شكلت محافظة درعا أحد أهم مراكز الصراع الدائر في سورية، لاسيما وأنها تتمتع بخصوصية رمزية كونها مهد الاحتجاجات التي اندلعت ضد النظام عام 2011 من جهة، وخصوصية جيوسياسية بالنسبة للنظام لتموضعها جنوبي العاصمة دمشق، ولفواعل إقليمية كالأردن وإسرائيل وذلك لقربها الجغرافي من حدود الدولتين من جهة أخرى.
لهذا، لم تغب محافظة درعا عن كونها أحد أهم المناطق المستهدفة من قبل النظام ومن خلفه روسيا وإيران على مدار الأعوام السابقة، إذ شهدت درعا عدة مراحل ومستويات من الصراع كان آخرها دخول المحافظة مسار "المصالحة" الثانية في أيلول/سبتمبر عام 2021، وذلك بعد مرور ثلاث أعوام على المسار الأول الذي اتسم بالفوضى الأمنية وتفشي الاغتيالات، بالإضافة إلى حالة الاحتقان المحلي، الأمر الذي لوحظ استمراره في مسار "المصالحة" الثاني أيضاً.
وعليه، ونظراً لأهمية محافظة درعا في معادلات الصراع السوري وضرورة تتبع نموذج "المصالحة" الذي يسعى النظام وروسيا لفرضه في مناطق مختلفة من سورية؛ تسعى هذه الورقة لتبيان الديناميات والسياقات المحلية والإقليمية لاتفاق "المصالحة" الأخير، وذلك في ضوء ما تبعه من تطورات أمنية وعسكرية تمَّت دراستها من خلال مؤشرين رئيسيين هما: (1) الاعتقالات المرتبطة بنشاط الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام، (2) الاغتيالات التي استهدفت شرائح واسعة من المعارضين السابقين وعناصر النظام، وفقاً لنطاق زمني يمتد بين تشرين الأول/أكتوبر 2021 وحتى نهاية أيلول/سبتمبر 2022؛ مستخدمةً تحليلاً كمياً ونوعياً للبيانات.
أولاً: مسارات "المصالحة" في درعا (غياب الاستقرار الأمني)
بدأ مسار "المصالحة" الأول في تموز/يوليو عام 2018، إذ تم فرضه على فصائل المعارضة السورية برعاية روسية، بعد حملة عسكرية واسعة شملت قصفاً صاروخياً ومدفعياً، وغارات جوية تزامنت مع تقدم بري لقوات النظام، أدت إلى نزوح ما يقارب 234 ألف شخص، ضمن سياسة "الأرض المحروقة" التي اتبعها النظام في السيطرة على مناطق المعارضة، ليأتي الاتفاق لينص على: إعلان وقف إطلاق النار، وتسوية أوضاع بعض المقاتلين وإعادة دمجهم، وإجلاء قسم آخر معارض للتسوية إلى محافظة إدلب بعد تسليمهم لأسلحتهم الثقيلة والمتوسطة، وعودة النازحين، وعودة مؤسسات "الدولة" بالإضافة لتثبيت سيطرة النظام على معبر نصيب الحدودي مع الأردن([1]) .
وضمن سياق "المصالحة" التي قادتها موسكو، حرصت الأخيرة على إمساك خيوط النفوذ في درعا وهو ما تجلى في تشكيل اللواء الثامن، بقيادة أحمد العودة القائد السابق لـ"قوات شباب السنة"، والذي يتألف بشكل رئيسي من المقاتلين السابقين في "قوات شباب السنة"، ومقاتلين معارضة سابقين، بالإضافة إلى بعض الكوادر الإدارية والتقنية ممن كانت منخرطة في أنشطة معارضة أو عملت لصالح المجالس المحلية أو منظمات غير حكومية أجنبية في فترات سابقة. وتركَّز انتشار اللواء الثامن في المنطقة الشرقية لمحافظة درعا عموماً ومدينة بصرى الشام في ريفها الشرقي خصوصاً، علماً أن اللواء الثامن تم إلحاقه رسمياً بالفيلق الخامس الذي تم تأسيسه بإشراف روسي مباشر في أواخر عام 2016، قبل أن يتم إلحاقه بالمخابرات العسكرية لاحقاً ([2]).
بمقابل انتشار اللواء الثامن المدعوم روسياً في المنطقة الشرقية من درعا، شهدت المنطقة الغربية حالة معقدة من تزاحم النفوذ لوحدات أمنية وعسكرية مختلفة: كالفرقة الرابعة والخامسة، والمخابرات العسكرية، والمخابرات الجوية، والمخابرات العامة، وميليشيات مدعومة إيرانياً كحزب الله على سبيل المثال لا الحصر، الأمر الذي شكل عاملاً رئيسياً لتوسع الفوضى الأمنية ودائرة العنف بمختلف أشكاله، واستهداف عناصر "المصالحة" من المعارضين السابقين إلى جانب استهداف بعض عناصر النظام والمدنيين أيضاً. أما درعا البلد، فقد اتسمت الحالة الأمنية فيها بالتعقيد، حيث تواجد محدود لقوات النظام وانتشار لمجموعات محلية مسلحة بأسلحة خفيفة وحالات مقاومة محلية بين الحين والآخر([3]) .
