خلال الفترة الواقعة من 20 وحتى 22 تشرين الأول/ ديسمبر 2017، شارك الباحث محمد العبدالله في المؤتمر الدولي الثاني للاجئين السوريين: اللاجئون السوريون بين الواقع والمأمول، بورقة بحثية بعنوان " واقع وآفاق تنمية سبل العيش للاجئين السوريين في تركيا: دراسة تحليلية"، حيث هدف الباحث إلى تشخيص العوامل المؤثرة على تنمية سبل العيش للاجئين السوريين في تركيا والمرتبطة بكل من الحكومة التركية ومنظمات المجتمع المدني وأرباب العمل واللاجئين أنفسهم. وبالتالي تقديم الحلول التي يمكن أن تسهم في تنمية سبل عيش اللاجئين من خلال القيام بأدوار محددة لكل من الأطراف السابقة.
استهدف المؤتمر واقع اللاجئ السوري ومشكلاته وآفاقه المستقبلية في جميع دول اللجوء، ومن أهداف المؤتمر.
ويتبع لها عدة مؤسسات كشرطة المرور (ترافيك) وقوات مكافحة الإرهاب HAT وأسايش المرأة و أمن الحواجز وجهاز الأمن العام وشعبة مكافحة الجريمة المنظمة.
*لقراءة المادة كاملة انقر هنا لتحميل الملف المرفق..
على طريق إنتاج الدولة البديلة، وفي سبيل إعادة تمثيل المجتمع المدني في عملية صنع القرار الوطني السياسي والإداري التنفيذي للمعارضة السورية، يجدر بنا إعادة النظر في المشكلات البنيوية والوظيفية التي تفرز العطالة الحاصلة في بناء شرعية سياسية وقانونية منافسة ومهددة لسلطة الأسد، وفي حين أن عملية صنع القرار الإداري والتنفيذي لا تزال تشهد تفاعلاً متنامياً ضمن أطر الفواعل المحلية (على مستوى الخطط والمشاريع والتنسيق البيني من خلال المجلس الأعلى للإدارة المحلية، أو على مستوى التوجية والقوننة والمأسسة من خلال وزارة الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة)، وبإشراف ومراقبة مجتمعية يتولى مهامها منظمات المجتمع المدني وقواه الفاعلة من الأدنى إلى الأعلى، فإن الفعل السياسي المعبر عن تطلعات وآمال قطاعات كبرى من السوريين لايزال محكوماً بدرجة كبيرة من التشظي وغياب الرؤية وعدم الانسجام والفردية، و يمكننا الحديث عن ثلاثة أنماط من الفعل السياسي التي يمكن للقوى المدنية في مرحلة ما قبل الحياة الحزبية أن تضطلع بها من الأدنى إلى الأعلى ، فنتكلم عن "الدفع السياسي" و"الفعل والممارسة السياسية" و"الهوية السياسية".
نتجنب في هذا المقال التناول المباشر للظروف الموضوعية الدولية والإقليمية الطارئة على الحالة السورية ونسهب أكثر ببعض أوجه القصور في تمثيل الجزء الأكبر من المجتمع السوري الذي يقارع سلطة الأسد منذ أكثر من 7 سنوات، حيث تكمن إمكانية تجاوز هذا الخلل في مدى القدرة على تمثيل هذا المجتمع ضمن بنى تمثيلية إضافة إلى قوة منظمات المجتمع المدني وارتباطها الفعلي بمصالح المجتمعات المحلية نفسها لا بتوجهات الدول ورغبات المانحين، حيث تعكس العلاقة المضبوطة والممأسسة والمحوكمة (القدرة على الرقابة والإشراف المتبادل والشفافية والمساءلة والمشاركة والتشاركية) بين المجتمع المدني ومنظمات المجتمع المدني والمجالس المحلية مدى قدرة المجتمعات المحلية على التعبير عن تطلعاتها والدفع بمطالبها إلى سدة لائحة المطالب الضاغطة على الفاعل الوطني والدولي.
في المستويات الإدارية الدنيا ضمن الوحدات الإدارية الصغرى يصبح تمثيل السكان المحليين أكثر معقولية وفعالية، فيما يكتفى في المستويات الأعلى كمجالس المدن والمحافظات بتعيين ممثلين عن الوحدات الصغرى يحكم تعيينهم مجموعة من الشروط المتعلقة بالكفاءة والمقدرة والنزاهة، حيث يقتصر الانتخاب في هذه المستويات أو التوافق على عملية اختيار رئيس المجلس ونائبه ، أما من حيث الوظيفة السياسية فتتعاكس الأدوار السياسية أو أنماط الفعل السياسي كما أسميناها آنفاً من الأدنى إلى الأعلى فيتم التركيز على الدفع السياسي في المستويات الدنيا وتضطلع بهذا الفعل منظمات المجتمع المدني والمجالس المحلية والهيئات الثورية المحلية والتي تمثل بمجموعها هوية المحلة السياسية العامة بغض النظر عن التوجهات السياسية الجزئية الناشئة ضمن المحلة نفسها إذا ما تناولنا حالة الاستقطاب المتولدة بين مجتمعات معارضة للأسد وأخرى موالية له وثالثة ذات رؤى إثنية أو طائفية.
أما مستويات المحافظات فتستمد هويتها السياسية من هوية الوحدات الإدارية التابعة لها سواء كانت مهجرة أو قائمة ضمن حدودها الإدارية الأمر الذي يدفع بأهمية تمثيل أكثر من 7 مليون نازح داخل الأراضي السورية، حتى لا يضيع صوتهم السياسي ولا يحتكر نظام الأسد تمثيلهم وصبغ مناطقهم بهويته السياسية وخاصة حين يتم طرح شكل الحل السياسي من خلال شراكات محلية من الأدنى إلى الأعلى، وضمن هذا التفصيل تزداد أهمية تحول مجالس المحافظات من حالة الدفع السياسي وتمثيل الهوية السياسية إلى حالة المشاركة الفعلية في صنع القرار السياسي.
يمكن التمييز هنا بين سياقين أساسيين: سياق المحافظات الخاضعة للسيطرة السياسية للنظام بأجزاء كبيرة منها (دمشق – حماه) أو كلياً (السويداء –طرطوس)؛ وسياق المحافظات الخارجة عن سيطرته كلياً (إدلب) أو بأجزاء كبيرة منها (درعا)،يزداد في السياق الأول دور مجالس المحافظات السياسي ومدى قدرتها على التعبير عن هوية المحافظة السياسية من خلال تمثيل الوحدات المحلية الأدنى الخاضعة للنظام (على مستوى الطبقة المناوئة للنظام )والخارجة عن سيطرته تمثيلاً يشمل هذه الوحدات جميعاً، في حين يتراجع دور هذه المحافظات في الإشراف على قطاع الخدمات والإدارة ويقتصر على عمليات المأسسة التحضيرية (للمرحلة القادمة) والإشراف على التوثيق المؤسسي والحقوقي ورعاية شؤون المهجرين والناشطين في المناطق الخاضعة لسلطة النظام السياسية قدر المستطاع وإدارة عمليات الإغاثة، فيما لا يقتصر الفعل السياسي في السياق الثاني على دور مجالس المحافظات بل تلعب الفصائل العسكرية بمجموعها دوراً أساسياً في صناعة الفعل السياسي وعليه يجدر الاهتمام في هذا السياق بتشكيل مجالس لقيادة المحافظات تضم مجالس المحافظات والفصائل العسكرية القائمة بها على أساس أن الفعل العسكري في الحالة السورية بشكل عام ينطلق من حالة محلية أو من حالة فصائلية عابرة للحدود الإدارية يقابلها في بنية النظام حالة محلية أيضاً وحالة الجيش الرسمي، وتأخذ مجالس المحافظات في هذا السياق دورها بشكل كامل في تمثيل كامل سكان المحافظة المدنيين (السكان الغير المسجلين في ذاتيات الفصائل العسكرية)،وفي إدارة الخدمة وتوفيرها وفي الإشراف على الشرطة المحلية، في حين تشارك في مجلس القيادة على مستوى المحافظة في تمثيل القرار السياسي لهذه المحافظة إضافة إلى القوى العسكرية والشخصيات الوطنية الأخرى في المحافظة.
لقد تمكن الفاعلون الدوليون والإقليميون الرئيسيون من تطويع المسارات السياسية المعقدة، من خلال فتح خطوط التفاوض مع المستويات المحلية الدنيا (فصائل محلية بشكل أساسي)، في محاولة لتفكيك الكمون السياسي للكتلة الاجتماعية الممناعة لشكل الحل السياسي المطروح وبالشكل الذي يمنح هذا الحل مشروعية وديمومة، خاصة فيما يتعلق بالمسائل العالقة ( مسألة بقاء الأسد – تطبيق العدالة الانتقالية – اللامركزية ...إلخ) مما يعني تفريغ الفعل السياسي المعارض على المستوى الوطني العام من مضمونه ومحتواه وتبديد مصادر قوته وذلك ببناء الحل النهائي على مجموعة من الحلول الجزئية بعدد البلديات الصغرى التي يمكن أن تتواصل معها قاعدة حميميم أو مناطق خفض التصعيد التي ترسمها الأستانة.
في الحلول يمكن الحديث عن الحد من ظاهرة الهشاشة البنيوية التي تعتري هيكلة العلاقة بين مجالس المحافظات والمجالس المحلية الفرعية، وذلك من خلال إعادة النظر في تمثيل هذه الأخيرة بصورة حقيقية وشاملة في مستويات مجالس المحافظات كما يجب تفعيل الدور الرقابي الإلزامي لمجالس المحافظات في الرقابة على عمليات الانتخابات المحلية والحد من تشكيل مجالس محلية بأسلوب التعيين بدعوى وجود توافق هو في حقيقته غير واقعي في كثير من الأحيان وإنما مبني على التسلط الاجتماعي للمرجعيات والوجاهات العائلية والقيادات المجتمعية، إضافة إلى ضبط الدورات الانتخابية من قبل المحافظة للمجالس الفرعية ومن قبل وزارة الإدارة المحلية لمجالس المحافظات، يضاف إلى ذلك أهمية التشديد على مدنية المشاركين في هذه المؤسسات ، وقدرة مجالس المحافظات على ضبط عمل منظمات المجتمع المدني ضمن محددات وطنية، ووجود بيئة قانونية ناظمة للعمل المدني بجناحيه الرئيسيين (المجالس المحلية – منظمات المجتمع المدني) وعلى مستوى القرار السياسي المحلي ينبغي انتزاع ملف المفاوضات المحلية من يد الفصائل المحلية والمجالس المحلية وإحالته إلى مجالس المحافظات أو مجالس قيادة المحافظات إن وجدت ، بهدف قطع الطريق على التفاوض المحلي وحصره بالمستويات السياسية العليا.
بقي أن نقول إن هذه الرؤية تمثل نقلة من حالة الصيغة المناطقية المحلية المفرطة التي تميز حالة القرار والفعل السياسي والإداري للغالبية المناهضة للأسد، إلى حالة أكثر تفاعلاً واتساقاً ومأسسة على المستوى السياسي (إطار سياسي وطني تمثيلي ) والتنفيذي (حكومة كفاءات )، والتي تنزاح فيها الممارسة السياسية لمجالس المحافظات ومنظمات المجتمع المدني والهيئات الثورية لصالح الدفع السياسي وتتفرغ الفصائل المحلية لضمان الأمن المحلي، الأمر الذي يتاح المجال للتباحث الوطني في صيغ التفاعل والضبط السياسي الجديد والذي ينبغي له أن يصاغ بمحددات وطنية واضحة يذوب فيه الفكر الفصائلي لصالح الأطر الوطنية.
يعمل هذا الكتاب على بلورة الشروط المعرفية والسياسية والاجتماعية والتقنية المؤثرة في عملية التغيير الأمني، واتّساقها مع الظرف السوري الراهن، وبالتالي القدرة على تصدير رؤية تنفيذية تراعي الضرورات الوطنية وتخرج هذا الملف من زوايا التنافس السياسي بين أطراف الصراع سواء المحليين أم الإقليمين أم الدوليين إلى متطلبات التماهي والتوافق ما بين الشروط الأمنية المحلية والتقاطعات مع النظام الأمني الإقليمي، وتقدم إجابات موضوعية لأسئلة حدود التغيير الأمني في سورية وطبيعته وما مستوياته وما أهدافه وما خطته التنفيذية؟
يقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول رئيسة تبدأ بالتأسيس لمجموعة من المفاهيم والسياسات التي تتطلبها عملية التغيير الأمني، منطلقة في ذلك من برامج إعادة هيكلة القطاع الأمني وبرامج نزع السلاح وإعادة الدمج، وتجارب دول ما بعد الصراع واستعراض لأهم الدروس المستفادة منها، كما يوضح هذا الفصل الأدوار الرئيسة المؤثرة في عملية إعادة الهيكلة كدور المجتمع المدني وبرامج العدالة الانتقالية وأثرهما في جعل العملية مراقبة ومتوافقة مع التطلعات المجتمعية المتمثلة في خمسة تطلعات: المراقبة؛ المشاركة؛ الشفافية؛ المسؤولية؛ العدالة.
ويستعرض الكتاب في فصله الثاني الواقع الأمني في مناطق النظام والمعارضة والإدارة الذاتية، وذلك للوقوف على طبيعة البيئة والبنية الأمنية، وقياس مدى كفاءتها وقدرتها على تحقيق الوظائف الأمنية، ليصار بعدها لاستخلاص مقاربة تحوكم العمل الأمني بين هذه البنى، مقاربة يُختبر فيها كلٌ من أطروحاتي المركزية واللامركزية، وفق معايير لا تتعارض مع الغايات الأمنية الوطنية وضرورات الانطلاق من رؤية أمنية شاملة، ولا تتجاوز الواقع الراهن بما يؤسس لحالة استقرار تتطلبها مناطق النزاع كافة.
وفي سبيل تقديم مقاربة تنفيذية في إعادة الهيكلة الأمنية في سورية يفكك الفصل الثالث من هذا الكتاب التحديات التي ستواجهها عملية التغيير، إذ يبحث في العلاقة بين الظرف السياسي وتحولاته ومدى اقترابه أو ابتعاده عن تشكيل عملية سياسية تفضي لتغيير أمني حقيقي مع الغايات المتوقعة في الملف الأمني وفرضيات التغيير عامة، كما يبين مدى ارتباط أي تغيير بمدى توافر القدرة على مواجهة تحديات "الدولة الفاشلة" والسير وفق منظومة إصلاحات لا تستقم العملية دونها، بحيث لا يكون سيراً شكلياً والتفافاً على متطلبات هذا الملف، ويقدم المطلب الأخير في هذا الفصل رؤية تنفيذية للعملية الأمنية الموضوعية والتي تنطلق من جملة أهداف استراتيجية كفيلة بالوصول إلى بناء قطاع أمني متماسك قادر على القيام بمهامه الأمنية ويضمن المشاركة المجتمعية في صيانة الأمن ومراقبته، ويفصِّل في هذا السياق الجدول الزمني ومراحل التنفيذ لهذه العملية بدءاً من مرحلة ما قبل الانتقال والتي بات يطلق عليها "مرحلة بناء السلام" ومروراً بالمرحلة الانتقالية وانتهاء بمرحلة الاستقرار.
أسفرت التسويات التي فرضها نظام الأسد على المجتمعات المحلية في عدة مناطق على امتداد خارطة الصراع في سورية عن تهجير عدد من أبناء هذه المناطق قسرياً باتجاه محافظتي إدلب وحلب، يضاف إلى ذلك تهجير جزء من أبناء حي القابون الدمشقي إلى الغوطة الشرقية، وقد تركزت سياسة النظام على تهجير الفواعل المحلية من مجالس محلية وهيئات مدنية إضافةً إلى الفصائل العسكرية، أو مطالبته في مرحلة من المراحل بحلّ المجلس المحلي نفسه كأسلوب من أساليب الضغط قبيل الوصول إلى الاتفاق النهائي كما في حالة معظمية الشام.
وقد تعددت سياقات هذه التسويات من حيث كونها شكلت نهاية لمرحلة صراع عسكري طويلة بين النظام وحلفائه من جهة وقوى المقاومة الوطنية في هذه المناطق من جهة أخرى، تعذر خلالها الحسم العسكري لصالح النظام فانتقل إلى اعتماد أسلوب الحصار والتجويع والقصف العشوائي، الأمر الذي شكل عاملاً ضاغطاً على القوى العسكرية والبنى الإدارية في هذه المناطق ومدخلاً لابتزازها بملفات إنسانية متعددة، فقد أسس النظام على حالة التصعيد العسكري المتواصل في حالة كلّ من داريا وشرق حلب وعمل على توظيفها في إرغام المناطق التي عقدت هدن معلنة أو ضمنية مع النظام مطلع عام 2014 كما في حالة عدد من المناطق (معظمية الشام، خان الشيح، زاكية، قدسيا، الهامة، وادي بردى، سرغايا، ديرخبية، الطيبة، الوعر، التل، دمر، كفرسوسة، برزة والقابون) للقبول باتفاقات مصالحة شاملة، أو ضمن اتفاقات منفصلة خارج سياق الهدن ثم المصالحات المحلية كما في الزبداني ومضايا المشمولتين باتفاقية المدن الأربعة، ورغم أن بعض المناطق مثل وادي بردى قاومت محاولات النظام لفرض الهدنة الشاملة، إلا أن الشكل العام لاتفاقيات المصالحة الشاملة حمل نفس الإطار العام مع اختلاف في بعض التفاصيل لكلّ منها.
نجم عن تطبيق هذه التسويات تهجير شامل أو جزئي لسكان هذه المناطق -ذات الموقع المهم جيوسياسياً- إلى الشمال السوري، حيث حددت مصالح حلفاء النظام الروس والإيرانيين حجم هذا التهجير والشرائح التي تم تهجيرها، ففي الوقت الذي اقتصر فيه التهجير على القيادات المحلية والعسكرية والأسر المرتبطة بها كما في حالة المعظمية والهامة وقدسيا وشرق حلب (على سبيل المثال لا الحصر) وفقاً لأولوية توجهات الفاعل الروسي في إعادة ترتيب الخرائط المحلية ديمغرافياً وتطويعها بما يلائم استراتيجية الروس في إنشاء مناطق خفض تصعيد، فإن توجه الحليف الإيراني والميليشيات التابعة له كان أكثر مباشرة في المضي نحو عمليات تجريف ديمغرافي لم تفضي إلى إحلال مكونات بشرية أخرى بقدر ما هدفت إلى تحصين مناطق نفوذ حلفائها من أي محاولة اجتماعية لإعادة إنتاج الثورة، وهو ما حدث في حمص وريفها الجنوبي الغربي وريف دمشق الغربي.
إن الثابت في اتفاقيات المصالحة الشاملة التي فرضها النظام على المناطق المذكورة هو تركيز النظام على تهجير الكوادر المحلية من مجالس محلية وهيئات مدنية إضافةً إلى الفصائل العسكرية، أو مطالبته في مرحلة من المراحل بحل المجلس المحلي نفسه كأسلوب من أساليب الابتزاز قبيل الوصول إلى الاتفاق النهائي كما في حالة معظمية الشام([1])، وهو توجه ينسجم مع موقف الرفض القطعي من قبل النظام للمجالس المحلية ولأي شكل من أشكال الحكم أو الإدارة المحليين، لأنها تمثل أنماط بديلة ذات شرعية متنامية.
بالمقابل، تنوعت استجابة الفواعل المحلية المهجرة لمتطلبات المهجرين وأسئلة ما بعد التهجير تبعاً لمستوى فاعليتها قبل التهجير في مجتمعاتها المحلية ومركزية دورها، وأيضاً بحسب قدرة المستويات الإدارية الأعلى على إعادة تمكينها في البيئات الجديدة.
