مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Displaying items by tag: اللامركزية الإدارية

ترتبط قناعة الكثير من المجالس المحلية بمركزية دورها في مجتمعاتها إلى حد كبير بموقف الناس من المجالس المحلية والدور المركزي والفريد الذي تلعبه كون أن خياراتهم تجاه الاحتياجات التي تلبيها الإدارات المحلية أو مايوازيها من هيئات مدنية مرتبطة بالبنى العسكرية هي خيارات ضيقة ولا يمكن لمنظمات المجتمع المدني ولا الهيئات المجتمعية الأخرى أن تحل محلها، ولا يمكن حتى للبنى الإدارية التابعة للنظام أن تقوم مقامها. على الأقل فيما يميز هذه البنى من القدرة على تمثيل المجتمعات المحلية وما يحمله ذلك من توفير ديناميات مؤسسية وغير مؤسسية من خلال المجالس المحلية نفسها وما تتيحه من فضاءات للحوار والمساءلة أو من خلال الهيئات والمرجعيات المجتمعية التقليدية، تمكن هذه المجتمعات من ممارسة الدور الرقابي وتوجيه المجالس المحلية لتكون أكثر تشاركية وشفافية وتعبيراً عن متطلبات وآمال المجتمعات المحلية.

أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مطلع العام الحالي على 105 مجلساً محلياً على امتداد المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وتنظيم الدولة والقوى الكردية، توجهاً متزايداً إلى اعتمادية المجالس المحلية كجهة مركزية في تقديم الخدمة وإدارة فعاليات المجتمع المحلي، حيث عبر 41 % من العينة عن اعتقادهم بأن للمجالس دور مركزي ضمن الحيز الإداري لعملها فيما ذهب 50 % بالمئة منهم إلى اعتبار مجالسهم الجهة الوحيدة التي تضطلع بالأدوار الإدارية والخدمية.

ورغم أن هذه النتيجة نابعة من نظرة المجالس المحلية لنفسها ودورها في مجتمعاتها إلا أنه لا يمكن فصل تلك النظرة عن انطباع الناس تجاه دور المجالس المحلية كون أن خياراتهم تجاه الاحتياجات التي تلبيها الإدارات المحلية أو ما يوازيها من هيئات مدنية مرتبطة بالبنى العسكرية هي خيارات ضيقة ولا يمكن لمنظمات المجتمع المدني ولا الهيئات المجتمعية الأخرى أن تحل محلها، ولا يمكن حتى للبنى الإدارية التابعة للنظام أن تقوم مقامها. على الأقل فيما يميز هذه البنى من القدرة على تمثيل المجتمعات المحلية وما يحمله ذلك من توفير ديناميات مؤسسية وغير مؤسسية من خلال المجالس المحلية نفسها وما تتيحه من فضاءات للحوار والمساءلة أو من خلال الهيئات والمرجعيات المجتمعية التقليدية، تمكن هذه المجتمعات من ممارسة الدور الرقابي وتوجيه المجالس المحلية لتكون أكثر تشاركية وشفافية وتعبيراً عن متطلبات وآمال المجتمعات المحلية.

يعبر مصطلح المجالس المحلية عن الإدارات المحلية سواء أكانت مجالس محافظات أو ما يتفرع عنها من مجالس فرعية أو لجان أحياء ولعل أبرز ما يعلل حيازة المجالس المحلية لهذه الاعتمادية من قبل مجتمعاتها المحلية، حاجة السكان الأصيلة لأدوار الدولة ضمن مستويات اللامركزية وذلك من حيث تقديمها للخدمات أو الرقابة على الجهات الموفرة لها من منظمات وجهات خاصة ضمن آليات الرقابة المجتمعية التي توفرها مؤسسة المجلس المحلي، إضافة إلى إدارة الموارد الذاتية المتوفرة ضمن المنطقة  أو الموارد الخارجية، بما يعود بالنفع العام على أفراد المجتمع من خلال ضخ عائداتها وفق خطط المكتب التنفيذي للمجلس  المصادق عليها من قبله وضمن موازناته المعلنة ، وهي مسؤوليات لاتزال المجالس المحلية بمجموعها عاجزة عن تحملها  إذا ما أضفنا إليها أهمية لعب المجالس المحلية دوراً مفصلياً في عملية التنمية والتنمية المستدامة إذ تظهر الدراسة المشار إليها قصور واضح في قدرة المجالس المحلية على القيام بأدوار رئيسية في إقامة مشاريع تنموية واقتصار دورها في أغلب الأحيان على التنسيق مع الجهات الداعمة، فيما تحكم قدرة هذه المجالس على القيام بمسؤوليتها هذه عدة عوامل أبرزها حيازتها للسلطة التنفيذية المحلية وحيازة كوادرها على مستويات عالية من الكفاءة الإدارية والتأهيل المؤسسي وقدرة المجالس المحلية على إقناع الأطراف المحلية والدولية الأخرى بأهليتها الإدارية والخدمية، إضافة إلى دفع السكان المحليين لتثبيت مشروعية المجالس المحلية أمام  المنظمات الغير الحكومية المحلية والدولية والجهات العسكرية، فيما يتنامى توجه العديد من القوى العسكرية من جهة أخرى إلى دعم مركزية دور المجالس المحلية بناء على تفاهمات وتوافقات مع المجالس المحلية أو رغبة من هذه القوى في التخفيف من الأعباء المدنية التي تحملتها في السابق ولم تنجح في تحقيق الرضى المجتمعي على أدائها بسبب قلة خبرتها وتهميشها في كثير من الأحيان لدور المجتمع المحلي في الرقابة والتوجيه وفي تحقيق ذاته ، إضافة إلى فشلها في تصميم مستندات قانونية ناظمة لعملها فضلاً عن إهمالها لتلك الناظمة للعمل الإداري والخدمي ضمن الإطار الوطني العام .