لذلك، لم يكن النفوذ الروسي وتشكيل اللواء الثامن كافياً لتأسيس استقرار أمني في درعا، إذ عانت المحافظة من حالة اضطراب أمني وعنف واسع النطاق – متباين بين منطقة وأخرى – بفعل مقاربة النظام الأمنية، ناهيك عن انتشار السلاح المصحوب بالاحتقان المحلي والنزعات الانتقامية، بالإضافة لنشاط تنظيم الدولة ضمن هذه الديناميات.
ضمن خارطة السيطرة والنفوذ الأمني المُعقَّد، لم يستطع النظام فرض مقاربة صفرية في محافظة درعا في 2018، أسوة بتلك التي فرضها في القلمون الشرقي، والغوطة الشرقية، وريفي حمص وحماة، وذلك لأسباب عديدة أهمها حضور النفوذ الروسي الذي يرتبط بالقلق والمخاوف الأردنية والإسرائيلية، والذي انعكس باستمرار وجود مقاتلي المعارضة تحت مظلات عسكرية وأمنية مختلفة أبرزها اللواء الثامن، مع اعتبار روسيا كضامن لتقويض النفوذ الإيراني من جانب كل من الأردن وإسرائيل.
كما حافظت الحاضنة الشعبية المحلية على موقفها المعارض للنظام ومقاربته الأمنية تجاه المحافظة، الأمر الذي تجلى في رفض الأهالي المشاركة في انتخابات النظام الرئاسية في أيار/مايو من عام 2021، والخروج في مظاهرات واحتجاجات واسعة([4])، ناهيك عن الاحتجاجات ضد النظام في ذكرى الثورة السورية على مدار الأعوام السابقة بشكل عام وفي آذار/مارس من عام 2021 تحديداً([5]) .
لهذا، لم يكن مسار "المصالحة" الأولى مرضياً للنظام ومقاربته الأمنية، وهو ما تجلَّى في شنِّه عملية عسكرية في حزيران/يونيو من عام 2021 تضمنت حصاراً لأحياء درعا البلد وقصفاً مدفعياً سقط فيه العديد من القتلى المدنيين، الأمر الذي أدى لإطلاق شرارة مواجهات عديدة في ريفي درعا الشرقي والغربي شمل هجوماً على حواجز النظام وقتل وأسر العديد من عناصره([6]).
بعد عدة جولات من المفاوضات الفاشلة بين اللجنة المركزية ووجهاء حوران ولجنة درعا البلد واللواء الثامن من جهة واللجنة الأمنية التابعة للنظام من جهة أخرى، والتي رافقتها حملات ضغط عسكرية من قبل النظام، تم الاتفاق على "الوقف الفوري لإطلاق النار، دخول دورية للشرطة العسكرية الروسية وتمركزها في درعا البلد، فتح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، معاينة هويات المتواجدين في درعا البلد لنفي وجود الغرباء، نشر أربع نقاط أمنية، فك الطوق عن محيط مدينة درعا، إعادة عناصر مخفر الشرطة، البدء بإدخال الخدمات إلى درعا البلد، العمل على إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين"، وذلك بضمانة روسية في بدايات شهر أيلول/سبتمبر 2021([7]).
وهكذا شملت التسويات التي بدأت من درعا البلد معظم أنحاء محافظة درعا، ليعلن النظام السوري في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2021 عن إتمام عملية التسوية وافتتاح "مركز للتسوية في قسم شرطة المحطة بمدينة درعا لاستقبال من تبقى من الراغبين بتسوية أوضاعهم من مختلف مناطق المحافظة وفق الاتفاق الذي طرحته ’الدولة‘"([8])، بالتزامن مع استمرار تواجد المجموعات المحلية المسلحة في مناطق مختلفة من درعا، بالإضافة للواء الثامن في معقله الرئيسي في بصرى الشام جنوب شرق المحافظة.