تتناول هذه الورقة إشكالية إعادة تعريف المجالس المحلية لنفسها في البيئات الجديدة من حيث الأدوار الجديدة المنوطة بها، والاستحقاقات التي تواجهها سواء على المستوى السياسي أو المستوى الحقوقي أو المستوى الإداري، فتناقش دور هذه المجالس قبل التهجير ودورها في مفاوضات التسويات التي أفضت إلى التهجير كأحد شروط تلك التسويات، ومن ثم دورها في البيئات الجديدة وشكل علاقة كل منها مع الآخر وأيضاً مع الفواعل المحلية القائمة في البيئات الجديدة والأدوار الجديدة المنوطة بها والأدوار المأمولة منها، وتقتصر الورقة على تناول حالة المجالس المحلية المهجرة قسراً بحكم التسويات التي فرضها النظام وتلك التي رعتها روسيا وإيران نموذجاً، على اعتبار شمول الأدوار المنوطة بها لتلك المنوطة بالفواعل المهجرة بفعل الأعمال القتالية، وتزيد عليها بكونها تقف أمام استحقاقات حقوقية مرتبطة بملف التهجير القسري والتغيير الديمغرافي، وتعد أهم مخرج لسياسة الهدن والمصالحات والتسويات التي انتهجها النظام ورعتها روسيا وإيران، ثم تخلص إلى اقتراح حزمة من السياسات في ما يتعلق بالحوكمة والإدارة والتنمية والعلاقات الاجتماعية والسياسية.
تنعكس فعالية المجالس المحلية في مناطقها التي هجرت منها والأدوار التي اضطلعت بها إدارياً وسياسياً([2])، في مدى قدرتها على إعادة تعريف نفسها في البيئات الجديدة، وهو أمرٌ لم تكتمل عناصره ، إذ اتسمت بنى أغلب المجالس المحلية التي كانت قائمة في المناطق التي خضعت لتسويات وتعرضت لتهجير قسري جزئي أو كلي بالهشاشة وضعف إدارتها للخدمات، وتواضع قدراتها على المأسسة ومحدودية تمثيلها للسكان المحليين وهامشية دورها وخضوعها لمنظومات عسكرية وعدم فعاليتها في كثير من المناطق، كما يشير الجدول إلى غياب أغلب هذه البنى عن المفاوضات التي أفضت إلى التهجير، ويدفع كل ذلك إلى أهمية إيجاد مقاربات تجعل هذه المجالس أكثر فعالية وحضوراً في البيئات الجديدة، خصوصاً مع ضعف تأثير المنظومات العسكرية المحلية التي كانت مسيطرة قبل التهجير. ويمكن استعراض فاعلية تلك المجالس إدارياً وسياسياً في بعض المناطق التي خضعت لعمليات تهجير كلي أو جزئي وفق الجدول الآتي:
جدول فاعلية البنى الإدارية للمناطق المهجرة قبل التهجير([3])
جدول رقم (1)
من جهة أخرى، يعد سياق نشوء المجالس المحلية أحد أهم مبررات إعادة تفعيلها خارج حدودها الجغرافية، فقد نشأ الكثير منها خارج نطاقه الجغرافي منذ بدء مشروع المجالس المحلية، ومثلت تلك المجالس حاجة ملحّة لإيجاد أجسام تمثيلية تقوم بأدوار تنسيقية في المناطق الثائرة وتحقق المشروعية المحلية، ثم أُضيفت الأدوار الخدمية والإدارية والتنموية إليها بعد انحسار سيطرة النظام عن عدد من المناطق كاستجابة لحاجة المجتمعات المحلية لأدوار الدولة ومؤسساتها كما حدث في مدينة إدلب([5]).
وتنبع أهمية إعادة تشكيل المجالس المحلية في البيئات المهجرة بصرف النظر عن كونها خارج حدودها الإدارية، بما يلبي الحاجة إلى إعادة تعريف الهوية السياسية للمناطق التي خضعت لسيطرة النظام ولتمثيل سكانها في أي استحقاق من استحقاقات الانتقال السياسي قد يتطلب شراكة حتى على مستوى الوحدات الإدارية للمناطق بين المجالس التابعة للمعارضة وتلك التابعة للنظام بالنسبة لنفس المنطقة، أو في التعاطي مع الاستحقاقات الانتخابية القادمة التي تتطلب مشاركة جميع السوريين في مناطق النزوح ودول اللجوء والشتات، أو في التصدر لتلبية مطالب المهجرين قسرياً وحماية حقوقهم في مناطقهم التي هجروا منها ، ويلاحظ من خلال التواصل مع معظم المجالس المحلية التي تم تهجيرها إلى الشمال السوري عزوفها عن إعادة تشكيل مجالسها المحلية في مقابل توجهها إلى اعتماد مديريات ومنظمات وهيئات وظيفية بديلة غير تمثيلية وتفتقد لعنصر الإدارة والحوكمة، إذ تشكل المجالس المحلية المهجرة التي أعادت تشكيل نفسها في المناطق الجديدة أو حافظت على مجالسها دون إعادة انتخاب ما نسبته 20% من المجالس المهجرة قسرياً([6]).
تعددت استجابة المجالس المهجرة لمتطلبات البيئات الجديدة تبعاً لتماسكها وأدوارها التي كانت تضطلع بها في بيئاتها الأصلية وأيضاً لسياقات عملها في تلك البيئات وبحسب قدرتها على التواصل مع الفعاليات المختلفة القائمة في البيئات الجديدة، ويمكن استعراض نماذج من الفواعل المحلية المهجرة ومع خياراتها الجديدة.
شهدت نهاية عام 2015 تصعيداً عسكرياً خطيراً على جبهات مدينة داريا تمكن خلالها النظام السوري من إحراز تقدم كبير على حساب فصائل المقاومة الوطنية في مدينة داريا، تخلل ذلك مرحلة اتفاق وقف إطلاق النار في ال11 من شباط من عام 2016 والذي رعته كل من روسيا والولايات المتحدة على امتداد جبهات القتال في سوريا، ليستأنف التصعيد العسكري بعد توقف العمل بهذا الاتفاق وتنحسر حدود سيطرة فصائل المقاومة الوطنية في داريا إلى مساحة 1 كم2 ، تم خلالها خسارة كامل الأراضي الزراعية التي يعتمد عليها المحاصرون في داريا، وتدمير آخر مشافي المدينة، كما تسبب القصف بالقنابل الحارقة والبراميل المتفجرة إلى شل قدرات المجلس المحلي لمدينة داريا وفرق الإنقاذ ووضعها في حالة من العجز التام([7])، وقد مثّل مجلس داريا حالة متقدمة من عمل المجالس المحلية من حيث الإدارة ومركزية الدور والقدرة على التنسيق بين مختلف الفواعل المدنية والعسكرية في داريا المحاصرة إضافة إلى حيازة دور أساسي في المفاوضات التي تمت مع النظام([8])،حيث أسفرت المفاوضات التي تمت بين اللجنة المشكلة من المجلس المحلي في داريا وفصيلي شهداء الإسلام والمقداد بن عمرو من جهة وممثلي النظام من جهة أخرى إلى التوصل لاتفاق بتاريخ 27/8/2016، يفضي إلى إجلاء 793 عائلة من المدينة إضافةً إلى ما تبقى من مقاتلين في المدينة ليتم إفراغ المدينة من سكانها بصورة كاملة باتجاه محافظة إدلب ومراكز الإيواء في الغوطة الغربية([9])، كما أشرف المجلس المحلي لمدينة داريا بعد التهجير على عمل غرفة الطوارئ الخاصة بداريا والتي ضمت ممثلين عن المنظمات الإغاثية والجهات المدنية المتواجدة في محافظة إدلب وفي خارج سورية والتي تطوعت لمساعدة مهجري داريا، حيث شكل المجلس لجنة الطوارئ المكلفة بالإشراف على عمل الغرفة من خلال([i])
وقد استمر المجلس المحلي في داريا من خلال لجنة الطوارئ المنبثقة عنه بمتابعة شؤون المهجرين لمدة 4 أشهر، كما انبثق عنها لجنة إغاثية دائمة تعنى بشؤون مهجري داريا([10]).
ومع استمرار النقاشات حول جدوى بقاء المجلس المحلي كإطار تنفيذي بعد التجهير، عقد المجلس المحلي في 22/10/2016 اجتماعاً في محافظة إدلب بحضور هيئته العامة، حيث عرض المجلس تقارير أعمال مكاتبه أمام الهيئة العامة واتُخذ قرار نهائي بحل المجلس المحلي([11]). وتُعزى أهم أسباب حل المجلس المحلي لمدينة داريا من وجهة نظر بعض القائمين عليه إلى الآتي([12]):
ويضاف إلى ذلك الرغبة بعدم مزاحمة المجالس المحلية المضيفة لأدوارها الخدمية([13]) وصعوبة تشكيل مجلس موحد نظراً لتوزع المهجرين في عدة مناطق وفي دول الشتات([14]).
وبالإضافة إلى اللجنة الإغاثية لمهجري داريا، استأنف كادر السجل المدني في داريا عمله في محافظة إدلب([15]) وهو الذي لم يكن مرتبطاً إدارياً بالمجلس المحلي لداريا([16]).
ويمكن أن يُؤخذ على فكرة حل مجلس داريا المحلي ما يلي:
توصلت القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في الملف السوري إضافة إلى ممثلي فصائل المقاومة الوطنية في شرق مدينة حلب إلى اتفاق يقضي بإجلاء سكان شرقي مدينة حلب الغير راغبين بتسوية أوضاعهم، بعد قرابة العام على التصعيد العسكري لقوات النظام وحلفائه على المدينة والذي انتهى بإحكام الحصار عليها وغادرت آخر دفعة من سكان شرق مدينة حلب بنهاية يوم 21/12/2016، ليصل عدد مهجري المدينة إلى 150 ألف نسمة توزع معظمهم في ريف محافظة حلب الشرقي ومحافظة إدلب إضافة إلى أعداد قليلة نسبياً توجهت نحو ريف حلب الشمالي([17]). وقد تزامن البدء بتنفيذ اتفاق إجلاء المدنيين والفصائل من شرق حلب مع نهاية الدورة الانتخابية الرابعة لمجلس مدينة حلب، وبعد انقطاع لمدة شهر اجتمع ما تبقى من أعضاء المجلس وكان هناك خياران تمثل إحداهما بالدعوة إلى تفعيل مجلس مدينة حلب فيما تضمن الثاني اقتراح حل المجلس وتشكيل لجنة لمتابعة شؤون مهجري شرق مدينة حلب على غرار ما حصل مع داريا. وقد تمت دعوة الهيئة العامة لمدينة حلب المؤلفة من 140 شخص واختتمت النقاشات بالاتفاق على إعادة انتخاب مجلس مدينة حلب لدورة خامسة وذلك بالتنسيق مع مجلس محافظة حلب، وقد استفاد مجلس مدينة حلب من وجوده ضمن الرقعة الجغرافية لمجلس محافظة حلب وبقاء أجزاء من الحدود الإدارية للمدينة بيد المعارضة مثل حي الراشدين والليرمون وخان العسل وضاحية الكهرباء بالإضافة إلى افتتاح مكتبين للمتابعة شؤون سكان مدينة حلب المهجرين إلى ريف المحافظة أحدهما في الريف الشمالي لمحافظة حلب والآخر في الريف الغربي للمحافظة([18])، وقد استلزم تنوع نطاق عمل المجلس ضمن حدوده الإدارية وخارجها تنوعاً في شكل الاستجابة، من حيث الحد من التضارب الوظيفي بين المديريات اللامركزية التابعة للمجلس المهجر وتلك التابعة للمجلس المضيف([19])، واستمرار الدور الإشرافي للمجلس على المديريات المركزية في المحافظة كون نطاق عملها يشمل كل الوحدات الإدارية في المحافظة بغض النظر عن حالة التهجير ضمنها([20])، وقد شكل مجلس مدينة حلب بعد إلغاء عمل المديريات التابعة له في البيئات الجديدة لجنة مكونة من شخصين في كل منطقة تم التهجير إليها، تعنى بإدارة شؤون المهجرين ضمن الحدود الإدارية للمجلس المضيف وبالتنسيق الكامل معه([21])، وقد تحدد نطاق عمل مجلس مدينة حلب في الوضع الجديد ضمن نسقين([22]): الأول: خدمي ضمن ما تبقى من الحدود الإدارية لمدينة حلب؛ والثاني: تمثيلي يضطلع بأدوار اعتبارية وإغاثية من حيث إدارة الموارد الإغاثية خارج الحدود الإدارية لمدينة حلب.
ويمكن أن يؤخذ على مجلس مدينة حلب قيامه بإعادة التشكيل والهيكلة عقب التهجير دون الرجوع إلى المستويات الإدارية الأعلى بدايةً كجهات إشرافية([23]).
لم يطرأ على أدوار بعض المجالس تغيرات تذكر في البيئات الجديدة التي هجرت إليها كونها هجرت من مناطق كانت قد اضطرت إلى الانتقال إليها بسبب سيطرة النظام على كامل الحدود الإدارية للوحدة الإدارية التي تمثلها هذه المجالس، ويمكن تصنيف كل من مجلسي كفرسوسة([24]) ودمر([25]) في محافظة دمشق كنموذجين عن هذه الحالة التي نشأت ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة النظام كتطور طبيعي للتنسيقيات الثورية([26])، واقتصرت أدوار هذه المجالس في البدايات على تمثيل المجتمعات المحلية كتغليب للشق السياسي للمجالس المحلية على الشق الخدمي الذي ظلت البنى الإدارية التابعة للنظام تقوم به، إضافةً إلى استمرار تطوير العمل الإغاثي للتنسيقيات السابقة نحو إدارة العمل الإغاثي من خلال تنظيم الإحصاءات وتقييم الاحتياجات، إلى جانب النشاط الحقوقي التوثيقي من إحصاء للشهداء والمعتقلين والمختفين قسراً ([27])، وأيضاً رصد محاولات النظام لتغيير الخارطة الديمغرافية والعبث بالخارطة العمرانية للأحياء([28]) .
مع اشتداد القبضة الأمنية في دمشق وهجرة الكثير من الناشطين وعائلاتهم إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في دمشق وريفها ، نقلت عدد من المجالس المحلية مراكزها إلى هذه المناطق لتقوم برعاية شؤون المهجرين فيها، إضافةً إلى استمرار أنشطتها بصورة محدودة داخل المناطق المحتلة فأعاد المجلس المحلي لحي كفرسوسة تشكيل نفسه في مدينة داريا بصورة أساسية بريف دمشق بالإضافة إلى تواجد مهجري الحي في مناطق أخرى من غوطة دمشق الغربية كخان الشيح ومعظمية الشام، فيما أعاد المجلس المحلي لحي دمر تشكيل نفسه في بلدة قدسيا بريف دمشق مع وجود مهجرين في وادي بردى والهامة وبرزة والتل، وقد سهل زوال القبضة الأمنية للنظام عن المناطق الخارجة عن سيطرته من إمكانية هذه المجالس على إعادة تشكيلها ضمن معايير أكثر حوكمية من حيث الهيكلية والوظائف واعتماد القوانين الإدارية ولو بصورة محدودة أو جزئية([29]).
فرضت تسوية داريا ثم المعظمية تهجير سكان حي كفرسوسة المهجرين أصلاً إلى محافظة إدلب ، ثم أتت تسوية قدسيا والهامة ووادي بردى وبرزة والتل لتفرض تهجير مهجري حي دمر إلى محافظة إدلب أيضاً، وقد أعاد المجلسان تشكيل نفسيهما بعد التهجير إلى محافظة إدلب فقد اجتمعت الهيئة العامة لحي كفرسوسة في الخارج وفي إدلب والمناطق الخاضعة لسيطرة النظام وانتخبت بشكل سري مجلساً محلياً جديداً أواخر نيسان 2017، فيما أعيدت هيكلة المجلس المحلي لحي دمر مطلع حزيران 2017، وقد عمل المجلسان على إحصاء المهجرين وتأمين احتياجاتهم من خلال التواصل مع الداعمين والمنظمات الإنسانية إضافة إلى استمرار المجلسين بالقيام بأدوارهما التي كانا يقومان بها في المناطق المحتلة والمناطق التي هجروا منها. وتعاني هذه المجالس من انعدام شبه كامل للموارد الأمر الذي تسبب في تعطيل أنشطتها بشكل مؤقت في المناطق التي هجرت إليها، إضافةً إلى هجرة الكثير من كوادرها إلى خارج سورية بعد الوصول إلى إدلب، أو انخراطهم ضمن كيانات أخرى([30]).
يمكن أن يؤخذ على هذه المجالس ما يلي:([31])
أسفر استكمال تطبيق اتفاقية المدن الأربعة أواخر العام 2016 بين جيش الفتح والجانب الإيراني وبمساعي قطرية والذي وقعت الأحرف الأولى منها في أيلول 2015([32])، عن إجلاء 3500 مدني من أبناء مدينة الزبداني كانوا موزعين بين مدينة الزبداني وبلدة مضايا و قرية بقين اللتان تم تهجيرهما ضمن الاتفاق أيضاً، بعد اشتداد الحصار والتصعيد العسكري ضد منطقة الزبداني بشكل عام([33])، وقد عانت مجالس الزبداني ومضايا من تهميش كبير لدورها المحلي لصالح تغول كامل للقوى العسكرية المسيطرة قبل التهجير والمتمثلة بحركة أحرار الشام، ثم لتشكل الأخيرة مجلساً محلياً غير منتخب كما حصل في مضايا قبيل التهجير([34])، إضافةً إلى عدم إشراك القوى المدنية والمجالس المحلية السابقة في المفاوضات المفضية لاتفاق المدن الأربعة([35]) الذي لعبت فيه كتائب الحمزة التابعة لحركة أحرار الشام من جهة وحزب الله اللبناني دوراً تنفيذياً مباشراً وبإشراف مباشر من الهلال الأحمر السوري، في الوقت الذي لعبت فيه الفواعل المدنية بصورة عامة دوراً محورياً في مواجهة الحصار والمجاعة التي حلت ببلدة مضايا مطلع العام 2016، وذلك من خلال اللجان الإغاثية التي شكلت حينها ضمن منظومة طوارئ تحت إسم الهيئة الإغاثية الموحدة في مضايا والزبداني([36])، حيث ضمت بلدة مضايا إلى جانب سكانها المئات من مهجري مدينة الزبداني المجاورة، وقد تابعت الهيئة الإغاثية التي كانت منفصلة عن المجلس المحلي المسيطر عليه من قبل حركة أحرار الشام أنشطتها لحين التهجير حيث عمدت على تنظيم قوافل المهجرين وإحصائهم وأسهمت في توزيعهم على مراكز الإيواء في الشمال والهيئات الإغاثية في الشمال السوري بالإضافة للجنة إغاثية شكلتها القوى العسكرية المهجرة حيث قامت بالتواصل مع المنظمات والفعاليات المدنية المحلية لهذا الغرض([37])، وقد تم حل المجلس المحلي لبلدة مضايا المشكل من قبل أحرار الشام في مضايا بشكل كامل قبيل التهجير، فيما توجه أعضاء في المجلس المحلي القديم لبلدة مضايا إلى العمل على تشكيل المركز السوري لحقوق المهجرين قسرياً ومقره مدينة إدلب والذي سيعمل على عدة مهام منها: ([38])
أما في مدينة الزبداني فقد سيطرت كتيبة الحمزة التابعة لحركة أحرار الشام على المجلس المحلي لمدينة الزبداني ولم يكن المجلس مفعلاً بالقدر الكافي لينتهي دوره بعد التهجير بشكل كلي رغم بعض المحاولات لإعادة تفعيله، بالمقابل تم تشكيل المجمع الإداري لمهجري الزبداني([39]) في 18/6/2016 والذي سيعمل على تأمين الحدود الدنيا من الاحتياجات الإغاثية والخدمية من تعليم وصحة وسكن وكهرباء وماء؛ وتحقيق الاستقرار الاجتماعي من تشكيل جهاز قضائي ودائرة للأحوال الشخصية. ([40])
وقد باشرت دائرة الأحوال الشخصية في المجمع الإداري لمهجري الزبداني بمنح مهجري الزبداني ممن تزيد أعمارهم عن ال14 عاماً بطاقات شخصية مؤقتة([41])،وفي سبيل تحقيق الحدود الدنيا من المشروعية توجه المجمع الإداري لمهجري الزبداني لتسمية مندوب عن كل عائلة لتشكيل هيئة عامة تمثل أهالي الزبداني وتنتخب مجلساً للأعيان يقوم بأدوار المراقبة والإشراف على عمل المكاتب التابعة للمجمع الإداري ومحاسبة المقصرين([42])، ليقوم مقام المجلس المحلي لمدينة الزبداني ، وقد تم انتخاب مجلس أعيان الزبداني([43]) ليصار فيما بعد إلى حل المجلس المحلي لمدينة الزبداني([44])، وتجدر الإشارة إلى أن ثمة تجمع مؤسسي آخر لمهجري دمشق وريفها يجري العمل على تأسيسه ولم تتبلور ملامحه المؤسسية بعد([45]).