وعليه فإن أهم ما يترتب على قدرة المجالس المحلية على تحمل مسؤوليتها وتجاوز المطبات التي واجهت الهيئات التنفيذية الأخرى التي لم تحظى بالمشروعية الحقيقية ولا الشرعية اللازمة هي حيازة المجالس المحلية على:

  • الشرعية القانونية النابعة من قدرة المجالس المحلية على اعتماد اللوائح القانونية الناظمة لعمل الإدارة المحلية، وتحديد شكل علاقتها مع الحكومة المؤقتة وتأطيرها وفق القوانين المعتمدة؛
  • مشروعية الخدمة والإنجاز؛
  • مشروعية التمثيل والتعبير عن تطلعات المجتمعات ومطالبها على المستويات الخدمية والتنموية وحتى السياسية
  • مشروعية الإدارة؛
  • وأخيراً مشروعية الدولة بما تمتلكه من سلطات تنفيذية محلية تحمي المشروعيات السابقة وترسخ الشرعية وتحافظ عليها.

ومن أجل الوصول إلى هذه السوية فإن المجالس المحلية مطالبة بالعمل وفق ست حزم أساسية:

  1. حزمة العلاقات؛

تركز على إعادة رسم خارطة المستفيدين سلباً أو إيجاباً تجاه فعالية المجلس المحلي وتحديد اتجاهات هذه العلاقات وأولوياتها، ووضع آلية لاستثمارها بالشكل الأمثل. 

  1. حزمة الحوكمة وتركز على:
  • بناء إدارة مالية ناجحة ونظام سجلات وأرشفة مالية متقدم؛
  • تعزيز الانفتاح والشفافية من خلال نشر الخطط والموازنات ونشر القرارات من خلال اعتماد مكتب إعلامي؛
  • رفع كفاءة العاملين وفعاليتهم من خلال اعتماد مكتبي التدريب والموارد البشرية؛
  • تطبيق مبادئ المساءلة والمحاسبة من خلال تفعيل آليات الرقابة الإدارية من داخل مؤسسة المجلس وخارجها؛
  • تعزيز المشاركة المجتمعية والتي تتم من خلال إقامة منتديات للحوار المجتمعي خاصةً ضمن الوحدات الإدارية الأصغر (المجالس الفرعية ولجان الأحياء)، إضافةً إلى تعزيز ونشر ثقافة التطوع؛
  • تطبيق مبدأ سيادة القانون من خلال اعتماد نظام داخلي يراعي خصوصيات المجلس المحلي ويتماشى مع الهياكل والخطوط العامة للأنظمة الداخلية لبقية المجالس المحلية على المستوى الوطني.
  1. حزمة الخدمات وتهتم بما يلي:
  • تقييم الاحتياج من خلال إجراء الاحصاءات اللازمة والدراسات المعمقة وتقييم واقع الخدمات الحالية؛
  • التوثيق: بما في ذلك توثيق الحالات الإنسانية والأحوال المدنية وتوثيق المرافق العامة والمواقع التراثية والأوقاف؛
  • الإشراف على الخدمات المرفقية كالتعليم والصحة وتوفير البيئات والمباني اللازمة لعملها؛
  • الاستشعار بالأزمات والاستعداد لها؛
  • إقامة مشاريع البنية التحتية (كهرباء، ماء، طرق، نظافة)، إضافةً إلى وضع الخطط اللازمة وتقييم الاحتياج فيما يخص إعادة الإعمار؛
  1. حزمة الشرعية، والتي تشير إلى مدى انتظام المجلس المحلي ضمن الإطار الدولتي العام وتركز على:
  • اعتماد التقسيمات الإدارية واللوائح التنفيذية المعتمدة من الحكومة المؤقتة؛
  • اعتمادية المجلس المحلي من المستوى الإداري الأعلى ومن الحكومة المركزية؛
  1. حزمة المشروعية، والتي تشير إلى قدرة المجلس المحلي على حيازة رضى المجتمع المحلي من خلال إدارة الموارد والتعاطي الفعال مع الشكاوى، إضافةً إلى قدرة المجلس على تمثيل شرائح المجتمع المختلفة؛
  2. حزمة الموارد المالية وتركز على:
  • الموارد الخارجية من خلال إدراج خطط المجلس المحلي ضمن موازنات المستويات الإدارية الأعلى (فرعي –محافظة) أو ضمن موازنات الحكومة المركزية (محافظة – حكومة مؤقتة)، إضافة إلى ما يقدم من الجهات المانحة؛
  • الموارد الداخلية والتي تعتمد على مدى قدرة المجلس المحلي على تطبيق آليات الجباية المحلية ونشر ثقافتها في المجتمع في ظل ضعف الذراع التنفيذية للمجلس المحلي، وأيضاً قدرة المجلس المحلي على إدارة الموارد المتوفرة ضمن نطاق حدوده الإدارية، إضافةً إلى حيازة المجلس المحلي على الدور الرئيس في إدارة العملية التنموية وتعزيز مصادر الدخل الذاتي والدفع بعجلة الاستثمار والشراكات مع القطاع الخاص؛

