مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Displaying items by tag: التفجيرات

الملخص التنفيذي

  • في ظل المعادلة المعقدة التي تحكم الملف السوري في الوقت الحاضر، تبرز أسئلة الاستقرار الأمني في سورية كأحد المرتكزات الهامة والممَّكِنة لكل من التعافي المبكر والعودة الآمنة للاجئين والنازحين. وعليه يحاول هذا التقرير الإحاطة بالأرقام التقديرية الدالة على الاستقرار الأمني عبر تسليطه الضوء على أربعة مؤشرات بالغة الأهمية على مستوى الأمن الفردي والمجتمعي، باعتبار الفرد والمجتمع دعامة أي سياسة ترتجي النهوض والتعافي، والمؤشرات الأمنية الأربعة المدروسة في هذا التقرير هي: الاغتيالات والتفجيرات والاعتقالات والاختطاف، متبعاً "منهجية النماذج النوعية".
  • بتتبع مؤشري الاغتيال والتفجيرات في محافظات (الحسكة، دير الزور، درعا) خلال الفترة المدروسة تم حصر 380 عملية، مقسمة ما بين 308 عملية تفجير و72 عملية اغتيال. وتعددت الأدوات المستخدمة في تنفيذ هذه العمليات، ما بين إطلاق النار في 213 عملية، والعبوة الناسفة في 94 عملية، والآلية المفخخة في 39 عملية، واللغم في 25 عملية، والقنبلة اليدوية في 9 عمليات إضافة إلى أنواع أخرى من الأدوات. وبلغ العدد الإجمالي للضحايا 1008، موزعاً ما بين 490 عسكرياً و518 مدنياً. وكشفت النماذج المختارة في هذا التقرير والتي ضمت كلاً من (درعا – دير الزور – الحسكة) فشلاً واضح المعالم للنظام من جهة، وللإدارة الذاتية من جهة أقل. فقد جاءت أرقام التفجيرات والاغتيالات عالية بسبب الفوضى الأمنية التي تعيشها هذه المحافظات، جراء تعدد الفواعل وتوزعها ما بين محلي وأجنبي وميليشاوي، وتضارب الأجندة الخاصة بها وتباينها. الأمر الذي انعكس سلباً على مؤشر العودة الآمنة.
  • يبين كل من مؤشري الاغتيال والتفجيرات في مناطق سيطرة المعارضة السورية خلال الفترة المدروسة، أن وصول العدد الإجمالي لها إلى 266 حادثة، مُخلفة 1209 ضحية (890 مدنياً مقابل 319 عسكرياً)، إلى جانب تنفيذ 93 حادثة عن طريق العبوات الناسفة. بينما تم استخدام المفخخة في 69 حادثة. ويشير تحليل البيانات الخاص بمنطقتي "درع الفرات" وعفرين، إلى نشاط غرفة عمليات "غضب الزيتون"التي تصدرت تبني تنفيذ عمليات الاغتيال في هاتين المنطقتين. إلى جانب ذلك، فقد سُجلت نسبة مرتفعة من حوادث الاعتقال والاختطاف في هذه المناطق. وبشكل عام، تؤشر النسب السابقة إلى إخفاق الجهات الأمنية في تحصين بيئاتها المحلية من عمليات الاختراق، وعدم نجاحها في التعامل مع طرق ووسائل الاستهداف المتجددة التي تلجأ لها الجهات المنفذة للاغتيالات. وفي ظل هذه الهشاشة الأمنية التي تشهدها هذه المناطق، واستمرار عمليات غرفة غضب الزيتون، فإن الحديث عن العودة الآمنة للاجئين إلى هذه المناطق هو مثار شك لمن ينوي العودة إليها.
