مرة أخرى، وكالعادة بالتزامن مع استراتيجيات النظام العسكرية الرامية لإجبار معادلات السياسة والعسكرة لصالحه وحلفائه، طرح المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لمجموعات صنع القرار المحلي والإقليمي والدولي ملخصاً تنفيذياً حول العملية السياسية في سورية بيّن فيه رؤيته لمجموعة من الأساسيات الناظمة للعملية التفاوضية والمرحلة الانتقالية وصولاً لما سماه المبعوث الدولي "بالمرحلة جديدة في سورية تتمتع فيها بالسلام".

 يترافق هذا الطرح مع تنامي العناصر المدللة على تأزم المشهد السياسي لاسيما مع ظهور عناصر جديدة في معادلات السياسة الدولية والإقليمية بدءً من تعثر "مسيرة الثقة" بين الفاعلين الأمريكي والروسي فيما يتعلق باتفاقات تعنى "بمحاربة الإرهاب ودفع العملية السياسية"، ومروراً بظهور مؤشرات أولية لتغييرات محتملة في خارطة التحالفات لصالح ربط الدول الإقليمية بالبوصلة الروسية التي باتت الأكثر تأثيراً على مسارات الملف السوري بحكم "فتاوى" إدارة أوباما العبثية، ولهاث موسكو نحو تسجيل أكبر قدر ممكن من النقاط قبيل الانتخابات الأمريكية المقبلة والتي ستبقى آثار هذه الإدارة واضحة على سلوكيات أي قيادة جديدة، ووصولاً نحو تكريس قواعد المراوغة في حقول التفاوض بغية كسب الوقت والاستعراض الدبلوماسي والتشويه قدر المستطاع لأولويات ومحددات هذه العملية. كما يتزامن هذا الطرح مع بدء تبلور مفهومين جديدين في معادلات الصراع العسكري سواء على مستوى الاتجاه نحو تكريس مناطق سيطرة عسكرية مصمتة بقسمها الأكبر ومضبوطة "دولياً" بقسمها الأخر... لذا فإن الفرضيات العامة التي انطلقت منها مسارات الدفع نحو الحل السياسي في سورية لم تعد كما هي وهو أمرٌ لم يلحظه دي ميستورا برؤيته الجديدة  التي "باعتقادي" أنها متسق مع مهام ووظيفة أي مبعوث أكثر مما هي متسقة مع تعريف الملف السوري وعناصر تأزمه وأسباب ديمومة أي حل لقضية جذرها الأساسي اجتماعي، مما جعل هذا الملخص مليءٌ بالإشكالات والاختلالات الهيكلية والبنيوية.

مفاهيم عائمة

لم يخرج هذا الملخص عن سابقيه من مخرجات المبعوث الدولي الذي لايزال ينتهج لغة قابلة للتأويل والتفسير المزدوج من جهة واحتمال لتكريس مفاهيم غير متسقة مع الضرورة السياسية في الملف السوري، الأمر الذي يؤكد استمرار تعامل الأمم المتحدة مع القضايا والإشكالات الرئيسية في الملف السوري وفق سياسة الوسطية التي تبرر القتل والإجرام منتهجةً خطط الدفع إلى الأمام ونذكر أهمها:

  1. أطراف الاتفاق: وهو ما يشير إلى أن سياسة تمييع صف المعارضة لا تزال مستمرة، الأمر الذي سنعكس على مخرجات الاتفاق وقواعد صنع القرار.
  2. المقاتلين الأجانب وذكرها في سياقات المجموعات الإرهابية مع غياب الذكر الصريح للميليشيات الأجنبية المساندة للنظام.
  3. العدالة الانتقالية، والمساءلة، هما أساس وشرط الانتقال، أرجئهم الملخص إلى لجنة مستقلة تعينها هيئة الحكم الانتقالية وتقدمها وفق "مسودة مقترحات".
  4. دستورية المخرج: رغم اعتبار أن الاتفاق المؤقت يتمتع بصفة دستورية إلا أنها محددة بأمور لا تطال الدستور الراهن وأرجعها للمرحلة الانتقالية لما وصفها بمراجعات دستورية تؤكد مؤشرات اعتماد دستور 2012 الذي يعد وصفةً متكاملة لشرعنة الاستبداد والتي لا يمكن وفقاً لهذا الدستور من تغييرها دون موافقة الرئيس.
  5. معضلة الرئيس: والذي يمنحه هذا الملخص صلاحيات بروتوكولية تضاف فعلياً إلى مواقع ثابتة لنظامه في أهم مؤسسات الانتقال (هيئة الحكم، المجلس العسكري المشترك، المحكمة الدستورية العليا)، وهي آليات سيستغلها النظام بحكم استحواذه على وظائف الدولة وبناها في إعادة شرعنته خلال كامل المرحلة الانتقالية وما بعدها.

اختلالات في البنية

يتضمن الملخص مجموعة من الإجراءات التي لا ترتبط وظيفياً مع المرحلة المعنونة ضمنها، فعلى سبيل المثال، في مرحلة التفاوض وفي ظل غياب أية شروط منسجمة مع ضرورات التغيير، يؤكد الملخص على ضرورة التوصل لاتفاق يؤكد التعاون والدمج بين القوى المتحاربة لمحاربة المنظمات الإرهابية والتي لاتزال المعارضة السورية مهددة بأن تشمل فصائلها وقواها سواء بتفاهمات دولية، أو بآليات معالجة مجتزأة دولية تراعي الظرف الإقليمي والدولي أكثر من الشرط الوطني المحلي.

