في سورية واضحة أما المصالح الأميركية فهي غامضة وغير معروفة ، مضيفا" أن التدخل الروسي في سورية أحدث فارقاً كبيراً في ميزان القوى ، وأن لنا علاقات مع روسيا قبل التدخل الروسي في سورية ، ونأمل من روسيا أن تلعب دوراً أساسياً في حل القضية السورية بطريقة ديمقراطية ، كما أضاف بأن العلاقات الروسية الكردية تقوم على الاحترام المتبادل ، مشيداً بمحاولة روسيا إشراك ممثلين أكراد في محادثات جنيف، مذكراً  برؤية روسيا إن القضية السورية لا يمكن حلها دون إشراك الأكراد، ومطالباً بتحقيق ذلك على الواقع حيث لم يشارك لا من العرب ولا الأكراد الذين يسكنون شمال سورية في المحادثات التي تخص سورية، وتابع منتقداً تصريحات وليد المعلم بإمكانية منح الأكراد الحكم الذاتي موضحا" ذلك بأنه غير كاف والأفضل مناقشة الموضوع في ظل مشروع فيدرالية ديمقراطية حسب قوله، وأضاف أن الأقليات في سورية العلويون والآشوريون وغيرهم غير راغبون في إقامة دولة تستند على الشريعة الإسلامية وناشد روسيا متابعة الجهود لضم الأكراد لمحادثات جنيف وأستانا([11]).

" التسوية" السياسية و "شرعنة" سوتشي

لعل موسكو ماضية باتجاه تخفيض تكلفة تدخلها السياسي عبر الدفع قدماً باتجاه مؤتمر سوتشي واعتباره نقطة أساس لتسوية سياسية تنهي الأزمة في سورية، وربما المتغير هنا مرتبط بما أفرزه استدعاء الأسد الذي أجمعت وسائل الإعلام الروسية على أن أنه استدعاء مفاجئ، ويحتوي رسائل أبعد من شكر بوتين على المساعدة العسكرية التي قدمتها موسكو لدعم الأسد، وقد قامت المحطة التلفزيونية 1HD بإعداد برنامج لتناول هذا الاستدعاء ومدلولاته، وقد شمل هذا البرنامج الأفكار التالية([12]):

  1. وجهة النظر الروسية الرسمية: استمرار دعم موسكو لبشار الأسد على خلاف ما روجت له بعض وسائل الإعلام من أن موسكو ستتخلى عن الأسد لقاء مصالحها وأضافت بأن بوتين قام بإعلام رؤساء كل من السعودية والأردن ومصر وتركيا منوهة أن تركيا والسعودية وقطر قد عملوا لإسقاط الأسد إلا أنهم أعادوا النظر في مواقفهم بعد التدخل الروسي الإيجابي في سورية.
  2. وجهة النظر الإسرائيلية: عبر السفير الإسرائيلي في موسكو الذي أكد أن حضور بشار الأسد شخصياً إلى موسكو يعني أن الحل السياسي للأزمة السورية قد بدأ يأخذ المسار الجدي، وأضاف أنه لابد أثناء الزيارة من مناقشة مستقبل الأسد بالذات وإلى أي حد يمكن أن يشارك الأسد في العملية السلمية.
  3. وجهة النظر الروسية غير الرسمية، عبر مدير المعهد الألماني الروسي ألكسندر راب الذي قال على الرغم من رمزية الزيارة إلا أنها ستدخل دمشق بشكل جدي في "محادثات السلام" كما أنها الغت العزلة السياسية لبشار الأسد المفروضة عليه بسبب الحرب. أما مدير المعهد الروسي الأوروبي بيتر دوكيفيتش فقال إن زيارة الأسد لروسيا مهمة لبحث أمور جوهرية تتعلق بنظام الحكم الفيدرالي المتوقع ومستقبل الحكومة السورية وحدود هذه الدولة وإلى أي حد يمكن للأسد أن يتماشى مع هذه الطروحات ويعتقد الخبير فيما إذا تمت الإجابة على هذه الأسئلة فستكون الازمة السورية قابلة للحل.

تصدر موسكو طرحها السياسي المتمثل في سوتشي كنقطة أساس لحل الأزمة السورية من جهة، ومن جهة أخرى كعنوان لمشاورات موازية من شأنها هيكلة جديدة للشرق الأوسط، إذ تم عقد اجتماع لقادة روسيا وتركيا وإيران لمناقشة مستقبل سورية. وتم وصف القمة الثلاثية في سوتشي بمؤتمر يالطا التاريخي، ويشير محاورو صحيفة "غازيتا. رو" إلى أنه بالإضافة إلى القضايا السياسية، تم التطرق أيضا إلى العوامل العسكرية ووجود الأكراد في شرق سورية، وعمل مناطق التصعيد، وفى الوقت نفسه، ووفقاً لوسائل الإعلام الغربية فإن الاجتماع هو بمثابة "التكريم" لنشاط فلاديمير بوتين، وقد أشارت الصحيفة إلى عدم مشاركة الجانب الأميركي نظراً لموقفه المتشدد من إيران، إلا أنها أكدت على العمل المشترك لاستقرار الوضع في سورية بعد هزيمة تنظيم الدولة.

وفي هذا الصدد قالت ايلينا سوبولينا الباحثة في معهد الدراسات الاستراتيجية: "أن انعقاد المؤتمر ولقاء بوتين والأسد يعني انتهاء المرحلة الأساسية من الصراع في سورية"، وأضافت الباحثة بأن كل شيء يسير حتى الآن بشكل إيجابي ولكن هذا لا يعني أن الأمور ستسير بسهولة بدون مطبات أم منزلقات سواء على المسار السياسي والعسكري، ومن القضايا الشائكة – برأيها- هي تواجد الأكراد في الشمال السوري وهي قضية قد تحتاج لمفاوضات جديدة لحلها، كما أكد الخبير في شؤون الشرق الأوسط يوري مافاشيف على ضرورة استمرار التعاون التركي الروسي في مناطق خفض التصعيد لمنع تطور أي نشاط "إرهابي محتمل" ويعتقد أن هناك تنسيق روسي تركي لضبط الأوضاع على حدود إدلب وداخلها من قبلهما، وتابع الخبير قوله لا شك أن التفاهمات الممكنة من قبل موسكو وتركيا وطهران هي دائماً موضع شك "إذا لم تلاقي" موافقة من جانب النظام، ولم تقبل أميركا بشروط اللعبة([13]).

وحول العقبات التي تقف أمام الحل السياسي، فقد تحدث الباحث الروسي فلاديمير فيتين من مركز الدراسات الاستراتيجية حول الجهود الروسية لحل الازمة السورية والعقبات التي تقف في هذا الطريق، كمنطقة التصعيد في ادلب الموجودة تحت سيطرة جبهة تحرير الشام، ومصير الأسد غير المرغوب فيه من الدول الغربية وبعض الدول الرئيسية العربية، والمسألة الكردية مع عدم التغاضي عن مشاركتهم في القضاء على تنظيم الدولة، وتأمين المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة وإيصالها الى مستحقيها، ووضع القوات الأخرى المتواجدة على الأرض السورية([14]).

وفي سياق متصل بخيارات "التسوية" للصراع السوري كتب الخبير العسكري ميخائيل خودارينكو في صحيفة غازيتا الروسية حول خيارات تسوية القضية السورية متوقعا" النموذج الأفغاني للحل، من خلال دعم المعارضة وتزويدها بالسلاح والعتاد النوعي وحتى الدعم المباشر للوصول إلى هزيمة روسيا، وبالتالي سقوط نظام بشار الأسد وتشكيل حكومة موالية لواشنطن بالكامل، وتابع الخبير متحدثاً عن هذا السيناريو:" إن أميركا على ما يبدو قطعت الاتصالات الثنائية مع الجانب الروسي بخصوص سورية إذ لم يعد شيء يتم النقاش فيه ويمثل ذلك مأساة للشعب السوري، فهدف الولايات المتحدة الإطاحة ببشار الأسد وتفكيك نظامه ولن تتخلى عنه وستتحالف مع الشيطان في سبيل تحقيقه، وهذا ما ألمح إليه "ارنست" المتحدث باسم الخارجية الأميركية وتعرفه روسيا ذلك جيداً"، كما أن أحد "الأهداف الرئيسية لأميركا هزيمة روسيا في سورية والتي ستكون مقدمة لسقوط بشار الأسد وتشكيل حكومة في دمشق تسيطر عليها أميركا بالكامل".

