عقد مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بالتنسيق مع المجلس السوري الأمريكي والمنتدى السوري أمريكا، جلسة نقاشية بعنوان "مستقبل الصراع في سورية: التطورات الميدانية والسياسية"، وذلك بتاريخ 14 سبتمبر 2019، في العاصمة الأمريكية واشنطن
حيث اعتبر حتاحت أن التحدي في عام 2020 أمام الثورة السورية هو محاولة وقف النزيف وإعادة تعريف المسار التفاوضي مع النظام من خلال إيجاد تفاهم ومساحات جديدة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وهذا ممكن أن يُنتج اتفاق جديد في إدلب او يجعل هناك اتفاق تكاملي بين شرق الفرات وغرب الفرات يؤدي لتكوّن كتلة جديدة معارضة للنظام تعتمد على مصادرها الذاتية.
أفرز النزاع الدائر في سورية منذ عام 2011 جملة من التحديات التي بدأت ترتسم ملامحها مع اقتراب النزاع من نهايته، ولعل من أبرزها التحديات المرتبطة بعملية التعافي الاقتصادي المبكر التي بدأت تظهر بوادرها في عدد من مناطق هذا البلد المتباينة من حيث النفوذ والاحتياجات والموارد والإمكانيات التي تحوزها. وفي ضوء مخرجات المشهد الراهن الذي امتاز بتعزيز مناطق النفوذ وتعثر العملية السياسية، بدأت سياسات الفواعل المحلية والإقليمية والدولية تتكيف مع هذا الواقع وتطلق مشاريع تعافي اقتصادي مبكر في مناطق النفوذ تلك، ولأن البيئة العامة ما تزال قلقة سياسياً وعسكرياً، ولأن هذه المشاريع تتطلب العديد من الإجابات عن أسئلة قدرات هؤلاء الفواعل والواقع الذي تعيشه هذه المناطق والسياق السياسي المرتبطة بعملية التعافي الاقتصادي داخلها، توجه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية إلى تنفيذ سلسلة من المخرجات البحثية بهدف فهم ديناميات هذه المشاريع، وبوصلتها السياسية ومتطلباتها وتحدياتها، حتى تكون تلك المشاريع دافعة باتجاه تكوين بيئة مستقرة.
تعد مرحلة التعافي المبكر على غاية في الأهمية، لأنها المرحلة التي يفترض بها أن تنقل البلاد من النزاع إلى السلم والاستقرار، والمرحلة التي تهيئ الأرضية اللازمة لعملية إعادة الإعمار اللاحقة. ولهذه المرحلة بعد سياسي وشق اجتماعي يماثل من حيث الأهمية الشق الاقتصادي. ويشمل الشق السياسي: العمل على وقف العنف في كافة أنحاء البلاد، وإقامة مؤسسات الحكم الجديد، والتركيز على إنجاز حل سياسي مولِّد للاستقرار. ويشمل الشق الاجتماعي: أعمال الإغاثة، واستيعاب اللاجئين وإسكانهم، وإجراء المصالحات الوطنية، بعد تهيئة البيئة الأمنية المناسبة. ويشمل الشق الاقتصادي: ترميم المرافق العامة الأساسية، وتحريك عجلة الاقتصاد، وإعادة التوازن للإطار الاقتصادي الكلي، وتفكيك مؤسسات اقتصاد النزاع في المناطق التي كانت خارج سيطرة الدولة كما ضمن سيطرتها. وتتداخل المكونات السياسية والاجتماعية والاقتصادية أعلاه بشكل كبير، وتعتمد النجاحات في أي منها على النجاح في النشاطات الأخرى.
ينطلق التوجه البحثي لمركز عمران من افتراض مفاده أن المرحلة القادمة في الملف السوري ستكون تحت إطار (ما بعد النزاع العسكري)، وأن السيناريوهات المتوقعة هي أسيرة اتجاهين، الأول: ترسيخ مناطق نفوذ: "سورية المفيدة" ذات نفوذ إيراني روسي، "سورية الشرقية" ذات نفوذ غربي عربي، "سورية الشمالية" ذات النفوذ التركي، والثاني: استمرار استثمار الفاعلين الإقليمين والدوليين بتثبيت وقف إطلاق النار، مع تغليب أولوية التفاوض المعلن أو غير المعلن بغية الوصول إلى صيغة سلطة جديدة، يكون فيها للنظام القائم الحصة الأكبر بحكم مجهودات حلفائه من جهة، وتمكنه من امتلاك "آليات التحكم" من جهة ثانية.
وتتمحور الأهداف العامة لهذا التوجه في تحديد المعايير الضامنة لتعافي اقتصادي مبكر، وتكوين إطار سياساتي عام لتنفيذ جهود التعافي تلك، وتحديد متطلباته وشروطه المرتبطة بثلاثية الأمن والحوكمة والتنمية، بالإضافة إلى تصدير موقف حيال كفاءة النظام اتجاه تحديات مرحلة ما بعد النزاع وسياسات التعافي وإعادة البناء. وضمن هذا السياق تم إنجاز خمسة مخرجات بحثية، الأولى: ورقة تحليل سياسي بعنوان السياق السياسي للتعافي المبكر في سورية، والثانية: ورقة تحليلية حول التعافي الاقتصادي المبكر في سورية: التحديات والأولويات. والثالثة: ورقة حول الاقتصاد السياسي للتعافي المبكر في سورية، والرابعة دراسة بعنوان: التعافي المبكر في سورية: دراسة تقييمية لدور وقدرة النظام السوري، في حين تضمنت الخامسة دراسة بعنوان: المقاربة التركية للتعافي الاقتصادي المبكر في سورية: دراسة حالة منطقة "درع الفرات".
لقراءة الكتاب كاملاً انقر الرابط التالي: http://bit.ly/2l73N3h
رسالة شكر وتقدير
يتوجه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بالشكر الجزيل لمؤسسة Konrad-Adenauer-Stiftung على شراكتها ودعمها للمشروع البحثي وطباعة الكتاب
لم تنطلق مُعارضة موضوع اللجنة الدستورية للطرح بحد ذاته، وخاصة لمن يتبنى مرجعية القرارات الدولية كنقطة انطلاق لحل المعضلة السورية، فموضوع طرح دستور جديد للبلاد، يشغل حيزاً ما من فقرات القرار 2254 والذي هو في النهاية رؤية دولية أكثر تحديداً لبيان جنيف، الذي ينشد معظم السوريين اعتباره نقطة انطلاق مناسبة لعملية سياسية بناءة، تحقق الحد الأدنى من تطلعاتهم.
المشكلة في اللجنة الدستورية تكمن في انبثاقها عن بدعة السلل الأربعة، ثم بمنحها الأولوية في مجال عمل هذه السلل، تجاوزاً لأولويات يحددها وضوحاً بيان جنيف، من حيث المضي قدماً في تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، وما يترتب على ذلك من تفاصيل مرتبطة بإصلاح الجهاز الآمني ودمج مؤسسات الدولة، والعدالة الانتقالية، والإصلاح الدستوري والقانوني، وعودة اللاجئين، وإعادة الإعمار، والافراج عن المعتقلين، والكشف عن مصير المفقودين،
أما المشكلة الثانية؛ أن اللجنة ستختزل تدريجياً التمثيل السياسي لقوى المعارضة والثورة المختزل أصلاً في جسم الائتلاف، ثم مرة أخرى في جسم هيئة التفاوض، ومن دون أي مشروعية ورضى شعبي، هما أصلاً منطلق تأسيسي لطرح دستور جديد، عداك عن غياب الحد الأدنى من الحوار المجتمعي والمصالحات الوطنية الحقيقية والندية، وتوفر البيئة الآمنة التي لا يمكن قبلها الحديث عن أي دستور يستظل تحت مرجعيته كل السوريين.
بل إن اللجنة الدستورية حال ولادتها اليوم، تحوز فيما يظهر كامل الشرعية الدولية، لكن في الواقع قد تكون مدخلاً مهماً ومنزلقاً لتجاوز مرجعية القرارات الدولية -في الوقت التي يتم تسويقها كأحد منطوقات القرارات الدولية آنفة الذكر (وهي كذلك)- لصالح تأصيل مرجعية أستانا، كناظم جديد ووحيد للعملية السياسية.
المشكلة الثالثة في اللجنة الدستورية، أننا كمعارضين وثوار، تعاطينا بالمجمل مع ملف اللجنة إما من منطلق اللامبالاة الكاملة، من خلال اعتبارها بمثابة مولود غير شرعي للمساعي الدولية للحل، أو الانزلاق السياسي أو الثوري غير التقني في قوائمها، في مقابل انتقاء النظام لمختصين وأكفاء (غير سياسيين بالغالب) ليكونوا ضمن باقته المعتمدة في اللجنة،
أما المشكلة الرابعة فتكمن في غياب مرجعية مؤسسية رسمية لطرف اللجنة من جهة المعارضة، فيما تحكم طرف اللجنة من جهة النظام بقايا دولة، ونظام يحاول التماسك والتعافي، مع تنامي المخاوف من أن تؤول اعتمادية قرارات اللجنة الدستورية إلى البرلمان التابع للنظام، في حال دفعت روسيا إلى اعتماد دستور العام ٢٠١٢، الذي يحيل الإصلاحات الدستورية إلى لجنة دستورية (بهذا الاسم حرفياً) مرجعيتها واعتماديتها برلمان النظام.
قد يلخص العرض السابق معظم المآخذ على تشكيل اللجنة الدستورية، إلا أنه ومع إعلان المبعوث الدولي غير بدرسون عن تشكيل اللجنة الدستورية، فإن ثمة فرص ربما تقف في صف السوريين وهم يحاولون تخطي عراقيل هذا التشكيل وهذا الإعلان؛ وهنا يمكن استعراض عدة مسارات غير خشنة يمكن العمل عليها في سبيل ذلك.
فمن حيث الجدول الزمني لا يتوقع للجنة أن تنهي مهمتها في وقت قصير، في ظل استقطاب دولي حاد جداً حول الملف السوري، وعليه يمكن التحرك على المسار السياسي في فضاءات عمل أرحب، فإذا انطلقنا من فرضية أنه لن يسمح بتسيد الحل الروسي المفضي لاستكمال سيطرة النظام على كامل التراب السوري، بما يعني لو حصل عدم الحاجة لوجود اللجنة الدستورية ويفقد أي حل سياسي معناه، فإن الفرصة سانحة لإعادة انتاج حياة سياسية في ما تبقى من مناطق خارجة عن سيطرة النظام وروسيا، يساهم تفاعل حواملها في خلق روحية عمل جماعي ينتج منظومات حوكمة رشيدة، مفضية إلى نظم إدارة وحكم متماسكة غير هشة، ويساهم في حوكمة قطاع الأمن والقضاء وخلق الأرضية المناسبة لإعادة الإعمار والتنمية المستدامة.
كما أن إعادة الروح إلى الحراك المجتمعي الحقوقي، سيسهم في انتاج حوامل صد ودفع، في مواجهة مخرجات اللجنة الدستورية، ليس عملها رفض أي مخرج بل تتجه لتضع محددات منطقية من زاوية حقوقية لأي منتج دستوري منطلقة من فضاء اجتماعي بوصلته حقوقه التي يطالب بها منذ ثمانية سنين، حقوقه في العودة الكريمة والآمنة والطوعية لبيئاته الأصلية واستعادة ملكياته وأيضاً حقوقه في المحاسبة والكشف عن مصير مفقوديه، والإفراج عن معتقليه، ويدفع من جهة أخرى إلى تعطيل أي مخرج غير متسق مع مصالحه، فضلاً عن الدفع باتجاه عدم خلق دستور دائم أو غير قابل للتعديل في ظل كل الإخفاقات التي رافقت انتاج اللجنة الدستورية والمثالب التي تعتريها.
أما المسار الثالث فيتجه إلى تطوير الملفات القانونية وتعزيزها، من أجل محاسبة كل المتورطين في سفك الدم السوري، والتضييق على مجرمي النظام وملاحقتهم. إن هذه الديناميات يفترض أن تستند إلى أرضية حوار وطني مجتمعي محلياتي عابر لحدود النفوذ والسيطرة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ويفضي إلى توحيد نماذج الإدارة والحكم المحليين، ومواءمة نماذج الأمن والقضاء إلى جانب تكامل رؤى التنمية، وهي فرص تستند إلى تخلخل التوافق الدولي حول اللجنة الدستورية واستبعاد قطاعات سورية مهمة من التمثيل فيها.
إن استدعاء البعد السياسي والاجتماعي الحقوقي إلى جانب البعد القانوني، وذلك من زوايا حركية بحته وليس من منطلقات نخبوية جامدة أو مناظير (دكنجية) مغلقة، أو توقعات قانونية حالمة، سيحيلنا إلى فرص من المشروعية وإيجاد المرجعية البديلة وأوراق القوة وشرعية الإنجاز التي يستطيع أن يستند إليها طرف اللجنة المحسوب على المعارضة (إن أراد) بدرجة يفتقر إليها نظام "أمني محكم" لأي فرصة لحياة سياسية أو حراك مجتمعي، فضلاً عن كونه سيخرجنا من الدوائر الضيقة التي أراد ويريد الروس حصرنا ضمنها تضعف ضمنها قدرتنا على الحركة والمناورة.
سيبدع السوريون فرصهم في كل حين، وسيتمكنون إن أرادوا وبذلوا الوسع من تحويل مأزق اللجنة الدستورية من ملف تنازل واستسلام إلى ورقة قوة وعزم.
