مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Omran Center
Omran Center

Omran Center

أقام مركز عمران للدراسات الاستراتيجية لقاءً تعريفياً حول كتابه السنوي الرابع المعنون بــ : "حول المركزية واللامركزية في سورية: بين النظرية والتطبيق”. هدف اللقاء إلى مناقشة فصول الكتاب ومضامينه واستعراض الآراء والأفكار الواردة فيه مع عدد من الباحثين والسياسيين والإعلاميين.

خلال كلمة الافتتاح أوضح المدير التنفيذي لمركز عمران الدكتور عمار القحف، أهمية هذا الكتاب بما يشكلًه من مرجعية نظرية وتطبيقية لمفهوم اللامركزية في سورية، مزيداً بسيناريوهات تطبيقيه تحقق أهداف الشعب السوري في وحدة الأراضي السورية، وإعادة صوغ العلاقة بين الوحدات الإدارية وبين المركز في سورية المستقبل.

فيما قدم الباحثان معن طلاع وساشا العلو شرحاً موجزاً عن ضرورة استعادة الشرعية التي فُقدت لدى الأطراف كافة في سورية، عبر تنظيم أدوات الحكم المحلي المرتكزة إلى تجربة المجالس المحلية التي لم تجنح إلى الفدرالية المفرطة ولا إلى المركزيَّة المستبدة، وذلك من خلال طريق يزيد من قوة البُنى المحلية ويرسم حدوداً لصلاحيات المركز، تعتمد على منح الصلاحيات وليس التفويض الذي يخضع لسيطرة الدولة المركزيَّة.

بدوره سلط الباحث بدر ملا رشيد الضوء على تجربة الإدارة المحلية في مناطق سيطرة نظام الأسد ومناطق “الإدارة الذاتية”، مبرزاً أهم التحديات التي تقف في وجه تجربة المجالس المحلية.

ومن الجدير بالذكر أن الكتاب جاء على عشرة فصول لعشرة من الباحثين السوريين، وضّحوا في طياته مفاهيم عن اللامركزية وأشكالها وتطبيقاتها في بلدان خرجت من النزاعات، ومدى إمكانية تطبيقها في سورية، متطرقين إلى أشكال من اللامركزية (الاقتصادية، الإدارية، المالية، السياسية)، والرقابة المحلية والحكم المحلي، ومركزين على الوظائف الدستورية والقضائية والتشريعية بحسب أنماط اللامركزية. ومقدمين رؤية حول “اللامركزية النوعية كمدخل رئيسي للاستقرار في سورية” .

 

 

ملخص تنفيذي

  • وصل عدد النازحين داخلياً في سورية ما يقارب (784) مليون في نهاية عام 2017، فيما يتوقع أن يتجاوز العدد عتبة 8 مليون نازح. تستقر نسبة كبيرة منهم ضمن مخيمات تفتقد لأدنى مقومات الحياة.
  • يُواجه سكان المخيمات تحديات كبرى أهمها تأمين سبل عيشهم مع طول أمد وجودهم في هذه المخيمات، وغياب فرص العمل وقلة الدعم الذي اقتصر على تقديم السلال الغذائية والصحية، مع وجود بعض المبادرات المحدودة لنشر سبل العيش ضمن هذه المخيمات.
  • تقوم الدراسة بتشخيص مصادر دخل سكان مخيمات النزوح الداخلي، ومن ثم تحديد المعوقات الرئيسة التي تحد من تنمية سبل العيش.
  • تُقدم الدراسة مجموعة من الآليات والبرامج التي يمكن أن تساعد على تنمية سبل العيش للنازحين.
  • تستند الدراسة على آراء عينة ملائمة ممثلة لمجتمع الدراسة مكونة من (107) مستجوب من الأفراد ممن هم في سن العمل، والمقيمين في مخيم باب السلامة في مدينة إعزاز ومخيم الجبل في مدينة جرابلس في منطقة درع الفرات.
  • توصلت الدراسة إلى نتائج تعكس واقع وتحديات سبل العيش في مخيمات النزوح الداخلي، من أبرزها:
    • غياب الحافز لدى نسبة كبيرة من الأفراد القاطنين في المخيمات للقيام بأي نشاط في سبيل تأمين معيشتهم سببه الوضع النفسي والاجتماعي.
    • عدم استقرار الأفراد القاطنين داخل المخيمات، لأسباب ترتبط بالبحث عن ظروف معيشية أفضل؛ في مخيمات أخرى أو خارج هذه المخيمات؛ مما يصعب من عملية حصر الأعداد والمؤهلات بشكل دوري.
    • غياب جهات رسمية داعمة لتأسيس مشاريع سبل العيش داخل المخيمات، وعدم قيام المنظمات غير الحكومية بإدراج سبل العيش على سلم أولويات عملها واقتصار تركيزها على الجانب الإغاثي غالباً.
    • عدم وجود البيئة المادية المناسبة ضمن هذه المخيمات لتنمية سبل العيش، وافتقادها المستلزمات المطلوبة للقيام بأعمال مدرة للدخل.
    • غياب سلطة رسمية للإشراف المباشر على هذه المخيمات، وانفراد الإدارات المشرفة عليها باستخدام سلطتها لتنظيم حياة الأفراد القاطنين داخلها، مع عدم تمكن المجالس المحلية من الإشراف المباشر عليها لتنمية سبل العيش.
  • اقترحت الدراسة مجموعة من الآليات التي يمكن أن تُساهم في تنمية سبل العيش ضمن هذه المخيمات، وأهمها من جانب المجالس المحلية التالي:
    • تشكيل هيئة إدارية عليا رسمية للإشراف على مخيمات النزوح الداخلي.
    • حشد الموارد والإمكانات لإعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية في مخيمات النزوح.
    • وضع استراتيجية لتشغيل اليد العاملة في مخيمات النزوح بالتعاون مع الفواعل الرئيسة في كل منطقة.
    • توفير التسهيلات اللازمة للاستفادة من خبرة الجهات المانحة في تنفيذ مشاريع تنمية سبل العيش.
    • تشكيل حواضن لمشاريع تنمية سبل العيش في مخيمات النزوح ضمن المكاتب الاقتصادية للمجالس المحلية.
    • القيام بحملات توعوية تهدف إلى نشر ثقافة العمل المنتج والاعتماد على الذات بين سكان المخيمات.
    • قيام مكاتب التعليم في المجالس المحلية بإدراج مخيمات النزوح ضمن الخطة التعليمية في مناطق تواجدها.

أما من جانب المنظمات غير الحكومية:

  • تأسيس شراكات فاعلة مع القطاع الخاص وأرباب العمل في مناطق تواجد مخيمات النزوح بهدف تنمية سبل العيش.
  • منح الأولوية لتنفيذ برامج سبل العيش كثيفة العمالة لتوظيف أكبر عدد ممكن من سكان المخيمات.
  • تنفيذ برامج التشغيل السريع ذات الطبيعة المؤقتة مثل برامج النقد مقابل العمل.
  • التركيز على تنفيذ برامج سبل العيش المستدامة، وتطبيق سياسات تدعم سبل العيش الموجودة وتزيد من استقرارها.
  • التركيز على تطبيق برامج مخصصة للتمكين الاقتصادي للمرأة وللأسر الفقيرة في مخيمات النزوح.
  • تنفيذ دورات دعم وإرشاد نفسي واجتماعي داخل مخيمات النزوح.
  • ابتكار آليات جديدة لتقديم التمويل الصغير ومتناهي الصغر لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر داخل المخيمات.
  • قيام المنظمات والوكالات الدولية بالمساعدة على تطوير آليات لاستدامة برامج ومشاريع سبل العيش وضمان نموها لسكان المخيمات.
  • العمل على تطوير قاعدة بيانات مشتركة بين منظمات الإغاثة والتنمية المهتمة بدعم مخيمات النزوح.
  • استهداف مخيمات النزوح ببرامج محو الأمية بالتعاون مع الجهات ذات الصلة.

تمهيد

مع اندلاع النزاع في سورية في 2011، وجد السكان المحليون أنفسهم مضطرين لمغادرة مناطقهم في رحلة نزوح قسري أججها تصاعد وتيرة العمليات العسكرية والاستهداف الممنهج للمدنيين من قبل قوات النظام السوري في المناطق الثائرة ضده. حيث أجبرت هذه الظروف ملايين السوريين بمختلف الشرائح العمرية على هجرة مدنهم وقراهم، بحثاً عن مناطق أكثر أمناً داخل سورية. إلا أن تبدل السيطرة العسكرية على المناطق في العديد من المحافظات السورية، أفرزت حالة من عدم استقرار السكان النازحين في هذه المناطق، إلى جانب إجبارها أعداد متزايدة من السكان على ركوب موجة النزوح. ومع توالي سنوات النزاع ازداد عدد الأفراد النازحين ليصل إلى ما يقارب (6.784) مليون نازح في نهاية عام 2017([1]).

اتسمت موجات النزوح الداخلي في العديد من المناطق السورية بصفة النزوح المؤقت، بعد أن لجأ العديد من السكان للنزوح إلى المناطق القريبة من مناطقهم الأصلية على أمل الرجوع إليها قريباً بعد انتهاء الأعمال العسكرية. إلا أن واقع الحال أجبرهم على تكرار تجربة النزوح لأكثر من مرة مما فاقم من معاناتهم وضعفهم الاجتماعي على مدار السنوات السبع الماضية. وليس خفياً على المتابع للحالة السورية الوضع الإنساني الصعب الذي تعيشه هذه الكتلة البشرية من النازحين على مختلف الصعد، فمع غياب المأوى والظروف الاقتصادية الصعبة اضطرت نسبة كبيرة منهم للعيش في مخيمات تفتقد لأدنى مقومات الحياة الكريمة، منها ما أقيم بشكل عشوائي والبعض الآخر أقيم ضمن تجمع تشرف عليه بعض منظمات المجتمع المدني. وشكلت هذه المخيمات مستوطنات واسعة الامتداد يزداد أعداد النازحين فيها يوماً بعد آخر، مع افتقار غالبيتها إلى الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والصرف الصحي وغيرها من الخدمات الحياتية الأخرى. إلا أن التحدي الأكبر الذي يواجه سكان هذه المخيمات يتمثل في تأمين سبل عيشهم مع طول أمد وجودهم داخلها، وفي ظل غياب فرص العمل وقلة الدعم المقدم من قبل الجهات المانحة التي اقتصر دعم الكثير منها على تقديم بعض السلال الغذائية والصحية، مع وجود بعض المبادرات المحدودة لنشر سبل العيش ضمن هذه المخيمات. إلى جانب أن الكثير من العائلات المقيمة في هذه المخيمات تفتقد المعيل مما يفاقم من بؤسها واحتياجها، ولتشكل هذه المخيمات أحد أبرز التحديات في مناطق تواجدها مع قلة الإمكانات المادية المتاحة لدى المنظمات واللجان المحلية لتلبية احتياجاتها أو دمجها في المجتمعات المضيفة. ووفقاً لخطة الاستجابة الاستراتيجية للأزمة السورية التي وضعتها الأمم المتحدة لعام 2018 فقد بلغ حجم التمويل المطلوب لتلبية احتياجات النازحين داخلياً 5.3 مليار دولار أمريكي.

بناءً على ما سبق، فإن طرح قضية سبل العيش في الوقت الحاضر أصبح من الأهمية بمكان، بعد أن اقترب النزاع داخل سورية من نهايته، وبعد أن تحولت العديد من المخيمات إلى مدن وقرى صغيرة تعج بالحياة وتستلزم من ساكنيها السعي نحو تأمين الرزق لمواصلة حياتهم وتأمين متطلبات أسرهم، وخاصة تلك المخيمات المقامة في ريف حلب الشمالي ومحافظة إدلب.

تهدف هذه الدراسة إلى توصيف وتحليل واقع سبل العيش للسكان في مخيمات النزوح الداخلي، من خلال العمل بداية على تشخيص مصادر دخل سكان المخيمات، ومن ثم تحديد أهم المعوقات الرئيسية التي تحد من تنمية هذه السبل، وصولاً إلى وضع مجموعة من الآليات والبرامج التي يمكن أن تساعد على تنمية سبل العيش للسكان داخل هذه المخيمات. كذلك تهدف الدراسة من جانب آخر إلى التعرف على الدور الذي يمكن أن تلعبه مختلف الأطراف في تنمية سبل العيش، وتقديم مجموعة من التوصيات للتخفيف من أثر المعوقات التي تحد من تنمية سبل العيش وبما يعزز من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للسكان ضمن هذه المخيمات.   

يتقدم مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بجزيل الشكر والتقدير للجهود التي بذلتها مؤسسة إحسان للإغاثة والتنمية لمساعدتها في تنفيذ الجانب الميداني للدراسة من خلال مكتبها في مدينة إعزاز.

أولاً: منهجية الدراسة

1.   مجتمع الدراسة والعينة

يتكون مجتمع الدراسة من الأفراد المقيمين في مخيمات النزوح داخل سورية من الذكور والإناث ممن هم في سن العمل، وهم يمثلون وحدة التحليل في هذه الدراسة.

تتكون عينة الدراسة من (107) مستجوب تم اختيارهم وفق تقدير الباحث بطريقة الملاءمة، وقام الباحث باستهداف العينة في مخيم باب السلامة في مدينة إعزاز ومخيم الجبل في مدينة جرابلس في منطقة درع الفرات. وقد تم اختيار هذين المخيمين كونهما من المخيمات المكتظة بالنازحين، ووجودهما في منطقة تمتاز نسبياً بالاستقرار الأمني، ووجود نوع من التنظيم والإشراف على مخيمات هذه المنطقة. كما أن هاتين المدينتين أخذتا تشهدان حالة من عودة الحياة الاقتصادية إليهما ووجود توجه من الحكومة التركية لإعادة الإعمار الاقتصادي لهذه المناطق وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للسكان. وبالتالي تتيح لنا هذه العوامل دراسة وتقييم واقع وتحديات سبل العيش للأفراد القاطنين في مخيمات النزوح بشكل أفضل.

مع الأخذ بعين الاعتبار الحدود الزمنية والمكانية لإنجاز الدراسة والتي بذل القائمون على إعدادها جهود كبيرة لضمان تمثيل العينة المختارة لمجتمع الدراسة، إلى جانب الصعوبات التي واجهتهم في اختيار العينة الملائمة ضمن هذه المخيمات نتيجة عدم رغبة الكثير من النازحين لملء الاستمارة والتعاون مع الباحث. بسبب خصوصية موضوع الدراسة الذي يتعلق بدمج القاطنين في المخيمات اقتصادياً واجتماعياً مع مناطق تواجدهم. ولشعور عدد منهم بأن الهدف منه سياسي، وتحديداً التوطين وتجاهل حق العودة لمناطقهم الأصلية. إلى جانب عدم ثقة قسم منهم بجدوى مثل هذه الدراسات.  

تحتوي منطقة درع الفرات على تجمعين للمخيمات أحدهما في مدينة إعزاز وهو الأقدم منذ النشأة، إذ أنه أنشأ مع بدء تدفق النازحين إلى المناطق المحررة في ريف حلب الشمالي عام 2012 عندما اكتمل تحرير معظم الريف الشمالي. بينما يقع التجمع الآخر في ناحية جرابلس وهو حديث نسبياً، حيث تم إنشاؤه بعد تحرير الناحية من قوات تنظيم الدولة في الأشهر القليلة التي تلت بدء عملية درع الفرات في شهر آب لعام 2016. في حين استمر تدفق النازحين إلى هذه المناطق في فترات وظروف مختلفة من تاريخ النزاع حتى الوقت الحاضر. بسبب تفضيل الكثير من النازحين والجهات المانحة على حد سواء مدينتي إعزاز وجرابلس نظراً لبعدها عن خطوط الجبهات وقربها من الحدود التركية والمجال الجوي التركي، الأمر الذي جعلها بمنأى عن التعرض للقصف والغارات الجوية إلى حد كبير مقارنة بغيرها من المناطق. ويحتوي تجمع إعزاز على 20 مخيم يوجد داخلها 97000 نازح، في حين يوجد 5 مخيمات في تجمع جرابلس يوجد داخلها 17000 نازح([2]).  ويبين الشكل (1) والشكل (2) تفصيل أكثر عن الشرائح العمرية لسكان هذه المخيمات. إلى جانب ذلك يوجد عدد من النازحين الذين يعيشون مع أسرهم خارج أسوار هذه المخيمات في خيم عشوائية أو في سياراتهم الخاصة. ويبلغ عددهم في جرابلس حوالي 814، بينما لا تتوافر احصائيات عن عددهم في مدينة إعزاز([3]).  كذلك يبين الشكل (1) عدد ونوع الفئات المستضعفة ضمن هذه المخيمات.

 

2.   أداة البحث المستخدمة

تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي في هذه الدراسة في وصف وتفسير وتحليل واقع سبل العيش في مخيمات النزوح الداخلي، حيث يمكن من خلال هذا المنهج جمع البيانات من مجتمع الدراسة لمحاولة تحديد الواقع الحالي لسبل العيش والتحديات التي تحول دون تنميتها، ومن ثم تحليل مضمون البيانات التي تم جمعها وصولاً إلى عرض النتائج.

أما بالنسبة لطرائق جمع البيانات فقد تم الاعتماد على نوعين من البيانات:

  • البيانات الثانوية: وهي التي تم الحصول عليها من الدراسات السابقة والتقارير الإحصائية والإعلامية ذات الصلة.
  • البيانات الأولية: وهي التي تم الحصول عليها بالاستبانة التي تم تطويرها لهذا الغرض، والتي احتوت مجموعة من المؤشرات التي يمكن أن تستخدم لمعرفة واقع وتحديات سبل العيش لسكان مخيمات النزوح الداخلي من منظور السكان القاطنين داخلها.

ثانياً: نبذة عن مخيمات النزوح في الشمال السوري

لا توجد أرقام دقيقة لعدد النازحين داخل سورية، لكن بعض المصادر تحدد ولو بشكل تقريبي أرقاماً نسبية لهذا العدد، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى عدم استقرار النازحين وانتشار وجودهم في كافة أنحاء سورية وخاصة في المناطق شبه الآمنة.               

منذ بداية النزاع أجبر أكثر من نصف سكان سورية على ترك منازلهم، وشهدت الأعوام 2011-2018 تزايداً متفاوتاً في حركة النزوح. ويقدر أن حوالي 8684 شخصاً أجبروا على مغادرة منازلهم أو مناطق إقامتهم يومياً في عام 2018. كما أن هناك ما لا يقل عن 5.2 مليون شخص لجؤوا إلى دول الجوار حتى نهاية آذار/مارس 2018. في حين بلغ عدد النازحين داخل سورية وفقاً لمركز مراقبة حركة النزوح الداخلي (6.6) مليون بتاريخ 15-04-2018، ويمثل الأطفال تقريباً ما لا يقل عن نصف هذا العدد، بينما يشكل الذكور والإناث نسبة 49% و51% على التوالي([4]). وبذا تعد سورية الآن البلد ذات العدد الأكبر من النازحين داخلياً في العالم([5]).

كما يبين الشكل (4) كثافة التوزع النسبي للأفراد النازحين في مختلف مناطق سورية والعدد التقريبي للأفراد ذوي فترة النزوح طويلة الأجل في المحافظات السورية.

 توزعت مخيمات النزوح في معظم أرجاء سورية على اختلاف مناطق السيطرة العسكرية، واتسمت غالبيتها بالعشوائية وفقدانها لأدنى مقومات الحياة والنقص الكبير في تقديم المساعدات الإنسانية. وقد أدى تبدل السيطرة العسكرية على بعض المناطق إلى إزالة البعض من هذه المخيمات أو اضطرار سكانها إلى النزوح إلى أماكن أخرى لدواعي أمنية. ويبين الشكل (5) توزع مخيمات النزوح في سورية في بدايات عام 2018. إلا أن التركز الأكبر لمخيمات النزوح السوري كان في مناطق الشمال السوري التي احتضنت العدد الأكبر منهم منذ بداية اندلاع النزاع في بدايات عام 2011 حتى الوقت الحاضر.

ويُشير الواقع الحالي لمخيمات النازحين في الشمال السوري إلى وجود نوعين من المخيمات، وهي المخيمات النظامية التي تكفلت منظمات محلية ودولية برعايتها وتقديم الحاجات الأساسية لها، والمخيمات العشوائية التي أقامها الأهالي لتأمين مكان آمن يختبئون فيه بعيداً عن دائرة المعارك فاعتمد البعض منهم على الخيم القماشية فيما اعتمد آخرون على استخدام المرافق العامة كالمدارس وغيرها ملاذاً له. وتصنَّف غالبية هذه المخيمات في الشمال السوري تحت مسمى المخيمات العشوائية وفق تصنيف قطاع وإدارة تنسيق المخيمات. وقد بلغ عدد النازحين في هذه المخيمات بتاريخ 4 نيسان من عام 2018 (857324) نازحاً. في حين بلغ عدد مخيمات النزوح في الشمال السوري في 4 نيسان من عام 2018 (790) مخيماً. ويقدر عدد النازحين في مخيمات ريف حلب بـ (303790) نازحاً وبنسبة (35.01%) من عدد المقيمين في مخيمات النزوح في الشمال السوري. كذلك يبلغ عدد النازحين في مخيمات إعزاز وجرابلس (224923) نازح.

 

يندرج القسم الأكبر من مخيمات النزوح الداخلي ضمن مسمى المخيمات العشوائية وهي المخيمات التي يتم إنشاؤها من قبل النازحين أنفسهم بشكل ارتجالي نتيجة اضطرارهم لمغادرة مناطقهم بشكل مفاجئ دون أن يكون هناك أي إشراف من قبل أي جهة على هذه المخيمات. ونتيجة لانتشارها الكبير في مناطق الشمال السوري وتقاربها من بعضها نشأت مشكلة تداخل حدود هذه المخيمات، الأمر الذي يستحيل معه رسم خارطة دقيقة لها، أضف إلى ذلك حالة عدم استقرار هذه المخيمات التي يتم إزالة بعضها بعد تأسيسها أو انتقالها لمنطقة أخرى لأسباب متعددة. فضلاً عن عدم انطباق معايير الحياة السليمة فيها وعدم توفر الخدمات الأساسية للنازحين مما يزيد في معاناتهم اليومية. ووفقاً لتصنيف قطاع إدارة وتنسيق المخيمات فإن نسبة المخيمات العشوائية تبلغ 85.9%([7])-([8]). وتعزى هذه النسبة المرتفعة لمجموعة من العوامل التي تتمثل بعدم وجود إدارة مركزية للإشراف على هذه المخيمات وتقديم معلومات إحصائية دورية ومتكاملة عن أعداد المخيمات والقاطنين داخلها، والتراجع الكبير في دعم ملف المخيمات من قبل الوكالات والمنظمات الدولية، إلى جانب التقصير الكبير من قبل المنظمات المحلية لتلبية متطلبات هذه المخيمات وعدم إيلاءها الاهتمام الكافي بتخصيص جزء مناسب من موازناتها لذلك. مما تسبب بحرمان نسبة كبيرة من هذه المخيمات من المساعدات الإنسانية([9]). وقد كان لتفشي الفقر والبطالة الطويلة الأمد تداعيات سلبية كبيرة على قطاعي الصحة والتعليم مع النقص الحاد في الأدوية وارتفاع أسعارها. ويُقدر أن 82% من أماكن تجمع النازحين تعتمد بشكل كامل على المساعدات الإغاثية لتلبية حاجاتها الأساسية، فيما يقدر بأن 85% منهم غير قادرين على تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية الشهرية من دون هذه المساعدات([10]).

ونظراً لغياب أفق واضح لمصير هذه المخيمات واستطالة وجودها، بدأت ترتسم معالم وجود توجه يقتضي بأن يطبق على هذه المخيمات معايير المجتمعات الثابتة وليس معايير sphere ([11]). وذلك لكون المخيمات الحالية أصبحت مجتمعات ثابتة، وقد مر على إنشائها سنوات تجاوز الستة في كثير منها، إلى جانب تحول العديد من التجمعات التي تحتوي على هذه المخيمات إلى ما يشبه القرى الصغيرة المتناثرة، واتخذت تسميات باتت تُعرف بها من قبل جميع السكان في مناطق وجودها، فضلاً عن تشكل الأسواق التجارية المتكاملة وتوفر الكهرباء والمياه والطرق وغيرها من الخدمات الأخرى([12]).  

في الجانب القانوني، ينص القانون الدولي على وجوب تمتع الأشخاص المهجرين داخلياً بكامل حقوقهم إلى جانب المساعدة الإنسانية والحماية وهو ما يقع على عاتق الدولة، وتصبح المساعدة والحماية الدولية ضرورة عندما تكون السلطات الوطنية غير قادرة أو غير راغبة بالوفاء بالتزاماتها، أسوة بحماية حقوق اللاجئين والتزامات الدول المنصوص عليها ضمن أحكام المعاهدة الدولية الخاصة باللاجئين لعام 1951، والتي تشمل في حالة النازحين المساعدة في توفير الطعام والمأوى الملائم والرعاية الصحية والتعليم، وتسهيل تطبيق الحلول الدائمة الطوعية المتمثلة في العودة إلى الديار الأصلية([13]).

إلا أن واقع الحال يشير إلى أن المجتمع الدولي قام بتطبيق ما ورد في هذه المعاهدة في حدوده الدنيا على النازحين داخل سورية خلال السنوات الماضية، على الرغم من زيادة عدد النازحين داخلياً في سورية عن ضعفي عدد اللاجئين خارجها، ورزوحهم تحت خطر يفوق التخيل. حيث تذرعت الأمم المتحدة بالوضع الأمني لأماكن وجودهم ووجود مخاطر في عملية إيصال المساعدات إلى داخل سورية، وعدم قدرتها على العمل في أماكن تسيطر عليها بعض الفصائل العسكرية المتشددة. مما أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي لهؤلاء النازحين في جميع القطاعات مع طول أمد وجودهم في هذه المخيمات. أضف إلى ذلك قيام الأمم المتحدة بتقديم المساعدات لإيصالها لأماكن النزوح عبر مؤسسات حكومة نظام الأسد، الذي كان المتسبب الرئيسي في نزوحهم من مناطقهم، الأمر الذي حرمهم من الاستفادة من هذه المساعدات بعد قيام هذه المؤسسات بسرقتها وبيعها في السوق السوداء وفق للعديد من التقارير الميدانية([14]). وقد أدى قيام الأمم المتحدة باعتماد النظام كأحد أطراف النزاع لإدارة توزيع مليارات الدولارات الأمريكية من المساعدات الدولية إلى التسبب في مصرع آلاف المدنيين بسبب التجويع أو الأمراض الناتجة عن سوء التغذية أو عدم الوصول إلى المساعدة الطبية. إلى جانب ذلك فقد أعلن تحالف مؤلف من 73 منظمة غير حكومية ومجموعة مساعدات تعمل في مناطق سيطرة المعارضة السورية في 8 أيلول من عام 2016 عن انسحابه من آليات رقابة مشتركة يديرها مكتب الأمم المتحدة في دمشق، وذلك احتجاجاً على ما وصفه بميول الأمم المتحدة الموالية لنظام الأسد وفقدانها الثقة بطريقة عمل المنظمة. وكانت رسالة الانسحاب هذه إشارة سياسية واضحة من هذه المنظمات ذات الصلة بمجموعات معارضة أو حكومات موالية للمعارضة السورية والتي تقدم المساعدات لأكثر من سبعة ملايين نسمة في سورية والدول المجاورة. الأمر الذي أدى عملياً إلى عدم تمكن الأمم المتحدة من الاستمرار في مواكبة ما يجري في شمال سورية وفي المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة حيث تقوم المنظمات الأهلية بالجزء الأكبر من عملها([15]). وقد أدى ما سبق إلى تفاقم الوضع الإنساني في هذه المخيمات. إلا أن المشكلة المستمرة تكمن في عدم قدرة الأفراد على تأمين لقمة العيش، فهناك نقص حاد للواردات الغذائية ومعظم سكان هذه المخيمات من العاطلين عن العمل أي لا دخل لديهم لتأمين احتياجاتهم التي لم تستطع المعونات المقدمة سد رمقهم فيها.

ثالثاً: الواقع الاقتصادي والإداري في منطقة درع الفرات  

تقع منطقة درع الفرات في الشمال السوري، وتمتد على طول الشريط الحدودي الذي يفصل بين سورية وتركيا بمساحة تقدر بحوالي 2269 كم2، ويشكل نهر الفرات الحدود الطبيعية الشرقية لها مما يجعلها غنية بالمياه الصالحة للشرب والزراعة. وقد عانت هذه المنطقة من تبعات النزاع في سورية الذي أدى إلى دمار كلي في البنية التحتية لها وهجرة رؤوس الأموال الصناعية إلى المدن التركية؛ فضلاً عن هجرة اليد الماهرة منها إلى تركيا وأوربا، كما أنها عانت من الانكماش التجاري نتيجة الحصار الذي تخضع له من جانب قوات نظام الأسد جنوباً، إلى جانب ضعف حجم التبادل التجاري مع تركيا الذي اقتصر خلال الفترة الماضية على استيراد المواد الأساسية وإدخال المواد الإغاثية.

إن الانتعاش في الحياة الاقتصادية لمنطقة درع الفرات غير متوازن من حيث القطاعات. إذ يتركز النشاط الاقتصادي في هذه المنطقة في الفترة الحالية عموماً حول النشاط التجاري نظراً لقرب مناطقها من الحدود التركية وتوافر فرص التبادل التجاري والاستقرار الأمني الذي تعيشه المنطقة. ويتركز هذا النشاط بشكل أساسي في كل من مدن إعزاز والباب وجرابلس والراعي نظراً لوجود ثلاث معابر على الحدود مع تركيا كما يبين الشكل(6).

 

وتشهد المعابر حركة عبور كبيرة للبضائع من الأراضي التركية إلى المنطقة وعبرها إلى المناطق والمدن المجاورة؛ الأمر الذي أسهم في حل جزء كبير من المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة من خلال زيادة تدفق رؤوس الأموال إليها وإحياء النشاط التجاري والصناعي. إذ يتم تصدير بعض المنتجات الزراعية بشكل محدود واستيراد البضائع التركية والمواد الخام اللازمة للأنشطة الصناعية، ولتجد هذه البضائع طريقها إلى مناطق الريف الشمالي ومدينة حلب عن طريق مجموعة من التجار والوسطاء الذين يشكلون دوراً هاماً في تأمين المواد الأساسية للسكان مثل المواد الغذائية ومواد البناء وبعض السلع الأخرى. وتتصدر تجارة المواد الغذائية الحركة التجارية بنسبة 35%، تليها تجارة الحبوب بنسبة 19%، ثم تجارة البذور والأسمدة بنسبة 14% لكل منهما وتجارة مواد البناء بنسبة 12%([16]). إلا أن الملاحظ هو كون هذه الحركة في غالبيتها هي باتجاه واحد من تركيا إلى هذه المناطق؛ مما يوجب العمل على دعم قطاعي الزراعة والصناعة لتنشيط دورة الحياة الاقتصادية وتأمين فائض للتصدير.

تشهد المنطقة بوادر لعودة النشاط الصناعي، فقد شجع مناخ الاستقرار النسبي الذي تعيشه المنطقة على إعادة تفعيل بعض المصانع القائمة وافتتاح مصانع جديدة في بعض المدن. ففي مدينة الباب تم افتتاح عدد من المصانع لمواد البناء وإنتاج البطاريات الصناعية والمنتجات الغذائية ومواد البناء والعديد من المنتجات الأخرى. وبالمقابل أعاق دمار البنية التحتية والنقص في الخدمات العامة افتتاح عدد من المصانع والورشات الموجودة، وحالت دون افتتاح مصانع وورشات جديدة. أضف إلى ذلك النقص في الموارد الخام وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج وعدم توافر الوقود في الكثير من الأحيان وعدم توافر التيار الكهربائي، في حين تنشط في بعض المدن الأخرى بعض الورش الصناعية الصغيرة مثل ورشات الحدادة والأحذية والخياطة وصناعة المنظفات وورش صناعة مواد البناء، وورش إصلاح الآليات إلى جانب انتشار بعض معاصر الزيتون. حيث تؤَّمِن هذه الورش مصادر للدخل وتغطية الاحتياجات الاستهلاكية الأساسية لنسبة من سكان هذه المنطقة.

فيما يتعلق بالنشاط الزراعي تعد المنطقة زراعية بامتياز. ونتيجة لما شهدته هذه المنطقة من أعمال عسكرية فقد تقلصت مساحة الأراضي القابلة للزراعة. ويعتمد السكان في الوقت الحاضر على زراعة بعض المحاصيل الزراعية مثل الحبوب وبعض الأشجار المثمرة. ويعاني القطاع الزراعي من ارتفاع تكلفة الإنتاج الزراعي والحيواني، إلى جانب انخفاض أسعار المحاصيل الزراعية، وصعوبة تصدير بعض المحاصيل الزراعية الاستراتيجية وعدم وجود أسواق لتصريفها، الأمر الذي أدى إلى إحجام المزارعين عن زراعتها. وقلة عدد المنظمات التنموية المعنية بتنمية النشاط الزراعي والحيواني في المنطقة. ونظراً للطابع الزراعي لهذه المنطقة شهدت الآونة الأخيرة دخول إحدى أكبر الشركات التركية الزراعية إليها مع وجود توجه لدى الحكومة التركية لتمكين المنطقة اقتصادياً، وسيترافق دخول هذه الشركة مع دخول شركات أخرى تعمل في مجال دعم المشاريع الصغيرة. وتسعى الشركة إلى افتتاح مكتب لها في الداخل السوري، وذلك لتسهيل استثماراتها في المنطقة، في حين أن تعاملها سيكون بشكل مباشر مع المجالس المحلية بالتنسيق مع المكاتب الزراعية لديها([17]).

إلى جانب ذلك، ساهمت الحاجة الكبيرة إلى السكن بسبب ازدياد أعداد الوافدين والعائدين إلى المنطقة في إحياء وازدهار قطاع البناء الذي استطاع توفير الكثير من فرص العمل للسكان([18]). كذلك كان هناك انعكاس إيجابي لهذا الازدياد من خلال قيام عدد من الوافدين في دعم اقتصاد المنطقة عبر ضخهم لكمية من رؤوس الأموال في هذا القطاع.

نظراً لحاجة المنطقة إلى مشاريع تنموية كبيرة لإعادة تنشيط وإنعاش الحياة الاقتصادية فيها؛ تحاول المجالس المحلية العمل على توفير الظروف المناسبة لإطلاق مشاريع تنموية وخاصة في قطاع الزراعة، نظراً للإمكانيات التي تتمتع بها المنطقة من حيث طبيعة الأراضي الخصبة والجو الملائم لزراعة بعض المحاصيل. مما سيسهم في توفير فرص العمل والحد من البطالة، واستثمار الطاقات البشرية والخبرات الموجودة لدى المقيمين والنازحين على حد سواء لتنمية هذه المنطقة ومساعدة السكان على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.       

بالنسبة للجهات الناظمة للحياة الاقتصادية في المنطقة، فتنشط المجالس المحلية ولجنة إعادة الاستقرار في مناطق الدرع في محاولة منها لتنظيم القطاعات الاقتصادية وإعادة الإعمار الاقتصادي. إذ تحاول المجالس الإسهام في تنظيم هذه القطاعات عبر إحداثها بعض المكاتب التخصصية(([19])). إلى جانب قيام الحكومة التركية بتقديم الدعم الفني لهذه الجهات للتسريع في عملية إنعاش هذه المنطقة اقتصادياً عبر إطلاقها جملة من المشاريع الاقتصادية مثل مشاريع الإسكان، ومشروع تأسيس مدينة صناعية في مدينة الباب في 10 شباط من عام 2018. والتي من المتوقع أن تعمل على جذب معظم الصناعيين والتجار في المنطقة خلال الفترة المقبلة وإيجاد آلاف فرص العمل للشباب العاطلين عن العمل([20]). بعد أن عانت المنطقة خلال السنوات الماضية من غياب المشاريع الاستثمارية الضخمة التي تساعد على تشغيل الأيدي العاملة وتقليل نسب البطالة.

يبلغ عدد سكان المنطقة حوالي (987845) شخص يتوزعون في تسع مدن رئيسية كما يبين الشكل (7). وهذا الرقم في تزايد مضطرد بسبب حركة النزوح الداخلي باتجاه هذه المنطقة وعودة اللاجئين السوريين من تركيا. ويبلغ عدد المجالس المحلية الرئيسية في المنطقة 10 مجالس، يتبع لكل منها مجالس صغيرة تتلقى الدعم منها، ويتعامل الجانب التركي مع المجالس المحلية الرئيسية في المنطقة بصفتها حكومات محلية بيدها إدارة شؤون المنطقة كاملة، وتعتبر قوات الشرطة والأمن العام ذراعاً تنفيذية في كثير من الأحيان في الأمور التنظيمية وتطبيق القوانين التي تفرضها المجالس على الأهالي. ويشرف الجانب التركي بشكل شبه كامل على المجالس المحلية في المنطقة منذ أن بدأ بصرف رواتب شهرية لموظفيها، وبعد أن تولت "إدارة الطوارئ والكوارث التركية/آفاد" مسؤولية الإشراف الكامل على العمل الإنساني والإغاثي في المنطقة ومنعت أي منظمة أجنبية أو محلية من العمل فيها من دون إشرافها عليها. وتتبع المنطقة إدارياً إلى ولايتي غازي عينتاب وكيليس جنوبي تركيا. وانتدب الجانب التركي ممثلاً عنه في كل مجلس يحمل الصفة الرسمية: "مساعد والي"، وهو بمثابة والٍ على المدينة التي تتبع لها قرى ومزارع، وهذا المنصب يتسلمه 10 أشخاص هم بمثابة صلة الوصل بين المجالس المحلية والوالي([21]).

لا يمكن النظر إلى المدن في مناطق درع الفرات بأنها ذات سوية واحدة في توافر الخدمات والبنية التحتية، ويوجد اختلاف بين مدينة وأخرى، وهناك جهود تبذل من قبل الحكومة التركية بالتعاون مع المجالس المحلية ولجنة إعادة الاستقرار لتغطية جميع هذه المدن بالخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والاتصالات والنقل وغيرها من الخدمات وإعادة تأهيل البنية التحتية لها بهدف توطيد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لسكان هذه المناطق([22]). وتأمين العودة الكريمة للاجئين السوريين من هذه المناطق من المقيمين في تركيا.  ويعود الاختلاف في ذلك إلى ارتباط المجالس المحلية في بعض المدن كالباب وجرابلس مع ولاية غازي عنتاب التي تلقت عناية أكبر، من ناحية حجم الخدمات المقدمة ونوعيتها وكثافتها. مقارنة بمجالس المدن المرتبطة بولاية كيليس كمدن إعزاز ومارع وصوران الذي يعود إلى فوارق الإمكانيات بين الولايتين.

تتركز مشكلات سكان منطقة درع الفرات بشكل أساسي في نسبة البطالة المرتفعة والارتفاع في معدلات الفقر وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين بشكل كبير، إلى جانب عدم توفر السكن مع ارتفاع الحاجة له بعد تزايد أعداد الوافدين والعائدين إلى المنطقة. مما أدى إلى ارتفاع أسعار إيجارات السكن بشكل لا يتناسب وإمكانات السكان المادية مع قلة فرص العمل وارتفاع تكاليف الحياة المعيشية. الأمر الذي انعكست آثاره السلبية بشكل أكبر على المهجرين والنازحين إلى هذه المناطق، مما أدى إلى بقاء العديد منهم ضمن المخيمات أو اضطرارهم للسكن في منازل مدمرة غير صالحة للسكن، ناهيك عن عدم تمكن نسبة كبيرة منهم من الحصول على أي فرصة عمل. 

