تصدر كل من الإصلاح المؤسسي والعقوبات الغربية والأمريكية برنامج عمل حكومة النظام السوري خلال شهر كانون الثاني 2019.
حيث استعرض مجلس الوزراء برنامج عمل الوزارات وخططها لتطوير هياكلها وتبسيط إجراءاتها، كذلك فيما يتعلق بتعزيز الربط البيني بين أجهزة ومؤسسات الدولة، ووضع آليات لمراقبة وتنفيذ خطط الوزارات، وفي هذا السياق كشفت وزير التنمية الإدارية سلام سفاف عن إصدار أول نموذج هيكلي وظيفي في تاريخ الدولة السورية لجهة عامة، حيث سيصار إلى تطبيقه على وزارة التنمية الإدارية، وبينت الوزيرة أن لجنة إقرار البنى التنظيمية للجهات العامة (صدرت بالقرار 15/59 الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء)، تعمل حالياً على مخاطبة الجهات في جميع الوزارات والإدارات المركزية لمراجعة هيكلياتها التنظيمية حسب القانون 28، كما أكدت سفاف مراجعة الهيكليات والبني التنظيمية للمؤسسات، كذلك العمل على أطر تشريعية جديدة ضمن مشروع تحديث بنية الوظيفة العامة للدولة.
إصلاح القطاع العام، برز جلياً تباين وجهات النظر بين الوزارات والهيئات والاتحادات والنقابات المهنية بخصوص آليات ومقاربات إعادة هيكلية القطاع العام، حيث طالب رئيس المكتب الاقتصادي في اتحاد نقابات العمال عمر حورية بإصلاح البنية التشريعية والقانونية الناظمة لعمل القطاع العام، في حين طرح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سامر خليل أسئلة تتعلق بالجدوى الاقتصادية المرجوة من إعادة هيكلة القطاع العام.
من جهة أخرى، شغلت العقوبات الأوربية والأمريكية الحيز الأكبر من برنامج عمل حكومة النظام، حيث أعلن المجلس حالة الاستنفار لمواجهة آثار العقوبات الاقتصادية الجديدة، وجرى النقاش بين أعضاء مجلس الوزراء حول الآليات التنفيذية والوقائية والاحترازية للتقليل من آثار العقوبات على عمل مؤسسات الدولة ومعيشة المواطن، وضمن ما سبق اتخذت سلسلة من الإجراءات منها:
بالانتقال إلى الإدارة المحلية، أصدرت الوزارة تقريرها لمنجزات عام 2018 والتي يمكن تقسيمها للمحاور التالية:
يتطرق هذا القسم إلى أبرز معطيات قطاعات الاقتصاد السوري، وفق منهجية تقوم على رصد القطاعات الأساسية واستعراض أبرز الأخبار الدالة واستخلاص المؤشرات النوعية.
قام وفد من رجال الأعمال السوريين([2]) بزيارة لدولة الإمارات للمشاركة في ملتقى القطاع الخاص الإماراتي_ السوري الذي نظمه اتحاد غرف التجارة والصناعية الإماراتية بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة أبو ظبي، وأكد المنظمون للملتقى بأنه يستهدف استعراض أهم الفرص والمناخات الاستثمارية التي من شأنها خلق شراكات تجارية ومشاريع جديدة، كذلك التعرف على مزايا بيئة الأعمال في كلا البلدين، وتأتي هذه الزيارة في ظل ارتفاع حجم المبادلات التجارية غير النفطية بين سورية والإمارات، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من 925 مليون دولار في عام 2016 ليصل إلى 1.02 مليار دولار عام 2017، هذا وبلغت قيمة واردات الإمارات من سورية عام 2017 حوالي 44.5 مليون دولار، في حين بلغ حجم صادرات الإمارات إلى سورية حوالي 322.1 مليون دولار واعادة الصادرات من الإمارات إلى سورية نحو 646.3 مليون دولار. تواصل حكومة النظام تقديم تسهيلات لرجال الأعمال لتأسيس شركات اقتصادية، وفي هذا الصدد صادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على تأسيس 4 شركات في شهر كانون الثاني 2019 بحسب ما هو مرفق في الجدول.
فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية الروسية_ السورية، أظهر تقرير لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لعام 2018 مستوى التطور في العلاقات الاقتصادية بين كل من حكومة النظام وروسيا وحلفائها، حيث استعرض التقرير أبرز المحطات في العلاقات بين الجانبين:
واستكمالاً لعلاقات التعاون بين الجانبين السوري والروسي، تم التوقيع على اتفاقية تعاون مشترك بين محافظتي سيفاستوبول الروسية وطرطوس السورية، تتعلق بالمساهمة والتعاون في مجالات البناء والاستثمار في كلا المدينتين. بالإضافة لما سبق، كشفت تصريحات لعدد من المسؤولين الروس خلال شهر كانون الثاني مجالات وفرص الاستثمار التي ترغب روسيا بالحصول عليها من حكومة النظام خلال 2019، سواءً فيما يتعلق بتوسعة مطار دمشق الدولي، كذلك إنشاء مطارات جديدة في منطقة الساحل السوري.
بالانتقال إلى العلاقات الإيرانية_ السورية، شهدت العلاقات الثنائية في مجالات التعاون الاقتصادي نقلة نوعية في شهر كانون الثاني، إذ تجلت بتوقيع الجانبين 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم في ختام اجتماعات الدورة الرابعة عشر من أعمال اللجنة العليا السورية_ الإيرانية المشتركة التي عقدت بدمشق.
بالإضافة إلى الاتفاقيات السابقة، عقد المسؤولون الإيرانيون مع نظرائهم السوريين سلسلة من اللقاءات والاجتماعات التي تطرقت إلى أوجه التعاون المشترك بين الجانبين ومن هذه اللقاءات:
وفي سياق متصل، تم وضع حجر الأساس لمحطة طاقة كهربائية في اللاذقية باستطاعة 526 ميغاواط وبتكلفة 411 مليون يورو، على أن تنفذها شركة مبنا الإيرانية خلال 3 سنوات، كما كشف رئيس البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي، عن اتفاق بين بلاده والحكومة السورية، على إنشاء بنك مشترك بين البلدين، يتخذ من العاصمة السورية دمشق مقراً له، ويضاف إلى ما سبق إعلان رئيس اللجنة الاقتصادية المشتركة بين ايران وسورية "بيمان كاشفي" عن إنشاء شركة نقل مشتركة بين ايران والعراق وسورية، اضافة الى تأسيس مركز تجاري في المنطقة الحرة بالعاصمة السورية دمشق.
أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي حزم جديدة من العقوبات على كل من النظام السوري ورجال الأعمال والكيانات المرتبطة به كذلك حلفائه، ويمكن تلمس الأثر الذي خلفته هذه العقوبات على النظام والاقتصاد السوريين، بعرقلتها لمساعي إطلاق عملية إعادة الإعمار، فضلاً عن دفع النظام إلى تبني سياسات تقشفية، وزيادة اعتماده على الحلفاء وبالأخص إيران لمواجهة هذه العقوبات.
لجأ النظام إلى الاعتماد على رجال الأعمال والوسطاء لتأمين احتياجاته وإدارة أعماله التجارية والاقتصادية، وحشد ما يمكن من الموارد المتاحة التي تمكنه من تشغيل مؤسسات الدولة وتوفير الحد الأدنى من الخدمات للسكان، فضلاً عن توظيفهم كبوابات لاستقطاب الاستثمارات في مجال إعادة الإعمار، وضمن هذا السياق برزت أدوار متقدمة لرجال أعمال مثل محمد حمشو وسامر الفوز وغيرهم في الاقتصاد السوري، حيث تولى محمد حمشو دوراً رئيسياً في إدارة الأعمال الاقتصادية والتجارية مع إيران ومؤخراً مع الإمارات، في حين كان يُعتمد على سامر الفوز لإدارة الأعمال الاقتصادية والتجارية في القارة الأوربية بشكل رئيسي، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي إلى تكثيف حزم العقوبات على رجال الأعمال والكيانات المرتبطة بالنظام.
دفعت العقوبات رجال الأعمال إلى تحريك رؤوس أموالهم المتواجدة بالخارج ونقلها إلى سورية باعتبارها ملاذ آمن من العقوبات، وهو ما يفسر زيادة سامر الفوز لرأسمال شركة آمان القابضة من 10 مليار ل.س إلى 35 مليار ل.س، هذا وقد استقطبت السوق العقارية رؤوس أموال رجال الأعمال، باعتبارها الفرص الاستثمارية الأفضل والأكثر أماناً في ظل ضعف مقومات وفرص الاستثمار في مجالات أخرى كالصناعة والزراعة، فضلاً عن عدم قدرتهم على مزاحمة روسيا في القطاعات الحيوية التي استحوذتها، وتفيد مصادر محلية بتزايد عمليات الشراء في المناطق المدمرة التي أعاد النظام السيطرة عليها كما في حرستا على سبيل المثال لا الحصر، حيث يستفيد رجال الأعمال من حاجة سكان تلك المناطق إلى المال لتدبر أمورهم المعاشية في ظل غياب فرص عمل قادرة على توليد ما يكفي من الدخل، فضلاً عن صعوبات تتعلق بصعوبة وصول السكان إلى مناطقهم بسبب الإجراءات الأمنية، وعدم قدرتهم على ترميم منازلهم بسبب التعقيدات البيروقراطية، وافتقارهم للمال اللازم، وإن من شأن تركيز رجال الأعمال أنشطتهم في الاقتصاد السوري، أن يكثف الضغوط على حكومة النظام لاتخاذ سلسلة من الإجراءات لصالح نخبة رجال الأعمال، وأن يعزز من ريعية الاقتصاد السوري.
يعاني النظام من إشكالية رئيسية تتعلق بعدم امتلاكه ما يكفي من الموارد والقدرات لإدارة مؤسسات الدولة وتوفير الخدمات الأساسية، وقد ضاعف عدد السكان المتزايد نتيجة انضمام مناطق جديدة لسيطرة النظام من الضغوط على قدراته الحوكمية المحدودة بالأساس ، وفي حين كان النظام يعول على إطلاق عملية إعادة الإعمار، جاءت العقوبات الغربية والأمريكية لتجهض مساعيه، وتجعله أكثر اعتماداً على حلفائه، إذ تفيد التقارير باستخدام إيران لناقلات النفط والغاز (يعتمد النظام على إمدادات النفط والغاز الإيراني بمعدل ناقلتين كل شهر، وتقدر فاتورة استيراد المشتقات النفطية شهرياً بــ 200 مليون $ ويتم تغطيتها جزئياً بواسطة الخط الائتماني الإيراني)، كأداة ضغط على النظام للحصول على امتيازات اقتصادية، وما كان من النظام إلا الاستجابة للضغوط الإيرانية وتوقيع 11 اتفاقية معها بما فيها اتفاقية التعاون الاستراتيجي طويل المدى.
وفيما يتعلق بأبرز المؤشرات النوعية لقطاعات الاقتصاد السوري خلال شهر كانون الثاني 2019:
([1]) من هذه الشركات: شركة العنزروتي للصناعات الغذائية، شركة تنمية الصناعات الغذائية كتاكيت، شركة كتاكيت للمشروبات والمساحيق، شركة عنزروتي إخوان.
([2]) من أبرز رجال الأعمال السوريين الذين شاركوا في الملتقى: محمد حمشو، سامر الدبس، محمد ناصر السواح، وسيم القطان، فيصل سيف، مازن كنامة، محمد لبيب الأخوان، ناجي بطرس الشاوي، نظريت يعقوبيان، عبد الرحيم رحال، محمد همام مسوتي، أحمد زيدو، ربى عبود، محمد عصام معتوق، سونيا خانجي، عمران شعبان محمد، بلال إبراهيم، محمد فراس تقي الدين، محمد أكرم الحلاق، أحمد حمشو، محمد فراس الجيجكلي، عصام أنبوبا، مازن حمور، معين نصر، نصوح النابلسي، بلقيس الشيخ حسين. غسان القلاع. فواز العجوز. تم جمع هذه الأسماء من عدة مصادر صحفية.
قام الباحث أيمن الدسوقي من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، بمداخلة صحفية في جريدة القدس العربي، للتعليق على "الموقف الإماراتي من المقترح التركي لإقامة منطقة آمنة في الشمال السوري". حيث أشار الباحث إلى افتراق السياسات الإماراتية والتركية على مستوى الإقليم، ومسعى الإمارات الحثيث لإجهاض المقترح التركي لصالح مقترح تعمل عليه يقوم على نشر قوات عربية أو دعم قوات عشائرية مختلطة، وهو ما يمكن الاستدلال عليه بالحراك الإماراتي وزيارة عدد من مستشاريها لمناطق قسد، وعن مدى نجاح الإمارات في التسويق لمقترحها، أجاب الباحث بأن ذلك مرهون بمدى قدرتها على حشد الدعم السياسي من موسكو وواشنطن، وتأمين الغطاء العربي وتوفير التمويل الكافي.
المصدر جريدة القدس العربي: https://bit.ly/2SiOFOJ
قدم الباحث بدر ملا رشيد من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تصريحاً لجريدة القدس العربي، للتعليق حول "الانقسام العشائري بين أطراف الصراع شمال وشرق سورية"، حيث اعتبر الملا رشيد الانقسام الحالي ضمن صفوف العشيرة عائداً لبداية الثورة السورية، لذا فإن التصريحات التي تصدر من قبل بعض الشخصيات العشائرية والتي تتماهى مع سياسة "قسد" غير ممثلةً في الحقيقة للعشائر المذكورة كلها، فالعشيرة الواحدة انقسمت سياسياً وعسكرياً خلال الثورة.
