مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Displaying items by tag: مجلس الأمن

ملخص تنفيذي 

  • من المتوقع بعد انتهاء المدة الزمنية لقرار مجلس الأمن رقم 2642 المعني بالآلية الدولية للمساعدات الإنسانية في سورية، أن تكون جولة المفاوضات داخل المجلس في يناير/كانون الثاني 2023 بالغة التعقيد، لا سيما في ظل ما يشهده النظام الدولي من تفاعلات جيوسياسية وجيواقتصادية تعزز هامش التباعد بين روسيا (المعترضة على الآلية) من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جهة ثانية.
  • ستستمر موسكو في رفض الآلية دون تعطيلها محاولة فرض شروطها، وستتماهى بكين مع الطرح الروسي دون أن تبدي موقفاً متشدداً، بينما تقتضي مصلحة واشنطن وحلفائها إبقاء المساعدات الإنسانية كآخر ورقة متفق عليها دولياً ضمن عملية التجميد التي تسم المشهد السوري، وفي ظل هذا التباين في خارطة المصالح فإن أي تقليل للمساعدات أو إيقافها سيزيد من تدهور مؤشرات الأمن الغذائي والمائي والصحي وسيزيد من احتمال موجات هجرة جديدة، وهو ما تخشاه دول الجوار لا سيما تركيا.
  • على الرغم من إدراك النظام لأهمية حصته الحالية من المساعدات في ظل ما يشهده من أزمات، إلا أنه سيبقى يدفع من خلال حلفائه نحو استبدال آلية التوزيع من "عبر الحدود" إلى "عبر الخطوط"، أما فيما يرتبط بالشمال السوري فقاطنوه سيكونون الأشد تضرراً من تبعات تخفيض المساعدات أو إيقافها ومن تسييس الملف عموماً، بينما لن تتأثر مناطق الإدارة الذاتية بإيقاف المساعدات عبر باب الهوى أكثر مما تأثرت بإغلاق معبر اليعربية.
  • في ظل تعدد الاحتمالات التي ستحكم مصير الآلية، من المرجح أن يتم استصدار قرار جديد لمدة 6 أشهر مع تحقيق تقدم في تحصيل استثناءات معينة لمناطق النظام، ومما يدعم هذا الترجيح عدة أسباب، أهمها: تخوّف روسيا من توجّه الدول إلى إيصال المساعدات خارج إطار مجلس الأمن، سواء عبر الأمم المتحدة أو خارجها عن طريق تركيا، وهو ما سيفقدها ورقة المساومة الدائمة التي تمكنها من التفاوض وتحصيل المكاسب.
  • إن تسييس الملف وتحولّه من "إنساني" إلى ورقة ابتزاز سياسي، يفرض على السوريين وشركائهم من الفاعلين الإنسانيين البحث عن بدائل قانونية، وتحشيد الدول المتضامنة والقيام بحملات مناصرة لجمع جهود المنظمات المعنية للعمل على مستويين، آني :يضمن إيصال مساعدات طارئة للفئات الأكثر احتياجاً، واستراتيجي: يكامل الجهود في وضع خطط استجابة تنموية، تُفعّل الطاقات السورية في العمل والإنتاج.

تمهيد 

منذ إقرار تفويض مجلس الأمن لوكالات الأمم المتحدة وشركائها بتقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود، دون اشتراط الحصول على موافقة النظام، وفق قرار مجلس الأمن  2165 لعام 2014 وما تلاه من تمديد أو تعديل خلال القرارات اللاحقة([1])؛ لم تكفّ روسيا عن الاعتراض على مضمون الآلية باعتبار أنها "تجاوز لسيادة الدولة السورية" وفق تعبيرها. وقد صعّدت موسكو موقفها الضاغط وفقاً للتغييرات العسكرية التي فرضتها على الجغرافيا، فهددت أو استعملت الفيتو لتحصيل مكتسبات معينة مقابل عدم عرقلتها الآلية قبيل كل جلسة تصويت، الأمر الذي مكّنها من تقليص عدد المعابر  الحدودية المستخدمة ضمن الآلية من أربعة لتقتصر على واحد فقط، ثم تقليص مدة العمل بالآلية من عام إلى ستة أشهر.

في تموز/ يوليو 2022، استخدمت موسكو حق النقض حيال مشروع تمديد قرار مجلس الأمن 2585، وقدمت مشروع قرار لم يحصل إلا على تأييدها والصين، وبعد جولة مفاوضات بين روسيا وبقية دول مجلس الأمن صدر القرار رقم 2642 بموافقة 12 دولة وامتناع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا عن التصويت، ونصّ على تمديد تفويض الآلية لستة أشهر قابلة للتمديد ستة أشهر أخرى شريطة استصدار قرار جديد من قبل مجلس الأمن في يناير/كانون الثاني 2023، بناء على تقرير خاص من الأمين العام حول الاحتياجات الإنسانية في سورية وشفافية توزيع المساعدات، ما يعني بالضرورة جولة جديدة من المفاوضات تحاول فيها الدول إيجاد التوازن بين إبقاء الآلية مستمرة ضمن نطاق معين وتحصيل المكاسب التي تراها أولوية.

وعليه؛ يحاول تقدير الموقف هذا تلمس السيناريوهات المحتملة قبيل جلسة التصويت القادمة، بناء على تحليل مصالح الأطراف الدولية الفاعلة في ضوء تطورات الغزو الروسي لأوكرانيا والأزمات السياسية والاقتصادية التي تلته ومدى تأثيرها على الملف السوري عامة وعلى المساعدات الإنسانية خاصة، محاولاً الإجابة عن تساؤل ما الذي يمكن فعله آنياً واستراتيجياً على الصعيدين الدولي والمحلي لتفادي تسييس الملف الإنساني وتجنّب الكارثة الإنسانية المتوقعة.

أولاً: المصالح الدولية... خارطة متناقضة

يتفاوت هامش المصالح والقدرة على الفعل ومستوى التأثر بين اللاعبين الدوليين فيما يخص ملف المساعدات، لا سيما ما بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن من جهة وما بينها وبين الفواعل الإقليمية والمحلية من جهة أخرى.

روسيا والصين (موقف واحد بأسلوب مختلف)

رغم اشتراك موقفي موسكو وبكين في الرؤية العامة لملف المساعدات المتمثل بتمسكهما بضرورة إيصالها عبر حكومة النظام؛ إلا أن موقف موسكو يعدّ أكثر تصلباً، حيث تستخدم الملف كساحة "للغزو الدبلوماسي"([2]) خلال التفاوض مع القوى الغربية بهدف تحصيل مكتسبات معينة، يزيد من هذا التصلب تبعات الغزو الروسي لأوكرانيا وما أفرزه من عقوبات صارمة على روسيا -وإن كان موقفها ثابتاً من قبل الأزمة الأوكرانية- مما قد يدفع موسكو لاستثمار موقفها الرافض لتيسير تفويض الآلية دون تعطيلها بالكامل حالياً عبر فرض شروطها المرحلية([3]). أما الصين فيبدو موقفها أقل تشدداً حيث لم تستخدم الفيتو منفردة، كما أنها ليست متبرعاً أممياً أساسياً، إذ تركّز على الاستثمارات مع حكومة النظام أو تقديم الدعم المباشر لها أكثر من تركيزها على تخصيص مبالغ كبيرة ضمن المساعدات الأممية.