ويمكن أن يؤخذ على توجهات الفواعل المدنية لمضايا والزبداني ما يلي:
دفعت الظروف الصعبة للمهجرين وغياب آلية واضحة للتعبير عن مصالحهم وحماية حقوقهم وغياب دور فاعل لمجالس المحافظات التي تتبع لها المجالس المهجرة، إلى التوجه نحو نمط الاتحادات الخدمية التي تضم ممثلين عن كل المناطق المهجرة، فتشكلت بتاريخ 1/6/2017 هيئة مهجري دمشق وريفها التي عرفت عن نفسها بأنها "تجمع لجان مناطق دمشق وريفها وهي اللجان المنتخبة والمفوضة من المهجرين انفسهم بتفويض رسمي وتهدف الى تامين العيش الكريم للمهجرين والعمل على العودة المشرفة بكل الوسائل وتناضل من اجل ذلك"([48]) وقد شكلت الهيئة مجموعة من المكاتب التنفيذية كمكتب الإحصاء ومكتب المشاريع والمكتب الإغاثي والمكتب الإعلامي ومكتب الرعاية الاجتماعية ومكتب التعليم والمكتب الطبي والمكتب المالي ومكتب العلاقات العامة ومكتب الرقابة والتفتيش ومكتب الإسكان والمكتب القانوني([49])، حيث ستعمل الهيئة من خلال هذه المكاتب على الآتي([50]):
كما تم في منتصف شهر آب من عام 2017 تشكيل إدارة مهجري دمشق وحمص وريفيهما بدفع من القوى العسكرية المسيطرة في محافظة إدلب([53])، ضمن توجه مكمّل للإدارة المدنية التي تعمل على تشكيلها في المحافظة([54])، بحيث يتم توظيف الشرعية المتنامية للفعاليات المدنية القائمة والمهجرة في التعاطي مع مختلف الاستحقاقات السياسية التي تنتظر محافظة إدلب.
ويمكن أن يؤخذ على هذه الاتحادات ما يلي:
تفتقد معظم الهيئات الجديدة التي شكلتها كوادر المجالس المحلية المهجرة في البيئات الجديدة إلى أطر إدارية وإشرافية ذات صيغة تمثيلية تحقق حوكمة هذه الهيئات من خلال تحقيق المشروعية المحلية المبنية على التشاركية والمساءلة والرقابة والإشراف المجتمعي وتحقيق الشرعية من خلال قوننة عمل هذه الهيئات واعتمادها، ويدفع هذا للتوجه نحو أهمية تشكيل الأطر الإدارية وربطها بالمستويات الإدارية المختلفة من خلال إعادة إحياء المجالس المهجرة في البيئات الجديدة وفق هيكليات ووظائف جديدة وجملة من القوانين الناظمة:
توفر اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية 107 والبلاغات الحكومية البيئة القانونية المناسبة لمنح المجالس المحلية المهجرة الشرعية القانونية، وإسباغ الصفة القانونية على بعض أدوارها وخاصة الدور المرتبط بالتمثيل([58])، وقد أشرفت وزارة الإدارة المحلية على انتخابات بعض مجالس المحافظات خارج حدودها الجغرافية، كمجلسي السويداء والرقة([59])، وهو ما يضع هذه المجالس على خارطة البنية الإدارية في سورية، ويزيد من فرص اعتمادها والاعتراف بها خارجياً، إلا أن تفاقم أزمة التهجير القسري والنزوح والأعباء التي تنوء عن حملها الفواعل المستضيفة، تجعل من الضروري بمكان استصدار المزيد من القرارات والأوامر الإدارية المناسبة التي تسهم في ضبط العلاقة بين المجالس المهجرة من جهة والفواعل المستضيفة من جهة أخرى، بما يكفل استثمار جهودها جميعاً في التعاطي مع تلك الأزمة، وتتركز الاحتياجات القانونية للمجالس المهجرة في قوننة صلاحياتها، وتحديد شكل علاقتها مع مجالس محافظاتها الأصلية وتمثيلها فيها، وشكل علاقتها بالمجالس القائمة.
تفرض ظروف التهجير اختلافاً في الظروف الذاتية المتعلقة في البنية الداخلية للمجلس ووظائفه وفي الظروف الموضوعية لجهة تغير شكل العلاقات الاجتماعية والعلاقات مع المجالس المستضيفة ومنظمات المجتمع المدني وباقي الفواعل المحلية في البيئات الجديدة، فإلى جانب اختلاف نطاق العمل بانتقاله خارج الحدود الإدارية للمجلس، فإن أهم مظاهر هذا الاختلاف:
تفرض ظروف التهجير استحقاقات وظيفية على المجالس المحلية القيام بها وتغليبها على حساب وظائف أخرى كان لها الأولوية قبل التهجير كقطاع الخدمات والبنى التحتية ولعل إعادة تجميع مهجري المنطقة المهجرة على أساس تمثيلي يمثل أحد أهم وظائف المجلس المحلي، إضافةً إلى الإشراف على عمل المديريات المركزية كالتعليم والصحة، والتعبير عن المطالب الحقوقية للمهجرين وتمثيلهم سياسياً وأمام الجهات المحلية في البيئات الجديدة.
ولعل الناظم الأساسي بالنسبة لاعتماد مهام المجلس المحلي المهجر وأدواره التمثيلية والخدمية هو تفرده بالقيام بمهام لصالح المهجرين تعجز عن القيام بها على أكمل وجه المجالس المستضيفة أو منظمات المجتمع المدني أو أي من الفواعل المحلية في البيئات الجديدة، ويمكن تناول أهم الأدوار الوظيفية التي يمكن أن للمجلس المهجر أن يقوم بها:
ينطلق التلازم بين أركان هذه الثلاثية من أهمية التمثيل في صياغة الهوية السياسية للمجتمع المحلي في ظل الاستقطاب الحاد الحاصل بين النظام والمعارضة وبالتالي تحسين قدرته على الدفع السياسي، ولكون القوانين الإدارية لا تسمح للمهجر بالتمثل ضمن المجالس المحلية المستضيفة([69])، فإن تعبئة المهجرين ضمن بنى تمثيلية يكون ضرورياً لكي لا يتم فقدان الوزن السياسي لمنطقة ما، لكون معظم سكانها أو جزء منهم قد تم تهجيرهم ولا يمكن تمثيلهم، فالاقتصار على تشكيل روابط ومؤسسات غير تمثيلية، سيعني تمكين النظام من تمثيل المنطقة واحتكار تعريف الهوية السياسية لها، وسيعني فقدان أحد مكونات الهيكلية التمثيلية للمنظومة المحوكمة البديلة التي تنافس الشرعية القانونية والسياسية للنظام، "فلن تستطيع منظمات المجتمع المدني ولا الجهات الحقوقية أن تدافع عن قضية الوحدة الإدارية والحوكمة في سورية لأن ذلك يحتاج إلى بنى إدارية تمثيلية من أصغر وحدة إدارية وصعوداً إلى أكبر مظلة سياسية"([70]) وبناءً على ذلك يمكن الإشارة إلى الآتي:
يزيد واقع التهجير والنزوح من أعباء البيئات الجديدة، التي تعاني أساساً من شح الموارد وضعف القدرة على تأمين الخدمات، وحالات من الانفلات الأمني ومظاهر الاقتتال الداخلي بين الفصائل، إضافةً إلى الآثار المترتبة على استمرار الأعمال القتالية بين أطراف الصراع في بعض المناطق التي تم التهجير إليها، وتتباين تقديرات أعداد المهجرين إذ يقدر مجلس محافظة إدلب عدد المهجرين في المحافظة بما يزيد عن 700 ألف نازح ومهجر([73])، منهم 24 ألف([74]) بنتيجة التسويات في ريف حلب وريف دمشق ودمشق وحمص، كما يقدر عدد النازحين والمهجرين من حي القابون إلى الغوطة الشرقية بحوالي 3000 نازح([75])، إضافة إلى عدد كبير من المهجرين سابقاً من دمشق وريفها، بالإضافة إلى 20 ألف من مهجري حي الوعر توزعوا بين محافظتي إدلب وحلب([76])، فيما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى ما يقارب 36500 مهجر موزعين بحسب الجدول الآتي([77]):
ويفرض وجود هذه الأعداد الضخمة تضافر جهود كافة مجالس المحافظات المستضيفة والمجالس الفرعية التابعة لها، والمجالس الفرعية المهجرة ومجالس المحافظات، والمنظمات الإغاثية والهيئات المدنية الأخرى والمديريات المركزية التابعة للحكومة المؤقتة، من أجل خدمة المهجرين والمستضيفين وتأمين الموارد الكافية وتوفير فرص العمل وغير ذلك، ويعتمد ذلك بشكل أساسي على ضبط العلاقات البينية والحد من تضارب الصلاحيات، ويمكن استعراض سيناريوهات المجالس المهجرة في البيئات الجديدة وفق توجهاتها وتوجهات المجالس المضيفة وفق الآتي:
يمكن اقتراح حزم من السياسات ضمن عدة مجالات: القوانين واللوائح التنفيذية؛ الحوكمة؛ الإدارة والتنمية والعلاقات الاجتماعية؛ السياسة والحقوق، بما يهدف إلى تمكين المجالس وتعزيز دورها وحضورها الاجتماعي والسياسي في البيئات الجديدة:
توجه عدد كبير من المجالس المحلية المهجرة إلى حل نفسه بعد التهجير والتحول إلى هيئات واتحادات وظيفية، فيما حافظ عدد قليل من المجالس المحلية على نفسه بعد التهجير بعد إجرائه تعديلات هيكلية ووظيفية من تلقاء نفسه بما يلائم البيئة الجديدة ودون الرجوع إلى المستويات الإدارية الأعلى ، ويغلب على مجالس المهجرين وهيئاتهم البديلة عدم التوازن الوظيفي من حيث تركيزها على الدور الإغاثي وانخفاض اهتمامها بالأدوار الحقوقية والاجتماعية والسياسية والتنموية، وتفتقر الهيئات والاتحادات البديلة عن المجالس المحلية إلى وجود مستويات إدارية أعلى تقونن عملها وتشرف عليها وتنظم علاقاتها البينية ببقية مجالس المحافظات والمجالس المحلية والهيئات المدنية الأخرى القائمة في البيئات الجديدة والبيئات الأصلية، كما لاتزال هذه المنظومات البديلة تفتقر إلى وضوح البنية الإدارية، وتعاني من ضياع الهوية المؤسسية، فضلاً افتقارها إلى عامل التمثيل، وظهورها على حساب الإدارات التمثيلية، في الوقت الذي تتزايد فيه الحاجة إلى تظهير أصوات المهجرين والتعبير عن قضيتهم في المحافل الدولية والمطالبة بحقهم بالعودة إلى مناطقهم الأصلية، كما تظهر أهمية تأطير المهجرين ضمن مجالس تمثيلية في الحد من محاولات بعض القوى العسكرية المسيطرة في البيئات الجديدة توظيف الصوت المدني للمهجرين بما يخدم توجهاتها السياسية، ومصالحها الفصائلية، كل ذلك في مقابل الاستحقاقات التي المهجرين على المستوى الحقوقي والسياسي والإداري، والتي تزيد من الحاجة إلى إعادة التشكيل ضمن هيئات إدارية تحقق الحد الأدنى من التمثيل الذي يضمن بقاء المجتمعات المهجرة على خارطة الفعل المحلي سياسياً، ويمنحها حصانة جزئية من الاستحواذ الذي تمارسه بعض الفصائل العسكرية والجهات المانحة عليها، كما يحافظ على وجود هذه الوحدات الإدارية ضمن الخارطة الإدارية بغض النظر عن بقائها في نطاقها الجغرافي من عدمه، الأمر الذي يحافظ على الهوية السياسية للمناطق المهجرة كونها ماتزال موجودة ضمن بنية مؤسسية تكتسب مشروعيتها تدريجياً من الأدنى إلى الأعلى، وتسعى إلى اكتساب الشرعية الدولية قانونياً وسياسياً، كما تبرز أهمية تشكيل هذه المجالس في ظل الحاجة الماسة لإدارة ملف المهجرين وتأمين احتياجاتهم المعيشية والحفاظ على بنيتهم الاجتماعية في ظل تزايد أعباء المجالس القائمة في البيئات الجديدة، ومخاوف ذوبان المجتمعات المهجرة وتشظيها، وتبرز في نفس الوقت أهمية سن القوانين وإصدار القرارات اللازمة لقوننة عمل المجالس في البيئات الجديدة وتوضيح شكل علاقاتها بالمجالس المحلية ومجالس المحافظات والبنى المدنية والهيئات الحكومية،
([1]) اتصال هاتفي أجراه الباحث مع عضو المجلس المحلي لمدينة معظمية الشام السيد أبو خالد الصغير، تاريخ 3/8/2017.
([2]) مدى اتساق هذه المجالس ضمن بنى إدارية متماسكة لها أدوار خدمية وتنموية، مركزية أو تشاركية في مناطقها التي هجرت منها، وأدوارها السياسية المتمثلة في حضورها في مفاوضات الهدن والتسويات.
([3]) تم استخلاص الجدول من خلال تواصل الباحث مع كل من زياد المحمد رئيس مجلس مدينة حلب، وفادي دباس عضو المجلس المحلي لمدينة داريا وأبو خالد الصغير عضو المجلس المحلي لمدينة معظمية الشام وعرفان موصلي عضو المجلس المحلي لحي كفرسوسة وبراء الشيبي عضو المجلس المحلي لحي دمر، وعلاء نعمان عضو المجلس المحلي لحي القابون والدكتور مهند حبي مدير الهيئة الطبية في وادي بردى وأبو محمد البوشي من المجلس المحلي لمدينة قدسيا والدكتور حسام سكاف من المجلس المحلي للهامة وعامر برهان من المجلس المحلي لمدينة الزبداني، وأمجد المالح من المجلس المحلي لبلدة مضايا، إضافة صفحة لجنة التواصل في مدينة التل، الرابط الإلكتروني: https://goo.gl/E5fXo7 ، الكاتبة إيمان محمد من حي الوعر.
([4]) في حال كون المجلس غير فعال كلياً أو جزئياً أو غير موجود
([5]) خلاصة مداخلة الأستاذ يوسف نيرباني مدير المجالس المحلية في وزارة الإدارة المحلية بالحكومة المؤقتة خلال اللقاء الحواري الذي نظمه مركز عمران بعنوان "إمكانيات تفعيل البنى والفواعل المحلية المهجرة في البيئات الجديدة" بتاريخ 16/5/2017.
([6]) بلغ عدد المناطق المهجرة قسرياً منذ بدء اعتماد النظام سياسات الهدن والتسويات المحلية 18 منطقة هي (حمص القديمة – داريا – معظمية الشام – الهامة – قدسيا – التل – الزبداني – مضايا وبقين – سرغايا – برزة - القابون – مقيلبية – زاكية – الطيبة – خان الشيخ – ديرخبية – وادي بردى – حلب الشرقية ) حيث أعاد كل من مجلسي القابون وحلب الشرقية تشكيل أنفسهما، يضاف إليها مجاميع سكانية كانت في الأصل مهجرة إلى هذه المناطق وشكلت مجالسها المحلية فيها، ثم تم تهجيرها إلى إدلب لتحافظ على مجالسها كما في حالتي مجلس حيي دمر وكفرسوسة الدمشقيين وفقاً لما أفاد به عضوا المجلسين المحليين لحيي دمر وكفرسوسة في خلال اتصال هاتفي أجراه الباحث معهما بتاريخ 6/8/2017 .
([7]) حوار أجراه الباحث مع النقيب سعيد نقرش قائد لواء شهداء الإسلام بداريا بتاريخ 2/5/2017.
([8]) اتصال هاتفي أجراه الباحث مع عضو المجلس المحلي لمدينة داريا الأستاذ فادي دباس بتاريخ 4/8/2017.
([11]) بيان إنهاء أعمال المجلس المحلي لمدينة داريا بتاريخ 22/10/2016، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/ERNwzt
([12]) اتصال هاتفي أجراه الباحث مع عضو المجلس المحلي لمدينة داريا الأستاذ فادي دباس، المصدر نفسه.
([13]) من مداخلة النقيب سعيد نقرش قائد لواء شهداء الإسلام في داريا ورئيس المكتب العسكري في المجلس المحلي لداريا، خلال اللقاء الحواري الذي نظمه مركز عمران بعنوان " إمكانيات تفعيل البنى والفواعل المحلية المهجرة في البيئات الجديدة" بتاريخ 16/5/2017.
([14]) اتصال هاتفي أجراه الباحث مع الأستاذ طارق معترماوي رئيس مجلس محافظة ريف دمشق، تاريخ 16/8/2017.
([15]) فريق سجل داريا المدني يتابع أعماله من ريف إدلب، جريدة عنب بلدي،25/9/2017، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/Qs1jNF
[16]) ) اتصال هاتفي أجراه الباحث مع عضو المجلس المحلي لمدينة داريا الأستاذ فادي دباس، مصدر سابق.
([17]) التهجير القسري والتغيير الديمغرافي في سورية، تقرير لوحدة تنسيق الدعم، 29/6/2016 ، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/tnLAqK
([18])استعراض الأستاذ زياد المحمد رئيس مجلس مدينة حلب للإجراءات الإدارية التي قام بها المجلس عقب التهجير، خلال اللقاء الحواري الذي نظمه مركز عمران بعنوان "إمكانيات تفعيل البنى والفواعل المحلية المهجرة في البيئات الجديدة" بتاريخ 16/5/2017.
([19]) " حافظت الإدارات المركزية التي كان يشرف المجلس عليها كالتعليم على دورها من حيث حجم الأعمال والرواتب على اعتبار مسؤولية المجلس عنها لا تتعدى الشق الإشرافي "،"مجلس مدينة حلب يتابع المهجرين في شتاتهم"، موقع جيرون، تاريخ 10/2/2017، الرابط الإلكتروني: https://goo.gl/mTYugo
([20]) "توقفت الإدارات اللامركزية عن العمل تماماً خارج الحدود الإدارية للمجلس المحلي كما في قطاعات المياه والكهرباء"،"مجلس مدينة حلب يتابع المهجرين في شتاتهم"، موقع جيرون،المصدر نفسه.
([21]) "مجلس مدينة حلب يتابع المهجرين في شتاتهم"، موقع جيرون، تاريخ 10/2/2017، الرابط الإلكتروني: http://www.geroun.net/archives/74904
([23]) مجلس محافظة حلب ووزارة الإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة.
([24]) " تأسس أول مجلس محلي لحي كفرسوسة في شهر أكتوبر عام 2012 " ، اتصال هاتفي أجراه الباحث بالاستاذ سفيان الأسود عضو المجلس المحلي لحي كفرسوسة ، تاريخ 10/8/2017.
([25]) " تم تشكل أول مجلس محلي في حي دمر بداية عام 2013" ، اتصال هاتفي أجراه الباحث بالاستاذ براء الشيبي عضو المجلس المحلي لحي دمر ، تاريخ 6/8/2017.