  • بتتبع مؤشريّ الاعتقالات والاختطاف في مدن جاسم ودوما والبوكمال والرقة خلال فترة إعداد هذا التقرير، تبين الإحصاءات حصول 73 عملية في هذه المدن وفق الآتي: جاسم: 15، دوما: 20 البوكمال: 20، الرقة: 18. إلى جانب 23 عملية نفذتها فواعل أجنبية استهدافوا 182 شخصاً، و19 عملية نفذتها فواعل محلية راح ضحيتها 117 شخصاً. فيما بقيت 31 عملية مجهولة المصدر، أدت إلى استهداف 89 شخصاً. كما بلغ عدد ضحايا العمليات 388 ضحية، متوزعة ما بين188 مدنياً، و 109من المصالحات، و 56عسكرياً، و12 من قوات الحماية الشعبية، و20 من الدفاع المحلي، و2 من الإدارة الذاتية، وعنصراً واحداً من مرتبات فرع الأمن العسكري. وتبين النتائج أعلاه وجود نسبة مرتفعة من التدهور في مؤشر الاستقرار الأمني، لا سيما في ظل تعدد الجهات المنفذة، والتي تنوعت ما بين جهات رسمية ودولية وميليشيات محلية، ناهيك عن العمليات التي بقيت مجهولة المصدر، الأمر الذي يؤكد عدم استقرار مؤشر العودة في ظل تدهور عوامل الحماية، وتعدد المرجعيات، وعدم كفاءة الفواعل الأمنية.
  • فيما يتعلق بمؤشري الاعتقال والاختطاف في كل من مدينتي عفرين وجرابلس. فقد بلغ عددها 169 حادثة. موزعة ما بين 37 حادثة في جرابلس، و132حادثة في مدينة عفرين، مخلفة 355 ضحية. وقد تبنت غرفة عمليات غضب الزيتون تنفيذ 17 عملية من مجموع هذه العمليات. فقد استهدفت جميع هذه العمليات عناصر تابعة للجيش الوطني عبر استدراجهم للتحقيق معهم ومن ثم القيام بتصفيتهم. وبحسب البيانات المرصودة، فإن النسبة الأكبر من العمليات وقعت في شهر كانون الثاني/ يناير من عام 2020. وقد تم التعرف إلى الجهات الفاعلة المنفذة لعمليات الاعتقال لـ 141 عملية، بينما بقيت 28 عملية مجهولة الفاعل. ويؤشر التباين في الأرقام المسجلة والذي يميل بشكل كبير إلى مدينة عفرين، إلى إخفاق الفواعل الأمنية في التصدي لمنفذي هذه العمليات، وضعف الإجراءات المتعلقة بالحوكمة الأمنية، مما يعزز بالتالي من تفاقم الاضطربات والمخاوف الأمنية، في ظل تعدد المرجعيات الأمنية، وتعدد موجبات الاعتقال.
  • يوصي التقرير بجملة سياسات، أهمها: تحفيز صناع القرار في الدول التي تستضيف لاجئين سوريين من أجل عدم التساهل في سياسات العودة. إذ تؤكد المعطيات وكما بين التقرير على تدهور مؤشر العودة الآمنة، وبالتالي ضرورة قيام حكومات هذه الدول بوضع حزم من الشروط القانونية والإدارية والسياسية التي تكفل توفير البيئة الآمنة، وفرضها على النظام.