أمريكا وحلفاؤها (أزمات لا تلغي المساعدات)

تقتضي مصلحة هذه الدول إبقاء المساعدات الإنسانية كآخر ورقة متفق عليها دولياً ضمن عملية التجميد التي تسم المشهد السوري، فهي "المبرر" الذي يمكن به مواجهة الرأي العام عن التقاعس في إيجاد حلول للقضية السورية، فضلاً عن التخوف من موجات لجوء جديدة قد تصل تلك الدول في حال استمرار تدهور الأوضاع المعيشية، أو انتشار أوبئة جديدة من سورية إلى خارجها عند توقف المساعدات الصحية، لذلك من المتوقع أن يبقى الموقف الغربي داعماً لبقاء هذه المساعدات قائمة سواء عبر الآلية الأممية أو خارجها، وإن كان حجم تلك المساعدات قابلاً للانخفاض المتزايد بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسات التقشفية التي أعلنتها الدول الأوروبية بعد جائحة كورونا وتبعات الغزو الروسي لأوكرانيا وما رافقه من تضعضع بقطاع الطاقة.

دول الجوار السوري (امتيازات اقتصادية وشبح اللجوء)

تعتبر تركيا صاحبة الامتياز الأكبر بقضية المساعدات، إذ يتم إدخال المساعدات عبر المعبر الحدودي "باب الهوى" في ظل القرار الدولي الحالي أو في حال قيام الدول بإيصال المساعدات منفردة خارج نطاق الأمم المتحدة، مما يوفر فوائد اقتصادية مادية، إضافة لحركة المنظمات الإنسانية وتمركزها قرب الحدود السورية، في حين أن هذا الامتياز غائب عن بقية دول الجوار في الوقت الراهن بسبب عدم استخدام المعابر الحدودية الأخرى ضمن الآلية الحالية. كما أن هذه الدول -بخلاف تركيا- ذات أدوار ثانوية في التأثير على العملية السياسية، وجلّ ما يمكنها تحقيقه بعض الفوائد الاقتصادية إذا ما استُخدمت المعابر المشتركة معها سواء بتغيير طارئ على الآلية الحالية أو في حال تم العمل خارجها.

بالمقابل، سيشكل تقليل المساعدات أو إيقافها تهديداً لأمن السكان المحليين الغذائي والمائي والصحي إلى ما دون الحد الأدنى([4])، مما سيزيد من احتمال موجات هجرة جديدة، وهو ما تخشى دول الجوار مواجهته خاصة تركيا (ومن خلفها أوروبا)، فالكتلة السكانية الأكثر تضرراً تتمركز قرب حدودها([5])، في ظل الأوضاع الاقتصادية و/أو الداخلية غير المستقرة التي تواجهها تلك البلدان. وبالتالي؛ فإن مصلحة دول الجوار تقتضي المحافظة على الوضع الحالي على الأقل للحيلولة دون مزيد من موجات اللجوء.

الأطراف السورية (مصالح مختلفة لكل منطقة نفوذ)

من جهة أولى وفيما يرتبط بالنظام؛ غير القادر على فرض رؤاه إلا عبر حلفائه الدوليين وعلى رأسهم روسيا، فإنه يدفع نحو استبدال آلية توزيع المساعدات عبر الحدود والمعبر الخارج عن سيطرته بآلية التوزيع عبر الخطوط، التي تمكنه من التحكم بتوزيع المساعدات وحصصها وتوفر له القطع الأجنبي؛ غير أنه مدرك لعدم قدرته على الاستغناء عن حصته من المساعدات عبر الحدود بعد، وأن الظرف الدولي غير مهيأ حتى اللحظة لإعادة فرض "سيادته" على هذا الملف وفقاً للسياقات الراهنة، وإن كان وروسيا يطمحان لحصول ذلك على المدى المتوسط، لكن خشيتهما من إخراج الآلية عن نطاق  مجلس الأمن وتقليص دائرة التأثير الروسي تخفف من وتيرة الضغط بهذا الاتجاه.

أما عن الشمال السوري؛ الذي يضم كتلة بشرية كبيرة في مناطق جغرافية محدودة، جلّها من النازحين والفئات الأكثر احتياجاً؛ فقاطنوه سيكونون الأشد تضرراً من قرارات تخفيض المساعدات أو إيقافها ومن تسييس الملف عموماً، خاصة إذا ما استُبدلت آلية التفويض عبر الحدود بتوزيعها عبر الخطوط، حيث ستتناقص المساعدات إلى أدنى حدودها نتيجة العقبات التي سيضعها النظام لمنع وصول المساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرته.

وفيما يتصل بالإدارة الذاتية، فمنذ إغلاق معبر اليعربية وشمال شرق سورية خارج الآلية الحالية، لذلك لن تتأثر المنطقة بإيقاف المساعدات عبر باب الهوى أكثر مما تأثرت بإغلاق معبرها، باستثناء انعكاسات الأزمة الإنسانية أو الهجرة المعاكسة إلى مناطقها. وفي حال أعيد افتتاح المعبر أو تم إقرار العمل خارج الآلية الحالية فقد يواجَه ذلك باعتراض تركي، إذ تعتبر أنقرة أي دعم لتلك المناطق تهديداً لأمنها القومي.

ثانياً: الآلية الأممية (احتمالات التمديد والتعطيل)

بناء على خارطة المصالح الدولية المبيّنة أعلاه؛ فإن نتائج المفاوضات القادمة ستتراوح بين أربعة احتمالات وفقاً لما يلي:

  1. استصدار قرار جديد يسمح باستمرار آلية إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود:رغم ثبات مبدأ روسيا في استغلال ملف المساعدات الإنسانية لتحقيق مكاسب معينة تغيرت ما بين 2016 و 2022، إلا أنها بلا شك لا تريد إنهاءها بالكامل -خلال المدى القريب- فهي تدرك أن الآلية الحالية لا تزال تحظى بالدعم الدولي الأكبر على عكس آلية التوزيع عبر الخطوط.
  2. الدفع باتجاه إدخال المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس: وهو المسار المتوقع على المدى الأبعد من المفاوضات القادمة، والذي تدفع إليه روسيا بشدة لكن تدريجياً، وبما يتماشى مع التطورات على الأرض.
  3. الوصول إلى صيغة توافقية بين الدول دائمة العضوية: وهو احتمال غير مطروح بعد لعدم توفر مؤشراته، فعلى الرغم من كون روسيا الدولة المعارضة الأبرز للآلية وكيفية توزيع وتنفيذ المساعدات؛ إلا أن لبقية الدول حساباتها في عدم الرضوخ الكامل للمطالب الروسية، وإن كان هامش التفاوض معها على بعض الامتيازات قبيل كل جلسة وارداً، خاصة بعد تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا والموقف الغربي منه والعقوبات اقتصادية التي فرضها على روسيا، لترد الأخيرة بفرض شروط أقسى على توريد الطاقة إلى أوروبا. مما يعني أن انعكاسات أزمة العلاقات هذه ستؤدي للحد من إمكانية التوصل لصيغة توافقية شاملة.
  4. البحث عن آليات خارج إطار مجلس الأمن: وهو احتمال لا ترجوه الدول دائمة العضوية، التي تصوّر المساعدات عبر الحدود كحل لا بديل عنه حتى الآن، لكنها قد تلجأ إليه عند تعثر الاتفاق، وهو ما يجب على القوى الوطنية السورية توحيد الجهود في سبيله وتحشيد الدول الراغبة بكسر الهيمنة الروسية على الملف خاصة في ظل وجود آليات قانونية يمكن العمل عليها في هذا السياق.

