أنهى مركز عمران للدراسات الاستراتيجية برنامجه التدريبي المخصص لعدد من طلاب جامعة ماردين أرتقلو حول؛ منهجية البحث العلمي وأدواته، الذي أقيم في الجامعة بمدينة ماردين جنوب تركيا.
وشمل البرنامج عدة محاضرات امتدت لثلاثة أشهر بواقع 32 ساعة تدريبة، قدمها مدير البحوث العلمية في مركز عمران الأستاذ معن طلَّاع.
اختتم البرنامج بتوزيع الشهادات على المشاركين في البرنامج التدريبي، وبحضور مستشار رئيس الجامعة للعلاقات الدولية الدكتور مصطفى قداد، وعدد من أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة.
ومن المقرر أن يطلق مركز عمران برامج تدريبية أخرى وورشات عمل في النصف الثاني من العام الحالي.
ويجدر بالذكر أن هذا البرنامج التدريبي جاء ضمن خطوات تنفيذ بروتوكول التعاون بين مركز عمران وجامعة ماردين أرتقلو الموقع بين الجانبين في شهر أكتوبر عام 2023، بهدف تعزيز دورهما في البناء العلمي والمعرفي وترشيد السياسات ورسم الاستراتيجيات في المنطقة.
اختتم مركز عمران للدراسات الاستراتيجية برنامجه التدريبي البحثي الرابع، الذي أقامه في مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، بهدف تزويد الباحثين الشباب والمهتمين بالشأن السوري من طلبة وعاملين في منظمات المجتمع المدني، بمعرفة أساسية نظرية وتطبيقية حول منهجيات ومهارات البحث العلمي وأدواته وتطبيقاته.
حضر حفل تخريج الطلاب والطالبات كلاً من؛ المدير التنفيذي لمركز "عمران" د. عمار قحف، ومدير البحوث د. معن طلاع والباحث الأول في مركز عمران أ. أيمن الدسوقي.
استهدف التدريب في مرحلة التدريب النظري 16 طالباً وطالبة بمعدل 50 ساعة تدريبية، انتقل منهم 7 طلاب/ات لمرحلة التدريب العملي، تلقوا فيها 140 ساعة تدريبية على كيفية إعداد وتنفيذ بحث ميداني.
يندرج هذا التدريب ضمن سلسلة تدريبات ينفذها مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، لبناء قدرات الشباب السوري في مجال البحث العلمي معرفة وتطبيقاً، واستثمار ذلك في حياتهم العملية والأكاديمية.
يُذكر أن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ومقره تركيا - مدينة إسطنبول، هو مؤسسة بحثية مستقلة ذات دور رائد في البناء العلمي والمعرفي لسوريا والمنطقة دولةً ومجتمعاً وإنساناً، ترقى لتكون مرجعاً لترشيد السياسات ورسم الاستراتيجيات.
شارك وفد من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ضمن فعاليات افتتاح مؤتمر الاستثمار الأول في الشمال السوري. الذي عقد بتاريخ 17 كانون الثاني 2024، تحت شعار"الاستثمار.. استقرار.. تنمية وازدهار"، وذلك في مدينة الراعي في الشمال السوري.
هدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على بيئة الاستثمار في الشمال السوري والفرص والإمكانيات المتاحة في ظل الأوضاع الراهنة، كما تضمن معرض لمجموعة متنوعة من الشركات السورية الزراعية والصناعية والتجارية.
حضر الافتتاح مجموعة من المعنيين في الحكومة السورية المؤقتة، وغرف الصناعة والتجارة وجامعة حلب ونقابة الاقتصاديين، ومنظمات المجتمع المدني السورية ومستثمرين سوريين مهتمين بالاستثمار في الشمال السوري.
شارك مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بندوة حوارية مفتوحة نظمها مقهى الدومري الثقافي في الشمال السوري، تحت عنوان "التطورات الأمنية في المنطقة وتداعياتها على المشهد السوري".
وأقيمت الندوة الحوارية في مقهى الدومري الثقافي في مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، بتاريخ 17/01/2024، وحضرها ناشطون من المجتمع المدني في مدينة إعزاز وريفها.
وتحدث خلالها المدير التنفيذي لمركز عمران د. عمار قحف، عن الوضع الإقليمي والتغيرات الكبيرة التي تشهدها المنطقة بعد طوفان الأقصى، والمواقف العربية تجاه القضية السورية، وأنظمة الحوكمة في المناطق السورية، وماهي الأدوات والآليات للاستفادة من هذه التغيرات لصالح المشهد السوري، وكيفية دعم العلاقة الإيجابية بين الكيانات والمؤسسات في المناطق المحررة.
تبعه حوار مع ضيوف الندوة حول كيفية تكون الأجسام والمؤسسات في المناطق المحررة، لتكون قادرة على تقديم خدمة نوعية للمجتمع، وأهمية وجود أشخاص وطنيين لإدارة تلك المؤسسات ودعمهم للقيام بعملهم على أكمل وجه.
أبرم مركز عمران للدراسات الاستراتيجية اتفاقية تعاون مع غرفة التجارة والصناعة في عفرين، لدفع عجلة التقدم الاقتصادي في منطقة عفرين، والمساهمة في تحفيز الاستثمار ودعم روح المبادرة والابتكار.
تهدف هذه الاتفاقية الموقعة بين الجانبين بتاريخ 16/01/2024، إلى فتح آفاق جديدة للتعاون المشترك في مجالات متعددة كتبادل البيانات والخبرات والمعرفة، ودعم المشاريع البحثية، وإقامة ورش عمل وندوات لتطوير المهارات المهنية.
