يصادف اليوم الذكرى الـ 57 لما يُعرف بـ"ثورة الثامن من آذار" عام 1963، والتي قام بها ضباط ينتمون لحزب البعث العربي الاشتراكي من أجل السيطرة على الحكم في سورية وكان لهم ذلك، وما أن تمكنت هذه الحركة الانقلابية من النجاح حتى بدأت بإصدار مجموعة من الأوامر العسكرية التي قضت بمضمونها الحكم المدني في سورية، ونص الأمر العسكري رقم /1/ على ممارسة "المجلس الوطني لقيادة الثورة" للسلطتين التشريعية والتنفيذية، بالإضافة لإعلان حالة الطوارئ في البلاد وحتى إشعار آخر، حيث استمر هذه الإشعار الآخر لمدّة 48 عام وشهر وأسبوع وستة أيام أي ما يعادل /17,576/ يوماً، حتى تاريخ انتهاء العمل به بالمرسوم التشريعي 161 لعام 2011 الصادر بتاريخ 21/4/2011 أي بعد مرور أكثر من شهر على بداية الثورة السورية، والذي تم الاستعاضة عنه بما هو "ألعن وأدق رقبة" قانون مكافحة الإرهاب القانون رقم 19 لعام 2012، الصادر بتاريخ 2/7/2012.
كما تم في اليوم الثاني للانقلاب بتاريخ 9/3/1963 تعيين القائد العام للجيش والقوات المسلحة نائباً للحاكم العرفي في جميع أنحاء الجمهورية العربية السورية، وحملت الأيام، لا بل السنوات والعقود التي تلتها تدخل حزب البعث بالأمور السيادية للدولة وفق رغبات القيادة القطرية للحزب، وأسست هذه "الثورة" لأحداث تاريخية أوصلت بمجموعها سورية للحالة الراهنة التي تعيشها، حيث أسست لــــ :
يمكن القول باختصار أن استيلاء حزب البعث العربي الاشتراكي - على الرغم من أنني عضو نصير به، انضممت له مجبراً في الثانوية العامة – يمثل اللحظة التاريخية السوداء الأولى في تاريخ سورية الحديث، وأن كافة المصائب والنوائب التي حلت على سورية حتى الوقت الراهن قد انطلقت في مثل هذا اليوم منذ سبعة وخمسين عاماً، وإن مجمل ما يعيشه السوريون حول العالم إنما هو ثمار هذه اللحظة السوداء وتبعاتها، ومن ضمنها السنوات العشر العجاف التي يعيشها السوريين ولما تنته بعد.
المصدر السورية نت: https://bit.ly/35kdzlc
أعلن عن نتائج انتخابات الإدارة المحلية التي جرت منذ يومين دون أن تتضمن أي مفاجئات، حيث جرت ضمن السياق المعتاد بتدخل سلطوي فج وترتيب أمني دون أي اعتبار لرأي السكان المعنيين بها أو مصالحهم، فهي لم ولن تكون أبداً في ظل النظام القائم إلا أداة لتجميل السلطوية وإعادة ترميمها، وصولاً إلى تثبيتها من جديد عبر بناء شبكات المحسوبية والزبائنية وإخضاع المحليات للمركز، لتؤكد هذه الانتخابات بأن اعتبارات الاستقرار السياسي والمجتمعي مغيبة لصالح اعتبارات أمنية ومصلحية وما يعنيه ذلك من استمرار حالة اللااستقرار ومفرزاتها.