ومما يعد اختلالاً واضحاً هو وجود مجتمع مدني في السلطة كما هو وارد في الملخص، وهو أمرٌ يتعارض مع مفهوم السلطة ومفهوم المجتمع المدني. إذ ينبغي أن تضمن مرحلة التفاوض والانتقال دوراً فاعلاً للمجتمع المدني على مستويات المتابعة والمراقبة والتمكين. لا أن تمنحه السلطة الرسمية.

وفيما يتعلق المعضلة القضائية لا سيما في مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الدستورية العليا ومحكمة وقوانين الإرهاب بنيةً ووظيفة، فإنه يجب أن تكون ضمن الاتفاق المؤقت في المرحلة التفاوضية إذ أنها الجهة المسؤولة عن شرعية المخرجات ومدى اتساقها مع المبادئ العامة والأساسية المتفق عليها في مرحلة التفاوض.

اما فيما يتصل بدور الأمم المتحدة فلا يمكن حصره في الإشراف على التفاوض والمساعدة في الانتقال ورعاية الانتخابات في النهائية، بينما ينبغي أن يكون دورها في أن تكون المسؤولة عن إجراء انتخابات إضافة لوظائف الرقابة والمساءلة والمتابعة والتقييم.

تفاصيل إشكاليّة

وفي تفاصيل هذا الملخص يمكن أن نذكر مجموعة من الملاحظات التي تدلل على غاية هذه الرؤية وهي "التوصل لاتفاق شكلي" لقضية جذرها الأساسي اجتماعي سياسي لا تستقم معه سياسة الدفع وتوسيع هوامش المناورة، مثل:

  • التعامل مع الحقوق (كإطلاق سراح المعتقلين) كإجراء بناء ثقة!
  • غياب الإرادة الشعبية طيلة فترة الانتقال، وإرجائها إلى المرحلة النهائية.
  • مهمات هيئة الانتقالية واسعة لا تتناسب مع المدة الزمنية.
  • غياب آلية تحديد المسؤول عن فشل الاتفاق إشكالي، وعدم وضوح العواقب كاتخاذ اجراء تحت البند السابع
  • لا يوجد ضمانات لتطبيق كل ما سبق مع وقف عمل المتنفذين في الحكومة الحالية، أي يجب أن يسبق كل ذلك إقالة الحكومة ورؤساء الأفرع الأمنية وتعيين من بديلهم من قبل المجلس العسكري.
  • يجب تشكيل لجان مراقبة وقف إطلاق نار قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ، مع آليات الرقابة والمحاسبة.
  • لا يتم رفع العقوبات الاقتصادية خلال المرحلة المؤقتة وانما مع نهايتها وتسجيل التزام جميع الأطراف في بنود الاتفاق، وتقوم وكالات الأمم المتحدة بسد العجز ريثما يتم رفع العقوبات.
  • لا يوجد تعريف لمفهوم "الحوكمة الفعالة" التي اعتمدها الملخص كمعيار تستند عليه هيئة الحكم في أعادة تشكيل المجالس المحلية، وهو أمرٌ يشير لاحتمالية شمول مجالس المعارضة التي كونت خبرة وكموناً في العمل الإداري النوعي خلال سني الثورة.

مناورة جديدة دون ضمانات

تضمن الملخص أساسيات المرحلة التفاوضية التي "ينبغي" لها أن تفضي لمخرجين أساسيين (اتفاق مؤقت، وهيئة حكم انتقالية)، إلا أن غياب الآليات الملزمة لضرورة التوصل لتلك المخرجات  لاتزال مستمرة، حيث أرجع المبعوث القضية في حال التعثر إلى تقييماته التي سيرفعها للأمم المتحدة والتي بدورها ستقدم "توصيات" لمجلس الأمن، أي ينطلق الملخص من فرضية أنه مخرج المبعوث وليس انعكاساً لرؤية موحدة للمجتمع الدولي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن إجراءات بناء الثقة يعتريها غياب الضمانات الملزمة لهذه الإجراءات والتي بينت حركية العملية التفاوضية في المراحل السابقة وحتى على الصعد الإنسانية عدم تحقق أي بند منها، كما أن تلك الإجراءات نجدها آليات في المرحلة الانتقالية لا سيما في البنود رقم 6،9،11،15  (انظر المرفق)، مما يؤكد غياب الضمانة الحقيقة عن قضايا تعتبر شرطاً أساسياً لانطلاق المفاوضات أكثر مما هي إجراءات بناء ثقة، كما تعد تجاهلاً لضرورة التوقيف الملزم لاستراتيجيات التهجير والإحلال السكاني المتبعة من قبل النظام وحلفائه.

عموماً لا يمكن النظر إلى رؤية دي ميستورا الأخيرة هذه إلا أنها نتاج رغبة أولية (ذاتية ودولية) في تجريب جهد إضافي من شأنه تسكين الملف السوري وفق فرضيات تصوغها الوظيفة الأمنية الدولية العاجزة إلى الآن عن تحجيم الإرهاب بحكم توظيفها له من جهة ولغياب الأجندة الوطنية من جهة أخرى، هذه الصياغة التي تراعي ببوصلتها الأساسية الرؤية السياسية الروسية صاحبة الوكالة الدولية، الأمر الذي يغيب الشروط والمتطلبات الوطنية من هذه العملية برمتها وهو ما يجعلها أقرب إلى شرعنة نظام الاستبداد بادعاءات "الواقعية والشرط الأمني".

