تقدير الموقف

المسارات

الملفات

الباحثون

التصنيف

تاريخ النشر

-
الإثنين, 14 كانون1/ديسمبر 2015 02:03

ماذا بعد مؤتمر الرياض

ملخص: انطلاقاً من تساؤل ماذا بعد مؤتمر الرياض، تستعرض هذه الورقة تحديات المعارضة السورية في المرحلة التالية لانعقاد المؤتمر(الذي تباينت وجهات النظر في تقييم مخرجاته)، سواء تلك المتمثلة بالجهود السياسية والدبلوماسية والعسكرية الإيرانية والروسية، الرامية لتقليص فرص الحل السياسي وإفشال المؤتمر، أو تلك المرتبطة بإطروحات التقسيم التي يتم التسويق لها كبديل عن الدبلوماسية المتعثرة، أو تلك المتعلقة بتحديات المعارضة الداخلية كتعزيز العلاقات البينية، وإدارة التعددية الفكرية والمنهجية، وفض النزاعات...إلخ.

ثم تستند الورقة في قسمها الأخير على ضرورة حيازة مصادر القوة وتوظيفها وتحويل المنجزات الميدانية إلى مكتسبات، لتقدم جملة توصيات تؤكد من خلالها على أهمية ترجمة الفرص الكامنة للهيئة العليا التي أسفر عنها مؤتمر الرياض على أرض الواقع.

نجح مؤتمر الرياض في جمع ألوانٍ مختلفةٍ من الطيف السوري المعارض، والخروج بمبادئ للمرحلة الانتقالية، ووضع آلية مؤسسية لضبط العملية التفاوضية من خلال هيئة عليا تمثل مختلف الجهات التي شاركت في المؤتمر، وتحقيق إجماع المعارضة على التخلص من بشار الأسد الذي أصبح عبئاً على الأمن العالمي.

وكأي حدث سياسي تتقاطع فيه المصالح؛ تباينت وجهات النظر في تقييم مخرجات المؤتمر، وتعددت الآراء بين من يرفع سقف توقعاته وفق رؤى مثالية، ومن يخفضها عبر رؤية واقعية لا تستشرف إمكانية الحسم العسكري.

وعلى الرغم من أن دائرة الجدل قد تناولت إدارة المؤتمر ومخرجاته؛ إلا أن التركيز كان منصباً لدى الكثيرين على جدوى المعالجة الدبلوماسية في ظل التصعيد العسكري الذي تشهده المنطقة.

وتحاول هذه الورقة تحليل أهم التحديات التي يمكن أن تواجه المعارضة السورية في المرحلة التالية لانعقاد المؤتمر، واستشراف العقبات التي تعترض مسيرة الحل السياسي، والتي يمكن استعراض أهمها فيما يلي:

1.    الحشود العسكرية لتقليص فرص الحل السياسي

تزامنت تحضيرات مؤتمر الرياض بإعلان الروس نشر منظومات دفاع جوي من طراز (Slava-class 1164) على الساحل السوري بالإضافة إلى منظومتي الدفاع الجوي (S-300F Fort SA-N-6) و(S-400)، ووصول غواصة روسية مزودة بصواريخ كروز ومجهزة بمنظومة (Caliber-PL) للصواريخ المجنحة، وتسريب خطة روسية لإرسال 120 مقاتلة جديدة يتمركز نصفها في مطار "الشعيرات" العسكري شرقي حمص، والذي يجري إعداده كقاعدة روسية ثانية يتم تعزيزها بعناصر من القوات الخاصة الروسية (Spetsnaz)، وثلاثة كتائب مدفعية من طراز (2S19 Msta-S)، ودبابات (T-90) تمهيداً لعمل عسكري واسع النطاق.

وبالإضافة إلى العمليات التي يشنها الحرس الثوري الإيراني والميلشيات التابعة له؛ تفيد الأنباء بانخراط سلاح الجو الإيراني في العمليات القتالية، حيث قامت مقاتلات من سلاح الجو الإيراني بقصف مواقع في سوريا لأول مرة منذ اندلاع الثورة عام 2011، وتجري تحضيرات لإرسال كتيبتين من سلاح الجو الإيراني للمساهمة في تحصين مطار "الشعيرات" بحمص، في حين يعمل فيلق القدس على تشكيل تحالف بري من قوات الحشد الشعبي وفصائل من حزب العمال الكردستاني لشن حملات برية مشتركة في سوريا والعراق.

وفي الشمال السوري استبق حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي مؤتمر الرياض بعقد مؤتمر أكد فيه أن "منطقتي جرابلس واعزاز هما جزء من كردستان سوريا"، وذلك بإيعاز من موسكو التي تمني الأكراد بتحقيق الحكم الذاتي وفق تفاهمات أمريكية-روسية تسهم فيها واشنطن بتدريب عناصر من "وحدات حماية الشعب".

وتؤكد مصادر عسكرية أمريكية أن البيت الأبيض قد اعتمد في مطلع شهر ديسمبر الجاري استراتيجية جديدة تتضمن الانخراط بصورة مباشرة في الصراع، حيث يتوقع وصول حاملة الطائرات الأمريكية (USS Harry S. Truman) لإسناد القوات الخاصة التي تم إرسالها للمنطقة، وذلك بالتزامن مع تسريب معلومات عن قرب الانتهاء من تشييد أول قاعدة جوية أمريكية داخل الأراضي السورية في مطار "تل حجر" الزراعي الذي تمت توسعته وتجهيزه بمدارج مخصصة للطيران الحربي.

ويقع المطار بالقرب من مدينة "رميلان" التي تعد أحد أهم معاقل "وحدات حماية الشعب" الكردية، مما يعكس اهتمام واشنطن بتمكين هذه الوحدات، ويسفر عن الاهتمام الأمريكي بحقول النفط السورية التي تقع بالقرب من المطار والتي تقدر بنحو 2000 بئر كانت تنتج نحو 400 ألف برميل يومياً قبل عام2011، وتمثل 60 بالمائة من الإنتاج النفطي السوري. وتعمل شركات نفط أمريكية على دراسة فرص التعاقد مع الحكومة الأمريكية لإصلاح هذه الآبار التي دمرها القصف والعمل على إعادة الإنتاج إلى سابق عهده.

وتسهم دول أوروبا الغربية في عمليات الحشد العسكري من خلال إرسال فرنسا حاملة طائراتها (Charles de Gaulle) وتشكيل كتيبتي تدخل سريع ('Alerte Guépard')، من ملاك الفرقة المدرعة (12ème Régiment de Cuirassiers) وفرقة المدفعية (40ème Régiment d'Artillerie) وفرقة المشاة (3ème Régiment d'Infanterie de marine) ليصل عدد المقاتلين الفرنسيين في سوريا إلى نحو 400.

وعلى إثر موافقة البرلمان البريطاني على شن ضربات جوية في سوريا؛ انطلقت مقاتلات "تورنيدو" من قاعدتها في قبرص لتضرب أهدافاً شمال شرقي سوريا، كما أعلنت ألمانيا أنها تعتزم نشر طائرات استطلاع وفرقاطة بحرية وعلى متنها نحو 1200 مقاتل، بالإضافة إلى أربع طائرات رصد ومراقبة.

ولا شك في أن هذه الحشود العسكرية غير المسبوقة في سوريا ستقلل فرص التوصل إلى حل سياسي، حيث يسود الاعتقاد أن موسكو وإيران تظهران نمطاً من التعاون في المفاوضات مع الغرب حول الملف السوري بهدف كسب المزيد من الوقت لتحقيق الأهداف العسكرية المتمثلة في ضرب البنى التحتية لفصائل المعارضة وتثبيت حكم بشار.

