ملخص تنفيذي

  • اكتسبت مساعي الدفع الروسية لاتفاقيات التهدئة زخماً عقب انتكاسة حلب، وحدوث انزياحات في المواقف الدولية والإقليمية تجاه الملف السوري.
  • غُيبت المجالس المحلية عن اتفاقيات التهدئة الأولى، بحكم غلبة الاعتبارات الأمنية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وتلك العسكرية المتصلة بوقف العمليات العسكرية، في حين برز دورها وبشكل ملحوظ في اتفاقي عمان والقاهرة نتيجة غلبة الاعتبارات الخدمية والإنسانية المفضية لإعادة الاستقرار.
  • يشكل حضور المجالس المحلية في اتفاقيات التهدئة فرصة سياسية يمكن استغلالها للدفع بمشروعها، لكنها بالمقابل تجد نفسها مهددة بمقاربات مصلحية أو إقصائية تستهدف تواجدها ودورها على المدى البعيد، كما تجد نفسها محاطة بكم من الاستحقاقات الكبيرة التي تفرضها اتفاقيات التهدئة.
  • يوجب تحصين المجالس المحلية ضد المخاطر والتحديات الناشئة عن اتفاقيات التهدئة، العمل على ثلاثية متكاملة تشمل الخدمات والشرعية والأمن، ويشكل نجاح المجالس في التصدي لاختبارات التهدئة مكسباً لها على طريق الدفع بمشروعها الوطني القادر على جسر هوة الانقسام المجتمعي، وإعادة لحم الجغرافية السورية وتوطين الدولة فيها.

تمهيد

أثمر الانخراط الروسي المدعم بأدوات عسكرية وأخرى سياسية في سورية عدداً من اتفاقيات التهدئة بمسميات عدة "وقف إطلاق النار، وقف الأعمال العدائية، تخفيف التوتر"، كانت بدايتها الاتفاق الروسي _ الأمريكي لوقف الأعمال العدائية في سورية (22-2-2016)، ليعقبه الاتفاق الروسي _ الأمريكي الثاني لوقف الأعمال العدائية (9-9-2016)، لتكتسب هذه الاتفاقيات زخماً عقب انتكاسة الفصائل العسكرية في حلب الشرقية (13-12-2016)، وحدوث انزياحات في المواقف الدولية تجاه الملف السوري، حيث تمكنت روسيا من عقد أربعة اتفاقيات تهدئة في الفترة الممتدة بين كانون الأول 2016- إلى تموز 2017 وهي: اتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار (30-12-2016)، مسار الأستانة واتفاق مناطق تخفيف التصعيد (4-5-2017)، اتفاق الجنوب "عمان" (8-7-2017)، وأخيراً وليس آخراً اتفاق تخفيف التوتر في الغوطة الشرقية "القاهرة" (22-7-2017).

وعلى الرغم من فشل بعض هذه الاتفاقيات، لا تزال أخرى قائمةً تحت الاختبار في ظل مؤشرات حول إمكانية استمراريتها وتطورها، الأمر الذي يوجب البحث عن تموضع القوى الفاعلة في الترتيبات الناشئة عن هذه الاتفاقيات، وفي مقدمتها المجالس المحلية المعارضة والتي يقدر عددها بــ 404،  وذلك من خلال استعراض حضورها في نصوص اتفاقيات التهدئة، وطبيعة المهام والاستحقاقات الملقاة على عاتقها، وماهية التحديات التي تعترض دورها واستمراريتها كبنى إدارية، وصولاً إلى اقتراح جملة من التوصيات لتمكين المجالس وتعزيز دورها في مرحلتي التهدئة وكذلك الانتقالية.

المجالس المحلية في اتفاقيات التهدئة: حضور متنامي لدور يراد تطويعه

تدرك روسيا الطبيعة المركبة والمعقدة للأزمة السورية الناجمة عن انخراط القوى الإقليمية والدولية وتضارب مصالحها، إضافةً إلى تشابك الأزمات الاجتماعية والإنسانية والأمنية والاقتصادية وكذلك السياسية المولدة للأزمة، واستناداً لما سبق يمكن تحديد الملامح العامة للمقاربة الروسية لتسوية الأزمة، بمحاولات موسكو تبريد الأزمة وصولاً إلى حلها من خلال تفكيكها إلى مسارات متعددة تجنباً للتعقيد، وبما يمنحها القدرة على الحركة وتجنب تضارب المصالح بين القوى الفاعلة وتحقيقاً للتوازن فيما بينها، وذلك بالإقرار بمصالحها في الجغرافية السورية من خلال اتفاقيات جزئية تشكل أرضية للحل السياسي على المستوى الكلي.