فيما يتعلق بمصادر دخل السكان، فقد أفرزت الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية انعكاسات سلبية على حياة الأفراد نتيجة التدهور الكبير في مؤشرات سوق العمل، وفقدان نسبة كبيرة منهم لسبل عيشهم. بحيث أصبح اهتمامهم الرئيس في الوقت الحاضر منصباً على البحث عن عمل يقيهم شظف العيش بعد أن أصبح عبء تكاليف المعيشة ثقيلاً عليهم في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يكابدونها. ونظراً لطبيعة المنطقة الزراعية كما بينا سابقاً، فقد احتلت الزراعة المصدر الأول للدخل وفقاً لتقييم أعدته وحدة تنسيق الدعم في عام 2017 في المدن الرئيسية لهذه المنطقة. كما شملت مصادر الدخل الأخرى العمل في المهن الحرة والتجارة والصناعة والإسكان والعمل اليدوي وبيع المواشي ومنتجاتها والاعتماد على الحوالات المالية الواردة من الأقارب، إلى جانب الاعتماد على المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الإغاثية المحلية والدولية. وبات استخدام أكثر من وسيلة لكسب العيش لدى الأسر هو الشكل الأكثر شيوعاً في المنطقة([23]). نتيجة للتغيرات الكبيرة في جودة الحياة وطرق كسب العيش، وبعد أن أصبح الدخل المتولد من العمل وحده غير كاف لتغطية نفقاتها في كثير من الحالات نتيجة للانخفاض الكبير في مستوياته إلى جانب ارتفاع الأسعار، بحيث بات السكان ينفقون أكثر مما يكسبون. مما دفع الكثير من هذه الأسر إلى الاعتماد على مزيج من العمل والمساعدات الإنسانية لمقابلة احتياجاتها. إلى جانب الانتشار الواسع للأعمال غير الرسمية وغير المشروعة مثل تهريب البضائع. كذلك لوحظ انتشار بعض الأنشطة غير المقبولة اجتماعياً بهدف كسب العيش، كما برزت ظاهرة التوظيف لدى منظمات المجتمع المدني والمجالس المحلية والمنظمات غير الحكومية العاملة في المنطقة.

ويبين الشكل (8) أهم مصادر دخل السكان في المدن الرئيسية لمنطقة درع الفرات، والتي تتركز بشكل كبير في قطاعي الزراعة والتجارة.

 

  رابعاً: تحليل البيانات

فيما يلي تحليل لإجابات أفراد عينة الدراسة على الاستبانة البحثية المقدمة لهم.

1. خصائص العينة

أ. الجنس

أظهرت المعطيات الميدانية أن أفراد عينة الدراسة تتكون من الذكور بنسبة (90%) بينما بلغت نسبة الإناث (10%) كما يبين الشكل (9)، ويرجع انخفاض نسبة مساهمة النساء في عينة الدراسة إلى النظرة الاجتماعية المتحفظة تجاه عمل المرأة لدى العديد من العائلات السورية المقيمة داخل مخيمات النزوح، والتي تنتمي في غالبيتها إلى مجتمعات مدنية وحضرية ذات طابع محافظ. كذلك مثلت العوامل المرتبطة بالعادات الاجتماعية مانعاً من مشاركة الإناث في الاستجابة للمشاركة في تنفيذ الدراسة عبر ملء الاستبانة.

ب. الفئة العمرية

تركزت غالبية أعمار عينة الدراسة في فئة (30-19) وبنسبة (41%)، تلتها الفئة العمرية (40-31) بنسبة (34%)، وتمثل هاتين الفئتين الشريحة العمرية من الأفراد المقيمين في المخيمات والباحثة عن تأمين سبل العيش والتي تستهدفها هذه الدراسة بشكل أساسي. بينما حلت الفئة العمرية (أكبر من 40) في المرتبة الثالثة بنسبة (22%)، في حين حلت في المرتبة الأخيرة الفئة العمرية أقل من (18%) كما يبين الشكل (10).

وتعكس الفئة العمرية لعينة الدراسة تنوعاً في أعمار المستجوبين وتوازناً منطقياً من حيث النسب المئوية، مما يساهم في إغناء النتائج التي ستقدمها الدراسة. 

ت. مستوى التعليم

بينت نتائج الدراسة الميدانية انخفاض المستوى التعليمي لدى عينة الدراسة، حيث بلغ مجموع نسبة حملة الشهادة الجامعية والمعهد المتوسط نسبة 23% فقط، في حين بلغت نسبة حاملي الشهادة الثانوية وما دون نسبة 77%. كما يبين الشكل (11). مما يؤشر إلى أن غالبية الأفراد من حملة الشهادات الجامعية من النازحين يقيمون خارج هذه المخيمات، بعد أن تمكن قسم كبير منهم من تأمين فرص عمل مكنَّتهم من تغطية تكاليف معيشتهم والاستقرار خارج مخيمات النزوح. ويفرض هذا بدروه تحدياً كبيراً على الجهات المهتمة بتنمية سبل العيش داخل هذه المخيمات للأفراد ذوي المستوى التعليمي المتدني التي تتطلب جهود وتكاليف أكبر لتأهليهم لسوق العمل. فضلاً عن وجود نسبة من الأفراد الأميين داخل هذه المخيمات.

  • عدد سنوات الإقامة في المخيم

تبين المعطيات أن غالبية أفراد العينة تراوح عدد سنوات وجودهم في مخيم النزوح بين (1-3) سنوات وشكل نسبة (64%) منها. في حين أن نسبة (28%) منهم تقل فترة وجودهم في المخيم عن السنة، بينما بلغت نسبة من تجاوزت فترة وجوده في المخيم (3) سنوات نسبة (8%) كما يبين الشكل (12). وتفسر هذه النسب بأن الأفراد الذين هم في سن العمل لا يستقرون لفترات طويلة داخل هذه المخيمات مقارنة بالنساء وكبار السن والأطفال. نظراً لصعوبة الحياة المعيشية واضطرارهم للبحث عن العمل خارج هذه المخيمات لإعالة عائلاتهم.

 

ث‌.   مصادر دخل السكان في المخيم

يمكن تصنيف مصادر دخل سكان المخيم ضمن مجموعتين، تشمل المجموعة الأولى المصادر المعتمدة على المساعدات والإعانات المقدمة من قبل الجهات والمنظمات المهتمة بدعم سكان هذه المخيمات، إلى جانب بعض المصادر التي تشمل المدخرات الشخصية واعتماد بعض السكان على أنفسهم في تأمين متطلباتهم الشخصية. ويبين الشكل (13) أهم مصادر التمويل ضمن هذه المجموعة.

ترى نسبة (42%) من عينة الدراسة أن المساعدات المقدمة من قبل المنظمات الدولية تأتي في مقدمة هذه المصادر من حيث الاعتماد عليها إلى حد كبير، بينما ترى نسبة (22%) منها أن هناك اعتماد إلى حد متوسط عليها، بينما ترى النسبة الباقية (43%) من العينة أن هناك اعتماد إلى حد منخفض على هذا المصدر. وتتركز هذه المساعدات بشكل أساسي على تقديم وجبات الطعام للمقيمين في المخيمات كمساهمة منها للتخفيف من النفقات المتعلقة بالغذاء، حيث أقام العديد منها مطبخ رئيسي في كل مخيم لتوزيع الوجبات المطبوخة والخبز على السكان، نظراً لارتفاع أسعار المواد الغذائية وعدم توفرها داخل بعض المخيمات مما يجبر النازحين على صرف جل دخلهم على الغذاء. في حين تشكل المساعدات المقدمة من المنظمات المحلية غير الحكومية وفقاً لـ (25%) من العينة أحد المصادر التي يعتمد عليها هذه المصادر إلى حد كبير، و(26%) إلى حد متوسط، في حين ترى نسبة (56%) منها أن هناك اعتماد إلى حد منخفض على هذه المساعدات كمصدر للدخل. تنشط العديد من المنظمات المحلية لتقديم المساعدات في هذه المخيمات من خلال توزيع السلال الغذائية والمواد الصحية ومواد التنظيف لتأمين المتطلبات المعيشية الضرورية. وبذلك تسهم هذه المساعدات في تغطية جزء من نفقات هذه العائلات. ووفقاً لغالبية سكان المخيمات فإن المساعدات التي يتلقونها تعد أكبر قيمة مما يمكن أن يوفروه لعائلاتهم إن هم حاولوا العودة إلى مناطقهم دون تأمين وظيفة أو سبيل للعيش؛ لذا يتشبث الكثير منهم بالبقاء في هذه المخيمات. إلا أن الواقع الحالي وفقاً للعديد من سكان هذه المخيمات يشير إلى وجود حالات فساد لدى بعض إدارات هذه المخيمات في توزيع المساعدات للسكان بشكل عادل أو سرقتها في بعض الأحيان، مما يؤثر بشكل كبير على مدى قدرتهم على مواجهة النفقات المعيشية نتيجة لغياب جهة رقابية رسمية للإشراف على هذه الإدارات، وأدى ذلك إلى تشكل مجموعات من المتنفعين من هذه المساعدات خلال السنوات الماضية سواء من المشرفين على هذه المخيمات أو حتى من قبل المنظمات التي يقوم البعض منها بتوزيع هذه المساعدات بغرض المتاجرة بمعاناة سكانها([24]). وبالتالي وعلى الرغم من تأقلم وتكيف السكان مع روتين الحياة في هذه المخيمات، لا يزال الكثير منهم يواجه تحديات خطيرة بسبب عدم الوصول المنتظم للمساعدات الإنسانية وبسبب عدم كفاية الموارد لدى المنظمات الداعمة، مما يجعل العديد من العائلات تكافح جاهدة من أجل إيجاد مصدر لكسب الرزق، وهو أمر يرتبط بقضايا عمالة الأطفال والزواج المبكر المستمرة في هذه المخيمات.

كذلك تمثل المساعدات المقدمة من الأقارب أحد هذه المصادر، حيث ترى نسبة (18%) من العينة أن هناك اعتماد إلى حد متوسط عليه، بينما ترى النسبة الباقية منهم (82%) أن هناك اعتماداً إلى حد منخفض عليه. يعتمد بعض سكان المخيمات على تلقي المساعدات من أقاربهم المقيمين خارج سورية لتأمين الحد الأدنى من متطلباتهم المعيشية إلى جانب قيام البعض منهم بالاستلاف من أقاربهم وأصدقائهم. إلا أنه ونظراً لطول فترة مكثهم في هذه المخيمات أصبح من الصعب الاعتماد على هذا المصدر لتغطية نفقات المعيشة.                                                

من جانب آخر يعتمد سكان المخيمات على السحب من مدخراتهم الشخصية، فترى نسبة (25%) من العينة أن هناك اعتماد إلى حد متوسط على هذا المصدر، بينما ترى نسبة (6%) منها إلى أن وجود اعتماد كبير عليه، في حين ترى النسبة الأكبر من العينة (76%) إلى وجود اعتماد منخفض عليه. وتفسر النسب السابقة بكون السكان المقيمين في هذه المخيمات من الطبقات الاجتماعية الفقيرة التي ليس لديها القدرة على استئجار المنازل والعيش في المدن، بعد أن فقد الكثير منها أصولهم المادية ومدخراتهم نتيجة لنزوحهم من مناطقهم واستهلاك معظم هذه المدخرات مع استطالة أمد النزوح التي تجاوزت الأربعة أعوام لدى العديد من سكان المخيمات، وعدم القدرة على العودة إلى مناطقهم السابقة. مما تسبب بنفاذ معظم هذه المدخرات التي جلبوها معهم عند قدومهم. 

كذلك ترى نسبة (16%) من عينة الدراسة أن هناك اعتماداً إلى حد متوسط من قبل السكان على بيع ممتلكاتهم الخاصة لتغطية متطلباتهم المعيشية، في حين أن ترى نسبة (3%) فقط أن هناك اعتماد كبير على هذا المصدر، وترى نسبة (81%) من العينة أن هناك اعتماداً منخفضاً على هذا المصدر لتغطية تكاليفهم المعيشية. فمع بدء رحلة النزوح اضطر الكثير من الأفراد بالتضحية بممتلكاتهم الخاصة كالسيارات والحلي وغيرها من المقتنيات لإعالة أنفسهم وتأمين نفقات عائلاتهم، وقد لعب طول فترة مكثهم في المخيمات وانقطاع سبل العيش لدى الكثيرين منهم دوراً كبيراً في استنزاف قيمة هذه الممتلكات وزيادة فقرهم ومعاناتهم. ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى اضطرار البعض من السكان المقيمين في بعض المخيمات إلى شراء خيمهم وتجهيزها من أموالهم الخاصة مما أثر بشكل كبير على نفاذ مدخراتهم نتيجة لانتشار المحسوبية في توزيع الخيم لدى بعض إدارات مخيمات النزوح. بينما لا تزال نسبة من سكان المخيم تتلقى راتبها من حكومة النظام السوري من المتقاعدين وممن لا يزال ضمن الملاك الوظيفي لبعض المؤسسات الحكومية للنظام. إذ ترى نسبة (18%) من عينة الدراسة أن هناك اعتماداً متوسطاً على هذا المصدر، بينما ترى نسبة (3%) أن هناك اعتماداً إلى حد كبير عليه، في حين ترى غالبية عينة الدراسة (86%) منها أن الاعتماد على هذا المصدر هو في حد منخفض. وهم في غالبيتهم من المتقاعدين والمعلمين، إلا أن هذا المصدر بدأ بالتلاشي هو أيضاً مع قيام حكومة النظام بإيقاف صرف الرواتب للمقيمين خارج مناطق سيطرته واشتراطه الحضور الشخصي لقبض هذه المرتبات وما يحمله ذلك من المخاطرة الأمنية لسكان هذه المخيمات.

إلى جانب مصادر الدخل السابقة لسكان المخيمات، فإن نسبة لا بأس بها من هؤلاء السكان تعتمد على نفسها لتأمين سبل عيشها من خلال عملها في بعض القطاعات كما يبين الشكل (14). ووفقاً لعينة الدراسة تأتي الأعمال الحرة في مقدمة هذه المصادر، إذ ترى نسبة (14%) منهم أن هناك اعتماداً إلى حد كبير على هذه الأعمال، بينما ترى نسبة (34%) منهم أن هناك اعتماداً إلى حد متوسط عليها، وترى النسبة الباقية (52%) وجود اعتماد إلى حد منخفض عليها. فنظراً لقلة فرص العمل المتاحة ضمن هذه المخيمات يلجأ السكان إلى ابتكار سبل عيش جديدة لتغطية نفقاتهم اعتماداً على خبراتهم الوظيفية السابقة قبل نزوحهم من مناطقهم.

وتتركز هذه الأعمال بشكل أساسي على الحرف اليدوية مثل مهن الحلاقة والخياطة والإكسسوارات. وقد قامت الكثير من النساء في هذه المخيمات بتحويل خيامهن إلى ورش عمل صغيرة لأشغال الخياطة والصوف والخرز وأعمال الصنارة والإبرة من أجل إعالة عائلاتهن بدلاً من استجداء المساعدات. على الرغم من الغياب الكبير لدعم المبادرات الإبداعية داخل هذه المخيمات وتنمية هذه الأعمال التي يمكن أن تشكل دعامة أساسية للكثير من الأسر في تأمين نفقاتها المعيشية([25]). وبالتالي لا بد من القيام بوضع برامج خاصة لتنمية هذه الأعمال وتقديم الحوافز المادية والمعنوية لنشرها داخل مخيمات النزوح، والعمل على تأمين جميع المستلزمات المطلوبة للأفراد الراغبين في تعلمها وكسب قوتهم منها. إلى جانب تأمين مستلزمات نجاحها عبر تقديم التدريب المهني المناسب وتقديم التمويل المتناهي الصغر لدعم الأفراد وتوفير التسهيلات المناسبة لتصريف المنتجات المصنَّعة. 

في حين يشكل العمل في قطاع التعليم أحد مصادر كسب الرزق من خلال العمل في المدارس المنشأة داخل هذه المخيمات والمتبناة من قبل بعض المنظمات غير الحكومية، إذ ترى نسبة (13%) من العينة إلى أن هناك اعتماد إلى حد كبير على هذا المصدر، في حين يرى قسم آخر من العينة نسبته (20%) أن السكان يعتمدون على هذا المصدر إلى حد متوسط، بينما ترى النسبة المتبقية منها (67%) إلى وجود اعتماد بحد منخفض على هذا المصدر، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى أن المدارس التي تم إنشاؤها في هذه المخيمات تمت بمبادرات من قبل الأهالي حفاظاً على تعليم أبنائهم، لذا فإن غالبية المعلمين في هذه المدارس هم من المتطوعين الذين يقيمون في المخيمات وهم من أصحاب الكفاءات والخبرات التعليمية وذوي المؤهلات الجامعية، مع وجود بعض المنظمات الداعمة التي تكفلت بتغطية جزء من رواتبهم وتأمين مستلزمات هذه المدارس. إلا أن هذا الدعم وعلى مدار السنوات الماضية اتسم بمحدوديته وتوقفه في أحيان كثيرة، مما شكَّلَ عبئاً كبيراً في مدى القدرة على ديمومة التعليم في هذه المدارس، واضطر الكثير من الكادر التعليمي إلى التخلي عن مهنة التدريس والنزوح بين المخيمات للعمل بمهن أخرى لا تخدم المصلحة التعليمية([26]). الأمر الذي كان له تداعيات سلبية على ارتفاع نسبة الأطفال غير الملتحقين بالتعليم إلى مستويات كبيرة في مخيمات النزوح([27]). حيث تبرز بشكل واضح ظاهرة عمالة الأطفال في مخيمات النزوح الداخلي كأحد أبرز المظاهر السلبية التي تحمل العديد من التداعيات السلبية في حاضر ومستقبل أطفال هذه المخيمات. ولعل أحد أهم أسباب تسرب الأطفال من التعليم يرجع في جزء كبير منه إلى الظروف المادية الصعبة التي تعانيها العائلات القاطنة في هذه المخيمات مع غياب المعيل لدى الكثير منها؛ مما يجبر هذه العائلات على وضع اعتبارات أخرى مثل عمالة الأطفال لدعم الأسرة كأولوية أعلى من التعليم نظراً لعدم توفر الدخل الكافي اللازم لتغطية احتياجاتها المعيشية، إلى جانب غياب وجود المنظمات التي تتبنى تعليم هؤلاء الأطفال ودعم عائلاتهم([28]). 

يمثل العمل في قطاع الزراعة وفقاً لرأي عينة الدراسة أحد مصادر كسب الرزق، فترى نسبة (6%) منها إلى أن هناك اعتماداً إلى حد كبير على هذا المصدر، في حين ترى نسبة (20%) منها أن هناك اعتماداً إلى حد متوسط عليه، بينما ترى بقية أفراد العينة (74%) منها أن هناك اعتماداً منخفضاً على هذا المصدر. يعتمد بعض سكان المخيم على العمل في الحقول الزراعية ومزارع الزيتون المجاورة للمخيم كعمال مياومه بأجور بخسة نظراً لحاجتهم الماسة لتأمين متطلبات المعيشة، ويتكون العمال بشكل أساسي من النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالعمل في قطاع التجارة فترى عينة الدراسة بنسبة (5%) فقط أن هناك اعتماداً إلى حد كبير من قبل السكان على ممارسة العمل التجاري كمصدر للرزق، في حين ترى نسبة (21%) منهم أن هناك اعتماد إلى حد متوسط على هذا المصدر كوسيلة لكسب الرزق، بينما ترى غالبية أفراد العينة (74%) منهم وجود اعتماد إلى حد منخفض على هذا المصدر. حيث يمثل العمل في التجارة أحد وسائل كسب الرزق ويتركز في جانب كبير منه على افتتاح دكاكين صغيرة داخل هذه المخيمات والتي تتركز بشكل أساسي على المواد الاستهلاكية والألبسة. حيث تتشارك النساء مع الرجال العمل في هذه المهنة التي يتطلب العمل بها قليلاً من رأس المال للبدء به، وتعمل النسوة على تأمين الطلبيات من المراكز التجارية في المدن القريبة وإيصالها إلى المخيمات مقابل هامش ربح معين. وقد تطور الأمر بهذه الدكاكين حتى تحولت من دكاكين للبقالة، إلى محلات تجارية فيها كل المستلزمات، وشكلت سوقاً تجارياً متكاملاً في العديد من مخيمات الشمال السوري، ولم يعد هناك حاجة لذهاب النازحين إلى المدن الكبيرة للحصول على احتياجاتهم([29]). 

إلى جانب ذلك تبرز ظاهرة الباعة الجوالون بين المخيمات للمتاجرة بالبضائع والسلع الجديدة والمستعملة، ورغم محدودية المكاسب المحققة من هذا النشاط إلا أن امتهانها من قبل العديد من النازحين أسهم في تغطية جزء من نفقاتهم المعيشية([30]).  

كذلك تمثل الأعمال الخدمية أحد مصادر كسب الرزق لسكان المخيمات وترى نسبة (7%) من العينة أن هناك اعتماداً كبيراً على هذا المصدر، في حين ترى نسبة (16%) منها أن هناك اعتماداً متوسطاً عليه، بينما ترى النسبة الأكبر من العينة (84%) محدودية الاعتماد على هذا المصدر. كذلك ترى غالبية عينة الدراسة أن هناك اعتماداً إلى حد منخفض على الأعمال غير القانونية كمصدر لكسب الرزق كالعمل في التهريب عبر الحدود مع تركيا. إلى جانب هذه المصادر ينخرط سكان المخيمات في مهن أخرى متنوعة لتأمين سبل عيشهم، ووفقاً لعينة الدراسة فإن (10%) منها ترى أن السكان يعتمدون على هذه المهن إلى حد مرتفع، بينما ترى نسبة (15%) منهم اعتماد السكان عليها إلى حد متوسط، في حين ترى غالبية أفراد العينة (75%) منهم إلى وجود اعتماد محدود من قبل سكان المخيمات على هذه المهن لتغطية معيشتهم. وتتركز هذه المهن بشكل أساسي في العمل لدى الفصائل العسكرية التابعة للجيش السوري الحر، ويعمد من يملك سيارة إلى نقل الركاب والبضائع، وكذلك يقوم البعض بالعمل لدى منظمات الإغاثة غير الحكومية المعنية بتقديم الدعم والإغاثة لمخيمات النازحين، حيث تقوم بعض هذه المنظمات باستقطاب بعض الأفراد من هذه المخيمات للعمل لديها ومنحهم أجور تمَّكِنهم من تأمين احتياجاتهم المعيشية، غير أنه ووفقاً لبعض التقارير يتسم العمل في هذه المنظمات بعدم ديمومته في كثير من الأحيان، إلى جانب انتشار المحسوبية والواسطة في استقطاب الأفراد لها مما يؤثر بشكل كبير على كفاءة أداء العمل الإغاثي، وفقدان أصحاب المؤهلات من القاطنين في المخيمات لفرصهم في شغل هذه الوظائف([31]).

ج‌.    معوقات وجود سبل العيش

بعد التعرف على مصادر دخل سكان المخيمات، لا بد من تشخيص أهم المعوقات التي تحول دون تنمية سبل العيش في هذه المخيمات. ويعرض الشكل (15) أهم هذه المعوقات.

يمثل الوضع النفسي والاجتماعي للأفراد القاطنين في المخيمات أحد أبرز معوقات تنمية سبل العيش في مخيمات النزوح الداخلي، إذ يعيش معظم السكان في ظروف بعيدة عن ظروف الحد الأدنى للعيش الإنساني الكريم، إلى جانب شعورهم بالخوف وعدم الأمان من البيئة المحيطة وعدم القدرة على التكيف في إطارها. ووفقاً للعديد من الدراسات تٌشَّكِل حركات النزوح الداخلي مصدراً لكثير من المشكلات الاجتماعية الخطيرة مثل انتشار حالات التوتر وانعدام الثقة وعدم الاطمئنان والقلق الجماعي، إلى جانب دورها في إحداث التمزقات التي تطال بنية النظام الاجتماعي، وإسهامها كذلك في ارتفاع نسبة الأمراض الاجتماعية كالعنف والجريمة والسرقة والتي تؤدي في كثير من الحالات إلى فقدان الثقة في المجتمع بل وأحياناً معاداته([32]). كما يعتبر النزوح بيئة خصبة لكثير من الأمراض النفسية الخطيرة على الفرد والمجتمع بعد أن تحولت إقامة الأفراد في هذه المخيمات من الوضع المؤقت إلى الوضع الدائم وعدم قدرة البعض منهم على تقبل فكرة نقلهم من بيئتهم وحاضنتهم الاجتماعية إلى هذا المكان الذي يفقد فيه الكثير منهم خصوصيته وينتابه الشعور بفقدان كرامته. ويتفق أكثر من (70%) من عينة الدراسة على أهمية هذا العامل باعتباره أحد المعوقات الأساسية لعدم تنمية سبل العيش داخل مخيمات النزوح، بسبب غياب الحافز لدى الأفراد للقيام بأي نشاط في سبيل تأمين معيشتهم نتيجة للصدمات النفسية التي لم يتمكن الكثير منهم من التعافي منها بعد، وركون الكثير منهم إلى الاعتماد على المساعدات المقدمة من المنظمات الداعمة أو الاعتماد على عمل أطفالهم.

تواجه مخيمات النزوح الداخلي مشكلة عدم استقرار الأفراد القاطنين داخلها في كثير من الأحيان لأسباب ترتبط بالبحث عن ظروف معيشية أفضل نظراً للتمايز الموجود في بعض الأحيان بين مخيمات النزوح من حيث الدعم المقدم للقاطنين وتوافر البنية التحتية للإقامة، وتوافر الخدمات التعليمية والصحية وغيرها من الخدمات ذات الصلة. إلى جانب ذلك يميل النازحون من مناطق معينة إلى التجمع بالقرب من بعضهم البعض لصعوبة التكيف مع النازحين من مناطق أخرى. ونظراً للاكتظاظ الحاصل في بعض المخيمات لا يجد البعض منهم الفرصة لاختيار مخيم النزوح قريباً من أبناء منطقته، الأمر الذي يخلق العديد من المشكلات الاجتماعية بين القاطنين في المخيمات بسبب اختلاف العادات والتقاليد فيما بينهم إلى حد ما. مما يضطر البعض منهم لمغادرة هذه المخيمات والنزوح إلى المدن والقرى القريبة رغم صعوبة وضعهم الاقتصادي. وترى عينة الدراسة بنسبة قاربت (80%) منها أن عدم استقرار الأفراد داخل مخيمات النزوح أسهم بشكل كبير في عدم القدرة على حصر الكفاءات والمؤهلات التي يحوزها القاطنين فيها بشكل متكامل، وبالتالي كان لذلك تأثير سلبي على عدم قدرة إدارات هذه المخيمات للاستفادة من إمكانياتهم ومساعداتهم لتأمين فرص العمل.

في حين يبرز عامل عدم وجود جهات رسمية داعمة لتأسيس سبل العيش داخل المخيم من بين أهم المعوقات لتنمية سبل العيش وفقاً لرأي عينة الدراسة بنسبة (75%). تعد منظمات الإغاثة الجهة الوحيدة والرئيسية الداعمة لمخيمات النزوح الداخلي منذ تأسيسها، نظراً لحجم المساعدات الكبير المطلوب تقديمه لهذه المخيمات والتي ازداد عدد سكانها بشكل كبير منذ بداية وجودها في عام 2012، وعدم تبني دعم هذه المخيمات من أي جهة حكومية أو دولية رسمية بشكل مباشر. إلى جانب ذلك فقد تركَّزَ دعم المنظمات لها في غالبيته على الجانب الإغاثي باعتبار وجود هذه المخيمات حالة طارئة وغير دائمة، مع عدم لحظ مخصصات واضحة لتنمية سبل العيش في أجندات وخطط هذه المنظمات على مدار الأعوام الماضية؛ وبالتالي فإن عدم إدراج سبل العيش على سلم أولويات عمل هذه المنظمات شكل عائقاً هاماً في مدى قدرة سكان المخيمات على إيجاد فرص العمل وفقاً لرأي عينة الدراسة بنسبة تجاوزت (72%). الأمر الذي فاقم لاحقاً من مشكلة عدم قدرة هذه المنظمات على تلبية احتياجات القاطنين في هذه المخيمات بشكل دوري ومتواصل كون أغلب المنظمات المعنية بتقديم الإغاثة مرتبطة بمنظمات ومتبرعين من الخارج. وبالتالي خلق هذا الأمر نوع من الاتكالية من قبل بعض سكان هذه المخيمات للاكتفاء بما يقدم لهم من المواد الإغاثية. إلا أن بعض هذه المنظمات تنبهت لهذه المشكلة وقامت بتدخلات تنموية لتشغيل الأفراد القادرين على العمل في هذه المخيمات وقد شملت هذه التدخلات برامج النقد مقابل العمل إلا أن انتشارها كان محدوداً ولم تسهم إلا بتشغيل نسبة بسيطة جداً من القاطنين في هذه المخيمات. إلى جانب أن عدم القدرة على تغطية تكاليف استمراريتها أو انسحاب المنظمات الداعمة كان له العديد من التداعيات السلبية على سكان المخيمات بعد فقدان فرص عملهم وهذا ما حدث مع منظمة "MEDICAL" التي قامت بتوظيف نحو 1120 موظفاً وعاملاً من أبناء أحد المخيمات ليشكل انسحابها من المخيم مشكلة كبيرة عليهم وعلى الحياة الاقتصادية داخل المخيم([33]). وإلى جانب المنظمات الداعمة لم تولِ إدارات هذه المخيمات قضية تنمية سبل العيش الاهتمام المطلوب في أجندات عملها بحيث كان تركيزها منصباً على الجانب الإغاثي وكيفية استقطاب دعم المنظمات الإغاثية للمخيمات. وقد لعبت إدارات هذه المخيمات دوراً أساسياً في تردي أوضاعها من حيث عدم قيامها بوضع الأسس والضوابط والسياسات الناظمة لإدارة هذه المخيمات منذ بداية تأسيسها، إلى جانب عدم قيامها باتخاذ الإجراءات اللازمة للنهوض بواقعها وتطوير حلول فاعلة ومستدامة للمشكلات التي تعاني منها؛ ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى عدم امتلاك هذه الإدارات للخبرات والمؤهلات الإدارية والفنية المطلوبة للقيام بذلك. ومن جانب آخر أسهم غياب التعاون والتنسيق الفاعل بين إدارات هذه المخيمات ومنظمات الإغاثة والمجالس المحلية وغيرها من الأطراف ذات الصلة في تردي الجانب التنظيمي والإداري والخدمي ضمن هذه المخيمات، مما أدى إلى تفاقم المشكلات وتردي حياة السكان داخلها بشكل كبير. حيث أن كثير من المنظمات الإغاثية التي وجهت برامجها لتقديم الدعم الإنساني لمخيمات النزوح انسحبت منها ولم تواصل تقديم الدعم لأسباب ترتبط بسوء التنظيم والإدارة، وعدم مصداقية الإحصائيات وتقارير تقييم الاحتياجات المقدمة من جانب إدارات هذه المخيمات([34]). إلى جانب غياب الشفافية وعدم تقديم الكشوفات المالية اللازمة، وارتباط بعض هذه الإدارات بشبكات من المنتفعين والمتنفذين في مناطق وجودها.  يضاف إلى ذلك أن وجود البعض من هذه المخيمات في أماكن تسيطر عليها بعض الفصائل العسكرية الإسلامية المتشددة كان له تأثيراً سلبياً في إحجام المنظمات الداعمة عن تقديم التدخلات التنموية والإغاثية لهذه المخيمات، بسبب تدخل هذه الفصائل في عمل إدارات هذه المخيمات وتعيين أشخاص مقربين منها لإدارتها، إلى جانب فرض أجنداتها عليها في كيفية التعامل مع منظمات الإغاثة واستلام المواد الإغاثية منها وتوزيعها ضمن هذه المخيمات، مما أسهم إلى حد كبير في انتشار حالات الفساد وعدم التوزيع العادل لهذه المساعدات الإغاثية.  

في ذات السياق تفرض البيئة المادية لمخيمات النزوح نفسها على مدى قدرة الأفراد الراغبين للعمل للمباشرة بمزاولة أي مهن مدرة للدخل، إذ تفتقد غالبية هذه المخيمات الظروف الملائمة لذلك، من حيث عدم توافر التيار الكهربائي والمياه والنقل والمستلزمات الأخرى، وعدم قدرة الأفراد على تحمل تكلفة تأمين المكائن والمعدات اللازمة للمباشرة بأي نشاط إنتاجي داخل المخيم. فترى نسبة (73%) من عينة الدراسة أن عدم وجود المستلزمات المطلوبة للقيام بأي أعمال مدرة للدخل يعد من بين معوقات تنمية سبل العيش في المخيمات. ويحتاج تأمين هذه المستلزمات إلى تدخل المنظمات وتوفير البيئة المادية الملائمة للعمل عليها. إلى جانب ذلك ترى عينة الدراسة بنسبة (68%) منها أن عدم تعاون سكان المدن والقرى القريبة من المخيمات مع سكان هذه المخيمات من بين المعوقات التي أدت إلى غياب فرص العمل عن مخيمات النزوح. فنتيجة لانهيار الشبكات الاجتماعية للمجتمعات المحلية للنازحين بعد انتقالهم للعيش في مناطق جديدة، إلى جانب الاكتظاظ السكاني الكبير في مناطق الشمال السوري بشكل عام؛ بات الحصول على فرصة عمل للسكان في طليعة احتياجاتهم نظراً لارتفاع تكاليف الحياة المعيشية في هذه المناطق وعدم وجود أفق واضح لمدة وجودهم في هذه المناطق. وبالتالي ينظر السكان المحليون للنازحين إلى مناطقهم بأنهم شكلوا ضغطاً مادياً كبيراً عليهم من حيث مزاحمتهم للسكان المحليين على فرص العمل المتاحة وقبولهم بأي أجر في سبيل العمل، ووجود الكثير من حالات استغلال سكان المخيمات من قبل السكان المحليين للعمل بأجور بخسة وضمن ظروف عمل قاسية. إلى جانب تسببهم بارتفاع مستوى تكاليف الحياة المعيشية واستنزاف الموارد المحلية والبنية التحتية لهذه المناطق. إلى جانب ذلك ينظر العديد من السكان المحليين إلى عدم وجود عدالة في توزيع المساعدات بين سكان المخيمات والسكان المحليين، فمع ارتفاع معدلات البطالة ومستويات الفقر في جميع هذه المناطق يطالب السكان المحليين بتخصيصهم بجزء من هذه المساعدات أسوة بسكان المخيمات. حيث ولَّدَ كل ذلك اتجاهاً سلبياً من قبل السكان المحليين نحو النازحين في مناطقهم وأثراً سلباً على تنمية سبل العيش في هذه المخيمات. ومن بين المعوقات الأخرى التي ترى عينة الدراسة بأنها ذات تأُثير في هذا المنحى هو الصعوبة التي تواجه القاطنين في التنقل من وإلى هذه المخيمات، نظراً للقوانين التي تفرضها إدارة هذه المخيمات بتقييد حرية التنقل لأسباب أمنية وتنظيمية، مما حرم الكثير من القادرين على العمل من الوصول إلى المدن المجاورة في حال تمكنهم من تأمين فرص العمل. إذ أن الإقامة في هذه المخيمات تخفف العبء المادي للعوائل القاطنة داخله من حيث عدم قدرتهم على تحمل تكاليف السكن في المدن، وبالتالي فإن الحد من قدرتهم على التحرك سيؤثر سلباً على وضعهم المعيشي وزيادة ضعفهم المادي وزيادة اعتمادهم على المساعدات الإغاثية.

مع انتشار غالبية مخيمات النزوح الداخلي في مناطق خارج سيطرة النظام في الشمال السوري، ومع غياب سلطة رسمية للإشراف المباشر على هذه المخيمات، تنفرد الإدارات المشرفة عليها باستخدام سلطتها لتنظيم حياة الأفراد القاطنين داخلها. مع عدم تمكن المجالس المحلية من الإشراف المباشر على هذه المخيمات لأسباب ترتبط بالولاءات القبلية أو التبعية للفصائل العسكرية المسيطرة على منطقة وجود المخيم والتي غالباً ما تتدخل لفرض إدارات محددة موالية لها، وأصبح هناك من يمارس دور السلطة وسط هذه الكتل البشرية المتضخمة. الأمر الذي تسبب في مشكلات اجتماعية كثيرة داخل هذه المخيمات لا سيما عدم التكيف؛ مما اضطر آلاف العائلات للتنقل بين مخيم وآخر بحكم التجمعات المناطقية والعشائرية والولاءات والقوانين غير المعلنة([35]). وقد أسهم بُعد المجالس المحلية عن الإشراف على هذه المخيمات إلى انتشار حالات الفساد الإداري في العديد منها الأمر الذي أدى إلى تدني مستوى الخدمات المقدمة لسكانها وعدم قدرة الإدارات الموجودة على تقييم واقع هذه المخيمات بشكل حقيقي لوضع حلول فاعلة للمشاكل التي تعاني منها. ووفقاً لبعض المصادر فإن هناك اجتماعاً سنوياً لمدراء المخيمات يتم عقده بحضور منظمة إدارة الكوارث والطوارئ التركية "AFAD"، ويتم فيه إطلاع المنظمة ورئيس دائرة المخيمات على جميع المشكلات التي يعاني منها سكان المخيمات. إلا أن النتائج المتمخضة عنه تنحصر في غالبها على الدعم الإغاثي للسكان وعدم معالجة المشكلات المزمنة التي يعانون منها وفي مقدمتها تأمين سبل العيش لهم.  إذ ترى نسبة (73%) من عينة الدراسة أن عدم تمكن المجالس المحلية من الاضطلاع بدورها في هذا الصدد أثر بشكل كبير على تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي لسكان المخيمات من خلال عدم منحهم الفرصة للانخراط في الحياة الاقتصادية في مناطق تواجدهم. وكون المجالس المحلية تمثل السطلة الإدارية في هذه المناطق فهي الأقدر على تلمس احتياجات السكان في كافة مناطقها وتقديم الحلول الآنية والمستقبلية لمشكلات السكان بالتعاون مع الجهات الحكومية والمدنية والعسكرية.   

2.   آليات تنمية سبل العيش في مخيمات النزوح

إن المتتبع لواقع مخيمات النزوح يلحظ بشكل واضح أن هناك انتقال تدريجي للعديد من هذه المخيمات من الحالة المؤقتة إلى حالة الاستدامة الجزئية بعد مرور سنوات على إنشائها. بعد أن قام ساكنو هذه المخيمات بتحويل خيامهم إلى غرف إسمنتية تقيهم ظروف الطقس وتمنحهم مزيداً من الاستقرار. وبالتالي أصبحت هذه المخيمات بحاجة إلى جهة عليا لتنظيم أمورها ووضع خطط مستقبلية لها، ولم تعد تفي قدرات إدارة المخيمات الحالية للاضطلاع بهذا الدور بعد أن كان دورها محصوراً بتنظيم العلاقة بين سكان المخيم والمنظمات الداعمة. فثمة مشكلات اجتماعية جديدة تبلورت مع طول أمد وجود السكان في هذه المخيمات، تتطلب خططاً تنموية للتعامل معها ويأتي في مقدمتها ثنائية البطالة والجريمة. فالبطالة التي تغزو هذه المخيمات تصنف في إطار البطالة الطويلة الأمد والتي سيكون لها أثار سلبية جسيمة على بنية المجتمع المحلي، وبخاصة تلك المتعلقة بالآثار الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والصحية وانعكاساتها على حاضر ومستقبل سكان هذه المخيمات. لذا يبدو من الأهمية بمكان العمل على تدارك هذه الظاهرة والحد من تداعياتها السلبية من خلال العمل على تلمس آليات لبناء وتنمية سبل العيش في هذه المخيمات والبناء عليها لتصميم برامج ملائمة تتناسب وظروف هذه المخيمات من مختلف الجوانب، أضف إلى ذلك أن أي تغير في البناء الاقتصادي يتبعه مباشرة تغير في البناء الاجتماعي، وبالتالي لا بد من التفكير بآليات اقتصادية جادة في سبيل تحقيق خطوة نحو الاندماج الاقتصادي لمخيمات النزوح الداخلي في البيئة المحيطة بها. حيث يشكل الاندماج الاقتصادي الخطوة الأولى في طريق الاندماج الاجتماعي والثقافي والخدماتي.

ترى عينة الدراسة بنسبة تتجاوز (70%) بأن من أهم آليات تنمية سبل العيش في مخيمات النزوح يتمثل في تشكيل لجنة داخل إدارة المخيم مسؤولة عن تأمين فرص العمل، كما يبين الشكل (16). إذ أصبح من الأهمية بمكان تجاوز الدور التقليدي الذي عكفت عليه إدارات هذه المخيمات خلال الأعوام الماضية بتقلد وظيفة المنسق بين المنظمات المانحة والقاطنين في المخيمات لتأمين المواد الإغاثية، والعمل على تطوير حلول مستدامة لمشكلات السكان والتي تعد عملية تأمين سبل العيش لهم في مقدمتها. ويقتضي ذلك منها تأسيس مكاتب فرعية لديها لحصر مؤهلات وقدرات الأفراد المقيمين في المخيمات، واستحداث برنامج توظيف للاستفادة من هؤلاء الأفراد. والعمل على زيادة التنسيق والتواصل مع الجهات والمنظمات المهتمة بتنمية قطاع سبل العيش في هذه المخيمات. ويمكن تأسيس كيان أو وحدة داخل المخيم مسؤولة عن وضع تصورات لمشاريع إنتاجية وتأمين الدعم المالي لها وتوفير الفرص من التدريب لضمان نجاح هذه المشاريع.        