وتطرح خطط تمكين الأقليات الإثنية (في الشمال) والطائفية (في الساحل)، ومشاريع تشييد القواعد العسكرية لكل من روسيا وأمريكا تساؤلات مقلقة حول جدوى إجراء مفاوضات بين المعارضة والنظام في ظل حشود عسكرية دولية غير معنية بنتائج هذه المفاوضات، وسعي كل من موسكو وواشنطن لتأسيس قواعد ثابتة لها في الأراضي السورية، ومن غير المتوقع إلزامهما بالخروج من البلاد وفق قرارات أممية خاصة وأنهما تمتلكان حق الفيتو في مجلس الأمن.

2.    الجهود الروسية-الإيرانية لإفشال المؤتمر

استبق مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية في وزارة الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان مؤتمر الرياض بتصريح أكد فيه أن إيران: "ترفض مؤتمر المعارضة السورية في الرياض، وترفض تشكيل وفد للمعارضة من قبل السعودية، إذ إن ذلك يتعارض والاتفاق الذي تم في فيينا".

كما عبرت روسيا بعد انتهاء المؤتمر عن عدم اعترافها بمحاولات جماعات المعارضة التي حضرت مؤتمر الرياض منح نفسها حق التحدث باسم جميع فصائل المعارضة السورية، وأكدت رفضها: "تمسك المعارضة بالإطاحة بالحكومة الشرعية في دمشق، ومحاولات حصر عملية التسوية في نطاق منفرد".

وبين هذين التصريحين تظهر حزمة من التحديات التي تعترض مسيرة الحل السياسي، ولعل أبرزها؛ معضلة التعامل مع المفاوض الإيراني الذي يستخدم الدبلوماسية كأداة لإطالة أمد الصراع، وذلك من خلال إرهاق القوى الإقليمية والدولية بمتاهات التفاصيل العبثية واستنزاف قدراتها على الترضية بغية ترسيخ خطوطها الحمراء المتمثلة في: تثبيت نظام بشار، وفك العزلة الدولية عنه، وكسب المزيد من الوقت للقتال على الأرض، والاستمرار في بناء دولة عميقة عسكرية وأمنية إيرانية الطابع، وضمان احتفاظ إيران بحق النقض في أية عملية دبلوماسية.

أما الخصم الروسي المتنمر فيعتمد دبلوماسية مغايرة تقوم على مفهوم "السيطرة الانعكاسية" والمتمثلة في استخدام التضليل لإضعاف الطرف الآخر، حيث تنشر موسكو قدرات عسكرية متطورة، وتقوم بإنشاء جيب علوي في اللاذقية، وتدعم الحرس الثوري الإيراني لتعزيز مواقفه في مناطق مختلفة من البلاد، في حين تنشغل الدول الغربية بالحديث عن تفاصيل التعاون مع موسكو في محاربة الإرهاب دون أن ينعكس ذلك فعلياً على الأرض.

ولتحقيق هذه الاستراتيجية تعمد موسكو إلى: اختلاق روايات كاذبة حول محاربة الإرهاب، وادعاء التعاون مع المعارضة السورية، وإشغال المجتمع الدولي بتصنيف فصائل المعارضة إلى إرهابية ومعتدلة، وذلك بهدف كسب المزيد من الوقت ريثما تُحقق الضربات الجوية أهدافها والتي تتضمن: تحقيق موطئ قدم لها في المياه الدافئة، ونشر منظومات دفاع جوي للحد من النفوذ الغربي شرقي المتوسط، وثبيت نظام بشار، وتشكيل شبكة تعاون إقليمي تشمل طهران وبغداد ودمشق وتل أبيب، وتجاوز العزلة التي فرضها الغرب عليها عقب الأزمة الأوكرانية.

ويسود الاعتقاد في الأروقة الإقليمية والدولية بأن إطالة أمد الجهود الدبلوماسية إزاء الأزمة السورية يساعد موسكو وطهران على تكثيف وجودهما العسكري وكسب المزيد من أوراق الضغط التي تفرض على الدول الغربية المترددة مجاراتها.

3.    دعوات التقسيم كبديل عن الدبلوماسية المتعثرة

تؤكد الدراسات الأمنية الغربية أن فرص التوصل إلى حل سياسي في سوريا خلال السنوات الثلاثة القادمة هو أمر بعيد المنال، خاصة وأن معظم الأطراف المتصارعة ميدانياً هي قوى خارجية عابرة للحدود، وعلى رأسها: الميلشيات الإيرانية والتشكيلات الكردية وتنظيم "داعش"، وهي غير معنية بالدبلوماسية الدولية ولا تشملها أية اتفاقيات تبرمها المعارضة مع النظام ضمن حوار داخلي.

ويمكن الاستشهاد بعدد كبير من التقارير الصادرة عن مواقع: "جينز" العسكري و"إنتيل" الأمني والهيئة الأمنية الأمريكية للدفاع (Defense Intelligence Agency) ووكالة الأمن القومي الأمريكي (National Security Agency) وغيرها من التقارير التي تم تسريبها في الأيام الماضية، والتي تتوقع تنامي النزعات الانفصالية وصعوبة التوصل إلى تسوية سياسية في الوقت الحالي.

كما صدرت في الآونة الأخيرة مجموعة تقارير استخباراتية أوروبية تؤكد مضمون ما يتم تداوله في الأروقة الأمريكية، مما دفع بمراكز الفكر الغربية لإنتاج مادة وفيرة حول ضرورة العمل على وقف النزيف البشري، وتخفيف معاناة الشعب السوري، والحد من أزمة اللجوء إلى الغرب عبر اقتراح خطط تقسيم تقضي بإنشاء أقاليم علوية ودرزية وكردية وسنية على أنقاض الجمهوريات المتهاوية في سوريا والعراق.

ومن ضمن هذه الأطروحات -على سبيل المثال لا الحصر- تقرير مجلة "فورين أفيرز" في عددها الأخير، والذي استنكر تمسك أمريكا بحدود سايكس-بيكو المصطنعة منذ قرن من الزمان، خاصة وأن قلة ترى أن العراق وسوريا ستعودان كما كانتا، واقترح التقرير إنشاء دولة مستقلة في المناطق السنية بسوريا والعراق، ورأى في ذلك منافع عديدة منها إمكانية قيام دول للأقليات مثل العلويين، مؤكداً أن هذا الخيار سيمنح فرصة للخروج من دوامة الحرب الطويلة والتهديد الإرهابي المستمر ووقف أزمة اللاجئين ونهاية التنافس بين القوى الدولية في المنطقة.

كما نشر موقع "بلومبيرغ" دراسة رديفة توقعت إمعان نظام الأسد وحلفائه في طهران وموسكو في تنفيذ إستراتيجية تطهير عرقي ممنهج ضد العرب السنة، ورأت أنه سيكون من الصعب الحفاظ على وحدة البلاد أو تأسيس حكم مركزي فيها في ظل تنامي الحشود الروسية والإيرانية، واقترحت الدراسة تبني سياسة تقسيم ناعم للبلاد، بحيث يُترك للأسد منطقة يسيطر عليها، والعمل على إنشاء نظام فيدرالي في المناطق الخاضعة للمعارضة: "وعندئذ فقط ستتوقف إراقة الدماء السورية وتخف مأساة اللجوء بشكل تدريجي".