وكمحاولة لترسيخ خطاب الحرب الباردة في سورية، أشارت الفعاليات الصحفية الروسية إلى تقليص التعاون الأميركي الروسي في سورية إلا في بعض الحالات كاتفاقية الطيران بهدف عدم الوصول إلى حوادث تؤدي لصدام مباشر والذي لا ترغب فيه كلا الدولتين النوويتين. أما عن الولايات المتحدة فتستطيع تحقيق أهدافها بطرق سياسية واقتصادية وعسكرية وقد تكون العقوبات الأميركية الاقتصادية على روسيا إحداها، وفيما يتعلق بالأدوات العسكرية فستسعى أميركا تحقيق ذلك من خلال طرف ثالث وهذا ما حصل إبان الحرب في أفغانستان، وحسب رأي الخبير فإن تسليح المعارضة السورية وتشكيلها وتوفير المساعدات المالية والعسكرية الكبيرة بما فيها مضادات الطيران والدروع والتي ستحد من نشاط الطيران الروسي والسوري وكذلك تحركات القوات البرية على الأرض. وقد أضاف الخبير أن انقطاع الاتصالات بي الدولتين سيستغله المتطرفين لشن هجمات على المصالح الروسية حتى في روسيا نفسها([15]).

إعادة الإعمار: نموذج غروزني 

مع "ترسيم" حدود ما يعرف باسم مناطق خفض التصعيد، تزايدت الدعوات الإقليمية والدولية لعدم ربط ملف إعادة الإعمار بالانتقال السياسي وذلك بحكم ظهور تغييرات في شكل وطبيعة الحل السياسي وتلاشي لحظة الانتقال لصالح تثبيت الاستقرار والتعافي، وبالإضافة إلى عدم جدوى تلك العملية مالم يكن لها إطار سياسي فإنه من الصعب جداً استعادة سورية دون مشاركة كاملة من المجتمع الدولي. ولكن من سيشارك في عملية إعادة الإعمار وما هي آليتها؟ وكيف تراه الفعاليات الإعلامية والبحثية الروسية التي تدرك تماماً أن هذه المهمة يصعب على حلفاء الأسد القيام بها؟

فقد قدر خبراء اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) حجم الأضرار في سورية منذ بدء الحرب ب 327.5 مليار دولار منها 227 مليار خسائر الاقتصاد السوري و100مليار اضرار مادية ووفقا للتقرير فإن اكبر القطاعات المتأثرة هو قطاع الإسكان حيث دمر 30%بما يعادل 30 بليون دولار وفي خدمات الماء والكهرباء وصناعة التعدين 9% والقطاع الزراعي 7%ولا تشمل هذه التقديرات الرقة ودير الزور بسبب استمرار العمليات العسكرية  بينما دعت أميركا  لتخصيص 3 مليار دولار لاستقرار الوضع في المناطق المحررة من تنظيم الدولة  و180 مليون دولار للمساعدات  150 مليون دولار لاستقرار الوضع في الرقة

تطرق بوتين إلى محددات عملية إعادة الإعمار في كثير من خطبه إذ يرى مثل هكذا ملفات هي تحديات حكومية وليست مرتبطة بالعملية السياسية محاولاً تنفيس الأبعاد السياسية والاجتماعية لهكذا عملية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تحاول موسكو أن تعمم نموذج الأستانة (كمسار أمني وعسكري) ليصل الى السياسة كما يطرح الروس عبر (مؤتمر سوتشي) وربطهما بملف الاقتصاد والتنمية وإعادة البناء في مؤتمر يكون امتداداً لتلك المسارات، فقد ربطت إدارة بوتين تلك العملية بأمرين([16]):

  1. التنسيق على مستوى السلطة التشريعية والتنفيذية لتحديد الأولويات.
  2. عقد مؤتمرات دولية لدعم هذه العملية كما في مؤتمر مالطا.

وكان قد حذر كل من وزيري الخارجية الأميركي والبريطاني نهاية العام الماضي من تحويل مدينة حلب الى غروزني مشيرا بذلك الى عاصمة الشيشان التي دمرها الروس أثناء اقتحامها واعتبرتها الأمم المتحدة مدينة منكوبة بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بها. بينما ردت روسيا مدينة غروزني اليوم هي "مدينة سلمية وحديثة ومزدهرة. وهي تشارك بقواتها في حفظ السلام في سورية في مناطق خفض التصعيد، كما تبرع الرئيس الشيشاني ب 4 مليون دولار لإعادة بناء المسجد الأموي في حلب بعد تحويله إلى منطقة عسكرية وتدمير مئذنته "، ومن ضمن "جهود" روسيا – كما تسوقه تلك الفعاليات-لإدراج إعادة الاعمار في سورية في جدول الأعمال في المحافل الدولية والإقليمية، يمكن ذكر الآتي:

  1. رسالة وزير الدفاع الروسي سيرجى شويغو إلى الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لسورية ستيفان دي مستورا، وحثه فيها على ارسال مساعدات الى سورية والمساهمة في "الانتعاش الإنساني".
  2. اعلان وزارة الدفاع أن موسكو تعتزم إرسال 4 آلاف طن من مواد البناء إلى سورية لاستعادة البنية التحتية في المناطق المحررة. وقالت الوزارة "إن الإدارة العسكرية الروسية تقوم حاليا بنقل مواد ومعدات البناء بالسكك الحديدية الى ميناء (نوفو روسيسك) حيث سيتم تسليمها الى سورية عن طريق البحر". وسيتم إرسال أكثر من 40 وحدة من معدات البناء الثقيلة، بما في ذلك الجرافات والحفارات والرافعات، فضلا عن 2،000 طن من الأنابيب المعدنية وغيرها من المواد إلى سورية لاستعادة إمدادات المياه والكهرباء والاتصالات. كما سيتم توفير مواد البناء لإعادة تأهيل المستشفيات والمدارس والمؤسسات العامة الأخرى.
  3. تضمين موسكو في اتفاقيات خفض التصعيد ادخال مواد البناء الى هذه المناطق وتسعى للسيطرة على طرق دير الزور دمشق وطريق حلب اللاذقية عن طريق تقديم الدعم للقوات المحيطة بهذين الطريقين وتسعى لدى السلطات الأردنية لفتح معبر نصيب حيث تنتظر عمان والجيش الحر وفاء دمشق بالتزاماتها المتمثلة بسحب القوات الإيرانية من الجنوب والقبول بالإدارة المحلية في هذه المناطق وكذلك فتح طريق حمص حماه بتضمينه ضمن اتفاق المصالحة، ووضعت موضع التنفيذ الطريق درعا-دمشق-بيروت.

أما عن الدور الإيراني فوضحت تلك الفعاليات أن طهران تسعى من جانبها إلى([17]):

  1. الحفاظ على توريد الغاز لمدينة حلب لتزويدها بالكهرباء.
  2. توقيع مذكرة تفاهم والمتضمنة بناء محطة طاقة بقدرة 540 ميغاواط في محافظة اللاذقية الساحلية.
  3. تشمل الاتفاقيات ترميم وتفعيل مركز التحكم الرئيسي للنظام الكهربائي السوري في دمشق. وتنص الإتفاقيات أيضا على استعادة محطة توليد كهرباء بقدرة 90 ميغاواط في دير الزور
  4. ستشارك الشركات الإيرانية في استعادة النظام الكهربائي في سورية.
  5. اهتمام إيران بتوسيع التعاون في بناء مرافق المياه والصرف الصحي في سورية.
  6. وقعت الحكومة الإيرانية والمنظمات القريبة من الحرس الثوري الإسلامي مذكرات اتفاقات (تسير ببطء) تتعلق بتشغيل شبكة اتصالات متنقلة بهدف تامين الاتصالات للقوات الموالية لها والتي تعمل مع النظام.
  7. قدمت طهران قروضا إلى دمشق بمبلغ 6،6 بليون دولار، منح بليون منها في بداية العام. وقد أنفق نصف هذا المبلغ على تمويل صادرات النفط الخام ومشتقاته.