ويأتي هذا الاتفاق ثمرة للقاءات مكثفة ومناقشات سابقة ركزت على التمكين الاقتصادي وتطويره في المنطقة.
تُعد إشكالية الكابتاغون إحدى أكثر المعضلات الأمنية الحرجة للأردن، نظراً للمحاولات المتزايدة لتهريب المخدرات والأسلحة عبر حدوده التي أصبحت تهديداً للأمن الوطني الأردني وفق ورقة التقدير الرسمية، بالإضافة إلى عدم نجاعة الآليات الحالية في ردع الجهات المتورطة في الكابتاغون، وخصوصاً الميليشيات المدعومة من إيران والنظام السوري. رغم اتفاق خفض التصعيد في عام 2017 الذي كان من المفترض أن يؤمِّن -بضمانة روسية- إبعاد الميليشيات المدعومة من إيران 40 كم عن الحدود الأردنية، إلا أن روسيا لم تفِ بكامل تعهداتها. كما فشلت التسويات التي رعتها روسيا في عامي 2018 و2021 في تقديم بيئة توفر الأمن من خلال عملية نزع السلاح وإعادة الإدماج لمجموعات المعارضة المسلحة في درعا جنوب سورية.
لعبت الديناميات الأمنية للتسويات دوراً محورياً في خلق بيئة تُسهل تجارة الكبتاغون، أهمها غياب الفاعل الأمني المهيمن في ظل تعدد الفواعل من روسيا وإيران والنظام، بالإضافة إلى المجموعات السابقة من المعارضة التي خضعت لعملية تحول في دوافعها (سياسية أو اقتصادية) وأهداف استخدام القوة (صفرية أو متغيرة). فقد تخلَّت العديد من المجموعات المسلحة التي سبق وحاربت بشدة ضد النظام السوري عن طموحاتها السياسية لصالح مكاسب أخرى، وتورَّط العديد منها في تهريب الكابتاغون نتيجةً للتسويات غير الناجحة.
يُقدِّم هذا المقال رؤية للمشهد الأمني، وخصوصاً الترابط بين الحالة الأمنية والكابتاغون، كأحد ديناميات اقتصاد الحرب في درعا، كما يقدم عدة سيناريوهات سياساتيّة بديلة.
الوضع الراهن لمشهد التسويات
أسفرت تسويات عامي 2018 و2021 بين النظام السوري وفصائل المعارضة التي فرضت من قبل روسيا بشكل رئيسي عن عودة تدريجية لأجهزة النظام الأمنية إلى المحافظة، ودمج العديد من مقاتلي المعارضة في هذه الأجهزة، دون تحقيق تقدم ملموس فيما يتعلق بالمعتقلين أو الأشخاص المختفين قسريًا في سجون النظام. منذ التسوية الأولى، تميزت درعا بحالة أمنية هشة وتفشي استخدام العنف، المدفوع إلى حد كبير بأسباب سياسية، ضد مختلف الأفراد المدنيين والمسلحين، سواء كانوا مرتبطين بالمعارضة أو النظام.
شكَّلت الاغتيالات والاعتقالات التي تستهدف عشرات الأفراد شهرياً أدوات النظام للقضاء على خصومه، حيث اعتمد بشكل كبير على فرع المخابرات العسكرية في درعا/السويداء، بقيادة “لؤي العلي“، العميد الذي فُرضت عليه عقوبات من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا، وتم ترقيته إلى منصبه الحالي قبل التسوية في عام 2018 بعد أن شغل منصب رئيس قسم المخابرات العسكرية/درعا بين عامي 2011 و2018، والذي سيكون له دور في إدارة شبكات مسلحة غير رسمية.
لهذا، اعتمد النظام على استخدام متغير للقوة لتعزيز سيطرته الجغرافية، والقضاء على خصومه، والاستفادة الاقتصادية من تهريب الكابتاغون، وتعزيز دوره المركزي في ديناميات التسوية في المحافظة. ومع ذلك، فإنَّ التحوُّل في سلوك النظام من الاستخدام الصفري للقوة إلى الاستخدام المتغير يعود في الأساس إلى الدبلوماسية القسرية الروسية والوضع القائم الذي فرضَ من الفواعل الخارجية، أي ديناميات الصراع المجمَّد نسبياً الذي بدأت ملامحه في التشكُّل عام 2018.
مسار التحول لفصائل المعارضة
اعتمدت فصائل المعارضة السابقة في درعا على استراتيجيات بقاء مختلفة للتكيُّف مع أو موازاة النفوذ الأمني المتزايد للنظام في المحافظة. وقد أدى مسار التحوَّل هذا إلى ظهور أنواع مختلفة من المجموعات المسلحة بدوافع وأهداف متباينة. ففي الوقت الذي أصبح فيه اللواء الثامن معنياً، بشكل رئيسي، بالحفاظ على الوضع القائم الجديد عقب التسوية والذي ضمن له سيطرة جغرافية على بعض المناطق المحلية والقدرة على المناورة والتوسع نسبياً؛ فإنَّ العديد من المجموعات الأخرى، أصبحت مرتبطة بالنظام، وتخلَّت عن دوافعها السياسية لصالح الدوافع الاقتصادية من خلال المشاركة في تهريب الكابتاغون و/أو أنشطة العنف (الاغتيالات) والبلطجة.
اللواء الثامن، والذي يقوده القائد المعارض السابق، أحمد العودة، ويتألف بشكل رئيسي من مقاتلي المعارضة السابقين في “قوات شباب السنة”، استمرَّ في الحفاظ على السيطرة الجغرافية في بصرى الشام في شرق درعا منذ تشكيله برعاية روسية عقب التسوية الأولى في عام 2018. ونظراً للبيئة الآمنة نسبياً في مناطق سيطرته، حيث يلحظ معدلات أدنى للاغتيالات وحالة خدمية أفضل بالمقارنة مع المناطق الأخرى في درعا، نجح اللواء في الحفاظ على الدعم الاجتماعي وموازاة تأثير النظام ساعياً إلى الحفاظ على الوضع القائم للتسوية، وزيادة نفوذه عبر استخدام متغير للقوة، أي محدود النطاق.