المصدر موقع السورية نت: http://bit.ly/2kVF0Po
استوجب تدخل التحالف الدولي بقيادة واشنطن في سورية نهاية العام 2014، وتشكيله لقوات سوريا الديمقراطية، إحداث تغييرات في طبيعة " وحدات حماية الشعب " عماد قوات " قسد "، كان أولها الإعلان تشكيل أفواج عسكرية منذ بداية 2017، حيث توجهت الولايات المتحدة لتشكيل قوة عسكرية أكثر انتظاما عسكرياً، تتوافق مع متطلبات التحالف الدولي في محاربة " تنظيم الدولة"، وتلتزم بسياسة واشنطن.
يمكن إعادة التحول في هيكلية " قسد "إلى عدم استقرار مشروع الإدارة الذاتية وذلك لثلاثة أسباب رئيسية؛ أولها؛ عدم انجاز أتفاق حقيقي مع النظام يعترف بموجبه بسيطرة "الإدارة" على شمال شرق سورية؛ وثانيها؛ استمرار التهديد التركي لمشروعها قبل وبعد عملية "غصن الزيتون"؛ والثالث؛ استمرار الغموض فيما يخص بقاء أو رحيل واشنطن من شرق الفرات.
وصل عدد المجالس العسكرية من قبل " قسد " إلى 15 مجلساً عسكرياً، وهو الرقم الذي أعلنته "قيادة قسد" كهدفٍ لها، ويشمل العدد "15" مجالس منبج ودير الزور التي تم تشكيلها عام 2016 بالإضافة لمجلس استثنائي يضم الفصائل المسيحية المنضمة "لقسد"، ويمكن وضع جملة من الأهداف لإعادة الهيكلة عبر تشكيل المجالس العسكرية وتقسيمها إلى: أهداف أمنية اقليمية كتخفيف سيطرة “وحدات حماية الشعب YPGعلى قوات سوريا الديمقراطية"؛ وأهداف أمنية محلية كإنهاء حالة الفصائلية والمجموعاتية ضمن قسد؛ وتقوية العناصر العربية في مناطقها الأصلية. وأهداف سياسية كالتهيئة للدخول في أي مفاوضات سياسية من موقعٍ أقوى، بالإضافة لأهداف معلنة من قبل قسد تتمثل بتوحيد القرارات الأمنية والعسكرية تحت سقف واحد لتعزيز آلية اتخاذ القرارات.
حدثت عملية تشكيل المجالس العسكرية ضمن "خارطة طريق أمريكية" أوصلت طرفي الحدود " السوري والتركي" بوساطتها إلى اتفاق "الممر الآمن" أو المنطقة الآمنة، وإن كان الموقف التركي من "الإدارة الذاتية وقسد" أهم عقبة في تمكين مشروعها، إلا أنهما يواجهان مجموعة من العقبات الذاتية الداخلية المتعلقة بهيكليتها وتوجهها ومدى القبول الشعبي لها، بالأخص في المناطق العربية الممتدة على حوض الفرات التي شهدت حدوث مظاهرات وتحركات شعبية كثيرة ضد " قسد".
تبقى الأسئلة معلقة حول الصيغة النهائية لعملية تشكيل المجالس العسكرية، وما إذا كانت ستتمتع المجالس بقيادة شخصية، أم بمجلس عسكري أعلى، ويكتنف الغموض مستقبل " وحدات حماية الشعب" فيما إذا كانت ستبقي على كيانها العسكري المستقل، بالتوازي مع كيان " قسد " أم سنشهد عملية انتقال لدوائر صنع القرار من " YPG" إلى المجالس المشكلة حديثاً وقيادتها، وترتبط عملية إعادة الهيكلة ارتباطاً وثيقاً بسيناريوهات التوافقات الأمريكية التركية فيما يخص شمال شرق سورية.
مرت " وحدات حماية الشعب" خلال الأعوام الممتدة من تموز 2012 حتى آذار 2019 بعدة انعطافات على المستوى البنيوي، أهمها ما حدث بعد معركة عين العرب/ كوباني كانون الأول 2014 وبدء العلاقة المباشرة بين الوحدات والتحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة والتي دفعت باتجاه تشكيل "قوات سوريا الديمقراطية" في تشرين الأول 2015([1]). وبالتزامن مع زيادة الدعم المقدم من قبل التحالف الدولي وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية لـ “قسد"، اتجهت الإدارة الذاتية نحو الإعلان عن تشكيل أفواجٍ عسكرية منذ بداية العام 2017، تماهياً مع توجه أمريكي لجعل القوى العسكرية في شمال سورية أقرب لصيغة جيش نظامي، والتجهيز لبقاء نوعي في المنطقة([2]). وبتاريخ 08/02/2017 توجهت وحدات حماية الشعب لإعلان نيتها تشكيل أفواج عسكرية. وتركزت تصريحات المسؤولين في "الإدارة الذاتية وحركة المجتمع الديمقراطي ووحدات حماية الشعب" حول الخطة المعلنة بتشكيل نظام التراتبية العسكرية النظامية([3])، وفي مطلع هذا العام 2019، وضمن هذه التحولات البنيوية أتى تشكيل المجالس العسكرية في "قسد" كامتداد للتوجه الأمريكي وحركيته. ووفقاً لذلك تحاول هذا الورقة رصد السياق العام لتشكيل عدد من المجالس العسكرية ومبرراتها في ضوء التطورات التي تشهدها منطقة شرق الفرات وما تفرضه من سيناريوهات مفتوحة.
بدأت "قسد" كتحالف لمجموعة قوات عسكرية عمودها وحدات حماية الشعب، وأغلقت باب الانضمام للفصائل ضمنها، كما قامت بتحجيم العديد من القوات الرئيسية ضمن التحالف أو خارجه كجيش الصناديد، وقوات النخبة، والقوات المسيحية ولواء ثوار الرقة([4]). بالتوازي مع عملية تحجيم الفصائل المؤسسة "لقسد"، يمكن تتبع محاولات للتوجه لتشكيل ألوية منذ 26/03/2018 عبر تشكيل " لواء حماية قامشلو" في 17/02/2018([5])، و"لواء الرقة الأول"([6])، "ولواء ثوار إدلب" في 02/06/2018 والمتشكل من بقايا عناصر" أحرار الزاوية، "وجيش الثوار([7])، ولواء تحرير إدلب وعفرين" بتاريخ 07/06/2018([8])، ولواء الرقة الثاني" في 08/10/2018([9]).
شابت عملية تشكيل الألوية غموضاً فقد تم الإعلان عن بعضها، على شكل ألوية تكون أرضية لقوة عسكرية مستدامة، كما هي الحالة مع "لواء حماية قامشلو"، الذي تضمن إعلانه ميَزاتٍ للمنضمين له كالتسريح من الخدمة العسكرية الإلزامية بعد قضاء مدة سنتين ضمنه، بالإضافة لتقديم راتب، وتأمين صحي له ولعائلته، مع تسهيلات فيما يخص بعدد أيام الإقامة في المعسكرات، من جهة أخرى يظهر من عملية تشكيل ألوية إدلب وعفرين محاولة في توجيه رسائل سياسية وعسكرية للجانب التركي، بالإضافة لتنظيم بقايا القوات التي انسحبت من عفرين إثر عملية " غصن الزيتون"، وليتحول التركيز مع بداية العام 2019 لعملية تشكيل مجالس عسكرية محلية، ورغم ظهور وجود " تصور عام فيما يخص توحيد هيكلية " قسد " او إعادة هيكليتها ضمن مجالس عسكرية وألوية، إلا إن العملية لم تستقر إلى الآن، وتتواجد ضمن مناطق " سيطرة الإدارة الذاتية" عدة هياكل عسكرية تتطور بشكلٍ مستقل أو متحد، فلم يتم إنهاء عملية إعادة الدمج والهيكلة ضمن " جسم قسد" بفصائله، كما لم يتم توضيح العلاقة الحاكمة بين " قوات الدفاع الذاتي" وبين مجالس "قسد" وألويتها المشكلة حديثاً.
ويمكن إعادة هذا التحول في الهيكلية وعدم استقرار في البنية العسكرية للإدارة الذاتية إلى الآن لثلاثة أسباب رئيسية: (1) عدم بلورة أي اتفاق مع النظام يعترف بموجبه الأخير بموجبه بسيطرة "قسد" على شمال شرق سورية؛ (2) استمرار التهديد التركي لمشروع الإدارة الذاتية قبل وبعد عملية "غصن الزيتون"؛ (3) استمرار الغموض فيما يخص بقاء أو رحيل واشنطن من شرق الفرات.
ألقت هذه الأسباب بظلالها على عمل مؤسسات الإدارة الذاتية السياسية والعسكرية، فشهدت تغييرات إدارية وعسكرية عدة، منها محاولة التوجه لإعلان الفدرالية والتوقف لاحقاً، وتشكيل مقاطعات متعددة وتم إيقاف المشروع أيضاً، كما حدث تغييرات في الهيئة التنفيذية لشمال شرق سورية، والمقاطعات فيما يخص عدد هيئاتها /وزاراتها. وبتاريخ 17/02/2019 تم إعلان التوجه نحو تغيير الهيكلية العسكرية ضمن اجتماع لـ “قسد" ضم قيادات المناطق والمجالس والمؤسسات العسكرية؛ تم تحديد استراتيجية "القوات" للمرحلة المستقبلية بالآتي: (([10]))
في حزيران 2019؛ بدأت "قسد" بتنفيذ الجزء الخاص بإعادة هيكليتيها من الاستراتيجية المعلنة بداية 2019 من خلال الاعلان عن تشكيل مجالس عسكرية مناطقية، وكانت "قسد" قد شكلت عام 2016 مجلس "مدينة الباب وهو مجلس مُفعل بشكل جزئي، ومجلس جرابلس العسكري وهو غير مفعل"، إلى جانب "مجلس منبج، ودير الزور العسكري “وهي مجالس مفعلة وشاركت بمعظم معارك "قسد" ضد تنظيم الدولة، ليصل تعدادها لـ 15 مع استثناء مجالس الباب، وجرابلس، وإدلب. كما لم يتم توضيح طبيعة بعض المجالس إلى الآن كونها أعلنت على شكل "قطاعات عسكرية" كمجلس قطاع الهول، ورأس العين، ويبقى العدد النهائي وتحديده مرتبط بخطط "قسد" وتطور الأحداث ونجاح العملية في ضوء الاتفاق الأمريكي التركي حول إنشاء المنطقة الآمنة شمال شرق سورية، أما الهدف المعلن وفق قيادة "قسد" فيتمثل بالوصول حالياً إلى تشكيل 15 مجلس، ولمعرفة المجالس المشكلة للآن انظر الخريطة أدناه.
في ذات السياق؛ تأتي خطة تشكيل المجالس العسكرية للمناطق والمدن ضمن أحد خطوات التحالف الدولي لتشكيل "جيش لحماية الحدود" مع تركيا والعراق، وهي الخطة التي تم الإعلان عنها في 14/01/2018 ([12])، إلا أن تأخر السير في العملية ارتبط مع تأخر سيطرة "قسد" على مدينة الرقة ودير الزور، واكتفت " قسد " آنذاك بتشكيل الأفواج العسكرية تجهيزاً لخطوة الإعلان عن المجالس، وهذا ما يمكن استنتاجه من عدد الأفواج التي شكلتها "قسد" والإدارة الذاتية وتواريخ إعلانها، ففي حين كان عدد الأفواج المعلنة خلال 2017 قد وصل لـ 16 فوجاً، ارتفع هذا العدد من بداية 2018 إلى النصف الثاني من عام 2019 ليصل إلى ما يقارب 76 فوجاً عسكرياً، تم توزيعهم على المجالس العسكرية المشكلة حديثاً، ويضم كل فوج وفق تقارير الإدارة الذاتية ما يقارب 250 مقاتل، أي بمجموع 19000 ألف مقاتل ([13])، وللوقوف على المجالس تاريخ إعلان المجالس العسكرية وقادتها، انظر الجدول أدناه.
المجلس العسكري |
التاريخ |
القائد |
منبج |
03/04/2016 |
محمد أبو عادل |
دير الزور |
08/12/2016 |
أحمد الخبيل /أبو خولة، اختير أميراً لعشيرة البكير |
تل أبيض |
14/06/2019 |
رياض خميس الخلف |
كوباني/ عين العرب |
16/06/2019 |
عصمت شيخ حسن |
الطبقة |
18/06/2019 |
محمد الرؤوف |
القامشلي |
19/06/2019 |
بلنك قامشلو، اسم حركي |
قطاع الهول |
19/06/2019 |
----- |
الرقة |
20/06/2019 |
فرحان العسكري |
ديريك/ المالكية |
06/2019 |
----- |
مجلس منطقة رأس العين |
27/06/2019 |
عماد منو |
الحسكة |
03/07/2019 |
حسين سلمو |
عامودا |
04/07/2019 |
آمد عامودا، اسم حركي |
الشدادي |
06/2019 |
حجي أبو صالح |
الهجين |
لم يتم الاعلان عنه |
تمت الاشارة خلال بمناسبات عسكرية |
مجالس استثنائية |
||
الخابور، الحسكة السرياني الآشوري |
06/07/2019 |
حزب "الاتحاد السرياني"(([14])) |
مجالس غير مفعلة |
||
الباب العسكري |
14/08/2016 |
جمال ابو جمعة، مفعل بشكل جزئي |
جرابلس العسكري |
22/08/2016 |
تم اغتيال قائده فور تشكيله وتوقف |
إدلب العسكري |
21/10/2017 |
لا يمتلك أي وجو سوى بيان منفرد |
ساهمت استمرارية سيولة المشهد العسكري مع تغير مواقف الدول المتدخلة في الشأن السوري، في عملية تأطير سياسات الفواعل المحلية وأهدافها في المشهد العسكري العام، وأدت إلى انعدام الاستقرار والثبات ضمن بنى العديد من القوى المحلية، ومن ضمن هذه السياسات تظهر عملية تشكيل المجالس العسكرية وفق الخطة المعلنة في 14/01/2018 من طرف الولايات المتحدة فيما يخص تشكيل جيش لحماية الحدود مع تغير في الشكل؛ فالظاهر إن الضغوط التركية أدت إلى إنهاء خطة إعلان جيشٍ بالصيغة المعلنة ليتحول إلى صيغة مجالس عسكرية تقوم بمهام أمنية مناطقية، ويمكن وضع جملة من الأهداف لتشكيل المجالس العسكرية وتقسيمها إلى([15]):
تتمثل في تخفيف سيطرة “وحدات حماية الشعب YPGعلى قوات سوريا الديمقراطية"؛ والكشف على طبيعة هوية العناصر العسكرية في المنطقة الحدودية؛ بالإضافة إلى بلورة القيادة الفعلية لقوات "قسد"، وإنهاء الحالة الضبابية في هذا الخصوص وتجهيز الأرضية لضم عناصر من " البيشمركة " أو عناصر من فصائل المنطقة المتواجدة في تركيا.