وفيما يتعلق موقف الدول الغربية تابعت الصحف الروسية ذلك (مستفيدة من المعلومات المتواجدة) وذكرت أن الدول الأوروبية قد خلال سنوات الحرب مساعدات لسوري حوالي 12 مليار دولار الا أن الوضع الآن أصبح مختلفا ولا ترغب في الاستمرار تحت الضغط الروسي بينما ترى هذه الدول بأن المشاركة في إعادة الاعمار مرتبط ببدء عملية الانتقال السياسي وفقاً لتصريح غريت يايلي الممثل البريطاني في سورية وأنه تقديم المساعدة إلى سورية فقط عندما تبدأ عملية انتقالية شاملة حقيقية"، كما أن الاتحاد الأوروبي في نيسان الماضي أعلن عن جاهزيته لتقديم المساعدة على أساس القرار 2254 وإعلان جنيف. وعند البدء بعملية انتقال سياسي حقيقي وشامل وعندها فقط يمكن إعادة النظر في العقوبات المفروضة وتكثيف التعاون مع السلطات الانتقالية وتوفير الأموال اللازمة لدعم إعادة الإعمار كما ظهر هذا التصور في وثيقة لوزير الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي (فيدريكا موغيريني) حيث قال: يرتبط إعادة الإعمار في سورية مع بداية الانتقال السياسي([18]).

كما تطرقت صحيفة “ايزفستيا”، الروسية إلى مسألة إنعاش الاقتصاد السوري ومشكلة النازحين بعد انتهاء الحرب، حيث كتبت الصحيفة: "تعتقد موسكو أن الوقت قد حان لمناقشة مسألتي إعادة إعمار سورية وعودة ملايين النازحين إلى ديارهم"، وترى أن جنيف قد تكون أفضل ساحة لذلك، هذا ما صرّح به للصحيفة مصدر في الدوائر الدبلوماسية الروسيّة، ويقول المصدر بهذا الشأن: “لقد آن الأوان لمناقشة هاتين النقطتين في إطار مفاوضات جنيف إلى جانب المشكلات المتعلقة بمحاربة الإرهاب وتشكيل حكومة انتقالية وصياغة الدستور الجديد وإجراء الانتخابات، ويؤكد كبير الباحثين في مركز الدراسات العربية والإسلامية في معهد الاستشراف “بوريس دولغوف”، إن مسألة إعادة إعمار سورية مدرجة في جدول العمل داخل سورية منذ زمن بعيد. لأنها تأتي في المرتبة الثانية من ناحية الأهمية بعد مسألة وقف إطلاق النار، كما أن إلغاء واشنطن وبروكسل وبعض دول المنطقة للعقوبات المفروضة على سورية هو أمر مهم. إذ أنها "تضرّ بالناس البسطاء فقط([19]).

عموماً، الثابت في هذا الصدد أمران، الأول عدم قدرة موسكو على مواجهة هذا الملف سواء منفردة أو مع الحلفاء، لذا تدفع به لأن يكون جهداً دولياً وفق قواعد الحل الروسي، والأمر الثاني أن ملف إعادة الإعمار لا يزال ملفاً سياسياً خاضع للضغوط المشتركة بين المانح (الاتحاد الأوروبي) ومهندس الحل (روسيا الاتحادية).

"عطالة" ترامب و"عقيدة" بوتين

تستحوذ القضايا والمتابعات الأمريكية الحيز الأكبر من مساحات العمل ضمن الفعاليات البحثية والإعلامية الروسية، إذ ترمي السياسة الروسية الإقليمية والدولية بجزئها الأوسع  لتخفيف العقوبات الأمريكية والأوروبية وتذليل صعوبات الحسم في الأزمة الأوكرانية، وخلق مسارات بديلة تحسن التموضع الاقتصادي والسياسي الروسي، وفي هذا التقرير تتابع الصحافة الروسية هذا الاهتمام عبر تحليل اللقاء الذي جمع ترامب وبوتين في قمة فيتنام وما تضمنته من "استفزازات" على حد تعبير الصحافة، وعرجت العديد من المواقع على ما اسمته تناقضات الإدارة الأمريكية و"أخطائها الكارثية" في دلالة واضحة على عدم توفر منصة التوافق البينية بعد خاصة بعد أن امتدحت هذه الفعاليات وصول ترامب لسدة الحكم، كما تفرد جزء من هذا الصحافة لتسلط الضوء على الرؤية الروسية للنظام العالمي كما تراه إدارة بوتين التي استخدمت الملف السوري لتدعيم هذا التدليل.

سياسات أمريكا "الطائشة"

"لماذا الصمت الروسي على الوقاحة الأميركية؟" تحت هذا العنوان كتب لا تشيف سيرغي في صحيفة "تسارغراد"، وذكر أنه   على الرغم من الوقاحة الأميركية في إحباط اللقاء بين بوتين وترامب حسب تعبير الصحيفة فإن الرئيسين تبادلا تعابير المجاملة والمديح على عجل وتقول الصحيفة أن ترامب كان مضطرا" للرد وسط حاشيته ووجود رؤساء دول آخرين كما أن بوتين صرح بأنه تحدث مع بوتين بما يجب الحديث فيه بينما لاحظ الجميع أن اللقاء كان على عجل ولم يتعد المصافحة. ولكن بسكوف المتحدث باسم الكرملين وفي لقاء مع الصحفيين روى تفاصيل ما حدث بقوله: من المؤكد أن الاجتماع بين بوتين وترامب لم يتم بسبب عدم مرونة خدمة البروتوكول في الجانب الأميركي وتابع لقد حاولنا الاتفاق على اجتماع منفصل دون أن يقدم الجانب الأميركي اية خيارات بديلة.

ولكن اليكسي بوشكوف رئيس لجنة المعلومات الدبلوماسية كان أكثر صراحة حيث قال معروف في المفاهيم الديبلوماسية فإن الظروف الصعبة لعقد اجتماع تعني الاستعداد لإلغائه والإدارة الأميركية افشلت الاجتماع لأنها لا تريد أن يتم وهذا هو الواقع.

وتضيف الصحيفة أن المحادثات تمت "بطريقة بربرية" وأُحبطت بشكل فظيع، مما يؤكد رغبة البعض في الإدارة الأميركية بقيادة حرب ضد روسيا، واستغرب البعض غض بوتين الطرف عن هذه الوقاحة بحيث لم يبد أي ردة فعل إزاء "الإذلال الأميركي" وإنما صافح ترامب وأطرى عليه كما تمكن لافروف على الرغم من غضبه من التحدث مع نظيره الأميركي ([20]).

من جهة أخرى وفيما يرتبط بعقوبات أميركية جديدة ضد روسيا، ففي مؤتمر صحفي أعلنت المتحدثة باسم البيت الابيض عن جملة من العقوبات الأميركية الجديدة ضد روسيا، وقد علق الكسندر بوبايف رئيس برنامج روسيا في آسيا والمحيط الهادي في مركز كارينغي على ذلك، ومما جاء في هذا التعليق: "في العودة إلى قانون العقوبات المسمى قانون معاقبة أعداء روسيا بالعقوبات، وماذا فعل في الاقتصاد الروسي؟ فسوف نجد أن لا شيء تغير من بداية وحتى نهاية أيلول، فجميع حسابات البنوك الشخصية والعامة تسير كما كانت، ويفسر ذلك أن الجانب الروسي درس بعناية فائقة قانون العقوبات والتعليمات التنفيذية المتضمنة كيفية التنفيذ فلم يجدوا ما يستوجب القلق، لأنه لا توجد تعليمات واضحة عن كيفية التنفيذ ، ولدى التواصل مع المشرعين ومساعديهم الذين وضعوا المشروع وعن آلية تنفيذه أشاروا إلى عدم وضوح القانون وأساليب تنفيذه ، أما ما يجري وراء الأبواب المغلقة فإن القانون وضع بهذه الصيغة حرصاً على مصالح حلفاء الولايات المتحدة المتضررين من القانون، كما أنه صدر في ظل الفوضى المسيطرة على الكونغرس ومصيره كمصير كثير من المبادرات والمشاريع المقترحة، وتريث الإدارة الأميركية في كتابة المراسيم التنفيذية من أجل عدم إغضاب الكونغرس وبالتالي إحراج الحلفاء، وأن اتخاذ إجراءات قاسية ضد روسيا قد تلقى إجابة شديدة، لذلك على المسؤولين والمصرفيين الروس الانتظار طويلا" أو الذهاب لقضاء اجازاتهم وبمعنى آخر المراسيم قد لا تصدر نهائياً"([21]).