وأشار ملا رشيد لمخاوف عشائر المنطقة من حدوث عملٍ عسكري فيها قد يؤدي لعمليات انتقام وثأر بناءً أحداث سابقة وأخرى قد تحدث، وحول مدى تأثير دعوات بعض العشائر لعودة النظام، مؤكداً إلى أن " تأثير تلك الأطراف سيبقى ضعيفاً، ويمكن أن تؤثر هذه الدعوات لدرجة ضعيفة في إحداث ضغطٍ على قوات سوريا الديمقراطية والولايات المتحدة الأمريكية، فـ «قسد» تريد التفاوض مع النظام باسم كافة مكونات شرق الفرات، كما أن الولايات المتحدة لا ترغب بعودة النظام بصورته الحالية لما سيؤدي إليه من تقوية يد إيران في المنطقة".
المصدر صحيفة القدس العربي: http://bit.ly/2GpyIjj
قام الباحث أيمن الدسوقي بمداخلة صحفية على راديو روزانة للتعليق على القمة المرتقبة بين الرئيسين التركي والروسي، حيث استبعد الباحث حسم ملف المنطقة الآمنة أو العازلة على الحدود التركية-السورية خلال هذه القمة، إذ أن لكل من أنقرة وموسكو روئ مختلفة حيال هذه المسألة، مرجحاً تفاوض الطرفين على رؤية مشتركة تراعي هواجس أنقرة الأمنية من جهة والالتزامات الروسية من جهة أخرى. كذلك اعتبر الباحث أن استمرار اتفاق سوتشي ضرورة لمصالح كلا الدولتين، منوهاً بإمكانية خضوع الاتفاق للتعديل من حيث أطرافه أو الإجراءات المنصوص عليها للتعامل مع الوضع الناشئ في المحافظة عقب تمدد هيئة تحرير الشام، مستبعداً في الوقت نفسه إمكانية حدوث مقايضة من نوع إدلب مقابل شرق الفرات.
المصدر رادية روزانة: https://bit.ly/2FGVofv
تُعتبر عملية إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية حجر الأساس في أي عملية تحول ديمقراطي، وخاصةً في الدول الخارجة من صراعات، حيث ترتبط تلك العملية ببناء السلام بعد النزاع، الأمر الذي يُشكل الشرط اللازم لإطلاق عملية إعادة الإعمار والتحول الديمقراطي. وفي الحالة السورية، لطالما ارتبطت صورة الأجهزة الأمنية بالقمع والتوحش، وتركزت تلك الصورة بشكل أكبر خلال الثورة السورية عبر الممارسات الوحشية التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية، سواء في الشارع أو في المعتقلات الخاصة بكلٍ منها، الأمر الذي يجعل إعادة هيكلة تلك الأجهزة وعزلها عن التعامل مع المدنيين على رأس أولويات السوريين، وضرورة لبناء السلام بعد سنوات الحرب السورية.
وهنا تظهر أهمية دور وزارة الداخلية، والذي أضعفه نظام الأسد لصالح تقوية الأجهزة الأمنية التي يثق بها لحماية نظامه أكثر من جهاز الشرطة، فعمّد حافظ الأسد ومنذ وصوله للسلطة إلى تقليص صلاحيات وزارة الداخلية وإضعافها عبر جملة من التعديلات الهيكلية التي أجراها على البنية التشريعية والإدارية للوزارة، الأمر الذي أثر سلباً على أداء الجهاز ورجاله، وأعطى الفرصة للأجهزة الأمنية للاستيلاء على كثير من اختصاصات الوزارة. لذلك يسعى هذا المشروع لدراسة وزارة الداخلية السورية باعتبارها الإطار النظري الناظم للعمل الشُرَطي والأمني في سورية، منطلقاً من أهمية الحديث عن إعادة هيكلة وزارة الداخلية، كجزء من إعادة الهيكلة الشاملة للأجهزة الأمنية السورية، ومن الدور الكبير الذي سيترتب على تلك الوزارة أن تلعبه في المستقبل، بعد كف يد الأجهزة الأمنية عن التدخل في حياة المواطنين.
وعليه ستتناول هذه الدراسة الأوليّة، التي تعد خطوة أولى ضمن هذا البرنامج البحثي: تحليل البنية الإدارية والتنظيمية والتشريعية لوزارة الداخلية السورية ومراحل تطورها، مقابل استعراض أقسامها ومديرياتها المختلفة والاختصاصات والمهام المنوطة بكل منها وآليات العمل، وذلك كمدخل لتفكيك المشكلات الحقيقية التي تعاني منها الوزارة على المستويات التشريعية الإدارية و مستويي الكادر البشري والموارد المادية واللوجستية، وصولاً إلى إشكاليات العلاقة مع المؤسسات والأجهزة الأمنية الأخرى، سواء هيمنة شعبة الأمن السياسية أو باقي الأجهزة الأمنية المتغولة على عمل الوزارة، مستندةً في ذلك إلى مسح الأدبيات الخاصة بوزارة الداخلية السورية، إضافة إلى ورشات التركيز والمقابلات الميدانية مع أصحاب الخبرة من الضباط المنشقين عنها ضمن مختلف الرتب والاختصاصات.
وذلك تمهيداً للمراحل اللاحقة في البرنامج، والمتمثلة بدراسة وبلورة رؤية إصلاحية تتمحور حول ما يمكن تعديله على عمل الوزارة في المستويات التشريعية والبنيوية والوظيفية والوصل إلى اقتراح حزمة من التوصيات في هذا الإطار، استناداً إلى دراسة تجارب بعض الدول واختيار الأنسب والأقرب إلى الحالة السورية. وذلك استكمالاً لسلسلة البحوث والدراسات التي أنجزها وينجزها مركز عمران في تحليل وتقييم بيئات عمل مؤسسات الدولة السياسية والقانونية والإدارية، بما تمليه مرحلة ما بعد النزاع من ضرورات الإصلاح.
بغض النظر عن الترهّل والفساد التدريجي الذي اعترى وزارة الداخلية في سورية إبّان فترة حكم آل الأسد؛ إلا أنّ هذه الوزارة تعتبر من الوزارات السيادية العريقة، ليس لأنّ النظام السوري أراد لها ذلك، ولكن لأن إحداثها بموجب المرسوم التشريعي رقم /77/ لعام 1947 كان على أسس وقواعد صحيحة فيما يتعلّق بالأصول الدستورية والقانونية والأوامر والقرارات التي أُسست عليها وزارة الداخلية، بالإضافة لاعتمادها في نظامها الداخلي على بعض القوانين الفرنسية والاستفادة بشكل عام من تجارب الدول المتقدّمة. إذ يُمكننا القول إن أول هيكلية لجهاز الشرطة في سورية كانت في العام 1928 إبان الاحتلال الفرنسي لسورية، حيث صدرت الهيكلية وفق التقسيمات التالية: (القسم العدلي، القسم الإداري، التفتيش، الشعبة السياسية، التحري والأبحاث، الديوان، المحاسبة، مفوضية المركز، الضابطة الأخلاقية، الخطوط الحديدية، السير، الفرسان، الحرس، المدرسة، السجل، المستودع، الطبابة، ديوان التأديب، مجلة الشرطة).