مقدمة

تتسم العلاقة بين الاستقرار الأمني والتعافي المبكر بأنها علاقة عضوية في دول ما بعد النزاع، وعلاقة تبادلية في حالات الانتقال والتحول السياسي، إلا أن الثابت في معادلة تحقيق الأمن والاستقرار يتمثل بضرورة وجود مناخ سياسي جديد يجفف منابع ومسببات الصراع، والحالة السورية ليست استثناءً في هذا الأمر، فمن جهة أولى بات سؤال الاستقرار الأمني هاجساً وطنياً لكن بالوقت ذاته تعددت الأسباب الدافعة لحالات الفوضى والتشظي في المرجعيات، سواء المحلية أم الإقليمية والدولية، ومن جهة ثانية فإن الاستعصاء الذي يعتري حركة العملية السياسية وما رافقه من تحوير لجوهرها (من انتقال سياسي إلى لجنة دستورية غير واضحة المسار والمخرجات) فإنه يغيب في المدى المنظور أي انفراج متوقع من شأنه نقل البلاد إلى مناخات سياسية جديدة. وبالتالي بقاء مؤشرات الاستقرار بقيمها السالبة.

ومع اتجاه الملف السوري نحو سيناريو "التجميد القلق" معززاً احتمالية تصلب  الحدود الأمنية الفاصلة بين مناطق النفوذ الثلاثة في سورية: (منطقة النفوذ التركي وحلفيته المعارضة السورية في شمال غرب الفرات، ومنطقة النفوذ الأمريكي وحليفته الإدارة الذاتية شمال شرق الفرات، ومنطقة النفوذ الروسي والإيراني وحليفهما النظام)، فإن معدلات الاستقرار الأمني سترتبط بالتعافي المبكر والاستقرار الاجتماعي، سواء ما تعلق منها بالمقيمين في مناطقهم داخل سورية، أم أولئك النازحين من مناطق أخرى، واللاجئين في الخارج الذين يرتجون عودة كريمة وآمنة لمناطقهم، وهو محور اهتمام هذا التقرير، الذي يحاول رصد وتحليل أربعة مؤشرات بالغة الأهمية على مستوى الأمن الفردي والمجتمعي، وهي: الاغتيالات والتفجيرات والاعتقالات والاختطاف . وذلك من خلال عينة مختارة من المدن التي تمثل مختلف الجغرافية السورية.

من أجل الوصول إلى تقديرات صحيحة تم اختيار نماذج بإمكانها تقديم صورة قابلة للتعميم على باقي المناطق بارتياب مقبول. وعليه آثر التقرير، في قسميه الأول والثاني، تتبع مؤشري التفجيرات والاغتيالات خلال سنة كاملة، تبدأ من بداية شهر تموز/ يوليو 2019 وحتى نهاية شهر حزيران/ يونيو 2020، في مناطق النفوذ الثلاثة. ففي مناطق سيطرة النظام السوري تم اختيار المناطق التي يسيطر عليها النظام في محافظة دير الزور ومحافظة درعا باعتبارهما مناطق استعاد النظام السيطرة عليها، ويعد السؤال الأمني فيها الأكثر إلحاحاً.

 وبالنسبة لمناطق سيطرة الإدارة الذاتية، تم اختيار المناطق التي تسيطر عليها في دير الزور إلى جانب محافظة الحسكة التي تعدُّ مركزاً حيوياً هاماً لها. أما بالنسبة لمناطق سيطرة المعارضة السورية فتم تتبع كافة هذه المناطق في كل من محافظات إدلب وحلب والرقة والحسكة.

ولقياس هذين المؤشريّن تم تصميم نموذج خاص لرصد تلك العمليات، وتحليل البيانات الخاصة بها، كمؤشرات للعودة الآمنة، فقد شمل النموذج الخاص بالاغتيالات والتفجيرات كلاً من: (التاريخ - المكان - نوع الحادثة - المستهدف - أداة الاستهداف - صفة المستهدف - الجهة الفاعلة للعملية). وتم الإشارة إلى نتائج تلك العمليات وما أسفرت عنه. كما سعى التقرير كذلك إلى تحليل تلك البيانات ومقاطعتها بين مختلف المناطق، في محاولة لرسم الملامح العامة للوضع الأمني وقياس أولي لمؤشرات الاستقرار والعودة الآمنة.

في حين اعتمد التقرير على المصادر التالية:

  1. المُعرّفات على مواقع التواصل الاجتماعي للناشطين في مناطق الرصد أو المتابعين للعمليات الأمنية.
  2. المُعرّفات والمواقع الرسمية للوكالات ووسائل الإعلام المحليّة التي تقوم بتغطية الأحداث في تلك المحافظات.