من جانبها موسكو، صرحت على لسان وزير المالية الروسي للصحفيين عن قدرة الميزانية الروسية في تسديد التزاماتها في حال تشديد العقوبات المفروضة، لأن لديها الموارد الداخلية اللازمة، وأضاف أن المستثمرين يتسائلون كيف ستتعامل روسيا مع توسيع العقوبات ولم يكن الموضوع مقلقاً للمستثمرين، كما أوضح أنه لم يناقش نظيره الأميركي في هذا الموضوع  ولا مع المستثمرين، لأن الموضوع غير مقلق لهم، ويرى وزير المالية أن تشديد العقوبات ستكون ضد الأميركان أنفسهم وضد المستثمرين اللذين يتعاملون مع الأوراق المالية الروسية بثقة ويحققون أرباح جراء ذلك لذلك يرى الكثيرون أن تشديد العقوبات هي بمثابة حرب على روسيا ([22]).

بالأساس تشكل "تقييمات الإدارة الأمريكية" الجانب الأكثر استحواذاً من اهتمامات الصحافة ومراكز البحث الروسي، ففي تعليقه على تصريحات ومخاوف رئيس لجنة العلاقات الدولية مجلس الشيوخ الاميركي الجمهوري حول "سياسات ترامب الطائشة" تجاه القضايا الدولية والتي قد تؤدي إلى صراع دولي خطير، أكد الخبير في معهد الدراسات الأوروبية الأطلسية كونستانتين بلوخين أنه يجب فهم ترامب نفسه فقد أطلق منذ فترة وما زال يطلق التصريحات ضد كوريا الشمالية ولكنه لم يفعل شيئاً، وحقيقة ترامب وفريقه أنهم يطلقون تصريحات متناقضة حول القضايا الآنية كالملف النووي الإيراني والقضية الكورية([23]).

كما أكد فلاديمير بروتر من معهد البحوث الانسانية والسياسية أنه لم يعد يخفى على أحد الأطوار الغريبة لدونالد ترامب وتصريحاته النارية فقد فاجأ الجمهور والعالم بتصريحه الأخير (الهدوء الذي يسبق العاصفة) في اجتماع لكبار المسؤولين وأسرهم، في إشارة لكارثة محتملة، وقد اجتمع بعدها مع كل من وزير الدفاع جيمس ماتيس ورئيس الأركان ومستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر، أعقبه تصريحات ضد كوريا الشمالية وإيران، وهنا يؤكد بلوخين أن القيادة الأميركية ارتكبت أربعة اخطاء وهي:

  1. مقارنة انتصارها السهل على الجيش العراقي في عاصفة الصحراء بإمكانية انتصارها على الصين.
  2. تحويل روسيا من حليف أيديولوجي في التسعينات أيام القطب الواحد إلى عدو من خلال خطوات معادية لروسيا منها توسيع حلف شمال الاطلسي على حساب دول الاتحاد السوفييتي السابق، وكذلك تقطيع أوصال يوغوسلافيا، ودعم الثورات الملونة في الاتحاد السوفييتي السابق.
  3. سوء تقدير الولايات المتحدة الاميركية فبدلا" من احتواء روسيا والصين تم الذهاب إلى العراق وأفغانستان، وإضاعة 6 تريليون دولار، والأجدى إنفاقها على زيادة قدرات الجيش الأميركي، وما زلوا عالقين في المستنقع الافغاني والعراقي.
  4. أي حراك عسكري ضد كوريا الشمالية لأن في ذلك تهديد خطير للأمن والسلام في العالم وكذلك تدمير للاقتصاد العالمي وهذه الحركة المحتملة بالتالي سيضع حدا" للهيمنة الاميركية على العالم.

وفي هذا السياق لا يعتقد الخبير القيام بعمل عسكري مباشر ضد إيران وإنما سيعمد ترامب إلى تحريض حلفائه في المنطقة كالسعودية وإسرائيل ويضغط على روسيا بالتخلي عن دعم إيران، ويتابع الخبير قوله بأن شعبيته قد انخفضت لحد 40% وقد يفكر بشيء ما قبل وصولها إلى النقطة الحرجة الذي أجبرت نيكسون على الاستقالة في عام 1974 حيث وصلت إلى 27% ولذلك سيشد ترامب الأنظار إليه كبطلاً وفائزاً. وقد يدخله ذلك في ورطة مع الصين وروسيا الداعمين الفعليين لكوريا الشمالية وإيران حيث يرى المحللون الأميركيون أنه بدونهما لما كانت إيران وكوريا، وبالتالي قد تكون العاصفة ضربة لهؤلاء، ومع ذلك فيصعب التنبؤ بما سيفعله ترامب لأن هو نفسه أحجية يصعب حلها على حد تعبير الخبير.

وفيما يتعلق بملف النووي الإيراني، يعتقد خبير المعهد الدولي للبحوث الانسانية والسياسية فلاديمير بورتيرا بأن قراراً بإلغاء الاتفاق النووي قد اتخذ في البيت الأبيض، أما بخصوص كوريا الشمالية فلطالما لم يفعل ترامب شيئاً حتى الآن، فإنه لن يفعل شيء بعد ذلك. أما ما هو رد فعل إيران على إلغاء الاتفاقية؟ فقد تكمن الإجابة -وفقاً للخبير على تصريحات ترامب، ولكن فإن "مراجعة الاتفاق النووي مع إيران غباء سياسي كبير جداً"([24]).

"طموح" بوتين لنظام عالمي جديد

تناولت مراكز الدراسات الروسية النظرة الروسية لمستقبل النظام العالمي والعلاقات الدولية من خلال كلمة الرئيس بوتين في ملتقى منتدى الأعمال الدولي (فالاداي) التي حددت أفق المستقبل ولعدة سنوات، واستعرضت مقارنة كلمته مع تلك التي ألقاها في مؤتمر ميونيخ للسياسات الأمنية في عام 2007. في الواقع هنا وهناك مواضيع مشتركة، عدا المشاعر المعادية للولايات المتحدة والمعادية للغرب، إلا أن هذه الأمور المشتركة تبحث عن وسائل للتغلب على أزمة النظام العالمي الحالي وبناء نموذج عالمي أكثر عدلاً، ومن الأفكار التي تبلورت خلال العشر السنوات الماضية عدم قبول عالم بقطب واحد لا بل استحالته، وتظهر ضرورة تحسين نظام الأمن الدولي بما فيها حق روسيا الثابت القيام بسياسة خارجية ومحلية مستقلة مع الحفاظ على الأمم المتحدة كمؤسسة تكفل التنمية السلمية والمستقرة في العالم. مع الحاجة الملحة لإصلاح المنظمة الدولية.

 كما عكست كلمة بوتين واقع الأزمات العالمية وخاصة بما يتعلق بالظلم وازدواجية المعايير في حل المشاكل الدولية وضرورة إيجاد مفهوم جديد لإدارة الأزمات الدولية من خلال إعطاء بعض المفاهيم معانيها الحقيقية كالعدالة والقيم الأخلاقية وكرامة الإنسان والعدالة التي استخدمت للهيمنة الجيوسياسية، كما أوضح بوتين أن الإحساس بالظلم يدفع الناس إلى التطرف ومن هنا يصبح الكفاح ضد الظلم والتطرف من أولويات المجتمع الدولي، لذلك تعتبر كلمة بوتين نداء لكل دولة لفعل ما يمكن فعله للقضاء على الفقر والظلم، ويرى بوتين أنه من أجل إيجاد نظام إدارة عالمي جديد يجب مشاركة دول العالم بأسره دون الاقتصار على مجموعات على أن تضم ممثلي القارات المختلفة بما فيها من التقاليد الأخلاقية والثقافية والنظم السياسة والاقتصادية المختلفة([25]).