ثمّ كان صدور نظام خدمة الشرطة بالقرار رقم /1962/ تاريخ 25/03/1930، وهو نظام ساري في معظم مواده حتى اليوم، والذي استُمد من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسية، حيث عرّفت المادة الأولى من هذا القرار الشرطة بما يلي: "شرطة الجمهورية العربية السورية قطعة مرتبطة بوزير الداخلية، وقد أُحدثت لتسهر على الأمن وتقوم بالمحافظة على السكينة وتنفيذ القوانين". وكان جهاز الشرطة في ذلك الوقت يُقسم إلى هيئتين منفصلتين من حيث طبيعة ومكان عمل كلّ منهما: "الدّرَك" وهي هيئة مخصصة لأمن الأرياف (القرى) وطرق المواصلات، أما مهمتها في المدن فتنحصر في مساعدة ما يعرف آنذاك بـ "الشرطة الملكيّة"، وهي الهيئة المعنية بحماية وتوطيد النظام وأمنه في ذلك الوقت، وينحصر عملها ونشاطها في السجون ودور الحكومة ومركز رئيس الدولة والمصارف.
وقد استمرّ العمل بهذا النظام حتّى العام 1958، حيث صدر القانون رقم /118/ بتاريخ 13/03/ 1958، والذي قضى رسمياً بتوحيد الدرك والشرطة واستبدال كلمة الدرك حيثما وجدت بكلمة الشرطة، ومن ثم صدر القانون رقم /14/ بتاريخ 13/04/1958، والذي نصّ على إحداث مجلس أعلى للشرطة وحدد اختصاصات الشرطة في المادة الثانية منه وفق ما يلي: "تختص هيئة الشرطة بالمحافظة على النظام والأمن العام، وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها وحماية الأرواح والأعراض والأموال وتنفيذ ما تفرضه الأنظمة والقوانين". ومن هذا التعريف نستدل على أن المُشرّع قد أعطى لجهاز الشرطة صلاحيات تشمل مختلف أوجه النشاط في الدولة، سواء من الناحية الإدارية أو التنفيذية أو القضائية، باعتبارهم مساعدين للنائب العام أو ضابطة عدلية مساعدة.
ثم بدأ التحول من مفهوم الشرطة إلى مفهوم قوى الأمن الداخلي، وكانت إشارة البداية مع صدور المرسوم رقم /196/ تاريخ 11/12/1961 الذي أطلق تسمية قائد قوى الأمن الداخلي وألغى المجلس الأعلى للشرطة ومن ثم من خلال المرسوم رقم /67/ بتاريخ 24/03/1965، الذي صدر بعنوان "مهمّة قوى الأمن الداخلي"، ومن هنا أضحى تعبير جهاز قوى الأمن الداخلي رديفاً لكلمة الشرطة، وقد نصت المادة الأولى من المرسوم رقم /67/ لعام 1965 على أنّ قوى الأمن الداخلي من القوى الفرعية العاملة في القوات المسلحة ومرتبطة بوزير الداخلية ومتخصّصة بالأعمال والمهام المنوطة بها وفقاً للأنظمة المرعية، وتتألف من ضباط وصف ضباط وأفراد، وتتمتع وتستفيد هي ورجالها حُكماً من جميع الحقوق والمزايا الماديّة والمعنوية، ومن كافة الاستثناءات والاعفاءات التي يتمتّع بها ويستفيد منها الجيش العربي السوري ورجاله([1]).
يمكن القول بأنّ تشكيلات الشرطة قد خضعت لتغييرات مختلفة أثّرت بشكل كبير على مؤسسة الشرطة شكلاً ومضموناً، فقد انسحب التغيير في شكل وهيكل هذا الجهاز إلى مضمونه وآليات عمله التي ترتبط كلّيّاً بشكل هذا الهيكل من حيث المسؤوليات والصلاحيات الملقاة على عاتق القائمين عليه. وهنا نورد أهم الصكوك القانونية التي رسمت شكل جهاز الشرطة السورية منذ نشأته ولغاية الآن ([2]):
إنّ التراكم في المشكلات والمعوّقات دون إيجاد الحلول أدّى بجهاز قوى الأمن الداخلي إلى التردّي والتراجع المترافق مع عدّة عوامل ساهمت في رفع معدّلات الجريمة بعد العام 2000 إلى مستويات غير مسبوقة ومن أهم هذه العوامل ([4]):
هذه العوامل وغيرها أدّى إلى حدوث منعطفات خطيرة في مسارات مكافحة الجريمة، وجعل من الصعب جدّاً تدارك الأمور بسبب عدم استشعار الخطر مُسبقاً وتركه يتفاقم إلى أن وصل إلى ذروته، وعندها وفي العام 2009 تداعى القائمون والمسؤولون عن الأمن إلى إيجاد الحلول المناسبة لتدارك هذا الخطر من خلال عقد عدّة اجتماعات على مستوى مكتب الأمن القومي آنذاك، والذي خَلص إلى وضع خطّة أطلق عليها خطّة "خفض نسبة الجريمة في سورية" تقودها وزارة الداخلية وتتظافر جهود كافّة الوزارات من أجل تحقيق أهدافها؛ إلّا أّنّ هذه الخطّة بقيت مجرّد خطاب إعلامي دون تحقيق الغايات المرجوّة.
ومع اندلاع الثورة السورية في العام 2011، جرى إقحام رجال الشرطة بأعمال عسكرية قتالية ضد أبناء الشعب السوري، وهذا ما أدّى لارتكاب بعض رجال الشرطة انتهاكات خطيرة من قتل وتعذيب، مما سبب ازدياد المسافة والهوة ما بين الشرطة والمجتمع.