التصنيف مقالات الرأي

مشاركة الباحث في مسار الإدارة المحلية، محمد منير الفقير، على قناة دار الإيمان الفضائية، للحديث حول الورقة التي أصدرها ‫ ‏مركز عمران للدراسات الاستراتيجية‬ مؤخراً تحت عنوان: "دور ‫‏المجالس المحلية‬ في المرحلة الحالية والانتقالية: قراءة تحليلية في نتائج استطلاع رأي".
تناولت المقابلة توضيحاً لأهم الاستنادات التي اعتمدها الباحثون في إعدادهم للورقة.

ملخص تنفيذي

قام مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بإجراء استطلاع رأي للمجالس المحلية العاملة في مناطق سيطرة القوى الوطنية، شمل 105 مجالس في المحافظات السورية الآتية: دمشق؛ ريف دمشق؛ حلب؛ إدلب؛ درعا؛ القنيطرة؛ حمص؛ حماة؛ اللاذقية. يُركّز الاستطلاع على طبيعة الدور الذي تمارسه المجالس المحلية في مناطق سيطرة فصائل المقاومة الوطنية بشكل خاص وفي كافة المحافظات السورية بشكل عام، بالتزامن مع المساعي الدبلوماسية الأممية لإيجاد تسوية للقضية السورية، على اعتبار أنَّ المجالس المحلية تُشكل أحد أبرز الحوامل الُمهيئة للاستقرار في المرحلتين الحالية والانتقالية.

وقد خلصت نتائج استطلاع الرأي إلى ما يلي:

•    تمارس المجالس المحلية دوراً خدمياً بالدرجة الأولى مُستندة على شرعيتها المبنية على قبول المواطنين، ولكنها تمتلك في نفس الوقت كُمونَ ومقومات الفاعلية السياسية؛
•    تغلب آليتي التوافق والانتخاب على تشكيل المجالس، في حين يلحظ اعتماداً أضعف على آليتي التعيين والمبادرة الفردية؛
•    تعتبر العلاقة التي تربط المجالس المحلية بغيرها من مؤسسات المعارضة الرسمية وفصائل المقاومة الوطنية إيجابية عموماً؛
•    رغم وجود ميل عام لدى عينة المجالس لقبول مبدأ التفاوض على المستوى الوطني، إلا أن ذلك لا ينسحب على قبولها لاتفاقيات الهدن المحلية؛
•    أكدت غالبية العينة على ضرورة حصر موضوع التفاوض ببحث قضية تشكيل هيئة الحكم الانتقالي؛
•    حازت الهيئة العليا للتفاوض على دعم أغلبية العينة، في حين تبنت النسبة المتبقية موقفاً مغايراً لذلك؛
•    أكدت عينة المجالس على أن عقدة الأسد تمثل العائق الأبرز الذي يحول دون نجاح العملية التفاوضية؛
•    يتبنى ما يزيد عن ثلثي العينة اللامركزية الإدارية ضمن إطار وطني كنمط لإدارة سورية وتحقيق مطالب المجتمعات المحلية وتنميتها؛
•    يأتي الجانب الخدمي والسلم الأهلي في سلم أولويات عمل المجالس المحلية في المرحلة الانتقالية.


تمهيد

تُعتبر المجالس المحلية أحد أهم إفرازات الثورة السورية لتعبيرها عن التحول الذي طرأ على طبيعة العلاقة مع المركز من جهة، ولكونها أداة لإدارة المرحلة الحالية والانتقالية من جهة أخرى. وعقب مرور ما يقارب الأربع سنوات على نشأة المجالس المحلية وما حققته من منجزات وما أثير حولها من إشكالات، ومع وجود مساعٍ دولية لدفع العملية السياسية التفاوضية واستثمار المجالس في هذا المجال نظراً لدورها الحالي الذي يكسبها شرعية حقيقية منبثقة من الأرض، فإنه من الأهمية بمكان دراسة دور المجالس في المرحلة الحالية والانتقالية في كلا المجالين الخدمي والسياسي بهدف تحليل طبيعة ذلك الدور والعوامل المؤثرة فيه، وصولاً إلى اقتراح توصيات من شأنها تمكين المجالس المحلية كأحد محركات الدفع السياسي.

تُسلط هذه الورقة التحليلية الضوء على الدور السياسي للمجالس المحلية وتجلياته كما في نموذج اتفاقات الهدن المحلية الجزئية، وتُحاول تحليل طبيعة علاقة المجالس مع قوى المعارضة العسكرية والسياسية، وتصوراتها حول العملية التفاوضية من حيث موقفها من التفاوض كوسيلة للحل ومحددات رؤيتها السياسية وعلاقتها بالهيئة العليا للتفاوض، وأخيراً تبحث طبيعة ومعوقات الدور الذي من الممكن أن تؤديه المجالس المحلية في المرحلة الانتقالية.

المجالس المحلية: دور خدمي قائم ومقومات لدور سياسي ناشئ

تتنوع آليات تشكيل المجالس المحلية ما بين انتخاب وتوافق إلى تعيين ومبادرة فردية، حيث أظهرت نتائج الاستطلاع أن غالبية المجالس المستطلعة تشكَّلت عبر آلية التوافق المحلي حيث أشار 57% إلى ذلك مقارنة بـ 38% من العينة أشارت إلى الاستناد على آلية الانتخاب. وأظهرت النتائج بالمقابل ضعف الاعتماد على آليتَي التعيين والمبادرة الفردية في التشكيل حيث بلغتا مجتمعتين ما نسبته 5% من إجمالي إجابات العينة.