وفي المقابل، كشف الرئيس منظار روسيا لمستقبل النظام العالمي ونظام الحكم العالمي. وبالتالي ينبغي للأمم المتحدة ومبادئها الأساسية أن تظل وتبقى مركز النظام الدولي، والمهمة العالمية هي تعزيز سلطة وفعالية المنظمة. وفي الوقت نفسه، تحتاج الأمم المتحدة إلى إصلاح، ولكنها يجب أن تسلك طريقا تطوريا وأن تحظى بدعم معظم البلدان. وأشار رئيس الدولة إلى حرمة حق النقض في مجلس الأمن كآلية لتجنب اشتباك مباشر بين أقوى القوى. كما ربط الرئيس آفاق التنمية المستدامة بالتقدم العلمي والتكنولوجي الذي يكتسب أهمية سياسية عالمية في العالم. وفي هذا الصدد، أشار فلاديمير بوتين إلى ترابط التغيرات في العلاقات الدولية مع التطور العلمي والتكنولوجي. ودعا المجتمع الدولي لمحاولة معا ليس فقط لتشكيل نظام عالمي مستقر، ولكن أيضا للرد على التحديات التكنولوجية والبيئية والمناخية والإنسانية التي تواجه البشرية. كما ذكر بوتين في خطابه بأنه في عالم اليوم، المكاسب الاستراتيجية مستحيلة على حساب الآخرين". وأعطى مثالا" يحتذى حل الأزمة السورية القائم على المدخل الروسي المتمثل باحترام الشركاء وآرائهم لا على أسس مدمرة كما ارتأت بعض البلدان، وبصفة عامة، افترض رئيس الدولة أن روسيا على استعداد على الصعيد العالمي للمشاركة في إنشاء بنية جديدة لإدارة العلوم والطبيعة والفضاء ودعا جميع الأطراف المهتمة إلى التعاون في هذا الشأن. وبالإضافة إلى تحديد "نقاط النمو" الرئيسية للتهيئة الدولية للمستقبل([26]).

 طرح بوتين أيضا عدداً من المبادرات السياسية الملموسة. وعلى سبيل المثال، تقوم كتلة الشعوب السورية (كما أطلق عليها ولاقت استياء من الشعب السوري حيث اعتبرها البعض مقدمات للتقسيم) بإجراء تسوية ما بعد الصراع في البلاد. أو حول آفاق نزع السلاح النووي، التي دعا إليها الرئيس الروسي، ولكن في المستقبل البعيد، بربطها بتطوير تكنولوجيات جديدة للأسلحة غير النووية. ويعتبر وفقاً للصحافة الروسية أن هذا الخطاب هو نداء للساسة الغربيين بأن موسكو ماضية في جهودها لإقامة نظام عالمي جديد.

عموماً ومما لا شك فيه فإن شخصية وعقيدة بوتين هي المحور الرئيس لصياغة السياسات والطموحات العامة الروسية، فقد استطاع إحياء الطموح السوفياتي بحلة جديدة ويواجه كافة الصعوبات التي تعترض هذا الطموح بأدوات مصرة على حركته باتجاه المركز في النظام العالمي، ومما يؤكد ترسخ هذه العقيدة عند المواطنين الروس فقد أجرى خبراء  مختبر البحوث السياسية القادمة استطلاعاً لطلاب الجامعات حول الانتخابات الرئاسية المقبلة وشملت 6000طالب من 109 معهد وجامعة فكانت من مختلف الشرائح الدارسة منهم من يدرس على نفقة الدولة 73% وآخرين على نفقتهم الخاصة 27% والبعض بنظام المنح 32%وآخرون ممن يجمعون بين العمل والدراسة 20%وكانت نتائج الاستطلاع كما يلي : (47.1% لصالح بوتين؛ 5.8% جيرنوفسكي  وزير الدفاع سيرغي شويغ؛ 4.8% ورئيس الوزراء ميدفيدف؛ 2.4%  رئيس الحزب الشيوعي الروسي غينادي زوغانوف؛ 2.1% وأقل نتيجة حصل عليها رئيس حزب روسيا العادلة؛ 0.8% ورئيس حزب يابلاكا، اضف إلى ذلك فان 15.4% لم يعطوا اجابات محددة و12% لن يذهبوا إلى الانتخابات، واشار نائب رئيس المركز روتيسلاف توروفسكي إلى ثقة الطلاب بشخصية بوتين وثقته بنفسه وحبه لوطنه ويؤيدون سياسته الخارجية ولكن يبدون اهتماما اكثر في السياسة الداخلية وضرورة حل مشاكل البلاد الداخلية وعدم اهتمامهم بالمعارضة([27]).

الخاتمة

الثابت في هذا التقرير أن ادعاءات النصر الروسي في سورية تتناسى أن الآلة العسكرية وإن حاولت أن تفرض شروطها على القضية فإن العامل السياسي والاجتماعي سيبقى عاملاً أساس لتأجيج الصراع وعدم استقرار المنطقة، فأدوات المقاومة المحلية لاتزال متعددة ومتجددة، وطالما يتم التعاطي من مداخل أمنية إقليمية ودولية مع تغييب البعد الأمني والسياسي الوطني، فإن اهتزاز الاستقرار المزعوم هو السمة المتوقعة، هذا من جهة، من جهة أخرى فإن إعادة سيطرة النظام العسكرية على كامل الجغرافية السورية خاصة إذا ما قورنت بانسحاب تدعي موسكو بالقيام به، فإن هذه العودة أقرب لأن تكون حالة متخيلة وذلك لسببين رئيسين الأول اهتراء البنية العسكرية للنظام، والثاني مرتبط بالتواجد الإيراني الميليشياوي كونه أحد مصادر تأجيج الصراع ولا يتصالح وكذلك النظام( إلا مع الحلول الصفرية). وعليه يمكن الاستنتاج أن كل ما حاولت الآلة العسكرية من صياغته في المشهد العسكري واستثماراته في الميادين السياسية فإنه معرض للانتكاس وبالتالي استمرار فرضية التورط الروسي. وحتى فيما يتعلق بملف إعادة الإعمار فإنه عدم قدرة موسكو على مواجهة هذا الملف سواء منفردة أو مع الحلفاء، تفرض نفسها على السلوك الدبلوماسي الروسي، لذا تدفع به لأن يكون جهداً دولياً وفق قواعد الحل الروسي، محاولة تصدير كملف وتحديات حكومية ما دون السياسي إلا أنه لا يزال ملفاً سياسياً خاضع للضغوط المشتركة بين المانح (الاتحاد الأوروبي) ومهندس الحل (روسيا الاتحادية).

ورغم محاولة موسكو تصدير نموذج تدخلها في سورية "كحالة نجاح" في وجه تخبط الإدارة الامريكية التي تصفها الصحف والمراكز البحثية الروسية "بالطائشة"، أو كنموذج يعكس طبيعة السياسة الإقليمية والدولية لإدارة بوتين وفهمها للنظام العالمي، إلا أن هذه المحاولة وإن بدت في المرحلة الراهنة "واقعية"، إلا أنها دلالة على محاولة استثمار فقط وأن أي اتفاق سينتج سيوف لن يختلف عن معظم اتفاقات وتسويات المنطقة، وأن الحالة السياسية والعسكرية فيما بعد الاتفاق ستبقى هشة وغير مستدامة.


([1]) تقرير مركز المصالحة في حميميم تاريخ 26.10.2017، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/fx2gcR

([2]) تم تصفية 31 قياديا" من داعش كما أصيب الجولاني بجروح بالغة على حد تعبير مركز حميميم.