وإن كانت روسيا تدرك أهمية إشراك فصائل المعارضة العسكرية في الترتيبات الأمنية والعسكرية الناشئة عن تلك الاتفاقيات، فإنها لم تغفل أهمية إشراك المجالس المحلية في الترتيبات الخدمية والإدارية لاتفاقيات التهدئة، ولكن بعد تطويع دور كل منهما بما يتسق مع رؤيتها للحل في سورية.

غلبت الاعتبارات الأمنية والعسكرية على اتفاقي التهدئة الروسي _ الأمريكي، حيث انصب تركيزهما على إيجاد ترتيبات عسكرية لتجنيب الطرفين مخاطر الانزلاق لصدام عسكري، وأخرى أمنية تتصل بعمليات مكافحة الإرهاب في الجغرافية السورية، الأمر الذي يفسر غياب المجالس المحلية في نص كلا الاتفاقيتين، ومحدودية دورها في الترتيبات الميدانية لصالح التركيز أكثر على الفصائل العسكرية.

استمر تغييب المجالس في نص اتفاق أنقرة المؤسس لانطلاق مسار الأستانة (23-1-2017)، إذ نص الاتفاق على وقف إطلاق النار وتشكيل وفد تفاوضي من ممثلي الفصائل العسكرية الموقعة على الاتفاق، تمهيداً لانخراطها في مفاوضات مع ممثلي النظام بغية التوصل لحل سياسي، على أن يتم ذلك بضمانة روسية وتركية، لتقوم موسكو قبيل انطلاق مؤتمر الأستانة بالإفصاح عن نيتها القبول بمجالس محلية منتخبة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، على أن تدار من ضامني اتفاق أنقرة ([1])، وهو ما يمثل تحولاً في الموقف الروسي من رفض التعامل مع المجالس واتهامها بتأجيج العنف ([2])، إلى القبول بها، الأمر الذي يفسر بإعادة تعريف موسكو لأدوار قوى المعارضة عقب انتكاسة حلب بما يتسق مع رؤيتها لتسوية الصراع، وهنا  تدرك روسيا واقعية طرح المجالس في ظل تفتت سلطة المركز على عدد من مناطق النفوذ، كما تعي أهميتها في تدعيم بنية الدولة السورية، وإنجاز الاستحقاقات الخدمية لاستعادة الاستقرار، علاوةً على رغبتها في الارتكاز عليها لشرعنة اتفاق الحل السياسي([3]).

برزت مؤشرات على تبلور الطرح الروسي للمجالس بحسب ما أفادت به مصادر صحفية، لجهة عزم موسكو تقديم مقترح مكمل لاتفاقية مناطق تخفيف التصعيد يتضمن، إنشاء مناطق إدارة محلية (حكم ذاتي) على شكل مجالس محلية تدعم من قبل الدول الضامنة للاتفاق ومن الحكومة المركزية أيضاً ([4])، وذلك بغية تسهيل تطبيق الترتيبات المنصوص عليها في الاتفاق، وتمهيداً لإنجاز رؤيتها للامركزية المتضمنة في مقترحها للدستور السوري ([5]).

لم تطرح موسكو أي مبادرة رسمية بهذا الخصوص بخلاف ما ذهبت إليه المصادر الصحفية، وهو ما يمكن أن يفسر برغبتها في إنضاج الشروط الموضوعية لهكذا طرح، من خلال استكمال اتفاقيات التهدئة وتقاسم النفوذ والترتيبات ذات الصلة في مناطق أخرى "الجنوب، الغوطة الشرقية، ريف حمص الشمالي، البادية"، إضافةً إلى سعيها لتجاوز معارضة النظام وإيران لهذا الطرح، علاوةً على رغبتها في فتح قنوات تواصل مع المجالس قبل طرح أي مبادرة بشأنها.