1


**يُمكن أن يُفسّر اعتماد التوافق كآلية سائدة حالياً لتشكيل المجالس بغياب عوامل الاستقرار الأمني وحركات الانزياح الديمغرافي التي لا تتيح لجميع السكان المحليين المشاركة بالانتخابات، إضافة إلى قدرة هذه الآلية على تجاوز إشكاليات تقنية تكتنف العملية الانتخابية (لوائح الناخبين، القانون الانتخابي، الدوائر الانتخابية، عملية الاقتراع) وهو ما يحتاج إلى خبرات قانونية وتخصصية قد لا تتوافر بالضرورة على نطاق واسع في المجتمعات المحلية.
وبمقارنة نتائج الدراسة الحالية مع نتائج سابقة خلصت إليها دراسة مؤشرات احتياجات المجالس التي قامت بها وحدة المجالس المحلية بالتعاون مع مركز عمران فإنه يلحظ تنامٍ طفيف في الاعتماد على الانتخابات كآلية للتشكيل، حيث ارتفعت النسبة من 35.75% في الدراسة السابقة لتصل إلى 38% في الدراسة الراهنة، وهو ما تدلل عليه الوقائع الميدانية من حيث تنظيم عملية انتخابات محلية تطورت من حيث آليات التمثيل وحجم المشاركة كما هو الحال في الغوطة الشرقية. وبغض النظر عن آلية التشكيل انتخاباً كانت أم توافقاً فإنها تعتبر دليل على وجود مشاركة السكان في المجالس وهو ما يمنحها شرعية لا تتوافر لدى العديد من الإدارات المحلية القائمة ولا الكيانات السياسية في سورية.


أما من حيث الأدوار التي مارستها المجالس المحلية في مناطق سيطرة فصائل المقاومة الوطنية فقد تفاوتت حسب ما أتيح لها من إمكانيات وما تحقق لها من قبول محلي وشبكة علاقات ضمن السياق الذي تعمل فيه.  وقد أظهرت نتائج الاستطلاع توصيف 57% من العينة لدور مجالسهم بأنه خدمي يقوم على تقديم الخدمات المحلية للسكان في مجالات الإغاثة والبنية التحتية والصحة والتعليم، في حين أجاب 42% بأنه دور ثنائي يشمل إضافةً إلى تقديم الخدمات على دور سياسي من أبرز تجلياته: إصدار مواقف وبيانات سياسية، حضور فعاليات سياسية، تنظيم مظاهرات، عقد مصالحات مجتمعية، إجراء مفاوضات محلية مع النظام والقوات الموالية له. أما النسبة المتبقية من العينة وتبلغ 1% فعرَّفَت دورها بأنه سياسي بحت.

2


**تجلى الدور الخدمي للمجالس بشكل أكبر من الجانب السياسي رغم امتلاك المجالس كموناً عالياً ومقومات الفاعلية السياسية وهي:
1.    الشرعية المحلية المستمدة من تمثيلها للسكان المحليين عبر انتخابات أو توافقات محلية؛
2.    الدور الوظيفي الملاحظ في نجاحها النسبي في الاضطلاع بممارسة وظائف الدولة في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد وقدرتها على تمثيل جميع مكونات المجتمع المحلي واتجاهاته السياسية والفكرية واستقطاب الكفاءات وتأهيل قادة المجتمع المحلي للمشاركة في إدارة الشأن العام؛
3.    الاعتراف السياسي من قبل جميع الأطراف حيث اضطر النظام للتعامل مع بعضها وعقد معها مفاوضات (اتفاق الزبداني) وكذلك المنظمات الإقليمية والدولية التي تعتبر الكثير من المجالس المحلية شريكاً أساسياً في تنفيذ عملياتها الإنسانية، كذلك المعارضة السورية والفاعليات المحلية والدول التي تواصلت معها ورتبت شراكات معها فضلاً عن حضورها في وثائق الحل السياسي.
ويمكن إيجاز أبرز ما يُعيق إمكانية تطور الدور السياسي للمجالس بما يلي:
1.    نظرة القائمين عليها بأنها هيئات يغلب عليها الطابع الخدمي؛
2.    تضارب المصالح وتنازع الأدوار بين المجالس المحلية من جهة والقوى العسكرية والسياسية للمعارضة من جهة أخرى؛
3.    غياب عملية سياسية مستقرة تتيح للمجالس ممارسة دور متقدم يتجاوز الدور الخدمي.


المجالس المحلية وقوى المعارضة: منظور إيجابي لعلاقات متشابكة

أظهرت نتائج الاستطلاع تقييماً مقبولاً بشكل عام من قبل عينة المجالس لعلاقتهم بمؤسسات المعارضة الرسمية كالائتلاف الوطني والحكومة السورية المؤقتة، حيث وصف 37% من العينة علاقتهم بالائتلاف بالإيجابية عموماً مقابل 25% ممن رأوا بأنها سلبية، ووصفها 38% بأنها مقبولة. وفيما يتعلق بالحكومة المؤقتة، عبَّر 45% من العينة عن تقييم إيجابي للعلاقة معها مقابل 21% وصفوها بالسلبية، و34% أشاروا بأنها مقبولة.