لا يوجد اتساق حقيقي في معدلات استجابة المجالس المحلية لمتطلبات حيازتها للدور المركزي والفريد في المجتمعات المحلية وذلك بسبب تفاوت الظروف بشكل حاد بين مجلس محلي وآخر واختلافها  بين مجلس فرعي وآخر ضمن مجلس المحافظة نفسه، نتيجة ظروف الحصار الذي تعيشه بعض المناطق وحالة الانفتاح على دول الجوار الذي ميز مناطق أخرى لم تخضع للحصار، وتبعاً  لتردّد وعي وقناعات المجتمعات المحلية لمحورية دور المجالس المحلية بسبب وجود بعض المحسوبيات المحدودة و التي لا ترتقى  لمستوى الظاهرة  ووجود حالات من تنازع الصلاحيات بين المجالس والمنظمات والإدارات التنفيذية الأخرى إضافة إلى  بعض المشكلات في تمثيل شرائح من السكان في المجلس المحلي، ما أوجد تباينا واضحاً في الموارد المادية والبشرية للمجالس، ومع ذلك فإن ثمة جهود تبذل  من قبل المؤسسات والمنظمات  ومراكز الدراسات الوطنية المهتمة  بملف الحوكمة  (من خلال الورش ومجموعات التركيز والدورات  التي تتنوع مشاركة المجالس المحلية فيها ما يسمح بتبادل الخبرات ونقل التجارب بالإضافة للأوراق والدراسات التي تسهم في رفع السوية المعرفية لدى المجالس المحلية بصورة متجانسة) وذلك  بهدف ردم الهوة الموجودة بين المجالس المحلية  والمضي قدماً صوب تلبية استحقاقات الحكم الرشيد ضمن أطر من العمل المتناسق الذي تسعى الحكومة المؤقتة لتفعيله من خلال إعادة تشكيلها وتفعيل وزارتها وهيئاتها في بيئات متنوعة بتنوع الظروف التي تعيشها المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

التصنيف مقالات الرأي
الإثنين, 17 تشرين1/أكتوير 2016 12:56

ورشة عمل بعنوان: "مستقبل سورية"

حضر المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف ورشة عمل عقدتها شبكة الأورميسكو البحثية بتاريخ 10/ تشرين الأول 2016، وبرعاية من مركز GPOT  التركي. حملت عنوان: "مستقبل سورية".

شارك في هذه الورشة عدد من المنظمات ومراكز البحثية كان منها؛

  • المنظمة العربية مبادرة الإصلاح (ARI).
  • منظمة معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية (EUISS).
  • المركز العالمي للاتجاهات السياسية (GPOT).
  • مركز برشلونة للشؤون الدولية (CIDOB).

ناقش الحضور خلال جلستهم المحاور التالية:

  1. المصالحة الوطنية وحماية الاقليات (مع تفنيد المفهومين وإعادة تركيبهما بما يتناسب مع الوقائع بعيداً عن الثقافوية وأخذاً بعين الاعتبار مآلات الوضع السوري والاستغلال الشديد للمسألة الطائفية من عدة أطراف.
  2. الجيش والأمن، ومحاربة الإرهاب (إعادة الهيكلة وإصلاح القطاع الأمني في إطار دولة القانون).
  3. حفظ السلام وإعادة البناء والتنمية (استعراض الإمكانيات الاقتصادية المتاحة اضافة إلى دور المانحين في المستقبل).
  4. بناء الدولة: الأبعاد السياسية والبنيوية والقانونية (المسار الدستوري، العقد الاجتماعي الجديد، اللامركزية السياسية والإدارية).
التصنيف أخبار عمران

أجرى محمد منير الفقير الباحث في مسار الإدارة المحلية وتعزيز الممارسة الديمقراطية بمركز عمران مداخلة هاتفية عبر راديو الكل ناقش فيها الورقة التي نشرها المركز حول آليات تعاطي المجالس المحلية مع شكاوى السكان، حيث استعرض الباحث المنهجية التي اعتمدتها الدراسة في اختيار المجالس التي جرى تقييم آليات الشكاوى لديها، وأهم الأسباب الموجبة لشكاوى السكان المحليين والآليات المختلفة التي تعتمدها المجالس في التعاطي مع الشكاوى إضافة إلى استعراض أهم ملامح النموذج الذي اقترحته الورقة من أجل إيجاد منظومات مؤسسية متكاملة تضمن استقبال الشكاوى وفق معايير واستمارات محددة ومتابعة الشكوى ومعالجة الطلب ضمن تسلسل إداري واضح يراعي عدم تضارب الجهات المعنية بالنظر بالشكوى إضافة إلى إمكانية إعادة النظر بالشكوى ضمن المجلس المحلي أو من خلال هيئات قضائية محلية ومرجعيات اجتماعية في حال لم يتم معالجة الشكوى من خلال المنظومة المؤسسية للمجلس المحلي.

 

ساهمت عدة عوامل في تطور أداء المجالس المحلية منذ بدء تشكّلها. ويُعدّ سعي المجالس لمشاركة السكان واحداً من أهم تلك العوامل، حيث تتضمن أنظمتها الداخلية حق السكان بالشكاية على أداء المجالس المحلية أو أعضائها. كما عملت المجالس على إيجاد آليات للتعامل مع هذه الشكاوى، حيثُ تُظهر البيانات أنها تتعلق في معظمها بأداء المجلس ككل أكثر من تعلقها باختيار كوادره.

ومن خلال التقييم لعدد من المجالس المحلية يُمكن القول أن آليات التعامل مع الشكاوى لدى المجالس لم ترتقِ بعد لأن تكون نظاماً متكاملاً يتضمن مؤشرات تدل على فعالية الشكاوى وآليات التعامل معها، خصوصاً في ظلّ ما تواجهه المجالس من تحديات تعوق قدرتها على حل الشكاوى ومنها: نقص الكوادر القانونية والإدارية المؤهلة للنظر في الشكاوى، تضارب في الأدوار بين المجالس والهيئات التنفيذية بخصوص الجهة المكلفة النظر بالشكاوى وضعف موارد المجالس، إلا أن جهود المجالس في هذا المجال تعتبر خطوة جيدة على طريق الحكم الرشيد.

مقدمة

تولي هيئات الإدارة المحلية أهمية لشكاوى السكان باعتبارها إحدى الأدوات التي يعبرون من خلالها عن مطالبهم وتوقعاتهم من تلك الهيئات، وهو ما دفعها لتبني إجراءات نصّت عليها أنظمتها الداخلية للتعامل مع تلك الشكاوى. ومن الطبيعي أن تتنوع آليات التعاطي مع الشكاوى باختلاف شكل وطبيعة النظام السياسي القائم ومدى توافر القيم المؤسساتية والخبرات الإدارية التي تتيح آليات التعبير عن هذا الحق وتعزّزه.