شكلت مذكرة تفاهم الجنوب بين روسيا وأمريكا والأردن، وكذلك اتفاق تخفيف التوتر في الغوطة الشرقية "القاهرة" الموقع بين ممثلين عن وزارة الدفاع الروسية والفصائل السورية المعتدلة في الغوطة الشرقية وبوساطة مصرية، تطوراً ملحوظاً لجهة تضمين المجالس المحلية في نصي كلا الاتفاقين، والتأكيد على دورها في إنجاز الترتيبات الناشئة، حيث نص اتفاق الجنوب على تواجد المجالس في المنطقة المشمولة بالاتفاق، على أن يتم العمل وفق آليات تنفيذية على تسهيل دخول المساعدات الإنسانية وعودة اللاجئين من الأردن، مع القبول بتواجد رمزي للنظام في المؤسسات العامة ([6])، على أن يدار المعبر الحدودي من قبل إدارة مشتركة بين النظام والمعارضة. كذلك أكد اتفاق القاهرة على إدارة شؤون مدن وبلدات الغوطة الشرقية بواسطة مجالس محلية مشكلة من قبل سكانها، إضافةً إلى تشكيل مجلس العدالة الوطنية لتسوية الخلافات بشكل سلمي بين الأهالي.

تنبهت روسيا الاتحادية إلى الأهمية التي تتمتع بها المجالس المحلية، وما تحوزه من نقاط قوة تجعلها فاعلاً رئيسياً في الترتيبات المفضية لاستعادة الأمن والاستقرار في مرحلتي التهدئة وكذلك الانتقالية، الأمر الذي يفسر تحول موقف موسكو تجاهها ورغبتها في تطويعها بما يتسق مع رؤيتها لتسوية الصراع.

مخاطر واستحقاقات اتفاقيات التهدئة على المجالس المحلية

يشكل حضور المجالس المحلية في اتفاقي عمان والقاهرة لتخفيف التوتر فرصة سياسية يمكن استغلالها للدفع بمشروعها، إلا أن ذلك لا يخفي المخاطر المحدقة بها والناجمة عن مقاربات القوى لدورها، حيث تميل مقاربة الدول الداعمة للمجالس إلى التحكم بها وتحويلها لوكلاء محليين ليس إلا، وأداتهم في ذلك التمويل لتطويع المجالس بما يضمن حضورهم في ترتيبات التهدئة وتلك الخاصة بالمرحلة الانتقالية من بوابة السياسة المحلية. بينما تسعى المقاربة الروسية لتوظيف المجالس ضمن رؤيتها القائمة على تدعيم النظام القائم واستعادة الدولة السورية وفق شكل من أشكال اللامركزية، وأدواتهم في ذلك اتفاقيات التهدئة والضغط العسكري على مناطق المجالس.

بالمقابل يستهدف النظام نسف المجالس المحلية غير التابعة له واستعادة البنى الإدارية القديمة الموالية له، ويفسر إصراره على ذلك بتخوفه من قدرة المجالس على إيجاد مجال عام ديمقراطي لطالما سعى إلى إجهاضه، أما سياسته في تصفية المجالس فتقوم على القبول بها بحكم المضطر مبدئياً، ثم ممارسة الضغوط الخدمية والأمنية عليها بهدف انهاكها بما يفضي بالضرورة إلى ضعفها وتلاشيها.

كذلك تفرض اتفاقيات التهدئة عدداً من الاستحقاقات الكبيرة على المجالس المحلية وفي مقدمتها:

  • معالجة ملف عودة النازحين واللاجئين لمناطق تخفيف التوتر وما يطرحه من مطالب اجتماعية واقتصادية وإنسانية.
  • التعاطي مع الاستحقاق الخدمي وما يتطلبه من موارد مالية كبيرة تفتح الباب مشرعاً أمام انكشاف المجالس على شروط المانحين أو الضغوط الروسية لتتبيعها للحكومة المركزية لنيل الدعم.
  • المطالب الناشئة عن إعادة اشتقاق شرعيتها لتمثل جميع شرائح المجتمع الجديد (المواليين، النازحين، المهجرين، النساء، الشباب).
  • تعزيز الإدارة الرشيدة واستقطاب الكفاءات التخصصية بما يزيد من فاعليتها على الاستجابة أكثر للاستحقاقات التي تفرضها مرحلة التهدئة وما بعدها.
  • إدارة العلاقات مع الفصائل العسكرية المعتدلة القائمة في مناطق تواجدها، والتي يتوقع أن يزداد انخراطها في الجانب المدني في إطار مسعاها لتحصيل الموارد (الضرائب المحلية، أموال إعادة الإعمار) والشرعية لضمان استمراريتها، إضافةً إلى التعاطي مع إشكالية القوى الجهادية القائمة في مناطقها، والتي يتأتى خطرها من تهديدها للمجالس وإعاقة دورها من جهة، وتوظيفها كحجة من قبل النظام وحلفائه للتملص من اتفاقيات التهدئة والتصعيد بحق مناطق المجالس من جهة أخرى، كما يرجح ذلك في محافظة إدلب والغوطة الشرقية.
  • مدى قدرة المجالس على الدفع بمشروعها الوطني القائم على اللامركزية الإدارية الموسعة في ظل طغيان مقولات إعادة إنتاج المركز أو التقسيم.