كذلك لا بد من قيام إدارات المخيمات بحملات توعوية للأفراد القادرين على العمل، يتم من خلالها إطلاعهم على فرص العمل المتاحة في المخيمات، وكيفية الاستفادة من مؤهلاتهم وقدراتهم في العمل المنتج لدعم عائلاتهم، وإحاطتهم بمخاطر البطالة وتأثيراتها السلبية على مستقبلهم، والعمل على تضمين هذه الحملات بالتحفيز اللازم لانتشال الأفراد من الحالة النفسية والاجتماعية المزرية التي يعيشونها منذ قدومهم إلى هذه المخيمات بسبب ظروفهم الاقتصادية الصعبة، وكيفية التعافي من السلوكيات السلبية التي اكتسبوها أثناء وجودهم في هذه المخيمات والناتجة عن ظاهرة تفشي البطالة بشكل كبير بين صفوفهم. وتتفق عينة الدراسة على أهمية هذا العمل لتنمية سبل لعيش في المخيمات بنسبة تتجاوز (70%).    

في ذات السياق ترى عينة الدراسة بنسبة تتجاوز (70%) أن على منظمات المجتمع المدني أخذ دورها في تنمية سبل العيش داخل مخيمات النزوح، وأن تقوم بإدراج قطاع سبل العيش في خططها التنموية، فخلال الأعوام الماضية كان تركيز هذه المنظمات منصباً على تزويد السكان بالمواد الإغاثية لتأمين مستلزمات الحياة الأساسية لهم. وقد يكون هذا مبرراً في بدايات توافد النازحين إلى هذه المخيمات؛ إلا أنه ومع استطالة فترة وجودهم فيها أصبحت المواد الإغاثية تمثل عاملاً ذو تأثيرٍ سلبيٍ على حياتهم بعد أن استكان العديد منهم للاعتماد على هذه المساعدات للعيش، مع انعدام فرص العمل وحاجة الكثير لإعادة التأهيل والتدريب للانخراط في الأعمال المنتجة والتي تقع في جزء كبير منها على عاتق هذه المنظمات من خلال برامجها المهنية والتشغيلية لانتشالهم من براثن البطالة.

إن تحسين الوضع الاقتصادي في مخيمات النزوح يرتبط بأحد جوانبه بتطوير البيئة المادية لهذه المخيمات، نظراً لأهمية البيئة المادية للعمل المنتج، وترى عينة الدراسة بنسبة تصل إلى (65%) ضرورة تهيئة البيئة المادية المناسبة داخل مخيمات النزوح لتكون قادرة على توطين بعض الصناعات التي تتناسب وظروف العيش في هذه المخيمات. ويمكن الاستفادة في هذا الصدد من تجربة العديد من الدول التي حولت مخيمات النزوح الداخلي لديها إلى مخيمات للعمل المنتج بهدف دمج سكان هذه المخيمات اقتصادياً واجتماعياً في البيئة الحضرية المجاورة بالاعتماد على آليات دمج محددة.

إن غالبية السكان في مخيمات النزوح لا يتمتعون بأي ملكية أو قدرة على توفير مثل هذه الملكيات، وبالتالي لا يشكل السكان في المخيم وحدة إنتاجية فلا أرض في المخيم يعتاش السكان من زراعتها، ومجالات العمل وسط المخيم ضئيلة لا تتعدى محلات البيع المتواضعة وبعض ورش العمل البدائية. وهذا يؤكد الحاجة الماسة للمساهمة الفعالة من أطراف ذات علاقة بالتنمية الاقتصادية، وذلك من خلال عدم اقتصار المخيم على توفير السكن والأنشطة التجارية البسيطة، بل تجاوزها إلى أنشطة اقتصادية حيوية وفعالة تفتح الأفق أمام النازح. ويعتمد تحسين الوضع الاقتصادي لمخيمات النزوح في جانب كبير منه على الدعم الدولي الذي يتم تخصيصه من الوكالات والمنظمات الدولية لتنفيذ برامج سبل العيش، وترى نسبة (60%) من عينة الدراسة أهمية هذا الدعم لتنمية سبل العيش، فخلال السنوات الماضية كان تركيز هذه الوكالات موجهاً إلى جميع قطاعات الإغاثة المشمَّلة في خطط الاستجابة الاستراتيجية للأزمة السورية منذ عام 2012 مع محدودية كبيرة للدعم المخصص من أجل قطاع سبل العيش في هذه الخطط داخل سورية بشكل عام ولمخيمات النزوح الداخلي بشكل خاص([36]). الأمر الذي أدى إلى الكثير من التداعيات السلبية على سكان هذه المخيمات من حيث عدم تمكنهم من القيام بالعمل المنتج وتراجع مستوى مهاراتهم وقدراتهم الإنتاجية. ونظراً لكون قطاع سبل العيش من القطاعات التي تحتاج تنميتها إلى جهود دولية فلا بد من قيام هذه الوكالات بتخصيص نسبة جيدة من دعمها لتنمية برامج سبل العيش لسكان هذه المخيمات. ويمكن استثمار هذا الدعم بالشكل الأمثل من خلال تنفيذ مشاريع اقتصادية بالقرب من مخيمات النزوح، مما يتيح الفرصة للسكان للاستفادة من فرص العمل والحد من البطالة، والحصول على مكان سكن أفضل.

ويمكن كذلك تنفيذ برامج للتمويل الصغير والمتناهي الصغر من خلال إتاحة الفرصة لسكان المخيمات بالحصول على القروض الميسرة والمساعدات المادية لتأسيس مشاريعهم الصغيرة والمتناهية الصغر بضمانات تتناسب مع قدراتهم المحدودة. ويعتمد نجاح تطبيق هذه البرامج عبر قيام هذه الوكالات بوضع منهجية عمل تتلاءم مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية لسكان المخيم من حيث تقديم التمويل والوصول إلى السكان المستهدفين من هذه البرامج. والعمل على بناء قدرات السكان من خلال تنظيم دورات لتوفير الدعم المهني والتعليم المالي لهم، وصولاً إلى تحقيق التمويل المستدام على المدى البعيد، من خلال نجاح مشاريعهم الصغيرة والمتناهية الصغر. إلى جانب توفير المستلزمات الأخرى الكفيلة بنجاح هذه المشاريع مثل تقديم الاستشارات الفنية وخدمات التسويق وغيرها من المستلزمات الأخرى. كذلك يمكن للوكالات الدولية العمل على بناء قدرات المنظمات غير الحكومية السورية بشأن تنفيذ برامج ومشاريع سبل كسب العيش والرصد والتقييم في هذا القطاع.

غير أن الصعوبة التي تكتنف نجاح مسعى الوكالات الدولية في توطين برامج سبل العيش كما أسلفنا سابقاً يكمن في أحد أوجهه في عدم وجود جهة عليا واحدة مركزية ذات إشراف مباشر على مخيمات النزوح يمكن لهذه الوكالات التنسيق والتعاون معها بشكل مباشر لتنفيذ برامجها. إذ تحجم العديد من هذه الوكالات عن العمل مباشرة مع إدارة كل مخيم بشكل منفرد لأسباب مرتبطة بالناحية التنظيمية وموثوقية هذه الإدارات وارتباطاتها مع جهات أخرى. وقد كان هناك محاولات عدة لتشكيل جسم مركزي موحد للإشراف على مخيمات النزوح خلال الأعوام الماضية لم يكتب لها النجاح، في حين تعد الإدارة العامة لشؤون المهجرين التابعة لحكومة الإنقاذ في محافظة إدلب كأول جسم إداري واضح المعالم تم تشكيله للإشراف على مخيمات النزوح وكل ما يدخلها من مساعدات أو مشاريع بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على إدارة المخيمات، مع افتقادها للإمكانات والموارد البشرية والمادية التي تؤهلها للنجاح في إدارة هذا الملف؛ إلى جانب عدم تقبل بعض المنظمات للعمل مع هذا الجسم الإداري؛ الأمر الذي أدى إلى انسحاب بعض من المنظمات الداعمة عن الاستمرار في تقديم دعمها في المحافظة([37]). غير أن هذه التجربة يبقى وجودها تبعاً لتغير ميزان القوى العسكرية داخلياً بين الفصائل وكونها عرضة للزعزعة كما حدث مع غيرها سابقاً.

ضمن هذا الإطار ترى عينة الدراسة بنسبة (62%) أهمية وجود آلية لتفعيل الاستفادة من الأموال والخبرات السورية المهاجرة لتنمية سبل العيش لسكان المخيمات. نظراً لتوطن كمية كبيرة من رؤوس الأموال والخبرات السورية في الخارج فلا بد من العمل من قبل جميع الفواعل ممثلة بالمجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني على بناء شراكات مع أصحاب رؤوس الأموال من السوريين في تركيا وغيرها من الدول لتنفيذ برامج تنموية فاعلة تتضمن إحداث مشاريع استثمارية في مناطق تواجد هذه المخيمات تهدف بشكل أساسي إلى تأمين فرص العمل لسكانها والحد من بطالتهم وجعلهم أكثر قدرة على الاندماج الاقتصادي والاجتماعي في مناطق وجودهم. إلى جانب نشر برامج تدريب وتأهيل مهني متخصصة يشارك فيها المغتربون السوريون بخبراتهم تكون موجهة للنازحين وسكان المجتمعات المستضيفة على حد سواء لتنشيط عملية إعادة الإنعاش الاقتصادي في هذه المناطق. إن الدور المنوط بالمجالس المحلية لتنمية سبل العيش في مخيمات النزوح أصبح من الأهمية بمكان، فمع تقلد هذه المجالس للوظائف الحكومية في مناطق تواجد مخيمات النزوح الداخلي، بات لزاماً على هذه المجالس وضع خطط بالتعاون مع الجهات الفاعلة للعب دورها في مساعدة سكان هذه المخيمات للاندماج الاقتصادي والاجتماعي في مناطقها، من خلال مساهمتها الفاعلة في إعادة التأهيل المهني للسكان عبر إلحاقهم بدورات مهنية تتناسب ومتطلبات فرص العمل في مناطق تواجدهم. وقد حاز هذا العامل على نسبة (63%) من الأهمية وفقاً لرأي عينة الدراسة كأحد آليات تنمية سبل العيش. كذلك فإن قدرة المجالس المحلية على تأطير المشاركة الشعبية لسكان المناطق ممن لديه الرغبة في مساعدة النازحين تعد ذات أثر فاعل في تنمية سبل العيش لهم وفقاً لرأي عينة الدراسة وبنسبة تقترب من (50%). فمع ارتفاع أعداد السكان داخل هذه المخيمات ومحدودية الدعم المقدم لهم من قبل المنظمات وانقطاعه في أحيان كثيرة يحاول بعض الأهالي من سكان مناطق تواجد هذه المخيمات الإسهام في التخفيف من معاناة النازحين عبر استقطاب العمالة من سكان هذه المخيمات كعمال مياومة في الحقول الزراعية وغيرها من الأعمال اليدوية والحرفية، إلى جانب قيام البعض بتقديم مساعدات عينية بشكل مباشر لهم. لذا فإن قدرة المجالس المحلية على تنظيم هذه العلاقة بين السكان المحليين وسكان المخيمات من شأنه أن يسهم في ضمان حقوق العمالة في هذه المخيمات وخلق نوع من الاستقرار النسبي في مثل هذه الأعمال. نظراً لوجود إقبال كبير على مثل هذه الأعمال من قبل سكان المخيمات لانعدام فرص العمل، وقيام البعض من أرباب العمل باستغلال حاجة هؤلاء السكان للعمل ومنحهم أجور منخفضة لا تتناسب ومستوى الجهد المقدم من قبلهم. إلى جانب قيام المجالس بالتعاون مع إدارات المخيمات بضمان التوزيع العادل للمساعدات العينية لسكان هذه المخيمات.  

في حين ترى نسبة (58%) من أفراد عينة الدراسة أن امتثال الأفراد الراغبين في تأمين فرص العمل داخل المخيمات للتعليمات والإجراءات من العوامل الهامة في تنمية سبل العيش. نظراً لحالة الفوضى التنظيمية والإدارية التي تسود الكثير من مخيمات النزوح، فإن التنظيم الشخصي للأفراد والتزامهم بالقوانين والتعليمات المفروضة يلعب دوراً هاماً في نجاح الجهات والمنظمات المشرفة على هذه المخيمات في تشخيص مؤهلات وقدرات الأفراد ولحظهم في خططها ذات الصلة بتأمين فرص العمل والتأهيل المهني.   

3.   برامج تنمية سبل العيش

يُنظر إلى برامج سبل العيش كونها برامج تنموية محورها فرص العمل، وتشمل مجموعة من السياسات التي يمكن أن تزيد إلى أقصى حد ممكن من توليد الوظائف المنتجة. ويعتمد وضع برامج فاعلة لتنمية سبل العيش لمخيمات النزوح على التفكير جيداً بمدى ملاءمتها للظروف داخل وخارج هذه المخيمات، ومدى إمكانية تطبيقها وجني ثمارها على الأمدين القصير والبعيد، إلى جانب توافقها واتساقها مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي لمناطق تواجد هذه المخيمات. ولا بد أن يتم إعداد وتصميم وتنفيذ هذه البرامج بالتشارك والتعاون مع جميع الأطراف المشاركة بعملية التنمية في هذه المناطق، والعمل كذلك على تحديد المخاطر المرتبطة بتطبيق هذه البرامج وكيفية إدارة هذه المخاطر. ويتمثل الهدف النهائي لهذه البرامج في مدى قدرتها على المساهمة في تمكين سكان هذه المخيمات من تحقيق تطلعاتهم في تأمين مصادر الرزق والتقليل من اعتمادهم على المساعدات الإغاثية قدر الإمكان.

يأتي برنامج التعليم والتدريب المهني في مقدمة هذه البرامج وفقاً لرأي عينة الدراسة بنسبة أهمية قريبة من (80%) كما يبين الشكل (17). إذ تلعب المساعدة المعرفية للأفراد في المجال المهني داخل المجتمعات الهشة دوراً هاماً في تنمية مهارات وقدرات الأفراد ضمن هذه المجتمعات، ويجب النظر إلى أهميتها بالتوازي مع أهمية المساعدة المالية والدعم المادي المقدم لهذه المجتمعات. مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكون هذه المساعدة مرتكزة على الكفاءة في تقديمها وأن تكون موجهة بشكل دقيق للحصول على فرص العمل، وأن تكون متناسبة مع السياق الاجتماعي واحتياجات سوق العمل المحلي لمناطق تواجد هذه المخيمات، بحيث تسهم بشكل فاعل في الحد من الفقر وضمان إدماج سكان المخيمات في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مناطق تواجدهم. وأن تسهم كذلك في عملية إعادة تأهيل وترميم الاقتصاد المحلي.  

 

وتعد برامج التدريب المهني في هذه المناطق واحدة من الأدوات القوية لإبقاء الناس متجذرين في مناطقهم ومساعدتهم على الحفاظ على الحد الأدنى لجودة الحياة. ويمكن تنفيذ برامج التدريب المهني من خلال بعض أو جميع الخطوات التالية:

  • تقييم سوق العمل.
  • تقييم فرص العمل المتاحة.
  • توافر المراكز التدريبية وورش العمل.
  • فئات المهن المطلوبة.
  • تصميم وحدات التدريب.
  • اختيار المستفيدين.
  • تنفيذ البرامج التدريبية.
  • إنشاء حاضنة مشروعات صغيرة.
  • دعم مشاريع المتدربين وأبحاثهم مالياً.
  • تشجيع مجموعات التدريب وورش العمل الجماعية.

 

يبين الشكل (18) مجموعة من دورات التدريب المهني ورأي أفراد عينة الدراسة حول مدى أهميتها لسكان المخيمات، حيث يوجد تقارب في مدى أهمية هذه الدورات نظراً لتنوع الخلفيات المهنية للأفراد القاطنين في هذه المخيمات، إلى جانب وجود حاجة فعلية لمثل هذه الدورات يمكن تلمسها بشكل واضح من خلال نسب الأهمية التي حازتها من قبل أفراد العينة. ويرجع التباين النسبي المحدود في درجة أهمية هذه الدورات إلى تقديرات خاصة بأفراد العينة لمدى الأهمية الفعلية لكل دورة مقارنة بغيرها من الدورات المهنية، كذلك يعكس تنوع الاهتمام بهذه الدورات إلى مدى الحاجة لها. ويعتمد نجاح هذه الدورات إلى حد كبير على مدى التعاون والتنسيق القائم بين الأطراف المعنية بتنمية سبل العيش في هذه المخيمات، من خلال توفير مقومات نجاح هذه الدورات وتوظيف مخرجاتها في الاقتصادات المحلية لمناطق تواجد المخيمات. إلى جانب خلق الحوافز المادية والمعنوية لدى سكان هذه المخيمات للالتحاق بهذه الدورات والاستفادة منها لتعزيز قدراتهم المهنية وتمكينهم من الانخراط في المجتمع المحلي بشكل أكبر، ومساهمتهم في عملية الإنعاش الاقتصادي في مناطق تواجدهم.  

في حين حل برنامج محو الأمية في المرتبة الثانية من حيث الأهمية النسبية بنسبة (74%) وفقاً لرأي عينة الدراسة. حيث تعد مشكلة تفشي الأمية في مخيمات النزوح من المشكلات التي باتت متأصلة في هذه المخيمات نتيجة انقطاع نسبة كبيرة من الأفراد عن مواصلة تعليمهم بعد انتقالهم للعيش داخلها، وعدم قدرتهم على مواصلة تعليمهم بسبب افتقار هذه المخيمات لسبل التعليم؛ مما عمَّق من معاناتهم فارضاً في الوقت ذاته جملة من التحديات المرتبطة بتأمين سبل عيشهم. لذا ترى عينة الدراسة أهمية تطبيق برنامج محو الأمية لإكساب الأفراد المتسربين من التعليم القدرة الكافي من المعرفة التي يمكن أن تساعدهم في الاستجابة بشكل أكبر لبرامج سبل العيش والاستفادة من مخرجاتها.    

تعد مخيمات النزوح من أكثر الأماكن التي تشهد معدلات فقر مرتفعة نظراً لفقدان سكان هذه المخيمات القدرة على العمل المنتج واعتمادهم بشكل كبير على المساعدات الإغاثية مما فاقم من معدلات الفقر بينهم. ترى عينة الدراسة أهمية تطبيق برنامج تمكين اقتصادي للأسر الفقيرة، وقد حل هذا البرنامج في المرتبة الثالثة من حيث الأهمية النسبية بنسبة تقترب من (80%). ويهدف البرنامج بشكل أساسي إلى توسيع فرص سبل العيش أمام الأسر الفقيرة وبناء قدرتها على الاستفادة من تلك الفرص إلى جانب تحديد مستويات الفقر وكيفية علاجها، والتخفيف من معاناتها ومساعدتها في تجاوز جزء من الصعوبات التي تواجهها. ونظراً لخصوصية الظروف المادية المحيطة بهذه الأسر داخل وخارج المخيمات؛ فإن تصميم برنامج تمكين اقتصادي خاص بها يتطلب استخدام تدخلات تنموية خاصة، تستهدف بداية تقديم الحماية الاجتماعية للأسر التي لا تستطيع تغطية احتياجاتها الأساسية بشكل دائم وهي الشريحة الأكبر في هذه المخيمات، مثل أسر الأيتام وأسر ذوي الاحتياجات الخاصة والأسر التي يعجز معيلها عن العمل، والمساهمة في إعفاف هذه الأسر وإغناءها عن ذل السؤال أو اللجوء إلى وسائل غير مشروعة لإعالة نفسها. بينما يتم تقديم مساعدات تنموية على شكل تمويل متناهي الصغر للأسر تحت خط الفقر وتأهيلها مهنياً والعمل على زيادة فرص حصولها على مورد دخل ثابت عبر تأمين مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية واستثمار الموارد المتاحة لديها. وهي الأسر القادرة على تأمين احتياجاتها الأساسية بشكل جزئي إلا أنها تعاني من ضعف في مواردها المالية والاجتماعية نتيجة فقدانها لشبكاتها الاجتماعية بعد خروجها من مجتمعاتها الأصلية.

 في حين حل برنامجي ريادة الأعمال والمشاريع الصناعية الصغيرة في المرتبة الثالثة بنسبة أهمية قريبة من (60%) وفقاً لرأي عينة الدراسة. إذ يلعب الاستهداف الفعال للسكان في المخيمات بمشاريع صناعية صغيرة ومتناهية الصغر وتبني مبادرات ريادة الأعمال، إلى جانب بناء قدرات أصحاب هذه المشاريع والمبادرات وتقديم الحلول لهم دوراً هاماً في إيجاد مصادر الدخل والتقليل من نسب الفقر والبطالة وتعزيز سبل العيش المستدامة. كما تسهم هذه المشاريع والمبادرات في تنشيط عجلة الاقتصاد المحلي في مناطق تواجد هذه المخيمات. ولا بد لنجاح هذا المسعى من ضرورة إنشاء حاضنات أعمال تشاركية بين الجهات المهتمة بدعم هذه المخيمات لتوفير خدمات متكاملة استشارية إدارية وفنية لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، وتقديم الدعم اللازم لرواد الأعمال ذوي الأفكار الصناعية والتجارية لتأسيس مشاريعهم الجديدة في هذه المخيمات والتي تم التفكير بها بناءً على معرفتهم بظروف هذه المخيمات وما هي المشاريع المدرة للدخل التي يمكن تأسيسها داخلها لتحقيق النجاح المنشود منها. 

إضافة إلى البرامج السابقة ترى العينة أهمية تطبيق برنامج التمويل الصغير والمتناهي الصغر للمشاريع، وقد حل في المرتبة الرابعة من حيث درجة الأهمية النسبية بنسبة تقترب من (60%). إذ يلعب هذا البرنامج دوراً هاماً في إشراك الفئات الفقيرة والمهمشة في الدورة الاقتصادية لمناطق تواجد مخيمات النزوح، ويشكل عاملاً مساعداً للسكان في تحمل الآثار الناجمة عن النزاعات وتخفيف موجات النزوح المتكررة، من خلال تمكينهم ودعم قدرتهم على مواجهة الصدمات الاقتصادية عبر إطلاق مشاريع تنموية صغيرة ومتناهية الصغر داخل وخارج المخيمات تؤمن فرص عمل لعدد كبير من السكان. كما يمكن لهذا البرنامج أن يمثل أحد الإجراءات التدخلية التي يمكن أن تشجع النشاط الاقتصادي المحلي على النمو وتدعم عملية إعادة الإنعاش الاقتصادي، من خلال البحث عن الأنشطة الاقتصادية الملائمة لسكان المخيمات والتركيز على تقديم الائتمان الإنتاجي لهم مما يسهم في تحريك عجلة الإنتاج الصناعي والزراعي بحدها الأدنى. إلا أن القدرة على تأمين هذا التمويل هو تحدي بحد ذاته. فنظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مناطق مخيمات النزوح يعد إيجاد مورد تمويل محلي أمراً صعباً، لذا فإن جميع عمليات التمويل في الوقت الحاضر تعتمد على المنظمات غير الحكومية الدولية أو الدول الأجنبية التي تواجه صعوبات في الوصول إلى هذه المناطق. وهناك تحدي آخر يواجه المشاريع الصغيرة هو العائد المنخفض منها نظرا لعدم وجود سوق لتصريف المنتجات، وارتفاع تكلفة المواد الخام، وقضايا الأمن والبضائع المهربة التي تتنافس مع المنتجات المحلية. وينبغي النظر كذلك في ارتفاع معدل الفائدة على قروض التمويل الصغير. ومعظم مؤسسات التمويل الأصغر تطبق رسوم معدل فائدة مرتفعة بسبب ارتفاع مخاطر هذه القروض على هذه المؤسسات وخاصة في المناطق غير المستقرة كمخيمات النزوح.

في المرتبة الخامسة حل برنامج التمكين الاقتصادي للمرأة بنسبة أهمية بلغت (52%) وفقاً لرأي عينة الدراسة. إذ تعد النساء من الفئات الاجتماعية الأكثر تأثراً بالنزاع الدائر في سورية. وتعد مخيمات النزوح مأوى للكثير من النساء الأرامل والمعيلات لأسرهم اللواتي يكافحن في صراع شاق لتأمين سبل العيش ويواجهن تحديات كبيرة لرعاية أسرهم وتوفير أبسط الحاجات الأساسية معتمدات فقط على المساعدات الإغاثية ومساعدات الأقارب ومساعدات أهل الخير. ولم يكن سهلاً بالنسبة لهن تقبل هذا الأمر إلى جانب عدم ديمومة هذه المساعدات في كثير من الأحيان. لذا لا بد من أن يكون لهن الأولوية في الاستهداف عن غيرهن من الفئات الأخرى ببرامج سبل العيش وتعزيز الصمود الاقتصادي بعد الزيادة المتصاعدة لهذه الفئة من النساء والنفاذ المحدود لمصادر الدخل بسبب قلة فرص العمل وعدم تقبل المجتمع لعمل المرأة في غالبية مناطق مخيمات النزوح. ويرتكز برنامج التمكين الاقتصادي بشكل أساسي على توسيع الفرص الاقتصادية المتاحة للنساء ومساعدتهن في الولوج إلى سوق العمل من خلال مجموعة من التدابير تشمل بناء المهارات والمعارف والقدرات الإنتاجية لها عبر التدريب المهني. مما يسهم في تعزيز ثقة المرأة بنفسها من حيث كونها قادرة على تحسين مستواها الاقتصادي والاعتماد على نفسها في تأمين نفقاتها وعدم الركون بشكل كامل للبقاء أسيرة للمساعدات الإغاثية، ولجعلها في مأمن من الاستغلال وسوء المعاملة وجعلها أكثر قدرة على المشاركة الفاعلة في بناء المجتمع المحلي.

ويمكن وضع مجموعة من التوصيات الخاصة بتمكين النساء تشمل:

  • تحليل أوضاع المرأة في مخيمات النزوح وتحديد الاحتياجات والتحديات والتوصيات وفقاً لذلك([38]).
  • تشكيل مجموعات نسوية وقوى ضاغطة لرفع أصواتهن داخل مخيمات النزوح([39]).
  • نشر البرامج المجتمعية لرفع مستوى الوعي حول النوع الاجتماعي والعمل على قبول النساء في المجتمع المحلي وتعزيز مساهمتها في الاقتصاد.
  • الاستفادة من حالات وتجارب البلدان التي لديها ظروف مشابهة والبناء عليها لتحقيق النجاح في التمكين الاقتصادي للمرأة.
  • تقديم برامج المساعدات النقدية والنقد مقابل العمل للأسر التي تعيلها نساء.
  • تشجيع ودعم دور المرأة في صنع السلام والمصالحة المجتمعية.
  • دمج الجمعيات النسائية المدنية والرسمية والمنظمات في برامج التمكين الاقتصادي.
  • التدريب المهني للنساء القاطنات في المخيمات.
  • القيام بحلقات عمل تدريبية في مجال محو الأمية المالية والتعريف بالأسواق المحلية للمحافظة على الأعمال التجارية الصغيرة.
  • تقديم برامج الدعم النفسي والاجتماعي للمرأة بالتوازي مع برنامج التمكين الاقتصادي.
  • تخصيص صندوق كبير لتمكين المرأة من خلال المنظمات غير الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية المحلية، والجهات الفاعلة في مناطق تواجد المخيمات. إلى جانب قيام هذه الجهات بتقديم برامج تدريبية في مبادئ حماية النساء والممارسات الفضلى.

في المرتبة الأخيرة حل برنامج النقد مقابل العمل بدرجة أهمية نسبية قريبة من (40%) وفقاً لرأي العينة. ويعد برنامج النقد مقابل العمل أحد أهم أشكال المساعدة الإنسانية التي يتم تقديمها في المناطق المتضررة من النزاعات. ويتمثل هدف البرنامج في تسهيل حصول المجتمعات المحلية الهشة على استقلالها من المساعدات الإنسانية طويلة المدى في أسرع وقت ممكن ودعم الاقتصاد المحلي في مناطق تواجد هذه المجتمعات.  ويمكن للمنظمات غير الحكومية أن تعقد شراكات مع الوكالات والمنظمات الدولية لتوفير فرص عمل قصيرة الأجل لبعض سكان هذه المخيمات بهدف توفير فرص عمل على المدى القصير خصوصاً في الأشغال العامة التي تحسن البنية التحتية الاجتماعية الأساسية للمخيم كالملاجئ والحمامات وشبكات الصرف الصحي، بهدف تسهيل سبل العيش اليومي للنازحين والتخفيف من معاناتهم المعيشية، وتحسين الوضع البيئي والصحي للمخيمات.

وغالباً ما تنطوي معظم فرص العمل المقدمة في هذا البرنامج على العمل اليدوي، لذلك فإن غالبية المستفيدين منها هم من الرجال، وبالتالي تستفيد أسرهم بأكملها من الدخل الذي توفره هذه الوظائف على المدى القصير. كذلك يمكن لهذا البرنامج أن يقدم فرص عمل مؤقتة للنساء مثل أنشطة التوعية المتعلقة بالصحة في مراكز التوزيع. كما يمكن لهذا البرنامج أن يؤمن فرص عمل مؤقتة خارج المخيمات وفقاً لظروف مناطق تواجدها، كأن يتم إقامة مشاريع مؤقتة لاستصلاح الأراضي الزراعية وإزالة الأشجار الضارة. وقد قامت بعض المنظمات غير الحكومية بتطبيق هذا البرنامج في مناطق خارج المخيمات مثل منظمة بنفسج التي قامت بتنفيذ مجموعة من المشاريع في عدد من المناطق ضمن هذا البرنامج بالتنسيق مع المجالس المحلية والهيئات المجتمعية بعد قيامها بإجراء تقييم أولي للمناطق المستهدفة. كذلك قامت المنظمة بوضع معايير لاختيار المستفيدين من هذه المشاريع تضمنت وجود حاجة ماسة للشخص، وألا يكون للأسرة دخل ثابت، ولا تمتلك أصولاً وأملاكاً، كما تفرض أن يكون الشخص قادر على العمل وتجنب جمع شخصين من أسرة واحدة في المشروع. ويرى الأهالي أنه وعلى الرغم من قلة المشاريع المنفذة في هذا الإطار ووجود بعض المحسوبيات لدى القائمين عليها في اختيار الأفراد لفرص العمل إلا أنها تبقى أفضل من السلال الغذائية التي عودت الكثير منهم على ترك العمل والشجار للحصول على المساعدات والمعونات([40]). كذلك قامت مؤسسة إحسان للإغاثة والتنمية بإطلاق مشروع النقد مقابل العمل في ريف حمص الشمالي من خلال قيامها بإعادة تأهيل الفرن الآلي في مدينة الرستن والاستفادة من جهود 250 عامل لتنفيذ هذا المشروع([41]). واستجابة لنداء السكان في منطقة سهل الغاب التابعة للريف الشمالي الغربي في محافظة حماة قامت مؤسسة إحسان بإطلاق مشروع هدف إلى إعادة تأهيل حوالي 35 كم من البنى التحتية لقنوات الري لتسهيل وصول المياه واستمرار تدفقها ضمن برنامج النقد مقابل العمل، حيث أسهم المشروع في تأمين فرص عمل لحوالي 1600 شخص ضمنه([42]). كما أن هناك تجربة مميزة لمنظمة "people in need" التي قامت بتنفيذ برنامج النقد مقابل العمل في محافظات حلب وإدلب منذ شهر نيسان 2015، حيث تمكنت أكثر من 1930 أسرة سورية من كسب لقمة العيش وتوفير المأكل والملبس لأسرهم ودفع الإيجارات المترتبة عليهم([43]). إلى جانب وجود بعض المبادرات من قبل بعض المنظمات الأخرى. وعلى الرغم من أن غالبية هذه المشاريع تنفذ خارج مخيمات النزوح إلا أنه يمكن إشراك سكان المخيمات في الاستفادة من مخرجاتها في مناطق تواجد مخيماتهم. أو تخصيص مشاريع خاصة بهم ضمن برنامج النقد مقابل العمل. 

خامساً: الاستنتاجات

1.    الخصائص العامة للأفراد في مخيمات النزوح الداخلي

تشكل الفئة العمرية ما دون 18 سنة نسبة (50%) تقريباً تليها الفئة العمرية (19-50) ما نسبته (40%) تقريباً وتشكل الفئة العمرية (أكبر من 50) النسبة المتبقية. ويشكل الذكور نسبة (45%) من سكان المخيمات في حين تشكل الإناث نسبة (55%) تقريباً. في حين يبلغ عدد الأفراد في مخيمات النزوح (1050000) تقريباً في مخيمات الشمال السوري، منه (225923) تقريباً في مخيمات منطقة درع الفرات. ووفقاً لتقديرنا هناك نسبة (40%) تقريباً من سكان المخيمات ممن هم في سن العمل. والذين يتركز غالبيتهم في الفئة ذات التعليم المحدود وما دون الثانوي لكلا الجنسين. نتيجة لانقطاع نسبة كبيرة منهم عن مواصلة تعليمهم، وانتقال نسبة كبيرة من الفئات المتعلمة للسكن خارج هذه المخيمات. في حين تتجاوز نسبة البطالة في صفوف المقيمين في هذه المخيمات حاجز (80%). حيث تتركز النسبة الأكبر من مصادر دخل الأفراد في الاعتماد على المساعدات الإنسانية، يليها الاعتماد على الأعمال الحرة والعمل في الزراعة والتجارة والتعليم بشكل أساسي.  

2.   واقع سبل العيش في مخيمات النزوح

توصلت الدراسة إلى وجود مجموعة من المعوقات التي أثرت سلباً على تنمية سبل العيش لمخيمات النزوح، يأتي في مقدمتها الوضع النفسي والاجتماعي للأفراد القاطنين في المخيمات، وغياب الحافز لدى الأفراد للقيام بأي نشاط في سبيل تأمين معيشتهم. تلتها مشكلة عدم استقرار الأفراد القاطنين داخلها في كثير من الأحيان لأسباب ترتبط بالبحث عن ظروف معيشية أفضل نظراً للتمايز الموجود في بعض الأحيان بين المخيمات. إلى جانب ذلك يشكل غياب جهات رسمية داعمة لتأسيس سبل العيش داخل المخيمات، وعدم قيام المنظمات غير الحكومية في إدراج سبل العيش في سلم أولويات أجندات عملها وتركيزها على الجانب الإغاثي. ومن جانب آخر شكلت البيئة المادية لهذه المخيمات معوقاً إضافياً لعدم التمكن من إطلاق سبل العيش، مثل عدم وجود المستلزمات المطلوبة للقيام بأي أعمال مدرة للدخل، وعدم تعاون سكان المدن والقرى القريبة من المخيمات مع سكان هذه المخيمات، والصعوبة التي تواجه القاطنين في التنقل من وإلى هذه المخيمات بسبب القوانين التي تفرضها إدارة هذه المخيمات بتقييد حرية التنقل لأسباب أمنية وتنظيمية. في حين مثلَّ غياب سلطة رسمية للإشراف المباشر على هذه المخيمات وانفراد الإدارات المشرفة عليها باستخدام سلطتها لتنظيم حياة الأفراد القاطنين داخلها، مع عدم تمكن المجالس المحلية من الإشراف المباشر على هذه المخيمات عوائق إضافية أخرى في عدم قدرة سكان المخيمات على إيجاد فرص العمل.

بناءً على المعوقات التي تم تحليلها في هذه الدراسة، فإنه يمكن اعتماد مجموعة من الآليات لتنمية سبل العيش، والتي يمكن أن يشترك فيها العديد من الفواعل على المستوى المحلي والدولي. ويأتي في مقدمة هذه الآليات تشكيل لجنة داخل إدارة المخيم مسؤولة عن تأمين فرص العمل التي تعد إحدى المشكلات المستدامة للأفراد. إلى جانب قيام إدارات المخيمات بحملات توعوية للأفراد القادرين على العمل، لاطلاعهم على فرص العمل المتاحة وكيفية الاستفادة من مؤهلاتهم وقدراتهم في العمل المنتج لدعم عائلاتهم وإحاطتهم بمخاطر البطالة وتأثيراتها السلبية على مستقبلهم. ومن بين الآليات الأخرى قيام منظمات المجتمع المدني بأخذ دورها في تنمية سبل العيش داخل مخيمات النزوح، من خلال قيامها بإدراج قطاع سبل العيش في خططها التنموية وزيادة مخصصات هذا القطاع. كذلك قيام الوكالات والمنظمات الدولية بتحسين الوضع الاقتصادي للسكان عن طريق توجيه جزء كبير من الدعم المقدم من قبلها لتنفيذ برامج سبل العيش. كذلك لا بد من ضرورة تهيئة البيئة المادية المناسبة داخل مخيمات النزوح لتكون قادرة على توطين بعض الصناعات التي تتناسب وظروف العيش في هذه المخيمات. 

من الآليات الأخرى التي يمكن تبنيها في هذا الصدد، ضرورة وجود آلية لتفعيل الاستفادة من الأموال والخبرات السورية المهاجرة لتنمية سبل العيش لسكان المخيمات من قبل جميع الفواعل ممثلة بالمجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني على بناء شراكات مع أصحاب رؤوس الأموال من السوريين في تركيا وغيرها من الدول لتنفيذ برامج سبل العيش. كذلك لا بد من تفعيل دور المجالس المحلية في إشرافها وتنظيمها لهذه المخيمات ومنح القدرة لسكانها على الاندماج الاقتصادي من خلال إسهامها في تنمية سبل العيش، وقيامها بتأطير المشاركة الشعبية لسكان المناطق ممن لديه الرغبة والقدرة لمساعدة النازحين، مما يؤثر بشكل فاعل في تنمية سبل العيش لهم. في حين يمثل امتثال الأفراد الراغبين في تأمين فرص العمل داخل المخيمات للتعليمات والإجراءات من العوامل الهامة في تنمية سبل العيش. حيث يساعد ذلك على تشخيص مؤهلاتهم وقدراتهم ولحظهم في أي خطط ذات صلة بتأمين فرص العمل والتأهيل المهني.  