 ففي عهد نظام الأسد الأب وكذلك الابن، لم تحقق الشكاوى مقصدها في رد المظالم وتصويب أداء المؤسسات، سواءً بسبب القبضة الأمنية التي كانت تطال كل من يحاول الإصلاح أو بسبب هيمنة الفساد على مؤسسات الدولة. الأمر الذي أدى إلى تفشي الثقافة السلبية لدى المواطنين وإحجامهم عن ممارسة حقهم الرقابي لعلمهم المسبق بعدم جدوى ذلك. وبحكم حالة الانسداد الذي وصل إليه نظام الأسد وتراكم الأزمات وتحوّلها إلى أزمة شاملة، قامت الثورة السورية لتأسيس عقد اجتماعي جديد يتوافق عليه السوريين ويتيح للمجتمع إمكانية التعبير عن نفسه وفق آليات مؤسساتية، وبما يكسر احتكارية أقلية مصلحية تدير الدولة بشكل يناقض هوية المجتمع ومصلحته.

 ثم أتت المجالس المحلية كأحد أهم مفرزات الثورة السورية وأحد رهاناتها في إنجاز التحول نحو نظام جديد يحقق قطيعة مع نظام الأسد، كآلية لتأطير وتنظيم مشاركة السكان في إدارة الشأن العام واستعادة حقوقهم التي سلبت منهم ومنها حق الترشح والانتخاب والمحاسبة. ولكي تتمكن المجالس من إنجاز الرهان المعقود عليها، كان لا بد لها من تعزيز تطبيقها لمبادئ الحكم الرشيد وفي مقدمتها الشفافية، وتوفير الآليات التي تتيح للسكان ممارسة حقهم الرقابي عبر عدة آليات وأهمها آليات الشكاوى ومعالجتها.

 تأتي هذه الورقة البحثية ضمن سياق ما سبق، لتحاول تقصّي أسباب شكاوى السكان وما إذا كانت تتصل بأداء المجالس أو كوادرها، وتبحث كيفية التعاطي معها وتحديات المجالس المحلية في ذلك من خلال عملية رصد للمجالس وتحليل البيانات المتحصلة، وصولاً إلى اقتراح معالم نموذج أمثل لتعاطي المجالس مع تلك الشكاوى

شكاوى السكان على المجالس: الأسباب وطرق التعبير

 تبنى السكان في ظل نظام الأسد موقفاً سلبياً مفاده أن الشكوى لا تساعد في نيل مطلب أو حل مشكلة أو رد اعتبار رغم وجود العديد من الإجراءات والهيئات الرسمية المكلفة قانوناً بمتابعة الشكوى ورد المظالم. ويعود السبب في انتشار هذه القناعة إلى عدة أسباب منها:

 1.       هيمنة الفساد والروتين على مؤسسات الدولة؛

 2.       غياب العدالة أمام القانون وتنامي المحسوبيات؛

 3.       الخشية من التعرض لمضايقات من قبل المتنفذين في الدولة؛

 4.       ضعف المعرفة بالإجراءات القانونية والمؤسسات المكلفة بالنظر في الشكوى نظراً لتضارب الصلاحيات وغموض القوانين ذات الصلة.

 ومع تزايد مظالم السكان وضياع الحقوق كان لا بد من العمل على تصحيح مسار العلاقة القائمة بين الدولة والمجتمع وإعادة رسم حدود السلطة وتعزيز قدرة المجتمع على التعبير عن نفسه سياسياً واستعادة حقوقه، فكانت الثورة السورية التي أوجدت مناخاً من الحرية لمناقشة قضايا الشأن العام ومكّنت السكان في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد من التعبير عن مطالبهم وشكواهم حيال الهيئات الثورية العسكرية والمدنية ومنها المجالس المحلية.

 ويلحظ من خلال تتبع شكاوى السكان تجاه المجالس المحلية أنها تتصل بالأداء أكثر من ارتباطها بأعضاء المجالس دون أن يعني ذلك غياب الشكاوى الشخصية رغم قلّتها. وربما يفسر ما سبق بالآلية المتبعة في تشكيل المجالس والتي تقوم على ترشيح الهيئات المحلية لشخصيات محلية معروفة لعضوية المجالس ومن ثم فتح باب الطعون، وهو ما يحول غالباً دون وصول شخصيات إشكالية لعضوية المجالس. وتتعدّد الأسباب الموجبة لشكاوى السكان على المجالس، فمنها ([1]):

 1.       ضعف القدرة على توفير الخدمات الأساسية لاسيما في قطاع البنية التحتية؛

 2.       ضعف تبني معايير معتمدة في تحديد المستفيدين من الخدمات، مما يفتح الباب للمحسوبيات؛

 3.       تبني قرارات لا تتماشى مع أولويات السكان؛

 4.       عدم وضوح الجهة المسؤولة عن توفير الخدمات لاسيما في المناطق التي يوجد فيها أكثر من هيئة تنفيذية؛

 5.       ضعف الشفافية فيما يتعلق بنشر الإجراءات والمشاريع والميزانيات؛

 6.       ضعف القدرة على فرض القرارات المتخذة لغياب ذراع تنفيذية (شرطة محلية) بمقابل وجود هيئات تنفيذية أخرى قادرة على فرض قراراتها؛

 7.       ضعف الاستقلالية الناجمة عن تدخل الهيئات التنفيذية في عمل المجلس؛

 وتتنوع طرق تعبير السكان المحليين عن شكاويهم بين طرق مباشرة وغير مباشرة، رسمية وغير رسمية. ففي حين يلجأ البعض للتعبير عن شكواهم بشكل مباشر من خلال مناقشتها مع الجهة المختصة ([2])، يفضل آخرون مناقشة الأمر ضمن محيطهم الاجتماعي دون رفعها للجهة المختصة. وبينما يميل البعض لاتّباع الآليات القائمة للتعبير عن شكاواهم، يفضل آخرون اللجوء إلى المظاهرات والاحتجاجات ([3]). ويمكن تفسير هذا التباين بعدة عوامل منها:

 1.       مدى وجود آليات معروفة وموثوقة لدى العديد من السكان للتعبير عن شكواهم؛

 2.       مدى ثقة السكان بالمجالس المحلية وكفاءتها؛

 3.       مدى إتاحة المعلومات والإجراءات والقوانين والميزانيات للسكان؛

 4.       روح المسؤولية العامة وثقافة اللجوء للشكاوى لدى السكان لتحقيق مطالبهم وتصويب الأداء.