ثانياً: الاعتقالات (مطرقة المخابرات العسكرية)
نظراً لكون ملف المعتقلين أحد أبرز نقاط اتفاق التسوية؛ أعلن النظام السوري عن الإفراج عن 101 شخص "ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين"، وذلك على خمس دفعات خلال تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر من عام 2022، ضمن "إطار اتفاق التسوية الذي طرحته ‘الدولة‘ في المحافظة"([9]). وقد شملت هذه السلسلة من الإفراجات أشخاصاً تم اعتقال أغلبهم بشكل تعسفي بعد تسوية 2018 أو من المتهمين بقضايا جنائية([10])، منهم من خارج محافظة درعا([11])، في حين لم يتم الإفراج عن معتقلي ما قبل تلك المدة([12])، ناهيك عن استمرار قوات النظام بممارسة عمليات الاعتقال الممنهجة بعد التسوية الأخيرة، حيث اعتقلت قوات النظام منذ بداية التسوية الأخيرة في درعا في نهاية شهر أيلول/سبتمبر 2021، 345 شخصاً في محافظة درعا 28% منهم من عناصر المعارضة السابقين. ونشطت في عمليات الاعتقال خمس جهات من مؤسسات النظام الأمنية والعسكرية، أبرزها: الأمن الجنائي، والمخابرات العسكرية، والمخابرات الجوية، والمخابرات العامة، والأمن السياسي، وذلك وفقاً للنسب التالية([13]) :
وبحسب البيانات، فإن 40% من المعتقلين تم اعتقالهم من قبل الأمن الجنائي الذي ينشط في مختلف أرجاء درعا، وهو ما يعكس حالة انتشار الجرائم المرتبطة بالفوضى الأمنية في المحافظة، إذ شهدت أعلى معدل في انتشار الجريمة على مدار السنوات الأربع الماضية، والتي وصلت في عام 2021 فقط لـ115 جريمة من أصل 414 جريمة في عموم مناطق سيطرة النظام، بحسب المدير العام للهيئة العامة للطب الشرعي التابعة للنظام([14]) .
ولا يقتصر نشاط جهاز الأمن الجنائي على الأحداث الجنائية فقط، وإنما يمتد ليشمل مسائل غير جنائية كرصد الجهاز للنشاط الإعلامي للمواطنين تحت ذريعة "قانون الجرائم الإلكترونية"، إذ سبق وقام الأمن الجنائي بالتنسيق مع إدارة الشرطة وإدارة الاتصالات بملاحقة 192 مدنياً غالبهم في طفس بتهمة "الاشتراك بغرفة أخبار من شأنها بث الفتنة الطائفية وزعزعة الثقة بقوات الجيش العربي السوري والتشهير به"، وذلك بسبب اشتراكهم بغرفة "أخبار طفس لحظة بلحظة" في تطبيق "واتس اب"([15]). وتعتبر التهم المرتبطة بقانون الجرائم الإلكترونية، كـانتقــاد الحالة المعيشية المتدهورة أو الفســاد الحكومــي فــي مناطــق سيطرة النظــام الســوري([16])، ونقل المعلومات والأخبار المتعلقة بالوضع الميداني للوسائل الإعلامية من أبرز الذرائع التي يستخدمها الأمن الجنائي في عمليات الاعتقال التي يقوم بها، تحت تهمة "الإساءة لمؤسسات الدولة([17]) .
أما المخابرات العسكرية، فتعتبر مسؤولة عن 37% من عمليات الاعتقال في محافظة درعا مقابل 14% من العمليات قامت بها المخابرات الجوية، في حين قام كل من المخابرات العامة والأمن السياسي بتنفيذ 6% وَ 3% من عمليات الاعتقال على التوالي، وذلك بحكم تواجدهم المنخفض نسبياً في المحافظة مقارنةً بالمخابرات العسكرية والمخابرات الجوية.
ويرتبط ارتفاع نشاط المخابرات العسكرية بعمليات الاعتقال بازدياد نفوذها في محافظة درعا منذ بداية التسوية الأخيرة في نهاية أيلول/سبتمبر 2021، والتي تجلَّت بدايةً بانسحاب "الفرقة الرابعة" و"الفرقة 15" المدعومتين من قبل إيران من غربي درعا، وتَركُّز تواجد المخابرات الجوية المدعومة إيرانياً في المنطقة الشرقية باستثناء منطقة بصرى الشام التي بقيت تحت سيطرة اللواء الثامن([18]). يُضاف إلى ذلك تنفيذ المخابرات العسكرية لعمليات أمنية محدودة على غرار ما حدث في جاسم وطفس واليادودة غربي درعا بحجة تواجد مطلوبين أو أعضاء من تنظيم الدولة([19]).
لهذا، تتجه خارطة السيطرة الأمنية والعسكرية تجاه نفوذ أكبر للمخابرات العسكرية مقابل المخابرات الجوية لعدة عوامل أهمها: (1) فاعلية المخابرات العسكرية بشكل أكبر على مستوى قطاع المحافظات في سورية مقارنةً بباقي الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بما فيها المخابرات الجوية، وهو ما يعود لوجود فرع مخابرات عسكرية واحد مسؤول عن درعا والسويداء، (2) قيادة العميد "لؤي العلي" الذي شغل منصب رئيس القسم في درعا بدايةً عام 2011 ومن ثم تسلَّم رئاسة الفرع خلفاً لـ"وفيق ناصر" في كانون الثاني/يناير عام 2018 قبل بدء التسوية الأولى بدرعا وحتى اليوم([20]) .
وبالمقارنة، لا تتمتع المخابرات الجوية بذات المستوى من الفاعلية للمخابرات العسكرية على مستوى قطاع المحافظات بما فيها درعا من جهة، ولم يكن هناك حالة من الاستمرارية على مستوى قيادة القسم في درعا من جهة أخرى. ويتضح ذلك من خلال: (1) وجود قسم في محافظة درعا يتبع لفرع المخابرات الجوية في حرستا. (2) تعاقب ثلاث شخصيات على رئاسة هذا القسم منذ بدء الحراك الشعبي وهم: العميد "قصي ميهوب" بين 2011 وَ 2019 والعقيد الركن "سليمان محمود حمود" من بداية عام 2019 وحتى أيلول/سبتمبر من العام ذاته([21])، والعقيد "خردل ديوب" الذي تمَّت ترقيته لرتبة عميد في بداية عام 2022([22]).