([26]) ظهر هذا النموذج من المجالس في إطار توجه البنى الثورية لإثبات وجودها سياسياً في مواجهة النظام من حيث وعملت في ظروف أمنية استثنائية، وبحسب عضو المجلس المحلي لحي كفرسوسة سفيان الأسود وعضو المجلس المحلي لحي دمر الأستاذ براء الشيبي، فقد تعرض الكثير من كوادر هذه المجالس للتصفية في معتقلات النظام السوري حيث اتسم عملها بالسرية المطلقة .
([27]) اتصال هاتفي أجراه الباحث بالرئيس السابق للمجلس المحلي لحي دمر الأستاذ براء الشيبي، مصدر سابق.
([28]) يشار إلى الجهود التي بذلها ناشطوا مجلسي المزة وكفرسوسة لرصد عمليات التغيير الديمغرافي في حي كفرسوسة وبساتين حي المزة والمشاريع العمرانية التي يعتزم النظام انجازها هناك بعد تهجيرالأهالي الأصليين وعقب إصداره المرسوم 66 القاضي بتنظيم هذه المناطق والتي تم تزويد مجلس محافظة دمشق الحرة بتقارير عنها واطلاع الباحث على هذه التقارير بوصفه عضوا في المكتب التنفيذي للمجلس .
([29]) من متابعات الباحث لملف المجالس الفرعية القائمة في محافظة دمشق بوصفه عضوا في المكتب التنفيذي لشؤون المجالس الفرعية بمجلس محافظة دمشق.
([30]) اتصال هاتفي أجراه الباحث بعضوي مجلسي دمر وكفرسوسة الأستاذ براء الشيبي والأستاذ عرفان الموصللي بتاريخ 10/8/2017.
([31]) تولى لواء المقداد بن عمرو الذي يضم المقاتلين من أبناء حي كفرسوسة المهجرين إلى داريا تمثيل أهل كفرسوسة المهجرين إلى داريا في الوفد المفاوض المشكل خلال تفاوضات مدينة داريا مع النظام، بحسب ماقاله الاستاذ عرفان الموصلي عضو مجلس كفرسوسة للباحث .
([32]) وقعت الأحرف الأولى لاتفاق المدن الأربعة في أيلول 2015 واستكمل تنفيذه في 12/4/2017 حيث تم الاتفاق بين هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام من جهة، والنظام السوري وحزب الله اللبناني والجانب الإيراني من جهة أخرى،وتضمن اتفاق لإجراء عملية تبادل للمدنيين المقمين في بلدتي كفريا والفوعة العلويتين الموجودتين في إدلب مقابل خروج المدنيين الراغبين والمسلحين من بلدتي مضايا والزبداني الواقعتين في ضواحي العاصمة دمشق،للمزيد مراجعة الرابط الالكتروني: https://goo.gl/cz8sz.
([33]) منطقة الزبداني وحدة إدارية تضم ناحية مضايا وناحية مدينة الزبداني وناحية سرغايا، https://goo.gl/Y8ba9k .
([34]) "قامت الحركة بتعيين أعضاء المجلس من الشخصيات القريبة منها "، اتصال هاتفي أجراه الباحث بالاستاذ أمجد المالح عضو المجلس المحلي لبلدة مضايا سابقاً وأحد مؤسسي الهيئة السورية للمهجرين قسرياً، تاريخ 4/8/2017.
([35]) اتصال هاتفي أجراه الباحث بالأستاذ عامر برهان عضو المجلس المحلي لمدينة الزبداني سابقاً، تاريخ 4/8/2017.
([36]) الهيئة الإغاثية الموحدة في مضايا والزبداني كما جاء في تعريفها عبر صفحتها الرسمية :" منظمة مجتمع مدني، وهيئة اعتبارية ذات طابع مستقل عن أي جهة عسكرية أو سياسية. تُعنى بالشأن الإغاثي والإجتماعي في منطقة الزبداني بريف دمشق، تأسست في 4/1/2016" ، الرابط الالكتروني:
https://www.facebook.com/pg/UROMZ/about/?ref=page_internal
([37]) اتصال هاتفي أجراه الباحث بالأستاذ أمجد المالح عضو المجلس المحلي لبلدة مضايا سابقاً وأحد مؤسسي المركز السوري للمهجرين قسرياً، مصدر سابق.
([38]) اتصال هاتفي أجراه الباحث بالأستاذ أمجد المالح عضو المجلس المحلي لبلدة مضايا سابقاً وأحد مؤسسي المركز السوري للمهجرين قسرياً، مصدر سابق.
([39]) المجمع الإداري لمهجري الزبداني: مؤسسة اجتماعية مدنية لا تتبع لأي تنظيم عسكري أو سياسي، بيان تأسيس المجمع، تاريخ 18/6/2017، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/Gizmmj
([41]) إعلان البدء بتوزيع البطاقات الشخصية، دائرة الأحوال الشخصية في المجمع الإداري لمهجري الزبداني، تاريخ 18/7/2017، الرابط الإلكتروني: https://goo.gl/udp8te
([42]) بيان دعوة المجمع الإداري لمهجري الزبداني أهالي الزبداني لاختيار مندوبيهم في الهيئة العامة لمجلس أعيان الزبداني، تاريخ 12/7/2017،الرابط الألكتروني : https://goo.gl/WG77v6
([43]) بيان انتخاب مجلس أعيان الزبداني ، تاريخ 31/7/2017، الرابط الإلكتروني : https://goo.gl/rQ7Kda
([44]) بيان حل المجلس المحلي لمدينة الزبداني، تاريخ 14/8/2017، الرابط الإلكتروني: https://goo.gl/aB5Qvf
([45]) اتصال هاتفي أجراه الباحث مع الأستاذ طارق معترماوي رئيس مجلس محافظة ريف دمشق، تاريخ 18/8/2017.
([46]) " المجلس المحلي مثلا لمضايا والزبداني موجود في حيز جغرافي آخر لا يعطيه الحق في ممارسة أي دور يؤثر على إدارة المنطقة " من مداخلة الأستاذ محمد سرور المذيب خلال اللقاء الحواري الذي نظمه مركز عمران بعنوان " إمكانيات تفعيل البنى والفواعل المحلية المهجرة في البيئات الجديدة" بتاريخ 16/5/2017.
([47]) " غير مسموح بوحدات إدارية جديدة للمهجرين ولا نريد إنشاء أجسام أخرى وروابط على حساب الإدارات المحلية " من مداخلة الأستاذ محمد سرور المذيب وزير الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة، خلال اللقاء الحواري الذي نظمه مركز عمران بعنوان " إمكانيات تفعيل البنى والفواعل المحلية المهجرة في البيئات الجديدة" بتاريخ 16/5/2017.
([48] ) تعريف مكتوب بهيئة مهجري دمشق وريفها ومكاتبها وأهم إنجازاتها، أرسل به رئيس الهيئة الأستاذ أبو محمد داريا للباحث، تاريخ 10/9/2017، مادة غير منشورة.
([51]) توزيع الخبز على الأهالي المهجرين ضمن مراكز تابعة لها موزعة في مدينة إدلب تقدمة منظمتي ( IHH ) وركين بالتعاون مع هيئة مهجري دمشق وريفها، تاريخ1/10/2017، الرابط الإلكتروني: https://goo.gl/2zdypN .
([52]) مشاركة هيئة مهجري دمشق وريفها في حملة تنظيف مدينة معرة النعمان بمحافظة إدلب، إضافة إلى المشاركة في الإعداد للمارثون الذي سيقام في المدينة، تعريف بمنجزات هيئة مهجري دمشق وريفها وأنشطتها أرسل به للباحث، رئيس الهيئة الأستاذ أبو محمد داريا، تاريخ 10/9/2017، مادة غير منشورة، الرابط الإلكتروني لحملة تنظيف مدينة معرة النعمان: https://goo.gl/6HXhGd .
([53]) تواصل الباحث بتاريخ 1/9/2017 مع عدد من الناشطين المدنيين من المهجرين والذين رفضوا الإفصاح عن أسمائهم وأعلموه بوجود مساعي لدى هيئة تحرير الشام لتأطير مهجري محافظتي حمص ودمشق ضمن إدارة مدنية واحدة، وقد تمت دعوة مختلف الفعاليات المدنية المهجرة من المحافظتين وريفيهما لحضور المؤتمر التأسيسي لإدارة مهجري دمشق وحمص وريفيهما وحضر المؤتمر القيادي في هيئة تحرير الشام في القلمون أبو مالك التلي وذلك في محافظة إدلب، بتاريخ 14/9/2017، وقد وضعت وكالة إباء التابعة لهيئة تحرير الشام على قناتها عبر برنامج التلغرام صوراً لهذا المؤتمر، الرابط الإلكتروني للقناة. https://web.telegram.org/#/im?p=@Ebaa_Agency
([54]) "تحرير الشام تريد فرض نفوذها على مجالس إدلب"، جريدة عنب بلدي، تاريخ 22/8/2017، الرابط الإلكتروني: https://goo.gl/cpTLq3
([55]) تعريف بهيئة مهجري دمشق وريفها ومكاتبها وأهم إنجازاتها، والتي تركزت على الشق الإغاثي إلى جانب الأدوار الأخرى، مصدر سابق.
([56]) " غير مسموح بوحدات إدارية جديدة للمهجرين ولا نريد إنشاء أجسام أخرى وروابط على حساس الإدارات المحلية " من مداخلة الأستاذ محمد سرور المذيب وزير الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة، اللقاء الحواري لمركز عمران، مصدر سابق.
([57]) تواصل الباحث بتاريخ 3/10/2017 مع مصادر في حركة أحرار الشام والتي أكدت ارتباط عدد من مؤسسي هيئة مهجري دمشق وريفها بالحركة والذين شاركوا بالتأسيس بصفتهم الشخصية، وأكدت المصادر عدم وجود علاقة للحركة بتشكيل هيئة مهجري دمشق وريفها.
([58]) أصدرت وزارة الإدارة المحلية في النصف الأول من عام 2017 أمراً تنفيذياً يقضي باعتماد تمثيل المجالس القائمة خارج حدودها الإدارية في مجالس المحافظات، بنصف عدد المقاعد الممنوحة لها في حال وجودها ضمن حدودها الإدارية، ويمثل هذا اعتماداً ضمنياً للمجالس المهجرة من قبل الوزارة، اتصال هاتفي أجراه الباحث مع الأستاذ يوسف نيرباني مدير المجالس المحلية في وزارة الإدارة المحلية، تاريخ 25/9/2017.
([59]) من مداخلة الأستاذ يوسف نيرباني مدير المجالس المحلية في وزارة الإدارة المحلية بالحكومة المؤقتة خلال اللقاء الحواري لمركز عمران، مصدر سابق.
([60]) "مجلس مدينة حلب يتابع المهجرين في شتاتهم"، مصدر سابق.
([61]) سيتم تناولها في الفقرة المتعلقة بثلاثية التمثيل والهوية السياسية والدفع السياسي.
([62]) مجموعة من الأفكار التي قدمها الأستاذ زياد المحمد رئيس مجلس مدينة حلب خلال اللقاء الحواري الذي نظمه مركز عمران بعنوان " إمكانيات تفعيل البنى والفواعل المحلية المهجرة في البيئات الجديدة" بتاريخ 16/5/2017.
([63]) "نجري إحصاء كمجلس محلي مهجر للنازحين ضمن حدود المجلس المحلي المضيف " من مداخلة الأستاذ زياد المحمد رئيس مجلس مدينة حلب خلال اللقاء الحواري الذي نظمه مركز عمران بعنوان " إمكانيات تفعيل البنى والفواعل المحلية المهجرة في البيئات الجديدة" بتاريخ 16/5/2017.
([64]) عملت منظمة بنفسج بالتعاون والتنسيق مع المكتب الخدمي ومكتب التواصل الاجتماعي في المجلس المحلي لمدينة مارع بريف حلب على تنفيذ مشروع "المال مقابل العمل" والذي يهدف إلى تشغيل أكبر شريحة من أبناء المدينة والمهجرين، الرابط الإلكتروني: https://goo.gl/5g33rM
([65]) اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية، الباب الثالث، الفصل الأول، المادة الثامنة، ص8، قرارت وزارة الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة، حزيران 2014، مادة غير منشورة.
([66]) اتصال هاتفي أجراه الباحث مع عضوي المجلس المحلي لحي دمر الأستاذ براء الشيبي، والمجلس المحلي لحي كفرسوسة الأستاذ عرفان الموصلي، تاريخ 10/8/2017.
([67]) "مجلس مدينة حلب يتابع المهجرين في شتاتهم"، مصدر سابق.
([69]) اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية، الباب الثالث، الفصل الثاني، المادة 14، ص9، قرارات وزارة الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة، مصدر سابق.
([70]) من مداخلة الأستاذ يوسف نيرباني مدير المجالس المحلية في وزارة الإدارة المحلية بالحكومة المؤقتة خلال اللقاء الحواري الذي نظمه مركز عمران بعنوان " إمكانيات تفعيل البنى والفواعل المحلية المهجرة في البيئات الجديدة" بتاريخ 16/5/2017.
([71]) اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية، الباب الثالث، الفصل الثاني، المادة 14، ص9، قرارات وزارة الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة، مصدر سابق.
([72]) يمكن الإشارة إلى مبررات حل مجلس داريا المحلي المذكورة في فقرة سابقة والمتمثلة بفقدان شرعية الصمود في وجه الحصار والقصف ولخدمة المحاصرين والانتقال إلى بيئة جديدة سيتوجب على المجلس فيها تمثيل وخدمة كل سكان داريا أينما كانوا، بحسب ما أشار إليه عضو المجلس المحلي لداريا الأستاذ فادي دباس خلال اتصال الباحث معه بتاريخ 4/8/2017.
([73]) اتصال هاتفي أجراه الباحث مع الأستاذ محمد سليم الخضر مدير العلاقات العامة في مجلس محافظة إدلب، تاريخ 12/8/2017.
([74]) اتصال هاتفي أجراه الباحث مع الأستاذ يامن جيرو مدير المكتب الإغاثي في مجلس محافظة إدلب، تاريخ 6/8/2017.
([75]) اتصال هاتفي أجراه الباحث مع الأستاذ علاء نعمان عضو المجلس المحلي لحي القابون المهجر، تاريخ 6/8/2017.
([76]) "آخر مهجري الوعر إلى إدلب والنظام يسيطر على حمص"، الجزيرة. نت، تاريخ 22/5/2017، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/o2F5Xc
([77]) "خطة الاستجابة: النازحين إلى الشمال السوري"، مسودة خطة الاستجابة الصادرة عن مجموعة تنسيق وإدارة المخيمات CCCM، وهي تحالف للمنظمة الدولية لشؤون الهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تاريخ أيار 2017، مادة غير منشورة.
اتصال هاتفي أجراه الباحث مع الأستاذ محمد سليم الخضر مدير العلاقات العامة في مجلس محافظة إدلب، المصدر نفسه.([78])
([79]) اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية، الباب الثالث، الفصل الثاني، المادة 14، ص9، مصدر سابق.
([80]) " وزارة الإدارة المحلية تحض المناطق على تشكيل مجالسها في مناطقها المحررة أو حتى في المحتل أوالمهجر"، يوسف نيرباني مدير المجالس المحلية في وزارة الإدارة المحلية، خلال اللقاء الحواري لمركز عمران، مصدر سابق.
([81]) " يستطيع المجلس المحلي المهجر التنسيق مع المستضيف لتقديم الخدمات اللازمة للمهجرين بما يحقق العدالة في التوزيع بالتنسيق مع المجلس المحلي " من مداخلة الأستاذ محمد سرور المذيب وزير الإدارة المحلية، خلال اللقاء الحواري لمركز عمران، مصدر سابق.
([82]) يوجد بعض الاستثناءات المتعلقة بالمناطق الواقعة على الحدود الإدارية للمحافظات والتي لايمكن للمديريات الموجودة ضمن الحدود الإدارية أن تخدمها ففي أطراف محافظة إدلب هناك بعض المناطق التي لا تتمكن مديرية تربية إدلب من تغطيتها ويشغلها مهجرون من محافظة اللاذقية، حيث تعمل مديرية تربية اللاذقية على تخديمها بالتعاون مع مجلس محافظة اللاذقية وبالتفاهم مع مديرية تربية إدلب ،اتصال هاتفي أجراه الباحث مع الدكتور براء هاشم مدير تربية محافظة دمشق الحرة ، حول صلاحيات المديرية في مناطق من محافظة ريف دمشق والتي هجرإليها سكان من محافظة دمشق، تاريخ 19/8/2017.
([83]) يمكن للمهجرين من محافظتي دمشق وريفها تقديم امتحاناتهم في المراكز القائمة في محافظة إدلب رغم كونهم ضمن الملاك الامتحاني لمحافظة دمشق أو محافظة ريف دمشق، فيما يحصلون على شهاداتهم من مديرة التربية القائمة في محافظتهم، ويتم هذا من خلال التنسق مع وزارة التربية في الحكومة المؤقتة، اتصال هاتفي أجراه الباحث مع الدكتور براء هاشم مدير تربية محافظة دمشق الحرة، المصدر نفسه.
بينما الحذر السياسي والعسكري يسيطر على الموقف في سورية بانتظار تبلور قرارات يتمخض عنها بدايات حل سياسي، وفي ظل تفاوت الآراء والمواقف حول ماهية وجوهر هذا الحل مع سعي الجانب الروسي بلورة حل سياسي وفق شروطه الجيوسياسية. تتابع الفعاليات الإعلامية والبحثية اهتمامها بالمشهد السوري وتداعياته الإقليمية والدولية، إذ ركزت خلال الشهر المنصرم العلاقات الروسية الإيرانية أوجه التوافق أوجه الخلاف والعلاقات الروسية التركية وما آلت اليه، بالإضافة لدواعي ودوافع التقارب الإيراني التركي، كما تركز الاهتمام على المشهد العسكري ومآلاته بعد انتهاء الجولة السادسة من محادثات الأستانة، كما اهتمت تلك الفعاليات على تفاعلات المشهد الكردي سواء "استفتاء استقلال" إقليم كردستان العراق أو تسليط الضوء على القوات الكردية وتبيان طبيعة مشروعها ومدى خطورته على الدولة السورية، وهذا ما سيقف هذا التقرير عند تلك القضايا مبيناً وجهة نظر المحللين والباحثين الروس حيالها بالإضافة إلى استعراض بعض قضايا الشأن الداخلي الروسي.
فيما يتعلق بطبيعة العلاقة الإيرانية الروسية في سورية، فقد حاورت صحيفة "سفابودنايا بريس" بتاريخ 2/8/2017، رئيس مركز البحوث الإسلامية في معهد التطوير المبتكر الخبير "كيريللا سيمينوف" وتحت عنوان "الحلفاء في سورية يتباعدون... إيران تحاول أن تجر روسيا للحرب دون أن تنجح" حلل فيه الخبير طبيعة العلاقات بين الضامنين الثلاث وفق اتفاق موسكو ومدى اتساقها مع التصريحات الروسية الرسمية، وأهم النقاط التي تضمنتها هذا المحاورة([1]):
أما فيما يرتبط بالعلاقات الروسية التركية وما آلت اليه، تحت عنوان "هل يمكن لتركيا بيع روسيا ثانية؟ "ذكرت صحيفة "سفابودنايا برس" بقلم "زاور كاراييف" 20/8/2017 أنه << في الآونة الأخيرة وبعد تحول العالم من القطبية الواحدة الأميركية إلى متعدد القطبيات، بدأت تتغير المعطيات، فعلى سبيل المثال تركيا التي لعبت دورا" هاما" في القضية السورية بتعاونها مع روسيا وإيران ولعبت هذا الدور من خارج التحالف الدولي بعد حادث اسقاط الطائرة الروسية وتسوية الوضع وحقق هذا التعاون نوعاً من الاستقرار، وقادت تركيا بعدها عملية درع الفرات غير ملتفةً للانتقادات الغربية لها وحققت أهدافها بمنع اتحاد حزب العمال الكردستاني مع باقي الميليشيات الكردية وهو الأهم بالنسبة لتركيا>>.