آليات تعاطي المجالس مع الشكاوى: الواقع والتقييم

 تدرك المجالس المحلية أهمية التعاطي مع الشكاوى التي يطرحها السكان، فنجاحها في احتواء الشكاوى عبر معالجتها بما يتوفر لها من إمكانيات أو تبيان حقيقة الموقف بشأنها عبر إتاحة المعلومات لأصحاب الشكوى يسهم في ترسيخ شرعيتها وتصويب أدائها. ويظهر من خلال عملية رصد المجالس تنوع الآليات التي لجأت إليها المجالس في التعاطي مع الشكاوى ومن أبرزها: 

 1.       اللقاءات الجماهيرية: تعتبر الآلية الأكثر شيوعاً لدى المجالس لا سيما في الوحدات الإدارية الصغيرة، وقد تكون اللقاءات على نطاق واسع يشمل جميع السكان أو على نطاق ضيق يضم القيادات المحلية فقط ([4]). ويتم في هذه الاجتماعات الاستماع لشكاوى السكان والردّ عليها وتدوين ذلك في محاضر اجتماعات رسمية.

 وتمتاز هذه الآلية بما يلي:

 أ‌.         سهولة إجرائها باعتبارها لا تتضمن إجراءات بيروقراطية معقدة؛

 ب‌.     السرعة في الرد على موضوع الشكوى؛

 ت‌.     تحقيق المشاركة المجتمعية.

 أما بخصوص سلبياتها فمن أبرزها:

 أ‌.         ضعف الانضباط التنظيمي لا سيما مع كثرة عدد الحضور وإمكانية تحولها لسجالات شخصية؛

 ب‌.     مخاطر أمنية ناجمة عن عمليات القصف التي تقوم بها قوات نظام الأسد وحلفائه.

 2.       مكتب الشكاوى: لجأت بعض المجالس إلى تشكيل مكاتب متخصّصة لمتابعة الشكاوى، ويعتبر هذا التوجه حديثاً ([5]) حيث لم يلحظ في هيكليات المجالس عند بداية تشكيلها، ويلحظ انتشارها في مجالس المدن التي تحتوي على هيكليات إدارية أكثر تحديداً من حيث الأدوار والصلاحيات. تتميز هذه الآلية بكونها تخصّصية ([6]) وبأنها تعمل وفق إجراءات محددة ([7]) وإن كانت لم ترقَ بعد إلى نظام متكامل للشكاوى. أما سلبياتها فتتجلى بما يلي:

 أ‌.         ضعف وعدم كفاية الكادر القانوني والإداري المكلف بمتابعة الشكاوى؛

 ب‌.     ضعف إلمام السكان بإجراءات التقدم بالشكوى؛

 ت‌.     ضعف آليات التأكد من متابعة الشكاوى وإصدار التقارير الرسمية بخصوص ذلك.

 3.       التواصل الإلكتروني: تتبع أغلبية المجالس هذه الآلية بحيث يتم التواصل معها عن طريق صفحاتها الرسمية المتاحة على شبكة الانترنت، إما عبر كتابة تعليق على العام أو إرسال رسالة خاصة تتضمن موضوع الشكوى. وتتميز هذه الآلية بسهولتها، إلا أن هنالك الكثير من السلبيات تعتريها ومنها:

 أ‌.         ضعف انتشار الانترنت في العديد من المناطق التي تديرها المجالس؛

 ب‌.     سهولة تعرض صفحات المجالس للقرصنة؛

 ت‌.     كثرة الشكاوى الوهمية التي يطرحها البعض بأسماء مستعارة للتشويش على المجالس.

 4.       صندوق الشكاوى: تبنى عدد من المجالس فكرة وضع صندوق لتلقي الشكاوى، حيث يقوم السكان بإيداع شكواهم في الصندوق الذي يخصّصه المجلس لذلك، ويقوم موظف مسمّى من قبل المجلس بعرضها على المكتب التنفيذي للنظر بشأنها ([8]). وتتمتع هذه الآلية بعدد من الإيجابيات ومنها:

 أ‌.         قدرتها على الوصول لأكبر شريحة من السكان لوجود الصناديق في أماكن عامة؛

 ب‌.     كون هذه الآلية تتضمن إجراءات بيروقراطية معقدة مما يسهل على السكان اللجوء إليها لطرح شكاواهم.

 أما سلبياتها فمنها:

 أ‌.         إمكانية تعرض الصناديق للتخريب؛

 ب‌.     ضعف وعي السكان بممارسة حقهم في التقدم بشكاوى.

 5.       الهيئات المجتمعية: تفضّل بعض المجالس التواصل مع مجتمعاتها من خلال قنوات اتصال مجتمعية تضمّ وجهاء البلدة كالشخصيات العامة ورجال الدين، باعتبارهم يتمتعون بمصداقية ومكانة اجتماعية معتبرة لدى السكان. وتقوم هذه الآلية على تشكيل هيئات مجتمعية تأخذ عدّة أشكال منها: مجلس عائلات، لجان تواصل، منتديات خاصة([9])، على أن تقوم هذه الهيئات بعرض الشكاوى ومناقشتها مع المجلس وإبلاغ السكان بالنتائج المتحصّلة. ومن إيجابيات هذه الآلية:

 أ‌.         إمكانية الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من السكان؛

 ب‌.     توفر عامل المصداقية والثقة لاعتمادها على قنوات اتصال تقليدية ذات مكانة؛

 ت‌.     قدرتها على تحقيق المشاركة المجتمعية.