ثالثاً: الاغتيالات (أداة النظام الانتقامية)
منذ اتفاق "المصالحة" الأخير في أيلول/سبتمبر 2021، لم تتوقف عمليات الاغتيال في محافظة درعا والتي طالت طيفاً واسعاً من المدنيين والعسكريين سواء من المحسوبين على المعارضة والمجتمع المحلي أو المحسوبين على النظام ، إذ تم رصد 359 عملية ومحاولة اغتيال ذهب ضحيتها ما يقارب الـ316 شخصاً تم تصنيفهم ضمن فئتين رئيسيتين: (1) فئة العسكريين السابقين أو الحاليين في مختلف التشكيلات المسلحة، ويُقدَّر عدد الأشخاص الذين اغتيلوا من هذه الفئة بـ178 شخصاً أي ما يُعادل 56ـ% من النسبة العامة، (2) فئة المدنيين والتي تضم طيفاً واسعاً من السكان المحليين إلى جانب شخصيات تقنية وحزبية تعمل في مؤسسات النظام، ويُقدَّر عدد من اغتيل منهم بـ111 شخصاً بما يعادل 34% من النسبة العامة. بالإضافة إلى تجار المخدرات والذين يُقدَّر عدد من اغتيل منهم بـ18 شخصاً بنسبة 7%، وأعضاء اللجان المركزية ويقدَّر عدد من اغتيل منهم بـ9 أشخاص بنسبة 3%، وذلك وفقاً للجدول التالي([23]):
يتوزع عدد من تم اغتيالهم من فئة العسكريين السابقيين والحاليين (والبالغ 178 شخصاً) على ست فئات رئيسية: (1) العناصر العسكرية للمعارضة السورية ممَّن انخرطوا في التسويات الأمنية دون أن ينضموا لتشكيلات عسكرية أو أمنية لاحقاً والذين شكَّلوا نسبة 34% من الاغتيالات، (2) العناصر العسكرية للمعارضة ممَّن انضموا لتشكيلات النظام العسكرية أو الأمنية كالفرقة الرابعة والمخابرات العسكرية والمخابرات الجوية والمؤسسات الأمنية الأخرى والذين شكَّلوا نسبة 23% من الاغتيالات، (3) العناصر العسكرية للمعارضة ممَّن انخرطوا في التسويات الأمنية وانضموا للواء الثامن والذين شكَّلوا نسبة 6% من الاغتيالات، (4) عناصر معارضة آخرون لم يشاركوا في التسوية الأمنية واستمروا في نشاطهم ضمن مجموعات محلية مسلحة والذين شكَّلوا نسبة 8% من الاغتيالات، (5) عناصر النظام الأمنية والعسكرية والذين شكَّلوا نسبة 18% من الاغتيالات، (6) العناصر السابقين أو الحاليين في تنظيم الدولة والذين شكَّلوا نسبة 11% من الاغتيالات، وذلك وفقاً للجدول التالي:
وبحسب البيانات، يُلاحظ بأن عناصر المعارضة التي انضمت لـلواء الثامن هم الفئة الأقل عرضة للاغتيال والاستهداف، وذلك لكون اللواء الثامن كان قد تشكَّل ببنية تنظيمية يتألف عمودها الفقري من فصائل المعارضة السابقة والتي كان أبرزها قوات "شباب السنة"، واحتفاظه بمركزية جغرافية في منطقة بصرى الشام، وتمتعه بحاضنة شعبية نسبية لكون قيادته وعناصره من أبناء المنطقة والمعارضين القدامى، والاستقرار الخدمي الأمني والخدمي النسبي في مناطق سيطرته مقارنةً ببقية المناطق في درعا.
وقد مكَّن ذلك اللواء من تأمين حماية أكبر نسبياً لعناصره مقارنةً بعناصر المعارضة السابقة التي اعتزلت العمل العسكري أو تلك التي انضمت لمؤسسات النظام الأمنية والعسكرية، إذ كانت الفئتان الأخيرتان الأكثر عرضةً للاغتيال بحكم تفكك البنى التنظيمية القادرة على تأمين حماية – وإن كانت نسبية – لهم في ظل مقاربة النظام الانتقامية، وانتشار النعرات الانتقامية المحلية المرتبطة بالتسوية في ظل الفوضى الأمنية في المنطقة.