وبهدف استطلاع العلاقة التركية الروسية أجرت الصحيفة حوارا" مع الخبير التركي "كيرام يلدريم" الذي ذكر أن تركيا تفضل الآن العمل مع روسيا وإيران في إشارة واضحة لأميركا بأنها تستطيع الابتعاد عنها، لأنه وفقاً للخبير فالأمريكان يبدو من تصرفاتهم قادرين على العرقلة والتعطيل أكثر من فعل شيء على الأرض من أجل السلام على الأقل في هذا الوقت وبالتالي فهذه العلاقة تحوي رسائل "ابتزاز" لأميركا. واستطرد الخبير قائلاً: "لا شك فإن أميركا وحلفائها يحققون انتصارات سريعة على التنظيم والواقع أظهر أن تنظيم الدولة ما هم إلا مجموعات لا تجيد القتال بقدر اجادتهم للقتل فهم غير مقاتلين وليسوا مسلمين، وأردوغان يعي الموقف الأميركي هذا، لذلك فانه يحضر للعمل ضد حزب العمال الكردستاني مستقبلا" -الخطر الأكبر على تركيا-وهو يعلم جيداً أن أميركا لن تدير ظهرها لتركيا، عندما يصبح الخيار تركيا أو الأكراد، فستختار تركيا بالتأكيد"([2]).
بالمقابل وفيما يتعلق بالتقارب الإيراني التركي بين موقع "بلاكستونبيت الإلكتروني" أن زيارة محمد باقري -رئيس للأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية-الذي زار تركيا منذ الثورة الإسلامية عام 1979سيجعلها دون شك زيارة فريدة ومهمة. وبالإضافة إلى ذلك، هناك عدد من الجوانب التي تعزز الطابع التاريخي لهذه الزيارة. والتي نتج عنها مجموعة من المواقف الجديدة والهامة لتطوير العلاقة بين البلدين وتتلخص هذه المواقف بوقوف البلدين ضد تقسيم العراق في إشارة للاستفتاء إقليم كردستان العراق في 25/9/2017، وركزت الصحيفة على تصريح رئيس مجلس الامن القومي التركي السابق "كيلينتش" الذي اعتبر أن الزيارة ضربة لحلف الأطلسي كما أنها تُعد معلماً هاماً في السياسة المحلية التركية والدبلوماسية الإقليمية في إيران. وإذا عملت تركيا وإيران معاً، فإنه يمكن فتح صفحة جديدة في تاريخ المنطقة وتجري هذه الزيارة في ظل التغيرات الجذرية التي تشهدها تركيا من تقربها من الصين وروسيا وابتعادها عن الرياض وأبو ظبي وواشنطن وبروكسل كما نوقش الوضع السوري أيضا" وخاصة في إدلب حيث ناقش رؤساء الأركان في الدول الثلاث الاتراك والروس والإيرانيون آخر التطورات في سورية وخاصة تلك المعلومات([3])، كما ركزت صحيفة بارتس توداي الروسية على إشادة باقري بالزيارة ونتائجها لا سيما تطابق في وجهات النظر حول محاربة الإرهاب وخاصة تنظيم الدولة وكذلك الأوضاع في العراق والوقوف ضد الآثار السلبية لتواجد قوة عظمى في المنطقة([4]).
من جهة أخرى فقد تزايدت التحاليل المتعلقة بصفقة منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400 وآثارها على تركيا، فقد ركزت الفعاليات الإعلامية الروسية على ردة الفعل الأمريكي مستعرضة رسالة النائب الأميركي بين كاردين الموجهة إلى الرئيس ترامب يطالب فيها بفرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها منظومة الدفاع الجوي s 400 ويطالب بتطبيق قانون العقوبات عليها باعتبار أن تركيا تشجع الصناعات العسكرية الروسية، وقد أوضح السيناتور أنه في هذا الوقت الحرج الذي تحتاج فيه أميركا لجمع حلفائها تعمد تركيا إلى التحالف مع روسيا وأضاف بأن نص قانون العقوبات يقضي بالتطبيق التلقائي للعقوبات ضد أنقرة لدعمها التصنيع العسكري الروسي، ويتوقع ايغور غاكشوف في صحيفة روسيا اليوم أنه في حال تطبيق مثل هذه العقوبات سيؤدي إلى نقل القواعد العسكرية الأميركية إلى دول أخرى . ويذكر ايغور أنه وفي نفس السياق وفي أيلول تم فتح تحقيق أميركي ضد وزير الاقتصاد التركي السابق ظفر كاجلايان المتهم بإجراء اتفاقات سرية مع إيران مخالفاً قانون العقوبات ضدها وهكذا تشمل تركيا قانوني عقوبات. بينما في أنقرة ترتفع أصوات حول العلاقة مع أميركا حيث أعرب أردوغان عن سروره بتطوير التقنية الخاصة بالعربات العسكرية التي لم يتمكن تركيا من الحصول عليها من أميركا، كما تعتبر تركيا قضية الوزير التركي موجهة ضدها وإن كان وزيراً سابقاً وتابع أردوغان لقد جن الناتو من شرائنا المنظومة من روسيا وخاطبهم ماذا تريدون أن نفعل هل ننتظركم يجب أن نهتم بأنفسنا؟
وقد أشار نائب رئيس مركز التقنيات اليكسي ماركا ركين إلى خيبة أمل أردوغان من السياسة الأميركية حيث كانت التوقعات أعلى من ذلك بكثير إذ كانت تربط تركيا بمستشار الأمن القومي مايكل فيلين علاقة متميزة، وتوقع أردوغان أن يكون له دور في تغيير السياسة الأميركية بما يخص الأكراد ولكن لا شيء حدث من هذا القبيل إضافة لترك فيلين لموقعه في البيت الأبيض، ويذكر ماركا انه تاريخياً يرتبط الجيش التركي ارتباطاً وثيقاً بالولايات المتحدة وبالناتو إلا أن فشل الانقلاب عام 2016 أعطى أردوغان حرية المناورة السياسية وأصبح تأثير جنرالات الجيش أقل، لذلك عمد إلى طلب الدعم التقني من روسيا. وعلق الخبير "فياتشسلاف شليكوف" بوصف العلاقة التركية الحالية بالناتو بأنها تمرد والأكثر جرأة هو شراء منظومة الدفاع الجوي وفاجأت الجميع. كما علق المستشرق "سيمون بغداساروف" قائلا": بالعودة إلى تصريحات أردوغان حول اميركا والناتو لا نعتقد انها ستذهب بعيدا ويمكن اعتبارها في سياق الابتزاز والتسخين إرضاء لأولئك الراغبين من الخروج من حلف الأطلسي وهم موجودون بكثرة حاليا "([5]).
تركز الاهتمام الإعلامي والبحثي الروسي فيما يتعلق بالمشهد السياسي والعسكري على ثلاثة قضايا رئيسية الأولى سياسية وترتبط بمحادثات الأستانة وآثارها على الملف السوري من جهة وعلى تموضع موسكو السياسي من جهة ثانية، والثانية عسكرية متصلة بمعارك دحر الإرهاب في دير الزور، والثالثة عسكرية أمنية فرضها هجوم بعض الفصائل المسلحة على جبهات النظام في ريف حماه الشمالي وما تضمنته من غايات أمنية.
في مقالته "ماذا فعلت روسيا في سورية بحيث لم تعد أميركا دولة عظمى" المنشورة في صحيفة كمسامولسكايا الروسية بتاريخ 16/9/2017 والتي استعرض من خلالها هذه النتيجة كمحصلة لاتفاقات الأستانة، ذكر الكاتب "ألكسندر بوبكو" أن العالم بدأ يعرف ان سياسة روسيا في الشرق الأوسط أكثر فعالية من سياسة واشنطن في العراق وأفغانستان. واستدل على تلك النتيجة من خلال استعراضه لـ “اعترافات" العديد من الصحافة الغربية ومنها صحيفة لو فيغاور الفرنسية بنجاعة العمليات العسكرية الروسية بالمقارنة مع الأميركية في أفغانستان والعراق وهذا ما أكده "ايغور كورتشينكو" -المحرر الرئيس في مجلة الدفاع الوطني عضو المجلس الاجتماعي في وزارة الدفاع الروسية-وقد فند الكاتب النتائج المتحصلة من محادثات أستانة الآتي([6]):
ومن جهته أوضح الكاتب "روبرت فرانتسيف" في صحيفة "فيسترو" بتاريخ 16/9/2017 أن أميركا قدمت تنازلات للصين وروسيا حتى استطاعت فرض هيمنتها على العراق وحل الجيش العراقي وحاولت دعم الثورات في أوكرانيا وجورجيا وسورية وفرضت عقوبات على كوريا الشمالية وكل ذلك يعني فقدان اميركا لمكانتها الدولية، وفيما يتعلق بالأستانة أكد الكاتب على الآتي([7]):
وختم روبرت مقالته قائلاً: "وما تم في أستانة في بضعة أشهر، يحتاج لبضع سنوات في الأمم المتحدة، مع الإشارة أن الخطوط التي وضعت في أستانة ليست لسورية فقط وإنما للعالم كما يتضح أيضاً أن جميع الأزمات العالمية يمكن حلها بطريق المفاوضات وليس عن طريق الهيمنة"([8]).
على الرغم من أن محادثات الآستانة قد أحدثت تبديلاً واضحاً في عناصر العملية السياسية، إذ استطاع الروس ومن خلال فكرة الضامنين أن يهندسوا أطر هذه العملية عبر اتفاقات أمنية عسكرية تفضي لخفض التصعيد، إلا أن حركية الفواعل الدولية والإقليمية ليست على تناغم متطابق مع الفاعل الروسي، سواء في الجبهة الجنوبية أو في معارك البادية وترتيبات ما قبل تحرير الرقة ودير الزور وما بعدهما أو حتى في جبهات أخرى كإدلب وريف حماه، حيث سيشكل ظهور أي متغير جديد انتكاسة واضحة لهذا المسار هذا من جهة، ومن جهة أخرى فأن الاستنزاف الحاد في بنى النظام تجعله فاقداً لعنصر المبادرة الاستراتيجية ويهدد دفاعاته العسكرية والأمنية، مما يجعل فكرة "استدامة نصره" غير قائمة، كل هذه العوامل بالإضافة إلى عوامل تتعلق بالجوهر الحقيقي للقضية السورية يجعل هذا المسار مساراً قلقاً قابلاً للتدهور على عكس ما تحاول وسائل الإعلام الروسي تأكيده.
أما فيما يتعلق بالتطورات العسكرية فقد نشرت وزارة الدفاع الروسية في 20/9/2017 تقريراً لقائد العمليات العسكرية الروسية في سورية حول الأحداث الأخيرة في منطقة إدلب، اعتمد مبادئ التهويل والتضخيم الإعلامي في الأرقام وأكد في ذات الوقت –استدلالاً- على هشاشة دفاعات قوات النظام المتمركزة في تلك المناطق وعدم استطاعتها على الحفاظ على "المكتسبات العسكرية " المتأتية من التدخل العسكري الروسي، وهو أمر يعزز من مقاربة تزمين التدخل العسكري للقوات الروسية في حال عدم نجاح خططها السياسية في تسكين الجبهات وهذا ما يعمق الكلف السياسية لتدخلها، إذ جاء في هذا البيان:
شنت بعض الفصائل الموقعة على اتفاقية وقف العمليات القتالية مع "جبهة النصرة" في 19/9/2017 هجوماً على "القوات الحكومية" على نطاق واسع في الشمال والشمال الشرقي من مدينة حماه في منطقة خفض التصعيد بإدلب، ومدعماً بمدرعات وبتمهيد ناري مدفعي كثيف، وخلال يوم تمكن "المسلحون" من اختراق دفاعات القوات الحكومية بعمق 12 كم وبجبهة 20 كم، ووفقا للتقارير فإن الهجوم تم بإيعاز من المخابرات المركزية الأميركية لعرقلة تحرير دير الزور، إذ أنه كان من مهام الهجوم أسر 29 جندياً من مفرزة الشرطة العسكرية الروسية التي تراقب وقف النار في المنطقة. وبعدها قام قائد المجموعة العملياتية في سورية بتشكيل مجموعة فك الحصار وقوامها القوات الروسية الخاصة والشرطة العسكرية التي يعمل فيها عسكريون من شمال القوقاز وبمشاركة القوات الخاصة السورية وترأس المجموعة اللواء شولياك فيكتور فاسيلييفيتش نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة، وشارك في الهجوم زوج من طائرات سو-25، ومن ارتفاعات منخفضة تم قصف "الإرهابيين" ومدرعاتهم وتم كسر الحصار.
وأشار التقرير إلى أنه: "أثناء العملية تم جرح ثلاث جنود، وتم قتل 850 "إرهابياً و11 دبابة 4 BMB، وتدمير 187 هدفاً مع 6 رشاشات و20 عربة شحن و38 مستودع ذخيرة وبالاستفادة من الضربات النارية قامت وحدات الانزال من الفيلق الخامس بالتحول إلى الهجوم المعاكس واستعادة النقاط كافة ومازالت العمليات مستمرة([9]).
كما نشرت وزارة الدفاع الروسية مجموعة من الأخبار الإعلامية والمذكرات، أهمها قيام الغواصة (فيليكي نوفوكورد) التابعة لأسطول البحر الأبيض المتوسط بإطلاق صواريخها (كاليبر) من وضعيتها تحت الماء وقصفت مراكز تجمع الإرهابيين المشاركين في محاولة أسر الجنود الروس مع العتاد المدرع غطت الصواريخ مساحة 300كم. ولقد كان للضربات المفاجئة أثر كبير في إحداث تدمير مقرات السيطرة وقواعد التدريب ومدرعات الإرهابيين([10]). كما توقعت الأركان العامة الروسية أن تقوم قوات سورية الديمقراطية، وبدعم من الولايات المتحدة، بمنع تحرير دير الزور، وقد أطلق مسلحون من هذه القوات النار على مواقع الجيش السوري عدة مرات. وبهذا الصدد أصدرت وزارة الدفاع الروسية مذكرة احتجاج "شديدة اللهجة" وأبلغتها لقيادة القوات المسلحة الأمريكية في قطر. وكما قال قائد العمليات الروسية في سورية إيغور كوناشينكو، إنه إذا تم القصف من مرة أخرى، فسيتم التعامل معها بوسائل التدمير المناسبة([11]).
وفيما يتعلق بمعارك دير الزور فإن الصحف الروسية تتحدث عن مقترح أميركي لتقاسم مناطق النفوذ في دير الزور إذ عرضت الولايات المتحدة الامريكية حسب هذه التقارير عقد اجتماع لمناقشة مستقبل مدينة دير الزور، ووفقا لوكالة نوفوستي فقد اعد الجانب الروسي ردا" على ذلك([12]). ومن جهتها نقلت وكالة تاس الروسية تصرح الجنرال جيفري هاريجان قائد القوات الجوية الأميركية في الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا قائلا نحن لسنا في حالة حرب مع الروس ولا مع السوريين إلا أننا في حالة حرب مع تنظيم الدولة وأضاف أن روسيا وأميركا تعتزمان مواصلة عقد اجتماعات لكبار ضباطهما لمنع وقوع حوادث مختلفة بسبب سوء الفهم أحيانا([13]).
وتعقيباً على هذه أحداث دير الزور بيّن نائب مدير معهد الدراسات الاستراتيجية ديمتري ايغورشينكو أن الهجوم على دير الزور سار بوتيرة سريعة، بحيث فقدت الولايات المتحدة المبادرة الاستراتيجية ولهذا يحاولون استعادتها بكل الوسائل ولذلك يمكن ربط الاحداث الأخيرة في دير الزور ومحافظة حماه في سلسلة واحدة، ومن هنا يمكن تفسير هدف هجوم حماه بأسر جنود روس بحيث يمكن استغلال هذه الحادثة ضد روسيا([14]).
وفي الفترة الزمنية بين 8 و12 أيلول 2017 في منطقة تواجد مسلحي تنظيم الدولة وبحسب وزارة الدفاع الروسية، لوحظ تواجد أعداد كبيرة من عربات الهمر الأميركية المدرعة التي تستخدم من قبل الجيش الأميركي، وبتدقيق بالصور يلاحظ أن القوات الخاصة الأميركية متواجدة في نقاط الاستناد المجهزة مسبقا من قبل تنظيم الدولة مع بيان انه لم يلاحظ حول هذه النقاط آثار لعمليات اقتحام أو اشتباكات أو نتائج قصف جوي لقوات التحالف الدولي. "النص مترجم من الروسية كما ورد في تقرير وزارة الدفاع الروسية"، للمزيد انظر الشكل أدناه الصادر عن وزارة الدفاع الروسي:
والجدير بالذكر فيما يرتبط بالشأن العسكري هو خبر إقالة الجنرال قائد القوى الجوية الروسية، إذ ذكرت على سبيل المثال البوابة القانونية للأخبار على أنه أمر رئاسي وقد تضمن الأمر أيضا إقالة نائب قائد أسطول البحر الأسود الأدميرال "فاليري كوديكوف" الذي عين أيضا نائبا في البرلمان الروسي وإقالة مدير الأمن الداخلي في منطقة سارا توف جنرال شرطة سيرغي أربينا. أما صحيفة كاسباروف. رو أفادت بأن قائد القوى الجوية المقال سيصبح نائبا عن منطقة "كيروفسكي" في البرلمان الروسي وتم توقيع أمره من قبل قائد منطقة "كيروفسكي" بتاريخ 19/9/2017 وسيتم انتخابه يوم الأربعاء 27/9 كرئيس لجنة الدفاع والأمن في المجلس بعد أن أصبح نائباً، أما صحيفة "ميرتيسن" وصحيفة "ارغومينتي وفاكتي" فقالت أنه سيتم تعيين قائد المجموعة العملياتية في سورية الجنرال "سيرغي سورونيكن" قائدا للقوى الجوية الروسية بدلا" من باندارييف، وفي نفس الوقت تجري إقلات بين المحافظين كما سمتها إحدى الصحف بحملة تنظيف، كما اعفي رئيس هيئة مكافحة الفساد أيضاً.
عموماً: إن تركيز الفعاليات الإعلامية على الدور الأمريكي في عمليات ريف حماه الأخيرة ومحاولتها تقليل أعباء فقدانها للمبادرة الاستراتيجية في دير الزور، يدلل على تنامي المؤشرات التالية:
انصب الاهتمام الإعلامي الروسي فيما يتعلق بالشأن الكردي على قضية استفتاء كردستان العراق إذ يلمح مؤشرات الرفض العام لهذا الاستفتاء، وعلى إشكالية القوات الكردية في الشمال السوري، وفي حين يبدو الأول طبيعياً بحكم أنه تطور غاية في الأهمية في تفاعلات منطقة الشرق الأوسط، فإن الاهتمام بالثاني وتسليط الضوء على "خطورتها" فإن تطور مهم في العلاقة الروسية مع حزب الاتحاد الديمقراطي ويدلل على تنامي اتجاه العلاقة نحو التوتر والاضطراب.
فيما يتعلق بالاستفتاء في كردستان العراق فقد ردّ الخبير "أيغور بوروكوف" أسباب الاستفتاء المزمع أجراؤه في كردستان العراق لأسباب داخلية، كالناحية الاقتصادية وما تسببته انخفاض أسعار النفط والنفقات على تداعيات اقتصادية لوحدات البشمركة. إضافة لنواحي سياسية عدة أهمها يتعلق بطموح البرزاني، إذ يرغب مسعود البرزاني أن يبقى في ذاكرة الاكراد كرجل قاد شعبه إلى الاستقلال.