يمثل استعراض بُنية وزارة الداخلية السورية، ضرورة لرسم صورة واضحة عن طبيعة عمل الوزارة وهياكلها التنظيمية والإدارية والصلاحيات والمهام المنوطة بكل منها وطبيعة الكادر البشري الذي يضطلع بتلك المهام والتعرف على العقيدة والفلسفة التي من المفترض أن تنظم عمله وتمثل بوصلته، وفقاً لما يلي ([5]):
تتكون وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية بشكل عام من جهازين:
ويمكننا تقسيم وزارة الداخلية في سورية إلى قطاعين، وذلك بحسب الأعمال التي تقوم بها، وفقاً لما يلي:
بحسب إحصاءات العام 2011، فإن عدد العاملين في وزارة الداخلية من عسكريي قوى الأمن الداخلي بلغ 43000 شرطي، بمعدل شرطي واحد لكل 400 مواطن تقريباً، بل أكثر، على اعتبار أن عسكريي قوى الأمن الداخلي ضمن الرقم المذكور ليسوا جميعهم على احتكاك مباشر وميداني مع المواطنين، في حين أن المعدل العالمي هو شرطي واحد لكل 300 شخص تقريباً. أما بالنسبة للمؤهلات العلمية للعاملين في وزارة الداخلية، فتتوزع على الشكل التالي ([6]):
يناط بوزارة الداخلية في سورية حفظ الأمن والنظام العام وحماية الحريات العامة والشخصية، وتنفيذ سياسة الدولة وتوجيهاتها وخططها فيما يتعلق بهذه المهام، وممارسة المهام والاختصاصات الموكلة إليها بمقتضى القوانين والأنظمة النافذة، والتي يمكن إجمالها بما يلي ([7]):
وزير الداخلية وصلاحياته:
تُعتبر وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية شخصية اعتبارية يمثلها وزير الداخلية أمام الغير، وله أن ينيب عنه في ذلك أحد معاونيه، أو أحد رؤساء الوحدات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة النافذة. ويمارس وزير الداخلية الصلاحيات التالية ([8]):
يتبنى جهاز قوى الأمن الداخلي في سورية "فلسفة وعقيدة" للوصول إلى غاياته المتمثلة في تحقيق الأمن والأمان والطمأنينة للمجتمع، ويمكن تلخيص هذه العقيدة والفلسفة بعدة مبادئ "كان من المفترض أن تًشكل حجر الأساس في عمله"، وعلى رأسها ([9]):
يعتري عمل وزارة الداخلية السورية جُملة من المشكلات الحقيقية، والتي يمكن القول بأنها تفاقمت من بعد العام 1970، حيث أصبح هناك تراجع تدريجي في عمل الوزارة وصولاً إلى بروز مشكلات كبيرة وعوائق أثرت سلباً على عمل الجهاز وأداء رجاله، ويمكن إجمال تلك العوائق على عدة مستويات، بما يلي:
تعاني وزارة الداخلية السورية من عدة إشكاليات مزمنة على المستوى الإداري التنظيمي، إضافة إلى مستوى التشريعات والقوانين الناظمة لعملها، ولعل أبرزها ([10]):
والأمر ذاته بالنسبة لعناصر الشرطة المفرزين إلى شعبة الأمن السياسي، حيث يتم فرزهم إلى فروع الشعبة من قبل رئيس شعبة الأمن السياسي ([13])، وكذلك فإن عقوباتهم من قبل رئيس الشعبة دون مصادقة وزارة الداخلية. وفي الحقيقة فإن شعبة الأمن السياسي هي من تراقب فعلياً وزارة الداخلية ابتداءً من وزير الداخلية وحتى أصغر عنصر فيها، ومن أكبر الوحدات الشرطية إلى أصغر وحدة شرطية. وهي من تقوم بتقييم أداء الوزارة ووحداتها وتقييم الضباط وصف الضباط والأفراد. كما يحق للشعبة من خلال فرع أمن الشرطة المركزي وأقسام أمن الشرطة التابعين لفروع الأمن السياسي في المحافظات استدعاء من يشاؤون من ضباط وصف ضباط وعناصر الشرطة والتحقيق معهم وتوقيفهم في حال وجود ما يستوجب ذلك من ناحية الفساد أو الاشتباه بالفساد أو بتهمة التديّن ومناهضة النظام ([14]). الأمر الذي يؤدي إلى توليد مشكلات دائمة ما بين رئيس شعبة الأمن السياسي ووزير الداخلية والتي تؤثّر سلباً على عمل الجهتين.
تعاني وزارة الداخلية مشكلات عدة على مستوى الكادر البشري العامل، من حيث العدد والكفاءة، الأمر الذي يؤثر سلباً على وظائف الجهاز وأداء رجاله، وتتوزع أبرز تلك المشكلات، وفقاً لما يلي ([17]):
إضافة إلى الإشكاليات السابقة، تعاني وزارة الداخلية في سورية من إشكاليات حقيقية على مستوى الموارد المادية والتجهيزات اللوجستية، والتي تعتبر من العوامل الرئيسية لنجاح الوزارة في أداء مهامها، وتتوزع أبرز تلك الإشكاليات، وفقاً لما يلي ([21]):
يظهر من خلال الدراسة عمق وتشابك المشكلات التي تعتري وزارة الداخلية السورية، ولكن بالمقابل فإن تفكيك تلك المشكلات وتصنيفها يُشير إلى أنها ليست عصية على الحل، وإنما تحتاج إلى دراسة معمقة واستنارة بتجارب دول لها ذات البنية الأمنية لسورية وعاشت فترة تحول ديمقراطي، وذلك للوصول إلى خطة إعادة هيكلة شاملة للوزارة، تبدأ من تصحيح البنيّة التشريعيّة لإعادة الصلاحيات التي سلبت من الوزارة ومنحت للأجهزة الأمنية، وتحويل الوزارة إلى مؤسسة داعمة للديمقراطية عبر تعيين وزير مدني وإعادة منصب قائد قوى الأمن الداخلي واختياره من ضباط الشرطة وليس الجيش.
بالإضافة إلى إصلاح العلاقة وتوضيحها بين جهاز الشرطة والجهاز القضائي وتفعيل مؤسسات الرقابة على عمل الشرطة عبر اللجان البرلمانية. كما أن أي عملية إعادة هيكلة لابد أن تركز على الإصلاح الإداري وتخفيف البيروقراطية التي تعيق عمل الوزارة، ورفع الظلم عن منتسبي جهاز الشرطة لناحية الرواتب والمكافآت، إضافة إلى ساعات العمل وقانون الترفيع والتقاعد، وهذا ما سيشكل مقدمة لمكافحة الفساد داخل الوزارة.
وهذا سيتطلب إعادة النظر في الميزانية المخصصة للوزارة وزيادتها عبر تقليص ميزانية الأفرع الأمنية، مما سيتيح تحديث موارد الوزارة اللوجستية من آليات ووسائل تقنية حديثة تساهم في رفع كفاءة جهاز الشرطة، ناهيك عن القدرة على رفع أعداد المنتسبين لسد النقص بشكل يسمح ببسط الأمن على كامل الجغرافية السورية. ومن المهم جداً أن تُربط خطة إعادة هيكلة وزارة الداخلية بملف العدالة الانتقالية كمقدمة لإصلاح العلاقة بين أجهزة الوزارة والمواطنين، وذلك عبر محاسبة الضباط المتورطين في أعمال القتل والتعذيب والفساد خلال الثورة السورية، وإعادة الضباط وصف الضباط والأفراد المنشقين عن الوزارة رفضاً للتورط في أعمال القتل، والذين تبلغ نسبتهم ما يقارب ثلث منتسبي الوزارة.