سادساً: التوصيات والمقترحات

يمكن إيراد مجموعة من التوصيات والمقترحات التي يمكن أن تسهم في إنجاح تنمية سبل العيش للقاطنين في مخيمات النزوح الداخلي، ونظراً لتنوع الجهات التي يمكن أن يكون لها دور في تنفيذ آليات وبرامج سبل العيش، سيتم تصنيف هذه الحلول وفقاً لهذه الجهات كما يلي:

1.   المجالس المحلية

  • العمل على تشكيل هيئة إدارية عليا رسمية معترف بها من جميع الجهات الداخلية والخارجية للإشراف على مخيمات النزوح الداخلي، ووضع استراتيجية للإشراف على هذه المخيمات وتنظيمها إدارياً.
  • العمل على تأسيس مكتب مختص بشؤون النازحين ضمن كل مجلس يتم من خلاله تقديم إحصاءات دورية متكاملة عنهم بالتعاون مع وحدة تنسيق الدعم، وحل المشكلات التي تعاني منها مخيمات النزوح بالتنسيق والتعاون مع إدارات هذه المخيمات.
  • حشد الموارد والإمكانات لإعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية في مخيمات النزوح بحيث يتم توفير البيئة المادية الملائمة لنجاح تنفيذ برامج سبل العيش.
  • وضع استراتيجية لتشغيل اليد العاملة في مخيمات النزوح، من خلال تحديد الفرص المتاحة في القطاعات الاقتصادية في مناطق تواجد المخيمات وكيفية استثمار قدرات الأفراد في المخيمات لشغل هذه الفرص.
  • حصر تعامل الجهات المانحة لمخيمات النزوح مع المجالس المحلية عند قيامها بتقديم المساعدات الإغاثية باعتبارها أطراً إدارية شرعية؛ مما يسهم في الحد من عمليات الفساد الإداري داخل هذه المخيمات.
  • المساهمة في دعم مشاريع تنمية سبل العيش الخاصة بمخيمات النزوح وفق إمكاناتها المتاحة، من خلال التعاون والتنسيق مع الجهات المانحة، مما يمنح هذه المشاريع الفرصة للنجاح ويسهم بالتالي في تحقيق الإنعاش الاقتصادي في المناطق التي تحوي هذه المخيمات.
  • اعتماد آليات لوجستية فعالة ومناسبة وذات موثوقية لإيصال الدعم المالي لمشاريع تنمية سبل العيش لمخيمات النزوح، بما يقلل من نسب الهدر والفساد؛ ويضمن تحقيق النتائج المتوخاة من هذه المشاريع.
  • تسهيل عملية التواصل والتنسيق بين الجهات المانحة والجهات القائمة على مشاريع تنمية سبل العيش المدعومة من قبلها، للاطلاع على مراحل تنفيذ هذه المشاريع والنتائج المحققة؛ مما يعزز من ثقة هذه الجهات ويحفزها للاستمرار في دعمها لمشاريع جديدة.
  • توفير التسهيلات اللازمة للاستفادة من خبرة الجهات المانحة في تنفيذ مشاريع تنمية سبل العيش في الجانب الإداري والفني، بحيث لا يكون دورها مقتصراً فقط على تقديم الدعم المادي، مما يعزز من عملية المشاركة والتعاون معها.
  • إجراء مسوحات أو استطلاعات وإعداد تقارير دورية عن واقع وتحديات سبل العيش بالتعاون مع إدارات المخيمات لوضع تصور أولي عن برامج سبل العيش الملائمة وفقاً للإمكانات الاقتصادية للمناطق وإمكانيات السكان القاطنين في مخيمات النزوح. بحيث يكون هذا التصور كدليل عمل يمكن البناء عليه من قبل الجهات المانحة لاختيار المشاريع وتصميم برامج لتنمية سبل العيش.
  • استكمالاً للمقترح السابق، فلا بد من قيام المجالس المحلية بتشكيل حواضن لمشاريع تنمية سبل العيش ضمن المكتب الاقتصادي للمجالس تقوم بما يلي:
  • إجراء دراسات جدوى اقتصادية وتوفير الإحصائيات والبيانات والتشريعات اللازمة لتأسيس مشاريع سبل العيش.
  • توفير المستلزمات الأساسية لمشاريع تنمية سبل العيش بما يتوافر لديها من إمكانات.
  • متابعة مشاريع تنمية سبل العيش وتذليل عقبات تنفيذها ومعالجة أية مشكلات قد تواجهها.
  • التنسيق والتعاون مع الهيئات المحلية المدنية والعسكرية لحماية هذه المشاريع وإدامتها.
  • زيادة مستوى التنسيق والتعاون بين المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني والجهات الأخرى ذات الصلة في مجال بناء قدرات الأفراد النازحين داخل وخارج المخيمات، من خلال إقامة دورات تأهيل في عدة مجالات بناء على تقييم احتياجات هؤلاء الأفراد
  • قيام المكاتب الإعلامية للمجالس المحلية بحملات توعوية تهدف إلى نشر ثقافة العمل المنتج والاعتماد على الذات، وتجاوز ثقافة الاتكالية التي ترسخت بفعل أنماط الدعم الإنساني المتبعة داخل مخيمات النزوح.
  • قيام مكاتب التعليم في المجالس المحلية بإدراج مخيمات النزوح ضمن الخطة التعليمية في مناطق تواجد هذه المخيمات، بهدف القضاء على ظاهرة التسرب من التعليم وعمالة الأطفال. عبر إتاحة الفرصة لتسجيل الأطفال ممن هم في سن التعليم في المدارس القريبة من المخيمات، أو إنشاء مدارس خاصة بهم داخل المخيمات بالتعاون والتنسيق مع الجانب التركي ووزارة التربية في الحكومة السورية المؤقتة.

2.   منظمات الإغاثة والتنمية

  • وضع آليات تدخل محددة لبرامج سبل العيش بما يتناسب مع سكان المخيمات في كل منطقة ومواردها المتاحة ونطاق تدخلها الجغرافي والحاجة الفعلية.
  • تأسيس شراكات فاعلة مع القطاع الخاص وأرباب العمل في مناطق تواجد مخيمات النزوح بهدف تنمية برامج سبل عيش يتم من خلالها تأمين فرص عمل لسكان هذه المخيمات.
  • العمل على تطوير قاعدة بيانات مشتركة بين منظمات الإغاثة والتنمية المهتمة بدعم مخيمات النزوح، بهدف زيادة فاعلية الأنشطة والبرامج المتعلقة بسبل العيش المنفذة داخل هذه المخيمات.
  • منح الأولوية لتنفيذ برامج سبل العيش كثيفة العمالة لتوظيف أكبر عدد ممكن من سكان المخيمات مما يسهم في تحفيزهم للاندماج في المجتمع المحلي وضمان الحد الأدنى من أمنهم الاقتصادي.
  • تنفيذ برامج التشغيل السريع ذات الطبيعة المؤقتة التي تستهدف بشكل خاص فئات الشباب المعرضين للخطر من النازحين ضمن المخيمات بهدف منع استقطابهم في الأعمال غير القانونية، مما يعزز الأمن والاستقرار داخل مناطق تواجد المخيمات.
  • التركيز على تنفيذ برامج سبل العيش المستدامة، وتطبيق سياسات تدعم سبل العيش الموجودة وتزيد من استقرارها وتسهم في توسيعها بما يزيد من قدرة سكان المخيمات للاعتماد على الذات، ويقلل من الاعتماد الكامل على المساعدات الإغاثية.
  • ضرورة تخصيص موازنات محددة لنشاطي الإغاثة والتنمية لدى المنظمات، ونقل سكان المخيمات بشكل متدرج من الاعتماد الكامل على المساعدات الإغاثية إلى الاعتماد على الذات عبر توطين برامج سبل عيش تمكنهم من تحقيق ذلك.
  • التركيز على تطبيق برامج مخصصة للتمكين الاقتصادي للمرأة وللأسر الفقيرة في مخيمات النزوح، لمساعدتهم على خلق فرص عمل تعينهم على تحمل النفقات المعيشية.
  • تنفيذ دورات دعم وإرشاد نفسي واجتماعي داخل مخيمات النزوح لتمكين الأشخاص من تجاوز المشكلات النفسية والاجتماعية التي يعانون منها، بغية إشراكهم في أنشطة مدرة للدخل وتمكينهم من الاندماج في مجتمعاتهم المحلية الجديدة.
  • قيام المنظمات والوكالات الدولية بمساعدة منظمات الإغاثة والتنمية المحلية على تطبيق برامج سبل العيش لسكان المخيمات ودعمها إدارياً وفنياً بناءً على خبرتها في هذا المجال.
  • ابتكار آليات جديدة لتقديم التمويل الصغير ومتناهي الصغر لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر داخل المخيمات بالتعاون مع المجالس المحلية ومنظمات الإغاثة والتنمية المحلية.
  • قيام المنظمات الدولية بالمساعدة على تطوير آليات لاستدامة برامج ومشاريع سبل العيش وضمان نموها، مع ضرورة التوسع في إنماء مشاريع وبرامج جديدة وتطوير ما هو قائم منها في مناطق مخيمات النزوح.
  • قيام المنظمات المحلية والدولية باستهداف مخيمات النزوح ببرامج محو الأمية بالتعاون مع الجهات ذات الصلة بهدف تمكين الأفراد من اكتساب الحد الأدنى من التعليم الذي يمكنهم ويدعم من فرصهم للحصول على سبل العيش.

خاتمة

تعد قضية النزوح الداخلي إحدى أبرز القضايا الإنسانية التي تعكس تبعات النزاع الدائر في سورية منذ بداية عام 2011. فوفقاً للعديد من التقارير الدولية أصبحت سورية البلد ذات العدد الأكبر من النازحين داخلياً في العالم، ويمثل الأطفال ما لا يقل عن نصف هذا العدد. إلى جانب ذلك يمثل النازحين الفئة الأكبر من السكان المحتاجين للمساعدات الإنسانية العاجلة كونهم من المجموعات الأكثر ضعفاً في المجتمع والتي هي بأمس الحاجة إلى الحماية والمساعدة لتأمين النقص الحاد في مستلزمات الحياة الأساسية؛ ناهيك عن المشكلات الاجتماعية والصحية والنفسية التي يعانون منها والتي سيكون لها العديد من التداعيات السلبية على حاضرهم ومستقبلهم.  

تمثل مخيمات النزوح الوجه الأبرز لمعاناة النازحين داخلياً، وهي المخيمات المنتشرة في العديد من المناطق السورية، والتي تؤوي النازحين الأشد فقراً الذين ضاقت ذات يدهم لتأمين المسكن المناسب في مناطق نزوحهم. فلجأ البعض منهم للإقامة في مخيمات نظامية تشرف عليها بعض المنظمات غير الحكومية، في حين لجأ البعض الآخر إلى بناء مخيمات عشوائية بمفرده ممثلة النسبة الأكبر في مخيمات النزوح. تلك المخيمات التي تفتقد لأدنى مقومات الحياة والعيش الكريم. إلى جانب الإهمال الذي وصل إلى مرحلة عدم الاكتراث الإنساني، بحيث باتت معاناة القاطنين داخلها كواحدة من أصعب المآسي التي يتعرض لها الشعب السوري.

مع استطالة وجود هذه المخيمات وغياب أفق واضح لمستقبل قاطنيها، فإن التحدي الأكبر لهم يكمن في مدى قدرتهم على تأمين سبل العيش والاعتماد على الذات لتغطية نفقاتهم المعيشية. تلك القدرة التي يجب أن تتضافر في سبيلها جهود العديد من الفواعل المحلية والدولية المهتمة بالإشراف على هذه المخيمات ودعمها. من خلال التعاون فيما بينها لبناء سياسات مستقبلية لتنمية سبل العيش لسكان هذه المخيمات عبر آليات وبرامج مدروسة تتناسب وظروف هذه المخيمات وقدرات ومؤهلات سكانها، وتذليل جميع المعوقات التي تعترض تنفيذ هذه البرامج. بحيث يمكن البناء عليها والاستفادة من مخرجاتها لدمج سكان المخيمات في محيطهم الاجتماعي وانتشالهم من دوامة الفقر والاعتماد على المساعدات الإنسانية. 

تبقى القضية الأهم التي تطرح نفسها في هذا الصدد تتمحور حول مستقبل هذه المخيمات بعد انتهاء النزاع في سورية وآليات التعامل معها، وهل سيتم إدماج ساكنيها في مجتمعاتهم المحلية الجديدة، وهل سيتم لحظهم في أي تسوية سياسية قادمة، وماذا عن حقهم في العودة إلى مجتمعاتهم الأصلية التي نزحوا منها بعد تعرضهم للتهجير القسري، وما هي الضمانات الأمنية والاجتماعية المقدمة لهم في حال عودتهم إليها. هذه الأسئلة وغيرها تؤشر بشكل واضح إلى أي مدى تعد قضية النزوح الداخلي في سورية من القضايا الشائكة ذات البعد الإنساني والاجتماعي والسياسي. والتي تحمل في ثناياها العديد من التداعيات السلبية على النازحين أنفسهم وعلى المناطق التي نزحوا إليها، إلى جانب تداعياتها السلبية في المستقبل فيما يتعلق بالعودة الطوعية للنازحين لمناطقهم، ومدى إمكانية إعادة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لهذه المناطق بعد انتهاء النزاع والبدء بعملية إعادة الإعمار.


([1]) Internal Displacement Monitoring Center: https://goo.gl/rWaucz

([2])  ldp sites integrated monitiring matrix: https://data2.unhcr.org/ar/dataviz/13

([3]) تقرير داينمو درع الفرات، وحدة تنسيق الدعم، تشرين الثاني 2017.

([4])  Humanitarian Needs Overview 2018: https://goo.gl/a8gw1w

([5])  Erin Mooney, The inside story: internal displacement in Syria, Forced Migration Review, September 2014: https://goo.gl/gKFPqu  

([6]) United Nations office for the coordination of humanitarian affairs (OCHA): http://www.unocha.org/syria 

([7])  قطاع إدارة وتنسيق المخيمات هو أحد قطاعات العمل الإنساني وفقاً لتصنيف الأمم المتحدة، ويشمل كل من نشاطي تنسيق المخيمات وإدارة المخيمات. حيث يتمثل الهدف الرئيسي في الوصول إلى الوضع الإنساني الملائم للإيصال الفعال للمساعدات وتحقيق مبادئ الحماية. في حين يتركز نشاط إدارة المخيمات على تنسيق الخدمات، وإنشاء آليات إدارية بديلة وحشد المجتمع المحلي، والحفاظ على البنية التحتية للمخيم، وجمع المعلومات ومشاركتها وتقديم الخدمات ورصد ومراقبة جهات التسليم. 

([8])  Humanitarian Response,  CCCM Cluster: IDP Sites Integrated Monitoring Matrix (ISIMM), June, 2018: https://goo.gl/oXyRb3

([9])  Syria crisis, Camps and informal settlement in northern Syria, humanitarian baseline review, June, 2014.

([10]) هارون محمد ومروة مقبول، 82% من تجمعات النازحين تعتمد كلياً على المساعدات الإنسانية، صوت العرب من أمريكا، 06-06-2018: https://goo.gl/h73oG2

([11])  تم المباشرة بمشروع sphere في عام 1997 من قبل مجموعة من الوكالات الإنسانية غير الحكومية إلى جانب الحركة الدولية للصليب الأحمر بهدف تحسين جودة أعمالهم، واستعدادهم لقبول المساءلة عن ذلك. وتم تحديد مجموعة من المعايير الدنيا في قطاعات رئيسية منقذة للحياة. وتغطي هذه المعايير الأنشطة التي تلبي الحاجات العاجلة اللازمة للبقاء على قيد الحياة للسكان المتضررين من الكوارث والنزاعات، ولا سيما في السياقات التي تنطوي على حالات انعدام الأمن والنزوح.

([12])  طارق أبو زياد، مخيمات النزوح من خيام متناثرة إلى مدن منظمة، جريدة عنب بلدي، 21-01-2018: https://goo.gl/xpPmqU

([13]) علاء رشوان، مأساة النزوح الداخلي في سورية، المجلة الإلكترونية، ع 21، 2014، المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منظمة العفو الدولية،

([14]) عبدو الفضل، مساعدات الأمم المتحدة إلى السوريين تجارة يسيرها مسؤولو النظام، وكالة سمارت للأنباء، 25-05-2017، https://goo.gl/tt12Jy

([15]) Aron Lund، The UN enters Syrıa`s moral labyrinth, 09-09-2016, Carnegie  Middle East Center: https://goo.gl/d5KrZg

([16]) تقرير داينمو درع الفرات، وحدة تنسيق الدعم، تشرين الثاني 2017.

([17]) شركة زراعية عملاقة تعتزم دخول درع الفرات، تقارير خاصة، موقع اقتصاد، 17-02-2018: https://goo.gl/2FpqPg

([18]) إحدى ثمار الأمن .. ازدهار قطاع الأمن بمنطقة "درع الفرات" شمالي سورية، صحيفة يني شفق، 29-07-2018:  https://goo.gl/m9hGkt

(([19])) أحمد الصوراني، دعماً للمشاريع الزراعية الصيفية قام المجلس المحلي بمدينة إعزاز بريف حلب بتقديم البذار والسماد والمياه لمساعدة المزارعين الذين يعيشون  أوضاع اقتصادية حرجة، موقع أورينت نيوز، 19-06-2015: https://goo.gl/qPja1g

([20]) خالد الخطيب، البدء ببناء المدينة الصناعية الأولى في منطقة درع الفرات قرب الباب برعاية تركيا، موقع المونيتور، 01-03-2018: https://goo.gl/ev6qzV

([21]) خالد الخطيب، "درع الفرات": حكومات محلية تدعمها تركيا، جريدة المدن الإلكترونية، 01-07-2018: https://goo.gl/R9Uzic

([22]) شركة تركية تتكفل بإعادة الكهرباء لـ إعزاز على مدار 24 ساعة، تقارير خاصة، موقع اقتصاد، 02-03-2018: https://goo.gl/mcauBa    

([23]) Understanding livelihoods in northern Syria: how people are coping with repeated shocks, constant change and an uncertain future, an assessment using a Household Economy Approach and hazard mapping to better understand livelihoods in northern Syria, save the children, January 2015.

([24]) الضيف الثقيل حل... الشتاء يهدد حياة النازحين في الشمال ويزيد معاناتهم، شبكة شام، 03-012-2016: https://goo.gl/vxUdGz

([25]) سارة الحاج، بصنارات النازحات في ريف إدلب ... قبعات تباع في أسواق دول مجاورة، موقع الحل، 01-02-2018: https://goo.gl/aDT2CC  

([26]) محمود علي، عدم الاستقرار المادي لمدارس مخيمات النزوح يهدد استمراريتها، موقع أمية برس، 03-10-2016:  https://goo.gl/99FFfm

([27]) سالم الحجي، موسم اللجوء إلى "هناك".. نزوح نحو مخيمات الموت، جريدة سوريتنا، 06-06-2016: https://goo.gl/Wb2ZsG

([28]) مدارس المخيمات تصبح سكناً لنازحين جدد.. أكثر من 10 آلاف طالب محرومون من التعليم في ريف حلب الشمالي، موقع سوريتنا، 14-04-2016: https://goo.gl/1j8iNz  

([29]) طارق أبو زياد، مخيمات النزوح من خيام متناثرة إلى مدن منظمة، جريدة عنب بلدي، 19-01-2018: https://goo.gl/rbrd1U

([30]) ريف حلب: جولة في مخيم باب السلامة الحدودي للنازحين. عرضت على قناة الجزيرة مباشر،2014-12-20: https://goo.gl/ftFHHD

([31]) انظر في ذلك: مظاهرات عارمة في عموم مخيمات الشمال السوري في المناطق الحدودية وذلك تنديداً بمنظمة ACTED والتي وصفها المتظاهرون بالفساد: https://goo.gl/dZSWNW

([32]) مأمون سيد عيسى، دراسة في الأوضاع الصحية لمخيمات النازحين في الشمال السوري، 15-05-2018، جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية.  

([33]) سالم الحجي، موسم اللجوء إلى "هناك".. نزوح نحو مخيمات الموت، مصدر سابق. 

([34]) سلطان جلبي، تجمعات النازحين في الشمال السوري .... فوضى الاجتماع وتحديات الإدارة، جريدة الحياة الإلكترونية، 20-03-2016: https://goo.gl/nGKiuq

([35]) لبنى سالم، حياة المخيمات ... هذه يوميات النازحين السوريين في الداخل، موقع العربي الجديد، 10-04-2017: https://goo.gl/rMwGDP

([36]) محمد العبدالله، تنمية سبل العيش في المناطق السورية المحررة: دراسة تحليلية، 24-12-2015، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية. 

([37]) سطوة هيئة تحرير الشام تقيد عمل "المنظمات الإنسانية" وتخنق المساعدات، شبكة شام، 09-11-2017: https://goo.gl/X5e4QS

([38]) - بنت البلد.. أين أصبحت في الثورة السورية، 19-09-2016، عنب بلدي  https://goo.gl/ouW5tH

([39]) - هيئة نسائية لدعم المرأة والطفل”.. في مدينة إدلب، 22-01-2017، سوريتنا برس: https://goo.gl/gjoKw3

([40])  "النقد مقابل العمل".. مشاريع قصيرة الأجل لتشغيل أهالي إدلب، جريدة عنب بلدي، 23-07-2017: https://goo.gl/AxKpbS

([41]) مشروع النقد مقابل العمل – ترميم الفرن الآلي في الرستن، مؤسسة إحسان للإغاثة والتنمية، 22-02-2028: https://goo.gl/89t7aC

([42]) إطلاق مشروع النقد مقابل العمل في سهل الغاب، مؤسسة إحسان للإغاثة والتنمية، 06-10-2017: https://goo.gl/7FEJNc

([43]) مساعدة العائلات السورية من خلال برنامج "الأجر مقابل العمل"، المساعدات الإنسانية والحماية المدنية، المفوضية الأوروبية، 27-04-2016:  https://goo.gl/czjdnq

ملخص تنفيذي

  • تسعى حكومة النظام لاستعادة وتأكيد مركزيتها في إدارة ملف التربية والتعليم، لضمان استحواذها على الدعم الأممي ونشر توجهاتها، وفي مسعاها تواجه تحدياً في مناطق الإدارة الذاتية، في حين تجد بيئة مساعدة في مناطق سيطرة المعارضة في إدلب.
  • يخضع ملف إصلاح شركات القطاع العام للتجاذب بين الحكومة والنقابات العمالية، في ظل توجه الحكومة لإعادة النظر بسياساتها تجاه هذا القطاع بهدف إعادة هيكلته وضبط نفقاته وجعله قطاعاً مربحاً ورافداً للخزينة العامة، ويبدو بأن هذه التوجه نابع أيضاً من رغبة حلفاء النظام الروس والإيرانيين للسيطرة على المفاصل الأساسية لهذا القطاع الاستراتيجي بعقود استثمارية ذات آجال طويلة.
  • شهدت انتخابات الإدارة المحلية إقبالاً ضعيفاً، وقد أظهرت نتائجها هيمنة البعث عليها، ونجاح إيران بإيصال مؤيديها لعضوية عدد من المجالس، في حين لم تبدي روسيا اهتمامها الانخراط بهذه الانتخابات.
  • بخصوص الإيرادات المحلية فقد تم شرحها في سياق نص تقرير الرصد بحيث تتضمن: الإيرادات المحلية للنظام والمتأتية على تحصيل الضرائب والرسوم وإعادة النظر بقيمة بدلات استثمار الأملاك العامة وتزايد إنتاج النفط والغاز.
  • تنامت الإيرادات المحلية للنظام من 321 مليار ل.س (حوالي 740 مليون $ باحتساب سعر صرف 434) في 2017 لتصل إلى حوالي 410 مليار ل. س في 2018 (حوالي 945 مليون$) بحسب بيان الموازنة العامة للدولة، دون أن تبلغ بعد مستوى ما كانت عليه قبل 2011.
  • تكثفت ضغوط إيران على النظام لمنحها مزيداً من العقود الاستثمارية في ظل شكوك حيال تنفيذ هذه العقود، ولعل الأهم تنامي دور أذرع الحرس الثوري الاقتصادية في الاقتصاد السوري.
  • تواصل موسكو تمددها بالاقتصاد السوري عبر نيل عقود استثمارية، في حين يلحظ تنامي اهتمامها بالاستحواذ على شركات القطاع العام الرابحة اقتصادياً.

الواقع الحوكمي والإدارة المحلية

تركزت أولويات حكومة النظام السوري خلال شهر أيلول 2018 على الملفات التالية: التربية والتعليم، المهجرين، إصلاح واستثمار القطاع العام وانتخابات الإدارة المحلية.

البداية بملف التربية والتعليم، أقر مجلس الوزراء خطة لتطوير منظومة التعليم العالي تشمل البنية التحتية والبحث العلمي والمناهج الجامعية، ويقدر عدد الطلاب الجامعيين بما يزيد عن 700 ألف طالب يتوزعون بين 42 ألف طالب في الجامعات 22 الخاصة، و693 ألف طالب وطالبة جامعية في الجامعات الحكومية الثمانية.([1])

بالانتقال إلى التعليم الأساسي، تجهزت وزارة التربية بكادرها المقدر بــ 300 ألف بين مدرس وإداري لاستقبال ما يزيد عن أربعة ملايين طالب وطالبة يتوزعون على أكثر من 15 ألف مدرسة([2])، حيث قامت وزارة التربية بإعادة تأهيل 786 مدرسة منها؛ 660 مدرسة من الموازنة الاستثمارية للوزارة، و40 مدرسة من موازنة الخطة الإسعافية و86 مدرسة بالتعاون مع المنظمات الدولية([3])، مع الإشارة إلى توقف منظمة اليونيسيف عن تقديم الدعم للطلاب بحسب ما أفاد به وزير التربية([4])، كما تم طباعة الكتب المدرسية المجانية بزيادة قدرها 15 مليون كتاب مدرسي عن العام الماضي وبكلفة قاربت 11 مليار ل.س (حوالي 25 مليون $ على أساس سعر صرف 434 ل.س لكل دولار أمريكي).([5])

فيما يتعلق بملف المهجرين، تواصل موسكو الترويج لخطتها بخصوص عودة اللاجئين السوريين، وذلك بالتنسيق مع حكومة النظام وبالتواصل مع الدول والوكالات الأممية المعنية بالأمر، حيث أفادت إحصائيات مركز استقبال وتوزيع وإقامة اللاجئين التابع لوزارة الدفاع الروسية (تأسس في تموز 2018([6])) عن عودة 247041 شخصاً لسورية منذ أيلول 2015، غالبيتهم قدموا من خلال المعابر الحدودية مع لبنان.([7])

طلب مجلس الوزراء من وزارة الأشغال العامة والإسكان الإسراع بإنجاز خطة إصلاح القطاع العام الإنشائي وإقرار ميزات تفضيلية لهذه الشركات لمدة عام وتأمين جميع مستلزماته، كما طلب المجلس من وزارات الصناعة والموارد المائية وهيئة التخطيط والتعاون الدولي وضع آلية تنفيذية لدعم استمرار استثمارات القطاع العام في مجال تعبئة المياه المعدنية "مياه الشرب" نظراً للعوائد الاقتصادية المجدية التي يحققها الاستثمار في هذا القطاع.([8])

استحوذ تنظيم انتخابات الإدارة المحلية على اهتمام الحكومة ووزاراتها، حيث أدلى ما يزيد عن 4 مليون ناخب بأصواتهم في الانتخابات من أصل 16.349.357 ممن يحق لهم التصويت لاختيار 18478 مرشحاً بحسب ما أعلن عنه رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات سليمان القائد([9])، ليتم لاحقاً إصدار المرسوم رقم 3044 المتضمن أسماء أعضاء مجالس المحافظات الفائزين بانتخابات الإدارة المحلية، وكذلك المرسوم رقم 305 المتضمن أسماء أعضاء مجالس مدن مراكز المحافظات الفائزين في انتخابات الإدارة المحلية.

استمرت وزارة الإدارة المحلية والبيئة تقديم المساعدات والإعانات المالية لمجالس الوحدات الإدارية، حيث خصت الوزارة محافظة ريف دمشق بـ 500 مليون ل.س (حوالي مليون و150 ألف $) للارتقاء بواقع النظافة في المحافظة، سيما في المناطق التي تمت استعادتها مؤخراً في الغوطة الشرقية، كما وافق مجلس الوزراء على تخصيص مبلغ مليار وخمسمئة مليون ل.س (حوالي 3 و500 ألف $) من الإيرادات المحلية لدعم الموازنة المستقلة لتنفيذ مشاريع خدمية في كل من محافظتي دمشق والقنيطرة.

في سياق متصل، وافقت وزارة المالية على تمويل موازنة محافظة ريف دمشق بمبلغ 5.7 مليار ل.س (حوالي 13 مليون $) من أصل 6.6 مليار ل.س (حوالي 16 مليون $) كانت قد طلبتها المحافظة لتمويل موازنتها للعام المقبل، كما أنهت محافظة ريف دمشق إعداد الدراسات ذات الصلة لتأسيس تأسيس شركة قابضة للمحافظة على غرار محافظة دمشق.([10])

 

أبرز معطيات الاقتصاد السوري

المصارف والمؤسسات المالية

  • أظهرت القوائم المالية للمصارف الخاصة التقليدية (11 مصرفاً) للنصف الأول من 2018 عن تشكيل مخصصات تدني التسهيلات الائتمانية للديون المنتجة وغير المنتجة بمجموع قدره 74.1 مليار ل.س (حوالي 171 مليون $)، حيث تشكل هذه المخصصات ما نسبته 23.7% من إجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة من المصارف التقليدية بنهاية النصف الأول من 2018.
  • بلغت الودائع بالليرة السورية لدى المصارف الخاصة التقليدية والإسلامية (14 مصرفاً) بنهاية عام 2017 حوالي 529.9 مليار ل.س أي حوالي مليار و226 مليون دولار أمريكي (41.6%)، مقارنة مع الودائع بالعملات الأجنبية والبالغة (بعد تقويمها بالليرة السورية) 744.06 مليار ل.س أي حوالي مليار و700 مليون دولار أمريكي (58.4%) أي نحو 1.7 مليار $ على أساس سعر صرف 434.
  • بلغ إجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة من المصارف التقليدية لنهاية النصف الأول 2018 حوالي 313.3 مليار ل.س (حوالي 722 مليون $) مرتفعة بنسبة 16.1% عما كانت عليه بنهاية 2017 والبالغة حينها 270 مليار ل.س.
  • بلغت ودائع العملاء لدى المصارف التقليدية حوالي 686.5 مليار ل.س (حوالي مليار و600 مليون $)، في حين بلغت ودائع البنوك حوالي 148.8 مليار ل.س (حوالي 343 مليون $)، أما أرصدة الحسابات الجارية للعملاء في المصارف الإسلامية فقد تخطت 178.7 مليار ل.س، بينما كانت إيداعات وحسابات استثمار مصارف ومؤسسات مالية لدى المصارف الإسلامية حوالي 260 مليار ل.س (حوالي 600 مليون $).
  • حققت المصارف السورية التقليدية الخاصة (11 مصرفاً) أرباحاً تشغيلية تقدر بحوالي 14.2 مليار ل.س (حوالي 32 مليون $) في النصف الأول من 2018، بانخفاض نسبته 4.6 %عما كانت عليه في النصف الأول من العام 2017، في حين ارتفاع صافي التسهيلات الائتمانية المباشرة الممنوحة من المصارف التقليدية الخاصة في 6 أشهر من العام 2018 قرابة 27 بالمئة عما كانت عليه نهاية العام 2017 حيث بلغ صافي التسهيلات الائتمانية المتراكمة للمصارف التقليدية نحو 187.5 مليار ل.س (حوالي 432 مليون $) في نهاية حزيران الماضي وذلك مقارنة مع 147.7 مليار ل.س (حوالي 340 مليون $) في نهاية حزيران 2017.
  • طلب رئيس الحكومة من وزيري المالية والاقتصاد التنسيق مع حاكم مصرف سورية المركزي لإعداد دراسة حول إمكانية افتتاح مصارف جديدة أو فروع لمصارف عاملة في البلد في المناطق الحرة، لاستقطاب ودائع السوريين في الخارج.
  • عدل مصرف التسليف الشعبي نسبة الفوائد الممنوحة من قبل المصرف، لتصبح صفر بدلاً من 1% للحسابات الجارية، بينما بقي معدل الفائدة للودائع لأجل لمدة شهر 7% كما كان معمولاً بها، بينما أصبح للوديعة لمدة 3 أشهر 7.25% بدلاً من 7%، وللوديعة لمدة 6 أشهر 7.5% بدلاً من 8%، وللوديعة لمدة 9 أشهر أصبح معدل الفائدة 7.75% بدلاً من 9%، للوديعة لمدة سنة 8% بدلاً من 10%، للوديعة لمدة 18 شهر 8.25% بدلاً من 10.5%، وللودائع لمدة سنتين أصبحت 8.5% بدلاً من 11%.
  • بلغ عدد القروض المنفذة من قبل مصرف التسليف الشعبي منذ بداية استئناف عمليات المنح وحتى نهاية تموز الماضي مليوناً و153 ألف قرض بمبلغ يزيد على 45 مليار ل.س (حوالي 104 مليون $)، منها أكثر من 450 ألف قرض منحت خلال 2017 بمبلغ 19.8 مليار ل.س، وأكثر من 190 ألف قرض مُنحت منذ بداية 2018 بمبلغ يزيد أيضاً على 8,3 مليارات ل.س. أما الودائع، فقد حققت نمواً ملحوظاً أيضاً بنسبة 21,20%.
  • بلغ حجم قروض المصرف الزراعي التعاوني منذ بداية 2018 وحتى تموز 1,467,133,000 ل.س (حوالي 3 مليون $).
  • تضمنت الخطة التسليفية للمصرف التجاري السوري لعام 2018 منح تسهيلات غير مباشرة بمبلغ 100 مليار ل.س (حوالي 231 مليون $).
  • كشف مدير عام المصرف الصناعي قاسم زيتون عن بيع 10 ضمانات عقارية بقيمة تجاوزت مليار ليرة سورية تعود لمتعثرين كبار عن سداد قروضهم للمصرف.

  • توقع المدير التنفيذي لـ سوق دمشق للأوراق المالية عبد الرزاق قاسم إدراج شركتي الاتصالات الخليوية (سيريتل وMTN) في بورصة دمشق بنهاية العام الحالي، إلا في حال تم منحهما مهلة سنة إضافية.
  • حققت شركات التأمين زيادة في أقساط فروع التأمين المختلفة خلال النصف الأول من 2018، حيث بلغت 17.395.373.877 ل.س (حوالي 40 مليون $)، وذلك مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي 2017، حيث بلغت 14.029.099.619 ل.س سورية (حوالي 32 مليون $)، أي بزيادة قدرها 3.366.274.258 ل.س.

 

  • أصدر مجلس مفوضي هيئة الأوراق المالية السورية قراراً بالموافقة على توزيع أسهم مجانية لشركة العقيلة بقيمة 350 مليون ل.س، وقد تأسست شركة العقيلة للتأمين بنهاية 2007.

المالية العامة

  • رفدت وزارة السياحة خزينة الدولة بـ 300 مليون ل.س (حوالي 691 ألف دولار أمريكي)، كدفعة من حصتها بأرباح فندق شيراتون دمشق، وبما يزيد عن 250 مليون ليرة كدفعة من حصة الوزارة من أرباح فندق الداما الروز الذي تجاوزت أرباحه الـ 200 مليون ل.س عن شهر آب من 2018.
  • ارتفاع عائدات مجلس مدينة طرطوس السنوية من العقود والرخص عقب إعادة تقييم الاستثمارات وعددها 319 والاشغالات وعددها 623 ومشاريع BOT وعددها 19 ضمن الوحدات الإدارية من 130503156ل.س (حوالي 301 ألف دولار أمريكي) إلى 422964365 ل.س (حوالي 975 ألف دولار أمريكي).
  • أفاد مدير الجمارك بتحقيق نحو 138 مليار ل.س (حوالي 318 مليون $) كإيرادات خلال النصف الأول من 2018، بزيادة 25 مليار ل.س عن الفترة نفسها من 2017,
  • بلغ عدد قرارات الحجز الاحتياطي خلال النصف الأول من 2018 بحسب الجهاز المركزي للرقابة المالية نحو 13 قرار لمبلغ 84923169 ل.س، كما تم تعديل خمسة قرارات حجز لمبالغ 253116853 ل.س، ورفع الحجز الاحتياطي للفترة نفسها لـ 11 موضوعاً تخص مبالغ 9688859 ل.س، كما تجاوزت المبالغ المحصلة من القروض المتعثرة بين نهاية 2017 والنصف الأول من 2018 حاجز الـ 125 ملياراً من مجموع الكتلة الإجمالية التي تصل إلى نحو 280 مليار ل.س.
  • إصدار المرسوم رقم 299 للعام 2018 القاضي بتعيين د. حازم يونس قرفول حاكماً لمصرف سورية المركزي، كما تم تسمية د. مدين علي مديراً عاماً للمصرف العقاري، وتسمية د. عمر السعيد مديراً عاماً للمصرف الصناعي.
  • استوفت المؤسسة العامة لمياه الشرب في دمشق ما يزيد عن ملياري ل.س خلال الـ 7 أشهر الأولى من 2018 كذمم مرتبة على مشتركي المياه، بزيادة قدرها أكثر من نصف مليار ل.س (حوالي مليون و152 مليون $) عن الفترة نفسها من 2017.
  • وافقت لجنة إعادة الإعمار على تخصيص محافظات حلب والرقة ودرعا والحسكة بمبلغ 2 مليار و655 مليون ل.س (حوالي 6 مليون $)، لإعادة التأهيل والترحيل وشراء الآليات والمواد اللازمة لإعادة الإعمار.

النقل

  • استعرضت الشركة العامة لمرفأ اللاذقية في معرض دمشق الدولي خطتها لتوسيع المرفأ عن طريق إنشاء رصيف بحري داخل مياه البحر، إضافة إلى توسيع المرفأ حتى منتجع "روتانا أفامي"
  • كشف فرع اللاذقية للخطوط الحديدية عن مشروعين يتم العمل عليهما؛ 1) مشروع نقل الحصويات من منطقة حسياء في حمص إلى الساحل السوري، 2) ربط المرافئ من المنطقة الحرة سككياً.
  • بلغ عدد الطائرات العاملة لدى السورية للطيران 4، وتعمل المؤسسة على شراء 4 طائرات من الطراز المتوسط وطائرتين من الطراز العريض.
  • قام فرعا مؤسسة الإسكان العسكري والشركة السورية للاتصالات بدرعا بأعمال إعادة تأهيل البنى التحتية في معبر نصيب الحدودي تمهيداً لإعادة الخدمات الأساسية إليه.
  • قررت وزارة النقل رفع رسوم عبور الترانزيت البري مقابل الحفاظ على قيمة رسوم المنافذ البحرية.

الزراعة

  • انخفاض عدد المكتتبين على بذار البطاطا للموسم المقبل في طرطوس بشكل كبير، بسبب الخسائر الكبيرة التي مني بها مزارعو البطاطا خلال الموسم الماضي.
  • بلغ إجمالي المساحات المزروعة بأشجار التفاح بالسويداء 15719 هكتاراً تحتوي على 3 ملايين شجرة، منها 2.5 مليون مثمر.
  • توقعت الشركة العامة لتجفيف البصل والخضار في سلمية أن يصل إنتاجها من البصل المجفف إلى 40 طن، وذلك عقب توقفها عن الإنتاج منذ 2011.
  • أفاد مدير المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب يوسف قاسم بأن سورية شهد أسوأ موسم لتسويق القمح منذ التسعينيات، حيث تم تسويق 300 ألف طمن من القمح لهذا الموسم مقارنة بــ 460 ألف خلال 2017، كاشفاً بالوقت نفسه عن توريد 200 ألف طن من القمح من روسيا، لتتجاوز القيمة الإجمالية لعقود توريد القمح من روسيا 2 مليون طن خلال عام ونصف.
  • قامت المنظمة الدولية (الفاو) بتدريب 3200 فلاح وفلاحة على زراعة الفطر.
  • بحث وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر الخليل مع وزير الزراعة اللبناني غازي زعيتر علاقات التعاون المشترك في المجال الاقتصادي بين البلدين وأفق تطويرها وتعزيزها.
  • بلغ إنتاج محافظة السويداء من الزيتون 9764 طناً بحسب تقديرات مديرية زراعتها، وتقدر إجمالي المساحات المزروعة بأشجار الزيتون بــ 9973 هكتاراً، تتضمن حوالي المليون و300 ألف شجرة مثمرة تتركز معظمها في المنطقة الغربية من المحافظة.
  • بدأت المؤسسة العامة للتبغ بالإجراءات اللازمة لاستلام محصول التبغ لموسم 2018-2019 من المزارعين، ويقدر إنتاج التبغ لهذا الموسم بــ 12 مليون كلغ.
  • تشكيل لجنة تأسيسية للجمعية الفلاحية التعاونية النوعية المتخصصة بتربية وتسويق الدواجن، بهدف دعم إنتاج الدواجن وتسويقها وتأمين مستلزمات الإنتاج لقطاع الدواجن.
  • كشف وزير الموارد المائية نبيل الحسن عن انخفاض وارد نهر العاصي (بلغ 0.85 م3 بالثانية)، ليصل إلى 3.2 م3 بالثانية عقب اتصالات مع الجانب اللبناني، في حين هاجم الوزير تركيا معتبراً إياها عدو.