بالمقابل، لا تخرج الاغتيالات التي طالت عناصر النظام أو المحسوبين أو المتهمين بالتعامل معه من جهة، والاغتيالات الأخرى التي طالت العديد من عناصر المجموعات المسلحة سواء تلك التي التحقت أم لم تلتحق بالتسوية بالإضافة إلى عناصر تنظيم الدولة من جهة أخرى، عن سياق ازدحام الفاعلين المحليين المتنازعين فيما بينهم في ظل غياب قوة مهيمنة بشكل مطلق على الأرض، بالإضافة لتولُّد حالة من النزعات الانتقامية بدوافع سياسيِّة نشأت نتيجة للصراع الدموي بشكل عام، وما تبعه من مواقف للفواعل المحلية بشأن "المصالحة" وعمليات التسوية التي ارتبطت بسلسلة من التصفيات والعمليات العسكرية والأمنية المتعددة، التي أدت للزيادة التدريجية لنفوذ أجهزة النظام وعلى رأسها جهاز المخابرات العسكرية في المحافظة بشكل خاص.
لا تقتصر عمليات الاغتيال على العسكريين فقط، وإنما تمتد لتطال فئات واسعة بما فيها المدنيين الذين يُقدَّر عدد من اغتيل منهم بـ111 شخصاً من ضمنهم شخصيات مرتبطة بمؤسسات النظام الرسمية والحزبية كقيادات في حزب البعث، ورؤساء بلديات، وعاملين في مديريات مدنية وخدمية، وقضاة، وتقنيين في مؤسسات النظام الأمنية والعسكرية. وقد وصلت نسبتهم ما يُقارب الـ20% من مجمل الاغتيالات التي طالت شخصيات مدنية. ويُقدِّم ذلك دلالة واضحة للنزعة الانتقامية المحلية تجاه العاملين في مؤسسات النظام بشكل عام بغض النظر عن طبيعة وظيفتهم، نتيجةً لممارسات النظام المستندة لمقاربته الأمنية الصفرية للمنطقة.
تُضاف إلى ذلك الاغتيالات التي طالت 9 أشخاص على الأقل من اللجان المركزية المسؤولة عن تمثيل المجتمع المحلي والتفاوض مع النظام في حالات التصعيد منذ اتفاق التسوية الأخير، الأمر الذي دفع اللجنة المركزية في ريف درعا الغربي لتجميد نشاطها في بدايات عام 2022 لا سيما بعد اغتيال أبرز شخصيتين في اللجنة: "الشيخ أحمد البقيرات" و "مصعب البردان"، وذلك في كانون الأول/ديسمبر 2021، وشباط/فبراير 2022 على التوالي([24]). وهكذا، تم تحييد دور اللجنة المركزية في ريف درعا الغربي، ودور اللجنة المركزية في منطقة درعا البلد التي حلَّت نفسها في آب/أغسطس 2022 بسبب عجزها عن القيام بدور فعال لحل مشاكل المنطقة واتهامها بـ"العمالة" لصالح النظام([25]) .
إلى جانب الفئات السابقة، تعتبر الاغتيالات التي طالت 18 شخصاً على الأقل من تجار المخدرات كمؤشر إضافي لحالة الانتقامات المحلية من جهة، ومؤشر للتنافس بين مجموعات مختلفة تنشط في تجارة المواد المخدرة من جهة أخرى، ناهيك عن نشاط الفاعل الأردني كونه المتضرر الأكبر من نشاط تجارة المخدرات والذي يقوم بضبط شحنات ضخمة من المواد المخدرة القادمة من مناطق سيطرة النظام، يتم إنتاجها وتهريبها من قبل المجموعات المرتبطة بإيران و"حزب الله" وقوات النظام وشبكات التهريب المرتبطة بها([26])، إذ أنه وعلى الرغم من سعي روسيا لتقليص حجم النشاط الإيراني في درعا إلا أن ذلك لم ينعكس على نشاطها في إنتاج وتهريب المخدرات.
لا تعتبر استراتيجية النظام الأمنية تجاه محافظة درعا، والتي تهدف إلى فرض "سيادة الدولة" على المدى الطويل استثناءً عن مقاربته تجاه مختلف المناطق السورية الخارجة عن سيطرته، وهو ما يتَّضح على مستوى السردية التي يتبناها النظام تجاه التسويات معرفاً إياها بـ"اتفاق التسوية الذي طرحته الدولة".
ويتَّضح على مستوى الممارسة باعتماده نهجاً أمنياً انتقامياً تجاه المعارضين السابقين من المدنيين والعسكريين سواء أولئك الذين انضموا للتسويات الأخيرة أم لا، مستخدماً كلاً من عمليات الاعتقال والاغتيال كأدوات تنفيذية لهذا النهج، وذلك لغياب قدرة النظام على القيام بحملات عسكرية واسعة لأسباب تتعلق بالقدرات العسكرية والموقف الروسي والأردني الرافض لهذا النوع من التصعيد. لينعكس ذلك على أرض الواقع باستمرار الفوضى الأمنية، وانتشار النعرات الانتقامية التي طالت مخلتف الأطراف بما فيها عناصر النظام من العسكريين والمدنيين.
وفي ظل تزاحم الفواعل وغياب الهيمنة المطلقة في المحافظة، يسعى النظام لزيادة نفوذه عن طريق جهاز المخابرات العسكرية، المسؤول الأبرز عن عمليات الاعتقال في المحافظة، حيث يتزايد نفوذه على حساب بقية الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام، مستفيداً من بنيته المتماسكة وقدرته على المناورة ضمن إطار التسويات مع المجموعات المحلية.