كما تطرق الخبير إلى احتمالية منع الاستفتاء من قبل الجيش العراقي فاستبعد الفكرة كون الجيش خارج لتوه من معركة الموصل منهكاً، حيث تكبد خلالها خسائر كبيرة ولم يعد بقوته السابقة، بالإضافة إلى ذلك فلديهم عدو مشترك للجيش والأكراد وهو "جيش النقشبندية" وهم ثاني أكبر قوة في تنظيم الدولة والذي أسسه ضباط عراقيين سابقين في الجيش والأمن الذين فقدوا مصدر رزقهم بعد حل الجيش العراقي من قبل أميركا بعد دخولهم العراق على حد تحليل الخبير، ويضيف الخبير إمكانية زعزعة الاستقرار الهش في المنطقة بسبب الاستفتاء كون العراق متعدد العرقيات والطوائف حيث يتواجد الآشوريون والكلدانيون واليزيديون وهؤلاء يحتاجون إلى دولة واحدة تصون حقوقهم فماذا لو رغب كل منهم الاستقلال فسيتم تفتيت البلاد واقتتالها واراقة الدماء.
يتابع الخبير: لا شك أن هناك كثير من المؤيدين في الولايات المتحدة لإعادة رسم حدود الشرق الأوسط وهم المحافظون الجدد وهم ليسوا بعيدين عن الأفكار المتطرفة، وهم لا يؤيدون استقلال كردستان العراق لكنهم يريدون وبالقوة إقامة حكم ذاتي لهم في سورية الذين يتمتعون الآن بحكم ذاتي ضمن كنتوناتهم وهذا سؤال هام ويخص كثير من الدول. ويتساءل الخبير أنه "إذا ما اعتمد مبدأ زرع الديمقراطية في القوة كما في العراق وأفغانستان سيؤدي بالفعل إلى ظهور بؤر للإرهاب، وماذا لو تعرضت مساحات أخرى في الشرق الأوسط للتوزيع فمن الصعب التنبؤ بما سيحدث"([15]).
وفي سياق الحديث عن الاستفتاء في كردستان العراق تحدث الخبير التركي مدير معهد الطاقة والسياسة في أنقرة "فولكان اوزدمير" للوكالة الوطنية الروسية للأنباء РИА قائلا": << يتعرض الاستفتاء لمزيد من الضغوط الخارجية من جانب إيران والجامعة العربية وتركيا مضيفاً>>، وأضاف أن << المحكمة العراقية العليا اتخذت قرار بإيقاف الاستفتاء. وستعلن تركيا عن الإجراءات التي ستتخذها بعد اجتماع مجلس الأمن القومي ومجلس الوزراء في 22/9/2017>>، وحسب رأي الخبير فإن الورقة الأقوى في يد تركيا حيث تستطيع إيقاف ضخ النفط من كركوك مما يجعل أحلام اكراد العراق تذهب هباء وتعتقد تركيا بان الطرفين سيتوصلان إلى حل بتأجيل الاستفتاء، ويشرح الخبير تعاقدات حكومة كردستان مع الشركات النفطية ومنها جينيل وشركة الطاقة التركية وغيرها، لكنه شرح مستفيضا عن عقدها المبرم مع شركة(روسنفت) الروسية الموقع في حزيران عام 2017 لمد خط أنابيب عبر تركيا والذي سيبدأ العمل بالضخ المحلي في عام 2019 وللتصدير في عام 2020، ويرى الخبير ان مسعود البرزاني يسعى من وراء هذه الصفقة الحصول على دعم الروس للاستفتاء واعتقد الخبير أنه إذا ما قررت تركيا إيقاف ضخ النفط كركوك عبر أراضيها ستضطر حكومة البرزاني لتأجيل الاستفتاء([16]).
برسالة واضحة، أكدت بعض الفعاليات الإعلامية الروسية على أن :"القوات الكردية في دير الزور لا تختلف كثيرا عن تنظيم الدولة وتشكل تهديداً جديداً، إذ أكد الباحث الرئيسي في مركز الأبحاث العربية والإسلامية التابع لمعهد الاستشراق "بوريس دولغوف" أن: << "قوات الحكومة السورية" وخلال فترة طويلة تعمل على تحرير مدينة دير الزور بالتعاون مع الروس، وقد بدأ الأكراد عملياتهم في المحافظة بدعم أميركي دون التنسيق مع القوات السورية وترافق ذلك مع اشتباكات لهم مع المواطنين العرب السنة، وهذا ما يذكر بعملياتهم المتعلقة بالتطهير العرقي أكثر من كونها تحرير مدينة محتلة. فعمليات الأكراد في هذه المحافظة ضد العرب السنة تعمق وتعقد الوضع في هذه المحافظة ولا بد أن يؤثر ذلك على عمليات الجيش السوري المدعوم من القوات الجوية الروسية، ولا شك ومن المنطقي أن سياسة الاكراد هذه في قتالهم تلقى مباركة من الولايات المتحدة الأميركية، ورغم أن هذه القوات لعبت دوراً ما في قتال تنظيم الدولة إلا أن أفعالها الحالية لا تختلف كثيرا عما يفعله تنظيم الدولة>>.([17])
من جهتها ذكرت المحررة "أفرورا زوريتا" في صحيفة "سفابودنايا" أن: << كل أفعال القوات الكردية في الشمال السوري توحي بإصرارهم على إقامة حكمهم الذاتي، فالقوات الكردية التي لم تنه عملها في الرقة بعد اتجهت إلى دير الزور عندما لاحظت تقدم القوات السورية باتجاه منابع النفط التي تعتبرها موردا" لدولتهم في حين أنها ضرورية لإعادة إعمار سورية المدمرة ، والملاحظ ان القوات الكردية تتعامل بوحشية ظاهرة مع السكان المحليين يشبه إلى حد بعيد تعامل إرهابيي تنظيم الدولة، عدا عن ذلك فقد عانى أكثر من 180000 من اللاجئين في الرقة من ظروف قاسية أثناء العمليات واستخدام القوات لأسلحة محرمة دولياً مثل الفسفور الأبيض وفق تصريح منظمة الصحة العالمية>>([18]).
وفي هذا السياق تحدث الخبير العسكري فلاديمير ايفيسييف نائب مدير معهد دول رابطة الدول المستقلة بقوله: على خلفية الانتصار على تنظيم الدولة سيتحول الأكراد تدريجيا" إلى القوة الوحيدة التي تشكل تهديدا" حقيقيا" وخطيرا" لسلامة سورية، مضيفاً أن << الأكراد حددوا في الخريف موعدا لسلسلة انتخابات لمستويات حكمهم الذاتي بعيداً عن دمشق>>، ويتابع الخبير قوله: يلاحظ اهتمام أميركا في الأكراد في هذه المنطقة وإقامة 13 قاعدة عسكرية لهم على الأراضي التي ستقام عليه دولتهم ويذكرنا ذلك بالسيناريو الأمريكي في العراق وإقامة كردستان العراق الذي أدى إلى تقسيم العراق، علما" أن الحكومة السورية طلبت التنسيق مع الجيش السوري في أية عمليات أو مناورات تجري على الأرض السورية على خلاف ما تقوم به القوات الكردية حاليا في دير الزور([19]).
في مقالة مليئة بالسخط على الواقع المحلي الروسي افتتحت الكاتبة "مارغريتا ايفانتوفا" مقالتها في صحيفة "سفابودنايا برس" تاريخ 27/8/2017: << على الرغم من أن قسما" كبيرا" من الشعب الروسي كان يؤمن بالأفكار الليبرالية التي حملها يلتسن إلا أنه أصبح الآن أكثر حنينا" إلى الفترة السوفييتية ليس إيمانا بالأفكار الشيوعية بقدر إحساسه بالظلم الواقع عليه من حكومته التي لم تقدم له أي شيء>>، وتقوم الكاتبة بسرد بعض الأمثلة على سبيل المثال وليس الحصر:
وتذكر الكاتبة أن ما يميز المرحلة الحالية هو خوف المواطن من الأيام القادمة، وهذا نابع من حالة الظلم المنتشرة في بلادنا، فإطلاق النار صار عادياً في وسط موسكو، سرقة الملايين بدون حساب، حوادث السيارات التي تودي بحياة المواطنين بدون رادع، والأهم من ذلك أن فئة قليلة تجني الأرباح الطائلة من الأنشطة المصرفية وبيع المواد الخام في الخارج والعيش في النعيم في حين يرزح بقية الشعب في الفقر، وتتابع الكاتبة قولها (ساخرة): << أحيانا توجد فرص العمل ولكن بشرط ألا تمرض لأنه إذا مرضت فستحتاج لبيع كل ما تملك للمعالجة. هذا ما يجعلنا نفكر بأن شيئا خطأ حصل في البلاد حيث حفنة من البشر تعيش وتبصق على الباقي>>.
من هنا –ووفقاً للكاتبة -جاء قول إن الحياة في الحقبة السوفييتية أفضل في كل المعايير، وأن الحنين طبع انساني، إلا أنه تأصل وأخذ بعداً جديداً هذه الأيام. وتختم الكاتبة قائلة: << بالتأكيد نحن غير قادرين على إعادة الاتحاد السوفييتي إلا أننا نريد أن نعيش في وطن يشعر فيه المواطن بثقته في مستقبله، هذا الطلب يتزايد يومأ" بعد يوم طبعا" ينشد في هذا الوطن دولة العدالة والنمو المستمر. بينما الدولة منشغلة الآن بالبحث عن خطة استراتيجية لإعادة انتخاب بوتين>>. وتتساءل: <<كيف يمكن أن نثق بالعدالة عندما تقوم شركة (روسا) بإرسال عمالها إلى منجم (مير) لاستخراج الماس وهو يفتقد لأدنى ظروف الأمان، حيث غمرته المياه وفقد ثمانية من العمال دون حساب، والشركة تحقق الأرباح الطائلة هل هي هذه العدالة؟ إنها غير موجودة ولم يبق لدينا قول للمواطن إلا (انتظر وعود السماء) بعد أن أدرك الجميع أن الانتخابات لن تقدم شيئا" للوطن والمواطن طالما الحكومة باقية>>([20]).
تشير الأوساط الإعلامية والبحثية الروسية إلى الآستانة كإنجاز مهم، ورغم تجمع الحلفاء في سورية على بعض الأهداف المشتركة المعلنة وكثير من الأهداف المتناقضة غير المعلنة، فقد بيّن رصد بعض وسائل الإعلام وتحليل بعض الخبراء أن هناك توافق روسي إيراني على مواقف تكتيكية متعلقة بمناطق خفض التصعيد والحفاظ على المؤسسات في سورية وتفرق بينهم قضايا استراتيجية هامة وكلا الطرفين مضطر للتعامل مع الطرف الآخر للوصول إلى أهدافه، فروسيا -وفق هذا الرصد - تحاول إقامة دولة مؤسسات علمانية والحد من النفوذ الإيراني الذي يسعى إلى بسط سيطرته على القرار السياسي السوري مع محاولة الحد من طموحها بخرق وقف اطلاق النار إلى أن تحين ساعة القرار بينما تضطر تركيا للتعامل مع كل من إيران وروسيا لتحقيق هدفها الأهم وهو منع إقامة الحكم الكردي على حدودها، وتنظر بنفس الوقت بعين الأمل لواشنطن لتغيير موقفها من تسليح الأكراد والتخلي عنهم بعد القضاء عل تنظيم الدولة تسهيلا" لهدف تركي بطرد "الأكراد" من المناطق المتواجدين فيها، ويبدو أن تركيا تعد العدة لهذه اللحظة بحشد قواتها في بعض المناطق الكردية، وما التقارب التركي الإيراني إلا ردة فعل على الخطر المشترك وهم الأكراد ولا تعتقد تلك الأوساط أن لديهم رؤى مشتركة للحل في سورية.
من جهة عسكرية ركزت تلك الأوساط على دلالات هجوم فصائل مسلحة على ريف حماه الشمالي كانهيار دفاعات النظام وملامح الدفع الأمريكي لهذه المعركة، ورغم قدرة الألة العسكرية الروسية على فك الحصار عن تلك المناطق، إلا إن هذا كشف عمق أزمة النظام على المستوى البنيوي والهيكلي وعدم قدرته على الحفاظ على المكتسبات وهو امر يعد انزلاق مستمر للتدخل العسكري الروسي وهو ما سيعود بتبعات سياسية بالغة على موسكو، ومن جهة أخرى فإن تسليط الضوء الروسي على خطورة "القوات الكردية" واعتبارها مهدداً امنياً اكثر من تنظيم الدولة فما هو إلا مؤشراً على تحول العلاقة في قادمات الأيام إلى أشكال أكثر تصعيدية.
([1]) انتون مادراسوف: "الحلفاء في سورية يتباعدون... إيران تحاول أن تجر روسيا للحرب دون أن تنجح"، صحيفة سفابودنايا بريس تاريخ 2/8/2017، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/bAAvYs
([2]) زاور كاراييف ، صحيفة سفابودنايا برس 20/8/ 2017، الرابط الالكتروني: http://svpressa.ru/war21/article/17951
([3]) زاور كاراييف، صحيفة الصحافة الحرة 20/8/2017، الرابط الالكتروني http://svpressa.ru/war21/article/17951
([4]) المصدر: صحيفة بارتس توداي، تاريخ 18/8/2017، الرابط الالكتروني: http://parstoday.com/ru/news/iran-i73090
([5]) ايغور غا كشوف، صحيفة روسيا اليوم تاريخ 16/9/2017، الرابط الالكتروني: https://ria.ru/world/20170916/1504884251.html
([6]) ألكسندر بويكو، صحيفة كمسامولسكايا برافدا تاريخ 16/9/2017، الرابط الالكتروني: https://www.kp.ru/daily/26732.5/3759136/
([8]) روبرت فرانتسيف، صحيفة فيستي رو 16/9/2017، الرابط الالكتروني: https://www.vesti.ru/doc.html?id=2933024
([9]) وزارة الدفاع الروسية 20/9/2017، الرابط الالكتروني: http://syria.mil.ru/news/more.htm?id=12143004@egNews
([10]) وزارة الدفاع الروسية 22/9/2017، الرابط الالكتروني: http://syria.mil.ru/news/more.htm?id=12143227@egNews
([11]) صحيفة فيستي. رو 21/9/2017، الرابط الالكتروني: http://www.vesti.ru/doc.html?id=2934737&tid=95994
([12]) صحيفة النجم الأحمر تاريخ 18/9/2017، الرابط الالكتروني: https://tvzvezda.ru/news/vstrane_i_mire/content/201709181758-zoww.htm
([13]) وكالة تاس الروسية 22/9/2017، الرابط الالكتروني: https://www.vesti.ru/doc.html?id=2935410
([14]) افرورا زورينا، صحيفة بليت اكسببيرت، تاريخ21/9/2017، الرابط الكتروني: https://goo.gl/yq6w2H
([15]) ايغور بوروكوف، معهد الدراسات الاستراتيجية، تاريخ 19/9/2017، الرابط الالكتروني https://riss.ru/events/43844
([16]) فيدور سميرنوف، روسيا اليوم (الوكالة الوطنية الروسية للأنباء)، تاريخ: 19/9/2017، الرابط الالكتروني: https://ria.ru/world/20170918/1505018569.html
([17]) مجلة بليت اكسببيرت 17/9/2017، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/pDqoHr
([18]) افرورا زورينا، صحيفة سفابودنايا بريس، تاريخ 19 /9/2017 الرابط الالكتروني: https://goo.gl/QNTGCi
([19]) مجلة بليت اكسببيرت، تاريخ 17/9/2017، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/ELqQ5W
([20]) مارغريتا ايفانتوفا، صحيفة سفابودنايا برس، تاريخ 27/8/2017، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/2i8fxA
لا يزال مسار "الأستانة" -بعد معركة حلب الشرقية-ماضياً في إعادة هندسة المشهد العسكري عبر فكرة الضامنين وتجميد مناطق خفض التصعيد وتوزيع النفوذ المباشر على مناطق سورية. كما يدفع هذا المسار باتجاه الضبط العسكري مع غموض في آليات تحويل ذلك إلى صفقة سياسية تنظُم عمل المرحلة الانتقالية. فبعد اتفاقيات التهدئة ومناطق خفض التصعيد، عمل على تعزيز هذه الاتفاقات بتفاهمات أمنية مع دول الجوار لـ"تذليل" المهددات الأمنية؛ وبترتيبات داخلية مع الفواعل المحلية للدفع باتجاه من حيثيات محلياتية كإدارة المعابر ونوع الهيئات المدنية والإدارية وتوزيع نقاط مرور إنسانية، وانتشار جديد للقوى العسكرية، وهذا ما دفع به المسار في الجنوب السوري وفي ريف حمص الشمالي وفي الغوطة الشرقية و"يرتجي" أن تتحول لمناطق استقرار نسبي. ووفقاً لهذه الصيرورة يتركز حالياً اهتمام هذا المسار على جبهة إدلب، التي لا تزال تشهد تحديات جمة ناجمة عن كونها محط تهجير محلي وفق اتفاقات هدن عدة؛ واقتتال محلي أفرز تحولات بنيوية وانشقاقات وتحالفات جديدة وبروز هيئة تحرير الشام كقوة رئيسية تنحو باتجاه التحكم الإداري بعدما أحكمت السيطرة على معبر الهوى. وعليه يطمح التنبيه الاستراتيجي هذا لتبيان ما هو شكل السيناريو العسكري الذي سيدفع باتجاهه اجتماع الأستانة حيال معركة إدلب؟ ومنوهاً لطبيعة الاستحقاقات والتحديات الوطنية المتوقعة وسبل مواجهتها.
تعددت المؤشرات الدالة على نية أنقرة تعزيز ولوجها في الجبهة الشمالية ضمن سياق مسار الأستانة الذي أمن لها منصة مهمة لتعزيز قواعد التوافق مع الفاعل الروسي كمعادل لعلاقتها المتأرجحة مع واشنطن في سورية ولا سيما بعد الاتكاء الأمريكي الكامل على قوات PYD من جهة ولعدم اهتمامها بمناطق غرب النهر لصالح شرقه ومعارك الرقة ودير الزور من جهة أخرى، وتسارعت تلك المؤشرات بعد تنامي "قوة " هيئة تحرير الشام وامتلاكها لمفاصل حيوية في هذه الجبهة لا سيما على المستوى الإداري والاقتصادي، وبدء ظهور التصدع في بنى حلفائها المحليين، وهذا ما يُسرّع من سيناريوهات المواجهة مع الهيئة. وفي هذا السياق بدأت تتشكل حالياً العناصر الأولية لهذه المعركة والتي تقوم – وفقاً للعديد من التصريحات والمعلومات –على أدوار عسكرية واضحة لأنقرة وموسكو (الأكثر فاعلية في هذه المنطقة)؛ تفاهم أمني مع طهران والذي بدت ملامحه بالتشكل عبر مقاربة "إدلب مقابل ريف دمشق الجنوبي" ذو الحيوية الهامة لطهران لتشكيل طوق سيطرة يمتد من داريا إلى منطقة السيدة زينب؛ المواجهة العسكرية المباشرة مع هيئة تحرير الشام؛ بالإضافة لأدوار عسكرية محلية منسجمة مع حركية المعركة.
وعليه؛ تبدو الملامح الأكثر توقعاً لتلك المعركة بأن تقوم على مقاربة المناطق الثلاث، وهي جميعها مناطق تسيطر عليها قوى المعارضة وهيئة تحرير الشام (انظر الخريطة أدناه)، وتهدف لحصر هيئة تحرير الشام في المنطقة الوسطى بين المنطقة (1 و3)، وهذه المناطق مُبينة بالآتي:
خريطة رقم (1)
من المرجح أن تصطدم آلية تنفيذ هذه المقاربة بعدة عراقيل تمتد من مرحلة ما قبل التنفيذ حتى لما بعده، ووفقاً لهذه المقاربة المتوقعة، وبحكم تقلص هوامش القرار الوطني، فإنه ستتزايد تحديات المحافظة والتي يمكن شملها في ثلاث حزم، سيشكل حسن التعاطي معها فرصة لتعزيز تموضع المحافظة كمنطقة معارضة مدنية مدعمة بمنظومة عسكرية وطنية، وهي:
أولا: التحديات الإنسانية: تدلل المعلومات الواردة في الجدول أدناه إلى حجم المعاناة الإنسانية المتوقعة جراء تلك المعركة وهو ما يتطلب فاعلية مدنية تعمل على تحييد المدنيين سواء بمطالبة تواجد قوات أو منظمات دولية، أو بالدفع باتجاه مناطق محايدة وهي مناطق منزوعة السلاح يشرف عليها – أمنياً وإدارياً – فعاليات محلية. وفي حال تم اتخاذ قرار باستخدام الحل الصفري مع هيئة تحرير الشام في المنطقة 2 فسينجم عنه نزوح داخلي تجاه المناطق الأخرى.