([3]) بقلم سيرغي جوكوف معارك ضارية في دير الزور ولم تتمكن القوات الحكومية من اختراق تحصينات التنظيم بالإضافة لهجوم جديد للجيش الحر في محافظة حماه، صحيفة نيو الفورم 27.10.2017، https://goo.gl/uojX1K     

([4]) فلاديمير موخين: "في سوريا تنشط الخلايا النائمة وقد تعود الحرب الاهلية بزخم أقوى"، صحيفة نيزافيسيمايا، تاريخ10/11/2017، الرابط https://goo.gl/4v9jHp

([5])  ميخائيل اوشاستوف:" ماذا وراء اتهام دمشق؟"، صحيفة لينتا. رو، تاريخ 4/7/2017، الرابط: https://goo.gl/Fy7bDJ

([6])  "استخدمت القوات الجوية السورية السارين في خان شيخون، مما أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصا"، معظمهم من النساء والأطفال. كما أصابت الضربة الجوية المؤسسات الطبية القريبة. وأدى هذا إلى انخفاض خطير في قدرتها على تقديم المساعدة لضحايا الهجوم الكيميائي، مما أدى إلى زيادة في عدد الضحايا المدنيين

([7])  اتهام الامم المتحدة دمشق بالهجوم الكيماوي في خان شيخون، صحيفة لينتا. رو، تاريخ 6/9/2017، الرابط: https://goo.gl/8sw9fu

([8]) انجيليكا ستانيلوفا: "السلطات السورية لها الحق في شن عمليات عسكرية ضد قوات الحماية الذاتية"، صحيفة بليت اكسبورت، تاريخ 10/11/2017، الرابط: https://goo.gl/bMnGXm

([9]) فلاديمير موخين: " مشكلة الشمال السوري الذي تسيطر عليه القوات الكردية بدعم أميركي"، صحيفة تنزافيسسمايا، تاريخ 10/11/2017، الرابط: https://goo.gl/vVQxra

([10])  بولينا دوخانوفا:"إيقاف المساعدات العسكرية للpyd"، روسيا اليوم، تاريخ 25/11/2017، الرابط: https://goo.gl/CtfErd

([11]) مقابلة راديو سبوتنيك مع صالح مسلم بحضور الهام أحمد، بتاريخ 13/10/2017، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/bxP29b

 ([12]) تقرير محطة تلفزيونية 1HDروسية حول زيارة الأسد، تاريخ 21/11/2017، الرابط: https://goo.gl/7ZtFyL  

([13]اماليا زاتاري:" مصير سوريا يحدد في سوتشي وفيها تبدأ مشاورات حول هيكلية جديدة للشرق الأوسط " صحيفة غازيتا 22/11/2017، الرابط: https://goo.gl/et6B1J

([14]) فلاديمير فيتين:" عقبات امام الحل السياسي"، مركز الدراسات الاستراتيجية 23/11/2017، الرابط: https://riss.ru/events/45663/

([15])  المرجع نفسه

([16])  ايليا غاتيكويف:" إعادة إعمار سوريا والدور الروسي"، صحيفة ايزفستيا، 25/10/2017، الرابط: https://goo.gl/qJaTvN

([17]) المرجع نفسه.

([18]) وقف الدول الغربية من إعادة الاعمار في سوريا، موقع انسومي .رو نقلاً عن الشرق الأوسط، 19/9/2017، الرابط:  https://goo.gl/vTuC4n

([19]) إنعاش الاقتصاد السوري ومشكلة النازحين بعد انتهاء الحرب، موقع الحقائق السورية 11/6/2017، الرابط: https://goo.gl/nxTZj1

([20])  لا تشيف سيرغي: "لماذا الصمت الروسي على الوقاحة الأميركية؟" صحيفة "تسارغراد، تاريخ: 14/11/2017، الرابط: https://goo.gl/MAEdbr

([21])   إلكسندر روبايف:" بعقوبات اميركية جديدة ضد روسيا"، مركز كارينغي 6/10/2017، الرابط: https://goo.gl/t2eV4J

([22]) تقريرالكسي داننيتشيف، روسيا اليوم وكالة الانباء الوطنية 14/10/2017 ، الرابط: https://goo.gl/cQetN9   

([23])  كونستانتين بلوخين:" سياسات ترامب الطائشة"، سفابودنيا بيرس/ 11/10/2017، الرابط: https://goo.gl/BBH89f

([24])  للمزيد انظر تعليق كونستانتين بلوخين من معهد الدراسات الاوربية الأطلسية، وفلاديمير بروتر من معهد البحوث، الانسانية والسياسية، سفابودنيا بريس 9/10/2017 https://goo.gl/Mf2jp2

([25])  تامارا كوزينكوفا  و يفغيني بيريوكوف: " النظرة الروسية لمستقبل النظام العالمي والعلاقات الدولية"، معهد الدراسات الاستراتيجية، 23/10/2017 ، الرابط: https://goo.gl/tRvtuY

([26]) المرجع نفسه.

([27])  انغلينا غالانينا :" جيل بوتين يحدد موقفه في الانتخابات الرئاسية القادمة "،صحيفة ايزفيستيا 13 /10/2017 ، https://goo.gl/kJd1QW

التصنيف تقارير خاصة

ينتقل الحراك (الدبلوماسي – السياسي) الروسي للاستثمار السياسي لمسار الأستانة الذي فرض مجموعة من العناصر الجديدة على المعادلة السورية والتي تشكل مناطق خفض التصعيد -وفق مقاربات ما دون سياسية -العنصر الأكثر بروزاً. إذ يعول الروس على تغيير ملامح المرجعية الناظمة للعملية السياسية، وذلك عبر تصدير "رعايتها السياسية" لعدة خطوات سياسية خارج إطار مسار جنيف "كالدستور والحوار الوطني والإصلاحات الحكومية"، وقد شكل مؤتمر "سوتشي" الذي دعت له وزارة الخارجية "جميع الأطراف السورية" نقطة انطلاق لعملية الاستثمار تلك. وعلى الرغم من ظهور مؤشرات تدلل على احتمالية تأجيله أو عدم عقده بالأساس، إلا أن ذلك لا ينفي أهمية تفكيك الإطار العام لهذه المقاربات، وهذا ما سيعمل تقدير الموقف هذا على تحليله ومناقشة تعاطي الفعاليات الروسي حياله وتبين مآلاته  في ظل خارطة السياسات الإقليمية والدولية، ثم العمل على تصدير ملامح المقاربة الوطنية الأكثر ملائمة للتعاطي مع تلك الهندسة الروسية.

تسويقٌ روسي

تباينت أراء الفعاليات الإعلامية والبحثية الروسية حول جهودات موسكو الأخيرة في الملف السوري (كمناقشة الدستور ومؤتمر الحوار السوري في سوتشي). فقد رددت وسوقت الصحف الروسية الرسمية تصريحات المسؤولون الروس المعنيون بالملف السوري والتي عكست بمجموعها عناصر الخطاب الروسي والذي يستند على الادعاءات التالية([1]):

  1. ضرورة نقاش مشروعي الدستور وتشكيل "حكومة وحدة وطنية"؛ كخطوتي تثمير للجهد والانتصار العسكري -السياسي الروسي.
  2. تسليط الضوء على مؤتمر" الحوار السوري" كمنتج هام لآخر مراحل "الحرب" السورية ونقطة تحول في تفكير الأطراف الصلبة واقتناعها بضرورة الحل.
  3. "تقهقهر" الولايات المتحدة الأمريكية في سورية وعدم جدوى تدخلها، مقابل ما أحدثه التدخل الروسي من "إنجازات هامة".

إلا أنه وفي الأونة الأخيرة ظهرت ملامح التشكيك بجدوى المؤتمر في بعض الفعاليات البحثية الروسية، مركزة على عدة عناصر من شأنها عدم إنضاج المناخ السياسي العام بما يتفق مع الرؤية الروسية، وهي([2]):

  1. وجود معارضة تركية لانفتاح موسكو على حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني والذي تبلور بدعوته لمؤتمر "سوتشي".
  2. تعويم فواعل جديدة تعمل في كنف "الحكومة السورية" ولا يعارضونها؛ في ظل رفض المعارضة "الصلبة" الانخراط في أي فعالية عائمة.
  3. عدم القدرة على مناقشة الدستور وفق المسار الروسي؛ خاصة أنه عندما يتعلق الأمر بالأطراف السورية التي لا تنجز أي خطوات بناء ثقة (كدخول المساعدة وإخراج المعتقلين وفك الحصار)؛
  4. ارتباط أهداف المبادرات الروسية بسعيها لإنقاذ الأسد؛ أكثر من ارتباطها بنجاح المحادثات وإنجاز اتفاق سياسي.