ومع ذلك، لم يرق هذا التمدد لدرجة الهيمنة أو فرض "سيادة الدولة" حتى الآن، نظراً لكون المنطقة الجنوبية السورية بشكل عام ودرعا بشكل خاص ساحة نفوذ وتنافس إقليمية لكل من: روسيا وإيران والأردن وإسرائيل من جهة، واستفادة المجموعات المحلية من هذه الخارطة ومقاومتها لهذا التمدد من جهة أخرى. لتلقي جملة هذه العوامل بظلالها على طبيعة توازن القوى ومساحات فعل النظام الكلية، ما دفعه للجوء لاستراتيجية التقدم البطيء التدريجي ضمن خارطة النفوذ والقوى المعقدة.
بالمقابل، تلعب الأجهزة الأمنية والعسكرية دوراً مهدداً للأمن المحلي والإقليمي عبر انخراطها المباشر وغير المباشر في تنفيذ أنشطة العنف بدوافع سياسية كالاعتقالات والاغتيالات من جهة، ورعايتها لأنشطة الجريمة المنظمة كشبكات تهريب المخدرات من جهة أخرى، ناهيك عن الهوة الموجودة بين هذه الأجهزة والمجتمع المحلي نتيجة الصراع الدموي.
ختاماً، وعلى الرغم من مضي أكثر من أربعة أعوام على مسار "المصالحة" في درعا، لم تنتج اتفاقيات التسوية التي فرضتها روسيا والنظام حلاً مستداماً في المحافظة، مثلما أنها لم تنتج نموذجاً مستقراً في مناطق التسوية الأخرى في ريف دمشق وريفي حمص وحماة. وإنما كانت بمجملها عبارة عن مسارات متعثرة لفرض حلول جزئية بهدف تجاوز الحل السياسي الشامل لمعالجة جذر الأزمة السياسية، مقدمةً مؤشرات واضحة على عدم نجاعة هذا النموذج الذي يتسم بانعدام الاستقرار الأمني، القابل للاستمرار في ظل أوضاع اقتصادية مزرية تزيد من وطأتها.
([1]) تعرف على تسلسل الحملة العسكرية على درعا.. هكذا بدأت، عربي 21، 07 تموز/يوليو 2018، الرابط: https://cutt.us/F7gDJ
2) Abdullah Al-Jabassini, From Insurgents to Soldiers: The Fifth Assault Corps in Daraa, Southern Syria, European University Institute, 14 May 2019, Link: https://cutt.us/AYHCT
(3) عبد الله الجباصيني، الحوكمة في درعا جنوب سوريا: أدوار الوسطاء العسكريين والمدنيين، برنامج مسارات الشرق الأوسط، 04 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، الرابط: https://cutt.us/LRaaw
(4) معن طلاع، اتفاقيات المصالحة في درعا 2021: السياق والانعكاسات المحتملة على المشهد السوري، مركز الجزيرة للدراسات، 29 تشرين الأول/أوكتوبر 2021، الرابط: https://cutt.us/vWpFW
(5) مقتطفات من احتفالية أهالي درعا البلد في ميلاد الثورة العاشر 18 آذار 2021، تجمع أحرار حوران، 20 آذار/مارس 2021، الرابط: https://cutt.us/WScfh
(6) في أول تصعيد منذ 2018.. قتلى وجرحى في درعا وريفها جراء قصف للنظام السوري، الجزيرة نت، 29 تموز/يوليو 2021، الرابط: https://cutt.us/WLncA
(7) جلال بكور، المعارضة السورية تؤكد بنود اتفاق درعا البلد وروسيا تشرع بتنفيذه، العربي الجديد، 01 ايلول/سبتمبر 2022، الرابط: https://cutt.us/m02Tq
(8) إتمام تسويات الريف… وافتتاح مركز في مدينة درعا لاستقبال من تبقى من الراغبين بتسوية أوضاعهم، وكالة سانا، 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، الرابط: https://cutt.us/TIJ9Y
(9)حصيلة المعتقلين التي أعلن النظام عن الإفراج عنهم عبر وكالة سانا ضمن التسوية، الروابط: https://cutt.us/ySoZP - https://cutt.us/GqAhd - https://cutt.us/3jcKl - https://cutt.us/jFpQV - https://cutt.us/miwAC
(10) بيان صحفي – توضيح حول دفعتي المفرج عنهم من سجون قوات النظام، مكتب توثيق الشهداء في درعا، 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، الرابط: https://cutt.us/Bl1xR
(11) تجارة الألم.. 3 كذبات لنظام الأسد وراء معتقلي درعا المفرج عنهم، أورينت نت، 07 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، الرابط: https://cutt.us/auhCR
(12) "انسوا المعتقلين قبل 2014".. تفاصيل زيارتين لرئيس المخابرات العامة لدرعا إحداها سرية، السورية نت، 28 شباط/فبراير 2019، الرابط: https://cutt.us/Zsgd4
(13) حصيلة رصد للمصادر المحلية على مدار عام كامل بدءاً من تشرين الأول/أكتوبر 2021 وحتى نهاية أيلول/سبتمبر 2022.