تنقسم ملاحق الدراسة إلى ملحقين رئيسيين، يوضح الأول: مهام وصلاحيات قائد قوى الأمن الداخلي في سورية، فيما يشرح الملحق الثاني عبر الأشكال التوضيحية: الخارطة التنظيمية لوزارة الداخلية السورية بإداراتها وأقسامها وفروعها وشعبها المختلفة ([23]):
الملحق رقم (1): مهام وصلاحيات قائد قوى الأمن الداخلي
بما أن قيادة قوى الأمن الداخلي مرتبطة بوزير الداخلية؛ فتشكيل الشرطة وإدارة شؤونها وتنفيذ جميع أقسام خدماتها بطريقة نظامية من اختصاص الوزير ضمن حدود النصوص النافذة (المرسوم التشريعي رقم 77 لعام 1947 وتعديلاته مع القانون رقم 14 لعام 1958 وتعديلاته، والمرسوم التشريعي رقم 67 لعام 1965، والمرسوم التشريعي رقم 142 لعام 1966، والمرسوم التشريعي رقم 196 لعام 1962 المعدل بالمرسوم التشريعي رقم 101 لعام 1963)، وقد صدر قرار وزير الداخلية رقم 848 تاريخ 1965/05/31 المتضمن صلاحيات واختصاصات قائد قوى الأمن الداخلي وهي:
المُلحق رقم (2): الخارطة التنظيمية لوزارة الداخلية السورية
الشكل رقم (1): يوضح هيكلية وزارة الداخلية السورية بمستوياتها الإدارية وأقسامها وأفرعها المختلفة.
قيادات الشرطة في المحافظات: وتتبع لوزارة الداخلية وتمثلها على مستوى المحافظة، وتتكون من:
الشكل رقم (2): يوضح هيكلية قيادة شرطة المحافظة بأقسامها ومديرياتها وأفرعها.
([1]) "التشريعات والقوانين الناظمة لعمل وزارة الداخلية"، تقرير غير منشور صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية.
([3]) للاطلاع على تفاصيل القانون، يرجى مراجعة الرابط التالي: https://bit.ly/2QukH9t
([4]) تم تلخيص تلك العوامل من خلال مجموعة مقابلات ميدانية أجراها الباحث مع عدد من ضباط وزارة الداخلية المنشقين عن إدارات وفروع (الهجرة والجوازات، مكافحة المخدرات، مكتب الدراسات والأبحاث)، وقد تمت المقابلات على فترات متقطعة خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2018. حيث أضافوا إلى العوامل السابقة؛ موجات الهجرة من الجزيرة السورية إثر جفاف نهر الخابور بعد العام 2005، إضافة إلى دخول عدد كبير من الأجانب إلى سورية بعد العام 2003، وتحديداً العراقيين الذين بلغ عددهم في تلك الفترة مليون وثمان مائة ألف نسمة، مقابل تساهل الوزارة معهم فيما يتعلق بالثبوتيات الشخصية.
([5]) للاطلاع بشكل تفصيلي على الخارطة التنظيمية لوزارة الداخلية السورية بأجهزتها وإدارتها المختلفة وتراتبية ومستويات القرار فيها، راجع الملحق رقم (2).
([6]) اتصال هاتفي أجراه مدير وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع مقدم منشق عن وزارة الداخلية السورية، عمل في المكاتب الإدارية ضمن الوزارة، الاتصال بتاريخ: 5تشرين الأول/أكتوبر 2018.
([7]) وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية: الهيكل والمهام والصلاحيات، تقرير غير منشور صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات.
([8]) وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية: الهيكل والمهام والصلاحيات، مرجع سبق ذكره.
([10]) تم استخلاص هذه النتائج وبلورتها من خلال جلسة تركيز مطولة، تحت عنوان: "إشكاليات وزارة الداخلية ومعوقات العمل"، عقدتها وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع مجموعة من ضباط الشرطة المنشقين عن وزارة الداخلية السورية، ضمن مقر مركز عمران في مدينة إسطنبول، بتاريخ: 12-13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.
([11]) قائد قوى الأمن الداخلي كان يحوز على معظم مهام وزارة الداخلية بشكل فعلي وكان حينها رجل الأمن الأول في سورية، أما منصب وزير الداخلية فكان منصب سياسي، ولم تكن الأجهزة الأمنية الموجودة حالياً في سورية تتمتّع بالسطوة التي عليها الآن وبعضها لم يكن موجود أصلاً في تلك الفترة. وكانت تسيطر وزارة الداخلية في تلك الفترة على اختصاصات الأمن في البلاد. وكان منصب قائد قوى الأمن الداخلي يتولاه شخصيات وطنية مشهود لها بالثقافة المسلكية والنزاهة والكفاءة وكان ضابطاً من أبناء السلك ممن تدرجوا في المناصب الوظيفية العاملة بوزارة الداخلية وممن يتمتعون بقوة الشخصية، وكان الهم الأول لمن يتولون هذا المنصب تحقيق الأمن والاستقرار والطمأنينة في عموم البلاد. وما إن تولى حافظ الأسد الحكم في سورية في عام 1970 حتى أصدر المرسوم التشريعي رقم 1623 لعام 1970 القاضي بإعادة هيكله وزارة الداخلية وإلغاء منصب قائد قوى الأمن الداخلي وإحداث منصبي معاوني وزير الداخلية.
([12]) مقابلة ميدانية أجراها مدير وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع ضابط منشق عن شعبة الأمن السياسي في وزارة الداخلية السورية، ضمن مقر مركز عمران في مدينة إسطنبول، بتاريخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.
([13]) كما تقوم شعبة الأمن السياسي بعملية انتقاء ضباط وصف ضباط وعناصر، وهم خلال خدمتهم في الدورة، بشكل يخالف فرز الدورات عبر الوزارة.
([14]) وتقوم شعبة الأمن السياسي باستدعاء ضباط الوزارة للتحقيق معهم وتوقيفهم ومحاسبتهم دون إذن الجهة المسؤولة عنهم، وذلك خلافاً لقوانين الوزارة وتعميماتها، فيما يخص المثول أمام جهة أمنية إلا بعد موافقة قائد الشرطة أو مدير الإدارة، حسب تابعية الشخص.