جدول رقم (1)
ثانياً: تحديات الإدارة المحلية: تهدد هذه المقاربة ما تم إنجازه ضمن مجال الحكم والإدارة المحلية، وهو ما يفرض ضرورة ضمان (حماية ونقل) كوادر المجالس المحلية والنقاط الطبية والجهات الخدمية مع كافة معداتهم، بالإضافة لسياسات الاستجابة والفاعلية وتحييد المجالس المحلية عن الآلة العسكرية وحمايتهم من الاستهداف الروسي، وتحصينهم لتكون الجهة الوحيدة المخولة بإدارة الشؤون العامة في المناطق الثلاث وضمان تنقل كوادرهم عبر المعابر الروسية.
ثالثاً: تحديات عسكرية: وتتمثل في أمران، الأول: تحول معارك المنطقة لمعركة استنزاف طويلة، وهو أمر تعززه الخصائص القتالية النوعية لهيئة فتح الشام وما ستلجأ إليه من تكتيكات وأساليب مواجهة واختراق اللجوء للانشقاق لضمان اختراق صف المعارضة، والثاني: عدم انضباط الميليشيات المدعومة من إيران ومحاولتها تعطيل أي اتفاق، والتي تتمركز بدورها في ريف حلب الجنوبي وعلى طول امتداد طريق خناصر وصولاً إلى ريف حماه الشرقي.
مما لا شك فيه سيركز اجتماع " الأستانة 6" على سيناريو معركة إدلب والتي تدل المؤشرات على أنه قد يكون أقرب لسيناريو المناطق الثلاثة أعلاه، تلك المقاربة التي ستفرض مجموعة من التحديات العسكرية والإدارية والإنسانية، تزيد من أعباء وتحديات المحافظة إلا أن حسن التعاطي معها سيشكل فرصةً لتعزيز هوية المحافظة المدنية /المعارضة والمدعمة بمنظومة عسكرية وطنية.
شنّت "هيئة تحرير الشام" سلسلة من معارك الإلغاء ضد منافسيها، كان آخرها ضد حركة "أحرار الشام الإسلامية"، والتي أثارت نتائجها تساؤلات حول مستقبل محافظة إدلب وإدارتها المحلية في ظل هيمنة "هيئة تحرير الشام" عليها، ورعايتها تشكيل إدارة مدنية للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام، في محاولة وصفها البعض بمبادرة اللحظة الأخيرة.
تمكنت "هيئة تحرير الشام" من بسط هيمنتها العسكرية على مناطق واسعة من محافظة إدلب عقب معركتها ضد "أحرار الشام"، الأمر الذي دق ناقوس الخطر بالنسبة للدول الإقليمية والدولية، ودفعها لإعادة النظر بسياساتها وتقييم خياراتها تجاه الوضع الناشئ في المحافظة، خاصة في ظل محاولات "الهيئة" بسط سيطرتها على الإدارة المحلية. وهو ما عبرت عنه "الهيئة" صراحةً من خلال إصدارها بياناً دعت فيه إلى تشكيل إدارة مدنية للمناطق المحررة، وقد لاقى البيان تأييداً من قبل "حركة نور الدين الزنكي"، إضافة إلى عدد من مجالس الشورى في محافظتي إدلب وحماة.
لم تتوقف مساعي "الهيئة" عند إصدار البيان، بل عملت على الدفع بمبادرتها من خلال رعاية عدد من الفاعليات المدنية بغية الترويج لمشروعها، واستقطاب مؤيدين له ودمجهم في هيئة عامة تتولى إشهار الإدارة المدنية. كما عقدت "الهيئة" اجتماعاً مع "الحكومة المؤقتة" لإقناعها بالانضمام للمبادرة، إضافةً لمحاولتها التواصل مع عدد من الشخصيات المعارضة لها لإقناعهم بالعدول عن رأيهم الهجومي تجاه "الهيئة" والانضمام للمشروع. وهو ما لاقى رفضاً صريحاً من معظمهم.
علاوةً على ما سبق، نظمت "الهيئة" عدداً من التظاهرات الداعمة لمشروعها، في أسلوب مشابه لما قامت به عند كل تحول لها؛ من "جبهة النصرة" وصولاً إلى "هيئة تحرير الشام". ونظمت عدداً من المبادرات الداعية للتوحد، لتعلن على إثرها عن مشروعها الجديد، وتبريره بكونه استجابة "لمطالب الشارع المحلي وصوناً للثورة".
بالتوازي مع الخطوات السابقة، عملت "الهيئة" على تقوية جهازها الخدمي المسمى بـ"الإدارة المدنية للخدمات" ليكون الحامل الأساسي لمشروعها. واستحدثت عدداً من الهيئات والمؤسسات والمديريات الخدمية ليبلغ عددها 18 جهازاً. ويُلحظ هنا تركيز الهيئة على الهيئات التي تؤمن لها إيرادات مالية كالكهرباء والنقل والمعابر، في حين لم تهتم حالياً بإحداث مديريات للصحة والتعليم أو إلحاق القائمة منها بجهازها الخدمي، وذلك رغبة منها في استمرار تدفق الدعم الخارجي لها، في ظل محدودية مواردها عن تحمل نفقاتها. كما عززت جهازها الخدمي من خلال إلحاق عدد من المجالس المحلية بإدارتها المدنية، ويقدر عدد تلك المجالس بـ35 مجلساً من أبرزها حارم ودركوش.
كذلك عملت "الهيئة" على تعزيز مركزية إدارتها الخدمية، كسلطة مرجعية في مناطق سيطرتها، وطالبت المجالس المحلية بوضع الدوائر التابعة لها تحت تصرف إدارتها المدنية، كما اعتبرت مديريتها العامة للإدارة المحلية، الجهة المسؤولة عن المجالس في المناطق المحررة.
وفي ظل مساعي "الهيئة" للدفع بمبادرتها وفق ما توحي به المؤشرات الراهنة، وما يحدق بإدلب من سيناريوهات قاتمة، يُطرح التساؤل حول مدى قدرة مشروع الإدارة المدنية على النجاح في اختبارات الإدارة والشرعية، وبالتالي تجنيب إدلب مخاطر ما يحاك لها.
نجاح مبادرة الإدارة المدنية مرهون بمدى قدرتها على نيل الشرعية المحلية وكذلك على تمتعها بمظلة خارجية، ومما يلحظ في هذا الشأن انقسام الشارع المحلي وقواه المدنية والعسكرية تجاه الإدارة المدنية. إذ أعلن ما يقارب 45 مجلساً محلياً تأييدهم للمبادرة، في حين تبنت مجالس أخرى موقفاً مغايراً من خلال تأكيدها على طابعها المدني واستقلاليتها عن الفصائل العسكرية وتبعيتها لـ"مجلس محافظة إدلب الحرة" ومنها مجالس إدلب وجرجناز ومعرة النعمان وسراقب. ويمكن تفسير رفض هذه المجالس، بقوتها، على اعتبار أنها ممثلة لمراكز الثقل الكبرى في إدلب، إضافةً إلى تمتعها برأي عام مؤيد لها ومناهض لـ"الهيئة"، فضلاً عن تمتعها بشبكة علاقات واسعة مع الجهات الداعمة. أما الحكومة المؤقتة، فقد أصدرت وزارتها للإدارة المحلية بياناً أكدت فيه بأنها الجهة الوحيدة المخولة تشكيل واعتماد المجالس والإشراف عليها.
كذلك عبّرت فصائل من الجيش الحر، لاسيما تلك المنضوية في "درع الفرات"، عن موقفها الرافض لهذه المبادرة. أما الهيئات المدنية الأخرى كالنقابات والمنظمات المحلية، فقد شارك عدد منها في اللقاءات الترويجية للمبادرة من دون أن تتبنى موقفاً صريحاً تجاهها. وفي هذا الشأن يقول الناشط السياسي أبو محمد، من محافظة إدلب لـ"المدن"، إن "المبادرة غير متكاملة وينقصها الوضوح. وفي حال أعلنت المبادرة عن تمسكها بمشروع الثورة، وقبلت الهيئة تحويل محاكمها الشرعية إلى مدنية، ورفعت تسلطها العسكري عن المدنيين وقبلت الاحتكام للقانون، عندئذ يمكن القبول بهذه المبادرة".
من جهته، وصف ناشط محلي من أطمة، المبادرة، بالمتأخرة ولن تغير شيئاً، في حين عبر عضو المجلس المحلي في الركايا والنقير أبو محمد، عن تفاؤله بالمشروع، نافياً ما يشاع عن تبيعته لـ"الهيئة".
أما عن الموقف الإقليمي والدولي، لم تحظَ المبادرة بقبول الولايات المتحدة الأميركية وهو ما عبر عنه بشكل صريح المبعوث الأميركي إلى سوريا مايكل راتني، في حين أعادت الجهات الأوروبية تقييم سياساتها تجاه الوضع الناشئ في محافظة إدلب، وأوقف عدد منها دعمه للمناطق المسيطر عليها من قبل "الهيئة". أما من جهة تركيا، فقد أبقت أنقرة على تدفق المساعدات للمحافظة، مع اتخاذها تدابير أمنية وإعلانها الاستعداد للتدخل لحماية أمنها.
لكي تنجح الإدارة المدينة فلا بد من حيازتها على الموارد الكفيلة لتوفير الخدمات، ولا يعتقد بتوفرها لدى "الهيئة" والتي ستواجه ضغوط كبيرة ناجمة عن توقف الدعم الخارجي للمحافظة، الأمر الذي سينعكس سلباً على حياة ما يقارب مليوني نسمة في محافظة إدلب. كذلك يعتبر تماسك "هيئة التحرير" محدداً لنجاح الإدارة المدنية باعتبارها الحامل الأساسي للمشروع، في ظل الحديث عن رفض تيارات داخلها لهذه المبادرة.
في النهاية، لا تتوافر لدى مشروع الإدارة المدنية في شكله الراهن مقومات النجاح في ظل افتقاده للإجماع المحلي ولمظلة خارجية، فضلاً عن افتقاده للموارد الأساسية لإدارة الخدمات، إضافة للمخاطر الداخلية التي تعتريه. وفي ظل ما سبق يغدو طرح الإدارة المدنية للخدمات في ظل المؤشرات الراهنة قفزة في المجهول من شأنها أن تعقد الموقف في محافظة إدلب.
اسم المصدر جريدة المدن الإلكترونية: https://goo.gl/asavJo
منذ مطلع العام 2017 عادت بادية الشام بقوة إلى واجهة الأحداث الميدانية العسكرية في سورية، لتشهد صراعاً على عدة جبهات بين قوات النظام و"المليشيات الإيرانية([1])" الداعمة لها من جهة وبين قوات المعارضة المسلحة العاملة في المنطقة من جهة أخرى، بالإضافة إلى خوض الطرفين معارك ضد تنظيم الدولة "داعش"، والذي يَعتبرُ المنطقة عقدة ربط بين مناطقه في سورية وما تبقى له من جغرافيا في العراق. وازى هذا التصعيد العسكري لمعارك البادية تصعيد سياسي بين الولايات المتحدة من جهة وإيران من جهة أخرى حول السيطرة على معبر التنف الاستراتيجي، والذي كاد أن يودي إلى مواجهة مباشرة، ما أتاح الفرصة لموسكو لاستغلال احتمالات المواجهة والدخول كوسيط بين الطرفين واللعب على هوامش الخلاف لتحقيق أهدافها في البادية والتقدم على حساب مناطق تنظيم الدولة فيها وصولاً إلى مشارف محافظة دير الزور وفرض نفسها كشريك للتحالف الدولي في حرب الإرهاب.
لذلك تعتبر البادية السورية اليوم نموذجاً مصغراً يعكس ما يجري في سورية عموماً من صراع نفوذ دولي-إقليمي بأدوات محلية؛ والسباق المحموم بين تلك الأطراف للسيطرة على الفراغ الاستراتيجي الذي سيتركه تنظيم الدولة. وبناءً عليه تحاول هذه الدراسة التحليلية رسم ملامح المشهد السياسي والعسكري في البادية السورية، وتفكيك المصالح المتضاربة للأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة فيها، و استنتاج التفاهمات غير المعلنة التي توصلت إليها الولايات المتحدة وروسيا فيما يخص تقاسم النفوذ ضمن مناطق تنظيم الدولة، مقابل الموقف من المشروع الإيراني على الحدود العراقية السورية؛ وصولاً لتقديم قراءة استشرافية لمعركة دير الزور المرتقبة، وذلك عبر تحليل التحركات العسكرية للنظام والمليشيات الداعمة له على جبهات البادية المختلفة، و التي تشكل مفتاحاً لمعركة دير الزور ذات الأهمية الاستراتيجية لجميع الأطراف المنخرطة في معارك البادية.
بادية الشام أو البادية السورية، هي منطقة صحراوية تقع في جنوب شرق سورية وشمال شرق الأردن وغرب العراق، يسمى القسم الجنوبي الأوسط منها "الحماد"، أما في الشمال تحدها منطقة تسمى بالهلال الخصيب.
يجتاز بادية الشام من جهتها الجنوبية خط الأنابيب الذي أنشأته شركة أرامكو السعودية لإيصال النفط من رأس تنورة في السعودية عبر الجمهورية العربية السورية إلى ميناء صيدا على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وترتبط البادية السورية برياً بالعراق والأردن بشريط حدودي تصل مسافته إلى أكثر من 240 كم، ولكن لا ترتبط بمعبر رسمي إلا مع العراق، وهو معبر (التنف)، والذي يقع على أوتوستراد دمشق- بغداد. كما أنها تعتبر عقدة للاتصال بين شرق سورية وشمالها الشرقي (دير الزور والرقة) مع وسطها (حمص وحماه) وجنوبها الغربي (القلمون الشرقي والسويداء)، بالإضافة إلى غناها بآبار النفط والغاز ومناجم الفوسفات، وما زاد من الأهمية الاستراتيجية للبادية اليوم هو احتواؤها على عدة جبهات للاشتباك مع تنظيم الدولة "داعش" في عدة محافظات سورية، الأمر الذي جعلها مفتاحاً للسيطرة على مساحات واسعة من الأرض السورية الغنية بالموارد، وبالتالي فإن السيطرة عليها قد تغير موازين القوى لصالح الطرف المسيطر.
وعليه شكلت البادية السورية ساحة للصراع بين ثلاثة أطراف رئيسية من أصحاب المصالح (روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية، إيران) المدعومين بالوكلاء المحليين، بالإضافة إلى الأردن وإسرائيل اللتين تمثل الولايات المتحدة مصالحهما. ويمكن تفكيك مصالح كل منهم على الشكل التالي:
تنظر الولايات المتحدة باهتمام شديد إلى البادية، والتي تُشكل نقطة تلتقي فيها جملة من الأهداف الأمريكية في سورية، وهو ما يثبته السلوك الأمريكي الحاسم اتجاه محاولات إيران وروسيا الاقتراب من مناطق نفوذها في البادية، ويمكن إجمال أسباب الاهتمام الأمريكي بالتواجد في البادية السورية بالنقاط التالية:
تسعى الولايات المتحدة من خلال اهتمامها بمناطق (الجنوب الغربي-الجنوب الشرقي) لسورية، والممتدة على مساحة ثلاث محافظات، وهي (القنيطرة-درعا-السويداء) وصولاً إلى معبر التنف على زاوية الحدود السورية العراقية الأردنية؛ إلى حماية حدود كل من الأردن وإسرائيل من محاولات إيران للوصول إليها عبر المليشيات الشيعية، أو من أي تهديد محتمل من قبل التنظيمات المتشددة وعلى رأسها "داعش"، وبخاصة بعد خسائره المتلاحقة في سورية والعراق وإمكانية تسلل عناصره إلى الأردن عبر البادية السورية.
تُشكل البادية السورية عقدة ربط بين مناطق تنظيم الدولة في سورية والعراق، ومنفذاً مهماً لتحرك عناصر التنظيم بين مناطق سيطرته وبخاصة التي يخوض فيها المعارك، لذلك يُعتبر تأمين البادية ضرورة عسكرية قصوى بالنسبة للولايات المتحدة لدعم عمليات التحالف ضد التنظيم وقطع طرق تحركه وإمداده.
تعتبر القاعدة العسكرية التي أنشأتها الولايات المتحدة في التنف عقبة أمريكية في وجه تحقيق إيران مشروعها الاستراتيجي في امتلاك طريق بري يصل طهران بلبنان عبر العراق وسورية، إذ يبدو أن واشنطن تسعى عبر توزع قواعدها الجديدة في العراق وسورية إلى تطويق النفوذ الإيراني عبر الحد من سيطرة طهران على المناطق السُنية التي تشكل ممرها البري إلى المتوسط.
خريطة بتاريخ 25 أغسطس/آب توضح الطرق البرية التي عملت إيران على تأمينها للوصول إلى لبنان مروراً بالعراق وسورية
يبدو أن واشنطن التي شكل انسحابها من العراق في العام 2011 تراجعاً عسكرياً لدورها في المنطقة لصالح تمدد النفوذ الإيراني والروسي اليوم في سورية، تسعى للعودة من جديد إلى المنطقة، وبخاصة في عهد الإدارة الجديدة، لذلك يبدو أنها تسعى إلى تكثيف وتثبيت تواجدها العسكري في سورية والعراق وتحديداً في المناطق السُنية (العربية والكردية)( [2]) ، حيث بلغ تعداد ما أنشأته في العراق من قواعد عسكرية 12 قاعدة([3])، 8 قواعد في سورية من ضمنها قاعدة التنف في البادية السورية([4])، والتي تشكل نقطة ارتباط هامة بين مناطق التواجد الأمريكي في العراق وسورية.
خريطة توضح انتشار القواعد العسكرية للفاعلين في سورية (أمريكا، روسيا، تركيا)
ترتكز استراتيجية موسكو في سورية على عدم الصدام المباشر مع واشنطن، وإنما اللعب على هوامش الصراع بين أصحاب المصالح لتحقيق أهدافها بأقل التكاليف، وعلى هذا الأساس استثمرت موسكو الخلاف بين واشنطن وأنقرة في الشمال السوري، وتحاول إعادة الكرة في البادية السورية عبر اللعب على هوامش المشروعين الإيراني والأمريكي في محاولة للوصول إلى تفاهمات تخدم مصالح حليفها (النظام السوري) في السيطرة على مساحات واسعة من الأرض السورية، وبخاصة المناطق الغنية بالنفط والغاز.
حيث تشترك موسكو وطهران من ناحية في الرغبة بتطويق الوجود الأمريكي في البادية السورية وإحاطته بتواجد عسكري إيراني روسي، ومن ناحية أخرى تنسجم مصالح موسكو مع سعي واشنطن لمنع إيران من الوصول إلى المتوسط عبر العراق وسورية، وعليه يبدو أن موسكو تهدف من خلال الانخراط في العمليات العسكرية في البادية السورية إلى ما يلي:
سعى كلٌ من الأطراف المتنازعة على النفوذ في البادية السورية إلى تعزيز تواجده العسكري فيها، كما ترجمت المصالح المتضاربة بين الولايات المتحدة وإيران إلى احتكاكات عسكرية أنذرت بإمكانية التصعيد إلى مواجهة مباشرة، خصوصاً بعد أن دعَّم الطرفان تواجدهما في البادية بقواعد عسكرية جديدة، حيث عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري شرق سورية عبر إقامة قاعدة جديدة في منطقة الزكف على بعد 50 كيلومتراً شمال شرق معسكر التنف([5])، وذلك لإقفال الطريق أمام قوات النظام والميليشيات الإيرانية الساعية للتقدم إلى زاوية الحدود السورية - العراقية - الأردنية من جبهتين: الأولى؛ من منطقة السبع بيار شرق تدمر، و الثانية؛ من الريف الشرقي للسويداء جنوب دمشق، والتي كانت إيران قد عززت وجود ميليشياتها فيها([6])، كما أن اختيار مكان قاعدة الزكف تم بطلب من الفصائل العاملة على الأرض لأسباب متعددة؛ ومنها أن تكون نقطة متقدمة لـ"جيش مغاوير الثورة" المدعوم من الولايات المتحدة في قتاله ضد "الدولة الإسلامية"، بالإضافة إلى اعتبار المنطقة بوابة لمحافظات حمص و دير الزور والسويداء ومدينة تدمر([7])، إلى جانب أهميتها بالنسبة للولايات المتحدة في عرقلة الطريق البري لإيران بمحيط تلك المنطقة.