السياحة

  • أفاد تقرير لوزارة السياحة السورية بارتفاع عدد القادمين لسورية من دول أوربا الغربية (بنسبة 63%) والهند (231%) والصين (46%) وإيران (351%)، وذلك حتى نهاية شهر تموز 2018، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

التجارة والصناعة

  • بلغ عدد الشركات العاملة في سورية 80559 شركة على اختلاف أنواعها، أما عدد الحاصلين عن السجل التجاري فقد بلغوا 476 ألف، في حين بلغ عدد المنتسبين لغرف التجارة السورية لغاية بداية أيلول من الدرجات الأولى والثانية والثالثة ممن يحق لهم الترشح في جميع المحافظات 13547 مرشحاً، بينما يبلغ عدد من يحق لهم الانتخاب المسجلين في كافة الدرجات 123740 مقترعاً
  • خصصت وزارة الصناعة مؤسساتها وجهاتها التابعة لها بمبلغ 6 مليارات ل.س ضمن الخطة الإسعافية لعام 2018، أكثر من 6 مليار ليرة لمصلحة شركات حلب.
  • بلغ عدد المنشآت العاملة والمنتجة في المدينة الصناعية بالشيخ نجار 512 منشأة، كما تم تخصيص 450 مقسم منذ بداية 2018 لمستثمرين جدد، في حين بلغ عدد العمال في المدينة الصناعية أكثر من 20 ألف عامل، بحسب ما أفاد به المدير العام للمدينة الصناعية بالشيخ نجار م. حازم عجان.
  • قدمت وزارة الصناعة للجنة الاقتصادية خطتها للنهوض بالقطاع الصناعي، ومن جملة اقتراحاتها؛ إغلاق عدد من الشركات الخاسرة، دراسة إمكانية اعتماد صيغ التشاركية والتفاهمات والشراكات المحدودة النطاق أو الشاملة، فتح باب الاستكتاب على الشركات (كلي أو جزئي) لمستثمر واحد أو مجموعة مختارة من المستثمرين، واللجوء إلى عقود التأجير والإدارة لتسيير وإدارة الوحدات الاقتصادية المملوكة للدولة.
  • كشف مدير معمل مزج الزيوت المعدنية في مصفاة حمص عن دراسة لإنتاج زيوت جديدة كانت تستورد من الخارج، ويتوقع أن يبدأ الإنتاج مطلع 2019، يذكر بأن المعمل قد أضاف في 2016 خطوط إنتاج جديدة لتصنيع مادة مانع التجمد لتغطي احتياجات القوات المسلحة وشركة محروقات وبكمية 500 طن سنوياً تقريباً.
  • أكدت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأن لا نية لرفع أسعار المواد الأساسية في الفترة المقبلة، سيما مع عودة مناطق واسعة للإنتاج الزراعي وتشغيل عدد من المعامل من جديد.
  • بلغ عدد المنشئات الصناعية في مدينة حسياء الصناعية 230 معملاً، بالإضافة إلى ترخيص أكثر من 980 مقسماً صناعياً، ليتجاوز بذلك حجم الاستثمار في المدينة الصناعية منذ تأسيسها ولغاية بداية 2018 ما قيمته 250 مليار ل.س، هذا وقد شهدت المدينة زيارات لرجال أعمال من روسيا وبيلاروسيا، ويتواجد فيها 3 ثلاث منشآت صناعية في القطاع الهندسي لمستثمرين لبنانين.
  • تمكنت شركة سكر حمص من تشغيل معمل الكحول الطبي والصناعي التابع لها بعد توقف دام عدة أشهر لحين تصريف مخزونها من المادة، كما تمكنت الشركة من تشغيل معملي إنتاج الصابون وزيت دوار الشمس في حين ‏بقي معمل السكر متوقفاً لحين استجرار المادة علما أن مخزون السكر يتجاوز 1000 طن.
  • بلغت مبيعات الشركة العامة للمنتجات الحديدية والفولاذية بحماة منذ بداية 2018 ولغاية نهاية آب نحو 7.2 مليارات ل.س، وكان معمل الصهر في الشركة قد أقلع بعد الاستلام الأولي من شركة أبولو الهندية بتاريخ 19-05-2017، وتوقيع عقد أخر معها لتدريب الكادر المحلي.
  • كشف أمين سر غرفة صناعة حلب عن واقع قطاع الغزل والنسيج حالياً مقارنة بــ 2011، حيث انخفض عدد المنشئات في هذا القطاع من 5545 منشأة في 2011 ليبلغ 853 منشأة في 2018.
  • بلغت خسائر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في 2012 نحو 500 مليون $، وقد أفاد الوزير عن أتمتة معظم الشركات والبالغ عددها 80 ألف شركة بقيمة رأس مال تقدر بــ 3.2 تريليون ل.س.
  • زار وفد إيراني مكون من 180 شركة تحت مسمى "مؤسسة المستضعفين" سورية، حيث التقى عدداً من المسؤولين السوريين، وتطرقت المباحثات إلى إقامة مصانع مختصة بمواد البناء وتأمين الأراضي والأمكنة المناسبة لإقامتها، كذلك تنفيذ اتفاق مذكرة التفاهم الموقع عليها لبناء 30 ألف وحدة سكنية في سورية.
  • انتقد العديد من أعضاء مجلس الشعب بينهم (سامر الدبس وأحمد الكزبري) قرار الحكومة منع استيراد السيارات السياحية بحجة الحفاظ على القطع الأجنبي، بينما سمحت باستيراد قطع السيارات، ورأوا بأن قرار السماح لبعض الشركات باستيراد قطع السيارات وتجميعها ثم بيعها بأسعار باهظة جاء لمصلحة أشخاص محددين (دون تسمية سامر الفور بشكل صريح).

الطاقة والكهرباء

  • كشف رئيس جناح المؤسسة العامة للنفط بمعرض دمشق الدولي المهندس فرحات عبد الله، عن الاتفاق مع عدد من الشركات الصديقة على مشاريع 5 عقود لا تزال قيد التفاوض في مجال التنقيب على الثروة النفطية والغازية.
  • توقع مدير فرع غاز دمشق وريفها منصور طه استلام معمل غاز عدرا بطاقته الإنتاجية الكاملة (60 ألف اسطوانة يومياً) بنهاية 2018، حيث تبلغ طاقته الحالية 15 ألف أسطوانة يومياً.
  • أعلنت وزارة النفط والثروة المعدنية وضع بئر قارة 4 في الإنتاج بطاقة إنتاجية 120 ألف متر مكعب من الغاز يومياً ونحو مئة برميل من المتكاثفات.
  • أفادت بيانات شركة المحروقات عن توزيع 4.87 مليون ليتر مازوت على 40275 أسرة في المحافظات السورية خلال الفترة الممتدة بين آب ومنتصف أيلول 2018.
  • قدرت وزارة النفط والثروة المعدنية السورية حجم احتياطي الغاز في المقطع البحري السوري بـ 250 مليار متر مكعب
  • بلغت القيمة الكلية المسروقة من الكهرباء خلال النصف الأول من 2018 نحو 48.8 مليون كيلو واط ساعي بقيمة إجمالية تقدر بــ 1.29 مليار ل.س.
  • بدأت وزارة الكهرباء تنفيذ مشروع إعادة تأهيل خط توتر عال 66 كيلو فولط (شمال حمص _ تلدو)، وذلك لتأمين تغذية منطقة وادي النصارى من الكهرباء.
  • كشف مدير المؤسسة العامة لنقل الكهرباء نصوح سمسمية عن توجّه المؤسسة لتجهيز محطتين نقالتين تتغذيان على خطوط التوتر العالي 230 كيلو فولط، باستطاعة كل منها 230 كيلو فولط أمبير، ليصار إلى استخدامها بدلاً من محطات التحويل الثابتة المدمرة في دير الزور ودرعا.
  • فرضت وزارة الخزانة الامريكية عقوبات على شركة "القاطرجي" لتزويدها النظام السوري بالنفط، كما شملت العقوبات كلاً من؛ الوسيط في صفقات النفط ياسر عباس، مستشار شركة "آبار بتروليوم" عدنان العلي، رجل الأعمال اللبناني فادي ناصر، شركة “IPC” الإماراتية، شركة "عبار" اللبنانية للبترول.
  • توقعت شركة الفرات للنفط تحسن إنتاج الحقول النفطية، حيث يتم العمل على تأهيل 6 آبار في حقول الشولا النفطي من أصل 13 وعودة 4 آبار للعمل بإنتاج تراكمي يصل إلى 9880 برميل يومياً، وتأهيل حقل النيشان لسبع آبار منتجة من أصل 9 آبار وإنشاء محطة مؤقتة عاد للعمل منها 7 آبار بإنتاج تراكمي 113141 برميلاً يومياً، وتأهيل بئرين منتجتين شمال حقل الورد عاد للعمل منها بئر واحدة بإنتاج تراكمي 11959 برميلاً يومياً.
  • قامت شركة أساس للخدمات النفطية بإصلاح عدد من أنابيب الغاز والمحطات النفطية ومنها؛ خط الغاز العربي، خط غاز كونكو، إصلاح حقل الشاعر، كما أفادت إدارة الشركة عن عقد مع شركة إيرانية "TMJ" لإنشاء شركة مشتركة من أجل النفقات الغازية.
  • توقيع عقد بين وزارة الكهرباء السورية وشركة مبنا الإيرانية بقيمة 411 مليون يورو لإقامة محطة لتوليد الكهرباء في اللاذقية باستطاعة 540 ميغا واط، كما تم التباحث بإنشاء محطة في بانياس بطاقة 34 ميغاواط وصيانة وتوريد قطع الغيار لعدد من المحطات في حمص وحلب.
  • دعت وزارة النفط والثروة المعدنية الشراكات البرازيلية للاستثمار في بعض الفرص المتاحة في قطاع النفط السوري ومنها، المساهمة في إنشاء مصفاة النفط الثالثة واستخراج النفط من الحجر الصخري.
  • كشفت الشركة السورية للنفط عن إجمالي الخسائر النفطية الناتجة عن تأجيل وفوات إنتاج وسرقة النفط من قبل "الإرهابيين"، والتي وصلت إلى 252 مليون برميل بقيمة 2623 مليار ل.س (حوالي 6 مليار $)، وذلك منذ بداية الأزمة حتى النصف الأول من العام الجاري 2018.

 

الإسكان

  • كشف معاون وزير الاشغال العامة والإسكان محمد سيف عن تشكيل فرق عمل لدراسة مناطق السكن العشوائي بالتنسيق مع المعنيين في المحافظات والوحدات الإدارية، كما أفاد عن اختيار مشروع تجريبي لمعالجة السكن العشوائي في منطقة المشاع الجنوبية بحماة.
  • أصدر وزير الأشغال العامة والإسكان حسين عرنوس قراراً بتعديل المخطط التنظيمي لمنطقتي جورة الشياح والقصور في محافظة حمص.
  • باشرت محافظة دمشق بإعداد الدراسات التنظيمية لمنطقتي جوبر والقابون لإعلانهما منطقتين تنظيميتين حسب القانون رقم 10 لعام 2018.
  • صادق محافظ دمشق على تقرير اللجنة المكلفة دراسة واقع حي التضامن بجنوب دمشق، حيث أفاد التقرير بتواجد 690 منزل صالح للسكن يمكن للأهالي العودة إليها، ريثما يتم تنظيم كامل منطقة التضامن وفق القانون رقم 10.
  • بدأت وزارة الأشغال العامة والإسكان العمل على حزمة من المشاريع السكنية من أبرزها، ضاحية الديماس وضاحية معرونة في ريف دمشق وضاحية بشلاما في اللاذقية، كذلك تخصيص 7010 مسكن من مشاريع السكن الشبابي والعمالي وسكن الادخار حتى نهاية 2018 ضمن خطة معالجة تراكمات الاكتتاب توزعت وفق الآتي: 2013 مسكن في دمشق وريفها، 2032 مسكن في حلب، 1030 مسكن في حمص، 1158 مسكن في حماة، 1158 في اللاذقية 1158، 517 مسكن في طرطوس و100 مسكن في السويداء.
  • أفاد المدير التنفيذي لشركة دمشق الشام القابضة نصوح النابلسي بأن العقارات في المنطقة التنظيمية الأولى "ماروتا سیتي" ستكون الأعلى سعراً في سورية على المدى المتوسط وطويل الأمد.
  • أكد مدير الإشراف في محافظة دمشق علي الحلباوي المباشرة بتأهيل مداخل مدينة دمشق، محور أوتوستراد دمشق وحمص من عقدة القابون وحتى البانوراما، محور أوتوستراد دمشق وحمص من البانوراما وحتى طريق مطار دمشق الدولي. محور شارع فارس الخوري، محور أوتوستراد دمشق درعا الدولي الجديد والقديم.

الصحة

  • كشفت مصادر رسمية قبول منظمة الصحة العالمية تقديم منحة لمستشفى الأطفال الجامعي قدرها 2 مليون$.
  • وقع وزير الصحة الدكتور نزار يازجي مع نظرائه من دول إقليم شرق المتوسط على الميثاق العالمي المعني بالتغطية الصحية الشاملة 2030 بهدف تعزيز التزام الدول بوضع رؤية وتنفيذ برامج وطنية للمضي نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة في الإقليم.
  • أكدت مصادر في وزارة وزارة الصحة نيتها إحداث هيئة مستقلة تعنى باستجرار الأدوية وكافة مستلزمات المشافي وغيرها.
  • أنهت مديرية صحة القنيطرة صيانة وتأهيل مركز المزة الصحي في تجمع أبناء القنيطرة بتكلفة تجاوزت 19 مليون ل.س، كذلك المباشرة بصيانة وإعادة تأهيل مركز تجمع سبينة الصحي بتكلفة تقديرية تبلغ 56 مليون ل.س، وصيانة المركز الصحي لأبناء تجمع البويضة بقيمة 27 مليوناً.
  • كشف نقيب صيادلة سورية محمود الحسن عن ترخيص أربعة معامل أدوية خلال 2018 منها معمل مختص بصناعة الأدوية النوعية وخصوصاً السرطانية، ليبلغ بذلك عدد معامل الأدوية العاملة في سورية 86 تغطي ما نسبته 90% من احتياجات السوق السورية من الدواء، كما كشف النقيب عن عقد مؤتمر للصناعات الدوائية مع نقابة صيادلة إيران خلال شهر تشرين الثاني المقبل.

العمل

  • أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالتعاون مع وزارة التعليم العالي برنامج دعم الخريجين الجدد من الجامعات والمعاهد لتوفير البيانات المتعلقة بالخريجين للوزارة ضمن إطار تعزيز قدرات الخريجين الجدد الداخلين لسوق العمل.

إعادة الإعمار والعلاقات الاقتصادية

هيمن معرض دمشق الدولي وملف معبر نصيب الحدودي والعلاقات الاقتصادية مع الدول الحليفة على برنامج عمل الحكومة السورية الاقتصادي، حيث انعقد معرض دمشق الدولي بدورته 60 بمشاركة 1729 شركة من 48 دولة أبرزها التشيك والهند([11]) وإيران وروسيا، وتعتبر مشاركة طهران وموسكو الأكبر من نوعها مقارنة بغيرها من الدول، حيث شاركت 37 مؤسسة وشركة روسية متنوعة في المعرض، بينما شاركت 54 شركة إيرانية بزيادة 13 شركة عن العام الماضي، وقدرت مصادر حكومية قيمة العقود التي تم توقيعها خلال المعرض بما يزيد عن 15 مليون $ خلال الأيام الأولى من المعرض.([12])

 

كذلك التقى رئيس مجلس الوزراء وفداً من رجال الأعمال السوريين المغتربين والعرب والأجانب وممثلي الشركات المشاركة في معرض دمشق الدولي، حيث خرج اللقاء بتوصيات من أبرزها؛ الإسراع في إنجاز قانون الاستثمار الجديد والقوانين ذات الصلة والتنسيق مع جميع الجهات لوضع خريطة استثمارية تغطي احتياجات التنمية المستدامة قطاعياً وإقليمياً، بما يلبي متطلبات مرحلة إعادة الإعمار، مع التأكيد أهمية وضع الخطط والبرامج وإصدار القوانين والأنظمة من الجهات المعنية للعمل على تحفيز عودة وتوظيف رؤوس أموال المغتربين السوريين، وإعادة ضخها في مشروعات إعمار الاقتصاد الوطني، هذا وقد ناقش مجلس الوزراء المسودة الأولية لمشروع قانون الاستثمار الجديد بهدف جذب الاستثمارات.

تواصل حكومة النظام تقديم تسهيلات لرجال الأعمال لتأسيس شركات اقتصادية، وفي هذا الصدد صادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على تأسيس 7 شركات في شهر أيلول 2018 بحسب ما هو مرفق في الجدول، ليبلغ عدد الشركات المسجلة في الوزارة وأمانة السجل التجاري حتى نهاية منتصف أيلول 80.599 شركة تتوزع بين مساهمة مغفلة ومحدودة المسؤولية وقطع مشترك وقطاع العام وتضامنية وتوصية.

 

بالانتقال إلى معبر نصيب الحدودي، قام فرعا مؤسسة الإسكان العسكري والشركة السورية للاتصالات بدرعا بأعمال إعادة تأهيل البنى التحتية في معبر نصيب الحدودي تمهيداً لإعادة الخدمات الأساسية إليه، وقد استقبلت سورية وفداً من غرفة تجارة عمان في إطار مشاركته في فعاليات معرض دمشق الدولي، وناشد رئيس الوفد الأردني والنائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة عمان غسان خرفان الحكومتين السورية والأردنية فتح المعبر التجاري بين البلدين (نصيب) باعتباره طوق النجاة لانتعاش الاقتصاد وإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح.

بالمقابل أكد رئيس غرفة تجارة دمشق غسان القلاع أهمية العلاقات التاريخية بين سورية والأردن وضرورة إقامة علاقات وشراكات اقتصادية بين البلدين، لتعلن وزارة النقل السورية افتتاحها للمعبر نهاية شهر أيلول في ظل غياب تأكيد الجانب الأردني، مما دفع الجانب السوري لإعلان تأجيل افتتاح المعبر لغاية العاشر من شهر تشرين الأول 2018، لتسفر المفاوضات القائمة بين الجانبين عن افتتاح المعبر يوم 15-10-2018 عقب التوصل إلى اتفاق لمعالجة النقاط الخلافية التي كانت تحول دون افتتاح المعبر.

فيما يتعلق بملف العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة، انعقد منتدى الأعمال الروسي السوري بمشاركة واسعة من شخصيات سورية وروسية تضمنت: سمير حسن رئيس مجلس الأعمال السوري_ الروسي، ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري سامر الخليل، رئيس اتحاد غرف الصناعة، فارس الشهابي، ورئيس اتحاد غرف التجارة محمد غسان قلاع، والنائب الأول لحاكم مصرف سوريا المركزي حازم قرفول، والمدير التنفيذي لمجلس الأعمال السوري الروسي، لؤي يوسف، ومن الجانب الروسي، نائب وزير التجارة والصناعة الروسي غيورغي كالامانوف، سفير روسيا في دمشق ألكسندر كينشاك، نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة فلاديمير بدالكو، ونائب المدير العام لشركة "ألماز أنتي" ألكسندر فيدروف. هذا وتم الإعلان عن تأسيس شركة مشتركة لبناء 2000 وحدة سكنية في سورية خلال 3 سنوات المقبلة، كما تم الاتفاق على رفع مستويات التبادل التجاري وتدفق البضائع السورية بشكل أفضل إلى الأسواق الروسية، وكذلك تدفق البضائع الروسية إلى السوق السورية عبر خط بحري منتظم لنقل البضائع بين المرافئ السورية ونظيرتها الروسية.

في نفس السياق، ترأس محافظ اللاذقية إبراهيم خضر السالم اجتماعاً موسعاً للجنة متابعة وتنسيق الأعمال مع مدينة يالطا الروسية (كانت اللاذقية قد وقعت معاهدة توأمة مع يالطا في نيسان 2018)، وقدمت اللجنة التي تضم مديري شركة المرفأ والسياحة والشؤون الاجتماعية والعمل والزراعة والتربية والثقافة والتبغ والصحة وشركة غزل اللاذقية وجامعة تشرين ومجلس مدينة اللاذقية العديد من التصورات والرؤى والآليات التي تعزز توسيع وتعميق مجالات التعاون المشترك بين اللاذقية ويالطا.

وفي إطار الزيارات المتبادلة، التقى السيد راؤول خادجيمبا رئيس جمهورية أبخازيا أعضاء غرفة تجارة دمشق وعدداً من الفعاليات الاقتصادية والتجارية لبحث آليات التعاون الممكنة بين البلدين في مجال السياحة والزراعة والتبادل التجاري والمشاريع الاستثمارية، وأكد الرئيس العمل الجاد لتفعيل الاتفاقيات التي تم توقيعها مع الجانب السوري خلال زيارته الأخيرة لدمشق. وعن العقود الموقعة مع الجانب الروسي فشملت، 1) تنفيذ عقد روسي لتوريد 144 آلية ثقيلة إلى وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيمة تصل إلى 9 مليارات ل.س، 2) توقيع عقد لتوريد 200 ألف طن من القمح الروسي لسورية بقيمة تقدر بـــ 44.9 مليون $، 3) مفاوضات لتوقيع شركة ستروي غاز الروسية المملوكة لرجل الأعمال الروسي غينادي تيموشينكو عقداً بقيمة 200 مليون $ لاستثمار الشركة العامة للأسمدة ومعاملها الثلاث في حمص.

العلاقة مع إيران، زار وفد إيراني مكون من 180 شركة تحت مسمى "مؤسسة المستضعفين" سورية، حيث التقى عدداً من المسؤولين السوريين، وقد تطرقت المباحثات إلى إقامة مصانع مختصة بمواد البناء وتأمين الأراضي والأمكنة المناسبة لإقامتها، كذلك تنفيذ اتفاق مذكرة التفاهم الموقع عليها لبناء 30 ألف وحدة سكنية في سورية، كما شاركت إيران بــ 54 شركة إيرانية في الدورة 60 لمعرض دمشق الدولي. إضافة لما سبق، قام وفد إيراني برئاسة السفير الإيراني في دمشق جودت ترك أبادي ومشاركة حسن دنائي رئيس لجنة العلاقات الاقتصادية السورية-الإيرانية، ومرتضى بيرنش معاون نائب رئيس الجمهورية الإيراني بزيارة إلى سورية حيث التقوا عدد من الشخصيات السورية وغرف التجارة كحلب ودمشق، وقد تطرقت المباحثات إلى تطوير التبادل التجاري بين البلدين، الأمر الذي لاقى تأييداً من محمد حمشو " أمين سر غرفة تجارة دمشق"، وفيما يتعلق بالعقود الموقعة مع الجانب الإيراني فشملت، 1) توقيع عقود توريد سيراميك وبلاط من إيران لسورية، 2) عقد تفاهم مع شركة السلام لإنشاء مصنع مشترك على الأرض السورية لإنتاج منتج إيراني بتقنية النانو يستخدم في واجهات المباني السكنية والتجارية، 3) اتفاق مبدئي لإنشاء مصنع مشترك للبلاط مع مجموعة بكور السورية على هامش معرض دمشق الدولي([13])،4) توقيع شركة حديد حماة بروتوكول مع الشركة الإيرانية (IRFECO) لتوريد عمرتي أفران وأربع عمرات بواتق لمعمل صهر الحديد بحماة، 5) تنفيذ اتفاقية موقعة بين اتحاد الغرف الزراعية السورية والشركة الإيرانية لصناعة الجرارات لتأمين جرارات زراعية للمزارعين السوريين.

شهد شهر أيلول تنامي العلاقات الاقتصادية بين سورية وعدد من الدول الصديقة، حيث شاركت الهند بـ 22 شركة في معرض دمشق الدولي لتتوج المشاركة بتوقيع مجموعة من الاتفاقيات مع الجانب الهندي اشتملت على؛ 1) توقيع الشركة الهندية لصناعة الجرارات الحديثة (شركة سورية أسست حديثاً) اتفاقاً مع شركة سوناليكا الهندية (أكبر شركة لتصنيع الجرارات في العالم) يقضي بإنشاء معمل للجرارات في سورية،2) توقيع شركة تعمري السورية اتفاقاً مع شركة هندية لتأسيس معمل للمحولات الكهربائية بقيمة 500 مليون ليرة سورية، 3) توقيه اتفاق بين اتحاد غرف التجارة السورية واتحاد الصناعات الهندي يهدف إلى تعميق تبادل المعلومات وتدريب الأيدي العاملة.

شاركت الصين بــ 50 شركة في معرض دمشق الدولي من أهمها، شركة سينوما لصناعة الاسمنت، شركة سانيول للمصاعد، شركة شلرات للتكييف، شركة أل سي للرخام والغرانيت، وقد أعلن السفير الصيني بدمشق تشي تشيانجين عن خطة خاصة لإعادة إعمار الاقتصاد المدعوم بالنهضة الصناعية، من خلال توفير قروض بقيمة 20 مليار دولار لتعزيز التعاون مع دول المنطقة العربية بما فيها سورية.

أعرب الناطق باسم الغرفة الاقتصادية التشيكية ميروسلاف ديرو عن رغبة الغرفة باستئناف العلاقات التجارية بين سورية وتشيكيا، مبيناً بأن الغرفة تحضر لزيارة رجال أعمال تشيك إلى سورية، هذا وتجدر الإشارة إلى مشاركة 19 شركة تشيكية في معرض دمشق الدولي.

خلاصة تحليلية

 تسعى حكومة النظام السوري إلى استعادة مركزيتها في إدارة ملفي التربية والتعليم، رغبةً منها بالاستئثار بالدعم الأممي المخصص لهذا الملف، فضلاً عن ضبط العملية التربوية بما يتماشى مع توجهاتها، وفي سبيل ذلك تروج الحكومة لقدرتها على تنظيم الملف بما تتمتع به من كادر بشري وبنية تحتية وبما تحوزه من اعتراف رسمي، ويفسر التوجه السابق ازدياد عدد الكتب المدرسية المطبوعة لتوفير احتياجات الطلاب الجدد من المناطق التي تمت استعادة السيطرة عليها مؤخراً من قبل قوات النظام، فضلاً عما أفادت به مصادر مطلعة في إدلب بتوزيع مناهج النظام في المجمعات التربوية المنتشرة في المحافظة، نتيجة تعثر هيئة علم عن طباعة المنهاج المعدل لعدم توافر الدعم الكافي لها.([14])

تواجه حكومة النظام في توجهها السابق تحدياً من قبل الإدارة الذاتية الساعية لاحتكار العملية التعليمية في مناطق سيطرتها ووفق المناهج الخاصة بها، حيث اتهمت مديرة التربية التابعة للنظام السوري في الحسكة إلهام صاروخان الإدارة الذاتية بالتضييق على المدارس التي تتبع للنظام وإغلاقها، حيث يبلغ عددها 22 مدرسة موزعة في المربعين الأمنيين في مدينتي الحسكة والقامشلي.([15])

يخضع ملف إصلاح شركات القطاع العام للتجاذب بين الحكومة والنقابات العمالية، إذ تتباين وجهات نظر الطرفين في كيفية التعاطي مع هذا الملف بين راغب بالحفاظ عليه وإعادة تأهيله (النقابات العمالية)، وبين داعي لإعادة النظر بسياسة الحكومة تجاه هذا القطاع عبر التخلي عن الشركات الخاسرة وفتح أخرى للاستثمار الخاص وللشراكات الأجنبية، ويبدو بأن الحكومة تتنصل تدريجياً من وعودها السابقة للنقابات العمالية لصالح المضي بخيار خصخصة شركات القطاع العام بسبب افتقارها للقدرة المالية الذاتية التي تمكنها من إعادة تأهيل هذا القطاع، وسعيها لتحقيق الإيرادات بالسرعة الكلية لرفد خزينة الحكومة، إلى جانب التقليل من النفقات الحكومية المخصصة لهذا القطاع. إلا أن العديد من المراقبين يفسر توجه حكومة النظام نحو ذلك برغبة حليفيها الروسي والإيراني بالاستحواذ على مؤسسات هذا القطاع وفرض مزيد من السيطرة على الاقتصاد السوري من خلال تكبيله بعقود استثمارية ذات آجال طويلة([16])، وما يحمله هكذا خيار من ارتدادات اجتماعية سلبية على طبقة العمال. بالانتقال إلى ملف انتخابات الإدارة المحلية، شهدت الانتخابات إقبالاً ضعيفاً، حيث شارك فيها ما يزيد عن 4 مليون ناخب من أصل 16 مليون ممن يحق لهم الاقتراع أي حوالي 25% من مجمل الناخبين بحسب ما أعلن عنه رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات([17])، في حين تفاوتت نسبة المشاركة على مستوى المحافظات فلم تتجاوز حاجز 30% في محافظة حمص([18])، في حين بلغت حوالي 50% في محافظتي طرطوس([19]) وحماة([20])، ويعزى سبب انخفاض المشاركة عموماً إلى غياب أجواء المنافسة عقب صدور لوائح الوحدة الوطنية للبعث، فضلاً عن انخفاض سقف توقعات الناخبين من مجالس الإدارة المحلية في ظل هيمنة المركز على قراراتها وتحكمه بتمويلها وضعف صلاحياتها.

أظهرت النتائج هيمنة مطلقة لحزب البعث على مقاعد مجالس الوحدات الإدارية، بما يتماشى مع توجه النظام القاضي بتعويم دور حزب البعث داخل مؤسسات الدولة وفي الإدارات المحلية للاستفادة من شبكاته المحلية وخبرته البيروقراطية، كما كشفت النتائج نجاح إيران بإيصال عدد من مؤيديها السياسيين وميليشياتها المحلية لعضوية عدد من مجالس الوحدات الإدارية كتولي حسين أحمد العلوش (أحد أعضاء ميليشيا الباقر "دفاع محلي في حلب") عضوية مجلس محافظة حلب، ولم يكن لإيران أن تنجح في مسعاها هذا لولا موافقة النظام وبدعم مباشر من حزب البعث بحسب ما أفادت به بعض المصادر الصحفية([21])، كما يعود إلى نجاح طهران بكسب ود بعض المجتمعات المحلية من خلال أذرعها الخدمية "جهاد البناء"، وتفعيلها للشيعة السوريين سياسياً على الصعيد المحلي، ويتيح الانخراط الإيراني في المجتمعات المحلية لطهران إمكانية دمج هياكلها تدريجياً في صنع القرار المحلي، والتأثير عليه واستغلاله في عملية إعادة الإعمار فضلاً عن إمكانية توظيفه مستقبلاً في الانتخابات البرلمانية.

بالمقابل لم يلحظ انخراط روسي في انتخابات الإدارة المحلية، وربما يعزى ذلك إلى استراتيجية موسكو بالعمل في سورية انطلاقاً من مؤسسات الدولة ومن خلالها "من الأعلى للأسفل"، فضلاً عن عدم مراكمتها بعد لثقل داخل المجتمعات المحلية لافتقارها للقدرات والأدوات مقارنة بإيران.

على الصعيد الاقتصادي، تسعى حكومة النظام جاهدة إلى استقطاب رؤوس الأموال من الخارج على مستوى الشركات والأشخاص، وتنشيط حركة الاستثمار والادخار للمقيمين في الداخل بهدف تحريك عجلة الاقتصاد بعد ركودها خلال الأعوام الماضية. من خلال قيامها بعدد من الإجراءات على الصعيدين المالي والاقتصادي، ففي الجانب المالي  وافق مجلس الوزراء الموافقة على إصدار شهادات إيداع بالقطع الأجنبي نقداً في المصارف العاملة بعوائد تنافسية تصل إلى 4.25 %، كما تم تعديل نسبة الفائدة في المصارف العامة، في ظل توجه حكومي لافتتاح مصارف جديدة أو فروع لمصارف عاملة في البلد في المناطق الحرة، فضلاً عن إجراء تعيينات جديدة في القطاع المالي، حيث تم تعيين حازم يونس قرفول حاكماً لمصرف سورية المركزي عوضاً عن دريد ضرغام، كذلك إسناد وظيفة مدير عام المصرف الصناعي إلى د. عمر محمد سيدي، ووظيفة مدير عام المصرف العقاري إلى د. مدين جواد علي، ويهدف النظام من هذه الإجراءات إعادة تنشيط القطاع المالي والمصرفي، وتصدير شخصيات جديدة لهذا القطاع غير مشمولة بالعقوبات الدولية.

يلحظ تنامي الإيرادات المالية المحلية للنظام والمتأتية من تحصيل العوائد الضريبية والرسوم الجمركية ورفع قيمة بدلات  استثمار الأملاك العامة وتزايد إنتاج النفط والغاز، حيث ارتفعت الإيرادات المحلية من حوالي 321 مليار ل.س (حوالي 740 مليون $ باحتساب سعر صرف 434) في 2017 لتصل إلى حوالي 410 مليار ل. س في 2018 (حوالي 945 مليون$) بحسب بيان الموازنة العامة للدولة، دون أن تصل بعد إلى مستوى ما كانت عليه قبل 2011 والتي كانت تقدر بـــ 660 مليار ل.س في 2010 (حوالي 13 مليار و200 مليون $ على أساس سعر صرف 50)، في ظل بقاء جزء معتبر من المنطقة الشرقية ومحافظة إدلب خارج سيطرة النظام بما يحتويانه من موارد محلية.

وفي جانب إعادة الإعمار، استقطب معرض دمشق الدولي مشاركة 1729 من 48 دولة ومعظمها صديقة للنظام السوري، ومما يلحظ ارتفاع حجم المشاركة الإيرانية من 41 في الدورة السابقة للمعرض لتصل إلى 54 شركة إيرانية في الدورة الحالية، وتأتي المشاركة الإيرانية المكثفة في معرض دمشق الدولي في سياق زيارات مكثفة لوفود إيرانية اقتصادية لدمشق خلال شهر أيلول من أبرزها؛ زيارة وفد مكون من 180 شركة تحت اسم "مؤسسة المستضعفين"، زيارة وفد إيراني برئاسة السفير الإيراني في دمشق جودت ترك أبادي ومشاركة حسن دنائي رئيس لجنة العلاقات الاقتصادية السورية-الإيرانية، ومرتضى بيرنش معاون نائب رئيس الجمهورية الإيراني، زيارة وزير الكهرباء السوري إلى طهران، وتحيل القراءة الأولية لهذه الزيارات وما تحقق عنها من عقود اقتصادية ومذكرات تفاهم إلى تكثيف إيران ضغوطها على النظام للحصول على امتيازات اقتصادية أسوة بنظيرتها روسيا، وهو ما دفع النظام إلى توقيع هذه العقود لاسترضاء طهران وامتصاص ضغوطها، في حين تجدر الإشارة إلى حجم التحديات التي تواجه تنفيذ هذه العقود، سيما في ظل ضعف القدرة التمويلية للنظام وإيران نظراً لوضعهما الاقتصادي، فضلاً عن مراوغة النظام في تنفيذ هذه العقود، وتفصح هذه الزيارات والعقود الموقعة عن تنامي دور أذرع الحرس الثوري الإيراني في الاقتصاد السوري "مؤسسة المستضعفين"، حيث يسعى الحرس الثوري جاهداً إلى استخدام سورية كمنصة للتهرب من العقوبات المفروضة عليه، كذلك إنشاء مشاريع اقتصادية تمكنه من لعب دور مؤثر في عملية إعادة الإعمار كمشاريع البنية التحتية والطاقة الكهربائية.

بالمقابل، تواصل موسكو تمددها في الاقتصاد السوري وهو ما يلحظ بحجم العقود الموقعة والمنفذة بين الطرفين سيما في مجال القمح والمعدات الثقيلة، كذلك بانعقاد منتدى الأعمال الروسي _السوري والتنسيق المتواصل بين اللاذقية ويالطا وتنامي الاهتمام بتعزيز التجارة مع جزيرة القرم، ومما يلحظ اهتمام موسكو بالاستحواذ على شركات القطاع العام الرابحة، حيث يدور الحديث عن توقيع وزارة الصناعة عقداً مع شركة ستروي غاز الروسية لاستثمار "الشركة العامة للأسمدة G.F.C" ومعاملها الثلاثة في حمص بقيمة 200 مليون$.


 ([1]) فادي بك شريف، التعليم العالي 693 ألف طالب في 8 جامعات حكومية، جريدة الوطن، تاريخ 23-09-2018. رابط إلكتروني https://bit.ly/2RDSWJA

([2]) 14 ألف مدرسة جاهزة للعام الدراسي الجديد، جريدة تشرين، 01-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2C2OIpd

([3]) 4 ملايين طالب يقرعون أجراس العودة إلى المدارس في 15 ألف مدرسة، جريدة البعث، تاريخ 03-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Ntlz94

([4]) محمود الصالح، وزير التربية للوطن: اللباس المدرسي إلزامي هذا العام، جريدة الوطن، تاريخ 02-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OIjaMl

([5]) غيداء حسن، 11 مليار ليرة قيمة الكتب الموزعة للطلاب مجاناً، جريدة تشرين، تاريخ 04-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2C3sDHt

([6])  روسيا تنشئ في سوريا مركزا لاستقبال وتوزيع وإيواء اللاجئين، روسيا اليوم، تاريخ 18-07-2018، رابط إلكتروني   https://bit.ly/2NETVpI

([7]) (النشرة الإعلامية مركز استقبال وتوزيع وإقامة اللاجئين (13 تشرين الأول 2018)، وزارة الدفاع الروسية، رابط إلكتروني https://bit.ly/2QR33tl

([8]) نتائج الأحد الحكومي تحفيز المهجرين للعودة إلى منازلهم، جريدة الوطن، تاريخ 03-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2zWpMhM

([9]) محمد منار حميجو، الخاسرون يطعنون بالنتائج خلال 5 أيام من صدور المراسيم والقرارات. جريدة الوطن، تاريخ 23-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Qyj6fu

([10]) عبد المنعم مسعود، 661 مركز انتخابي في ريف دمشق.. عدس تقيم 1276 كتلة بناء في حرستا و500 مليون لترحيل القمامة في الغوطة الشرقية، جريدة الوطن، تاريخ 10-09-2018. رابط إلكتروني https://bit.ly/2RrX8Mp

([11]) افتتاح معرض دمشق الدولي بمشاركة 48 دولة أجنبية وعربية، روسيا اليوم، تاريخ 06-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Num96q

([12]) قيمتها أكثر من 15 مليون دولار. عقود بالجملة توقع بمعرض دمشق الدولي، موقع دمشق الآن، رابط إلكتروني https://bit.ly/2E5OIYt

([13]) عقود إيرانية هامة تظهر حصيلتها نهاية المعرض، موقع SYRIRAN، رابط https://bit.ly/2NugLAf

([14]) حديث أجراه معد المادة مع أحد العاملين في الملف التعليمي في محافظة إدلب، تاريخ المقابلة 05-10-2018.

([15]) مديرة تربية النظام في الحسكة تتهم قسد بإغلاق المدارس الرسمية، موقع روك أونلاين، تاريخ 05-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2A84Uo8

([16]) ستروي غاز تنوي استثمار شركة الأسمدة بــ 200 مليون $، موقع الاقتصادي، تاريخ 02-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2A7foUH

([17]) محمد منار حميجو، الخاسرون يطعنون بالنتائج خلال 5 أيام من صدور المراسيم والقرارات. جريدة الوطن، تاريخ 23-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Qyj6fu

([18]) إقبال ضعيف على انتخابات الإدارة المحلية في سوريا، الشرق الأوسط، تاريخ 17-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2MzS44U

([19]) عضو في اللجنة القضائية للانتخابات: الناخب وحده من يتحمل مسؤولية وصول المرشحين!، موقع سناك سوري، تاريخ 19-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2Ce0lKf

([20]) 53 % نسبة المقترعين لانتخابات الإدارة المحلية في حماه، موقع سناك سوري، تاريخ 18-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2ITAgl8

([21]) مجد الخطيب، ماذا تريد إيران من انتخابات الادارة المحلية؟، موقع المدن، تاريخ 16-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2OUKpmJ

يركز هذا التقرير على توصيف المشهد الميداني قبل الاتفاق والسياق العسكري الذي أفضى إلى اتفاق المنطقة العازلة ويوضح طبيعة هذا الاتفاق ودوافعه ومواقف القوى الميدانية حياله، مستعرضاً أبرز التحديات التي تعترضه لا سيما تلك المتعلقة بالميليشيات الإيرانية المنتشرة على محيط المنطقة او تلك المرتبطة بمصير هيئة تحرير الشام.

ما قبل الاتفاق: معركةٌ قاب قوسين أو أدنى

شهد مطلع شهر سبتمبر/أيلول 2018، تمركز حشود من قِبل قوات النظام وبعض الميلشيات المحسوبة على إيران بالقرب من إدلب، وتحديداً على الجبهات الاستراتيجية في محافظة إدلب([1])؛ إذ أكد النظام وحلفائه (مراراً وتكراراً) أنهم ماضون باتجاه استرجاع محافظة إدلب وذلك ضمن إطار استكمال استراتيجية "بسط السيطرة والنفوذ"؛ ومما عزز دوافع هذا الاسترجاع المتخيل أهمية المحافظة ودورها في تحسين ظروف التنمية التي تشكل أبرز تحديات النظام الراهنة؛ تلك الظروف التي ستتحسن باسترجاع  الطريقين الدوليين (M5)، (M4) وما سيشكله عودة الزخم التجاري من أثر مادي.

ناهيك عن نية النظام استثمار سيناريو "المصالحات" وتطبيقه على إدلب بغية إخراج المعارضة المسلحة هناك عن معادلات الصراع وبالتالي تجاوز أسئلة صراع النظام والمعارضة والانتقال إلى مستويات جديدة؛ وفي سبيل ذلك بدأت خطط الانتشار والتمركز والتي كان أغلبها قريباً من نقاط المراقبة التركية في إدلب، الأمر الذي استدعى من الجانب التركي بإرسال تعزيزات عسكرية على نقاط مراقبتها في كلٍ من:

 

زادت الحشود العسكرية من الجانب التركي والقوات الموالية نسبة التوتر في المنطقة، وارتفعت نسبة العمليات العسكرية من قبل الجبهة الوطنية وهيئة تحرير الشام من جهة وقوات النظام والميلشيات الإيرانية من جهة أُخرى.