          أما سلبياتها:

 أ‌.         وجود إشكاليات في تشكيل الهيئات المجتمعية من حيث عدم مراعاتها أحياناً للتوازنات الاجتماعية أو انفتاحها على تأثيرات الهيئات التنفيذية والقوى العسكرية على الأرض؛

 ب‌.     سعي تلك الهيئات أحياناً إلى لعب دور منافس للمجالس في إدارة شؤون الوحدات الإدارية.

 6.       الاستبيانات المحلية: لجأ عدد من المجالس إلى توزيع استبيانات للوقوف على آراء السكان ومطالبهم واقتراحاتهم. وتفضل المجالس هذه الآلية لمساعدتها في تحديد أولويات السكان وقياس مستوى رضاهم عن أداء المجلس بأرقام إحصائية يسهل التعامل معها ([10]). وفيما يتعلق بالسلبيات فمتعددة منها:

 أ‌.         ضعف كفاءة الكادر الفني المكلف صياغة وتوزيع الاستبيان؛

 ب‌.     الافتقاد إلى برامج تقنية تخصصية لتحليل البيانات؛

 ت‌.     وجود مشاكل ميدانية تعوق تنفيذ الاستبيان.

 7.       الباب المفتوح: فتح باب التواصل المباشر للسكان المحليين لتقديم شكواهم للمجلس سواءً للمكتب التنفيذي أو المكتب صاحب العلاقة ([11]). وتتميز هذه الآلية بكونها سهلة ومباشرة ومتاحة للجميع، إلا أنها وبالمقابل لا تخلو من السلبيات وفي مقدمتها:

 أ‌.         ضعف مأسسة بعض المجالس وهو ما يفضي إلى تعدد الأدوار؛

 ب‌.     عدم وضوح الصلاحيات فيما يتعلق بالجهة المعتمدة للنظر في الشكوى؛

 ت‌.     ضعف وعي السكان بممارسة حقهم بالشكوى؛

 ث‌.     التغيير المتكرّر لمراكز عمل المجالس بسبب استهدافها المتكرر من قبل قوات نظام الأسد وحلفائه؛

 وفي تقييم عام لآليات الشكاوى المتّبعة في المجالس المحلية يمكن القول:

 ·        لا تُمثل الإجراءات التي تتبعها المجالس في التعاطي مع الشكاوى نظاماً متكاملاً معتمداً يشمل استقبال الشكاوى والتحقق منها وحماية المراجعين ومعالجة الشكوى والمتابعة؛

 ·        تشمل الإجراءات المتبعة من قبل المجالس للتعاطي مع الشكاوى آليات رسمية وأخرى غير رسمية، ويعود السبب في لجوء المجالس إلى آليات دون أخرى لعدة عوامل منها:

 -          مستوى مأسسة المجلس وخبراته الإدارية؛

 -          حجم الوحدة الإدارية؛

 -          الاستقرار الذي تتمتع به الوحدة الإدارية؛

 -          مستوى وعي السكان بحقهم في التقدم بشكوى.

 ·        أقرت العديد من المجالس منذ بداية تشكيلها حق الشكوى وآليات ممارستها في أنظمتها الداخلية، إلا أن إيجادها لآليات ممارسة هذ الحق يعتبر حديثاً نسبياً؛

 ·        لا توجد مؤشرات كافية للتأكد من فاعلية الإجراءات التي تتبعها المجالس للتعاطي مع الشكاوى، حيث تواجه العديد من التحديات في هذا المجال ومنها:

 -          نقص في الكوادر القانونية والإدارية المؤهلة للنظر في الشكاوى؛

 -          تضارب الأدوار بين المجالس واله يئات التنفيذية الأخرى القائمة على الأرض فيما يتعلق بالجهة المكلفة بالنظر في الشكاوى ومتابعها؛

 -          ضعف موارد المجالس وهو ما يحدّ من قدرتها على التدخل لمعالجة شكاوى السكان لا سيما الجانب الخدمي.

معالم نموذج مقترح للشكاوى في المجالس المحلية

 أوجدت المجالس المحلية عدداً من الإجراءات للتعاطي مع الشكاوى بحسب ما أتاحه لها سياقها المحلي وإمكانياتها التي تتوافر لها. ويعتبر ما سبق ركيزة أساسية للبناء عليه لاقتراح نموذج للتعاطي مع الشكاوى يحقق الأهداف التالية:1ذ

·        استقبال كافة الشكاوى ومعالجتها وفق إجراءات واضحة؛

 ·        تعزيز شرعية المجالس؛

 ·        تطوير أداء المجلس ونوعية خدماته المقدمة؛

 ·        زيادة وعي السكان بحقهم في المساءلة والمحاسبة.

 ولكي يتمكن النموذج من إنجاز الأهداف المتوخاة منه فإنه يستلزم توافر العناصر التالية فيه: المرونة، الوضوح، الدقة، الشفافية، المشاركة، سيادة القانون، إمكانية الوصول. وبناءً على ما سبق تطرح الورقة معالم نموذج للشكاوى في المجالس المحلية يتضمن:

 1.       نظام استقبال الشكاوى: يتضمن الإجراءات التي يتبعها السكان للتعبير عن شكواهم بشكل رسمي. ويجب أن تتمتع هذه الإجراءات بالوضوح وإمكانية الوصول من قبل الجميع، إضافةً للمرونة والسرعة في استقبال الشكاوى وإحالتها للجهات المختصة داخل المجلس.  ويتحقق ما سبق من خلال:

 -          إعداد نظام مكتوب لاستقبال المراجعين للمجالس المحلية؛

 -          تشكيل وحدات إدارية متخصّصة ضمن المجالس لاستقبال الشكاوى؛

 -          اعتماد آليات عدة لاستقبال الشكاوى على أن يتم تأطيرها قانونياً ومؤسساتياً؛

 -          نشر تقارير دورية بخصوص الشكاوى التي تم استقبالها؛

 -          تعزيز شفافية المجالس المحلية من خلال إتاحة نظامها الداخلي وإجراءاتها وقوانينها وميزانياتها للسكان؛

 -          توعية السكان بحقهم في المساءلة والمحاسبة من خلال التقدم بالشكاوى.