وفقاً لما سبق؛ من المرجح أن يتم استصدار قرار جديد لمدة  6 أشهر، بدءاً من كانون الثاني/يناير حتى تموز/ يوليو القادم 2023، لكن مع تحقيق تقدم في تحصيل استثناءات معينة لمناطق النظام وفق ما تطالب به روسيا، وذلك للأسباب التالية:

  • تخوّف روسيا من توجه الدول إلى إيصال المساعدات خارج إطار مجلس الأمن، سواء عبر الأمم المتحدة أو خارجها عن طريق تركيا، مما يفقدها ورقة المساومة الدائمة التي تمكنها من التفاوض وتحصيل المكاسب.
  • إدراك روسيا أن عدداً من الدول الفاعلة -وإن لم تمانع مساعدات عبر الخطوط- إلا أنها لا تثق بآليات إيصال تلك المساعدات في ظل التقارير التي تنتشر عن السرقات التي شملت تورط مسؤولين رفيعي المستوى والفساد المستشري في توزيع المساعدات وفقاً للولاء، ناهيك عن محدوديتها وعن العراقيل التي وضعها النظام ليقلل من وصولها إلى المناطق الخارجة عن سيطرته، ما يعني عدم كفايتها لتغطية الحد الأدنى من الاحتياج الإنساني في الشمال السوري([6]).
  • عدم قدرة النظام على تحمل خسارة مخصصات مناطقه من المساعدات العابرة للحدود حالياً، في ظل أزمته الاقتصادية الحادّة وتردي الوضع المعيشي في مناطقه.
  • الكلفة البشرية المرتفعة المتمثلة بتكتل النازحين في الشمال السوري، والتي ستولّد ضغطاً على تركيا بالدرجة الأولى مما يعرّض بعض الاتفاقيات والمصالح الروسية التركية لضغط لن ترغب به أنقرة، ولن تدفع موسكو باتجاهه حالياً، خاصة بعد تنامي مؤشرات عزلتها النسبية بسبب غزوها أوكرانيا.

ثالثاً: هوامش الحركة (أجندة إنسانية وطنية)

رغم ما تفرضه تعقيدات الملف الإنساني خاصة في ظروف الحرب والنزوح والاحتياجات الإنسانية المتزايدة من استجابة تفوق قدرات الفاعلين المحليين؛ إلا أن ذلك لا يعني الرضوخ لبقاء الملف تحت سقف مجلس الأمن والابتزاز الروسي المتكرر دونما حراك، وإن كانت هوامش الفعل السوري فيما يخص القرارات الدولية محدودة لكنها ليست معدومة بالطبع.

إذ تتبلور أمام الفاعلين في المجال الإنساني فرصة لإعادة التفكير على المستوى الاستراتيجي والتحرك المبكّر بدل انتظار مخرجات جلسات التصويت واحتمال توقف دخول المساعدات وما سينجم عنه من كارثة إنسانية، وذلك عبر توحيد مطالبهم وفقاً "لبوصلة إنسانية وطنية" ترفض تسييس الملف الإنساني وتشكّل مجموعات ضغط ذات كوادر متخصصة بالعلاقات الدولية والدبلوماسية مدعومة من جلّ المنظمات الإنسانية، للقيام بحملات مناصرة مستمرة في أروقة الأمم المتحدة؛ للدفع باتجاه استمرار إدخال المساعدات عبر الحدود عن طريق الأمم المتحدة ودون ولاية مجلس الأمن وقرارته محدودة المدة، بالاستناد إلى الحجج القانونية التي تشرّع هذا التحرك وتدحض الفرضية الروسية التي تصنف إدخال المساعدات كخرق للسيادة، وهي عديدة وفقاً لدراسة قانونية معمقة أجريت في هذا الإطار([7])، أبرزها: عدم مصادقة سورية على البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف الأربع والذي يشترط موافقة الحكومة الرسمية، مما يعني أن إدخال المساعدات سيكون قانونياً حسب المادة الثالثة من اتفاقيات جنيف والتي تشرع إدخال المساعدات الإنسانية بموافقة أطراف النزاع. إضافة للاستناد إلى سوابق قانونية قضت فيها محكمة العدل الدولية -بصفتها السلطة الأعلى في تفسير القانون الدولي الإنساني- كقضية نيكاراغوا ذات السياق المشابه للسياق السوري من حيث تصنيف النزاع ووجود سلطات الأمر الواقع وآلية عمل المنظمات الإنسانية في إدخال المساعدات.

وفيما عدا ذلك؛ سيكون أمام الدول والمنظمات الدولية العمل منفردة خارج الإطار الأممي، ومحاولة إنشاء صندوق إنساني خاص بسورية مماثل للصندوق الإنساني التابع للأمم المتحدة "The Syria Cross-border Humanitarian Fund (SCHF)" القائم حالياً ، بحيث تتولى إدراته لجنة من المنظمات الإغاثية السورية وممثلون عن الدول المانحة، مع إدراك ما سيعنيه العمل خارج عباءة الأمم المتحدة من عوائق تتمثل في: تقليل كم المساعدات المقدّمة بشكل كبير، وعدم انتظام الحصول على التمويل، وزيادة معوقات التمويل غير المباشر لكوادر محلية دون تواجد فيزيائي للمنظمات الدولية، وصعوبات المراقبة والمساءلة، والعوائق القانونية التي قد تشترطها كل دولة حدودية على حدة.

وفي هذا السياق؛ ينبغي على المنظمات الإنسانية العاملة في سورية تهيئة نفسها للتعامل مع أي سيناريو مهما كان انعكاسه على الأوضاع الإنسانية كارثياً، وذلك عبر العمل على تكامل الجهود والتنسيق عالي المستوى لبناء خطة الاستجابة الإنسانية الشاملة لكل مناطق سورية بناء على مسح الاحتياجات، والاعتماد على الموارد المحلية في التوزيع لخلق حركة اقتصادية في الداخل السوري أو اعتماد التدخلات النقدية كبديل عن المساعدات العينية، فضلاً عن تبني مشاريع تنموية تقلل شيئاً فشيئاً الاعتماد الكلي على المساعدات الإنسانية.