وفي ذات الإطار المتخوف من ادعاء سلاسة التشكيل الروسي لأطر الحل السياسي في سورية، توقعت صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا بتاريخ 4\11 \2017 ظهور مفاجئات وعراقيل أمريكية تحد من عمليات التشكل تلك وذلك بعد استناد تلك الصحيفة على الأنباء التي تتحدث عن فوج من القبعات الخضر الأمريكية([3])، والذي يستطيع (وفقاً للصحيفة) قلب الأحداث رأساً على عقب ويمكن أن يحدث "مفاجئات غير سارة" للغاية([4]).

كما عبر ممثلي وزارة الدفاع عن وجهة نظرهم في هذا الخصوص حيث حصروا مهمة القوات الروسية في سورية في "محاربة الإرهاب" وأن الحكومة الروسية غير معنية بمصير بشار الأسد الذي يحدده الشعب السوري لذلك كان سعي الوزارة لإقامة هذا الحوار داخل المجتمع السوري([5]).

الجدير بالذكر في هذا السياق، بدء ظهور مؤشرات أولية نوعية ضمن الرأي العام الروسي، فقد نشرت صحيفة "سفابودنيا بريسا" بتاريخ 1/11/2017 استطلاعاً للرأي العام حول موقف المواطنين الروس من "الحرب في سورية"، نفذه مركز "نيفادا" للدراسات، وتوصل إلى أن 49% يطالبون بوقف هذه الحرب و30% يرون بضرورة استمرارها والباقي لم يبد رأيه، وهذا –وفقاً للصحيفة- "فإن الشعب الروسي في بداية الحرب اندفع وراء صواريخ الكاليبر وهي تضرب معاقل الإرهابيين أما الآن وبعد إطالة أمد الحرب فقد انخفضت المصلحة العامة بها، عدا أن أهداف الحرب لم تعد واضحة"([6]).

تعكس تلك المواقف الروسية المحلية ملامح "انزياح أولي" في القراءة الروسية غير الرسمية لطبيعة الملف السوري وتعقيداته وفواعله، خاصة بعدما تكشف تأخر استراتيجية الخروج والانزلاق في معادلات المنطقة والإقليم الذي تعصفه مجموعة من المتغيرات والتطورات الحدية والتي تجعل كل منتجات هذا التدخل منتجات قلقة تفتقد عناصر الاستدامة للبناء عليها سياسياً، كما تعكس تباينات الرؤى التكتيكية بين مؤسستي الدفاع والخارجية الروسية اختلاف تقدير الجدوى السياسية، إذ ترى الأولى ضرورة أن تكون "حميميم" كإدارة وجغرافية هي المحرك الأساس للخطوات السياسية، بينما يحكم وزارة الخارجية محددات عدة من بينها هواجس "الضامنين" السياسية وإنجاز تلك الخطوات يغض النظر عن الجغرافية، ولعل هذا ما يفسر انتقال مقر مؤتمر الحوار السوري من "حميميم" في سورية إلى "سوتشي" الروسية.

عناصر مضطربة

الثابت في سياق التدخل الروسي أن موسكو لا تنفك عن الدفع السياسي باتجاه بلورة مسارات سياسية "تجد طريقاً لتضمينها في حركية العملية السياسية" وتخفف من تكلفة تدخلها وتسهل من استراتيجية الخروج، إلا أن مخرج هذا الدفع لا يزال منسجماً مع فكرة تثبيت نظام الحكم واجراء تغييرات واصلاحات شكلية ومن داخله، وبالتالي العمل وفق مبدأ خطوة بخطوة ومراعاة العوامل التالية:

  • عدم تبلور ملامح التسوية الكبرى مع الولايات المتحدة التي تبدو "غير مهتمة بالملف السوري بمعناه السياسي؛ وبالتالي لا يخرج الدفع الروسي هنا عن أنه ملء للفراغات الناشئة، وجذب للفاعل الأمريكي إلى تسوية تتحكم موسكو بأغلب مفاصلها؛
  • إدراك موسكو لثابتين يتعلقان بالنظام، الأول: عدم قابلية تحمل بنيته لأي تغيير حقيقي؛ والثاني عدم نجاعة تزمين خفض التوتر من زاوية عدم قدرة النظام على الحفاظ على المكتسبات العسكرية، وبالتالي العمل على أولوية الاستعجال في الخطوات السياسية اللازمة وانجازها شكلاً على الأقل؛
  • ضرورة أن يتوافق المخرج السياسي مع الهواجس الإيرانية بحكم العلاقة الوظيفية التي تضبط علاقات موسكو بطهران في سورية لا سيما فيما يرتبط بالشق الميداني، وبذات الوقت ينبغي له أن يحتوي عنصر جذب لأنقرة تجاه موسكو التي لا تزال تتطلع لعلاقات أمثل مع الولايات المتحدة.
  • بقاء فكرة "توحيد المعارضة" تفرض نفسها على الفواعل الإقليمية، لا سيما تلك غير المتفقة مع التوجه والسياسة الروسية، واستمرار العمل على تخفيف وزنها السياسي والتفاوضي من قبل موسكو لصالح تضمين هذه المعارضة لكل حزب وتجمع ناشئ في سورية؛ لكي يبقى السقف السياسي هشاً وغير محدد بأطر صلبة.

وعلى الرغم من رفض المعارضة في الأستانة لمشروع الدستور الذي طرحته موسكو بالجولة الأولى من الأستانة، ورفضها أيضاً للذهاب إلى مؤتمر سوتشي للحوار السوري، إلا أن هذا الرفض يتطلب أيضاً انسجاماً مع مواقف الدول الداعمة، وهو ما لا يتعارض رسمياً مع الجهودات الروسية وبالتالي فإن توافر عنصر "الضمانات" سيكون سيد الموقف في توقع سيناريو ومآلات هذا المؤتمر؛ فأنقرة الضامن الرئيس للمعارضة في المناطق الشمالية التي تحكمها محددات خاصة بأمنها القومي وبات مدخلها الرئيسي لرسم سياساتها، لا ترى ضيراً من مشاركة المعارضة باستثناء حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) الذي تعده تركيا امتداداً لحزب العمال الكردستاني المصنف وفق اللوائح التركية كحزب إرهابي، وهذا ما تنتظر أنقرة من موسكو كضمان لعدم حضور هذا الحزب، أنقرة التي لا تزال تدفع باتجاه تحسين علاقتها مع موسكو كمعادل موضوعي لأي تدهور محتمل في العلاقة مع واشنطن، ولعل أحد أهم أسباب إزالة خبر المؤتمر هي لأسباب تتعلق بإعادة دراسة قائمة التكتلات والأحزاب السياسية الكردية المدعوة، إلا أنها تنتظر ضمانات أكثر وضوحاً وحسماً لهذه النقطة.

من جهتها المملكة العربية السعودية الداعم الرئيسي للهيئة العليا للمفاوضات فقد تفاعلت بإيجابية مع نتائج مؤتمر فينيا (30/11/ 2015) والذي حاول الروس والأمريكان الاتفاق على ملامح تحسين الحركة السياسية عبر عدة نقط لعل أبرزها دفع الرياض لتيسير وتسهيل تشكيل وفد معارض موحد للمفاوضات، إلا أن سياق الحركية الروسية اللاحقة وتعميق تناغهما مع القوى التابعة لإيران في سورية وسعيها لتضمين الوفد الموحد عدة منصات "معارضة" إشكالية، ساهم في زيادة هواجس المملكة في عدم لحظ جهوداتها وهواجسها السياسية، وهذا ما يتعزز في هذه الأثناء عبر الحديث عن تحضيرات لمؤتمر الرياض 2، ويضاف إلى ذلك طبيعة المدعون لمؤتمر سوتشي لا سيما أولئك الذين تم دعوتهم من مناطق سيطرة النظام والتي تدين بمعظمها بالولاء السياسي لطهران، وهو ما لا ينسجم مع توجهات الحركة السعودية  المتصاعدة باتجاه إلى تكثيف أدوات فاعليتها في صد وتحجيم نفوذ ايران.