في هذا السياق، نفَّذ اللواء الثامن عمليات أمنية متعددة ضد داعش أو المجموعات المتهمة بالانتماء إلى داعش في أجزاء مختلفة من درعا مثل جاسم في درعا الغربية في أغسطس/آب 2022، وحي درعا البلد حيث قضت العملية على ميليشيا حفو-حرفوش في المنطقة في ديسمبر/كانون أول 2022. وقد تمَّت هذه العمليات بعد تصعيد النظام وتهديده بشن هجمات في هذه المناطق بذريعة خلايا داعش، حيث استفاد اللواء الثامن من الرفض الاجتماعي لتدخل النظام وشبكة علاقاته المحلية. بالإضافة إلى دوره الوسيط، في مرحلة سابقة، بين النظام والمجتمعات المحلية لتخفيف التصعيد مثل حالات تصعيد مارس/آذار 2022 في جاسم وتصعيد فبراير/شباط 2020 في مدينة الصنمين شمال غرب درعا. بالإضافة لذلك، استهدف اللواء الثامن أيضًا مجموعات أخرى متورطة في تهريب الكابتاغون في شمال شرق درعا، بما في ذلك جماعة تابعة لفايز الراضي، قيادي سابق في المعارضة والذي اغتيل لاحقاً بعد تصعيد مع اللواء الثامن.
بالمقابل، فإنَّ مجموعات أخرى، مثل تلك التي يقودها مصطفى المسالمة و عماد أبو زريق، وهما قياديان سابقان في المعارضة، لم تتخل عن كفاحها السياسي ضد النظام بعد التسوية فحسب، بل أصبحت تابعة للنظام، حيث أصبحت مدفوعة بدوافع اقتصادية في ظل الوضع القائم الجديد. حيث انخرطوا في عمليات تهريب مخدرات الكبتاغون، وفرض الإتاوات على السكان المحليين، والقيام باغتيالات ضد معارضي النظام نيابة عن المخابرات العسكرية، التي أصبحت تدير شبكة من المجموعات المسلحة المحسوبة عليها بشكل غير رسمي.
بحلول أبريل/نيسان 2023، تمّ فرض عقوبات على كل من أبو زريق والمسالمة، إلى جانب الأفراد المنتسبين لعائلة الأسد بما في ذلك أبناء عمومته، من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لمشاركتهم في إنتاج وتصدير الكابتاغون. لاحقاً، قُتل المسالمة بعد عدة محاولات لاغتيال حياته من قبل الفصائل المحلية بسبب تورطه في اغتيال العديد من معارضي النظام.
ميليشيا الحفو–حرفوش هي جماعة مسلحة أخرى بقيادة اثنين من قيادات المعارضة السابقين، محمد المسالمة ومؤيد عبد الرحمن، الذين رفضوا التسويات ورفضوا التهجير إلى شمال سورية. كانت الميليشيا متمركزة في أحياء درعا البلد حتى المعركة التي قامت بها مجموعات محلية مدعومة من اللواء الثامن في نوفمبر/تشرين ثاني 2022، بسبب صلتهم بخلايا داعش، وتورطهم في تنفيذ اغتيالات ضد شخصيات معارضة بدوافع انتقامية، بالإضافة للتورط في أنشطة البلطجة مثل السرقة وفرض الإتاوات على السكان المحليين. حيث توضح جملة الديناميات الأمنية السابقة التداخل بين الديناميات الأمنية واقتصاد الحرب، وعلى رأسها تجارة الكابتاغون.
السياسات البديلة: معالجة معضلة الكبتاغون
لم تكن آلية العقوبات فعالة في إجبار النظام على تقديم تنازلات أو تغييرات ملموسة، كما توضَّح في حالة الاستخبارات العسكرية في درعا، كما لم يكن لها تأثير مماثل على قادة المعارضة السابقين، المرتبطين حاليا إلى النظام. بالنسبة للتواصل العربي مع النظام، فلم يفشل الأخير في إحراز تقدم في مكافحة تهريب الكبتاغون فحسب، بل زاد الاتجار نفسه أيضًا بعد محادثات التطبيع التي أدت إلى عودة النظام إلى جامعة الدول العربية في مايو/أيار العام الجاري، ناهيك عن تطوُّر القدرات التكنولوجية المتزايدة لتجار المخدرات مثل استخدام الطائرات بدون طيار “الدرون”.
بالنسبة لما يعنيه ذلك للسياسات الإقليمية: أولاً، يجب اعتبار الأمن القومي الأردني أمراً حيوياً للأمن الإقليمي من قبل حلفاء الأردن الدوليين والعرب في مواجهة الرغبة الإيرانية بدومينو جديد بعد لبنان والعراق واليمن وسورية. ثانياً، ينبغي إعادة النظر في الافتراض القائم بأن النظام السوري لديه الرغبة و/أو القدرة على التصدي لمشكلة الكابتاغون أو الانفصال عن إيران. ثالثاً، وأثناء تطوير سياسات مكافحة الكابتاغون، لا يمكن تجاهل الترابط بين أجهزة النظام الأمنية وتجارة الكابتاغون، بالإضافة إلى القدرات التقنية المتزايدة لشبكات التهريب. إنَّ التصريح السابق لوزير الخارجية الأردني مايو/أيار بشأن احتمال القيام بعمل عسكري لمواجهة تهديد الكابتاغون في سورية، والغارات الجوية الأردنية الثلاث التي استهدفت مهربي المخدرات والمصانع في مايو/أيار وأغسطس/آب وديسمبر/كانون الأول 2023، يعني بشكل أو بآخر خياراً سياساتياً بديلاً قائماً على استخدام أدوات قسرية يمكن اعتمادها في مكافحة تهريب المخدرات.