بالعموم تشكلت مجموعة من الهواجس الروسية والتركية والتي ساهمت في اختبار الأدوات السياسية للحل، فعلى الجانب التركي ارتفعت وتيرة الحذر من تبعات تلك العملية على المستوى الإنساني التي سترتد بالدرجة الأولى على تركيا لا سيما بتلك المتعلقة بالقدرة على استيعاب موجة اللجوء والتي سوف تترافق مع هجوم قوات النظام، حيث يبلغ عدد سكان محافظة 3 ملايين مدني، ثلثهم من النازحين داخلياً بسبب النزاع المستمر منذ سبع سنوات؛ ناهيك عن الهاجس الأمني التركي الذي يرى بالعملية تهديداً لخطوط الدفاع الأمامية لمنطقتي درع الفرات وغصن الزيتون  وهي مناطق النفوذ التركي المشكلة كواقع صد ضد طموحات الPYD الذي لا يزال يسير بمفاوضات مع النظام؛ لذلك تعد خسارة إدلب أو انسحاب تركيا من نقاطة مراقبتها الـ 12 بمثابة إيعاز بقرب انسحاب تركيا من الشمالي السوري، لذا حاولت تركيا قبل 17 أيلول/ سبتمبر إلى الوصول إلى اتفاق يرضي أطراف الأستانة ولا يضر بمصالحها في الشمال السوري.

أما الهواجس المتعلقة بالجانب الروسي فتتمثل بالدرجة الأولى بعدم رغبة موسكو في إفشال اتفاق الأستانة بحكم اعتباره التحالف الدولي الأقوى الأن في سورية؛ كما تعي روسيا بأن وقوفها ضد الجانب التركي سوف يؤدي إلى تقوية العلاقة الأمريكية-التركية، وهذا أمر قد ينعكس على روسيا بشكل سلبي في سورية؛ كما طمحت موسكو في اختبار الأدوات السياسية بغية الحد من هجمات الطائرات المسيرة (Drones) على المواقع العسكرية الروسي في مطار حميميم وسهل الغاب؛ ناهيك عن أن العدد المحدود للقوات الروسية البرية أو القوات المحلية الموالية لها سيجعل الميليشيات الإيرانية هي القوات الأكثر قدرة على ملء أي فراغ في إدلب،  وهو أمر قد لا ترغب رسيا بحدوثه، خاصة بعد تجاربها في ريف حلب الشرفي، ريف الرقة الجنوبي، ومحافظة دير الزور.

ساهمت تلك الهواجس التركية والروسية في الدفع باتجاه عقد قمة طهران التي جرت في 7 أيلول/سبتمبر 2018 بهدف الوصول إلى مخرج يراعي كافة الهواجس؛ وعلى الرغم من وضوح الخلافات بين تلك الدول في هذه القمة؛ إلا أنه يمكن اعتبارها بمثابة "الخطوة الأولى" ضمن حركة الوصول لاتفاق المنطقة العازلة في إدلب والذي أعلنت عنه كلٍ من روسيا وتركيا في 17 أيلول/ سبتمبر 2018.

منطقة عازلة: تأجيل المعركة أم تزمين مناطق النفوذ

مع إعلان الاتفاق بين روسيا وتركيا حول إنشاء منطقة عازلة في إدلب، نشرت بعض الجهات الرسمية من الجانبين الروسي والتركي مواصفات تلك المنطقة؛ وكان الحديث في بداية الأمر على أنه سيتم اقتطاع 7.5 إلى 10 كم من مناطق الثوار ومثلها من مناطق النظام، أي ممنوع تواجد قوى الثورة السورية وقوات للنظام في هذه المنطقة، وسيتم تسيير دوريات تركية روسية مشتركة فيها، فيما سوف تقوم تركيا بدعم مناطق قوى الثورة السورية لوجستياً، وتبقى روسيا المشرفة على مناطق النظام([3]).

فيما بعد تم توضيح بند انسحاب الفصائل من المنطقة العازلة، وتم التأكيد أن الانسحاب يشمل "القوات المتشددة" بسلاحها الخفيف والثقيل، فيما يحق لقوى الثورة السورية البقاء ولكن تحت إشراف القوات التركية في المنطقة.

تمتد المنطقة العازلة من شمال غرب حلب بالقرب من بلدتي نبّل والزهراء والتي تعتبر من أبرز معاقل الميليشيات الموالية لإيراني في الشمال الحلبي وحتى بلدة صوران شمال حماة، وتلامس المنطقة العازلة حدود مدينة حلب ومعظم الأوتوستراد الدولي (M5) المار بمناطق سيطرة قوى الثورة السورية، وثم تمتد المنطقة العازلة من بلدة صوران شرقاً وحتى السقيلبية، أما الحدود الغربية للمنطقة العازلة فتمتد على طول سهل الغاب الأوسط وحتى جبل التركمان، وكذلك شهدت هذه المنطقة بناء مراكز للشرطة العسكرية الروسية والتي حدث على إثرها خلافات حادة مع قوات الفرقة الرابعة وقوات الدفاع المحلي الموالية لإيران.

ومع نهاية شهر أيلول\سبتمبر 2018، نشرت بعض المواقع الموالية للنظام خبراً تتحدث فيه بأن المنطقة العازلة لن تكون بالمناصفة بين مناطق سيطرتي قوى الثورة والنظام[4]، وأكد الخبر أن المنطقة سوف تكون في مناطق قوى الثورة السورية بعق 15 كلم بدأً من نقاط التماس وهو الأمر الذي تم نفيه من قبل الجبهة الوطنية للتحرير وفيلق الشام([5]).

 

أما فيما يتعلق بمواقف القوى العسكرية المتواجدة في إدلب فترى الجبهة الوطنية للتحرير (على لسان عمر حذيفة الشرعي العام) أن أمر ترسيم المنطقة العازلة هو حل مرحلي وليس نهائي، ولذلك فإن الدخول التركي للمناطق المحررة بحدودها الآنية هو قرار دولي ولن يتم الانسحاب إلا بقرار دولي آخر؛ كما صرح النقيب ناجي المصطفى "المتحدث الرسمي للجبهة الوطنية للتحرير" بأن  النقاط العسكرية التابعة لفصائل قوى الثورة السورية ستبقى تحت سيطرتها، وبكامل جاهزيتها "لأن النظام السوري والميليشيات الموالية لا تلتزم بالعهود والمواثيق".

من جهته وضح العقيد مصطفى بكور "المتحدث الرسمي لجيش العزة" بأن جميع نقاط جيش العزة توجد ضمن المنطقة العازلة، ولكنه ما زال وسيبقى بنقاطه العسكرية، وأي قرار بشأن سحب السلاح الثقيل أو تسليم النقاط سيُحدد لاحقاً خلال اجتماع مجلس الشورى الخاص بالجيش وبما يتناسب مع مصلحة الثورة([6])، ورفض الجيش (على لسان الرائد جميل الصالح القائد العام لجيش العزة) تسيير دوريات روسية في الجانب المحرر من المنطقة العازلة التي تم التوصل إليها في اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا، وأكد أن جيش العزة لن يقبل بأن تكون المنطقة العازلة من الجانب المحرر فقط وطالب بأن تكون مناصفة بين مناطق الثوار ومناطق النظام، مع التأكيد على رفض قيادة الجيش فتح الطرق الدولية في الشمال السوري (M5-M4) إلا بعد إطلاق سراح المعتقلين من سجون النظام.

تنفيذ الاتفاق: صعوبات مركبة

يعتبر الاتفاق "أفضل سيناريو" في الوقت الحالي بالنسبة لكل من تركيا وروسيا، وعلى الورق لا تشوب الاتفاق لا أي شائبة، لكن تنفيذه لن يكون مهمة سهلة، إذ أنه يجب أخذ عدة نقاط في الاعتبار قبل نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018 من قِبل الجانب التركي والروسي؛ فأبرز تحديان على الجانب التركي يتمثلان في الآتي:

  • لا تخضع مناطق قوى الثورة السورية في إدلب فقط إلى سيطرة الجبهة الوطنية للتحرير، فهناك العديد من الفصائل والتي تم تصنيفها دولياً على أنهم فصائل متطرفة (هيئة تحرير الشام، حراس الدين، أنصار الإسلام، الجهاديين المستقلين الفصائل، خلايا داعش)، وهذا التشرذم والتعقيد بواقع السيطرة في إدلب يصعب من المهمة التركية ويفرض عليها التأني بالتعامل مع الواقع الأمني داخل المحافظة، فأي خلل أمني من الداخل يعتبر أخطر بأضعاف مضاعفة من الخطر الخارجي.
  • حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام تسيطر على 68 وحدة إدارية في محافظة إدلب والمواقع المحيطة بها، مقابل 180 وحدة إدارية مستقل أو تابعة للحكومة المؤقتة([7])، ولكن ما يعزز نفوذ حكومة الإنقاذ هو سيطرتها على الحدود الدولية، المعابر الداخلية مع مناطق سيطرة النظام، بالإضافة إلى سيطرتها على موارد المنطقة الرئيسية، لذا توجب على الجانب التركي بإيجاد صيغة وألية تسحب السيطرة المطلقة من حكومة الإنقاذ كمرحلة أولى، والعمل على تكوين جسم إداري جديد مكونه الأساسي هو من الكوادر المدنية التي لا تتبع لأي جهة دولية.

بينما على الجانب الروسي يعد الاختبار الأثقل هو التحكم في الميليشيات الإيرانية والسيطرة على قرارها؛ حيث عَجِزَت موسكو من تحقيق ذلك في عدة مناسبات سابقها ولعل أبرزها كان في محافظتي حلب ودير الزور، فما الذي يميز هذا الاتفاق؟ وما هي الضمانات الروسية على عدم محاولة الميليشيات بالاستفادة من تحول خطوط الدفاع الأولى في إدلب إلى منطقة عازلة منزوعة أو محدودة السلاح؟ خاصة أن الميليشيات الموالية لإيران تتمركز في مدينة حلب وأريافها، بعض المواقع في ريف حماه الشمالي، وقاعدة جورين في سهل الغاب. ويفيد الجدول أدناه بحجم هذا التواجد في المناطق المحيطة بالمنطقة العازلة وصعوبة ضبطه روسياً.

 

واقع الاتفاق واتجاهاته المحتملة 

لعل ما ميز المرحلة ما بعد إعلان اتفاق إدلب هو إسراع الجانب الروسي إلى تسويق جديته في تطبيق الاتفاق، حيث نشرت عدة وسائل إعلام روسية رسمية خبر انسحاب قوات النظام وعدة ميليشيات من جورين في سهل الغاب، كرناز في حماه الشمالي، وأبو دالي في ريف حلب الجنوبي، وهذا الأمر ليس كما نشره الروس([8])، حيث واجهت الشرطة الروسية عدة صعوبات في التعامل مع قوات النظام والميليشيات ولعل أبرزها كان في قاعدة جورين بسهل الغاب، حيث رفضت قوات الدفاع المحلي الموالية لإيران الانسحاب من مواقعها وكاد أن يصل الوضع إلى الاشتباك المباشر مع الشرطة العسكرية الروسية([9]). وفي نهاية المطاف رضخت روسيا إلى مطلب قوات الدفاع المحلي وأنشأت مركز صغير للشرطة العسكرية داخل القاعدة، طريقة تعامل روسيا مع هذه الحادثة من أهم المؤشرات التي تبرهن عدم قدرة روسيا ضبت الميليشيات الموالية لإيران([10]).

على صعيد الاستهداف العسكري، فلوحظ غياب الطيران الروسي بشكل كامل من بعد توقيع الاتفاق مع انخفاض نسبة الاستهداف الصاروخي من قبل قوات النظام، وغالبا ما يعلل إعلام النظام تلك الضربات بسبب وجود القوات المتطرفة أمثال هيئة تحرير الشام وحراس الدين. وفيما يتعلق بالواقع الأمني داخل مناطق سيطرة قوى الثورة السورية، لم يحدث أي تغير على صعيد الاغتيالات والمفخخات، فسياسية التصفية وإضعاف الهيكلية الأمنية موجودة في مناطق قوى الثورة منذ شهر نيسان/أبريل 2018، لذا لا يمكن ربط حوادث الاغتيالات والمفخخات التي حدثت في النصف الثاني من شهر أيلول/سبتمبر باتفاق المنطقة العازلة في إدلب.

 

ويعد ملف هيئة تحرير الشام وهو الملف الأكثر اختباراً للاتفاق؛ وهو أمر تعاملت معه الهيئة بشديد من الحرص فعلى الرغم من ظهور انقسام داخلي إلا أن الموقف العام اتى على شكل موافقة على الاتفاق على الأقل في الوقت الحالي؛ وتمثل بانسحاب هيئة تحرير الشام من محيط نقاط المراقبة التركية في ريف إدلب الجنوبي وتسليمها لفيلق الشام؛ وصد الهيئة بالتعاون مع الجبهة الوطنية لمحاولة بعض الميلشيات الموالية لإيران من التقدم على جبهة جبل التركمان؛ ومنعت فصيل حراس الدين من أن يقوم بعمل مضاد يستهدف مواقع النظام؛ كما سمحت حكومة الإنقاذ لبعض المنظمات بمعاودة نشاطها في مناطق مختلفة من إدلب، بعدما كانت تحظر أي نشاطٍ لها في إدلب([11]).

وفي هذا الصدد يوضح المطلعون على بنية الهيئة تنامي تيارين داخلها الأولى بقيادة (أبو محمد الجولاني) أمير التنظيم، ويبدي جاهزيته للانخراط في الجبهة الوطنية للتحرير، بينما التيار الثاني يقوده "أبو اليقظان المصري" ويرفض ذلك تماما، ويدفع نحو رفض الاتفاق، ولعل ما يؤكد ذلك هو حملة الاعتقالات التي قام بها الذراع الأمني لهيئة تحرير الشام واعتقلت مقاتلين من الجنسية المصرية من هيئة تحرير الشام دون توضيح سبب الاعتقال. وفي هذا السياق ينبغي التوضيح على أنه هناك ست مجموعات غادرت مع قياداتها إلى جهات أكثر تشدداً مثل حراس الدين وأنصار الإسلام.[12]

وعموماً في حال عملت الهيئة على المستوى الميداني على عرقلة الاتفاق فإنه يرجح إحدى السيناريوهين إما بدء عمل عسكري على هيئة تحرير الشام من قبل تركيا والجبهة الوطنية للتحرير؛ أو اقتناص الروس الفرصة ودعم النظام وحلفائه للدخول إلى إدلب مما يجعل تداعيات هذا الأمر مفتوحة وبالغة الحدية.

 

ختاماً؛ ينبغي التأكيد على أن هذا الاتفاق والذي أقل السيناريوهات ضرراً فإنه يحمل في طياته تحديات بالغة الأهمية تتطلب تعاملاً نوعياً حيالها؛ والبناء على هذا الاتفاق لضمان إعادة تمتين القوة الدفاعية وضبط البنية المحلية أمنياً وإدارياً؛ حيث أن التعاطي مع أن هذا الاتفاق على أنه اتفاق نهائي فإن معطيات الواقع الميداني تدلل على مؤشرات لا تزال قيد الاختبار.

 


 

([1]) سهل الغاب (جورين) – ريف اللاذقية الشمالي – ريف حماه الشمالي – ريف إدلب الجنوبي الشرقي.

([2]) مواصفات مدفعية الـ T-155: https://goo.gl/5UWkS3

([3]) سوريا: ما هي بنود اتفاق إنشاء منطقة منزوعة السلاح بإدلب؟ - BBC - 18 سبتمبر/ أيلول 2018 - https://goo.gl/dPyMh2

([4]) ارتباك في صفوف المعارضة مع اقتراب تطبيق اتفاق إدلب – جريدة الحياة – 1 تشرين الأول - https://goo.gl/TGLUkC

([5]) إدلب.. فيلق الشام ينفي الانسحاب من المنطقة العازلة – العربية - 30 سبتمبر/ أيلول 2018 - https://goo.gl/YVqNfz

([6]) “جيش العزة” يرفض شروط المنطقة العازلة في اتفاق إدلب – عنب بلدي - 30 سبتمبر/ أيلول 2018 - https://goo.gl/bvEcRB

([7]) المعلومات هي نتائج تقرير خاص غير منشور من مسار الإدارة المحلية في مركز عمران قبل نهاية عام 2018

([8]) أجرت وحدة المعلومات بتاريخ 3 تشرين الأول مقابلة مع المتحدث الإعلامي في الجبهة الوطنية للتحرير والذي أكد على أن انسحاب الميليشيات الإيرانية يجري ببطء وليس كما يصرح الإعلام الروسي.

([9]) أجرت وحدة المعلومات بتاريخ 1 تشرين الأول مقابلة مع مصدر خاص مقرب في مناطق النظام بسهل الغاب والذي أكد حدوث خلافات بين الشرطة العسكرية الروسية وقوات الدفاع المحلي الممولة من إيران.

([11])أكد أحد كوادر المجالس المحلية في جبل الزاوية بتاريخ 2 تشرين الأول أن حكومة الإنقاذ سمحت لبعض المنظمات الإغاثية بمعاودة مزاولة نشاطاتها ولكن بشكل مراقب.

 

لم يكد يُعلن نبأ التوصل إلى تفاهم بين أنقرة وموسكو مؤخراً بخصوص محافظة إدلب حتى سادت حالة من الهدوء النسبي في جميع أرجائها. وبعيداً عن النتائج المتمخضة عن هذا الاتفاق في بعديها السياسي والعسكري؛ شكل البعد الإنساني الوجه الأبرز لهذا الاتفاق في تمكنه من الحؤول دون وقوع كارثة إنسانية كانت ستعد الأكبر في تاريخ النزاع الدائر في سورية عبر الأعوام السبع الماضية. بعد أن باتت المحافظة موئلاً أخيراً للنازحين والمهجرين داخلياً ممن ركبوا موجة النزوح لأكثر من مرة إلى أن استقر بهم المطاف في هذه البقعة من الأرض السورية مبتغين الحفاظ على أرواحهم وعائلاتهم بعد أن اختبروا أهوال الحرب وقسوة الحياة في مناطق سيطرة نظام الأسد، وليشكلوا فيها كتلة بشرية يقترب عددها من مليوني شخص.

تعد قضية النازحون في إدلب من القضايا الشائكة ذات البعد الإنساني والاجتماعي والسياسي، وهم الذين تبلغ نسبتهم 41% من السكان الحاليين في المحافظة، ويتوطن نصفهم تقريباً في مخيمات منتشرة على طول الشريط الحدودي مع تركيا يربو عددها على 280 مخيم، وتمثل المخيمات العشوائية القسم الأكبر منها بنسبة تقارب 86%. ولم يعد يخفى على المتابع لمجريات النزاع في سورية الظروف الإنسانية الصعبة التي يقاسيها سكان هذه المخيمات بمختلف جوانبها الصحية والاجتماعية والتعليمية والمعيشية والنفسية التي أفرزت وستفرز العديد من التداعيات السلبية عليهم.

فقد شكلَّ طول أمد وجودهم في هذه المخيمات وأعدادهم المرتفعة والمتزايدة عاملاً أثقل كاهل المنظمات الإغاثية والإنسانية عن تلبية الاحتياجات المتنوعة لهذه الكتلة البشرية الضخمة، إلى جانب غياب أي رؤية مستقبلية لمصيرهم من قبل الجهات الدولية والمحلية. وما سيشكله ذلك من تحدي مستقبلي في توطينهم وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لهم بعد أن أضحت عودتهم إلى مناطقهم الأصلية مثار تخوف وريبة على مصيرهم، بعد أن بسط النظام وحلفائه سيطرتهم عليها وهم في غالبيتهم من المحسوبين على الفئات المعارضة للنظام في شقيها العسكري والسياسي. وليخلق هذا بالتالي أزمة إنسانية كبيرة تتفاقم تبعاتها وتأثيراتها السلبية يوماً بعد يوم على النازحين أنفسهم وعلى السكان المحليين في مناطق نزوحهم. 

يبقى مستقبل النازحون في محافظة إدلب رهناً للاتفاقات الدولية والإقليمية والتي غالباً ما تخضع لتفاهمات بين الفواعل الرئيسية في الملف السوري. لذا فمع استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه ووجود حالة من الاستقرار النسبي في مناطق مخيمات النزوح؛ يبدو من الأهمية بمكان قيام الجهات ذات الصلة بالنظر في مستقبل قضية النازحين وآليات التعاطي معها من مختلف الجوانب، ووضع تصور مستقبلي حول ذلك يتضمن الإجابة على مجموعة من التساؤلات الجوهرية التي باتت تؤرق النازحين فضلاً عن السكان المحليين.

وتدور هذه التساؤلات حول حقهم في العودة إلى مناطقهم الأصلية التي نزحوا منها بعد تعرضهم للتهجير القسري، وما هي الضمانات الأمنية والاجتماعية المقدمة لهم في حال عودتهم. وهل سيتم وضع خطط لإدماج النازحين ضمن مجتمعاتهم المحلية الجديدة وما هي متطلبات ذلك وفرص نجاحه، وإلى أي مدى ستتمكن المنظمات الإنسانية من الاستمرار في توفير الدعم اللازم لهذه الكتلة البشرية من النازحين مع عدم وجود أفق واضح بشأن حل قضيتهم وتضاءل الدعم الإنساني المقدم من قبل الجهات المانحة.

ويبقى التساؤل الذي يطرح نفسه في هذا السياق متمحوراً حول مدى أولوية قضية النازحين في إدلب بالنسبة للدول الضامنة للملف السوري وقيامهم بإدراجها في أي تسوية سياسية قادمة. حيث سترسم الإجابة على هذه التساؤلات وغيرها من التساؤلات الأخرى ذات الصلة صورة أكثر وضوحاً عن مستقبل النازحين، وما يتطلبه ذلك من وضع آليات للتعامل مع هذا الملف الشائك.  

رغم الغموض الذي لا يزال يحيط بمصير محافظة إدلب وعدم حسمه بشكلٍ نهائي، ستبقى قضية النازحين فيها من التحديات الكبيرة في حاضرها ومستقبلها، مع ما يتطلبه ذلك من الإسراع في وضع حلول مستدامة لها وتحديد مصير هذه الكتلة البشرية الضخمة داخل وخارج مخيمات النزوح. والتي يبدوا أن استمرارها بالشكل الحالي لم يعد مقبولاً لا من الناحية الإنسانية ولا من الناحية الأخلاقية، بعد أن تردى الوضع الإنساني فيها إلى مستوى لا يمكن تصوره، ناهيك عن الإفرازات الاجتماعية السلبية ضمن هذه المخيمات والتي تتطلب لحظها من جميع الجهات ذات الصلة والتنبيه إلى تداعياتها السلبية على حاضر ومستقبل السكان أنفسهم وعلى مناطق تواجد هذه المخيمات. وذلك في ظل وجود بيئة أمنية غير مستقرة يمكن أن تسَّهِل من عملية استقطاب الأفراد داخل وخارج هذه المخيمات من قبل بعض التنظيمات التي لا تزال فلولها منتشرة في هذه المناطق مستغلة الظروف المادية القاسية لهم وغياب أفق واضح يحدد مصيرهم. 

 

المصدر السورية نت: https://goo.gl/EC59Tf

لا تغدو انتخابات الإدارة المحلية في سورية والتي أجريت في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد بعد تمديد الدورة الانتخابية للمجالس القائمة منذ انتخابات الإدارة المحلية في ديسمبر 2011 ، لا تغدو هذه الانتخابات خطوة جدية في إعادة تمثيل المحليات على أسس من  مشاركة المجتمعات المحلية في إدارة وحداتها الإدارية، ونقل المزيد من الصلاحيات من المركز إليها  على الاقل وفق ما يتيحه القانون الإداري 107 الصادر في العام2011، بعد إخراجه من أدراج النظام كخطوة شكلية لامتصاص الانفجار الاجتماعي الحاصل، حيث لم يحظى على ما يبدو قبل هذا التاريخ بقبول الأسد منذ أن تمت صياغته من قبل خبراء في القانون الإداري في العام2009 ، رغم أنه لم يحل عقدة المركزية، وصمم صوب اللامركزية ولكن وفق منظور مركزي ، كما أنه وبعد صدوره لم يجد صدى على أرض الواقع إلا في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ، حيث اعتمدت الحكومة السورية المؤقتة القانون وأصدرت لائحته التنفيذية مع الكثير من التشدد بالالتزام بمضامينه مع استثناءات طفيفة تراعي الظرف اللامركزي المفرط الذي أوجدته حالة الحرب والتشظي المجتمعي ورغم تواضع العملية الحوكمية في مناطق المعارضة بشكل كبير نتيجة تغول الكثر من الفصائل على البنى المحلية وعدم اعتماد القانون 107 أو غيره وعدم وجود دليل تنظيمي للكثير من المجالس وضعف المشاركة الشعبية والرقابة المجتمعية،

إلا أن الكثير من مناطق المعارضة شهدت انتخابات محلية راعت الكثير من معايير النزاهة ومثلت قطاعات واسعة من المجتمعات المحلية، واتسمت علاقة الكثير منها بالتوتر مع سلطات الأمر الواقع في مقابل السعي لبناء حوار مجتمعي حقيقي ومشاركة محلية في صنع القرار واعادة الاعتبار للمستويات الإدارية واعتماد اللائحة التنفيذية للقانون 107 بشكل أو بآخر، أما في مناطق النظام فقد صدّرت حالة الحرب نماذج من اللامركزية الغير المحوكمة ، فالفاعل المحلي الفعلي غير معتمد من المركز بل بسلطة الأمر الواقع وانصراف جهد الحكومة المركزية والنظام نحو التعاطي مع متطلبات الحرب، إضافة الى تضخم ظاهرة أمراء الحرب (المليشيات المحلية) الذين كانوا يديرون مصالح المحليات بالشراكة مع مصالحهم،

فيما تجاوزت البنى المحلية المعتمدة رسمياً بنتيجة انتخابات 2011 المركز إلا من باب الأخذ بالعلم في الوقت الذي تتعززت فيه شبكات المصالح بين أمراء الحرب والموظفين السوريين العاملين لدى الجهات المانحة في  سورية كالصليب الأحمر والأوتشا والأكسفام ومن يلتحف بأرديتهم من الشركات الغربية -هروباً من الحظر المفروض على النظام -من جهة والقائمين على الوحدات المحلية من جهة أخرى، في ظل غياب حالة الاستقرار السياسي والسلم الأهلي التي تتيح المزيد من المشاركة في هذه البنى وفي التخطيط للتنمية ولتوفير الخدمة وفي ظل تردي الظرف الأمني واستمرار الانتهاكات التي تعيق عملية المساءلة والرقابة المجتمعيتين.

بالعودة إلى انتخابات الإدارة المحلية الأخيرة ، فلا يمكن بحال توهم تعليل العودة إليها على أنه محاولة لتعريف الحل السياسي في سورية من خلال تحقيق أحد أهم مضامينه وهو التحول إلى نظام لامركزي يعتمد أسس الحوكمة كمدخل أساس لتوطيد مبدأ الدولة الديمقراطية محلياً ، فمن حيث التمثيل أعاد النظام طرح قوالبه التسلطية من خلال طرح ائتلاف الأحزاب الموالية له بلبوس مغاير عن الجبهة الوطنية التقدمية تحت اسم قائمة الوحدة الوطنية وبحصص من المقاعد طاغية على مقاعد المستقلين (70% للقائمة -30 % للمستقلين) بحسب تصريح محمد عزوز القيادي البعثي لصحيفة البعث الرسمية، كما جرى التعاطي سابقاً مع احتمالية ضعف الاقبال على الانتخابات البلدية ، من خلال تعريف وحدات محلية غير معتمدة في القانون الإداري 107 الذي حدد المستويات الإدارية للوحدات الإدارية (مدينة – بلدة –بلدية) بحسب عدد السكان والقانون 1378 الذي صنف الوحدات الإدارية في  سورية بحسب القانون 107، وذلك من خلال منح الشخصية الاعتبارية لعدد من القرى والوحدات الصغيرة، بقصد زيادة عدد المرشحين عنها، كما عمد النظام إلى اعتماد فوز قوائم الوحدة الوطنية بالتزكية في ريف حمص والقامشلي وغيرها بنتيجة انسحاب بعض المستقلين أو توقيفهم( من قبل وحدات حماية الشعب الكردية) يضاف إلى ذلك ايضاً جملة من التجاوزات في المراكز الانتخابية كان الهدف منها التأثير على الناخبين من خلال تحيز بعض اللجان الانتخابية لقوائم حزب البعث وتجاهل استخدام الحبر السري في كثير من المركز مما حدى بكثير من الناخبين إلى تكرار الاقتراع، إضافة إلى الضغط على الموظفين والطلاب للمشاركة في الانتخابات بعد إجرائها في يوم دوام رسمي.

لا تحقق انتخابات الإدارة المحلية بالنسبة للنظام أي شرعية حقيقية لتردد النظام في اعتماد القوانين الإدارية والالتزام بها، ولا تحقق أي مشروعية لضعف المشاركة الشعبية في الاقتراع ولعدم تمثيل المرشحين لما يزيد عن 12 مليون مهجر (بين نازح ولاجئ) ومعتقل، كما أنها لن تفرز مشاركة حقيقية في الرقابة والمساءلة لعمل المجالس "المنتخبة" بسبب غياب الحريات والحياة السياسية والقضاء المستقل ولن يتسم عمل هذه المجالس بالشفافية، لارتباطها بشبكات مصالح لقادة ميليشيات هدف النظام من عملية الانتخابات لمكافأتهم وقوننة وضعهم ضمن الوحدات الإدارية، وما ترشح مقاتلين من مليشيا نسور الزبعة و كتائب البعث والباقر وغيرها إلا أمثلة فاقعة على ذلك، كما يأتي حرص النظام على شكل الانتخابات البلدية في سبيل شرعنة تطبيق قوانينه الاستثنائية (القانون 10، المرسوم 66) التي تستلزم وجود مجالس محلية "منتخبة "، وليكافئ اللجان التنفيذية المؤقتة التي اعتمدها في المناطق التي سيطر عليها مؤخراً بمنحها اعتمادية ومرجعية "منتخبة"، وأيضاً لتحفيز خطى الدول المترددة بدعم مسيرة إعادة الأعمار بإدعاء وجود هيئات لامركزية "منتخبة" قادرة على تقييم الاحتياج من إعادة الإعمار، بما يعني توظيف موارد المحليات ومنحها صلاحيات مرتبطة بإعادة الإعمار في مقابل الاحتفاظ بالسياسة في المركز.

أما بالنسبة للروس فتغدو انتخابات الإدارة المحلية ضمن سياق سياسي متصل يتجاهل كل متطلبات الحوكمة، ويتجه بشكل مباشر نحو هندسة الحل على الطريقة الروسية تحت عنوان ضمني هو إعادة توليد شرعية النظام وتعويمه عبر تجاهل الاسئلة الأساسية المتعلقة بالإصلاح الأمني -المفضي حكماً إلى تغيير النظام- إلى اختزال الحل بمساق الانتخابات (دون توفير مقوماتها من الأمن والسلام المجتمعيين) من أدنى إلى أعلى وقبل ذلك مساق التعديلات الدستورية، وهو ما يفسر عدم حماسة الفاعل الروسي لتهجير الحواضن في المناطق المسيطر عليها بل والسعي إلى إعادتها ضمن لعبة الشرعية المزيفة.

وفيما يتعلق بالفاعل الإيراني فقد وجد هو الآخر نفسه مضطراً إلى دعم الانتخابات كبوابة للعودة للتحكم بالمجتمعات المحلية وادارة أنشطة إعادة الإعمار المنطلقة منها وهو برأيي لن يصادم الفاعل الروسي في مسعاه إلى توظيف العودة من خلال الانتخابات فمساقه تفصيلي مرتبط بصفقات جزئية محلية متعلقة بالنفوذ والتحكم بالأنشطة الاقتصادية وتفاعلات عملية إعادة الإعمار، أما مساق الفاعل الروسي فمرتبط بنظرته الكلية لشكل الحل في  سورية وانعكاس ذلك على مصالحه الكبرى في المنطقة.

ستبقى أزمة النظام مع المشروعية المجتمعية ملازمة لبقائه، وما التجاوزات الفجة التي صبغت الانتخابات المحلية والتحضير لها ومخرجاتها إلا نموذج لتعاطي النظام مع القضايا الإشكالية التي مثلت جذر الصراع في البلاد، بل إن التحول نحو الحوكمة الرشيدة بما تحققه من مشاركة وقوننة ورقابة مجتمعية وشفافية ومساءلة، يناقض جذرياً فلسفة النظام وهو أساس مطالب قطاع كبير من السوريين منذ اندلاع الثورة.

 

 

 

 

 

ملخص تنفيذي

  • تعد قضية النازحين في محافظة إدلب من القضايا الشائكة ذات البعد الإنساني والاجتماعي والسياسي. وهم الذين بلغ عددهم (1.621.077) نسمة وما نسبته 41%، في حين شكلَّ عدد السكان القاطنين في مخيمات النزوح (791.640) نسمة وما نسبته 20% من العدد الكلي لسكان المحافظة.
  • يعاني النازحون من تردي الوضع الإنساني والاجتماعي بشكل كبير وعدم القدرة على تلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم، في ظل تفشي البطالة بشكل مرتفع وانعدام سبل المعيشة لدى نسبة كبيرة منهم ووقوعهم تحت خط الفقر المدقع. أضف إلى ذلك المشكلات المرتبطة بانهيار البنية التحتية والوضع الصحي المتردي وغياب المأوى وارتفاع الأسعار والظروف الأمنية الخطرة التي يعيشون ضمنها.
  • جنَّبَ التفاهم الأخير الذي توصلت إليه روسيا وتركيا بخصوص محافظة إدلب من وقوع كارثة إنسانية كبيرة تعد الأكبر في سياق النزاع السوري عبر الأعوام السبع الماضية، نظراً لكون هذه المحافظة تحتضن في ثناياها العدد الأكبر من المهجرين قسرياً والنازحين داخلياً عبر هذه الأعوام من مختلف بقاع الجغرافيا السورية.
  • تسلط الورقة الضوء على البعد الإنساني في محافظة إدلب، وبشكل أكثر تحديداً التركيز على واقع ومصير النازحين بغية وضع حلول استباقية لما يمكن أن تؤول إليه أوضاعهم وفقاً للتطورات المستقبلية المحتملة لمصير المحافظة.
  • تبقى قضية النازحين في محافظة إدلب من التحديات الكبيرة في حاضرها ومستقبلها، وتتطلب وضع حلول مستدامة لهذه الكتلة البشرية داخل وخارج مخيمات النزوح. إذ أنَّ استمرارها بالشكل الحالي لم يعد مقبولاً لا من الناحية الإنسانية ولا من الناحية الأخلاقية، بعد أن تردى الوضع الإنساني فيها إلى مستوى لا يمكن تصوره، ناهيك عن الإفرازات الاجتماعية السلبية ضمن هذه المخيمات، والتي تتطلب التنبيه من تداعياتها السلبية على حاضر ومستقبل السكان أنفسهم وعلى مناطق تواجدها.

مدخل

تعد قضية النازحين في محافظة إدلب من القضايا الشائكة ذات البعد الإنساني والاجتماعي والسياسي، وهم الذين تبلغ نسبتهم 41% من السكان الحاليين في المحافظة، ويتوطن نصفهم تقريباً في مخيمات منتشرة على طول الشريط الحدودي مع تركيا يربو عددها على 280 مخيم، وتمثل المخيمات العشوائية القسم الأكبر منها بنسبة تقارب 86.4%([1]). في حين تمثل النسبة الباقية مجموعة من المخيمات المخططة ومخيمات الاستقبال والمراكز الجماعية. وعلى امتداد الأعوام الماضية بدأت الكثير من هذه المخيمات تنحو تدريجياً نحو الاستقرار والاستدامة بعد أن تحولت الكثير من الخيم إلى أبنية اسمنتية وتحولت المدن إلى ما يشبه القرى الكبيرة بمسميات أصبحت معروفة من قبل جميع سكان هذه المناطق. أضف إلى ذلك الكثافة السكانية المرتفعة ضمن هذه المخيمات بفئاتها العمرية المتنوعة، ولتشكل مجتمعات جديدة خلقتها ظروف الحرب واضطرار الأهالي للإقامة داخلها.

تعيش محافظة إدلب اليوم حالة من الهدوء النسبي على وقع نتائج الاتفاق الذي جمع كل من أنقرة وموسكو لإنهاء الحراك العسكري عليها. وقد عدً هذا الاتفاق وفقاً للمراقبين بمثابة تسوية سلمية مؤقتة لملف المحافظة يختبر من خلالها بنك الأهداف الأمنية المتفق عليه بين كل من روسيا وإيران وتركيا وفقاً لتفاهمات معينة فيما بينها. ومجنباً بالتالي المحافظة معركة عسكرية كبيرة كانت تهدد في حال وقوعها بكارثة إنسانية يمكن أن تتسبب بأعداد كبيرة من القتلى والجرحى من المقيمين والنازحين، فضلاً عن موجات نزوح جديدة ستعد الأكبر منذ اندلاع النزاع في سورية بداية عام 2011.

وعليه تحاول هذه الورقة قراءة واقع ومصير النازحين داخل محافظة إدلب في ظل المتغيرات العسكرية على الأراضي السورية بعد سيطرة نظام الأسد على الجنوب السوري والغوطة الشرقية التي أدرجت سابقاً ضمن ما يسمى مناطق خفض التصعيد، وما تبع ذلك من عودتها لسيطرة النظام نتيجة للتوافقات بين الفواعل الإقليمين والدوليين ذوي الصلة، وليطرح ذلك تساؤلاً عن مصير محافظة إدلب المندرجة حالياً ضمن مناطق خفض التصعيد. وذلك سعياً لمعرفة أثر التطورات العسكرية المحتملة على مستقبل النازحين فيها، وسط تعقيد وتشابك مصالح اللاعبين الدوليين والإقليمين فيها.

أولاً: النازحون في إدلب ... الواقع والتحديات

لم تهدأ الحملة العسكرية على محافظة إدلب من قبل النظام وحلفائه منذ خروجها عن سيطرته، وشهدت العديد من بلداتها حملات قصف جوي ومدفعي واشتباكات على أطرافها([2]). وبهدف تخفيض حدة التصعيد ووقف إطلاق النار قامت كل من تركيا وروسيا وإيران بالاتفاق على إدراج المحافظة ضمن مناطق خفض التصعيد في اجتماع الاستانة السادس في 15 أيلول من عام 2017. حيث تم تقاسم الأدوار والنفوذ بين هذه الدول لتطبيق ذلك، إلا أن القصور الذي شاب بعض نقاط الاتفاقية وخاصة ما تعلق منه بالملف الأمني، منح الفرصة للنظام والمليشيات الموالية له لاقتحام مناطق جنوب شرق المحافظة في كانون الأول/ديسمبر من عام 2018. ليسيطر على مساحة تقدر بـ 17.5%([3]).  

شهدت المحافظة خلال الأعوام الماضية استقبال موجات كبيرة من النازحين من شتى بقاع الجغرافية السورية بعد تحررها من قبضة النظام السوري، ومشَّكِلة مقصداً اجتذب مئات الآلاف من النازحين إليها فيما بعد، متضمنة حملات التهجير القسري التي اتبعها نظام الأسد على مدار هذه الأعوام لنقل معارضيه من مناطقهم الأصلية لتوطينهم فيها. حيث استقر قسم منهم في مدنها وبلداتها وداخل المخيمات؛ بينما فضَّل البعض الآخر منهم العبور إلى الأراضي التركية. وقد أدى قيام تركيا بإغلاق حدودها في وجه تدفق النازحين إليها مؤخراً إلى ارتفاع الكثافة السكانية فيها بشكل كبير مفاقماً بالتالي من تردي الوضع الإنساني والاجتماعي للسكان، وعدم القدرة على تلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم، في ظل تفشي البطالة بشكل مرتفع وانعدام سبل العيش لدى نسبة كبيرة من النازحين ووقوعهم تحت خط الفقر المدقع، أضف إلى ذلك المشكلات المرتبطة بانهيار البنية التحتية والوضع الصحي المتردي وغياب المأوى وارتفاع الأسعار والظروف الأمنية الخطرة. وليخلق هذا بالتالي أزمة إنسانية كبيرة تتفاقم تبعاتها وتأثيراتها السلبية يوماً بعد يوم على النازحين أنفسهم وعلى السكان المحليين في مناطق نزوحهم.  