ولا شك في أن تنامي دعوات التقسيم في الدوائر الأمنية والعسكرية تعكس وعي الدول الغربية بصعوبة المسار السياسي، وعدم القناعة بإمكانية استعادة وحدة الأراضي السورية في ظل مشاريع تمكين الأقليات ودعم نزعات الانفصال التي تقف خلفها موسكو وواشنطن، وتتعارض هذه المعطيات مع المبادئ التي أجمعت قوى المعارضة السورية على إقرارها في مؤتمر الرياض.

4.    التحديات الداخلية والموقف من المؤتمر

أسفرت تعليمات المنظرين الكامنين في "تورا بورا" و"بعقوبة" عن حملة منظمة شنتها التنظيمات التابعة لها ضد مؤتمر الرياض، وتناولت الحملة: التشكيك في الدولة الراعية للمؤتمر، والطعن في جماعات المعارضة السياسية بكافة أطيافها، ورفض قرارات المؤتمر وبيانه الختامي.

لكن القدر الأكبر من النقد طال الجسد العام لفصائل المعارضة السورية المسلحة التي قررت المشاركة في المؤتمر، والتي اتُهمت بالخيانة والعمالة والتخلي عن المبادئ، وما إلى ذلك من تهم شنيعة تطابقت بصورة مريبة مع قاموس المصطلحات الرسمية لماكينة النظام الإعلامية في توصيف المؤتمر.

وانعكست ارتدادات هذه الحملة على بعض الفصائل التي سارع بعضها لنفي "تهمة" المشاركة من جهة، وانقسمت أخرى على نفسها بين مؤيد ومعارض داخل الفصيل نفسه من جهة أخرى.
والحقيقة هي أن طبيعة تعامل بعض الفصائل والقيادات المعروفة مع مخالفيهم قد أظهرت خطورة التصدع في صفوف المعارضة المسلحة التي تعتبر عنصر التوازن الفعلي في المعركة ضد النظام.
فعلى الرغم من الإدراك التام بأن الذراع العسكري للثورة هو السلاح الأهم من بين حزمة أدوات أخرى تمتلكها الثورة السورية لتحقيق أهدافها؛ والتسليم بأن الدبلوماسية هي أداة أخرى تختلف وجهات النظر في تقييم فاعليتها؛ إلا أن اندفاع بعض القادة الميدانيين نحو ممارسة العنف اللفظي والارتكاز على النصوص الشرعية لإخراج المخالفين من دائرة الإسلام قد أثارت تساؤلات مخيفة حول إمكانية تكرر مشهد الصراع الأفغاني بعد خروج السوفييت من كابل.
وأظهرت حالة ارتباك بعض الفصائل ضعف البنى التنظيمية ونقص التأهيل السياسي لدى هذه المجموعات التي لا تزال عاجزة عن إدراك أهمية الظهير الدبلوماسي والسياسي في أي مواجهة مسلحة.
كما أسفرت التجاذبات غير المنضبطة عن توضيح الحاجة الملحة لتبني برامج متقدمة في صفوف هذه المجموعات حول: تعزيز العلاقات البينية، وإدارة التعددية الفكرية والمنهجية، وفض النزاعات، تمهيداً للانتقال بالجسد العسكري للمعارضة من مرحلة الفصائلية إلى الاحترافية العسكرية، وما يتطلبه ذلك من وعي بأهمية التكامل البنيوي كضرورة قصوى لحمايتها من خطر الفرز والتقسيم، ومن ثم استدراجها في معارك بينية غير محسوبة.

نتائج وتوصيات للهيئة العليا للتفاوض

حاولت هذه الورقة تتبع أهم التحديات التي تعرقل مسيرة الحل السياسي، واستشراف العوائق التي يمكن أن تواجهها العملية التفاوضية المزمع عقدها في المستقبل القريب.

وعلى الرغم من صعوبة المشهد السوري وتعقيداته؛ إلا أنه لا بد من الإقرار بأن مؤتمر الرياض قد وضع أرضية يمكن أن تجتمع عليها أطياف المعارضة لصياغة استراتيجية تفاوضية وتحديد ملامح مرحلة انتقالية على أسس من الرصانة والاحتراف.

وفي ظل تقلص فرص الحل السياسي، ومحدودية دور الدبلوماسية جراء التصعيد الدولي، لا بد من التسليم بأنه لا يمكن أن تحقق الثورة السورية أهدافها إلا من خلال حيازة مصادر القوة، والتي يمكن توظيفها تحويل المنجزات الميدانية إلى مكتسبات تخدم الشعب السوري.

ومن خلال هذه الرؤية الشاملة يمكن تعداد أهم الفرص المتاحة لدى الهيئة العليا التي أسفر عنها مؤتمر الرياض فيما يلي:

•    الانطلاق من التوافقات العامة التي تم التوصل إليها لصياغة مبادئ سياسية وضوابط تفاوضية ورؤى ناضجة لآليات التحول السياسي في سوريا دون التنازل عن أي من مبادئ الثورة السورية وأهدافها.
•    توظيف تمثيل الفصائل في الهيئة العليا في مجالات: رأب الصدع بين الجسد السياسي والعسكري للثورة، وتحقيق التناغم فيما بينها، وتطوير قدراتها باعتبارها الرصيد الأكبر والأنجع للثورة السورية.
•    الانتقال بآليات التمثيل السياسي من مرحلة المحاصصة العبثية إلى مرحلة الاحترافية في تمثيل الثورة السورية، والاستفادة من الجسد الجديد لتعزيز التواصل بين مختلف قوى المعارضة، مع طمأنتها بأن الهيئة العليا لا تهدف إلى إلغاء أي تشكيل سابق أو إضعافه أو الحلول محله أو إلغاء منجزاته.
•    النأي بالثورة السورية عن مشكلات الاصطفاف الإقليمي ومحاولات الفرز الإيديولوجي والصراعات الخارجية التي لا تخدم الثورة ولا تحقق أي مصلحة للشعب السوري.
•    الإعداد لخوض العملية التفاوضية وفق استراتيجيات متطورة، والتعاون مع المجتمع الدولي لتخفيف معاناة الشعب السوري والحد من جرائم النظام، واللجوء إلى القانون الدولي للمطالبة بطرد الميلشيات الطائفية ومجموعات المرتزقة غير المعنية بمخرجات التفاوض الداخلي.
•    إبراز الرموز التوافقية التي نأت بنفسها عن معارك الشد والجذب، وتعزيز حضور الوجوه الجديدة التي تتمتع بالخبرة والمصداقية ضمن الطيف المعارض، مما يؤهل الهيئة لخوض المرحلة بكفاءة واحتراف.
ولا يمكن ترجمة هذه التوصيات على أرض الواقع إلا عبر امتلاك مختلف الأدوات: السياسية، والاقتصادية، والدبلوماسية، والأمنية، والإعلامية، والقانونية، وغيرها من الآليات المتاحة لقوى الثورة في مواجهة التنمر الروسي والتغلغل الإيراني... ومن خلال الإيمان الجازم بأن قوة الثورة تكمن في وحدة أطيافها، وأن المعركة الحقيقية لا تحسم إلا على الأرض.