تتمثل في إنهاء حالة الفصائلية ضمن قسد؛ وتثبيت العناصر المقاتلة في مناطقها الاصلية؛ وتقوية العناصر العربية في مناطقها الأصلية؛ إضافة إلى تغيير بنية " قسد " لتكون متوافقة مع انضمام عناصر جديدة، وضبط عملية انضمام العناصر المحلية لـ قسد، خصوصاً من الناحية الأمنية.
ثالثاً: أهداف سياسية
كالتهيئة للدخول في أي مفاوضات سياسية من "موقعٍ أقوى"، والتوافق البنيوي مع أطروحات اللامركزية المحلية التي تزداد وتيرة الحديث عنها كمدخل للحل في سورية. المتوقع لسورية والمتمثل بلامركزية محلية.
رابعاً: أهداف معلنة من قبل قسد
ويمكن اختصارها في توحيد القرارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار واحد لتعزيز آلية اتخاذ القرارات، وإشراك القياديين المحليين في آليات اتخاذ القرارات، وتقوية العمل المؤسساتي والواقع التنظيمي العسكري ضمن " قسد "، إضافة إلى حماية الحدود والمناطق الأهلية.
تسارعت عملية تشكيل المجالس العسكرية من قبل " قوات سوريا الديمقراطية" خلال شهري تموز وآب، ليصل تعدادها إلى 12 مجلس عسكري مقسم وفق المناطق والمدن، بالإضافة إلى 4 مجالس مشكلة خلال العام 2016، وترافقت السرعة التي تم بها إنشاء المجالس العسكرية مع الزيارات المكوكية لمسؤولين رفيعي المستوى من الجيش الأمريكي والتحالف الدولي سواءً إلى شرق الفرات أو إلى تركيا، للعب دور الوسيط بين الطرفين وللوصول إلى صيغة توافق حول المنطقة الآمنة المصرح بها من قبل الرئيس الأمريكي، وتنوعت الوفود القادمة إلى شرق الفرات خصوصاً إلى ثلاثة أنواع:
من جهة أخرى؛ ساهم اتفاق الممر الآمن في زيادة وتيرة التسارع باتجاه هذا التشكيل([18])؛ حيث تكللت الزيارات المتواترة من قبل ممثلي واشنطن والتحالف بين الطرفين بالوصول إلى اتفاق إنشاء "الممر الآمن" في شمال شرق سورية بين أنقرة وواشنطن في 07/07/2019، شملت عدة بنود دفعت " قسد" باتجاه تسريع إعادة الهيكلة وتنظيمها([19]).
يأتي اتفاق تشكيل المجالس العسكرية ضمن خارطة طريق أمريكية أوصلت طرفي الحدود " السوري والتركي" بوساطتها إلى اتفاق "الممر الآمن" أو المنطقة الآمنة وهو نتيجة عمل الولايات المتحدة على عدة اصعدة دبلوماسية دولية واقليمية ومحلية في محاولة للوصول إلى صيغة حل، وجاءت هذه المحاولات عُقب تغريدة "ترامب" حول اعطائه القرار بسحب قوات بلاده من شرق الفرات وسورية بعد هزيمة تنظيم الدولة، فعلى الصعيد الدولي عملت واشنطن من خلال ثلاثة مسارات رئيسية:
تمثل الأول في محاولات كسب الحلفاء الأوروبيين ضمن القوات المتبقية في سورية، ويبدو أن واشنطن حصلت على تأكيد من فرنسا والمملكة المتحدة إلى جانب محاولات بعض الدول لتجنب إرسال قوات برية والبحث عن طرقٍ أخرى لدعم مهام التحالف مثل "هولندا".
يتمثل المسار الثاني في الاستمرار بخنق النظام السوري اقتصادياً من طرف المجتمع الدولي، عبر منعه من إقناع الأطراف الدولية بالدخول لعملية إعادة الأعمار، وإدامة الحصار الاقتصادي عليه. أما الثالث فهو تحذير الدول الأوروبية من عدم استعادة مواطنيها الذين قاتلوا مع تنظيم الدولة.
أما على الصعيد المحلي: نشطت الولايات المتحدة على مسارين رئيسين الأول؛ هو الوصول لصيغة توافقية مع حليفتها تركيا حول مصير الإدارة الذاتية، عبر إنشاء "الممر الآمن"، ( ويمكن اعتبارها منطقة عازلة على المدى القصير والمتوسط)، والتي ترغب تركيا في الحصول على دورٍ رئيسي ومحوري، وعلى تواجدٍ فيزيائي قوي فيها عبر جنودها وقواتٍ من المعارضة السورية المتحالفة معها، على حساب إنهاء وجود وحدات حماية الشعب بدايةً على الحدود ولاحقاً من المشهد العسكري كاملاً، بينما تطالب قوات سوريا الديمقراطية بعصبها "وحدات حماية الشعب" بالمحافظة على سيطرتها الكاملة ضمن هيكلية أكثر تنظيماً مع قبولٍ لعودة النازحين إلى تركيا من مناطق سيطرتها في تل أبيض والرقة ودير الزور،
المسار الإقليمي الثاني والذي عملت عليه الولايات المتحدة هو تقوية الدورين السعودي والإماراتي في منطقة شرق الفرات في ثلاثة اتجاهات: الأول هو ضخ الأموال في مشاريع إعادة الإعمار وتقديم الخدمات لكسب ولاء العديد من الأطراف، والثاني هو لعب دور داعم العشائر السورية، والثالث تنظيم دور العشائر في مشروع مقاومة وحد النفوذ الإيراني في شرق سورية عموماً ومنطقة دير الزور خصوصا.
أما خطوات المسار المحلي، فتسير فيه الولايات المتحدة بعدة اتجاهات رئيسية: الاتجاه الأول هو تمكين السيطرة الأمنية للإدارة الذاتية عبر ضبط السجون التي تحوي المئات من عناصر تنظيم الدولة، وفي المجال الأمني أيضاً يقوم التحالف بعمليات إنزال مستمرة تستهدف خلايا التنظيم المتبقية في جنوب مدينة الحسكة وصولاً إلى دير الزور، وعسكرياً وهو الأهم فيتم عبر قيام التحالف بعملية إعادة هيكلة " قسد " عبر تشكيل مجالس عسكرية مناطقية.
أما الاتجاه الثاني محلياً فيتمثل في رفع مستوى مقبولية مشروع الإدارة الذاتية لدى المجتمعات المحلية، خصوصاً العربية منها عبر إعادة هيكلة الإدارة الذاتية وتشكيل إدارات لمناطق الرقة ودير الزور، وجاء اجتماع العشائر الذي عقدته "قسد" في عين عيسى على رأس هذه الخطوات بالإضافة لكونها رسالة للنظام وروسيا بغلق باب العودة للمنطقة عبر العشائر أمامهم، كما إن زيارات السبهان أتت لإعطاء هذه المحاولة في كسب العشائر طابعاً من الشرعية العربية المتمثلة بالمملكة السعودية، بالإضافة لأسباب الضبط المحلي ومواجهة محاولات تغلغل إيران، وفي هذه الاتجاه تبرز محاولات " قسد " في محاباة العشائر، وتمييز مناطقها في قانون الدفاع الذاتية ( العسكرية الإلزامية) الذي عدلته مؤخراً، ليبقى نافذاً على ولادات عام 1986 في منطقة الجزيرة وكوباني، ويرتفع لمواليد 1990 في مناطق أخرى خصوصاً من الرقة ودير الزور.
الاتجاه الثالث محلياً يكمن في دفع وتشجيع أطراف عدة للعمل على ملف الحوار الكُردي – الكُردي، عبر عدة وسائل أبرزها؛ محاولات بعض منظمات المجتمع المدني الكُردي لتقريب وجهات الطرفين الكُرديين، وتذليل العقبات وحصر المطالب في التشارك بالصيغة الحالية للإدارة الذاتية والعمل على تطويرها لاحقاً، والوسيلة الأخرى تكمن فيما يسمى مشروع الحوار الكُردي -الكُردي المُهندس فرنسياً، وهو عبارة عن لقاءٍ وحيد بين الطرفين الكرديين اكتنفه واكتنف التوجه الفرنسي الغموض والبطء، دون أن يفضي إلى أية نتيجة عملية([20]).
تواجه " قسد" مجموعة من العقبات المتعلقة بهيكليتها وتوجهها ومدى القبول الشعبي لها، بالأخص في المناطق العربية، الممتدة على حوض الفرات، فشهدت مدن الطبقة والرقة وريف دير الزور الشرقي مظاهرات وتحركات شعبية كثيرة ضد "قسد"، وتأتي دير الزور في مقدمة المناطق التي لم تستطع إلى الآن " قسد " ضبط الأوضاع الأمنية والعسكرية والإدارية فيها، كتلك التي حدثت بعد فترة وجيزة من اطلاق حملة "عاصفة الجزيرة" للسيطرة على دير الزور حيث تم بتاريخ 01/10/2017، اعتقال قيادي بارز ضمن صفوف المجلس وهو " ياسر الدحلة" قائد كتيبة البكارة، وآنذاك عزا رئيس المجلس المعروف باسم "أبو خولة ابن قبيلة العكيدات" سبب الاعتقال إلى "ارتكابه مخالفات عسكرية وتجاوزات بحق المدنيين، وكان الدحلة قد قاتل في حركة أحرار الشام الإسلامية، ومن ثم قاتل في الرقة إلى جانب قوات النخبة التابعة لأحمد الجربا، وغادرها فيما بعد إلى المجلس العسكري([21]).
وواجه مجلس الدير آنذاك احتمالية الانهيار بعد انسحاب عناصر الدحلة من 10 نقاط عسكرية في ريف دير الزور الشمال الشرقي، مطالبين بالكشف عن مصير قائدهم، وتم حل المشكلة بعد إطلاق سراح الدحلة([22])، وبتاريخ 08/11/2019 عُقب هذه الحادثة استقال " قائد مجلس دير الزور العسكري (أبو خولة) من منصبه نتيجة فشل قواته في صد هجوم شرس لتنظيم الدولة أواخر الشهر السابق له، وكان الهجوم الأكثر "فظاعة" بحق قوات " قسد " في دير الزور بحسب رواية مقاتلين، حيث أدت لخسارة ما يقارب 100 قتيل من عناصرهم بالإضافة لجرح أعدادٍ أكبر وتراجع أبو خولة عن استقالته التي لم تأخذ صداً نتيجة عودته عنها([23]).
ولا تعتبر المشاكل العسكرية بداية حملة عاصفة الجزيرة إحدى العناصر الداخلية المهددة لاستقرار "قسد" في المنطقة فحسب، فقد شهدت شرق الفرات أحداثاً أخرى تتعلق بالنفط والسيطرة العشائرية عليه، مثل الحادثة التي وقعت بتاريخ 11/12/2018، من قيام مسلحين محليين بالسيطرة على آبار العزبة النفطية بالقرب من المنطقة الصناعية بعد مواجهات مع عناصر قسد، وجاء هذا النزاع كذروة التنافس للسيطرة على حقول دير الزور، وخلال هذه الحادثة في 11 كانون الأول هاجمت مجموعة من رجال عشائر بلدة خشام (بينهم "هويدي الضبع" الملقب بـ"جوجو" أحد المنتسبين لـ"قسد") عناصر حراسة آبار نفط عزبة، وسيطرت على أغلب آبار المنطقة القريبة من معمل كونيكو للغاز في حقل الطابية، ودامت الاشتباكات المحدودة لساعات في محيط آبار العزبة، وبعد تحصن المسلحين الموالين لـ “قسد" والمنحدرين من عشيرة البكير داخل آبار العزبة، جرت مفاوضات أفضت إلى تسليم الحقل "قسد"، وأفضت المفاوضات إلى اتفاق بين رجال عشائر بلدة خشام وقيادات في "قسد"، وجرت برعاية "التحالف الدولي"، وتم حل الخلاف عن طريق تحديد نسبة معينة يحصل عليها رجال عشائر "خشام"، لوقف الاحتجاجات والمواجهات. وخصصت "قسد" ألف برميل نفط يومياً لأهالي البلدة من آبار منطقتهم، كي يتاجروا بها، في حين تبقى الحقول الكبيرة بعيدة المنال بسبب انتشار قوات "التحالف" فيها، وكانت معظم المجموعات العشائرية قد انضمت إلى قسد بشكل كتل موحدة مما أدى إلى تشكيلها لقوة مستقلة داخل المجلس العسكري([24]).