ختاماً؛ لقد أدى تفاقم الاحتياجات الإنسانية في سورية نتيجة القصف والدمار والنزوح والعيش بظروف لا إنسانية في المخيمات خاصة؛ إلى الاعتماد على ما يصل من مساعدات أممية في توفير الحد الأدنى من الاكتفاء، إلا أن تسييس الملف حولّه من "إنساني" إلى ورقة ابتزاز سياسي تحقق عبرها الدول مصالحها، الأمر الذي يفرض على السوريين وشركائهم من الفاعلين الإنسانيين البحث عن بدائل قانونية لإخراج الملف عن هيمنة مجلس الأمن والفيتو الروسي، عن طريق تحشيد الدول المتضامنة لإقرار قانونية إدخال المساعدات عبر الأمم المتحدة، والقيام بحملات مناصرة لجمع جهود المنظمات المعنية من أجل العمل على المستويين؛ الآني عبر إيصال مساعدات طارئة للفئات الأكثر احتياجاً، والاستراتيجي عبر تكامل الجهود في وضع خطط استجابة تنموية بعيدة المدى، تُفعّل الطاقات السورية في العمل والإنتاج، بدل تحويلها إلى قوى مستهلكة تصارع من أجل البقاء على حد الكفاف.


 

([1]) تمديدات وتعديلات القرار 2165 الصادر عام 2014: القرار 2191 عام 2014، القرار 2258 عام 2015، القرار 2332 عام 2016، القرار 2393 عام 2017، القرار 2449 عام 2018، القرار 2504 والقرار 2533 عام 2020، القرار 2585 الصادر عام 2021.

([2])وفقاً لتعبير محمد خليفة، مؤلف كتاب "الغزو الروسي لسوريا".

([3]) ويمكن تلخيصها في النقاط التالية: استثناءات لمشاريع التعافي المبكر في مناطق النظام خاصة ما يتعلق بملف الكهرباء والمياه (وقد بدأت أولى تمظهرات هذا الضغط خلال زيارة بعثة الاتحاد الأوروبي ومنسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة إلى مناطق النظام لأول مرة منذ 2011 لتفقد مشاريع المياه)، إضافة إلى تخصيص نسب أكبر للمساعدات عبر خطوط التماس، وتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام، وعدم إيصال المساعدات لمن تسميهم روسيا "إرهابيين" متذرعة بذلك للاحتجاج على إيصال المساعدات إلى شمال غرب سورية.

([4]) تفيد تقارير الأمم المتحدة بأن ما يزيد عن 12 مليون سوري مهددون بفقدان أمنهم الغذائي وذلك في ظل وجود المساعدات، والرقم مرجح للزيادة في حال توقفها.

([5])  يبلغ عدد المخيمات السورية في شمال غرب سورية 1633 مخيماً يقطنها 1811578 نسمة،  وهذه الفئة هي الأشد تضرراً من توقف المساعدات أو تناقصها، دون أن يقلل ذلك من تأثيرها الذي يتجاوز سكان المخيمات ليشمل شمال وشمال غرب سورية كاملاً. الإحصائية مبنية على مسح قام به "منسقو الاستجابة"، 26/8/2022، https://bit.ly/3E2kTDN.

([6]) شكلت أول 5 قوافل عابرة لخطوط التماس ما نسبته 0.75% فقط من المساعدات العابرة للحدود، تقارير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، 16/06/2021، https://bit.ly/3fJpKBy

([7]) أصدر تحالف الإغاثة الأمريكي من أجل سوريا ARCS دراسة تتحدث عن قانونية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الأمم المتحدة ومؤسساتها دون الحاجة لقرار من مجلس الأمن الدولي. للاطلاع على التقرير انظر الرابط: http://bit.ly/3Ejbx6I

التصنيف تقدير الموقف

مرَّ على سورية خلال عشر سنوات، شهدت خلالها حضور أربعة مبعوثين أمميين، تأمل السوريون أن يُساهموا بشكل أو بآخر في إنهاء مأساتهم، لكن جملة ظروف، دولية في غالبها، شلّت مهامهم، فلم يستطيعوا تحقيق أي اختراق يمكن أن يساعد في وقف الحرب وإحداث تغيير سياسي في سورية، وكانت فترة خدمة بعضهم فترة ثقيلة على السوريين، ومًثقلة بالخسائر البشرية، والتهجير والنزوح، وساهم بعضهم عبر استراتيجياته وسياساته بالتسبب بخسائر مفصلية للمعارضة السورية المسلحة، كما ساند بعضهم الأسد بشكل غير مباشر بعدم جرأته على الكلام عن جرائم النظام الكبرى، وجميعهم أشبعوا السوريين بالوعود الخلّبية، التي لم يتحقق منها شيئاً، لكن، جميعهم ارتكب أخطاءً كبيرة، ما كان يجب أن يرتكبها مُخضرمون لهم باع في حل الأزمات الدولية.

حقّق المبعوثون الأمميون إلى سورية سلاسل متتالية من الفشل، ولم يكن هذا الفشل شخصياً فقط، وإنما هو فشل للأمم المتحدة بشكل أساس، فشلها في إحراز أي تقدم ملموس في الملف السوري، وفشلها في إيقاف المقتلة وإيجاد حل سياسي، وفشلها في فرض قرارات يمكنها الحد من مستوى عنف النظام وداعميه، وتسبب هذا الفشل في وصف المبعوثين الدوليين من قبل المعارضة السورية بأنهم غير موضوعيين، أو متماهين مع النظام، أو مستهترين يحاولون كسب الوقت، ويقفون متفرجين على الصراع دون أن يستطيعوا قول كلمة حق واحدة بأن النظام السوري ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري.

كوفي أنان: لا أحد معصوم عن الخطأ

لاشك أن الدبلوماسي الغاني كوفي أنان، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، كان أفضل المبعوثين الدوليين إلى سورية، لأنه دفع نحو مبدأ الحل الواجب تنفيذه في سورية، وعقد مؤتمر جنيف 1، في 30 حزيران/ يونيو 2012، والذي وضع مبادئ وخطوط توجيهية لإنهاء الحرب والقيام بعملية انتقالية سياسية “تُلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري”، وأقرّ إقامة هيئة حكم انتقالية تُهيّئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية وتمارس كامل السلطات التنفيذية، كما مهّد لاجتماع جنيف 2، في 22 كانون الثاني/ يناير 2014، والذي جمع النظام السوري مع المعارضة لمناقشة إمكانية تشكيل الحكومة الانتقالية ذات الصلاحيات التنفيذية الكاملة.

وقبل ذلك، وتحديداً في آذار/ مارس 2012، وضع كوفي أنان، المبعوث الأممي الأول إلى سورية، خطّة لإنهاء الحرب في سورية، لا تشتمل على دعوة الأسد للتنحي، وتألفت من ستة نقاط، أهمها: بدء عملية سياسية شاملة يقودها السوريون، ووقف جميع أعمال العنف المسلح، وتطبيق هدنة يومية للسماح بإدخال المساعدات، والإفراج عن المعتقلين على خلفية نشاطات سياسية سلمية، وضمان حرية الصحافة، وحرية تكوين المؤسسات، والحق بالتظاهر السلمي.

لكن أنان لم يكن معصوماً عن الخطأ، فقد ترك خطته تعتمد على تطوع النظام السوري وحسن نيّته، لسحب الجيش ووقف العنف وإيصال المساعدات وبدء الحوار، وكانت عملياً مجموعة مبادئ مبهمة وصيغة لإدارة الصراع لا لإنهائه.