التصنيف أوراق بحثية
الجمعة, 04 كانون1/ديسمبر 2015 01:55

مؤتمر الرياض.. الفرصة لفاعلية سورية

ملخص: على الرغم من أن السياق العام لمخرجات فيينا لا يبدو  وأنه سيفضي إلى حل حقيقي وجدي للأزمة السورية؛ إلا أن مؤتمر الرياض يمثل حاجة ضرورية وملحة للخروج برؤية واضحة وموحدة للمعارضة، تمكنها من التحرك بفعالية سياسية حقيقية تعطل صيغ الحل الإلزامي وتقدم البديل المقنع ضمن أي مسار محتمل للعملية السياسية، ما قد يمنح قوى المعارضة فرصة ربما تكون الأخيرة ويخضعها لامتحان هو الأصعب في تاريخ الثورة السورية، مقابل ما يلقيه من مسؤوليات حقيقية على كاهل المحور الثلاثي الداعم (قطر، السعودية، تركيا) ليعيد اختبار أدواتهم في التعاطي مع الملف السوري.

حُكمت مسارات العمل السياسي والعسكري للمعارضة السورية بمجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية، والتي أفضت إلى إجهاض أيمحاولة لتوحيد الرؤى وتنسيق الجهد، وبالتالي عدم إنتاج أي فعل سياسي جمعي جاد، ما أدّى لإيكال الفضاء السياسي والعسكري لمجموع القوى الإقليمية والدولية، مقابل انطواء أجسام المعارضة السورية على ذاتها واقتصارها على التحرك بردود الأفعال وفق هوامش سياسية ضيقة وسياقات عسكرية تخضع بغالبيتها لمبدأ "إدارة الأزمة". ففشل مجموع القوى الوطنية على مر الأعوام الخمسة الفائتة عن مراكمة أي مخزون سياسي عسكري منظم من الممكن أن يعول عليه كضامن في الاستجابة السريعة لمتغيرات الظرف السياسي الإقليمي والدولي، والذي تواجه المعارضة السورية اليوم إحدى تقلباته عبر اجتماعات فيينا الأخيرة وما رشح عنها من مخرجات ورسائل يراد لها أن تعلن المرحلة الحالية بمثابة الأخيرة قبل بدأ العملية السياسية، والتي حددت أطرها العامة وفق مدخل روسي أمريكي. وتشير القراءات الأولية للحراك الدولي أن مآلات فيينا لن تصب في صالح الجانب المعارض، والذي بات أمام اختبار ربما يكون الأصعب في تاريخ الثورة السورية، مقابل ما يلقيه من مسؤوليات إضافية على كاهل المحور الثلاثي الداعم (قطر، السعودية، تركيا) ليعيد اختبار أدواتهم في التعاطي مع الملف السوري.

وفقاً لأعلاه تقوم هذه الورقة بتحديد طبيعة الاختبار والاستحقاق القادم انطلاقاً من المناخات العامة الناشئة بعد اجتماعات فيينا، وما أفرزته من مسؤولية مشتركة لكل من المحور الثلاثي وقوى المعارضة السورية، والتي سيتم اختبارها وظيفياً في مؤتمر الرياض، بالإضافة إلى رسم السيناريوهات المتوقعة لمخرجات هذا المؤتمر وديناميات التعامل معها.

المزاج السياسي الدولي بعد فيينا

أدى دخول الفاعل الروسي بشكل مباشر على المشهد السياسي والعسكري المحلي إلى تسارع الرغبة الدولية في تأطير العملية السياسية في فيينا بما يراعي شروط هذا الفاعل، ويعزز مناخات سياسية لايزال يعتريها الكثير من الغموض في الآليات والالتفافات الواضحة على القضايا الجوهرية في الملف السوري ومحاولات تأطير العملية السياسية بصيغة الفرض وفق مزاج سياسي دولي وإن لم يكتمل بعد، إلا أن مخرجات فيينا الأولية (كبيان ووقائع) وما رشح عنها من مؤشرات ترسم ملامح الظرف السياسي القائم بما يدعم نمو هذا المزاج وفق مجموعة من المعطيات ولعل أبرزها:

  • محاولة فرض رؤية روسية مبطنة بدعم أمريكي لطبيعة وشكل الحل السياسي في سورية.
  • إعادة ترتيب خطوات الانتقال السياسي وضبطها وفقاً لأولوية مكافحة الإرهاب كمدخل أول وإطار عام للحل.
  • محاولات إعادة رسم خريطة القوى العسكرية السورية على أساس تصنيف الإرهاب والاعتدال، وبالتالي تحديد الفاعلين في تلك العملية السياسية واستثناء آخرين ودفعهم في خانة الإرهاب.
  • ترحيل إشكالية حضور الأسد خلال المرحلة الانتقالية، والتي يشير مناخ الاجتماعات إلى احتمالية تعليقها واختزالها بترشحه من عدمه.
  • انكفاء السياسة الأمريكية في تصدر وإدارة الملف السوري لصالح روسيا.
  • احتمالية دفع موسكو بتدخلها العسكري المباشر بعض الفاعلين الدوليين والإقليمين للتنسيق وفقاً لسياساتها من خلال تأمينها بعض النقاط التي تتقاطع مع استراتيجياتهم: ولعل أبرزها تلك النقاط:

أ‌.         تأمين الضامن للمرحلة الانتقالية بعد الدخول العسكري على الأرض وإخضاع النظام والإيرانيين للإرادة الروسية.

ب‌.     احتمالية تحول الروس إلى معادل قوى حقيقي ضابط للنفوذ الإيراني في سورية بشكل خاص والمنطقة بشكل عام.

ت‌.     توفير الجهد الأمريكي عبر تصدر موسكو المشهد، ما يمنح واشنطن فرصة التهرب من مسؤولياتها واستكمال سياستها في إدارةالملف السوري من الخلف.

ث‌.     التصعيد من أهمية مكافحة الإرهاب لابتزاز مجموع القوى الدولية والإقليمية للتنسيق معها وعلى رأسهم أوروبا المشوشة في حسم موقفها. وذلك عبر زيادة الفاعلية العسكرية على الأرض وتكثيف الجهد الدبلوماسي.

 

  • اتجاه الدور الأوروبي بعد تفجيرات باريس وعلى رأسه فرنسا لصالح أولوية مكافحة الإرهاب، ما قد يدفع لحرف بوصلة القارة العجوز في الملف السوري بالاستجابة لدعوات التنسيق مع الفاعل الروسي، وبالتالي احتمالية القبول بقيادة الأسد للمرحلة الانتقالية، يساهم في ذلك ما تعانيه من تفاقم أزمة اللاجئين، ناهيك أن الاتفاق قد ينسجم والرؤية الأوروبية لطبيعة الحل السياسي في سورية.
  • محاولات موسكو وطهران خلال اجتماعات فيينا إيقاع المحور الثلاثي (القطري، التركي، السعودي) في فخ سحب الشرعية عن بعض الفصائل السورية الثورية، عبر تصنيف جديد للإرهاب، ونجاح المحور ذاته في المناورة عبر الدفع المضاد وإبراز الفصائل السورية المعتدلة.
  • مراعاة موسكو بطرحها محددات النظام الأمني الإسرائيلي في المنطقة، وبالتالي كسب المزيد من الحشد الدولي من أهم الفاعلين في رسم سياسات المنطقة.
  • احتمالية تحول مخرجات فيينا إلى إلزام دولي عبر دعمها من قبل الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن.