عموماً: لا تزال الأسئلة المتعلقة بالصيغة النهائية لعملية تشكيل مجالس المدن العسكرية من أهم عقبات تشكيلها، وما إذا كانت ستتمتع بقيادة شخصية، أم بمجلس عسكري يمثل المناطق، كما لايزال مستقبل " وحدات حماية الشعب" غير واضحاً فيما إذا كانت ستبقي الوحدات على كيانها العسكري المستقل بالتوازي مع كيان " قوات سوريا الديمقراطية"، أم سنشهد عملية انتقال لدوائر صنع القرار من " YPG" إلى المجالس المشكلة حديثاً وقيادتها.
ترتبط عملية تشكيل المجالس العسكرية من قبل " قوات سوريا الديمقراطية" والشكل النهائي لعملية إعادة الهيكلة المعلنة، ارتباطاً وثيقاً بسيناريوهات التوافقات الأمريكية التركية فيما يخص شمال شرق سورية، وهذه السيناريوهات إلى الآن تتجلى في اتجاهين رئيسيين:
السيناريو الأول: نجاح الاتفاق التركي الأمريكي حول " الممر الآمن": وفي هذه الحالة سنكون أمام اتفاق مشابه لاتفاق منبج من حيث منع عملية عسكرية تركية، لكن مع جوانب تنفيذية أقوى وأسرع، كجولات تركية داخل الحدود السورية الشمالية، وقد يتطور الأمر لاحقاً ليشمل حضوراً عسكرياً منفرداً أو مع فصائل من المعارضة المتحالفة مع تركيا في بعض النقاط على اختلاف عمقها بين 5 و15 كم، وطولها بين 80 كم أولى تفصل مدينتي رأس العين، ومدينة تل أبيض، وقابل للتطبيق في مناطق حدودية أخرى في حال نجاحه. وفي هذا السيناريو ستشهد عملية إعادة البناء عدة استعصاءات بحكم تنامي شرط تغيير بوصلة إعادة هيكلة بنية الإدارة الذاتية ككل.
السيناريو الثاني: في حال انهيار اتفاق " الممر الآمن": فمن المتوقع حدوث استهداف تركي مكثف لنقاط انتشار المجالس العسكرية وقوات سوريا الديمقراطية، مع عمليات عسكرية متغايرة العمق والطول، وأكثر المناطق ترجيحاً ضمن لائحة الأهداف العسكرية هي الخط الواصل بين " رأس العين وتل أبيض"، ومناطق متوزعة بين مدينة تل أبيض إلى كوباني غرباً، وقد يتطور لاحقاً إلى استهداف نقاط على بين الحدود السورية مع كردستان العراق في المثلث الحدودي، وتبقى المنطقة الخاصة بالمثلث الحدودي بعيدة في المنظور القريب، إلا إذا اتجهت تركيا لاستخدام كافة أدواتها المتاحة في مواجهة التحالف الدولي.
وفي هذا السياق يبدو أن وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية سيستمران في التقدم بخطوات بطيئة اتجاه الالتزام بإعادة هيكلة " كامل القوى العسكرية في المنطقة" بصورة تمكن الولايات المتحدة من تقديمها على أنها قوى محلية بمهام محددة، لا تمتلك أي أهدافٍ خارج الحدود السورية.
يمكن إعادة التوجه الأمريكي لتغيير بنية وحدات حماية الشعب إلى بدايتين الأولى: مع تدخلها المباشر في سورية أواخر العام 2015، وما تبع التدخل من معارك لمواجهة تنظيم الدولة في البلدات والمدن العربية، والثاني استمرار الضغط والتهديد التركي بالقيام بعمليات عسكرية قبل وبعد " غصن الزيتون" في عفرين، ورافق هذا التوجه الأمريكي محاولات مستمرة من قبل وحدات حماية الشعب بالحفاظ على هيكليتها الأولى، كون أي تغييرٍ تنظيمي سيقلل من سيطرتها مع ارتفاع نسبة المقاتلين العرب ضمن "قسد"، كما إنه سيقلل بالدرجة الأهم بالنسبة للوحدات ولحزب العمال الكُردستاني نسبة سيطرة الأخير على مكامن القرار ضمن الوحدات نفسها.
دفعت جملة من الأهداف المحلية والاقليمية واشنطن للإيعاز لقوات سوريا الديمقراطية بتشكيل مجالس عسكرية خاصة بالمدن، تكون معروفة الهوية والقيادة، والمهام، بما يؤدي بشكلٍ رئيسي إلى إنجاح اي صيغة توافق مع تركيا، وهذا الأمر ظهر من السرعة التي اقدمت عليها الوحدات في تشكيل المجالس العسكرية فخلال ما يقارب الشهر شكلت "وحدات حماية الشعب وقسد" حوالي 10 مجالس عسكرية، كما إنها أعطت رسائل متكررة ومشددة على التزامها بأمن الحدود مع تركيا، بشرط عدم تهديد الأخيرة لمشروعهم، وهو شرطٌ لا يبدو أن الجانب التركي إلى الآن مستعداً لقبوله إلا في حال استمر الفيتو الأمريكي لقيام أنقرة بعملياتٍ عسكرية، وضمن هذا المشهد شهدت مناطق سيطرة "قسد" والإدارة الذاتية سابقاً وفي الآونة الأخيرة مشاكل عسكرية ومدنية عدة كان أبرزها ما يحدث في دير الزور من رفضٍ عشائري للسيطرة الكاملة "للعنصر الكُردي"، بالإضافة للمشاكل العشائرية البينية، والتي تلقي بظلالها على عمل مجلسي دير الزور العسكري والمدني، وتحاول واشنطن إلى الآن وعبر المملكة العربية السعودية الحفاظ على المكتسبات العسكرية في المناطق العربية ضمن سيطرة الإدارة الذاتية عبر تقديم الدعم الإنساني والمادي لمجالسها، وإعطاء وعودٍ مستمرة بتقوية دور رؤساء العشائر، الأمر الذي من الممكن أن ينجح في حال نجح مشروع " الممر الآمن " ككل.
كل ذلك يعزز من افتراض أن عملية الهيكلة تلك لا تزال خاضعة لبوصلات سياسية متبدلة، ولا تزال أسيرة اتجاهين: الأول إنجاز إطار جديد تعيد من خلال YPG تموضعها المركزي بأدوات جديدة، أو التعثر بحكم المقاومة التي ستبديها "قسد" حيال أي تغيير جوهري في بنيتها ووظيفتها؛ لذلك ووفقاً لأعلاه لا تزال العملية -وإن امتلك مبرراتها الذاتية وفقاً للتصريحات- بمثابة الأداة السياسية للتماهي مع التطورات السياسية والأمنية خاصة مع احتماليتي تعثر اتفاق المنطقة الآمنة أو استمراره.
([1]) وكان لقائد القوات الخاصة في الجيش الأمريكي في تموز 2016، الجنرال "رايموند ثوماس " تصريح آنذاك خلال حديثه في معهد "اسبن" في ولاية كولورادو، حول تشكيل " قسد"، أنهم "طلبوا من وحدات حماية الشعب تغيير اسمها، وهو ما حصل". وأوضح الجنرال بأن هذا الطلب كان نتيجة الضغط التركي على حليفهم (الولايات المتحدة).
([2]) وهذا التوجه تبلور في دراسة مالية أصدرتها وزارة الدفاع الأمريكية حيث أشارت الدراسة في الجزء المتعلق بسورية إلى أن أعداد أفراد مجموع القوات المحلية في سورية يبلغ نحو 25 ألف مقاتل، مع توقع التحاق 5 آلاف مقاتل إضافيين في بداية 2018 يتبعون بشكل مباشر لواشنطن، وتمدهم بالرواتب والتسليح والمؤونة، وخصصت الميزانية مبلغاً يقارب 300 مليون عام 2017، ونحو 400 مليون دولار في العام 2018".
([3]) صرح "مدير مكتب العلاقات العامة لوحدات حماية الشعب YPG " الدكتور صلاح جميل بضرورة "إنشاء قوة عسكرية أكثر نظامية واحترافية مع خوض وحدات الحماية للعديد من المعارك خلال 6 أعوام"، الأمر الذي منحها الخبرة الكافية للسير على خطى الجيوش النظامية. ومن المفترض أن يشرف عناصر متقدمة من الوحدات نفسها على تدريب عناصر الأفواج.
([4]) "قسد" تحاصر مقرات "لواء ثوار الرقة" والأخير يناشد الأهالي، المصدر: قناة سوريا، التاريخ: 24/06/2018، الرابط: https://bit.ly/2lHFUiq
([5]) هام: تشكيل لواء جديد باسم “لواء قامشلو “، المصدر: فدنك نيوز، التاريخ: 17/02/2018، الرابط: https://bit.ly/2lSxkxH
([6]) قسد تعلن تشكيل أول لواء في الرقة بوجود عشائرها: المصدر: الاتحاد برس، التاريخ: 26/03/2018، الرابط: https://bit.ly/2kxdFmo
([7]) "قسد" تحضر لتشكيل "لواء ثوار إدلب" من فلول "أحرار الزاوية" و "جيش الثوار"، المصدر: شبكة شام، التاريخ: 01/06/2018، الرابط: https://bit.ly/2k9mdQq
([8]) سوريا الديمقراطية تعلن تشكيل لواء تحرير إدلب وعفرين، المصدر: مديا مونيتور، التاريخ: 07/06/2018، الرابط: https://bit.ly/2lXOppN
([9]) "قسد" تعلن عن تشكيل ثاني لواء لها في الرقة، المصدر: بوير برس، التاريخ: 09/10/2018، الرابط: https://bit.ly/2m61j5l
([10]) حضر الاجتماع كل من القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، الناطق الرسمي باسم قوات سوريا الديمقراطية كينو غبرييل، القائد العام لمجلس الباب العسكري جمال ابو جمعة، قائد جيش الثوار عبد الملك برد ، قيادة ق س د في اقليم الفرات حقي كوباني، عضوة القيادة العامة لـ ق س د نوروز احمد ، القائد العام لمجلس دير الزور العسكري أحمد ابو خولة ، قائد مكافحة الارهاب في ق س د هارون كوجر، قائد قوات الصناديد الشيخ بندر الدهام ، القيادية في ق س د روجدا حلب، القائد العام لقوات الحماية الذاتية سيامند ولات، القيادي في ق س د للمنطقة الشرقية حسن قامشلو، قيادية في وحدات حماية المرأة تولهلدان رامان، قيادية في ق س د بالمنطقة الشرقية ليلى واش كاني، القيادية في مجلس دير الزور العسكري جيان تولهلدان، الناطقة الرسمية لحملة عاصفة الجزيرة ليلوى عبدالله، قادة من جبهة الأكراد مسؤول العلاقات العامة لقوات سوريا الديمقراطية ريدور خليل ، القيادي في مجلس جرابلس العسكري محمد العلي، وقائد جيش الثور أبو عراج.
([11]) اجتماع موسع لقوات سوريا الديمقراطية انتهى بمؤتمر صحفي، الموقع: قوات الدفاع الذاتي، التاريخ: 17/02/2019، الرابط: https://bit.ly/2lHyZWw
([12])بـ 30 ألف عنصر أمريكا بصدد إنشاء جيش سوري... ما مهمته؟، وكالة قاسيون، 14/1/2018، الرابط: https://bit.ly/2lEIrdc
([13]) الجدول من إعداد وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات.
([14]) وثيقة إعلان المجلس السرياني الآشوري اعتبر البيان أن الممثل الاستشاري والسياسي لـ "المجلس العسكري" هو حزب "الاتحاد السرياني" و"مجلس سوريا الديمقراطية" على التوالي، وذلك ضمن الهيكلية التنظيمية والإدارية لـ "قوات سوريا الديمقراطية".
([15]) "قسد" تشكل مجلساً عسكرياً لمنطقة القامشلي بالحسكة، المصدر: يوتيوب وكالة سمارت، التاريخ: 20/06/2019، الرابط: https://bit.ly/2lBUjwQ
([16]) “قسد” تشكل المجلس العسكري في مدينة الحسكة، مصدر سابق.
([17]) بعد دير الزور.. السبهان يزور الرقة لدعم "سوريا الديمقراطية"، المصدر: الجزيرة نت، التاريخ: 21/06/2019، الرابط: https://bit.ly/2N4D2tv
([18]) نصت بنود الاتفاق على: إنشاء مركز عمليات مشتركة بين الجيش التركي والأمريكي؛ يتم البدء بإنشاء المنطقة الآمنة في أقرب وقت ممكن؛ المرحلة الأولى تشمل تبديد المخاوف الأمنية لتركيا شرقي الفرات؛ التنسيق لإدارة المنطقة الآمنة سيكون بين تركيا وأمريكا؛ الاتفاق على أن تكون ممرا للسلام؛ اتخذا تدابير إضافية لعودة السوريين إليها.