أعلن النظام بشهر حزيران عزمه إجراء انتخابات الإدارة المحلية في شهر أيلول، لينهي بذلك حالة تمديد ولاية وحدات الإدارة المحلية بموجب المرسوم التشريعي رقم 14 الصادر في 2016، وما بين الإعلان عن موعد الانتخابات وإجرائها قام النظام باتخاذ مجموعة من الإجراءات لضمان تحكمه بالعملية الانتخابية ومخرجاتها لتعزيز سلطويته وضمان تحكمه بإعادة الإعمار على المستوى المحلي كما المركزي، حيث لجأ إلى إعادة بناء شبكاته المحلية القائمة على ثلاثية الشيخ والبعثي والمخبر الأمني، واستلحاق آخرين ممن أفرزتهم سنوات الأزمة من ميليشاويين وتجار أزمات ومصالحين من خلال زيادة عدد مقاعد المجالس المحلية من 17588 إلى 18474، كما قام النظام بإعادة تشكيل المحليات عبر استحداث أخرى وتغير التوصيف الإداري لبعضها الآخر، ليرتفع بذلك عدد الوحدات من 1337 إلى 1444 وحدة إدارية ذات شخصية اعتبارية، وهو ما مكنه من إضعاف محليات واحتواء أخرى لطالما كانت معارضة له، فضلاً عن توظيف هذه المحليات لتنفيذ وشرعنة إجراءات تنظيمية وإدارية كالقانون رقم 10، كذلك توظيفها للتحكم الكلي بعملية إعادة الإعمار على المستوى المحلي كما المركزي في حال التوصل إلى اتفاق دولي لدعم عملية إعادة الإعمار وهو غير متحقق لغاية الآن.
عمل النظام على استغلال الانتخابات المحلية لتنشيط دور البعث من جديد من خلال دمجه بالمحليات إدارة وتوجيهاً وعضوية كما كان سابقاً، الأمر الذي ظهر من خلال هيمنة البعث على قوائم الوحدة الوطنية مقابل حضور خجل لأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ممن استنكر بعضها علناً التوجه الإقصائي للبعث كالحزب السوري القومي الاجتماعي، وعلى الرغم من كل الإجراءات لم ينجح النظام بحشد الدعم الشعبي لهذه الانتخابات والترويج الخارجي لها، كما لم يتمكن أيضاً من دفع السكان للمشاركة بها رغم الحملات الإعلامية واللقاءات الميدانية المكثفة التي قام بها ممثلوه في المدن والبلدات، وتجلى ما سبق بانخفاض عدد الترشح ونسبة الناخبين، حيث اضطر النظام إلى تمديد فترة الترشيحات مبرراً ذلك بإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن لاستكمال مستنداتهم القانونية، في حين رشحت أخبار عن طلب البعث من عناصره الترشح خلال فترة التمديد للتغطية على ضعف المشاركة الشعبية، وهو ما يفسر ارتفاع عدد المرشحين بشكل كبير من 1800 مرشح خلال الأيام الأولى للترشح ليصل إلى ما يقارب من 50 ألف مرشح بنهاية المدة القانونية للترشح، كذلك أظهرت العملية الانتخابية وبإقرار الكثير من مؤيدي النظام ضعف نسب المشاركة بها، حيث قرر الكثيرين مقاطعتها بشكل مسبق باعتبار النتائج محسومة لصالح قوائم البعث، كما تجاهلها آخرين من منطلق كونها مسرحية وبأنها لن تغير شيئاً من واقع محلياتهم.
لا يبدو بأن المجالس الوليدة عن هذه الانتخابات وأعضائها سيحدثون فرقاً في واقع المحليات، فهم نتاج ترتيب طغت عليه الاعتبارات الأمنية والمصلحية للنظام، كما لا يحظوا بمصداقية وشرعيتهم مثار تساؤل في ظل عزوف كثير من السوريين عن المشاركة بالانتخابات واختطاف هذه العملية من قبل البعث، والإقصاء المتعمد لشرائح معتبرة من المجتمع السوري من المشاركة بها من النازحين والمهجرين والمقيمين في مناطق لا تخضع لسيطرة النظام، كذلك لا تتمتع هذه المجالس وأعضاؤها بالصلاحيات الكافية لإدارة مناطقهم إذ يحتكرها ممثلو المركز كالمحافظ، ولا يتوافر لها التمويل الكافي للتصدي للاستحقاقات الخدمية لمحلياتهم وخدمة مصالحها، ليفرغ جميع ما سبق الانتخابات المحلية من مضمونها ويجعلها أداة لإنتاج السلطوية وإخضاع المحليات، وهو ما يفتح الباب مشرعاً لاستمرار حالة اللااستقرار ومفرزاتها.
المصدر السورية نت: https://bit.ly/2NSp39a