إن مجموع تلك النقاط والمؤشرات وفقاً للظرف السياسي الأمني الدولي والإقليمي؛ إنما ينذر بسير الحل السياسي ما بعد فيينا بصيغة ("إما" و "أو")، فإما أن تلج القوى المحلية بالعملية السياسية من المدخل الدولي الأولي المتوافق عليه لإنهاء الصراع، أو فلتستعد إلى التصنيف ضمن الضفة الأخرى وما يقابلها من اصطفاف دولي إقليمي. ما يضع المعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي أمام تحد صعب لتحسين تموضعها في مسار العملية السياسية المرتقبة، كفاعل في رسم ملامحها وأساس في ضبطها وليس معطى من معطياتها. لتأتي في هذا السياق الدعوة الأخيرة لمؤتمر الرياض كجهد دولي إقليمي واستجابة سريعة لضرورات المرحلة في توحيد جهود المعارضة السورية ودفعها باتجاه التوافق حول وثائق جامعة تتقاطع من خلالها الرؤى المختلفة بشكل يساهم في تسهيل استكمالها متطلبات العملية السياسية، ما قد يمنح قوى المعارضة فرصة جديدة ويخضعها لامتحان وتحد، ربما يكون الأصعب في تاريخ الثورة السورية، مقابل ما يلقيه من مسؤوليات حقيقية على كاهل المحور الثلاثي الداعم(قطر، السعودية، تركيا) ليعيد اختبار أدواتهم في التعاطي مع الملف السوري.

مؤتمر الرياض (الاختبار الوظيفي)

تتجه المؤشرات السابقة واحتمالية تطورها نحو حسم التصور الدولي والإقليمي المشوش لطبيعة وشكل المرحلة الانتقالية، والذي قد ينتج عنه عدة تصورات، ربما يمثل إحداها احتمالية نجاح السعي الروسي بإقناع المجموعة الدولية بضرورة بقاء الأسد (كبقايا مؤسسة) خلال المرحلة الانتقالية وقيادته لها، مستغلة بذلك النقاط المذكورة سابقاً مقابل تراخي المعارضة السورية في تقديم بديل وإثبات فاعلية سياسية وعسكرية، ما قد يسنح لموسكو فرصة تقديم الأسد وقواته كبديل وشريك لمكافحة الإرهاب، بعد إحداث عدة تغييرات في المؤسسة العسكرية التابعة للنظام لتتناسب وتلك الشراكة الدولية.

وإذ يمثل التصور السابق إحدى الإفرازات المحتملة للسياق السياسي الدولي؛ فإن عرقلته أو خلق بدائل يبقى مرهوناً بأداء المعارضة السورية والداعمين من مجموعة أصدقاء سورية، وحسن استثمارهم لفرصة مؤتمر الرياض وفق الظرف الإقليمي والدولي القائم وتحويل تلك الفرصة إلى فعل جمعي جاد على الأرض. فعلى الرغم مما قدمه سياق اجتماعات فيينا من محاولات لتحديد أولويات المرحلة الانتقالية بمكافحة الإرهاب؛ إلا أن تخبط القوى الإقليمية والدولية في البحث عن شريك حقيقي على الأرض في التصدي لتلك المهمة مازال واضحاً، الأمر الذي تلوح معه فرصة سانحة للمعارضة السورية في تجميع صفوفها السياسية والعسكرية على الأرض وتقديم بديل موحد ومتماسك وشريك حقيقي، يساهم في تقوية بعض المواقف الدولية والإقليمية الداعمة للثورة، والتي بدأت تتراجع نتيجة غياب البديل،

بالمقابل فإن استثمار هذه الفرصة ضمن هذا المناخ الدولي المعقد والمصالح الإقليمية المتضاربة، لا يتوقف على المعارضة السورية في توحيد جهودها فحسب، وإنما يتطلب جهداً رديفاً يبذله المحور الثلاثي الداعم. حيث أن أسباب فشل توحيد رؤى المعارضة السورية بشقيها كان محكوماً بمجموعة أسباب ذاتية وموضوعية، فإذ تتحمل المعارضة الجزء الأكبر من حالة التشظي هذه؛ إلا أن ذلك لا يعفي مجموع القوى الدولية والإقليمية من تغذية هذا الشرخ أو محاولات رأبه بطريقة فاشلة، ما يحمل الطرفين مسؤولية مشتركة وذلك لما تجاوزته الأزمة السورية من حدود الجغرافية إلى إنتاج نظام أمني إقليمي جديد في المنطقة. الأمر الذي يلقي على الطرفين مجموعة من المسؤوليات، يتفرع عنها عدة مهام لابد من ترجمتها خلال مؤتمر الرياض على مستويين:
المستوى الأول: المعارضة السورية (اختبار الأداء)

بعد حالة الاستعصاء والأفق المسدود التي وصل إليها مجموع القوى الدولية والإقليمية حيال الأزمة السورية بالأدوات الحالية؛ تبدو الخيارات الدولية مفتوحة على العديد من الاحتمالات و المناخ الدولي والإقليمي الداعم متعطشاً لأي مبادرة سورية تقدم طرحاً بديلاً عن خيار نظام الأسد، والذي لازال يسبق المعارضة بامتلاك هيكل دولة، مبتزاً عبره المجتمع الدولي وتحديداً في إطار مكافحة الإرهاب، لذلك فإن أي توافق حول رؤية سورية موحدة صادرة عن المعارضة في مؤتمر الرياض تغلب عليها صيغة العمل الدولتي، يمكن أن تكون نواة لتبلور موقف موحد للداعمين الإقليمين والدوليين حول حل للأزمة؛ لذا فإن صياغة المعارضة في مؤتمر الرياض لتصور وطني جامع متقاطع مع متطلبات المجتمع الدولي، لابد وأن يركز على الجوانب التالية:

    الجانب العسكري: خلق صيغة مشتركة للعمل العسكري الموحد، يغلب عليها الطابع المؤسساتي، من جهة وضوح سلسلة الأوامر والمسؤوليات، بحيث تقدم بديل مقنع وشريك فاعل على الأرض في ضبط الأمن، ويترتب عليها ما يلي:

أ‌. متابعة شؤون الجبهات العسكرية ضد النظام والاحتلالين الروسي والإيراني وتنظيم الدولة وفق آليات تنسيق مشتركة.

ب‌. استمرار التنسيق والجهد للوصول إلى مؤسسة عسكرية موحدة إن لم تشكل نواة لجيش سوري بديل، فإنها تمثل ضامن رئيس لأي عملية دمج وإعادة هيكلة للمؤسسة العسكرية والأمنية السورية خلال المرحلة الانتقالية.

ت‌. تفويض مجموع القوى الوطنية في إدارة التزاماتها السياسية في أي تفاوض مستقبلي.  

    الجانب السياسي: خلق صيغة عمل سياسي وطني، تجمع الفصائل السياسية السورية المعارضة وتوحد رؤاها حول طبيعة الحل في سورية وفقاً لميثاق عمل وطني، يتضمن المبادئ الأساسية لعملية التفاوض، والتي تنسجم مع تطلعات الشعب السوري. وتضطلع بالمهام التالية:

أ‌.         صياغة ثوابت العملية التفاوضية وعلى رأسها رحيل بشار الأسد.

ب‌.     تقديم رؤية سياسية واضحة للعملية الانتقالية وفق أي سيناريو محتمل.

ت‌.     تقديم مشروع واضح ومتكامل لمكافحة الإرهاب وحفظ الأمن الحدودي.

ث‌.     تشكل فريق تفاوضي من السياسيين والعسكريين يتولى تمثيلها خلال العملية التفاوضية.

ج‌.      تعيين ممثلي المعارضة في هيئة الحكم الانتقالي.