(14) 414 ضحية بسبب جرائم القتل 50 بالمئة تم اكتشافها خلال 48 ساعة و95 بالمئة خلال أسبوعين … «الطب الشرعي» لـ«الوطن»: 10 بالمئة انخفضت حالات الانتحار في العام الحالي، صحيفة الوطن، 14 كانون الأول/ديسمبر 2021، الرابط: https://cutt.us/DDp7z
(15) ملاحقة 192 مدنيًّا بتهمة بث الفتنة الطائفية وزعزعة الثقة بالجيش والتشهير به، درعا 24، 18 كانون الثاني/يناير 2022، الرابط: https://cutt.us/YvD2z
(16) نشطت أفرع الأمن الجنائي على مدار عام 2021 في تنفيذ حملات اعتقال واسعة بتهمة انتقاد الوضع المعيشي والفساد الحكومي، ووجهت لهم سلسلة من التهم المرتبطة بقانون الجرائم الإلكترونية. للمزيد:
التقرير السنوي الحادي عشر: أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا في عام 2021: انهيار الدولة وتفتيت المجتمع، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، 20 كانون الثاني/يناير 2022، الرابط: https://cutt.us/eK1gQ
(17) قام الأمن الجنائي باعتقال أحد الأشخاص بتهمة التواصل والتعامل مع مواقع إلكترونية تعمل لـ"غابات مشبوهة" تهدف لـ"الإساءة لمؤسسات الدولة". للمزيد: إدارة الأمن الجنائي تلقي القبض على أحد المتعاملين مع المواقع الإلكترونية المشبوهة، صحيفة تشرين، 17 أيار/مايو 2022، الرابط: https://cutt.us/65a4F
(18) تقاسم نفوذ جديد بعد انتهاء “التسويات” في درعا، عنب بلدي، 07 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، الرابط: https://cutt.us/u9pTV
(19) النظام السوري يصوّب نحو اليادودة في ريف درعا بعد جاسم وطفس، العربي الجديد، 26 تشرين الأول/أكتوبر 2022، الرابط: https://cutt.us/wKY8q
(20) الأمن العسكري... العدو الأول لأهالي درعا والسويداء، العربي الجديد، 12 أيلول/سبتمبر 2022، الرابط: https://cutt.us/i2o4O
(21) منذ 2011.. شخصيتان تعاقبتا على رئاسة فرع “المخابرات الجوية” في درعا، عنب بلدي، 09 أيلول/سبتمبر 2019، الرابط: https://cutt.us/k3huu
(22) ماذا يعني نقل أحد أكثر جنرالات الأسد دموية إلى درعا؟، عربي 21، 3 تشرين الأول/أكتوبر 2019، الرابط: https://cutt.us/wa6qv
(23) حصيلة رصد للمصادر المحلية على مدار عام كامل بدءاً من تشرين الأول/أكتوبر 2021 وحتى نهاية أيلول/سبتمبر 2022.
(24)باغتيال أعضائها أو مغادرتهم: النظام يفكك لجان التفاوض في درعا، سوريا على طول، 30 آب/أغسطس 2022، الرابط: https://cutt.us/O00uH
(25) “لعجزها” عن حل المشاكل.. “اللجنة المركزية” في درعا البلد تحل نفسها، السورية نت، 04 آب/أغسطس 2022، الرابط: https://cutt.us/bzVal
(26) خليفات: قوات سورية غير منضبطة تدعم مهربي المخدرات على حدودنا، جريدة الغد، 15 أيار/مايو 2022، الرابط: https://cutt.us/NYI3u
تتسم العلاقة بين الاستقرار الأمني والتعافي المبكر بأنها علاقة عضوية في دول ما بعد النزاع، وعلاقة تبادلية في حالات الانتقال والتحول السياسي، إلا أن الثابت في معادلة تحقيق الأمن والاستقرار يتمثل بضرورة وجود مناخ سياسي جديد يجفف منابع ومسببات الصراع، والحالة السورية ليست استثناءً في هذا الأمر، فمن جهة أولى بات سؤال الاستقرار الأمني هاجساً وطنياً لكن بالوقت ذاته تعددت الأسباب الدافعة لحالات الفوضى والتشظي في المرجعيات، سواء المحلية أم الإقليمية والدولية، ومن جهة ثانية فإن الاستعصاء الذي يعتري حركة العملية السياسية وما رافقه من تحوير لجوهرها (من انتقال سياسي إلى لجنة دستورية غير واضحة المسار والمخرجات) فإنه يغيب في المدى المنظور أي انفراج متوقع من شأنه نقل البلاد إلى مناخات سياسية جديدة. وبالتالي بقاء مؤشرات الاستقرار بقيمها السالبة.