رغم أن أنان هو الأكثر جدية وصرامة ووضوحاً بين المبعوثين الأممين إلى سورية، وأكثرهم خبرة وربما حسّاً إنسانياً، إلا أنه أخطأ حين وضع خطة ولم يحدد فيها آلية سحب الجيش من المدن، ومن سيحل محلها، ولا آلية نزع سلاح المعارضة، كما أنها لم تحدد جدولاً زمنياً لذلك ولبدء الحل السياسي، وتضع الحكومة السورية شروطاً حول جنسية المبعوثين وعددهم والتجهيزات التي لديهم وصلاحيتهم ومن سيحميهم، وحدود المناطق التي سيقومون بمراقبتها، كما لم يحدد في خطته وقتاً واضحاً للإفراج عن المعتقلين والكشف عن مصير المختفين.

الأخضر الإبراهيمي: السلام على حساب العدل

الأخضر الإبراهيمي، الذي وًصف بأنه واحد من أكثر المبعوثين الدوليين إلى سورية عقلانية وواقعية، اقترح عام 2012، وتحديداً بعد مرور شهرين من استلامه مهامه، هدنة بين الأطراف المتصارعة في سورية خلال أيام عيد الأضحى بشكل مؤقت، في وقت كان النظام السوري يدكّ المدن السورية في حملته الحربية ضد المعارضة الثورية المسلحة، ويُدمّر البنى التحتية في كافة المدن السورية.

لكن السيء فيما اقترحه الإبراهيمي، هو تأكيده على أن تُطبق هذه الهدنة “ذاتياً” دون مراقبة، حين وجه نداءً للسوريين أنفسهم لكي يوقفوا القتال وأن يلتزموا بالهدنة بأنفسهم، وهو يُدرك تماماً، وفق تصريحات لاحقة، أن النظام السوري لا يمكن أن يقبل بهدنة ويطبقها ذاتياً، وأنه مستمر في حلّه الحربي حتى النهاية.

أخطأ الإبراهيمي، صاحب الثمانين عاماً، حين اقترح هذا الاقتراح، أو أنه استخف بالقضية السورية، وهو الذي أعلن مراراً أن الأزمة في سورية خطيرة ومتفاقمة، ووصف مهمته بأنها صعبة و” شبه مستحيلة”، واعترف بأنه لن يستطيع تنفيذ مهمته في سورية دون دعم وإجماع من مجلس الأمن الدولي، فما باله بوقف إطلاق نار طوعي من نظام لا يريد أن يوقف الحرب حتى يقضي على آخر معارض في سورية؟

حتى المبعوث الأممي السابق له كوفي أنان، لم يقترح مثل هذا الاقتراح غير الواقعي، فقد اقترح هدنة ضمن خطة أوسع، وأرسل 300 مراقب من القوة الدولية لمراقبتها، قبل أن يُعلن فشلها الذريع في وقف العنف.

 صحيح أنه طلب قوات أممية مسلحة رمزية للمراقبة، لكنّه على الأقل لم يتركها لوجدان النظام السوري فقط، وفشل هذه الخطوة دفعه للتفكير بترك المهمة نهائياً لأنه لا إرادة سياسية للقيام بنقل السلطة من الأسد إلى حكومة انتقالية تلتزم بجدول زمني للقيام بانتخابات نزيهة وحرة كما كان مطلوباً بخطته.

الخطأ الثاني الذي ارتكبه المبعوث الأممي والعربي المشترك لسورية الأخضر الإبراهيمي، هو وصفه ما يجري في سورية بأنه “حرب أهلية”، ولم يُشر نهائياً في تصريحاته إلى وجود ثورة في سورية ذات طابع سياسي، طرفها الأول النظام وقواته العسكرية والأمنية الجرارة، وطرفها الثاني السوريين بكافة طوائفهم ومذاهبهم ومن مختلف المناطق الجغرافية، وخلال مؤتمر صحفي في موسكو مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2012، قال الإبراهيمي “إذا لم تكن هذه حرباً أهلية، فلا أدري ما هي الحرب الأهلية”، وبهذا التوصيف السطحي ساوى بين الضحية والجلاد، وظهر كمن يريد أن يُنقذ النظام السوري بمثل هذا التوصيف الذي يمكن أن يغيّر الموقف الدولي مما يجري في سورية.

صحيح أن وصف الإبراهيمي لما يجري في سورية ليس وصفاً مُلزماً لأحد، إلا أنه تجاهل كلياً الوصف الدقيق لما جرى في سورية من جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبها النظام وأركانها متوفرة وموثقة. والسمة الأساسية لما جرى في سورية محصورة في نطاق معارضة شعبية مسلحة وغير مسلحة في مواجهة نظام ديكتاتوري.

الخطأ الثالث للإبراهيمي حين سار بنهج يناسب التوجّه الروسي والسلطة السورية أكثر بكثير مما يناسب المعارضة وداعميها، رغم أنه كان يقول دائماً بأنه “يتعهد” أن يجد خططاً ومقترحات لحل الأزمة السورية تُناسب الشعب السوري.

في إحدى زياراته لموسكو خيّر الإبراهيمي السوريين بين “الجحيم” وبين “الحل السياسي” على الطريقة الروسية، وأكّد على أنه “ليس هناك خيار آخر”، ونسي أن بقاء هذا النظام السوري هو الجحيم بحد ذاته بالنسبة للسوريين”، وطالب بأن تجري مصالحة وطنية، ما يعني ضمناً طي صفحة الماضي بلا محاكمات ولا عدالة انتقالية، وهو يتوافق تماماً مع الشكوك التي راحت تقول بأن الدول الكبرى اختارت الإبراهيمي كوسيط دولي لسورية لأنه كان دائماً “يبني السلام على حساب العدل”، وهو ما يُعرف بالسلام الهش.

كذلك في أيار/ مايو 2014، وبعد استقالته من منصبه، أخطأ الإبراهيمي حين بيّض صورة إيران أمام مجلس الأمن، وأوحى لأعضائه أن إيران يمكن أن تكون بلد خير وتسعى إلى السلام، حيث قال أمام مجلس الأمن إن الاقتراح الذي تقدّمت به إيران للتوصل إلى تسوية سياسية في سورية “يستحق النقاش”، رغم أنه يُدرك، وفق تصريحات أخرى لاحقة، أن أيران هي سبب أساس في تدهور الحالة السورية وتحوّل الثورة إلى حرب دامية لها صبغة طائفية، وتصريحات كثيرة لاحقة بأن الأسد وإيران عطّلا مسار الحل السياسي.

الخطأ الأخير الذي ربما ارتكبه الإبراهيمي موافقته في جنيف 2 على مناقشة “الحرب على الإرهاب” بموازاة مناقشة ضرورة الانتقال السياسي، وكان لسماحه مناقشة هذا الأمر أثراً كبيراً في تغليب رؤية النظام على المستوى الدولي، وبدء الانحراف في مسار العملية السياسية، وفشل جنيف 2 لهذا السبب تحديداً، رغم أن المعارضة السورية كانت تحاول الحؤول دون إسقاط جنيف 2 في دائرة الحرب على الإرهاب لأن ذلك يتيح المجال للنظام السوري وحلفائه للتملص من تنفيذ أهداف بيان جنيف 1.