ح‌.      متابعة شؤون الجبهات والإشراف على العمل العسكري.
المستوى الثاني: المحور الثلاثي واختبار المسؤول

وإذ يتطلب إنجاح مؤتمر الرياض جهداً مكثفاً وسريعاً من المعارضة السورية؛ فإنه يتوقف بدرجة لا تقل أهمية على اتساق رؤى المحور الثلاثي (السعودي، التركي، القطري) قبل توحيد رؤى المعارضة، حيث أن إدارة الملف السوري بالتنافس بين دول هذا المحور وما نتج عنها من دعم مشاريع خاصة زادت حدة الاستقطاب في صفوف المعارضة السياسية والعسكرية، أدى إلى استعصاء الملف السوري داخلياً وخارجياً. ما يلقي عليها مهام ومسؤوليات مضاعفة على رأسها إخراج صيغ وأشكال الدعم من معادلات الضغط السياسي، وإعادة تنسيقه وتوحيده، إضافة إلى الدفع خلال المؤتمر باتجاه:

أ‌.         دعم أي رؤية سورية وطنية ناتجة عن هذا المؤتمر.

ب‌.     تفعيل أدوات الضغط التي تمتلكها في توحيد هذه الرؤية وضمان استمرارها.

ت‌.     تنشيط الجهد الدبلوماسي على المستوى الدولي في الحشد وعرقلة الجهود المضادة.

ث‌.     تكثيف جهود المملكة العربية السعودية في بلورة رؤية خليجية وعربية تدعم ما يرشح عن مؤتمر الرياض من قرارات.

ج‌.      الاستمرار في الدعم العسكري على الأرض والذي سيغير الكثير في المعادلة السياسية ما قبل بدأ العملية التفاوضية.
خلاصة

على الرغم من أن الصيغة الحالية والسياق العام لمخرجات فيينا لا يبدو وأنها ستفضي إلى حل حقيقي للأزمة السورية؛ إلا أن مؤتمر الرياض وهدفه في توحيد المعارضة يمثل حاجة ضرورية وملحة للخروج برؤية واضحة وموحدة للمعارضة تمكنها من التحرك بفعالية سياسية حقيقية، تعطل صيغ الحل الإلزامي وتقدم البديل المقنع، سواء من خلال فيينا أو غيرها من المسارات المحتملة للعملية السياسية، والتي لن تمثل في هذا الوقت بالذات إنهاء للصراع على الأرض بقدر ماهي استكمال له ولكن بأدوات سياسية، الأمر الذي يحمّل اليوم الأطراف المختلفة مسؤولية إدارة اللحظة سواء المعارضة عبر تقديمها نموذجاً قادراً على المحافظة على الحد الأدنى من مطالب الثورة السورية، أو الدول الإقليمية الداعمة و المدركة تماماً أن نجاح الثورة السورية من عدمه لم يعد متعلقاً بالسوريين بقدر ما يمثله من إنتاج نظام أمن إقليمي جديد يحدد درجة استقرار المنطقة ويلجم المشاريع الدخيلة على حساب الجغرافية العربية.

إن الواقع السياسي الحالي الموسوم بانحسار الخيارات لم يكن وليد العدم، بقدر ما هو نتيجة لعدة ثوابت ومتغيرات تراكمية، أبرزها ثابت لعنة الجغرافية المرافق لسوريا والتي تشابكت عبره المصالح الدولية والإقليمية وتعددت من خلاله المقاربات والمداخل المصلحية (سياسة، أمن، جيوبولتيك)، وما انعكست به على الملف السوري منذ تاريخ 15/3/2011. من سوء إدارة خارجية نتيجة التجاذبات وضعف إدارة داخلية من قبل المعارضة السورية، ليصل مسار الثورة السورية إلى لحظة حرجة تهدد مستقبل سورية والمنطقة العربية.

التصنيف تقدير الموقف
الإثنين, 16 تشرين2/نوفمبر 2015 22:33

بيان فيينا كمونٌ مقلق وفرصٌ ضئيلة

ملخص: يستعرض تقدير الموقف هذا سياق العمل السياسي الدولي في الملف السوري منذ بيان جنيف وصولاً إلى بيان فيينا الأخير الذي يطرح نفسه كإطار تطبيقي للحل ويسعى لأن يكون ذو صيغة إلزامية لجميع الدول، كما يحدد تقدير الموقف هذا قواعد اللعبة الجديدة، وهوامش التحرك المتاحة للمحور الثلاثي، ويقترح بعض أطر التحرك الوطنية لقوى الثورة التي وضعت أمام خيارين إمّا الرفض وتحمل الأعباء الدولية لإجهاض الثورة، أو القبول والعمل بالتوازي على استراتيجية متكاملة لا تستثني العمل العسكري النوعي.

اجتماعات فيينا: السياق والمخرجات المثبتة

لطالما وقفت تفسيرات بيان جنيف المتضاربة عائقاً موضوعياً أمام تحقيق تغيير سياسي حقيقي في سورية، وعلى الرغم من خلو هذا البيان من أي بند يُحتم بشكل صريح خروج رأس النظام من السلطة، إلّا أنه تضمن بنوداً أخرى مردُّ تطبيقاتها سيؤدي بالإطاحة بنظام الاستبداد الذي ثار ضده الجمع السوري على الأقل، إلا أن سير العملية السياسية التي تفترض إيجاد مناخات تلجُ في عمليات التفكير لبناء الأطر التنفيذية لهذا البيان، اعترضه الكثير من العقبات والتحديات، منها ما يتعلق بمنطق إدارة الأزمة التي مارست ضغطاً واضحاً على قوى المعارضة عبر الالتفاف على جوهر الأزمة في سورية، سواء على صعيد تكريس نموذج الهدن المحلية، أو من خلال تعويم برامج ومسارات موازية تركز جميعها على المشترك مع النظام عوض إيجاد حلول حقيقة ومديدة للمشكلة السياسية التي سببها استمراره في الحكم طيلة العقود الخمسة الماضية، كما أن جزءً أساسياً من هذه العقبات فرضته مفرزات الصراع والعنف الممنهج للنظام الذي أضاف على معادلة الأزمة إرهاب الجماعات العابرة للحدود، الأمر الذي ساهم في ظهور التململ الدولي مع تعزز حالة المراوحة في المكان دون تحقيق أي تقدم يذكر على المشهد السياسي.

ومع محاولات دي مستورا المتعددة لإيجاد تفسير روسي أمريكي مشترك حول النقاط الخلافية لبيان جنيف، نجح في نهاية المطاف بأن يُساهم في استصدار بيان رئاسي لمجلس الأمن في 17 آب/أغسطس 2015 يؤيد فيه خطته في مفاوضات متعددة المسارات والمجموعات الأربعة التي دعا إليها، رسّخت يقيناً الرغبة من خروج عقدة جنيف رويداً، رويداً، حتى الوصول إلى صيغة تُرضي النظام أولاً، وتلزمُ داعمي الثورة إقليمياً لاحقاً. كما وتضمنت هذه الخطة أيضاً الدعوة لتشكيل مجموعة دعم دولية مكونة من الولايات المتحدة وروسيا بالإضافة إلى مجموع الدول الإقليمية ذات التأثير المباشر على المشهد العسكري والسياسي في سورية، وهو ما تم تحقيقه مؤخراً في فيينا.