وبعد أيام من تعزيز واشنطن معسكر التنف قرب حدود العراق، قامت إيران بتحويل مطار "السين" المجاور والذي يعد ثالث أكبر مطار عسكري في سورية إلى قاعدة لـلحرس الثوري الإيراني، حيث أن طائرات "يوشن 76" إيرانية بدأت بالهبوط فيه، إضافة إلى تمركز طائرتي نقل عسكريتين في المطار([8]).
كما حاولت ميليشيات إيرانية التقدم من منطقة السبع بيار باتجاه معسكر التنف، بالتزامن مع تقدم "الحشد الشعبي" العراقي من الطرف الآخر للحدود، وزيارة قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري قاسم سليماني لمناطق الحدود([9])، الأمر الذي أثار قلق الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أبلغت رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بضرورة وقف محاولات "الحشد" لعبور الحدود، كما انتشرت قوات أمريكية في جنوب الروضة في محافظة الأنبار قرب الحدود مع سورية والأردن مدعومين بمظلة جوية من المروحيات وطائرات الاستطلاع([10])، وعلى الجانب السوري حذرت الولايات المتحدة قوات النظام والمليشيات الإيرانية عبر منشورات ألقتها طائراتها من التقدم نحو التنف، كما أنها أبلغت روسيا خلال المحادثات في عمان بـضرورة وقف تقدم الإيرانيين في البادية السورية، و لكن الإيرانيين استمروا في الحشد؛ ما أدى إلى توجيه ضربتين أمريكيتين للقوات المتقدمة نحو التنف خلال أقل من شهر([11])، تزامنت تلك الضربات الأمريكية مع تصريحات لمسؤولي التحالف الدولي بأنهم سيستمرون بالدفاع عن مواقعهم في حال استمرت المحاولات الإيرانية بالتقدم نحو التنف، بينما رد النظام وداعموه على تلك التصريحات بالتهديد باستهداف القواعد الأمريكية في إشارة إلى التنف والزكف، الأمر الذي أدى إلى توتر كبير في البادية زاده إصرار موسكو على استمرار دعمها الجوي لقوات النظام والمليشيات الإيرانية للتقدم نحو الشرق السوري ومنع تشكيل منطقة عازلة أمريكية شرقي سورية عبر تصريحات صدرت عن قاعدة حميميم الروسية([12])، الأمر الذي يبدو أنه هدد اتفاق "منع التعارض" الذي يعود إلى 15 أكتوبر 2015 بين الولايات المتحدة وروسيا، والذي أنشأ خطاً ساخناً لتفادي المواجهة العسكرية المباشرة بين القوات الروسية والأمريكية في سورية، وبالتالي زاد احتمالية وقوع صدام مباشر بين القوات الأمريكية وقوات النظام والمليشيات الإيرانية المدعومة من موسكو، وهو ما لا يرغب فيه الطرفين الروسي والأمريكي، لذا كان لزاماً عليهما الدخول في تفاهمات تحتوي التداعيات المحتملة في البادية، التفاهمات التي تُرجمت على ما يبدو وفق عدة اتفاقات منها المعلن وغير المعلن، ولعل أبرزها:
بموجب التفاهمات الروسية الأمريكية في البادية، والتي أفضت إلى تفكيك الأخيرة قاعدة الزكف التي كانت مدخل قوات المعارضة إلى محافظة دير الزور وريف حمص الشرقي، ومنع الفصائل المدعومة أمريكياً من قتال قوات النظام وإيقاف الدعم عن بعضها([16]) ونقل قوات "مغاوير الثورة" من البادية إلى الشدادي في الحسكة([17])، أصبحت جبهات البادية تُشكل ممرات سالكة لقوات النظام للتقدم على محاور عدة مستفيدة من اتفاقات خفض التصعيد التي تم عقدها، والهدوء النسبي الذي تشهده باقي المناطق التي تنتظر أن تشمل باتفاقات خفض التصعيد كجبهة حماه والساحل، والتي أتاحت للنظام والمليشيات الداعمة له تعزيز قواتهم في البادية السورية، في محاولة لتحقيق سيطرة واسعة وتقليص المسافة التي تفصلهم عن دير الزور في خضم التسابق الدولي على المحافظة، انطلاقاً من الحدود الإدارية لدير الزور مع محافظتي حمص والرقة إلى جانب تقدم في ريف مدينة البوكمال من الجهة الجنوبية بمحاذاة الحدود السورية العراقية. ويمكن تقسيم محاور تقدم النظام باتجاه محافظة دير الزور، وفقاً لما يلي:
- محور أثريا باتجاه عقيربات؛ حيث تحاول قوات النظام فتح جبهة جديدة في ريف السلمية مع تنظيم داعش، وينصب تركيز العمليات المرحلي على إتمام السيطرة على طريق أثريا ــ الرقة، بما يؤمن مرونة في خطوط إمداد تلك القوات، كبديل عن الخط الطويل الممتد من ريف حلب الشرقي، كما يتيح إطباق الحصار على مواقع "داعش" شرق طريق أثريا ــ خناصر، وإنهاء تهديدها المتكرر لطريق حلب الوحيد، ويمهد لتحرير بلدة عقيربات التي تعد آخر معاقل "داعش" في الريف الحموي.
- محور ريف الرقة؛ تهدف قوات النظام من خلال هذا المحور إلى التقدم باتجاه دير الزور، عبر طريقين؛ شمالي غربي قادم من ريف حلب الشرقي مروراً بريف الرقة الجنوبي، ومحور جنوبي شرقي، بهدف الوصول إلى مدينة السخنة للالتقاء مع قوات النظام، التي تتقدم من المحور الأوسط القادم من مدينة تدمر، والتوجه بعد ذلك نحو مدينة دير الزور شمالاً والحدود السورية العراقية بالقرب من مدينة البوكمال شرقاً، حيث تمكنت قوات النظام وميليشياته من التقدم في ريف الرقة الجنوبي الشرقي بعد "اتفاق العكيرشي" مع قوات "سورية الديمقراطية"، والذي سمحت بموجبه الأخيرة لقوات النظام والمليشيات المساندة لها بالتقدم عبر مناطق سيطرتها([19])، ليتمكنوا بذلك من السيطرة على ثلاثة قرى غرب مدينة معدان، وبعد هذا التقدم باتت قوات النظام وميليشياته تبعد 2 كم من الجهة الغربية لمدينة معدان، التي تعتبر آخر مدينة تحت سيطرة تنظيم "داعش" في ريف الرقة، ومفتاح جديد بيد قوات النظام وحلفائها باتجاه الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور من الجهة الشمالية الغربية.
خريطة بتاريخ 22 أغسطس/آب توضح المحاور العسكرية المختلفة التي يحاول نظام الأسد وحلفائه التقدم عبرها إلى دير الزور
وتسعى قوات النظام والميليشيات الداعمة لها عبر تحركاتها المتناسقة قرب الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور انطلاقاً من ريفي حمص الشرقي والجنوب الشرقي وريف حماة الشمالي قرب قرى السلمية إلى إطباق سيطرتها على جبهات الاشتباك مع تنظيم الدولة في محافظة دير الزور وعزل باقي القوى المنافسة عن خوض المعركة. وهذا ما تمكن من تحقيقه عبر عزل قوات المعارضة في البادية، وذات الأمر بالنسبة لقوات سورية الديمقراطية المتواجدة في ريف الرقة. وعلى الرغم من نجاح سعي النظام للوصول إلى مشارف دير الزور قبل باقي الأطراف؛ إلا أن هذا السباق جعل مواقع النظام المتقدمة باتجاه المحافظة رخوة وطرق إمدادها غير آمنة، الأمر الذي زاد من خسائر قواته التي تعرضت لهجمات عنيفة من تنظيم "داعش"، ففي 19 تموز/ يوليو الفائت شنت داعش هجمات على مواقع النظام المتقدمة باتجاه مدينة البوكمال في منطقة وادي الوعر أسفرت عن قتل أكثر من 70 عنصراً من قوات النظام، كما تم أسر ثلاثة عناصر أعدمهم التنظيم في مدينة البوكمال([20]). وشهد يوم 9 آب/ أغسطس هجمات معاكسة لتنظيم "داعش" على مواقع قوات النظام في ريف حمص الشرقي في مناطق حميمة وصوامع تدمر والمحطة الثالثة والسخنة أسفرت عن قتل ما يقارب 75 عنصراً من قوات النظام بينهم ضابط برتبة لواء([21])، وكذلك الأمر بالنسبة لجبهة ريف حماه الشرقي ومحيط مدينة السلمية التي تشهد هجمات معاكسة ودامية من تنظيم "داعش"، ويهدف التنظيم من خلال تلك الهجمات إلى عرقلة تقدم قوات النظام وإشغالها بتعزيز مواقعها المتقدمة وطرق إمدادها عن التقدم باتجاه دير الزور وبدء المعركة، والتي يبدو أنها ستحتاج إلى مدة أطول مما يعتقد النظام وحلفاؤه لكي تبدأ.
من خلال دراسة تحركات النظام وتكتيكاته العسكرية على جبهات البادية المتعددة، وبقراءة التفاهمات الروسية الأمريكية في سورية؛ يمكن الوصول إلى النتائج التالية:
بعد تأمين "سورية المفيدة"؛ يبدو أن البادية السورية تمثل استراتيجية جديدة لنظام الأسد للتوسع باتجاه "سورية غير المفيدة"؛ فالنظام السوري بدأ يفقد مواقعه في البادية مع نهاية العام 2011، ثم خسرها بشكل كامل في العام 2015، لتعود أنظاره وحلفائه إليها مع بداية العام 2017، حيث سبقت هذه الالتفاتة هزيمة المعارضة في حلب وإفراغ بعض الجيوب و"بؤر التوتر" من مقاتليها وفرض مناطق "خفض التصعيد"، مقابل تأمين القسم الأكبر من حزام العاصمة سواء عبر المعارك أو المصالحات. إذ شكلت اتفاقات "خفض التصعيد" مقدمة لمرحلة جديدة دخلها الصراع السوري تعكس ميلاً لدى الفاعلين الدوليين (الولايات المتحدة- روسيا) للوصول إلى تفاهمات على الأرض تفضي إلى تقاسم مناطق نفوذ ومصالح بينهما، يلعب كل طرف فيها دور الضامن لأمن حلفائه الإقليميين و وكلائه المحليين بشكل يضمن توجيه نفوذ هؤلاء الوكلاء نحو حرب الإرهاب تمهيداً لفرض الحل السياسي، وعليه شكلت البادية السورية التعبير الأكثر وضوحاً عن تلك التفاهمات بما تشهده من تقدم لقوات النظام والمليشيات الداعمة لها، الأمر الذي سينعكس بالضرورة على مسار التفاوض السياسي ويشكل ضغطاً إضافياً على المعارضة السورية إلى جانب التغيرات في المواقف الإقليمية الداعمة لها باتجاه فرض القبول بصيغة الحل الروسية القاضية ببقاء الأسد في المرحلة الانتقالية .
أعلنت قوات المعارضة في البادية السورية والقلمون الشرقي عن بدء المرحلة الأولى من معركة "رد الاعتبار" والتي أطلق عليها لاحقاً اسم معركة " سرجنا الجياد لتطهير الحماد" يوم الخميس بتاريخ 29 كانون الأول 2017 ضد مواقع "تنظيم الدولة" في المنطقة، والتي يوضح الجدول التالي القوى شاركت بها:
جاء انطلاق المعركة متزامناً مع قرب انعدام جبهات قوات المعارضة مع تنظيم الدولة، وذلك بعد الإعلان عن انتهاء معارك درع الفرات، فبات من الضروري على قوات المعارضة وبالتنسيق مع غرفة الموك في البادية من فتح معركة البادية وتأمين معبر التنف الاستراتيجي، وذلك لتحقيق جملة من الأهداف، وهي:
في 13 آذار 2017 أعلن المكتب الإعلامي لقوات "الشهيد أحمد العبدو" عن انطلاق المرحلة الأولى من معركة "طرد البغاة" بهدف استعادة السيطرة على مواقع التنظيم في القلمون الشرقي، وذلك بشن هجوم على عدة محاور. فيما أعلنت قوات المعارضة في 23 آذار 2017، عن بدء المرحلة الثانية من معركة "سرجنا الجياد لتطهير الحماد" والمرحلة الثانية من معركة "طرد البغاة"، وذلك استكمالاً لأهداف المرحلة الأولى من المعركتين، حيث استهدفت معركة "سرجنا الجياد" مواقع التنظيم في محور بادية الشام، أما معركة "طرد البغاة" فقد استهدفت محور القلمون الشرقي، وذلك لوصل البادية الشامية بالقلمون.
كانت المعركتين قريبتين من تحقيق كافة أهدافها، والتي يعتبر فك الحصار عن القلمون الشرقي أهمها، إلا أن قوات النظام استطاعت في الأسبوع الثاني من شهر أيار 2017 التقدم في منطقة السبع بيار على طريق دمشق بغداد القديم، في سعيٍ منها على ما يبدو لتأمين مطار السين العسكري ومحيطه ومحاولة لوصل مناطق سيطرتها بالبادية السورية من جهة القلمون الشرقي بمناطق سيطرتها جنوب مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي، الأمر الذي يمكنها من تضييق الخناق على قوات المعارضة في القلمون الشرقي ومحاصرتهم بشكل كامل تمهيداً لإقامة تسوية في المنطقة تفضي بطرد مقاتلي المعارضة منها، كما حاولت قوات النظام التقدم من محور مطار خلخلة في السويداء، حيث حشدت قواتها من أجل التقدم في البادية السورية وصولاُ إلى منطقة التنف لإفشال مشروع المعارضة في الوصول إلى دير الزور والسيطرة على معبر التنف الحدودي مع العراق. وتتكون قوات النظام والمليشيات الرديفة في البادية السورية من التشكيلات التالية:
في 10 تموز 2017، بدأت قوات النظام والميليشيات الموالية المرحلة الثانية من عملية "الفجر الكبرى"، وفيها تم شن هجوم على مواقع قوات المعارضة شرق قاعدة خلخلة الجوية، وسيطرت على قمة تل الأصفر، إلى جانب العديد من التلال الصغيرة المطلة على قرية الأصفر. وفي الوقت نفسه، شن هجوم آخر على مواقع قوات المعارضة في محافظتي السويداء وريف دمشق بالقرب من قاعدة السين الجوية، وخلال اليوم الأول من العملية، استولت قوات النظام على ثلاثة آلاف كيلومتر مربع من الأراضي التي كانت تسيطر عليها قوات المعارضة المدعومة من غرفة الموك، وبحلول 13 تموز، سيطرت قوات النظام والميليشيات الموالية على 200 كيلومتر مربع إضافي.
بعد وقف إطلاق النار مع الجيش السوري الحر في منطقة البادية الجنوبية الغربية في سورية، التي تم بوساطة روسيا والولايات المتحدة، بدأت القوات الحكومية إعادة الانتشار إلى الشرق من تدمر لشن هجوم جديد.
([1]) مجموعة من التشكيلات العسكرية المليشياوية الأجنبية والمحلية الممولة من إيران، للاطلاع على تلك المليشيات بأسمائها ونفوذها وتفاصيل أكثر، راجع الجدول الخاص بها في ملحق الدراسة.
([2]) فابريس بالونش، تنامي خطر اندلاع مواجهة دولية في البادية السورية، معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، 29/5/2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/AqmMq4
([3]) 12 قاعدة عسكرية أمريكية في العراق ..الغايات والأبعاد، موقع عربي 21، 16 مارس 2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/mhcezo
([4]) تركيا تكشف معلومات سرية عن 10 قواعد أمريكية في سوريا، موقع روسيا اليوم، 19/7/2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/kvPQBz
([5]) البادية السورية: قاعدة الزكف "الأميركية" لإفشال المشروع الإيراني؟، موقع جريدة المدن، 6/6/2017، متوافر على الرابط التالي: https://goo.gl/CJtQhz
([6]) صراع أميركي ـ إيراني على «البادية السورية» بانتظار تفاهمات مع روسيا، موقع جريدة الشرق الأوسط، 8/6/2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/5WkFZs
([7]) البادية السورية: قاعدة الزكف "الأميركية" لإفشال المشروع الإيراني؟، موقع جريدة المدن، مرجع سبق ذكره.
([8]) قاعدة روسية تدخل الصراع الأميركي ـ الإيراني على «البادية السورية»، موقع جريدة الشرق الاوسط، 26/6/2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/5zdeSC
([9]) صراع أميركي ـ إيراني على «البادية السورية» بانتظار تفاهمات مع روسيا، موقع جريدة الشرق الأوسط، مرجع سبق ذكره.
([10]) قاعدة روسية تدخل الصراع الأميركي ـ الإيراني على «البادية السورية»، موقع جريدة الشرق الاوسط، مرجع سبق ذكره.
([11]) التحالف يقصف قافلة لميلشيات إيرانية فيها 60 مقاتلاً جنوب سوريا.. ثاني ضربة أمريكية لها بأقل من شهر، موقع السورية نت، 6/6/2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/J3vgrI
([12]) مؤشرات بداية مواجهات عسكرية مباشرة روسية أمريكية على أرض الشام من يركب سياسة حافة الهاوية حتى النهاية ؟، موقع رأي اليوم، 8/6/2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/CDwBXU
([13]) قاعدة روسية تدخل الصراع الأميركي ـ الإيراني على «البادية السورية»، موقع جريدة الشرق الاوسط، مرجع سبق ذكره.
([14]) البادية السورية: هل قطع النظام طريق المعارضة إلى دير الزور؟، موقع جريدة المدن، 12/6/2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/Qqr8mY
([15]) تبعد خربة رأس الوعر، 50 كيلومترا عن دمشق و85 كيلومتراً عن خط فك الاشتباك في الجولان و110 كيلومترات عن جنوب الهضبة. وتبعد 96 كيلومتراً من الأردن و185 كيلومتراً من معسكر التنف التابع للجيش الأميركي في زاوية الحدود السورية -العراقية -الأردنية.
([16]) مجموعة مسلحة سورية تعيد الأسلحة إلى أمريكا، موقع سبوتنيك عربي، 3/8/2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/91YUi1
([17]) أنباء عن تشكيل واشنطن "جيشاً وطنياً" لمعركة دير الزور، موقع العربية نت، 5/8/2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/sLP52Z
([18]) قوات النظام تدخل مدينة السخنة شرق حمص، وكالة قاسيون للأنباء، 3/8/2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/tepwAz
([19]) "اتفاق العكيرشي": "قسد" تُسلم ريف الرقة الجنوبي للنظام، موقع جريدة المدن، 22/7/2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/kNPibE
([20])نحو 70 قتيل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها وتنظيم “الدولة الإسلامية” خلال 48 ساعة من القتال في البادية السورية، المرصد السوري لحقوق الإنسان، 19/7/2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/UAEjhf
([21])نحو 75 قتيلاً وعشرات الجرحى خلال 24 ساعة من العمليات العسكرية في بادية حمص أكثر من نصفهم من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، المرصد السوري لحقوق الإنسان، 9/8/2017، متوافر على الرابط: https://goo.gl/R6aTj