وفقاً للعديد من التقارير والإحصاءات الميدانية، بلغ عدد السكان في محافظة إدلب وريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي في شهر آب من عام 2018 ما يقارب من (3.867.663) نسمة. يمثل السكان المقيمين فيها نسبة 58% أي ما يقارب (2.226.736) نسمة، في حين بلغ عدد السكان النازحين (1.621.077) نسمة وما نسبته 41%. كذلك يشكل عدد السكان القاطنين في مخيمات النزوح (791.640) نسمة وما نسبته 20% من العدد الكلي لسكان المحافظة([4]). ويقيمون في المخيمات المنتشرة في مناطق المحافظة القريبة من الحدود التركية، والتي تفتقد غالبيتها لأدنى مقومات العيش الكريم، ويقاسي سكانها مرارة العيش وعوز الحاجة وقسوة الفقر والمرض والجهل. ولتمثل هذه المخيمات الوجه الأبرز لمعاناة النازحين داخلياً، فسكانها هم من النازحين الأشد فقراً ومن بين الفئات الاجتماعية الأشد ضعفاً من النساء وكبار السن والأطفال، والذين يشكلون بمفردهم نصف عدد سكان هذه المخيمات. أضف إلى ذلك أن النسبة الأكبر من هذه المخيمات هي من المخيمات العشوائية التي تشكل نسبة تزيد عن 86% منها كما ذكرنا سابقاً، والتي بناها النازحون بأنفسهم، والتي لا يتم لحظها غالباً من قبل المنظمات الإغاثية نظراً لكثرة عددها وانتشارها العشوائي واكتظاظها الكبير بالسكان مُشَّكِلة مستوطنات واسعة الامتداد يزداد أعداد النازحين فيها يوماً بعد آخر([5]).

لم يعد يخفى على المتابع لمجريات النزاع في سورية الظروف الإنسانية الصعبة التي يقاسيها سكان هذه المخيمات بمختلف جوانبها الصحية والاجتماعية والتعليمية والمعيشية والنفسية التي أفرزت وستفرز العديد من التداعيات السلبية عليهم. فقد شكلَّ طول أمد وجودهم في هذه المخيمات وأعدادهم المرتفعة والمتزايدة عاملاً أثقل كاهل المنظمات الإغاثية والإنسانية عن تلبية الاحتياجات المتنوعة لهذه الكتلة البشرية الضخمة، إلى جانب انتشار حالات الفساد في العديد من هذه المخيمات والعراقيل المرتبطة بإيصال المساعدات إليها مع تنوع الفصائل العسكرية المسيطرة على مناطق هذه المخيمات خلال الأعوام الماضية، وغياب إدارة مركزية موحدة معترف بها للإشراف عليها. أضف إلى ذلك غياب أي رؤية مستقبلية لمصير النازحين داخل وخارج المخيمات من قبل الجهات الدولية والمحلية. وما سيشكله ذلك من تحدي مستقبلي في توطينهم وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لهم بعد أن أضحت عودتهم إلى مناطقهم الأصلية مثار تخوف وريبة من قبل غالبيتهم على مصيرهم، بعد أن بسط النظام وحلفائه سيطرتهم عليها وهم في غالبيتهم من المحسوبين على الفئات المعارضة للنظام في شقيها العسكري والسياسي.

ثانياً: النازحون بين معاناة الحاضر وهواجس المستقبل   

في حين يُنظر إلى التفاهم الذي توصلت إليه كل من أنقرة وموسكو يوم 17 أيلول/سبتمبر الجاري بكونه مجرد اتفاق مرحلي ولا يمكن اعتبار بنوده إلا حلاً مؤقتاً بانتظار التفاهم الجديد أو النهائي بين أنقرة وموسكو([6])، إلا أنه أسهم في تفادي اندلاع معركة كبرى على محافظة إدلب. والتي وصفها الكثير من المراقبين بأنها لو وقعت لكانت من بين أكثر المعارك تأثيراً على الوضع الإنساني في سياق النزاع السوري على مدار الأعوام السبع الماضية، نظراً لما تحمله هذه المعركة من دلالة رمزية لهذه المحافظة التي تحتضن في ثناياها العدد الأكبر من المهجرين قسرياً والنازحين داخلياً عبر هذه الأعوام من مختلف بقاع الجغرافيا السورية([7]). وهم الذين ركبوا موجة النزوح لأكثر من مرة إلى أن استقر بهم المطاف في هذه البقعة من الأرض السورية مبتغين الحفاظ على أرواحهم وعائلاتهم بعد أن اختبروا أهوال الحرب وقسوة الحياة في مناطق سيطرة النظام. لذا فإن تسليط الضوء على واقع ومصير النازحين يعد من الأهمية بمكان بغية وضع تصور لما يمكن أن تؤول إليه أوضاعهم وفقاً للتطورات المستقبلية المحتملة التي يمكن رسمها بناءً على المعطيات المتغيرة المرتبطة بمصير المحافظة.  

على مدار الأعوام الماضية لم يسلم النازحون في محافظة إدلب داخل وخارج مخيمات النزوح من استهداف قوات النظام وحلفاؤه لهم بالقصف الجوي والمدفعي والطائرات المسيرة التي أودت بحياة مئات المدنيين ضمن هذه المخيمات([8]). ولتشكل هذه الهجمات دليلاً إضافياً على المجزرة التي يرتكبها النظام وحلفاؤه بحق المدنيين العزل، على الرغم من النداءات المتكررة التي أطلقتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعدم استهداف هذه المخيمات واحترام الطبيعة المدنية والإنسانية لسكانها. لذا كان هناك تخوفاً من سكان هذه المخيمات فيما لو تمكنت قوات النظام من دخول المحافظة لكانت التكلفة مرتفعة للغاية على المستوى الإنساني، لأنها لن تتوانى عن استعمال سياسة الأرض المحروقة كما فعلت في مناطق أخرى سابقاً. وستعمد إلى استهداف هذه المخيمات، سيما وأنها تعد الحاضنة الشعبية للكثير من المعارضين للنظام السوري. من خلال قيامها بحملات اعتقال واسعة وملاحقات أمنية ضمنها وزج الذكور المتواجدين داخلها للالتحاق بها، وغيرها من الممارسات اللاإنسانية.

وأشارت المعطيات الواردة من داخل هذه المخيمات إلى وجود حالة من الترقب والتخوف الكبير لدى السكان مع اقتراب قوات النظام والمليشيات المساندة له من المحافظة للسيطرة عليها. مما كان سيفرض على النسبة الأكبر من النازحين والقاطنين في هذه المخيمات ركوب موجة نزوح جديدة، يشاركهم فيها السكان المقيمين الذين سيشكلون كتلة جديدة من النازحين. إلا أن هذه الموجة لو حصلت لكانت أصعب من سابقاتها على النازحين القدامى الذين عانى الكثير منهم من تجربة النزوح لأكثر من مرة نظراً لانعدام مقاصد النزوح المتاحة أمامهم وانسداد أفق الحركة لديهم باتجاهاتها المختلفة، وما سيحمله ذلك من مخاطر عليهم في حال تم المجازفة بالتوجه إليها. وفيما يلي توضيح لأبرز هذه الاتجاهات المحتملة:  

1.   التوجه نحو منطقتي درع الفرات وعفرين

تعد منطقة درع الفرات وعفرين من بين الوجهات الأهم التي كان من المتوقع أن يقصدها العدد الأكبر من النازحين. لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد، إلى أي مدى ستكون هذه المناطق قادرة على استقبال هذه الموجات الكبيرة من النازحين داخل وخارج المخيمات والتي تقدر بأكثر من مليوني نازح كما يبين الشكل. وهي المناطق التي كانت مقصداً للنازحين بعد وقوعها تحت إشراف الجانب التركي منذ عام 2016، واحتوائها على العديد من النازحين داخل وخارج المخيمات الذين يتجاوز عددهم 400000 نازح تقريباً. ناهيك عن ظروفها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تحتاج الكثير من الوقت والجهد والكلفة المادية لتحسينها من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والأمني لسكانها بعد تحريرها من تنظيم داعش وتنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD). أضف إلى ذلك أن استقبال هذه الموجة الكبيرة من النازحين سيفاقم من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية للسكان والنازحين الموجودين داخلها. ناهيك عن وجود توجه لدى الحكومة التركية لتسهيل عودة اللاجئين السوريين لديها إلى هذه المناطق. لذا فإن هذه الموجة الكبيرة من النازحين كانت ستتسبب في أزمة إنسانية كبيرة من حيث عدم القدرة على تأمين المأوى والمستلزمات الأساسية لهذا العدد الكبير منهم وهم في غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن([9]).

 

الشكل رقم 1: يبين أعداد النازحين في محافظة إدلب ومقاصد النزوح المحتملة

المصدر: صُممت الخريطة بواسطة مركز عمران وتم الاستناد على الأرقام الصادرة عن منسقو الاستجابة في الشمال السوري.

 

 2.   التوجه نحو دخول الأراضي التركية

تعد محافظة إدلب إحدى المناطق الحيوية الهامة لتركيا لتوضعها على حدودها، وتفرض أنقرة في الوقت الحاضر إجراءات مشددة للدخول إلى أراضيها على جانب حدودها مع سورية، وهي التي تستضيف ما يقارب من أربعة ملايين لاجئ سوري لديها وفق الأرقام غير الرسمية. مما يجعل من احتمالية عبور هذا العدد الكبير من النازحين إلى الأراضي التركية أمراً مستبعداً في الوقت الحاضر بناءً على المعطيات الحالية في تركيا لعدم استقبال المزيد من اللاجئين السوريين. في وقت تتعرض فيه الحكومة التركية لضغوط داخلية وأوروبية للحد من تدفق اللاجئين اليها، ومعاناة أنقرة من تحديات اقتصادية هي الأكبر على الاطلاق منذ تولي حزب العدالة والتنمية السلطة في عام 2002([10]). إلى جانب وجود تخوف لدى أنقرة من أن يتم ممارسة ضغوط عليها لفتح حدودها أمام النازحين استجابة للحالة الإنسانية التي ستحدث على حدودها لو تم اندلاع هذه المعركة. ومن جانب آخر فإن توجه النازحين للخروج من سورية يتعارض مع جهود موسكو التي تسعى جاهدة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم من دول الجوار، والذي قد يمثلَّ أحد عوامل التوافق بين البلدين لوقف هذه المعركة. لذا تسعى أنقرة جاهدة لمنع انفجار موجة نزوح وتهجير جديدة لسكان هذه المحافظة.

3.   التوجه نحو مناطق نظام الأسد

قبيل توجه قواته إلى محافظة إدلب، بدأ النظام يروج لفكرة المصالحات والممرات الإنسانية ومراكز إيواء النازحين، وهو نفس السيناريو الذي عمل عليه سابقاً في الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي ودرعا تحت إشراف روسيا. ومع استمرار زخم قدوم معركة إدلب بدأت آلة إعلام النظام تروج لقيامه بتجهيز مراكز إيواء لاستقبال النازحين من محافظة إدلب في حال توجههم إلى مناطقه عبر فتح الممرات الإنسانية([11]). وهو الطرح الذي تبناه مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا مؤخراً، من أجل إجلاء السكان المدنيين قبيل هجوم وشيك يعد له النظام وحلفاؤه([12]). ولا تختلف تصريحات المبعوث الدولي كثيراً عن روسيا وافتتاحها ما يسمى "المعبر الإنساني في أبو الظهور" وهو مشاركة حقيقية في عمليات التهجير القسري التي تمارسها روسيا وقوات النظام في مختلف أرجاء سورية. إلا أن هذا الطرح لم يلقَ قبولاً لدى نسبة كبيرة من السكان المقيمين والنازحين، لعدم ثقتهم بمصيرهم ضمن هذه المراكز التي تعد أشبه بمراكز أو معسكرات اعتقال كبيرة، وتخوفهم من ردود فعل انتقامية من مقاتلي ومؤيدي النظام السوري. هذه الحقيقة التي تجسدت بشكل حقيقي في مراكز الإيواء التي أقامها النظام للنازحين من الغوطة الشرقية والتي تحولت لمراكز اعتقال للنازحين داخلها بعد أن فرض النظام عليها حصاراً مطبقاً مانعاً الدخول والخروج إليها إلا بموافقات رسمية من قبله وبعد أن جرَّدَ الداخلين إليها من بطاقاتهم الشخصية بهدف إجراء عملية التدقيق الأمني عليها. إلى جانب كون هذه المراكز غير مهيأة لاستقبال المدنيين بسبب نقص التجهيزات والمستلزمات المعيشية ضمنها التي لا تفي والأعداد الكبيرة للمقيمين داخلها([13]). ومن جانب آخر فإن مصير العديد من الشباب ممن هم في سن الخدمة العسكرية ضمن هذه المراكز يبقى مجهولاً في ظل وجود إشاعات تفيد بقيام النظام بتجنيدهم إجبارياً ضمن قواته أو اعتقالهم في فروعه الأمنية([14]).   

يبقى مستقبل النازحون داخل وخارج مخيمات النزوح في محافظة إدلب رهناً للاتفاقات الدولية والإقليمية والتي غالباً ما تخضع لتفاهمات بين الفواعل الرئيسية في الملف السوري. وقد أرسى التفاهم الروسي التركي الأخير حول مصير المحافظة جواً من الاستقرار النسبي للسكان في مرحلته الأولى. وما سيتبع ذلك من مراحل قادمة ستعمل فيها أنقرة على التفرغ لضبط المحافظة أمنياً وعسكرياً، في حين من المتوقع أن يكون هناك ترتيبات وتوافقات مع الفواعل المحلية لكيفية إدارة المحافظة على غرار ما هو حاصل في منطقة درع الفرات. أو قد يتم الاتفاق على سيناريو يتضمن عودة مؤسسات الدولة السورية لتقلد الجانب الإداري في هذه المحافظة وبقاء الجانب الأمني بيد أنقرة وفقاً لصيغ إدارة مشتركة بين الجانبين.    

لذا فمع استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه في محافظة إدلب ووجود حالة من الاستقرار النسبي في مناطق مخيمات النزوح، يبدو من الأهمية بمكان قيام الجهات ذات الصلة بالنظر في مستقبل هذه المخيمات وآليات التعاطي معها من مختلف الجوانب. وهذا الدور يقع جزء كبير منه على الحكومة التركية لوضع تصور مستقبلي حول ذلك بالتعاون ما بين الأطراف الدولية والمحلية ذات الصلة. ومن المفترض أن يتضمن هذا التصور جملة من التساؤلات حيال النازحين داخل وخارج المخيمات، والتي يمكن حصرها بما يلي:

  • هل سيتم وضع خطط لإدماج سكان هذه المخيمات ضمن مجتمعاتهم المحلية الجديدة وما هي متطلبات ذلك وفرص نجاحه؟
  • ماذا عن حق النازحين في العودة إلى مناطقهم الأصلية التي نزحوا منها بعد تعرضهم للتهجير القسري، وهل سيتم تقديم الضمانات الأمنية والاجتماعية لهم في حال عودتهم إليها؟
  • إلى أي مدى ستتمكن الجهات الداعمة من توفير الدعم اللازم لهذه الكتلة البشرية من النازحين مع عدم وجود أفق واضح بشأن حل قضيتهم؟
  • هل سيتم لحظهم في أي تسوية سياسية قادمة بين الدول الضامنة للملف السوري؟

سترسم الإجابة على هذه التساؤلات وغيرها من التساؤلات الأخرى ذات الصلة صورة أكثر وضوحاً عن مستقبل النازحين داخل وخارج المخيمات، وما يتطلبه ذلك من وضع آليات للتعامل مع هذا الملف الشائك.   

خاتمة

مع التوصل إلى تفاهم أولي بين أنقرة وموسكو على محافظة إدلب، يؤجل فصل جديد من فصول المأساة الإنسانية على بقعة جغرافية أخرى من الأرض السورية، إلا أن هذا الفصل كان من المتوقع أن يكون الأكثر إيلاماً في حال وقوعه مخلفاً أزمة إنسانية غير مسبوقة، نظراً لتكدس ما يقارب من أربعة ملايين نسمة في هذه البقعة الجغرافية الصغيرة التي تعد آخر معاقل المعارضة السورية. غير أن الوجه الأكثر إيلاماً في هذه الأزمة هم الأفراد النازحين داخل وخارج المخيمات، وهم من الفئات الاجتماعية الهشة من النساء والأطفال وكبار السن الذي اضطرتهم ظروف الحرب عبر الأعوام الماضية للنزوح من مدنهم وقراهم من مختلف بقاع الجغرافية السورية قاصدين هذه البقعة هرباً من بطش الآلة العسكرية للنظام وحلفائه.

لذا فإن التحديات الإنسانية كانت ستمثل الوجه الأبرز لهذه المعركة في حال وقوعها، وهو ما يفرض على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تحمل مسؤولياتهم اتجاه النازحين، وقيامهم بوضع الخطط الإغاثية للتخفيف من حجم المعاناة الإنسانية لهم. مع ما يتطلبه ذلك من فاعلية مدنية تعمل على تحييد المدنيين بوجود قوات فصل أو منظمات دولية لحمايتهم، أو بالدفع باتجاه تشكيل مناطق محايدة منزوعة السلاح يشرف عليها – أمنياً وإدارياً – فعاليات محلية للتخفيف من حدة موجات النزوح الداخلي للسكان المدنيين باتجاه مناطق بعيدة في حال اندلاع أي مواجهات عسكرية، والعمل على تأمين مستلزماتهم المعيشية بالتعاون والتنسيق مع المنظمات الإغاثية.      

رغم الغموض الذي لا يزال يحيط بمصير محافظة إدلب وعدم حسمه بشكلٍ نهائي، ستبقى قضية النازحين فيها من التحديات الكبيرة في حاضرها ومستقبلها، مع ما يتطلبه ذلك من الإسراع في وضع حلول مستدامة لهذه القضية وتحديد مصير هذه الكتلة البشرية الضخمة داخل وخارج مخيمات النزوح. والتي يبدوا أن استمرارها بالشكل الحالي لم يعد مقبولاً لا من الناحية الإنسانية ولا من الناحية الأخلاقية، بعد أن تردى الوضع الإنساني فيها إلى مستوى لا يمكن تصوره، ناهيك عن الإفرازات الاجتماعية السلبية ضمن هذه المخيمات والتي تتطلب لحظها من جميع الجهات ذات الصلة والتنبيه إلى تداعياتها السلبية على حاضر ومستقبل السكان أنفسهم وعلى مناطق تواجد هذه المخيمات. وذلك في ظل وجود بيئة أمنية غير مستقرة يمكن أن تسَّهِل من عملية استقطاب الأفراد داخل وخارج هذه المخيمات من قبل بعض التنظيمات التي لا تزال فلولها منتشرة في هذه المناطق مستغلة الظروف المادية القاسية لهم وغياب أفق واضح يحدد مصيرهم. 


([1]) Humanitarian Response,  CCCM Cluster: IDP Sites Integrated Monitoring Matrix (ISIMM), July, 2018: https://goo.gl/LukmBf

([2])  تقع محافظة إدلب في أقصى الشمال الغربي لسورية المحاذي للحدود التركية، وتحيط بها محافظة حلب شرقاً ومن الجنوب محافظة حماة ومحافظة اللاذقية من الغرب. وتبلغ مساحة المحافظة 6100 كم2، وتقسم المحافظة إلى خمس مناطق إدارية وهي مركز المحافظة (مدينة إدلب)، ومعرة النعمان، وجسر الشغور، وأريحا وحارم. وبلغ عدد سكان المحافظة عند تاريخ 31-12-2010 (2.071) مليون نسمة بحسب سجلات الأحوال المدنية. وقدر عدد السكان المقيمين بنحو (1.535) مليون نسمة. وكانت محافظة إدلب من أولى المحافظات التي شهدت مظاهرات ضد حكومة نظام الأسد وخرجت عن سيطرتها في آذار من عام 2015.

([3])  عمار قحف، فرص الاحتواء والسيطرة على إدلب في مسارات الأزمة السورية، 24-05-2018، مركز الجزيرة للدراسات. م

([4])  منسقو الاستجابة في شمال سورية، 12-08-2018.

([5])  أوضاع معيشية مأساوية للنازحين في إدلب، موقع ديارنا، 10-09-2018: https://goo.gl/LG6ARL

([6])  قراءة ميدانية في التفاهم الروسي – التركي: هدنة بانتظار حل، جريدة الشرق الأوسط، 22-09-2018: https://goo.gl/awzWWa

([7])  التكلفة الإنسانية للهجوم على إدلب.. هل تدخل في الحساب؟، هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية، 31-08-2018: https://goo.gl/kncCEt

([8])  قصف يوقع مجزرة في مخيم للنازحين جنوبي إدلب، جريدة عنب بلدي، 20-03-2018: https://goo.gl/i2tzie

([9])  يونيسف: الهجوم على إدلب يضع مليون طفل سوري في خطر، وكالة رويترز للأنباء، 31-08-2018: https://goo.gl/nPiBcG

([10]) علي باكير، لماذا تعارض تركيا عملية إدلب؟، 06-09-2018، جريدة القبس الإلكتروني: https://goo.gl/U92icU

([11])  ساعات ما قبل معركة إدلب... افتتاح معبر أبو الضهور يوم الخميس لخروج المدنيين، وكالة سبوتنيك، 15-08-2018: https://goo.gl/AvWoBx

([12])  دي مستورا يعرض الذهاب إلى إدلب لتأمين ممر إنساني، جريدة الحياة، 30-08-2018: https://goo.gl/LvgLHM

([13])  الأمم المتحدة: "وضع مأسوي" في مراكز إيواء نازحي الغوطة الشرقية، إذاعة مونت كارلو الدولية، 21-03-2018، https://goo.gl/d9Hiuw  

([14]) مراكز إيواء نازحي الغوطة .. “احتجاز مؤقت، جريدة عنب بلدي، 28-03-2018: https://goo.gl/Fsc3sj

التقديم

بعد سبعة أعوام من الصراع بين الشعب والكتلة الحاكمة، تمر سورية اليوم في مخاض عسير وتحول في بُنية الصراع يتقلص فيها بشكل كبير دور وفعالية العنصر المحلي لقاء نفوذ دولي مباشر. فقد تلاشى لدرجة كبيرة دور الفصائل المسلحة المعارضة مقابل تزايد مباشر في النفوذ الدولي عسكرياً وإدارياً وسياسياً. كما تمر هذه القوى المسلحة في مرحلة صراع للبقاء أو الاندماج تحت وصاية دولية مباشرة، بعد أن كانت تستلم الدعم من غرفتي العمليات الشمالية أو الجنوبية. وتتم هذه العملية بعد سلسلة اجتماعات الأستانة وسوتشي بعد أن تم سابقاً تدجين القوى السياسية في الأجسام الرسمية لتقوم بوظائف وأدوار محددة خاصة لدول ذات نفوذ مباشر عليها. وفي الوقت نفسه فإن النفوذ الروسي المباشر تغوَّل سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإدارياً وبالتالي تم إنهاء مفهوم الإطار الموحد لـ"منصة النظام" مقابل "منصة المعارضة" وفق مفهوم جنيف 2 عبر خلق منصات عديدة في طرفي المعارضة والنظام وقوات سوريا الديمقراطية. في الوقت ذاته تم دمج مناطق النفوذ والسيطرة الميدانية لتصل في 2018 إلى مناطق شمال وشمال غرب تحت سيطرة تركية، وشمال شرق تحت سيطرة أمريكا وقوات سوريا الديمقراطية، وجنوب غرب سورية تحت نفوذ أمريكا والأردن مع السماح لإسرائيل بضرب أي مواقع تراها مهددة. أي إنه تم إنهاء مناطق الحصار والتجمعات المعارضة. وبالتالي فإن المشهد بات أكثر وضوحاً من حيث النفوذ الدولي والإقليمي، إذ لا تزال تستمر عمليات ضبط ودمج المجموعات المسلحة المعارضة والموالية.

تتسم هذه المرحلة الجديدة بالصفقات الجزئية والمركبة على نتائج بعضها بعضاً، وبأن الترتيبات بين الدول الفاعلة باتت تتبع سياسة "خطوة خطوة". كما أن إطار "محاربة الإرهاب" الذي كان مبرِراً لدخول هذه الدول لم يعد هو الإطار المبرر لبقاء واستمرار نفوذ هذه الدول. فباتت الولايات المتحدة ترتكز أكثر فأكثر إلى "الخطر الإيراني"، وباتت تركيا ترتكز إلى "محاربة حزب العمال الكردستاني" وتأمين الحدود، وباتت إسرائيل تبرر تدخلها بحماية حدودها من "الخطر الإيراني" ومنع نقل الأسلحة والمقاتلين تجاه حدودها، وبات الأردن أيضاً مهتماً بحماية كيانه من "الهلال الشيعي".

في ضوء هذا المشهد الجديد، تناقش أوراق هذا الكتاب محاور عدة، ترتبط بشكل سورية الحالي من الناحية الحوكمية وكيف تتقارب التجارب الميدانية في مختلف مناطق النفوذ أو تتباعد عن مفاهيم المركزيَّة واللامركزيَّة بأنواعها وأطيافها المختلفة عمودياً وأفقياً. ويحاول الباحثون في هذا الكتاب أولاً، توضيح مفاهيم اللامركزيَّة وأشكال اللامركزيَّة وكذلك تطبيقاتها في بلدان خرجت من النزاعات، وكيف كان الاتفاق على شكل الحوكمة مهماً في ضمان وحدة الأراضي وكذلك في دفع الملف التفاوضي إلى مرحلة أكثر التصاقاً بالواقع الجديد. ثم يعرج الباحثون على توصيف وتحليل اللامركزيَّة من حيث الوظائف السياسية والأمنية والمالية والتنموية، وكذلك مراجعة الأسس الدستورية والقانونية للامركزيَّة الإدارية والسياسية في سورية. ثم يستعرض الباحثون تجربة وتطبيقات الحوكمة بعد 2011 في مناطق سيطرة النظام ومناطق المعارضة وكذلك مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية. ويستعرض الباحثون في ثنايا أوراقهم تجارب العراق ولبنان وتجارب دول أخرى خرجت من النزاع وكيف تم فيها التفاوض على صلاحيات المركز مقابل صلاحيات الوحدات الإدارية المحلية.

ينطلق هذا الكتاب من ضرورة استعادة الشرعية التي فُقدت لدى الأطراف كافة، عبر تنظيم أدوات الحكم المحلي المرتكزة إلى تجربة المجالس المحلية التي لم تجنح إلى الفدرالية المفرطة ولا إلى المركزيَّة المستبدة وإنما خطت طريقاً يزيد من قوة البُنى المحلية ويرسم حدوداً لصلاحيات المركز تعتمد على منح الصلاحيات وليس التفويض الذي يخضع لسيطرة الدولة المركزيَّة. ولا يخفى في هذه المرحلة ضرورة العمل بالتوازي على تقوية المركز مع ضمان وتثبيت مكتسبات المجالس المحلية عبر نصوص دستورية ضامنة وقانون جديد للحكم المحلي. كما تنطلق الورقة من ضرورة الانتقال من اختزال عملية التفاوض مركزياً على العملية الدستورية وتنظيم انتخابات، أي مفاوضات على السلطة المركزيَّة إلى تفاوض على الحكم وتقاسم وظائف الحكم محلياً. وتختلف أوراق الكتاب الذي أسهم بها عدد من الباحثين في مقاربتها ولكنها تتفق على ضرورة تطوير نموذج لامركزي سوري يبتعد عن ثنائية اللامركزيَّة السياسية / اللامركزيَّة الإدارية أو الفدرالية / المركزيَّة، وينطلق نحو تقاسم في الصلاحيات والوظائف وبالتالي الانتقال من الإدارة المحلية إلى الحكم المحلي. ولا شك أن هذا يتطلب مزيداً من التطوير والنقاش ولكن نضع هذا العمل ليكون بداية في حوار سوري مجتمعي عن الشكل الأقرب لطبيعة سورية الذي بات أكثر محلية من أي عهد مضى خاصة بعد سنوات من اللامركزيَّة الطبيعية.

الملخَّص التنفيذي

يوضح مبحث التأصيل المفاهيمي للامركزيَّة اختلاف الدول فيما بينها في اختيار أساليب ممارستها لنشاطها الإداري، ويتأثر الأسلوب الذي تنتهجه الدول في تنظيمها الإداري بظروفها السياسية والاجتماعية، ودرجة تأهيل النُظم الديمقراطية فيها، كما تظهر الحاجة إلى التحول نحو النظام اللامركزي من خلال عوامل عدَّة متعلقة بطبيعة الدولة وحجمها ودرجة استقرارها السياسي، حيث تصبح اللامركزيَّة ضرورة لبعض الدول من خلال فكرتها الجوهرية التي تقوم على توزيع السلطة وأدوات الحكم بين الحكومة المركزيَّة والإدارات المحلية، ويؤكد هذا التأصيل أن التحولَ إلى النظام اللامركزي بشكل كامل، أمرٌ محفوفٌ بالمخاطر بالنسبة لعدد كبير من الحكومات، بالرغم من أن هذا النظام يحمل حلاً للجزء الأكبر من مشكلات الدول النامية كالدول العربية مثلاً، وعلى رأس تلك المشاكل: توسيع قاعدة المشاركة السياسية والاقتصادية للمواطنين. ولكن في ظل التنوع الإثني والطائفي والطبيعة المركبة للدول يصبح تطبيق اللامركزيَّة بشكل كامل مهدِداً لوحدة الدولة.

 تتخذ الوظيفة السياسة وفقاً للمبحث الثاني أشكالاً عدَّة، تظهر في أعلى درجات ممارستها في اللامركزيَّة السياسية الكلية (الفيدرالية)، حيث تمارس الولايات والأقاليم من خلال دساتير خاصة سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية، وتؤثر في سياسة الحكومة الاتحادية عبر سلطة الرقابة السياسية، ومن خلال ممثليها في المجالس التشريعية، بينما تُمارس الحكومة المحلية أدواراً محددة من هذه الوظيفة في ظل اللامركزيَّة السياسية الجزئية في إطار الصلاحيات الممنوحة لها دستورياً، وتتجلى في صنع السياسة المحلية ووضع القواعد والتشريعات المحلية دون أن تتعارض مع التشريعات الفيدرالية. في حين تنخفض درجة ممارسة الوظيفة السياسية في اللامركزيَّة الإدارية التي ينحصر اختصاصها بالجانب الإداري والتنفيذي دون أن تعطى أي سلطات تشريعية أو وظائف قضائية، فهي تخضع للنظام الإداري للدولة والقانون الإداري الذي تفرضه من خلال تبعيتها ومراقبتها للإدارة المركزيَّة في العاصمة. تنعدم الوظيفة السياسية أحياناً أخرى وخاصةً في ظل اللامركزيَّة الإدارية الجزئية.

تتطلب ممارسة الوظيفة القضائية ضمن نُظُم اللامركزيَّة وفقاً للمبحث الثالث إصلاحات في القضاء السوري، كإعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى، وإبعاد السلطة التنفيذية عن أي تشكيل قضائي، وإبطال القوانين المتغوِّلة على الحقوق والحريات العامة عبر استبدال الرقابة السياسية برقابة قضائية وتفعيل رقابة الدفع والرقابة المحلية، أما الوظيفة الدستورية فتؤكد عملية تقييم الدستور السوري الحالي كشكل وموضوع على أن المركزيَّة شديدة التمظهر وتتيح لسلطة الرئاسة (ذات الصلاحيات الواسعة دستورياً) التغول على باقي السلطات، وينبغي العمل على تطبيق مبدأ فصل السلطات وتوزيعها إلى ثلاث هيئات مستقلة وخلق توازن وتعاون بينها. أما فيما يتعلق بالوظيفة التشريعية في سورية، فقد بين هذا المبحث أن الدستور قد أناطها بمجلس الشعب وبرئيس الجمهورية بشكل أوسع، مُحولاً وظيفة المجلس من صناعة القانون إلى التصديق على قوانين الرئاسة، وهذا الأمر يتطلب تأطير السلطة التشريعية وإلغاء الصلاحيات الواسعة للرئاسة، والتخفيف من مركزيَّة التشريع والبرلمان. وينبغي الانزياح باتجاه شكل ما من اللامركزيَّة يجعل وظيفة التشريع في المستقبل مقسمة بين البرلمان (اختصاصه حصري) والسلطة التنفيذية بما فيها (واختصاصها مطلق) في كل ما لم يرد عليه نص.

يؤكد المبحث الرابع خلال دارسته للوظيفة الأمنية في النظم اللامركزيَّة على أنه في خِضَم تفاعلات الدول التي خرجت من صراعات أو ما تزال تشهدها، فإنه يُعد لزاماً أن تتم عمليات إعادة الضبط المفاهيمي لوظيفة الأمن الوطني وتطبيقاته وآليات تنفيذه وحوكمته ومستويات توزيع الوظائف الأمنية. وأكدت على أن تصميم نموذج "توازع الصلاحيات الأمنية" في الدول ذات النظم اللامركزيَّة (وفقاً لدروس الدول المستقرة وغير المستقرة)، وإن بدا أكثر اتساقاً ونجاعة من جهة تكاثف الجهود المحلية (المدنية والحكومية) في عملية صيانة الأمن، إلا أنه يرتبط عضوياً بعدة ضرورات، يشكل البُعد الوطني أهمها. وفي إطار البحث عن تلمس ملامح الأطر الناظمة للنموذج الأمني السوري وفق صيغ اللامركزيَّة فإنه يمكن تحديدها من خلال إحداث أجهزة مستقلة ذات قوة معلوماتية فقط (باستثناء قوى الشرطة ومكافحة الإرهاب)، واضحة التخصص الوظيفي والمكاني، والعمل على منح المحليات السورية الصلاحيات الأمنية المتعلقة بأعمال الشرطة والأمن المحلي، وإحداث هيئات محلية لصياغات المهددات الأمنية ورفعها للجهاز الأمني العام.

يبرز المبحث الخامس جدلية العلاقة بين اللامركزيَّة ودورها في التنمية المحلية في الدول الخارجة من النزاعات والتي تعد كأحد أهم المحددات في تبني اللامركزيَّة من عدمه في هذه الدول، ففي حين حققت بعض هذه الدول معدلات تنمية اقتصادية واجتماعية مقبولة بعد تبنيها للامركزيَّة، لم تفلح دول أخرى في تحقيق هذا النجاح، وقد يكون هذا عائداً لعوامل مرتبطة بعملية التنمية المحلية لكل دولة على حدة، وشكل اللامركزيَّة الذي تم تبنيه من قبلها. وفي إطار الحالة السورية، أكد المبحث على أن البلد قد عانى خلال العقود الماضية من غياب نموذج تنموي واضح المعالم مما أفضى إلى حدوث اختلالات تنموية كبرى على مستوى الدولة، والتي بدت أكثر وضوحاً في التفاوت التنموي بين المحافظات السورية. لذا فإن تبني نموذج اللامركزيَّة الإدارية في هذا البلد سيعمل على التخفيف من حدَّة هذا التفاوت من خلال قدرته على تفعيل المشاركة الفعلية والحقيقية للمجتمعات المحلية في عملية التنمية المحلية.

يؤكد المبحث السادس الذي يتناول اللامركزيَّة المالية على أن نجاح تطبيق نظام الحكم اللامركزي في الدول الخارجة من النزاعات يعتمد في جزء كبير منه على مدى قدرة هذه الدول على إرساء الأطر الناظمة للامركزيَّة المالية والمتعلقة بآليات جمع وتوزيع وإنفاق الموارد المالية بمختلف مستوياتها الحكومية والإدارية. وكذلك القيام بإصلاحات جوهرية في السياسات المالية بشكل عام وفي مجال سياسات الإنفاق بشكل خاص. وخلص المبحث إلى أن نموذج تخصيص الموارد المالية للوحدات الإدارية في الموازنة العامة للدولة في سورية شابهُ الكثير من القصور خلال العقود الماضية، وبالتالي أصبح لازماً منح هذه الوحدات قدراً أكبر من الاستقلالية المالية والعمل على وضع محددات نجاح اللامركزيَّة المالية لديها لتلبية متطلباتها التنموية وإسهامها الفاعل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لمناطقها.

يفصّل المبحث السابع في واقع الإدارة المحلية في مناطق سيطرة النظام المركزيَّة، مبيناً وفق المؤشرات غلبة المركزيَّة كسمة لمنظومة الإدارة المحلية في مناطق سيطرة النظام، وتنامي تأثير حزب البعث على هذه المنظومة، كذلك لوحظ أثرٌ متزايد للقوى المحلية المدعومة إيرانياً في عمل بعض وحدات الإدارة المحلية. وأكد هذا المبحث أن الأزمات الخدمية في مناطق وحدات الإدارة المحلية تدلل على افتقادها التمويل والآليات والكوادر الكافية، مما يضطرها للاعتماد على المركز في تسيير شؤونها، كما أوضح عدم إيلاء النظام أهمية لملف اللامركزيَّة الذي يتعارض مع رغبته في توكيد سيطرته المركزيَّة، إلا أنه يخضعه لتوظيف سياسي، وهو ما يبرز باستخدامه كورقة تفاوضية في العلاقة مع المجتمع الدولي وبالأخص الأوروبيين، كذلك بإعادة النظر بالتقسيمات الإدارية لقطع الطريق على المعارضة في الانتخابات المحلية والتشريعية المقبلة، إضافة إلى توظيفها لمكافأة مواليه.

وفي السياق ذاته ركز المبحث الثامن على الواقع الحوكمي في مناطق سيطرة المعارضة السورية متوصلاً لعدة نتائج أهمها أن تجربة المجالس المحلية قد شهدت تحولات على صعيد بنيتها وآليات تشكيلها ووظائفها، إذ استقرت هياكلها التنظيمية واعتمدت بشكل متنامٍ على الانتخابات في تشكيلها، كما تمكنت من ترسيخ دورها الخدمي مقارنة بدورها في ملف الأمن المحلي وكذلك السياسي، كما شكل الملف المالي أحد أبرز تحديات المجالس المحلية، إذ تواجه عجزاً مالياً متنامياً يفسر بطبيعة الإيرادات والنفقات، كذلك بافتقادها إلى نظام مالي وتشريعات قانونية ناظمة لموازناتها المحلية. وأوضح المبحث أن طول أمد الصراع وتحول طبيعته والدفع باتجاه مقاربات التعايش والبقاء للنظام قد أفضى إلى تحفيز التنافس بين القوى المحلية والتي كانت المجالس أحد أبرز ساحات تجلياتها لقيمتها السياسية وما تمنحه من شرعية محلية. مؤكداً أن شكل وأسلوب تعاطي المجالس مع التحديات والتهديدات التي تواجهها مآلاتها في المدى المنظور لا تخرج عن ثلاثة سيناريوهات هي: التلاشي، إدارات محلية ذاتية على مستوى المناطق، وحدات محلية مستقلة بشكلها الراهن.

يوضح المبحث التاسع خلال تحليله للواقع الحوكمي في مناطق الإدارة الذاتية أن عدم الشفافية هي السمة الرئيسة في عمليات تقديم الخدمات والإدارة المالية وإدارة الموارد الاستراتيجية؛ وأن عمليات تشكل مجالس الإدارة التشريعية أتت بناءً على توافقات حزبية استندت بشكل رئيس إلى أدبيات حزب الاتحاد الديمقراطي ومنظومته في حركة المجتمع الديمقراطي. واعتبر هذا المبحث أن القوانين التي أصدرتها هذه المجالس هي قوانين إشكالية كقانوني الدفاع الذاتي وتغيير المناهج التعليمية وقانون الأحوال المدنية؛ كما أشار خلال استعراضه لهيكلية الإدارة الذاتية وسلطتها التشريعية والتنفيذية إلى وجود مشروع سياسي حزبوي يتم تطبيق رؤيته قسراً على السكان المحليين عبر أجهزته الأمنية والعسكرية. وخلص إلى أن الإدارة الذاتية وإن استطاعت فرض نموذج حكم خاص، إلا أنها لا تزال تعاني من إشكالية التمثيل والاعتراف وقلة الكوادر المختصة ناهيك عن عدم نجاحها في إزالة المخاوف المحلية والإقليمية المتأتية من مشروعها.

يقترح الكتاب في مبحثه الأخير إطاراً لامركزياً نوعياً في سورية؛ إطاراً راعى أن يكون مدخلاً مهماً للاستقرار في سورية، موضحاً الآتي: تركز المفاوضات في الملف السوري بالتوازي مع الترتيبات المركزيَّة لبناء السلام على تمكين نمط اللامركزيَّة عبر التفاوض على الصلاحيات والمسؤوليات بين المركز والوحدات الإدارية. وضرورة إعادة قراءة بيان جنيف الأساسي وفق مفهوم اقتسام الحكم لا السلطة. وهذا يعني تقديم أولوية الانتخابات المراقبة دولياً على أي مسار آخر على أن تبدأ بانتخابات الإدارة المحلية.