لقد جاء التصعيد الروسي الأخير في سورية واشتراك سلاحه الجوي في ضرب المعارضة السورية كمتغير جديد في المعادلة السورية لينسف مجموعة من الثوابت في التفاعلات الدولية والإقليمية التي ترسخت أثناء سنوات الأزمة، ونجح في إرساء قواعد جديدة للعبة وثَبّتَ عدة معطيات نذكر أهمها:

  • الحيلولة دون تدخل أي قوة إقليمية أو دولية أخرى في الصراع لصالح المعارضة السورية بشكل مباشر.
  • ضمِنَت روسيا في تواجدها على الميدان السوري ضرورة إشراكها على نحو مُرضي في أي تسوية سياسية في سورية، فاكتسبت إلى جانب حق النقض في مجلس الأمن حق نقض آخر ولكن في ميدان المعركة هذه المرة.
  • كَفَت موسكو واشنطن شر تصدُر المشهد، وباتت الأخيرة راضية في موقعها المتفاعل مع الواقع الجديد، وتنازلت بمحض إرادتها لروسيا في قيادة المشهد العسكري وبالتالي السياسي في سورية، بعد أن حصلت على ما تريده من الملف ا لسوري كصفقة الكيماوي أو تطويع هذا الملف في حلبة المفاوضات النووية مع إيران.
  • بات الأسد وحليفه الإيراني أسرى إرادة بوتين السياسية وأضحى هو الضامن لالتزامهما في مُخرجات الحل النهائي في سورية.

وبناءً على ما تقدم، وبعد أقل من شهر على تدخلها العسكري عزمت موسكو على دعوة مجموعة الدعم الدولية (ISSG) للتباحث في سُبل إطلاق العملية السياسية والتي صدر عن هذه المجموعة خلال مناقشاتها حول كيفية وضع حد يسّرع بإنهاء "النزاع السوري" بياناً ثبَّت المعطيات التالية:

  • الربط الوثيق بين عملية وقف إطلاق النار وبدء العلمية السياسية وفقاً لبيان جنيف عام 2012.
  • اجتماع المشاركين بعد شهر لمناقشة التقدم المحرز.
  • تعهد الدول الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن بتأييد قرار يؤيد العملية السياسية بالإضافة إلى تمكين بعثة مراقبة وقف إطلاق النار التي ستقر آلياتها من قبل الأمم المتحدة باستثناء جبهات لائحة الجماعات الإرهابية التي تضم تنظيم الدولة وجبهة النصرة، بالإضافة إلى قائمة أخرى ستعمل الأردن على المساعدة في تطويرها مع عدد من ممثلي المخابرات للدول المشاركة وذلك قبل بدء العملية السياسية.
  • الإطار الزمني للعملية السياسية كما هو محدد بالشكل التالي.

بيان فينا

  • اعتبار أن المبادئ التوجيهية التي تم تحديدها في اجتماع 30 تشرين أول/أكتوبر 2015 في فيينا مبادئ أساسية وهي قائمة على: الالتزام بوحدة واستقلال سورية وسلامتها الإقليمية والتأكيد على الطابع غير الطائفي، حماية مؤسسات الدولة حماية حقوق جميع السوريين بغض النظر عن العرق أو الطائفة.
  • اتخاذ خطوات فورية من قبل المجتمعين لتشجيع تدابير بناء الثقة التي من شأنها أن تُساهم في استمرارية العملية السياسية وتمهيد الطريق لوقف إطلاق النار في سورية.
  • ضرورة اتخاذ خطوات لضمان المساعدات الإنسانية على وجه السرعة وفقاً لقرار مجلس الامن رقم 2169، بالإضافة إلى التأكيد على أهمية حل قضية اللاجئين.
  • الموافقة على الضغط على كافة الأطراف لوضع حد فوراً لاستخدام الأسلحة العشوائية.
  • التأكيد على قرار مجلس الامن 2199 الذي يدعو إلى الالتزام بوقف التجارة غير المشروعة في مجال النفط والآثار والرهائن والتي تستفيد منها المجموعات الإرهابية.

المحور الثلاثي وأطر تحركه

يطرح بيان فيينا نفسه كإطار دولي لحل الأزمة السورية وفق مبادئ جنيف 1 ويسعى لأن يكون ذو صيغة إلزامية لجميع الدول المدعوة عبر الدفع لتبني مجلس الأمن لقرار يُؤكد على مخرجات هذا البيان، ويضيق الهوامش المتاحة لتلك الدول (التي لم تكن موقعة على بيان جنيف)، والجديد في اجتماعات "مجموعة الدعم الدولية"، ظهور ملامح الوفاق بين الولايات المتحدة روسيا في الخطوط العريضة خصوصاً حول قضايا الإرهاب وما يترتب عليها من تصنيفات جديدة قد تطال بعض فصائل المعارضة في لوائح الإرهاب الدولية، كما أنه يمكن تسجيل الاتفاق الأولي في مواقف الدول المشاركة في الاجتماعات مع ما تصبو إليه روسيا، ليبقى في آخر المطاف المحور الثلاثي (السعودية وقطر وتركيا) دون غيره فقط في مناوأة التوجه الروسي وبدعم أمريكي مبطن لا يعول على استمراريته، الأمر الذي يحتم عليهم تغير قواعد تعاطيهم مع إدارة الملف السوري بحكم الانعكاسات المتوقعة لنتائج عدم المعالجة الحقيقية لجذور الصراع ومسببات الإرهاب في سورية على بُناهم وأمنهم الداخلي.

وفي هذا السياق وبأدوات سياسية باتت قليلة، يضطلع الثلاثي السابق ذكره (السعودية وقطر وتركيا) للعب "دور محامي الدفاع" في محفل دولي حدد أطر عمله بثلاثة أهداف عريضة: إعلان وقف إطلاق نار وطني شامل، وتصنيف كتائب المعارضة بين معتدل وإرهابي وإلزام الدول الحاضرة فيه، وإطلاق عملية التغيير الدستورية لتأسيس مرحلة حكم جديدة في البلاد، فيما يؤجل البت في عدة قضايا جوهرية لاتزال تُشكل مُهددات موضوعية لعملية التغيير وديمومتها (كمصير نظام الأسد والوضع القانوني لكافة المقاتلين الأجانب خاصة تلك التي تدور في فلك النظام كحزب الله وأبي الفضل العباس وغيرهما، والعدالة الانتقالية وصلاحيات الحكم الانتقالي وأهدافه ومهامه...إلخ) لحين يتم الاتفاق على تفاصيل تحقيق الأهداف السابقة والتي غالباً ما تؤدي إلى تغييرات طفيفة (بما فيها رحيل رأس النظام مع بقاء نظامه) كترضية رمزية لشعب مكلوم شرد ثلثه، وفقد قرابة نصف المليون من أبنائه بين شهيد ومفقود.

كما أن أطر التحرك السياسي لهذه الدول وحلفائها المحليين نظرياً ستبقى رهينة هذا المخرج الذي اتفق الفاعلان الروسي والأمريكي على أنه "إطار تطبيقي لجنيف"، أما عملياً فتؤكد مؤشرات اللاثقة التي يتسم بها السلوك السياسي للدول الحاضرة على أن سبل التعطيل لاتزال واردة خاصة في ظل عدم وجود ضمانات حقيقة للإلزام، وفي ظل استمرار ترشح مسببات عدم نضوج المناخ السياسي الملائم سيكون على جل الفواعل التباحث في سبل تعزيز التموضع لتحسين موقعها وأدواتها التفاوضية. وفي ضوء ذلك وريثما تستقيم وتتضح أبعاد وغايات العملية أكثر، ينبغي أن يدفع المحور الثلاثي باتجاه ثلاثة أمور:

  1. رعاية ترتيب الصف المعارض وتنحية الجهود الإقليمية الأخرى الرامية إلى تمييع هذا الصف الذي تريده هشاً، والعمل على دعم كافة الفعاليات الرامية لذلك (كمؤتمر الرياض المتوقع تفعيله قريباً)، وتكوين فريق مفاوض صلب يستند إلى مرجعية سياسية موحدة تعكس الواقع السياسي والعسكري المحلي ويراعي التمثيل الحقيقي لهذا الواقع.
  2. الدفع باتجاه شمول قائمة الإرهاب قوى وكتائب أجنبية تقاتل إلى جانب النظام كالميليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية، والعمل جدياً على عدم التوظيف السياسي لورقة الإرهاب من قبل روسيا وبعض دول المنطقة.
  3. الاستمرار في اختبار جدية الفاعل الروسي وادعاءاته بقبوله للتفاوض عبر طرح مبادرات مكملة "لإطار فيينا" تحسن ظروف ومناخات التغيير السياسي الحقيقي، وتضمن موازنة المصالح الأمنية والجيوسياسية في المنطقة.