تمكين المجالس المحلية: ثلاثية الخدمات والشرعية والأمن

تفرض اتفاقيات التهدئة نفسها على المجالس المحلية بما تثيره من مخاطر واستحقاقات، توجب على المجالس التعاطي معها بوعي قادر على تحويل مكامن الخطر إلى فرص ومكاسب، تمكنها من دفع مشروعها وتجاوز مقاربات تصفيته أو تطويعه، الأمر الذي يتم بداية بإدراك المجالس لنقاط قوتها المتمثلة بــ:

  • حاجة القوى الإقليمية والدولية للمجالس كإحدى آليات تنفيذ ترتيبات التهدئة، وذلك نظراً للخبرة التي راكمتها خلال الصراع في إدارة الأزمات الخدمية والإنسانية.
  • شرعية المجالس المستمدة من تمثيلها للسكان المحليين، وإدارة شؤونهم وتلبية احتياجاتهم وفق إمكانياتها.
  • تبنيها لطرح اللامركزية الإدارية الموسعة الذي يمثل حالة وسطية بين ضدين مهلكين للدولة والمجتمع السوريين (المركزية، الفيدرالية غير التوافقية).

وفي سبيل تعزيز نقاط قوة المجالس المحلية بما يمكنها من انجاز الاستحقاقات التي تفرضها اتفاقيات التهدئة، ويقيها مخاطر المقاربات السلبية (التوظيف المصلحي، الإقصاء) التي تتهددها، فإن ينصح بالعمل على المحاور التالية:

  1. الخدمات: يتحدد دور المجالس المحلية ومستقبلها بمدى قدرتها على إنجاز الاستحقاقات الخدمية والإنسانية الناشئة عن اتفاقيات التهدئة، وفي سبيل تمكين المجالس من الأدوات القادرة على أدائها لهذه الاستحقاقات، فإنه ينصح بالعمل على النقاط التالية:
  • تعزيز تماسك المنظومة الإدارية التي تنتمي لها المجالس المحلية، من خلال تعزيز العلاقات البينية بين المجالس الفرعية ومع مجالس المحافظات والحكومة المؤقتة باعتبارهما المنظومة الإدارية التي تتبع لها المجالس المحلية، بما يقيها محاولات إلحاقها بمؤسسات النظام.
  • تحقيق الاستقرار المؤسساتي للمجالس المحلية من خلال زيادة مدة ولايتها، ورفدها بمنهجية متكاملة لبناء قدراتها.
  • توفير الدعم اللوجستي والفني للمجالس المحلية، خاصة فيما يتصل بتأمين الآليات والمعدات والتجهيزات المكتبية.
  • تعزيز احترافية المجالس في توفير الخدمات لجميع السكان دون تمييز، وذلك بالاعتماد على كوادر تخصصية، مع التأكيد على قيم الشفافية والتشاركية والحرفية في توفير الخدمات.
  • التأكيد على دور المجالس المحلية كجهات شرعية لها الحق الكامل في إدارة شؤون مناطقها وتنفيذ ترتيبات التدخل الخدمي والإنساني المنصوص عليها في اتفاقيات التهدئة.
  1. الشرعية: تشكل الشرعية إحدى مرتكزات القوة التي تستند إليها المجالس، وفي إطار تعزيز شرعيتها فإنه ينصح بالعمل على:
  • التأكيد على الانتخابات كآلية مؤسساتية وقانونية لتشكيل المجالس المحلية المنتهية ولايتها.
  • تجنب إقصاء الشرائح المجتمعية (المرأة، النازحين، المهجرين، الشباب، المواليين) في عمليات تشكيل المجالس، وهو ما يتم بتنظيم المجالس للسجل المدني والانتخابي، بشكل يضمن لكافة شرائح المجتمع المشاركة في عملية انتخاب المجالس المحلية.
  • إنشاء قنوات ومنتديات للحوار المجتمعي بين المجالس والفاعلين محلياً، بغية تعزيز التواصل فيما بينهم وتنسيق الأدوار، وتسوية ما قد ينشئ بينهم من خلافات.
  • دعم تشكيل مبادرات مدنية من مهامها الرقابة على أعمال المجالس وحشد التأييد لها بين السكان.
  • تأكيد المجالس على الدول الضامنة لاتفاقيات التهدئة بضرورة الإقرار بحالة الأمر الواقع للمجالس، وبأن لا يخضع تواجدها أو شرعيتها أو توفير الحماية لها لاعتبارات التفاوض السياسي.
  1. الأمن: يشكل ملف الأمن المحلي إحدى هواجس المجالس المحلية، وذلك لإدراكهم للانعكاسات السلبية لحالة الفلتان الأمني على دورهم واستمراريتهم، فضلاً عن كونه مدخلاً للقوى التخريبية الساعية لنسف اتفاقيات التهدئة (النظام، إيران وميليشياتها الطائفية، القوى الجهادية)، ولمعالجة هذا الاستحقاق فإنه ينصح بالعمل على:
  • إعداد قوى شرطة محلية على أن ترتبط بالمجالس المحلية.
  • بناء شبكة إنذار وتدخل لمواجهة التهديدات الأمنية تضم كلاً من الشرطة المحلية والمجالس والفصائل العسكرية.
  • وضع ميثاق عمل يحدد دور ومسؤوليات الفصائل والمجالس في ملف الأمن المحلي.
  • مطالبة المجالس المحلية للدول الضامنة لاتفاقيات التهدئة بضرورة تحييدها عن العمليات العسكرية التي ستستمر بحجة مكافحة الإرهاب، وتوفير الضمانات الأمنية اللازمة لها لممارسة وظائفها بحرية.