 3


وينسحب التقييم الإيجابي أيضاً على العلاقة التي تربط المجالس بفصائل المقاومة الوطنية، حيث عبَّر ما نسبته 89% من العينة بأنها جيدة جداً أو جيدة، فيما أفاد 10% أنها مقبولة، مقابل 1% وصفوها بالسلبية.

 4


**تتحدد علاقة المجالس بمؤسسات المعارضة الرسمية بعدة متغيرات أبرزها:

1.    الدعم المادي؛
2.    الشرعية السياسية والدولية؛
3.    الدور الوظيفي؛
4.    العلاقات الشخصية.

وبناء على ما سبق يمكن تفسير التقييم الإيجابي لهذه العلاقة بما يلي:

1.    إدراك المجالس أن ضعف دور مؤسسات المعارضة الرسمية يتصل بعوامل موضوعية، كالإرادة الإقليمية والدولية، أكثر مما يتصل بعوامل ذاتية ذات صلة بالمعارضة نفسها؛
2.    اعتقاد المجالس بأهمية وجود جهة مركزية تنسق عمل المجالس المحلية وتدير أولويات عملها إضافة إلى الحاجة لوجود حامل سياسي على المستوى الوطني يزيح عن كاهل المجالس المحلية هذا العبء ويصرفها باتجاه ميادين الخدمة والإدارة المحلية؛
3.    وجود علاقات شخصية بين أعضاء المجالس وشخصيات المعارضة الرسمية، إضافةً إلى عضوية بعض أعضاء المجالس في بُنى المعارضة السياسية الرسمية؛
4.    وجود اعتمادية نسبية من قبل المجالس على هذه المؤسسات كقنوات رسمية للتواصل مع الجهات الداعمة.

ومن جهة أخرى، تطورت علاقة المجالس المحلية مع فصائل المقاومة الوطنية من تضارب مصالح إلى علاقات تتسم بالإيجابية دون أن ينفي ذلك استمرار التنافس بينهما ولكن بأشكال أخرى، ويمكن تفسير هذا التحول بعدة عوامل أبرزها:

1.    إدراك الفصائل لأهمية مشروع المجالس في إدارة شؤون المجتمعات المحلية وأن تعاونهم معها في حل قضايا المجتمع المحلي يسهم في تعزيز شرعيتها؛
2.    التحول في آليات تدخل الفصائل في المجالس من تدخل مباشر كان يمارس على اختيار المجالس وعملها إلى آخر يتم من خلال قنوات مجتمعية (هيئات محلية ووُجهاء) وهو ما ساهم في تخفيف الاحتكاك السلبي بين الطرفين.



منظور المجالس للعملية التفاوضية: قبول مشروط بحل سياسي محفوف بالمعوقات

حظيت مقولة الحل السياسي للقضية السورية بقبول إقليمي ودولي لاسيما بعد تنامي التهديدات الأمنية والأزمات الإنسانية للصراع وتجاوزهما حدود الجغرافية السورية. وفي إطار دفع العملية التفاوضية تم إصدار عدد من القرارات الأممية وتشكيل هيئة عليا للتفاوض لتكون طرفاً مفاوضاً لنظام الأسد انبثقت عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية بعد أن كان التفاوض على المستوى الوطني من اختصاص الائتلاف الوطني، وتم عقد جولة من المباحثات إلا أنها لم تُحقق إنجازاً يُذكر في جسر الهوة بين طرفي التفاوض. وعلى اعتبار أنَّ المجالس المحلية هيئات شرعية تُمثل رأي السكان المحليين، إضافةً إلى أنه سبق لها القيام بمفاوضات محلية مع نظام الأسد في عدة حالات غلب عليها الطابع المحلي ومن أهمها اتفاقيات الهدن، كان من المهم استطلاع رأيها حول العملية التفاوضية. وقد عبَّر 57% من عينة المجالس عن قبولها لفكرة التفاوض مع نظام الأسد من حيث المبدأ كوسيلة للحل النهائي في حين عارض ذلك 38% من العينة نفسها، وعزف 5% عن التعبير عن رأيهم حيال فكرة التفاوض.

5

ومن الجدير بالذكر أن قبول المجالس المحلية للتفاوض مع نظام الأسد لا ينسحب على قبولها لاتفاقيات الهدن المحلية، حيث عارض ثلثا العينة اتفاقيات الهدن المحلية باعتبارها تصُبّ في مصلحة نظام الأسد، مقابل تأييد ما يزيد عن ريع العينة بقليل لفكرة الهدن باعتبارها تصُب في إنعاش المجتمعات المحاصرة، في حين عزف 15% من العينة عن إبداء رأيهم في هذا الموضوع.

6


**عقد النظام السوري وحلفاؤه منذ بداية عام 2013 عدداً من الهدن مع الفاعلين المحليين في المناطق التي خرجت عن سيطرته، تتركز في مناطق ذات أهمية استراتيجية كالموقع الجغرافي أو الثقل الديمغرافي وهو ما يتبين من خلال انتشارها في محيط العاصمة وحمص ودرعا وحماة. وقد بلغ عددها تقريباً -بغض النظر عن استمراريتها أو انتهائها-ما يزيد عن 27 هدنة يُضاف إليها عدد من الهدن التي ما يزال التفاوض بشأنها قائماً في عدة مناطق من محافظات القنيطرة ودرعا وريف دمشق.