أطر التحرك الوطني الأمثل

آن لشعارات امتلاك زمام المبادرة وطنياً أن ترى طريقها التنفيذي، فالواقعية السياسية والقراءة الموضوعية لجل الغايات الإقليمية والدولية تستوجب ارتقاء العمل الوطني ليندمج الأثر العسكري مع السياسي، ويتكامل معه ضمن استراتيجية وطنية خالصة، وإدراك حقيقة أن نجاح المساعي الدولية في إجراء تسوية سياسية شاملة مناط بدرجة الشرخ الذي تعاني منه البُنية السياسية والعسكرية لقوى المعارضة. وفي هذا الصدد نُقدم كمقترح مجموع الإجراءات التالية:

أولاً: إدراك حقيقة تكاد تكون مطلقة وهي أن معظم القوى الإسلامية ستجدُ نفسها في موقع المتهم، وأن عزوفها عن مواجهة تحدي التصنيف لا يضعها في مواجهة العالم بأجمعه فحسب بل تدفع المشهد العسكري إلى المزيد من التشظي والاقتتال الداخلي أولاً، وإلى تقويض العمل الوطني برُمته لاحقاً. حيث أن إدراجها على لوائح الإرهاب يعني إدراج جميع من يتعامل معهم لاحقاً، بالإضافة لمن تعامل معهم سابقاً مع أثر القرار الرجعي على نفس اللوائح، مُشرعنة بالتالي أداة ابتزاز دولية لن يُوفروا جهداً في استخدامها كلما استدعت الحاجة.

ثانياً: تشكيل قيادة سياسية موحدة تضم الطيف الكامل لقوى المقاومة الوطنية لقوى الاحتلال الإيراني والروسي والاستبداد، من كتائب إسلامية وجيش حر، وجبهة جنوبية وأحزاب وكافة الفعاليات السياسية والمدنية والمحلية. وتلبية أي دعوة من المحور الثلاثي في هذا السياق.

ثالثاً: ربط وتوظيف مصير برامج المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب وعلى رأسها برنامج تدريب وتسليح المعارضة ربطاً عضوياً بالمشروع الوطني، ويمكن تحقيق ذلك من خلال عقد شراكة مباشرة مع الكتائب المنضوية في هذه البرامج وإلزامها باستراتيجية العمل العسكري الوطني دون المساس بأوليتها في محاربة تنظيم الدولة. فمجموع القوى الوطنية تحتاج لمن يتصدر مهمة حماية أظهرهم من هجمات التنظيم أثناء مواجهة النظام وهذه القوى رغم الشكوك الدائرة حول درجة وعيها للمخطط الدولي تحتاج لمن يؤمن سلامتها أثناء تواجدها على الأرض. كما أن العزوف عن التعامل معها يدفعها لشراكة مع الفصائل غير المنضبطة بمبادئ الثورة.

رابعاً: استغلال الهوامش المتاحة (سواء على صعيد الزمن أو دعم موقف المحور الثلاثي الداعم) في تطبيق الرؤية الوطنية للحل السياسي وفق بيان جنيف مع التمسك بمطلب رحيل بشار الأسد. وعليه يجب أن تجيب هذه الرؤية بشكل واضح على إشكالية تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، وما يترتب على ذلك من تحديد شخصيات الدولة الممكن التعامل معهم في المرحلة المقبلة، وهذا الأمر عبر الدعوة المستعجلة للفواعل المحلية الوطنية لفعاليّة يتم التباحث في هذه الرؤية وتصديرها كمخرج وطني مشترك.

عموماً يمكن القول بأن القوى الوطنية تجد نفسها أمام خيارين حيال ما تقدم، إمّا الرفض وتحمُل الأعباء الدولية لإجهاض الثورة، أو القبول والعمل بالتوازي على استراتيجية متكاملة يتحسن بموجبها تموضع قوى الثورة عبر انتهاج أفعال عسكرية نوعية تعزز مواقع التفاوض، وتتكامل مع أداء القيادة السياسية الموحدة التي ينبغي تشكيلها خلال المرحلة القادمة.

تعتمد الاستراتيجية الروسية بشكل رئيس على إرضاخ كتلة حرجة من قوى الثورة لمشروعها، ولإتمام هذا المخطط وجدت في الولايات المتحدة الشريك المناسب في تبني فكرة تصنيف الكتائب إلى معتدل وإرهابي، وهو تصنيف ستنجح بموجبه عاجلاً أم آجلاً إلى خلق شرخ يمكّنها من القضاء على الفضاء الثوري. إن الخطوة الأولى للحول دون تحقق هذا السيناريو هي تشكيل قيادة سياسية موحدة تحمي بشموليتها الكتائب الإسلامية الفاعلة وتلزمهم في ذات الوقت لتبني مشروع سياسي وطني موحد. إن سياسة الإمساك بالعصاة من الوسط أضحت اليوم المدخل الدولي لتفكيك قوى الثورة ولتعطيلها أولاً وشلّها بشكل كامل لاحقاً، ولذا على مجموع القوى الوطنية التحلي بالكثير من الشجاعة والجراءة والتحول هذه المرة بشكل كامل لأداء الدولة.

التصنيف تقدير الموقف
ملخص عام تستعرض هذه الإحاطة تداعيات أهم الأحداث السياسية والأمنية والاقتصادية في سورية خلال شهر أكتوبر 2024. على الصعيد السياسي، انعكست التوترات الإقليمية بشكل مباشر على الأوضاع في سورية، وسط…
الجمعة تشرين2/نوفمبر 08
نُشرت في  تقارير خاصة 
ملخص عام تستعرض هذه الإحاطة تداعيات أهم الأحداث السياسية والأمنية والاقتصادية في سورية خلال شهر أيلول 2024. سياسياً، تصاعدت التوترات الإقليمية في لبنان وغزة، مما انعكس بشكل مباشر على الوضع…
الجمعة تشرين1/أكتوير 04
نُشرت في  تقارير خاصة 
ملخص عام يستعرض هذا التقرير تداعيات أهم الأحداث السياسية والأمنية والاقتصادية في سورية خلال شهر آب 2024، على المستوى السياسي، استمر زخم الحراك الشعبي في السويداء لأكثر من عام متمسكاً…
الجمعة أيلول/سبتمبر 06
نُشرت في  تقارير خاصة 
يرى المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف، في تصريح صحفي لجريدة عنب…
الثلاثاء نيسان/أبريل 02
شارك الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية الأستاذ سامر الأحمد ضمن برنامج صباح سوريا الذي…
الأربعاء تشرين2/نوفمبر 29
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في فعاليات المنتدى الاقتصادي الخليجي…
الجمعة تشرين2/نوفمبر 24
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في رؤية تحليلية للحرب على…
الإثنين تشرين2/نوفمبر 20