ونظراً لعدم وجود حل شامل، يمكن توضيح ثلاثة سيناريوهات سياساتية بديلة:
ختاماً، لم يعد من الممكن تجاهل ديناميات التسوية في درعا وإفرازاتها الأمنية وارتباط ذلك بديناميات اقتصاد الحرب، لا سيما مع خطر تمدد هذه الديناميات إلى محافظة السويداء المجاورة في ظل حالة عدم الاستقرار التي تشهدها.
المصدر: معهد السياسة والمجتمع
رابط المقالة: https://bit.ly/3vf9uQp
أقام مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع جامعة ماردين ارتقلو، دورة تدريبية حول "منهجيات البحث العلمي"، وذلك في جامعة ماردين ارتقلو، بحضور 16 طالباً وطالبةً سورياً من طلبة الدراسات العليا وكليات العلوم الاجتماعية.
قدم الدورة مدير البحوث في مركز عمران الأستاذ معن طلاع، حيث تأتي هذه الدورة ضمن خطوات تنفيذ اتفاقية التعاون بين مركز عمران وجامعة ماردين ارتقلو.
في الآونة الأخيرة، أصدر بشار الأسد سلسلة من المراسيم ذات الصلة بنظام الخدمة العسكرية، تطرح تساؤلات حول دلالاتها العسكرية وأبعادها سياسياً ومجتمعياً. توحي قراءة أولية لهذه المراسيم بأنها، مؤشرات على إصلاح النظام مؤسسته العسكرية وفق توقيته وأجندته الخاصة، لتتماشى وتستجيب لوقائع وتحديات ما بعد عام 2011، إصلاح تبدو فعاليته مثار شكوك جدية.
لم يكن جيش النظام السوري مهيئاً للقتال عند إندلاع الحركة الاحتجاجية عام 2011، يعود ذلك إلى تنظيمه وبنيته وعقيدته المخصصة لقتال جيوش تقليدية، فضلاً عن عقود من الفساد وشبكات من الزبائنية والمحسوبية، أضعفت قدراته القتالية، ناثرة بذور السخط داخل تشكيلاته وبين أفراده. ظهرت مكامن الضعف داخل جيش النظام خلال مواجهاته الميدانية مع فصائل المعارضة المسلحة، وبات واضحاً إنخفاض قدرته على التعبئة والحشد، مع تنامي خسائره البشرية وحركة الانشقاقات داخله، ليكون الحل الاعتماد على طيف من الميليشيات كقوات مشاة رديفة للجيش كالدفاع الوطني، وعلى الدعم المباشر من الحليفين الروسي والإيراني. عززت الخطوات السابقة قدرة الجيش على الصمود في مواجهة خصومه، لكنها بالمقابل خلقت له تحديات جدية على المدى البعيد تتعلق بــ، التنظيم والتعبئة والدمج والسيطرة.
أدركت روسيا عقب تدخلها المباشر في أيلول 2015، حاجة جيش النظام للإصلاح بعدما تبين لها إنخفاض كفاءته في القيادة والسيطرة، لتشرع في عملية إصلاح مسترشدة بالتغيرات التي أدخلها الجنرال فاليري جيراسيموف على الجيش الروسي منذ العام 2008، ضمن ما يعرف بالاستعداد لحروب "الجيل الجديدة أو الهجينة". كان من تجليات الدور الروسي إنشاء الفيلقين الرابع (2015) والخامس (2016) والفرقة 25 مهام خاصة (2019)، كهياكل عسكرية ذات مركزية مرتبطة بالجيش غايتها، استيعاب الميليشيات وإحكام السيطرة عليها، فضلاً عن توظيفها كقوات ذات قدرة عالية على التدخل السريع للتعامل مع التهديدات الناشئة. لم يبدي جيش النظام ترحيباً بالدور الروسي، وكثيراً ما قاد الإنخراط المباشر للمستشارين والضباط الروس في عمليات إصلاح التشكيلات العسكرية إلى احتكاكات سلبية بين الطرفين، دفعت النظام للطلب من الضباط الروس قصر دورهم على الجانب الاستشاري دونما الإنخراط في عملية تنفيذ الخطط، وتركها للجيش لتنفيذها وفق أجندته الخاصة، هذا ما يفسر تواجد الضباط الروس كمشرفين في المشاريع التكتيكية العملياتية، المنفذة منذ العام 2021 من قبل تشكيلات نخبة النظام كالحرس الجمهوري والفرقة الرابعة، وتلك المُشكلة روسياً كالفرقة 25 مهام خاصة.