ومع اتجاه الملف السوري نحو سيناريو "التجميد القلق" معززاً احتمالية تصلب الحدود الأمنية الفاصلة بين مناطق النفوذ الثلاثة في سورية: (منطقة النفوذ التركي وحلفيته المعارضة السورية في شمال غرب الفرات، ومنطقة النفوذ الأمريكي وحليفته الإدارة الذاتية شمال شرق الفرات، ومنطقة النفوذ الروسي والإيراني وحليفهما النظام)، فإن معدلات الاستقرار الأمني سترتبط بالتعافي المبكر والاستقرار الاجتماعي، سواء ما تعلق منها بالمقيمين في مناطقهم داخل سورية، أم أولئك النازحين من مناطق أخرى، واللاجئين في الخارج الذين يرتجون عودة كريمة وآمنة لمناطقهم، وهو محور اهتمام هذا التقرير، الذي يحاول رصد وتحليل أربعة مؤشرات بالغة الأهمية على مستوى الأمن الفردي والمجتمعي، وهي: الاغتيالات والتفجيرات والاعتقالات والاختطاف . وذلك من خلال عينة مختارة من المدن التي تمثل مختلف الجغرافية السورية.
من أجل الوصول إلى تقديرات صحيحة تم اختيار نماذج بإمكانها تقديم صورة قابلة للتعميم على باقي المناطق بارتياب مقبول. وعليه آثر التقرير، في قسميه الأول والثاني، تتبع مؤشري التفجيرات والاغتيالات خلال سنة كاملة، تبدأ من بداية شهر تموز/ يوليو 2019 وحتى نهاية شهر حزيران/ يونيو 2020، في مناطق النفوذ الثلاثة. ففي مناطق سيطرة النظام السوري تم اختيار المناطق التي يسيطر عليها النظام في محافظة دير الزور ومحافظة درعا باعتبارهما مناطق استعاد النظام السيطرة عليها، ويعد السؤال الأمني فيها الأكثر إلحاحاً.
وبالنسبة لمناطق سيطرة الإدارة الذاتية، تم اختيار المناطق التي تسيطر عليها في دير الزور إلى جانب محافظة الحسكة التي تعدُّ مركزاً حيوياً هاماً لها. أما بالنسبة لمناطق سيطرة المعارضة السورية فتم تتبع كافة هذه المناطق في كل من محافظات إدلب وحلب والرقة والحسكة.
ولقياس هذين المؤشريّن تم تصميم نموذج خاص لرصد تلك العمليات، وتحليل البيانات الخاصة بها، كمؤشرات للعودة الآمنة، فقد شمل النموذج الخاص بالاغتيالات والتفجيرات كلاً من: (التاريخ - المكان - نوع الحادثة - المستهدف - أداة الاستهداف - صفة المستهدف - الجهة الفاعلة للعملية). وتم الإشارة إلى نتائج تلك العمليات وما أسفرت عنه. كما سعى التقرير كذلك إلى تحليل تلك البيانات ومقاطعتها بين مختلف المناطق، في محاولة لرسم الملامح العامة للوضع الأمني وقياس أولي لمؤشرات الاستقرار والعودة الآمنة.
في حين اعتمد التقرير على المصادر التالية:
وشمل المؤشران الثالث والرابع كلاً من الاعتقالات والاختطاف وهما مؤشران بالغا الأهمية، نظراً لما يشكلانه من محددات مهمة للعودة الآمنة للاجئ والنازح على حد سواء. وهنا تم اختيار ثلاثة نماذج من مناطق سيطرة النظام، وهي مدن تم السيطرة عليها منذ عام 2018، وهي مدينة جاسم في درعا، ودوما في ريف دمشق، والبوكمال في ريف دير الزور. أما بالنسبة لمناطق المعارضة فقد تم اختيار مدينة جرابلس باعتبارها مدينة تم السيطرة عليها منذ حوالي العامين ضمن إطار ما عرف باسم عملية "درع الفرات". وبالتالي تعد اختباراً موضوعياً لمؤشرات الاستقرار الأمني فيها، كما تم اختيار مدينة عفرين لحساسيتها من جهة لحداثة السيطرة (منذ مطلع 2018). إلى جانب كونها توفر معطيات أولية تتيح للتقرير مقارنتها مع النموذج الأول ومدى مطابقته أو الاختلاف عنه.
من أجل ذلك تم تصميم نموذجٍ خاصٍ لرصد تلك العمليات، وتحليل البيانات الخاصة بها كمؤشرات للاستقرار والعودة الآمنة خلال نصف سنة تبدأ من تشرين الأول/ أكتوبر 2019 حتى نهاية آذار/ مارس 2020. فقد تم تصميم النموذج في ملف الاعتقال والاختطاف وفق الشكل التالي: (التاريخ - المكان - نوع العملية - صفة المستهدف - عدد المستهدفين - الجهات المسيطرة - أماكن الرصد - الجهة المستهدِفة - جنس المستهدف). فيما يتعلق بمصادر التقرير فقد تم الاعتماد على المقابلات الخاصة مع أشخاص مطلعين على تفاصيل الأحداث في المناطق المرصودة. بالإضافة إلى الاعتماد على:
لقراءة المادة انقر هنا