 2.       نظام حماية المراجعين: الإجراءات التي تضمن الحماية لصاحب الشكوى وعدم التعرض له أو إيذائه. ويعتبر هذا مكوناً رئيسياً في نظام الشكاوى، فكلما توفرت إجراءات الحماية والسرية للمراجعين تشجع السكان على ممارسة حقهم في التقدم بشكاوى. وضمن ما سبق يقترح الآتي:

 -          وضع قوانين تحدد حقوق وواجبات أصحاب الشكاوى وإجراءات حمايتهم؛

 -          وضع نظام للتظلم وتعويض أصحاب الشكاوى في حال تعرضهم للمضايقات أو الأذى بسبب ممارستهم حقهم في التقدم بشكاوى؛

 3.       نظام التحقق من الشكوى: إجراءات التحقق من صلاحية الشكوى حتى يتم أخذها بعين الاعتبار وإحالتها للجهات المختصة. ويعتبر هذا النظام ضرورياً لفرز الشكاوى المحقة من جهة وتخفيف العبء الإداري على المجلس من جهة أخرى.  وفي هذا الشأن يقترح الآتي:

 -          إعداد نظام مكتوب يحدد المعايير والإجراءات لاستقبال الشكاوى؛

 -          وضع نماذج محددة للشكاوى تتضمن بيانات صاحب الشكوى وموضوع الشكوى والجهة ذات الاختصاص ورقم الشكوى؛

 -          اعتماد البرامج التخصصية لحفظ بيانات المراجعين وأرشفة الشكاوى وتصنيفها.

 4.       نظام معالجة الشكاوى: الإجراءات والآليات المعتمدة للنظر في موضوع الشكوى ومعالجتها، ولتحقيق فاعلية أكبر في معالجة الشكاوى يتوجب توافر الآتي:

 -          ضبط هيكلية المجالس فيما يتعلق بتحديد أدوار وصلاحيات الجهات المختصة للنظر بموضوع الشكوى؛

 -          وضع إطار زمني للرد على الشكوى وإعلام صاحب العلاقة بذلك؛

 -          معالجة موضوع الشكوى عبر إصدار القرارات والتعليمات والقوانين وتنفيذها بالتعاون مع الهيئات التنفيذية؛

 -          نشر التقارير بخصوص الشكاوى التي تمت معالجتها والتي ما تزال قيد النظر.

 5.       نظام المتابعة والاعتراض: الإجراءات التي يلجأ إليها صاحب الشكوى في حال عدم قناعته بالنتائج والقرارات التي تم التوصل إليها من قبل المجلس، ويعتبر ذلك حق لصاحب الشكوى على أن ينظم وفق الآتي:

 -          تشكيل لجان تخصّصية محايدة للنظر في موضوع الشكوى على أن يتم الاستعانة بالقيادات المحلية؛

 -          وضع نظام للنقض والتظلم يتضمن الحق في اللجوء للهيئة القضائية المحلية للبت في موضوع الشكوى.

 

الخاتمة

للسكان حق مساءلة ومحاسبة الهيئات المحلية ولهم في ذلك أدوات عدة ومنها الشكوى التي يعبروا من خلالها عن رضاهم أو عدمه عن تلك الهيئات ومطالبهم وتوقعاتهم منها. وفي حين زهد السكان في ممارسة هذا الحق في ظل نظام الأسد لقناعتهم بعدم فاعلية هذه الآلية، إلا أنهم ومع تحررهم من سلطته أصبحوا أكثر جرأة في التعبير عن شكواهم ومطالبهم تجاه الهيئات المحلية التي تشكلت لسدّ حالة الفراغ ومنها المجالس المحلية.

 وتمثل شكاوى السكان على عمل المجالس المحلية العاملة في مناطق سيطرة فصائل المقاومة الوطنية ظاهرة صحّية في حال تم تأطيرها قانونياً ومؤسساتياً وتوظيفها لتجاوز مكامن الضعف وتحسين جودة الخدمة المقدمة وتعزيز التواصل مع السكان بما يسهم في ترسيخ شرعية المجالس وتطوير أدائها. أما في حال التعاطي السلبي معها فإنه من المتوقع وكما دلت الوقائع تعثر المجالس وفقدانها لمقومات الاستمرارية. وإدراكاً من المجالس لأهمية التعاطي مع شكاوى السكان فقد ضمنت هذا الحق في أدبياتها واتبعت مروحة متنوعة من الآليات للتعاطي معها مع ما يعتريها من إيجابيات وسلبيات، ومما يلحظ أنها ما تزال جنينية في طور التشكل، كما تفتقد لمؤشرات كافية للتأكد من فاعليتها.

 ولتعزيز قدرة المجالس على التعاطي مع الشكاوى فإنه يتوجب العمل بالتوازي على ثلاثة مسارات، يتصل الأول بالمجالس المحلية من خلال البناء على ما تحقق ومراكمة الخبرات وتأطير ذلك قانونياً ومؤسساتياً، في حين يتصل المسار الثاني بالسكان المحليين لجهة نشر الوعي لديهم بأهمية ممارسة حقهم في الشكوى وفق قواعد منضبطة ومحددة، أما المسار الثالث فيتعلق بالجهات الداعمة التي يتوجب عليها رفد المجالس بالموارد التي تعزز قدرتها على التعاطي مع موجبات الشكاوى، إضافةً إلى الاستمرار في تدريب كوادرها ورفدها بالاختصاصين في هذا المجال.