دي مستورا: أخطاء بالجملة

قام المبعوث الأممي الخاص لسورية ستيفان دي مستورا بزيارة لدمشق في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، ليطرح على أطراف النزاع مبادرة جديدة تحمل اسم “المناطق المجمّدة” على أن تبدأ في مدينة حلب وفي حال نجاحها تنتقل إلى مناطق أخرى، وأدخل نوعاً جديداً من المبادرات على قاموس الأمم المتحدة، واستنسخ تجربة النظام السوري في هذه المبادرة.

مبادرة دي مستورا هذه لم تكن “هدنة” ولا “وقف إطلاق نار”، ولم تُشر إلى نية لإخراج المقاتلين الأجانب، ولم تُحدد من هي الأطراف التي يجب أن توقعها، ولم توضح دور القوى الدولية والإقليمية والمحلية فيها، ومن سيراقبها وآليات هذه المراقبة وما هو الضامن القانوني والعسكري لنجاحها واستمرارها. فقط قال عنها إنها “نقطة من بحر”، وأن “نقاطاً عدة من الممكن أن تشكل بحيرة، والبحيرة يمكن أن تصبح بحراً”.

من الصعب وصف الرجل بأنه حليف للنظام السوري، لكنّه ساهم بشكل كبير طوال أربع سنوات من المراوحة في المكان، وتقديم العديد من المبادرات التجريبية غير البناءة التي تخضع للخطأ والصواب، في تمييع القضية السورية وزيادة حدة الخلافات بين قوى المعارضة السورية، واستفاد النظام من بعض مبادراته ليغيّر من سياساته العسكرية بما يفيده ميدانياً.

كان دي مستورا الأكثر مماطلة من بين كل الذين تولوا مهام المنصب الأممي لسورية، وطوال فترة مهامه، استمر في تدوير الزوايا واللعب على الوقت، وحاول التأقلم مع مواقف الطرف الأقوى في الصراع السوري، أي روسيا والنظام، حيث كانت العلاقة بينه وبين المعارضة متوترة جداً بسبب تحّيزه للنظام وقبوله بأطروحاته.

أخطر ما فعله دي مستورا أنه جعل مسائل مبدئية لا تستدعي التفاوض موضع تفاوض، وسهّل بمبادراته كثيراً منح النظام السوري فرصة التفوق العسكري، وحضوره مؤتمر أستانة رغم أنه ليس مؤتمراً دولياً حول سورية، وترحيبه بـ “التقدم” الذي يُحرزه أستانة على حساب محادثات جنيف، وكذلك إعلانه أن محادثات أستانة حول سورية تقترب من التوصل إلى إعلان نهائي، وكأنه ناطق رسمي باسم هذا المؤتمر الذي ترعاه روسيا وإيران، حليفتا النظام السوري، ومن ثم، ترويجه بشكل غير مباشر لأن يكون مسار أستانة الروسي بديلاً عن مسار جنيف المتفق عليه دولياً عام 2012، وكذلك تقسيمه المعارضة السورية عبر تصنيفها لمنصات، وتهرّب من مناقشة الحل الدولي الأساسي، أي هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات تنفيذية كاملة.

قدّم دي مستورا خلال توليه منصبه ثلاث مبادرات، لم يُكتب لها النجاح جميعها، ضعيفة وغريبة إلى حد بعيد، ولغرابتها وضعفها فشلت قبل أن بدء تنفيذ أي منها، الأولى دعا فيها لفتح الحدود التركية لدخول المقاتلين إلى شمال سورية لمؤازرة مقاتلين أكراد سوريين، لم يحدد فيها من هم هؤلاء المقاتلين ولا طبيعتهم ولا ضوابطهم، وكانت مبادرة تشبه الدعوة لفتح الحدود أمام الفوضى.

والثانية كانت إطلاق مبادرة بمصطلح دولي جديد تحت اسم (تجميد القتال) وهي مبادرة أفضل ما يمكن وصفها بأنها عنوان لتقسيم سورية، وتحولها إلى إمارات حرب، وتفككها لوحدات إدارية منفصلة، وتُنهي العمل الجمعي الشعبي وتدعم العمل السلطوي الفردي للمعارضة والنظام، وتقسم الناس وفقاً لانتمائهم المكاني، وتوفر الأرضية الخصبة لفساد سياسي ومالي وعسكري ومؤامرات لا تنتهي. وفي المبادرة الثالثة دعا إلى تشكيل أربعة مجموعات عمل من النظام والمعارضة، تبدأ بتجزيء الأزمة السورية لمناقشتها عنصراً عنصراً، وتجاهل عن عمد في خطته هذه بيان جنيف الذي اتفقت الدول الكبرى على أنه المرجعية الوحيدة والمتفق عليها للأزمة السورية، وهو البيان الذي حاول النظام السوري الهروب منه وإلغائه بأي ثمن.

لم ينتقد يوماً النظام السوري لاستخدامه البراميل والطيران الحربي لقصف المدنيين، ولم يُطالب ولو لمرة واحدة بخروج المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون إلى جانب النظام السوري، ولم يسعَ لوضع دور للقوى الدولية والأممية بأي مبادرة، ولم يستفد من القانون الدولي في أي من مبادراته، وكل ما تحدّث به طوال عشرة أشهر هو ضرورة إشراك روسيا وإيران في الحل، وقبيل مؤتمر جنيف بنسخته الثالثة، قال إن لديه خطة جاهزة لحل الأزمة السورية، لكن الرجل فاجأ الجميع في جنيف، وتبيّن أنه جمع مئات السوريين من معارضين وناشطين وحقوقيين وعسكريين وتجار ونساء وحتى طلاب صغار مراهقين، ومعهم أنصاف معارضين، وممثلين للنظام من الدرجة الثانية والثالثة، ليفهم مواقفهم ويستمع لآرائهم وتصوراتهم وكأنه لم يسمع بها من قبل ويريد أن يفهم جوهر الأزمة السورية من جديد من الألف إلى الياء.

استمر دي مستورا في الدعوة حتى ثمانية جولات من جنيف، ووصفه البعض بأنه “سمسار” يحاول أن يكسب الوقت بأي طريقة، حتى لو كانت على حساب دماء مئات آلاف السوريين، ولم يُحقق أي اختراق على المستوى “الميليمتري” حتى، واهتم طوال ثماني جولات بالهوامش واللجان الاستشارية أكثر من اهتمامه بالقضية السورية ووقف الموت، واستمتع بعقد عشرات ورشات العمل التي ليست من صلب مفاوضات جنيف، وشكّل لجاناً قانونية ودستورية ونسائية وأهلية وغيرها، واهتم بالشكليات أكثر من اهتمامه بأساس المشكلة.

قبل بدء مهامه، توقع جير بيدرسون، المبعوث الأممي الرابع إلى سورية، أن تكون مهمته “شديدة الصعوبة”، لكنّ الدبلوماسي النرويجي مضى في مهمة سلفه المعقدة والمتعثرة، واستلم منه خمسة ملفات شائكة كان من المفترض أن يسير بها على التوازي، على رأسها مهمة تشكيل اللجنة الدستورية لكتابة دستور جديد لسورية واستئناف العملية السياسية، ومهمة إخراج القوات الأجنبية، ثم مهمة الحفاظ على وحدة البلاد، ومهمة إعادة اللاجئين، وأخيراً مهمة إعادة الإعمار.