([19]) تفاصيل الاتفاق التركي الأمريكي حول «المنطقة الآمنة» في سوريا، المصدر: وسيلة تي في، التاريخ: 07/08/2019، الرابط: https://bit.ly/2lJ1YJv
([20])بدر ملا رشيد: "الضباب ينقشع حول مشروع أمريكا شمال شرق سورية"، المصدر: تلفزيون سوريا، التاريخ: 02/07/2019، الرابط: https://bit.ly/30yHwdN
([21]) الشرطة العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية تعتقل قائد تجمع شباب البكَّارة ياسر الدحلة -المنشق عن قوات النخبة السورية، المصدر: المرصد السوري لحقوق الإنسان، التاريخ: 01/10/2017، الرابط: https://bit.ly/2knDs0y
([22]) نزاع قبلي يهدد تماسك «مجلس دير الزور العسكري»، المصدر: جريدة الشرق الأوسط، التاريخ: 04/10/2017، الرابط: https://bit.ly/2lJ2lUp
([23]) استقالة قائد مجلس دير الزور العسكري التابع لقسد "لفشل قواته في صد داعش"، المصدر: موقع الحل، التاريخ: 08/11/2018، الرابط: https://bit.ly/2lXad4S
([24]) ديرالزور: لماذا هاجم هويدي "الضبع" آبار العزبة النفطية؟، المصدر: المدن، التاريخ: 18/12/2018، الرابط: https://bit.ly/2k0pv8m
تشهد مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الشمال السوريّ ازدياداً واضحاً في مُعدل عمليات الاغتيال، والتي تعد مؤشراً مهماً على تدهور حالة الاستقرار الأمني وتدني القدرة على ضبطها من قبل القوى المسيطرة، خاصة مع ازدياد محاولات الاغتيال ضمن تلك المناطق وتعدد مُنفذيها واختلاف أساليبها. وعادةً ما تتصف عمليات الاغتيال بالسريّة لناحية الجهة المنُفذّة؛ إلا أن غالبية العمليات ضمن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة تتبناها جهات محددة بشكل علني كغرفة عمليات "غضب الزيتون"، في اختراق أمني واضح وصريح لتلك المناطق، خاصة "درع الفرات" وعفرين. وعلى الرغم مما تشهده باقي مناطق سيطرة الفصائل المعارضة من انحسار في الرقعة الجغرافية نتيجة المعارك المستمرة مع النظام، والذي من المفترض أن يُسهّل عملية الضبط والسيطرة الأمنية؛ إلا أنها أيضاً تكاد لا تختلف أمنياً عن سابقتها من المناطق لجهة معدلات الاغتيال ومؤشرات الانفلات الأمنيّ.
وفي متابعة لملف الاغتيالات ضمن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة؛ صَمَمَتْ وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية نموذجاً خاصاً لرصد تلك العمليات وتحليل البيانات الخاصة بها ([1]) كمؤشرات للاستقرار الأمني، وإخراجها ضمن تقرير دوريّ يرصد وتيرة عمليات الاغتيال في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، موضّحاً نتائج تلك العمليات وما أسفرت عنه، مقابل الجهات المُنفذة-إن عُلِمت-وكذلك الجهات المُستهدفة، كما يسعى التقرير إلى تحليل تلك البيانات ومقاطعتها بين مختلف المناطق في محاولة لرسم الملامح العامة للوضع الأمنيّ وقياس أوليّ لمؤشرات الاستقرار.
وعليه يرصد هذا التقرير محاولات الاغتيال ضمن مناطق (درع الفرات، عفرين، إدلب وما حولها)، خلال الفترة الممتدة ما بين (شباط/فبراير وحتى تموز/يوليو 2019)، حيث بلغ عدد هذه المحاولات 234 محاولة، وتوضّح البيانات ارتفاع هذه النسبة مقارنة بالتقرير السابق الذي أصدرته وحدة المعلومات في مركز عمران خلال الفترة الممتدة من تشرين الثاني/نوفمبر 2018 وحتى كانون الثاني/يناير 2019 ([2])، والتي بلغت 91 محاولة خلال ثلاثة أشهر، بينما تشير عملية الرصد في هذا التقرير إلى وقوع 96 محاولة اغتيال في مناطق عفرين وما حولها، مقابل 86 محاولة في مناطق "درع الفرات"، بالإضافة إلى 52 محاولة في مناطق إدلب وما حولها.
توضّح عملية رصد وتحليل البيانات لعمليات الاغتيال في مناطق "درع الفرات"، أن تلك المناطق شهدت 86 محاولة اغتيال خلال 6 أشهر من الرصد، حققت 29 محاولة منها هدفها في تصفية الجهة المستهدفة، بينما فشلت 57 منها في ذلك بعد نجاة الطرف المُستهدَف، وقد كانت فصائل المعارضة المعتدلة هدفاً لتلك الاغتيالات بواقع 65 محاولة، مقابل 21 محاولة استهدفت جهات مدينة (الشكل 1).
وبحسب البيانات المرصودة، فإن أدوات تنفيذ عمليات الاغتيال في مناطق "درع الفرات" اعتمدت بالدرجة الأولى على العبوات الناسفة بواقع 89% من مجمل محاولات الاغتيال، بينما شكّلت محاولات الاغتيال المُنفّذة عبر الطلق الناري نسبة 9%، في حين استخدمت القنبلة اليدوية كأداة اغتيال بواقع 2% (الشكل 2). وتوضّح البيانات أن 69% من مجموع عمليات الاغتيال نفذتها غرفة عمليات "غضب الزيتون" في نشاط واضح لها ضمن مناطق "درع الفرات" لم يُلحظ خلال التقارير السابقة (الشكل 3).
ثانياً: عفرين (تفعيل العبوات الناسفة)
تُشير عملية الرصد الخاص بمناطق عفرين وما حولها بلوغ محاولات الاغتيال خلال 6 أشهر من الرصد 96 محاولة اغتيال، حققت 41 محاولة منها مهمتها في تصفية الجهة المُستهدفة، بينما فشلت 55 منها في ذلك بعد نجاة الطرف المُستهدَف، وقد كانت جهات مدنية هدفاً لتلك الاغتيالات بواقع 71 محاولة، مقابل 25 محاولة استهدفت الفصائل المعتدلة (الشكل 4).
وتشير عملية تحليل البيانات أن العبوات الناسفة مثّلت أكثر الأدوات المستخدمة في تلك العمليات، حيث اعتمدت 82 محاولة اغتيال على العبوة الناسفة كأداة تنفيذ، بينما نُفذت 11 محاولة عبر الطلق الناري، في حين نُفذت 3 محاولات عن طريق القنبلة اليدوية (انظر الشكل 5). كما توضح البيانات أن 89 من مجموع المحاولات نفذته وتبنته غرفة عمليات "غضب الزيتون"، بينما بقيت 7 محاولات مجهولة الُمنفذ (الشكل 6).
تؤكد البيانات المرصودة على أن محاولات الاغتيالات في محافظة إدلب وما حولها بلغت 52 محاولة خلال 6 أشهر من الرصد، حققت 29 محاولة منها مهمتها في تصفية الجهة المُستهدفة، بينما فشلت 23 منها في ذلك بعد نجاة الطرف المُستهدَف، وفي مقارنة نتائج التقرير الحالي حول إدلب بالتقرير السابق؛ يُلحظ تحسن أمنيّ لناحية انخفاض وتيرة الاغتيالات، والتي بلغت نتائجها في التقرير السابق 60 محاولة اغتيال خلال 3 أشهر فقط ([3]).
ومن مُجمل محاولات الاغتيال الـ 52؛ استُهدفت الفصائل الجهادية بواقع 23 محاولة، بينما كانت الفصائل المعتدلة هدفاً في 12 محاولة، في حين تم استهداف جهات مدنية بواقع 17 محاولة (الشكل 7). وفي المقارنة مع التقرير السابق يبدو لافتاً ازدياد وتيرة استهداف الفصائل المعتدلة عبر عمليات الاغتيال، حيث وضّح التقرير السابق أن تلك الفصائل تعرضت إلى محاولة اغتيال وحيدة خلال 3 أشهر من الرصد، في حين ارتفع عدد المحاولات إلى 12 خلال الأشهر الستة التي رصدها التقرير الحالي. وبالنسبة لأدوات التنفيذ، اعتمدت عمليات الاغتيال المنفذة في محافظة إدلب على العبوات الناسفة في 32 محاولة اغتيال من مجمل المحاولات الـ 52 المرصودة، بينما نُفِذت 20 محاولة عبر الطلق الناري (الشكل 8)، أما بالنسبة للجهة التي تقف وراء عمليات الاغتيال تلك فقد بقيت في غالبها مجهولة حتى لحظة إعداد هذا التقرير، إلا في 3 محاولات منها اتَهَمَت خلالها جهات محليّة عناصر هيئة "تحرير الشام" بالضلوع في تنفيذها. (الشكل 9).
وفي الحصيلة النهائية لمحاولات الاغتيال التي بلغت بمجملها في مختلف مناطق سيطرة الفصائل المعارضة 234 محاولة خلال فترة 6 أشهر من الرصد، فتشير عملية تحليل البيانات إلى فشل 58% من المحاولات في تصفية الجهة المستهدفة، بينما نجحت في 42% بهدفها.
أما بالنسبة لتوزع كثافة الاغتيالات بحسب مناطق السيطرة العسكرية التي وقعت ضمنها: فتبيّن البيانات المرصودة أن 183 محاولة اغتيال وقعت ضمن مناطق سيطرة "الجيش الوطني" من مجمل محاولات الاغتيال الـ 234، بينما وقعت 41 محاولة اغتيال ضمن مناطق نفوذ هيئة "تحرير الشام"، فيما وقعت 10محاولات اغتيال ضمن مناطق سيطرة فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" (الشكل 10).
ومن خلال تلك الأرقام يتضح أن المناطق التي تقع تحت سيطرة "الجيش الوطني" هي الأكثر تردي أمني لناحية ارتفاع وتيرة الاغتيالات واتساع حجم الخرق الأمني وتعدد الجهات المنفذة واختلاف مصالحها وارتباطاتها، مقابل تراجع قدرة القوى المسيطرة على ضبط الاستقرار وتضييق حجم هذا الخرق. ولعل ارتفاع عدد العمليات إلى هذا الحد لا يعد مؤشراً على عدم قدرة التشكيلات الأمنية لـ"الجيش الوطني" على ضبط الأمن والاستقرار بالنسبة للمدنيين فحسب، وإنما ضعف قدرتها أيضاً على تأمين أنفسها وعناصرها، وهذا ما تدلل عليه طبيعة تلك العمليات التي يختلط فيها الفردي والعشوائي مع المُنظّم، وتتراوح دوافعها من الاغتيال بهدف السلب والسرقة وأهداف فردية إلى الاغتيالات بدوافع سياسية وأمنية محددة، خاصة مع وجود بقايا لخلايا PYD والتي تعتبر المنطقة امتداداً للنفوذ التركي وترى المقاتلين المحليين وبعض العوائل المهجرة بذات الإطار، وبالتالي تكثف من عملياتها وتشرعنها تحت هذا الغطاء دون التمييز بين مدني وعسكري. ومهما اختلفت الدوافع والجهات التي تقف وراء تلك العمليات؛ فإن الحد منها وتحمُّل مسؤولية نتائجها يقع في النهاية على عاتق القوى والتشكيلات العسكرية والأمنية المسيطرة في تلك المنطقة.
واحتلت مناطق نفوذ هيئة "تحرير الشام" المرتبة الثانية لناحية عدد الاغتيالات المُنفذة خلال فترة الرصد، وبقدر ما يوحي انخفاض وتيرة الاغتيالات بالقدرة الأمنية للهيئة على ضبط الأوضاع؛ إلا أنه يعتبر مؤشراً خطيراً لناحية نوعية الاغتيالات في تلك المناطق وليس كميتها، إذا أن أغلب عمليات الاغتيال في مناطق نفوذ هيئة "تحرير الشام" تعد عمليات دقيقة سواء على مستوى استهداف قيادات هيئة تحرير الشام، أو على مستوى الشخصيات المدنية، مقابل ضلوع أطراف عدة في تلك العمليات، منها محليّة ودوليّة، غالباً ما تستهدف قيادات الهيئة، إضافة إلى الاتهامات بضلوع الهيئة ببعض تلك العمليات، لذلك فإن انخفاض وتيرة الاغتيالات في مناطق الهيئة مقارنة بسابقتها لا يعني القدرة على ضبط الوضع أمنياً بقدر ما يشير إلى اختلاف طبيعة تلك العمليات ونوعيتها.
وبحسب البيانات، كانت مناطق نفوذ فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" في المرتبة الأخيرة لناحية انخفاض وتيرة عمليات الاغتيال، والتي اقتصرت على 10 عمليات خلال ستة أشهر من الرصد، ويشير هذا العدد إلى تحسن أمني واضح ضمن مناطق سيطرة الجبهة بالمقارنة مع سابقاتها من المناطق، ولكن بنفس الوقت فإن أغلب تلك العمليات استهدفت قيادات عسكرية في الجبهة، الأمر الذي يعطي مؤشراً على تراجع القدرة على تأمين البيت الداخلي للجبهة، خاصة وسط تعدد الأطراف المحليّة واختلاف مصالحها وأيديولوجياتها وارتباطاتها وما يفرضه ذلك من خلافات بين القوى المسيطرة.
وبقدر ما يحمله هذا التقرير من أرقام وبيانات تفصيلية عن عمليات الاغتيال، إلا أن قراءته العامة تفيد بالمزيد من ضعف الحالة الأمنية في جميع مناطق الفصائل المعارضة وفشل القوى الفاعلة وتعثرها في الحد من هذه العمليات التي تساهم في تراجع مؤشرات الأمن والاستقرار على مختلف المستويات. وعلى الرغم من محاولات بعض الفصائل والتشكيلات المعارضة تطوير أدواتها وضبط الأمن من خلال أجهزة الشرطة والشرطة العسكرية وازدياد المنتسبين لتلك الأجهزة؛ إلا أنها لا تزال غير قادرة على الحد من تلك العمليات ولا تملك القدرة للوصول إلى منفذيها. الأمر الذي يستدعي إعادة هيكلة تلك الأجهزة ورفع مستوى التدريب الخاص بعناصرها ورفدهم بكافة التجهيزات اللوجستية والتقنية التي تساعد في الحد من تلك العمليات، بشكل يساهم في تأمين بيئة أمنية مناسبة لنشاط المؤسسات المدنية، والدفع بإشراك المجتمع المحلي والتنسيق مع فعالياته ومؤسساته في هذا الإطار وتجسير أي هوة بين تشكيلات قوى الأمن الداخلي والمجتمعات المحلية العاملة ضمنها، بشكل يسهل مهمتها ويعزز من حالة الأمن ويرفع المسؤولية بأهميتها للجميع.