كان للنظام منظوره الخاص لعملية إصلاح المؤسسة العسكرية، إذا عمل بداية على احتكار سردية الإصلاح بمعزل عن حليفيه، وبأنها عملية متصلة بالإصلاح الإداري المعلن في حزيران 2017، وإن سبقته زمنياً بتوجيهات الأسد مباشرة. وبخلاف الخطط الروسية التي ركزت على مأسسة الجيش، وتحسين القيادة والسيطرة وإدارة القتال على المستويات كافة بما لا يتوافق مع أجندة النظام كلياً، ركز الأخير اهتمامه على القضايا ذات الصلة بالعنصر البشري للمؤسسة العسكرية، أي ما يتصل بعمليات نزع السلاح وتسريح وإعادة دمج الميليشيات التي طبقها بشكل بدائي مما أفرز منظومة عسكرية هجينة، وتلك المتصلة بنظام الخدمة العسكرية عبر إصدار سلسلة من مراسيم العفو وتنظيم الخدمة الاحتياطية وعقود التطوع. قد يكون الدافع مما سبق، الرغبة في ترشيق الجيش للتقليل من الكلف الاقتصادية في وقت يعاني فيه من أزمة اقتصادية خانقة، كذلك ضمان مسألة ولاء المقاتلين التي تؤرقه سواء من ناحية الميليشيات المنحلة أو القائمة أو من ناحية المجندين الإلزاميين، واحتواء مطالب حاضنة النظام الموالية المتذمرة من الخدمة العسكرية غير المحددة زمنياً، ولا يستبعد بأن تكون نقطتي الميليشيات ونظام الخدمة العسكرية (الاحتياطية والإلزامية والتطوع)، جزءاً من مسار تفاوضي قائم أو ممكن توظيفه بين النظام والدول العربية والغربية فيما يتصل بجزئية مخاوف اللاجئين من الخدمة العسكرية، كذلك الترويج ودعم مساعي النظام تطوير الجيش ليكون احترافياً قائماُ على التطوع أكثر من التجنيد الإلزامي تبعاً_ لعقيدة جيراسيموف وإن لم يسميها علناً_، ولديه من القدرات ما يكفي للتعامل مع التهديدات التي تتضمنها الحروب الهجينة، وذلك ما جاء على لسان اللواء أحمد سليمان، المدير العام للإدارة العامة لوزارة الدفاع السورية.
تبقى جهود النظام لإصلاح المؤسسة العسكرية مثار شكوك، مرد ذلك النهج الإيراني في تشكيل شبكات أفقية من ميليشيات مرتبطة بها توفر مزايا مالية لا يبدو النظام قادراً على مجاراتها، كذلك عدم تناسق أولويات النظام في إصلاح الجيش مع الأولويات الروسية، وبأنها مجتزأة وغير متكاملة على النطاق العام مع إصلاح المؤسسة العسكرية ككل، فضلاً عن مخاوف بأن تقود هذه العملية في ظل افتقاد الخبرات التقنية والتمويل اللازم إلى نتائج عكسية، ولعل الأهم أن إصلاح المؤسسة العسكرية يجب أن يتم وفق رؤية ومحددات سورية وطنية، وفي ظل بيئة من الاستقرار السياسي حتى يؤتي الإصلاح أكله لإعادة إنتاج مؤسسة عسكرية تمثل كل السوريين، وهي أمور متعذرة حالياً.
يستعرض هذا التقرير أهم الأحداث السياسية والأمنية والاقتصادية في سورية خلال شهر تشرين الثاني، حيث بدا الموقف السياسي لنظام الأسد تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة ملتزماً بالتوجه الإيراني في عدم التصعيد، ومتماشياً مع الموقف الرسمي العربي السائد محاولاً استغلال الحدث لزيادة التفاعل مع المحيط العربي والإقليمي، لكن صدور مذكرة اعتقال فرنسية بحق بشار الأسد ومسؤولين آخرين قد تؤثر سلباً على جهود الأسد لفك عزلته الدبلوماسية، كما قد تفتح هذه القضية مساراً حقوقياً جديداً لملاحقة مجرمي الحرب. على الصعيد الأمني، ألقت الحرب الجارية في غزة بظلالها على الواقع الأمني في سورية، إذ كثفت إسرائيل من ضرباتها الجوية ضد العديد من المواقع العسكرية واللوجستية كان أبرزها مطار ي دمشق وحلب اللذين خرجا عن الخدمة مجدداً، كما ازدادت وتيرة استهداف قواعد الجيش الأمريكي في شرق سورية من قبل المليشيات الموالية لإيران، في حين تستمر الأخيرة في زيادة نفوذها ونقل مليشياتها إلى حدود سورية الجنوبية. على الصعيد الاقتصادي ارتفعت مؤشرات التضخم خلال الربع الأخير من هذا العام بأكثر من 800 %، فيما بدأت حكومة النظام بتصدير محاصيل منطقة الساحل من الحمضيات إلى العراق، في خطوة هي الأولى من نوعها بين البلدين، كما تخطط الحكومة الصينية لتقديم دعم للنظام في مجال الاتصالات والطاقة الشمسية.
هيمنت شارك بشار الأسد في القمة العربية في العاصمة السعودية، الرياض، حيث أدان خلال كلمته العدوان الإسرائيلي على غزة مطالباً بوقف فوري للإجرام ضد الفلسطينيين والسماح بإدخال المساعدات الفورية إلى غزة. بعيداً عن موقف النظام من القضية الفلسطينية، تعكس زيارة الأسد للسعودية ومشاركته في القمة العربية جهود النظام لتعزيز العلاقات مع الدول العربية والإسلامية وفك أجواء العزلة الدبلوماسية التي يعاني منها. وتمثل هذه الخطوة أيضاً محاولة لتحويل الأنظار عن الانتهاكات التي ارتكبها النظام ولا يزال، مستغلاً العدوان الاسرائيلي على غزة كفرصة لتأكيد سرديته القائمة على المقاومة والممانعة، وتبرير زيادة الإنفاق العسكري في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها.
وعقد الأسد خلال القمة مباحثات ثنائية مع رؤساء العراق ومصر وإيران وموريتانيا مركزاً على الدور العربي المطلوب لوقف العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ودعم صمود أهل غزة والوقوف ضد سياسة تهجير الشعب الفلسطيني.