يشكل أعلاه ملامح التعثر لمؤتمر سوتشي وانتقاله ليكون عنواناً لخطوة روسية ستبقى متوقعة، إلا أنها باتت مرتبطة حالياً بمرحلة تفاوضات مع الأطراف الإقليمية المعنية، ومتعلقة بمدى مقاومة المجتمع الدولي لهذه الخطوة الروسية التي ستسحب تدريجياً مرجعية جنيف، هذا المجتمع الذي وإن تماهى بحكم التدخل العسكري مع المخرجات الروسية، إلا أنه يدرك أن الأمر بنهايته رهين التقارب الروسي الأمريكي، وهذا ما لم تتعزز مؤشراته العابرة للشروط الأمنية السورية المحلياتية بعد.

فرصةٌ تنتظر

مع تنامي واقعي "التغيير العسكري وتخفيض التصعيد" و" سيولة العملية التفاوضية"، فقدت المؤسسات الرسمية المعارضة السورية للعديد من أدوات تحسين التموضع كاحتكار التمثيل السياسي والفاعلية العسكرية، وباتت معظم خياراتها ذات اتجاه وحيد ويتمثل في الانخراط في أي فعالية سياسية و"التماهي" مع كافة المبادرات وفق منطق ملء الشواغر والمناورة على الهوامش، إلا أن تباعد سياسات وفدي المعارضة في (الأستانة وجنيف) جعل أي إمكانية لتثمير سياسي ما يعتريه العديد من العوامل الموضوعية المعيقة لتحويل هذا التثمير إلى معطى سياسي ذو أثر.

ومع اعلان الدعوة الروسية لمؤتمر سوتشي الذي وضع المعارضة السورية أمام تحدٍ بالغ الصعوبة، تنامى وبشكل واضح الزخم الشعبي والثوري الرافض لهكذا مسارات، وهو ما دفع المجال العام للدفع باتجاه محورين، الأول استثمار هذا الزخم لمناهضة مؤتمر "سوتشي"، والثاني: تدارس المحاولة الوطنية لتحويل ردات الفعل لفرص العودة والبناء الاستراتيجي.

وانطلاقاً من ذلك وفي ظل "الانزياح" الاقليمي والدولي باتجاه عدم معارضة الروس، والعمل على التوافق مع سياساتهم وفق مبدأ الحلول الجزئية وما دون السياسية، وفي ظل ما كرسته الجغرافية العسكرية من لجم مؤقت للصراع العسكري، فإن المطلوب وطنياً أمران، الأول: تكتيكي؛ ويتعلق بكافة الأدوات التي تظهر "اللاوزن السياسي والاجتماعي" لكافة المدعوون الذين قبلوا وأكدوا الحضور، أما الثاني فهو استراتيجي؛ ويعتمد على تحويل هذا الكمون الشعبي الثوري لفرصة يتبلور من خلالها تفاعل سياسي واجتماعي جديد، تفاعل لا يلغي الأجسام الراهنة بقدر ما يأطر سلوكها ويكسبها كافة عناصر الديمومة السياسية والفاعلية الوطنية، وذلك عبر العمل على أربعة مسارات:

  1. صياغة تلك القوى الشعبية والثورية لوثيقة مرجعية (محددات ناظمة لعمل القوى السياسية والعسكرية والمدنية)؛
  2. إعادة بناء الشرعية التمثيلية؛ وفق آلية من القاعدة لرأس الهرم، وفي كافة المجالات الإدارية والسياسية والعسكرية؛
  3. إعادة بناء الهياكل الرسمية؛ بما يجعلها رافضة لتكريس أي عطالة، وقادرة على تنفيذ السياسات والاستراتيجيات العامة؛
  4. تطوير الوظائف السياسية والاجتماعية والحقوقية والإعلامية، وزيادة التشابك ما بين منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية...إلخ.

وكخاتمة، يمكن القول أنه وعلى الرغم من تزايد مؤشرات عرقلة عملية التشكل الروسي للخطوات السياسية المستثمرة لمسار الأستانة كمسار للتفاهمات الأمنية وضبط الجغرافية العسكرية، سواء تلك المؤشرات المرتبطة بعنصر "الاستعجال" أو المتعلقة بتغليف أولوية تثبيت الأستانة بخطوات ما دون سياسية، أو حتى تلك التي تنتظر مؤشرات طمأنة للفواعل الإقليمية والدولية، ناهيك عن عدم وضوح الموقف الأمريكي وجملة المتغيرات متوقعة الظهور في المنطقة، فإن فرصة ضبط ثنائية "البنية والوظيفة" لمؤسسات المعارضة الرسمية لن تنتظر كثيراً وهو ما ينذر – في حال عدم استغلالها – بالعديدات من التداعيات والانتكاسات.


([1]) كرئيس الوفد الروسي في أستانا "ألكسندر لافرتييف" المتعلقة حول مشاركة المعارضة حيث قال:" إن وافقت المعارضة فمرحب بها وان لم توافق فلن ينتظرها أحد في المؤتمر" في دلالة على رسالة روسية مفادها المضي أماماً بخصوص عقد هذا "الحوار"، وتصريحات لافروف في مؤتمره الصحفي في 3/11/2017 بأن هذا المؤتمر "المحاولة الأولى لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 والمتضمن مساعدة الشعب السوري في إقامة حوار متعدد الأطراف".

([2]) كتصريحات الخبير والمحلل الروسي رئيس قسم الصراعات في الشرق الأوسط ومدير المجلس الروسي للشؤون الدولية ومدير معهد التنمية المبتكرة أنطون مادراسوف، للمزيد انظر أماليا زاتاي: " حوار بالإكراه يجمع السوريين في سوتشي "، صحيفة غازيتا الروسية تاريخ 4/11/2017، ترجمة وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/TBUzWu

([3])  في مؤتمر صحفي لرئيس العمليات الخاصة ضد الإرهاب في سوريا والعراق الجنرال جيمس جيرارد أن عديد القوات الأميركية في سورية 4000 مقاتل وقد انتشرت هذه الأنباء بسرعة وسط المحللين والإعلاميين، إذ أن المعروف رسميا" أن عدد القوات الأميركية هو 503 مقاتل. وفي توضيح لذلك تحدث الناطق باسم البنتاغون لصحيفة ميليتاري تايمز أن الجنرال قد أخطأ قليلا والعدد هو حوالي ال 4000 مقاتل وهم من القوات الخاصة الأميركية،

وبالمقارنة، فإن تعداد الفوج 75 وحدات خاصة يقارب 3.6 ألف مقاتل وللذكرى فإن لهذا الفوج أدوارا" متميزة في تاريخه فهو الذي تواجد في غرينادا عام 1983، وهو الذي غير الحكومة البنمية وأخذ 2000 أسيرا عدا عن 18000 قطعة سلاح مختلف وفي سجله عملية فاشلة في مقديشو، ويؤكد الروس أن فوجا" كاملاً من الوحدات الخاصة يعمل في سورية، وهذا يؤكد وجود القبعات الخضراء وليس مجرد عناصر حراسة وهي قوات من المارينز وأخصائيين من مختلف صنوف القوات الأميركية الجوية والبحرية منوهين إلى هذا الفوج هو من قام بقتل أسامة بن لادن.

([4])  فلاديمير شيرباكوف: " الولايات المتحدة تلقي في سوريا فوج وحدات خاصة وسوريا وموسكو تتوقع مفاجئات"، نيزافسيمايا غازيتا  4/11/2017 ، ترجمة وحدة المعلومات في مركز عمرا للدراسات الاستراتيجية  https://goo.gl/GgzBuq

([5]) أماليا زاتاي: " حوار بالإكراه يجمع السوريين في سوتشي "، مرجع سابق.

([6]) انتون تشابلين:" أميركا ستغادر سوريا خاسرة وروسيا تعد خطتها لتغيير النظام" صحيفة سفابودنايا بريسا، تاريخ 1/11/2017، ترجمة وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/qbkymq

 

التصنيف تقدير الموقف