ولا يُعد تردي الأوضاع الأمنية محلياً ضمن مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، أمراً منفصلاً عن السياق العام للملف السوري وتعقيداته التي ترمي بظلالها محلياً على مختلف المناطق السورية بغض النظر عن القوى المسيطرة، إذ أن حالة الفوضى التي تجلت بصورة الاغتيالات في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، تتكرر بصور وأدوات وكثافة مختلفة ضمن مناطق سيطرة نظام الأسد، وكذلك مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، على الرغم من المركزية الأمنية التي تحكم تلك المناطق، والمفتقدة في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة.
([1]) فيما يتعلق بمصادر التقرير فهي على الشكل التالي: 1) نقاط الرصد الخاصة لوحدة المعلومات في الشمال السوري. 2) التقرير الأمني الخاص الصادر عن مكاتب منظمة "إحسان الإغاثية" في الشمالي السوري. 2) المُعرّفات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي للجهات التي تم استهدافها (الجبهة الوطنية، هيئة تحرير الشام، حراس الدين وغيرها). 3) المُعرّفات والمواقع الرسمية للوكالات ووسائل الإعلام المحليّة التي تقوم بتغطية الأحداث في محافظة إدلب.
([2]) "الاغتيالات في مناطق المعارضة خلال الفترة الممتدة من تشرين الثاني 2018 حتى كانون الثاني 2019"، تقرير خاص صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، بتاريخ 12 أذار/مارس 2019، متوافر على الرابط التالي: http://bit.ly/2m4yLZN
([4])محاولات الاغتيال في مناطق المعارضة خلال الفترة الممتدة من تموز حتى تشرين الأول 2018 "؛ تقرير خاص صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، متوافر على الرابط التالي: https://bit.ly/2SIRWb1
تصدرت ملفات الحكومة الإلكترونية، الواقع الخدمي في عدد من المحافظات، المشروع الوطني للإصلاح الإداري برنامج عمل حكومة النظام السوري خلال شهر تموز 2019.
كشف التقرير السنوي الصادر عن الهيئة الوطنية لخدمات الشبكة لعام 2018 عن عدد الجهات الحكومية التي أصبحت منضوية تحت الشبكة الحكومية الآمنة والبالغ عددها 55 جهة، حيث تم إطلاق العديد من الخدمات بين الجهات العامة كخدمة البريد الحكومي، وأتمته مراسلات التزود بالوقود للآليات الحكومية ومشاركة الملفات والمجلدات، الاتصال الفيديوي، التراسل البيني بين الجهات العامة كما تم توقيع اتفاق مع الجهات المعنية لإطلاق مشروع تجريبي للبطاقة الذكية متعددة الاستخدامات، وإعطاء أمر المباشرة لمشروع تصميم وتوريد وتركيب وتشغيل منظومة التوقيع الإلكتروني.
بالانتقال إل الواقع الخدمي والتنموي في محافظات حلب وطرطوس وحماة والرقة، خصص مجلس الوزراء حيزاً واسعاً من جلسته لمتابعة الواقعين الخدمي والتنموي في محافظة حلب، وقد استعرض وزير الموارد المائية رئيس اللجنة الوزارية المكلفة متابعة تنفيذ المشاريع الحكومية في حلب أبرز المشاريع الخدمية التي نفذت في المحافظة منذ 2016 وأبرزها: إنجاز 1216 مشروعاً، ترحيل 3.3 ملايين متر مكعب أنقاض، عودة 15711 منشأة حرفية وصناعية للعمل، تنفيذ خط كهربائي من حماة إلى حلب استطاعة 400 ك ف أ، إنجاز حوالي 136 مشروع في مجال تأهيل الأبنية المدرسية والطرق والصرف الصحي والنفايات الصلبة والحاويات وضخ المياه، وضع 76 مخبزاً عاماً وخاصاً بالعمل وتفعيل 48 محطة وقود في المدينة وريفها، صيانة وتجهيز وافتتاح 130 مدرسة في عدد الأحياء الشرقية من حلب المدينة و340 في ريفها، تأهيل 31 دائرة زراعية وشعبة ووحدة إرشادية بريف المحافظة.
أما في محافظة طرطوس، قام وزيرا الإدارة المحلية والبيئة والموارد المائية بجولة تفقدية لمحافظة طرطوس، حيث تفقدا عدداً من المشاريع الخدمية وقاما بافتتاح أخرى، وقد أكد وزير الإدارة المحلية والبيئة على وجوب ممارسة الوحدات الإدارية صلاحياتها وتحمل مسؤولياتها، وعدم حصر مهامها في الجانب الخدمي وإنما تحمل مسؤولياتها التنموية من خلال استغلال مواردها وأملاكها وخلق فرص عمل للمواطنين وتحقيق تنمية مستدامة.
وفي محافظة حماة، تفقد وزيرا الإدارة المحلية والبيئة ووزير الموارد المائية المهندس المنطقة الصناعية في السلمية، كما تفقدا وحدة معالجة مياه الشرب بنهر البارد ولوحدة معالجه مياه الشرب بطاحون الحلاوه بمنطقة الغاب في حماه كما اطلعوا على سير العمل في توسع المنطقة الصناعية بحماه ومراحل تنفيذها، كما تفقدوا سير العمل بإعادة تأهيل طريق السلمية باتجاه حماه ومراحل تنفيذه ونسب إنجازه.
قرر مجلس الوزراء إعادة الدوائر الحكومية وتأمين عودة الموظفين إلى مناطق ريف محافظة الرقة، وتم تكليف وزارة الإدارة المحلية والبيئة التنسيق مع الجهات المعنية لمتابعة استكمال الخدمات الأساسية فيها والبدء بخطة تنموية تركز على الاستثمار الأمثل للمقومات الزراعية في هذه المناطق.
ناقشت وزارة الإدارة المحلية والبيئة مع وزارة التنمية الإدارية مراحل العمل في المشروع الوطني للإصلاح الإداري في وزارة الإدارة المحلية والبيئة، حيث تم اختيار وزارة الإدارة المحلية والبيئة إلى جانب المالية والأشغال العامة والإسكان لتطبيق " المشروع التنفيذي للإصلاح الإداري"، وقد أشار وزير الإدارة المحلية والبيئة إلى التقدم الحاصل في إنجاز مشروع الإصلاح الإداري في الإدارة المركزية للوزارة، على أن يتم لاحقاً تطبيقه في الأمانات العامة للمحافظات والوحدات الإدارية والجهات التابعة والمرتبطة بالوزارة.
أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 10 القاضي بنقل أربع مديريات من ملاك وزارة الإدارة المحلية إلى ملاك وزارة الأشغال العامة والإسكان بكافة كوادرها وهي؛ مديرية التخطيط العمراني ومديرية تنفيذ التخطيط ومديرية الطبوغرافيا ومديرية التنمية العمرانية، وجاء المرسوم بعد نحو ستة أشهر من إصدار رئاسة مجلس الوزراء قراراً يقضي بنقل المديريات الأربع المذكورة من وزارة الأشغال العامة والإسكان إلى وزارة الإدارة المحلية.
في سياق دعم الحكومة لوزارة الإدارة المحلية والبيئة، خصص مجلس الوزراء 5 مليارات ل.س لدعم الوزارة بالآليات والضواغط اللازمة لتحسين واقع النظافة في الوحدات الإدارية والمدن والبلدات، وفي هذا السياق وزعت الشركة العامة لتصنيع وتوزيع الآليات الزراعية (الجرارات) 10 جرارات على عدد من الوحدات الإدارية، من أصل 500 جرار متعاقد عليه بين وزارة الإدارة المحلية والبيئة ووزارة الصناعة، علماً أن الشركة الهندية "مهيندرا" قد تعاقدت مع الشركة العامة للجرارات لتوريد مكوان 2000 جرار.
يتطرق هذا القسم إلى أبرز أخبار قطاعات الاقتصاد السوري، وفق منهجية تقوم على رصد القطاعات الأساسية، واستخلاص المؤشرات النوعية.
صادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على تأسيس 51 شركة خلال شهر تموز 2019، بحسب ما نشره موقع الاقتصادي، يذكر منها المرفق في الجدول، هذا وقد بلغ عدد الرخص الممنوحة للشركات منذ بداية 2019 ولغاية شهر تموز 297 شركة في مجالات متعددة.
اسم الشركة |
رأسمال |
المجال |
المساهمون |
مكون أجنبي |
شركة ايماتل بلس |
25 مليون |
تجارة الإلكترونيات وأجهزة المحمول |
خضر علي طاهر، محمد منير فحلو |
--- |
شركة العلي والحمزة |
25 مليون |
استيراد وتصدير وتجارة عامة |
خضر علي طاهر |
----- |
شركة الإنماء والبناء |
5 مليون |
أعمال التشييد وتجارة مواد البناء |
شركة بوتريم ستروي روسيا_ شركة الإنماء والبناء للتجارة والمقاولات |
روسي |
شركة نيثوم ستروي غروب |
40 مليون |
أعمال التشييد والمقاولات |
رودولف ربين، ربيع هاني الموسوي |
هولندي، لبناني |
شركة ساي جلوري التجارية |
5 مليون |
تجارة الأقمشة والنسيج والأحذية |
ساوي هوايجان، محمد إسماعيل العبد الله |
صيني |
شركة بيغ فاين بيكري |
5 مليون |
استيراد وتصدير وتجارة عامة ومقاولات |
فادي جورج حمصي، محمود محمد نذير المهنا، فاين بيكري ميدل ايست |
إماراتي |
شركة سفر |
5 مليون |
استيراد وتصدير وتجارة عامة ومقاولات |
حسين أحمد غلموش، علي عبد الله أحمد |
لبناني، عراقي |
شركة سبيد أي اتش اس للاستثمار والتجارة |
5 مليون |
استيراد وتصدير وتجارة عامة ومقاولات |
هزار أدبي الجابي، رولا عصام مراد، منير صبحي السمان، سعيد منير السمان، وسام ناصر سليم ناصر، محمد فهمي يوسفي، محمد هيثم يوسفي |
فلسطيني، أردني |
شركة الأبرار للاستثمار |
5 مليون |
استيراد وتصدير وتجارة عامة ومقاولات |
هاني سليمان أبو عويضة، جهاد سليمان أبو عويضة |
فلسطيني |
شركة لمك التجارية |
5 مليون |
استيراد وتصدير وتجارة عامة ومقاولات |
لمى أحمد بركات، فرح أحمد بركات |
---- |
شركة درة الشهباء لصناعة المنظفات |
5 مليون |
استيراد وتصدير ومواد تنظيفية وتجميلية |
لندى عبد القادر سمان، منجد طالب شكوه، محمد مصطفى كمال سرداني |
----- |
شركة فارما جيت |
5 مليون |
المستلزمات الطبية |
محمد أحمد عقيل، محمد رامي معن فنصه، لمى بيره جكلي |
----- |
شركة اسيريا الشرق القابضة |
15 مليار |
تجارة وخدمات وصناعة وزراعة |
فاديا سميح زاهد، عبد الله خالد بيازيد، هيام إبراهيم فوزي |
----- |
بعض الشركات المنشأة والمرخصة خلال شهر تموز 2019
بالمقابل أشار مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأنها قد منحت 341 رخصة خلال الخمس أشهر الماضية توزعت بين: 303 شركة محدودة المسؤولية، و24 شركة محدودة المسؤولية ذات الشخص الواحد، و14 شركة مساهمة مغفلة خاصة، إضافة إلى 8 شركات VIP توزعت بين بين محدودة المسؤولية والمساهمة المغفلة الخاصة، وقد ساهم ذلك في زيادة إيرادات مديرية الشركات من 417 مليون ل.س خلال الفترة نفسها من 2018 لتصل إلى 537 مليون ل.س خلال الفترة نفسها من 2018.
نظم خلال شهر تموز عدد من المعارض الدولية والمحلية:
فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية بين روسيا والنظام السوري، بحث وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عاطف نداف مع وفد من حزب روسيا الموحدة برئاسة ديمتري بوريا سبل تعزيز وتطوير علاقات التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين، حيث تركز النقاش على ضرورة إقامة مشاريع مشتركة وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي.
بالانتقال إلى العلاقات الاقتصادية بين إيران والنظام السوري، أعلن عضو مجلس إدارة غرفة التجارة الإيرانية كيوان كاشفي عزم الغرفة إرسال فريق اقتصادي إلى سورية لدراسة حاجاتها الأساسية في مجال البنى التحتية كإعادة تأهيل السدود المتضررة. وفي سياق الزيارات المتبادلة، التقى المدير العام للمؤسسة العامة للمناطق الحرة إياد كوسا مع وفد من المستثمرين الإيرانيين وبحضور اللجنة العليا للمستثمرين في المناطق الحرة، حيث تركز النقاش حول الفرص الاستثمارية في المناطق الحرة السورية، وتم الاتفاق مع الجانب الإيراني على تقديم التسهيلات اللازمة لاستقطاب الاستثمارات الايرانية بما يحقق مصالح الطرفين ويسهم في رفع حجم التبادل التجاري عبر المناطق الحرة بين البلدين.