وفي معرض التصريحات الإعلامية، حاول النظام البقاء في فلك الإدانات العربية للعدوان ولفتْ الأنظار لوجوده في الساحة الإقليمية، حيث أدان تصريحات مسؤول إسرائيلي حول استخدام السلاح النووي ضد أهالي غزة، وطالب مجلس الأمن بالتحرك العاجل لوضع حد للسياسات العدوانية الإسرائيلية. كما شارك رئيس وزراء حكومة النظام حسين عرنوس في قمة المناخ العالمية التي عُقدت في دولة الإمارات، ما يعكس مساعي النظام واهتمامه بالمشاركة بالمؤتمرات الدولية للعودة إلى المنظومة الدولية وتحسين علاقاته مع الدول التي فرضت عليه عقوبات اقتصادية. وقد سبق مؤتمر المناخ صدور مذكرة اعتقال فرنسية بحق بشار وماهر الأسد ومسؤولين آخرين، وفي حين تفتح القضية المرفوعة ضد الأسد مساراً حقوقياً جديداً لملاحقة مجرمي الحرب، فقد تؤثر هذه المذكرة على جهود الأسد لفك عزلته الدبلوماسية.
فيما يتعلق بقوى المعارضة، فقد ازدادت وتيرة اللقاءات مع مبعوثي الدول وبعض الجهات الدولية، وتم التركيز في الاجتماعات على الجانب الإنساني عبر مطالبات بزيادة الدعم الأوروبي وخاصة لقطاع التعليم. حيث اجتمع رئيس هيئة التفاوض مع نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، وعقد الائتلاف لقاءً مع وفدٍ من وزارة الخارجية الهولندية في إسطنبول، كما اجتمعت هيئة التفاوض في جنيف مع مبعوثي كُل من الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، هولندا، سويسرا، الاتحاد الأوروبي، تركيا، إيطاليا، الدنمارك، كندا، مصر وقطر، إضافة إلى مبعوث الأمم المتحدة غير بيدرسون.
على صعيد آخر، أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 36 لعام 2023، القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 16 تشرين الثاني 2023، علماً أن هذا المرسوم ليس الأول من نوعه، حيث تأتي هذه المراسيم في سياق محاولة النظام إرضاء الحكومات العربية والغربية التي تطالب بهكذا قرارات، والتأكيد على سردية النظام السياسية في التعاطي مع المبادرات العربية التي تهدف لإيجاد حل للصراع في سورية، في حين تشير الوقائع أن المعارضة لا تستفيد من هذه القرارات حيث لا يزال أكثر من 135 ألف معتقل في سجون النظام تم اعتقالهم خلال الثورة.
بلغ عدد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع مختلفة في سورية منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة نحو 23 ضربة، منها 9 ضربات خلال شهر تشرين الثاني في كل من ريف دمشق ودرعا وحمص، آخرها كان استهداف مطار دمشق الدولي ما أدى لخروجه عن الخدمة بعد إعادته قبل 30 ساعة فقط، فيما سمحت روسيا لطائرات إيرانية قادمة من طهران بالهبوط في قاعدة حميميم العسكرية بعد تعذر وصولها إلى مطاري دمشق وحلب الدوليين. واستهدفت الضربات الإسرائيلية أيضاً منظومات دفاع جوية في مطار المزة العسكري. واستهدف الجيش الأمريكي أهدافاً لميليشيات إيرانية في محافظة دير الزور.
وجاء القصف الإسرائيلي والأمريكي رداً على قصف من ريف درعا لمجهولين نحو الجولان المحتل، إضافة إلى الرغبة في تعطيل حركة المسؤولين الإيرانيين باتجاه سورية، وإرسال رسالة ردع للنظام وإيران عبر الأراضي السورية بعدم الدخول في حرب مع إسرائيل ومساندة حركة حماس في غزة، ورداً على هجمات الميليشيات الإيرانية وعلى رأسها "المقاومة الإسلامية" التي استهدفت القواعد الأمريكية، 17 مرة خلال شهر تشرين الثاني ومن بين الأهداف: قاعدة التنف وحقل العمر وكونيكو ورميلان والشدادي.
في جنوب سورية، بسطت الميليشيات الإيرانية سيطرتها على مناطق الجنوب السوري المحاذية للحدود مع إسرائيل، كما جرى نقل مقاتلين لميليشيا الحشد الشعبي العراقي وأخرى محلية من دير الزور باتجاه الجبهة الجنوبية، في حركة من شأنها رفع جاهزية إيران في المنطقة إزاء احتمالات توسع الحرب في غزة نحو لبنان وسورية، وشن النظام حملة اعتقالات طالت أربعة ضباط وعناصر من المقرّبين لروسيا في الجنوب، وبهذا يكون الجنوب أصبح خالٍ من الوجود الروسي ليحلّ محله نحو 700 مقاتل من قوات النخبة التابعة لحزب الله والحرس الثوري الإيراني، ومن شأن هذه الخطوة أن تؤدي إلى استدامة الوجود الإيراني على الحدود مع إسرائيل وتهديدها في أي وقت، والإحاطة بإسرائيل من الجبهة اللبنانية والجبهة السورية، وبالتالي ورقة ردع بيد طهران ضد المجتمع الدولي لانتزاع مكتسبات سواءً في ملف البرنامج النووي أو على صعيد دعمها للأسد وتواجدها في المنطقة.