 



([1]) للمزيد حول شكاوى السكان المحليين على المجالس المحلية مراجعة، استطلاعات رأي وشكاوى برسم المجالس، ملحق المجالس المحلية، جريدة سوريتنا، الرابط http://goo.gl/QkV1b4

([2]) توجيه أهالي بلدة تسيل شكوى رسمية للمجلس المحلي بخصوص لجنة الخبز، الصفحة الرسمية للمجلس المحلي في بلدة تسيل، تاريخ 28-11-2014، رابط إلكتروني https://goo.gl/JT59CF

([3]) شهدت بعض المجالس مظاهرات تطالب بإسقاطها إثر اتهام السكان لها بالتقصير وعدم معالجة مطالبهم وشكاويهم، للمزيد حول ذلك مراجعة، مظاهرات في “تفتناز” الإدلبية للمطالبة بإسقاط المجلس المحلي في البلدة، راديو الكل، تاريخ 16-1-2016، رابط http://goo.gl/d6S9Nh

([4]) اجتماع بعض وجهاء البلدة لمداولة مشاكل البلدة والبحث عن حلول لها، ‏المجلس المحلي في عينجارة وريفها‏، تاريخ 17-4-2016، رابط إلكتروني https://goo.gl/TTLMfv ، أيضاً أنظر لقاء جماهيري بين المجلس المحلي لإعزاز والأهالي، المبادرة السورية للشفافية، تاريخ 3-3-2015، رابط إلكتروني http://goo.gl/O32Y2g

([5]) المجلس المحلي لمدينة بنّش يحدث مكتب لاستقبال الشكاوى، موقع المبادرة السورية للشفافيةـ تاريخ 27-5-2015، رابط إلكتروني http://goo.gl/vV0iSK

([6]) تقرير صادر عن مكتب ديوان الشكاوى العام لشهر نيسان 2016، الصفحة الرسمية للمجلس المحلي لمدينة حلب على الفيس بوك، تاريخ 1-5-2016، رابط إلكتروني https://goo.gl/ZZDj7Z

([7]) آلية رد المظالم التي من الممكن أن تحصل في المجلس أو مع الناس، المجلس المحلي لإدارة بلدة كنصفرة، تاريخ 31-3-2016، رابط https://goo.gl/d7pFc0

([8]) سراقب: استحداث صندوق شكاوى للمواطنين، المبادرة السورية للشفافية، تاريخ 18-2-2015، رابط إلكتروني http://goo.gl/4hKFUU

([9]) المجلس المحلي يدعو لاجتماع مناديب العائلات في البارة، المجلس المحلي في بلدة البارة، تاريخ 17-3-2016، رابط إلكتروني https://goo.gl/khpMIQ ، أيضاً أنظر، الأتارب: منتدى لتعزيز التشاركية والتخفيف من حدّة النزاعات، المبادرة السورية للشفافية، تاريخ 12-10-2015، رابط إلكتروني http://goo.gl/lYlhfx

([10]) استبيان المجلس المحلي في بلدة معرة حرمة للوقوف على عمل المجلس وأراء السكان، الصفحة الرسمية المجلس المحلي في بلدة معرة حرمة، تاريخ 18-3-2016، رابط إلكتروني https://goo.gl/Oz6qwU

([11]) بيان المجلس المحلي في جبالا للسكان حول مراجعة المجلس في حال وجود شكاوى، الصفحة الرسمية للمجلس المحلي في جبالا، تاريخ 24-4-2016، رابط إلكتروني https://goo.gl/SPbuq9

 

التصنيف أوراق بحثية

في إطار تغطية الشأن الاقتصادي السوري قام راديو الكل بإجراء لقاء صوتي على الهواء مباشرة عبر أثير الإذاعة مع الباحث أيمن الدسوقي من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، وذلك للتعليق على دراسة "الإدارة المحلية في مناطق سيطرة التنظيم: "وهم الدولة".

ركز اللقاء بشكل رئيسي على تناول المادة المعدة من قبل الباحث من خلال طرح مجموعة تساؤلات تمحورت حول إدارة الاقتصاد في مناطق سيطرة التنظيم من حيث البنية الإدارية للتنظيم وفيما إذا كانت بنية مؤسساتية أم لا، وموارد التنظيم المالية وأثر ضربات التحالف الدولي على الحد من قدراته الاقتصادية، كما تطرق اللقاء إلى طبيعة نمط الإدارة الاقتصادية التي ينتهجها التنظيم، والاختلاف القائم في إدارته للاقتصاد المحلي في مناطق سيطرته لا سيما بين دير الزور والرقة، واختتم اللقاء بالسؤال حول مستقبل التنظيم وفيما إذا كان يشكل بديلاً للمجالس المحلية.

رابط البث: http://goo.gl/XUPNtp

تكتسب مبادرة المجلس الأعلى لمجالس المحافظات أهميتها من حيث الشكل كونها تهدف إلى تأطير هيئات الحكم المحلي على المستوى الوطني، ومن حيث المضمون لجهة اعتماد معايير وطنية للإدارة والحوكمة ورسم سياسات موحدة للتعاطي مع الجهات الداعمة، ومن حيث التوقيت لانعقادها في مرحلة مفصلية في تاريخ الثورة السورية تستدعي حضور المجتمعات المحلية وإشراكها في رسم معالم المرحلة الانتقالية على المستويين السياسي والإداري ، وعدم تهميشها لاعتبارات ومصالح دولية أو إقليمية أو  لاعتبارات ومصالح جهات وقوى داخلية موجودة على الساحة السورية، وإذ تشكل المبادرة مؤشراً مهماً على بروز الدور السياسي للمجالس إضافة لما تمارسه من دور خدمي، فإن تطوره مرهون بقدرة المجلس الأعلى على توحيد رؤية المجالس وإيجاد الآليات التي تمكنها من مواجهة التحديات التي تعترض تعزيز دورها في المرحلة الحالية والانتقالية وهو ما يمكن العمل عليه من خلال تبني عدة توصيات تقع في حزمتي السياسة والعلاقات والإدارة.

التصنيف تقدير الموقف