هذا وقد كشف أمين سر الغرف التجارية السورية الإيرانية بدمشق مصان نحاس عن قرب توقيع ثلاث اتفاقيات في بين سورية وإيران لإنشاء معمل حليب أطفال ومعمل أدوية لأمراض السرطان، وآخر للسيارات، وفي نفس السياق قال رجل الأعمال السوري هشام الطباع إلى أنه سبق للوفد السوري الذي زار إيران سابقاً اقتراح إقامة معمل لرب البندورة في درعا والتكفل بتشييد البنية التحتية، كما أشار إلى عروض إيرانية لإنشاء وتشييد أبراج في ماروتا سيتي.
تتوضح تدريجياً حجم الخلافات بين رجال الأعمال وحكومة النظام على إثر توجه الأخيرة للاتكاء المتزايد على رجال الأعمال فيما يتعلق بزيادة إيراداتها المالية، وتعزيز مداخيلها من القطع الأجنبي، وتأمين احتياجاتها من المواد والسلع الأساسية عن طريقهم تجاوزاً للعقوبات المفروضة عليها، )[1]( وقد ظهر الخلاف جلياً في الأشهر الماضية على خلفية إصدار وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية قراراً بإعادة قطع التصدير الى مصرف سورية المركزي لتكون إدارة هذا القطع تحت رعايته، ورفض جزء معتبر من رجال الأعمال المستوردين لهذا القرار ومطالباتهم بإلغائه،([2]) ليعقبه قرار آخر أصدرته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك يقضي بإلزام مستوردي القطاع الخاص للمواد الممولة من المصارف العاملة، تسليم 15% من المواد التي يستوردونها بسعر التكلفة لمؤسسات القطاع العام، علماً أن التوجه الحكومي كان برفع النسبة إلى 25%، إلا أن ضغط رجال الأعمال وتمليحهم إلى الإحجام عن الاستيراد في حال إقرار نسبة 25%، قد دفع حكومة النظام إلى الإبقاء على نسبة 15%، والتي أيضاً يراها رجال الأعمال تجربة فاشلة وألحقت أضرار بالتجار المستوردين.([3])
أصدر بشار الأسد القانون رقم 19 القاضي بإلغاء اتحاد المصدرين الصادر في القانون رقم 27 لعام 2009، وأشار مصدر مطلع إلى أن قرار الإلغاء جاء نتيجة تقاطع ضغوط مارسها محمد حمشو ضد سواح مع اعتبارات حكومية، حيث رفض محمد سواح قرار إلزام المصدرين إعادة القطع الأجنبي للتصدير للمصرف المركزي الذي كان يؤيده حمشو دعماً للنظام، لما سيشكله تطبيق هذا القرار من تهديد لمصالح التجار المصدرين الذي يمثلهم، فضلاً عن تحول الخلاف بين حمشو والسواح إلى مسألة شخصية، ورغبة حمشو في تحجيم سواح عبر إلغاء الاتحاد الذي يترأسه، وأشار المصدر بأن استقالة سواح في شهر أيار من رئاسة الاتحاد قبيل إعادة الانتخابات المقررة لرئاسة الاتحاد، كانت إقراراً منه بأن معركته خاسرة في مواجهة حمشو، وبأنه لا يريد منح الأخير نصراً معنوياً يتمثل بصدور قرار حل الاتحاد وهو ما يزال على رأس إدارته.
بجانب آخر، دخل محمد سواح في سجال مع مسؤولي حكومة النظام وعدد آخر من أعضاء غرف التجارة والصناعة على خلفية التناقض بأرقام الصادرات وقيمتها المالية، حيث قدر سواح قيمة الصادرات في 2017 بما يتجاوز 7 مليارات دولار أمريكي، بينما قدرتها حكومة النظام بــ 700 مليون دولار،([4]) وما يرتبط بذلك من خلاف حول قيمة الدولار المدعوم للتصدير الذي تحصل عليه التجار المصدرين واستفادوا منه عبر بيعه في السوق السوداء، في حين فسر سمير الطويل الصحفي المتخصص بالشؤون الاقتصادية قرار الإلغاء بأسباب متعددة أبرزها؛ انتفاء الفائدة المرجوة من اتحاد المصدرين في ظل تناقص أعداد المصدرين وزيادة أعداد المستوردين، فشل اتحاد المصدرين بإدارته في استهداف أسواق جديدة، رغبة حكومة النظام في تقليل النفقات والحد من دعمها للصادرات.([5])
وجدت دعوة رئيس غرفة تجارة ريف دمشق وسيم قطان بخصوص إفساح المجال أمام القطاع الخاص لاستثمار مصانع ومنشآت تابعة للقطاع العام،([6]) صدى إيجابي داخل أوساط رجال الأعمال وحكومة النظام على حد سواء، حيث بدأت غرف التجارة بعقد ندوات للتعريف بمفهوم التشاركية بين القطاعين العام والخاص، في ظل مطالب من منتسبيها بإعادة النظر بالقانون الناظم للتشاركية وكذلك قوانين الاستثمار والشركات، كذلك أشادت حكومة النظام خلال لقائها من اتحادات غرف التجارة على دعوة وسيم قطان، منوهة بدور القطاع الخاص في تطوير القطاع العام وفي عمليتي إعادة الإعمار والتنمية.([7])
يضغط رجال أعمال الحرب الصاعدين وممثلهم وسيم قطان بتحالفاتهم مع مسؤولي السلطة لإنجاز الإطار القانوني والإداري الملائم لدمج رأسمالهم المتحقق عن أنشطة اقتصاد الحرب والعنف في الاقتصاد الرسمي، وهو ما يمكن لحظه بالدعوة المتنامية من قبل رجال أعمال ومسؤولين حكوميين، إلى إجراء تعديلات في قوانين التشاركية وتأسيس الشركات والاستثمار لكي تواكب التطورات الجديدة، ولم يكن ما سبق ليتم لولا قبول النظام ودفعه إلى إنجاز هذه التسوية التي تضمن لرجال أعمال الحرب شرعنة أموالهم عبر دمجها بالاقتصاد الرسمي دونما اللجوء لتهريبها للخارج، من خلال حيازة واستثمار أصول عامة تشمل أملاك الدولة ومؤسسات قطاعها العام، في حين تعود الفائدة الاقتصادية على النظام من خلال زيادة إيراداته المالية الناجمة عن استثمار الأصول العامة للدولة، كما يتيح له ما سبق إمكانية التحكم برجال الأعمال والضغط عليهم من خلال احتفاظه بسلطة منح الحق ومصادرته.
كان لافتاً تكليف حكومة النظام كلاً من وزيري العدل والمالية بالتنسيق مع هيئة تخطيط والحاكم متابعة الاجراءات القانونية والقضائية حيال الديون الخارجية المستحقة على الدولة السورية، بما يضمن حقوق ومؤسسات الدولة والدفاع عنها أمام المحاكم الدولية، ويأتي ذلك ربما في سياق حلول موعد استحقاق بعض الديون الخارجية، وتعثر الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه المدينين، فضلاً عن رغبة النظام بإعادة جدولة الديون وفق مقاربة قانونية، بما يمكنه من طلب المزيد من القروض من الدول التي يعتبرها صديقة له.
وجدت طهران نفسها مضطرة إلى تكثيف أنشطتها الاقتصادية والتجارية في سورية رداً على الانخراط الاقتصادي الروسي المتزايد، حيث أشار مصدر متابع إلى طلب المسؤولين الإيرانيين من رجال الأعمال السوريين المنضويين في الغرفة السورية الإيرانية المشتركة وفي مجلس الأعمال السوري الإيراني، اقتراح مشاريع على الجانب الإيراني ليصار إلى دعمها، كذلك الطلب من رجال الأعمال هؤلاء علاقاتهم مع مسؤولي النظام الرسميين وشبكاتهم الاقتصادية لمنح الشركات الإيرانية عقوداً استثمارية داخل سورية، بالمقابل تعهدت طهران بتكثيف دعمها المالي وتوفير الحماية الأمنية لرجال الأعمال هؤلاء بما يساعدهم على تحقيق ما سبق.
([1]) Syria’s Assad puts pressure on business elite. Financial Times. Date: 25-07-2019. Link: https://bitlylink.com/PuW7c
([2]) بعد إلغاء اتحاد المصدرين في أول اجتماع لها.. لجنة تصدير «تجارة دمشق» تتعهد بكشف المصدرين الوهميين، جريدة الوطن، تاريخ 30-07-2019، رابط إلكتروني http://alwatan.sy/archives/207199
([3]) علي محمود سليمان، التجار خائفون من قرار تخصيص «السورية للتجارة» بربع المستوردات، جريدة الوطن، تاريخ 02-07-2019، رابط إلكتروني http://alwatan.sy/archives/203429
([4]) وائل الدغلي، السواح الأرقام الحكومية حول الصادرات مضللة، الاقتصادي، 04-07-2018، رابط إلكتروني https://bitlylink.com/Zr0r4
([5]) اقتصاد سوري 22 – أسباب إلغاء مجلس الشعب التابع للنظام اتحاد المصدرين السوري، حلب اليوم، تاريخ 29-06-2019، رابط إلكتروني https://halabtodaytv.net/archives/90197
([6]) وفاء جديد، التشاركية.. مشاركة في القرار كما يراها التجار … تجار يقترحون الشراكة مع «السورية للتجارة»، الوطن، تاريخ 11-07-2019، رابط إلكتروني http://alwatan.sy/archives/204797
([7]) رئيس الحكومة : وحدنا من نستطيع إنقاذ اقتصادنا من الحرب.... فلنبني الشراكة على أصولها بين العام والخاص، سيرياستيبس، تاريخ 25-07-2019، رابط إلكتروني http://www.syriasteps.com/?d=131&id=173243
قدَّم الباحث بدر ملا رشيد من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تصريحاً لعنب بلدي بتاريخ 11 أغسطس2019، حيث ربط الباحث بين الوجود الأمريكي ومصير المنطقة، واعتبر أنه في حال انسحاب القوات الأمريكية ستنحسر سيطرة “الوحدات” وسيعود النظام السوري للسيطرة على بعض المناطق في دير الزور والرقة وجزء من الطبقة.
وأضاف ملا رشيد، في حديثه إلى عنب بلدي، أن ذلك قد يؤدي إلى ظهور تنظيمات كتنظيم “الدولة الإسلامية” أو تنظيم أكثر تطرفًا، إضافة إلى عودة ظهور الفصائل المقاتلة التي قد تكون تابعة للمجالس العسكرية في الرقة أو دير الزور.
أما في حال تفعيل الاتفاق التركي- الأمريكي، فالمنطقة أمام عدة سيناريوهات، بحسب ملا رشيد، أهمها إنهاء وجود “الوحدات”، وليس بالضرورة إنهاء “قسد”، عبر تشكيل مجالس عسكرية محلية في المدن يمكن التعاون معها مستقبلًا كجزء من المنظومة الخارجة عن سيطرة النظام وروسيا.
وكانت “قسد” بدأت منذ بداية العام الحالي تشكيل مجالس عسكرية في كل من تل أبيض وكوباني والطبقة والرقة، ويتألف كل مجلس من قيادات محلية وقادة للألوية وقادة للأفواج إلى جانب مسؤولي المكاتب العسكرية بالمنطقة، ومن بين أهداف هذه المجالس توحيد جميع القوات العسكرية والأمنية تحت مظلتها.
المصدر عنب بلدي: http://bit.ly/2HfkJw8
شرق الفرات أحد حجارة الشطرنج الأخيرين على الرقعة السورية الممتلئة بقوى إقليمية ودولية تحاول كسب الجولات الاخيرة من النزال، لربما لا تكون مغالاة إذا ما قلنا إن سياسة القوة الثانية في حلف الناتو « تركيا» في الملف السوري ارتبطت بمصير المناطق المسيطر عليها من قبل الإدارة الذاتية، ولأجل إنهاء هذا المشروع وضعت تركيا نصب عينيها أن تقع في مواجهة حليفها التاريخي المتمثل بالولايات المتحدة، بينما الأخيرة حاولت مسك العصا من الوسط دوماً منذ أواخر العام 2015 تاريخ تشكيل قوات سوريا الديمقراطية التي تمثل وحدات حماية الشعب عمودها الرئيسي، الوحدات التي أعلنت التزامها فكرياً بمبادئ زعيم حزب العمال الكردستاني، الأمر الذي أبقى الكفة التركية فيما يخص مصيرها دوماً الكفة العليا في أي مساومة دخلتها تركيا سواءً مع واشنطن أو مع روسيا.
من جهتها لم تنجح القوة الناعمة لأمريكا متمثلة بالدبلوماسية والتطمينات العسكرية والأمنية لتركيا في إعطاء توازنٍ كافٍ لرغبتها في تمكين مشروع « الإدارة الذاتية» عسكرياً على المدى القصير، ولربما سياسياً في المستقبل، في خضم هذا الواقع المتشابك، ارتفعت دوماً التصريحات التركية منذ سيطرة وحدات حماية الشعب على مدينة منبج أواخر العام 2016، تهديداً بأنها لن تقبل بوجود ممر يحكمه حزبٌ وقوى عسكرية ترتبط بحزبٍ له 40 عاما من الصراع العسكري داخل وخارج تركيا، وهكذا اتجهت تركيا لتنفذ عملية درع الفرات، التي حققت أهدافها المرحلية آنذاك بمنع أي تواصل بين مناطق شرق النهر وعفرين، إلا أن ما تبقى تحت سيطرة « ي ب ك، وقسد» وامتداده لاحقاً باتجاه تحرير الرقة من تنظيم الدولة، وإتمام العملية بالسيطرة على غرب دير الزور، آخر معاقل التنظيم في سوريا، ليدفع بتركيا لتخطو خطوة أكثر قساوة، وتمثل بعملية « غصن الزيتون» التي انتهت بالسيطرة على مدينة عفرين ونواحيها، لنصل إلى تاريخ إعلان ترامب سحب قوات بلاده من سوريا، وما تبعه من تعديلات وتصريحاتٍ متضاربة انتهت بضرورة إنشاء منطقة آمنة تهدف لتحقيق ثلاثة أهدافٍ رئيسية: 1_ منع عودة ظهور تنظيم الدولة، ومحاربة خلاياه المتبقية، 2_ جعل شرق الفرات أحد الأعمدة الامريكية في مشروع حصار نظام طهران، 3_ حماية حلفاء واشنطن المحليين.