وقد لجأ النظام إلى الهدن كحلول تسكينية محدودة مدفوعاً بعاملين أساسيين:

1.    عسكري-أمني: فنظراً لعدم قدرته على الحسم العسكري في ظل انخفاض قدرته التعبوية على شن عمليات عسكرية بشكل متزامن في عدة مناطق لجأ النظام إلى المفاضلة بين مناطق استراتيجية وأخرى يمكن الاستغناء عنها تكتيكاً؛
2.    سياسي: دفع النظام رؤيته للحل السياسي القائمة على تحوير المطالب من حل سياسي شامل يقوم على إعادة توزيع السلطة وإشراك ممثلين عن قوى المجتمع السوري في الحكم بما يكسر من احتكار السلطة والموارد إلى مطالب محلية تتمحور حول مطالب إنسانية بالدرجة الأولى. بالمقابل اضطُرت عدد من المجالس المحلية للقبول بالهدن لتحقيق مكاسب محلية في مقدمتها إنهاء المأساة الإنسانية في ظل استمرار الصراع واستنزاف كلا الطرفين وترهل استجابة المجتمع الدولي لمطالب الشعب السوري. ويمكن الاستدلال على ما سبق بنوعية المطالب التي تضمنتها اتفاقيات الهدن وفي مقدمتها رفع الحصار وإخراج المعتقلين ووقف القصف وإعادة الخدمات الأساسية.

ويمكن أن يفسر الموقف الرافض لاتفاقيات الهدن والذي بلغ ثلثي العينة بما يلي:

1.    الأثر المتدني للهدن على أحوال ومعيشة المجتمعات المحلية وهو ما تعزز صحته الوقائع الميدانية؛
2.    عدم التزام نظام الأسد بالبنود الواردة في اتفاقيات الهدن لا سيما فيما يتعلق بإخراج المعتقلين والسماح للمواد الإغاثية بالدخول للمناطق المحاصرة فضلاً عن تقييد حركة السكان المحليين في مناطق الهدن؛
3.    غياب ضمانات جدية لاتفاقيات الهدن وضعف آليات مراقبتها؛
4.    الخشية من التأثير السلبي لاتفاقيات الهدن على الحراك الثوري من خلال اختراقه أمنياً وإغراق مناطق الهدن بالأزمات.


وعلى الرغم من قبول المجالس لفكرة التفاوض مع نظام الأسد إلا أنهم يشترطون اتخاذ الأخير إجراءات محددة رتبتها المجالس من حيث أولويتها وفق الآتي:

1.    وقف إطلاق النار والقصف الجوي؛
2.    سحب الميليشيات الأجنبية؛
3.    إطلاق سراح المعتقلين؛
4.    فك الحصار عن المناطق المحاصرة؛ وأخيراً إدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة من الصراع.

7

وفي حين يتمسك وفد الأسد بموقفه القائم على أولوية محاربة الإرهاب ويعتبره بوابة الحل السياسي، تُصرّ المعارضة والقوى الوطنية على ثوابتها في ضرورة تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة لإدارة ملفات المرحلة الانتقالية. وحول رأي المجالس المحلية فيما يخصّ أولويات التفاوض، أكدت غالبية العينة بما نسبته 89% على ضرورة حصر موضوع التفاوض ببحث قضية هيئة الحكم الانتقالية، في حين رأى 9% بوجوب تطرق المفاوضات لموضوعَي هيئة الحكم الانتقالية ومحاربة الإرهاب.

8

وفيما يخص موقف المجالس المحلية من الهيئة العليا للمفاوضات ومدى تمثيلها لها، أظهرت النتائج أن 55% من العينة يرَون أن هيئة التفاوض تُمثل المجالس، في حين تبنَّت النسبة المتبقية موقفاً مُغايراً.

9

أما فيما يخص إجراءات التفاوض وسياق العملية التفاوضية، فقد أبدت غالبية المجالس المحلية تأييدها لإجراء التفاوض، إلا أنها في الوقت نفسه لا تنظر بإيجابية إلى السياق والتوجه الذي ستبدأ من خلاله العملية السياسية نظراً لاعتقادها بوجود العديد من المعوّقات التي تحول دون نجاح العملية التفاوضية والتي رتبتها المجالس المحلية كالآتي:

1.    عقدة الأسد؛
2.    غياب إجماع دولي؛
3.    غياب جهة تمثل السكان؛
4.    الفصائل العسكرية؛
5.    المعارضة السياسية.

10


**ينطلق قبول المجالس المحلية لمبدأ التفاوض مع نظام الأسد من عدة اعتبارات، أهمها:

1.    وجود قناعة لدى المجالس بصعوبة الحسم العسكري وفق معايير الواقعية السياسية وخاصة بعد التدخل الروسي، مقابل وجود قبول إقليمي ودولي لأطروحة الحل السياسي لتسوية الصراع؛
2.    استثمار أداة المفاوضات لتحقيق مكاسب خدمية وإنسانية وحقوقية؛
3.    إحراج النظام سياسياً واختبار جديته في التوصل لحل سياسي.

وإن كانت المجالس تميل للقبول بالتفاوض إلا أنه قبول مشروط بمحددات تشكل مجتمعة السقف السياسي المجمع عليه من قبل المجالس وهي:

1.    وقف إطلاق النار وإيقاف العمليات العسكرية؛
2.    سحب الميليشيات الأجنبية من الأرض السورية؛
3.    تحقيق المطالب الإنسانية التي نصت عليها القرارات الأممية من إطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار عن المناطق المحاصرة وإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود؛
4.    الحفاظ على وحدة سورية وإدارتها من خلال هيئة حكم انتقالية لا مكان للأسد فيها؛
5.    إعادة تشكيل المؤسسة الأمنية والعسكرية على أسس وطنية؛
6.    محاسبة المتورطين في ارتكاب جرائم بحق الشعب السوري.