وليتم ضمان نجاح الانتخابات، لا بد من إجراءات أساسية يتم اتخاذها من الطرفين، يكون أساسها استعادة عمل الشرطة والمحاكم المحلية، وعليه يجدر البدء بصياغة قانون جديد للإدارة المحلية (اللامركزيَّة)، والذي سيسمح للسلطات المنتخبة محلياً بالسلطة الكاملة على الشرطة وعملها، وكذلك على المحاكم وإدارتها.

وتكمن الفرصة للمجالس المحلية للعمل على شرعنة بُناها والتفاوض على صلاحيات جديدة تضمن نمطاً لامركزياً يعطي صلاحيات موسعة للمجالس والمحافظات ترتكز إلى الشرعية الانتخابية وأن تكون صلاحيات المنتخب أعلى من صلاحيات المُعيّن. ويؤكد هذا المبحث على أن تمكين أدوات ومرتكزات الحكم المحلي دستورياً وقانونياً وبضمان الدول المتواجدة على الأرض السورية كفيل إلى درجة كبيرة بالدفع بالملف التفاوضي إلى مرحلة بناء السلام ويضمن الاستقرار النسبي ريثما يتم الاتفاق على الترتيبات الأمنية المختلفة. 

لقراءة الكتاب كاملاً انقر هنا لتحميل الملف

أجرت الجزيرة نت حواراً صحفياً مع الدكتور عمار قحف المدير التنفيذي لمركز عمران، بعنوان: "هل يفلح اتفاق إدلب بإنهاء حالة الحرب؟

 حيث أشار القحف: إلى إن تركيا تملك وبشكل عام القدرة على تنفيذ بنود الاتفاق من طرفها أكثر من الروس الذين تقف أمامهم تحديات أكبر تتعلق بالقدرة على ضبط عناصر النظام السوري أو المليشيات الداعمة له التي ترتبط بجهات مختلفة.

وتوقع خلال حديثه للجزيرة نت أن تحاول إيران تعطيل تنفيذه رغم التصريحات السياسية المغايرة لذلك، لأن الاتفاق سيؤخر إضفاء الشرعية على النظام السوري الذي سيحاول الالتفاف على بنود الاتفاق دائماً، وأضاف القحف أن نجاح الاتفاق يعتمد على مراحل تنفيذه التي ستكون صعبة جداً بالنظر إلى مدى قدرة أطرافه على التعامل مع الجهات المختلفة الرافضة له، وعلى تأسيس منظومة حكم محلي في إدلب تتوافق مع التفاهمات الدولية أو على الأقل لا تتناقض معها.

وحول مستقبل المنطقة في المدى البعيد رأى القحف أن الجانب التركي تلقى تفويضاً بإدارة المنطقة من الجانبين الأمني والعسكري لكنه تساءل عن الجانب الإداري والحوكمي.

وقال إنه ثمة نماذج كثيرة يمكن أن تطبق في إدلب منها نموذج درع الفرات أو نموذج آخر يعطي إدلب استقلالاً إدارياً بحيث ترتبط المحافظة مع النظام بمعزل عن الأمور الأمنية والعسكرية، ولم يستبعد تطبيق نموذج قبرص الشمالية في إدلب أيضاً.

 

المصدر الجزيرة نت: https://bit.ly/2DheRDi

 

ملخص تنفيذي

  • تظهر المؤشرات ذات الصلة ضعف مصداقية انتخابات الإدارة المحلية ولامبالاة المواطنين تجاهها، كذلك تفرد حزب البعث بالحصة الأكبر من المقاعد بعيداً عن حلفائه في الجبهة الوطنية.
  • شكل ملف انتخابات الإدارة المحلية اختباراً لعلاقة البعث بنظرائه في الجبهة الوطنية، حيث قادت قوائم البعث "الوحدة الوطنية" الُمشّكلة إلى حدوث أزمة مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، ويمكن لهذا الموقف أن يتطور وينسحب على بقية أحزاب الجبهة، وفي حال تحقق ذلك فإن من شأنه تقويض تجربة الجبهة الوطنية.
  • إن توسع نطاق سيطرة النظام الميدانية دون التحكم الكلي بالموارد، واستمرار العقوبات الاقتصادية والإحجام الأممي عن تمويل إعادة الإعمار، من شأنه أن يزيد الضغوط الخدمية والحوكمية والمالية على النظام.
  • أدى توضح الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في سورية وتوزيع بعض المهمات على حلفائها، إلى تعطيل المسار التفاوضي الناشئ بين النظام ومسد، والذي ظهر في أكثر من ملف كوقف إمداد النفط وتقييد عمليات تسليم القمح واعتقال مرشحي الانتخابات المحلية.
  • في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الاقتصادية السورية الروسية تنامياً يمكن لحظه بعدد الاتفاقيات الموقعة واعتمادية دمشق على موسكو بتوريد القمح، ما تزال المفاوضات مستمرة بين النظام وإيران للتوقيع على اتفاقية التعاون الاستراتيجية طويلة الأمد.

الواقع الحوكمي وملف الإدارة المحلية

تركزت أولويات حكومة النظام السوري خلال شهر آب 2018 على الملفات التالية: تحديث المنظومة القانونية، عودة اللاجئين، مكافحة الفساد، التحضير لانتخابات الإدارة المحلية.

أنهى مجلس الوزراء دراسة التشريعات الصادرة في سورية، وذلك ضن خطة أعدتها الأمانة العامة لمجس الوزراء بهدف تهيئة البيئة القانونية لمرحلة "ما بعد الحرب"، حيث شملت الدراسة 949 تشريعاً صدروا في الفترة الممتدة منذ ما قبل 1970 لغاية 2018، لتخلص الدراسة إلى اقتراح تعديل 190 تشريع قانوني. ([1])

كما حظي ملف عودة اللاجئين بأهمية من قبل الفريق الحكومي تمثلت بإحداث "هيئة التنسيق لعودة المهجرين في الخارج"([2])، وتتألف اللجنة بموجب القرار من وزير الإدارة المحلية والبيئة رئيساً وعضوية معاوني وزراء الخارجية والمغتربين والداخلية والصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والإعلام وممثلين عن وزارة المصالحة الوطنية والجهات المختصة، هذا وقد عقدت الهيئة اجتماعها الأول منوهةً بعودة ثلاثة ملايين ونصف مهجر إلى مناطقهم في الداخل (دير الزور، الغوطة الشرقية، الرقة المحررة، حمص، حلب، القنيطرة).([3])

في ملف مكافحة الفساد، أقر اجتماع حكومي تطوير عمل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية، سيما فيما يتعلق بالهيكلية الإدارية وتدريب الكوادر البشرية وتقييمها وتأمين المباني والآليات والتجهيزات وتفعيل الأتمتة والربط الشبكي بين المركز والفروع، وتشكيل فرق عمل خاصة في كل من "الهيئة والجهاز" لتنفيذ مهام محددة وإعداد تقارير تتبع دورية عن جميع قضايا الفساد "قيد التحقيق" وإرسالها لمجلس الوزراء. هذا وأوضحت آمنة الشماط رئيسة الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش عن تفعيل قانون الكسب غير المشروع، الذي يطبق بشكل سري ولا يستطيع أحد الاطلاع على ذلك إلا الجهات المعنية فقط.([4])

في سياق مكافحة الفساد، كشف موقع موالي للنظام عن قضية فساد في صناعة الاسمنت تصل قيمتها إلى 5 مليارات ل.س (حوالي 11 مليون $) سورية، وهو ما أدى إلى توقيف كل من؛ مدير عام المؤسسة العامة للإسمنت ومدير إسمنت عدرا وعدد من المدراء والعاملين في معمل إسمنت عدرا. 

بالانتقال إلى ملف الإدارة المحلية، واصلت وزارة الإدارة المحلية والبيئة دعمها لمجالس الوحدات الإدارية واقتصرت خلال شهر آب على دعم عدد من الوحدات الإدارية في محافظة طرطوس، كمساهمة من الوزارة في إنشاء البنى التحتية للمناطق الحرفية والصناعية في هذه الوحدات الإدارية، وقد توزعت المساهمة المالية بين 40 مليون ل.س (تقريباً 89 ألف $) لبلدة الروضة، و20 مليون ل.س لكل من بلدتي الصفصافة ودوير الشيخ سعد.

أما ملف انتخابات الإدارة المحلية، بلغ عدد طلبات الترشح لمجالس الإدارة المحلية 49096 مرشحاً في جميع المحافظات، تم قبول 41482 ممن استوفوا الشروط القانونية المنصوص عليها في اللوائح والقوانين الناظمة للانتخابات، وذلك بحسب ما أعلن عنه رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات.

أما بخصوص الناخبين، فقدرت الهيئة العليا للقضاء عددهم بــ 16.349.357 مليون ممن يحق لهم الانتخاب، توزعوا بين 8222701 ناخبة، و8126156 ناخب.

                                          

أبرز معطيات الاقتصاد السوري

1.   المالية العامة

  • أفاد رئيس مجلس الوزراء بصرف 37 مليار ل.س (حوالي 83 مليون $، بسعر 450 لكل $) على البنى التحتية والخدمات والتنمية في شرق حلب، و22 ملياراً في محافظة دير الزور (حوالي 49 مليون$)، كاشفاً بالوقت نفسه عن تحصيل أكثر من 120 مليار ل.س في ملف القروض المتعثرة (حوالي 267 مليون $)، وزيادة مبالغ استثمارات أملاك الدولة بمقدار 30 مليار ل.س (حوالي 67 مليون$) كذلك تحصيل نحو 8 مليارات ل.س في قطاع التأمين (حوالي 18 مليون $).
  • كشفت بيانات المجموعة الإحصائية 2017 التي أصدرها المكتب المركزي للإحصاء عن بلوغ صافي الضرائب غير المباشرة([6]) (الضرائب، الإعانات) للعام 2016 نحو 377.2 مليار ل.س (حوالي 838 مليون $)، حيث شكل صافي الضرائب غير المباشرة نحو 27.8% من إجمالي الإيرادات المقدرة لموازنة 2016 والتي تم تقديرها بمبلغ 1358.27 مليار ل.س (حوالي 3 مليار $) (إجمالي تقديرات الموازنة 1980 مليار ل.س مطروحاً منها العجز المقدر بـ 621.73 مليار ل.س)، كما شكل أكثر من 51% من الإيرادات الجارية المقدرة لعام 2016 بنحو 738 مليار ل.س (حوالي مليار و640 مليون $).
  • أفاد البيان المالي للحكومة عام 2017 عن تحقيق زيادة في إجمالي إيرادات الرسوم والضرائب بنسبة 27.24% عن 2016، وذلك بمقدار 69 مليار ل.س، مسجلة بذلك 322 مليار ل.س (حوالي 716 مليون $).
  • وافقت وزارة المالية على تخصيص مبلغ وقدره 17 مليار ل.س (حوالي 38 مليون $) بشكل مبدئي لتمويل الخطة الاستثمارية لوزارة الصناعة لعام 2019، حيث تم تخصيص نحو 13 مليار من الاعتمادات لمشاريع الاستبدال والتجديد، ونحو 2.6 مليار ليرة للمشاريع المنقولة، وقريب المليار للمشاريع الجديدة، في حين كانت الاعتمادات المطلوبة من قبل وزارة الصناعة لتمويل خطتها الاستثمارية 38 مليار ل.س.
  • أكد محافظ الحسكة اللواء جايز الحمود الموسى استمرار الحكومة بصرف رواتب العاملين في محافظة الحسكة والمقدرة بــ 2.2 مليار ل.س شهرياً (حوالي 5 مليون $).
  • وافقت اللجنة الاقتصادية بمجلس الوزراء على طلب وزارة الصناعة منح المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان قرضاً مالياً مقداره 47.627 مليار ل.س ليرة لشراء أقطان موسم 2018-2019.
  • كشف وزير المالية عن دراسة لمنح الصناعيين قروضاً جديدة، مؤكداً بأن كتلة الديون المتعثرة في المصارف قد تجاوزت 286 مليار ل.س (حوالي 636 مليون$)، مبرراً بذلك قرار منع السفر بحق الصناعيين المتعثرين عن الدفع.
  • كشفت البيانات المالية لشركة كهرباء درعا عن ارتفاع نسبة تحصيل الديون (الجباية) من 72.872 مليون ل.س خلال شهر حزيران إلى 155.491 مليون ل.س في شهر تموز.

2.   المصارف

  • حققت المصارف الخاصة ربحاً صافياً بنحو 6.9 مليارات ل.س (حوالي 15 مليون $) خلال النصف الأول من 2018، بانخفاض نسبته 20% عن الفترة نفسها من العام الماضي والتي بلغت 8.7 مليارات ل.س، وتشمل البيانات السابقة 13 مصرف خاص باستثناء بنك سورية والخليج الذي لم ينشر بياناته المالية بعد.
  • بلغت الأرباح التشغيلية([7]) لمعظم المصارف الخاصة التقليدية (عدا مصرف سورية والخليج) حوالي 14.2 مليار ل.س (حوالي 32 مليون$) خلال النصف الأول من 2018، ولم يتم تسجيل خسائر تشغيلية لأي مصرف خاص.

 

  • وافق مجلس الوزراء على إصدار شهادات إيداع بالقطع الأجنبي نقداً في المصارف العاملة بعوائد تنافسية، وقد حدد وزير المالية سعر الفائدة بشكل أولي بــ 4.25 % لأي شخص داخل أو خارج سورية، هذا وقد بلغت قيمة الأموال المودعة داخل سورية بحسب وزير المالية حوالي 1500 مليار ل.س (حوالي 3.5 مليار $).
  • تعديل مرتقب للقانون رقم 26 لعام 2015 الخاص بتسوية ديون المصارف العامة، بحيث من المتوقع أن تتضمن التعديلات تسهيلات ائتمانية للمقترضين المتعثرين عن السداد.
  • ارتفع صافي التسهيلات الائتمانية المباشرة الممنوحة من المصارف التقليدية الخاصة خلال الأشهر الثلاثة من 2018 بنسبة 14.11%، لتبلغ حوالي 168.5 مليار ل.س (حوالي 375 مليون$)، مقارنة بما كانت عليه نهاية 2017 حيث بلغت 147.7 مليار ل.س.
  • بلغت قيمة الودائع الإجمالية للمصارف الخاصة الإسلامية والتقليدية (ودائع العملاء وودائع المصارف) خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2018 حوالي 932 مليار ل.س (حوالي 2 مليار$)، مرتفعة بنسبة 1.9% عن 2017 والتي بلغت حينها 914 مليار ل.س.

 

  1. الإسكان

  • أعلنت المؤسسة العامة للإسكان عن تخصيص 1339 وحدة سكينة (السكن الشبابي، الادخار السكني، السكن البديل، شاغلي المخالفات) بمحافظتي حلب وحمص.
  • أصدرت المؤسسة العامة للإسكان أمر المباشرة لتنفيذ أبراج الجزيرة 14 في مدينة الديماس الجديدة، وتعد مؤسسة الإنشاءات العسكرية الجهة المسؤولة عن تنفيذ الأبراج بقيمة 7.7 مليار ل.س (حوالي 17 مليون$).
  • كشف عضو من مجلس محافظة دمشق عن نية المحافظة التعاقد مع إحدى الشركات لبناء 500 وحدة للسكن البديل في منطقة تنظيم خلف الرازي.
  • كشف مدير الهيئة العامة للاستثمار والتطوير العقاري أحمد حمصي قرب إطلاق مشروع تطوير عقاري للسكن العشوائي في حلب في منطقة الحيدرية، على مساحة تقدر بـــ 118 هكتاراً.
  1. الطاقة والكهرباء

  • إعادة بئري النفط رقم (103. 107) للإنتاج بطاقة إنتاجية تقدر بــ 500 برميل يومياً، كم تم افتتاح حطتين للمياه في الشميطية والمريعية وعدد من مراكز ومقرات البلديات في ريف محافظة دير الزور.
  • كشف وزير النفط والثروة المعدنية عن خطة الوزارة تعميم مشروع البطاقة الذكية للبنزين، حيث بلغ عدد البطاقات المقدمة في محافظتي طرطوس واللاذقية 120 ألف بطاقة، كما كشف عن قيمة الدعم الحكومي للمشتقات النفطية والبالغ 1.2 مليار ل.س يومياً (حوالي 2 مليون و600 ألف $).
  • استعرض وزير النفط والثروة المعدنية مذكرة لجنة الموارد والطاقة حول "استراتيجية الطاقة وآفاق تلبية الاحتياجات خلال الفترة القادمة في قطاعات "النفط والكهرباء والموارد المائية والنقل والصناعة"، وقد تضمنت المذكرة دراسة احتياجات سورية حتى عام 2033 من جميع مخرجات الطاقة مثل الكهرباء أو النفط أو الغاز.
  • تم استلام الدفعة الأولى من مراكز التحويل الكهربائية وعددها 65 بموجب العقد المبرم بين المؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء وشركة ميتاليك اللبنانية، ويبلغ عدد المراكز المتعاقد عليها 404 مركز تحويل.
  • بلغت قيمة أضرار قطاع الكهرباء بريف درعا بحسب بيانات الشركة العامة لتوزيع الكهرباء بدرعا نحو 8 مليارات ل.س (حوالي 18 مليون $).
  1. التجارة والصناعة

  • تم تخصيص المؤسسة العامة للصناعات النسيجية وشركاتها التابعة بمبلغ 320 مليون ل.س كخطة إسعافيه لإصلاح عدد من آلات وخطوط إنتاج المؤسسة.
  • كشف تقرير التتبع النصفي الصادر عن مديرية الاستثمار في وزارة الصناعة لــ 2018 عن دخول 137حرفة و238 منشأة حيز الإنتاج خلال النصف الأول من 2018 برأسمال بلغ 10.5 مليارات ل.س (حوالي 24 مليون $)، موفرة بذلك 1712 فرصة عمل.
  • كشفت مديرية الاستثمار الصناعي عن ترخيص 1025 منشأة خلال النصف الأول من 2018، برأسمال إجمالي بلغ 61.22 مليار ل.س، موضحة انخفاض عدد المنشآت المرخصة خلال هذه الفترة مقارنة بالفترة نفسها من 2017 بنحو 43 منشأة، حيث سجلت تلك الفترة ترخيص 1068 منشأة برأسمال إجمالي بلغ 261.76 مليار ل.س (حوالي 582 مليون $).

 

عدد المنشئات الصناعية والحرفية المنتجة في النصف الأول من 2018

 

توزع المنشئات العاملة في النصف الأول من 2018 بحسب القطاعات

  • بلغ إنتاج الشركة العامة للخيوط القطنية في اللاذقية 2919 طن من الغزول القطنية حتى نهاية تموز 2018، في حين بلغت المبيعات الإجمالية للشركة خلال المدة نفسها 3.6 مليار ل.س، وقد تم تصدير 450 طناً من الخيوط القطنية إلى مصر وأوربا بقيمة مليون دولار.
  • بلغت مبيعات شركة اسمنت البادية خلال النصف الأول من 2018 نحو 16.9 مليار ل.س نتج عنها أرباح دفترية بقيمة 4.34 مليار ل.س، في حين بلغت الخسائر المتراكمة للشركة نحو 8.57 مليار ل.س نتيجة حصولها على تمويل مصرفي بالدولار (قرض مقاول صيني) عند تأسيسها وانخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار، هذا وقد بلغت فجوة السيولة لدى الشركة بنهاية حزيران أكثر من 21.4 مليار ل.س.
  • اعتبر صناعيو القابون الدراسة المقدمة من محافظة دمشق بخصوص تقييم نسبة الضرر بالمنطقة الصناعية غير دقيقة، معربين عن رغبتهم بالبقاء بالمنطقة الصناعية.
  • كشف رئيس الاتحاد العام للحرفيين عن اقتراح خمس مناطق بديلة لنقل المنشئات الحرفية القائمة في القدم.
  • أفاد مدير صناعة حمص أسعد وردة بأن 60% من المنشئات الصناعية والحرفية في حمص تعمل بنسبة تشغيل تتراوح بين 30-60% باستثناء معامل الأدوية البشرية التي تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، كاشفاً بالوقت نفسه عن عدد المنشئات الصناعية المنفذة خلال النصف الأول من 2018 والتي بلغت 27 منشأة برأسمال 313 مليون ل.س.

6.   الزراعة

  • بلغت كمية القمح المسوقة للمؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب في درعا نهاية موسم التسويق 25.6 ألف طن، مقابل 14 ألف طن في الموسم الماضي.
  • بلغت كمية القمح المستوردة من الخارج منذ بداية 2018 لغاية شهر آب حوالي 101 طن، وأعلنت الحكومة رغبتها باستيراد القمح من رومانيا وبلغاريا.
  • خفضت مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك مخصصات محافظة طرطوس من الدقيق بنسبة 15%، عقب رفعها خلال السنوات الماضية بنسبة 25%، ويعود سبب خفض حصة المحافظة من الدقيق إلى عودة قسم من النازحين لمناطقهم، إضافة إلى ضبط توزيع المادة ومنع بيعها في السوق السوداء.
  • كشفت المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب عن استلام 300.86 طن من القمح منذ بداية الموسم، مقارنة بــ 459 ألف طن في الموسم الماضي بانخفاض نسبته 34.4%، هذا وقد تراجعت كميات القمح المسلمة من الحسكة من 180 ألف طن في 2017 إلى 48 ألف طن في 2018، في حين تصدرت محافظة حماة نظيراتها من حيث كميات القمح المسلمة بــ 136 ألف طن.
  • قُدرت أضرار منشآت الري في محافظة درعا بــ 9 مليارات ل.س (حوالي 20 مليون $) قابلة للزيادة في ظل استكمال عملية تقييم الأضرار.
  • قُدر الإنتاج الأولي للحمضيات في محافظة اللاذقية بــ 816 ألف طن، بانخفاض 180 ألف طن عن العام الماضي، كما تراجع إنتاج الزيتون من 200 ألف طن إلى 45 ألف طن.
  • قدر إنتاج محافظة السويداء من التفاح بــ 70 ألف طن، 40% منه غير صالح للتسويق.

7.   النقل

  • وصول أول رحلة طيران لناقل جوي عربي "عراقي" إلى مطار دمشق الدولي قادمة من مطار النجف الدولي.
  • أعلنت شركة أجنحة الشام للطيران عن بدء تسيير رحلاتها من دمشق إلى العاصمة الأردنية بمعدل رحلتين أسبوعياً.
  • أفاد مصدر في وزارة النقل بوجود تحرك لتفعيل التعاون الاقتصادي والربط السككي وحركة نقل البضائع بين سورية ولبنان.
  • قدرت المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية قيمة الأضرار المباشرة للشبكة الطرقية في المحافظات التي تعرضت للتخريب بحدود 38 مليار ل.س (حوالي 85 مليون $)، ويقدر طول شبكة الطرق المركزية بــ 8394 كم، منها 1520 كم اتوسترادات.
  • وقعت المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية 22 عقد مع عدد من مؤسسات القطاع العام، بقيمة تجاوزت 3.5 مليار ل.س وذلك لصيانة وتأهيل شبكة الطرق المركزية والجسور المتضررة.
  • تعمل وزارة النقل ضمن رؤيتها الاستراتيجية في المواصلات الطرقية على زيادة الاهتمام بالشبكة الطرقية، حيث بدأت الوزارة طرح مشاريع لتطوير الطرق الرئيسية وفق نظام الـ O. T، وربط البوابة الشمالية لسورية بالبوابة الجنوبية والبوابة الغربية (البحرية) بالبوابة الشرقية.
  • خصصت وزارة النقل مبلغ 20 مليار ل.س (حوالي 45 مليون$) من موازنتها لدعم صيانة وإنشاء الطرق والجسور والمعابر، كما عبرت الوازرة عن نيتها تنفيذ عدد من الطرق الرئيسية أبرزها:
  • الطريق السريع (شمال – جنوب): يمتد من الحدود التركية حتى الحدود الأردنية (باب الهوى، حلب، حماة، حمص، دمشق، الحدود الأردنية) بطول 432 كلم، وبكلفة أولية تقدر بــ 808 ملايين يورو.
  • الطريق السريع (شرق – غرب): يمتد من طرطوس عبر التنف إلى الحدود العراقية (طرطوس، حمص، البصيري، التنف، الحدود العراقية) بطول 351 كلم تقريباً، وبكلفة أولية تقدر بــ 473 مليون يورو.
  • ربط طريق الساحل الغاب مع أوتوستراد حماة _ حلب بطول حوالي 30 كلم، كذلك استكمال طريق دير الزور _البوكمال، والطريق الشاطئي (اللاذقية، جبلة، بانياس).
  • بدء العمل على تنفيذ طريق حمص مصياف الجديد الذي سيربط المنطقة الوسطى بالساحلية مروراً بمصياف، وقد بدأت المواصلات الطرقية ومؤسسة الإنشاءات العسكرية تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع بتكلفة 7.4 مليارات ل.س.
  • تنسيق بين وزارة النقل والكهرباء والمؤسسات المعنية لإنشاء مدينة صناعية بحرية في منطقة عرب الملك في بانياس، بالتوازي مع إنشاء حوض عائم في مرفأ طرطوس.
  • تخطط المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية المؤسسة لإنشاء خط حديدي جديد البصيرة -التنف من محطة البصيرة على محور مهين- الشرقية بطول 156 كلم، كذلك استكمال تنفيذ خط حديد دير الزور _ البوكمال _ الحدود العراقية بطول 143 كلم، وتنفيذ خط حديد دمشق_  درعا_ الحدود الأردنية بطول 107 كلم.

8.   السياحة

  • كشفت مديرية سياحة ريف دمشق عن تحسن ملحوظ في السياحة الدينية، حيث بلغ عدد الأشخاص الفعليين الذين قدموا إلى سورية بهدف السياحة الدينية 161819 سائح.
  • قُدرت خسائر القطاع السياحي في سورية بنحو 330 مليار ل.س (حوالي 734 مليون $)، في حين بلغ عدد العاطلين عن العمل في مجال النقل السياحي والمطاعم حوالي ربع مليون عامل.

إعادة الإعمار والعلاقات الاقتصادية

تسعى حكومة النظام جاهدة إلى استقطاب الأموال ودفع عجلة النمو الاقتصادي، وفي مسعاها ذلك فإنها تراهن على معرض دمشق الدولي الذي سوف يعقد في أيلول 2018، وقد كشفت المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية عن مشاركة 46 دولة من أبرزها: روسيا وبيلاروسيا والهند وإيران، كما يقُدر عدد الشركات التجارية المشاركة بـــ 2000 شركة، من بينها وكالات من دول أوربية مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا.

كذلك تعمل حكومة النظام على تقديم تسهيلات لرجال الأعمال لإقامة مشاريع اقتصادية، وفي هذا الصدد صادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على تأسيس 8 شركات في شهر آب 2018 بحسب ما هو مرفق في الجدول، ليبلغ عدد الشركات المسجلة خلال النصف الأول من 2018 حوالي 859 شركة مقسمة بين: 432 سجلاً لشركات التضامن، و77 لشركات التوصية، 23 لشركات المساهمة، و327 لشركات محدودة المسؤولية.

تواصل العلاقات الاقتصادية السورية_ الروسية تطورها، حيث شهد شهر آب توقيع عدد من العقود الاقتصادية بين الجانبين من أبرزها:

  • منح وزارة السياحة الشركة الروسية "LOGISIT" رخصة لإشادة فندق وشاليهات في موقع المنارة بمحافظة طرطوس، وتقدر التكلفة الاستثمارية للمشروع بأكثر من 18 مليار ل.س (حوالي 40 مليون$).
  • توقيع وزارة الأشغال العامة والإسكان عقد توريد آليات ومعدات هندسية مع الجانب الروسي، بانتظار المصادقة عليه من قبل رئاسة الوزراء.
  • تعاقد المؤسسة العامة للإسكان مع شركة "ستروي اكسبرت ميدل إيست" الروسية لتنفيذ مشروع للسكن الشبابي و13 برجاً سكنياً بمنطقة الديماس بريف دمشق.
  • توريد 200 ألف طن قمح من روسيا، حيث كمية القمح المستوردة من موسكو منذ بداية 2017 لغاية منتصف 2018 نحو مليوني طن.

كذلك من المقرر عقد الملتقى الثاني لرجال الأعمال السوري الروسي خلال فعاليات الدورة الستين لمعرض دمشق الدولي، ويتوقع أن يشارك بهذا المعرض 70 شركة روسية، ويضاف إلى ما سبق تقديم الجانب السوري مقترحاً لتحويل "جمهورية القرم" منطقة رئيسية للتجارة مع روسيا.

أما مع الجانب الإيراني، ما تزال المفاوضات جارية لتوقيع اتفاق التعاون الاستراتيجي طويل الأمد بين الجانبين، وقد أفاد معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لشؤون العلاقات الدولية عن إنجاز 75% من المسائل ذات الصلة بالاتفاقية، كما قام أمير أميني معاون وزير الطرق وبناء المدن الإيراني بزيارة إلى دمشق على رأس وفد اقتصادي، حيث التقى عدداً من المسؤولين السوريين كوزير النقل والأشغال العامة والإسكان ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وهيئة التخطيط والتعاون الدولي، وعن نتائج الزيارة:

  • اتفاق وزارة وزارة الأشغال العامة والإسكان مع الجانب الإيراني على تنفيذ 30 ألف وحدة سكينة من مشاريع المؤسسة العامة للإسكان في محافظات دمشق وحلب وحمص بواسطة القطاع الخاص الإيراني، كذلك الاتفاق على تشكيل فريق من المقاولين الإيرانيين للاطلاع على عمل قطاع المقاولات السورية والدخول بشراكات في قطاع المقاولات.
  • التباحث بمشروع مد سكة حديدية تربط بين إيران وسورية مروراً بالعراق، حيث يتوقع أن تمتد السكة من مدينة شلمجه جنوبي إيران إلى ميناء البصرة العراقي، ومن ثم إلى الأراضي السورية.
  • التعاون في مجال انشاء ميناء بحري في الحميدية بطرطوس وعمل المرافئ والسفن والتسهيلات لزيادة حركة النقل والتبادل التجاري بين البلدين.

تواصل الحكومة تنويع شراكاتها الاقتصادية وتمتين علاقاتها من الدول التي تعتبرها صديقة لها وفي هذا السياق، بحث وزير الصناعة مع السفير البيلاروسي في دمشق ووفد شركة ماز البيلاروسية، العرض المقدم من الشركة لإقامة خطي إنتاج للشاحنات والباصات في سورية. كذلك دعا سفير سورية في الهند الشركات الهندية ورجال الأعمال الهنود للمشاركة في الدورة 60 لمعرض دمشق الدولي.

خلاصة تحليلية

واصلت حكومة النظام تركيزها على ملف مكافحة الفساد، في محاولة منها للرد على ما يثار حولها من شبهات بالفساد والتي تزايدت في الآونة الأخيرة، إلا أن تأكيد رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بخصوص سرية تطبيق قانون الكسب غير المشروع، من شأنه أن يقلل من مصداقية الجهود المبذولة لمكافحة الفساد، ويجعل منها عنواناً إعلامياً وأداة لتصفية الحسابات داخل الجهاز الحكومي.

فيما يخص انتخابات الإدارة المحلية، تدل المؤشرات القائمة على ضعف مصداقيتها ولامبالاة المواطنين تجاهها، وكذلك تفرد حزب البعث فيها بعيداً عن حلفائه في الجبهة الوطنية التقدمية، حيث لوحظ تضارب البيانات الصادرة عن اللجنة القضائية العليا للانتخابات بخصوص عدد طلبات الترشيح، حيث أعلن رئيس اللجنة عن استقبال 49096 طلب ترشح في جميع المحافظات([8])، ليعود ويعلن عن ترشح 55164 شخص لانتخابات الإدارة المحلية([9])، دون تفسير التباين في الأرقام المصرح عنها.

ولا يبدو بأن جهود النظام في حشد السكان للمشاركة في انتخابات الإدارة المحلية قد تكللت بالنجاح، وهو ما يمكن التدليل عليه بلامبالاة السكان تجاه الانتخابات سيما عقب إعلان البعث لقوائم "الوحدة الوطنية"([10])، ولعل عزوف المرشحين عن إطلاق حملات انتخابية([11]) وانسحاب بعضهم الآخر([12]) مؤشرين بأن النتائج قد حسمت مسبقاً ووفق ترتيبات معينة دون الحاجة لخوض غمار الانتخابات.

يبدو بأن حزب البعث قد حسم خياره بالاستئثار بمعظم مقاعد المجالس المحلية، وما يعنيه ذلك من تهميش لأحزاب الجبهة الوطنية، فعلى سبيل المثال تضمنت قائمة "الوحدة الوطنية" لمجلس مدينة اللاذقية 50 مرشحاً كان لحزب البعث 39 مقعداً في حين توزعت المقاعد المتبقية بين 7 للمستقلين و4 لأحزاب الجبهة الوطنية([13])، كذلك حظيت أحزب الجبهة الوطنية بمرشح واحد في قائمة "الوحدة الوطنية" لمجلس محافظة السويداء مقابل 44 مرشح لحزب البعث و8 مستقلين.([14])

قاد توجه البعث إلى تصعيد الخلافات بينه وبين حلفائه في الجبهة الوطنية، وهو ما ظهر جلياً بانسحاب مرشحي الحزب السوري القومي الاجتماعي من انتخابات الإدارة المحلية في محافظة السويداء رداً على قائمة "الوحدة الوطنية" الإقصائية التي أعلنها البعث([15])، ويمكن لهذا الموقف أن يتطور وينسحب على بقية أحزاب الجبهة وفي حال تحقق ذلك فإن ذلك من شأنه أن يعيد النظر بتجربة الجبهة الوطنية التقدمية.

خدمياً، أظهرت الوقائع تعرض عدة مناطق لأزمة مياه خانقة تمركز معظمها بمحافظة ريف دمشق كما في ضاحية الأسد وصحنايا والتل، كما برزت أيضاً في ريف حماة الغربي ومدينة حمص. وفي جانب آخر تزايدت شكاوى السكان من رفع أجور النقل في عدد من المحافظات كما في حي الورود (مساكن الحرس) في دمشق، كما استمرت أزمة القمامة في عدد من المدن والبلدات كما في جرمانا وحي المزة 86 في العاصمة وأشرفية صحنايا أيضاً، ولعل الأبرز ظهور أزمة وقود في عدد من المحافظات من أبرزها اللاذقية وطرطوس والتي أرجعها موظفو الحكومة لتهريب الوقود إلى لبنان.

إن توسع نطاق سيطرة النظام بدعم مباشر من حليفيه، دون إحكام السيطرة الكلية على الموارد الطبيعية (النفط، الغاز)، من شأنه أن يظهر محدودية القدرات المالية والحوكمية للنظام، سيما مع استمرار العقوبات الاقتصادية والإحجام الأممي عن تمويل عمليات إعادة الإعمار، الأمر الذي يعزز احتمالية تعرض مناطق سيطرته لأزمات خدمية أكثر حدة في المستقبل المنظور.

شهدت العلاقة بين النظام السوري ومجلس سورية الديمقراطي توتراً ملحوظاً في شهر آب بخلاف ما كان متوقعاً، وهو ما ظهر في وقف مسد لإمدادات النفط باتجاه مناطق النظام وكذلك الحد من عمليات تسليم القمح، واعتقال مرشحي الانتخابات المحلية([16]) والإعلان عن الإدارة الذاتية المشتركة في شمال وشرق البلاد([17])، ويشير التوتر القائم إلى فشل مفاوضات الطرفين في تحقيق اختراق فيما يتعلق بالملفات الإشكالية كاللامركزية وإدارة الموارد الطبيعية والخدمات، ويمكن إرجاع فشل المفاوضات إلى توضح أكثر لاستراتيجية الإدارة الأمريكية في سورية وانتقالها للضغط الاقتصادي والسياسي على النظام وحلفائه.

اقتصادياً، يتزايد اعتماد النظام على الجانب الروسي في توريد القمح، سيما في ظل تدهور الإنتاج السوري من القمح (انخفض بنسبة 60% منذ 2011 حيث كان يبلغ آنذاك 4 مليون طن)، حيث ارتفعت كميات القمح الروسية الموردة لسورية من 47 ألف طن في 2015 لتتجاوز مليوني طن بين بداية 2017 ومنتصف 2018 بحسب البيانات الحكومية. كما تشهد العلاقات الاقتصادية بين الجانبين الروسي والسوري تنامياً ملحوظاً معبراً عنه بعدد الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين خلال شهر آب، ولعل الملاحظ تنامي الانخراط الروسي في قطاعات اقتصادية خارج النفط والغاز والسياحة كالعقار والصناعة وكذلك الزراعة.

بالمقابل، ما تزال اتفاقية التعاون الاستراتيجية طويلة الأمد قيد التفاوض بين الجانبين السوري والإيراني، حيث تمارس إيران من خلال زيارة مسؤوليها المتكررة إلى دمشق ضغوطاً على النظام للتوقيع على هذه الاتفاقية والحصول على امتيازات واسعة تشمل ميناء بحري وسكك حديدية ومناطق صناعية وعقارية، الأمر الذي لا يلقى تأييداً واسعاً داخل أروقة صنع القرار في دمشق.


([1]) دانيه الدوس، تطوير تشريعات القطاع الحكومي بما ينسجم مع توجهات عمل الدولة ومشروع الإصلاح الإداري، تشرين، تاريخ 02-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2N2vQxC

([2]) إحداث هيئة تنسيق لعودة المهجرين في الخارج، تشرين، تاريخ 05-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2N2XVou

([3]) وضع رؤية مشتركة وخطة عمل لعودة المهجرين السوريين من الخارج، موقع وزارة الإدارة المحلية والبيئة، تاريخ 09-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2oWEVcM

([4]) محمد زكريا، هيئة الرقابة والتفتيش تؤكد أن قانون الكسب غير المشروع مطبق لكنه محاط بالسرية، جريدة البعث، تاريخ 02-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2CDMDlA

([5]) البيانات الواردة في الجدول بحسب تصريحات وبيانات اللجنة القضائية العليا للانتخابات.

([6]) الضريبة غير المباشرة: نوع من أنواع الضريبة التي يتم تحصيلها لمصلحة الحكومة من خلال وسيط، وتفرض على الإنفاق أو الاستهلاك أو المبيعات، وذلك على خلاف الضرائب المباشرة التي تُفرض على الدخل والأصول والأرباح.

([7]) الدخل التشغيلي: دخل المصرف المتأتي من صافي إيرادات الفوائــد وصـــافي إيرادات العمولات والرســـوم، وصافي الأرباح التشغيلية الناتجة عن تقييم العملات الأجنبيــة، ومن خسائر أو أرباح غير محققة ناتجة عن إعادة تقييم مركز القطع البنيوي، إضافة إلى أرباح موجودات مالية للمتاجرة أو متوافرة للبيع والإيرادات التشغيلية الأخرى.

([8]) انتخابات الادارة المحلية. أكثر من 49 ألفا إجمالي طلب ترشيح، جريدة البعث، تاريخ 02-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2oYAPRx

([9]) محمد منار حميجو، قبول 34500 طلب ترشح ما عدا ثلاث محافظا، جريدة الوطن، تاريخ 08-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2x1rtJ9

([10]) صحفيون ينتقدون مسار الانتخابات… سنضع ورقة بيضاء، سناك سوري، تاريخ 11-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2oX3jLl

([11]) محمد منار حميجو، فقر في الحملات الإعلانية لانتخابات الإدارة المحلية … الأخرس لـ«الوطن»: لم يصلنا إلا عدد قليل من طلبات الإعلان، جريدة الوطن، تاريخ 03-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2NFTC21

([12]) بعد صدور قوائم «البعث». مرشح للانتخابات ينسحب: «النتائج وضعت سلفاً» !، سناك سوري، تاريخ 09-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2N1TRVr

([13]) «البعث» يعلن قائمة اللاذقية. أحزاب الجبهة والمرأة نالوا من “الجمل أذنه”، موقع سناك سوري، تاريخ 09-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2QmX8gc

([14]) “البعث” يعطي حلفاءه مقعداً واحداً في قائمة “السويداء” التي وصفت بـ “الذكورية”، سناك سوري، تاريخ 08-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2CLiqBi

([15]) في سابقة تاريخية… حزب جبهوي ينسحب من الانتخابات، سناك سوري، 11-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2O7eRqh

([16]) «قسد» تعتقل مرشحين لـ «الإدارة المحلية» بالحسكة وتدعم داعش بدير الزور، جريدة الوطن، تاريخ 20-08-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2O8QybA

([17]) الإعلان عن تأسيس إدارة ذاتية كردية مشتركة في سوريا، موقع روسيا اليوم، تاريخ 06-09-2018، رابط إلكتروني https://bit.ly/2NsNTfR