بدأ بيدرسون بأولى المهام، وهي تشكيل اللجنة الدستورية، والتي كانت متعثرة في عهد دي مستورا، لكن بيدرسون لم يستطع تقديم فتح في هذا المجال، فقد اضطرّ لتشكّل اللجنة بحيث يكون للنظام ثلثي أعضاء اللجنة، وفق ما أراد الروس أيام دي مستورا.

يواجه بيدرسون أيضاً تحدي استئناف العملية السياسية في سورية، المتوقف تقريباً بسبب رفض النظام السوري تنفيذ مخرجات بيان جنيف والقرار 2254، كما يأتي ملف إخراج القوات الأجنبية من سورية على رأس الملفات التي تنتظر أن يتحرك فيها، خاصة موضوع خروج الميليشيات الإيرانية متعددة التسميات والجنسيات، وقوات حزب الله اللبناني، والقوات التركية والروسية والفرنسية والأميركية التي تنتشر في سورية، فضلاً عن الجماعات الإسلامية المتطرفة الإرهابية كداعش.

كذلك لابد من أن بيدرسون يعرف أن مهمة وحدة الأراضي السورية تنتظر جهوداً كبيرة منه، وسط حالة الفوضى التي تعيشها سورية وتدخل الأطراف الإقليمية والدولية، ومحاولة تقسيم البلاد على أسس طائفية وقومية، ووسط تغيير ديموغرافي يقوم به النظام السوري وإيران منذ سنوات.

وأخيراً، ينتظر بيدرسون ملف إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، وهي ملفات غاية في التعقيد، خاصة وأن الدول المعنية بالملف السوري ربطت إعادة الإعمار بالتسوية السياسية، كذلك رفض ملايين اللاجئين السوريين العودة إلى سورية في ظل وجو النظام السوري الحالي.

من الصعب أن يكون بيدرسون “المنقذ”، وغالباً هو غير قادر على تحقيق تقدّم في الملفات الخمسة سابقة الذكر، خاصة مع معرفة حجمها وصعوبتها وتعقيدها، وفي الغالب الأعم لن يستطيع أن يحلّ ولا حتى جزء من هذه المشاكل والملفات المعقّدة، والتي تحتاج جميعها إلى توافقات دولية لن تحصل على المدى المنظور.

لا ينتظر السوريون أن يقوم بيدرسن برفع الظلم عنهم، ولا هم واهمون، وكل ما ينتظروه ألا يقع بأخطاء فاحشة كالتي ارتكبها من سبقه، وألا ينضم إلى أسلافه في التسويف وتزوير الحقائق ضد الشعب المسكين.

لعل المشترك في نتائج عمل المبعوثين الدوليين في سورية هو ميلهم لإدارة الأزمة لا إلى حلّها، وكانوا على قناعة ربما بأنه لا ضرر من إضاعة الوقت، ولم يحاولوا أن يغوصوا في لب الكارثة السورية وأسبابها، ولم يقتنعوا بأن ما جرى ويجري هو ثورة شعب يريد حريته وكرامته ودولته الديمقراطية، ثورة شعب ضد نظام ديكتاتوري شمولي تمييزي أمني، لا حرباً طائفية ولا حرب جياع، وبالتأكيد تضافرت مجموعة أسباب أخرى أدت إلى فشل مهامهم، منها ضعف هيئة الأمم المتحدة وعدم قدرتها على فرض حلول دولية، وفشل آلية الفيتو في مجلس الأمن، والانقسام الدولي، ووقوف روسيا والصين إلى جانب النظام السوري، ورغبة الأولى أن تعود امبراطورية كبرى لها صوتها المسموع على المستوى الدولي، وكل هذا، لا يطرح فقط سؤالاً حول مصداقية المبعوثين الأممين وغاياتهم الحقيقية، بل يطرح سؤالاً أكبر من ذلك، حول جدوى الأمم المتحدة ومجلس أمنها، طالما أنها مؤسسة مشلولة إلى هذا الحد.

 

المصدر: السورية نت

https://bit.ly/2TTwjXy

التصنيف مقالات الرأي

عقد اجتماع خبراء بمدينة سيراكيوزا الإيطالية بعنوان "القضايا العالمية وتأثيرها على مستقبل حقوق الإنسان والعدالة الجنائية الدولية"؛ في المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية (ISISC) وحضره 93 خبيراً من 32 دولة، وكانت الجهة السورية المشاركة الوحيدة "المنتدى السوري" الذي مثله الأستاذ غسان هيتو الرئيس التنفيذي للمنتدى، والأستاذ ياسر تبارة محامي وخبير في حقوق الإنسان وعضو مجلس إدارة المنتدى السوري، حيث قدما ورقة من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بعنوان: "قانون حق حماية المدنيين وانعكاساته على الملف السوري في ظل العولمة".

هدف المؤتمر إلى مناقشة أهم القضايا العالمية في ظل العولمة وتقصير المجتمع الدولي في مواجهة هذه القضايا، وتأثير ذلك على حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية من قبل خبراء ذوي مستوى عالي، وتقديم نتائج ذلك إلى مجلس الأمن في الأمم المتحدة لحثه على الأخذ هذه المسألة بالاعتبار، وما يترتب على ذلك من حاجة لتأسيس مجموعة دراسة استراتيجية لرصد وتحليل واستباق التغيرات والتطورات المنبثقة من هذه القضايا العالمية ليستطيع مجلس الأمن مواكبة الأزمات بفعالية أكبر.

كانت أهم المواضيع التي تم نقاشها في المؤتمر هي: الاعتبارات التاريخية، والفلسفية، والفكرية، والسياسية، والاجتماعية والاقتصادية التي أدت للحديث عن حقوق الإنسان والعدالة الجنائية الدولية، التحديات الأمنية الحالية والمستقبلية وتأثيرها على حقوق الإنسان والعدالة الجنائية الدولية، تحديات السكان، والمصادر، والبيئة حتى عام 2050، دور الممثلين غير الحكوميين من مؤسسات ومجتمعات مدنية، تقييم التأثير العام للعولمة على مستقبل حقوق الإنسان والعدالة الجنائية الدولية، والمسؤولية والمساءلة.

وكان من بين الضيوف والمشاركين البروفسور م. شريف بسيوني (رئيس المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية (ISISC) ، السفير أنتونيو برنارديني ممثلاً لوزارة الخارجية الايطالية، الأستاذ آدما دينغ ممثلاً للآمين العام للأمم المتحدة، الأستاذة منى رمشاوي ممثلة للمجلس الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الدكتور علي بن محسن المعري النائب العام لدولة قطر، الوزير شيخ خالد بن علي الخليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية في دولة البحرين، الأمير حسان بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي في الأردن، السفير السويدي هانز كوريل، السفير ستيفن ج. راب السفير العام لمكتب الجنايات الدولية، والسفير ناصر عبد العزيز الناصر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة.