ويلحظ من ترتيب المجالس لإجراءات ما قبل التفاوض تركيزها على المطالب ذات الطابع الأمني والعسكري عوضاً عن تركيزها على المطالب الإنسانية، ويمكن تفسير ذلك باعتقاد المجالس بأن ما تواجهه من أزمات إنسانية هو نتيجة لتأزم الوضع الميداني، وبالتالي فإن وقف التصعيد العسكري وسحب الميليشيات سيعزز من قدرتها على التعامل مع الملفات الإنسانية والأزمات الخدمية. ورغم تأييد ما يزيد عن نصف عينة المجالس بقليل للهيئة العليا للتفاوض إلا أن النسبة المتبقية لا تعتبر الهيئة ممثلة لها وهي تمثل كتلة حرجة لا يستهان بها، ويمكن تفسير موقفها بعاملين رئيسين وهما:

1.    طريقة تشكيل الهيئة العليا للتفاوض وشعور المجالس باستمرار تهميشها؛
2.    ضعف التواصل بين الهيئة العليا للتفاوض والمجالس المحلية للاستماع إلى رأي الأخيرة حول مجريات الأحداث ومعرفة آخر التطورات السياسية من قبل الهيئة باعتبار أن المجالس معنية بالأمر أكثر من غيرها لاحتكاكها اليومي بالسكان المحليين وتمثيلها لهم.


وضمن تصورات الحل السياسي تُطرح قضية شكل الدولة والصيغة الأمثل لإداراتها، حيث تتراوح الطروحات بين اللامركزية السياسية واللامركزية الإدارية. وبالنظر إلى موقف المجالس المحلية حيال نمطي الإدارة فقد أظهرت النتائج تبني ما يزيد عن ثلثي العينة بقليل للامركزية الإدارية، مقابل تبني ما يقارب ثلث العينة للامركزية السياسية.

16

كما أشارت غالبية العينة إلى ضرورة وجود إطار ناظم لعملها على المستوى الوطني وهو ما عبر عنه 98% من العينة، مقابل معارضة 2% لهذا التوجه.

12


**إن ميل المجالس المحلية للامركزية الإدارية كنمط لإدارة الدولة السورية ينبع من حرصها على وحدة سورية واعتقادها بأن منح المجتمعات المحلية صلاحيات أوسع ضمن اللامركزية الإدارية كفيل بأن يحقق مطالبها في الجوانب الخدمية والتنموية والثقافية، بالمقابل فإن اللامركزية السياسية من شأنها أن تؤدي إلى إيجاد كيان سياسي هش قوامه وحدات سياسية متنافسة فيما بينها وهو ما ينبئ بصراعات مستمرة. وفيما يخص تأييد المقترح بخصوص تشكيل إطار وطني ناظم لعمل المجالس فإنه ينبع من التزام المجالس بالشراكة على المستوى الوطني مع الإدارات المحلية من جهة وقناعتها بأنها بحاجة إلى إطار وطني يُنسق الأولويات ويشكل مرجعية إدارية لها في مزاولة مهامها.


دور مأمول وتحديات قائمة للمجالس في المرحلة الانتقالية

تُعتبر المجالس المحلية أحد الآليات التي يُعول عليها لإدارة المرحلة الانتقالية بحكم شرعيتها من جهة وما تراكم لديها من خبرات في إدارة ملفات هذه المرحلة من جهة أخرى. وفيما يتعلق بترتيب المجالس لأولوياتها في المرحلة الانتقالية فقد جاءت وفق الآتي:

1.    توفير الخدمات الأساسية؛
2.    تعزيز السلم الأهلي؛
3.    توفير الأمن المحلي والتنمية الاقتصادية؛
4.    دفع العملية السياسية.

13

وأشارت نتائج الاستطلاع إلى إدراك المجالس المحلية أنَّ دورها في المرحلة الانتقالية منوطٌ بقدرتها على التعامل مع التحديات التي ستُواجهها والتي رتبتها وفق الآتي:

1.    ضعف الموارد؛
2.    التجاذب السياسي والانقسام المجتمعي؛
3.    الحصول على الشرعية؛
4.    صعوبات أمنية.

14


**يفسر تركيز المجالس المحلية على أولوية توفير الخدمات في المرحلة الانتقالية بقناعتها بأن دورها خدمي بالدرجة الأولى وهو ما أظهرته نتيجة سابقة ذات صلة بالموضوع، بالإضافة إلى اعتقادها بأن الخدمات هي الحاجة الأبرز للسكان المحليين وأن نجاحها في توفيرها يمنحها الشرعية المحلية ثم الدولية، كما يُسهم في استعادة الأمن والاستقرار للمجتمعات المحلية. وتدرك المجالس أيضاً أن العائق الأكبر أمام ممارسة مهامها في المرحلة الانتقالية يكمُن في ضعف الموارد وهو ما يفسر بحجم الطلب الكبير على الخدمات المهيئة للاستقرار من قبل السكان المحليين.


الخاتمة

تُمارس المجالس المحلية بشكل عام ثلاثة أدوار وهي:

1.    الدور الخدمي؛
2.    الدور السياسي؛
3.    الدور التنموي.