وفي إطار استغلال روسيا للظرف الدولي في غزة، وسعياً لتحصيل مكاسب ميدانية على الأرض لصالح النظام، شن الطيران الروسي 30 غارة جوية على مناطق ريف إدلب وريف حماة من بينها مقار لـ"هيئة تحرير الشام" و"أنصار التوحيد" وخطوط إمداد في سهل الغاب، وادعى مركز المصالحات الروسي في سورية أنهم استهدفوا مستودع للطائرات المسيّرة في إدلب. في المقابل نفذت "الهيئة" 64 عملية ضد النظام قتل فيها ما يقارب الـ 30 من عناصره. كما شنت الطائرات الروسية 60 غارة جوية ضد تنظيم "داعش" في بادية حماة وحمص ودير الزور والرقة، قتل فيها 13 عنصراً من التنظيم. في المقابل شنَّ تنظيم داعش 17 عملية بينها 8 عمليات في حمص، و7 في دير الزور، وعملية في كل من الرقة وريف حلب الجنوبي، قتل فيها 73 شخصاً، 69 منهم من قوات النظام.
وفي خطوة لتأمين الحدود السورية التركية، منعاً لعبور عناصر من منظمة PKK نحو تركيا، بالإضافة إلى محاربة تهريب المخدرات والإتجار بالبشر، وضعت وزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية المؤقتة 3 آلاف عنصر من الجيش الوطني السوري ضمن ألوية حرس الحدود. كما عملت "الجبهة الوطنية للتحرير" العاملة في محافظة إدلب على دمج الفصائل أو الكتل الصغيرة فيما بينها والتي يبلغ عدد أفرادها من 500 إلى 1000، في سياسة قائمة على "التجميع العسكري" وإنتاج قوى فاعلة على الأرض حيث سيتم تقليص عدد الفصائل إلى 7 بعدما كانت 14 فصيلاً، بالإضافة إلى تنسيق الجهود العسكرية وزيادة فاعلية الفصائل وكفاءة المقاتلين. كما أعلنت ثلاثة فصائل عسكرية في منطقة ريف حلب الشمالي؛ فرقة المعتصم، والجبهة الشامية، وتجمع الشهباء، تشكيل "القوة الموحدة"، ضمن صفوف الجيش الوطني السوري.
كما اجتمع ممثلون عن التكتلات العسكرية بمحافظة درعا، في مدينة طفس من مدينة بصرى الشام وبلدة نصيب ومدينة درعا، ومناطق أخرى للتوصل لاتفاقية "دفاع مشترك" بين كل الأطراف، ضمّت عدداً من قادة المعارضة السابقين في محافظة درعا، وتهدف الاتفاقية إلى مكافحة أي خطر وتهديد أمني على المحافظة من قبل قوات النظام وتنظيم "داعش، وضبط الأمن والاستقرار، ومكافحة الارهاب وتهريب المخدرات، والحد من عمليات السطو والسرقة وقطع الطرقات.
وفي شرق سورية، سقط قتلى وجرحى نتيجة هجمات لـ "قوات العشائر" على مواقع لقوات سوريا الديمقراطية في قرى وبلدات ريف دير الزور الشرقي، كما شنت الطائرات المسيرة التركية سلسلة غارات جوية في مدن وبلدات محافظة الحسكة أسفرت عن مقتل وإصابة 7 أفراد من قوات قسد.
استمرّ مصرف سورية المركزي في تعويم قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية حيث خفض سعر الليرة مقابل الدولار إلى 12600 ويشمل هذا السعر نشرة التصريف النقدي والحوالات الخارجية، وخفّض المركزي قيمة الليرة بأكثر من 300% منذ بداية العام الجاري، في دلالة على نقص القطع الأجنبي وجفاف مصادر تمويله وعجزه عن مقارعة السوق السوداء مقراً اللحاق بسعرها بغرض ضمان وصول العملة الصعبة إلى خزائنه في نهاية المطاف.
وفي دلالة على فشل المصرف المركزي للدفاع عن استقرار الأسعار في السوق والقوة الشرائية، ارتفع التضخم في الربع الأخير من عام 2023 في سورية إلى 800 %، كأحد تجليّات ممارسات النظام ضد الشعب وتحويل موارد الدولة ومقدراتها في خدمة الآلة العسكرية، وشلل الإنتاج وانخفاض المخزون السلعي وعدم توفر المواد الأولية ومواد الطاقة بالإضافة إلى العقوبات وغيرها.
وفي زيارة لمحافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين إلى دمشق، أقرَّ الجانبان آلية استخدام العملات المحلية في التبادلات التجارية بين البلدين، وإنشاء قنوات اتصال بين البنكين المركزيين للتهرب من العقوبات، وفي إطار تعزيز العلاقات المصرفية والتجارية والاستثمارات المشتركة بينهما أشار المسؤول الإيراني إلى نية بلاده افتتاح أول بنك إيراني قريباً في سورية. وتعد هذه الزيارة على ما جاء فيها أقرب إلى الزيارات الإيرانية الماضية إلى سورية، زيارة بروتوكولية للتأكيد على محور المقاومة والممانعة، وتحصيل مكاسب وامتيازات واستثمارات لقاء منع نظام الأسد من الانهيار والسقوط.
من جهة أخرى، يسعى النظام إلى تأطير علاقاته الاقتصادية مع دول الجوار والانفتاح على الدول الحليفة، وتطوير الاتفاقيات الموقعة معهم في السابق، حيث صدّق مجلس الشعب التابع للنظام على مشروع قانون يتضمن اتفاقية خدمات النقل الجوي بين سورية والعراق، وتعتبر هذه الاتفاقية تحديثاً للاتفاقية الموقعة في العام 1969، بهدف "تطوير آفاق التعاون والتنسيق لتطوير الحركة الجوية بين العراق وسورية"، وقد بدأت حكومة النظام بتصدير محاصيل منطقة الساحل من الحمضيات إلى العراق، في خطوة هي الأولى من نوعها بين البلدين، بهدف تحقيق أكبر قدر من التسويق لهذا الموسم، وكسب ود الفلاحين الذين تعرّضوا لخسائر كبيرة خلال السنوات الماضية بسبب قلة التسويق.