([15]) لا يُقبل في جهاز الشرطة أي عناصر ينتمون إلى أحزاب أخرى غير حزب البعث الحاكم، وقد يتم قبول عسكريين حياديين لا ينتمون إلى أي أحزاب أخرى ولكن عددهم قليل جدّاً. هذا فيما يتعلّق بصف الضباط والأفراد، ولكن بمجرّد التطوّع بجهاز الشرطة يتم العمل على تنسيبهم لحزب البعث الحاكم ومن لا يقبل بذلك يتم فرزهم إلى أعمال إدارية في مناطق نائية، أما بالنسبة للضباط الذين يرغبون في التطوع في وزارة الداخلية فيجب أن يكون بعثيين حتى يتم قبول تطوعهم. ويوجد في وزارة الداخلية فرع لحزب البعث خاص بقوى الأمن الداخلي، يرأسه إما وزير الداخلية أو رئيس شعبة الأمن السياسي (الأقدم رتبة)، ويوجد في كل قيادة شرطة شعبة للحزب تنقسم إلى فرق حزبية، حسب تعداد العناصر في الوحدات الشرطية، ويتم عقد اجتماعات الحلقات الحزبية في مقرات الوحدات الشرطية.
([16]) لم يجري في سورية أي حملة لمكافح الفساد على مستوى وزارة الداخلية وشعبة الأمن السياسي بشكل منهجي ومدروس؛ وإنما كان هناك ردود أفعال على شكاوى معيّنة، أو تصفية حسابات ما بين الوزير السابق واللاحق ورئيس شعبة الأمن السياسي السابق واللاحق أيضاً، فكان يتم إبّان فترة حكم بشار الأسد بين فترة وأخرى تسريح وإنهاء خدمة عدد من الضباط، بعضهم لأسباب حقيقية ونتيجة دورهم بالفساد وآخرين بدون مبرّر، وذلك نتيجة لتصفية حسابات قديمة، أو لتديّنهم ،أو تقييماتهم الأمنية، وأحياناً لارتكاب مخالفات لا تستوجب الطرد والتسريح وإنهاء الخدمة.
([17]) تم استخلاص هذه النتائج وبلورتها من خلال جلسة تركيز مطولة، تحت عنوان: "إشكاليات وزارة الداخلية ومعوقات العمل"، عقدتها وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع مجموعة من ضباط الشرطة المنشقين عن وزارة الداخلية السورية، ضمن مقر مركز عمران في مدينة إسطنبول، بتاريخ: 12-13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.
([18]) يوجد في وزارة الداخلية بشكل عام، والوحدات الشرطية التابعة لها في المحافظات السورية ما يسمى بالملاك النظري والموجود الفعلي.
([19]) منذ مجيء بشار الأسد للسلطة في عام 2000 كان متحاملاً على وزارة الداخلية؛ بسبب إيمانه وقناعته أن هذه الوزارة ليست كباقي الأجهزة الأمنية في ولائها له ولوالده من قبله وباعتبارها الحلقة الأضعف قياساً بباقي الاجهزة الأمنية، فعلى الرغم من أن وزارة الداخلية تعتبر وحدة من وحدات الجيش والقوات المسلحة؛ إلّا أنه لم يمنحها أي ميزة من ميزات الجيش فيما يتعلق بالتعويضات والمكافآت وتعويض نهاية الخدمة، والسيارات التي يحصل عليها ضباط الجيش المعفاة من الجمارك في نهاية الخدمة. كما سار بشار الأسد على نهج والده في تعيين وزير الداخلية من خارج جهاز الشرطة؛ فإما أن يكون تعيينه من المدنيين (مثال ذلك: محمد حربا) في فترة الأسد الأب، أو من ضباط المخابرات العسكرية في فترة الأسد الابن (اللواء علي حمود – اللواء سعيد سمور واللواء محمد الشعار) وجميعهم ضباط مخابرات عسكرية، وحتى رؤساء شعبة الأمن السياسي فقد كانوا من الجيش والأمن العسكري (اللواء عدنان بدر حسن هو ضابط جيش، اللواء غازي كنعان واللواء محمد منصورة واللواء محمد ديب زيتون) فهم ضباط مخابرات عسكرية، (اللواء نزيه حسون هو ضابط مخابرات عامة، وأخيراً اللواء محمد رحمون فهو ضابط مخابرات جوية)، حيث لم يتم في عهد الأسدين الوثوق بضباط الشرطة في تعيينهم كوزراء داخلية أو رؤساء شعبة الأمن السياسي.
([20]) تقوم الوزارة أحياناً بقبول صف ضباط من حملة المعاهد التجارية والمعلوماتية، ضمن اختصاصات المحاسبة والمالية وغيرها، إضافة إلى خريجي معاهد التمريض الذين يتم فرزهم إلى مشافي الشرطة، مقابل التعاقد مع مهندسين ضمن بعض الفروع والإدارات، مثل إدارة المركبات.
([21]) تم استخلاص هذه النتائج وبلورتها من خلال جلسة تركيز مطولة، تحت عنوان: "إشكاليات وزارة الداخلية ومعوقات العمل"، عقدتها وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع مجموعة من ضباط الشرطة المنشقين عن وزارة الداخلية السورية، ضمن مقر مركز عمران في مدينة إسطنبول، بتاريخ: 12-13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.
([22]) يعاني صف ضباط وأفراد وزارة الداخلية من ضعف رواتبهم وأجورهم قياساً بباقي موظفي الدولة، وذلك كونهم لا يتبعون لقانون العاملين الأساسي في الدولة، وإنما لقانون الموظفين رقم 135 لعام 1945 وتعديلاته، حيث أنّ أساس راتب هؤلاء العسكريين متدني، بالإضافة إلى أن عناصر الشرطة يخضعون لنظام الاحتراف الذي قد تبلغ مدته تسعة سنوات، وبالتالي لا ينالون درجات الترفيع إلّا بعد انقضاء هذه الفترة حيث يحصلون على درجات الترفيع بمعدل كل سنتين، ولكون خدمة الشرطي وصف الضابط محددة بالقانون حتى سن الخمسين عام فنصف خدمتهم تقريباً تكون دون زيادة في الراتب، وهذا يعتبر أحد أسباب تفشّي الفساد في وزارة الداخلية.
([23]) وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية: الهيكل والمهام والصلاحيات"، تقرير غير منشور صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات.
عقد مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ندوة تعريفية لإشهار كتابه السنوي الرابع الذي جاء تحت عنوان "حول المركزية واللامركزية في سورية: بين النظرية والتطبيق". وذلك في مدينة كركخان التابعة لولاية هاتاي التركية بتاريخ 19 كانون الأول 2018.
وقد تم استعراض موجز لمحتويات الكتاب ومضامينه، وتناول أهم الأفكار والآراء الواردة فيه من قبل المؤلفين لجمع من الشخصيات والفعاليات المهتمة بقضايا الحوكمة والشأن السوري العام. وقد لاقى الكتاب اهتماماً كبيراً من قبل الحضور نظراً لأهمية موضوعه في مستقبل الدولة السورية، ومحتواه الثري الذي ربط بين الأطر النظرية للامركزية بمختلف أشكالها ومدى إمكانية تطبيقها على الواقع السوري. إلى جانب عرضه لتجارب الدول السابقة الخارجة من الصراعات في هذا الصدد، وإبرازه كذلك لواقع التجارب الحوكمية الحالية في المناطق السورية وبيان أهم التحديات التي تواجهها.