قدم البروفسور شريف بسيوني مداخلة في بداية المؤتمر كما أعطى كلمة الختام. وركزت مداخلة البروفسور على تطور ظاهرة العولمة عبر السنين وتمركز آثارها الإيجابية في أيادي الدول القوية والثرية وطغيان آثارها السلبية في الدول النامية والمجتمعات الفقيرة. كما نوه إلى عدم وجود مؤسسات دولية لها القدرة والفعالية للسيطرة على النتائج السلبية ونتائج العوامل العالمية على البيئة والدول والأفراد. وأشار إلى التحديات الجديدة التي تظهر جلية في البيئة والنمو السكاني والفقر والمجاعة وازدياد عدد الدول الفاشلة وعدم قدرة الجهود الدولية والمحلية على مواجهة أو حل هذه المصاعب بشكل كامل. كما أشار البروفسور إلى ازدواجية واقعنا الذي كلما ازداد ترابطاً وتواصلاً كلما قل التزامه بتحديد وتطبيق المصلحة العامة.

قدم الأستاذ غسان هيتو الرئيس التنفيذي للمنتدى السوري مداخلة عن الملف السوري من باب العولمة ونهج مبدأ مسؤولية الحماية Responsibility to Protect. وأشار الأستاذ هيتو أنه رغم ازدياد تداول هذا المبدأ ضمن الدوائر الأكاديمية والقانونية، لا يزال يُستخدم كوسيلة دفاع عن التدخل الدولي في شؤون الدول في كل حالة على حدة وليس كمبدأ ثابت من أجل حماية حقوق الإنسان. ونوّه إلى أن من آثار العولمة ازدياد اشتباك مصالح الدول بعضها بعضاً، مما يجعل مواجهة الأزمات الإنسانية بسرعة ليس فقط قيمة إنسانية وإنما مصلحة دولية. ويظهر ذلك بوضوح بملف الشأن السوري الذي ترتب عليه تكاليف إنسانية عالية بالإضافة لنشوء كيان إرهابي محلي وقد يكون دولي في تنظيم "الدولة الإسلامية" وزعزعة الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي لدول الجوار، ويتحمل مسؤولية جزء كبير من الكارثة السورية المجتمع الدولي الذي لم يستطع حتى الآن إيجاد أو تطبيق حل رغم مشاهدة العالم تطورات الشأن السوري بشكل مباشر عبر وسائل الاتصال والتكنولوجيا المتطورة. 

التصنيف أخبار عمران

تبنى مجلس الأمن الدولي في السابع من شهر آب / أوغسطس 2015 بالإجماع مشروع قرار 2235 والذي يؤسس آلية تحقيق واضحة في هجمات كيماوية وَقَعت في سورية مهمتها تحديد ومحاسبة الأشخاص والجهات المتورطة في هذه الهجمات. وإذ تعتبر مشاركة موسكو في صياغة القرار والمصادقة عليه مفاجأة، فإننا نقف على تفاصيل القرار في محاولة لاستنباط تداعياته على الملف السوري عامة، وعلى شرعية نظام الأسد المعني المباشر في القرار.

التصنيف أوراق بحثية
الأربعاء, 08 تشرين1/أكتوير 2014 02:55

تقدير موقف: حول قرار مجلس الأمن رقم 2178

إنَّ نص القرار2178 طويل ومعقد، ويتضمن آليات تنفيذ تستهدف المقاتلين الأجانب من لحظة "محاولتهم السفر" إلى مناطق النزاعات حتى "عودتهم". وتتكامل هذه الآليات ما بين دولية ووطنية، حيث يطلب القرار من الدول تعديل تشريعاتها الوطنية للتصدي لهذه الظاهرة. ويحصر القرار بتعريفه لـ "الإرهابي الأجنبي" بمجموعات سلفية ويستثني الميلشيات الشيعية التي تنطبق عليها نفس الصفات المطروحة. ويمكن القول إنَّ للقرار عدة غايات أهمها تشكيل مستند قانوني يطوّع دول العالم عامة، والدول المجاورة لمناطق الصراعات خاصة في التحالف الدولي. وعلى المعارضة السياسية تبني خطة دبلوماسية تقوم بتزويد اللجان المختصة في هذا القرار بتوصيات واستراتيجيات تقلل من سلبياته وتثمّر إيجابياته.

التصنيف تقدير الموقف

أقر مجلس الأمن الدولي وبالإجماع القرار /2165/ والذي يسمح بدخول قوافل من المساعدات الإنسانية والإغاثية عبر الحدود باستخدام معابر باب الهوى وباب السلامة والرمثا واليعربية (التي تسيطر عليها المعارضة السورية) إلى داخل الأراضي السورية دون الحاجة للحصول على موافقة النظام وفق آلية محددة ذكرها القرار. ويلحظ تقدير الموقف هذا عدة أمور أهمها: · أن هذا القرار يمثل فرصة كبيرة لتأمين المساعدات الإغاثية والإنسانية لمناطق واسعة داخل سورية كانت محرومة سابقاً بشكل كلي أو جزئي من الحصول على الدعم الإغاثي من برامج الأمم المتحدة بسبب منع النظام للمساعدات من الوصول إلى هذه المناطق. · للروس عدة مبررات تشكل مدخلاً لفهم موافقتهم على هذا القرار وأهمها هذه المبررات تعويلهم على فشل المعارضة السورية بتسهيل المهمة الأممية. · المعني الأساسي في هذا القرار هي قوى المعارضة السورية بشكل عام (المجالس المحلية، منظمات الإغاثة الأهلية، منظمات المجتمع المدني، الناشطون في المجال الإغاثي...الخ) ومؤسسات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بشكل خاص (وحدة تنسيق الدعم، ممثلو المجالس المحلية في الائتلاف،والحكومة المؤقتة). · يضع هذا القرار المعارضة السورية امام امتحان جدي يتمثل في قدرتها على تنفيذ متطلبات هذا القرار والتواصل مع الارض والعمل بشكل احترافي في المسار الانساني. · انطلاقاً مما سبق فنّد تقدير الموقف هذا عدة توصيات في هذا الخصوص لتلافي أي ضعف عملياتي محتمل.

التصنيف تقدير الموقف

قدم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان تقريره لمجلس الأمن حول تنفيذ جميع الأطراف في سورية للقرار رقم 2139 عملاً بالفقرة 17 من هذا القرار ولا سيما الفقرات من 2 إلى 12. وعلى الرغم من إشارته في التقرير إلى قيام الحكومة السورية ببعض الخطوات في مجال تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية، وإبدائها لبعض المرونة في هذا الإطار، إلا أنه أوضح عدم امتثال النظام لأحكام القرار في العديد من النقاط. ومن جهة أخرى أوضح التقرير عدم امتثال الجماعات المسلحة على الأرض لأحكام القرار، وإن كان ذلك بدرجة أقل من مسؤولية نظام الأسد. تتضمن هذه القراءة التوضيحية مقارنة بين ما جاء في التقرير مع الأحكام المنصوص عليها في القرار 2139 للتفصيل حول جوانب عدم الامتثال التي نص عليها التقرير.

التصنيف أوراق بحثية