ورغم أن نتائج الاستطلاع أظهرت ميل المجالس المحلية في مناطق سيطرة فصائل المقاومة الوطنية للتركيز على الدور الخدمي على حساب الدور السياسي لاعتبارات عدة، إلا أنها مارست الفعل السياسي في عدة مناسبات ومن أبرز تجلياته: إصدار بيانات ومواقف سياسية تمثل رأي المواطنين الذين منحوها الشرعية الحقيقية على الأرض، حضور فعاليات سياسية، تنظيم مظاهرات، عقد مصالحات مجتمعية، إجراء مفاوضات محلية مع النظام والقوات الموالية له، إبداء الرأي في العملية التفاوضية.

وفي ظل الحراك السياسي القائم لدفع العملية التفاوضية للتوصل إلى حل سياسي ينهي الصراع الدائر، فإنه من الأهمية بمكان تعزيز الدور السياسي للمجالس واستثماره لأجل تعزيز الموقف التفاوضي للمعارضة ولاحقاً لدفع العملية السياسية وحماية المكتسبات الناجمة عنها من محاولات الثورة المضادة الرامية لإجهاض الحراك الثوري. ولا يخفى على المراقب أن المجالس المحلية تملك كموناً عالياً يؤهلها لتشكيل هيئات سياسية مستندة على شرعية شعبية محلية تجعلها تتفوق عن كافة الأجسام السياسية الحالية.

ولتحقيق ما سبق يتوجب توفير حزم دعم تستهدف تعزيز قدرات وموارد المجالس وتمكينها مؤسسياً من الصمود في وجه التحديات المختلفة من خلال رفدها بعوامل النجاح المؤسسي والمالي وبرامج بناء القدرات والتدريب المستمر لاسيما فيما يتعلق بالعمل السياسي، إضافة إلى تأطير علاقة المجالس بغيرها من هيئات الحراك الثوري المدنية والعسكرية على قاعدة وحدة الهدف ووفق مبدأ توزع الأدوار وتكاملها.



ملحق: معلومات الاستطلاع

تاريخ الدراسة: من 1-1-2016 إلى 3-2-2016
عينة الاستطلاع: 105 مجلس محلي
التنفيذ: مركز عمران للدراسات الاستراتيجية

جدول توزع العينة

15

منهجية البحث

1.    مجتمع العينة
تم اختيار عينة غرضية من ضمن المجالس المحلية للمحافظات والمجالس الفرعية التابعة لها، وذلك في المناطق الخارجة كلياً أو جزئياً عن سيطرة نظام الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية والإدارة الذاتية الكردية، نظراً لقدرة المجالس في هذه المناطق على القيام بأدوار عدة ضمن الحدود الإدارية لمناطقها.

2.    حجم العينة وتوزيعها
شملت عينة الاستطلاع 105 مجلساً محلياً من إجمالي عدد المجالس الموثقة والبالغ 427. حيث استجاب من كوادر تلك المجالس 62 رئيس مجلس و32 عضو مكتب تنفيذي و11 عضو مجلس، فيما توزعت العينة على محافظات دمشق وريف دمشق وحلب وإدلب ودرعا والقنيطرة وحمص وحماه اللاذقية، وتفاوت توزع العينة على المجالس الفرعية وفقاً لتفاوت عدد المجالس الفرعية في كل محافظة.

3.    وثوقية العينة
حرص الباحثون على طرح أسئلة الاستبيان وعرضها على المستجيبين بغض النظر عن آرائهم الشخصية أو توقعهم لاتجاه نتائج الاستطلاع، كما تم التركيز على صياغة الأسئلة بطريقة محايدة لا تؤثر على آراء المستجيب.

4.    مدة الاستطلاع
استغرقت عملية الاستطلاع ما يزيد عن الشهر، حيث بدأ التواصل مع المجالس المحلية اعتباراً من 1-1-2016 وحتى 3-2-2016، تلا ذلك عملية تفريغ البيانات ثم تحليلها واستخلاص النتائج النهائية.

5.    منهجية التحليل
تم تقسيم عملية التحليل إلى جزأين وفق هدف الدراسة المتمثل في رصد توجهات المجالس المحلية ومدى اضطلاعها بأدوارها على المستويين الإداري والسياسي ، وبالتالي فإن هذا القسم من التحليل يتناول نتائج الاستطلاع ضمن التساؤلات التي تم طرحها حول دور المجالس المحلية في التأثير على العملية السياسية، وموقفها من الأداء السياسي للبنى السياسية الثورية وتفاعلها مع الاستحقاقات المختلفة، والميل السياسي العام للمجالس المحلية، في حين سيتناول القسم الثاني من التحليل  الدور الإداري للمجالس المحلية ومدى حيازتها لأهم مقوماته ومسؤولياته.

وتأتي عملية إدماج عملية الاستطلاع للدورين السياسي والإداري من منطلق وجود جدلية مستمرة بين فاعلية دور المجالس المحلية في الدفع السياسي ودورها الرئيس في إدارة المجتمعات المحلية وتحقيق مصالحها وتمثيلها.

التصنيف أوراق بحثية

تحليل يلفت النظر إلى بعدٍ غير مشهور عن واقع الثورة السورية، وهو أن المناطق التي تفلّتت من قبضة النظام نجحت في تنظيم مناطقها وفق صيغة تمثيلية انتخابية، فحازت على شرعية سياسية لها أهمية تفوق أهمية قيامها بالخدمات الأساسية.

التصنيف أوراق بحثية