ضمن إطار برامجه البحثية لإصلاح القطاع الأمني في سورية، عقد مركز عمران للدراسات الاستراتيجية جلسة تركيز تحت عنوان: "وزارة الداخلية في سورية..الواقع وضرورات الإصلاح"، وذلك في 18 يناير 2019، بمدينة غازي عينتاب التركية.
وقد حضر الورشة مجموعة من الاختصاصيين من ضباط الوزارة المنشقين ضمن مختلف الرتب والاختصاصات، إضافة إلى مجموعة من الباحثين في حقل الإصلاح الأمني.
وقد تضمنت الورشة عرض دراسة أوليّة انطلقت من الدور الكبير الذي سيترتب على وزارة الداخلية أن تلعبه في المستقبل، بعد كف يد الأجهزة الأمنية عن التدخل في حياة المواطنين، وضرورات الإصلاح الذي يؤهلها أن تضطلع بهذا الدور، حيث استعرضت المشكلات الحقيقية التي تعاني منها الوزارة على المستويات التشريعية الإدارية ومستويي الكادر البشري والموارد المادية واللوجستية، وصولاً إلى إشكاليات العلاقة مع المؤسسات والأجهزة الأمنية الأخرى.
واختتمت الورشة بالتأكيد على ضرورة تعميق الدراسات وتكثيف الورشات في هذا الإطار، بما يساهم ببلورة رؤية إصلاحية وطنيّة تتمحور حول ما يمكن تعديله على عمل الوزارة في المستويات التشريعية والبنيوية والوظيفية، بما تمليه مرحلة ما بعد النزاع من ضرورات الإصلاح، وبما يراعي مصلحة السوريين ضمن المحددات الوطنية.
في تصريحه لموقع الجزيرة نت بتاريخ 18 كانون الثاني 2019، حول الخلاف الأميركي التركي على إدارة الأوضاع في شمال سورية؛ وضح معن طلاع الباحث في مركز عمران أن أنقرة تريد تلك المناطق غير مهددة لأمنها وبالتالي سحب كافة أنواع التسليح من الحدود فيما تسعى واشنطن لتوفير إطار سياسي يكفل لحلفائها في سورية الأمن والحفاظ على مكتسباتهم، وما بين الطموحين ستبقى تلك المنطقة أسيرة التفاهم الأمني القلق الذي ربما يبقى مجالا للشد والجذب واحتمال لجوء أنقرة إلى مسار أستانا لتحقيق هدفها".
كما بيّن طلاع أن المسرح السوري سيبقى محكوماً بمنطق "التفاهمات الأمنية الظرفية" بين الفواعل الدولية والإقليمية، إلا أن تلك التفاهمات لم تشهد تطوراً ملموساً على مستوى التركي الأميركي وبشكل يفضي إلى إدارة مشتركة لبعض الملفات العالقة، في ظل سعي واشنطن لتسليم قواعدها بعد انسحابها إلى الأكراد في سورية، في حين تصر أنقرة على إلغاء القواعد نهائيا أو تسليمها إليها لتسلم لاحقا إلى قوى محلية سورية.
المصدر الجزيرة نت: http://bit.ly/2T6c0QW
في تصريحه لصحيفة القدس العربي بتاريخ 9 كانون الثاني2019، حول تمدد "هيئة تحرير الشام الأخير"؛ وضح الباحث معن طلاع من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية أن هذا التمدد هو بمثابة "الانتقال الاستراتيجي" إلى مراحل متقدمة في التمكين المحلي وإنهاء أي صيغ لتوازع السلطة في تلك المنطقة؛ وأنه ليس نتاج رغبة دولية وإن تقاطعت أهدافها النهائية مع تلك الرغبة والمتمثلة في تعجيل عودة إدلب إلى النظام عبر حجة "الهيئة"؛ إذ أن ما حدث يؤكد على أنها رغبة ذاتية للهيئة نابعة من إدراكها لصعوبة خياراتها المستقبلية وضرورة تحسين تموضعها العسكري والإداري والأمني.
أما من حيث السيناريوهات المحتملة لهذا التمدد فأوضح الباحث أنها تتراوح ما بين احتمال ضئيل لحصول اتفاق أمريكي تركي للقضاء على الهيئة وهذا يستلزم اتفاقاً سياسياً حول "لإدلب ما بعد الهيئة"؛ وما بين المواجهة الجزئية مع النظام مدعومة بالقوات الروسية أو لايرانية للسيطرة على M4 وm5 .؛ أو إعادة تدعيم قوى المعارضة والدخول في معركة استنزاف طويلة.
المصدر صحيفة القدس العربي: https://goo.gl/iXXuei
بيّن الباحث معن طلاع من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية في تصريحاته لصحيفة القدس العربي بتاريخ 12كانون الثاني 2019، حول خيارات هيئة التحرير بعد تمددها الأخير؛ أن استراتيجية "التمدد" على حساب قوى المعارضة ليست بالاستراتيجية الجديدة على الهيئة؛ فلطالما لجأت إليها لتحسين تموضعها العسكري عبر الاستيلاء على أسلحة نوعية؛ أو لتحسين التموضع الاقتصادي والإداري عبر السعي الحثيث للسيطرة على أهم القطاعات الخدمية أو التجارية كالمعابر (سواء الدولي منها أو المحلي) ومحطات التوليد الكهربائي وغيرها؛ وهي تلجأ إليها لتعزيز الأسباب الآنفة الذكر جميعاً مضافاً إليها تحسين الشروط السياسية في أي مفاوضات محتملة في حال لجوء الفواعل الدولية والمحلية إلى خيار المفاوضات والتباحث عن صيغ ما دون عسكرية؛
وحول المستوى المرتبط بخيارات الهيئة أوضح الباحث أنه وفقاً "لبرغماتيتها الشديدة"فإنه يتوقع أن تطمح الهيئة لتحويل سيطرتها العسكرية إلى سيطرة مدنية وسياسية عبر مرحلتين مرحلة انتقالية تديرها وتهيئ لها حكومة الانقاذ متبنية عدة برامج منها ما يتعلق بإعادة التشكيل السياسي والعسكري والمدني وفق صيغ تبدو شكلاً أكثر تشاركية وهي ضمناً أكثر شمولية وتسلط؛ ومرحلة نهائية يختفي فيها اسم هيئة تحرير الشام لصالح اسم جديد وفاعلية جديدة.
المصدر صحيفة القدس العربي: https://goo.gl/qch9SB