الخاتمة

فرضت اتفاقيات التهدئة نفسها على المجالس المحلية، وتميل المؤشرات ذات الصلة إلى ترجيح استمرارية هذه الاتفاقيات والبناء عليها سيما في ظل الدفع الروسي الحثيث لها لتصب في رؤيتها لحل الأزمة السورية، وفي حين غُيبت المجالس عن اتفاقيات التهدئة الأولى لصالح الفصائل العسكرية بحكم غلبة الاعتبارات الأمنية والعسكرية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب ووقف إطلاق النار، تم التأكيد على دورها في اتفاقي عمان والقاهرة للتهدئة، بما يعكس إدراك القوى المنخرطة في تلك الاتفاقيات للقيمة المضافة للمجالس في إنجاز ترتيبات إعادة الاستقرار.

وعلى الرغم مما يمثله ذلك الحضور من مكاسب سياسية وميدانية للمجالس، تجد المجالس نفسها مهددة بمقاربات مصلحية أو إقصائية تستهدف تواجدها ودورها على المدى البعيد، كما تجد نفسها محاطة بكم من الاستحقاقات الكبيرة التي تفرضها اتفاقيات التهدئة. وأمام هذا الواقع الجديد وما يفرضه من تحديات ومخاطر، وسعياً لتعزيز نقاط القوة التي تتمتع بها المجالس، ودفعاً لمشروعها الوطني القادر على جسر هوة الانقسام المجتمعي، وإعادة لحم الجغرافية السورية وتوطين الدولة فيها، ينصح بالعمل على ثلاثية متكاملة تشمل الخدمات والأمن والشرعية.


([1]) روسيا تقترح مجالس محلية بمناطق سيطرة المعارضة السورية، العربية نت، تاريخ 27-12-2016، رابط إلكتروني https://goo.gl/5ZesvD

([2]) زاخاروفا: قطر لم تعد ممولا رئيسيا للمجالس المحلية بحلب، قناة روسيا اليوم، تاريخ 8-11-2016، رابط إلكتروني https://goo.gl/uGBZlN

([3]) Anton Mardasov. Why Moscow now sees value in Syrian local councils. Date: 20-2-2017. Link: https://goo.gl/xYr57E

([4]) كامل صقر، موسكو ستقترح إنشاء مجالس محلية مدعومة من الحكومة المركزية السورية في مناطق تخفيف التوتر، القدس العربي، تاريخ 6-5-2017، رابط إلكتروني https://goo.gl/KMp2fj

([5]) المواد من 34 إلى 47 الناظمة لجمعية الشعب وجمعية المناطق، للمزيد مراجعة مقترح روسيا للدستور السوري، رابط https://goo.gl/ivPtd2

([6]) إبراهيم الحميدي، اتفاق أميركي ـ روسي على إبعاد إيران عن الأردن، جريدة الشرق الأوسط، تاريخ 22-6-2017، رابط إلكتروني https://goo.gl/BFZhh8

التصنيف أوراق بحثية