مع إعلان جملة الاهداف الأمريكية المنشودة من المنطقة الآمنة عادت حدة التصريحات التركية للواجهة، كون جملة الأهداف تلك تخالف أولويات تركيا، فتنظيم الدولة لم يعد بالقوة التي بإمكانه أن يمثل تهديداً إقليمياً، بينما لم ترغب تركيا دوماً أن تكون أحد أطراف تطبيق منظومة العقوبات على إيران، والهدف الثالث والمتمثل بحماية الشركاء المحليين لواشنطن يصب في خانة أولى الاولويات التركية من ناحية ضرورة مواجهته، خلال هذه الفترة منعت واشنطن « قسد» ومظلتها السياسية « مسد « من عقد أي اتفاقٍ مع نظام دمشق، الأمر الذي يعني سيطرة إيران على المنطقة وعودة 40% من موارد سوريا لخدمة نظام الأسد، الأمر الذي يعني ايقاف المسار السياسي بشكلٍ شبه كامل، أو على الأقل إنهائه من مسار جنيف أو ما تبقى منه.
للحليفين « واشنطن، وأنقرة» مجموعة من الأولويات المختلفة التي أدت لظهور حالة متداخلة من خرائط لحل الازمة بما يرضي الاطراف الثلاثة : تركيا، وامريكا، وقسد، لدرجة أن وصلت واشنطن لترسل أرفع مسؤول أمريكي يصل إلى شرق سوريا، متمثلاً بقائد المنطقة الوسطى في القيادة المركزية للتحالف الدولي، الجنرال كينيث ماكينزي، والذي عقد اجتماعاً مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي بالتزامن مع لقاء جمع مبعوث واشنطن إلى سوريا، جيمس جيفري، بوزير الخارجية التركي ومسؤولين في أنقرة لبحث المنطقة الآمنة، تبعتها اجتماعات أخرى أظهرت الخلاف بين الطرفين على بنودٍ عدة أهمها العمق الذي ستشمله المنطقة الآمنة، وستدخله قوات تركيا، وطبيعة هذه القوات مع ماهية دورها العسكري، وبدت تطفو على السطح مجموعة أرقام هي مطالب كل طرف: 30كم تركية، 10كم أمريكية، و5 كم قسد، وفي حين تُظهر واشنطن قبولاً لسيطرة تركية على 10 كم وهو الأمر الذي من شأنه أن يبقي المناطق خارج هذا النطاق كوحدة جغرافية تشمل منبج، والرقة ودير الزور، وهو الأمر الذي يمكن أن يجعل منها وحدة إدارية تسيطر عليها «قسد» أو ما تبقى منها، وتمنع ظهور داعش، وتعيق مواجهة بين حليفٍ محلي يمكن الاعتماد عليه، وآخر دولة ذي تاريخ طويل من العمل المشترك مع واشنطن، بينما تركيا بمطالبتها بعمقٍ يصل لمسافة 30كم فهي تحقق معظم أهدافها، وهو إنهاء سيطرة الوحدات على معظم مناطق الغالبية الكُردية، باستثناء مدينة الحسكة التي تتحول لفرعٍ مقطوع، كما إنها ستتمكن من السيطرة على الطريق الدولي الثاني M4 والممتد من القامشلي إلى تل تمر وصولاً لعين عيسى، وهو ما يعني إنهاء الاتصال اللوجستي حتى بين المناطق التي يمكن أن تبقى تحت سيطرة « قسد»، وهي هكذا تقول لواشنطن « إن كان همك، تنظيم الدولة، واستمرار حصار إيران والنظام، فما تبقى لك جنوباً يكفي لتحقيق هذه الأهداف، أما الشريك المحلي فمن المستحيل القبول به بطبيعته هذه.
هذا المشهد يسير في ظل إعادة روسيا والنظام لقرع طبول الحرب على إدلب وإعلان إنهاء الهدنة المعلنة « ببركة أستانة» والتي لم تر النور، وهو أمرٌ لو سارت فيه روسيا والنظام يعني بالدرجة الأولى إخراج تركيا من إدلب نهائياً أو بشكلٍ كبير على أدنى تقدير، وهو ما من شأنه أن يؤثر بالشروط التركية شرقي النهر أيضاً، ففي حال تعرض إدلب لهجومٍ بريٍ يفتقر لأدنى مستويات العدالة والرحمة التي عهدناها من قبل آلة الحرب الروسية والأسدية، فهو أمرٌ سيؤدي إلى ظهور حاجة تركية متزايدة للاعتماد على الأحلاف القديمة، والعودة للسير ضمن المسار الغربي، وهو ما سيفقدها إمكانية ممارسة الضغوط على التحالف فيما يخص إنهاء « التهديد الأمني « من شمال شرق سوريا، ولذا نرى أن التصريحات التركية تجاوزت مرحلة التهديدات التي تكررت منذ عملية درع الفرات ولاحقاً غصن الزيتون، وانتقلت لمرحلة أكثر جدية، وتدرك تركيا أن روسيا ستستغل عدم تفاهمها مع أمريكا، في إحداث ضغطٍ أكبر في إدلب، لذا وإن لم نشهد معارك مباشرة الآن فإننا سنشهد رفع حدة الضغوط على شريكتها في الناتو لمحاولة تحسين ظروفها غرب النهر، أو على الأقل تقليل الخسائر، وتحقيق أجزاء من هدفها المتمثل في انهاء الإدارة الذاتية، وإلى الآن يبدو أن الولايات المتحدة قامت بتقديم خيارين لأنقرة، الأول مشروع المنطقة الآمنة المشتركة والتي ستكون شاملة لكل الامتداد الحدودي، والثاني: منح أنقرة الضوء الأخضر للقيام بعملياتٍ محدودة النطاق الجغرافي، والمدة المفترض إنهاء المهمة فيها.
ويمكن أن تسير الأمور في عدة اتجاهات وفق النجاح والفشل في الوصول لصيغة توافق بين أنقرة وواشنطن، ففي حال الوصول لصيغة اتفاق، فسنمتلك بنوداً يمكن أن تشابه بنود اتفاق منبج، لكن مع جوانب تنفيذية أقوى وأسرع، كجولات تركية داخل الحدود السورية الشمالية، ولاحقاً التطور لحضور عسكري سواءً منفرداً او مع فصائل من المعارضة الموالية لتركيا في بعض النقاط، مع إمكانية تطويره ليشمل كافة المنطقة المقترحة على اختلاف عمقها بين 10 إلى 20 كم، أما في حال غياب تفاهم أمريكي تركي، فمن المتوقع استهداف مكثف لوحدات حماية الشعب على طول الحدود السورية التركية، والقيام لاحقاً بعمليات عسكرية تستهدف نقاطاً محددة أكثرها ترجيحاً في الوقت الحالي هو مقاطع من الطريق الواصل بين مدينتي الدرباسية، ورأس العين، وأخرى بين بلدة تل أبيض إلى كوباني/ عين العرب غرباً، ونقاط أخرى غرب مدينة عين العرب، مع احتمال قيام تركيا في حال نجاحها بعملية اتجاه هذه المناطق أن تبدأ ضغطاً على واشنطن للحصول إلى نفوذ عسكري في النقطة الواصلة بين حدود سوريا مع كردستان العراق، والتي تبقى بعيدة في المنظور القريب، إلا اذا اتجهت تركيا لاستخدام كافة حظوظها في التحالف الدولي.
ضمن هذا الواقع الذي يزداد تأزماً كلما ظهرت بوادر الوصول لاتفاق، تظهر « قسد ومسد « بأضعف الحالات منذ بداية تشكيل هذه القوات، فحتى الآن لم تتلق أي تطمينات أمريكية جدية، كما أنها تدرك انتهازية النظام المستعد بالتضحية بمسافة تصل لأكثر من 15كم في مقابل تمكنه من السيطرة على غرب النهر في الرقة ودير الزور ومنبج، وتمكنه من الحصول على الموارد النفطية والمائية، كما يظهر أن محاولات واشنطن في العمل وفق ثلاثة مسارات وهي «الإقليمية، والمحلية والدولية» ورغم نجاحها بشكلٍ جزئي «في الدولي عبر تأمين جنودٍ إضافيين من بريطانيا وفرنسا ودول أخرى. والمحلي عبر قبول قسد بخطة المنطقة الآمنة، وهذا ما أشار إليه قادة من قسد عبر استعدادهم لسحب وحدات حماية الشعب لأكثر من 20 كم جنوباً، بالإضافة إلى تسليم المناطق الحدودية لمجالس عسكرية محلية، واحترامٍ أكبر لحساسيات تركيا وفق ما أراد زعيم حزب العمال الكُردستاني في رسالته لمناصريه في حزب الاتحاد الديمقراطي، إلا إنه يظهر أن المسار الاقليمي الذي أنجز جزء منه مع الوصول لتوافق مع دول خليجية أهمها السعودية لتقديم الدعم المادي، لم يحقق الحدود المطلوبة منه، فالسعودية لاتزال تعاني من مأزق اليمن، كما أن مصر ليست في وارد لعب دورٍ إقليمي خصوصاً في مواجهة نظام دمشق وما يعنيه الأمر من دخولٍ فعلي في محور محاصرة إيران، ويستمر المانع الإقليمي الأهم متمثلاً في تركيا، التي ترفض اعلان الرضاء والقبول بشروطها هي، لذا لتجنيب المنطقة مآلات أي معركة لا يمكن إدراك مآلاتها ونهاياتها، تحتاج الولايات المتحدة لكسب المزيد من الوقت لتتمكن على الأقل من السير في مشروع تغيير طبيعة قوات سوريا الديمقراطية وتقليل السيطرة الفعلية لعناصر مرتبطة بحزب العمال عبر تشكيل مجالس عسكرية محلية يمكن أن تتقبل تركيا فكرة التعامل معها في المستقبل كجزءٍ من المنظومة الخارجة عن سيطرة النظام، وروسيا، الأمر الذي يمكن أن يحقق للسوريين فرصة فرض شروطهم أثناء المفاوضات الدولية بصوتٍ أقوى.
المصدر صحيفة القدس العربي: http://bit.ly/30gJsHV
في تعليقه حول تسيير الدوريات المشتركة في الشمال... ما الأهداف الحقيقية؟ صرَّح الباحث أيمن الدسوقي لراديو روزانة بتاريخ 15 أغسطس 2019، أن الدوريات المشتركة في إدلب تعتبر جزءاً من اتفاق سوتشي (أيلول/ 2019) وهي مرتبطة بنقطة آخرها تتضمنها الاتفاق متمثلة بتشكيل مركز للتنسيق المشترك بهذا الخصوص، وقد حدد الاتفاق أهداف الدوريات المشتركة في حفظ الاستقرار ووقف إطلاق النار وتسهيل حركة التنقل للأفراد وذلك الحركة التجارية على الطريقين الرئيسي المعروفين اختصاراً بــ"M5" و"M4".
وأضاف "لقد تم تسيير عدد من الدوريات من قبل روسيا وتركيا في نقاط محددة منذ نهاية عام 2018 تتواجد على محور الطريق الدولي M5، لكنها لم ترقى بعد إلى آلية مشتركة ودائمة معززة بتفاهمات دائمة يشرف عليها مركز للتنسيق المشترك وقادرة على إنجاز مهامها وفق اتفاق سوتشي، ويعود السبب في ذلك إلى طبيعة الوضع الميداني والقوى المسيطرة، ومسائل ما تزال معلقة بين ضامني آستانة، وحسابات تتجاوز المنطقة ".
واستبعد أن تُحدِث العمليات العسكرية الدائرة حالياً في ريفي حماة وإدلب تأثيراً كبيراً على انتشار نقاط المراقبة سيما نقطة المراقبة التركية في مورك والتي تتواجد خلف المنطقة منزوعة السلاح، ويُستند في هذه القراءة على تحليل سير العمليات العسكرية لقوات النظام بدعم وإسناد روسي والتي تنحصر في منطقة منزوعة السلاح "15-20 كلم" والتي لم يعتقد أنها ستتجاوزها خلال المرحلة الراهنة.
المصدر راديو روزانة: http://bit.ly/2KIANJ2
التحصيل العلمي:
حاصل على دبلوم الدراسات العليا (DESS) في القانون الدولي العام والعلاقات الدولية من جامعة بيروت العربية ، لبنان، ثم على درجة الماجستير في الدراسات الدبلوماسية من الأكاديمية الدبلوماسية بلندن، جامعة وستمنستر، المملكة المتحدة، يحضر حالياً لنيل شهادة الدكتوراه بعنوان: "توازن القوى في الشرق الأوسط: هل كانت السياسة الخارجية السورية فعّالة؟ (1990- 2011)" جامعة طنجة، المغرب.
عمل في السلك الديبلوماسي في وزارة الخارجية السورية سابقاً. تركز أوراقه ومساهماته على الصراع الجيوسياسي والتفاوض والوساطة بالإضافة إلى تطوير أدوات الحكم الرشيد القانونية والمؤسسية. لديه ست سنوات من الخبرة في الدبلوماسية الثنائية وكذلك الدبلوماسية متعددة الأطراف، بما في ذلك عامين في مكتب نائب وزير الخارجية السوري
مؤلفات ومنشورات