وشمل المؤشران الثالث والرابع كلاً من الاعتقالات والاختطاف وهما مؤشران بالغا الأهمية، نظراً لما يشكلانه من محددات مهمة للعودة الآمنة للاجئ والنازح على حد سواء. وهنا تم اختيار ثلاثة نماذج من مناطق سيطرة النظام، وهي مدن تم السيطرة عليها منذ عام 2018، وهي مدينة جاسم في درعا، ودوما في ريف دمشق، والبوكمال في ريف دير الزور. أما بالنسبة لمناطق المعارضة فقد تم اختيار مدينة جرابلس باعتبارها مدينة تم السيطرة عليها منذ حوالي العامين ضمن إطار ما عرف باسم عملية "درع الفرات". وبالتالي تعد اختباراً موضوعياً لمؤشرات الاستقرار الأمني فيها، كما تم اختيار مدينة عفرين لحساسيتها من جهة لحداثة السيطرة (منذ مطلع 2018). إلى جانب كونها توفر معطيات أولية تتيح للتقرير مقارنتها مع النموذج الأول ومدى مطابقته أو الاختلاف عنه.

 من أجل ذلك تم تصميم نموذجٍ خاصٍ لرصد تلك العمليات، وتحليل البيانات الخاصة بها كمؤشرات للاستقرار والعودة الآمنة خلال نصف سنة تبدأ من تشرين الأول/ أكتوبر 2019 حتى نهاية آذار/ مارس 2020. فقد تم تصميم النموذج في ملف الاعتقال والاختطاف وفق الشكل التالي: (التاريخ - المكان - نوع العملية - صفة المستهدف - عدد المستهدفين - الجهات المسيطرة - أماكن الرصد - الجهة المستهدِفة - جنس المستهدف). فيما يتعلق بمصادر التقرير فقد تم الاعتماد على المقابلات الخاصة مع أشخاص مطلعين على تفاصيل الأحداث في المناطق المرصودة.  بالإضافة إلى الاعتماد على:

  1. نقاط الرصد الخاصة لوحدة المعلومات في مركز عمران في الشمال السوري.
  2. التقرير الأمني الخاص الصادر عن مكاتب منظمة إحسان للإغاثة والتنمية داخل سورية.
  3. المُعرّفات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي للجهات التي تم استهدافها.

لقراءة المادة انقر هنا

التصنيف الكتب

قدم الباحث في مركز عمران معن طلاع تصريحاً صحفياً ضمن تقرير نشرته صحيفة جسر الإلكترونية بعنوان: هل عاد “داعش” للحياة عبر الاغتيالات؟
رأى فيه الباحث إنه لا يمكن القفز إلى الاستنتاج بأن داعش يقف وراء عمليات الاغتيال تلك، وعندما نحلل مستويات الأرقام (من عمليات اغتيال وتفجيرات خلال شهري كانون الثاني وشباط الماضيين) نجد أن لا يمكن الحديث عن أي تحليل دون تحميل الجهات الأمنية المسؤولية الأولى عن حوادث القتل تلك. وطالما لا توجد نتائج لتحقيقات الاجهزة الأمنية، فإن الجزء الاكبر من المسؤولية يقع على عاتق تلك الأجهزة، التي يتوجب عليها تأمين الاستقرار الامني”.

مؤكداً الباحث أن “داعش” بعد الباغوز “أصبح يافطة أكثر من كونه جسم حقيقي، إذ بات غطاءاً للعديد من العمليات، جزء له علاقة بالعصابات، وجزء له علاقة بتصفية حسابات شخصية، وجزء مرتبط بدفع بعض الجهات السياسية، للقيام بعمليات أمنية تحت يافطة داعش”.

ووفقاً لرأيه فإن “الجزء الأكبر من عناصر داعش الذين خرجوا من المعتقلات، ليس لديهم ترابط تنظيمي، (مع عدم إغفال حالة الذئب المنفرد التي يستخدمها أشخاص ينتمون لداعش فكرًا ويقومون بعملياتهم)، لذا فإن هذه الحالة وغيرها ستشكل لما تبقى من داعش مناخاً جيداً لاعادة التفكير بمرحلة انتقالية ما، لا يمكن فهمها إلا بالنظر لواقع داعش عشية انهياره وما بعد الانهيار”.

للمزيد انقر رابط صحيفة الجسر: https://bit.ly/3cWYZme