وتخطط الحكومة الصينية لتقديم دعم للنظام في مجال الاتصالات والطاقة الشمسية، بعد نحو شهرين من زيارة بشار الأسد للصين، بحثاً عن الأموال والاستثمارات، وستساعد المنحة الصينية حكومة النظام على توسيع تجهيزات النقل الرقمي البحري في طرطوس لتصبح 1 تيرا، مع التحضير لتوسيع البوابة الدولية لتصبح 1.6 تيرا، وتنفيذ عقد توريد وتركيب 99 موقعاً بأنظمة طاقة شمسية لوحدات النفاذ الضوئية. ولا تزال الاستثمارات الصينية في سورية عند أدنى مستوياتها في دلالة على عدم رغبتها الدخول في بيئة صراع دولية لم تحسم بعد، وعدم استقرار الأوضاع الأمنية حتى الآن بالإضافة إلى المنافسة المحتدمة بين إيران وروسيا على الموارد والاستثمارات السورية.
وكان وزير المالية في حكومة النظام كنان ياغي، أعلن عن استكمال الدراسات المتعلقة بالجوانب الفنية للضريبة على القيمة المضافة، ضمن مسار مشروع إصلاح النظام الضريبي والذي يعتمد على التحول نحو ضريبتين أساسيتين؛ الضريبة الموحدة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة، وبالرغم من أهمية الخطوة من الناحية النظرية إلا أنها عملياً غير مجدية وغير منطقية في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي تعاني منها سورية واقتصادها.
وفي اللاذقية، حذّر "اتحاد الفلاحين" من تعرّض مهنة تربية الأبقار إلى "الانقراض" جراء الارتفاع الكبير في أسعار مستلزمات الإنتاج، وخاصة الأعلاف، بالإضافة إلى أسعار المنتجات من ألبان وأجبان. حيث سجلت أسعار مشتقات الحليب أرقاماً غير مسبوقة، بعد أن وصلت إلى 5 أضعاف خلال بضعة أشهر.
ورفعت حكومة النظام أسعار جميع الأسمدة إلى نسب وصلت إلى نحو 200 %، وهو ما سيؤدي إلى إحجام المزارعين عن زراعة المحاصيل الاستراتيجية وهجرة الأراضي وبيعها، وبالتالي ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية. كما سجل سعر كيلو غرام الفروج ارتفاعاً كبيراً في محافظة حمص وصل إلى 35 ألف ليرة للكيلو، بعد أن أغلق 75% من مربي الدواجن مداجنهم بسبب الخسائر المادية الكبيرة التي لحقت بهم خلال الآونة الأخيرة نتيجة للخسارات الكبيرة المتلاحقة بسبب بيع الفروج بأقل من سعر التكلفة بكثير. ورفعت حكومة النظام سعر ربطة الخبز غير المدعوم بأكثر من 100 %.
في مناطق "الإدارة الذاتية"، أصدرت "الإدارة" قراراً برفع أجور النقل بين مدن وبلدات شمال شرقي سورية، بنسبة زيادة بلغت 25 %، وذلك للمرة الثانية خلال نحو شهرين.
وفي قطاع الزراعة، يواجه مزارعو ريف دير الزور الشرقي تحديات تعوق إنتاج محاصيلهم الزراعية المتنوعة، بسبب نقص المياه الذي تعاني منه المنطقة، وعدم تدخل “الإدارة الذاتية” لتزويد المزارعين بمياه الري، بسبب عدم توزيع المحروقات على المزارعين، ما يهدد فعالية زراعة الأراضي في الموسم الحالي.
بالنسبة لمناطق المعارضة، أعلنت وزارة الزراعة في الحكومة السورية المؤقتة، عن إطلاق مشروع دعم للمزارعين خاص بمحصول القمح في منطقة ريف حلب، لزراعة 2000 هكتار من القمح المروي، وتشمل مناطق تنفيذ المشروع مدن وبلدات، الغندورة والراعي وبزاعة ومارع واعزاز، بدعم من صندوق الائتمان لإعادة إعمار سورية. وافتتحت الحكومة السورية المؤقتة مشروعاً لمنظومة طاقة شمسية خاصة بمحطات ضخ مياه الشرب في مدينة الباب بكلفة بلغت 2 مليون يورو، يعمل بطاقة 1.15 ميغا واط، وهذه الطاقة المولدة هي أكبر حجم توليد في الشمال السوري كمشروع خدمي، ويتضمن المشروع 2547 لوح طاقة شمسية يخدم 200 ألف نسمة في مدينة الباب، بدعم من صندوق الائتمان. كما تستمر مؤسسة سكن في بناء القرية الخامسة في مشروع "ملاذ آمن" في قرية كفر تعنور والذي يتألف من 400 منزل سكني، حيث يبلغ عدد المستفيدين من المشروع 2396 شخصاً.
جانب من مشاركة مركز عمران للدراسات الاستراتيجية في الجلسة النقاشية تحت عنوان " تحولات الأزمة السورية وتحديات الأمن الوطني الأردني"، والتي عقدها معهد السياسية والمجتمع بالتشارك مع مركز "عمران" في العاصمة الأردنية_ عمان، وذلك في يوم الخميس الموافق لـ 7 كانون الأول 2023. وحضرها من جانب مركز عمران للدراسات المدير التنفيذي د. عمار قحف، والباحث أ. أيمن الدسوقي، ومساعد الباحث أ. فاضل خانجي.